الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٥

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية12%

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 486

  • البداية
  • السابق
  • 486 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 30644 / تحميل: 7603
الحجم الحجم الحجم
الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية

الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية الجزء ٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

لطيفة يشير إلى العلاقة القريبة بينهما ، وهكذا كان نوحعليه‌السلام يوضح لمخالفيه أمر التوحيد بالاستدلال عن طريق نظام الخلقة ويستدل كذلك بها على المعاد.

ثمّ يعود مرّة أخرى إلى آيات الآفاق وعلامات التوحيد في هذا العالم الكبير ، ويتحدث عن نعم وجود الأرض فيقول :( وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً ) (١) .

ليست هي بتلك الخشونة بحيث لا يمكنكم الانتقال والاستراحة عليها ، وليست بتلك النعومة بحيث تغطسون فيها ، وتفقدون القدرة على الحركة ، ليست حارقة وساخنة بحيث تلقون مشقّة من حرّها ، وليست باردة بحيث تتعسر حياتكم فيها ، مضافا إلى ذلك فهي كالبساط الواسع الجاهز المتوفر فيه جميع متطلباتكم المعيشية.

وليست الأراضي المسطحة كالبساط الواسع فحسب ، بل بما فيها من الجبال والوديان والشقوق المتداخلة بعضها فوق البعض والتي يمكن العبور من خلالها.

( لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً ) .

«فجاج» على وزن (مزاج) ، وهو جمع فج ، وبمعنى الوادي الفسيح بين الجبلين ، وقيل الطريق الواسعة(٢) .

وبهذا فإنّ نوحعليه‌السلام يشير في خطابه تارة إلى العلامات الإلهية في السماوات والكواكب والسماوية ، وتارة أخرى إلى النعم الإلهية الموجودة في البسيطة ، وثالثة الى وجود الإنسان الذي يعتبر بحدّ ذاته دليل على معرفة الله تعالى وإثبات المعاد ، ولكن لم تؤثر أي من هذه الإنذارات والبشائر والرغائب والاستدلالات المنطقية في قلوب هؤلاء القوم المعاندين الذين استمروا

__________________

(١) بساط من أصل بسط بمعنى وبسط الشيء ، ولهذا فإنّ كلمة «بساط» تطلق على كل شيء واسع وأحد مصاديقها «البساط».

(٢) مفردات الراغب ، مادة (فج).

٦١

مخالفتهم وكفرهم ، وأخذتهم الأنفة عن الانقياد لحميد العاقبة ، وسنرى عاقبة هذا العناد في الآيات القادمة.

* * *

٦٢

الآيات

( قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً (٢٥) )

التّفسير

لطف الله معك :

عند ما رأى نوحعليه‌السلام عناد قومه وقد بذل في سبيل هدايتهم منتهى مساعيه التي طالت مئات السنين ، وما كانوا يزدادون فيها إلّا فسادا وضلالا ، يئس منهم وتوجّه إلى ربّه ليناجيه ويطلب منه أن يعاقب قومه ، كما نقرأ في هذه الآيات محل البحث ،( قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً ) .

٦٣

تشير هذه الآية إلى أنّ رؤساء هؤلاء القوم يمتازون بكثرة الأموال والأولاد ، ولكنّها لا تستخدم لخدمة الناس بل للفساد والعدوان ، ولا يخضعون لله تعالى ، وهذه الامتيازات الكثيرة سببت في طغيانهم وغيهم.

وإذا ما نظرنا إلى تاريخ الإنسان لوجدنا أنّ الكثير من رؤساء القبائل هم من هذا القبيل ، من الذين يجمعون المال الحرام ، ولهم ذرّية فاسدة ، ويفرضون في النهاية أفكارهم على المجتمعات المستضعفة ، ويكبّلونهم بقيود الظلم.

ثمّ يضيف في قوله تعالى :( وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً ) .

«كبّار» صيغة مبالغة من الكبر ، وذكر بصيغة النكرة ، ويشير إلى أنّهم كانوا يضعون خططا شيطانية واسعة لتضليل الناس ، ورفض دعوة نوحعليه‌السلام ، ومن المحتمل أن يكون عبادة الأصنام واحدة من هذه الخطط والأساليب ، وذلك طبقا للرّوايات التي تشير إلى عدم وجود عبادة الأصنام قبل عصر نوحعليه‌السلام وأن قوم نوح هم الذين أوجدوها ، وذكر أنّ في المدّة الزمنية بين آدم ونوحعليهما‌السلام كان هناك أناس صالحون أحبّهم الناس ، ولكن الشيطان «أو الأشخاص الشيطانيين» عمد إلى استغلال هذه العلاقة ، وترغّبهم في صنع تماثيل أولئك الصالحين بحجّة تقديسهم وإجلالهم ، وبعد مضي الزمن نسيت الأجيال هذه العلاقة التاريخية ، وتصورت أنّ هذه التماثل هي موجودات محترمة ونافعة يجب عبادتها ، وهكذا شغلوا بعبادة الأصنام ، وعمد الظالمون والمستكبرون إلى إغفال الناس وتكبيلهم بحبائل الغفلة ، وهكذا تحقق المكر الكبير.

وتدل الآية الأخرى على هذا الأمر ، إذ أنّها تضيف بعد الإشارة إلى خفاء هذا المكر في قوله تعالى :( وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ ) .

ولا تقبلوا دعوة نوح إلى الله الواحد ، وغير المحسوس ، وأكدوا بالخصوص على خمسة أصنام ، وقالوا :( وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ) .

٦٤

ويستفاد من القرائن أنّ لهذه الأصنام الخمسة مميزات وخصائص ، وأنّها لقيت عناية بالغة من القوم الظالمين ، ولهذا كان رؤسائهم المستغلون لهم يعتمدون على عبادتهم لها.

وهناك روايات متعددة تشير إلى وجود وابتداع هذه الأصنام ، وهي :

١ ـ قال البعض : إنّها أسماء خمسة من الصالحين كانوا قبل نوحعليه‌السلام وعند ما رحلوا من الدنيا اتّخذوا لهم تماثيل لتبقى ذكرى ، وذلك بتحريك وإيحاء من إبليس ، فوقّروها حتى عبدت تدريجيا بمرّ العصور.

٢ ـ قيل أنّها أسماء خمسة أولاد لآدمعليه‌السلام كان كلّما يموت أحدهم يضعون له تمثالا وذلك لتخليد ذكراه ، وبمرور الزمن نسي ذلك الغرض وأخذوا يروجون عبادتها بكثرة في زمن نوحعليه‌السلام .

٣ ـ البعض الآخر يعتقد أنّها أسماء لأصنام في زمن نوحعليه‌السلام ، وذلك لأنّ نوحاعليه‌السلام كان يمنع الناس من الطواف حول قبر آدمعليه‌السلام فاتخذوا مكانه تماثيل بإيعاز من إبليس وشغلوا بعبادتها(١) .

وهكذا انتقلت هذه الأصنام الخمسة إلى الجاهلية العربية ، وانتخبت كل قبيلة واحدة من هذه الأصنام لها ، ومن المستبعد أن تكون الأصنام قد انتقلت إليهم ، بل إنّ الظاهر هو انتقال الأسماء إليهم ثمّ صنعهم التماثيل لها ، ولكن بعض المفسّرين نقلوا عن اين عباس أنّ هذه الأصنام الخمسة قد دفنت في طوفان نوحعليه‌السلام ، ثمّ أخرجها الشيطان في عهد الجاهلية ودعا الناس إلى عبادتها(٢) .

وفي كيفية تقسيم هذه الأصنام على القبائل العربية في الجاهلية ، قال البعض : إنّ الصنم (ود) قد اتّخذته قبيلة بني كلب في أراضي دومة الجندل ، وهي مدينة قريبة من تبوك تدعي اليوم بالجوف ، واتّخذت قبيلة هديل (سواعا) وكانت

__________________

(١) مجمع البيان ، تفسير علي بن ابراهيم ، تفسير أبو الفتوح الرازي ، وتفاسير اخرى ذيل الآيات التي هي مورد البحث.

(٢) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٧٨٧.

٦٥

في بقاع رهاط ، واتّخذت قبيلة بني قطيف أو قبيلة بني مذحج (يغوث) ، وأمّا همدان فاتّخذت (يعوق) ، واتّخذت قبيلة ذي الكلاع (نسرا) ، وهي قبائل حمير(١) .

وعلى كل حال ، فإنّ ثلاثة منها أي (يغوث ويعوق ونسر) وكانت في اليمن ولكنّها اندثرت عند ما سيطر ذو نؤاس على اليمن ، واعتنق أهلها اليهودية(٢) .

يقول المؤرخ الشهير الواقدي : كان الصنم (ود) على صورة رجل ، و (سواع) على صورة امرأة و (يغوث) على صورة أسد و (يعوق) على صورة فرس و (نسر) على صورة نسر (الطائر المعروف).(٣)

وبالطبع أنّ هناك أصنام أخرى كانت لعرب الجاهلية ، منها «هبل» الذي كان من أكبر أصنامها التي وضعوها داخل الكعبة ، وكان طوله ١٨ ذراعا ، والصنم (أساف) المقابل للحجر الأسود ، والصنم (نائلة) الذي كان مقابل الركن اليماني (الزاوية الجنوبية للكعبة) وكذلك كانت (اللات) و (العزى).(٤)

ثمّ يضيف عن لسان نوحعليه‌السلام :( وَقَدْ أَضَلُّوا ) (٥) ( كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً ) المراد من زيادة الضلال للظالمين هو الدعاء بسلب التوفيق الإلهي منهم : ليكون سببا في تعاستهم ، أو أنّه دعاء منه أن يجازيهم الله بكفرهم وظلمهم ويسلبهم نور الإيمان ، ولتحلّ محله ظلمة الكفر.

أو أنّ هذه هي خصوصية أعمالهم التي تنسب إلى الله تعالى ، وذلك لأنّ كل

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٦٤ ، وأعلام القرآن ، ص ١٣١.

(٢) المصدر السابق.

(٣) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٦٤.

(٤) المصدر السابق.

(٥) الضمير في «أضلوا» يعود إلى أكابر قوم نوحعليه‌السلام بقرينة الآية السابقة :( وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ ) واحتمل بعض المفسّرين أنّ الضمير يعود إلى (الآلهة) لأنّها سببت في ضلالهم وجاء ما يشابه ذلك في الآية (٣٦) من سورة ابراهيمعليه‌السلام وبصورة ضمير جمع المؤنث لا ضمير جمع المذكر ، وهذا الاحتمال بعيد.

٦٦

موجود يؤثر أي تأثير فهو بأمر من الله تعالى ، وليس هناك ما ينافي الحكمة الإلهية في مسألة الإيمان والكفر والهداية والضلالة ولا يسبب سلب الإختيار.

وبالتالي فإنّ الآية الأخيرة في البحث ، يقول الله تعالى فيها :

( مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً ) .(١)

تشير الآية إلى ورودهم النّار بعد الطوفان ، وممّا يثير العجب هو دخولهم النّار بعد الدخول في الماء! وهذه النّار هي نار البرزخ ، لأنّ بعض الناس يعاقبون بعد الموت ، وذلك في عالم البرزخ كما هو ظاهر في سياق بعض الآيات القرآنية ، وكذا ذكرت الرّوايات أنّ القبر إمّا روضة من رياض الجنّة ، أو حفرة من حفر النيران.

وقيل من المحتمل أن يكون المراد بالنّار هو يوم القيامة ، ولكن بما أنّ وقوع يوم القيامة أمر حتمي وهو غير بعيد ، فإنّها ذكرت بصورة الفعل الماضي.(٢) واحتمل البعض أنّ المراد هي النّار في الدنيا ، حيث يقولون أنّ نارا قد ظهرت بين تلك الأمواج بأمر من الله تعالى وابتلعتهم.(٣)

* * *

__________________

(١) «من» في( خَطِيئاتِهِمْ ) بمعني باء السببية أو (لام التعليل) و (ما) زائدة للتأكيد.

(٢) الفخر الرازي ينقل ذلك في تفسيره بعنوان قول من الأقوال في ج ٣٠ ، ص ١٤٥.

(٣) تفسير أبو الفتوح الرازي ، ج ١١ ، ص ٣٨٠.

٦٧

الآيات

( وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاَّ فاجِراً كَفَّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَباراً (٢٨) )

التّفسير

على الفاسدين والمفسدين أن يرحلوا :

هذه الآيات تشير إلى استمرار نوحعليه‌السلام في حديثه ودعائه عليهم فيقول تبارك وتعالى :( وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ) .

دعا نوحعليه‌السلام بهذا الدعاء عند ما يئس من هدايتهم بعد المشقّة والعناء في دعوته إيّاهم ، فلم يؤمن إلّا قليل منهم.

والتّعبير بـ «على الأرض» يشير إلى أنّ دعوة نوحعليه‌السلام كانت تشمل العالم ، وكذا مجيء الطوفان والعذاب بعده.

«ديار» : على وزن سيار ، من أصل دار ، وتعني من سكن الدّار ، وهذه اللفظة تأتي عادة في موارد النفي المطلق كقول : ما في الدار ديّار ، أي ليس في الدار أحد.(١)

__________________

(١) قال البعض أنّ الأصل كان (ديوار) على وزن حيوان ثمّ بدلت الواو بـ (ياء) وأدغمت في الباء الاولى وصارت ديار (البيان

٦٨

ثمّ يستدل نوحعليه‌السلام للعنه القوم فيقول :( إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً ) ، وهذا يشير إلى أنّ دعاء الأنبياء ومن بينهم نوحعليه‌السلام لم يكن ناتجا عن الغضب والانتقام والحقد ، بل إنّه على أساس منطقي ، وأنّ نوحاعليه‌السلام ليس ممن يتضجر ويضيق صدره لأوهن الأمور فيفتح فمه بالدعاء عليهم. بل إنّ دعا عليهم بعد تسعمائة وخمسين عاما من الصبر والتألم والدعوة والعمل المضني.

ولكن كيف عرف نوحعليه‌السلام أنّهم لن يؤمنوا أبدا وأنّهم كانوا يضللون من كان على البسيطة ويلدون أولادا فجرة وكفّارا.

قال البعض : إنّ ذلك ممّا أعطاه الله تعالى من الغيب ، واحتمل أنّه أخذ ذلك عن طريق الوحي الإلهي حيث يقول الله تعالى :( وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ ) .(١) (٢)

ويمكن أن يكون نوح قد توصل إلى هذه الحقيقة بالطريق الطبيعي والحسابات المتعارفة ، لأنّ القوم الذين بلّغ فيهم نوحعليه‌السلام تسعمائة وخمسين عاما بأفصح الخطب والمواعظ لا أمل في هدايتهم ، ثمّ إنّ الغالبية منهم كانوا من الكفار والأثرياء وهذا ممّا كان يساعدهم على إغواء وتضليل الناس ، مثل أولئك لا يلدون إلّا فاجرا كفّارا ويمكن الجمع بين هذه الاحتمالات الثّلاثة.

«الفاجر» : يراد به من يرتكب ذنبا قبيحا وشنيعا.

«كفّار» : المبالغ في الكفر.

__________________

في غرائب القران ، ج ٢ ، ص ٤٦٥ ، تفسير الفخر الرازي ، ذيل هذه الآيات).

(١) هود ، ٣٦.

(٢) ورد هذا المعنى أيضا في الرّوايات كما في تفسير الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٢٨.

٦٩

والاختلاف بين هذين اللفظين هو أن أحدهما يتعلق بالجوانب العملية ، والآخر بالجوانب العقائدية.

ويستفاد من هذه الآيات أنّ العذاب الإلهي إنّما ينزل بمقتضى الحكمة ، فمن يكن فاسدا ومضللا ولأولاده ونسله لا يستحق الحياة بمقتضى الحكمة الإلهية ، فينزل عليهم البلاء كالطوفان أو الصّاعقة والزلازل ليمحو ذكرهم كما غسل طوفان نوحعليه‌السلام تلك الأرض التي تلوثت بأفعال ومعتقدات تلك الأمة الشريرة ، وبما أنّ هذا القانون الإلهي لا يختصّ بزمان ومكان معينين ، فإنّ العذاب الإلهي لا بدّ أن ينزل إذا ما كان في هذا العصر مفسدون ولهم أولاد فجرة كفّار ، لأنّها سنّة إلهية وليس فيها من تبعيض.

ويمكن أن يكون المراد بـ( يُضِلُّوا عِبادَكَ ) الجماعة القليلة المؤمنة التي كانت مع نوحعليه‌السلام ، ولعل المراد منها عموم الناس المستضعفين الذين يتأثرون بالطواغيت.

ثمّ يدعو نوحعليه‌السلام ، لنفسه ولمن آمن به فيقول :( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً ) .(١)

طلب المغفرة هذا من نوحعليه‌السلام كأنّه يريد أن يقول إنني وإن دعوة قومي مئات السنين ولقيت ما لقيت من العذاب والإهانة ، ولكن يمكن أن يكون قد صدر منّي الترك الأولى ، فلذا أطلب العفو والمغفرة لا أبرئ نفسي أمام الله تعالى.

هذا هو حال أولياء الله ، فإنّهم يجدون أنفسهم مقصرين مع كلّ ما يلاقونه من محن ومصاعب ، ولهذا تجدهم غير مبتلين بآفات الغرور والتكبر ، وليس كالذين يتداخلهم الغرور عند إتمامهم لعمل صغير ما يمنون به على الله تعالى ، ويطلب نوحعليه‌السلام المغفرة لعدّة أشخاص وهم :

__________________

(١) «تبار» : تعني الهلاك ، وقيل الضرر والخسارة.

٧٠

الأوّل : لنفسه ، لئلا يكون قد مرّ على بعض الأمور المهمّة مرورا سريعا ، ولم يعتن بها.

الثّاني : لوالديه ، وذلك تقديرا لما تحمّلاه من متاعب ومشقّة.

الثّالث : لمن آمن به ، وإن كانوا قلائل ، الذين اصطحبوه في سفينته التي كانت بمثابة الدار لهعليه‌السلام .

الرّابع : للمؤمنين والمؤمنات على مرّ العصور ، ومن هنا يوثق نوحعليه‌السلام العلاقة بينه وبين عموم المؤمنين في العالم ، ويؤكّد في النهاية على هلاك الظالمين ، وأنّهم يستحقون هذا العذاب لما ارتكبوه من ظلم.

* * *

بحث

نوحعليه‌السلام أوّل أنبياء أولي العزم

ذكر نوحعليه‌السلام في كثير من الآيات القرآنية ، ومجموع السور التي ذكر فيهاعليه‌السلام (٢٩) سورة ، وأمّا اسمهعليه‌السلام فقد فقد ورد ٤٣ مرّة.

وقد شرح القرآن المجيد أقساما مختلفة من حياتهعليه‌السلام شرحا مفصلا ، وتتعلق أكثرها بالجوانب التعليمية والتربوية والمواعظ ، وذكر المؤرخون أنّ اسمه كان «عبد الغفار» أو «عبد الملك» أو «عبد الأعلى» ، ولقب بـ «نوح» لأنّه كان كثير النياحة على نفسه أو على قومه ، وكان اسم أبيه «لمك» أو «لامك» ، وفي مدّة عمرهعليه‌السلام اختلاف ، فقال البعض : ١٤٩٠ عاما ، وجاء في بعض الرّوايات أنّ عمره ٢٥٠٠ عام ، وأمّا عن أعمار قومه الطويلة فقد قالوا ٣٠٠ عام ، والمشهور هو أن عمره كان طويلا ، وصرح القرآن بمدّة مكثه في قومه وهي ٩٥٠ عاما ، وهي مدّة التبليغ في قومه ، كان لنوحعليه‌السلام ثلاثة أولاد ، وهم (حام) (سام) (يافث) ويعتقد المؤرخون بأنّ انتساب البشر يرجع إلى هؤلاء الثلاثة ، فمن

٧١

ينتسب إلى حام يقطن في القارة الإفريقية ، والمنتسبون لسام يقطنون الأوسط والأقصى ، وأمّا المنتسبون إلى يافث فهم يقطنون الصين ، وقيل أنّ المدّة التي عاشها بعد الطوفان ٥٠ عاما ، وقيل ٦٠ عاما.

وورد بحث مفصل عن حياة نوحعليه‌السلام في التوراة المتواجد حاليا ، إلّا أنّ هناك اختلافا كبيرا بينه وبين القرآن المجيد ، وهذا الاختلاف يدل على تحريف التوراة ، وقد ذكرت هذه البحوث في الفصول ٦ ، ٧ ، ٨ ، ٩ ، ١٠ من سفر التكوين للتوراة.

وكان لنوحعليه‌السلام ابن آخر يدعى (كنعان) وكان مخالفا لأبيه ، إذ رفض الالتحاق به في السفينة ففقد بقعوده هذا الشرف الانتساب إلى بيت النبوّة ، وكانت عاقبته الغرق في الطوفان كبقية الكفّار ، وأمّا عن عدد المؤمنين الذين آمنوا به وركبوا السفينة معه فقد قيل ٧٠ نفرا ، وقيل ٧ أنفار ، ولقد انعكست آثار كثيرة من قصّة نوحعليه‌السلام في لأدب العربي وأكثرها قد حكت عن الطوفان وسفينة النجاة.(١)

كان نوحعليه‌السلام اسطورة للصبر والمقاومة ، وقيل هو أوّل من استعان بالعقل والاستدلال المنطقي في هداية البشر ، بالإضافة الى منطق الوحي (كما هو واضح من آيات هذه السورة) وبهذا الدليل يستحق التعظيم من قبل جميع الناس.

وننهي ما وضحناه عن نوحعليه‌السلام بحديث عن الإمام الباقرعليه‌السلام إذ قال : «كان نوحعليه‌السلام يدعو حين يمسي ويصح بهذا الدعاء : «أمسيت أشهد أنّه ما أمسى بي من نعمة في دين أو دنيا فإنّها من الله لا شريك له ، له الحمد بها عليّ والشكر كثيرا ، فأنزل الله :( إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً ) فهذا كان شكره».(٢)

في قوله تعالى :( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً ) قيل في معني البيت هنا هو بيته الخاص ، وقيل المسجد ، وقيل سفينة نوح ، وقيل هو دينه وشريعته.

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ١١.

(٢) بحار الأنوار ، ج ١١ ، ص ٢٩١ ، ح ٣.

٧٢

وورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام أنّه قال : «من دخل في الولاية دخل في بيت الأنبياء».(١)

اللهمّ ارحمنا بقبول ولاية أهل البيتعليه‌السلام حتى ندخل بيت الأنبياء.

ربّنا ، منّ علينا بالاستقامة كما مننت على الأنبياء كنوحعليه‌السلام لنبقى دعاة إلى دينك بلا تقاعس.

اللهم ، نجّنا بسفينة نجاة لطفك ورحمتك عند نزول الطوفان غضبك وسخطك.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة نوحعليه‌السلام

* * *

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٢٩.

٧٣
٧٤

سورة

الجنّ

مكيّة

وعدد آياتها ثمان وعشرون آية

٧٥
٧٦

«سورة الجن»

محتوى السورة :

تتحدث هذه السورة حول نوع من الخلائق المستورين عن حواسنا ، وهم الجن ، كما سمّيت السورة باسمهم ، وأنّهم يؤمنون بنبيّنا الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعن خضوعهم للقرآن وإيمانهم بالمعاد ، وأنّ فيهم المؤمن والكافر وغير ذلك ، وفي هذا القسم من السورة (١٩) آية من (٢٨) آية تصحح ما حرّف من معتقدات حول الجن ، وهناك قسم آخر من السورة يشير إلى التوحيد والمعاد ، والقسم الأخير يتحدث عن علم الذي لا يعلمه إلّا ما شاء الله.

فضيلة سورة الجن :

ورد في حديث عن الرّسول الأكرم : «من قرأ سورة الجن اعطي بعدد كلّ جني وشيطان صدق بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكذّب به عتق رقبة».(١)

وفي حديث آخر عن الإمام الصّادقعليه‌السلام : «من أكثر قراءة( قُلْ أُوحِيَ ) لم يصبه في الحياة الدنيا شيء من أعين الجن ولا نفثهم ولا سحرهم ، ولا كيدهم ، وكان مع محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيقول : يا ربّ ، لا أريد منه بدلا ، ولا أبغي عنه حولا».

وطبعا التلاوة مقدّمة وتمهيد لمعرفة محتوى السورة والتدبّر بها ، ثمّ العمل بما فيها.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٦٥.

٧٧

الآيات

( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (٣) وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً (٤) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً (٥) وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦) )

سبب النّزول

ما جاء في سبب نزول سورة الأحقاف في تفسير الآيات (٢٩ ـ ٣٢) مطابق لسبب نزول هذه السورة ، ويدل على أنّ السورتين يتعلقان بحادثة واحدة ، وتوضح سبب النّزول باختصار كما يلي :

١ ـ انطلق الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى سوق عكاظ في الطائف بعد قدومه من مكّة ليدعو الناس إلى الإسلام ، فرجع بعد رفض الناس لدعوته إلى واد يدعى وادي الجن ، وبقي فيه ليلا وهو يقرأ القرآن ، فاستمع إليه نفر من الجن فآمنوا به ثمّ راحوا

٧٨

يدعون قومهم إليه.(١)

٢ ـ عن ابن عباس قال : كان النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منشغلا بصلاة الصبح ، وكان يقرأ فيها القرآن ، فاستمع إليه الجن وهم يبحثون عن علّة انقطاع الأخبار من السماء ، فقالوا : هذه الذي حال بيننا وبين خبر السماء ، فرجعوا إلى قومهم ليبلغوا ما سمعوا.(٢)

٣ ـ بعد وفاة أبي طالبعليه‌السلام اشتدّ الأمر برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فعزم على الذهاب إلى الطائف ليبحث عن أنصار له ، وكان أعيان الطائف يكذبونه ويؤذونه ، ويرمونه بالحجارة حتى أدميت قدماهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالتجأ متعبا إلى ضيعة من الضياع ، فرآه غلام صاحب الضيعة وكان اسمه «عداس» ، فآمن بالنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ رجع إلى مكّة ليلا وصلّى صلاة الصبح وهو بنخله ، فاستمع إليه نفر من الجن من أهل نصيبين أو اليمن ، وكانوا قد مرّوا بذلك الطريق فآمنوا به(٣) .

وقد نقل بعض المفسّرين ما يشابه هذا المعنى في أوّل السورة ، ولكن جاء في سبب نزول هذه السورة ما يخالف هذا المعنى ، وهو أنّ علقمة بن قيس قال : قلت لعبد الله بن المسعود : من كان منكم مع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة الجن؟ فقال : ما كان منّا معه أحد ، فقدناه ذات ليلة ونحن بمكّة فقلنا : اغتيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو استطير ، فانطلقنا نطلبه من الشعاب فلقيناه مقبلا من نحو حراء ، فقلنا : يا رسول الله ، اين كنت؟ لقد أشفقنا عليك ، وقلنا له : بتنا الليلة بشرّ ليلة بات بها قوم حين فقدناك ، فقال : «إنّه أتاني الجن فذهبت أقرئهم القرآن»(٤) .

* * *

__________________

(١) تفسير علي بن ابراهيم على ما نقله تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٩ (مع الاختصار).

(٢) صحيح البخاري ، مسلم ، ومسند طبقا لما نقله صاحب (في ظلال القرآن) ج ٧ ، ص ٤٢٩ (باختصار).

(٣) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٩٢ ، وسيرة ابن هشام ، ج ٢ ، ص ٦٢ ـ ٦٣ (باختصار).

(٤) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٦٨.

٧٩

التّفسير

القرآن العجيب!!

نرجع إلى تفسير الآيات بعد ذكر ما قيل في سبب النّزول

يقول الله تعالى :( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ) (١) .

التعبير بـ( أُوحِيَ إِلَيَ ) يشير إلى أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يشاهد الجنّ بنفسه بل علم باستماعهم للقرآن عن طريق الوحي ، وكذلك يعلم من مفهوم الآية أنّ للجن عقلا وشعورا وفهما وإدراكا ، وأنّهم مكلّفون ومسئولون ، ولهم المعرفة باللغات ويفرقون بين الكلام الخارق للعادة بين الكلام العادي ، وبين المعجز وغير والمعجز ، ويجدون أنفسهم مكلّفين بإيصال الدعوة إلى قومهم ، وأنّهم هم المخاطبون في القرآن المجيد ، هذه بعض الخصوصيات لهذا الموجود المستور الحي الذي يمكن الاستفادة منها في هذه الآية ، ولهم خصوصيات اخرى سوف نبيّنها في نهاية هذا البحث ، وإنّ شاء الله تعالى.

إنّ لهم الحقّ في أن يحسبوا هذا القرآن عجبا ، للحنه العجيب ، ولجاذبية محتواه ، ولتأثيره العجيب ، ولمن جاء به والذي لم يكن قد درس شيئا وقد ظهر من بين الأميين ، وكلام عجيب في ظاهره وباطنه ويختلف عن أيّ حديث آخر ولهذا اعترفوا بإعجاز القرآن.

لقد تحدثوا لقومهم بحديث آخر تبيّنه السورة في (١٢) آية ، وكل منها تبدأ بـ (أن) وهي دلالة على التأكيد(٢) .

__________________

(١) نفر : على قول أصحاب اللغة والتّفسير : الجماعة من ٣ الى ٩.

(٢) المشهور بين علماء النحو أنّ (إن) في مقول القول يجب أن تقرأ بالكسر كما هي في الآيات الاولى ، وأمّا في الآيات الأخرى المعطوفة عليها فإنّها بالفتح ، ولهذا اضطر الكثير من المفسّرين أن يجعلوا لهذه الآيات تقديرات أو مبررات أخرى ، ولكن ما الذي يمنعنا من القول أنّ لهذا القاعدة أيضا شواذ ، وهي جواز القراءة بالفتحة في موارد يكون العطف فيه على مقول القول ، وما يدل على ذلك آيات هذه السورة.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

(الفصل السادس - في المهر)

(المهر كل ما يصلح أن يملك) وان قل بعد ان يكون متمولا (عينا كان، أو منفعة) وان كانت منفعة حر، ولو انه(١) الزوج، كتعليم صنعة، أو سورة، او علم غير واجب(٢) ، او شئ من الحكم والاداب، او شعر، او غيرها من الاعمال المحللة المقصودة(٣) (يصح امهاره)، ولا خلاف في ذلك كله سوى العقد على منفعة الزوج فقد منع منه الشيخ في احد قوليه استنادا إلى رواية(٤) لا تنهض دليلا متنا وسندا.

___________________________________

(١) اي ولو أن ذلك الحر هو الزوج كما لو امهر زوجته تعليم القرآن الكريم مثلا، او تعليم علم ما، او صنعة ما.

(٢) القيد لاخراج التعاليم الواجبة كتعليم الصلاة، والصوم، والحج، وغيرها من الواجبات الدينية فان مثلها لايجوز جعلها مهرا وصداقا.

(٣) كالحياكة والخياطة.

(٤) اليك نص الحديث قال احمد بن ابي نصر: قلت (لابي الحسن)عليه‌السلام : قول (شعيب): اني اريد ان انكحك احدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فان اتممت عشرا فمن عندك اي الاجلين قضى؟ قالعليه‌السلام : اوفاهما وابعدهما: عشر سنين. قلت: فدخل بها قبل ان ينقضي الشرط، او بعد انقضائه؟ قالعليه‌السلام : قبل ان ينقضي. قلت: فالرجل يتزوج المرأة ويشترط لابيها إجارة شهرين، أيجوز ذلك؟ فقالعليه‌السلام : " إن موسىعليه‌السلام قد علم أنه سيتم له شرطه فكيف لهذا بأن يعلم انه سيبقى حتى يفي؟ " الوسائل كتاب النكاح باب ٢٢ من ابواب المهور الحديث ١ هذا نص الحديث، أما قصوره سندا، فلان في طريقه " سهل بن زياد " وهو ضعيف. وفي طريقه الآخر " ابراهيم بن هاشم " وهو لم يوثق في كتب الرجال وان كان حسن الايمان. أما قصوره دلالة، فلان الامامعليه‌السلام لم يجب بالترخيص بعدما سأله الراوي: " فالرجل يتزوج المرأة ويشترط... الخ "، بل يلوح من جواب الامامعليه‌السلام : " ان موسىعليه‌السلام قد علم أنه... الخ " إن ذاك كان مختصا بموسىعليه‌السلام حيث كان نبيا ويعلم أنه سيتم له شرطه. أما غيره فحيث لايعلم ببقاء‌ه واستمام شرطه، فلا يجوز له شرط العمل وجعله مهرا وصداقا. فدلالة الحديث على عدم الجواز اقوى من دلالته على الجواز.

٣٤١

(ولو عقد الذميان على ما لا يملك في شرعنا) كالخمر والخنزير (صح) لانهما يملكانه (فان اسلما)، او اسلم احدهما قبل التقابض (انتقل إلى القيمة) عند مستحليه، لخروجه من ملك المسلم، سواء كان عينا، او مضمونا(١) لان المسمى لم يفسد، ولهذا لو كان قد اقبضها اياه قبل الاسلام برئ، وانما تعذرالحكم به فوجب المصير إلى قيمته لانها اقرب شئ اليه، كما لو جرى العقد على عين وتعذر تسليمها. ومثله(٢) ما لو جعلاه ثمنا لمبيع، أو عرضا لصلح، أو غيرهما(٣)

___________________________________

(١) اي كليا في الذمة.

(٢) اي ومثل المهر في الانتقال إلى القيمة بعد الاسلام ما لو جعل (ما لايملك عندنا) ثمن الدار كجعل مائة راس خنزير مثلا ثمنا عن الدار المشتراة(٣) اي غير البيع والصلح كما لو جعل الخنزير والخمر اجرة للعمل.

٣٤٢

وقيل: يجب مهر المثل(١) تنزيلا، لتعذر تسليم العين منزلة الفساد(٢) ، ولان وجوب القيمة فرع وجوب دفع العين مع الامكان، وهو هنا ممكن وانما عرض عدم صلاحيته للتملك لهما. ويضعف(٣) بمنع الفساد كما تقدم(٤) ، والتعذر الشرعي(٥) منزل منزلة الحسي، او اقوى، ومهر المثل قد يكون ازيد من المسمى فهي تعترف بعدم استحقاق الزائد، او انقص(٦) فيعترف هو باستحقاق الزائد حيث لم يقع المسمى فاسدا فكيف يرجع إلى غيره(٧) بعد استقراره ولو كان الاسلام(٨) بعد قبض بعضه سقط بقدر المقبوض ووجب قيمة الباقي، وعلى الاخر(٩) يجب بنسبته من مهر المثل.

(ولا تقدير في المهر قلة) ما لم يقصر عن التقويم كحبة حنطة، (ولا كثرة) على المشهور لقوله تعالى:( وآتيتم احديهن قنطارا ) (١٠)

___________________________________

(١) اي اذا اسلما.

(٢) اي فساد العين.

(٣) اي ويضعف دليل القائل بتنزيل تعذر تسليم العين منزلة الفساد.

(٤) في قول (الشارح)رحمه‌الله : (لان المسمى لم يفسد) في ص ٣٤٢.

(٥) الذي هو عدم تملك الخمر والخنزير.

(٦) اي مهر المثل انقص من المسمى.

(٧) اي إلى غير المسمي.

(٨) اي اسلامهما بعد قبض بعض المهر الذي لايملك.

(٩) اي وعلى القول الآخر وهو( وجوب دفع مهر المثل بعد اسلامهما اذا دفع بعض المهر قبل الاسلام )

(١٠) النساء: الآية ١٩.

٣٤٣

وهو المال العظيم، وفي القاموس: القنطار بالكسر وزن اربعين اوقية من ذهب، أو فضة، أو الف دينار، أو الف ومئتا اوقية من ذهب، او فضة، أو سبعون الف دينار، او ثمانون الف درهم، او مئة رطل من ذهب، او فضة، او مل‌ء مسك ثور ذهبا، أو فضة، وفي صحيحة(١) الوشا عن الرضا (ع): لو ان رجلا تزوج امراة وجعل مهرها عشرين الفا، ولابيها عشرة الاف كان المهر جائزا، والذي جعله لابيها فاسدا.

(ويكره أن يتجاوز مهر السنة) وهو ما اصدقه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لازواجه جمع (وهو خمسمأة(٢) درهم) قيمتها خمسون دينارا، ومنع المرتضى من الزيادة عليها، وحكم برد من زاد عنها اليها(٣) محتجا بالاجماع، وبه خبر(٤) ضعيف لا يصلح حجة، والاجماع ممنوع، وجميع التفسيرات السابقة للقنطار ترد عليه(٥) ، والخبر(٦)

___________________________________

(١) الوسائل كتاب النكاح باب ٩ من ابواب المهور الحديث ١.

(٢) راجع الوسائل كتاب النكاح باب ٤ من ابواب المهور.

(٣) مرجع الضمير في اليها وعنها (السنة) اي لو زاد شخص مهر زوجته عن مهر السنة وهي خمسمائة درهم ارجع الحاكم الزوج واجبره إلى الرجوع إلى مهر السنة ورفع اليد عن الزائد.

(٤) اي ويمنع زيادة المهر عن مهر السنة وأن الحاكم بجبر الزوج بالرجوع إلى مهر السنة خبر ضعيف راجع الوسائل كتاب النكاح باب ٨ من ابواب المهور الحديث ١٤.

(٥) اي جميع التفاسير السابقة للقنطار ترد على (السيد المرتضى)قدس‌سره .

(٦) المشار اليه في الهامش رقم ٤ ص ٣٤٤.

٣٤٤

الصحيح حجة بينة، نعم يستحب الاقتصار عليه(١) لذلك.

(ويكفي فيه المشاهدة عن اعتباره) بالكيل، او الوزن، او العدد كقطعة من ذهب مشاهدة لا يعلم وزنها، وقبة من طعام لا يعلم كيلها، لارتفاع معظم الغرر بالمشاهدة، واغتفار الباقي(٢) في النكاح لانه(٣) ليس معاوضة محضة بحيث ينافيه ما زاد عنه(٤) ويشكل الحال(٥) لو تلف قبل التسليم، او بعده وقد طلقها قبل الدخول. ولو لم يشاهد اعتبر التعيين قدرا، ووصفا(٦) ان كان مما يعتبر به(٧) ، أو وصفا خاصة(٨) ان اكتفي به(٩) كالعبد

___________________________________

(١) اي على مهر السنة لذلك اي لاجل الخبر الضعيف الذي استدل به (السيد المرتضى)قدس‌سره المشار اليه في الهامش رقم ٤ ص ٣٤٤.

(٢) اي اغتفار الباقي مما شاهده وخمنه.

(٣) اي النكاح.

(٤) مرجع الضمير (المشاهد المخمن) ومرجع الضمير في ينافيه (المعاوضة) اي ليس النكاح معاوضة محضة كبقية العقود حتى يضربه مايضر بسائر المعاوضات اذا لم يعلم وزن القطعة، او كيل القبة بتمامها وكمالها.

(٥) فيما اذا كان المهر بالرؤية فانه لايعلم مقدار المهر حتى يعطي للزوجة نصف المهر.

(٦) كالذهب الخالص مثلا.

(٧) اي ان كان المهر مما يعتبر فيه القدر فلابد من تقديره بالكيل، او الوزن او العدد.

(٨) ككون العبد شابا متعلما يعلم العلم الفلاني مثلا.

(٩) اي كما في مورد العين فإنه يكتفى فيه بالوصف خاصة.

٣٤٥

(ولو تزوجها على كتاب الله وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو خمسمأة درهم)، للنص(١) ، والاجماع، وبهما(٢) يندفع الاشكال مع جهل الزوجين، أو احدهما بما جرت به السنة منه، وبقبوله(٣) الغرر كما تقرر.(٤)

(ويجوز جعل تعليم القران مهرا)، لرواية(٥) سهل الساعدي المشهورة فيعتبر تقديره بسورة معينة، او آيات خاصة، ويجب حينئذ(٦) ان يعلمها القراء‌ة الجائزة شرعا، ولا يجب تعيين قراء‌ة شخص بعينه وان تفاوتت في السهولة والصعوبة، ولو تشاحا في التعيين قدم مختاره، لان الواجب في ذمته منها امر كلي فتعيينه اليه كالدين. وحد التعليم أن تستقل(٧) بالتلاوة، ولا يكفي تتبعها(٨) نطقه، والمرجع في قدر المستقل به إلى العرف فلا يكفي الاستقلال بنحو الكلمة والكلمتين، ومتى صدق التعليم عرفا لا يقدح فيه نسيانها ما علمته وان لم تكن قد اكملت جميع ما شرط، لتحقق البراء‌ة(٩) ، ولو تعذر

___________________________________

(١) الوسائل كتاب النكاح باب ٤ من ابواب المهور الاحاديث.

(٢) اي بالنص والاجماع.

(٣) اي وبقبول النكاح الغرر.

(٤) كما عرفت في الهامش رقم ٤ ص ٣٤٥.

(٥) مستدرك الوسائل كتاب النكاح باب ٢ من ابواب المهور الحديث ٢.

(٦) اي حين جعل الزوج مهر زوجته تعليمها القرآن.

(٧) اي تتمكن أن تقرأ وحدها من دون احتياجها إلى مساعد.

(٨) اي لايكفي متابعة الزوجة فيما ينطق الزوج، بل الواجب قرائتها وحدها.

(٩) اي لتحقق برائة ذمة الزوج عن التعليم وان نسيت ما تعلمت منه كما لو تعلمت من الزوج سورة من القرآن الكريم، ثم شرعت في سورة اخرى فنسيت الاولى وكانت الثانية داخلة في شرطها على الزوج.

٣٤٦

تعلمها لبلادتها، او موتها، او موت الزوج حيث يشترط التعليم منه، او تعلمت من غيره فعليه اجرة المثل، لانها عوضه(١) حيث يتعذر، ولو افتقرت إلى مشقة عظيمة زائدة على عادة امثالها لم يبعد الحاقه(٢) بالتعذر، وكذا القول في تعليم الصنعة.

(ويصح العقد الدائم من غير ذكر المهر) وهو المعبر عنه بتفويض البضع بان تقول: زوجتك نفسي فيقول: قبلت، سواء اهملا ذكره ام نفياه صريحا، وحينئذ(٣) فلا يجب المهر بمجرد العقد، (فان دخل بها فمهر المثل). والمراد به ما يرغب به في مثلها نسبا، وسنا، وعقلا ويسارا، وبكارة، واضدادها، وغيرها مما تختلف به الاغراض(٤) ، (وان طلق قبل الدخول) وقبل اتفاقهما على فرض مهر (فلها المتعة(٥) ) المدلول عليها بقوله تعالى:( لا جناح عليكم ان طلقتم النساء (٦) ) (حرة كانت) الزوجة المفوضة (ام أمة). والمعتبر في المتعة بحال الزوج في السعة والاقتار (فالغني) يمتع (بالدابة) وهي الفرس لانه الشائع في معناها عرفا. والمعتبر منها(٧) ما يقع عليها اسمها صغيرة كانت او كبيرة،

___________________________________

(١) اي عوض التعليم.

(٢) اي ارجاع هذا المورد.

(٣) اي حين لم يذكر المهر في العقد سواء نفياه ام اهملا ذكره.

(٤) من الجمال والكمال.

(٥) وهي عبارة عن المال الذي يعطيه الزوج المطلق زوجته المطلقة لتتمع به.

(٦) البقرة: الآية ٢٣٦.

(٧) اي من الدابة.

٣٤٧

برذونا كانت أم عتيقا، قاربت قيمته الثوب والعشرة الدنانير أم لا، (او الثوب المرتفع) قيمته عادة، ناسبت قيمته(١) قسيميه ام لا، (او عشرة دنانير) وهي المثاقيل الشرعية(٢) .

(والمتوسط) في الفقر والغناء يمتع (بخمسة دنانير، والفقير بدينار او خاتم) ذهب، او فضة معتد به عادة (وشبهه) من الاموال المناسبة لما ذكر(٣) في كل مرتبة(٤) والمرجع في الاحوال الثلاثة إلى العرف بحسب زمانه ومكانه وشانه.

(ولا متعة لغير هذه) الزوجة: وهي المفوضة(٥) لبضعها المطلقة قبل الدخول والغرض(٦) ، لكن يستحب لو فارقها بغير الطلاق من لعان وفسخ بل قيل بوجوبه حينئذ(٧) ، لانه في معنى الطلاق. والاول(٨) اقوى، لانه مدلول الاية(٩) ، واصالة البرآء‌ة

___________________________________

(١) اي قيمة الثوب. والمراد من قسيميه (الدابة وعشرة دنانير).

(٢) مضى شرح المثقال الشرعي في الجزء الثاني من طبعتنا الحديثة كتاب الزكاة ص ١٤.

(٣) من الدابة والثوب والدنانير.

(٤) من المراتب الثلاث: الغنى. الفقر. التوسط.

(٥) اي المرأة التي فوضت تعيين مهرها ومقداره إلى الزوج.

(٦) اي وقبل تعيين المهر من قبل الزوج.

(٧) اي حين الفسخ.

(٨) وهو الاستحباب.

(٩) وهي قوله تعالى:( لا جناح عليكم ان طلقتم النساء ) .

٣٤٨

في غيره(١) تقتضي العدم(٢) . والحق بهذه(٣) من فرض لها مهر فاسد(٤) ، فانه(٥) في قوة التفويض، ومن فسخت في المهر قبل الدخول بوجه مجوز(٦) .

(ولو تراضيا بعد العقد بفرض المهر جاز وصار لازما)، لان الحق فيه لهما، زاد عن مهر المثل، أم ساواه أم قصر، فإن اختلفا قيل،: للحاكم فرضه(٧) بمهر المثل، كما أن له تعيين النفقة للزوجة على الغائب، ومن جرى مجراه(٨) ويحتمل ابقاء الحال إلى أن يحصل احد الامور الموجبة للقدر(٩) ،

___________________________________

(١) اي في غير الطلاق.

(٢) اي عدم وجوب المتعة بالمعنى الذي عرفته في غير الطلاق.

(٣) اي ألحق بهذه المرأة المفوضة تعيين مهرها ومقداره إلى الزوج: المرأة التي جعل لها مهر فاسد فان لها المتعة كالمفوضة.

(٤) كما لو عين الزوج المهر، ثم تبين أنه مستحق للغير، او عين لها الخمر او الخنزير مهرا. فان دخل بها وظهر الفساد فللزوجة مهر المثل، وان لم يدخل بها وطلقها فلها المتعة.

(٥) اي المهر الفاسد.

(٦) كما اذا كان لها خيار الفسخ في المهر فطلقت الزوجة قبل الدخول فلها المتعة.

(٧) اي فرض المهر من قبل الحاكم: اي لايتجاوز الحاكم مهر المثل.

(٨) كالمجوس.

(٩) كالطلاق قبل الدخول الموجب للمتعة، او الدخول الموجب لمهر المثل.

٣٤٩

او المسقطة للحق(١) ، لان ذلك(٢) لازم التفويض الذي قد قدما عليه.

(ولو فوضا) في العقد (تقدير المهر إلى احدهما صح) وهو المعبر عنه بتفويض المهر، بان تقول: زوجتك نفسي على أن تفرض من المهر ما شئت او ما شئت. وفي جواز تفويضه(٣) إلى غيرهما، او اليهما(٤) معا وجهان: مع(٥) عدم النص، ومن(٦) أنه كالنائب عنهما والوقوف(٧) مع النص طريق اليقين (ولزم ما حكم به الزوج مما يتمول) وان قل (وما حكمت به الزوجة اذا لم يتجاوز مهر السنة) وهو خمسماء‌ة درهم، وكذا الاجنبي

___________________________________

(١) كما لو مات الزوج قبل الدخول في هذا الفرض وهو (عدم تعيين المهر) فحينئذ لاشئ على الزوج.

(٢) اي احد الامور الثلاثة - من المتعة لو كان الطلاق قبل الدخول، او مهر المثل لو كان بعد الدخول، أو عدم شئ لو توفي الزوج قبل الدخول - لازم التفويض الذي أقدم الزوج والزوجة عليه.

(٣) اي المهر.

(٤) في متن العقد.

(٥) دليل لعدم جواز تفويض المهر إليهما معا أو إلى غيرهما.

(٦) دليل للجواز.

(٧) اي نحن نتوقف في هذه الموارد التي لا نعلم فيها جواز التفويض ونقتصر على مورد النص. وقد ورد النص بالجواز في مورد تحكيم الزوج، او الزوجة من دون جواز تحكيم غيرهما او تحكيمهما معا. راجع الوسائل كتاب النكاح باب ٢١ من ابواب المهور الحديث ١ - ٢ - ٣.

٣٥٠

لو قيل به، لرواية(١) زرارة عن الباقر (ع)، وعلله(٢) بانه " اذا حكمها لم يكن لها ان تتجاوز ما سن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتزوج عليه نساء‌ه، واذا حكمنه فعليها ان تقبل حكمه قليلا كان، او كثيرا ".

(ولو طلق قبل الدخول فنصف ما يحكم به الحاكم)، لان ذلك هو الفرض الذي ينتصف بالطلاق، وسواء وقع الحكم قبل الطلاق ام بعده وكذا لو طلقها بعد الدخول لزم الحاكم الفرض(٣) واستقر في ذمه الزوج.

(ولو مات الحاكم(٤) قبل الدخول والحكم فالمروي(٥) في صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر (ع) في رجل تزوج امرأة على حكمها، أو حكمه فمات، أو ماتت قبل الدخول: (ان لها المتعة)، والميراث، ولا مهر لها، ويؤيده أن مهر المثل لا يجب الا مع الدخول ولم يحصل،

___________________________________

(١) المشار اليها في الهامش رقم ٧ ص ٣٥٠.

(٢) اي وعلل الامامعليه‌السلام جواز مايحكم به الزوج وان كان قليلا وعدم لزوم ماتحكم به الزوجة ان جاوزت مهر السنة بقولهعليه‌السلام : (اذا حكمها لم يكن لها ان تتجاوز ماسن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتزوج عليه نساء‌ه. واذا حكمته فعليها ان تقبل حكمه قليلا كان او كثيرا).

(٣) اي لزم الحاكم ان يفرض ويقدر المهر فاذا قدر استقر المهر في ذمة الزوج.

(٤) المراد منه هنا: الذي فوض اليه الحكم في المهر.

(٥) الوسائل كتاب النكاح باب ٢١ من ابواب المهور الحديث ٢ والحديث منقول بالمعنى.

٣٥١

ولامسمى(١) ولا يجوز اخلاء النكاح(٢) عن مهر فتجب المتعة، اذ لا رابع.(٣) وقيل:(٤) : يثبت لها مهر المثل لانه قيمة المعوض(٥) حيث لم يتعين غيره، ولان المهر مذكور(٦) غايته أنه مجهول فاذا تعذرت معرفته وجب الرجوع إلى مهر المثل. وهو(٧) غير مسموع في مقابل النص(٨) الصحيح. ولا فرق مع موت الحاكم بين موت المحكوم عليه معه، وعدمه عملا باطلاق النص.

(ولو مات المحكوم عليه) وحده (فللحاكم الحكم)، اذ لا يشترط حضور المحكوم عليه عنده، والتفويض اليه قد لزم بالعقد فلا يبطل بموت

___________________________________

(١) حتى يجب نصفه.

(٢) في صورة موت الحاكم قبل تعيين المهر.

(٣) اي وليس هنا شق رابع، لانه في صورة موت الحاكم قبل تعيينه المهر إما ان نقول: ان لها مهر المثل، وهذا منفي، لعدم الدخول بها، وإما نصف المهر وهو ايضا منفي، لعدم التسمية في العقد. او لاشئ، وهو لا يجوز. اذن تجب المتعة.

(٤) اي في صورة موت الحاكم قبل تعيين المهر.

(٥) وهو هنا (البضع).

(٦) ا ي ان المهر مذكور في العقد، لكن بصورة التحكيم، لا انه مذكور بالتعيين غاية الامر انه مجهول بسبب موت الحاكم.

(٧) هذا رد من (الشارح) على ماافاده هذا البعض.

(٨) المشار اليه في الهامش رقم ٥ ص ٣٥١.

٣٥٢

المحكوم عليه، ولاصالة(١) بقائه والنص(٢) لا يعارضه. وربما قيل(٣) بأنه مع موت الحاكم لا شئ. وهو ضعيف(٤) (ولومات احد الزوجين مع تفويض البضع قبل الدخول فلا شئ) لرضاهما بغير مهر، ولصحيحة(٥) الحلبي عن الصادق (ع) في المتوفى عنها زوجها قبل الدخول: " ان كان فرض لها مهرا فلها(٦) ، وان لم يكن فرض مهرا لها فلا مهر لها ". وهذا مما لا خلاف فيه ظاهرا. وهنا:

___________________________________

(١) المراد به: (الاستصحاب) اي استصحاب الحاكمية بعد الشك في زوالها بموت المحكوم عليه.

(٢) المشار اليه في رقم ٥ ص ٣٥١.

(٣) في صورة موت الحاكم قبل تعيينه المهر.

(٤) لوجود النص الصحيح المشار اليه في الهامش رقم ٥ ص ٣٥١.

(٥) الوسائل كتاب النكاح باب ٥٨ من ابواب المهور الحديث ٦.

(٦) اي فلهذه الزوجة المتوفى عنها زوجها قبل الدخول من المهر ما عين في العقد. بناء على ظاهر الرواية.

(مسائل عشر)

(الاولى الصداق يملك بأجمعه) للزوجة (بالعقد) ملكا متزلزلا ويستقر باحد امور اربعة الدخول اجماعا، وردة الزوج عن فطرة، وموته موتها في الاشهر، (ولها التصرف فيه قبل القبض) اذ لا مدخلية للقبض هنا في الملك، سواء طلقها قبل الدخول ام لا وان رجع اليه نصفه بالطلاق (فلو نما) بعد العقد (كان) النماء (لها) خاصة، لرواية(٧) عبيدة

___________________________________

(٧) الوسائل كتاب النكاح باب ٣٤ من ابواب المهور.

٣٥٣

ابن زرارة عن الصادق (ع) في زوج [ رجل ] ساق إلى زوجته غنما ورقيقا فولدت له عندها وطلقها قبل أن يدخل فقال: " ان كن حملن عنده فله نصفها ونصف ولدها، وان كن حملن عندها فلا شئ له من الاولاد " (فان تعقبه طلاق قبل الدخول ملك الزوج النصف حينئذ) ولا شئ له في النماء، ثم ان وجده باقيا على ملكها اجمع اخذ نصفه، وان وجده تالفا، او منتقلا عن ملكها فنصف مثله، او قيمته. ثم ان اتفقت القيمة(١) ، والا(٢) فله الاقل من حين العقد إلى حين التسليم، لان الزيادة حدثت في ملكها، وان وجده معيبا رجع في نصف العين مع الارش، ولو نقصت القيمة للسوق(٣) فله نصف العين خاصة، وكذا لو زادت(٤) وهي باقية، ولو زاد(٥) زيادة متصلة كالسمن تخيرت بين دفع نصف العين الزائدة، ونصف القيمة من دونها، وكذا لو تغيرت(٦) في يدها بما اوجب زيادة القيمة كصياغة الفضة وخياطة الثوب. ويجبر(٧) على العين لو بذلتها في الاول(٨) ،

___________________________________

(١) فهو المطلوب.

(٢) اي وان اختلفت القيمة.

(٣) اي قيمته السوقية بان كانت قيمة العين حين الاصداق اكثر من قيمتها حين الطلاق.

(٤) اي قيمتها السوقية.

(٥) اي المهر.

(٦) اي العين.

(٧) اي الزوج على اخذ العين.

(٨) وهي صياغة الفضة اذا صاغتها الزوجة.

٣٥٤

دون الثاني(١) ، لقبول الفضة لما يريده(٢) منها، دون الثوب، الا أن يكون مفصلا على ذلك الوجه(٣) قبل دفعه اليها.

(ويستحب(٤) لها العفو عن الجميع) لقوله تعالى:( وان تعفو اقرب للتقوى ) (٥) . والمراد بالعفو اسقاط المهر بالهبة ان كان عينا، والابراء وما في معناه من العقو والاسقاط ان كان دينا. وربما قيل بصحته(٦) بلفظ العفو مطلقا(٧) عملا بظاهر الاية(٨) ورده(٩) إلى القوانين الشرعية اولى، والاية لا تدل على ازيد منه(١٠) .

(ولوليها الاجباري) الذي بيده عقدة النكاح اصالة وهو الاب والجد له بالنسبة إلى الصغيرة (العفو عن البعض) اي بعض النصف

___________________________________

(١) وهي خياطة الثوب.

(٢) اي لما يريده الزوج من ان يصنع بالفضة.

(٣) اي على ذلك التفصيل الذي سلمه الزوج اياها.

(٤) اي يستحب للزوجة قبل الدخول أن تعفو عن مهرها اجمع.

(٥) النساء: الآية ٢٣٧.

(٦) اي بصحة العفو.

(٧) سواء كان عينا ام دينا.

(٨) المشار اليها في الهامش ٥.

(٩) ا ي رد العفو إلى الاصول الشرعية احسن، لان معناه مختلف في العين والدين. فالعفو في العين هي (الهبة)، وفي الدين (الاسقاط) او (الابراء).

(١٠) اي لا يدل على ازيد من العفو بالمعاني الشرعية.

٣٥٥

الذي تستحقه بالطلاق قبل الدخول(١) ، لان عفو الولي مشروط بكون الطلاق قبل الدخول، (لا الجميع)، واحترز بالاجباري عن وكيل الرشيدة فليس له العفو مع الاطلاق(٢) ، في اصح القولين. نعم لو وكلته في العفو جاز قطعا، وكذا وكيل الزوج في النصف الذي يستحقه بالطلاق.

(الثانية لو دخل قبل دفع المهر كان دينا عليه وان طالت المدة) للاصل، والاخبار(٣) ، وما(٤) روي(٥) من ان الدخول يهدم العاجل، او ان طول المدة يسقطه شاذ لا يلتفت اليه، او مأول بقبول قول الزوج في براء‌ته من المهر لو تنازعا.

(والدخول) الموجب للمهر تاما (هو الوطء) المتحقق بغيبوبة الحشفة، او قدرها من مقطوعها. وضابطه ما اوجب الغسل (قبلا او دبرا، لا مجرد الخلوة) بالمراة وارخاء الستر على وجه ينتفي معه المانع من الوطء على اصح القولين،

___________________________________

(١) راجع الوسائل كتاب الوكالة باب ٧ الحديث ١. وكتاب النكاح باب ٥٢ من ابواب المهور الحديث ٢. فهذان الحديثان يقيدان الآية الكريمة المشار اليها في الهامش رقم ٥ ص ٣٥٥. حيث إنها مطلقة ليس فيها تقييد بالبعض، ولا تعميم للكل.

(٢) اي مع اطلاق الوكالة عن جانب المرأة.

(٣) الوسائل كتاب النكاح باب ٨ من ابواب المهور الاحاديث.

(٤) مبتداء خبره (شاذ) اي ماروي من أن دخول الزوج بزوجته، او طول مدة الزوجية موجب لبطلان حق الزوجة بالنسبة إلى مهرها المعجل فهو شاذ لايلتفت اليه.

(٥) الوسائل كتاب النكاح باب ٨ من ابواب المهور الحديث ٦.

٣٥٦

والاخبار في ذلك(١) مختلفة، ففي بعضها(٢) أن وجوبه اجمع متوقف على الدخول، وفي اخرى(٣) بالخلوة، والاية(٤) ظاهرة في الاول(٥) ومعه(٦) مع ذلك(٧) الشهرة(٨) بين الاصحاب،

___________________________________

(١) اي في أن المهر يثبت بمجرد الخلوة، او بالدخول.

(٢) اي ففي بعض تلك الاخبار أن وجوب المهر اجمع متوقف على الدخول راجع الوسائل كتاب النكاح باب ٥٥ من ابواب المهور الحديث ١. فهذا الحديث يدل على عدم وجوب المهر على الزوج بمجرد الخلوة واللمس بل لابد من الوقاع والجماع.

(٣) اي وفي بعض الاخبار الاخر أن وجوب المهر اجمع متوقف على الخلوة ففط راجع الوسائل نفس المصدر الحديث ٢. فهذا الحديث يدل على ان الخلوة بالزوجة، واغلاق الباب، وارخاء الستار موجب للمهر اجمع.

(٤) وهو قوله تعالى:( وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن ) النساء: الآية ٢٣٧ حيث إنها ظاهرة في (الاول) وهو الدخول، لظهورها في وجوب نصف المهر على الزوج بالطلاق قبل الدخول. فتمامه متوقف على المس وهوالدخول.

(٥) وهو وجوب المهر اجمع بالدخول.

(٦) اي ومع القول الاول وهو (وجوب المهر اجمع بالدخول).

(٧) اي ومع ظهور الآية الكريمة في وجوب نصف المهر على الزوج اذا طلق قبل الدخول، وتمامه بالدخول فالشهرة بين الاصحاب ايضا مع هذا القول.

(٨) بالرفع مبتداء مؤخر، خبره (ومعه) اي ومع القول الاول الذي هو (وجوب المهر اجمع بالدخول) الشهرة بين الاصحاب كذلك اي أن الدخول موجب للمهر اجمع.

٣٥٧

وكثرة(١) الاخبار.

(الثالثة لو ابرأته من الصداق ثم طلقها قبل الدخول رجع) عليها بنصفه(٢) )، لانها حين الابراء كانت مالكة لجميع المهر ملكا تاما، وما يرجع(٣) اليه بالطلاق ملك جديد، ولهذا كان نماؤه لها(٤) فاذا طلقها رجع عليها بنصفه(٥) .

___________________________________

(١) بالرفع عطفا على الشهرة اي ومع القول الاول وهو (ان الدخول موجب لجميع المهر)،: الاخبار الكثيرة الدالة عليه. راجع الوسائل كتاب النكاح باب ٥٥ من ابواب المهور الاخبار حيث تجدها هناك مصرحة بان وجوب المهر بتمامه متوقف على الدخول، لا بمجرد الخلوة، واغلاق الباب، وارخاء الستار.

(٢) اي بنصف المهر.

(٣) بصيغة المعلوم ومرجع الضمير في اليه (الزوج). والفاعل في يرجع (ما الموصولة). والباء في بالطلاق سببية. والمعنى: ان الذي يرجع إلى الزوج هو نصف المهر، والذي حصل له بسبب الطلاق قبل الدخول انما هو ملك جديد له لا ربط له بالصداق الذي حصل له بالابراء من ناحية الزوجة، لان رجوع نصف المهر إلى الزوج كان بحكم الشارع في قوله: (من طلق ولم يدخل فله نصف المهر).

(٤) مرجع الضمير (الزوجة). واللام في (ولهذا) تعليل لكون الزوجة مالكة لجميع المهر ملكا تاما بنفس العقد. فالمعنى أن الزوجة بما انها تملك المهر ملكا تاما فنماؤه لها ان كان هناك نماء وإن طلقت قبل الدخول.

(٥) اي بنصف المهر.

٣٥٨

كما لو صادفها(١) قد اتلفته، فان تصرفها فيه(٢) بالابراء بمنزلة الاتلاف فيرجع(٣) بنصفه، وكذا لو كان(٤) عينا ووهبته اياها(٥) ثم طلقها فانه يرجع عليها(٦) بنصف القيمة. ويحتمل ضعيفا(٧) عدم الرجوع في صورة الابراء، لانها لم تاخذ منه مالا، ولا نقلت اليه الصداق(٨) لان الابراء اسقاط، لا تمليك، ولا اتلفته عليه كما لو رجع الشاهدان بدين في ذمة زيد لعمرو بعد(٩)

___________________________________

(١) مرجع الضمير (الزوجة). ومرجع الضمير في اتلفته (الصداق). هذا تنظير لرجوع الزوج في نصف المهر في صورة الابراء اي كما أن الزوج يرجع بنصف المهر لو طلقها قبل الدخول وابرأته من الصداق. كذلك يرجع بنصف المهر لو اتلفت الزوجة الصداق بهبة، او وقف مثلا.

(٢) اي تصرف الزوجة في المهر.

(٣) اي الزوج بنصف المهر.

(٤) اي الصداق.

(٥) اي العين. والفاعل في وهبت (الزوجة) ومرجع الضمير في وهبته (الزوج).

(٦) اي على الزوجة. وحاصل المعنى: ان الزوج يرجع على الزوجة بنصف قيمة العين لو وهبت العين له وطلقها الزوج قبل الدخول.

(٧) بل قويا.

(٨) لا بالهبة، ولا بالتمليك، ولا بالهدية، ولا بغير هذه الامور.

(٩) الظر ف متعلق ب‍ (رجع): اي رجوع الشاهدين كان بعد حكم الحاكم على زيد بادانته لعمرو.

٣٥٩

حكم الحاكم عليه، وقبل(١) الاستيفاء وكان قد ابرء المشهود(٢) عليه فانه(٣) لا يرجع على الشاهدين بشئ. ولو كان الابراء اتلافا على من(٤) في ذمته لغرما له. والفرق واضح(٥) فان حق المهر ثابت حال الابراء في ذمة الزوج ظاهرا وباطنا فاسقاط الحق بعد(٦) ثبوته متحقق، بخلاف مسألة الشاهد فان الحق لم يكن ثابتا كذلك(٧) فلم تصادف البراء‌ة حقا يسقط بالابراء.(٨)

___________________________________

(١) الظرف متعلق ايضا ب‍ (رجع): اي كان رجوع الشاهدين قبل استيفاء عمرو طلبه من زيد.

(٢) بنصب (المشهود) بناء على انه مفعول لابرء. والفاعل في ابرأ ضمير المشهود له الذي هو الدائن: اي وكان رجوع الشاهدين عن شهادتهما بعد حكم الحاكم على زيد بانه مدين لعمرو. وقبل استيفاء عمرو طلبه منه وقد ابرأ عمرو زيدا من طلبه.

(٣) اي المشهود عليه الذي هو المدين.

(٤) الجار متعلق بالابراء. اي لو كان الابراء على من كان الدين في ذمته إتلافا اي تصرفا من المبرء في المال. لكان الواجب رجوع المدين على الشاهدين.

(٥) هذا جواب من (الشهيد الثاني) قد س سره عن تنظير الابراء من الزوجة عن صداقها برجوع الشاهدين عن شاهدتهما.

(٦) الظرف متعلق بقول الشارح: (متحقق): اي اسقاط الحق تحقق بعد أن كان ثابنا في ذمة الزوج بنفس العقد ظاهرا وباطنا.

(٧) اي ظاهرا وباطنا، بل إنما ثبت ظاهرا بحكم الحاكم.

(٨) اي في صورة شهادة الشاهدين بأن زيدا مدين لعمرو. وفي ماافاده (الشهيد الثاني)قدس‌سره في هذا المقام نظر، اذ من الممكن أن زيدا مدين لعمرو في الواقع، وان المشهود له والمشهود عليه يعلمان الواقع. اللهم إلا أن يقال: أن فرض المسألة هذه في صورة بطلان دعوى عمرو على زيد وأنه لايطلب شيئا منه.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486