مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة الجزء ٥

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة25%

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 228

الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 228 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135095 / تحميل: 8981
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة الجزء ٥

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

مُقدِّمة مركز الدراسات الإسلاميّة

التابع لممثليّة الولي الفقيه في حرس الثورة الإسلامية

الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، ودليلاً على نعمه وآلائه. والصلاة والسلام على أشرف الخلائق محمّد وآله الطيِّبين الطاهرين.

وبعد:

فهذا الكتاب: (وقائع الطريق من كربلاء إلى الشام) هو الجزء الخامس من دراستنا التاريخية التفصيليّة الموسعة، الموسومة بـ (مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة)، نُقدّمه إلى القُرّاء الكرام، والمحقّقين الأفاضل؛ لينضمّ إلى مجموعة الأجزاء الصادرة من هذه الموسوعة من قبْله، وهي:

١ - الإمام الحسينعليه‌السلام في المدينة المنوّرة.

٢ - الإمام الحسينعليه‌السلام في مكّة المكرّمة.

٣ - وقائع الطريق من مكّة إلى كربلاء.

٤ - الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء.

وكتابنا هذا (الجزء الخامس) يواصل مُتابعة حركة أحداث النهضة الحسينية، ما بعد استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام ، وقراءة ما جرى على بقيّة أهل البيتعليهم‌السلام - في حركة الركب الحسيني من كربلاء إلى الكوفة، ثمّ منها إلى الشام - قراءة تحليلية نقديّة، تتلمس الاستفسار والإجابة الصحيحة عن كلّ مُشكل مُهمّ في مسار هذه المتابعة.

٥

ولا ندّعي شططاً إذا قلنا - كما قلنا بحقّ الأجزاء السابقة -: إنّ هذا الكتاب، قد حوى من التحقيقات والنظرات والإشارات الجديدة، ما وفّقه لسدّ جملة من ثغرات كثيرة، في تاريخ النهضة الحسينية المقدّسة، كانت قبل ذلك مُبهمة غامضة، لم تنل قسطها اللازم من التحقيق، ولم تتوفّر الإجابة الوافية بشأنها.

وهنا لابدّ من أن نتقدّم بالشكر الجزيل إلى مؤلّف هذا الجزء، سماحة الشيخ المحققّ محمّد جعفر الطبسي؛ لِما بذله من جهد كبير، في إعداد مادّة هذا البحث القيّم.

ويحسن هنا - أيضاً - أن نُنوِّه، أنّ سماحة المؤلّف قد تكفّل من قبل، ببحث حركة أحداث (المقتل) وإعداد مادّة بحثه ضمن الجزء الرابع، كما حقّق كتاب (إبصار العين في أنصار الحسينعليه‌السلام ) للمرحوم الشيخ المحققّ محمّد السماوي، والذي صدر - هو الآخر - عن مركزنا هذا، ولشيخنا المؤلّف مؤلَّفات أُخرى أيضاً(١) .

كما ينبغي هنا، أن نتقدّم بالشكر الجزيل إلى فضيلة الأستاذ المحقّق علي الشاوي، الذي تولّى العناية بهذا البحث، مُراجعةً ونقداً، وتنظيماً وتكميلاً، كعنايته من قبل بالأجزاء: الثاني، والثالث، والرابع - فضلاً عن تأليفه الجزء الأوّل من هذه الموسوعة - داعين له بمزيد من الموفقيّة في ميدان التحقيق ومؤازرة المحقّقين.

مركز الدراسات الإسلامية          

التابع لممثليّة الولي الفقيه في حرس الثورة الإسلامية

____________________

(١) منها: رجال الشيعة في أسانيد السنّة (مجلّد واحد)، وتحقيق كتاب مسالك الإفهام إلى تنقيح شرايع الإسلام - من الطهارة إلى المضاربة (٤ مجلّدات) - وكان الشيخ المؤلّف أيضاً أحد مجموعة المحقّقين الذين قاموا بإنجاز موسوعة (مُعجم أحاديث المهديعليه‌السلام ).

٦

مُقدِّمة المؤلّف

(الدور التبليغي المتمِّم للنهضة المقدَّسة)

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريّته محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى أهل بيته الطاهرين، سيّما سيّد شباب أهل الجنّة الإمام الحسينعليه‌السلام .

لا شكّ ولا ريب، في أنّ الدَّور التبليغي، الذي قمْنَ به النساء عامّة، قبل وحين وبعد واقعة الطف، وعقائل الوحي خاصة، كان له أكبر الأثر والدَّور في توعية الناس وتعريفهم بحقيقة الأمور.

وبدأ هذا الدور من الكوفة، عند ورود سفير الحسينعليه‌السلام ، وخذلان أهلها إيّاه إلاّ المرأة التي كانت تُسمّى (طوعة) رضي الله عنها، حيث سمحت لنفسها أن تُدخِل مسلماً دارها وتُضيّفه بأحسن وجه.

ثمّ تلك المرأة التي تأمر ولدها أن ينصر الإمامعليه‌السلام وتقول له:

اُخرج فقاتل بين يدي ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى تُقتل.

فقال: أفعل.

فخرج. وقال له الحسينعليه‌السلام :(هذا شابٌّ قُتِل أبوه، ولعلّ أمّه تكره خروجه) .

فقال الشابّ: إنّ أمّي أمرتني يا بن رسول الله(١) .

____________________

(١) راجع مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي ٢٥:٢.

٧

وفي هذا الإطار - إطار الفداء والتضحية - يذكر تاريخ كربلاء: أنّ أُمّ وهب بن عبد الله بن حبّاب الكلبي كانت في كربلاء، وكانت تُخاطب ولدها: قمّ يا بني، فانصر ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . فلم يزل يُقاتل ثمّ قُطعت يداه، وأخذت امرأته عموداً وأقبلت نحوه وهي تقول: فداك أبي وأمّي! قاتل دون الطيِّبين حُرَم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبعد أن قُتل ذهبت إليه تمسح الدم عن وجهه، فبصر بها شمْر، فأمر غلاماً له، فضربها بعمود كان معه فشدخها وقتلها وهي أوّل امرأة قُتلت في عسكر الحسينعليه‌السلام (١) .

ولم تزل المرأة الحسينية الغيورة تبدي وفاءها لسيّد شباب أهل الجنّةعليه‌السلام ، ففي يوم عاشوراء، وبعدما قُتِل ريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأخذ العدوّ يهجم على بنات العترة ويسلب النساء، وقفت امرأة من بكر بن وائل، وصرخت في وجوه آل بكر، وهي تقول: أتُسلبُ بنات رسول الله؟! لا حُكم إلاّ لله! يا لثارات المصطفى(٢) .

إنّ شعار (يا لثارات المصطفى)، الذي رفعته هذه المرأة من قبيلة بكر بن وائل شعارٌ مُهمٌّ جدّاً تأريخياً وسياسياً؛ ذلك لأنّ هذه المرأة الغيورة، أدركت أنّ حقيقة المواجهة هي بين الأُموية المنافقة وبين الإسلام الذي جاء به المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وهذا أوّل خيوط الفتح الحسيني، وهو فصل الأُموية عن الإسلام.

وعندما سلب مالك بن نسر (بشير) الكندي بُرنس الإمامعليه‌السلام ، وأتى به إلى أهله؛ لتَغسله، قالت له زوجه - أمّ عبد الله بنت الحارث -: أتَسلُب ابن بنت رسول

____________________

(١) راجع: البحار: ١٦:٤٥ - ١٧، وفي الملهوف لابن طاووس ١٦١: وخرج وهب بن حباب الكلبي وكان معه زوجته ووالدته.

(٢) راجع: مُثير الأحزان: ٧٧، ومقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٣٠١، والمجالس الفاخرة: ٢٣٦، والفتوح: ٥: ١١٧.

٨

الله بُرنسه وتدخل بيتي؟! اُخْرُج عنّي حشا الله قبرك ناراً!(١) .

هذا البحث له مصاديق مليئة في واقعة الطفّ، لسنا بصدد استيعابها.

دَور نسوة بني هاشم:

وأمّا دَور نساء بني هاشم - أعمّ من العقيلة زينب وفاطمة بنت الحسينعليه‌السلام وأمّ كلثوم - فلهنّ كلّ الدَّور في تبليغ الرسالة الخالدة، التي كُنَّ يستشعرن مسؤوليتهنّ في وجوب الدفاع عنها.

إنّ الشيء المهمّ الذي كان بنو أُميّة يهتمُّون به، هو أن يُعرّفوا للنّاس الإمام الحسينعليه‌السلام أنّه رجل خارجي، خرج على يزيد في العراق، وسعى ليشُقَّ عصا الطاعة، وليُفرّق كلمة الأمّة كان الأُمويون يسعون لترسيخ هذه الفكرة في النفوس الضعيفة بعد واقعة كربلاء.

وكان يزيد وعبيد الله بن زياد، يُصرّان عامدَين على وصف الإمامعليه‌السلام بأنّه كذّاب

فهذا عبيد الله بن زياد يُخاطب الأسرى من بني هاشم في قَصره، ويقول: بأنّ الله نصر يزيد وقتل الكذّاب.

فتقوم زينبعليها‌السلام وتقول - ردّاً على أراجيفه -:

الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وطهّرنا من الرّجس تطهيراً، وإنّما يُفتضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو غيرنا والحمد لله(٢) .

من ثَمّ ننتقل لهاتين الفكرتين: فكرة بني أُميّة، بأنّ الحسينعليه‌السلام كاذب في دعواه! وفكرة العقيلة زينبعليها‌السلام ، بأنّ الإمامعليه‌السلام من شجرة أهل بيت طهّرهم الله تطهيراً.

____________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام للخوارزمي: ٣٤:٢.

(٢) الإرشاد: ١١٥:٢، تذكرة الخواص: ٢٣٢، اللهوف: ٢٠١، إعلام الورى: ٤٧١:١.

٩

فنرى أنّ زينب (سلام الله عليها) بعد واقعة الطفّ، قامت بكلّ وجودها أمام الطُّغاة من بني أُميّة؛ لتكشف النقاب عن تلك الوجوه الممسوخة، ولتُثبت للناس بأنّ الحسين ابن بنت رسول الإسلامعليهما‌السلام ، وليس كما يزعم الناس بأنّه خارجي خرج على يزيد.

والجدير بالذِّكْر، أنّ عمّال بني أُميّة حينما حملوا رؤوس شهداء الطفّ مع السبايا إلى الشام، كانوا كثيراً ما يقولون للنّاس: بأنّ الحسينعليه‌السلام خارجي خرج على يزيد(١) . وبهذا أرادوا قلْب الحقائق للناس، وقد حقّقوا بالفعل تلك النتيجة، ولكن لفترة قصيرة جدّاً.

مواصلة الرسالة التبليغية في دمشق:

كانت دمشق تُعَدُّ مركزاً أساسياً لبني أُميّة؛ إذ كان يزيد قد اتّخذها عاصمة له، وكان قد أمر بجمع الناس، وأدخلوا سبايا الحسينعليه‌السلام بوضع فجيع، وكان يزيد يُريد أن يستثمر تلكم الحال ضدّ أهل البيتعليهم‌السلام ، لكنّ زينبعليها‌السلام أدّت رسالتها الخالدة، فقامت في نفس المجلس، وهوت إلى جَيبها فشقّته!! ثمّ نادت بصوت حزين يُقرح القلوب:يا حسيناه! يا حبيب المصطفى! يا بن فاطمة الزهراء!

يقول الراوي: فأبكت - والله - كلّ مَن كان حاضراً في المجلس! ويزيد ساكت!(٢) .

وفي الشام أيضاً يروي الشيخ الصدوق (ره) عن فاطمة بنت عليّعليها‌السلام (٣) ، أنّها قالت: (لما أُجْلِسنا بين يدي يزيد بن معاوية، رقّ لنا أوّل شيء وألطفنا، ثمّ إنّ رجلاً

____________________

(١) راجع البحار: ٤٥: ١١٤.

(٢) اللهوف: ٢١٣ وعنه في نفس المهموم: ٤٤٢.

(٣) قال المزِّي: فاطمة بنت علي بن أبي طالب القرشية الهاشمية، وهي فاطمة الصغرى، توفِّيت سنة سبع عشرة ومئة. (راجع: تهذيب الكمال: ٣٥: ٢٦١، رقم ٧٩٠٣).

١٠

من أهل الشام أحمر قام إليه فقال: يا أمير المؤمنين، هَبْ لي هذه الجارية تُعينني - وكنتُ جارية وضيئة - فأُرعبت وفَرِقت وظننت أنّه يفعل ذلك! فأخذتُ بثياب أُختي وهي أكبر منِّي وأعقل، فقالت:كذبتَ - والله - ولُعنتَ ما ذاك لك ولا له.

فغضب يزيد فقال: بل كذبتِ! والله، لو شئت لفعلته.

قالت:لا والله، ما جعل الله ذلك لك، إلاّ أن تخرج من ملّتنا وتدين بغير ديننا.

فغضب يزيد، ثم قال: إياي تستقبلين بهذا؟! إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك.

فقالت:بدين الله ودين أبي وأخي وجدّي اهتديت، أنت وجدّك وأبوك.

قال: كذبتِ يا عدوّة الله.

قالت:أميرٌ يشتم ظالماً ويقهر بسلطانه.

قالت: فكأنّه لعنه الله استحيى، فسكت ...)(١) .

فزينب حقّاً من أبرز مصاديق( الّذِينَ يُبَلّغُونَ رِسَالاَتِ اللّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاّ اللّهَ ) (٢) ، فهي لم تخَفْ من أحدٍ في مجالس الحُكّام الطغاة، وكان هدفها إيصال الرسالة المجيدة بأحسن وجه وصورة، ولقد استطاعت أن تُبلّغ رسالات الله إلى أعداء الله من بني أُميّة، فهذا الصراخ والعويل استطاع أن يُغيّر كلّ شيء! وما استطاع العدوّ أن يصل إلى أهدافه الشرّيرة!

إذن؛ لنا أن نقول: لولا وجود زينب، وأمّ كلثوم، وفاطمة بنت الحسين(٣) ، ولولا

____________________

(١) أمالي الصدوق: ١٣٩، المجلس ٣١، ح ٢، الإرشاد ٢: ١٢١.

(٢) سورة الأحزاب: الآية ٣٩.

(٣) قال المزّي: (فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، القرشية الهاشمية المدنيّة، أخت علي =

١١

خُطَبهنّ الساخنة في الكوفة والشام؛ لأخمد بنو أميّة صوت العدالة الإنسانية، التي رفعها الإمام الحسينعليه‌السلام في كربلاء يوم عاشوراء، بحيث لم يبقَ شيء اسمه كربلاء ولا حسينعليه‌السلام إلى يومنا هذا!

الإمام السجّاد ودَوره في كربلاء:

لا شكّ في أنّ عليّ بن الحسينعليه‌السلام كان مريضاً في كربلاء؛ وذلك لمصالح أشرنا إلى بعضها في هذا الكتاب، ولكنّ ما تجدر الإشارة إليه هو الدور الإعلامي والتبليغي، الذي قام به الإمام السجّادعليه‌السلام بعد قتل أبيه الإمام الحسينعليه‌السلام ؛ للتعريف بالنهضة الحسينية خلال خطاباته في الكوفة والشام.

فقد كانعليه‌السلام في الكوفة جنْباً إلى جنْب مع عمّته العقيلة زينبعليها‌السلام في الدفاع عن كيان النهضة الحسينية، ومواجهة الإعلام الأُموي الكاذب، الذي كان مُنتشراً في آفاق العالم ضدّ أهل البيتعليهم‌السلام .

فحينما دخل الكوفة مع الأسرى، ورأى أهلها يضجّون ويبكون، خاطبهم قائلاً:(أتَنوحون وتبكون من أجلنا؟! فمَن قتلنا؟!) (١) .

ويقفعليه‌السلام أمام الحشود الكثيرة في الكوفة؛ ليؤدّي رسالته الخالدة، فيقول:(أيّها الناس، مَن عرفني فقد عرفني، ومَن لم يعرفني فأنا أُعرّفه بنفسي، أنا عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذُحل ولا تِرات! أنا ابن مَن انتُهك حريمه، وسُلب نعيمه، وانتُهب ماله، وسُبي عياله! أنا ابن مَن قُتل صبراً وكفى بذلك فخراً ...

____________________

= بن الحسين زين العابدين وكانت فيمَن قدم دمشق بعد قتل أبيها، ثمّ خرجت إلى المدينة.) (راجع: تهذيب الكمال: ٣٥: ٢٥٤: رقم ٧٩٠١).

(١) البحار: ٤٥: ١٠٨ عن اللهوف: ١٩٢.

١٢

فتبّاً لِما قدّمتم لأنفسكم وسوءاً لرأيكم! بأيّة عين تنظرون إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذ يقول لكم: قتلتم عترتي، وانتهكتم حُرمتي، فلستم من أمّتي؟!) (١) .

كانت هذه الكلمات تصدر عنهعليه‌السلام ، والإمام الحسينعليه‌السلام كان ما يزال مطروحاً في أرض المعركة! لقد أراد الإمام السجّادعليه‌السلام أن يوجِّه أنظار الكوفيين إلى عُظم الجُرم الذي ارتكبه بنو أُميّة؛ وليقف بكلّ وجوده أمام دعوى أنّ الحسينعليه‌السلام خارجي خرج على يزيد، ويُعرِّف أباه الإمام الحسينعليه‌السلام بأنّه ليس كما يزعم بنو أُميّة، بل هو من أهل بيت النبّوة ومعدن الرسالة.

الإمام السجّاد في مجلس الطاغية ابن زياد:

لما أُدخل الإمامعليه‌السلام مع أسرى أهل بيت النبّوة، على عبَيد الله بن زياد في الكوفة، وكانعليه‌السلام مغلولاً بالحبْل(٢) ، وأراد الملعون قتْله، ودارت المشاجرة بين زينب وابن زياد، قالعليه‌السلام لعمّته زينبعليها‌السلام :(اسكُتي - يا عمّة - حتّى أُكلِّمه) .

ثمّ أقبل إليه فقال:(أبالقتل تُهدّدني يا ابن زياد؟! أما علمت أنّ القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة؟!) (٣) .

بهذا المنطق وقفعليه‌السلام أمام تفرْعُن ابن زياد وتجبّره وطغيانه ...

____________________

(١) اللهوف: ١٩٩.

(٢) قال الخوارزمي في (مقتل الحسينعليه‌السلام : ٢: ٤٥): وساق القوم حُرَم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما تُساق الأُسارى، حتى إذا بلغوا بهم الكوفة وعليّ بن الحسين مريض، مغلول مُكبّل بالحديد قد نهكته العلّة ...).

(٣) راجع: اللهوف: ٢٠٢.

١٣

الإمام السجاد في الشام:

دعا يزيد بن معاوية خاطِبه وأمره أن يصعد المنبر، فصعد الخاطب، فذمّ الإمام الحسينعليه‌السلام ، وبالغ في ذمّ أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام ، فقام إليه الإمام السجّادعليه‌السلام وقال له:(ويلك! أيُّها الخاطب، اشتريت مَرضاة المخلوق بسخط الخالق، فتبوّأ مقعدك من النار!) (١) .

أمّا في مجلس يزيد فيقول الخوارزمي: (فتقدّم عليّ بن الحسين، حتّى وقف بين يدي يزيد وقال:

لا تطمعوا أن تُهينونا ونُكرمكم

وأن نكفَّ الأذى عنكم وتؤذونا

فالله يـعـلم أنّـا لا نُـحبُّكم

ولا نـلومكم إن لـم تُـحبّونا

فقال يزيد: صدقت! ولكن أراد أبوك وجدّك أن يكونا أميرَين، فالحمد لله الذي قتلهما وسفك دماءهما!

ثمّ قال: يا عليّ، إنّ أباك قطع رحِمي، وجهل حقّي، ونازعني في سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت!(٢) .

وفي تفسير علي بن إبراهيم القمِّي: قال الصادقعليه‌السلام :(لما أُدخل رأس الحسين عليه‌السلام على يزيد لعنه الله، وأُدخل عليه علي بن الحسين عليه‌السلام وبنات أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكان علي بن الحسين مُقيَّداً مغلولاً، فقال يزيد: يا علي بن الحسين، الحمد لله الذي قتل أباك. فقال علي بن الحسينعليه‌السلام :لعن الله مَن قتل أبي . قال: فغضِب يزيد وأمر بضرب عُنقه عليه‌السلام . فقال علي بن الحسينعليه‌السلام :فإذا قتلتني فبنات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مَن يردُّهم إلى منازلهم وليس لهم محرَم غيري؟ فقال: أنت تردُّهم إلى منازلهم. ثمّ دعا بمُبرد، فأقبل يبرد الجامعة من عنقه ليَده. ثمّ قال له: يا علي بن الحسين، أتدري ما الذي أريد

____________________

(١) راجع: اللهوف: ٢١٩.

(٢) مقتل الحسين للخوارزمي ٢/٧٠.

١٤

بذلك؟ قال:بلى تُريد أن لا يكون لأحد عليَّ منّة غيرك . فقال يزيد: هذا - والله - ما أردت فِعله. ثمّ قال يزيد: يا علي بن الحسين:( مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) . فقال علي بن الحسينعليه‌السلام :كلاَّ، ما هذا فينا نزلت، إنّما نزلت فينا: ( مَا أَصَابَ مِن مُصِيَبةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مِن قَبْلِ أَن نَبْرَأَهَا إِنّ ذلِكَ عَلَى‏ اللّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى‏ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) ، فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا ولا نفرح بما آتانا) (١) .

قال الخوارزمي: فقال علي بن الحسينعليه‌السلام :

(يا بن معاوية وهند وصخر! لم تزل النبّوة والإمرة لآبائي وأجدادي من قبل أن تولَد، ولقد كان جدّي عليّ بن أبي طالب في يوم بدر وأُحد والأحزاب، في يده راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبوك وجدّك في أيديهما رايات الكفّار) .

ثمّ جعل عليّ بن الحسينعليه‌السلام يقول:

مـاذا تقولون إذ قال النبيّ لكم

مـاذا فـعلتم وأنتم آخِر الأُمم

بـعـترتي وبأهلي بعد مُفتقدي

منهم أُسارى ومنهم ضُرِّجوا بدم

ثمّ قال عليّ بن الحسينعليه‌السلام :

(ويلك! يا يزيد، إنّك لو تدري ماذا صنعت، وما الذي ارتكبت من أبي وأهل بيتي وأخي وعمومتي، إذن لهربت إلى الجبال، وافترشت الرمال، ودعوت بالويل والثبور، أيكون رأس أبي الحسين بن عليّ وفاطمة منصوباً على باب مدينتكم وهو وديعة رسول الله فيكم؟! فأبشر - يا يزيد - بالخزي والندامة! إذا جُمع الناس غداً ليوم القيامة!) (٢) .

____________________

(١) تفسير علي بن إبراهيم القمِّي ٢/٣٥٢.

(٢) مقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي: ٢: ٧٠.

١٥

تلك المواقف البطولية، هي التي استطاعت أن تقف أمام التيّارات الهدّامة، فبنو أُميّة أرادوا مسخ الإسلام الأصيل، وتوهّموا أنّهم بلغوا ذلك الهدف بقتل سيّد شباب أهل الجنّةعليه‌السلام !

ولكنّ مواقف السيّدة زينب، وأمّ كلثوم وفاطمة بنت الحسين سلام الله عليه وعليهنّ، وعلى رأسهم سيّد الساجدينعليه‌السلام منعت العدوّ من أن يصل إلى هدفه الشيطاني.

وهذا الكتاب

يتناول الوقائع المؤلمة بعد مقتل سيد الشهداءعليه‌السلام ، حتى ورود الركْب الحسيني أرض الشام.

والبحث في مقصدين.

المقصد الأوّل: ويشتمل على استدراك ما فات في المجلّد الرابع، غير ما ذكرناه هناك، وهو يكون على فصلَين:

الفصل الأوّل: ويشتمل على آيات وتجلّيات الغضب الإلهي في السماء والأرض؛ لمقتل سيد الشهداءعليه‌السلام .

الفصل الثاني: ويشتمل على الوقائع المتأخّرة عن قتلهعليه‌السلام .

المقصد الثاني: ويشتمل على وقائع الطريق حتى ورود الركب الحسيني أرض الشام، وهو يكون على فصلين:

الفصل الأول: ويشتمل على وقائع حركة الركب الحسيني من كربلاء إلى الكوفة، والأحداث التي جرت على أهل البيت في الكوفة نفسها.

الفصل الثاني: ويشتمل على وقايع حركة الركب الحسيني من الكوفة إلى الشام.

نسأل الله أن يوفِّق الجميع لخدمة الدين الحنيف، إنّه سميع الدعاء.

محمّد جعفر الطبسي

١٦

المقصد الأوّل

وهو يشتمل على استدراك ما فات في المجلّد الرابع غير ما ذكرناه هناك ويشتمل على فصلَين:

الفصل الأول

تجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداءعليه‌السلام

١٧

١٨

الفصل الأوّل

تجلّيات الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداءعليه‌السلام

(السلام عليك يا حجّة الله وابن حجّته، السلام عليك يا قتيل الله وابن قتيله، السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره، السلام عليك يا وِتر الله الموتور في السموات والأرض، أشهد أنّ دمك سكن في الخُلد، واقشعرّت له أظلّة العرش، وبكى له جميع الخلائق، وبكت له السموات السبْع والأرضون السبْع، وما فيهنّ، وما بينهنّ، ومَن يتقلّب في الجنّة والنار مَن خلْق ربِّنا، وما يُرى وما لا يُرى ...) (١) .

لقد انعكس الغضب الإلهي لمقتل سيّد الشهداء أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في مرايا عوالم الكائنات في صور منوَّعة عديدة، ولقد رؤيت آيات هذا الغضب الإلهي في عالم الشهادة في السماء وفي الأرض، وفي النبات وفي الحيوان، وفي البحر وفي البَرّ، وعرف بعض الناس علّة هذا الآيات في أقطار، وجهلِها آخرون في أقطار أُخرى.

ويمكننا أن نُتابع - من خلال الآثار الروائيّة - آيات هذا الغضب الإلهي على

____________________

(١) الكافي: ٤: ٥٧٥ - ٥٧٦، ح٢ / وهذا المقطع المبارك جزء من الزيارة التي علّمها الإمام الصادقعليه‌السلام ليونس بن ظبيان، بحضور الحسين بن ثوير، والمفضل بن عمر، وأبي سلمة السرّاج.

١٩

النحو التالي:

الآيات السماوية:

ورد ذكر الآيات السماوية، الكاشفة عن غضب الله تعالى لمقتل الإمام الحسينعليه‌السلام ، في المصادر السنّيّة والشيعيّة، الحديثية والتاريخية على حدٍّ سواء، ولم يتعرّض لإنكارها إلاّ شرذمة قليلون من عديمي الإيمان والمعرفة(١) ، ومن الآثار الروائية والتاريخية في هذا الصدد:

____________________

(١) يقول الكاتب حسين محمّد يوسف في كتابه سيّد شباب أهل الجنّة الحسين بن عليّعليهما‌السلام ، في ص ٥٥٢: (ومن الخرافات والأكاذيب الموضوعة، ما روي عن كسوف الشمس لمقتل ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )، ويقول في ص٥٥٤: (إنّ الاعتقاد أنّ السماء أَمطرت دماً، أو أنّه لم يُرفع حجَر في الشام إلاّ رؤي تحته دم عبيط، أو أنّه لما جيء برأس الحسينعليه‌السلام إلى دار ابن زياد سالت حيطانها دماً، كلّها من عقائد الشيعة الغلاة ومن أباطيلهم!). وادّعى هذا الكاتب أيضاً: (أنّ أكثر هذه الروايات أُخذت من رواية أبي مخنفّ لوط بن يحيى!).

ولا شكّ أنّ هذا الكاتب قد استوحى زعمه الباطل هذا، من كبيرهم الذي علّمهم السحر، وهو ابن كثير المعروف بتخرُّصاته ضدّ الشيعة الإماميّة، وإلاّ، فإنّ أحاديث هذه الآيات السماوية والأرضية، قد رويت في كُتب أهل السنّة عن أئمّة حفّاظ أحاديثهم كابن أبي شيبة، وابن سعد، وابن جرير، وابن عساكر، وابن حجر، وابن الجوزي، بل إنّ ابن كثير نفسه، قد نقل حديث احمرار السماء في تفسيره ولم يقل فيه شيئاً!

إنّ ممّا يُثير العجب، أن تهون فاجعة عاشوراء في أعيُن بعض مَن يُحسبون من المسلمين، في حين تعظم هذه الفاجعة في أعيُن بعض النصارى، ممّن اطّلع على تأريخ المسلمين، كمثل جرجي زيدان، حيث يقول في ص١٧٣ وص١٧٩ من كتابه تأريخ الإسلام: (لو علم القمر بموقع أشعّته تلك الليلة لحبسها؛ ليستر ذلك الجرم الذي لم يُرتكب مثله في تاريخ العمران ولو أدرك ذلك التراب فضاعة ما جرى في ذلك السبت المهول؛ لفضّل الظمأ على الارتواء!).

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

[٩٢١٦] ٢ - وفي بعض نسخه: « إذا أردت الخروج إلى الحج، ودعّت أهلك وأوصيت وقضيت ما عليك من الدين، وأحسنت الوصيّة لأنّك لا تدري كيف يكون، عسى أن لا ترجع من سفرك، ثم صلّ ركعتين وتقول: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة الحزن، اللهم احفظني في سفري، واستخلف لي في أهلي وولدي، [ وردني ](١) في عافية إلى أهلي ورهطي ».

١١ -( باب تحريم العمل بعلم النجوم وتعلّمه، إلّا ما يهتدى به في برّ أو بحر)

[٩٢١٧] ١ - أحمد بن محمد السياري في التنزيل والتحريف: عن البرقي، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبان بن تغلب، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قرأ بنا علي (صلوات الله عليه) في النحر(١) : « وتجعلون(٢) شكركم انكم إذا مطرتم تكذبون » فلما انصرف قال: « إني قد عرفت أنه سيقول قائل منكم: لم قرأ هذا(٣) ؟ قرأتها إنّي(٤) سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يقرأ كذلك، أنّهم كانوا إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله: وتجعلون شكركم إذا مطرتم أنكم تكذّبون ».

__________________

٢ - وفي بعض نسخه وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١١

١ - التنزيل والتحريف ص ٥٩.

(١) في المصدر: الفجر.

(٢) وفيه: أتجعلون.

(٣) وفيه: هكذا.

(٤) وفيه: لأني.

١٢١

[٩٢١٨] ٢ - القطب الراوندي في الخرائج: روي أن في وقعة تبوك أصاب الناس عطش، فقالوا: يا رسول الله، لو دعوت الله لسقانا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لو دعوت الله لسقيت » قالوا: يا رسول الله ادع لنا الله ليسقينا، فدعا فسالت الأودية فإذا قوم على شفير الوادي يقولون: مطرنا بنوء(١) الذراع وبنوء كذا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ألا ترون؟ » فقال خالد: ألا اضرب أعناقهم؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « [ لا هم ](٢) يقولون هكذا، وهم يعلمون أن الله أنزله ».

[٩٢١٩] ٣ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج: عن هشام بن الحكم، قال: سأل الزنديق، أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: ما تقول فيمن زعم أن هذا التدبير الذي يظهر في هذا العالم تدبير النجوم السبعة؟ قالعليه‌السلام : « يحتاجون إلى دليل، إن هذا العالم الأكبر والعالم الأصغر، من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك، وتدور حيث دارت متعبة لا تفتر وسائرة لا تقف، ثم قال: وأنّ كلّ(١) نجم منها موكل مدبر، فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين، فلو كانت قديمة أزليّة لم تتغير من حال إلى حال » قال: فما تقول في علم النجوم؟ قال: « هو علم قلت منافعه وكثرت مضرّاته، لأنه لا يدفع

__________________

٢ - الخرائج ص ٢١.

(١) النوء: النجم إذا مال للمغيب وكانت العرب تقول: مطرنا بنوء كذا: أي مطرنا بطلوع نجم وسقوط آخر والذراع: نجم من نجوم كوكبة الجوزاء.

(لسان العرب ج ١ ص ١٧٥. مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢٢).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - الاحتجاج ص ٣٤٧.

(١) في المصدر: لكل.

١٢٢

به المقدور، ولا يتقى به المحذور، إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإن أخبر هو بخبر لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضادّ الله في علمه بزعمه أنه يردّ قضاء الله عن خلقه » الخبر.

[٩٢٢٠] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي بصير قال: رأيت رجلا يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النجوم، فلما خرج من عنده قلت له: هذا علم له أصل؟ قال: « نعم » قلت: حدثني عنه، قال: « أحدثك عنه بالسعد(١) ولا أحدّثك بالنحس، إن الله جلّ اسمه فرض صلاة الفجر لأول ساعة فهو فرض وهي سعد، وفرض(٢) الظهر لسبع ساعات وهو فرض وهي سعد، وجعل العصر لتسع ساعات وهو فرض وهي سعد، والمغرب لأوّل ساعة من الليل وهو فرض وهي سعد، والعتمة لثلاث ساعات وهو فرض وهي سعد ».

[٩٢٢١] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب الاستخارة: قال: ذكر الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد في كتاب له في العمل(١) ، ما هذا لفظه: دعاء الاستخارة عن الصادقعليه‌السلام ، تقوله بعد فراغك من صلاة الاستخارة تقول:

« اللهم إنك خلقت أقواما يلجؤون إلى مطالع النجوم، لأوقات حركاتهم وسكونهم وتصرفهم وعقدهم، وخلقتني أبرأ إليك من اللجأ

__________________

٤ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ٢٦٥.

(١) في المصدر: بالصعب.

(٢) وفيه: وجعل.

٥ - فتح الأبواب ص ٢٩ وعنه في البحار ج ٩١ ص ٢٧٠ ح ٢٣.

(١) كذا.

١٢٣

إليها، ومن طلب الاختيارات بها، وأتيقن أنّك لم تطلع أحدا على غيبك في مواقعها، ولم تسهل له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، وأنّك قادر على نقلها في مداراتها في مسيرها عن السعود العامة والخاصة إلى النحوس، ومن النحوس الشاملة والمفردة إلى السعود، لأنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، ولأنّها خلق من خلقك وصنعة من صنيعك، وما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله، واستمد(٢) الاختيار لنفسه، وهم أولئك ولا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو »، إلى آخر الدعاء وقد مرّ(٣) في كتاب الصلاة.

١٢ -( باب استحباب افتتاح السفر بالصدقة، وجواز السفر بعدها في الأوقات المكروهة، واستحباب كونها عند وضع الرجل في الركاب)

[٩٢٢٢] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدّق واخرج أيّ يوم شئت ».

[٩٢٢٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « أتى إلى أبي رجل من أصحابه أراد سفرا ليودعه، فقال [ له: إن ](١) أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام ، كان إذا أراد الخروج

__________________

(٢) وفي نسخة: استبد - منه قدس سره -.

(٣) تقدم برقم ٧ من الباب ١ من أبواب صلاة الاستخارة.

الباب ١٢

١ - الهداية ص ٤٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٤

إلى بعض أمواله، اشترى سلامته من الله بما تيسّر، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب، فإذا (سلّمه الله)(٢) وانصرف شكر الله تعالى، وتصدّق(٣) بما تيسر، فودّعه الرجل ومضى، ولم يفعل من ذلك شيئا فعطب في الطريق، فبلغ ذلك أبا جعفرعليه‌السلام فقال: كان(٤) الرجل وعظ لو اتعظ ».

[٩٢٢٤] ٣ - زيد الزراد في أصله قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إذا خرج أحدكم من منزله فليتصدق بصدقة، وليقل: اللهم أظلّني تحت كنفك، وهب لي السلامة في وجهي هذا، ابتغاء السلامة والعافية والمغفرة، واصرف [ عنّي ](١) أنواع البلاء، اللهم فاجعله لي أمانا في وجهي هذا، وحجابا وسترا ومانعا، وحاجزا من كلّ مكروه ومحذور وجميع أنواع البلاء، إنّك وهّاب جواد ماجد كريم، فإنّك إذا فعلت ذلك وقلته، لم تزل في ظل صدقتك، ما نزل بلاء من السماء إلّا ودفعه عنك، ولا استقبلك بلاء في وجهك إلّا وصدّه عنك، ولا أرادك من هوام الأرض شئ من تحتك ولا عن يمينك ولا عن يسارك، إلّا وقمعته الصدقة ».

__________________

(٢) وفيه: سلّم.

(٣) وفيه زيادة: أيضاً.

(٤) وفيه: قد كان.

٣ - كتاب زيد الزرّاد ص ١٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٥

١٣ -( باب استحباب حمل العصا من لوز مرّ في السفر، وما يستحب قراءته حينئذٍ)

[٩٢٢٥] ١ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: روي عن الأئمةعليهم‌السلام أنهم قالوا: « إذا أراد أحدكم ان يسافر فليصحب معه في سفره عصا من شجر اللوز المرّ، وليكتب هذه الأحرف في رقّ، ويحفر العصا ويجعل الرق فيها، وهي: سلمخس وهبه لهوه(١) با. ابنه. باويه صاف(٢) . صسابه هي ».

١٤ -( باب استحباب حمل العصا في السفر والحضر، والصغر والكبر)

[٩٢٢٦] ١ - جامع الأخبار: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من مشى مع العصا في السفر والحضر للتواضع، يكتب له بكل خطوة الف حسنة، ومحا عنه الف سيئة، ورفع له الف درجة ».

١٥ -( باب استحباب صلاة ركعتين أو أربع ركعات، عند إرادة السفر، وجمع العيال، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٢٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن

__________________

الباب ١٣

١ - أمان الأخطار ص ٣٣ باختلاف يسير في رسم الحروف التي في ذيل الحديث.

(١) في نسخة: يهون (منه قدّه).

(٢) وفي نسخة: صاون (منه قدّه).

الباب ١٤

١ - جامع الأخبار ص ١٤١.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٥.

١٢٦

آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « ما استخلف رجل على أهله خليفة إذا أراد سفرا، أفضل من ركعتين يصليهما عند خروجه(١) ، ثم يقول: اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي، وديني [ ودنياي ](٢) وآخرتي، وأمانتي وخاتمة عملي، ولا يفعل ذلك مؤمن إلّا أعطاه الله ما سأل ».

[٩٢٢٨] ٢ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن الحسن بن الحسين أو غيره، عن محمد بن سنان رفعه قال: كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أراد سفرا، قال: « اللهم خلّ سبيلنا، وأحسن سيرنا - أو قال مسيرنا - وأعظم عافيتنا ».

[٩٢٢٩] ٣ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في جنّته: بعد ذكر الدعاء المروي في الكافي(١) والمحاسن(٢) ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: ثم قل مولاي(٣) انقطع الرجاء إلّا منك: وخابت الآمال إلّا فيك، أسألك إلهي بحق من حقّه واجب عليك، ممّن جعلت له الحقّ عندك، أن تصلي على محمّد وآل محمد، وأن تقضي حاجتي، ثم ادع بدعاء السفر، فتقول: محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أمامي، وعلي ورائي، وفاطمة فوق رأسي، (والحسن عن يميني، والحسين عن

__________________

(١) في نسخة: الخروج (منه قدس سره).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - المحاسن ص ٣٥٠.

٣ - الجنة الواقية ص ١٨٦.

(١) الكافي ج ٣ ص ٢٨٣ ح ٢

(٢) المحاسن ص ٣٥٠ ح ٣٠.

(٣) في المصدر: يا مولاي.

١٢٧

يساري)(٤) ، وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجّةعليهم‌السلام ، حولي، إلهي ما خلقت خلقا خيرا منهم، فاجعل صلواتي بهم مقبوله، ودعواتي بهم مستجابة، وحوائجي بهم مقضيّة، وذنوبي بهم مغفورة: وآفاتي بهم مدفوعة، وأعدائي بهم مقهورة، وأرزاقي بهم مبسوطة، اللهم صلّ على محمد وآل محمد، تقول ذلك ثلاثا ثم تدعو بكلمات الفرج ».

قال في الحاشية(٥) : هذا دعاء السفر جليل القدر عظيم الشأن، يؤمن(٦) به المسافر، ذكره الشيخ، الأجل الحسين بن محمد بن علي المكيال طاب ثراه، في كتابه عمدة(٧) في الدعوات.

[٩٢٣٠] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا أردت سفرا فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين وقل: اللهم إني أستودعك ديني، ونفسي، وأهلي، وولدي، وعيالي ».

[٩٢٣١] ٥ - الصدوق في المقنع: فإذا أردت الخروج إلى الحج فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين، ومجّد الله كثيرا، وصلّ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وقل: اللهم إني أستودعك اليوم ديني، ونفسي، ومالي، وأهلي وولدي وجيراني، وأهل حزانتي(١) الشاهد منّا والغائب،

__________________

(٤) وفيه: والحسن والحسين عن يساري.

(٥) حاشية جنة الواقية ص ١٨٧.

(٦) في المصدر: يؤمن الله.

(٧) وفيه: عدّة.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦ باختلاف يسير، وعنه في البحار ج ٧٦ ص ٢٣٥ ح ١٧.

٥ - المقنع ص ٦٧.

(١) الحُزانة: بالضم والتخفيف، عيال الرجل الذي يَتَحزّن لهم (مجمع البحرين ج ٦ ص ٢٣٢).

١٢٨

وجميع ما أنعمت به عليّ، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك، وعزّك وعياذك، عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وامتنع عائذك، ولا إله غيرك، توكّلت على الحيّ الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليّ من الذل، وكبره تكبير، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسحبان الله بكرة وأصيلا.

١٦ -( باب استحباب قيام المسافر على باب داره، وقراءة الفاتحة أمامه، وعن يمينه، وعن شماله، وآية الكرسي كذلك، والمعوذتين والاخلاص كذلك، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٣٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام « وإذا أردت الخروج من منزلك فقل: بسم الله: ولا حول ولا قوّة إلّا بالله، توكلت على الله، فإنّك إذا قلت هكذا، نادى ملك في قولك بسم الله: هديت أيّها العبد، وفي قولك لا حول ولا قوة إلّا بالله: وقيت، وفي قولك توكّلت على الله: كفيت، فيقول الشيطان حينئذ: كيف لي بعبد هدي ووقي وكفي؟ واقرأ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) مرّة عن يمينك، ومرّة عن يسارك، ومرّة عن خلفك، ومرّة [ من ](١) بين يديك، ومرّة من فوقك، ومرّة من تحتك، فإنّك تكون في يومك كلّه في أمان الله ».

[٩٢٣٣] ٢ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: وروي أنه إذا وقف على باب داره، سبح تسبيح الزهراءعليها‌السلام وقرأ

__________________

الباب ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - أمان من الأخطار ص ٩٤.

١٢٩

الحمد وآية الكرسي كما قدمناه(١) ، وقال: اللهم إليك وجهت وجهي، وعليك خلفت أهلي ومالي(٢) وما خوّلتني، [ و ](٣) قد وثقت بك فلا تخيبني، يا من لا يخيّب من أراده، ولا يضيع من حفظه، اللهم صلّ على محمد وآل محمد(٤) ، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي يا أرحم الراحمين، اللهم بلغني ما توجّهت له، وسبّب لي المراد، وسخّر لي عبادك وبلادك، وارزقني زيارة نبيّك، ووليك أميرالمؤمنين، والأئمة من ولده، وجميع أهل بيته عليه وعليهم السلام، ومدّني بالمعونة في جميع أحوالي، ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى غيري، فأكلّ واعطب، وزوّدني التقوى، واغفر لي في الآخرة والأولى، اللهم اجعلني أوجه من توجّه إليك.

وتقول أيضا: بسم الله وبالله، وتوكّلت على الله، واستغثت بالله، والجأت ظهري إلى الله، وفوّضت أمري إلى الله، ربّ آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيّك الذي أرسلت، لأنه لا يأتي بالخير إلهي إلّا أنت، [ ولا يصرف السوء إلّا أنت ](٥) عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وتقدّست أسماؤك، وعظمت آلاؤك، ولا إله غيرك.

فقد روي أن من خرج من منزله مصبحا، ودعا بهذا الدعاء، لم يطرقه بلاء حتى يمسي ويؤوب إلى منزله، وكذلك من خرج في السماء ودعا به، لم يطرقه بلاء حتى يصبح ويؤوب إلى منزله.

__________________

(١) في هامش المخطوط: « أي كلّ واحد منهما أمامه وعن يمينه وعن شماله » منه قدّه.

(٢) في نسخة: ومالي وولدي، منه قدّه.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في نسخة: وآله، منه قدّه.

(٥) أثبتناه من المصدر.

١٣٠

[٩٢٣٤] ٣ - الشيخ الطبرسي في كتاب كنوز النجاح: بالسند المتقدم في آخر أبواب وجوب الحج وشرائطه، عن الجواد، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليهم أجمعين)، ممّا علمه من أدعية الوسائل إلى المسائل، المناجاة بالسفر:

« اللهم إني أريد سفرا فخر لي فيه، وأوضح لي سبيل الرأي وفهمنيه، وافتح عزمي بالاستقامة، واشملني في سفري بالسلامة، وافدني به جزيل الحظّ والكرامة، واكلأني فيه بحرز الحفظ والحراسة، وجنبني اللهم وعثاء الأسفار، وسهل لي حزونة الأوعار، واطولي طول انبساط المراحل، وقرّب منّي بُعْدَ نأي المناهل، وباعد في المسير بين خطى الرواحل، حتى تقرب نياط البعيد، وتسهل وعور الشديد، ولقنّي في سفري اللهم نجح طائر الواقية، وهنّئني غنم العافية، وخفير الاستقلال، ودليل مجاوزة الأهوال، وباعث وفور الكفاية، وسانح خفير الولاية واجعله اللهم ربّ سببا عظيم السلم، حاصل الغنم، واجعل اللهم ربّ الليل سترا لي من الآفات، والنهار مانعا من الهلكات، واقطع عني قطع لصوصه بقدرتك، واحرسني من وحوشه بقوتك، حتى تكون السلامة فيه مصاحبتي، والعافية مقارنتي، واليمن سائقي، واليسر معانقي، والعسر مفارقي، والنجح بين مفارقي، والقدر موافقي، والأمن مرافقي، إنّك ذو المن والطول، والقوّة والحول، وأنت على كلّ شئ قدير ».

[٩٢٣٥] ٤ - البحار: عن خط السيد نظام الدين احمد الشيرازي، بأسانيده إلى أبي علي بن الشيخ الطوسي، عن أبيه، عن أبي عبد الله

__________________

٣ - كنوز النجاح ورواه الكفعمي في البلد الأمين ص ٥١٧.

٤ - البحار ٩٥ ص ٣١٥، وسنده في ٣٢٥.

١٣١

الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام، عن الحسين بن زكريا، عن صهيب بن عباد بن صهيب، عن أبيه عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - في حديث طويل - أنه قال: « قال الله تعالى في ليلة أسري بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : يا محمد، ومن أراد الخروج من أهله لحاجة في سفر، فأحبّ أن اؤديه سالما مع قضائي له الحاجة، فليقل حين يخرج [ من بيته ](١) بسم الله مخرجي، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن أخرج خروجي، وقد أحصى علمه ما في مخرجي ومرجعي، توكلت على الإله(٢) الأكبر توكل مفوض إليه امره، مستعين به على شؤونه، مستزيد من فضله، مبرئ نفسه من كلّ حول ومن كلّ قوّة إلّا به، خروج ضرير خرج بضرّه إلى من يكشفه عنه، وخروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، وخروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، وخروج من ربّه أكبر ثقته، وأعظم رجائه، وأفضل أمنيته، الله ثقتي في جميع أموري كلّها، به فيها جميعا استعين، ولا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، اسأل الله خير المخرج والمدخل، لا إله إلّا هو إليه المصير.

فإنه إذا قال ذلك، وجهت له في مدخله ومخرجه السرور، وأديته سالما » الخبر.

وهذا من جملة أدعية السرّ، ولها أسانيد متعددة في كتب الأصحاب.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة: الله (منه قدّه).

١٣٢

[٩٢٣٦] ٥ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « وإذا خرج أحدكم في سفر، فليقل: اللهم أنت الصاحب في السفر، والحامل على الظهر، والخليفة في الأهل والمال والولد ».

[٩٢٣٧] ٦ - السيد هبة الله الراوندي في مجموع الرائق: دعاء السفر:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أسألك بحق وليك علي بن الحسين، إلّا كفيتني مؤونة كلّ شيطان مريد، وسلطان عنيد، يتقوى عليّ ببطشه، وينتصر عليّ بجنده، إنّك جواد كريم.

اللهم إني أسئلك بحق وليك علي بن موسى الرضا، إلّا ما سلّمتني به في جميع أسفاري، في البراري، والبحار، والجبال، والقفار، والأودية، والغياض(١) ، من جميع ما أخافه وأحذره، إنّك رؤوف رحيم.

اللهم إني أسألك بحق وليك محمد بن علي الجواد، إلّا جدت علي من فضلك، وتفضلت عليّ من وسعك، ووسعت عليّ من رزقك، وأغنيتني عمّن سواك، وجعلت حاجتي إليك، وقضاءها عليك، فإنك لما تشاء قدير.

اللهم إني أسألك بحق وليّك وحجتك صاحب الزمان، إلّا أعنتني به على جميع أموري، وكفيتني به كلّ عدوّ، وهمّ، وغمّ، ودين،

__________________

٥ - تحف العقول ص ٨١.

٦ - مجموع الرائق ص ٥.

(١) الغياض: جمع غيضة، وهو ماء يجتمع فينبت فيه الشجر (لسان العرب ج ٧ ص ٢٠٢).

١٣٣

وضيق، ومخوف، ومحذور، ولولدي، ولجميع أهلي، وإخواني، ومن يعنيني امره، وخاصّتي، آمين ربّ العالمين.

ثم يقف على عتبة منزله ويدعو بهذا الدعاء، ويتوجّه من فوره: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله مخرجي ؤ، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن اخرج خروجي، وأحصى بعلمه ما في مخرجي ورجعتي من عملي، وتوكّلت على الإله الأكبر عليه توكّلي، مفوّضا إليه أموري وشؤوني، مستزيدا من فضله، مبرئا نفسي من كلّ حول وقوة إلّا به، خرجت خروج ضرير خرج بضره إلى من يكشفه، خروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، خروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، خروج من ربّه أكبر ثقته في جميع أُموره كلّها، وأعظم رجائه وأفضل أمنيته، في جميع ذلك استعين، لا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، أسأل الله خير المدخل والمخرج، لا إله إلّا هو.

١٧ -( باب استحباب التسمية عند الركوب، والدعاء بالمأثور، وتذكر نعمة الله بالدواب، والامساك بالركاب)

[٩٢٣٨] ١ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمرو بن شمر، وعمر بن سعد، ومحمد بن عبيد(١) الله، قال عمر: حدثني رجل من الأنصار، عن الحارث به كعب الوالبي، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود(٢) قال: لما أراد عليعليه‌السلام الشخوص عن النخيلة،

__________________

الباب ١٧

١ - وقعة صفين ص ١٣١.

(١) في المصدر: عبد.

(٢) وفيه: عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود. والظاهر أنّ الصواب هو: عبد الرحمن بن عبيد بن الكنود « راجع معجم رجال الحديث ج ٩ ص ٣٣٥ ح٦٣٩٢).

١٣٤

قام في الناس - إلى أن قال - فلما أراد أن يركب وضع رجله في الركاب وقال: « بسم الله » فلما جلس على ظهرها قال:( سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ) (٣) .

ثم قال: « اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، والحيرة بعد اليقين، وسوء المنظر في الأهل، والمال(٤) اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل » الخبر.

[٩٢٣٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا وضعت رجلك في الركاب فقل: بسم الله وبالله وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك(١) ، فقل: الحمد لله (الذي هدانا إلى الاسلام، ومنّ علينا بالايمان، وعلمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، سبحان)(٢) الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين(٣) والحمد لله ربّ العالمين ».

وفي بعض نسخه في موضع آخر(٤) : « ثم اركب راحلتك وقل: بسم الله وبالله سبحان من سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين الحمد لله الذي سخر لنا هذا، وذلّل لنا، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلّم ».

__________________

(٣) الزخرف ٤٣: ١٣ و ١٤.

(٤) في المصدر زيادة: الولد.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: عملك.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه زيادة: وانا إلى ربّنا لمنقلبون.

(٤) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤.

١٣٥

[٩٢٤٠] ٣ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه أراد سفرا فلما استوى على دابته قال: « الحمد لله الذي(١) سخر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ثم قرأ فاتحة الكتاب ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر، ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك(٢) إني ظلمت نفسي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم ضحك، فقيل له: يا أميرالمؤمنين من أيّ شئ ضحكت؟ قل: « رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال مثل ما قلت، ثم ضحك، فقلت: يا رسول الله من أي شئ تضحك؟ قال: أن الله عزّوجلّ يعجب بعبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره ».

[٩٢٤١] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه كان إذا استوى على راحلته خارجا إلى سفر، كبّر ثلاثا، ثم قال: « سبحان الذي سخر لنا هذا وكنا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، اللهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوعنّا بعده، اللهم أنت الصحاب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال » فإذا رجع قال: « آئبون تائبون عابدون، لربنا حامدون ».

[٩٢٤٢] ٥ - مجموعة الشهيد الأول: أخبرنا جماعة من أشياخنا، عن الشيخ

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٦.

(١) في المصدر: سبحان الذي.

(٢) في المصدر زيادة: اللهم.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٥.

٥ - مجموعة الشهيد ص ١٤٦.

١٣٦

الامام صفي الدين أبي الفضائل عبد المؤمن بن عبد الحقّ الخطيب البغدادي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن عبد الله المعروف بابن قاضي اليمن، إجازة عن عتيق بن سلامة السلماني عن، الحافظ محمد بن أبي القاسم (بن)(١) علي بن هبة الله بن عساكر.

وحدثني السيد النسّابة العلامة الفقيه المؤرّخ تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معيّة الحسيني، من لفظه قال: أخبرني جلال الدين محمد بن محمد الكوفي الواعظ، إجازةً: قال أخبرنا تاج الدين علي بن النجيب المعروف بابن الساعي المؤرخ، أنبأنا الحافظ ابن عساكر، أنبأنا الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قراءةً عليه بالكوفة بمسجد أبي إسحاق السبيعي، في ذي القعدة سنة احدى وخمسمائة، أنبأنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن محمد بن علان المعروف بابن الخازن المعدل، أنبأنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي، أنبأنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد بن رباح الأشجعي أنبأنا علي بن المنذر يعني الطريقي، أنبأنا محمد بن فضل عن يحيى بن عبد الله الأجلح الكندي الكوفي، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي، عن أبي زهير الحارث بن عبد الله، الأعور الهمداني الكوفي، عن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه)، أنه خرج من باب القصر فوضع رجله في الغرز(٢) ، فقال:

__________________

(١) الظاهر أن « ابن » زائدة، حيث أن بن عساكر: هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله « الكنى والألقاب ج ١ ص ٣٤٤ ».

(٢) الغرز: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب (مجمع البحرين ج ٤ ص ٢٨).

١٣٧

« بسم الله » فلما استوى على الدابة قال: « الحمد لله الذي أكرمنا، وحملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضّلنا على كثير ممّن خلق، تفضيلا، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ربّ اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إن الله ليعجب بعبده إذا قال: ربّ اغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت ».

١٨ -( باب استحباب ذكر الله وتسبيحه وتهليله في المسير، والتسبيح عند الهبوط، والتكبير عند الصعود، والتهليل والتكبير عند كلّ شرف)

[٩٢٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وعليك بكثرة الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير، والصلاة على محمد وآله ».

[٩٢٤٤] ٢ - علي بن طاووس في أمان الأخطار: وروي في لفظ التكبير، إذا علوت تلعة أو أكمة أو قنطرة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله والله أكبر، والحمد لله ربّ العالمين، اللهم لك الشرف على كلّ شرف.

ثم تقول: خرجت بحول الله وقوّته، بغير حول مني ولا قوّة، لكن بحول الله وقوّته، برأت إليك يا ربّ من الحول والقوّة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا، تسوقه إليّ وأنا خافض في عافية بقدرتك

__________________

الباب ١٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - أمان الأخطار ص ١٠١.

١٣٨

وقوّتك، اللهم سرت في سفري هذا، بلا ثقة منّي لغيرك ولا رجاء لسواك، فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك، ووفقني لطاعتك وعبادتك، حتى ترضى وبعد الرضى.

[٩٢٤٥] ٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، إذا هبط سبّح، وإذا صعد كبّر ».

١٩ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور في المسير)

[٩٢٤٦] ١ - دعائم الاسلام: عن علي (صلوات الله عليه): أنه كان إذا برز للسفر فقال: « اشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمد (رسول الله)(١) عبده ورسوله، الحمد لله الذي هدانا للاسلام، وجعلنا من خير أمّة أخرجت للناس، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل [ والمال والولد، الهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ](٢) والمستعان في الأمر، اطوِ لنا البعد(٣) ، وسهّل لنا الحزونة، واكفنا المهم إنّك على كلّ شئ قدير ».

__________________

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي « ضمن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى » ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٢٤.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٧.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: البعيد.

١٣٩

٢٠ -( باب استحباب الاستعاذة والاحتجاب، بالذكر والدعاء وتلاوة آية الكرسي، في المخاوف)

[٩٢٤٧] ١ - السيد فضل الله الراوندي في أدعية السر: بسنده المتقدم في أبواب الأذان وغيرها، والشيخ إبراهيم الكفعمي في البلد الأمين وغيره، بأسانيدهم عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أن الله تبارك وتعالى قال له في ليلة المعراج: يا محمد ومن خاف شيئا ممّا في الأرض من سبع أو هامّة، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا ذارئ ما في الأرض كلّها بعلمه، بعلمك يكون ما يكون ممّا ذرأت، لك السلطان على ما ذرأت، ولك السلطان القاهر على كلّ شئ دونك، يا عزيز يا منيع، إنّي أعوذ بك بقدرتك على كلّ شئ، من كلّ شئ يضرّ، من سبع أو هامّة أو عارض من سائر الدواب، يا خالقها بفطرته، صلّ على محمد وآل محمد، وادرأها عنّي، واحجزها ولا تسلّطها عليّ، وعافني من شرّها وبأسها، يا الله ذا العلم العظيم، حطني واحفظني بحفظك، واجنبني بسترك الوافي من مخاوفي، يا كريم وأجرني يا رحيم، فإنّه إذا قال ذلك، لم تضرّه دوابّ الأرض، التي ترى، والتي لا ترى.

يا محمد ومن خاف شيئا دوني من كيد الأعداء واللصوص، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا آخذا بنواصي خلقه والسافع(١) بها إلى قدره، والمنفذ فيها حكمه، وخالقها وجاعل قضائه

__________________

الباب ٢٠

١ - عنه في البحار ج ٩٥ ص ٣١١ باختلاف يسير « نقله عن البلد الأمين وفي ذيله ذكر عدة أسانيد منها السند المذكور أعلاه »، والبلد الأمين ص ٥٠٧، والمصباح ص ١٩١.

(١) في نسخة: السائق (منه قدّه).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228