مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة الجزء ٥

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة25%

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 228

الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 228 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135242 / تحميل: 8997
الحجم الحجم الحجم
مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة

مع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة الجزء ٥

مؤلف:
الناشر: سپهر أنديشه
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

١ - صرخة جبرئيلعليه‌السلام :

روى ابن قولويه بسنده، عن الحلبي، عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال:

(إنّ الحسين لما قُتل أتاهم آتٍ وهم في العسكر، فصرخ فزُبِر، فقال لهم: وكيف لا أصرخ ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قائم ينظر إلى الأرض مرّة وإلى حزبكم مرّة، وأنا أخاف أن يدعو الله على أهل الأرض فأهلكُ فيهم، فقال بعض لبعض:

هذا إنسان مجنون! فقال التوّابون: تا الله، ما صنعنا لأنفسنا؟! قتلنا لابن سميّة سيّد شباب أهل الجنّة!! فخرجوا على عبيد الله بن زياد، فكان من أمرهم ما كان).

قال: فقلت له: جُعلت فداك! مَن هذا الصارخ؟

قال:(ما نراه إلاّ جبرئيل عليه‌السلام ، أما إنّه لو أُذِن له فيهم لصاح بهم صيحة يخطف به أرواحهم من أبدانهم إلى النار، ولكن أُمهل لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب أليم ...) (١) .

____________________

(١) كامل الزيارات: ٣٣٦ باب ١٠٨، ح ١٤، وقد علّق المرحوم المحقّق السيّد المقرّم على هذه الرواية قائلاً: (بلى، لقد حضر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المعركة، وشاهد ذلك الجمع المتألّب على استئصال أهله من جديد الأرض! وبمرأى منه عويل الأيامى ونشيج الفاقدات وصراخ الصِّبْيَة من الظمأ! وقد سمع العسكر صوتاً هائلاً: ويلَكم يا أهل الكوفة! إنيّ أرى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينظر إلى جمعكم مرّة وإلى السماء أُخرى، وهو قابض على لحيته المقدّسة!! لكنّ الهوى والضلال المستحكم في نفوس ذلك الجمع، المغمور بالأطماع أوحى إليهم أنّه صوت مجنون!!) (مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٢٩٦).

ومن الجدير بالذكر هنا، أنّه قد مرّت بنا في أواخر الجزء الرابع من هذه الدراسة هذه الرواية عن الإمام الصادقعليه‌السلام :(لما ضُرب الحسين بن عليّ عليه‌السلام بالسيف، ثمّ ابتدر ليقطع رأسه، نادى منادٍ من قِبَل ربّ العِزّة تبارك وتعالى، من بَطنان العرش، فقال: ألا أيّتها الأمّة المتحيّرة الظالمة بعد نبيّها! لا وفّقكم الله لأضحى ولا فِطر!) . =

٢١

٢ - كسوف الشمس:

روى الحافظ الطبراني في مُعجمه الكبير، قال: (حدّثنا قيس بن أبي قيس البخاري، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ابن لهيعة، عن أبي قبيل(١) قال: لما قُتل الحسين بن عليّ رضي الله عنه، انكسفت الشمس كسفة حتى بدت الكواكب نصف النهار، حتى ظننّا أنّها هي!)(٢) .

ورواه ابن عساكر، في ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام بسنده عن أبي قبيل أيضاً(٣) .

____________________

= قال: ثمّ قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :(لا جَرَم والله، ما وفِّقوا ولا يوفّقون أبداً حتّى يقوم ثائر الحسين عليه‌السلام ) (أمالي الصدوق: ١٤٢، المجلس ٣١، حديث رقم ٥، والكافي: ٤: ١٧٠، حديث رقم ٣).

(١) أبو قبيل هذا ممّن روى له البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي وابن ماجة، واسم أبي قبيل: حيّ بن هاني، وعن يحيى بن معين وأبي زرعة: أنّه ثقة.

وقال أبو حاتم: صالح الحديث. (راجع: تهذيب الكمال: ٧: ٤٩٢، والجرح والتعديل: ٣: ٢٧٥ رقم ١٢٢٧).

(٢) المعجم الكبير: ٣: ١١٤ رقم ٢٨٣٨، وانظر: مقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي: ٢: ٨٩، ومجمع الزوائد: ٩: ١٩٧، والصواعق المحرقة: ١٩٤، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: ٢٠٧، وينابيع المودّة: ٣٢١.

(٣) تاريخ ابن عساكر / ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام / تحقيق المحمودي: ٣٥٧، رقم ٢٩٦.

ولا غرابة في وقوع ذلك، كما نصّ عليه الزرقاني في شرح المواهب اللدنيّة: ٢: ٢١٢، والجزري في أُسد الغابة: ١: ٣٩، والعيني في عُمدة القاري في شرح صحيح البخاري: ٢: ٤٧٢.

ولا يُعارَض هذا الحديث بالحديث المشهور الضعيف، القائل: (بأنّ الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد!). ذلك؛ لأنّ هذا الأخير مردّه إلى قيس بن أبي حازم، والرجل مُختلَف فيه، فعن يحيى بن سعيد أنّه مُنكَر الحديث، وقال يعقوب السدوسي: تكلّم فيه أصحابنا، فمنهم مَن حمل عليه، وقال: له مناكير! (راجع: ميزان الاعتدال: ٣: ٣٩٢، رقم ٦٩٠٨).

٢٢

٣ - اسوداد السماء:

روى ابن عساكر بسند عن خلف بن خليفة(١) ، عن أبيه(٢) ، قال: (لما قُتل الحسين اسودّت السماء، وظهرت الكواكب نهاراً، حتّى رأيت الجوزاء عند العصر، وسقط التراب الأحمر!)(٣) .

وروى ابن أعثم الكوفي، في وصف ساعة مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام وسلبه، يقول: (وارتفعت في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مُظلمة، فيها ريح أحمر، لا يرى فيها أثر عين ولا قدم، حتى ظنّ القوم أنّه قد نزل بهم العذاب، فبقوا كذلك ساعة، ثمّ انجلت عنهم)(٤) .

٤ - إحمرار السماء:

روى الشيخ المفيد (ره)، عن سعد الإسكاف(٥) ، قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام :(كان قاتل

____________________

(١) هو خلف بن خليفة بن صاعد بن برام الأشجعي كان بالكوفة، ثمّ انتقل إلى واسط فسكنها مرّة، ثمّ تحوّل إلى بغداد فأقام بها إلى حين وفاته، وقال ابن سعد: كان ثقة. ومات ببغداد سنة ١٨١ هـ. (راجع: تهذيب الكمال: ٨: ٢٨٤ و٢٨٨).

(٢) هو خليفة بن صاعد بن برام الأشجعي، مولاهم الكوفي، ثمّ الواسطي، والد خلف بن خليفة، عدّه ابن حبّان في الثقات. (راجع: تهذيب الكمال: ٨: ٣١٩).

(٣) تاريخ ابن عساكر / ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام / تحقيق المحمودي: ٣٥٤ رقم ٢٨٨، وانظر تهذيب التهذيب لابن حجر: ٢: ٣٠٥، والحدائق الوردية: ٢٤، وتاريخ مدينة ١١: ٢٢٦.

(٤) الفتوح: ٥: ١٤٧، وانظر: مقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي: ٢: ٤٢ وفيه: (حتى ظنّ القوم أنّ العذاب قد جاءهم، لبثوا بذلك ساعة، ثمّ انجلت عنهم)، وانظر أيضاً: اللهوف: ١٧٧، والبحار: ٤٥: ٥٧.

(٥) قال الشيخ الطوسي: (سعد بن طريف الحنظلي الإسكاف، مولى بني تميم الكوفي وهو صحيح الحديث) (راجع: رجال الشيخ: ١١٥ رقم ١١٤٧).

٢٣

يحيى بن زكريا ولَد زنا، وقاتل الحسين بن علي عليه‌السلام ولَد زنا، ولم تحمرّ السماء إلاّ لهما!) (١) .

وروى ابن سعد في طبقاته، عن عليّ بن مُدرك، عن جدّه الأسود بن قيس قال: (احمرّت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستّة أشهُر، يُرى ذلك في آفاق السماء كأنّها الدّم! قال: فحدّثت بذلك شريكاً، فقال لي: ما أنت من الأسود؟ قلت: هو جدّي أبو أمّي. قال: أما والله، إن كان لصدوق الحديث عظيم الأمانة مُكرِماً للضيف)(٢) .

وروى ابن سعد أيضاً، عن محمّد بن سيرين قال: (لم تكن تُرى هذه الحُمرة في السماء عند طلوع الشمس وعند غروبها، حتى قُتل الحسين رضي الله عنه!)(٣) .

وروى أيضاً، عن عمرو بن عاصم الكلابي(٤) ، قال: (حدّثنا خلاّد - صاحب السمسم، وكان ينزل بني جحدر - قال: حدّثتني أمّي قالت: كنّا زماناً بعد قتل الحسين، وإنّ الشمس تطلع مُحمرّة على الحيطان والجدران بالغداة والعشي. قالت:

____________________

(١) الإرشاد: ٢: ١٣٢.

(٢) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام ومقتله / من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد / تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي (ره): ٩١ رقم ٣٢٨.

ورواه ابن عساكر أيضاً بسنده إلى ابن سعد (راجع: تاريخ ابن عساكر / ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٣٥٥ رقم ٢٩٢) والأسود بن قيس العبدي، وقيل: العجلي. روى عنه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وقال: العجلي حسن الحديث ثقة. (راجع: تهذيب الكمال: ٣: ٢٣٠)، وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: حوادث سنة ١٢١، ص ٣٧٨: مُجمع على ثقته، وانظر: تاريخ الإسلام: حوادث سنة ٦١ هـ، ص ١٥).

(٣) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام ومقتله / من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد: ٩١، رقم ٣٢٧، وانظر الحديث رقم ٣٢٦.

(٤) قال الذهبي: صدوق من علماء التابعين مات سنة ٢١٣هـ (ميزان الاعتدال: ٣: ٢٦٩).

٢٤

وكانوا لا يرفعون حجراً إلاّ وجدوا تحته دماً!).(١)

وروى ابن عساكر بأسناد عن عليّ بن مُسهّر قال: (حدّثتني جدّتي قالت: كنت أيّام الحسين جارية شابّة، فكانت السماء أيّاماً عَلَقة!)(٢) .

وروى الشيخ الصدوق (ره) بسنده عن جبلّة المكّيّة قالت: (سمعت ميثم التمّار يقول: والله، لتقتلنَّ هذه الأمّة ابن نبيّها في المحرّم لعشر مضين منه يا جبلّة، إذا نظرت إلى الشمس حمراء كأنّها دم عبيط، فاعلمي أنّ سيّدك الحسين قد قُتل!

قالت جبلّة: فخرجت ذات يوم، فرأيت الشمس على الحيطان كأنّها الملاحف المعصفرة! فصحتُ حينئذٍ وبكيت وقلت: قد - والله - قُتِل سيّدنا الحسين بن عليّعليه‌السلام !)(٣) .

وروى ابن شهر آشوب، عن حمّاد بن زيد، عن هشام، عن محمّد قال: (تعلم هذه الحمرة في الأفق ممَّ هي؟! ثمّ قال: من يوم قُتِل الحسين!)(٤) .

وعن الأسود بن قيس: (لما قُتل الحسين ارتفعت حمرة من قِبَل المشرق، وحمرة من قِبَل المغرب، فكادتا تلتقيان في كبد السماء ستّة أشهُر!)(٥) .

٥ - بكاء السماء:

روى ابن قولويه (ره) بسنده عن كليب بن معاوية، عن الإمام أبي عبد الله

____________________

(١) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام ومقتله / من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد: ٩١ رقم ٣٢٥ / ورواه ابن عساكر أيضاً بسنده عن ابن سعد (ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام من تاريخ ابن عساكر / تحقيق المحمودي: ٣٥٥ قم ٢٩١).

(٢) أمالي الصدوق: ١١٠ المجلس ٢٧ حديث رقم ١ / والملاحف المعصفرة: أي المصبوغة بلون نبات العصفر وهو لون أحمر.

(٣) و (٤) و (٥) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام : ٤: ٥٤، وانظر: سير أعلام النبلاء: ٣: ٣١٢.

٢٥

الصادقعليه‌السلام أنّه قال:(كان قاتل يحيى بن زكريا ولَد زنا، وكان قاتل الحسين عليه‌السلام ولَد زنا، ولم تبكِ السماء إلاّ عليهما!) (١) .

وروى أيضاً بسنده عن الحسين بن ثوير، ويونس بن ظبيان، وأبي سلمة السرّاج، والمفضّل بن عمر، كلّهم قالوا: سمعنا أبا عبد الله يقول:

(إنّ أبا عبد الله الحسين بن عليّ عليهما‌السلام لما مضى، بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع، وما فيهنّ وما بينهنّ، ومَن ينقلب عليهنّ، والجنّة والنّار، وما خلق ربُّنا، وما يُرى وما لا يُرى) (٢) .

وروى أيضاً بسنده عن زرارة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :

(يا زرارة، إنّ السماء بكت على الحسين أربعين صباحاً بالدم، وإنّ الأرض بكت أربعين صباحاً بالسواد، وإنّ الشمس بكت أربعين صباحاً بالكسوف والحُمرة، إنّ الجبال تقطّعت وانتثرت، وإنّ البحار تفجّرت ...) (٣) .

معنى بكاء السماء:

قال ابن حجر: (وأخرج الثعلبي أنّ السماء بكت وبكاؤها حُمرتها!)(٤) .

وروى ابن قولويه (ره) بسنده عن عبد الله بن هلال قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول:(إنّ السماء بكت على الحسين بن عليّ، ويحيى بن زكريا، ولم تبكِ على

____________________

(١) كامل الزيارات: ٧٩ - ٨٠ باب ٢٥ حديث رقم ١ / ورواه عنه أيضاً بسند آخر، وانظر أيضاً الحديث رقم ١١ في نفس الباب، وانظر أيضاً: الخطّ المقريزية: ٢: ٢٨٩، ونظم درر السمطين: ٢٢٢.

(٢) كامل الزيارات: ٨٠، باب ٢٦ حديث رقم ٣ / ورواه أيضاً بسند آخر أيضاً.

(٣) نفس المصدر: ٨٠، باب ٢٦ حديث رقم ٦.

(٤) الصواعق المحرقة: ١٩٤؛ عن الكشف والبيان للثعلبي: ٨: ٣٥٣ / دار إحياء التراث العربي.

٢٦

أحدٍ غيرهما). قلت: وما بكاؤها؟ قال:(مكثت أربعين يوماً تطلع الشمس بحُمرة وتغرب بحُمرة!) .قلت: فذاك بكاؤها؟ قال:(نعم) (١) .

وينقل ابن البطريق عن صحيح مسلم في ذيل قوله تعالى:( فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ ) (٢) ، عن السدّي أنّه قال: (لما قُتل الحسين بن عليعليهما‌السلام بكت السماء، وبكاؤها حُمرتها)(٣) .

إشارة:

تحدّثت روايات كثيرة عن بعض المشتركات بين شخصيّة الإمام الحسينعليه‌السلام وما جرى عليه، وشخصيّة يحيى بن زكريّاعليهما‌السلام وما جرى عليه، منها على سبيل المثال:

* ما روي عن ابن عبّاس أنّه قال: أوحى الله إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله :(إنّي قتلت بيحيى ابن زكريا سبعين ألفاً، وإنّي قاتل بابن فاطمة سبعين ألفاً) (٤) .

* أنّ رأس يحيى بن زكرياعليهما‌السلام أُهدي إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل، كما أشار إلى ذلك مراراً الإمام الحسينعليه‌السلام نفسه حيث قال:(ومن هوان الدنيا على الله، أنّ رأس يحيى بن زكريا عليه‌السلام أُهدي إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل!) (٥) .

____________________

(١) كامل الزيارات: ٨٩، باب ٢٨، حديث رقم ٤.

(٢) سورة الدخان: ٢٩.

(٣) العُمدة: ٤٦٧، وانظر: الطرائف لابن طاووس (ره): ٢٠٣.

(٤) تذكرة الخواص: ٢٥٢، فردوس الأخبار: ٣: ١٨٧ حديث رقم ٤٥١٥، وأورده السيد ابن طاووس (ره) في الطرائف: ٢٠٢ حديث رقم ٢٩٠، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد: ١: ١٤٢، والحاكم في المستدركات على الصحيحين: ٣: ٢٧٨، وأبو نعيم في حلية الأولياء: ٣: ١٢٠، مقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي ٢: ١٠٩.

(٥) الإرشاد: ٢: ١٣٢، وانظر: تأويل الآيات: ٢٩٤، ومجمع البيان: ٥: ٧٧٩.

٢٧

وكذلك، فقد حُمل رأس الإمام الحسينعليه‌السلام إلى ابن مرجانة وإلى يزيد(١) .

* روى ابن قولويه (ره) بسنده عن زرارة، عن عبد الخالق بن عبد ربّه قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول:( لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً ) ،(الحسين بن عليّ عليهما‌السلام لم يكن له من قبلُ سَميّاً، ويحيى بن زكريّا عليهما‌السلام لم يكن له من قبلُ سَميّاً ...) (٢) .

* وروي أنّ مُدّة حمْل زوج زكريا بيحيى كانت ستّة أشهُر، وكذلك كانت مُدّة حمْل مولاتنا فاطمةعليها‌السلام بالإمام الحسينعليه‌السلام (٣) .

* وأنّ قاتل يحيىعليه‌السلام كان ولَد زنا، وكذلك كان قاتل الإمام الحسينعليه‌السلام (٤) .

* وأنّ السماء لم تبكِ إلاّ عليهما(٥) .

* وأنّ رأس يحيىعليه‌السلام صُلب على باب جيرون في الشام، وكذلك صُلب رأس الحسينعليه‌السلام في الشام في نفس المكان(٦) .

____________________

(١) قال السيّد محمّد بن أبي طالب، في كتابه تسلية المجالس: ١: ١٣٤: (وحُمل رأس يحيى بن زكريّا إلى بغيّ من بغايا بني إسرائيل، وكذلك حُمل رأس الحسين إلى نجل بغيّة من بغايا قريش، ولم تبكِ السماء إلاّ عليهما، بكت أربعين صباحاً).

(٢) كامل الزيارات: ٩٥، باب ٢٨، حديث رقم ٨، والآية في سورة مريم: ٧.

(٣) مناقب آل أبي طالبعليهم‌السلام ٤: ٧٦، وجلاء العيون: ٢٧٨.

(٤) مرّت بنا قبل هذا رواية ابن قولويه (ره) بسنده عن كليب بن معاوية، عن الإمام أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام أنّه قال:(كان قاتل يحيى بن زكريا ولَد زنا، وكان قاتل الحسين عليه‌السلام ولَد زنا، ولم تبكِ السماء إلاّ عليهما) (كامل الزيارات: ٧٩ - ٨٠، باب ٢٥ حديث رقم ١).

(٥) انظر في رواية كامل الزيارات السابقة، والرواية رقم ١١ من نفس الباب في نفس المصدر.

(٦) راجع: مقتل الحسينعليه‌السلام / للمقرّم: ٣٤٨ / الحاشية: في ما نقله عن كتاب صورة الأرض لابن حوقل، ص ١٦١؛ (صُلب على هذا الباب (جيرون) رأس يحيى بن زكريا وصُلب على باب جيرون رأس الحسين بن علي في موضع الذي صُلب فيه رأس يحيى بن زكريا).

٢٨

٦ - إمطار السماء دماً:

كانت السماء بعد مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام قد مطرت الناس دماً، وكانت هذه الآية السماوية الكاشفة عن غضب الله تعالى قد شاهدها الناس، وكانت من البينات الإلهية التي لا يمكن إنكارها، حتّى احتجّت بها مولاتنا زينب الكبرىعليها‌السلام على أهل الكوفة في خُطبتها حين قالت:(أفَعجِبتم أن تمطر السماء دماً، ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تُنصرون؟!) (١) .

والروايات التي تُخبر عن هذه الآية السماوية مُستفيضة، منها على سبيل المثال:

ما رواه الشيخ الطوسي بسنده، عن عمّار بن أبي عمّار قال: (أَمطرت السماء يوم قُتل الحسينعليه‌السلام دماً عبيطاً)(٢) .

وروى ابن سعد في طبقاته، عن أمّ شوق العبدية قالت: حدّثتني نضرة الأزدية قالت: (لما قُتل الحسين بن علي مطرت السماء دماً، فأصبحت خيامنا وكلّ شيء منّا مُلئ دماً!)(٣) .

وروى البيهقي هذا أيضاً عن نضرة الأزدية(٤) .

وروى ابن سعد، عن سليم القاص قال: (مُطرنا دماً يوم قُتِل الحسين)(٥) .

____________________

(١) اللهوف: ١٩٣.

(٢) أمالي الشيخ الطوسي: ٣٣٠ المجلس ١١، حديث رقم ٦٥٩ / ١٠٦.

(٣) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام / من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد / تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي: ٩٠، رقم ٣٢١.

(٤) دلائل النبوّة: ٦: ٤٧١، وانظر: ذخائر العقبى: ١٠، سُبل الهُدى والسلام ١١: ٨٠.

(٥) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام / من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد / =

٢٩

وروى ابن طلحة بسنده المتَّصل إلى هلال بن ذكوان قال: (لما قُتل الحسين مكثنا شهرين أو ثلاثة، كأنّما لُطّخت الحيطان بالدم من صلاة الفجر إلى غروب الشمس.

قال: وخرجنا في سفر فمُطرنا مطراً بقي أثره في ثيابنا مثل الدم!)(١) .

وروى البلاذري بسنده، عن أبي حصين قال: (لما قُتل الحسين مكثوا شهرين أو ثلاثة، وكأنّما تُلطّخ الحيطان بالدم من حين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس!)(٢) .

وروى أيضاً بسنده، عن سالم القاص قال: (مُطرنا أيّام قتل الحسين دماً!)(٣) .

وروى القاضي نعمان المصري، عن أمّ سالم قالت: (لما قُتل الحسين بن عليّعليه‌السلام مطرت السماء مطراً كالدم، احمرّت منه البيوت والحيطان، فبلغ ذلك البصرة والكوفة والشام وخراسان، حتى كنّا لا نشكُّ أنّه سينزل العذاب!)(٤) .

٧ - وأَمطرت السماء رماداً أيضاً!

في رواية الشيخ الصدوق (ره) بسند عن المفضّل بن عمر، عن الإمام الصادق، عن أبيه، عن جدّهعليهم‌السلام :

(أنّ الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما‌السلام دخل يوماً إلى الحسن عليه‌السلام ، فلما نظر إليه بكى، فقال له: ما يُبكيك يا أبا عبد الله؟!

قال: أبكي لما يُصنع بك! فقال له الحسنعليه‌السلام : إنّ الذي يؤتى إليَّ سمٌّ يدسّ إليّ فأُقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله! يزدلف إليك ثلاثون ألف رجُل

____________________

= تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي: ٩٠، رقم ٣٢٢، وراجع البيان والتعريف ٨: ٣٥٣

(١) مطالب السؤول: ١٥٥.

(٢) أنساب الأشراف: ٣: ٤١٣.

(٣) نفس المصدر السابق.

(٤) شرح الأخبار: ٣: ١٦٦، الحديث ١٠٩٩، وفي هامش الكتاب عن الأصل: أمّ سلمة.

٣٠

يدّعون أنّهم من أُمّة جدّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك فعندها تحلّ ببني أُميّة اللعنة، وتمطر السماء رماداً ودماً، ويبكي عليك كلّ شيء حتّى الوحوش في الفلَوات والحيتان في البحار) (١) .

وروي عن عليّ بن عاصم، عن حصين قال: (جاءنا قتل الحسين بن عليّ، فمكثنا ثلاثاً كأنّ وجوهنا طُليت رماداً! قلت: مثل مَن أنت يومئذٍ؟ قال: رجل متأهّل)(٢) .

٨ - بكاء الملائكة وصلاتهم على الإمام الحسينعليه‌السلام :

روى ابن قولويه (ره) بسنده إلى أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام :(إنّ أربعة آلاف ملَك هبطوا يُريدون القتال مع الحسين بن عليّ عليهما‌السلام ، لم يؤذَن لهم في القتال، فرجعوا في الاستيذان، فهبطوا وقد قُتل الحسين عليه‌السلام ، فهم عند قبره شُعثٌ غُبرٌ يبكونه إلى يوم القيامة، رئيسهم مَلك يُقال له: منصور) (٣) .

وروى أيضاً بسند إلى أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:(وكّل الله تعالى بالحسين عليه‌السلام سبعين ألف مَلك، يُصلّون عليه كلّ يوم، شُعثاً غُبراً منذ يوم قُتل إلى ما شاء الله - يعني بذلك قيام القائمعليه‌السلام -)(٤) .

____________________

(١) أمالي الصدوق: ١٠١، المجلس ٢٤، حديث رقم ٣.

(٢) تهذيب الكمال: ٦: ٥٢٣ / وحصين هو: حصين بن عبد الرحمان السلمي، أبو هذيل الكوفي (تهذيب الكمال: ٦: ٥١٩).

(٣) كامل الزيارات: ٨٣ باب ٢٧ حديث رقم ٢، وراجع بقيّة أحاديث هذا الباب.

(٤) كامل الزيارات: ٨٤ باب ٢٧ حديث رقم ٥، وراجع بقيّة أحاديث هذا الباب.

٣١

٩ - عجيج السماوات والأرض والملائكة لمقتلهعليه‌السلام :

وروى الكليني (ره) بسنده عن كرّام قال: (حلفت فيما بيني وبين نفسي، أن لا آكل طعاماً بنهارٍ أبداً حتّى يقوم قائم آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: فقلت له: رجل من شيعتكم جعل لله عليه أن لا يأكل طعاماً بنهار أبداً حتّى يقوم قائم آل محمّد! قال:

(فصمْ - إذن - يا كرام، ولا تَصُمْ العيدين، ولا ثلاثة أيّام التشريق، ولا إذا كنت مسافراً، ولا مريضاً، فإنّ الحسين عليه‌السلام لما قُتل عجّت السماوات والأرض ومَن عليهما، والملائكة، فقالوا: يا ربّنا، ائذن لنا في هلاك الخلْق، حتى نجدّهم عن جديد الأرض بما استحلّوا حُرمتك، وقتلوا صفوتك!

فأوحى الله إليهم: يا ملائكتي، ويا سماواتي، ويا أرضي، اسكنوا. ثمّ كشف حجاباً من الحُجب، فإذا خلفه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله واثنا عشر وصيّاً له عليهم‌السلام ، وأخذ بيد فلان القائم من بينهم، فقال: يا ملائكتي، ويا سماواتي، ويا أرضي، بهذا انتصر لهذا. قالها ثلاث مرّات) (١) .

الآيات الأرضيّة:

فضلاً عمّا تقدّم من بكاء الأرض مع السماء لمقتل سيد الشهداءعليه‌السلام ، وأنّهما لم تبكيا إلاّ له وليحيى بن زكرياعليه‌السلام ، وكذلك عجيج الأرض مع السماء والملائكة لتلك الفاجعة، تُحدّثنا مجموعة مُستفيضة من الروايات أنّه ما رُفع حجَر إلاّ ووجِد تحته دم عبيط، وبعض هذه الروايات يذكر مطلق الأرض، وبعضها يذكر أرض

____________________

(١) الكافي: ١: ٥٣٤، حديث رقم ١٩.

٣٢

الشام، وبعض آخر يذكر أرض بيت المقدس.

روى ابن سعد، عن محمد بن عمر قال: حدّثني عمر بن محمّد بن عمر بن عليّ، عن أبيه، قال: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كُشِف يومئذٍ حجَر إلاّ وجِد تحته دم عبيط!)(١) .

وروى أيضاً، عن محمّد بن عمر قال: حدّثني نجيح، عن رجل من آل سعيد يقول: سمعت الزهري يقول: سألني عبد الملك بن مروان فقال: ما كان علامة مقتل الحسين؟

قال: لم تُكشف يومئذ حجراً إلاّ وجِدت تحته دماً عبيطاً! فقال عبد الملك: أنا وأنت في هذا غريبان)(٢) .

أمّا الروايات التي اختصّت بأرض بيت المقدس ...

فقد روى ابن عساكر بسنده، عن أمّ حيّان أنّها قالت: (ولم يُقلَب حجرٌ ببيت المقدس إلاّ أصبح تحته دمٌ عبيط!)(٣) .

____________________

(١) و (٢) ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام / من القسم غير المطبوع من كتاب الطبقات الكبير لابن سعد / تحقيق السيد عبد العزيز الطباطبائي: ٩٠ - ٩١، حديث رقم ٣٢٤ ورقم ٣٢٣ / وروى الحديث الأخير: الطبراني في المعجم الكبير: ٣: ١٢٧ رقم ٢٨٥٦، وانظر: الصواعق المحرقة: ١٩٤، وتذكرة الخواص: ٢٨٤، ونظم دُرر السمطين: ٢٢٠، وينابيع المودّة: ٣٥٦، ومقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي: ٢: ٩٠، وكشف الغمّة: ٢: ٢٧٥، تاريخ مدينة دمشق ١١: ٢٣٠.

(٣) تاريخ مدينة دمشق: ١٤: ٢٢٩، وراجع: البحار ٤٥: ٢١٦، وكامل الزيارات: ٩٣ باب ٢٩ حديث ٢٠، ومقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي: ٢: ١٠٢.

٣٣

وروى الخوارزمي عن حمّاد بن زيد(١) قال: (أوّل ما عُرِف الزهري أن تكلَّم في مجلس الوليد بن عبد الملك، قال الوليد: أيّكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قُتل الحسين؟

فقال الزهري: أنّه لم يُقلب حجَرٌ إلاّ وجِد تحته دم عبيط!)(٢) .

وروى الشيخ الصدوق بسنده، عن فاطمة بنت عليّعليهما‌السلام أنّها قالت: (ثمّ إنّ يزيد

____________________

(١) هو حمّاد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضي، أبو إسماعيل الأزرق. قال ابن سعد: وكان عثمانياً ولِد سنة ٩٨ هـ وتوفِّي ١٧٩ هـ (راجع: تهذيب الكمال: ٧: ٢٣٩، والطبقات الكبرى: ٧: ٢٨٦).

(٢) مقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي: ٢: ١٠٢ رقم ١٨، وانظر: سير أعلام النبلاء: ٣: ٣١٤، والمعجم الكبير للطبراني: ٣: ١١٣ حديث رقم ٢٨٣٤، والإتحاف بحُبّ الأشراف: ٢٤، وتاريخ ابن عساكر / ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام / تحقيق المحمودي: ٣٦٢ رقم ٣٠١ و ٣٠٢، راجع تاريخ مدينة دمشق ١٤: ٢٩.

وقد روى ابن عبد ربَّه عن الزهري - في قصّة مُفصّلة - كيف قدم هو وقتيبة على عبد الملك بن مروان في إيوان له، وكيف أجاب الزهري عن سؤال عبد الملك بن مروان: (هل بلغكم أيّ شيء أصبح في بيت المقدس ليلة قُتل الحسين بن علي؟) أو (ما أصبح ببيت المقدس يوم قُتل الحسين بن عليّ بن أبي طالب؟)، حيث أجابه الزهري قائلاً: (نعم، حدّثني فلان - لم يُسمِّه - أنّه لم يُرفع تلك الليلة التي صبيحتها قُتِل علي بن أبي طالب، والحسين بن علي، حجر في بيت المقدس إلاّ وجِد تحته دم عبيط! فقال عبد الملك: صدقت، حدّثني الذي حدّثك، وإنّي وإيّاك في هذا الحديث لغريبان! ..). (راجع: العقد الفريد: ٤: ٣٨٦).

ويلاحَظ في مثل هذه الروايات، اهتمام الحُكّام الأُمويين بآيات الغضب الإلهي لمقتل سيد الشهداءعليه‌السلام ! ولكن هل ردعهم العلم بهذه الآيات عن مواصلة قتل الأئمّة من ذرِّية الحسينعليه‌السلام بالسمّ، أو اضطهادهم وقهرهم والتضييق عليهم؟! أبداً؛ لأنّ طلاّب العلوّ والفساد في الأرض مُعرِضون عن آيات الله المنتقم الجبّار!.

٣٤

لعَنه الله أمَر بنساء الحسينعليه‌السلام فحُبِسنَ مع عليّ بن الحسينعليه‌السلام في محبس لا يُكنُّهم من حرٍّ ولا قَرٍّ، حتّى تقشّرت وجوههم، ولم يُرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض إلاّ وجِد تحته دم عبيط! وأبصر الناس الشمس على الحيطان حمراء، كأنّها الملاحف المعصفرة! إلى أن خرج عليّ بن الحسينعليه‌السلام بالنسوة، وردّ رأس الحسين إلى كربلاء)(١) .

أمّا الروايات التي تذكر أرض الشام، فقد روى الطبراني بسند عن ابن شهاب قال: (ما رُفع بالشام حجَر يوم قتل الحسين بن عليّ إلاّ عن دم!! رضي الله عنه)(٢) .

إشارة:

روى ابن قولويه في كامل الزيارات بسنده، عن الحسين بن ثوير، ويونس بن ظبيان، وأبي سلمة السّراج، والمفضّل بن عمر، قالوا: سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول:(لما مضى الحسين بن عليّ عليهما‌السلام بكى عليه جميع ما خلق اللهُ إلاّ ثلاثة أشياء: البصرة، ودمشق، وآل عثمان!) (٣) ، وفي بعض الروايات:(وبنو أميّة!) (٤) .

أمّا استثناء بني أُميّة من البكاء على الإمام الحسينعليه‌السلام فلِعلّة واضحة؛ وهي أنّهم أعداء الله ورسوله وأهل البيتعليهم‌السلام وأعداء الإسلام، وهم الذين سفكوا دم الإمامعليه‌السلام ، ولقد اشتفوا بقتله، هذا ابن زياد يُخاطب زينبعليها‌السلام قائلاً:

(لقد شفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة من أهل بيتك!)(٥) .

____________________

(١) أمالي الصدوق: ١٤٢، المجلس ٣١، حديث رقم ٥.

(٢) المعجم الكبير ٣: ١١٣ ح٢٨٣٥، راجع ذخائر العقبى ص١٤٥، وسُبل الهدى والرشاد ١١: ٨٠ ونفس المهموم: ٤٨٥.

(٣) كامل الزيارات: ٨٠، باب ٢٦، حديث رقم ٤.

(٤) المنتخب للطريحي: ٣٩.

(٥) الإرشاد: ٢: ١١٥.

٣٥

وهذا يزيد يُصرّح بكفره وتشفِّيه بمقتل الإمام الحسينعليه‌السلام ؛ حيث أنشد مُتمثّلاً بأبيات ابن الزبعرى:

لـيت أشـياخي ببدرٍ شهدوا

جزع الخزرج من وقْع الأسل

لأهـلُّـوا واسـتهلّوا فـرحاً

ثـمّ قـالوا يـا يزيد لا تُشل

قـد قـتلنا القَرْم من ساداتهم

وعـدَلـناه بـبدرٍ فـاعتدل

لـعبت هـاشم بـالملك فـلا

خـبرٌ جـاء ولا وحـيٌ نزل

لـست من خِندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعَل(١)

ويقول:

لما بدت تلك الحمول أشرقت

تلك الرؤوس على شفا جيرون

نعب الغراب فقلت قُلْ أولا تقُلْ

فقد اقتضيت من الرسول ديوني(٢)

فهذا وذاك وغيرهما كثير؛ ممّا يكشف عن مدى حقد هذه الشجرة الملعونة على أهل البيتعليهم‌السلام وفرحتهم بمقاتلهم.

وأمّا دمشق، فلولائها لبني أميّة؛ إذ كفى أهلها عاراً وشناراً أنّهم أوقفوا بقيّة الركب الحسينيّ عند باب الساعات، وقد خرجوا إليهم بالدفوف والمزامير والبوقات، في حال من الفرح والسرور والابتهاج بمقتل ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته وأصحابه.

وأمّا البصرة آنذاك، فإنّ أغلب أهلها عثمانيو الرأي والهوى، فلا عجب أن تُستثنى البصرة آنذاك من بقيّة بقاع الأرض التي بكت على الإمام الحسينعليه‌السلام (٣) .

____________________

(١) مقتل الحسينعليه‌السلام للمقرّم: ٣٥٧، وراجع اللهوف: ٢١٤.

(٢) نفس المصدر: ٣٤٨.

(٣) ممّا خاطب به أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام أهل البصرة يومذاك:(فما ظنّكم يا أهل البصرة، وقد نكثتم بيعتي، وظاهرتم عليَّ عدوّي؟). =

٣٦

نَوْحُ الجِنّ:

هناك مجموعة من الروايات التي تُحدِّث عن نَوح الجنّ لمقتل سيّد الشهداءعليه‌السلام ، نذكر منها على سبيل المثال:

روى الشيخ ابن قولويه (ره) بسندٍ عن أمّ سلمةرضي‌الله‌عنه زوجة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّها قالت: (ما سمعت نَوح الجنّ منذ قَبض الله نبيّه إلاّ الليلة، ولا أراني إلاّ وقد أُصبت بابني الحسين.

قالت: وجاءت الجِنيّة منهم وهي تقول:

أيا عيناي فانهملا بجُهد

فمَن يبكي على الشهداء بعدي

على رهطٍ تقودهم المنايا

إلى متجبّرٍ من نسل عبدِ)(١)

وروى (ره) أيضاً بسندٍ عن عبد الله بن حسّان الكناني قال:

(بكت الجنّ على الحسين بن عليّعليهما‌السلام فقالت:

ماذا تـقولون إذ قـال الـنبيّ لـكم

ماذا فـعـلتم وأنـتم آخِـر الأُمـم

بـأهـل بـيتي وإخـواني ومـكرمتي

من بين أسرى وقتلى ضُرِّجوا بدم)(٢)

____________________

= فقام إليه رجل فقال: نظنّ خيراً ونراك قد ظفرت وقدرت، فإن عاقبت فقد اجترمنا ذلك، وإن عفوت فالعفو أحبُّ إلى الله.

فقال:(قد عفوت عنكم، فإيّاكم والفتنة، فإنّكم أوّل الرعيّة نكث البيعة وشقّ عصا هذه الأمّة!) (الإرشاد: ١: ٢٥٧).

لقد تمكّنت عائشة وطلحة والزبير وابنه عبد الله ومن ورائهم عصبة أُخرى من المنافقين - ممّن تخلّفوا عن بيعة أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام - من أمثال عبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقّاص، ومحمّد بن سلمة، من خداع أهل البصرة وكسب رأي جُلّ أهلها إلى صالحهم بدعوى مظلوميّة عثمان، فقاتلت البصرة آنذاك عليّاًعليه‌السلام ، وكان قد قتل منهم مقتلة عظيمة في الجَمل، الأمر الذي ترك أثره الواضح في مَيل جُلِّ أهلها إلى الهوى والرأي العثماني.

(١) كامل الزيارات: ٩٣، باب ٢٩، حديث رقم ١.

(٢) كامل الزيارات: ١٠١ - ١٠٢، باب ٢٩، حديث رقم ٦.

٣٧

وروى (ره) أيضاً بسندٍ عن داود الرقّي، قال: (حدّثتني جدّتي أنّ الجنّ لما قُتل الحسينعليه‌السلام بكت عليه بهذه الأبيات:

يا عـين جـودي بـالعَبر

وابـكـي فـقد حـقَّ الـخبر

ابـكي ابـن فـاطمة الـذي

ورد الـفـرات فـما صـدر

الـجـنُّ تـبـكي شـجْـوها

لـمّـا أتى مـنه الـخبر

قُـتِـل الـحـسين ورهـطه

تـعـساً لـذلـك مـن خـبر

فـلأبـكـيـنّك حرقة

عـنـد الـعـشاء وبـالسحَر

ولأبـكـينّك ما جرى

عِرقٌ وما حمل الشجر) (١) .

الطيور:

روى الخوارزمي بسند متّصل إلى المفضّل بن عمر الجعفي قال: (سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول:

(حدّثني أبي محمد بن عليّ عليهما‌السلام ، حدّثني أبي عليّ بن الحسين عليهما‌السلام قال: لما قُتل الحسين جاء غراب فوقع في دمه، ثمّ تمرّغ، ثمّ طار فوقع بالمدينة على جدار فاطمة بنت الحسين وهي الصغرى، فرفعت رأسها إليه فنظرته فبكت ...) (٢) .

وينقل العلاّمة المجلسيّ (ره) عن (بعض مؤلّفات أصحابنا) أنّه روي من طريق أهل البيتعليهم‌السلام أنّه:

(لما استُشهد الحسين عليه‌السلام بقي في كربلاء صريعاً، ودمه على الأرض مسفوحاً، وإذا بطائرٍ أبيض قد أتى وتمسّح بدمه، وجاء والدم يقطر منه، فرأى طيوراً تحت الظلال على الغصون والأشجار، وكلّ منهم يذكر الحَبّ والعلَف والماء،

____________________

(١) كامل الزيارات: ٩٧، باب ٢٩، حديث ١١.

(٢) مقتل الحسينعليه‌السلام ، للخوارزمي: ٢: ٩٢.

٣٨

فقال لهم ذلك الطير المتلطّخ بالدّم: يا ويلكم! أتشتغلون بالملاهي وذِكْر الدنيا والمناهي، والحسين في أرض كربلاء في هذا الحرّ مُلقىً على الرمضاء ظامئ مذبوح ودمه مسفوح، فعادت الطيور كلٌّ منهم قاصداً كربلاء، فرأوا سيّدنا الحسين مُلقىً في الأرض جثّة بلا رأس، ولا غُسل ولا كفن، قد سفت عليه السوافي وبدنه مرضوض قد هشّمته الخيل بحوافرها، زوّاره وحوش القِفار، وندبته جنّ السهول والأوعار، قد أضاء التراب من أنواره، وأزهر الجوّ من إزهاره .

فلما رأته الطيور تصايحن وأعلنّ بالبكاء والثبور، وتواقعن على دمه يتمرَّغن فيه، وطار كلّ واحدٍ منهم إلى ناحية، يُعلِم أهلها عن قتل أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام ...) (١) .

وروى الخوارزمي بسنده عن المشطاح الورّاق، قال: (سمعت الفتح بن سحرف(٢) ، العابد يقول: كنت أفتّ الحَبّ للعصافير كلّ يوم فكانت تأكل، فلما كان يوم عاشوراء فتتُّ لها فلم تأكل، فعلمت أنّها أمتنعت لقتل الحسين بن عليّعليهما‌السلام !)(٣) .

____________________

(١) البحار: ٤٥: ١٩١، ومدينة المعاجز: ٤: ٧٢، والعوالم: ١٧ ٥١٢ ح١.

(٢) في سير أعلام النبلاء ١٣: ٩٣ و ٨: ٣٨٧: الفتح بن شخرف، والظاهر أنّه توفِّي سنة ٧٣ هـ وفي تاريخ بغداد: ١٢: ٣٨٤: كان أحد العبّاد السيّاحين، ثمّ سكن بغداد وكان من المشهورين بالورع والصلاح إلى آخر عمره.

(٣) مقتل الحسينعليه‌السلام / للخوارزمي: ٢: ٩١، وفي بغية الطلب في تاريخ حلب ٦: ٢٦٥٧ لأحمد بن أبي جرادة الحلبي المتوفَّى سنة ٦٦٠ هـ: (عن أبي الفضل بن عبد السميع المنصوري يقول: سمعت الفتح بن شرف يقول: كنت أفتّ للنمل الخبز كلّ يوم، فلما كان يوم عاشوراء لم يأكلوه!).

٣٩

تحوُّل الورس رماداً! وامتلاء اللحم ناراً ومرارة!

روى ابن شهر آشوب عن أحاديث ابن الحاشر قال: (كان عندنا رجل فخرج على الحسين، ثمّ جاء بجَمل وزعفران، فكلّما دقّوا الزعفران صار ناراً، فلطخت امرأته على يديها فصارت برصاء.

وقال: ونحر البعير، فكلّما جزّوا بالسكّين صار مكانها ناراً! فقطعوه فخرج منه النار! قال: فطبخوه ففارت القِدْر ناراً!)(١) .

وروى ابن عساكر بسنده، عن أبي حميد الطحّان قال: (كنت في خزاعة فجاؤوا بشيء من تركة الحسين، فقيل لهم: ننحر أو نبيع فنُقسّم؟

قالوا: انحروا. قال: فنُحر، فجُعل على جفْنة، فلما وضعت فارت ناراً!)(٢) .

وعنه أيضاً، بإسناده عن حمّاد بن زيد: حدّثني جميل بن مرّة قال: أصابوا إبلاً في عسكر الحسين يوم قُتل، فطبخوا منها، فصارت كالعلْقم!)(٣) .

ونقل الذهبي، عن يحيى بن معين: حدّثنا جرير، عن يزيد بن أبي زياد(٤) قال: قُتِل الحسين ولي أربع عشرة سنة، وصار الوَرْس الذي كان في عسكرهم رماداً! واحمرّت آفاق السماء! ونحروا ناقة في عسكرهم، فكانوا يرون في لحمها

____________________

(١) مناقب آل أبي طالبعليه‌السلام : ٣: ٢١٥، والبحار: ٤٥: ٣٠٢، والعوالم: ١٧: ٦١٧.

(٢) تاريخ ابن عساكر / ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام / تحقيق المحمودي: ٣٦٦، رقم ٣٠٨.

(٣) تاريخ ابن عساكر / ترجمة الإمام الحسينعليه‌السلام / تحقيق المحمودي: ٣٦٦ - ٣٦٧، رقم ٣٠٩، وانظر: سير أعلام النبلاء: ٣: ٣١٣.

(٤) قال محمد بن فضيل: كان من أئمّة الشيعة الكبار! وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود: لا أعلم أحداً ترك حديثه!

وقال محمّد بن عبد الله الحضرمي: مات سنة سبع وثلاثين ومئة. (راجع: تهذيب الكمال: ٣٢: ١٣٨ - ١٣٩).

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

جعل يطلب شربة من ماء البئر فلم يسق ، ثم أدخلوه سرباً وجصصوا عليه ، فأصبح ميتاً ، وأشهدوا عليه جماعة من الأعيان أنه مات وليس به أثر(1) .

ما قاله الإمام العسكري بعد هلاك المعتز :

حينما قتل المعتز خرج توقيع من الإمام العسكريعليه‌السلام يؤكد عزم المعتز على قتل الإمامعليه‌السلام قبل أن يُولَد له ، وفي ذلك دلالة واضحة على اعتقاد بني العباس بأن المولود هو صاحب الزمانعليه‌السلام الذي يقصم الجبّارين ويقيم دولة الحق.

عن أحمد بن محمد بن عبد الله ، قال : « خرج عن أبي محمدعليه‌السلام حين قتل الزبيري :هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه ، يزعم أنه يقتلني وليس لي عقب ، فكيف رأى قدرة الله فيه ؟ وولد له ولد سمّاه محمداً »(2) .

خامساً ـ المهتدي ( 255 ـ 256 ه‍ )

هو محمد بن الواثق بن المعتصم ، بويع بالخلافة في رجب سنة 255 ه‍ ، وقد نقل المؤرخون في ترجمته أنه كان من أحسن خلفاء بني العباس مذهباً ، وأجودهم طريقة ، وأكثرهم ورعاً وعبادة وزهادة ، وأنه اطّرح الغناء والشراب ، ومنع أصحاب السلطان من الظلم ، وكان يجلس للمظالم ، ويتقلّل في مأكوله وملبوسه(3) .

__________________

(1) الكامل في التاريخ 6 : 200 ، الفخري في الآداب السلطانية : 243 ، البداية والنهاية 11 : 16 ، سير أعلام النبلاء 12 : 533.

(2) أصول الكافي 1 : 329 / 5 ـ باب الاشارة والنص إلى صاحب الدارعليه‌السلام ، إكمال الدين : 430 / 3 ـ باب 42.

(3) راجع : تاريخ الخلفاء / السيوطي : 281 ، الكامل في التاريخ 6 : 223 ـ 224 ،

٨١

وهو بهذا التصرف استطاع الترفع على سيرة أسلافه العباسيين المعروفين بالترف والاسراف والمجون ومعاقرة الخمور وغيرها من مظاهر الانحراف ، لكن ثمة فرقاً بين السيرة الصالحة التي تكون واعزاً للحق والعدل والانصاف وتمنع صاحبها عن الظلم والجور ، والسيرة التي يفتعلها صاحبها أو يتصنّعها لأجل الخروج عن الاطار الشكلي الحاكم على الخلفاء المتقدمين ، وقد صرح بعض المؤرخين بأن المهتدي كان يتشبّه بعمر بن عبد العزيز(1) ، والتشبه غير التطبّع.

ونقل آخر عنه أنه قال لأحد جلسائه حين سأله عما هو فيه من التقشف في الأكل ، فقال : « انّي فكرت في أنه كان في بني اُمية عمر بن عبد العزيز ، وكان من التقلّل والتقشف على ما بلغك ، فغرت على بني هاشم ، فأخذت نفسي بما رأيت »(2) .

فالتزهّد هنا ناتج عن غيرة لا عن طبيعة وفطرة سليمة ، وبنوهاشم هنا خصوص بني العباس لا عمومهم ، لأن فيهم من قال فيه تعالي :( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (3) وفيهم آل البيت المعصومونعليهم‌السلام ، ويبين ذلك الخصوص في تصريحة بقول آخر : « أما تستحي بنو العباس أن لا يكون فيهم مثل عمر بن عبد العزيز ؟! »(4) ، فكانوا يطلقون لفظ بني هاشم على العباسيين في مقابل بني

__________________

البداية والنهاية 11 : 23 ، سير أعلام النبلاء 12 : 535 ، الفخري في الآداب السلطانية : 246.

(1) الفخري في الآداب السلطانية : 246.

(2) تاريخ الخلفاء للسيوطي : 281.

(3) سورة القلم : 68 / 4.

(4) `الكامل في التاريخ 6 : 224.

٨٢

اُمية.

ولو كان المهتدي محمود السيرة لخالف أسلافه في التعامل مع الإمامعليه‌السلام وأصحابه وشيعته ، لكنه انتهج نفس أساليبهم ، وكما يلي :

1 ـ مواقفه من الطالبيين :

تعرض نحو عشرين من العلويين للقتل صبراً أو الأسر أو السجن أو الترشيد خلال فترة حكومة المهتدي التي كانت أقلّ من سنة واحدة ، على ما نقله أبو الفرج وحده.

فقد قتل صبراً في أيام المهتدي محمد بن القاسم بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وطاهر بن أحمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقُتل أيضاً الحسين بن محمد بن حمزة بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

وَقَتل أصحاب عبد الله بن عبد العزيز ، يحيى بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد ، قُتل بقرية من قري الري في ولاية عبد الله بن عبد العزيز.

واُسِر محمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي ، أسره الحارث بن أسد وحمله إلى المدينة فتوفّي بالصفراء ، فقطع الحارث رجيلة وأخذ قيدين كانا فيهما ورمى بهما.

وقتل جعفر بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ، قتله سعيد الحاجب بالبصرة.

٨٣

وقتل بالسمّ موسى بن عبد الله بن موسى بن عبيد الله بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب ، وكان رجلاً صالحاً ، راوياً للحديث ، قد روي عنه عمر ابن شبّة ، ومحمد بن الحسن بن مسعود الزرقي ، ويحيى بن الحسن بن جعفر العلوي وغيرهم. وكان سعيد الحاجب حمله وحمل ابنه إدريس وابن أخيه محمد ابن يحيى بن عبد الله بن موسى ، وأبا الطاهر أحمد بن زيد بن الحسين بن عيسىٰ ابن زيد بن علي بن الحسين ، إلى العراق ، فعارضه بنو فزارة بالحاجز ، فأخذوهم من يده فمضوا بهم ، وأبى موسى أن يقبل ذلك منهم ، ورجع مع سعيد الحاجب ، فلما كان بزبالة دسّ إليه سمّاً فقتله(1) وأخذ رأسه وحمله إلى المهتدي في المحرم سنة 256 ه‍.

وأُسِرَ عيسىٰ بن إسماعيل بن جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله ابن جعفر ، أسره عبد الرحمن خليفة أبي الساج بالجار(2) ، وحمله فمات بالكوفة.

وقُتل محمد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن أبي الكرام بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، قتله عبد الله بن عزيز بين الري وقزوين.

ومات في الحبس علي بن موسى بن محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، حبسه عيسىٰ بن محمد المخزومي بمكة ، فمات في حبسه. ومات في الحبس أيضاً محمد بن الحسين بن عبد الرحمن بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، حمله عبد الله بن عبد العزيز عامل طاهر

__________________

(1) ذكر ذلك المسعودي أيضاً في مروج الذهب 4 : 429 وجعله في زمان المعتز.

(2) الجار : بلدة على البحر الأحمر.

٨٤

إلى سر من رأى ، وحمل معه علي بن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فحبسا جميعاً حتى ماتا في الحبس.

وكذلك إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، حبسه محمد بن أحمد بن عيسىٰ بن المنصور عامل المهتدي على المدينة ، فمات في حبسه ، ودفن في البقيع.

وكذلك عبد الله بن محمد بن يوسف بن إبراهيم بن موسى بن عبد الله بن الحسن ، حبسه أبو الساج بالمدينة ، فبقي بالحبس إلى ولاية محمد بن أحمد بن المنصور ، ثم توفي في حبسه ، فدفعه إلى أحمد بن الحسين بن محمد بن عبد الله بن داود بن الحسن فدفنه بالبقيع(1) .

ولم تكفّه سيرته الصالحة عن التصدي لشيعة الإمام والنكاية بهم ، بل كان مصداقاً للحقد التقليدي الذي يكنّه أسلافه العباسيون تجاهم ، فقد ذكر السيوطي أنه نفى جعفر بن محمود إلى بغداد ، وكره مكانه ، لأنّه نسب عنده إلى الرفض(2) .

2 ـ سيرة المهتدي مع الإمام العسكري عليه‌السلام :

حاول ( المهتدي ) العباسي التضييق على الإمام العسكريعليه‌السلام بشتى الوسائل ، وكان عازماً على قتل الإمامعليه‌السلام ، وهناك جملة من الروايات التي تؤيد ذلك :

__________________

(1) مقاتل الطالبيين : 435 ـ 439.

(2) تاريخ الخلفاء للسيوطي : 281.

٨٥

عن أبي هاشم الجعفري ، قال : « كنت محبوساً مع أبي محمدعليه‌السلام في حبس المهتدي ، فقال لي :يا أبا هاشم ، إن هذا الطاغية أراد أن يعبث بأمر الله في هذه الليلة ، وقد بتر الله عمره وجعله للمتولي بعده وليس لي ولد ، وسيرزقني الله ولداً بكرمه ولطفه ، فلما أصبحنا شغبت الأتراك على المهتدي وأعانهم العامة لما عرفوا من قوله بالاعتزال والقدر ، فقتلوه ونصبوا مكانه المعتمد وبايعوا له ، وكان المهتدي قد صحّح العزم على قتل أبي محمدعليه‌السلام ، فشغله الله بنفسه حتى قُتل ومضى إلى أليم العذاب »(1) .

ويبدو أن تاريخ اعتقال الإمامعليه‌السلام في أول حكم المهتدي ، لأنّهعليه‌السلام ذكر في هذا الحديث أنه ليس له ولد وسيرزقه الله ولداً بكرمه ولطفه ، وقد ولد الحجةعليه‌السلام في النصف من شعبان سنة 255 ه‍ ، وتولّى المهتدي في أول رجب سنة 255 ه‍.

وتتشابه أجواء هذا الحديث وتاريخه مع حديث عيسىٰ بن صبيح(2) الذي اعتقل مع الإمامعليه‌السلام قال : « دخل الحسن العسكريعليه‌السلام علينا الحبس ، وكنت به عارفاً إلى أن قال : قلت : ألك ولد ؟ قال :إي والله ، سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، فاما الآن فلا »(3) . فلعلّ الجملة المعترضة في حديث أبي هاشم الجعفري المتقدّم « وليس لي ولد » هي جواب للإمامعليه‌السلام عن سؤال

__________________

(1) إثبات الوصية : 252 ، مهج الدعوات : 343 ، بحار الأنوار 50 : 313 ، ونحوه في المناقب لابن شهرآشوب 4 : 463 ، الغيبة للشيخ الطوسي : 205 / 173 و 223 / 187 ، بحار الأنوار 50 : 303 / 79.

(2) في الفصول المهمة : عيسىٰ بن الفتح.

(3) الفصول المهمة 2 : 1087 ، بحار الأنوار 50 : 275 / 48 عن الخرائج والجرائح.

٨٦

عيسى بن صبيح الذي كان معهم في السجن.

وكان قبل ذلك قد تهدّد الإمامعليه‌السلام بالقتل وتوعّد شيعته ، فكتب أحمد بن محمد إلى الإمام العسكريعليه‌السلام حين أخذ المهتدي في قتل الموالي : يا سيدي ، الحمد لله الذي شغله عنّا ، فقد بلغني أنه يتهددك ويقول : والله لأجلينّهم عن جديد الأرض(1) . فوقّععليه‌السلام بخطه :ذلك أقصر لعمره ، عد من يومك هذا خمسة أيام ، ويُقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخاف يمرّ به ، وكان كما قال »عليه‌السلام (2) .

هلاك المهتدي :

لقد تنكّر المهتدي للاتراك ، وعزم على تقديم الأبناء ، فلمّا علموا بذلك استوحشوا منه وأظهروا الطعن عليه ، فأحضر جماعة منهم فضرب أعناقهم ، فاجتمع الأتراك وشغبوا ، فخرج إليهم المهتدي في السلاح ، واستنفر العامة ، وأباحهم دماء الأتراك وأموالهم ونهب منازلهم ، فتكاثر الأتراك عليه ، وافترقت العامة عنه حتى بقي وحده ، فسار إلى دار أحمد بن جميل صاحب الشرطة ، فلحقوه وأخذوه وحملوه على بغل وجراحاته تنطف دماً ، فحبسوه في الجوسق عند أحمد بن خاقان ، وقبّل المهتدي يده مراراً عديدة ، فدعوه إلى أن يخلع نفسه فأبى ، فقالوا : إنّه كتب بخطه رقعة لموسى بن بغا وبابكيال وجماعة من القواد أنه لا يغدر بهم ولا يغتالهم ولا يفتك بهم ولا يهمّ بذلك ، وأنه متى فعل ذلك فهم في

__________________

(1) جديد الأرض : وجهها.

(2) أصول الكافي 1 : 510 / 16 ، الإرشاد 2 : 333 ، إعلام الورى 2 : 144 ، بحار الأنوار 50 : 308 / 5.

٨٧

حلّ من بيعته والأمر إليهم يُقعِدون من شاءوا.

فاستحلوا بذلك نقض أمره ، فداسوا خصييه وصفعوه وقيل : خلعوا أصابع يديه من كفيّه ورجليه من كعبيه حتى ورمت كفاه وقدماه وفعلوا به غير شيء حتى مات في رجب سنة 256 ه‍(1) ، فكان تنكّره للأتراك أقصر لعمره ، وكان قتله بعد هوان واستخفاف كما قال الإمامعليه‌السلام .

سادساً ـ المعتمد ( 256 ـ 279 ه‍ )

وهو أحمد بن المتوكل بن المعتصم ، بويع سنة 256 ه‍ ، وكان هو وأخوه الموفق طلحة كالشريكين في الخلافة ، فله الخطبة والسكة والتسميّ بامرة المؤمنين ، ولأخيه طلحة الأمر والنهي وقيادة العساكر ومحاربة الأعداء وترتيب الوزراء والامراء ، وكان المعتمد مشغولاً عن ذلك بلذّاته(2) .

1 ـ مواقفه من الطالبيين :

لم تخرج سياسة المعتمد عن إطار السياسة العباسية القاضية بمراقبة أهل البيتعليهم‌السلام ومطاردة شيعتهم والقسوة على الطالبيين ، ففي أيام المعتمد قُتل علي بن إبراهيم بن الحسن بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي ، قُتل بسرّ من رأى على باب جعفر بن المعتمد ولا يدري من قتله ، وكذلك محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن ابن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن عمر بن علي ، ضَرَب عبد العزيز ابن أبي دلف عنقه صبراً بآبة ، وهي قرية بين قم وساوة.

وقُتل حمزة بن الحسن بن محمد بن جعفر بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله

__________________

(1) راجع : تاريخ اليعقوبي 2 : 506 ، الكامل في التارخ 6 : 221 ـ 223.

(2) الفخري في الآداب السلطانية : 250.

٨٨

ابن جعفر بن أبي طالبعليه‌السلام ، قتله صلاب التركي صبراً ومثّل به.

وقتل في أيام المعتمد أيضاً إبراهيم ومحمد ابنا الحسن بن علي بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، والحسن بن محمد بن زيد بن عيسىٰ بن زيد الحسين ، وإسماعيل بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.

وتوفّي في السجن بسرّ من رأى محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن ابن القاسم بن الحسن بن زيد الأكبر بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وتوفي أيضاً في السجن بسرّ من رأى موسى بن موسى بن محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن بن علي ، وكان حمل من مصر في أيام المعتز فبقي إلى هذا الوقت ثم مات ، وحمل سعيد الحاجب محمد بن أحمد بن عيسىٰ بن زيد بن علي ابن الحسين بن علي ، وحمل ابنيه أحمد وعلياً ، فتوفي محمد وابنه أحمد في الحبس.

وحُبس الحسين بن إبراهيم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي ، حبسه يعقوب بن الليث الصفار لما غلب على نيسابور ، ثمّ حمله معه حين خرج إلى طبرستان ، وتوفي في الطريقرضي‌الله‌عنه .

وتوفي في حبس يعقوب بنيسابور محمد بن عبد الله بن زيد بن عبيد الله بن زيد بن عبد الله بن الحسن بن زيد بن الحسن(1) .

وفي سنة 258 ه‍ اخرج أحمد بن طولون الطالبيين من مصر إلى المدينة ، ووجه معهم من ينفذهم ، وكان خروجهم في جمادي الآخرة ، وتخلف بعضهم حيث أراد أن يتوجه إلى المغرب ، فأخذه أحمد بن طولون وضربه مائة وخمسين

__________________

(1) مقاتل الطالبيين : 440 ـ 443.

٨٩

سوطاً وأطافه بالفسطاط(1) .

2 ـ موقفه من الإمام العسكري عليه‌السلام :

وفي زمان المعتمد اعتقل الإمام العسكريعليه‌السلام عدّة مرات ، فقد روي أنه سُلّم إلى نحرير ، وكان يضيق عليه ويؤذيه ، فقالت له امرأته : ويلك اتقي الله ، لا تدري من في منزلك ! وعرّفته صلاحه ، وقالت : إنّي أخاف عليك منه. فقال : لأرمينّه بين السباع ، ثم فعل ذلك به ، فرئيعليه‌السلام قائماً يصلي والسباع حوله(2) .

وحُبس عند علي بن جرين سنة 260 ه‍ ، وروي « أنه لما كان في صفر من هذه السنة جعلت اُم أبي محمدعليه‌السلام تخرج في الأحايين إلى خارج المدينة وتجسّ الأخبار ، حتى ورد عليها الخبر حين حبسه المعتمد في يدي علي بن جرين ، وحبس أخاه جعفراً معه ، وكان المعتمد يسأل علياً عن أخباره في كلّ مكان ووقت ، فيخبره أنه يصوم النهار ويصلي الليل ، فسأله يوماً من الأيام عن خبره فأخبره بمثل ذلك ، فقال له : أمضِ الساعة إليه وأقرئه مني السلام ، وقل له : انصرف إلى منزلك » إلى آخر الرواية وفيها أنهعليه‌السلام أبى أن يخرج من السجن حتى أخرجوا أخاه معه(3) ، رغم أن جعفراً كان يسيء إليه ويتربّص به.

وروى ابن حجر الهيتمي وغيره أنهعليه‌السلام أخرج بسبب حادثة الاستسقاء ، قال : « لمّا حبسعليه‌السلام قحط الناس بسرّ من رأى قحطاً شديداً ، فأمر المعتمد بن المتوكل بالخروج للاستسقاء ثلاثة أيام فلم يسقوا ، فخرج النصاري ومعهم

__________________

(1) تاريخ اليعقوبي 2 : 510.

(2) أصول الكافي 1 : 513 / 26 ـ باب مولد أبي محمد الحسن العسكريعليه‌السلام من كتاب الحجة ، بحار الأنوار 50 : 309 / 7.

(3) إثبات الوصية : 253 ، مهج الدعوات : 343 ، بحار الأنوار 50 : 313 ـ 314 و 330 / 2.

٩٠

راهب كلما مدّ يده إلى السماء هطلت ، ثمّ في اليوم الثاني كذلك ، فشكّ بعض الجهلة وارتدّ بعضهم ، فشقّ ذلك على المعتمد ، فأمر بإحضار الحسن الخالصعليه‌السلام وقال له : أدرك اُمّة جدك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن يهلكوا. فقال الحسن :يخرجون غداً وأنا أزيل الشكّ إن شاء الله ، وكلّم الخليفة في إطلاق أصحابه من السجن فأطلقهم.

فلمّا خرج الناس للاستسقاء ، ورفع الراهب يده مع النصاري غيّمت السماء ، فأمر الحسنعليه‌السلام بالقبض على يده ، فإذا فيها عظم آدمي ، فأخذه من يده وقال :استسق ، فرفع يده فزال الغيم وطلعت الشمس ، فعجب الناس من ذلك ، فقال المعتمد للحسنعليه‌السلام : ما هذا يا ابا محمد ؟ فقال :هذا عظم نبي ، ظفر به هذا الراهب من بعض القبور ، وما كشف من عظم نبي تحت السماء إلا هطلت بالمطر ، فامتحنوا ذلك العظم فكان كما قال ، وزالت الشبهة عن الناس ، ورجع الحسنعليه‌السلام إلى داره »(1) .

وهكذا كان ديدن الحكام العباسيين مع أهل البيتعليهم‌السلام حينما تضيق بهم السبل وتوصد أمامهم الأبواب ، يضطرون إلى اللجوء نحو معدن العلم وثاني الثقلين وباب حطّة وسفينة نوح ، يلتمسون النجاة مما يهدّد عروشهم ويبدّد عرى دولتهم.

لقد شدّد المعتمد على حصار الإمامعليه‌السلام واعتقاله ، لأنه يعلم أنه الإمام

__________________

(1) الصواعق المحرقة / ابن حجر الهيتمي : 124 ـ مكتبة القاهرة ـ مصر ـ 1385 ه‍ ، الفصول المهمة 2 : 1085 ـ 1087 ، نور الأبصار : 337 ، وأخرجه في إحقاق الحق 12 : 464 و 19 : 620 و 625 و 29 : 64 عن عدة مصادر ، وراجع : الخرائج والجرائح 1 : 441 / 23 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 458 ، بحار الأنوار 50 : 270 / 37.

٩١

الحادي عشر ، وأن ما بعده هو آخر أئمة أهل البيتعليهم‌السلام الذي يقضي على دعائم الظلم والجور ، ويطيح بدولة الظالمين ، وينشر العدل والقسط ، لهذا أراد أن يطفئ النور الثاني عشر ، ولكن الله أبي إلا أن يتمّ نوره.

روى الصيمري بالاسناد عن المحمودي ، قال : « رأيت بخطّ أبي محمدعليه‌السلام لما خرج من حبس المعتمد( يُرِيدُون لِيُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بأَفوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ ) »(1) .

وذكر نصر بن علي الجهضمي في ( مواليد الأئمةعليهم‌السلام ) أن الحسن بن علي العسكريعليه‌السلام قال عند ولادة محمد بن الحسنعليه‌السلام :« زعمت الظلمة أنّهم يقتلونني ليقطعوا هذا النسل ، كيف رأوا قدرة القادر ؟ » (2) .

وانتهت قصة صراع الإمام العسكريعليه‌السلام مع خلفاء بني العباس بشهادته مسموماً في الثامن من ربيع الأول سنة 260 ه‍ ، على المشهور من الأقوال في وفاته(3) ، وهو في الثامنة والعشرين أو التاسعة والعشرين من عمره الشريف ، ليبدأ بعد هذا التاريخ فصلاً جديداً من المأساة الكبري على يد المعتمد وجهازه الحاكم لم تزل آثاره باقية ولن تزول إلى أن يأذن الله بفرج وليه القائم المؤمّل والعدل المنتظرعليه‌السلام ليملأها قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

* * *

__________________

(1) مهج الدعوات : 334 ، إثبات الوصية : 255 ، بحار الأنوار 50 : 314 ، والآية من سورة الصف : 61 / 8.

(2) مهج الدعوات : 334.

(3) سنأتي على ذكر الأقوال في الفصل الأخير من هذا كتاب.

٩٢

الفصل الثّالث

الهوية الشخصية للإمام العسكري عليه‌السلام

نسبه عليه‌السلام

هو أبو محمد الحسن العسكري بن علي النقي بن محمد الجواد بن علي الرضا ابن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد باقر العلم بن علي زين العابدين ابن الحسين السبط الشهيد بن علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين صلوات الله عليهم أجمعين.

نَسَبٌ عليه من شَمْسِ الضُّحىٰ

نورٌ ، ومِنَ فَلَقِ الصَّباحِ عمودُ

اُمّه رضي الله تعالى عنها :

أمّ ولد ، يقال لها سوسن ، وتكنى أمّ الحسن ، وتعرف بالجدّة ، أي جدّة الإمام صاحب الزمانعليه‌السلام ، ولها أسماء اُخرى ، فيقال لها : حُديث ، وحُديثة ، وسليل ، وسمانة ، وشكل النوبية وغيرها(1) .

__________________

(1) راجع : أصول الكافي 1 : 503 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، التهذيب / الشيخ الطوسي 6 : 92 ـ باب 42 من كتاب المزار ، الإرشاد 2 : 313 ، إكمال الدين : 307 آخر باب 27 خبر اللوح ، إثبات الوصية : 244 ، دلائل الإمامة : 424 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، روضة

٩٣

ورجّح صاحب عيون المعجزات أن اسمها سليل ، حيث قال : « اسم اُمّهعليه‌السلام ـ على ما رواه أصحاب الحديث ـ سليل ( رضي الله عنها ) وقيل : حديث ، والصحيح سليل ، وكانت من العارفات الصالحات »(1) .

ولعلّ ذلك مبني على الحديث الوارد عن المعصوم ، وهو يشيد بفضلها وعفتها وصلاحها ، رواه المسعودي عن العالمعليه‌السلام أنه قال :« لمّا اُدخلت سليل اُمّ أبي محمد على أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : سليل مسلولة من الآفات والعاهات والأرجاس والأنجاس » (2) .

وبعثها الإمام العسكريعليه‌السلام إلى الحج سنة 259 ه‍ ، وأخبرها عما يناله سنة60 ، فأظهرت الجزع وبكت ، فقالعليه‌السلام :« لابد من وقوع أمر الله فلا تجزعي » وفي صفر سنة 260 ه‍ كانت في المدينة ، فجعلت تخرج إلى خارجها تتجسّس الأخبار وقد أخذها الحزن والقلق(3) .

وحينما اتصل بها خبر شهادة الإمامعليه‌السلام عادت إلى سامراء ، فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع أخيه جعفر من مطالبته إياها بالميراث ، وسعايته

__________________

الواعظين : 251 ، تاريخ مواليد الأئمةعليهم‌السلام / ابن الخشاب : 199 ـ مطبوع ضمن مجموعة نفيسة ـ مكتبة السيد المرعشي ـ قم ، الفصول المهمة 2 : 1080 ، تذكرة الخواص : 324 ، كشف الغمة 3 : 271 ، إعلام الورى 2 : 131 ، تاج المواليد : 133 ، بحار الأنوار 50 : 235 / 2 ، 236 / 5 و 7 ، 238 / 11.

(1) بحار الأنوار 50 : 238 / 11.

(2) إثبات الوصية : 244.

(3) راجع : إثبات الوصية : 253 ، مهج الدعوات : 343 ، بحار الأنوار 50 : 313 ، 330 / 2.

٩٤

بها إلى سلطان ، وكشف ما أمر الله عزوجل ستره(1) .

وتوفيت في سامراء وكانت قد أوصت أن تدفن في الدار إلى جنب ولدها الإمام العسكريعليه‌السلام ، فنازعهم جعفر وقال : الدار داري لا تدفن فيها(2) .

ولادته : عليه‌السلام

ولد الإمام العسكريعليه‌السلام يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الآخر سنة 232 ه‍ في مدينة جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو القول المشهور في ولادتهعليه‌السلام (3) .

ويؤيد ما رواه الطبري الإمامي بالاسناد عن الإمام العسكريعليه‌السلام ، أنه قال :« كان مولدي في ربيع الآخر سنة 232 من الهجرة » (4) .

ووقع اختلاف في تاريخ الولادة ومكانها ، فقيل : سنة 230 ه‍ ، أو 231 ، أو 233 ، وقيل : في شهر رمضان من سنة 232 ه‍ ، وقيل : يوم الاثنين الرابع من

__________________

(1) إكمال الدين : 474 / 25 ، بحار الأنوار 50 : 331 / 3.

(2) إكمال الدين : 442 / 15.

(3) إعلام الورى 2 : 131 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، الفصول المهمة 2 : 1079 ، نور الأبصار : 338 ، روضة الواعظين / ابن الفتال : 251 ـ منشورات الرضي ـ قم ، وذكرت سنة الولادة مع الشهر في المصادر التالية : اُصول الكافي 1 : 503 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، والارشاد 2 : 313 ، والتهذيب للشيخ الطوسي 6 : 92 ـ باب 42 من كتاب المزار ـ دار الكتب الاسلامية ـ طهران ، واقتصر كثيرون على ذكر السنة ، ومنهم ابن الأثير في الكامل 6 : 250 ـ آخر حوادث سنة 260 ه‍ ، وابن خلكان في الوفيات 2 : 94 ـ منشورات الرضي ـ قم ، وابن حجر في الصواعق المحرقة : 124 ، والسويدي في سبائك الذهب : 342 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت.

(4) دلائل الإمامة : 423 / 384.

٩٥

شهر ربيع الآخر ، أو السادس ، أو العاشر ، من سنة 232 ه‍ ، وقيل : في السادس من شهر ربيع الأول ، أو الثامن منه(1) .

وذكر الشيخ الحرّ العاملي أهمّ هذه الأقوال في بيتين من منظومته ، أشار فيهما إلى المشهور من الأقوال ، يقول :

مولده شهـر ربيع الآخر

وذاك في اليوم الشريف العاشر

في يوم الاثنين وقيل الرابعُ

وقيل في الثامـن وهو الشائعُ(2)

هذا من حيث تاريخ الولادة ، أما من حيث مكانها فقد ذكر بعضهم أنه ولدعليه‌السلام في سامراء سنة 231 ه‍(3) ، أو في ربيع الآخر سنة 232(4) ، وهذا لا يصح لأنّ الثابت في التاريخ أنّ المتوكل هو الذي استدعى الإمام أبا الحسن الهاديعليه‌السلام إلى سامراء ، وقد تولّى المتوكل ملك بني العباس في ذي الحجة سنة

__________________

(1) راجع : أصول الكافي 1 : 503 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، دلائل الإمامة : 423 ، الهداية الكبري / الخصيبي : 327 ـ مؤسسة البلاغ ـ بيروت ـ 1406 ه‍ ، روضة الواعضين : 251 ، الأئمة الاثنا عشر لابن طولون : 113 ، مصباح الكفعمي : 523 ـ طبعة اسماعيليان ـ قم ، المنتظم / ابن الجوزي 12 : 158 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت ، تذكرة الخواص : 324 ، تاريخ أهل البيت لكبار المحدثين والمؤرخين : 87 ـ مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام ـ 1410 ه‍ ، الانساب / للسمعاني 4 : 194 ـ دار الجنان ـ بيروت ، احقاق الحق / للتستري بشرح السيد المرعشي 29 : 59 عن تاريخ الأحمدي ، بحار الأنوار 50 : 236 ـ 238.

(2) الأنوار البهية / الشيخ عباس القمي : 250 ـ نشر الشريف الرضي ـ قم.

(3) تذكرة الخواص : 324.

(4) روضة الواعظين : 251 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، بحار الأنوار 50 : 236 / 5.

٩٦

232 ه‍ ، فكيف تكون ولادة الإمام العسكريعليه‌السلام في سامراء سنة 231 ه‍ أو في ربيع الآخر سنة 232 ه‍ ، وكلا التاريخين في زمان الواثق ، وهوعليه‌السلام لمّا يزل في المدينة.

ويعارض هذا أيضاً ما قدّمناه في الفصل الثاني من أنهعليه‌السلام غادر المدينة مع أبيهعليه‌السلام سنة 236 ه‍ على رواية المسعودي ، أو سنة 233 ه‍ على رواية الطبري ، أو سنة 243 ه‍ على رواية الشيخ المفيد ، أو سنة 234 ه‍ على ما حققه بعض الباحثين.

ولدينا بعض الأحاديث الصريحة بولادته في المدينة منها حديث أبي حمزة نصير الخادم(1) ، وحديث أحمد بن عيسىٰ العلوي الذي يصرح برؤيته بصريا وهي قرية على ثلاثة أميال من المدينة(2) ، كما نصّ المؤرخون والمحدثون الذين قدمنا ذكرهم في ولادته على أنهعليه‌السلام ولد في المدينة ومنهم : الشيخ المفيد ، والشيخ الطوسي ، وابن الفتال ، وابن الصباغ ، والشبلنجي ، والكنجي ، والسويدي وغيرهم(3) ، وقال ياقوت : « ولد بالمدينة ونقل إلى سامراء »(4) .

ألقابه : عليه‌السلام

أشهر ألقاب الإمام أبي محمدعليه‌السلام هو العسكري ، وقد اُطلق عليه وعلى

__________________

(1) أصول الكافي 1 : 509 / 11 ـ باب ميلاد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، الإرشاد 2 : 331 ، إثبات الوصية : 251 ، الخرائج والجرائح 1 : 436 / 814 ، إعلام الورى 1 : 145 ، بحار الأنوار 50 : 268 / 28.

(2) الغيبة / الشيخ الطوسي : 199 / 165.

(3) راجع : إحقاق الحق 12 : 458 ، 19 : 619 ، 29 : 59 عن عدة مصادر.

(4) معجم البلدان ـ المجلد الثالث : 328 ـ عسكر سامراء.

٩٧

أبيهعليه‌السلام ، لأنهما سكنا عسكر المعتصم الذي بناه لجيشه ، وهو اسم سرّ من رأى(1) .

وقيل : هو اسم محلّة في سامراء ، قال الشيخ الصدوق : سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون : إنّ المحلّة التي يسكنها الإمامان علي بن محمد والحسن ابن عليعليه‌السلام بسرّ من رأى كانت تسمّى عسكر ، فلذلك قيل لكلّ واحدٍ منهما العسكري(2) .

وكان هو وأبوه وجدهعليه‌السلام يعرف كلّ منهم في زمانه بابن الرضا(3) .

وهناك ألقاب اُخرى تطلق على الإمام العسكريعليه‌السلام وفي كلّ منها دلالة علي كمال من كمالاته أو مظهر من مظاهر شخصيته ، منها : الخالص ، الشافي ، الزكي ، المرضي ، الصامت ، الهادي ، الرفيق ، النقي ، المضيء ، المهتدي ، السراج ، وغيرها(4) من الألقاب التي تحكي مكارم أخلاقه وخصائصه السامية وصفاته الزكية.

__________________

(1) راجع : الانساب / للسمعاني 4 : 194 ـ 196 ، معجم البلدان ـ المجلد الثالث : 328 ، القاموس المحيط / الفيروز آبادي ـ عسكر ـ 2 : 92 ـ دار الجيل ـ بيروت ، الأئمة الاثنا عشر / لابن طولون : 113.

(2) علل الشرائع / الصدوق 1 : 230 ـ باب 176 ، معاني الأخبار / الصدوق : 65 ، بحار الأنوار 50 : 113 / 1 و 235 / 1.

(3) المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، الفصول المهمة 2 : 1080 ، إعلام الورى 2 : 131.

(4) دلائل الإمامة : 423 ـ 424 ، إعلام الورى 2 : 131 ، مناقب ابن شهر آشوب 4 : 455 ، الفصول المهمة 2 : 1080 ، إكمال الدين : 307 باب 27 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 142 ، بحار الأنوار 50 : 238.

٩٨

كنيته عليه‌السلام :

اشتهر الإمام العسكريعليه‌السلام بكنية واحدة عرف بها عند سائر المؤرخين والمحدثين ، هي أبو محمد ، وذكر الطبري الامامي أنهعليه‌السلام يكني أيضاً أبا الحسن(1) ولم أجده في غيره ، بل هي كنية أبيهعليه‌السلام .

حليته عليه‌السلام :

وصفه أحد معاصريه من رجال البلاط العباسي ، وهو أحمد بن عبيد الله بن خاقان(2) بقوله : « انه أسمر أعين ـ أي واسع العين ـ حسن القامة ، جميل الوجه ، جيد البدن ، له جلالة وهيئة حسنة »(3) .

وقال ابن الصباغ : « صفته بين السمرة والبياض »(4) .

وجاء في صفة لباسه : « أنه كان يلبس ثياباً بيضاء ناعمة ، ويلبس مسحاً أسود خشناً على جلده ، ويقول :هذا لله ، وهذا لكم »(5) .

__________________

(1) دلائل الإمامة : 424.

(2) ترجم له النجاشي في رجاله : 87 / 213 وقال : ذكره أصحابنا في المصنفين ، وأن له كتاباً يصف فيه سيدنا أبا محمدعليه‌السلام ، ولم أر هذا الكتاب ، وقال الشيخ الطوسي : له مجلس يصف فيه أبا محمد الحسن بن عليعليه‌السلام ، أخبرنا به ابن أبي جيد ، عن ابن الوليد ، عن عبد الله بن جعفر الحميري ، الفهرست : 81 / 102 ـ مكتبة المحقق الطباطبايي ـ قم ـ 1420 ه‍.

(3) أصول الكافي 1 : 503 / 1 ـ باب مولد أبي محمد الحسن بن عليعليه‌السلام من كتاب الحجة ، الإرشاد 2 : 321 ، إكمال الدين 1 : 40 مقدمة المصنف ، إعلام الورى 2 : 147 ، الخرائج والجرائح 2 : 901.

(4) الفصول المهمة 2 : 1081 ، نور الأبصار : 338.

(5) الغيبة / للشيخ الطوسي : 247 / 216.

٩٩

نقش خاتمه عليه‌السلام :

كان نقش خاتمه :سبحان من له مقاليد السماوات والأرض (1) . وقيل : أنا لله شهيد(2) . وفي نسخة من البحار : إنّ الله شهيد(3) .

وقال الطبري الإمامي : « كان له خاتم فصّه : الله وليي »(4) .

بوابه عليه‌السلام :

المشهور أنّ بوابه هو وكيلة الثقة الجليل ، العظيم الشأن عثمان بن سعيد العمريرضي‌الله‌عنه . وقيل : ابنه محمد بن عثمان. وقال ابن شهر آشوب : الحسين بن روح النوبختي ، وقيل : محمد بن نصير ، ورجّح الطبري صحّة الأول(5) .

شاعره عليه‌السلام :

قيل : هو أبو الحسن علي بن العباس ، المعروف بابن الرومي ( 221 ـ 283 ه‍ )(6) ولم أجد قصيدة لابن الرومي في الإمامعليه‌السلام ، نعم توجد له قصيدة رائعة في مدح أبي الحسين يحيى بن عمر بن الحسين بن زيد بن عليعليه‌السلام ،

__________________

(1) الفصول المهمة 2 : 1081 ، نور الأبصار : 338 ، بحار الأنوار 50 : 238 / 9.

(2) مصباح الكفعمي : 523 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 142.

(3) بحار الأنوار 50 : 238 / 12.

(4) دلائل الإمامة : 425.

(5) راجع : تاريخ الأئمة لابن أبي الثلج : 33 ـ مكتبة السيد المرعشي ـ قم ـ ضمن مجموعة نفيسة ، مصباح الكفعمي : 523 ، المناقب لابن شهر آشوب 4 : 455 ، دلائل الإمامة : 425 ، التتمة في تواريخ الأئمةعليهم‌السلام : 143.

(6) الفصول المهمة 2 : 1081 ، نور الأبصار : 338.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228