اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)

اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)0%

اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام علي بن الحسين عليه السلام
الصفحات: 193

اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الصفحات: 193
المشاهدات: 50121
تحميل: 6828

توضيحات:

اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 193 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 50121 / تحميل: 6828
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)

اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وأعراف تشريعية وأوضاع اجتماعية مختلفة بحكم تفاعلهم مع الشعوب التي دخلت في دين الله أفواجاً، وكان لا بدّ من عمل على الصعيد العلمي يؤكّد في المسلمين أصالتهم الفكرية وشخصيتهم التشريعية المتميزة المستمدة من الكتاب والسنّة، وكان لا بدّ من حركة فكرية اجتهادية تفتح آفاقهم الذهنية ضمن ذلك الإطار لكي يستطيعوا أن يحملوا مشعل الكتاب والسنّة بروح المجتهد البصير والممارس الذكيّ الذي يستطيع أن يستنبط منها ما يفيده في كلّ ما يستجدّ له من حالات.

كان لا بد إذن من تأصيل للشخصية الإسلامية ومن زرع بذور الاجتهاد، وهذا ما قام به الإمام عليّ بن الحسينعليه‌السلام فقد بدأ حلقة من البحث والدرس في مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ...

وأمّا الخطر الآخر : فقد نجم عن موجة الرخاء التي سادت المجتمع الإسلامي في أعقاب ذلك الامتداد الهائل، لأنّ موجات الرخاء تعرّض أيّ مجتمع إلى خطر الانسياق مع ملذّات الدنيا والإسراف في زينة هذه الحياة المحدودة وانطفاء الشعور الملتهب بالقيم الخلقية والصلة الروحية بالله واليوم الآخر، وبما تضعه هذه الصلة أمام الإنسان من أهداف كبيرة، وهذا ما وقع فعلاً، وتكفي نظرة واحدة في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني ليتّضح الحال.

وقد أحسّ الإمام عليّ بن الحسين بهذا الخطر، وبدأ بعلاجه، واتّخذ من الدعاء أساساً لهذا العلاج، وكانت الصحيفة السجادية من نتائج ذلك، فقد استطاع هذا الإمام العظيم بما أوتي من بلاغة فريدة وقدرة فائقة على أساليب التعبير العربي وذهنية ربّانية تتفتّق عن أروع المعاني وأدقّها في تصوير صلة الإنسان بربّه ووجده بخالقه وتعلّقه بمبدئه ومعاده وتجسيد ما يعبّر عنه ذلك

من قيم خلقية وحقوق وواجبات.

أقول : قد استطاع الإمام عليّ بن الحسين بما أوتي من هذه المواهب أن ينشر من خلال الدعاء جوّاً روحياً في المجتمع الإسلامي يساهم في تثبيت الإنسان المسلم عندما تعصف به المغريات، وشدّه إلى ربّه حينما تجرّه الأرض إليها وتأكيد ما نشأ عليه من قيم روحية، لكي يظلّ أميناً عليها في عصر الغنى والثروة كما كان أميناً عليها وهو يشدّ حجر المجاعة على بطنه.

١٨١

وهكذا نعرف أنّ الصحيفة السجادية تعبّر عن عمل اجتماعي عظيم كانت ضرورة المرحلة تفرضه على الإمام، إضافةً إلى كونها تراثاً ربّانياً فريداً يظلّ على مرّ الدهور مصدر عطاء ومشعل هداية ومدرسة أخلاق وتهذيب وتظلّ الإنسانية بحاجة إلى هذا التراث المحمّدي العلوي، وتزداد حاجةً كلّما ازداد الشيطان إغراءً والدنيا فتنة) (١) .

سند الصحيفة السجادية :

ينتهي سند الصحيفة إلى الإمام أبي جعفر محمد الباقرعليه‌السلام وإلى أخيه الشهيد زيد بن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، وقد ذكرت سلسلة السند في مقدمة الصحيفة، وحظي هذا السند بالتواتر، وما زال العلماء يتلقّونها موصولة الإسناد بالإسناد.

قال السيّد محسن الأمين العاملي: (وبلاغة ألفاظها ـ أي الصحيفة ـ وفصاحتها التي لا تبارى وعلوّ مضامينها وما فيها من أنواع التذلّل لله تعالى والثناء عليه والأساليب العجيبة في طلب عفوه وكرمه والتوسّل إليه أقوى شاهد على صحّة نسبتها، وإنّ هذا الدرّ من ذلك البحر، وهذا الجوهر من ذلك

ــــــــــــــ

(١) نقلاً عن مقدمة السيد الشهيد محمد باقر الصدر على الصحيفة السجّادية الكاملة .

١٨٢

المعدن، وهذا الثمر من ذلك الشجر، مضافاً إلى اشتهارها شهرةً لا تقبل الريب، وتعدّد أسانيدها المتّصلة إلى منشئها صلوات الله عليه وعلى آبائه وأبنائه الطاهرين، فقد رواها الثقات بأسانيدهم المتعدّدة المتّصلة إلى زين العابدين عليه‌السلام وقد كانت منها نسخة عند زيد الشهيد ثمّ انتقلت إلى أولاده، وإلى أولاد عبد الله بن الحسن المثنّى، كما هو مذكور في أوّلها، مضافاً إلى ما كان عند الباقر عليه‌السلام من نسختها، وقد اعتنى بها عامّة الناس فضلاً عن العلماء اعتناءً بروايتها وضبط ألفاظها ونسخها، وواظبوا على الدعاء بأدعيتها في الليل والنهار والعشي والإبكار) (١) .

شروح الصحيفة السجادية :

عكف العلماء على دراسة الصحيفة السجادية وشرحها وإيضاح مقاصدها، وقد اُلّفت في ذلك مجموعة من الكتب القيّمة ذكرها شيخ المحقّقين الشيخ آغا بزرك الطهراني في موسوعته المعروفة بـ (الذريعة إلى تصانيف الشيعة). وقد أحصى ستّة وستين شرحاً لها.

وصف الصحيفة بـ (الكاملة) :

١ ـ ذكروا أنّ سبب تسمية هذه الصحيفة بـ (الكاملة) هو أنّ لدى الزيدية نسخة ناقصة من هذه الصحيفة تصل إلى نصفها، ولذلك عرفت هذه الصحيفة بالكاملة (٢).

٢ ـ وذهب البعض إلى أنّ السبب في إطلاق هذه الصفة على الصحيفة

ــــــــــــــ

(١) حياة الإمام زين العابدين : ٣٧٥ ، وراجع شجرة طرق أسانيد الصحيفة السجادية المطبوعة في مؤسسة الإمام المهديعليه‌السلام بإشراف السيد الأبطحي .

(٢) حياة الإمام زين العابدينعليه‌السلام : ١٩٠ .

١٨٣

هو كونها تمثّل مجموعة كاملة تنتظم حاجات العبد من الله تعالى في أغلب الموارد وحول أغلب المتطلّبات (١) .

الصحيفة السجادية الجامعة :

قال جامعها: ويستفاد من ديباجة نسخ الصحيفة السجادية المتداولة أنّ عدد أدعيتها (٧٥) دعاءً إلاّ أنّ عدد الأدعية الموجودة فيها الآن برواية محمد ابن أحمد المطهّري هي (٥٤) دعاءً.

وقد اُلّفت صحائف أُخرى جمعت أدعيتهعليه‌السلام وذكر في بعضها تلك الأدعية الساقطة .

ثمّ ذكر خمس صحائف أُخرى ، ومن هنا بادرت مؤسسة الإمام المهديعليه‌السلام إلى جمع أدعيته وتنظيمها بالشكل الذي حافظ على سلامة ترتيب الأدعية الموجودة في الصحيفة الكاملة المتداولة.

قال : ولمّا كانت الصحيفة الكاملة تعدّ من المتواترات لاختصاصها بالإجازة والرواية في كلّ طبقة وعصر لذلك جُمعت بعض أسانيدها وإجازاتها المتكثّرة، ورُتّبت شجرة للأسانيد على غرار شجرة الأنساب مع ترجمة أكثر رواة السند المتداول للصحيفة الكاملة، وعمل لها مجموعة من الفهارس الفنيّة اللازمة فازدانت بها جمالاً وكمالاً.

وللتحقّق ممّا قلناه من أنّها (مجموعة كاملة تنتظم حاجات العبد من الله تعالى) يجدر بنا أن نلقي نظرة سريعة إلى الخطوط العريضة على الفهرس الموضوعي لهذه الصحيفة الجامعة(٢) .

ــــــــــــــ

(١) حياة الإمام زين العابدينعليه‌السلام السيد جعفر شهيدي : ١٩١ .

(٢) راجع مقدمة الصحيفة السجادية الجامعة.

١٨٤

الموضوعات العامّة للصحيفة الجامعة :

١ ـ أدعيتهعليه‌السلام في التحميد والتوحيد والتمجيد ، وفيها (٨) أدعية .

٢ ـ أدعيته في الصلوات ، وهي (١٤) دعاءً .

٣ ـ دعاؤه لنفسه وخاصّته .

٤ ـ أدعيته في الصباح والمساء ، وفيها (٨) أدعية .

٥ ـ أدعيته في المهمّات والكربات والاستعاذة ، وفيها (٦) أدعية .

٦ ـ أدعيته في الاعتراف والاستغفار ، وفيها (٩) أدعية .

٧ ـ أدعيته في طلب الحوائج وقضائها ، وفيها (٥) أدعية .

٨ ـ أدعيته إذا اعتُدي عليه ، وفيها دعاءان .

٩ ـ أدعيته في الأمراض والبلايا ، وفيها (٣) أدعية .

١٠ ـ دعاؤه في الاستقالة .

١١ ـ دعاؤه في الاستعاذة من الشيطان .

١٢ ـ أدعيته في الحذر ، وفيها دعاءان .

١٣ ـ أدعيته في الاستسقاء ، وفيها دعاءان .

١٤ ـ أدعيته في مكارم الأخلاق ، وفيها دعاءان .

١٥ ـ أدعيته في الحزن والشدّة ، وفيها (٤) أدعية .

١٦ ـ أدعيته في العافية ، وفيها دعاءان .

١٧ ـ أدعيته فيمن دعا لهم، وهم : الأبوان والولد والجيران والأولياء وأهل الثغور وجملة من الأشخاص .

١٨ ـ أدعيته فيمن دعا عليهم.

١٩ ـ أدعيته في الفزع إلى الله ، وفيها دعاءان .

٢٠ ـ أدعيته في الرزق وقضاء الدين ، وفيها (٤) أدعية .

٢١ ـ أدعيته في التوبة ، وفيها دعاءان .

٢٢ ـ أدعيته في التهجّد ، وفيها (١٥) دعاءً .

١٨٥

٢٣ ـ أدعيته في الاستخارة ، وفيها (٣) أدعية .

٢٤ ـ دعاؤه في الابتلاء .

٢٥ ـ دعاؤه في الرضا .

٢٦ ـ دعاؤه عند النظر إلى آيات الله .

٢٧ ـ دعاؤه عند رؤية الهلال .

٢٨ ـ أدعيته في الشكر ، وفيها دعاءان .

٢٩ ـ أدعيته في الاعتذار من التبعات ، وفيها دعاءان .

٣٠ ـ أدعيته في طلب الرحمة وذكر الموت ، وفيها (٧) أدعية .

٣١ ـ دعاؤه في طلب الستر والوقاية .

٣٢ ـ دعاؤه عند ختم القرآن .

٣٣ ـ أدعيته في الأشهر الثلاثة ، وفيها (٣٤) دعاءً .

٣٤ ـ أدعيته في الأيام المباركة ، وفيها (٨) أدعية .

٣٥ ـ دعاؤه في الملتزم .

٣٦ ـ أدعيته لدفع الأعداء ، وفيها (١٠) أدعية .

٣٧ ـ أدعيته في الاحتجاب والرهبة ، وفيها دعاءان .

٣٨ ـ أدعيته في التضرّع والتذلّل ، وفيها (٨) أدعية .

٣٩ ـ أدعيته لكشف الهموم ودفع المصائب والاحتراز، وفيها(١١) دعاءً.

٤٠ ـ أدعيته في المناجاة ، وفيها (٣٩) دعاءً .

٤١ ـ أدعيته في الاستجابة والقنوت ، وفيها (٣) أدعية .

٤٢ ـ أدعيته في السجود ، وفيها (١٠) أدعية .

٤٣ ـ أدعيته في الأيام ، وفيها (٣٦) دعاءً .

٤٤ ـ أدعيته في الزيارات ، وفيها دعاءان .

٤٥ ـ أدعيته في مطالب الدنيا والآخرة ، وفيها (٣) أدعية .

٤٦ ـ أدعيته عند الطعام ، وفيها (٣) أدعية .

١٨٦

٤٧ ـ أدعيته في صدر الموعظة وآخرها ، وفيها دعاءان .

٤٨ ـ أدعيته إذا خرج من منزله أو آوى إلى فراشه أو طلى بالنورة.

٤٩ ـ دعاؤه عند محاكمته محمد بن الحنفيّة إلى الحجر الأسود .

٥٠ ـ دعاؤه الذي فيه الاسم الأعظم .

الفصل الرابع: مدرسة الإمام زين العابدينعليه‌السلام

إنّ حالة الجمود الفكريّ والركود العلميّ التي أصابت الأمة الإسلامية بسبب سيطرة بني أميّة على الحكم كانت تستدعي حركة فكرية اجتهادية تفتح الآفاق الذهنية للمسلمين كي يستطيعوا أن يحملوا مشعل الكتاب والسنّة بروح المجتهد البصير، وهذا ما قام به الإمام زين العابدينعليه‌السلام فانبرى إلى تأسيس مدرسة علمية وإيجاد حركة فكرية بما بدأه من حلقات البحث والدرس في مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبما كان يثيره في خطبه في صلوات الجُمَع أسبوعياً.

أخذ الإمامعليه‌السلام يحدّث بصنوف المعرفة الإسلامية من تفسير وحديث وفقه وعقائد وأخلاق، ويفيض عليهم من علوم آبائه الطاهرين ويمرّن النابهين منهم على التفقّه والاستنباط.

وقد تخرّج من هذه الحلقة عدد مهمّ من فقهاء المسلمين، وكانت هذه الحلقة هي المنطلق لما نشأ بعد ذلك من مدارس فقهية وشخصيات علمية(١) .

ونلمس من خلال ما ورد عن الإمامعليه‌السلام من أحاديث ترتبط بالعلم والعلماء أنّه قد خطّط لهذه الحركة العلمية تخطيطاً بارعاً ، فهو بالإضافة إلى

ــــــــــــــ

(١) راجع مقدمة السيد الشهيد محمد باقر الصدر للصحيفة السجادية .

١٨٧

تفرّغه للتعليم ـ بالرغم من جميع الهموم والآلام التي تركتها له واقعة الطفّ الأليمة وما تلاها من حوادث مؤلمة في العالم الإسلامي ـ نجده يشيد بفضل العلم ويحثّ المستعدّين للتعلّم حثّاً أكيداً قولاً وعملاً، وتكريماً من جهة، كما نجده يرسم للمتعلّمين آداب التعلّم، ويبيّن حقوق المعلّم والمتعلّم، ويرغّبهما في تحمّل هذا العبء ببيان ثواب التعلّم والتعليم، بحيث استطاع أن يجمع عدداً كبيراً من طلاّب المعرفة الذين عُرفوا بالقرّاء باعتبار أنّ قراءة القرآن وحفظه وتعليم تفسيره كانت هي المحور في التعلّم والتعليم حينذاك، ولم يكن للحديث أو السيرة أو الفقه تدوين وتأليف باعتبار الحظر الذي أوجدته السلطة بعد غياب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلم يكن الخط العام في صالح هذه الحركة الفكرية .

ومع كلّ هذا نلاحظ احتفاء القرّاء والفقهاء والعلماء بالإمام بنحو لا نجد له نظيراً في غيره من العصور ، فإنّ القرّاء كانوا لا يفارقونه في حضر أو سفر حتى قال سعيد بن المسيّب : إنّ القرّاء كانوا لا يخرجون إلى مكّة حتّى يخرج عليّ بن الحسين، فخرج وخرجنا معه ألف راكب(١) .

قالعليه‌السلام مشيداً بفضل العلم وثوابه وأهمّيته : (لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللجج، إنّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى دانيال : إنّ أمقت عبيدي إليّ الجاهل المستخفّ بحقّ أهل العلم، التارك للإقتداء بهم ، وإنّ أحبّ عبيدي إليّ التقيّ الطالب للثواب الجزيل اللازم للعلماء التابع للحلماء القابل عن الحكماء) (٢) .

(طالب العلم إذا خرج من منزله لم يضع رجلاً على رطب ولا يابس

ــــــــــــــ

(١) من مقدمة السيد الشهيد محمد باقر الصدر للصحيفة السجادية.

(٢) أُصول الكافي : ١ / ٣٥ .

١٨٨

من الأرض إلاّ سبّحت له الأرضون السبع) (١) .

وكانعليه‌السلام يكرم طلاّب العلوم ويرفع منزلتهم ويرحّب بهم قائلاً :(مرحباً بوصيّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) . وكان إذا نظر إلى الشباب وهم يطلبون العلم أدناهم إليه وقال :(مرحباً بكم أنتم ودائع العلم، ويوشك إذ أنتم صغار قوم أن تكونوا كبار آخرين) (٢) .

وقد لاحظنا ما جاء في رسالة الحقوق من الإشادة بفضل العالم وحقوقه على المتعلّمين من التعظيم له والتوقير لمجلسه وحسن الاستماع إليه والإقبال عليه وعدم رفع الصوت عليه والدفاع عنه وستر عيوبه وإظهار مناقبه وعدم مجالسة أعدائه وعدم معاداة أوليائه.

كما نلاحظ تأكيده على عدم كتمان العلم وعدم التجبّر بالنسبة للمتعلّمين وحسن الإتقان في فنّ التعليم وعدم ابتغاء الأجر المادّي على التعاليم.

كلّ هذا يشير إلى تخطيط واضح في سلوك الإمامعليه‌السلام لإيجاد حركة ثقافية واسعة وتأسيس تيّار ثقافي يتسنّى له أن يقف أمام التيّارات المنحرفة والتخطيط الأموي الذي لم يرق له تفتّح الوعي الإسلامي عند أبناء المسلمين.

وقد خرّجت مدرسة الإمام زين العابدينعليه‌السلام كوكبةً من العلماء الفقهاء والمفسّرين الذين سطعت أسماؤهم في العالم الإسلامي، وإليهم يعود الفضل في دفع عجلة الإحياء العلميّ في ذلك العصر الرهيب وما تلاه من عصور. ونشير فيما يلي إلى الأسماء اللاّمعة في هذا الصدد:

١ ـ ٣ ـ وفي مقدمتهم الإمام أبو جعفر الباقرعليه‌السلام وأخواه: زيد والحسين ابنا عليّ بن الحسين بن عليّعليهم‌السلام .

ــــــــــــــ

(١) حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام : ٢٣ .

(٢) الدرّ النظيم : ١٧٣ .

١٨٩

٤ ـ أبان بن تغلب بن رباح ، أبو سعيد البكري الجريري: كوفيّ المولد والنشأة، وكان نابهاً ومقدّماً في كلّ فن، من قرآن وحديث وأدب ولغة ونحو، وتتلمذ عند الأئمّة الثلاثة: السجاد والباقر والصادقعليهم‌السلام ، وكان يقول له الإمام الباقرعليه‌السلام :(اجلس في مسجد المدينة وافتِ الناس فإنّي أُحب أن يُرى في شيعتي مثلك) وألّف أبان في تفسير غريب القرآن وفي فضائل أهل البيت كما روى ما يناهز ثلاثين ألف حديث عن أئمّتهعليهم‌السلام (١) .

٥ ـ إسماعيل بن عبد الخالق: وجه من وجوه أصحاب الأئمّة وفقيه من فقهائهم، وأدرك الإمام الصادقعليه‌السلام وروى عنه وعن الإمام الباقر والسجّاد أيضاً(٢) .

٦ ـ ثابت بن أبي صفيّة : وهو أبو حمزة الثمالي، عالم جليل ورع تقيّ، تربّى بآداب أهل البيت وحمل علومهم ومعارفهم ، وأجمع المترجمون على وثاقته وأنّه كسلمان الفارسي في زمانه، وكانت الشيعة ترجع إليه في الكوفة لإحاطته بفقه أهل البيتعليهم‌السلام .

٧ ـ رشيد الهجري : من أبطال الإسلام وأعلام الجهاد، وقد صلبه الأمويون من أجل عقيدته وولائه لأهل البيتعليهم‌السلام .

٨ ـ زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، كان يتولّى صدقات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان جليل القدر كريم الطبع زكيّ النفس كثير البرّ.

٩ ـ سعيد بن جبير ، أبو محمد مولى بني والبة: كوفي تابعي نزل مكّة وهو من أعلام المجاهدين، وكان من أبرز علماء عصره في التفسير والفقه وأنواع العلوم، واستشهد بأمر الحجّاج في شعبان (٩٥ هـ).

ــــــــــــــ

(١) راجع ترجمته بالتفصيل في حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام : ٥٢٢ ـ ٥٢٧ .

(٢) المصدر السابق : ٥٢٩ .

١٩٠

١٠ ـ سعيد بن المسيّب المخزومي : من كبار التابعين، وقال فيه الإمام زين العابدينعليه‌السلام : إنّه أعلم الناس بما تقدّمه من الآثار وأفصحهم في زمانه، وكان يبجّل الإمام كثيراً(١)

إنّ هؤلاء بعض تلامذته والرواة عنه، على أنّ الإمامعليه‌السلام كان يربّي الموالي بشكل ليس له نظير، وكلّ من أعتقه الإمام يمكن أن يعدّ ممّن تربّى على يد الإمام ، فلا ينحصر تراث الإمام فيما كتب وما روي عنه فقط ، بل يمكن أن يتّسع لكلّ عمل تربوي صدر عن الإمام وبقيت آثاره في المجتمع الإسلامي ولو كان متجسّداً في سلوك هؤلاء الموالي وأفكارهم واتجاهاتهم .

ــــــــــــــ

(١) راجع تفصيل البحث عن رواة حديث الإمام وتلامذته (حياة الإمام زين العابدينعليه‌السلام : ٥١٧ ـ ٥٨٧).

١٩١

الفهرست

المقدمة ٤

الباب الأول: فيه فصول: ١٠

الفصل الأوّل: الإمام زين العابدين عليه‌السلام في سطور ١٠

الفصل الثاني: انطباعات عن شخصيّة الإمام زين العابدين عليه‌السلام.... ١٤

آراء العلماء والمؤرخين فيه عليه‌السلام: ١٧

الفصل الثالث: مظاهر من شخصيّة الإمام زين العابدين عليه‌السلام.... ٢٠

الحلم : ٢٠

السخاء : ٢١

تعامله مع الفقراء : ٢١

العزّة والإباء : ٢٦

الزهد : ٢٧

مع مماليكه : ٣٣

الباب الثاني: فيه فصول: ٣٤

الفصل الأول: نشأة الإمام زين العابدين عليه‌السلام.... ٣٤

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام.... ٣٨

الفصل الثالث: الإمام زين العابدين عليه‌السلام من الولادة إلى الإمامة ٤٠

النصّ على إمامة زين العابدين عليه‌السلام.... ٤٤

الإمام زين العابدين عليه‌السلام يوم عاشوراء : ٤٥

الباب الثالث: فيه فصول: ٤٧

الفصل الأول: الإمام زين العابدين عليه‌السلام من كربلاء إلى المدينة ٤٧

سبايا آل البيت عليهم‌السلام في دمشق : ٤٩

الفصل الثاني: الإمام زين العابدين عليه‌السلام في المدينة ٥٧

الفصل الثالث: استشهاد الإمام زين العابدين عليه‌السلام.... ٧٢

الباب الرابع: فيه فصول: ٧٤

١٩٢

الفصل الأوّل: نظرة عامة في مسيرة أهل البيت عليهم‌السلام الرسالية ٧٤

مضاعفات انهيار الدولة الإسلامية: ٧٩

الفصل الثاني: ملامح عصر الإمام زين العابدين عليه‌السلام.... ٨٨

الفصل الثالث: تخطيط الإمام زين العابدين عليه‌السلام وجهاده ٩١

١ ـ الجهاد الفكري والعلمي : ٩٤

٢ ـ الجهاد الاجتماعي والعملي : ٩٨

الفصل الرابع: ظواهر فذّة في حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام.... ١٠٣

عبادة الإمام : ١٠٥

الباب الخامس: فيه فصول: ١٣٥

الفصل الأول: من تراث الإمام زين العابدين عليه‌السلام.... ١٣٥

في رحاب القرآن الكريم : ١٣٧

أدب الإمام زين العابدين عليه‌السلام : ١٥٥

الفصل الثاني: رسالة الحقوق. ١٦٩

حقوق الأعضاء: ١٧٣

الفصل الثالث: في رحاب الصحيفة السجادية ١٧٨

الموضوعات العامّة للصحيفة الجامعة : ١٨٥

الفصل الرابع: مدرسة الإمام زين العابدين عليه‌السلام.... ١٨٧

١٩٣