اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)

اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)30%

اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام علي بن الحسين عليه السلام
الصفحات: 193

اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 193 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 53112 / تحميل: 7835
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)

اعلام الهداية الامام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

فقال عليه‌السلام له: (إن كُنّا كما قلت فنستغفر الله، وإن لم نكن كما قلت فغفر الله لك...) (١) .

السخاء :

أجمع المؤرِّخون على أنّه كان من أسخى الناس وأنداهم كفّاً، وأبرَّهم بالفقراء والضعفاء، وقد نقلوا نوادر كثيرة من فيض جوده، منها:

١ ـ مرض محمّد بن اُسامة فعاده الإمامعليه‌السلام ، ولمّا استقرّ به المجلس أجهش محمّد بالبكاء، فقال له الإمامعليه‌السلام :ما يبكيك؟ فقال: عليّ دين، فقال له الإمام:كم هو؟ فأجاب: خمسة عشر ألف دينار، فقال له الإمامعليه‌السلام :هي عليّ ، ولم يقم الإمام من مجلسه حتى دفعها له(٢) .

٢ ـ ومن كرمه وسخائه أنّه كان يطعم الناس إطعاماً عامّاً في كلّ يوم، وذلك في وقت الظهر في داره(٣) .

٣ ـ وكان يعول مائة بيت في السرّ، وكان في كلّ بيت جماعة من الناس(٤) .

تعامله مع الفقراء :

أ ـ تكريمه للفقراء : كانعليه‌السلام يحتفي بالفقراء ويرعى عواطفهم ومشاعرهم، فكان إذا أعطى سائلاً قبّله، حتى لا يُرى عليه أثر الذلّ

ــــــــــــــ

(١) الإرشاد : ١/١٤٦ عن نسب آل أبي طالب للعبيدلي النسّابة م ٢٧٠ هـ .

(٢) الإرشاد : ٢/١٤٩، ومناقب آل أبي طالب : ٤/١٦٣ وراجع: البداية والنهاية : ٩ / ١٠٥، وسير أعلام النبلاء : ٤ / ٢٣٩.

(٣) تأريخ اليعقوبي : ٢ / ٢٥٩ ط بيروت.

(٤) مناقب آل أبي طالب: ٤/١٦٦ عن الباقر عليه‌السلام وعن أحمد بن حنبل، وكشف الغمة: ٢/٢٨٩ عن مطالب السؤول عن حلية الأولياء ، وفي الكشف : ٢/٣١٢، عن الجنابذي، ولكن فيه: ٢/٣٠٤ عنه أيضاً عن الصادق عليه‌السلام قال: كان يعول سبعين بيتاً .

٢١

والحاجة(١) ، وكان إذا قصده سائل رحّب به وقال له:(مرحباً بمن يحمل زادي إلى دار الآخرة) (٢) .

ب ـ عطفه على الفقراء: كانعليه‌السلام كثير العطف والحنان على الفقراء والمساكين، وكان يعجبه أن يحضر على مائدة طعامه اليتامى والأضراء والزمنى والمساكين الذين لا حيلة لهم، وكان يناولهم بيده، كما كان يحمل لهم الطعام أو الحطب على ظهره حتى يأتي باباً من أبوابهم فيناولهم إيّاه(٣) . وبلغ من مراعاته لجانب الفقراء والعطف عليهم أنّه كره اجتذاذ النخل في الليل; وذلك لعدم حضور الفقراء في هذا الوقت فيحرمون من العطاء، فقد قالعليه‌السلام لقهرمانه وقد جذّ نخلاً له من آخر الليل:(لا تفعل، ألا تعلم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الحصاد والجذاذ بالليل؟!) . وكان يقول:(الضغث تعطيه من يسأل فذلك حقه يوم حصاده) (٤) .

ج ـ نهيه عن ردّ السائل: ونهى الإمامعليه‌السلام عن ردّ السائل; وذلك لما له من المضاعفات السيّئة التي منها زوال النعمة وفجأة النقمة.

وأكد الإمامعليه‌السلام على ضرورة ذلك في كثير من أحاديثه، فقد روى أبو حمزة الثمالي، قال: صلّيت مع عليّ بن الحسين الفجر بالمدينة يوم جمعة، فلمّا فرغ من صلاته نهض إلى منزله وأنا معه، فدعا مولاةً له تسمّى سكينة، فقال لها:(لا يعبر على بابي سائل إلاّ أطعمتموه فإنّ اليوم جمعة) ، فقال له أبو حمزة: ليس من يسأل مستحقاً، فقالعليه‌السلام :(أخاف أن يكون بعض من يسألنا مستحقاً فلا نطعمه،

ــــــــــــــ

(١) حلية الأولياء : ٣ / ١٣٧، وعنه في مناقب آل أبي طالب: ٤/١٦٧.

(٢) كشف الغمة : ٣/٢٨٨ عن مطالب السؤول للشافعي عن حلية الأولياء للاصفهاني.

(٣) مناقب آل أبي طالب : ٤/١٦٦ و ١٦٧ عن الباقر عليه‌السلام .

(٤) بحار الأنوار : ٤٦ / ٦٢.

٢٢

ونردّه فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله، أطعموهم، أطعموهم، إنّ يعقوب كان يذبح كلّ يوم كبشاً فيتصدّق منه، ويأكل منه هو وعياله، وإنّ سائلاً مؤمناً صوّاماً مستحقّاً، له عند الله منزلة اجتاز على باب يعقوب يوم جمعة عند أوان إفطاره، فجعل يهتف على بابه: أطعموا السائل الغريب الجائع من فضل طعامكم، وهم يسمعونه، قد جهلوا حقّه، ولم يصدّقوا قوله، فلمّا يئس منهم وغشيه الليل مضى على وجهه، وبات طاوياً يشكو جوعه إلى الله، وبات يعقوب وآل يعقوب شباعاً بطاناً وعندهم فضلة من طعامهم، فأوحى الله إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة: لقد أذللت عبدي ذلة استجررت بها غضبي، واستوجبت بها أدبي ونزول عقوبتي، وبلواي عليك وعلى ولدك، يا يعقوب أحبّ أنبيائي إليّ وأكرمهم عليّ من رحم مساكين عبادي وقرّبهم إليه وأطعمهم وكان لهم مأوى وملجأ، أما رحمت عبدي المجتهد في عبادته، القانع باليسير من ظاهر الدنيا؟! أما وعزّتي لأنزلنّ بك بلواي، ولأجعلنّك وولدك غرضاً للمصائب .

فقال أبو حمزة: جعلت فداك متى رأى يوسف الرؤيا؟

قال عليه‌السلام : في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآله شباعاً وبات السائل الفقير طاوياً جائعاً ) (١) .

صدقاته :

وكان من أعظم ما يصبو إليه الإمام زين العابدينعليه‌السلام في حياته الصدقة على الفقراء لإنعاشهم ورفع البؤس عنهم، وكانعليه‌السلام يحثّ على الصدقة; وذلك لما يترتّب عليها من الأجر الجزيل، فقد قال: (ما من رجل تصدّق على مسكين مستضعف فدعا له المسكين بشيء في تلك الساعة إلاّ استجيب له)(٢) .

ونشير إلى بعض ألوان صدقاته وجميل خصاله :

ــــــــــــــ

(١) علل الشرائع : ١/٦١ ب ٤٢ ح ١ ط بيروت.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩٦

٢٣

أ ـ التصدّق بثيابه: كانعليه‌السلام يلبس في الشتاء الخزّ، فإذا جاء الصيف تصدّق به أو باعه وتصدّق بثمنه، وكان يلبس في الصيف ثوبين من متاع مصر ويتصدّق بهما إذا جاء الشتاء(١) ، وكان يقول:(إني لأستحي من ربّي أن آكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه) (٢) .

ب ـ التصدّق بما يحبّ: كان يتصدّق باللوز والسكَّر، فسئل عن ذلك فتلا قوله تعالى:( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ) (٣) .

وروي أنّه كان يعجبه العنب، وكان صائماً فقدّمت له جاريته عنقوداً من العنب وقت الإفطار، فجاء سائل فأمر بدفعه إليه، فبعثت الجارية من اشتراه منه، وقدّمته إلى الإمام، فطرق سائل آخر الباب، فأمرعليه‌السلام بدفع العنقود إليه، فبعثت الجارية من اشتراه منه وقدّمته للإمام، فطرق سائل ثالث الباب فدفعه الإمام إليه(٤) .

ج ـ مقاسمة أمواله : وقاسم الإمام أمواله مرّتين فأخذ قسماً له، وتصدّق بالقسم الآخر على الفقراء والمساكين(٥) .

ــــــــــــــ

(١) تأريخ دمشق : ٣٦ / ١٦١.

(٢) مناقب آل أبي طالب : ٤/١٦٧ عن حلية الأولياء : ٣/١٣٦ ـ ١٤٠ .

(٣) مناقب آل أبي طالب: ٤/١٦٧ .

(٤) المحاسن: ٢/٣٦١ طبعة المجمع العالمي لأهل البيت عليهم‌السلام ، وفروع الكافي : ٦ / ٣٥٠.

(٥) مناقب آل أبي طالب : ٤/١٦٧ عن حلية الأولياء : ٣ / ١٤٠ ، وجمهرة الأولياء : ٢ / ٧١، وخلاصة تهذيب الكمال: ٢٣١.

٢٤

د ـ صدقاته في السرّ : وكان أحبّ شيء عند الإمامعليه‌السلام الصدقة في السر، لئلاّ يعرفه أحد، وقد أراد أن يربط نفسه ومن يعطيهم من الفقراء برباط الحبّ في الله تعالى، وتوثيقاً لصلته بإخوانه الفقراء بالإسلام، وكان يحثّ على صدقة السرّ ويقول:(إنّها تطفئ غضب الربّ) (١) .

وقد اعتاد الفقراء على صلة لهم في الليل، فكانوا يقفون على أبوابهم ينتظرونه، فإذا رأوه تباشروا وقالوا: جاء صاحب الجراب(٢) .

وكان له ابن عم يأتيه بالليل فيناوله شيئاً من الدنانير فيقول له العلوي: إنّ عليّ بن الحسين لا يوصلني، ويدعو عليه، فيسمع الإمام ذلك ويغضي عنه، ولا يُعرّفه بنفسه، ولمّا توفّيعليه‌السلام فقد الصلة، فعلم أنّ الذي كان يوصله هو الإمام عليّ بن الحسينعليه‌السلام فكان يأتي قبره باكياً ومعتذراً منه(٣) .

وقال ابن عائشة: سمعت أهل المدينة يقولون: ما فقدنا صدقة السرّ حتى مات عليّ بن الحسين(٤) .

وكانعليه‌السلام شديد التكتّم في صلاته وهباته، فكان إذا ناول أحداً شيئاً غطّى وجهه لئلاّ يعرفه(٥) .

وقال الذهبي : إنّه كان كثير الصدقة في السرّ(٦) .

ــــــــــــــ

(١) مناقب آل أبي طالب : ٤/١٦٥ عن الثمالي والثوري، وفي تذكرة الحفاظ : ١ / ٧٥ وأخبار الدول: ١١٠ ونهاية الإرب : ٢١ / ٣٢٦، وكشف الغمة : ٢/٢٨٩ عن مطالب السؤول عن حلية الأولياء. وفي الكشف : ٢/٣١٢ عن الجنابذي عن الثوري عنه عليه‌السلام كان يقول: إنّ الصدقة تطفئ غضب الرب. بدون قيد السّر.

(٢) مناقب آل أبي طالب : ٤/١٦٦ .

(٣) كشف الغمة : ٢/٣١٩ عن نثر الدرر للآبي.

(٤) حلية الأولياء وعنه في مناقب آل أبي طالب : ٤/١٦٦ وكشف الغمة : ٢/٢٩٠ عن مطالب السؤول عن الحلية: ٤/١٣٦ وفي البداية والنهاية لابن كثير : ٩/١١٤، وصفة الصفوة : ٢ / ٥٤، الإتحاف بحب الأشراف: ٤٩ والأغاني : ١٥ / ٣٢٦.

(٥) مناقب آل أبي طالب : ٤/١٦٦ عن الباقر عليه‌السلام .

(٦) تذكرة الحفّاظ : ١ / ٧٥.

٢٥

وكانعليه‌السلام يجعل الطعام الذي يوزّعه على الفقراء في جراب ويحمله على ظهره، وقد ترك أثراً عليه(١) .

هـ ـ ابتغاؤه مرضاة الله: ولم يكن الإمامعليه‌السلام يبتغي في برّه وإحسانه إلى الفقراء إلاّ وجه الله عَزَّ وجَلَّ والدار الآخرة، ولم تكن عطاياه وصدقاتهعليه‌السلام مشوبة بأيّ غرض من أغراض الدنيا.

قال الزهري: رأيت عليّ بن الحسين في ليلة باردة وهو يحمل على ظهره دقيقاً، فقلت له: يابن رسول الله! ما هذا؟ فأجابهعليه‌السلام :(أريد سفراً، أُعدّ له زاداً أحمله إلى موضع حريز) . فقال: هذا غلامي يحمله عنك، فامتنع الإمام من إجابته، وتضرّع الزهري إليه أن يحمله هو بنفسه عنه، إلاّ ان الإمام أصرّ على ما ذهب إليه، وقال له:(ولكنّي لا أرفع نفسي عمّا ينجيني في سفري، ويحسّن ورودي على ما أردُ عليه، أسألك بحق الله لمّا مضيت لحاجتك) .

وانصرف الزهري عن الإمام، وبعد أيام التقى به، وقد ظنّ أنّه كان على جناح سفر ولم يعِ مراده فقال له: يابن رسول الله، لست أرى لذلك السفر الذي تركته أثراً.

فأجابه الإمامعليه‌السلام : (يا زهري، ليس ما ظننت، ولكنّه الموت وله أستعدُّ، إنّما الاستعداد للموت تجنّب الحرام وبذل الندى في الخير) (٢) .

العزّة والإباء :

ومن صفات الإمام عليّ بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام العزّة والإباء،

ــــــــــــــ

(١) تأريخ اليعقوبي : ٢/٣٠٣ ط بيروت.

(٢) علل الشرائع: ١ / ٢٧ وعنه في بحار الأنوار : ٤٦ / ٦٥ ـ ٦٦.

٢٦

فقد ورثها من أبيه الحسين سيّد الشهداءعليه‌السلام الذي تحدّى طغاة عصره قائلاً:(والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد) (١) .

وقد تمثّلت هذه الظاهرة الكريمة في شخصيّة الإمام زين العابدينعليه‌السلام في قوله:(ما أحبّ أنّ لي بذلّ نفسي حمر النعم) (٢) .

وقال في عزة النفس:(من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا) (٣) .

ويقول المؤرخون: إنّ أحدهم أخذ منه بعض حقوقه بغير حق، وكان الإمامعليه‌السلام بمكّة، وكان الوليد بن عبد الملك حينئذ متربّعاً على كرسي الخلافة وقد حضر موسم الحج، فقيل له: لو سألت الوليد أن يردّ عليك حقّك؟ فقال لهم كلمته الخالدة في دنيا العزّ والإباء:(ويحك أفي حرم الله عَزَّ وجَلَّ أسأل غير الله عَزَّ وجَلَّ؟! إنّي آنف أن أسأل الدنيا من خالقها، فكيف أسألها مخلوقاً مثلي؟!) (٤) .

ومن عزّته : أنّه ما أكل بقرابته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم درهماً قطّ (٥) .

الزهد :

لقد اشتهر في عصرهعليه‌السلام أنّه من أزهد الناس حتى أنّ الزهري حينما سُئل عن أزهد الناس قال: عليّ بن الحسين(٦) .

ورأىعليه‌السلام سائلاً يبكي فتألّم له وراح يقول:(لو أنّ الدنيا كانت في كفّ هذا

ــــــــــــــ

(١) وقعة الطف: ٢٠٩ .

(٢) الكافي : ٢/١٠٩ و ١١١ والخصال : ١/٢٣ وعن الكافي في بحار الأنوار : ٧١/٤٠٦ ومعه بيان المؤلف في صفحة كاملة.

(٣) بحار الأنوار : ٧٨ / ١٣٥.

(٤) بحار الأنوار : ٤٦ / ٦٤ عن علل الشرائع : ١/٢٧٠ ط بيروت.

(٥) مجالس ثعلب ٢ : ٤٦٢ ، وعنه في حياة الإمام زين العابدين للقرشي: ١/٨١. وفي مناقب آل أبي طالب: ٤/١٧٥ عن نافع: شيئاً، بدل: درهماً.

(٦) بحار الأنوار : ٤٦/٦٢ عن علل الشرائع : ١/٢٧٠ ط بيروت.

٢٧

ثمّ سقطت منه لما كان ينبغي له أن يبكي عليها) (١) .

وقال سعيد بن المسيب: كان عليّ بن الحسينعليه‌السلام يعظ الناس ويزهّدهم في الدنيا ويرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كلّ جمعة في مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحفظ عنه وكتب، وكان يقول:

(أيّها الناس، اتّقوا الله واعلموا أنّكم إليه تُرجعون... يابن آدم، إنّ أجلك أسرع شيء إليك، قد أقبل نحوك حثيثاً يطلبك ويوشك أن يدركك، وكأن قد أوفيت أجلك وقبض الملك روحك وصرت إلى قبرك وحيداً، فردّ إليك فيه روحك، واقتحم عليك فيه ملكان ناكر ونكير لمساءلتك وشديد امتحانك... فاتّقوا الله عباد الله، واعلموا أنّ الله عَزَّ وجَلَّ لم يحبّ زهرة الدنيا وعاجلها لأحد من أوليائه، ولم يرغّبهم فيها وفي عاجل زهرتها وظاهر بهجتها، وإنّما خلق الدنيا وأهلها ليبلوهم فيها أيّهم أحسن عملاً لآخرته، وأيم الله لقد ضرب لكم فيه الأمثال، وعرّف الآيات لقوم يعقلون، ولا قوة إلاّ بالله، فازهدوا فيما زهّدكم الله عَزَّ وجَلَّ فيه من عاجل الحياة الدنيا... ولا تركنوا إلى زهرة الدنيا وما فيها ركونَ من اتّخذها دار قرار ومنزل استيطان، فإنّها دار بُلغة، ومنزل قلعة، ودار عمل، فتزوّدوا الأعمال الصالحة فيها قبل تفرّق أيّامها، وقبل الإذن من الله في خرابها... جعلنا الله وإيّاكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا، الراغبين لآجل ثواب الآخرة، فإنّما نحن به وله...) (٢) .

الإنابة إلى الله تعالى :

إنّ اشتهار الإمام بلقب زين العابدين وسيّد الساجدين ممّا يشير إلى وضوح عنصر الإنابة إلى الله والانقطاع إليه في حياة الإمام وسيرته وشخصيّته.

ــــــــــــــ

(١) كشف الغمة : ٢/٣١٨ عن نثر الدرر للآبي، والفصول المهمّة: ١٩٢.

(٢) الكافي : ٨ / ٧٢ ـ ٧٦ ، وتحف العقول: ٢٤٩ ـ ٢٥٢.

٢٨

على أنّ أدعية الصحيفة السجّادية هي الدليل الآخر على هذه الحقيقة، فإنّ إلقاء نظرة سريعة وخاطفة على عناوين الأدعية يكشف لنا مدى التجاء الإمام إلى الله في شؤون حياته، فما من موقف إلاّ وللإمام فيه دعاء وابتهال وتضرّع، هذا فضلاً عن مضامين الأدعية التي يكاد ينفرد بها هوعليه‌السلام في هذه الصحيفة المعروفة وغيرها، لقد ذاب الإمام في محبّة الله وأخلص له أعظم الإخلاص، وقد انعكس ذلك على جميع حركاته وسكناته.

وممّا رواه المؤرخون: أنّه اجتاز على رجل جالس على باب رجل ثريّ فبادره الإمام قائلاً:(ما يقعدك على باب هذا المترف الجبار؟) فقال الرجل: البؤس (أي: الفقر)، فقال لهعليه‌السلام :(قم! فأرشدك إلى باب خير من بابه وإلى ربّ خير لك منه...)

ونهض معه الرجل إلى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلّمه ما يعمله من الصلاة والدعاء وتلاوة القرآن وطلب الحاجة من الله والالتجاء إلى حصنه الحريز (١) .

سيرته في بيته :

كان الإمام زين العابدينعليه‌السلام من أرأف الناس وأبرّهم وأرحمهم بأهل بيته، وكان لا يتميّز عليهم، وقد أُثر عنه أنّه قال:(لَئن أدخل إلى السوق ومعي دراهم ابتاع بها لعيالي لحماً وقد قرموا (٢) أحبّ إليَّ من أن أعتق نسمة) (٣) .

وكان يبكر في خروجه مصبحاً لطلب الرزق لعياله، فقيل له: إلى أين

ــــــــــــــ

(١) حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام دراسة وتحليل:١ / ٩٣.

(٢) قرموا: اشتدّ شوقهم إلى اللحم.

(٣) بحار الأنوار : ٤٦ / ٦٧ عن الكافي : ٢/١٢.

٢٩

تذهب؟ فقال: أتصدّق لعيالي قبل أن أتصدّق ثم قال: من طلب الحلال، فإنّه من الله عَزَّ وجَلَّ صدقة عليهم(١) .

وكانعليه‌السلام يعين أهله في حوائجهم البيتية، ولا يأمر أحداً منهم فيما يخصّ شأناً من شؤونه الخاصة، كما كان يتولّى بنفسه خدمة نفسه خصوصاً فيما يخصّ إلى شؤون عبادته، فإنّه لم يك يستعين بها أو يعهد إلى أحد في قضائها.

مع أبويه :

وقابل الإمام المعروف الذي أسدته إليه مربّيته بكلّ ما تمكّن عليه من أنواع الإحسان، وقد بلغ من جميل برّه بها أنّه امتنع أن يؤاكلها فلامه الناس، وأخذوا يسألونه بإلحاح قائلين: أنت أبرّ الناس وأوصلهم رحماً، فلماذا لا تؤاكل أمك؟ فأجابهم جواب من لم تشهد الدنيا مثل أدبه وكماله قائلاً:(أخشى أن تسبق يدي إلى ما سبقت إليه عينها فأكون عاقّاً لها) (٢) .

ومن برّه لأبويه دعاؤه لهما، وهو من أسمى القواعد في التربية الإسلامية الهادفة، وهذه مقاطع من هذه اللوحة الخالدة من دعائهعليه‌السلام :

(... واخصص اللهمّ والديّ بالكرامة لديك والصلاة منك يا أرحم الراحمين... وألهمني علم ما يجب لهما عليّ إلهاماً، واجمع لي علم ذلك كلّه تماماً، ثم استعملني بما تلهمني منه، ووفّقني للنفوذ فيما تبصرني من علمه... اللهم اجعلني أهابهما هيبة السلطان العسوف، وأبرّهما برّ الأم الرؤوف، واجعل طاعتي لوالديّ وبرّي بهما أقرّ لعيني من رقدة

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار : ٤٦ / ٦٧ عن الكافي : ٢/١٢.

(٢) الكامل للمبرد : ١ / ٣٠٢، وشذرات الذهب : ١ / ١٠٥، ومناقب آل أبي طالب: ٤/١٧٦ عن أمالي النيشابوري.

٣٠

الوسنان، وأثلج لصدري من شربة الظمآن، حتى اُوثر على هواي هواهما، واُقدّم على رضاي رضاهما، واستكثر برّهما بي وإن قلّ، واستقلّ برّي بهما وإن كثر، اللهمّ خفّض لهما صوتي، وأطب لهما كلامي، وألِن لهما عريكتي، واعطف عليهما قلبي، وصيرني بهما رفيقاً وعليهما شفيقاً... اللهمّ اشكر لهما تربيتي، وأثبهما على تكرمتي، واحفظ لهما ما حفظاه منّي في صغري... اللهمّ لا تُنسني ذكرهما في أدبار صلواتي، وفي إناً من آناء ليلي، وفي كل ساعة من ساعات نهاري... اللهمّ صلّ على محمد وآله، واغفر لي بدعائي لهما، واغفر لهما ببرّهما بي...) (١) .

مع أبنائه:

أمّا سلوك الإمام عليّ بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام مع أبنائه فقد تميّز بالتربية الإسلامية الرفيعة لهم، فغرس في نفوسهم نزعاته الخيّرة واتّجاهاته الإصلاحية العظيمة، وقد صاروا بحكم تربيته لهم من ألمع رجال الفكر والعلم والجهاد في الإسلام.

فكان ولده الإمام محمد الباقرعليه‌السلام أشهر أئمّة المسلمين، وأكثرهم عطاءً للعلم.

وأمّا ولده عبد الله الباهر فقد كان من أبرز علماء المسلمين في فضله وسمّو منزلته العلمية.

أمّا ولده زيد فقد كان من أجلّ علماء المسلمين، وقد برعَ في علوم كثيرة كعلم الفقه والحديث والتفسير وعلم الكلام وغيرها، وهو الذي تبنّى حقوق المظلومين المضطهدين، وقاد مسيرتهم الدامية في ثورته التي نشرت الوعي السياسي في المجتمع الإسلامي، وساهمت مساهمة إيجابية وفعّالة

ــــــــــــــ

(١) الصحيفة السجادية، دعاؤه لأبويه.

٣١

في الإطاحة بالحكم الأموي(١) .

وزوّد الإمامعليه‌السلام أبناءه ببعض الوصايا التربوية لتكون منهجاً يسيرون عليه، قالعليه‌السلام :

١ ـ(يا بُنيّ، اُنظر خمسةً فلا تصاحبهم ولا تحادثهم ولا تُرافقهم في طريق) فقال له ولده: من هم؟ قالعليه‌السلام :(إيّاك ومصاحبة الكذّاب، فإنّه بمنزلة السراب، يقرّب لك البعيد ويبعّد لك القريب. وإيّاك ومصاحبة الفاسق، فإنّه بايعك بأكلة أو أقلّ من ذلك. وإيّاك ومصاحبة البخيل، فإنّه يخذلك في ماله، وأنت أحوج ما تكون إليه. وإيّاك ومصاحبة الأحمق، فإنّه يريد أن ينفعك فيضرّك. وإيّاك ومصاحبة القاطع لرحمه، فإنّي وجدته ملعوناً في كتاب الله...) (٢) .

٢ ـ قالعليه‌السلام :(يا بُنيّ، اصبر على النائبة، ولا تتعرّض للحقوق، ولا تجب أخاك إلى شيء مضرّته عليك أعظم من منفعته لك...) (٣) .

٣ ـ وقالعليه‌السلام :(يا بُنيّ، إنّ الله لم يرضك لي فأوصاك بي، ورضيني لك فحذّرني منك، واعلم أنّ خير الآباء للأبناء من لم تدعه المودّة إلى التفريط فيه، وخير الأبناء للآباء من لم يدعه التقصير إلى العقوق له) (٤) .

ــــــــــــــ

(١) حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام ، دراسة وتحليل: ٥٥ ـ ٥٦.

(٢) أُصول الكافي : ٢/٣٧٦، والاختصاص : ٢٣٩، وتحف العقول: ٢٧٩، والبداية والنهاية : ٩ / ١٠٥.

(٣) البيان والتبيين : ٢ / ٧٦، العقد الفريد : ٣ / ٨٨ .

(٤) العقد الفريد : ٣ / ٨٩ .

٣٢

مع مماليكه :

وسار الإمامعليه‌السلام مع مماليكه سيرة تتّسم بالرفق والعطف والحنان، فكان يعاملهم كأبنائه، وقد وجدوا في كنفه من الرفق ما لم يجدوا في ظلّ آبائهم، حتّى أنّه لم يعاقب أمَةً ولا عبداً فيما إذا اقترفا ذنباً(١) .

وقد كان له مملوك فدعاه مرّتين فلم يجبه، وفي الثالثة قال له الإمام برفق ولطف:(يا بُنيَّ، أما سمعت صوتي؟) قال: بلى... ، فقال لهعليه‌السلام :(لِمَ لَمْ تُجبْني؟) فقال: أمنت منك، فخرج الإمام وراح يحمد الله ويقول:(الحمد لله الذي جعل مملوكي يأمنني...) (٢) .

ــــــــــــــ

(١) اقبال الأعمال : ١/٤٤٣ ـ ٤٤٥ باسناده عن التلعكبرى عن ابن عجلان عن الصادق عليه‌السلام وعنه في بحار الأنوار : ٤٦ / ١٠٣ ـ ١٠٥ و ٩٨/١٨٦ ـ ١٨٧.

(٢) الإرشاد : ٢/١٤٧، ومناقب آل أبي طالب: ٤/١٧١ وفي تأريخ دمشق : ٣٦ / ١٥٥.

٣٣

الباب الثاني: فيه فصول:

الفصل الأول: نشأة الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام زين العابدينعليه‌السلام .

الفصل الثالث: الإمام زين العابدينعليه‌السلام من الولادة إلى الإمامة.

الفصل الأول: نشأة الإمام زين العابدينعليه‌السلام

لقد توفّرت للإمام زين العابدين عليه‌السلام جميع المكوّنات التربوية الرفيعة التي لم يظفر بها أحد سواه، وقد عملت على تكوينه وبناء شخصيّته بصورة متميّزة، جعلته في الرعيل الأول من أئمّة المسلمين الذين منحهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثقته، وجعلهم قادة لأمته وأمناء على أداء رسالته.

نشأ الإمام في أرفع بيت وأسماه ألا وهو بيت النبوّة والإمامة الذي أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه (١) ، ومنذ الأيام الأولى من حياته كان جده الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام يتعاهده بالرعاية ويشعّ عليه من أنوار روحه التي طبّق شذاها العالم بأسره، فكان الحفيد ـ بحقٍّ ـ صورة صادقة عن جدّه، يحاكيه ويضاهيه في شخصيّته ومكوّناته النفسية.

كما عاش الإمامعليه‌السلام في كنف عمّه الزكي الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام سيّد شباب أهل الجنّة وريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسبطه الأول، إذ كان يغدق عليه من عطفه وحنانه، ويغرس في نفسه مُثُلَه العظيمة وخصاله السامية، وكان الإمامعليه‌السلام طوال هذه السنين تحت ظلّ والده العظيم أبي الأحرار وسيّد

ــــــــــــــ

(١) إشارة لقوله تعالى: ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ) . النور (٢٤) : ٣٦ ـ ٣٧.

٣٤

الشهداء الإمام الحسين بن علىّعليهما‌السلام الذي رأى في ولده علي زين العابدينعليه‌السلام امتداداً ذاتيّاً ومشرقاً لروحانيّة النبوّة ومُثُل الإمامة، فأولاه المزيد من رعايته وعنايته، وقدّمه على بقية أبنائه، وصاحَبَه في أكثر أوقاته.

لقد ولد الإمام زين العابدينعليه‌السلام في المدينة في اليوم الخامس من شعبان سنة (٣٦ هـ)(١) يوم فتح البصرة، حيث إنّ الإمام عليعليه‌السلام لم ينتقل بعد بعاصمته من المدينة إلى الكوفة. وتوفّي بالمدينة سنة (٩٤ أو ٩٥ هـ).

وهناك من المؤرخين ذكر أنّه ولد في سنة (٣٨ هـ) وفي مدينة الكوفة حيث كان جدّه الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام قد اتّخذها عاصمة لدولته بعد حرب الجمل، فمن الطبيعي أن يكون الحسين السبطعليه‌السلام مع أهله عن أبيهعليه‌السلام في هذه الفترة بشكل خاص(٢)

أمه :

اسمها (شهربانو) أو (شهر بانويه) أو (شاه زنان) بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس(٣) ، وذكر البعض أنّ اُمه قد أجابت نداء ربّها أيّام نفاسها فلم تلد سواه(٤) .

ــــــــــــــ

(١) الإرشاد : ٢/١٣٧، ومناقب آل أبي طالب : ٤/١٨٩، والإقبال : ٦٢١ ، ومصباح الكفعمي: ٥١١ ، والأنوار البهية: ١٠٧ قال: سنة ٣٦ يوم فتح البصرة.

(٢) تاريخ أهل البيت، لابن أبي الثلج البغدادي م ٣٢٥ : ٧٧.

(٣) رغم أنّ أغلب المؤرخين متفقون على أنّ أم الإمام السجاد عليه‌السلام هي ابنة الملك يزدجرد إلاّ أن هناك من يعتبر ذلك مجرد أسطورة، راجع زندگانى علي بن الحسين عليه‌السلام للسيد جعفر الشهيدي. والإسلام وإيران للشهيد مطهري: ١٠٠ ـ ١٠٩ وحول السيدة شهر بانو للشيخ اليوسفي الغروي في مجلة رسالة الحسين عليه‌السلام : ٢٤/١٤ ـ ٣٩ ، والثابت أن أم الإمام السجاد عليه‌السلام سبيّة من سبايا الفرس، ولا يثبت أكثر من هذا.

(٤) سيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيته عليهم‌السلام : ٢ / ١٨٩، المجمع العالمي لأهل البيت عليهم‌السلام الطبعة الأولى ١٤١٤ هـ .

٣٥

كُناه :

أبو الحسن، أبو محمّد، أبو الحسين، أبو عبد الله (١) .

ألقابه:

(زين العابدين) و (ذو الثفنات) و (سيّد العابدين) و (قدوة الزاهدين) و (سيّد المتّقين) و (إمام المؤمنين) و (الأمين) و (السجّاد) و (الزكي) و (زين الصالحين) و (منار القانتين) و (العدل) و (إمام الأمة) و (البكّاء)، وقد اشتهر بلقبي (السجاد) و (زين العابدين) أكثر من غيرهما.

إنّ هذه الألقاب قد منحها الناس للإمام عندما وجدوه التجسيد الحيّ لها، والمصداق الكامل لـ :

( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ) (٢) ، وبعض الذين منحوه هذه الألقاب لم يكونوا من شيعته، ولم يكونوا يعتبرونه إماماً من قبل الله تعالى، لكنّهم ما استطاعوا أن يتجاهلوا الحقائق التي رأوها فيه.

لقد ذكر المؤرّخون ما يبيّن لنا بعض العلل التاريخية لجملة من هذه الألقاب المباركة:

١ ـ روي عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه قال: كنت جالساً عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحسين في حجره وهو يلاعبه فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(يا جابر، يولد له مولود اسمه عليّ، إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقم (سيّد العابدين)

ــــــــــــــ

(١) حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام ، دراسة وتحليل: ٣٩٠.

(٢) الفرقان (٢٥) : ٦٣.

٣٦

فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمّد، فإن أنت أدركته يا جابر فاقرأه منّي السلام) (١) .

٢ ـ كان الزهري إذا حدّث عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام قال: حدّثني (زين العابدين) عليّ بن الحسين، فقال له سفيان بن عيينة: ولِمَ تقول له زين العابدين؟ قال: لأنّي سمعت سعيد بن المسيب يحدّث عن ابن عباس أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:(إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟ فكأنّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب يخطر (يخطو) بين الصفوف) (٢) ؟

٣ ـ وجاء عن الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام أنّه قال:(كان لأبي في مواضع سجوده آثار ناتئة، وكان يقطعها في السنة مرتّين، في كلّ مرة خمس ثفنات، فسمّي ذا الثفنات لذلك) (٣) .

٤ ـ كما جاء عنه عن كثرة سجود أبيه:ما ذكر لله عَزَّ وجَلَّ نعمة عليه إلاّ وسجد، ولا دفع الله عنه سوءً إلاّ وسجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلاّ وسجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمّي بالسجّاد (٤) .

ــــــــــــــ

(١) إحقاق الحق : ١٢ / ١٣ ـ ١٦، والبداية والنهاية لابن كثير : ٩ / ١٠٦.

(٢) علل الشرائع : ١/٢٦٩، والأمالي : ٣٣١ وعنهما في بحار الأنوار : ٤٦ / ٢ الحديث ١ و ٢.

(٣) علل الشرائع : ١/٢٧٣ ومعاني الأخبار : ٦٥ وعنهما في بحار الأنوار : ٤٦ / ٦.

(٤) علل الشرائع : ١/٢٧٢ وعنه في بحار الأنوار: ٤٦/٦ ح ١٠.

٣٧

الفصل الثاني: مراحل حياة الإمام زين العابدينعليه‌السلام

تنقسم حياة الإمام زين العابدينعليه‌السلام ـ كما تنقسم حياة سائر الأئمةعليهم‌السلام ـ إلى مرحلتين متميّزتين:

١ ـ مرحلة ما قبل التصدّي للإمامة والزعامة.

٢ ـ مرحلة التصدّي وممارسة القيادة حتى الشهادة.

لقد عاش الإمام زين العابدينعليه‌السلام في المرحلة الأولى من حياته في ظلال جدّه الإمام أمير المؤمنين ، وعمّه الإمام الحسن المجتبى وأبيه الإمام الحسين سيد الشهداءعليهم‌السلام مدة تناهز العقدين ونصف العقد، حيث قضى في كنف جدّه الإمام عليعليه‌السلام ما يزيد قليلاً عن أربع سنوات، وما لا يقل عن سنتين لو كانت ولادته سنة (٣٨ هـ) .

بينما قضى عقداً آخر من حياته في كنف عمّه وأبيهعليهما‌السلام حيث استشهد عمّه الإمام الحسن السبطعليه‌السلام سنة ٥٠ هجرية.

كما قضى عقداً ثانياً في ظلّ قيادة أبيه الحسين السبطعليه‌السلام وهي الفترة الواقعة بين مطلع سنة (٥٠ هـ) وبداية سنة (٦٠ هـ) .

لقد عاش الإمام زين العابدينعليه‌السلام فترة المخاض الصعب خلال المرحلة الأولى من حياته وقضاها مع كل من جدّه وعمّه وأبيه عليهم‌السلام ، واستعدّ مراحل حياة الإمام زين العابدين عليه‌السلام ) بعدها لتحمّل أعباء الإمامة والقيادة بعد استشهاد أبيه والصفوة من أهل بيته وأصحابه في ملحمة عاشوراء الخالدة التي مهّد لها معاوية بن أبي سفيان وتحمّل وزرها ابنه يزيد المعلن بفسقه والمستأثر بحكم الله في أرض الإسلام المباركة.

٣٨

وأمّا المرحلة الثانية من حياته الكريمة قد ناهزت ثلاثة عقود ونصف عقد من عمره الشريف، وعاصر خلالها كُلاًّ من حكم يزيد بن معاوية ومعاوية بن يزيد ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان، ثم اغتالته الأيدي الأموية الأثيمة بأمر من الحاكم وليد بن عبد الملك بن مروان واستشهد في (٢٥) من المحرّم أو ما يقرب منه سنة (٩٤) أو (٩٥) هجرية عن عمر يناهز (٥٧) سنة أو دونها قليلاً(١) فكانت مدّة إمامته وزعامته حوالي (٣٤) سنة.

وفي هذه الدراسة نقسّم المرحلة الثانية من حياة هذا الإمام الحافلة بأنواع الجهاد إلى قسمين متميزين من الكفاح والجهاد :

الأوّل: جهاده بعد ملحمة عاشوراء وقبل استقراره في المدينة .

الثاني: جهاده بعد استقراره في المدينة.

وعلى هذا التقسيم سوف ندرس حياته ضمن مراحل ثلاث:

المرحلة الأولى: حياته قبل استشهاد أبيهعليه‌السلام .

المرحلة الثانية: حياته بعد استشهاد أبيه وقبل استقراره في المدينة.

المرحلة الثالثة: حياته بعد استقراره في المدينة.

ــــــــــــــ

(١) المناقب لابن شهر آشوب: ٣/٣١٠، بحار الأنوار : ٤٦/٨ ـ ١٥ .

٣٩

الفصل الثالث: الإمام زين العابدينعليه‌السلام من الولادة إلى الإمامة

وتتضمّن استعراض عصر الإمامعليه‌السلام وحياته قبل كربلاء، أي من الولادة حتى استشهاد أبيهعليه‌السلام من سنة (٣٨ أو ٣٦ هـ) إلى سنة (٦١ هـ) .

لقد عاصر الإمام زين العابدينعليه‌السلام في مرحلتي الطفولة والفتوّة حكم معاوية بن أبي سفيان الذي تميّز بالاضطراب أولاً، ثمّ تلاه القمع في العراق، والتأزّم في الحجاز، وإقصاء السُنّة وظهور البدعة.

ولقد استشهد الإمام أمير المؤمنين علىّعليه‌السلام في الكوفة في شهر رمضان من سنة أربعين للهجرة، فيما كان يعبّئ الناس لحرب جديدة مع معاوية، وإثر استشهادهعليه‌السلام بايع أهل العراق ولده الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام خليفة عليهم، إلاّ أنّ قلوب أغلب المبايعين لم تكن تصدّق ألسنتهم، فلا ينتظر من المتظاهرين بالتشيّع في الكوفة وفي جيش الإمام علىٍّعليه‌السلام ـ الذين آذوه إلى الدرجة التي تمنّى فيها غير مرّة الموت ـ أن يكون سلوكهم مع ولده الحسنعليه‌السلام أفضل ممّا كان معه.

وكانت الكوفة في السنوات الأخيرة من عمر الإمام علىّعليه‌السلام تضمّ مختلف الاتجاهات والجماعات، فكان هنالك اللاهثون وراء السلطة، الطامعون في أن يوليهم الخليفة الجديد منصباً ما والمسلمون الجدد الذين دفعتهم الآمال الكبيرة إلى الإعراض عن مدنهم والتوجّه إلى عاصمة الخلافة على أمل الحصول على عمل يحقّق رغباتهم، والانتهازيون من الموالي الذين تحالفوا مع هذه القبيلة العربية أو تلك لتغطّي على تآمرهم; إذ لا يجرؤون على التحرّك دون غطاء عروبي.

لقد تقوّم المجتمع الكوفي وقتذاك بهذه الجماعات التي وجّهت قدرتها لإيجاد العراقيل والعقبات أمام حركة الإمام الحسن السبطعليه‌السلام عندما اشترط قيس بن سعد بن عبادة بيعته للإمام الحسنعليه‌السلام بمحاربة أهل الشام، لكنّ الإمام اضطرّ إلى الصلح مع معاوية بعد أن كشفت أكثر قوات الإمام ما كانت تضمر من أهداف تآمرية على شخص الإمام، والمخلصين من أصحابه بإنضواء بعضهم تحت لواء معاوية، وبثّهم الإشاعات التي أسفرت عن التخاذل المقيت، حتى كتب من كتب منهم إلى معاوية بتسليمهم إمامهم وقائدهم إلى معاوية.

لقد امتازت الفترة الواقعة بين سنة (٤١ هـ) وسنة (٦٠ هـ) بتشديد القهر والقمع على أتباع أهل البيتعليهم‌السلام في العراق، ويتبيّن من خلال تعامل معاوية مع زعماء هذه المنطقة ـ الذين كانوا يلتقونه بين الحين والآخر ـ الدرجة التي بلغها سخطه على أهل العراق. وقد انكفأ السياسيون العراقيون ـ الذين خدعوا في حرب صفّين وسلّطوا أهل الشام على مقدراتهم ـ في بيوتهم إبّان حكم معاوية، لكنّهم كانوا ينتظرون أن تسنح لهم فرصة جديدة للتحرك.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

من لحم وعظم وعصب، واللحم والعظم والعصب جسم مخصوص وصفات مخصوصة، أعني بالجسم عبارة عن مقدار له طول وعرض وعمق يمنع غيره من أن يوجد بحيث هو إلا بأن يتنحى عن ذلك المكان. وقد يستعار هذا اللفظ أعني اليد لمعنى آخر ليس ذلك المعنى بجسم أصلاً كما يقال البلدة في يد الأمير فإن ذلك مفهوم وإن كان الأمير مقطوع اليد مثلاً.

فعلى العامي وغير العامي أن يتحقق قطعاً ويقيناً أن الرسولعليه‌السلام لم يرد بذلك جسماً هو عضو مركب من لحم ودم وعظم وأن ذلك في حق الله تعالى محال وهو عنه مقدس، فإن خطر بباله أن الله جسم مركب من أعضاء فهو عابد صنم! فإن كل جسم فهو مخلوق وعبادة المخلوق كفر وعبادة الصنم كان كفراً لأنه مخلوق وكان مخلوقاً لأنه جسم، فمن عبد جسماً فهو كافر بإجماع الأئمة، السلف منهم والخلف، سواء كان ذلك الجسم كثيفاً كالجبال الصم الصلاب أو لطيفاً كالهواء والماء، وسواء كان مظلماً كالأرض أو مشرقاً كالشمس والقمر والكواكب، أو مشفاً لا لون له كالهواء، أو عظيماً كالعرش والكرسي والسماء، أو صغيراً كالذرة والهباء، أو جماداً كالحجارة، أو حيواناً كالإنسان.

فالجسم صنم، فبأن يقدر حسنه وجماله أو عظمه أو صغره أو صلابته وبقاؤه لا يخرج عن كونه صنماً.

ومن نفى الجسمية عنه وعن يده وإصبعه، فقد نفى العضوية واللحم والعصب وقدس الرب جل جلاله عما يوجب الحدوث ليعتقد بعده أنه عبارة عن معنى من المعاني ليس بجسم ولا عرض في جسم يليق ذلك المعنى بالله تعالى، فإن كان لا يدري ذلك المعنى ولا يفهم كنه حقيقته فليس عليه في ذلك تكليف أصلاً، فمعرفة تأويله ومعناه ليس بواجب عليه، بل واجب عليه أن لا يخوض فيه. انتهى. وبذلك وافق الغزالي ورشيد رضا مذهبنا ومذهب المتأولين، وخالف المفوضة وأهل الظاهر!

٦١

وكل علماء السنّة حتى المجسّمة يصيرون متأوّلة عند الحاجة

كل المجسمة من الأشاعرة والحنابلة والوهابيين الذين حرموا التأويل، وأنكروا وجود المجاز في القرآن، وأوجبوا حمل ألفاظه وألفاظ أحاديث الصفات على معانيها الظاهرة الحقيقية، بل حتى أولئك الذين حكموا بأن المتأولة أهل ضلالة وبدعة وكفر وحذروا منهم.. كلهم يصيرون متأولة من الدرجة الأولى عندما يقعون في مأزق الآيات والأحاديث التي تخالف مذهبهم وتنفي إمكان الرؤية بالعين والتشبيه والتجسيم كقوله تعالى:لا تدركه الأبصار ...ليس كمثله شيء ...لا يحيطون به علماً ...لن تراني .. إلخ.

وهكذا نجد أن إخواننا الذين نبزونا بألفاظ (متاولة، متوالي، بني متوال) يقومون هم بتأويل جميع الآيات والأحاديث المخالفة لمذهبهم جهاراً نهاراً، وجوباً قربة إلى الله تعالى، من أجل الدفاع عن أحاديث الرؤية بالعين وظاهر الآيات المتشابهة فيها!

وهكذا يسقط منهجهم العلمي بتحريمهم التأويل في بعض الآيات والأحاديث وتحليله في بعضها! وكان الأولى بهم أن لا يلقوا أنفسهم في هذا المأزق ويتأولوا الآيات التي يوهم ظاهرها الرؤية من أول الأمر من أجل الجمع المنطقي بينها وبين الآيات النافية للرؤية.

وإذا سألتهم: لماذا أوجبتم الأخذ بظاهر هذه المجموعة من الآيات والأحاديث وحرمتم تأويلها، وأوجبتم تأويل تلك المجموعة وحرمتم الأخذ بظاهرها! فليس عندهم جواب، إلا أنهم أرادوا المحافظة على ظواهر آيات الرؤية بالعين وأحاديث الآحاد، مهما كلفهم ذلك من تناقض في المنهج العلمي، فالمهم عندهم أن لا تنخدش روايات الرؤية بالعين عن كعب الأحبار ومن قلده من الخلفاء!

٦٢

- قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص ١٤٨

ومن ذلك قول الحافظ ابن حجر في الفتح ١٣ - ٤٣٢: فمن أجرى الكلام على ظاهره أفضى به الأمر إلى التجسيم، ومن لم يتضح له وعلم أن الله منزه عن الذي يقتضيه ظاهرها إما أن يكذب نقلتها وإما أن يؤولها. انتهى.

وقد تبنى ابن تيمية والوهابيون هذا الحل (الشرعي) فحكموا بوجوب تصديق هذه الروايات وتحريم تأويلها حتى لو أدت إلى التجسيم، ثم هجموا على روايات التنزيه ونفي التجسيم بمعول التأويل!

- وقال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص ١٥٦ - ١٥٩

وقد نقل الحافظ ابن جرير في تفسيره ٢٧ - ٧ تأويل لفظة (أيد) الواردة في قوله تعالى:وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ، بالقوة أيضاً عن جماعة من أئمة السلف منهم: مجاهد وقتادة ومنصور وابن زيد وسفيان... ومما يجدر التنبيه عليه هنا ولا يجوز إغفاله أن هؤلاء القوم الذين يحاربون التأويل ويزعمون أنه ضلال وبدعة وتحريف للقرآن والسنة هم أنفسهم يؤولون ما لا يوافق آراءهم من نصوص الكتاب والسنة في مسائل الصفات! فنراهم يؤولون مثل قوله تعالى: وهو معكم وقوله تعالى: ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون، وقوله تعالى: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم، وقوله تعالى: إنني معكما أسمع وأرى، وقوله تعالى:وهو معكم ، إلى غير ذلك من نصوص واضحة!

فإذا كان هذا قرآن وذاك قرآن فما الذي أوجب اعتقاد ظاهر هذا دون ظاهر ذاك وكله قرآن! ولماذا جوزوا تأويل ظاهر هذا دون ذلك!

... روى الخلال بسنده عن حنبل عن عمه الإمام أحمد بن حنبل أنه سمعه يقول: احتجوا عليّ يوم المناظرة فقالوا: تجيء يوم القيامة سورة البقرة... الحديث قال فقلت لهم: إنما هو الثواب. اهـ. فتأمل في هذا التأويل الصريح... نقل الحافظ

٦٣

البيهقي في الأسماء والصفات ص ٤٧٠ عن البخاري أنه قال: معنى الضحك: الرحمة اهـ. وقال الحافظ البيهقي ص ٢٩٨: روى الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال: معنى الضحك فيه - أي الحديث - الرحمة اه- فتأمل. وقد نقل هذا التأويل أيضاً الحافظ ابن حجر في فتح الباري ٦ - ٤٠.

- وقال التلمساني في نفح الطيب ج ٨ ص ٣٤

حكاية أبي بكر بن الطيب مع رؤساء بعض المعتزله. وذلك أنه اجتمع معه في مجلس الخليفه فناظره في مسألة رؤية الباري فقال رئيسهم: ما الدليل أيها القاضي على جواز رؤية الله تعالى قال قوله تعالى:لا تدركه الأبصار فنظر بعض المعتزله إلى بعض وقالوا: جن القاضي! وذلك أن هذه الآية هي معظم ما احتجوا على مذهبهم وهو ساكت ثم قال لهم: أتقولون إن من لسان العرب قولك الحائط لا يبصر قالوا: لا... قال فلا يصح إذا نفي الصفة عما من شأنه صحة إثباتها له؟ قالوا: نعم، قال فكذلك قوله تعالى:لا تدركه الأبصار ، لو لا جواز إدراك الأبصار له لم يصح نفيه عنه! انتهى.

وهكذا نرى أن الذين حرموا التأويل وكفروا المسلمين بسببه، أفرطوا في ارتكابه ووصلوا به إلى حد السفسطة، فأولوا النفي الصريح بالإثبات، ولم يبق عليهم إلا أن يؤلوا(لا إله إلا الله) بوجود عدة آلهة مع الله سبحانه وتعالى عما يصفون. وسوف ترى مزيداً من فنونهم في تأويل آيات نفي الرؤية والتنزيه، عند استعراض تفسيرها، إن شاء الله تعالى.

- ونختم بما قاله الشيخ محمد رضا جعفري في بحث الكلام عند الإمامية ص ١٥١ من مجلة تراثنا عدد ٣٠

قال أبو الفرج ابن الجوزي: «واعلم أن عموم المحدثين حملوا ظاهر ما تعلق من صفات الباري سبحانه على مقتضى الحس فشبهوا، لأنهم لم يخالطوا الفقهاء فيعرفوا حمل المتشابه على مقتضى الحكم..» (١)

وقال أيضاً: «واعلم أن الناس في أخبار الصفات على ثلاث مراتب: إحداها،

٦٤

إمرارها على ما جاءت من غير تفسير ولا تأويل، إلا أن تقع ضرورة كقوله تعالى(وجاء ربّك) (٢) أي: جاء أمره، وهذا مذهب السلف.

والمرتبة الثانية، التأويل، وهو مقام خطر.

والمرتبة الثالثة، القول فيها بمقتضى الحس، وقد عمَّ جهلة الناقلين(٣)، إذ ليس لهم حظ من علوم المعقولات التي يعرف بها ما يجوز على الله تعالى وما يستحيل، فإن علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه، فإذا عدموا تصرفوا في النقل بمقتضى الحس» (٤).

وقال تقي الدين ابن تيمية، راداً على من قال: إن أكثر الحنابلة مجسمة ومشبهة:

«المشبهة والمجسمة في غير أصحاب الإمام أحمد أكثر منهم فيهم، فهؤلاء أصناف الأكراد، كلهم شافعية، وفيهم من التشبيه والتجسيم ما لا يوجد في صنف آخر، وأهل جيلان فيهم شافعية وحنبلية، وأما الحنبلية المحضة فليس فيهم من ذلك ما في غيرهم، والكرامية كلهم حنفية»(٥).  ولست أقر ابن تيمية على دفاعه عن أهل مذهبه ولكني أسكت عنه....

٤ - نماذج مختارة: وكنموذج لما أشار إليه ابن الجوزي في كلامه عن المحدثين أختار ثلاثة لم يكونوا من الحنابلة الصرحاء، وأقدم لكل منهم بعض الترجمة كي لا يتهمني متهم بأني عثرت على مغمورين خاملين لم يكونوا ذوي شأن عند المحدثين:

١ - إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم، أبو يعقوب الحنظلي المروزي، ابن راهويه النيسابوري (١٦١/٧٧٨ ت ٢٣٨/٨٥٣.

قال الخطيب: كان أحد أئمة المسلمين، وعلماً من أعلام الدين، اجتمع له الحديث والفقه، والحفظ والصدق، والورع والزهد، ورحل إلى العراق، والحجاز، واليمن، والشام... وورد بغداد وجالس حفاظ أهلها، وذاكرهم، وعاد إلى خراسان فاستوطن نيسابور إلى أن توفي بها، وانتشر علمه عند الخراسانيين. وهكذا قال المزي والسبكي. وهو شيخ البخاري، ومسلم، والترمذي، وأبوداود، والنسائي، وبقية بن الوليد، ويحيى بن آدم - وهما من شيوخه - وأحمد بن حنبل، وإسحاق

٦٥

الكوسج، ومحمد بن رافع، ويحيى بن معين - هؤلاء من أقرانه - وجماعة.

قال نعيم بن حماد: إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد بن حنبل فاتهمه في دينه، وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه فاتهمه في دينه.

وقال النسائي: أحد الأئمة، ثقة مأمون. وقال أحمد بن حنبل: إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتمسك به. وقال أبو حاتم: إمام من أئمة المسلمين. وقال ابن حبان: وكان إسحاق من سادات زمانه فقهاً، وعلماً، وحفظاً، ونظراً، ممن صنف الكتب، وفرع السنن، وذب عنها، وقمع من خالفها، وقبره مشهور يزار. وقال أبو عبد الله الحاكم: إمام عصره في الحفظ والفتوى. وقال أبو نعيم الأصبهاني: كان إسحاق قرين أحمد [ بن حنبل ] وكان للآثار مثيراً، ولأهل الزيغ مبيراً.

وقال الذهبي: الإمام الكبير، شيخ المشرق، سيد الحفاظ، قد كان مع حفظه إماماً في التفسير، رأساً في الفقه، من أئمة الإجتهاد(٦).

أبو عيسى الترمذي - بعد أن أخرج الروايات التي تقول: إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه... الحديث - قال: وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم، ولا يقال: كيف؟

هكذا روي عن مالك، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف. وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة. وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه: اليد، والسمع، والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إن معنى اليد ها هنا القوة.

وقال إسحاق بن إبراهيم(٧): إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد، أو مثل يد، أو سمع كسمع، أو مثل سمع، فإذا قال: سمع كسمع أو مثل سمع، فهذا التشبيه. وأما

٦٦

إذا قال - كما قال الله تعالى -: يد، وسمع، وبصر، ولا يقول: كيف، ولا يقول مثل سمع، ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيهاً، وهو كما قال الله تعالى:(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (٨).

٢ - أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (٢٢٣/٨٣٨ - ٣١١/٩٢٤) قالوا عنه: إنه كان إمام نيسابور في عصره، فقيهاً، مجتهداً، بحراً من بحور العلم، اتفق أهل عصره على تقدمه في العلم، ولقبه الصفدي، واليافعي، والذهبي، والسبكي، وابن الجزري، والسيوطي، وابن عبدالحي بإمام الأئمة. وقال الدار قطني: كان إماماً معدوم النظير. وقال ابن كثير: هو من المجتهدين في دين الإسلام. وذكروا له الكرامات. وقال السمعاني: وجماعة [ من المحدثين ] ينسبون إليه، يقال لكل واحد منهم خزيمي [ فهو إمام مدرسة حدثية ]. وهذا بعض ما قيل فيه(٩):

أثبت ابن خزيمة الوجه لله سبحانه، وقال: (ليس معناه أن يشبه وجهه وجه الآدميين، وإلا لكان كل قائل إن لبني آدم وجهاً، وللخنازير، والقردة، والكلاب... - إلى آخر ما عدد من الحيوانات - وجوهاً، قد شبه وجوه بني آدم بوجوه الخنازير والقردة والكلاب...)(١٠).

وذكر مثل هذا في العين، واليد، والكف، واليمين، وقال: إن عيني الله لا تشبهان أي عين لغيره، وأضاف: نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى وما في السماوات العلى وما بينهما ونزيد شرحاً وبياناً ونقول: عين الله عز وجل قديمة لم تزل باقية، ولا يزال محكوم لها بالبقاء منفي عنها الهلاك والفناء، وعيون بني آدم محدثة، كانت عدماً غير مكونة فكونها الله وخلقها بكلامه الذي هو صفة من صفات ذاته...»(١١).

وقال: إن لله يدين ويداه قديمتان لم تزالا باقيتين، وأيدي المخلوقين محدثة فأي تشبيه!...(١٢) ونفى التأويل عن كل هذا، خاصة تأويل اليد بالنعمة أو القوة(١٣).

وذكر «أن كلام ربنا عز وجل لا يشبه كلام المخلوقين، لأن كلام الله كلام متواصل

٦٧

لا سكت بينه ولا سمت، لا ككلام الآدميين الذي يكون بين كلامه سكت وسمت لانقطاع النفس، أو التذاكر، أو العي...»(١٤).

٣ - عثمان بن سعيد، أبو سعيد الدارمي، التميمي، السجستاني (ح ١٩٩/٨١٥ - ٢٨٠/٨٩٤) الإمام العلامة الحافظ، الناقد الحجة، وكان جذعاً وقذئ في أعين المبتدعة، قائماً بالسنة، ثقة، حجة، ثبتاً. وقيل فيه: كان إماماً يقتدى به في حياته وبعد مماته. ذكره الشافعية في طبقاتهم، وعده الحنابلة من أصحاب ابن حنبل(١٥).

قال الدارمي بأن لله مكاناً حده، وهو العرش(١٦) و(هو بائن من خلقه فوق عرشه بفرجة بينه في هواء الآخرة، حيث لا خلق معه هناك غيره، ولا فوقه سماء)(١٧) وقال (قد أيّنّا له مكاناً واحداً، أعلى مكان، وأطهر مكان، وأشرف مكان: عرشه العظيم فوق السماء السابعة العليا، حيث ليس معه هناك إنس ولا جان، ولا بجنبه حش، ولا مرحاض، ولا شيطان. وزعمت أنت(١٨) والمضلون من زعمائك أنه في كل مكان، وكل حش ومرحاض، وبجنب كل إنسان وجان! أفأنتم تشبهونه إذ قلتم بالحلول في الأماكن أم نحن؟!)(١٩)

وقال (ولو لم يكن لله يدان بهما خلق آدم ومسه مسيساً كما ادعيت، لم يجز أن يقال (لله): بيدك الخير...)(٢٠) وأحال في ذلك كل معنى أو تأويل من نعمة أو قوة إلا اليدين(٢١) (بما لهما من المعنى، وهو العضو الخاص المحسوس)، (وأن لله إصبعين، من غير تأويل بمعنى آخر)(٢٢) (والقدمان قدمان من غير تأويل)(٢٣) (غير أنا نقول، كما قال الله(ويبقى وجه ربّك) (٢٤) إنه عنى به الوجه الذي هو الوجه عند المؤمنين، لا الأعمال الصالحة، ولا القبلة...)(٢٥) وإن نفي التشبيه إنما هو بأن يكون لله كل هذا، ولكن لا يشبه شيء منه شيئاً مما في المخلوقين)(٢٦).

وقال الجعفري في هوامشه:

(١) تلبيس إبليس: ط ادارة الطباعة المنيرية، القاهرة: ١٣٦٨/١١٦.

(٢) الفجر ٨٩: ٢٢.

(٣) ويقصد بهم المحدثين.

٦٨

(٤) دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه، المكتبة التوفيقية، القاهرة: ١٩٧٦/٧٣ - ٧٤.

(٥) المناظرة في العقيدة الواسطية، مجموعة الرسائل الكبرى، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ط ٢:١٣٩٢/١٩٧٢، ١/٤١٨.

(٦) التاريخ الكبير ١ - ٣٧٩ - ٣٨٠ = ١٢٠٩، التاريخ الصغير ٢/٣٦٨، الجرح والتعديل ١ - ١ (٢) ٢٠٩ - ٢١٠= ٧١٤، ابن حبان، الثقات ٨/١١٥ - ١١٦، طبقات الحنابلة ١/١٠٩ = ١٢٢، المنهج الأحمد ١/١٠٨ - ١٠٩ = ٤٣،تاريخ بغداد ٦/٣٤٥ - ٣٣٥ = ٣٣٨١، حلية الأولياء ٩/٢٣٤ - ٢٣٨ ابن خلكان ١/١٩٩ - ٢٠١، الأنساب ٦/٥٦ -٥٧، السبكي، طبقات الشافعية ٢/٨٣ - ٩٣، ميزان الإعتدال ١/١٨٢ - ١٨٣ = ٧٣٣، سير أعلام النبلاء ١١/٣٥٨ -٣٨٢، تذكرة الحفّاظ ٢/٤٣٣ - ٤٣٥، العبر ١/٤٢٦، الوافي بالوفيات ٨/٣٨٦ - ٣٨٨ = ٣٨٢٥، طبقات الحفاظ /١٨٨ - ١٨٩ = ٤١٩، ابن كثير ١٠/٣١٧، تهذيب التهذيب ١/٢١٦ - ٢١٩ = ٤٠٨ ، تهذيب الكمال ٢/٣٧٣ - ٣٨٨ -٣٣٢، طبقات المفسرين ١/١٠٢ - ١٠٣، شذرات الذهب ٢/٨٩.

(٧) هو إسحاق بن راهويه - عارضة الأحوذي: ٣/٣٣٢.

(٨) الجامع الصحيح، الزكاة (ما جاء في فضل الصدقة) ٣/٥٠ - ٥١ أي ٦٦٢.

(٩) الذهبي سير أعلام النبلاء: ١٤/٣٦٥ - ٣٨٢، تذكرة الحفاظ: ٢/٧٢٠ - ٧٣١، العبر: ٢/١٤٩، السمعاني، الأنساب: ٥/١٢٤، ابن الأثير، اللباب: ١/٤٤٢، ابن الجوزي، المنتظم: ٦/١٨٤ - ١٨٦، ابن كثير، البداية والنهاية،١١/١٤٩، السبكي، طبقات الشافعية: ٣/١٠٩ - ١١٩، الصفدي، الوافي بالوفيات: ٢/١٩٦، اليافعي، مرآة الجنان:٢/٢٦٤، ابن عبد الحي، شذرات الذهب: ٢/٢٦٢ - ٢٦٣، السيوطي، طبقات الحفاظ: ٣١٠ - ٣١١، ابن الجزري،طبقات القراء: ٢/٩٧ - ٩٨.

(١٠) التوحيد واثبات صفات الرب، راجعه وعلق عليه محمد خليل هراس، المدرس بكلية أصول الدين (بالأزهر)، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة: ١٣٨٧/١٩٦٨، /٢٣.

(١١) المصدر / ٥٠ -٥٢.

(١٢) المصدر / ٨٢ - ٨٥.

(١٣) المصدر / ٨٥ - ٨٧.

(١٤) المصدر / ١٤٥.

(١٥) سير أعلام النبلاء: ١٣/٣١٩ - ٣٢٦، تذكرة الحفاظ: ٢/٦٢١ - ٦٢٢، العبر: ٢/٦٤، مرآة الجنان:

٦٩

٢/١٩٣، ابن كثير ١١/٦٩، طبقات الشافعية: ٢/٣٠٢ - ٣٠٦، طبقات الحفاظ: ٢٧٤، طبقات الحنابلة: ١/٢٢١، شذرات الذهب: ٢/١٧٦.

(١٦) الرد على بشر المريسي، عقائد السلف، نشر: دكتور علي سامي النشار، عمار جمعي الطالبي، منشأة المعارف الإسكندرية، مصر: ١٩٧١/٣٨٢.

(١٧) المصدر / ٤٣٩.

(١٨) يخاطب به بشر المريسي، الذي يرد عليه الدارمي، وهو بشر بن غياب المريسي، البغدادي، الحنفي (ح ١٣٨/٧٥٥ - ٢١٨ / ٨٣٣) من أعلام الحنيفة، وممن نادى بخلق القرآن ودافع عنه، وعن كثير من آراء المعتزلة.

(١٩) المصدر/ ٤٥٤

(٢٠) المصدر/ ٣٨٧

(٢١) (بما لهما من المعنى، وهو العضو الخاص المحسوس) المصدر / ٣٩٨.

(٢٢) المصدر / ٤٢٠.

(٢٣) المصدر / ٤٢٣ - ٤٢٤، ٤٢٧ - ٤٢٨.

(٢٤) الرحمن ٥٥/٢٧.

(٢٥) المصدر / ٥١٦.

(٢٦) المصدر / ٤٣٢ - ٤٣٣، ٥٠٨.. انتهى.

٧٠

الفصل الثالث

بازار الأحاديث في الرؤية والتشبيه والتجسيم

قالوا إن الله تعالى على صورة بشر!

- صحيح مسلم ج ٨ ص ٣٢

- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته..

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٢ ص ٢٩٩

أبو هريرة: خلق الله عز وجل آدم على صورته وطوله ستون ذراعاً... فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ستون ذراعاً فلم تزل تنقص بعده حتى الآن. انتهى. ونحوه في ج ٥ ص ١٦٥ ونحوه في مصابيحه ج ٣ ص ٢٦٦

- مختصر تاريخ دمشق ج ٣ جزء ٥ ص ١٢٥

عن أبي هريرة، عن النبي (ص) قال: خلق الله آدم على صورته طوله سبعون ذراعاً... الى آخره. وقد تقدم تكذيب الإمام مالك لهذا الحديث وغيره من أحاديث رؤية الله تعالى بالعين، من سير أعلام النبلاء ج ٨ ص ١٠٣

٧١

- وروى ابن حجر في لسان الميزان ج ٣ ص ٢٩٩ صيغة معقولة لهذا الحديث قال:... العلاء بن مسلمة، حدثنا عبد الله بن سيف، ثنا إسماعيل بن رافع، عن المقبري، عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه مرفوعاً: لا يضربن أحدكم وجه خادمه ولا يقول لعن الله من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورة وجهه. انتهى. فهل يقبلها اخواننا ويخلصون أنفسهم من ورطة التجسيم.

- لجنة الإفتاء الوهابية ج ٤ ص ٣٦٨ فتوى رقم ٢٣٣١

س ١: عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خلق الله آدم على صورته ستون ذراعاً، فهل هذا الحديث صحيح؟

ج: نص الحديث: خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً ثم قال: إذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع فما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعاً، فلم يزل الخلق تنقص بعده إلى الآن. رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم. وهو حديث صحيح ولا غرابة في متنه فإن له معنيان:

الأول: أن الله لم يخلف آدم صغيراً قصيراً كالأطفال من ذريته ثم نما وطال حتى بلغ ستين ذراعاً، بل جعله يوم خلقه طويلاً على صورة نفسه النهائية طوله ستون ذراعاً.

والثاني: أن الضمير في قوله (على صورته) يعود على الله بدليل ما جاء في رواية أخرى صحيحة: على صورة الرحمن وهو ظاهر السياق ولا يلزم على ذلك التشبيه، فإن الله سمى نفسه بأسماء سمى بها خلقه، ووصف نفسه بصفات وصف بها خلقه، ولم يلزم من ذلك التشبيه وكذا الصورة، ولا يلزم من إتيانها لله تشبيهه بخلقه لأن الاشتراك في الإسم وفي المعنى الكلي لا يلزم منه التشبيه فيما يخص كلا منهما، لقوله تعالى:لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .

٧٢

وقالوا له سمع وبصر كسمع الإنسان وبصره

- سنن أبي داود ج ٢ ص ٤١٩

... مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية:إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها .. إلى قوله تعالى سميعاً بصيراً، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه، قال أبو هريرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه، قال ابن يونس قال المقرىء: يعني أن الله سميع بصير، يعني أن لله سمعاً وبصراً، قال أبو داود: وهذا رد على الجهمية. انتهى. ورواه في ج ٢ ص ٢٣٣، وكأن قصد أبي داود أن الجهمية أفرطوا في التنزيه، فيجب أن نرد عليهم بالتجسيم!

وقالوا له عينان مثل الإنسان وهما سالمتان

- صحيح البخاري ج ٢ جزء ٤ ص ١٤١

قال عبد الله (يعني ابن عمر) ذكر النبي (ص) يوماً بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال: إن الله ليس بأعور، إلا أن المسيح الدجال أعور العين. انتهى. وقد فسرها الوهابيون وأسلافهم، بأن الله تعالى له عينان سالمتان! ورواه البغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٤٩٧، ٥٠٧ عن ابن عمر أنه قال: قام رسول الله (ص) ثم ذكر الدجال: تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور. عن عباده ابن الصامت عن رسول الله (ص): إن المسيح الدجال رجلٌ قصير أفجح جعد أعور، وإن ربكم ليس بأعور.

وقالوا له أيدي وأعين ورجلان

- قال ابن حزم في المحلى ج ١ ص ٣٣

مسألة: وإن لله عز وجل عزاً وعزة وجلالاً وإكراماً، ويداً ويدين وأيدياً (كذا) ووجهاً وعيناً وأعيناً، وكبرياء، وكل ذلك حق لا يرجع منه ولا من علمه تعالى وقدره وقوته إلا إلى الله تعالى لا إلى شيء غير الله عز وجل أصلاً، نقر من ذلك مما في القرآن

٧٣

وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يحل أن يزاد في ذلك ما لم يأت به نص من قرآن أو سنة صحيحة.

قال عز وجل:ذو الجلال والإكرام وقال تعالى:يد الله فوق أيديهم ، لما خلقت بيدي، ومما عملت أيدينا أنعاماً، إنما نطعمكم لوجه الله، ولتصنع على عيني، إنك بأعيننا. ولا يحل أن يقال عينين لأنه لم يأت بذلك نص، ولا أن يقال سمع وبصر ولا حياة، لأنه لم يأت بذلك نص لكنه تعالى سميع بصير حي قيوم. انتهى.

ولعل ابن حزم لم يطلع على نص العينين وحديث السمع والبصر وغيرها، وإلا لقال بها!

وقالوا قد يكون له أُذن وقد يكون بلا أُذن

- فتاوى الألباني ص ٣٤٤

- سؤال السائل: صفة الأذن لله، موقف أهل السنة والجماعة منها؟

جواب: لا يثبتون ولا ينفون بالرأي، أما ما أثبته النص فهم يثبتونه بدون تكييف السلفيون مستريحون من هذه الكيفية يعني استراحوا من التشبيه عملاً بالتنزيه... وأن العين: صفة من صفاته تليق بعظمته وجلاله.

وقالوا له جنب وحقو

- تفسير الطبري ج ٢٦ ص ٣٦

- عن أبي هريرة عن رسول الله (ص) أنه قال خلق الله الخلق فلما فرغ منهم تعلقت الرحم بحقو الرحمن فقال مه! فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة... ورواه البغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٣٥٠

- وقال الشاطبي في الإعتصام ج ٢ ص ٣٠٣

قول من زعم: أن لله سبحانه وتعالى جنباً مستدلاً بقوله: أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت من جنب الله.

٧٤

وقالوا إنّه يمشي وقد يركض ويهرول

- فتاوى الألباني ص ٥٠٦

سؤال: حول الهرولة، وهل أنكم تثبتون صفة الهرولة لله تعالى؟

جواب: الهرولة كالمجيء والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها.

- فتاوى ابن باز ج ٥ ص ٣٧٤

... ومن ذلك الحديث القدسي وهو قول الله سبحانه: من تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة... أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة... انتهى.

وقالوا إنّه تعالى يرى بالعين في الدنيا

- الفرق بين الفرق للنوبختي ص ٢٩٤

وأجمع أهل السنة على أن الله تعالى يكون مرئياً للمؤمنين في الآخرة، وقالوا بجواز رؤيته في كل حال ولكل حي من طريق العقل ووجوب رؤيته للمؤمنين خاصة في الآخرة، من طريق الخبر..

- مسند أحمد ج ٤ ص ٦٦

... عن خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات غداة وهو طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فقلنا: يا رسول الله إنا نراك طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه، فقال: وما يمنعي وأتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة، قال يا محمد، قلت لبيك ربي وسعديك، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا أدري أي رب! قال ذلك مرتين أو ثلاثاً، قال فوضع كفيه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السموات وما في الأرض، ثم تلا هذه

٧٥

الآية:وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . انتهى. ورواه في ج ٥ ص ٣٧٨، وستأتي بقية رواياته في تفسير قوله تعالى(ما كذب الفؤاد ما رأى) .

وقالوا إنه يلبس قباء وجبة ويركب على جمل

- لسان الميزان ج ٢ ص ٢٣٨

ومما في الصفات له (حدثنا) أبو حفص بن سلمون ثنا عمرو بن عثمان ثنا أحمد بن محمد بن يوسف الإصبهاني ثنا شعيب بن بيان الصفار ثنا عمران القطان عن قتادة عن أنسرضي‌الله‌عنه مرفوعاً: إذا كان يوم الجمعة ينزل الله بين الأذان والإقامة عليه رداء مكتوب عليه إنني أنا الله لا إله إلا أنا، يقف في قبلة كل مؤمن مقبلاً عليه، فإذا سلم الإمام صعد إلى السماء. وروى عن ابن سلمون بإسناد له: رأيت ربي بعرفات على جمل أحمر عليه إزار! انتهى. ورواه في ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥١٢

وقالوا إنّه فتى أمرد جعد الشعر

- ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥٩٣

... عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: فلما تجلى ربه للجبل، قال: أخرج طرف خنصره وضرب على إبهامه فساخ الجبل، فقال حميد الطويل لثابت: تحدث بمثل هذا! قال فضرب في صدر حميد وقال: يقوله أنس ويقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا! رواه جماعة عن حماد وصححه الترمذي. إبراهيم بن أبي سويد وأسود بن عامر، حدثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً: رأيت ربي جعداً أمرد، عليه حلة خضراء.

وقال ابن عدي: حدثنا عبد الله بن عبد الحميد الواسطي، حدثنا النضر بن سلمة شاذان، حدثنا الأسود بن عامر، عن حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في خضرة.

٧٦

... قال المرودي: قلت لأحمد: يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة فغضب وأخرج كتابه بسماع قتادة عن عكرمة في ستة أحاديث. ورواه الحكم بن أبان عن زيرك عن عكرمة. وهو غريب جداً.

وقالوا إنّه يضحك في الدنيا والآخرة

- صحيح البخاري ج ٢ جزء ٣ ص ٢١٠

عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد.

- صحيح البخاري ج ٤ ص ٢٢٦

... فباتا طاويين، فلما أصبح غد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما، فأنزل الله:وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .

- سنن النسائي ج ٦ ص ٣٨

... عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل يعجب من رجلين يقتل أحدهما صاحبه، وقال مرة أخرى: ليضحك من رجلين يقتل أحدهما صاحبه ثم يدخلان الجنة. تفسير ذلك أخبرنا محمد بن سلمة... عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل فيستشهد. انتهى. ورواه ابن ماجة في ج ١ ص ٦٨

- وروى أحمد في مسنده ج ١ ص ٣٩٢

عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط فينكب مرة ويمشي مرة وتسفعه النار مرة، فإذا جاوز

٧٧

الصراط التفت إليها فقال: تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً من الأولين والآخرين، قال فترفع له شجرة فينظر إليها فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول: أي عبدي فلعلي إن أدنيتك منها سألتني غيرها، فيقول: لا يا رب، ويعاهد الله أن لا يسأله غيرها والرب عز وجل يعلم أنه سيسأله لأنه يرى ما لا صبر له يعني عليه، فيدنيه منها ثم ترفع له شجرة وهي أحسن منها فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول: أي عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها، فيقول: يا رب هذه لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها فيدنيه منها، فترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن منها فيقول: رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول: أي عبدي ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها، فيقول: يا رب هذه الشجرة لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها لأنه يرى ما لا صبر له عليها فيدنيه منها فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول: يا رب الجنة الجنة، فيقول: عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها، فيقول: يا رب أدخلني الجنة.

قال فيقول عز وجل: ما يصريني منك أي عبدي أيرضيك أن أعطيك من الجنة الدنيا ومثلها معها؟

قال فيقول: أتهزؤ بي وأنت رب العزة!

قال فضحك عبد الله حتى بدت نواجذه ثم قال: ألا تسألوني لم ضحكت؟

قالوا له لم ضحكت؟

قال: لضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسألوني لم ضحكت؟

قالوا: لم ضحكت يا رسول الله؟

قال: لضحك الرب حين قال أتهزأ بي وأنت رب العزة!! انتهى. ورواه في ج ١ ص٤١١ وج ٢ ص ٣١٨ وص ٤٦٤ وص ٥١١ وروى نحوه في ج ٢ ص ٢٧٦ وص ٢٩٤

٧٨

وص٥٣٤ وج ٣ ص ٨٠ وابن ماجة في سننه ج ١ ص ٦٤ والديلمي في فردوس الأخبار ج ٣ ص ٩ ح ٣٧٠٣ والبغوي في مصابيحه ج ١ ص ٤٣٣ وص ٥٤٤ وج ٣ ص ٥٤٦ والبيهقي في شعب الإيمان ج ١ ص ٢٤٩ وفي دلائل النبوة ج ٦ ص ١٤٣ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٦١٥ والشوكاني في نيل الأوطار ج ٣ ص ٥٧ وغيرهم.. وغيرهم..

وسيأتي عدد آخر من روايات ضحك الله المزعوم على هذا الرجل في روايات رؤيته بالعين في الآخرة.

- وقال ابن تيمية في الإيمان ص ٤٢٤

وفي الصحيحين في حديث الشفاعة يقول كل من الرسل إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله... وكذلك ضحكه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة وضحكه إلى الذي يدخل الجنة آخر الناس ويقول: أتسخر بي وأنت رب العالمين! وكل هذا في الصحيح.

وقالوا إنه يضحك لمن يستلقي على دابّته

- وروى أحمد في ج ١ ص ٣٣٠ رواية غريبة نسب فيها تصرفاً غير معقول للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونسب فيها إلى الله تعالى أنه يضحك لمن يذكره على دابته ثم يستلقي! قال الإمام أحمد:

عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته فلما استوى عليها كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، وحمد الله ثلاثاً، وسبح الله ثلاثاً، وهلل الله واحدة ثم استلقى عليه فضحك، ثم أقبل عليَّ فقال: ما من إمريء يركب دابته فيصنع كما صنعت إلا أقبل الله تبارك وتعالى فضحك إليه كما ضحكت إليك!

وقالوا مادام الله يضحك فأملنا فيه كبير

- روى أحمد في مسنده ج ٤ ص ١١ وص ١٢ وص ١٣ رواية تعطي الناس الأمل بالله

٧٩

تعالى لأنه يضحك! قال:... عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، قال قلت: يا رسول الله أو يضحك الرب عز وجل! قال نعم، قال: لن نعدم من رب يضحك خيراً!

- وروى الديلمي في فردوس الأخبار ج ٣ ص ١٠

أبوذر الغفاري: ضحك الله ربنا عز وجل من قنوط عباده وقرب غيره ولن نعدم من رب يضحك خيراً. وستأتي روايته عن النويري وغيره.

وقالوا إنّه يضحك.. ويظل يضحك

- قال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد ج ٣ ص ٥٦٦ - ٥٦٧

- قوله (ص): فيضل يضحك، هو من صفات أفعاله سبحانه وتعالى التي لا يشبهه فيها شيء من مخلوقاته كصفات ذاته.. وكذلك: فأصبح ربك يطوف في الأرض، هو من صفات فعله كقوله تعالى:وجاء ربّك والملك ، وينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا، ويدنو عشية عرفة فيباهي بأهل الموقف الملائكة. والكلام في الجميع صراط واحد مستقيم إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تحريف ولا تعطيل.

- وقال النويري في نهاية الإرب ج ٧ جزء ١٤ ص ٢٩٢

عن لقيط بن عامر العقيلي قال... أتينا رسول الله (ص) حين انصرف من صلاة الغداة فقام خطيباً فقال أيها الناس... يشرف عليكم أزلين فيظل يضحك، قد علم أن غوثكم قريب. قال لقيط له: لن نعدم من رب يضحك خيراً.. انتهى. وروى نحوه المنذري في الترغيب والترهيب ج ١ ص ٤٣٤ وص ٤٣٦ وج ٤ ص ٥٠٣

وقالوا إنّه ضحك لطلحة وسعد

- أُسد الغابة ج ٣ ص ٨٣

روي أنه (طلحة بن البراء) توفي ليلاً فقال أدفنوني.. ولا تدعوا رسول الله (ص)

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193