اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)

اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)27%

اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
الصفحات: 215

اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)
  • البداية
  • السابق
  • 215 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 123303 / تحميل: 9828
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)

اعلام الهداية محمد المصطفى خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله وسلم)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

[ ١٠٠٢٠ ] ٩ - قال: ومن الكتاب المذكور عن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، أنّه قال: تفتح أبواب السماء في ليلة القدر، فما من عبد يصلّي فيها إلّا كتب الله له بكل سجدة شجرة في الجنّة، لو يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها، وبكلّ ركعة بيتاً في الجنّة من دُر وياقوت وزبرجد، الحديث وهو طويل يشتمل على ثواب جزيل.

[ ١٠٠٢١ ] ١٠ - قال: وذكر الشيخ الفاضل جعفر بن محمّد الدوريستي في كتاب( الحسنى) عن أبيه، عن محمّد بن علي بن بابويه، عن محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن العبّاس بن الحريش، عن أبي جعفر محمّد بن علي الرضا( عليه‌السلام ) ، عن آبائه، عن(١) علي (عليهم‌السلام ) قال:( قال النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) )(٢) : من أحيى ليلة القدر غفرت له ذنوبه ولو كانت(٣) عدد نجوم السماء ومثاقيل الجبال ومكاييل البحار.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك وعلى فضل الليالي المخصوصة في شهر رمضان(٤) . وعلى استحباب كثرة الصلاة فيه، في كتاب الصوم، إن شاء الله(٥) ، ثمّ إنّ هذه المائة ركعة يحتمل كونها من جملة الألف، ويحتمل عدم التداخل.

________________

٩ - الاقبال: ١٨٦.

١٠ - الاقبال: ٢١٣.

(١) في المصدر زيادة: الباقر محمد بن.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر زيادة ذنوبه.

(٤) يأتي باطلاقه وعمومه في البابين ٢ و ٧ من هذه الأبواب، وفي الباب ١٨ من أبواب أحكام شهر رمضان.

(٥) يأتي في البابين ٣١ و ٣٢ من أبواب أحكام شهر رمضان.

٢١

٢ - باب استحباب نافلة شهر رمضان

[ ١٠٠٢٢ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي العبّاس وعبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يزيد في صلاته في شهر رمضان، إذا صلّى العتمة صلّى بعدها، فيقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم، ثمّ يخرج أيضاً فيجيئون ويقومون خلفه فيدخل ويدعهم مراراً.

قال: وقال: لا تصلّ بعد العتمة في غير شهر رمضان.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(١) .

[ ١٠٠٢٣ ] ٢ - وبإسناده عن علي بن حاتم، عن حميد بن زياد، عن عبدالله(٢) بن أحمد النهيكي، عن علي بن الحسن، عن محمّد بن زياد، عن أبي خديجة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إذا جاء شهر رمضان زاد في الصلاة، وأنا أزيد فزيدوا.

[ ١٠٠٢٤ ] ٣ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن(٣) بن الحسن المروزي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن

____________________

الباب ٢

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٤: ١٥٤ / ٢، وأورد صدره في الحديث ٣ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(١) التهذيب ٣: ٦١ / ٢٠٨، والاستبصار ١: ٤٦١ / ١٧٩٢.

٢ - التهذيب ٣: ٦٠ / ٢٠٤، والاستبصار ١: ٤٦١ / ١٧٩٣.

(٢) في الاستبصار: عبيد الله.

٣ - التهذيب ٣: ٦٠ / ٢٠٥، والاستبصار ١: ٤٦١ / ١٧٩٥.

(٣) في نسخة: الحسين - هامش المخطوط - وفي الاستبصار.

٢٢

محمّد بن يحيى قال: كنت عند أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، فسئل: هل يزاد في شهر رمضان في صلاة النوافل؟ فقال: نعم، قد كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يصلّي بعد العتمة في مصلّاه ويكثر، وكان الناس يجتمعون خلفه ليصلّوا بصلاته، فإذا كثروا خلفه تركهم ودخل منزله، فإذا تفرّق الناس عاد إلى مصلّاه فصلّى كما كان يصلّي، فإذا كثر الناس خلفه تركهم ودخل، وكان يصنع ذلك مراراً.

[ ١٠٠٢٥ ] ٤ - وعنه، عن محمّد بن خالد، عن سيف بن عميرة، عن إسحاق بن عمّار، عن جابر(١) بن عبدالله قال: إنّ أبا عبدالله( عليه‌السلام ) قال له: إنّ أصحابنا هؤلاء أبوا أن يزيدوا فيه صلاتهم في رمضان، وقد زاد رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) في صلاته في رمضان.

[ ١٠٠٢٦ ] ٥ - وعنه، عن محمّد بن علي، عن علي بن النعمان، عن منصور بن حازم، عن أبي بصير، أنّه سأل أبا عبدالله( عليه‌السلام ) : أيزيد الرجل في الصلاة في رمضان؟ قال: نعم، إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد زاد في رمضان في الصلاة.

[ ١٠٠٢٧ ] ٦ - وفي( المصباح) عن أبي حمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين سيد العابدين( عليه‌السلام ) يصلّي عامّة الليل في شهر رمضان، فإذا كان في السحر دعا بهذا الدعاء: الهي لا تؤدّبني بعقوبتك، وذكر الدعاء بطوله.

ورواه ابن طاووس في كتاب( الاقبال) بإسناده إلى هارون بن موسى

____________________

٤ - التهذيب ٣: ٦٠ / ٢٠٦، والاستبصار ١: ٤٦٠ / ١٧٨٩.

(١) كذا في الأصل عن الاستبصار، وكتب المصنف عن التهذيب ( صابر ).

٥ - التهذيب ٣: ٦١ / ٢٠٧، والاستبصار ١: ٤٦٠ / ١٧٩٠.

٦ - مصباح المتهجد: ٥٢٤.

٢٣

التلعكبري، بإسناده إلى الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، مثله(١) .

[ ١٠٠٢٨ ] ٧ - وقد تقدّم في حديث علي بن أبي حمزة عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، في ختم القرآن قال: شهر رمضان لا يشبهه شيء من الشهور، له حقّ وحرمة، أكثر من الصلاة فيه ما استطعت.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) ، ويأتي ما ظاهره المنافاة ونبيّن وجهه(٤) .

٣ - باب استحباب صلاة الليالي البيض في رجب وشعبان وشهر رمضان وكيفيّتها

[ ١٠٠٢٩ ] ١ - علي بن موسى بن جعفر بن طاوس في كتاب( الاقبال) نقلاً من كتاب محمّد بن علي الطرازي: عن أحمد بن( محمّد) (٥) بن سعيد الكاتب، عن أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة، عن محمّد بن علي القناني، عن جدّه، عن أحمد بن أبي العيناء، عن جعفر بن محمّد( عليه‌السلام ) قال: أُعطيت هذه الاُمّة ثلاثة أشهر لم يعطها أحد من الأُمم: رجب، وشعبان، وشهر رمضان، وثلاث ليال لم يعط أحد مثلها: ليلة ثلاث عشرة، وليلة أربع عشرة، وليلة خمس عشرة من كلّ شهر، وأعطيت هذه الأُمّة ثلاث سور لم يعطها أحد من الأُمم: يس، وتبارك الملك، و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ، فمن جمع بين هذه

____________________

(١) إقبال الأعمال: ٦٧.

٧ - تقدم في الحديث ٣ من الباب ٢٧ من أبواب قراءة القرآن.

(٢) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الأبواب ٣ و ٤ و ٥ و ٦ و ٧ و ٨ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في الحديث ٣ من الباب ٩ من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه حديث واحد

١ - اقبال الأعمال: ٦٥٤.

(٥) في المصدر: أحمد.

٢٤

الثلاث فقد جمع أفضل ما أعطيت هذه الأُمّة، فقيل: كيف يجمع بين هذه الثلاث؟ فقال: يصلّي كلّ ليلة من ليال البيض من هذه الثلاثة أشهر في الليلة( الثالثة عشرة) (١) ركعتين تقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور، وفي الليلة الرابعة عشرة أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور، وفي الليلة الخامسة عشرة ستّ ركعات يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وهذه الثلاث سور، فيحوز فضل هذه الأشهر الثلاثة، ويغفر له كلّ ذنب سوى الشرك.

٤ - باب استحباب صلاة ليلة النصف من شهر رمضان عند قبر الحسين ( عليه‌السلام ) ، وكيفيّتها

[ ١٠٠٣٠ ] ١ - علي بن موسى بن جعفر بن طاوس في كتاب( الاقبال) قال: روينا بإسنادنا عن أبي المفضّل الشيباني، بإسناده من كتاب علي بن عبد الواحد النهدي في حديث عن الصادق( عليه‌السلام ) ، قال: قيل له: فما ترى فيمن حضر قبره، يعني الحسين( عليه‌السلام ) ، ليلة النصف من شهر رمضان؟ فقال: بخ بخ، من صلّى عند قبره ليلة النصف من شهر رمضان عشر ركعات من بعد العشاء من غير صلاة الليل، يقرأ في كلّ ركعة بفاتحة الكتاب و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات، واستجار بالله من النار، كتبه الله عتيقاً من النار، ولم يمت حتى يرى في منامه ملائكة يبشرونه بالجنّة، وملائكة يؤمنونه من النار.

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

____________________

(١) في المصدر: الثانية عشر. وقد صوبها المصنف إلى ( الثالث عشر ).

الباب ٤

فيه حديث واحد

١ - اقبال الأعمال: ١٥١.

(٢) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الباب ٦ من هذه الأبواب.

٢٥

٥ - باب استحباب صلاة ألف ركعة في كلّ يوم وليلة، بل في كلّ يوم وفي كلّ ليلة من شهر رمضان وغيره مع القدرة

[ ١٠٠٣١ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن حاتم، عن محمّد بن جعفر المؤدّب(١) ، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن محمّد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، عن جميل بن صالح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن استطعت أن تصلّي في شهر رمضان وغيره في اليوم والليلة ألف ركعة فافعل، فإنّ علياً( عليه‌السلام ) كان يصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة.

[ ١٠٠٣٢ ] ٢ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن علي بن أبي حمزة قال: دخلنا على أبي عبدالله( عليه‌السلام ) فقال له أبو بصير: ما تقول في الصلاة في رمضان؟ فقال له: إنّ لرمضان حرمة وحقّاً لا يشبهه شيء من الشهور، صلّ ما استطعت في رمضان تطوّعاً بالليل والنهار، وإن استطعت في كلّ يوم وليلة ألف ركعة فصلّ، إنّ علياً( عليه‌السلام ) كان في آخر عمره يصلّي في كلّ يوم وليلة ألف ركعة، الحديث.

ورواه الكليني عن عدّه من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد(٢) .

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك في أعداد الصلوات في عدّة أحاديث(٣) .

____________________

الباب ٥

فيه حديثان

١ - التهذيب ٣: ٦١ / ٢٠٩، الاستبصار ١: ٤٦١ / ١٧٩٤، وأورده في الحديث ٢ من الباب ٣٠ من أبواب أعداد الفرائض.

(١) في نسخة: المؤذّن « هامش المخطوط ».

٢ - التهذيب ٣: ٦٣ / ٢١٥، والاستبصار ١: ٤٦٣ / ١٧٩٨، وأورد قطعة منه في الحديث ١ من الباب ٣٠ من أبواب أعداد الفرائض، وذيله في الحديث ٤ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

(٢) الكافي ٤: ١٥٤ / ١.

(٣) تقدم في الباب ٣٠ من أبواب اعداد الفرائض ويدل على بعض المقصود في الحديث ٣ من =

٢٦

٦ - باب استحباب صلاة مائة ركعة ليلة نصف شهر رمضان، يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة والإِخلاص عشراً

[ ١٠٠٣٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن علي بن حاتم، عن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن بندار، عن محمّد بن علي، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن عمرو، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : من صلّى ليلة النصف من شهر رمضان مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات، أهبط الله إليه من الملائكة عشرة يدرأون عنه أعداءه من الجنّ والإِنس، وأهبط إليه عند موته ثلاثين ملكاً يؤمنونه من النار.

ورواه المفيد في( المقنعة) مرسلاً (١) ، وكذا ابن طاووس في( الاقبال) (٢) .

[ ١٠٠٣٤ ] ٢ - وعنه، عن محمّد بن القاسم، عن عبّاد بن يعقوب، عن عمرو بن ثابت، عن محمّد بن مروان، عن أبي يحيى، عن عدّة ممّن يوثق بهم قالوا: قال: من صلّى ليلة النصف من شهر رمضان مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة عشر مرّات ب‍( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) فذلك ألف مرّة في مائة لم يمت حتى يرى في منامه مائة من الملائكة، ثلاثين يبشّرونه بالجنّة وثلاثين يؤمنونه من النار، وثلاثين تعصمه من أن يخطىء، وعشرة يكيدون من كاده.

____________________

= الباب ٢٧ من أبواب قراءة القرآن.

الباب ٦

فيه حديثان

١ - التهذيب ٣: ٦٢ / ٢١٢.

(١) المقنعة: ٢٨.

(٢) اقبال الأعمال: ١٥٠.

٢ - التهذيب ٣: ٦٢ / ٢١١.

٢٧

ورواه ابن طاوس في( الاقبال) نقلاً من كتاب ابن أبي قرة قال: وفي رواية أُخرى، وذكر الحديث (١) .

ورواه المفيد في( المقنعة) مرسلاً عن الصادق( عليه‌السلام ) قال: قال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) ، وذكر نحوه، إلى قوله: من النار(٢) .

٧ - باب استحباب زيادة ألف ركعة في شهر رمضان، وترتيبها وأحكامها

[ ١٠٠٣٥ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن عليّ بن حاتم، عن محمّد بن جعفر بن أحمد بن بطّة، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، وبإسناده عن أبي محمّد هارون بن موسى، عن محمّد بن علي بن معمر، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، أنّه قال: تصلّي في شهر رمضان زيادة ألف ركعة، قال: قلت: ومن يقدر على ذلك؟ قال: ليس حيث تذهب، اليس تصلّي في شهر رمضان زيادة ألف ركعة في تسع عشرة منه في كلّ ليلة عشرين ركعة، وفي ليلة تسع عشرة مائة ركعة، وفي ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة، وفي ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة، وتصلّي في ثمان ليال منه في العشر الأواخر ثلاثين ركعة، فهذه تسعمائة وعشرون ركعة، قال: قلت: جعلني الله

____________________

(١) إقبال الأعمال: ١٥١.

(٢) المقنعة: ٢٨، تقدم ما يدل على بعض المقصود في الباب ٤ من هذه الأبواب، ويأتي ما يدل على ذلك في الحديث ٢٠ من الباب ٧، وفي الحديث ١ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

الباب ٧

فيه ٢٠ حديثاً

١ - التهذيب ٣: ٦٦ / ٢١٨، والاقبال: ١٢، وأورد قطعة منه في الحديث ٣ من الباب ١٠ من أبواب التعقيب.

٢٨

فداك، فرّجت عنّي - إلى أن قال - فكيف تمام الألف ركعة؟ فقال: تصلّي في كلّ يوم جمعة في شهر رمضان أربع ركعات لأمير المؤمنين، وتصلّي ركعتين لابنة محمّد (عليهما‌السلام ) ، وتصلّي بعد الركعتين أربع ركعات لجعفر الطيّار، وتصلّي في ليلة الجمعة في العشر الأواخر لأمير المؤمنين( عليه‌السلام ) عشرين ركعة، وتصلّي في عشيّة الجمعة ليلة السبت عشرين ركعة لابنة محمّد (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، ثم قال: اسمع وعه وعلّم ثقات إخوانك هذه الأربع والركعتين، فإنّهما أفضل الصلوات بعد الفرائض، فمن صلّاها في شهر رمضان أو غيره انفتل وليس بينه وبين الله عزّ وجلّ من ذنب، ثمّ قال: يا مفضّل بن عمر، تقرأ في هذه الصلوات كلّها أعني صلاة شهر رمضان الزيادة منها بالحمد و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) إن شئت مرّة، وإن شئت ثلاثاً، وإن شئت خمساً، وإن شئت سبعاً، وإن شئت عشراً، فأمّا صلاة أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) فإنّه يقرأ فيها بالحمد في كلّ ركعة وخمسين مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ويقرأ في صلاة ابنة محمّد (عليهما‌السلام ) في أوّل ركعة الحمد و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) مائة مرّة، وفي الركعة الثانية الحمد و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) مائة مرّة، فإذا سلّمت في الركعتين سبّح تسبيح فاطمة (عليها‌السلام ) - إلى أن قال - وقال لي: تقرأ في صلاة جعفر في الركعة الأُولى الحمد و( إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ ) ، وفي الثانية الحمد والعاديات، وفي الثالثة الحمد و( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ ) ، وفي الرابعة الحمد و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ، ثم قال لي: يا مفضّل، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

ورواه المفيد في( المقنعة) عن المفضّل، نحوه (١) .

[ ١٠٠٣٦ ] ٢ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: ممّا كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يصنع في شهر رمضان كان يتنفّل في كلّ ليلة ويزيد

____________________

(١) المقنعة: ٢٨.

٢ - التهذيب ٣: ٦٢ / ٢١٣، والاستبصار ١: ٤٦٢ / ١٧٩٦، واقبال الأعمال: ١٣.

٢٩

على صلاته التي كان يصلّيها قبل ذلك منذ أوّل ليلة إلى تمام عشرين ليلة، في كلّ ليلة عشرين ركعة، ثماني ركعات منها بعد المغرب واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة، ويصلّي في العشر الأواخر في كلّ ليلة ثلاثين ركعة، اثنتي عشرة منها بعد المغرب، وثماني عشرة بعد العشاء الآخرة، ويدعو ويجتهد اجتهاداً شديداً، وكان يصلّي في ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة، ويصلّي في ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة ويجتهد فيهما.

[ ١٠٠٣٧ ] ٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد، عن الحسن، عن زرعة، عن سماعة بن مهران قال: سألته عن رمضان، كم يصلّي فيه؟ فقال: كما يصلّى في غيره إلاّ أنّ لرمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد أن يزيد في تطوّعه، فإن أحبّ وقوي على ذلك أن يزيد في أوّل( الشهر عشرين) (١) ليلة، كلّ ليلة عشرين ركعة، سوى ما كان يصلّي قبل ذلك، يصلّي(٢) من هذه العشرين اثنتي عشرة ركعة بين المغرب والعتمة، وثمانية ركعات بعد العتمة، ثمّ يصلّي صلاة الليل التي كان يصلّي قبل ذلك ثماني ركعات، والوتر ثلاث ركعات، ركعتين يسلّم فيهما ثمّ يقوم فيصلّي واحدة يقنت فيها فهذا الوتر، ثمّ يصلّي ركعتي الفجر حين ينشقّ الفجر، فهذه ثلاث عشرة ركعة، فإذا بقي من رمضان عشر ليال فليصلّ ثلاثين ركعة في كل ليلة سوى هذه الثلاث عشرة ركعة يصلّي بين المغرب والعشاء اثنتين وعشرين ركعة، وثماني ركعات بعد العتمة، ثمّ يصلّي بعد صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة كما وصفت لك، وفي ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين يصلّي في كلّ واحدة منها إذا قوي على ذلك مائة ركعة، سوى هذه الثلاث عشرة ركعة، وليسهر فيهما حتى يصبح، فإنّ ذلك يستحبّ أن يكون في صلاة ودعاء وتضرّع فإنّه يرجى أن تكون ليلة القدر في

____________________

٣ - التهذيب ٣: ٦٣ / ٢١٤، والاستبصار ١: ٤٦٢ / ١٧٩٧.

(١) في الاستبصار: ليلة من الشهر إلى عشرين ( هامش المخطوط ).

(٢) كتب المصنف على كلمة ( يصلي ) علامة نسخة.

٣٠

إحداهما.

ورواه الصدوق بإسناده عن زرعة، مثله(١) .

[ ١٠٠٣٨ ] ٤ - وعنه، عن القاسم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) في حديث - أنّه قال لأبي بصير: فصلّ يا أبا محمّد زيادة في رمضان، قال: كم، جعلت فداك؟ قال: في عشرين ليلة، تمضي في كلّ ليلة عشرين ركعة، ثماني ركعات قبل العتمة واثنتي عشرة بعدها سوى ما كنت تصلّي قبل ذلك، فإذا دخل العشر الأواخر فصلّ ثلاثين ركعة، كلّ ليلة ثمان قبل العتمة وثنتين وعشرين بعد العتمة سوى ما كنت تفعل قبل ذلك.

ورواه الكليني عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، مثله(٢) .

[ ١٠٠٣٩ ] ٥ - وبإسناده عن علي بن حاتم، عن علي بن سليمان الرازي(٣) ، عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير قال: قال أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : صلّ في العشرين من شهر رمضان ثمانياً بعد المغرب واثنتي عشرة ركعة بعد العتمة، فإذا كانت الليلة التي يرجى فيها ما يرجى فصلّ مائة ركعة، تقرأ في كلّ ركعة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرات، قال: قلت:

____________________

(١) الفقيه ٢: ٨٨ / ٣٩٧، قال الصدوق: إنّما أوردت هذا الحديث في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ليعلم الناظر في كتابي كيف يروي، ومن رواه وليعلم من اعتقادي فيه أني لا أرى بأساً باستعماله. انتهى.

وفيه نظر فإن الّذين رووه كثيرون جدّاً كما ترى في أحاديث هذه الأبواب وغيرها، وقد نسب إلى الصدوق القول بنفي استحباب نافلة شهر رمضان وهو غير صحيح فإنّ كلامه يدل على الاستحباب إذ العبادة لا تكون مباحة وهو ظاهر « منه قدّه ».

٤ - التهذيب ٣: ٦٣ / ٢١٥، والاستبصار ١: ٤٦٣ / ١٧٩٨، وأورد صدره في الحديث ٢ من الباب ٥ من هذه الأبواب.

(٢) الكافي ٤: ١٥٤ / ١.

٥ - التهذيب ٣: ٦٤ / ٢١٦.

(٣) في هامش الأصل والمصدر: الزراري.

٣١

جعلت فداك، فإن لم أقو قائماً؟ قال: فجالساً، قلت: فإن لم أقو جالساً؟ قال: فصلّ وأنت مستلقٍ على فراشك.

[ ١٠٠٤٠ ] ٦ - وعنه، عن أحمد بن علي، عن محمّد بن أبي الصهبان، عن محمّد بن سليمان قال: إنّ عدّة من أصحابنا اجتمعوا(١) على هذا الحديث منهم: يونس بن عبد الرحمن، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) . وصبّاح الحذّاء، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي الحسن( عليه‌السلام ) وسماعة بن مهران، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) .

قال محمّد بن سليمان: وسألت الرضا( عليه‌السلام ) عن هذا الحديث فأخبرني به.

وقال هؤلاء جميعاً: سألنا عن الصلاة في شهر رمضان، كيف هي؟ وكيف فعل رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ؟ فقالوا جميعاً: إنّه لما دخلت أوّل ليلة من شهر رمضان صلّى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) المغرب، ثمّ صلّى أربع ركعات التي كان يصلّيهنّ بعد المغرب في كلّ ليلة، ثمّ صلّى ثماني ركعات، فلما صلّى العشاء الآخرة وصلّى الركعتين اللتين كان يصلّيهما بعد العشاء الآخرة وهو جالس في كلّ ليلة قام فصلّى اثنتي عشرة ركعة، ثمّ دخل بيته، فلما رأى ذلك الناس ونظروا إلى رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وقد زاد في الصلاة حين دخل شهر رمضان سألوه عن ذلك؟ فأخبرهم أنّ هذه الصلاة صلّيتها لفضل شهر رمضان على الشهور، فلما كان من الليل قام يصلّي فاصطفّ الناس خلفه فانصرف إليهم فقال: أيّها الناس، إنّ هذه الصلاة نافلة، ولن نجتمع للنافلة، فليصلّ كلّ رجل منكم وحده، وليقل ما علّمه الله من كتابه، واعلموا أنّه لا جماعة في نافلة، فافترق الناس، فصلّى كلّ واحد منهم على حياله لنفسه، فلمّا كان ليلة تسع عشرة من شهر رمضان اغتسل حين غابت الشمس وصلّى المغرب بغسل، فلمّا صلّى المغرب وصلّى أربع ركعات التي

____________________

٦ - التهذيب ٣: ٦٤ / ٢١٧، والاستبصار ١: ٤٦٤ / ١٨٠١، واقبال الأعمال: ١٢.

(١) في الاستبصار: أجمعوا « هامش المخطوط ».

٣٢

كان يصلّيها فيما مضى في كلّ ليلة بعد المغرب دخل إلى بيته، فلمّا أقام بلال الصلاة لعشاء الآخرة خرج النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فصلّى بالناس، فلمّا انفتل صلّى الركعتين وهو جالس كما كان يصلّي كلّ ليلة ثم قام فصلّى مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات، فلمّا فرغ من ذلك صلّى صلاته التي كان يصلّي كلّ ليلة في آخر الليل وأوتر، فلما كان ليلة عشرين من شهر رمضان فعل كما كان يفعل قبل ذلك من الليالي في شهر رمضان، ثماني ركعات بعد المغرب، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة، فلما كان ليلة إحدى وعشرين اغتسل حين غابت الشمس وصلّى فيها مثل ما فعل في ليلة تسع عشرة، فلما كان في ليلة اثنتين وعشرين زاد في صلاته فصلّى ثماني ركعات بعد المغرب واثنتين وعشرين ركعة بعد العشاء الآخرة، فلما كانت ليلة ثلاث وعشرين اغتسل أيضاً كما اغتسل في ليلة تسع عشرة، وكما اغتسل في ليلة إحدى وعشرين، ثمّ فعل مثل ذلك.

قالوا: فسألوه عن صلاة الخمسين، ما حالها في شهر رمضان؟ فقال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يصلّي هذه الصلاة ويصلّي صلاة الخمسين على ما كان يصلّي في غير شهر رمضان ولا ينقص منها شيئاً(١) .

[ ١٠٠٤١ ] ٧ - وعنه، عن الحسن بن علي، عن أبيه قال: كتب رجل إلى أبي جعفر( عليه‌السلام ) يسأله عن صلاة نوافل شهر رمضان وعن الزيادة فيها؟ فكتب( عليه‌السلام ) إليه كتاباً قرأته بخطّه: صلّ في أوّل رمضان في عشرين ليلة عشرين ركعة، صلّ منها ما بين المغرب والعتمة ثماني ركعات، وبعد العشاء اثنتي عشرة ركعة، وفي العشر الأواخر ثماني ركعات بين المغرب والعتمة واثنتين وعشرين ركعة بعد العتمة إلاّ في ليلة إحدى وعشرين( وثلاث

____________________

(١) يدل على أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )كان يصلّي نافلة العشاء وفي بعض الأحاديث ما ينافيه ولعلّه محمول على نفي قصد الوجوب أو على أنه كان يصلّيهما تارة ويتركهما تارة وترتيبها على نافلة شهر رمضان اختلفت فيه الأخبار ووجه الجمع التخيير والله أعلم « منه قدّه » هامش المخطوط.

٧ - التهذيب ٣: ٦٧ / ٢٢٠، والاستبصار ١: ٤٦٤ / ١٨٠٠، ولم نعثر عليه في اقبال الأعمال.

٣٣

وعشرين) (١) ، فإنّ المائة تجزيك إن شاء الله، وذلك سوى الخمسين، وأكثر من قراءة( إِنَّا أَنزَلْنَا ) .

[ ١٠٠٤٢ ] ٨ - وعنه، عن علي بن سليمان، عن علي بن أبي خليس، عن أحمد بن محمّد بن مطهّر قال: كتبت إلى أبي محمّد( عليه‌السلام ) : إنّ رجلاً روى عن آبائك (عليهم‌السلام ) أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ما كان يزيد من الصلاة في شهر رمضان على ما كان يصلّيه في سائر الأيّام، فوقّع( عليه‌السلام ) : كذب، فضّ الله فاه، صلّ في كلّ ليلة من شهر رمضان عشرين ركعة إلى عشرين من الشهر، وصلّ ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة، وصلّ ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة، وصلّ في كلّ ليلة من العشر الأواخر ثلاثين ركعة.

ورواه ابن طاوس في كتاب( الاقبال) بإسناده عن هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي ابن همام، عن علي بن سليمان، عن ابن أبي خليس، عن محمّد بن أحمد بن مطهّر، نحوه (٢) .

والحديثين اللذين قبله بإسناده عن علي بن عبد الواحد النهدي، عن علي بن حاتم، وكذا الحديث الأوّل.

وروى الثاني نقلاً من كتاب علي بن الحسن بن فضّال، مثله.

[ ١٠٠٤٣ ] ٩ - وبإسناده عن( إبراهيم بن إسحاق الأحمري) (٣) ، عن محمّد بن الحسين وعمرو بن عثمان ومحمّد بن خالد وعبدالله بن الصلت ومحمّد بن عيسى وجماعة أيضاً، عن محمّد بن سنان قال: قال الرضا( عليه‌السلام ) : كان أبي يزيد في العشر الأواخر من شهر رمضان في كلّ ليلة عشرين ركعة.

________________

(١) ليس في المصدر.

٨ - التهذيب ٣: ٦٨ / ٢٢١.

(٢) اقبال الأعمال: ١١.

٩ - التهذيب ٣: ٦٧ / ٢١٩، والاستبصار ١: ٤٦٦ / ١٨٠٣.

(٣) في الاستبصار: ابراهيم بن أبي اسحاق الأحمري النهاوندي.

٣٤

[ ١٠٠٤٤ ] ١٠ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن محمّد بن أحمد بن مطهّر، أنّه كتب إلى أبي محمّد( عليه‌السلام ) يخبره بما جاءت به الرواية أنّ النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كان يصلّي في شهر رمضان وغيره من اللّيل سوى ثلاث عشر ركعة، منها الوتر وركعتا الفجر! فكتب( عليه‌السلام ) : فضّ الله فاه، صلّى من شهر رمضان في عشرين ليلة، كلّ ليلة عشرين ركعة، ثماني بعد المغرب، واثنتي عشرة بعد العشاء الآخرة، واغتسل ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين، وصلّى فيهما ثلاثين ركعة، اثنتي عشرة ركعة بعد المغرب وثماني عشرة بعد العشاء الآخرة، وصلّى فيهما مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات، وصلّى إلى آخر الشهر كلّ ليلة ثلاثين ركعة كما فسّرت لك.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(١) .

[ ١٠٠٤٥ ] ١١ - عبدالله بن جعفر في( قرب الإِسناد) : عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا( عليه‌السلام ) قال: كان أبي يزيد في العشر الأواخر من شهر رمضان كلّ ليلة عشرين ركعة.

[ ١٠٠٤٦ ] ١٢ - جعفر بن الحسن بن سعيد المحقّق في( المعتبر) : عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: تصلّي في شهر رمضان ألف ركعة.

[ ١٠٠٤٧ ] ١٣ - علي بن موسى بن طاوس في كتاب( الاقبال) نقلاً عن( الرسالة العزيّة) للشيخ المفيد قال: يصلّي في العشرين ليلة الأُولى كلّ ليلة

____________________

١٠ - الكافي ٤: ١٥٥ / ٦.

(١) التهذيب ٣: ٦٨ / ٢٢٢، والاستبصار ١: ٤٦٣ / ١٧٩٩.

١١ - قرب الاسناد: ١٥٥.

١٢ - المعتبر: ٢٢٥.

١٣ - اقبال الأعمال: ١١.

٣٥

عشرين ركعة، ثماني بين العشاءين، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة، ويصلّي في العشر الأواخر كلّ ليلة ثلاثين ركعة يضيف إلى هذا الترتيب في ليلة تسع عشرة وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين كلّ ليلة مائة ركعة، وذلك تمام الألف ركعة، قال: وهي رواية محمّد بن أبي قرّة في كتاب( عمل شهر رمضان) فيما أسنده عن علي بن مهران، عن مولانا الجواد( عليه‌السلام ) .

[ ١٠٠٤٨ ] ١٤ - قال: وقال الشيخ محمّد بن أحمد الصفواني في كتاب( التعريف) وقد زكّاه أصحابنا وأثنوا عليه: اعلم أنّ صلاة شهر رمضان تسعمائة ركعة.

[ ١٠٠٤٩ ] ١٥ - وفي رواية أُخرى: ألف ركعة.

[ ١٠٠٥٠ ] ١٦ - وروي: تسعة آلاف مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) .

[ ١٠٠٥١ ] ١٧ - وروي: عشرة آلاف مرّة، في كلّ ركعة عشر مرّات( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) .

[ ١٠٠٥٢ و ١٠٠٥٣ ] ١٨ و ١٩ - وروي أنّه يجوز مرّة مرّة - إلى أن قال - وقد روي أنّ في ليلة تسع عشرة(١) أيضاً مائة ركعة، وهو قول من قال بالألف ركعة.

[ ١٠٠٥٤ ] ٢٠ - محمّد بن محمّد المفيد في كتاب( مسار الشيعة) قال: أوّل ليلة

____________________

١٤ - اقبال الأعمال: ١١.

١٥ - اقبال الأعمال: ١١.

١٦ - إقبال الأعمال: ١١.

١٧ - إقبال الأعمال: ١١.

١٨ و ١٩ - إقبال الأعمال: ١١.

(١) في المصدر: وعشرين.

٢٠ - مسار الشيعة: ٤١.

٣٦

من شهر رمضان فيها الابتداء بصلاة نوافل(١) شهر رمضان، وهي ألف ركعة، من أوّل الشهر إلى آخره بترتيب معروف في الاُصول عن الصادقين (عليهم‌السلام ) ، قال: وفي ليلة النصف منه يستحبّ الغسل والتنفّل بمائة ركعة، في كلّ ركعة منها الحمد مرّة و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات خارجة عن الألف ركعة، فقد ورد الخبر في فضله أمر جسيم.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٣) ، ويأتي ما ظاهره المنافاة ونبيّن وجهه(٤) ، وفي أحاديث هذه النوافل اختلاف في الكميّة والكيفيّة، وهو محمول على التخيير أو الجمع والتعدّد.

٨ - باب استحباب الصلاة المخصوصة كلّ ليلة من شهر رمضان وأوّل يوم منه

[ ١٠٠٥٥ ] ١ - روى الشهيد محمّد بن مكّي في كتاب( الأربعين) : عن السيد عميد الدين، عن أبيه، عن محمّد بن جهيم، عن فخار بن عبد الحميد، عن فضل الله بن علي الراوندي العلوي، عن ذي الفقار بن معبد العلوي، عن أحمد بن علي بن أحمد بن العبّاس النجاشي، عن محمّد (٥) بن يعقوب بن إسحاق بن أبي قرّة القناني(٦) الكاتب - وذكر في( الذكرى) (٧) أنّ الحديث

____________________

(١) في المصدر زيادة: ليالي.

(٢) تقدم في الحديث ٦، ٧ من الباب ٢ والباب ٥ من هذه الأبواب.

(٣) يأتي في الحديث ٤ من الباب ٨ من هذه الأبواب.

(٤) يأتي في الباب ٩ وبيان وجهه في ذيل الحديث ٣ من الباب ٩ من هذه الأبواب.

الباب ٨

فيه ٣ أحاديث

١ - الأربعين: ٢٨.

(٥) في المصدر زيادة: ابن علي.

(٦) في المصدر: القتاني.

(٧) الذكرى: ٢٥٤.

٣٧

مأخوذ من كتابه - عن محمّد بن جعفر بن الحسين المخزومي، عن محمّد بن محمّد بن الحسين بن هارون الكندي، عن أبيه، عن إسماعيل بن بشير(١) ، عن إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب( عليه‌السلام ) ، أنّه سأله عن فضل شهر رمضان؟ وعن فضل الصلاة فيه؟ فقال: من صلّى في أوّل ليلة من شهر رمضان أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة وخمس عشرة مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) أعطاه الله ثواب الصدّيقين والشهداء، وغفر له جميع ذنوبه، وكان يوم القيامة من الفائزين، ومن صلّى في الليلة الثانية أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) عشرين مرّة، غفر الله له جميع ذنوبه، ووسّع عليه(٢) ، وكفي السوء سنة(٣) ، ومن صلّى في الليلة الثالثة من شهر رمضان عشر ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرة وخمسين مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ناداه منادٍ من قبل الله عز وجلّ: ألا إنّ فلان بن فلان من عتقاء الله من النار، وفتحت له أبواب السماوات، ومن قام تلك الليلة فأحياها غفر الله له، ومن صلّى في الليلة الرابعة ثماني ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) عشرين مرّة رفع الله تبارك وتعالى عمله تلك الليلة كعمل سبعة أنبياء ممّن بلّغ رسالات ربّه، ومن صلّى في الليلة الخامسة ركعتين بمائة مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) في كلّ ركعة(٤) فإذا فرغ صلّى على محمّد وآل محمّد مائة مرّة زاحمني يوم القيامة على باب الجنّة، من صلّى في الليلة السادسة من شهر رمضان أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد و( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الـمُلْكُ ) فكأنّما صادف ليلة القدر، ومن صلّى في الليلة السابعة من شهر رمضان أربع ركعات يقرأ في كلّ

____________________

(١) في المصدر: بشر.

(٢) في المصدر زيادة: رزقه.

(٣) في نسخة: الوسوسة « هامش المخطوط ».

(٤) في المصدر زيادة: خمسين مرّة.

٣٨

ركعة الحمد مرّة و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ثلاث عشرة مرّة بنى الله له في جنّة عدن قصري ذهب، وكان في أمان الله تعالى إلى شهر رمضان مثله، ومن صلّى في الليلة الثامنة من شهر رمضان ركعتين يقرأ في كل ركعة الحمد مرّة و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) (١) عشر مرّات وسبّح ألف تسبيحة فتحت له أبواب الجنان الثمانية يدخل من أيّها شاء، ومن صلّى في الليلة التاسعة من شهر رمضان قبل(٢) العشائين ستّ ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد وآية الكرسي سبع مرّات وصلّى على النبي خمسين مرّة صعدت الملائكة بعمله كعمل الصدّيقين والشهداء والصالحين، ومن صلّى الليلة العاشرة من شهر رمضان عشرين ركعة( يقرأ في كلّ ركعة) (٣) الحمد مرّة و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ثلاثين مرّة وسّع الله عليه رزقه، وكان من الفائزين، ومن صلّى ليلة إحدى عشرة من شهر رمضان ركعتين يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) عشرين مرّة لم يتبعه ذلك اليوم ذنب وإن جهد الشيطان جهده، ومن صلّى ليلة اثنتي عشرة من شهر رمضان ثماني ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ ) ثلاثين مرّة أعطاه الله ثواب الشاكرين، وكان يوم القيامة من الفائزين، ومن صلّى ليلة ثلاث عشرة من شهر رمضان أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة وخمساً وعشرين مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) جاء يوم القيامة على الصراط كالبرق الخاطف، ومن صلّى ليلة أربع عشرة من شهر رمضان ستّ ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و( إِذَا زُلْزِلَتِ ) ثلاثين مرّة هوّن الله عليه سكرات الموت ومنكراً ونكيراً، ومن صلّى ليلة النصف منه مائة ركعة يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، وعشر مرّات( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) وصلّى أيضاً أربع ركعات يقرأ في الأوّلتين مائة مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) والثنتين الاخيرتين خمسين مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر ورمل عالج

____________________

(١) في المصدر زيادة: إحدى.

(٢) في المصدر: بين.

(٣) ما بين القوسين: ليس في المصدر.

٣٩

وعدد نجوم السماء وورق الشجر في أسرع من طرفة عين مع ماله عند الله من المزيد، ومن صلّى ليلة ستّ عشرة من شهر رمضان اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و( أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ ) اثنتي عشرة مرّة خرج من قبره وهو ريّان ينادي بشهادة أن لا إله إلاّ الله حتى يرد القيامة فيؤمر به إلى الجنّة بغير حساب، ومن صلّى ليلة سبع عشرة منه ركعتين يقرأ في الأُولى ما تيسّر بعد فاتحة الكتاب وفي الثانية مائة مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) وقال: لا إله إلاّ الله مائة مرّة أعطاه الله ثواب ألف(١) حجّة وألف عمرة وألف غزوة، ومن صلّى ليلة ثمان عشرة من شهر رمضان أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) خمساً وعشرين مرّة لم يخرج من الدنيا حتى يبشّره ملك الموت بأنّ الله عزّ وجلّ راض عنه غير غضبان، ومن صلّى ليلة تسع عشرة من شهر رمضان خمسين ركعة يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة و( إِذَا زُلْزِلَتِ ) خمسين مرّة لقى الله عزّ وجلّ(٢) كمن حجّ مائة حجّة واعتمر مائة عمرة، وقبل الله منه سائر عمله، ومن صلّى ليلة عشرين ثماني ركعات(٣) غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ومن صلّى ليلة إحدى وعشرين من شهر رمضان ثماني ركعات فتحت له سبع سماوات، واستجيب له الدعاء مع ماله عند الله من المزيد، ومن صلّى ليلة اثنتين وعشرين من شهر رمضان ثماني ركعات فتحت له ثمانية أبواب الجنّة يدخل من أيّها شاء، ومن صلّى ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ثماني ركعات(٤) فتحت له أبواب السماوات السبع واستجيب دعاؤه، ومن صلّى ليلة أربع وعشرين منه ثماني، ركعات يقرأ فيها ما يشاء كان له من الثواب كمن حجّ واعتمر، ومن صلّى ليلة خمس وعشرين منه ثماني ركعات يقرأ فيها الحمد وعشر مرّات( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) كتب الله له ثواب العابدين، ومن صلّى ليلة ستّ وعشرين منه ثماني ركعات(٥) فتحت له سبع سماوات،

____________________

(١) في المصدر زيادة: ألف.

(٢) في المصدر زيادة: يوم القيامه.

(٣ و ٤) في المصدر زيادة: يقرأ فيها ما شاء.

(٥) في المصدر زيادة: يقرأ في كل ركعة بعد الحمد( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) مائة مرّة.

٤٠

واستجيب له الدعاء، مع ماله عند الله من المزيد، ومن صلّى ليلة سبع وعشرين منه أربع ركعات بفاتحة الكتاب مرّة و( تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الـمُلْكُ ) (١) فإن لم يحفظ تبارك فخمس وعشرون مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) غفر الله له ولوالديه، ومن صلّى ليلة ثمان وعشرين من شهر رمضان ستّ ركعات بفاتحة الكتاب وعشر مرّات آية الكرسي وعشر مرّات( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ ) وعشر مرّات( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) وصلّى على النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) غفر الله له، ومن صلّي ليلة تسع وعشرين من شهر رمضان ركعتين بفاتحة الكتاب وعشرين مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) مات من المرحومين، ورفع كتابه في أعلى عليين، ومن صلّى ليلة ثلاثين من شهر رمضان اثنتي عشرة ركعة يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب وعشرين مرّة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ويصلّي على النبي(٢) ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) مائة مرّة ختم الله له بالرحمة.

[ ١٠٠٥٦ ] ٢ - علي بن موسى بن طاوس في كتاب( الاقبال) قال: روى محمد بن أبي قرّة في عمل أوّل يوم من شهر رمضان عن العالم( صلوات الله عليه) قال: من صلّى عند دخول شهر رمضان بركعتين تطوّعاً قرأ في أوّلهما اُمُّ الكتاب و ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا ) والأُخرى ما أحبّ، دفع الله عنه السوء في سنته، ولم يزل في حرز الله إلى مثلها من قابل.

[ ١٠٠٥٧ ] ٣ - محمّد بن علي بن الحسين في كتاب( فضائل شهر رمضان) : عن عبدوس بن علي ابن عباس الجرجاني، عن موسى بن الحسين المؤدّب، عن محمّد بن أحمد القوسي (٣) ، عن الحسين بن علي بن خالد، عن معروف بن

____________________

(١) في المصدر زيادة: مرّة.

(٢) في المصدر زيادة: محمّد وآله.

٢ - اقبال الأعمال: ٨٧.

٣ - فضائل شهر رمضان: ١٣٤.

(٣) في المصدر: القرشي ( القرمي ).

٤١

الوليد، عن سعد، عن أبي طيبة، عن كردين(١) ، عن الربيع، عن ابن مسعود، عن النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن جبرئيل، عن إسرافيل، عن الله عزّ وجلّ قال: من صلّى في آخر ليلة من شهر رمضان عشر ركعات يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) عشر مرّات ويقول في ركوعه وسجوده عشر مرّات: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلاّ الله والله أكبر، ويتشهّد في كلّ ركعتين ثمّ يسلّم، فإذا فرغ من آخر عشر ركعات قال بعد فراغه من التسليم: أستغفر الله، ألف مرّة فإذا فرغ من الاستغفار سجد ويقول في سجوده: يا حيّ يا قيّوم، يا ذا الجلال والاكرام، يا رحمن الدنيا والاخرة ورحيمهما يا أرحم الراحمين، يا إله الأوّلين والآخرين، اغفر لنا ذنوبنا وتقبّل منّا صلاتنا وصيامنا وقيامنا(٢) ، فإنّه لا يرفع رأسه من السجود حتى يغفر الله له، ثمّ ذكر ثواباً جزيلاً.

٩ - باب عدم وجوب نافلة شهر رمضان، وعدم استحباب زيادة النوافل المرتّبة فيه، وحكم صلاة الليل

[ ١٠٠٥٨ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألته عن الصلاة في رمضان؟ فقال: ثلاث عشر ركعة، منها الوتر وركعتا الصبح بعد الفجر، كذلك كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يصلّي وأنا كذلك أُصلّي، ولو كان خيراً لم يتركه رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) .

ورواه الصدوق بإسناده عن ابن مسكان(٣) .

________________

(١) في المصدر زيادة: وبرد الحاد ( و ) ي.

(٢) وفيه زيادة: قال النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) : والذي بعثني بالحق.

الباب ٩

فيه ٤ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ٦٨ / ٢٢٣، والاستبصار ١: ٤٦٦ / ١٨٠٤.

(٣) الفقيه ٢: ٨٨ / ٣٩٥.

٤٢

أقول: هذا محمول على أنّه كان يتركها مدّة ليعلم عدم وجوبها، ويفعلها مدّة ليعلم استحبابها كما تقدّم(١) ، فيحمل على أنّه لو كان خيراً لا يجوز تركه لم يتركه، ونظيره الأحاديث الواردة في نافلة العشاء(٢) .

[ ١٠٠٥٩ ] ٢ - وعنه، عن حمّاد، عن عبدالله بن المغيرة، عن ابن سنان(٣) ، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الصلاة في شهر رمضان؟ فقال: ثلاث عشرة ركعة، منها الوتر وركعتان قبل صلاة الفجر، كذلك كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يصلّي، ولو كان فضلاً كان رسول الله أعمل به وأحقّ.

ورواه الصدوق بإسناده عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن سنان(٤) .

ورواه أيضاً بإسناده عن عبدالله بن سنان، مثله(٥) .

[ ١٠٠٦٠ ] ٣ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن محمّد بن عبيدالله(٦) الحلبي والعبّاس ابن عامر جميعاً، عن عبدالله بن بكير، عن عبد الحميد الطائي، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إذا صلّى العشاء الآخرة

____________________

(١) تقدم في الباب ٨ من هذه الأبواب.

(٢) راجع الحديث ١٥ من الباب ١٣ والحديث ٨ من الباب ٢٩ من أبواب اعداد الفرائض والنوافل والحديث ٣ من هذا الباب من أبواب نافلة شهر رمضان.

٢ - التهذيب ٣: ٦٩ / ٢٢٤، والاستبصار ١: ٤٦٧ / ١٨٠٥.

(٣) في نسخة: مسكان « هامش المخطوط ».

(٤) الفقيه ٢: ٨٨ / ٣٩٦.

(٥) الفقيه ١: ٣٥٨ / ١٥٦٨.

٣ - التهذيب ٣: ٦٩ / ٢٢٥، والاستبصار ١: ٤٦٧ / ١٨٠٦.

(٦) في التهذيب: عبدالله.

٤٣

آوى إلى فراشه، لا يصلّي شيئاً إلّا بعد انتصاف الليل، لا في رمضان ولا في غيره.

أقول: قد عرفت أنّ معارضات هذه الأحاديث متواترة، بل تجاوزت حدّ التواتر كما تقدّم في الأبواب الثمانية(١) ، فلا بدّ من تأويلها، وقد حمل الشيخ هذه الأحاديث على نفي الجماعة في نوافل رمضان واستشهد بما يأتي(٢) ، ويمكن أن يراد عدم استحباب الزيادة في النوافل المرتّبة أو يراد نفي وجوب نافلة شهر رمضان وإن ثبت الاستحباب بما تقدّم(٣) ، ويحتمل الحمل على نفي تأكّد الاستحباب بالنسبة إلى النوافل اليوميّة فإنّها آكد، أو على النسخ بأنّه لم يكن يصلّي ثمّ صار يصلّيها، أو على نفي صلاة التراويح كما يفعله العامّة، ويحتمل الحمل على أنّه( عليه‌السلام ) ما كان يصلّي هذه النوافل في المسجد بل في البيت لما مرّ(٤) ويأتي(٥) ، وقد حملها ابن طاووس في كتاب( الاقبال) على التقيّة تارة، وعلى غلط الراوي أُخرى (٦) ، واستدلّ بما تقدّم(٧) من تكذيب الراوي والدعاء عليه في حديث ابن مطهّر، ويحتمل غير ذلك.

[ ١٠٠٦١ ] ٤ - محمّد بن مكّي الشهيد في( الذكرى) قال: قال ابن الجنيد: قد روي عن أهل البيت زيادة في صلاة الليل على ما كان يصلّيها الانسان في غيره أربع ركعات تتمّة اثنتي عشرة ركعة.

قال الشهيد: مع أنّه قائل بالألف أيضاً وهذه زيادة لم نقف على مأخذها

____________________

(١) تقدم في الأبواب الثمانيه من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديث ١، ٢ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(٣) تقدم في الباب ٨ من هذه الأبواب.

(٤) مرّ في الحديث ١، ٣ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

(٥) يأتي في الحديث ١ من الباب ١٠ من هذه الأبواب.

(٦) الاقبال: ١١.

(٧) تقدم في الحديث ٨ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

٤ - الذكرى: ٢٥٣.

٤٤

إلّا أنّه ثقة، وإرساله في قوّة المسند لأنّه من أعاظم العلماء انتهى.

فتحمل رواية محمّد بن مسلم(١) على نفي تأكّد الاستحباب أو على ما سوى هذه الزيادة، والله أعلم.

١٠ - باب عدم جواز الجماعة في صلاة النوافل في شهر رمضان ولا في غيره عدا ما استثنى

[ ١٠٠٦٢ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بأسانيده عن زرارة ومحمّد بن مسلم والفضيل أنهم سألوا أبا جعفر الباقر وأبا عبدالله الصادق (عليهما‌السلام ) عن الصلاة في شهر رمضان نافلة بالليل في جماعة؟ فقالا: إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) كان إذا صلّى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله، ثمّ يخرج من آخر الليل إلى المسجد فيقوم فيصلّي، فخرج في أوّل ليلة من شهر رمضان ليصلّي كما كان يصلّي، فاصطفّ الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته وتركهم، ففعلوا ذلك ثلاث ليال، فقام في اليوم الثالث على منبره فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أيّها الناس، إنّ الصلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة، وصلاة الضحى بدعة، ألا فلا تجمعوا(٢) ليلاً في شهر رمضان لصلاة الليل، ولا تصلّوا صلاة الضحى فإنّ تلك معصية، ألا وإنّ كلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة سبيلها إلى النار، ثمّ نزل وهو يقول: قليل في سنّة خير من كثير في بدعة.

محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين ابن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة ومحمّد بن مسلم والفضيل، مثله(٣) .

________________

(١) مرّ في الحديث ٣ من هذا الباب.

الباب ١٠

فيه ٦ أحاديث

١ - الفقيه ٢: ٨٧ / ٣٩٤.

(٢) في المصدر: تجتمعوا.

(٣) التهذيب ٣: ٦٩ / ٢٢٦، والاستبصار ١: ٤٦٧ / ١٨٠٧.

٤٥

[ ١٠٠٦٣ ] ٢ - وبإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو ابن سعد المدايني، عن مصدق بن صدقة، عن عمّار، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: سألته عن الصلاة في رمضان في المساجد؟ فقال: لما قدم أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) الكوفة أمر الحسن بن علي أن ينادي في الناس: لا صلاة في شهر رمضان في المساجد جماعة، فنادى في الناس الحسن بن علي( عليه‌السلام ) بما أمره به أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) فلما سمع الناس مقالة الحسن بن علي( عليه‌السلام ) صاحوا: واعمراه، واعمراه، فلما رجع الحسن إلى أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) قال له: ما هذا الصوت؟ قال: يا أمير المؤمنين، الناس يصيحون: واعمراه، واعمراه، فقال أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) : قل لهم صلّوا.

[ ١٠٠٦٤ ] ٣ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن أبي العباس البقباق وعبيد بن زرارة، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: كان رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يزيد في صلاته في شهر رمضان إذا صلّى العتمة صلّى بعدها، فيقوم الناس خلفه فيدخل ويدعهم، ثمّ يخرج أيضاً فيجيئون ويقومون خلفه فيدعهم ويدخل مراراً، الحديث.

[ ١٠٠٦٥ ] ٤ - وعنه، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عثمان، عن سليم بن قيس الهلالي قال: خطب أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) فحمد الله وأثنى عليه ثم صلّى على النبي( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ثمّ قال: ألا إنّ أخوف ما أخاف عليكم خلّتان: اتّباع الهوى، وطول الأمل - إلى أن قال - قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، متعمّدين لخلافه، فاتقين(١) لعهده، مغيّرين لسنّته، ولو حملت الناس على

____________________

٢ - التهذيب ٣: ٧٠ / ٢٢٧.

٣ - الكافي ٤: ١٥٤ / ٢.

٤ - الكافي ٨: ٥٨ / ٢١، وأورد قطعة منه في الحديث ٣ من الباب ٣٨ من أبواب الوضوء.

(١) في نسخة: ناقضين ( هامش المخطوط ).

٤٦

تركها(١) لتفرّق عنّي جندي حتى أبقى وحدي، أو قليل من شيعتي - إلى أن قال - والله لقد أمرت الناس أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلّا في فريضة، وأعلمتهم اجتماعهم في النوافل بدعة، فتنادى بعض أهل عسكري ممّن يقاتل معي: يا أهل الإِسلام، غيّرت سنة عمر، ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوّعاً، وقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري، الحديث.

[ ١٠٠٦٦ ] ٥ - محمّد بن إدريس في آخر( السرائر) نقلاً من كتاب أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن أبي جعفر وأبي عبدالله ( عليهما‌السلام ) قالا: لما كان أمير المؤمنين( عليه‌السلام ) بالكوفة أتاه الناس فقالوا له: اجعل لنا إماماً يؤمّنا في رمضان، فقال لهم: لا، ونهاهم أن يجتمعوا فيه، فلما أمسوا جعلوا يقولون: ابكوا رمضان، وارمضاناه، فأتى الحارث الأعور في أُناس فقال: يا أمير المؤمنين، ضجّ الناس وكرهوا قولك، قال: فقال عند ذلك: دعوهم وما يريدون ليصلّ بهم من شاءوا، ثمّ قال:( وَ من يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الـمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً ) (٢) .

ورواه العيّاشي في( تفسيره) : عن حريز، عن بعض أصحابنا، عن أحدهما ( عليهما‌السلام ) ، مثله(٣) .

[ ١٠٠٦٧ ] ٦ - الحسن بن علي بن شعبة في( تحف العقول) عن الرضا( عليه‌السلام ) - في حديث - قال: ولا تجوز التراويح في جماعة.

________________

(١) في المصد زيادة: وحوّلتها الى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )

٥ - مستطرفات السرائر: ١٤٦ / ١٨.

(٢) النساء ٤: ١١٥.

(٣) العياشي ١: ٢٧٥ / ٢٧٢.

٦ - تحف العقول: ٤١٩.

٤٧

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه في الجماعة(٢) ، ويأتي ما ظاهره المنافاة(٣) .

____________________

(١) تقدم في الحديث ١ و ٣ من الباب ٢، والحديث ٦ من الباب ٧ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي في الحديثين ٥ و ٦ من الباب ٢٠ من أبواب صلاة الجماعة.

(٣) يأتي في الأحاديث ٩ و ١٢ و ١٣ من الباب ٢٠ ونبين وجهه في ذيل الحديث ١٤ من الباب ٢٠ من أبواب صلاه الجماعه.

٤٨

أبواب صلاة جعفر بن أبي طالب ( عليه‌السلام )

١ - باب استحبابها، وكيفيّتها، وجملة من أحكامها

[ ١٠٠٦٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يحيى الحلبي، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لجعفر: يا جعفر، ألا أمنحك؟ ألا أُعطيك؟ ألا أحبوك؟ فقال له جعفر: بلى يا رسول الله، قال: فظنّ الناس أنّه يعطيه ذهباً أو فضّة فتشرف الناس لذلك، فقال له: إنّي أُعطيك شيئاً إن أنت صنعته في كلّ يوم كان خيراً لك من الدنيا، وما فيها وإن صنعته بين يومين غفر الله لك ما بينهما، أو كلّ جمعة، أو كلّ شهر، أو كلّ سنة غفر لك ما بينهما تصلّي أربع ركعات، تبتدئ فتقرأ وتقول إذا فرغت: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلّا الله والله أكبر، تقول ذلك خمس عشرة مرّة بعد القراءة، فإذا ركعت قلته عشر مرّات، فاذا رفعت رأسك من الركوع قلته عشر مرّات، فإذا سجدت قلته عشر مرّات فإذا رفعت رأسك من السجود فقل بين السجدتين عشر مرّات، فاذا سجدت الثانية فقل عشر مرّات، فإذا رفعت رأسك من السجدة الثانية قلت عشر مرّات وأنت قاعد قبل أن تقوم، فذلك خمس وسبعون تسبيحة في كلّ ركعة، ثلاث مائة تسبيحة في أربع ركعات، ألف ومائتا تسبيحة وتهليلة وتكبيرة وتحميده، إن شئت صلّيتها

____________________

أبواب صلاة جعفر بن أبي طالب( عليه‌السلام )

الباب ١

فيه ٧ أحاديث

١ - الكافي ٣: ٤٦٥ / ١.

٤٩

بالنهار، وإن شئت صلّيتها بالليل.

[ ١٠٠٦٩ ] ٢ - وعن محمّد بن الحسن(١) ، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن الحكم بن مسكين، عن إسحاق بن عمّار قال: قلت لأبي عبدالله( عليه‌السلام ) : من صلّى صلاة جعفر كتب الله له من الأجر مثل ما قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لجعفر؟ قال: اي والله.

ورواه الصدوق مرسلاً، نحوه(٢) .

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٣) .

[ ١٠٠٧٠ ] ٣ - وبإسناده عن الحسين بن سعيد،( عن صفوان) (٤) ، عن بسطام، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) ، قال: قال له رجل: جعلت فداك، أيلتزم الرجل أخاه؟ فقال: نعم، إنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يوم افتتح خيبر أتاه الخبر أنّ جعفراً قد قدم، فقال: والله ما أدري بأيّهما أنا أشدّ سروراً؟ بقدوم جعفر، أو بفتح خيبر؟ قال: فلم يلبث أن جاء جعفر، قال: فوثب رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) فالتزمه وقبّل ما بين عينيه،( فقلت له) (٥) : الأربع ركعات التي بلغني أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أمر جعفراً أن يصلّيها، فقال: لما قدم عليه قال له: يا جعفر، ألا أُعطيك؟ ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ قال: فتشوّف الناس ورأوا أنّه يعطيه ذهباً أو فضّة، قال: بلى يا رسول الله، قال: صلِّ أربع ركعات

____________________

٢ - الكافي ٣: ٤٦٧ / ٧.

(١) في التهذيب: الحسين.

(٢) الفقيه ١: ٣٤٩ / ١٥٤٠.

(٣) التهذيب ٣: ١٨٨ / ٤٢٠.

٣ - التهذيب ٣: ١٨٦ / ٤٢٠.

(٤) ليس في المصدر.

(٥) في المصدر: قال: فقال له الرجل.

٥٠

متى ما صلّيتهنّ غفر لك ما بينهنّ إن استطعت كلّ يوم وإلَّا فكلّ يومين، أو كلّ جمعة، أو كلّ شهر، أو كلّ سنة، فإنّه يغفر لك ما بينهما، قال: كيف أُصلّيها؟ قال: تفتتح الصلاة ثمّ تقرأ ثمّ تقول خمس عشرة مرّة وأنت قائم: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلّا الله والله أكبر، فإذا ركعت قلت ذلك عشراً، وإذا رفعت رأسك فعشراً، وإذا سجدت فعشراً، وإذا رفعت رأسك فعشراً، وإذا سجدت الثانية عشراً، وإذا رفعت رأسك عشراً، فذلك خمس وسبعون تكون ثلاث مائة في أربع ركعات فهنّ ألف ومائتان، وتقرأ في كلّ ركعة ب‍( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) و( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) .

[ ١٠٠٧١ ] ٤ - ورواه الشهيد في( الأربعين) بإسناده عن المفيد، عن أبي المفضّل (١) الشيباني عن ابن بطّة، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن فضالة، عن الحسين بن عثمان، عن ابن بسطام، عن الصادق( عليه‌السلام ) ، نحوه، وزاد: ولا تصلّها من صلاتك التي كنت تصلّي قبل ذلك.

[ ١٠٠٧٢ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر( عليه‌السلام ) قال: قال رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لجعفر بن أبي طالب: يا جعفر، ألا أمنحك؟ ألا أُعطيك؟ ألا أحبوك؟ ألا أُعلّمك صلاة إذا أنت صلّيتها لو كنت فررت من الزحف وكان عليك مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوباً غفرت لك؟ قال: بلى يا رسول الله، قال: تصلّي أربع ركعات إذا شئت، إن شئت كلّ ليلة، وإن شئت كلّ يوم، وإن شئت فمن جمعة إلى جمعة، وإن شئت فمن شهر إلى شهر، وإن شئت فمن سنة إلى سنة، تفتتح الصلاة ثمّ تكبّر خمس عشرة مرّة تقول: الله أكبر وسبحان الله والحمدلله ولا إله إلاّ الله، ثم تقرأ الفاتحة وسورة وتركع وفتقولهنّ في ركوعك عشر مرّات، ثمّ ترفع

____________________

٤ - الاربعون حديثاً: ٥٣ / ٢٣.

(١) في المصدر: الفضل.

٥ - الفقيه ١: ٣٤٧ / ١٥٣٦.

٥١

رأسك من الركوع فتقولهنّ عشر مرّات، وتخرّ ساجداً فتقولهنّ عشر مرّات في سجودك، ثمّ ترفع رأسك من السجود فتقولهنّ عشر مرّات، ثمّ تخرّ ساجداً فتقولهنّ عشر مرّات، ثمّ ترفع رأسك من السجود فتقولهنّ عشر مرّات، ثم تنهض فتقولهنّ خمس عشر مرّة، ثمّ تقرأ الفاتحة وسورة، ثمّ تركع وتقولهنّ عشر مرّات، ثمّ ترفع رأسك من الركوع فتقولهنّ عشر مرّات، ثمّ تخرّ ساجداً فتقولهنّ عشر مرّات، ثمّ ترفع رأسك من السجود فتقولهنّ عشر مرّات، ثمّ تسجد فتقولهنّ عشر مرّات، ثمّ ترفع رأسك من السجود فتقولهنّ عشر مرّات، ثمّ تتشهّد وتسلّم، ثمّ يقوم فيصلّي ركعتين أُخراوين يصنع فيهما مثل ذلك، ثمّ تسلّم.

قال أبو جعفر( عليه‌السلام ) : فذلك خمس وسبعون مرّة في كلّ ركعة ثلاث مائة تسبيحة يكون ثلاث مائة مرّة، في الاربع ركعات ألف ومائتا تسبيحة، يضاعفها الله عزّ وجلّ، ويكتب لك بها اثنتا(١) عشرة ألف حسنة، الحسنة منها مثل جبل أُحد وأعظم.

[ ١٠٠٧٣ ] ٦ - قال الصدوق: وقد روي أنّ التسبيح في صلاة جعفر بعد القراءة، وأنّ ترتيب التسبيح: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلاّ الله والله أكبر، قال: فبأي الحديثين أخذ المصلّي فهو مصيب وجائز له.

[ ١٠٠٧٤ ] ٧ - وفي كتاب( المقنع) قال: اعلم أنّ رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لـمّا افتتح خيبر أتاه البشير بقدوم جعفر بن أبي طالب، فقال(٢) : ما أدري بأيّهما أنا أشدّ فرحاً؟ بقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟ فلم يلبث( أن قدم) (٣) جعفر فقام إليه رسول الله( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) والتزمه وقبّل ما بين عينيه وجلس

____________________

(١) في نسخة: اثنتي « هامش المخطوط ».

٦ - الفقيه ١: ٣٤٨ / ١٥٣٧.

٧ - المقنع: ٤٣.

(٢) في المصدر زيادة: والله.

(٣) في المصدر: إذ دخل.

٥٢

الناس حوله، ثمّ قال ابتداء منه: يا جعفر قال: لبّيك يا رسول الله، قال: ألا أمنحك؟ ألا أحبوك؟ ألا أُعطيك؟ فقال جعفر: بلى يا رسول الله، فظنّ الناس أنَّه يعطيه ذهباً أو ورقاً، فقال: إنِّي أُعطيك شيئاً إن صنعته كلّ يوم كان خيراً لك من الدنيا وما فيها، وإن صنعته بين(١) يومين غفر لك ما بينهما، أو كلّ جمعة، أو كلّ شهر، أو كلّ سنة غفر لك ما بينهما، ولو كان عليك من الذنوب مثل عدد النجوم ومثل ورق الشجر ومثل عدد الرمل لغفرها الله لك، ولو كنت فارّاً من الزحف، صلّ أربع ركعات، تبدأ فتكبّر ثمّ تقرأ، فإذا فرغت من القراءة قلت: سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر، خمس عشرة مرّة، فإذا ركعت قلتها عشراً فإذا رفعت رأسك من الركوع قلتها عشراً، فإذا سجدت قلتها عشراً، فإذا رفعت رأسك من السجود قلتها عشراً، فإذا سجدت قلتها عشراً، فإذا رفعت رأسك من السجود قلتها عشراً وأنت جالس قبل أن تقوم، فذلك خمس وسبعون تسبيحة وتحميدة وتكبيرة وتهليلة في كلّ ركعة، ثلاث مائة في أربع ركعات، فذلك ألف ومائتان، وتقرأ فيها ب‍( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) .

أقول: ويأتي ما يدلّ على ذلك(٢) .

٢ - باب ما يستحب أن يقرأ في صلاة جعفر

[ ١٠٠٧٥ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبدالله بن المغيرة، أنّ الصادق( عليه‌السلام ) قال: اقرأ في صلاة جعفر ب‍( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) و( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ) .

________________

(١) في المصدر: كل.

(٢) يأتى في الأبواب الآتيه، وتقدم ما يدل على استحبابه في الحديث ٢٤ من الباب ١٣ من أبواب اعداد الفرائض، وفي الحديث ١ من الباب ٧ من أبواب نافلة شهر رمضان.

الباب ٢

فيه ٣ أحاديث

١ - الفقيه ١: ٣٤٨ / ١٥٣٨.

٥٣

[ ١٠٠٧٦ ] ٢ - وبإسناده عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر( عليه‌السلام ) : أيّ شيء لمن صلّى صلاة جعفر؟ قال: لو كان عليه مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوباً لغفرها الله له، قال: قلت: هذه لنا؟ قال: فلمن هي إلاّ لكم خاصة؟! قلت: فأيّ شيء أقرأ فيها؟ وقلت: اعترض القرآن؟ قال: لا، اقرأ فيها( إِذَا زُلْزِلَتِ ) و( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ ) و( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) و( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) .

ورواه في( ثواب الأعمال) عن أبيه، عن سعد، عن البرقي، عن أبيه، عن علي بن أسباط، عن إبراهيم بن أبي البلاد، نحوه (١) .

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد البرقي، مثله(٢) .

[ ١٠٠٧٧ ] ٣ - وبإسناده عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن موسى( عليه‌السلام ) : قال: تقرأ في الأُولى( إِذَا زُلْزِلَتِ ) ، وفي الثانية( وَالْعَادِيَاتِ ) ، والثالثة( إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ ) ، والرابعة( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) ، قلت: فما ثوابها؟ قال: لو كان عليه مثل رمل عالج ذنوباً غفر الله له، ثمّ نظر إليّ فقال: إنّما ذلك لك ولأصحابك.

ورواه في( المقنع) مرسلاً، نحوه (٣) .

ورواه الشيخ بإسناده عن إبراهيم بن عبد الحميد(٤) .

____________________

٢ - الفقيه ١: ٣٤٨ / ١٥٣٩.

(١) ثواب الأعمال: ٦٣ / ١.

(٢) التهذيب ٣: ١٨٦ / ٤٢١.

٣ - لم نجد الحديث هكذا في الفقيه بل روي في المصادر التالية فقط، ولاحظ الفقيه ١: ٣٤٨ ذيل الحديث ١٥٣٧.

(٣) المقنع: ٤٣.

(٤) التهذيب ٣: ١٨٧ / ٤٢٣.

٥٤

ورواه الكليني فقال: وفي رواية إبراهيم بن عبد الحميد، وذكر مثله(١) .

أقول: وقد تقدّم ما يدلّ على ذلك(٢) ، والوجه في الجمع التخيير أو الجمع.

٣ - باب ما يستحبّ أن يدعى به في آخر سجدة من صلاة جعفر

[ ١٠٠٧٨ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عبدالله بن(٣) القاسم، ذكره عمّن حدّثه، عن أبي سعيد المدايني قال: قال لي أبو عبدالله( عليه‌السلام ) : ألا أُعلّمك شيئاً تقوله في صلاة جعفر؟ فقلت: بلى، فقال: إذا كنت في آخر سجدة من الأربع ركعات فقل إذا فرغت من تسبيحك: سبحان من لبس العزّ والوقار، سبحان من تعطّف بالمجد وتكرّم به، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلاّ له، سبحان من أحصى كلّ شيء علمه، سبحان ذي المنّ والنعم، سبحان ذي القدرة والأمر(٤) ، اللهمّ إنّي أسألك بمعاقد العزّ من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، واسمك الأعظم، وكلماتك التامّة التي تمّت صدقاً وعدلاً، صلّ على محمّد وأهل بيته، وافعل بي كذا وكذا.

ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٥) .

________________

(١) الكافي ٣: ٤٦٦ / ١.

(٢) تقدم ما يدل على ذلك في الحديث ١ من الباب ٧ من أبواب نافلة شهر رمضان، والأحاديث ٣، ٤، ٧ من الباب ١ من هذه الأبواب.

الباب ٣

فيه حديثان

١ - الكافي ٣: ٤٦٧ / ٦.

(٣) في المصدر زيادة: أبي.

(٤) في هامش الاصل عن نسخة: والكرم.

(٥) التهذيب ٣: ١٨٧ / ٤٢٥.

٥٥

[ ١٠٠٧٩ ] ٢ - وعن علي بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن ابن محبوب، رفعه قال: قال: تقول في آخر ركعة من صلاة جعفر: يا من لبس العزّ والوقار، ويا من تعطّف بالمجد وتكرّم به، يا من لا ينبغي التسبيح، إلاّ له، يا من أحصى كلّ شيء علمه، يا ذا النعمة والطول، يا ذا المنّ والفضل، يا ذا القدرة والكرم، أسألك بمعاقد العزّ من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك، وباسمك الأعظم الأعلى، وكلماتك التامّة، أن تصلّي على محمّد وآل محمّد، وأن تفعل بي كذا وكذا.

ورواه الصدوق بإسناده عن الحسن بن محبوب(١) .

٤ - باب تأكّد استحباب صلاة جعفر في صدر النهار من يوم الجمعة، وجوازها في كلّ يوم وليلة، واستحباب قنوتين فيها، في الثانية وفي الرابعة قبله أو بعده

[ ١٠٠٨٠ ] ١ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في( الاحتجاج) : عن محمّد بن عبدالله ابن جعفر الحميري، عن صاحب الزمان( عليه‌السلام ) ، أنّه كتب إليه فسأله عن صلاة جعفر بن أبي طالب( عليه‌السلام ) ، في أيّ أوقاتها أفضل أن تصلّى فيه؟ وهل فيها قنوت؟، وإن كان ففي أيّ ركعة منها؟ فأجاب( عليه‌السلام ) : أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة ثمّ، في أيّ الأيّام شئت، وأيّ وقت صلّيتها من ليل أو نهار فهو جائز، والقنوت فيها مرّتان، في الثانية قبل الركوع وفي الرابعة بعد الركوع.

وسأله عن صلاة جعفر في السفر، هل يجوز أن تصلّى أم لا؟ فأجاب: يجوز ذلك.

____________________

٢ - الكافي ٣: ٤٦٦ / ٥.

(١) الفقيه ١: ٣٤٩ / ١٥٤٤.

الباب ٤

فيه ٣ أحاديث

١ - الاحتجاج: ٤٩١.

٥٦

[ ١٠٠٨١ ] ٢ - محمّد بن الحسن في( المصباح) عن عبد الملك بن عمرو، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: صم يوم الاربعاء والخميس والجمعة، فإذا كان عشيّة يوم الخميس تصدّقت على عشرة مساكين مدّاً مدّاً من طعام، فإذا كان يوم الجمعة اغتسلت وبرزت إلى الصحراء فصلّ صلاة جعفر بن أبي طالب، واكشف ركبتيك وألزمهما الأرض فقل: يا من أظهر الجميل وستر القبيح - وذكر الدعاء إلى أن قال - وتسأل حاجتك.

[ ١٠٠٨٢ ] ٣ - وقد تقدّم في حديث رجاء بن أبي الضحاك عن الرضا( عليه‌السلام ) ، أنّه كان يصلّي صلاة جعفر أربع ركعات يسلّم في كلّ ركعتين ويقنت في كلّ ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد التسبيح.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك(١) ، ويأتي ما يدلّ عليه(٢) .

٥ - باب استحباب صلاة جعفر في الليل والنهار والحضر والسفر وفي المحمل سفراً، وجواز الاحتساب بها من النوافل المرتّبة وغيرها من الاداء أو من القضاء

[ ١٠٠٨٣ ] ١ - محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن يحيى بن عمران، عن ذريح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: إن شئت صلّ صلاة التسبيح بالليل، وإن شئت بالنهار، وإن شئت في السفر، وإن شئت جعلتها من نوافلك، وإن شئت جعلتها من قضاء صلاة.

____________________

٢ - مصباح المتهجد: ٢٩٣.

٣ - تقدم في الحديث ٢٤ من الباب ١٣ من أبواب اعداد الفرائض.

(١) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الباب ١ من هذه الأبواب.

(٢) يأتي ما يدل على بعض المقصود في الباب ٥ من هذه الابواب.

الباب ٥

فيه ٥ أحاديث

١ - التهذيب ٣: ١٨٧ / ٤٢٢.

٥٧

[ ١٠٠٨٤ ] ٢ - وبإسناده عن سعد، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن ذريح بن محمّد المحاربي قال: سألت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) عن صلاة جعفر، أحتسب بها من نافلتي؟ فقال: ما شئت من ليل أو نهار.

[ ١٠٠٨٥ ] ٣ - محمّد بن يعقوب قال: روي عن أبي عمير: عن يحيى بن عمران الحلبي، عن ذريح، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: تصلّيها باليل و( تصلّيها بالنهار) (١) ، ويصلّيها في السفر بالليل والنهار، وإن شئت فاجعلها من نوافلك.

[ ١٠٠٨٦ ] ٤ - وعن أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد، عن علي بن سليمان قال: كتبت إلى الرجل( عليه‌السلام ) ما تقول في صلاة التسبيح في المحمل؟ فكتب: إذا كنت مسافراً فصلّ.

ورواه الشيخ بإسناده، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، مثله(٢) .

[ ١٠٠٨٧ ] ٥ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبدالله( عليه‌السلام ) قال: صلّ صلاة جعفر في أيّ وقت شئت من ليل أو نهار، وإن شئت حسبتها من نوافل الليل، وإن شئت حسبتها من نوافل النهار، وتحسب لك من نوافلك وتحسب لك من صلاة جعفر.

أقول: وتقدّم ما يدلّ على ذلك هنا(٣) وفي أعداد الصلاة(٤) .

________________

٢ - التهذيب ٣: ٣٠٩ / ٩٥٦.

٣ - الكافي ٣: ٤٦٦ / ٢.

(١) ليس في المصدر.

٤ - الكافي ٣: ٤٦٦ / ٤.

(٢) التهذيب ٣: ٣٠٩ / ٩٥٥.

٥ - الفقيه ١: ٣٤٩ / ١٥٤٢.

(٣) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الحديث ١ من الباب ١، وفي الحديث ١ من الباب ٤ من هذه الأبواب.

(٤) تقدم ما يدل على بعض المقصود في الحديث ٢٤ من الباب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض.

٥٨

٦ - باب استحباب صلاة جعفر في مقام واحد، وجواز تفريقها في مقامين لعذر

[ ١٠٠٨٨ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده علي بن الريان، أنّه قال: كتبت إلى الماضي الأخير( عليه‌السلام ) أسأله عن رجل صلّى(١) صلاة جعفر( عليه‌السلام ) ركعتين ثمّ تعجله عن الركعتين الأخيرتين حاجة، أيقطع(٢) ذلك لحادث يحدث؟ أيجوز له أن يتمّها إذا فرغ من حاجته وإن قام عن مجلسه؟ أم لا يحتسب بذلك إلّا أن يستأنف الصلاة ويصلّي الاربع ركعات كلّها في مقام واحد؟ فكتب( عليه‌السلام ) : بل إن قطعة عن ذلك أمر لا بدّ له منه فليقطع ثمّ ليرجع فليبن على ما بقي، إن شاء الله.

ورواه الشيخ بإسناده عن سعد بن عبدالله، عن عبدالله بن جعفر، عن علي بن الريان(٣) .

٧ - باب تأكّد استحباب صلاة جعفر ليلة نصف شعبان، والإِكثار فيها من العبادة خصوصاً الذكر والدعاء والاستغفار

[ ١٠٠٨٩ ] ١ - محمّد بن علي بن الحسين في( عيون الأخبار) : عن محمّد بن بكران النقّاش ومحمّد بن إبراهيم بن إسحاق جميعاً، عن أحمد بن محمّد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي بن فضّال، عن أبيه قال: سألت علي بن

____________________

الباب ٦

فيه حديث واحد

١ - الفقيه ١: ٣٤٩ / ١٥٤١.

(١) في المصدر زيادة: من.

(٢) كتب المصنف ( او يقطع ) ثم شطب الواو وكتب عليها علامة نسخة.

(٣) التهذيب ٣: ٣٠٩ / ٩٥٧.

الباب ٧

فيه حديث واحد

١ - عيون أخبار الرضا (عليه‌السلام ) ١: ٢٩٢ / ٤٥.

٥٩

موسى الرضا( عليه‌السلام ) عن ليلة النصف من شعبان؟ فقال: هي ليلة يعتق الله فيها الرقاب من النار، ويغفر فيها الذنوب الكبار، قلت: فهل فيها صلاة زيادة على صلاة سائر الليالي؟ فقال: ليس فيها شيء موظّف ولكن إن أحببت أن تتطوّع فيها بشيء فعليك بصلاة جعفر بن أبي طالب، وأكثر فيها من ذكر الله والاستغفار والدعاء، فإنّ أبي( عليه‌السلام ) كان يقول: الدعاء فيها مستجاب، قلت: إنّ الناس يقولون: إنّها ليلة الصكاك؟ قال: تلك ليلة القدر في شهر رمضان.

وفي( الأمالي) : عن محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، مثله (١) .

وكذا في كتاب( فضائل شعبان) (٢) .

٨ - باب استحباب صلاة جعفر مجرّدة من التسبيح لمن كان مستعجلاً ثمّ يقضيه بعد ذلك

[ ١٠٠٩٠ ] ١ - محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محسن بن أحمد، عن أبان قال: سمعت أبا عبدالله( عليه‌السلام ) يقول: من كان مستعجلاً يصلّي صلاة جعفر مجرّدة ثمّ يقضي التسبيح وهو ذاهب في حوائجه.

محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن يعقوب، مثله(٣) .

[ ١٠٠٩١ ] ٢ - محمّد بن علي بن الحسين بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبدالله

____________________

(١) أمالي الصدوق: ٣٢ / ١.

(٢) فضائل الأشهر الثلاثة: ٤٥ / ٢٢.

الباب ٨

فيه حديثان

١ - الكافي ٣: ٤٦٦ / ٣.

(٣) التهذيب ٣: ١٨٧ / ٤٢٤.

٢ - الفقيه ١: ٣٤٩ / ١٥٤٣.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

فقال أصحابه: وكيف اختلف الحواريون يا رسول الله؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(دعاهم إلى الذي دعوتكم إليه فأما من بعثه مبعثاً قريباً فرضي وسلّم وأما من بعثه مبعثاً بعيداً فكره وجهه وتثاقل) (١) .

وانطلقت رسل الدعوة والهداية تنقل أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى نقاط العالم المختلفة (٢) .

٣ ـ غزوة خيبر (٣) :

بجهود صادقة وبحنكة كبرى وشجاعة فائقة وتسديد إلهي ارتقى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمسلمين سُلّم الوعي الرسالي والثبات والخير وزرع فيهم روح الصبر والتواصل.. وانطلق صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برسالته السماوية إلى العالم الإنساني خارج الجزيرة العربية من خلال كتبه ورسله إلى زعماء القوى المجاورة.

وتوقع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تكون ردود الفعل مختلفة فقد يكون بعضها هجوماً عسكرياً يقصد المدينة مستعيناً بما فيها من بقية جيوب المنافقين واليهود وهم الذين حفل تأريخهم بالغدر والخيانة .

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية : ٢ / ٦٠٦ ، والطبقات الكبرى : ١ / ٢٦٤ .

(٢) قد عدّ علماء الإسلام ما يقارب من ( ١٨٥ ) كتاباً ورسالة بعثها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى كل القوى يدعوها إلى الإسلام. راجع : مكاتيب الرسول لعلي بن حسين علي الأحمدي .

(٣) وقعت هذه الغزوة في شهر جمادى الآخرة من السنة السابعة للهجرة، راجع الطبقات الكبرى : ٢ / ٧٧.

١٤١

وكانت خيبر تمثّل حصناً قوياً ومركزاً كبيراً لليهود ولهذا قرر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقضي على هذه القوة المتبقّية، فلم يلبث بعد عودته من الحديبية إلاّ أياماً قلائل حتى جهّز جيشاً بلغ تعداده ألفاً وستمائة من المسلمين مؤكداً لهم أن لا يخرجوا في ابتغاء الغنيمة وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(لا يخرجنّ معنا إلاّ راغب في الجهاد) (١) .

واتّبع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اسلوباً يوهم حلفاء اليهود ويمنعهم عن المبادرة لنصرتهم; تجنباً لمزيد من القتال.

فباغتت قوات المسلمين حصون اليهود يتقدمها علي بن أبي طالبعليه‌السلام حاملاً راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وامتنعت اليهود في حصونهم المنيعة بخطة محكمة كانوا قد اتّبعوها، ثم دارت مناوشات متعددة تمكّن المسلمون خلالها من احتلال عدة مواقع مهمة. على أن القتال اشتدّ وطالت مدّة الحصار وعانى المسلمون من قسوة الجوع حتى أنهم أكلوا طعاماً غير مستساغ.

وأعطى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رايته إلى عدد من الصحابة ليتم الفتح على أيديهم فلم يأتوا إلاّ بالفرار والفشل. ولمّا بلغ الجهد بالمسلمين قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرّار غير فرّار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه) (٢) .

ــــــــــــ

(١) الطبقات الكبرى: ٢ / ١٠٦.

(٢) السيرة النبوية : ٢/٣٣٧ صحيح مسلم ١٥/١٧٦ ـ ١٧٧ وفضائل الصحابة : ٢/٦٠٣ ومسند الإمام أحمد : ٣/٣٨٤ والمواهب اللدنيّة : ١/٢٨٤ ، والاستيعاب : ٣/٢٠٣، كنز العمال: ١٣/١٢٣.

١٤٢

ودعا في اليوم التالي علياً وأعطاه الراية فتمّ الفتح على يديه وسرّ المسلمون والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جميعاً، وصالح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البقية الباقية من اليهود بعد استسلامهم على نصف ثمار مزارعهم التي أصبحت ملكاً للمسلمين، ولم يعاملهم كما عامل بني النضير وبني القينقاع وبني قريظة; إذ لم تعد قوة اليهود الباقية ذات أثر مهم في المدينة.

٤ ـ محاولة اغتيال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

لقد قررت جماعة في الخفاء قتل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيلةً شفاءً لحقدهم الدفين وإرضاءً لنزعاتهم العدوانية ولهذا أهدت زينب بنت الحارث ـ زوجة سلام بن مشكم اليهودي ـ إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شاة مشوية ودسّت السمّ فيها وأكثرت منه في ذراعها إذ كانت تعلم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحب الذراع من الشاة.

فلمّا وضعتها بين يديه أخذصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها ولفظها، بينما مات بشر بن البراء بن معرور بعد أن ابتلع مضغة أُخرى منها .

وعفا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنها بعدما اعترفت له بذلك زاعمة أنها كانت تريد اختبار نبوّته، ولم يلاحق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين تواطئوا معها (١) .

٥ ـ استسلام أهالي فدك :

وتهاوت أوكار الخيانة أمام صولات الحق والعدل، فما أن تم نصر الله في خيبر حتى قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك فبعثوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصالحونه على نصف محاصيل فدك وأن يعيشوا تحت راية الحكم الإسلامي، مطيعين مسالمين فوافق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ذلك.

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٣٣٧، المغازي: ٢ / ٦٧٧.

١٤٣

وبهذا أصبحت فدك ملكاً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصة بحكم القرآن لأنها مما لم يوجف عليه بخيل ولا سلاح إذ أعلنت استسلامها للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دون تهديد أو قتال. وقد وهب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدكاً لابنته فاطمة الزهراءعليها‌السلام (١) .

وبهذا تمّ تطهير أرض الجزيرة العربية من جيوب الخيانة وتخلّصت من فتن اليهود الذين جُرّدوا من أسلحتهم ووضعوا تحت حماية القانون والدولة الإسلامية.

وفي يوم فتح خيبر أقبل جعفر بن أبي طالب من الحبشة، فاستقبله رسول الله وقبّل ما بين عينيه وقال:بأيهما أُسرّ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر (٢) .

٦ ـ عمرة القضاء :

انقضت أيام الهدنة والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمون في عمل دؤوب متواصل لتركيز دعائم الحكم الإسلامي، ولم تحدث تحركات عسكرية مهمة بعد فتح خيبر سوى خروج سرايا تبليغية أو تأديبية لبعض العناصر التي كانت تظهر الشغب.

ومضى عام على صلح الحديبية إلتزم خلاله الطرفان ببنود الاتفاق وحلّ الوقت الذي أصبح النبي والمسلمون في حلٍّ من عهدهم لزيارة بيت الله الحرام، فنادى منادي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يتجهز المسلمون لأداء عمرة القضاء. وخرج مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألفان من المسلمين لا يحملون سلاحاً إلاّ السيوف في القِرب، وكان من حيطة النبي وحذره من احتمال الغدر أن جهّز مجموعة مسلحة عند (مرّ الظهران) ليكونوا القوّة المستعدة للدفاع عند الطوارئ.

ولما وصل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذا الحليفة أحرم هو وأصحابه وساق معه ستين بدنة، وقدّم الخيل أمامه، وكانت نحواً من مائة بقيادة محمد بن مسلمة. وخرج زعماء مكة ومن تبعهم إلى رؤوس الجبال والتلال المجاورة المطلة على مكة زاعمين أنهم لا يريدون النظر إلى وجه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا إلى أصحابه، ولكن جلالة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهيبة منظر المسلمين الذين كانوا قد احتفّوا بالرسول وهم يردّدون التلبية بهرت عيونهم وتركتهم مذهولين ينظرون إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمين وهم يؤدون مناسكهم.

ــــــــــــ

(١) مجمع البيان: ٣ / ٤١١، شرح ابن أبي الحديد: ١٦ / ٢٦٨، الدر المنثور: ٤ / ١٧٧.

(٢) الطبقات الكبرى: ٢ / ١٠٨، والسنن الكبرى للبيهقي: ٧ / ١٠١، والسيرة النبوية لابن كثير: ٣ / ٣٩٨.

١٤٤

وطاف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حول البيت على راحلته التي كان يقودها عبد الله بن رواحة وأمر أن ينادي المسلمون بصوت عال:(لا إله إلاّ الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعَزَّ جنده وهزم الأحزاب وحده) .

فدوّى النداء في مكة وشعابها فانصدعت قلوب المشركين رعباً وتملّكهم الغيظ والحقد من مظاهر النصر الإلهي للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي خرج منهم طريداً قبل سبع سنين.

وأتم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمون مناسك العمرة، وأيقنت قريش بقوة الإسلام والمسلمين وأيقنت بكذب من أخبرها أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن معه في جهد وتعب وضيق وحرج بسبب الهجرة إلى المدينة.

وصعد بلال على ظهر الكعبة وأعلن نداء التوحيد مؤذّناً لصلاة الظهر بمظهر روحاني بهيج أغاظ رؤوس الكفر من قريش... وقد كانت مكة كلّها تحت تصرف المسلمين.

وتفرق المهاجرون فيها وهم يصحبون إخوتهم الأنصار يزورون دورهم التي غادروها في سبيل الله ويلتقون بأهليهم وذويهم بعد فراق طويل.

وأمضى المسلمون ثلاثة أيام في مكة ثم غادروها بموجب الاتفاق الذي كان بينهم وبين قريش بعد أن رفضت طلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يتم مراسم زواجه من (ميمونة) خائفين من ازدياد قوة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واختراق الإسلام لمجتمع مكة من خلال طول مكث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها.

وخلّف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا رافع ليحمل إليه زوجته (ميمونة) حين يمسي، إذ خرج المسلمون قبل صلاة الظهر من مكّة (١) .

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٣٧٢.

١٤٥

الفصل الثاني: الإسلام خارج الجزيرة

١ ـ معركة مؤتة(١) :

عزم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بسط الأمن في شمال الجزيرة العربية، ودعوة أهلها إلى الإسلام والانطلاق نحو الشام. من هنا بعث الحارث بن عمير الأزدي إلى الحارث ابن أبي شمر الغساني فاعترضه شرحبيل بن عمرو الغسّاني فقتله.

وفي الفترة نفسها بعث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مجموعة من المسلمين يدعون إلى الإسلام فعدا عليهم أهل منطقة (ذات أطلاح) من الشام وقتلوهم وبلغ خبر مقتلهم الرسول فتألم لذلك كثيراً وانتدب صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسلمين للخروج، فأعد جيشاً من ثلاثة ألاف مقاتل وأمّر عليه زيد بن حارثة ثمّ جعفر بن أبي طالب، ثمّ عبد الله بن رواحة. وخطب فيهم قائلاً: (اُغزوا بسم الله أدعوهم إلى الدخول في الإسلام فإن فعلوا فاقبل منهم واكفف عنهم وإلاّ فقاتلوا عدوّ الله وعدوّكم بالشام وستجدون فيها رجالاً في الصوامع معتزلين الناس، فلا تعرضوا لهم، وستجدون آخرين للشيطان في رؤوسهم مفاحص فاقلعوها بالسيوف، ولا تقتلن امرأة ولا صغيراً مرضعاً ولا كبيراً فانياً، لا تغرقنّ نخلاً ولا تقطعنّ شجراً ولاتهدموا بيتاً) (٢) .

ــــــــــــ

(١) وقعت معركة مؤتة في جمادى الاُولى من السنة الثامنة للهجرة.

(٢) المغازي: ٢ / ٧٥٨، راجع السيرة النبوية: ٢ / ٣٧٤.

١٤٦

وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معهم مودّعاً حتى بلغ ثنية الوداع.

ولما بلغ جيش المسلمين منطقة (مشارق) فوجئ بالعدة والعدد الضخم لجيش الروم إذ بلغ عددهم مائتي ألف مقاتل فانحاز المسلمون إلى مؤتة وعزموا على مقاومة العدو. ولأسباب عديدة بان الانكسار في جيش المسلمين فقتل القادة الثلاثة جميعاً. وكان من عوامل الانكسار أنهم كانوا يقاتلون في منطقة غريبة عليهم وبعيدة عن مركز الإمدادات كما أنهم كانوا يقاتلون مهاجمين والروم بالعدد الضخم يقاتلون مدافعين، هذا مضافاً إلى التفاوت في الخبرة القتالية فجيش الروم قوة منظمة مارست حروباً سجالاً أما جيش المسلمين فكان قليل العدد والخبرة، فتيّاً في تكوينه(١) .

ولقد تأ لّم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمقتل جعفر بن أبي طالب وبكاه بشدة، وذهب صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى بيت جعفر يعزّي أهله ويواسي أبناءه، كما حزن كثيراً على زيد ابن حارثة (٢) .

٢ ـ فتح مكة(٣) :

لقد اختلفت ردود فعل القوى في المنطقة بعد معركة مؤتة، فالروم فرحوامن انسحاب المسلمين وعدم تمكّنهم من دخول الشام.

أما قريش فقد سادهم الفرح وانبعثت فيهم الجرأة على المسلمين وأخذوا يسعون لنقض صلح الحديبية عبر الإخلال بالأمن فحرّضوا قبيلة بني بكر على بني خزاعة (بعد أن دخلت قبيلة بني بكر في حلف قريش وخزاعة في حلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثر صلح الحديبية) وأمدّوها بالسلاح فعدت بكر على خزاعة غيلة وقتلوا عدداً من أفرادها وهم في ديارهم آمنين، وكان بعضهم في حال العبادة ففزعوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طالبين النصرة، ووقف عمرو بن سالم بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ وهو جالس في المسجد ـ ينشد أبياتاً يعرض فيها نقض العهد. فتأثر الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال:نُصِرْتَ يا عمرو بن سالم . أما قريش فقد انتبهت وأدركت سوء فعلتها وقد تملّكها الخوف والهلع من المسلمين فاجتمع رأيهم على إيفاد أبي سفيان إلى المدينة ليجدد الصلح ويطلب تمديد المدة من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولكن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يصغ لطلب أبي سفيان وسأله قائلاً:هل كان من حدث؟ قال أبو سفيان: معاذ الله ، فأجابه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :نحن على مدّتنا وصلحنا .

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٣٨١.

(٢) بحار الأنوار: ٢١ / ٥٤، المغازي: ٢ / ٧٦٦، السيرة الحلبية: ٣ / ٦٨.

(٣) تم فتح مكة في شهر رمضان من السنة الثامنة للهجرة.

١٤٧

لكن أبا سفيان لم يهدأ له بال ولم يقنع بل أراد أن يستوثق ويأخذ عهداً وأماناً من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسعى لتوسيط مَن يؤثّر على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقابله الجميع بالرفض واللامبالاة.

فلم يجد إلاّ أن يقفل راجعاً بالخيبة إلى مكة وقد ضاقت الأمور على قوى الشرك حيث تبدلت الظروف ، فالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطلب مكة فاتحاً، بعدّة تتزايد وإيمان يترسخ ، وقريش تطلب الأمان والسلامة في دمائها وأموالها، وقد سنحت الفرصة بنقض الصلح. وتكاد تكون مكة آخر خطوة لتتم سيطرة الإسلام على الجزيرة العربية برمّتها. وأعلن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النفير العام، وتوافدت عليه جموع المسلمين ملبية نداءه، فجهّز جيشاً قارب عدده عشرة آلاف رجل. واجتهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يكتم قصده وهدفه إلاّ على الخاصة وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدعو الله قائلاً : (اللهم خذ العيون والأخبار من قريش حتى نباغتها في بلادها) (١) . ويبدو أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يود أن يتحقق النصر المؤزّر سريعاً دون إراقة قطرة دم ، متخذاً أسلوب المباغته. ولكن الخبر تسرب إلى رجل كان قد ضعف أمام عواطفه فكتب إلى قريش كتاباً بذلك وبعثه مع امرأة توصله. ونزل الوحي يخبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك فأمر علياً والزبير بأن يلحقا المرأة ويسترجعا الكتاب، وانتزع علي بن أبي طالب بقوة إيمانه برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكتاب من المرأة (٢) . ولمّا استلم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكتاب جمع المسلمين في المسجد ليثير هممهم ويحذر من مسألة الخيانة من جانب ويبيّن من جانب آخر أهمية كبت العواطف مرضاةً لله. وقام المسلمون يدفعون حاطب بن أبي بلتعة صاحب الكتاب الذي حلف بالله أنه لم يقصد الخيانة وانفعل عمر بن الخطاب وطلب من النبيّ أن يقتله فقال له : (وما يُدريك يا عمر لعلَّ الله اطلع على أهل بدر وقال لهم إعملوا ما شئتم فلقد غفرت لكم) (٣) .

تحرك الجيش الإسلامي نحو مكة :

وتحرك جيش المسلمين في العاشر من شهر رمضان باتجاه مكة المكرمة، ولما بلغ مكاناً يدعى (الكديد) طلب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ماءاً فأفطر به أمام المسلمين وأمرهم أن يفطروا لكن بعضاً منهم عصوا الرسول القائد ولم يفطروا فغضب من عصيانهم وقال:(أولئك العصاة) وأمرهم أن يفطروا(٤) .

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٣ / ٣٩٧، المغازي : ٢ / ٧٩٦.

(٢) السيرة النبوية: ٢ / ٣٩٨.

(٣) امتاع الاسماع: ١ / ٣٦٣، المغازي: ٢ / ٧٩٨. ويرى بعض المحققين أن هذا الحديث من الموضوعات. راجع سيرة المصطفى: ٥٩٢.

(٤) وسائل الشيعة: ٧ / ١٢٤، السيرة الحلبية: ٣ / ٢٩٠، المغازي: ٢ / ٨٠٢، وصحيح مسلم ٣/١٤١ ـ ١٤٢، كتاب الصيام باب جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية، ط دار الفكر ، بيروت.

١٤٨

ولما وصل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مرّ الظهران أمر المسلمين أن ينتشروا في الصحراء ويوقد كل منهم ناراً. وهكذا أضاء الليل البهيم وظهر المسلمون كجيش عظيم تضيع أمامه كل قوى قريش مما أقلق العباس بن عبد المطلب ـ وهو آخر المهاجرين إذ التحق بركب رسول الله في منطقة الجحفة ـ فتحرك يبحث عن وسيلة يبلغ بها قريشاً أن تأتي مسلمة قبل دخول الجيش عليها.

وفجأة سمع صوت أبي سفيان يحادث بديل بن ورقاء مستغرباً وجود هذه القوة الكبيرة على مشارف مكة. وارتعد أبو سفيان خوفاً حين أخبره العباس بزحف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بجيشه لفتح مكة، ولم يجد أبو سفيان بدّاً من اصطحاب العباس لأخذ الأمان من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ولم يكن بوسع ينبوع العفو والاخلاق السامية أن يبخل بإجازة جوار عمّه لأبي سفيان فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (إذهب فقد أمناه حتى تغدو به عليّ) .

استسلام أبي سفيان :

ولما مثل أبو سفيان بين يدي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له :(ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلاّ الله؟) فقال أبو سفيان: بأبي أنت وأمي ما أحلمك، وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني شيئاً بعد. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟) قال: بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك أما والله فإنّ في النفس منها حتى الآن شيئاً(١) .

وتدارك العباس الموقف ليضغط على أبي سفيان ليسلم وقال له: ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمداً رسول الله قبل أن تقتل. فشهد أبو سفيان الشهادتين خوفاً من القتل، ودخل في عداد المسلمين.

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٣ / ٤٠، مجمع البيان: ١٠ / ٥٥٤ .

١٤٩

واستسلم من بقي من زعماء المشركين بعد استسلام أبي سفيان، ولكن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استتماماً للضغط النفسي على قريش كي تستسلم دون إراقة دماء قال للعباس:(يا عباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمرّ به جنود الله فيراها) .

ولإشاعة الاطمئنان والثقة برحمة الإسلام ورحمة الرسول القائد وإرضاء لغرور أبي سفيان كي لا يكابر قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، ومن طرح السلاح فهو آمن) .

ومرّت جنود الله تعبر المضيق والعباس يعرّف الكتائب التي تمر وأبو سفيان قد أخذته الدهشة حتى قال: والله يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً فأجابه العباس: يا أبا سفيان إنها النبوة. وتردد أبو سفيان في الجواب فقال: فنعم إذن. ثم انطلق أبو سفيان إلى مكة ليحذّر أهلها ويعلن أمان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) .

دخول مكة :

أصدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوامره الحكيمة بتوزيع مداخل القوات إلى مكة مؤكداً عدم اللجوء إلى القتال إلاّ رداً عليه. وأهدرصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دماء عدد من المشركين ـ في كلّ الحالات ـ حتّى لو وجدوهم متعلقين بأستار الكعبة، لعظيم جنايتهم ومعاداتهم للإسلام وللنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وما إن لاحت بيوت مكة حتّى إغرورقت عينا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالدموع، ودخلت قوّات الإسلام الظافرة مكة من جهاتها الأربع ومظاهر العز والنصر تجلّلها ودخل الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكة مطأطئاً رأسه تعظيماً لله وشكراً له على ما منحه من الفضل والنعمة حيث دانت لرسالته ودولته أم القرى، بعد طول جهد وعناء تحملهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سبيل إعلاء كلمة الله.

ــــــــــــ

(١) المغازي ، للواقدي : ٢ / ٨١٦ ، السيرة النبوية : ٣ / ٤٧ .

١٥٠

ورفض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يدخل دار أحد من أهالي مكة رغم كثرة عروضهم له، واغتسل بعد استراحة قصيرة وركب راحلته وكبّر فكبّر المسلمون فدوّى الصوت في الجبال والوهاد ـ التي فرّ إليها بعض رؤوس الشرك خوفاً من الإسلام ونصره ـ وجعل يشير وهو يطوف في البيت إلى كل صنم موجود حوله ويقول: قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً، فيسقط الصنم لوجهه.

ثم أمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّاً أن يجلس ليصعدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كتفه ولكن لم يستطع عليصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يحمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كتفه لكسر الاصنام فوق الكعبة، من هنا صعد عليّ على كتف ابن عمّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكسر الأصنام. ثم طلب النبيّ مفاتيح الكعبة وفتح بابها ودخلها ومسح ما فيها من صور. ثم وقف على بابها يخطب الجموع المتكاثرة خطبة الفتح العظيم فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدّعى فهو تحت قدميّ هاتين، إلاّ سدانة البيت وسقاية الحاج... ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظّمها بالآباء، الناس من آدم وآدم من تراب...) (١) ثم تلا قوله تعالى: ( يا أيّها الناس إنّا خلقناكم من ذكر واُنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) (٢) يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم)؟ .

قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(إذهبوا فأنتم الطلقاء) (٣) .

ثم ارتقى بلال سطح الكعبة ليؤذّن لصلاة الظهر فصلى المسلمون بإمامة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد الحرام أوّل صلاة بعد هذا الفتح.

ــــــــــــ

(١) مسند أحمد : ١ / ١٥١ ، فرائد السمطين : ١ / ٢٤٩ ، كنز العمّال : ١٣ / ١٧١ ، السيرة الحلبية : ٣ / ٨٦ .

(٢) الحجرات (٤٩) : ١٣.

(٣) بحار الأنوار: ٢١ / ١٠٦، والسيرة النبوية: ٢ / ٤١٢.

١٥١

ووقف المشركون والحيرة تملكهم وتعلوهم الدهشة مشوبة بالخوف والحَذر. وخشيت الأنصار أن لا يرجع معها الرسول الكريم حين رأوا تفاعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أهل مكة ووقفوا والأسئلة تدور فى مخيّلتهم والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واقف يدعو الله وقد علم ما يدور بينهم فالتفت إليهم قائلاً: معاذ الله المحيا محياكم والممات مماتكم، معلناً بذلك أن المدينة ستبقى عاصمة الإسلام.

ثم أقبل الناس يبايعونه فبايعه الرجال ـ وتشفع عدد من المسلمين لدى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليعفو عمن أهدر دمه فعفا وصفح.

وجاءت النساء لتبايع ـ فكانت المرأة تدخل يدها في قدح فيه ماء قد وضع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يده فيه ـ ( على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف ) (١) .

وغضب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين عدت خزاعة ـ حليفة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ على رجل من المشركين فقتلته وقامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيباً فقال:(يا أيها الناس إن الله حرّم مكة يوم خلق السماوات والأرض فهي حرام إلى يوم القيامة، لا يحل لامرىً يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك دماً أو يعضد فيها شجراً ..) (٢) .

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(فمن قال لكم إن رسول الله قد قاتل فيها فقولوا إن الله قد أحلّها لرسوله ولم يحللها لكم يا معشر خزاعة) . وأكبرت قريش جميع مواقف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة وأهلها من عطف ورحمة وسماحة وعفو واحترام وتقديس فمالت قلوبهم إليه وأقبلوا على الإسلام آمنين مطمئنين.

وأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سراياه إلى اطراف مكة وما حولها لهدم ما تبقّى من الأصنام وأماكن عبادة المشركين فأخطأ خالد بن الوليد إذ قتل عدداً من قبيلة

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٢١ / ١١٣، وسورة الممتحنة: الآية ١٢.

(٢) سنن ابن ماجة ، الحديث ٣١٠٩ ، كنز العمال ، الحديث ٣٤٦٨٢، الدر المنثور : ١ / ١٢٢، ط دار الفكر.

١٥٢

بنى جذيمة بعد استسلامهم ثأراً لعمّه(١) وغضب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين علم بذلك وأمر علياً أن يأخذ أموالاً ويدفع دية المقتولين ثم قامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستقبل القبلة رافعاً يديه وهو يقول:(اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد) ، وبذلك هدأت نفوس بني جذيمة )(٢) .

٣ ـ غزوة حنين وحصار الطائف(٣) :

أمضى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة عشر يوماً في مكة فاتحاً فيها عهداً جديداً من التوحيد بعد طول فترة من الشرك، والغبطة والسرور يعمّان المسلمين، والأمان يلفّ أم القرى، وترامت إلى أسماع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن قبيلتي هوازن وثقيف قد أعدّتا العدّة لمحاربة الإسلام ظنّاً منهما أنّهما يُحققان ما عجزت عنه سائر قوى الشرك والنفاق من تدمير الإسلام، وعزم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الخروج لملاقاتهم ولكنه وطّد دعائم الإدارة في مكة قبل خروجه كما هي سيرته عند كل فتح، فعيّن معاذ بن جبل ليعلّم الناس القرآن وأحكام الإسلام كما عيّن عتاب بن أسيد للصلاة بالناس وإدارة الأمور.

وخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باثني عشر ألفاً من المقاتلين، وهي قوة لم يشهد المسلمون مثلها ممّا أدّى بهم إلى الغرور والغفلة حتى أن أبا بكر قال: لو لقينا بني شيبان لن نغلب اليوم من قلّة (٤) .

أما ( هوازن ) و ( ثقيف ) فقد تحالفتا وخرجتا بكامل عدّتهم مع نسائهم وأطفالهم وكمنوا لإرباك جيش المسلمين، وحين وصلت طلائع جيش المسلمين

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٤٢٠، الخصال: ٥٦٢، أمالي الطوسي: ٣١٨.

(٢) الطبقات الكبرى: ٢/١٤٨ .

(٣) وقعت معركة حنين فى شوال من السنة الثامنة للهجرة.

(٤) الطبقات الكبرى: ٢ / ١٥٠، المغازي: ٢ / ٨٨٩ .

١٥٣

أطراف الكمين أرغموها على الفرار حتّى فرّت باقي قوّات المسلمين فزعاً من أسلحة العدو، ولم يثبت مع رسول الله إلا تسعة أشخاص من بني هاشم عاشرهم أيمن (ابن أم أيمن). وفرح المنافقون وسرّوا سروراً عظيماً فخرج أبو سفيان يقول شامتاً: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وقال آخر: ألا بطل السحر اليوم. وعزم آخر على قتل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك الوضع المضطرب(١) .

وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمه العباس أن يصعد على صخرة وينادي فلول المهاجرين والأنصار المدبرة قائلاً: يا أصحاب سورة البقرة، يا أهل بيعة الشجرة، إليّ. أين تفرّون؟ هذا رسول الله! وكأن وعياً قد عاد بعد غفلة وحماساً دبّ بعد فتور فعادوا يوفون بوعود النصرة والدفاع عن الإسلام والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ... ولما رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حماسهم قال:الآن حمي الوطيس، أنا النبيّ لا كَذِب أنا ابن عبد المطلب . فأنزل الله السكينة على المسلمين وأيدهم بالنصر فولّت جموع الكفر منهزمة تاركة وراءها ستة الآف أسير وغنائم كبيرة جداً(٢) ، وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن تحفظ الغنائم وتراعى أحوال الأسرى حتى تتم ملاحقة العدو الغارّ إلى منطقة أوطاس ونخلة والطائف.

وكان من سمو أخلاق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعظيم عفوه وسعة رحمته أن قال لأم سليم:(يا أم سليم قد كفى الله، عافية الله أوسع) حين طلبت منه قتل الذين فرّوا عنه وخذلوه.

وفى موقف آخر، غضب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين علم أن بعض المسلمين يقتل ذرّية المشركين غيظاً منهم فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (ما بال أقوام ذهب بهم القتل حتى بلغ الذرية،

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٤٤٣، المغازي: ٣ / ٩٩.

(٢) نزلت آيات من سورة التوبة وهي توضح تأييد الله ونصره، وتلوم من اعتمد العدة والعدد واعتبارهما سبباً للنصر.

١٥٤

أَلا لا نقتل الذرية) ، فقال أسيد بن حضير: يا رسول الله أليس هم أولاد المشركين. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أوليس خياركم أولاد المشركين، كل نسمة تولد على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها، وأبواها يهوّدانها أو ينصّرانها (١) .

وواصلت قوات المسلمين ملاحقتها للعدو حتى الطائف فحاصروهم بضعاً وعشرين يوماً يترامون بالنبل من خلف الجدران والبساتين، ثم عدل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الطائف لاعتبارات كثيرة.

وعند وصوله إلى الجعرانة (محل تجميع الأسرى والغنائم) قام إليه وفد هوازن يلتمسون العفو عنده فقالوا: يا رسول الله إنما في هذه الأسرى عمّاتك وخالاتك اللاتي كن يكفلنك ـ حيث كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد رضع في بني سعد وهم من هوازن ـ ولو أنا مالحنا الحارث بن أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم نزل منا بمثل الذي نزلت به رجونا عطفه وعائدته علينا وأنت خير المكفولين. فخيّرهم الرسول بين الأسرى والمال فاختاروا الأسرى، ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(أمّا ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم) . وأسرع المسلمون جميعاً يقتدون بالرسول القائدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويهبون له مالهم من نصيب(٢) .

وبحكمة بالغة ودراية عميقة بنفوس الناس وسعياً لهداية الجميع وإطفاءاً لنار الحرب منّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعفوه حتى على (مالك بن عوف) مثير هذه الحرب إن جاءه مسلماً فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (أخبروا مالكاً إنّه إن أتاني مسلماً رددت عليه أهله وماله وأعطيته مائة من الابل) . وسرعان ما أسلم مالك (٣) .

ــــــــــــ

(١) إمتاع الأسماع: ١ / ٤٠٩.

(٢) سيد المرسلين : ٢ / ٥٣ ، المغازي : ٣ / ٩٤٩ ـ ٩٥٣ .

(٣) المغازي : ٣ / ٩٥٤ ـ ٩٥٥ .

١٥٥

توزيع الغنائم :

تدافع المسلمون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلحّون عليه أن يقسّم الغنائم حتى ألجأوه إلى شجرة وأخذوا رداءه; فقال:(ردّوا عليّ ردائي فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعماً لقسّمته عليكم، ثم ما ألفيتموني بخيلاً ولا جباناً ولا كذّاباً) .

ثم قام وأخذ وبرة من سنام بعيره فجعلها بين أصبعيه ثم رفعها وقال: (ايها الناس والله مالي في فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس، والخمس مردود عليكم) ثم أمر أن يُردّ كل ما غنم حتى تكون القسمة عدلاً.

وبدأ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإعطاء المؤلفة قلوبهم كأبي سفيان وابنه معاوية وحكيم بن حزام. والحارث بن الحارث، وسهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، وصفوان بن امية وغيرهم ممّن كان يعاديه ويحاربه بالأمس القريب من رؤوس الكفر والشرك ثم قسّم عليهم حقّه من الخمس. على أن هذا الموقف قد أثار الحفيظة في نفوس بعض المسلمين جهلاً منهم بمصالح الإسلام وأهداف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قال أحدهم للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لم أرك عدلت. فقال:ويحك إذالم يكن العدل عندي فعند من يكون؟ فأراد عمر بن الخطاب أن يقتله، فلم يأذن له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال:(دعه فإنه سيكون له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من رميته) (١) .

اعتراض الأنصار :

ورأى سعد بن عبادة أن يخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يدور بين الأنصار من قولهم: لقي رسول الله قومه ونسي أصحابه. فجمع سعد الأنصار وأقبل الرسول

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٤٩٦، وراجع المغازي : ٣ / ٩٤٨.

١٥٦

الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحدّثهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

(يا معشر الأنصار ما مقالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها في أنفسكم؟! ألم آتكم ضُلاّلاً فهداكم الله وعالة فاغناكم الله وأعداءً فألف الله بين قلوبكم؟ قالوا: بلى الله ورسوله آمَنُ وأفضل، ثم قال:ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ قالوا: وماذا نجيبك يا رسول الله؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :أما والله لو شئتم قلتم فصدقتم: أتيتنا مكذَّباً فصدّقناك ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك وعائلاً فآسيناك. وجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في شيء من الدنيا تألّفتُ به قوماً ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم، أفلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ والذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار، ولو سلك الناس شعباً وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شِعب الأنصار) .

فأثارت هذه الكلمات في قلوب الأنصار العاطفة والشعور بالخطأ في تصورهم عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فضجوا بالبكاء وقالوا: رضينا يا رسول الله حظّاً وقسماً.

وخرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمن معه من الجعرانة متّجهاً إلى مكة في شهر ذي القعدة فأتمّ عمرته وحلّ من إحرامه واستخلف على مكة عتّاب بن أسيد ومعه معاذ بن جبل وخرج متّجهاً إلى المدينة بمن معه من المهاجرين والأنصار (١) .

٤ ـ غزوة تبوك(٢) :

أصبحت الدولة الإسلامية كياناً يهاب جانبه، وكان على المسلمين الحفاظ على حدوده وأراضيه حتى تبلغ الرسالة الإسلامية أرجاء الأرض.

ــــــــــــ

(١) السيرة النبوية: ٢ / ٤٩٨، المغازي: ٣ / ٩٥٧.

(٢) كانت غزوة تبوك في رجب سنة ( ٩ ) من الهجرة .

١٥٧

واستنفر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المسلمين من جميع نقاط الدولة الإسلامية استعداداً لحرب الروم إذ وردت أخبار تؤكد استعدادهم لغزو الجزيرة واسقاط الدولة ومحق الدين الإسلامي وصادف أن كان ذلك العام عام جدب وقلّة ثمار وكان الوقت صيفاً حاراً مما زاد من صعوبة الخروج لملاقاة عدو قوي متمرّس كبير العدد والعدة. فتقاعس ذوو النفوس الضعيفة والمعنويات المتدنّية وبرز النفاق ثانية علانية ليثبّط العزائم ويخذل الإسلام.

وتخلّف بعض عن الالتحاق بالجيش لشدّة تعلّقهم بالدنيا، وبعض آخر احتجّ بشدّة الحر وآخرون لم يستطيعوا لشدّة ضعفهم وقلة إمكانات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لحملهم معه رغم بذل المؤمنين الصادقين أموالهم للجهاد في سبيل الله.

وبلغ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن المنافقين يجتمعون في بيت أحد اليهود يثبّطون الناس ويخوّفونهم من اللقاء، فتعامل معهم بحزم وشدة فأرسل إليهم من يحرق عليهم دارهم ليكونوا عبرة لغيرهم.

وقد أنزل الله آيات تفضح خطط المنافقين وتؤنّب المتقاعسين وتعذر الضعفاء; وبلغ عدد جيش المسلمين ثلاثين ألف مقاتل ـ على أقل تقدير ـ واستخلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علي بن أبي طالب في المدينة لما يعلم منه من حنكة وحسن تدبير وقوة يقين; إذ خشي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قيام المنافقين بعمل تخريبي في المدينة، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (يا علي إن المدينة لا تصلح إلاّ بي أو بك) (١) .

الإعلان عن مكانة علي عليه‌السلام لدى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وأشاع المنافقون والذين في قلوبهم مرض حول بقاء علي بن أبي طالب في المدينة اُموراً إذ قالوا: إنما تركه رسول الله استثقالاً له وتخففاً منه، سعْياً منهم للإثارة رجاء أن يخلو جو المدينة لهم فأسرع عليّعليه‌السلام للالتحاق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلحق به على مقربة من المدينة وقال:يا نبي الله زعم المنافقون أنك إنما خلّفتني أنك استثقلتني وتخفّفت مني .

ــــــــــــ

(١) الإرشاد للمفيد ١ / ١١٥، أنساب الأشراف: ١ / ٩٤ ـ ٩٥، كنز العمّال ج١١ / باب فضائل عليعليه‌السلام .

١٥٨

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (كذبوا ولكنني خلّفتك لما تركت ورائي فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي) (١) .

جيش العسرة :

وانطلق جيش المسلمين في طريق وعر طويل وقد أوضح لهم الرسول هدف المسيرة خلافاً لما كان في الغزوات الماضية. وكان يتخلف عنه في الطريق جماعة ممن خرجوا معه من المدينة فكان يقولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه: دعوه فإن يكن به خير فسيلحقه الله بكم وإن يكن غير ذلك فقد أراحكم الله منه.

وأسرع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السير حين مرّ على أطلال قوم صالح وقال لأصحابه وهو يعظهم: (لا تدخلوا بيوت الذين ظلموا إلاّ وأنتم باكون خوفاً أن يصيبكم مثل ما أصابهم)، ونهاهم عن استعمال الماء من هذه المنطقة وحذّرهم من خطورة الظروف الجوية فيها(٢) ، وللصعوبات التي أحاطت هذه الغزوة من حيث الماء والغذاء والنفقة والظهر (الخيل والإبل) فقد سمّي هذا الجيش بـ (جيش العسرة).

ولم يجد المسلمون جيش الروم; إذ قد تفرّق جمعهم، وهنا استشار الرسول القائد أصحابه في ملاحقة العدو أو العودة إلى المدينة فقالوا: إن كنت اُمِرت بالسير فسِرْ. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لو اُمرت به ما استشرتكم فيه) (٣) . وهنا قرّر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العودة إلى المدينة.

ــــــــــــ

(١) امتاع الأسماع: ١ / ٤٤٩، صحيح البخاري: ٣ / ١٣٥٩ الحديث ٣٥٠٣، صحيح مسلم: ٥ / ٢٣ الحديث ٢٤٠٤، سنن ابن ماجة: ١ / ٤٢ الحديث ١١٥ ، مسند أحمد: ١ / ٢٨٤ الحديث ١٥٠٨ .

(٢) السيرة النبوية: ٢ / ٥٢١، السيرة الحلبية: ٣ / ١٣٤.

(٣) المغازي: ٣ / ١٠١٩.

١٥٩

واتصل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بزعماء المنطقة الشمالية للجزيرة وعقد معهم معاهدة عدم تعرّض واعتداء بين الجانبين وبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خالد بن الوليد إلى دومة الجندل خوفاً من تعاون زعيمها مع الروم في هجوم آخر وتمكّن المسلمون من أسر زعيمهم وحمل الغنائم الكثيرة(١) .

محاولة اغتيال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أقفل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمسلمون راجعين إلى المدينة بعد أن أمضوا بضع عشرة يوماً في تبوك، وتحرك الشيطان في نفوس جمع ممّن لم يؤمن بالله ورسوله فعزموا على اغتيال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك بتنفير ناقته عند مرورها عليهم ليطرحوه في واد كان هناك.

وحين وصل الجيش إلى العقبة (بين المدينة والشام) قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(من شاء منكم أن يأخذ بطن الوادي فإنه أوسع لكم) فأخذ الناس بطن الواديوسلك هو طريق العقبة وكان يقود ناقته عمار بن ياسر ويسوقها حذيفة بن اليمان، فرأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ضوء القمر فرساناً قد تلثّموا ولحقوا به من ورائه في حركة مريبة فغضبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصاح بهم وأمر حذيفة أن يضرب وجوه رواحلهم; فتمالكهم الرعب وعرفوا بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد علم بما أضمرته نفوسهم ومؤامرتهم فاسرعوا تاركين العقبة ليخالطوا الناس ولا تنكشف هويّتهم .

وطلب حذيفة من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبعث اليهم من يقتلهم بعد ما عرفهم من رواحلهم ولكن رسول الرحمة عفا عنهم وأوكل أمرهم إلى الله تعالى (٢) .

ــــــــــــ

(١) الطبقات الكبرى: ٢ / ١٦٦، بحار الأنوار: ٢١ / ٢٤٦.

(٢) المغازي: ٣ / ١٠٤٢، مجمع البيان: ٣ / ٤٦، بحار الأنوار: ٢١ / ٢٤٧.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215