اعلام الهداية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)

اعلام الهداية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)25%

اعلام الهداية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 226

اعلام الهداية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)
  • البداية
  • السابق
  • 226 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 181596 / تحميل: 9307
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)

اعلام الهداية الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

وراحلة قدر ما يقوت به عياله، ويستغني به عن الناس، ينطلق إليهم فيسألهم إياه ويحج به، لقد هلكوا إذاً » فقيل له: فما السبيل؟ قال: فقال: « السعة في المال إذا كان يحج ببعض ويبقى ببعض يقوت به عياله، أليس الله قد فرض الزكاة فلم يجعلها إلّا على من يملك مائتي درهم؟ ».

٩ -( باب وجوب الحج على من بذل له زاد وراحلة ولو حماراً، ووجوب قبوله وإن استحيى، ويجزيه عن حجة الاسلام)

[٨٩٦٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قيل له: فمن عرض عليه ما يحج به فاستحيى؟ قال: « هو ممّن يستطيع، ولم يستحيى؟ يحج ولو على حمار أبتر ».

[٨٩٦٦] ٢ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام : عن أبيهعليه‌السلام ، قال: « سألته عن رجل لم يكن له مال، فحج به رجل من إخوانه؟ قالعليه‌السلام : إنّها تجزئ عن حجة الاسلام ».

١٠ -( باب وجوب الحج على من أطاق المشي كلّا، أو بعضا وركوب الباقي، من غير مشقّة زائدة)

[٨٩٦٧] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن أبي بصير، عن أبي

__________________

الباب ٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٨٩.

٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٣١.

الباب ١٠

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٩٣ ح ١١٦.

٢١

عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قول الله:( مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) (١) قال: « تخرج إذا لم يكن عندك تمشي » قال: قلت: لا نقدر على ذلك، قال: « تمشي وتركب أحيانا » قلت: لا نقدر على ذلك، قال: « تخدم قوما وتخرج معهم ».

[٨٩٦٨] ٢ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام : عن أبيهعليه‌السلام قال: « سألته عن دين الحج، قال: إن حجة الاسلام واجبة على كلّ من أطاق المشي من المسلمين، ولقد كان أكثر من حجّ مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ المشاة، ولقد مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ على المشاة وهم بكراع الغميم، فشكوا إليه الجهد والإعياء، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : شدّوا أزركم واستبطنوا، ففعلوا فذهب عنهم ».

١١ -( باب اشتراط وجوب الحج بالبلوغ والعقل)

[٨٩٦٩] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في الصبي يحج به ولم يبلغ [ الحلم ](١) قال: « لا يجزئ ذلك عنه وعليه الحجّ إذا بلغ، وكذلك المرأة إذا حجّ بها وهي طفلة ».

__________________

(١) آل عمران ٣: ٩٧.

٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٩ ح ٣٨.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٨٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢٢

١٢ -( باب أنّ الصبي إذا حجّ أو حجّ به لم يجزه عن حجة الاسلام، ووجب عليه عند البلوغ مع الاستطاعة)

[٨٩٧٠] ١ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : لو أن غلاما حجّ عشر حجج، ثم احتلم كان عليه فريضة الاسلام إذا استطاع إليه سبيلا ».

١٣ -( باب اشتراط وجوب الحج والعمرة بالحرية، فلا يجبان على المملوك حتى يعتق، ويستحبان له مع إذن المالك)

[٨٩٧١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « إذا حجّ المملوك أجزأ عنه ما دام مملوكا، فإن أُعتق فعليه الحج، وليس يلزمه الحج وهو مملوك ».

١٤ -( باب أن المملوك إذا حجّ مرّة أو مراراً ثم أُعتق، وجب عليه حجة الإسلام مع الشرائط)

[٨٩٧٢] ١ - دعائم الاسلام: عن علي (صلوات الله عليه)، أنّه قال: « إذا أُعتق العبد فعليه الحج إن استطاع إليه سبيلا ».

[٨٩٧٣] ٢ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن أُم الولد يحجّها سيّدها ثم تعتق أيجزئ عنها ذلك؟ قال: « لا ».

__________________

الباب ١٢

١ - نوادر الراوندي ص ٥٢.

الباب ١٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٠.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٠.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٠.

٢٣

١٥ -( باب أن المملوك إذاحج فأدرك أحد الموقفين معتقاً أجزأه عن حجة الإسلام)

[٨٩٧٤] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « والمملوك إذا أُعتق يوم عرفة فقد أدرك الحج، لأنّه قد أدرك أحد الموقفين ».

[٨٩٧٥] ٢ - الشيخ المفيد في كتاب الاختصاص: في خبر سقط أوّله: ما تقول في رجل أعتق عشيّة عرفة عبدا له؟ قال: « تجزئ(١) عن العبد حجّة الإسلام، ويكتب للسيد أجران: ثواب العتق، وثواب الحجّ ».

١٦ -( باب أن المستطيع إذا حجّ جمالا أو أجيرا أو مجتازا بمكة أو تاجرا، أجزأه ذلك عن حجة الاسلام)

[٨٩٧٦] ١ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام : عن أبيه قال: « سئلت عمّن خرج إلى مكّة في تجارة أو كانت له إبل يكريها فحج قالعليه‌السلام : حجته(١) تامّة ».

١٧ -( باب أن المسلم المخالف للحق إذا حجّ ثم استبصر لم يجب عليه إعادة الحج، بل يستحب، إلّا أن يخل بركن منه فتجب الإعادة)

[٨٩٧٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

الباب ١٥

١ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٢.

٢ - الاختصاص ص ٣٦٥.

(١) في المصدر: يجزئ.

الباب ١٦

١ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، والبحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٣١.

(١) في نسخة، فإن، حجته، (منه قده).

الباب ١٧

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٨٩.

٢٤

سئل عن رجل لا يعرف هذا الأمر وحج، ثم منّ الله عليه بمعرفته؟ قال: « يجزؤه حجه، ولو حجّ كان أحب إليّ، وإن كان ناصبا معتقدا للنصب فحج، ثم منّ الله عليه بالمعرفة فعليه الحج ».

١٨ -( باب وجوب استنابة الموسر في الحج، إذا منعه مرض، أو كبر أو عدوّ أو غير ذلك)

[٨٩٧٨] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنّ رجلا أتاه فقال: أبي شيخ كبير لم يحجّ، فأجهز رجلا يحجّ عنه؟ فقال: « نعم، إن امرأة من خثعم سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أن تحجّ عن أبيها لأنه شيخ كبير، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : نعم فافعلي، إنّه لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أجزأه ذلك ».

[٨٩٧٩] ٢ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن جابر أنّه قال: يا رسول الله، أبي شيخ كبير لا يقدر على الحج والعمرة؟ فقال: « حجّ عنه واعتمر ».

[٨٩٨٠] ٣ - وعن امرأة خثعمية: أنّها أتت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقالت: يا رسول الله إنّ فرض الحج قد أدرك أبي، وهو شيخ لا يقدر على ركوب الراحلة، أيجوز أن أحجّ عنه؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « يجوز » قالت: يا رسول الله، ينفعه ذلك؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ :

__________________

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٦.

٢ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣١٣.

٣ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٦١١.

٢٥

« أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته، أما كان يجزئ؟ » قالت: نعم، قال: « فدين الله أحق ».

١٩ -( باب أن من أوصى بحجة الاسلام وجب اخراجها من الأصل، فإن كان عليه دين وقصرت التركة قسمت عليهما بالحصص، وإن أوصى بغير حجّة الاسلام كانت من الثلث، وإن أوصى أن يحج عنه رجل معين تعيّن إن أمكن)

[٨٩٨١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمدعليهم‌السلام ، في رجل تحضره الوفاة فيوصي أن عليه حجّة الاسلام وأنّه لم يحج، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إن خلّف ما يحج به عنه أُخرج ذلك من رأس المال، وإن كانت حجة نافلة أُخرجت من الثلث ».

[٨٩٨٢] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال فيمن أوصى أن يحج عنه بعد موته حجة الاسلام: « إن وقّت أن(١) ذلك من ثلثه(٢) أُخرج من ثلثه، وإن لم يوقّته أُخرج من رأس المال، فإن أوصى أن يحج عنه وكان قد حجّ حجة الاسلام، فذلك من ثلثه » الخبر.

[٨٩٨٣] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إن أوصى بحج وكان

__________________

الباب ١٩

١ - الجعفريات ص ٦٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٣٧.

(١) في المصدر: ان حد ذلك.

(٢) في المصدر: ثلث ماله.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

٢٦

صرورة، حجّ عنه من جميع ماله، وإن كان قد حجّ فمن الثلث ».

بعض نسخه قالعليه‌السلام : « قال أبيعليه‌السلام : رجل توفي وأوصى أن يحج عنه، أخرج ذلك من جميع المال لأنه بمنزلة الدين الواجب عليه في ماله، وإن كان قد حجّ فمن ثلثه »(١) .

٢٠ -( باب أنّ من أوصى بحج واجب وعتق وصدقة،وجب الابتداء بالحج، فإن بقي شئ صرف في العتق والصدقة)

[٨٩٨٤] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن أوصى بثلث ماله في حجّ وعتق وصدقة تمضى وصيّته، فإن لم يبلغ ثلث ماله ما يحج عنه ويعتق ويتصدق منه، بدئ بالحج فإنّه فريضة، وما بقي جعل في عتق أو صدقة إن شاء الله ».

[٨٩٨٥] ٢ - محمد بن علي بن شهرآشوب في المناقب: امرأة أوصت بثلثها يتصدق به عنها ويحج عنها ويعتق بها، فلم يسع المال، ذلك فسئل أبو حنيفة وسفيان الثوري، فقال كلّ واحد منهما: أنظر إلى رجل منقطع(١) به فيقوى به، ورجل قد سعى في فكاك رقبته فبقي عليه شئ فيعتق، ويتصدق بالبقية، فسأل معاوية بن عمّار أبا عبد اللهعليه‌السلام عن ذلك، فقال: « ابدأ بالحج فإن الحج فريضة، وما بقي فضعه في النوافل » فبلغ ذلك أبا حنيفة فرجع عن مقاله.

__________________

(١) بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٩.

الباب ٢٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

٢ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ٢٥٧.

(١) في المصدر: رجل قد حجّ فقطع.

٢٧

٢١ -( باب استحباب اختيار المشي في الحج على الركوب، والحفاء على الانتعال، إلّا ما استثني)

[٨٩٨٦] ١ - الصدوق في الخصال: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن القسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم، عن أبي عبد الله، عن أبي جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « ما عبد الله بشئ أشدّ من المشي إلى بيته ».

[٨٩٨٧] ٢ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن إبراهيم بن رجاء أخي طربال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « ما عبد الله بشئ مثل الصمت، والمشي إلى بيته ».

وقال الصادقعليه‌السلام : « ما عبد الله بشئ أفضل من المشي إلى بيته ».

وقال في لفظة أُخرى: « ما عبد الله بشئ أفضل من المشي ».

[٨٩٨٨] ٣ - علي بن عيسى الأربلي في كشف الغمة: عن كتاب صفوة الصفوة بسنده عن علي بن زيد بن جدعان، أنه قال: حجّ الحسنعليه‌السلام خمس عشر مرة حجّة ماشياً، وإن النجائب لتقاد (بين يديه)(١) .

__________________

الباب ٢١

١ - الخصال ص ٦٣٠.

٢ - الغايات ص ٧٣.

٣ - كشف الغمة ج ١ ص ٥٥٦.

(١) في المصدر: معه.

٢٨

[٨٩٨٩] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن عبد الله بن عمر، عن ابن عباس، قال: لمّا أُصيب (معاوية، قال)(١) : ما آسي على شئ إلّا على أن أحج ماشيا، ولقد حجّ الحسن بن عليعليهما‌السلام خمسا وعشرين حجة ماشيا، وإن النجائب لتقاد معه.

[٨٩٩٠] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « ما تقرّب إلى الله بشئ، أفضل من المشئ إلى بيت الله على القدمين ».

[٨٩٩١] ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أنه قال: « للحاج الراكب بكلّ خطوة تخطوها راحلته سبعون حسنة، وللحاج الماشي بكلّ خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من حسنات الحرم، قيل: ما حسنات الحرم؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : الحسنة بمئة الف ».

وعن ابن عباس(١) قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يقول: وذكر مثله.

[٨٩٩٢] ٧ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « أن الملائكة يقفون على طريق مكة يتلقون الحاج، فيسلّمون على أهل المحامل، ويصافحون أصحاب الرواحل، ويعتنقون المشاة اعتناقا ».

[٨٩٩٣] ٨ - وروي: أن الحجة الواحدة ماشيا، تعدل سبعين حجة

__________________

٤ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ١٤.

(١) في المخطوط « الحسنعليه‌السلام ، قال معاوية »، وما أثبتناه من المصدر.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٥٢ ح ١١.

٦ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٨٦ ح ٢٣٤.

(١) نفس المصدر ج ٤ ص ٢٩ ح ٩٦.

٧ - عوالي اللآلي ج ٤ ص ٢٨ ح ٩٢.

٨ - عوالي اللآلي ج ٤ ص ٢٩ ح ٩٤.

٢٩

راكبا.

[٨٩٩٩٤] ٩ - السيد علي بن طاووس في كتاب فرج المهموم: عن كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري، بإسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « خرج الحسين بن عليعليهما‌السلام إلى مكة سنة ماشيا فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت ليسكن عنك هذا الورم، فقال: كلا، إذا أتينا هذا المنزل فإنّه يستقبلك أسود ومعه دهن، فاشتره منه ولا تماكسه » الخبر.

[٨٩٩٥] ١٠ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن إبراهيم بن الأدهم وفتح الموصلي، قال كلّ واحد منهما: كنت أسيح في البادية مع القافلة، فعرضت لي حاجة فتنحيّت عن القافلة، فإذا أنا بصبي يمشي، فقلت: سبحان الله، بادية بيداء وصبي يمشي!، فدنوت منه وسلّمت عليه، فردّ عليّ السلام، فقلت له: إلى أين؟ قال: « أريد بيت ربّي » فقلت: حبيبي إنّك صبي ليس عليك فرض ولا سنة، فقال: « يا شيخ ما رأيت من هو أصغر سنّا مني مات؟ فقلت: أين الزاد والراحلة؟ فقال: « زادي تقواي، وراحلتي رجلاي، وقصدي مولاي » إلى أن ذكر أنّه كان علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام .

[٨٩٩٦] ١١ - وعن عبد الله بن المبارك قال: حججت بعض السنين إلى مكة، فبينما أنا سائر في عرض الحاج، وإذا صبي سباعي أو ثماني، وهو يسير في ناحية من الحاج بلا زاد ولا راحلة، فتقدمت إليه وسلّمت

__________________

٩ - فرج المهموم ص ٢٢٦.

١٠ - المناقب لابن آشوب ج ٤ ص ١٣٧.

١١ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ١٥٥.

٣٠

عليه، وقلت له: مع من قطعت البر؟ قال: « مع البار » فكبر في عني فقلت: يا ولدي أين زادك وراحلتك فقال: « زادي تقواي، وراحلتي رجلاي، وقصدي مولاي » فعظم في نفسي - إلى أن قال - إلى أن اتيت مكة فقضيت حجي، ورجعت فأتيت الأبطح فإذا بحلقة مستديرة، فاطلعت لأنظر من بها فإذا هو بصاحبي، فسألت عنه، فقيل: هذا زين العابدينعليه‌السلام .

[٨٩٩٧] ١٢ - الصدوق في كمال الدين: عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن أبي القسم جعفر بن أحمد العلوي الرقي العريضي، عن أبي الحسن علي بن أحمد العقيقي، قال حدثني أبو نعيم الأنصاري الزيدي، قال: كنت بمكة عند المستجار، وجماعة من المقصّرة منهم: المحمودي، وعلان الكليني، وأبو الهيثم الديناري، وأبو جعفر الأحول الهمداني، زهاء ثلاثين رجلا، ولم يكن فيهم مخلص علمته غير (محمد بن القاسم العلوي)(١) فبينا نحن كذلك في اليوم السادس من ذي الحجة، سنة ثلاث وتسعين ومائتين من الهجرة، إذ خرج علينا شاب من الطواف عليه إزار محرم وفي يده نعلان، فلما رأيناه قمنا جميعا هيبة له، فلم يبق منّا أحد إلّا قام وسلّم عليه - وساق الخبر وهو طويل، وفيه - أنّه رآه أيضا في عشية عرفة، وأنّه قال فسألت عن القوم الذين كانوا حوله: أتعرفون هذا العلوي؟ فقالوا: إنه(٢) يحج معنا في كلّ سنة ماشيا. وفي آخر، الخبر أنّه كان صاحب الزمانعليه‌السلام .

__________________

١٢ - إكمال الدين ص ٤٧٠ ح ٢٤.

(١) كان في المخطوط: محمد بن القاسم العلوي العقيقي، والصحيح أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال « راجع معجم رجال الحديث ج ١٧ ص ١٦٥ ».

(٢) في المصدر: نعم.

٣١

ورواه أيضا عن عمار بن الحسين بن إسحاق الأشروسي، عن أبي العباس أحمد بن الخضر، عن أبي الحسين محمد بن عبد الله الإسكافي، عن (سليم، عن أبي)(٣) نعيم الأنصاري، قال: كنت بالمستجار الخبر(٤) .

ورواه أيضاً: عن أبي بكر محمد بن محمد بن علي بن محمد بن حاتم، عن أبي الحسين عبيد الله بن محمد بن جعفر القصباني البغدادي، عن أبي محمد علي بن أحمد بن الحسين الهمداني(٥) عن أبي جعفر محمد بن علي المنقدي الحسني بمكة، قال: كنت بالمستجار الخ.

ورواه الطبري في الدلائل: بسنده، كما تقدم في أبواب التعقيب من كتاب الصلاة(٦) ، ويأتي عن الكافي أيضا مسندا، أنّهعليه‌السلام يحج في كلّ سنة ماشيا(٧) .

٢٢ -( باب من نذر الحج ماشيا أو حافيا أو حلف عليه وجب، فإن عجز أجزأه أن يحج راكبا ويسوق بدنة استحبابا، وأنّ كلّ من نذر شيئاً وعجز سقط عنه)

[٨٩٩٨] ١ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن رجل

__________________

(٣) في المخطوط « سلمان بن » وما أثبتناه من المصدر، ويؤيده صدر الحديث.

(٤) نفس المصدر ص ٤٨٢.

(٥) في المصدر: الماذرائي، وفي نسخة المادرائي.

(٦) دلائل الإمامة ص ٢٩٨.

(٧) يأتي في باب استحباب الحج والعمرة عينا في كلّ عام وادمانهما الحديث ٢ عن الكافي ج ١ ص ٣٦٨ ح ١٥.

الباب ٢٢

١ - بل كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٣.

٣٢

حلف ليحجنّ ماشيا، فعجز عن ذلك ولم يطقه، قال: « فليركب وليسق هديا ».

[٨٩٩٩] ٢ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن عبد الله الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « أيما رجل(١) نذر أن يمشي إلى بيت الله ثم عجز عن المشي، فليركب وليسق بدنة إذ عرف الله منه الجهد ».

٢٣ -( باب أن من نذر الحج ماشيا فمرّ في المعبر، فعليه القيام فيه)

[٩٠٠٠] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، أنه سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمر بالمعابر، فقال: « ليقف بالمعابر قائما حتى يجوز ».

٢٤ -( باب استحباب التطوّع بالحج والعمرة، مع عدم الوجوب)

[٩٠٠١] ١ - الجعفريات بالإسناد المتقدم: عن عليعليه‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ وهو يقول وهو يتبع

__________________

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

(١) في المصدر: ناذر.

الباب ٢٣

١ - الجعفريات ص ٧٠.

الباب ٢٤

١ - الجعفريات ص ٦٦.

٣٣

قطار حاج يقول: لا يرفع خفّا إلّا كتب له حسنة، ولا يضع خفّا إلّا محيت عنه سيئة، وإذا قضوا مناسكهم قيل لهم: بنيتم بنيانا فلا تنقضوه، كفيتم ما مضى فأحسنوا فيما تستقبلون ».

[٩٠٠٢] ٢ - وبهذا الإسناد عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « حدثني أبي أن أبا ذر قال: دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ في مرضه الذي قبض فيه، فسندته فكان متسانداً إلى صدري، فدخل علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ادن إليّ علياًعليه‌السلام فأتساند إليه فإنّه أحقّ بذلك منك، فقال: فقمت وجزعت من ذلك جزعا شديدا، فقال: يا أبا ذر إجلس بين يدي، اعقد بيدك: من ختم له بشهادة أن لا اله إلّا الله دخل الجنة - إلى أن قال - ومن ختم له بحجة، دخل الجنة ومن ختم له بعمرة دخل الجنة » الخبر.

[٩٠٠٣] ٣ - وبهذا الإسناد قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما أملق حاج » أي ما افتقر.

[٩٠٠٤] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وروي: أن مناديا ينادي بالحاج إذا قضوا مناسكهم: قد غفر لكم ما مضى فاستأنفوا العمل ».

« وروي: أن حجّة مقبولة خير من الدنيا بما فيها ».

[٩٠٠٥] ٥ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال:

__________________

٢ - الجعفريات ص ٢١٢.

٣ - الجعفريات ص ٦٥.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٥ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٣.

٣٤

« ما سبيل من سبل الله أفضل من الحج، إلّا رجل يخرج بسيفه فيجاهد في سبيل الله حتى يستشهد ».

[٩٠٠٦] ٦ - وعن عليعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، لمّا حجّ حجة الوداع وقف بعرفة فأقبل على الناس بوجهه وقال: مرحباً بوفد الله - ثلاث مرّات - الذين إن سألوا أُعطوا، وتخلف نفقاتهم، ويجعل لهم في الآخرة بكلّ درهم ألف من الحسنات، ثم قال: يا أيها الناس ألا أُبشركم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إنه إذا كانت هذه العشية باهى الله بأهل هذا الموقف الملائكة، فيقول [ يا ملائكتي ](١) أُنظروا إلى عبيدي(٢) وإمائي أتوني من أطراف الأرض، شعثا غبرا، هل تعلمون ما يسألون؟ فيقولون: ربّنا يسألونك المغفرة، فيقول: أُشهدكم أنّي قد غفرت لهم، فانصرفوا من موقفكم مغفورا لكم [ ما سلف ](٣) ».

[٩٠٠٧] ٧ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ضمان الحاج المؤمن على الله، إن مات في سفره أدخله الجنة، وإن ردّه إلى أهله لم يكتب عليه ذنب بعد وصوله إلى (منزله بسبعين)(١) ليلة ».

[٩٠٠٨] ٨ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : الحاج ثلاثة: أفضلهم نصيباً

__________________

٦ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) وفيه: عبادي.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٧ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٤.

(١) في المصدر: أهله إلى منتهى سبعين.

٨ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٤.

٣٥

رجل غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، والذي يليه رجل عفر له ما تقدم من ذنبه ويستأنف العمل، والثالث - وهو أقلّهم حظاً - رجل حفظ في أهله وماله ».

[٩٠٠٩] ٩ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الحاج ثلاثة أثلاث: فثلث يعتقون من النار لا يرجع الله عزّوجلّ في عتقهم، وثلث يستأنفون العمل قد غفرت لهم ذنوبهم الماضية، وثلث تخلف عليهم نفقاتهم ويعافون في أنفسهم وأهليهم ».

[٩٠١٠] ١٠ - وعن عليعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « العمرة إلى العمرة كفّارة ما بينهما، والحجّة المتقبّلة ثوابها الجنة، ومن الذنوب ذنوب لا تغفر إلّا بعرفات ».

[٩٠١١] ١١ - وعنه (صلوات الله عليه)، أنه نظر إلى قطار جمال للحجيج، فقال « لا ترفع خفّا إلّا كتبت لهم حسنة، ولا تضع خفّا(١) إلّا محيت عنهم(٢) سيئة، وإذا قضوا مناسكهم قيل لهم: بنيتم بناء فلا تهدموه، كفيتم ما مضى، فأحسنوا فيما تستقبلون ».

[٩٠١٢] ١٢ - وعن عليعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: من أراد دنيا أو آخرة فليؤمّ هذا البيت ما أتاه عبد فسأل الله دنيا إلّا أعطاه منها، أو سأله آخرة إلّا ذخر له منها » الخبر.

__________________

٩ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٤.

١٠ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٤.

١١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٤.

(١، ٢) ليس في المصدر.

١٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٥.

٣٦

[٩٠١٣] ١٣ - كتاب حسين بن عثمان: عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ليس من وجه يتوجه فيه الناس إلّا للدنيا، إلّا الحج ».

[٩٠١٤] ١٤ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « أفضل الأعمال ايمان لا شك فيه، وغزو لا غلول فيه، وحجّ مبرور ».

[٩٠١٥] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من خرج في هذا الوجه في حجة أو عمرة فمات، لم يعرض ولم يحاسب، وقيل له: أُدخل الجنة ».

[٩٠١٦] ١٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « الحجّاج والعمّار وفد الله، يعطيهم ما سألوا، ويستجيب دعاءهم، ويخلف نفقاتهم ».

[٩٠١٧] ١٧ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن عبد الخالق الصيقل، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن قول الله:( وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا ) (١) فقال: « لقد سألتني عن شئ ما سألني عنه [ أحد ](٢) إلّا ما شاء الله، ثم قال: إن من أمّ هذا البيت، وهو يعلم أنه البيت الذي أمر الله به، وعرفنا أهل البيت حق معرفتنا، كان آمنا في الدنيا والآخرة ».

__________________

١٣ - كتاب حسين بن عثمان ص ١١٣.

١٤، ١٥ - لب الباب: مخطوط.

١٦ - لب الباب: مخطوط.

١٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٨٩ ح ١٠٦.

(١) آل عمران ٣: ٩٧.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣٧

[٩٠١٨] ١٨ - وعن جعفر بن أحمد قال: روى أصحابنا: قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام : لم صار الحاج لا يكتب عليه [ ذنب ](١) أربعة أشهر؟ قال: « إن الله جلّ كره آمن المشركين، فقال:( فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) (٢) ولم يكن يقصّر بوفده عن ذلك ».

[٩٠١٩] ١٩ - الصدوق في الأمالي وفضائل الأشهر الثلاثة: عن صالح بن عيسى العجلي، عن محمد بن علي بن علي، عن محمد بن الصلت، عن محمد بن بكير، عن عباد بن عباد المهلبي، عن سعد بن عبد الله، عن هلال بن عبد الله(١) ، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب، عن عبد الرحمن بن سمرة(٢) ، قال: كنّا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يوما فقال: [ إني ](٣) رأيت البارحة عجائب [ قال ](٤) فقلنا: يا رسول الله وما رأيت حدثنا [ به ](٥) فداك أنفسنا وأهلونا وأولادنا - إلى أن قال - قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « رأيت رجلا من أُمتي من(٦) من بين يديه ظلمة، ومن خلفه ظلمة، وعن يمينه ظلمة، وعن شماله ظلمة، ومن تحته ظلمة، مستنقعا في الظلمة،

__________________

١٨ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٧٥ ح ١١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) التوبة ٩: ٢.

١٩ - أمالي الصدوق ص ١٩١ ح ١، وفضائل الأشهر الثلاثة ص ١١٢ ح ١٠٧.

(١) في الأمالي: عبد الرحمن.

(٢) في الفضائل: هبيرة.

(٣) أثبتناه من الأمالي.

(٤) أثبتناه من المصدرين.

(٥) أثبتناه من الأمالي.

(٦) ليس في الأمالي.

٣٨

فجاءه حجه وعمرته، فأخرجاه من الظلمة وأدخلاه في(٧) النور » الخبر.

[٩٠٢٠] ٢٠ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « حجّوا قبل أن لا تحجوا، فقد انهدم مرّتين، وفي الثالثة يرفع من بين أظهركم ».

[٩٠٢١] ٢١ - وعن وهب بن منبه، أنّه قال: مكتوب في التوراة: إن الله تعالى يبعث يوم القيامة سبعمائة الف ملك، ومعهم سلاسل من الذهب ليأتوا بالكعبة إلى عرصات القيامة، فيأتون بها بسلاسل الذهب إلى موقف القيامة، فيقول لها ملك: يا كعبة الله سيري، فتقول: لا أذهب حتى تقضى حاجتي، فيقول: ما حاجتك؟ - إلى أن قال - فيقول: يا كعبة الله سيري، فتقول: لا أذهب حتى تقضى حاجتي، فيقول: ما حاجتك؟ سلي حتى تعطي، فتقول: إلهي، عبادك العصاة أتوا إليّ من كلّ فج، عميق شعثا غبرا، وخلّفوا أهليهم وأولادهم وبيوتهم، وودّعوا أحباءهم وأصحابهم لزيارتي، وأداء المناسك كما أمرت، إلهي فاشفع لهم لتأمنهم من الفزع الأكبر، فاقبل شفاعتي، واجعلهم في كنفي، فينادي ملك: إنّ فيهم أصحاب الكبائر والمصرين على الذنوب، المستحقين النار، فتقول الكعبة: انا اشفع في أهل الكبائر، فيقول الله تعالى: قبلت شفاعتك وقضيت حاجتك، فينادي ملك: ألا من كان من أهل الكعبة فليخرج من بين أهل الجمع، فيخرج جميع الحاج من بينهم ويحتوشون الكعبة، بيض الوجوه آمنون من الجحيم، يطوفون (حول الكعبة)(١) وينادون لبيّك، فينادي

__________________

(٧) ليس في المصدرين.

٢٠ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٦١١.

٢١ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٦٠٩.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٣٩

ملك: يا كعبة الله سيري، فتسير الكعبة وتنادي: لبيّك اللهم لبيك، (لبيك)(٢) إن الحمد والملك والنعمة لك لا شريك لك لبيك، وأهلها يتبعونها.

[٩٠٢٢] ٢٢ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: فيما رواه عن الشهيد، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من حجّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « الحج المبرور ليس له جزاء إلّا الجنة »(١) .

[٩٠٢٣] ٢٣ - وفيه: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « إنما الحاج الشعث الغبر، يقول الله لملائكته: انظروا إلى زوّار بيتي، قد جاؤوني شعثا غبرا من كلّ فج عميق ».

[٩٠٢٤] ٢٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « تابعوا بين الحج والعمرة، فإنّهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ».

وفي درر اللآلي: عن شقيق بن عبد الله، عنه: مثله، وزاد بعد الحديد: « والذهب والفضة، وليس لحجة مبرورة جزاء إلّا الجنة ».

[٩٠٢٥] ٢٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « وفد الله ثلاثة: الحاج، والمعتمر والغازي، دعاهم الله فأجابوه، وسألوه فأعطاهم ».

__________________

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٢٦ ح ١١٣.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٤٢٧ ح ١١٤.

٢٣ - عوالي اللآلي ج ٤ ص ٣٦ ح ١٢٣.

٢٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٣ ح ٢٤٩.

٢٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٨.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

في الاستمرار بمسيرتها نحو هدفها السماوي الذي فرضه الله سبحانه وتعالى وقد عمل الإمام على هذا المحور بعد وفاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مباشرة ، كما عبّر عن مسؤوليته تجاه هذا الأمر بقولهعليه‌السلام :(لو لا حضور الحاضر وقيام الحجّة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم ؛ لألقيت حبلها على غاربها) (١) .

فحاول الإمامعليه‌السلام تعبئة الأمة ، ولكنّه لم يتمكّن أن يصل إلى حدّ إنجاح هذه المحاولة لأسباب منها :

١ ـ عدم وعي الأمة لرزيّة يوم السقيفة وما جرى فيها من مؤامرات سياسية وتوجّها خاطئة كانت خافية على شريحة كبيرة من الأمة .

٢ ـ عدم فهم دور ومسؤولية الإمام والإمامة ، فقد تصوّروه مطلباً شخصياً وهدفاً فردياً ، ولكنّ الحقيقة أنّ دخول الإمام في مواجهة الحاكمين كان بوعي رسالي وإرادة صادقة لاستمرار الرّسالة الإسلامية نقيةً كما شرّعها الله بعيدةً عن الزيغ والانحراف ، ومضحّياً بكلّ شيء من أجل ذلك حتى لو كان ذلك تعدّياً على حقّ الشخصيّ ، فالمقياس هو سلامة الرسالة وديمومتها على أسس الحقّ والعدل الإلهي وهو القائل :(إعرف الحقّ تعرف أهله) (٢) وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ) (٣) .

كما أنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام عمل بشمولية وعلى جميع المستويات موفّقاً بين النظرية والتطبيق ، فربّى أصحابه على أنّهم أصحاب الأهداف الرسالية لا أصحاب الأشخاص يميلون مع هذا الطرف أو ذاك، ونجد أنّ الإمام رفض أن يستلم الحكم بشرط السير بسيرة من قبله ، إذ كانت تسيء إلى الرسالة والمجتمع .

٣ ـ الرواسب الجاهلية المتأصّلة في فكر الأمة ، فالعهد قريب ولم تدرك الأمة عمق الرسالة والرسول ودور الإمام ، فتصوّروا أنّ عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالوصاية للإمامعليه‌السلام مجرّد عملية ترشيح لأحد أعضاء أسرته ، وإنّه قد يهدف لإحياء أمجاد أسرة متطلّعة للمجد والسلطان كما هو دأب غالب الحكّام قبل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعده .

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة : الخطبة الشقشقية .

(٢) بحار الأنوار : ٦ / ١٧٩ ط الوفاء .

(٣) راجع سنن الترمذي : ٢ / ٢٩٨ وتاريخ بغداد : ١٤ / ٣٢١ .

١٦١

٤ ـ دور المنافقين وأطماعهم في زعزعة الاستقرار الأمني والاجتماعي ، ومحاولة إثارة النوازع والأحقاد بين صفوف المسلمين ، وتغلغلهم في صفوف الجهاز الحاكم والدولة ويزدادون توغّلاً إذا كان الحاكم ضعيفاً أو منحرفاً .

٥ ـ الأمراض النفسية لدى المتصدّين للزعامة ، فكان الشعور بالنقص لديهم تجاه الإمام عليّعليه‌السلام بدرجة عالية ، حيث كان الإمامعليه‌السلام يمثّل تحدّياً بوجوده ، بصدقه ، بجهاده ، بصراحته ، باستبساله وشبابه (كما ورد في كتاب معاوية لمحمد ابن أبي بكر)(١) .

المحور الثاني : وحين لم يفلح المحور الأوّل في بلوغ هدفه عمل الإمامعليه‌السلام بمنهجية أخرى ، ألا وهي تحصين الأمة ضد الانهيار التامّ وإعطاؤها من المقوّمات القدر الكافي كي تتمكّن من البقاء صامدة في مواجهة المحنة بعد استيلاء فئة غير كفوءة على السلطة وانحدار الأمة عن جادّة الحقّ والصواب بسببها .

فاجتهد الإمامعليه‌السلام في تعميق الرسالة فكرياً وروحياً وسياسياً في صفوف الأمة ، وتقديم الوجه الحقيقي للنظرية الإسلامية عبر أساليب منها :

١ ـ التدخّل الإيجابي في عمل الزعامة المنحرفة بعد أن كانوا لا يحسنون مواجهة ومعالجة القضايا الكثيرة البسيطة منها والمعقدة وتوجيههم نحو المسار الصحيح لإنقاذ الأمة من مزيد الضياع ، فكان دور الإمامعليه‌السلام دور الرقيب الرسالي الذي يتدخّل لتقويم الأود.

ونجد الإمام يتدخّل للردّ على شبهات المنكرين للرسالة بعد أن عجز

ــــــــــــ

(١) وقعة صفّين : ١١٩ .

١٦٢

المتصدّي للزعامة عن ذلك ، ونجده أيضاً يتدخّل ليعطي للخليفة نصائح عسكرية أو اقتصادية ، وما أكثر نصائحه ومعالجاته القضائية(١) !

٢ ـ توجيه مسار سياسة الخليفة ومنعها من المزيد من الانحراف من خلال الوعظ والنصيحة ، وبدا هذا الأسلوب جليّاً في عهد عثمان بن عفان حيث كان لا يقبل التوجيه والنصيحة .

٣ ـ تقديم المثل الأعلى للإسلام والصورة الحقيقية لطبيعة وشكل الحكم والمجتمع الإسلامي ، وقد ظهر هذا واضحاً في فترة حكومة الإمامعليه‌السلام ، وعلى هذا الأساس استند قبول الإمام للحكم بعد أن رفضه ، فقد مارس دور القائد السياسي المحنّك والحاكم العادل ونموذج الإنسان الذي صاغته الرسالة الإسلامية وكان مثالاً يُحتذى به لبلوغ هدف الرسالة ، فهو المعصوم عن الخطأ والزلل والدنس في الفكر والعمل والسيرة .

٤ ـ تربية وبناء ثلّة صالحة من المسلمين تُعين الإمامعليه‌السلام في حركته الإصلاحية والتغييرية ، وذلك عبر تحرّكها في وسط الأمة لإنضاج أفكارها وتوسيع قاعدة الفئة الواعية الصالحة ، وتستمر في مسيرها عبر التأريخ لتتواصل الأجيال اللاحقة في العمل وفق النهج الإسلامي(٢) .

٥ ـ إحياء سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتنبيه عليها وتدوينها والاهتمام بالقرآن تلاوةً وحفظاً وتفسيراً وتدويناً ، إذ هما عماد الشريعة، ولابدّ أن تدرك الأمة حقائق القرآن والسنّة كما شُرّعت وكما أريد لها أن تفهمها .

الثقافة الإسلامية في حكم الخلفاء(*) :

من أخطر المشاكل التي تواجهها الرسالات والعقائد هو تصدّي الفئات

ــــــــــــ

(١) تأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٣٣ ، ١٤٥ .

(٢) أهل البيت تنوّع أدوار ووحدة هدف للشهيد السيد محمّد باقر الصدر : ٥٩ ـ ٦٩ .

(*) للمزيد من التفصيل راجع معالم المدرستين للسيد مرتضى العسكري : ٢ / ٤٣ .

١٦٣

العاجزة والفارغة فكرياً للدفاع عنها أو تطبيقها ، وحين يتعرّض المتصدّون للزعامة للاختبار لمعرفة رأي الرسالة ومدى علمهم بها فإنّ سكوتهم أو اختلافهم سيزرع شكّاً لدى الجماهير ويزعزع ثقتهم بالرسالة ومقدرتها على مجاراة الحياة ، ومن ثَمّ يتحوّل الشكّ إلى حالة مرضية تجعل الأمة تتقاعس عن التفاعل مع الرسالة أو الدفاع عنها في معترك الصراعات وخضمّ الأزمات ، ومن هنا نجد تصدّي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكلّ قضيّة غامضة أو مجهولة تبدو هنا أو هناك في حياة الأمة حيث يعطي الموقف الواضح للرسالة منها ، كما ترى ذلك جليّاً في سيرة الإمام عليّعليه‌السلام من بعده خلال حكم الخلفاء الثلاثة حين كان يظهر للناس عجزهم وقصورهم العلمي والعملي ، إذ فسحعليه‌السلام المجال إلى أقصاه للبحث والسؤال عندما تسلّم زمام الحكم.

وحين أدركت الفئة الحاكمة أنّها ليست المؤهّلة للحكم وأنّها قاصرة علمياً ؛ اتّخذت عدّة إجراءات لمعالجة هذه المثالب منها :

١ ـ منع نشر أحاديث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما فيها من التوجيه العلمي والبعث نحو الوعي والفاعلية في الحياة ، إضافةً إلى أنّ أحاديث الرسول تعلن بوضوح أنّ أهل البيت هم المعنيّون بالخلافة وشؤون الرسالة دون من عداهم ، ومن هنا نعلم السرّ في رفع شعار (حسبنا كتاب الله) الذي تحدّى قائله به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه عندما أراد أن يدوّن كتاباً لن تضلّ الأمة من بعده .

ويبدو أنّ ظاهرة تحديد أو منع نشر أحاديث النبيّ بدأت قبل هذا التأريخ ، وذلك عندما منعت قريش عبد الله بن عمرو بن العاص بن كتابة الأحاديث(١) ، كما قامت السلطة الحاكمة بحرق الكتب التي تضمّنت نصوصاً من أحاديث الرسول(٢) .

ــــــــــــ

(١) سنن الدارمي : ١ / ١٢٥ ، وسنن أبي داود : ٢ / ٢٦٢ ، ومسند أحمد : ٢ / ١٦٢ وتذكرة الحفّاظ : ١ / ٢ .

(٢) طبقات ابن سعد : ٥/ ١٤٠ ط ، بيروت .

١٦٤

٢ ـ إنّ ظاهرة النهي عن السؤال عمّا لا يُعلم من معاني الآيات القرآنية تعني تجريد الأمة من سلاح البحث والتحقيق والتعلّم للقرآن نفسه بعد عزل السنّة عن القرآن ، والاهتمام بظواهر القرآن من دون فسح المجال للتدبّر والتفقّه في آياته وأحكامه حتى أوصى عمر عمّاله قائلاً : (جرّدوا القرآن وأقلّوا الرواية عن محمّد وأنا شريككم) بل إنّه عاقب كلّ من يسأل عن تفسير آيات القرآن(١) .

٣ ـ فتح باب الاجتهاد في مقابل النصّ ، فقد اجتهد أبو بكر في جملة من الأحكام من دون أن يستند إلى نصّ قرآني أو حديث عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومن ذلك مصادرة تركة النبيّ ومنع أهل البيت من حقّهم في الخمس ، وإحراقه الفجاءة السلمي(٢) وفتواه في مسألة الكلالة(٣) وفتواه في إرث الجدّة(٤) ، كما اجتهد عمر بن الخطّاب في التمييز في العطاء خلافاً لسنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) واجتهد في منع متعتي الحجّ والنساء وغيرها ممّا تجده في كتاب (النصّ والاجتهاد)(٦) ، وقد اجتهد عثمان بن عفّان في إسقاط القود عن عبيد الله بن عمر(٧) وتأوّل في جملة من الأحكام الصريحة خلافاً لما قرّره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى ثار عليه المسلمون كما عرفت .

كلّ هذه الأمور وغيرها أثارت للدولة الإسلامية وللأمة المسلمة الكثير من المصاعب والمصائب التي كانت السبب الرئيس في انحراف المسيرة المقرّرة للرسالة الإسلامية ووقوع الكثيرين في شِباك الفتن والضلالة حتى قال الإمام عليّعليه‌السلام عن ذلك :

ــــــــــــ

(١) تاريخ ابن كثير : ٨ / ١٠٧ ، وسنن الدارمي : ١ / ٥٤ ، وتفسير الطبري : ٣ / ٣٨ والإتقان للسيوطي : ١ / ١١٥.

(٢) تأريخ الطبري : ٢ / ٤٤٨ ط مؤسسة الأعلمي .

(٣) سنن الدارمي : ٢ / ٣٦٥ ، والسنن الكبرى للبيهقي : ٦ / ٢٢٣ .

(٤) سنن الدارمي : ٢ / ٣٥٩ ، واُسد الغابة : ٣ / ٢٩٩ .

(٥) فتوح البلدان : ص ٥٥ ، وتأريخ الخلفاء للسيوطي : ١٣٦ .

(٦) كنز العمال : ١٦ / ٥١٩ الحديث ٤٥٧١٥ ، وزاد المعاد لابن القيم : ٢ / ٢٠٥ ز

(٧) راجع منهاج السنّة لابن تيمية : ٣ / ١٩٣ ، وهناك اجتهادات كثيرة للخلفاء تذكرها كتب التأريخ .

١٦٥

(إنّما بدء وقوع الفتن أهواء تتّبع وأحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب الله ، ويتولّى عليها رجالٌ رجالاً على غير دين الله ، فلو أنّ الباطل خلص من مزاج الحقّ ؛ لم يخف على المرتادين ، ولو أنّ الحقّ خلص من لبس الباطل ، انقطعت عنه ألسن المعاندين ، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه ، وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى)(١) .

جهود الإمامعليه‌السلام في إحياء الشريعة الإسلامية :

كان الإمام عليّعليه‌السلام يرى أن من أوليّات مهامّه بعد غياب الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو صيانة الشريعة المقدسة من الزيغ والانحراف ورعاية شؤون الدّولة الإسلامية حتى تستمر من دون تلكؤ أو توقّف ، وقد بذل جهده في ذلك أثناء حكم الخلفاء متغاضياً بمرارة وألم عن حقّه في إدارة شؤون الأمة مباشرة ، وما أن أمسك زمام الحكم ؛ حتى خطا خطوات عظيمة في إحياء سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي الدعوة إلى الحياة في ظلّها ، واهتم اهتماماً كبيراً بالقرآن الكريم وتفسيره وتربية الأمة وإصلاح الفساد أَينما وجد ، ويمكننا أن نلحظ الخطوات التي قام بها الإمام عليّعليه‌السلام كما يلي :

١ ـ فتح باب الحوار والسؤال عن القرآن والسنّة وكلّ ما يتعلّق بالشريعة المقدّسة أمام الجماهير المسلمة وبصورة علنية وعامّة من دون أن يتردّد حتى في جواب مخالفيه وأعدائه الحاقدين عليه .

٢ ـ الاهتمام بالقرّاء مراعياً لشؤونهم ومتّبعاً فيهم سنّة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في التعليم ، فكان تعليم قراءة القرآن مقروناً بتعلّم ومعرفة ما فيه من العلم والعمل والتفقّه في أحكام الدين .

ــــــــــــ

(١) نهج البلاغة : الخطبة (٥٠) .

١٦٦

٣ ـ الاهتمام بقراءة المسلمين من غير العرب ، أو من الذين لا يحسنون اللغة العربية بصورة صحيحة ، فوضع علم النحو لتقويم اللسان عن اللحن في الكلام(١) .

٤ ـ دعا الإمامعليه‌السلام إلى رواية السنّة النبوية وتدوينها ومدارستها ، فكان يقول :(قيّدوا العلم بالكتابة) (٢) وأمرعليه‌السلام بالبحث في علوم السنّة فيقول :(تزاوروا وتدارسوا الحديث ولا تتركوه يدرس) (٣) .

٥ ـ ركّز الإمام على مصدرية القرآن والسنّة في التشريع والأحكام ، وأدان المصادر الأخرى كالاستحسان والقياس وغيرهما ممّا لا يكون مصدراً شرعياً للأحكام الإلهية(٤) .

كما أنّ الإمامعليه‌السلام أحيى سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سيرته العبادية والأخلاقية ، فعالج البدع التي طرأت على الشريعة نتيجة اجتهاد وإبداع من سبقه من الخلفاء(٥) .

٦ ـ استطاع الإمام أن يبني ثلّةً صالحةً من المؤمنين تتحرّك في المجتمع الإسلامي للمساهمة في قيادة التجربة الإسلامية والمحافظة على المجتمع الإسلامي .

ويبدو أنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام بدأ عملياً في هذا المسار منذ حياة الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبأمر منه ، فنجد أن النبيّ كان يُوكل مهمّة تعهّد ورعاية من يجد فيهم الرغبة والوعي في التحرك الإسلامي إلى الإمام عليعليه‌السلام ، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحثّ على التمسّك في العمل بخط عليّ حتى تكوّنت جماعة عرفت بشيعة عليّ في حياة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثل : عمار بن ياسر ، وسلمان الفارسي ، وأبي ذر ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، والمقداد بن الأسود ، وعبد الله بن عباس ، ممّن ثبتوا على هذا الخطّ رغم كلّ الظروف الصعبة التي مرّت بها التجربة الإسلامية بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وحين استلم أمير المؤمنينعليه‌السلام الخلافة ؛ احتفّت به جماعة من المؤمنين الأوفياء الأشدّاء ، فازداد الإمامعليه‌السلام اعتناءً بهم وأعدّهم إعداداً رسالياً خاصاً ، وأودعهم علوماً شتّى في مختلف نواحي الحياة ،

ــــــــــــ

(١) الأغاني : ١٢ / ١٣ ، الفهرست لابن النديم : ٥٩ ، وفيات الأعيان ك ٢ / ٢١٦ ، والبداية والنهاية ك ٨ / ٣١٢ .

(٢) الطبقات الكبرى : ٦ / ١٨٦ ، وتدوين السنّة الشريفة للسيد الجلالي : ١٣٧ .

(٣) كنز العمال ك ١٠ حديث ٢٩٥٢٢ .

(٤) نهج البلاغة : الخطبة (١٢٥) .

(٥) صحيح مسلم : كتاب صلاة التراويح ، ومسند أحمد : ٥ / ٤٠٦ ، وصحيح البخاري : كتاب الخمس : باب ٥ / حديث ٢٩٤٤ ، وسنن أبي داود : ٢ / حديث ١٦٢٢ .

١٦٧

وقام هؤلاء الصحابة الأجلاّء بدورهم في دعم الرسالة الإسلامية ومساندة الإمامة والمحافظة على الشريعة من الزيغ والانحراف والاندثار ، فكانت مواقفهم رائعة وبطولية مقابل الحكّام الطواغيت والمتسلّطين بغير حقّ على أمور المسلمين ، ومن هؤلاء : مالك الأشتر ، كميل بن زياد النخعي ، محمد بن أبي بكر ، حجر بن عدي ، عمرو بن الحمق الخزاعي ، صعصعة بن صوحان العبدي ، رشيد الهجري ، هاشم المرقال ، قنبر ، سهل بن حُنيف وغيرهم .

الفصل الثاني: الإمام عليعليه‌السلام مع الناكثين(*)

مثيروا الفتن :

كانت بيعة الناس لأمير المؤمنينعليه‌السلام بمنزلة صاعقة حلّت بقريش وكلّ من يكنّ العداء للإسلام ، فحكومة الإمام هي امتداد لحكومة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي أذلّت الظلم والعدوان والبغي ، وجاءت بالعدل والمساواة والحقّ والفضيلة ، وحطّمت المصالح الاقتصادية القائمة على الربا والاحتكار والاستغلال ، فعزّ على كثير من كبار قريش أن يكونوا على قدم المساواة مع أيّ مواطن آخر من أيّ فئة كانت في حكومة الإمام عليّعليه‌السلام الذي طالت إصلاحاته ولاة عثمان .

وقد كان كلّ من طلحة والزبير يرى نفسه قريناً لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، بعدما رشّحهما عمر للخلافة فكان يتوقّع كلّ منهما أن يلي حكومة جزء كبير من البلاد الإسلامية على أقلّ تقدير ، وكان لعائشة المقام المرموق لدى الخلفاء السابقين حيث كانت تتحدّث كما تشاء ، وهي الآن تعلم أن لا مجال لها في حكومة تعتمد القرآن والسنّة مصدراً ودستوراً للتشريع والتنفيذ .

وكان معاوية يتصرّف في الشام تصرّف الحاكم المطلق المتفرّد والمطامع في السيادة الإسلامية العظمى جادّاً في تولّي أمور الأمة الإسلامية بصورة تامّة ، فكانت المفاجأة لجميع هؤلاء بقرارات الإمام وتخطيطه للإصلاح الشامل إضافةً إلى تضرّر مجموعة أو مجموعات كانت تستغل مناصبها في عهد عثمان وهي الآن قد فقدت مصدر ثرواتها ، فإنّ وجود الإمام في قمّة السلطة كان يُعدّ تهديداً صارخاً للخطّ القبلي المنحرف الذي سارت عليه قريش لأنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام قد عرف بأنّه القادر على رفع راية الإسلام الحق من دون أن تأخذه في الله لومة لائم ، ولهذا فهو سيكشف زيف الخطّ المنحرف دون تردّد .

ــــــــــــ

(*) وقعت معركة الجمل في جمادي الآخرة عام (٣٦) هـ.

١٦٨

من هنا اجتمعت آراؤهم وأهواؤهم على إثارة الفتن للحيلولة دون استقرار الحكم الجديد ، ولم يكن تقلّب الوضع السياسي ووجود العناصر المعادية للاتّجاه الصحيح لمسيرة الحكومة الإسلامية غريباً على الإمام عليّعليه‌السلام ؛ فقد أخبره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتمرّد بعض الفئات على حكمه ، وعهد إليه بقتالهم كما أنّه قد سمّاهم له بالناكثين والقاسطين والمارقين(١) .

عائشة تعلن التمرّد :

كان موقف السيّدة عائشة من عثمان غريباً متناقضاً لا يليق بمقام امرأة تعدّ من نساء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فكانت تردّد قولها : (اقتلوا نعثلاً) ، وتحرّض الناس على التمرّد عليه وعلى قتله(٢) ، وقد خرجت من المدينة إلى مكّة أثناء محاصرة عثمان من قبل الثوار وهي تتوقّع النهاية السريعة لعثمان ، ومن ثمَّ فوز قريبها طلحة بالخلافة ، والاستيلاء على الحكم .

وحين فوجئت بأنّ الأمر قد استقرّ ـ بعد بيعة الناس إلى الإمام عليّعليه‌السلام ، كرّت راجعة نحو مكّة بعد أن كانت قد عزمت على الرجوع إلى المدينة(٣) ، وأعلنت حزنها وتظلّمها على عثمان ، فقيل لها : أنتِ التي حرّضت على قتله

ــــــــــــ

(١) مستدرك الحاكم : ٣ / ١٣٩ ، وتأريخ بغداد : ٨ / ٣٤٠ ، ومجمع الزوائد : ٩ / ٢٣٥ ، وكنز العمال : ٦ / ٨٢ .

(٢) شرح ابن أبي الحديد : ٦ م ٢١٥ ، وكشف الغمة ك ٣ / ٣٢٣ .

(٣) الكامل في التأريخ : ٣ / ٢٠٦ .

١٦٩

فاختلقت عذراً واهياً ، فقالت : إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه(١) . وكأنّها كانت حاضرة تشهد مقتله .

وأعلنت السيدة عائشة حربها ضدّ الإمام عليّعليه‌السلام في خطابها الذي ألقته في مكّة محرّضة أتباعها على الحرب(٢) .

وطمعت السيدة عائشة في توسيع جبهتها ضدّ الإمام عليّعليه‌السلام فحاولت مخادعة أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للخروج معهنّ ضدّ الإمام ، فامتنعن من ذلك ، وحاولت أم سلمة أن تنصحها عسى أن ترجع عن غيّها ، وتجنّب الأمة البلاء والدماء ، فقالت لها : إنّك كنت بالأمس تحرّضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان اسمه عندك إلا نعثلاً ، وإنّك لتعرفين منزلة عليّ بن أبي طالب عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أفأذكِّرك ؟ قالت أم سلمة : أتذكرين يوم أقبلعليه‌السلام ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعليّ يناجيه ، فأطال فأردت أن تهجمين عليهما فنهيتك فعصيتِني فهجمتِ عليهما ، فما لبثتِ أن رجعت باكية ، فقلتُ : ما شأنك ؟ فقلتِ : إنّي هجمت عليهما وهما يتناجيان ، فقلتُ لعليّ : ليس لي من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ يوم من تسعة أيام أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي ؟ فأقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليَّ وهو غضبان محمرّ الوجه ، فقال :(ارجعي وراءك والله لا يبغضه أحدٌ من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلاّ وهو خارج من الإيمان) ، فرجعتِ نادمة ساخطة ، قالت عائشة : نعم أذكر ذلك ، قالت أم سلمة : أيّ خروج تخرجين بعد هذا ؟ فقالت عائشة : إنّما أخرج للإصلاح بين الناس ، وأرجو فيه الأجر إن شاء الله ، فقالت أم سلمة : أنتِ ورأيكِ ، فانصرفت عائشة عنها(٣) .

وروي : أنّ نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرجن مع عائشة إلى منطقة (ذات عرق)

ــــــــــــ

(١) الكافي في التأريخ : ٣ / ٢٠٦ .

(٢) تأريخ الطبري : ٣ / ٤٧٤ .

(٣) شرح النهج لابن أبي الحديد : ٦ / ٢١٧ ، وبحار الأنوار ك ٣٢ / ١٤٩ .

١٧٠

ويبدو أنّهنّ حاولن إرجاع عائشة إلى المدينة والحيلولة دون وقوع الفتنة ، فلم يتوصّلن إلى حلّ فبكين على الإسلام وبكى الناس معهنّ ، وسمّي ذلك اليوم بـ (يوم النحيب)(١) .

مكر معاوية ونكث الزبير وطلحة للبيعة :

كان معاوية يتمتّع بسيطرة إدارية على شؤون الشام ، ولديه أجهزة يستطيع بها أن يحرّكها وفق رغباته وأهوائه ، وما كانت لديه مشكلة مع جماهير الشام لأنّ بلاد الشام منذ عرفت الإسلام عرفت آل أبي سفيان ولاة عليها من قبل الخليفة ، فقبله كان أخوه يزيد والياً عليها ، كما أنّ بلاد الشام بعيدة عن عاصمة الخلافة ممّا أعطاه قدراً كافياً من الاستقرار والقوّة وبدأ معاوية تحرّكه السياسي لتأجيج الفتنة المشتعلة بسبب مقتل عثمان ، ومن ثَمَّ ليستثمرها لصالحه ، فخاطب الزبير وطلحة بصيغة تحرّك فيهما الأطماع والرغبات للدخول في الصراع الجديّ ضدّ الإمامعليه‌السلام فتزداد الفتنة في العاصمة المركزية فكتب رسالة إلى الزبير جاء فيها :

لعبد الله الزبير أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان سلام عليك ، أمّا بعد ، فإنّي قد بايعت لك أهل الشام فأجابوا واستوسقوا كما يستوسق الجلب ، فدونك الكوفة والبصرة لا يسبقك إليها ابن أبي طالب ، فإنّه لا شيء بعد هذين المصرين ، وقد بايعت لطلحة بن عبيد الله من بعدك فأظهر الطلب بدم عثمان وادعوا الناس إلى ذلك ، وليكن منكما الجدّ والتشمير ، أظفركما الله وخذل مناوئكما(٢) .

ولمّا وصلت رسالة معاوية إلى الزبير ؛ خفّ لها طرباً واطمأنّ إلى صدق نيّة معاوية ، واتفق هو وطلحة على نكث بيعة الإمام والخروج عليه ، فأظهر الحسرة

ــــــــــــ

(١) الكامل في التاريخ: ٢٠٩/٣.

(٢) شرح النهج لابن أبي الحديد: ٢٣١/١.

١٧١

والتأسف على بيعتهما للإمام مردّدين : بايعنا مكرهين ، وما أن وصلت إلى أسماعهما صيحة السيدة عائشة محرّضة على الإمام ؛ حتى اجتهدا في إيجاد الحيلة للخروج إليها وروي أنّهما جاءا يطلبان من الإمام المشاركة في الحكم فلم يتوصّلا إلى شيء ، فقرّرا الالتحاق بعائشة ثمّ عادا ثانية إلى الإمامعليه‌السلام ليستأذناه للخروج للعمرة ، فقال لهما الإمامعليه‌السلام :نعم، والله ما العمرة تريدان وإنّما تريدان أن تمضيا لشأنكما (١) وروي أنّهعليه‌السلام قال لهما :بل تريدان الغدرة (٢) .

لقد أجمع رأي الخارجين على بيعة الإمامعليه‌السلام في بيت عائشة في مكّة بعد أن كانوا متنافرين متحاربين في عهد عثمان ، فضمّ الاجتماع الزبير وطلحة ومروان بن الحكم على أن يتّخذوا من دم عثمان شعاراً لتعبئة الناس لمحاربة الإمام عليّعليه‌السلام ، فرفعوا قميص عثمان كشعار للتمرّد والعصيان ، وأنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام هو المسؤول عن إراقة دم عثمان ، لأنه آوى قتلته ولم يقتصّ منهم ، وقرّروا أن يكون زحفهم نحو البصرة واحتلالها واتّخاذها مركزاً للتحرّك ومنطلقاً للحرب ، حيث أنّ معاوية يسيطر على الشام ، والمدينة لا زالت تعيش حالة الاضطراب(٣) .

حركة عائشة ومسيرها نحو البصرة :

مضت عائشة في خطّتها لإثارة الفتنة والدخول في المواجهة المسلّحة مع الإمام عليّعليه‌السلام الخليفة الشرعي ، فحشدت أعداداً من الناس يدفعهم الحقد والكراهية للإسلام وللإمام عليّعليه‌السلام ويحدوهم الطمع بالدنيا ونيل السلطان ، وجهّزهم يعلى بن منية بمستلزمات الحرب من السيوف والإبل التي سرقها من اليمن عندما عزله الإمام عنها ، وقدم عليهم عبد الله بن عامر بمال كثير من البصرة

ــــــــــــ

(١) الإمامة والسياسة لابن قتيبة : ٧٠ .

(٢) شرح النهج : ١ / ٢٣٢ .

(٣) تأريخ الطبري : ٣ / ٤٧١ ط مؤسسة الأعلمي .

١٧٢

سرقه أيضاً(١) وجهّزوا لعائشة جملها المسمّى (عسكر) وقد احتفّ بها بنو أمية وهي تتقدّم أمام الحشد الزاخر متوجّهين نحو البصرة ، تسبقهم كتبهم التي أرسلوها إلى عدد من وجوه البصرة ، يدعونهم فيها للخروج على بيعة الإمامعليه‌السلام بدعوى المطالبة بدم عثمان(٢) .

وبدرت سمة المكر والخداع ـ التي تكاد تكون ملازمة لكلّ من ناوأ الإمام عليّاًعليه‌السلام ـ من زعماء الفتنة ، فلمّا خرجوا من مكّة أذّن مروان بن الحكم للصلاة ، ثمّ جاء حتّى وقف على طلحة والزبير محاولاً إثارة الوقيعة بين الرجلين وغرس فتنة ليستغلّها إن تمكّن من الأمر ، فقال : على أيّكما أُسلِّم بالإمرة وأُؤذَّن بالصلاة ، فتنافس أتباع الرجلين كلّ يريد تقديم صاحبه ، فأحسّت عائشة بوقوع التفرقة فأرسلت أن يصلّي بالناس ابن أختها عبد الله بن الزبير .

وحين وصل جيش عائشة إلى منطقة (أوطاس) ؛ لقيهم سعيد بن العاص والمغيرة بن شعبة ، وحين علم سعيد بدعوى عائشة (الطلب بدم عثمان) استهزأ ضاحكاً وقال : فهؤلاء قتلة عثمان معك يا أم المؤمنين(٣) ! .

وروي : أنّ سعيداً قال : أين تذهبون وتتركون ثأركم وراءكم على أعجاز الإبل(٤) ؟! ، يقصد بذلك طلحة والزبير وعائشة ، ووصل الجيش إلى مكان يقال له : (الحوأب) فتلقّتهم كلاب الحيّ بنباح وعواء ، فذعرت عائشة وسألت محمد بن طلحة عن المكان فقالت : أيّ ماء هذا ؟ فأجابها : ماء الحوأب يا أم المؤمنين فهلعت وصرخت : ما أراني إلاّ راجعة ، قال : لِمَ ، قالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لنسائه : كأنّي بإحداكنّ قد نبحها كلاب الحوأب وإيّاك أن تكوني يا

ــــــــــــ

(١) الإمامة والسياسة : ٧٩ ، والكامل في التأريخ : ٣ / ٢٠٧ .

(٢) الإمامة والسياسة : ٨٠ ، الكامل في التأريخ : ٣ / ٢١٠ .

(٣) الإمامة والسياسة : ٨٢ .

(٤) الكامل في التأريخ : ٣ / ٢٠٩ .

١٧٣

حميراء(١) ثمّ ضربت عضد بعيرها فأناخته وقالت : ردّوني ، أنا والله صاحبة ماء الحوأب ، فأناخوا حولها يوماً وليلة ، وجاءها عبد الله بن الزبير فحلف لها بالله انه ليس ماء الحوأب ، وأتاها ببيّنة زور من الأعراب فشهدوا بذلك(٢) فكانت أوّل شهادة زور في الإسلام .

مناوشات على مشارف البصرة :

حين شارف جيش عائشة مدينة البصرة ؛ قام عثمان بن حنيف والي الإمامعليه‌السلام على البصرة موضّحاً أمر الجيش المتقدم إليهم ، ومحذّراً الناس من الفتنة وبطلان وضلالة موقف زعماء الجيش ، وأعلن المخلصون للإسلام وللإمامعليه‌السلام استعدادهم للدفاع عن الحقّ والشريعة المقدّسة وصدّ الناكثين عن الاستيلاء على البصرة(٣) .

وفي محاولة من عثمان بن حنيف ـ الذي يتأسّى بأخلاق الإسلام ويطيع إمامهعليه‌السلام ـ سعى أن يثني عائشة ومَن معها من غيّهم لتجنّب وقوع القتال ، فأرسل إليهم عمران بن حصين وأبا الأسود الدؤلي ليحاججوا عائشة ومن معها ببطلان موقفهم ، ولكن محاولات الرجلين باءت بالفشل ، فقد كانت عائشة ومعها طلحة والزبير مصرّين على نيّتهم في إثارة الفتنة وإعلان الحرب(٤) .

وأقبلت عائشة ومن معها حتى انتهوا إلى (المربد) فدخلوا من أعلاه وخرج إليهم عثمان بن حنيف ومن معه من أهل البصرة ، فتكلّم طلحة والزبير وعائشة يحرّضون الناس على الخروج على بيعة الإمامعليه‌السلام بدعوى الثأر لعثمان ، فاختلف الناس بين معارض ومؤيّد .

ــــــــــــ

(١) الإمامة والسياسة : ٨٢ ، وأخرج الحديث أحمد في مسنده : ٦ / ٥٢١ ، وشرح النهج لابن أبي الحديد : ٢ / ٤٩٧ .

(٢) الإمامة والسياسة : ٨٢ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٩٥ .

(٣) الإمامة والسياسة : ٨٣ .

(٤) تاريخ الطبري : ٣ / ٤٧٩ ط مؤسسة الأعلمي ، والكامل في التأريخ : ٣ / ٢١١ .

١٧٤

وأقبل جارية بن قدامة السعدي لينصح عائشة عسى أن يردّها عن تأجيج الفتنة ، فقال : يا أم المؤمنين ! والله لقتل عثمان بن عفان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون ، عرضة للسلاح ، إنّه قد كان لك من الله ستر وحرمة فهتكتِ سترك وأبحت حرمتك ، إنّه من رأى قتالك ؛ فإنّه يرى قتلك ، لئن كنت أتيتنا طائعةً فارجعي إلى منزلك، وإن كنت أتيتنا مستكرهة فاستعيني بالناس(١) .

الاقتتال ـ الهدنة ـ الغدر :

افتتن الناس بقدوم عائشة على البصرة ، فبين منكر ومؤيّد ومصدّق ومكذّب افترقت جماهير البصرة ، وتأزّم الموقف ، فاصطدم الناس واقتتلوا على فم السكّة ، ولم يحجز بينهم إلاّ الليل ، وكان عثمان بن حنيف لا يريد إراقة الدماء ويجنح للسلم وينتظر قدوم الإمام عليّعليه‌السلام إلى البصرة ، فلمّا عضّت الحرب الطرفين ؛ تنادوا للصلح ، فكتبوا كتاباً لعقد هدنة مؤقّتة على أن يبعثوا رسولاً إلى المدينة يسأل أهلها ، فإن كان طلحة والزبير اُكرها على البيعة ؛ خرج ابن حنيف عن البصرة ، وإلاّ خرج عنها طلحة والزبير(٢) .

وعاد كعب بن مسور رسول الطرفين إلى المدينة بادّعاء أسامة بن زيد أنّ طلحة والزبير بايعا مكرهين ومخالفة أهل المدينة لرأي أسامة فاستغلّها زعماء جيش عائشة ، فهجموا في ليلة ذات رياح ومطر على قصر الإمارة حيث يتواجد عثمان بن حنيف فقتلوا أصحابه وأسروا ونتفوا لحيته ورأسه وحاجبيه ، ولكنّهم خافوا من قتله لأنّ أخاه سهل بن حنيف والي الإمام على المدينة(٣) .

ــــــــــــ

(١) تأريخ الطبري : ٣ / ٤٨٢ ط مؤسسة الأعلمي ، والكامل في التأريخ : ٣ / ٢١٣ .

(٢) الإمامة والسياسة : ٨٧ ، والطبري : ٣ / ٤٨٣ ط مؤسسة الأعلمي ، وراجع الكامل في التأريخ : ٣ / ٢١٥ .

(٣) الإمامة والسياسة : ٨٩ ، وتأريخ الطبري : ٣ / ٤٨٤ ط مؤسسة الأعلمي ، ومروج الذهب للمسعودي : ٢ / ٣٦٧ .

١٧٥

حركة الإمامعليه‌السلام للقضاء على التمرّد(١) :

حين استلم الإمام عليّعليه‌السلام زمام الحكم كانت هناك عقبة أمام استقرار الأمن وسيطرة الحكومة الشرعية المركزية ، وهي إعلان معاوية بن أبي سفيان تمرّده على خلافة الإمام ، فشرععليه‌السلام بالاستعداد العسكري والسياسي لإيقاف التمزّق في كيان الأمة ومنع سفك الدماء .

وما أن اُحيط الإمامعليه‌السلام علماً بحركة عائشة وطلحة والزبير نحو البصرة وإعلانهم العصيان عدل عمّا كان يخطّط لمعالجة موقف معاوية والشام ، فاتّجهعليه‌السلام نحو البصرة بجيش يضمّ وجوه المهاجرين والأنصار .

وصل الإمامعليه‌السلام إلى منطقة (الربذة) فكتب إلى الأمصار يستمدّ العون ويوضّح الأمر ، كي يتوصّل إلى إخماد نار الفتنة وحصرها في أضيق نطاق ، فأرسل إلى الكوفة محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر ، فأبى أبو موسى الأشعري الاستجابة للإمام ومارس دور المثبّط عن مناصرة الإمامعليه‌السلام في موقفه ، ثمّ أرسل عبد الله بن عباس ولم يتمكّن من إقناع أبي موسى بالانصياع والكفّ عن تثبيط الناس عن نصرة الإمام ، فأرسلعليه‌السلام ولده الحسن وعمار بن ياسر ثمّ تبعهم مالك الأشتر فعزلوا أبا موسى ، وتحرّكت الكوفة بكلّ ثقلها تنصر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فلحقت به في (ذي قار) .

وفي هذا الأثناء لم يتوقّف الإمامعليه‌السلام في مراسلة طلحة والزبير وإيفاد الرسل إليهم ، عسى أن يعودوا لرشدهم ويدركوا خطورة فتنتهم فيجنّبوا الأمة المصائب والبلايا وسفك الدماء ، فأوفد إلى عائشة زيد بن صوحان وعبد الله بن عباس وغيرهما ، فحاوروهم بالحجّة والدليل والعقل حتى أنّ عائشة قالت لابن

ــــــــــــ

(١) الإمامة والسياسة : ٧٤ ، وتأريخ الطبري : ٥ / ٥٠٧ .

١٧٦

عباس : لا طاقة لي بحجج عليّ ، فقال ابن عباس : لا طاقة لك بحجج المخلوق فكيف طاقتك بحجج الخالق(١) ؟!

آخر النصائح :

أكثر الإمامعليه‌السلام من مراسلة طلحة والزبير بعد أن شارفت قواته على أبواب البصرة ، فخشيت عائشة ومن معها من اقتناع قادتها وجموع الناس معها بحجج الإمامعليه‌السلام فخرجوا لملاقاته ، فلمّا توقّفوا للقتال أمر الإمامعليه‌السلام منادياً ينادي في أصحابه :لا يرمينّ أحد سهماً ولا حجراً ولا يطعن برمح حتى أُعذر القوم فأتّخذ عليهم الحجّة البالغة (٢) .

فلم يجد الإمامعليه‌السلام منهم إلاّ الإصرار على الحرب ، ثمّ خرج الإمامعليه‌السلام إلى الزبير وطلحة فوقفوا ما بين الصفّين ، فقال الإمامعليه‌السلام لهما :لعمري لقد أعددتما سلاحاً وخيلاً ورجالاً ، إن كنتما أعددتما عند الله عذراً فاتّقيا الله ولا تكونا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ، أَلم أكن أخاكما في دينكما ؟ تحرّماني دمي وأُحرّم دمكما فهل من حدث أحلّ لكما دمي ؟

ثمّ قالعليه‌السلام لطلحة :أجئت بعرس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تقاتل بها وخبّأت عرسك في البيت ؟! أما بايعتني ؟ ثمّ قالعليه‌السلام للزبير :قد كنا نعدّك من بني عبد المطلب حتى بلغ ابنك ابن السوء عبد الله ففرّق بيننا ، ثمّ قالعليه‌السلام :أتذكر يا زبير يوم مررت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بني غنم ، فنظر إليّ فضحك وضحكت إليه فقلتَ له : لا يدع ابن أبي طالب زهوه ، فقال لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس بِمُزهٍ ـ أي : ليس به زهو ـلتقاتله وأنت له ظالم ؟! قال الزبير : اللَّهُم نعم .

وروي : أنّ الزبير اعتزل الحرب وقتل بعيداً عن ساحة الحرب بعد أن

ــــــــــــ

(١) الإمامة والسياسة ك ٩٠ ، وبحار الانوار : ٣٢ / ١٢٢ .

(٢) الإمامة والسياسة : ٩١ ، ومروج الذهب : ٢ / ٢٧٠ .

١٧٧

استعرت الفتنة(١) كما أنّ طلحة قتله مروان بن الحكم في ساحة المعركة(٢) .

نشوب المعركة :

كان الإمامعليه‌السلام طامحاً حتى آخر لحظة قبل نشوب القتال أن يرتدع الناكثون عن غيّهم ، فلم يأذن بالقتال رغم ما شاهد من إصرار زعماء الفتنة على المضي في الحرب ، فقالعليه‌السلام لأصحابه :(لا يرمينّ رجل منكم بسهم ، ولا يطعن أحدكم فيهم برمح حتى اُحدث إليكم ، وحتى يبدؤوكم بالقتال والقتل) (٣) .

وشرع أصحاب الجمل بالرمي فقتل رجل من أصحاب الإمام ، ثمّ قتل ثانٍ وثالث ، عندها أَذِنَعليه‌السلام (٤) بالردّ عليهم والدفاع عن الحقّ والعدل .

التحم الجيشان يقتتلان قتالاً رهيباً ، فتساقطت الرؤوس وتقطّعت الأيادي وأثخنت الجراحات في الفريقين ، ووقف أمير المؤمنين ليشرف على ساحة المعركة فرأى أصحاب الجمل يستبسلون في الدفاع عن جملهم فنادى بأعلى صوته :(ويلكم اعقروا الجمل فإنّه شيطان ...) .

فهجم الإمامعليه‌السلام وأصحابه حتى وصلوا الجمل فعقروه ، ففرّ من بقي من أصحاب الجمل من ساحة المعركة فأمرعليه‌السلام بعد ذلك بحرق الجمل وتذريّة رماده في الهواء لئلاّ تبقى منه بقية يفتتن بها السذّج والبسطاء ، ثمّ قال الإمامعليه‌السلام :لعنه الله من دابّة ، فما أشبهه بعجل بني إسرائيل .

ومدّ بصره نحو الرماد الذي تناثر في الهواء فتلا قوله تعالى :( ... وَانظُرْ إِلَى‏ إِلهِكَ الّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لّنُحَرّقَنّهُ ثُمّ لَنَنسِفَنّهُ فِي الْيَمّ نَسْفاً ) (٥) .

ــــــــــــ

(١) الإمامة والسياسة : ٩١ ، ومروج الذهب ٢ / ٢٧٠ .

(٢) الطبقات الكبرى : ٣ / ١٥٨ ، والإمامة والسياسة : ٩٧ .

(٣) شرح النهج : ٩ / ١١١ .

(٤) الإمامة والسياسة : ٩٥ .

(٥) طه (٢٠) : ٩٧ .

١٧٨

مواقف الإمام بعد المعركة :

كتب الله النصر لأمير المؤمنينعليه‌السلام على مخالفيه ، ووضعت الحرب أوزارها ، وانقشع غبار المعركة ، ونادى منادي الإمامعليه‌السلام يعلن العفو العام :ألا لا يجهز على جريح ولا يتبع مول ولا يطعن في وجه مدبر ، ومن ألقى السلاح فهو آمن ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، وأن لا يؤخذ شيء من أموال أصحاب الجمل إلاّ ما وجد في عسكرهم من سلاح أو غيره ممّا استخدم في القتال ، وما سوى ذلك فهو ميراث لورثتهم (١) .

وأمر الإمام عليّعليه‌السلام محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر أن يحملوا هودج عائشة من بين القتلى وسط ساحة المعركة وينحّوه جانباً ، وأن يتعهّد محمد أمر أخته عائشة ، فلمّا كان من آخر الليل أدخلها محمد البصرة فأنزلها في دار عبد الله ابن خلف الخزاعي .

وطاف الإمامعليه‌السلام في القتلى من أصحاب الجمل ، وكان يخاطب كلاًّ منهم ويكرّر القول :قد وجدتُ ما وعدني ربّي حقاً فهل وجدتَ ما وعدك ربّك حقاً .

وقال أيضاً :ما ألوم اليوم من كفّ عنّا وعن غيرنا ولكنّ المليم الذي يقاتلنا (٢) .

وأقام الإمامعليه‌السلام في ظاهر البصرة ولم يدخلها ، وأذن للناس في دفن موتاهم فخرجوا إليهم فدفنوهم(٣) ، ثمّ دخلعليه‌السلام مدينة البصرة معقل الناكثين ، فانتهى إلى المسجد فصلّى فيه ثمّ خطب في الناس وذكّرهم بمواقفهم ومواقف الناكثين لبيعته ، فناشدوه الصفح والعفو عنهم ، فقالعليه‌السلام :(قد عفوت عنكم ، فإيّاكم والفتنة ، فإنّكم أوّل الرعيّة نكث البيعة ، وشقّ عصا هذه الأمة) ثمّ أقبلت الجماهير

ــــــــــــ

(١) تأريخ اليعقوبي : ٢ / ١٧٢ ، ومروج الذهب : ٢ / ٣٧١ .

(٢) الإرشاد للمفيد : ١ / ٢٥٦ ط مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام .

(٣) الكامل في التأريخ : ٣ / ٢٥٥ .

١٧٩

ووجوه الناس لمبايعة الإمامعليه‌السلام (١) .

وبعد ذلك دخل أمير المؤمنين بيت المال في البصرة ، فلمّا رأى كثرة المال قال :(غُرّي غيري ..) وكرّرها مراراً ، وأمر أن يقسّم المال بين الناس بالسوية ، فنال كلّ فرد منهم خمسمائة درهم ، وأخذ هو كأحدهم ، ولم يبقَ شيء من المال فجاءه رجل لم يحضر الوقعة يطالب بحصّته ، فدفع إليه الإمام ما أخذه لنفسه ولم يصب شيئاً(٢) .

ثمّ أمر أمير المؤمنين بتجهيز عائشة وتسريحها إلى المدينة ، وأرسل معها أخاها وعدداً من النساء ألبسهنّ العمائم وقلّدهن السيوف لرعاية شؤونها وأوصلنها إلى المدينة ، ولكنّ عائشة لم تحسن الظنّ بأمير المؤمنين وتصوّرت أنّ الإمام لم يرعَ حرمتها ، وما أن علمت أنّ الإمامعليه‌السلام بعث معها النساء ، أعلنت ندمها على خروجها وفشلها وإثارتها للفتنة ، فكانت تكثر من البكاء(٣) .

نتائج حرب الجمل :

خلّفت حرب الجمل نتائج سلبيّة على واقع المجتمع الإسلامي منها :

١ ـ توسّعت مسألة قتل عثمان بن عفّان حتى أصبحت قضية سياسية كبيرة جرّت من ورائها ظهور تيارات مناوئة فعلاً وقولاً لمسيرة الرسالة الإسلامية ، فأطلّ معاوية بن أبي سفيان ليكمل مسيرة الانحراف الدموي في الجمل .

٢ ـ شاعت الأحقاد بين المسلمين ، وفتحت باب الحرب والاقتتال فيما بينهم ، فكانت الفرقة بين أهل البصرة أنفسهم وبين باقي الأمصار الإسلامية ، فكانت العداوة لمطالبة بعضهم البعض الآخر بدماء أبنائهم في حين كان المسلمون

ــــــــــــ

(١) تأريخ الطبري : ٣ / ٥٤٤ ، والإرشاد للشيخ المفيد : ١٣٧ .

(٢) شرح النهج : ١ / ٢٥٠ .

(٣) الإمامة والسياسة : ٩٨ ، ومروج الذهب للمسعودي : ٢ / ٣٧٩ ، والمناقب للخوارزمي : ١١٥ ، والتذكرة للسبط ابن الجوزي : ٨٠ .

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226