جهاد الإمام السجاد (عليه السلام)

جهاد الإمام السجاد (عليه السلام)0%

جهاد الإمام السجاد (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية للطباعة والنشر
تصنيف: الإمام علي بن الحسين عليه السلام
الصفحات: 305

جهاد الإمام السجاد (عليه السلام)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: السيد محمد رضا الحسيني الجلالي
الناشر: مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 305
المشاهدات: 29247
تحميل: 7290

توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 305 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 29247 / تحميل: 7290
الحجم الحجم الحجم
جهاد الإمام السجاد (عليه السلام)

جهاد الإمام السجاد (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: مؤسسة دار الحديث العلمية الثقافية للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

محتوى المتن:

تحتوي الرسالة على (خمسين حقّاً).

وقد جاء التصريح بهذا العدد، في خاتمة المتن الذي أورده في تحف العقول، فقال: (فهذه خمسون حقّاً محيطاً بك) (1) .

والصدوق لم يورد هذه الخاتمة في رواياته، إلاّ أنّه التزم بكون عدد الحقوق (خمسين حقّاً) في كتابه الخصال حيث عنون للباب الذي أورد الرسالة فيه بأبواب الخمسين فما فوقه، وذكر الرسالة في أوّل حديث في الباب، وقال: الحقوق الخمسون التي كتب بها عليّ بن الحسين سيّد العابدين (عليه السلام) إلى بعض أصحابه (2) .

وقد التزم أكثر المعاصرين الذين أوردوا متن الرسالة في مطبوعاتهم بترقيم الحقوق، فزاد بعضهم رقماً واحداً فكان العدد (51).

والسبب في ذلك أنّ الصدوق ذكر في رواياته (حقّ الحجّ) وهذا لم يرد في رواية تحف العقول، فلمّا جمع المؤلّفون بين الروايتين، اعتقاداً بوحدة الرسالة، زاد عندهم هذا العدد الواحد.

ووجود (حقّ الحجّ) ضروريّ:

1 - لأنّه من فروع الدين الهامّة، ومما بُنِيَ (عليه السلام) من العبادات الخمس الواجبة، كما في روايات كثيرة (3) فلابدّ من ذكره، كما ذكرت بقيّة العبادات.

2 - أنّ الشيخ الصدوق في كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه، أورد هذه الرسالة في ملحقات كتاب الحجّ، ولا ريبَ في لزوم وجود ارتباط بينها وبين الحجّ، ولو بهذا المقدار، فليلاحظ.

ثم إنّ المؤلّفين المعاصرين ارتبكوا كثيراً في ترقيم سائر الحقوق، فلم يرقّموا ما هو

____________________

(1) تحف العقول (ص272).

(2) الخصال (ص564).

(3) راجع وسائل الشيعة (1: 14) الباب الأول (وجوب العبادات الخمس) من أبواب مقدمة العبادات.

٢٦١

حقّ من جهة، ورقّموا ما ليس بحقّ من جهة أُخرى، وإليك بيان ذلك:

1 - عدّ جميع المؤلّفين (حقّ نفسك) بالرقم [2] مع أنّه ليس حقّاً مستقلاً، وإنّما المراد منه حقّ أعضاء نفس الإنسان، بقرينة قوله - في المقدّمة - في جوامع الحقوق: ثم ما أوجبه الله عزّ و جلّ لنفسك من قرنك إلى قدمك على اختلاف جوارحك، فجعل لِلسانِك...) (1) .

وهذا واضح في كون المراد بحقّ النفس، حقّ ما لنفس الإنسان، أي في جوارحه، في مقابل قوله بعد ذلك: (ثم تخرج الحقوق منك إلى غيرك) (2) .

ثمّ إنّه ذكر عند تفصيل حقوق الأعضاء: ما نصّه: (وأمّا حقّ نفسك عليك أنْ تستعملها في طاعة الله: فتؤدّي إلى لسانك حقّه) (3) ، فوجود الفاء في (فتؤدي) يقتضي كون ما بعدها تفريعاً وتفصيلاً لما قبلها.

ومن الواضح أنّه لم يذكر للنفس حقّاً غير استعمال الجوارح، فيدل على أنّ المراد بالنفس (شخص الإنسان) لا النفس الناطقة، فليس المراد وضع حقّ خاص لها، دون الجوارح حتّى يضاف على حقوقها.

والغريب أنّ طابع (تحف العقول) عدّ هذا الحقّ برقم [2] بينما لم يذكر (حقّ الحجّ) فأخلّ بالحقّين كما سيتضح.

2 - ذكر في مقدّمة الرسالة، في جوامع الحقوق: ([ ج ] ثم جعل عزّ وجل لأفعالك عليك حقوقاً) ثم ذكر الواجبات وقال في آخرها: (ولأفعالك عليك حقّاً) (4) فتكون الحقوق المذكورة (ستّة) آخرها (حقّ الأفعال).

وقد ذكر في تحف العقول(حقّ الأفعال) بعد ([13] حقّ الهدي) بقوله: (واعلم أنّ الله يُراد باليَسير ولا يُراد بالعسير...) إلى آخره (5) .

____________________

(1) لاحظ الرسالة (ص271).

(2) لاحظ الرسالة، المقدمة (ص271).

(3) لاحظ الرسالة (ص273).

(4) لاحظ الرسالة (ص271).

(5) تحف العقول (ص255) لاحظ الرسالة الحق رقم [14].

٢٦٢

فلا بدّ أنْ يكون حقّ الأفعال، مستقلاً، غير حقّ الواجبات الخمسة المذكورة أوّلاً، ويؤيده أنّ محتواه لا يرتبط بما سبقه بشكل مستقيم، بل هو أمر عام لها ولغيرها.

والظاهر أنّ المراد بحقّ الأفعال هو حدّ العمل الذي يجب على الإنسان القيام به في كلّ مجال، حتّى في غير الواجبات الخمسة المذكورة أولاً، وهذا أصل عظيم له دور كبير في حياة الإنسان.

لكنّ جميع المؤلّفين أهملوا هذا الحقّ في الترقيم، كما أنّ روايات الصدوق لم تورده إطلاقاً، وهو الحق [14]. بترقيمنا.

3 - اعتبر المؤلّفون (حقّ المملوك) برقم مستقل [21] بينما هو داخل في حقّ الرعية بالملك، وله موردان: (الزوجة والمملوك) وهذا هو ثالث حقوق الرعيّة:

بالسلطان، وبالعلم، وبالملك، وقد صرّح في المقدّمة - في أصول الحقوق - بعنوان [ هـ ] بانّ حقوق الرعيّة ثلاثة.

بينما تصير حسب ترقيمهم، أربعة!.

والظاهر أنّ الموجب لهذا الارتباك هو ملاحظتهم لكلمة (حقّ) وعدّهم لها - حيث وقعت - برقم مستقلّ، من دون تأمّل في المعاني.

وقد وفّقنا الله لتلافي كلّ هذا الارتباك فقسمنا النصّ:

إلى أصول الحقوق، وهي السبعة المُعْلَمة برموز من حروف (أ، ب، ج، د، هـ، و، ز).

وإلى فروع الحقوق، وهي الخمسون، مرقمة بالأعداد، ومطبوعة بالحروف البارزة.

وإلى بنود الحقوق، وهي موادّها المذكورة تحت عنوان كلّ حقّ، ذكرنا كلّ مادّةٍ منها في سطر مستقلّ مبدوءاً بشريط في أول السطر (-).

وبما أنّ النصّ الذي أثبتناه هو جامع بين كلّ الروايات الواردة وملفّق منها، وهي رواية تحف العقول التي اتّخذناها أصلاً، وروايات الصدوق.

* فقد وضعنا المعقوفين ليحتويا ما ورد في روايات الصدوق زيادة على ما في تحف العقول.

* ووضعنا بين القوسين ما اختصّت به رواية تحف العقول، ولم يرد في

٢٦٣

روايات الصدوق.

* وما خرج عن المعقوفين والقوسين، فهو مشترك بين النصّين ووارد في جميع الروايات.

* وما أضفناه من العناوين وغيرها، فقد نبّهنا على وجه إضافته.

اختلاف النسخ:

ثمّ إنّ من الملاحظ وجود اختلاف بين ما أورده في تحف العقول وبين روايات الصدوق، من جهة، وبين رواية الصدوق في بعض كتبه وبين ما أورده في بعضها الآخر، في عباراتٍ من متن الحديث زيادة وحذفاً تارة، وإجمالاً وتفصيلاً، من جهة أخرى.

ووقوع مثل هذا الاختلاف في الأحاديث الطوال أمر غير عزيز، يعود ذلك أساساً إلى اعتماد الرواة على النقل بالمعنى؛ لأنّ أمثال هذه الروايات تهدف إلى إبلاغ معانيها، وأداء مضامينها، ولا يدخل في القصد منها ما يوجب المحافظة على ألفاظها بنصوصها، وليست كما هو المفروض في الكلمات القصار، والخطب البلاغية المبتنية على إعمال الصناعات اللفظية والمحسّنات البديعيّة المؤثّرة في نفوس السامعين إلى جانب المعاني والمؤدّيات.

ومن المحتمل أيضاً أن يلجأ بعض الرواة إلى الاختصار لأمثال هذه الأحاديث الطوال، والاقتصار على الجمل المهمّة فقط.

وقد حمّل بعضُ المتأخّرين الشيخَ الصدوق مسؤولية القيام بالاختصار، قائلاً: (إنّه يختصر الخبر الطويل، ويُسقط منه ما أدّى نظره إلى إسقاطه) (1) .

لكنّ هذا تحامل على الشيخ الصدوق، المعترَف له بكثرة النقل للأخبار والحفظ والمعرفة بالحديث والرجال والآثار (2) .

ومع احتمال النقل بالمعنى كما ذكرناه، لم تصل النَوْبة إلى احتمال الاختصار أصلاً.

مع أنّ أصل الاختصار أمر جائز لا مانع منه، إذ هو عبارة عن تقطيع الحديث، المعمول به، والمقبول من دون نزاع، لتعلّق غرض المحدّث ببعض الحديث

____________________

(1) مستدرك الوسائل (171:11).

(2) لاحظ الخلاصة، رجال العلاّمة الحلّي (ص147) رقم (44).

٢٦٤

فيقتصر عليه.

مضافاً إلى أنّه لا دليل على نسبة الاختصار - المفروض - إلى الشيخ الصدوق.

فمن المحتمل - قويّاً - أن يكون بعض الرواة السابقين على الصدوق، قد اختصر النصّ، ورووه له مختَصراً.

ويشهد لهذا الاحتمال: أنّ روايات الصدوق في كتبه المختلفة هي في نفسها متفاوتة، مع أنّ الأصل هو رواية اللفظ.

إلاّ أنّ المقارنة بين النصّين تعطي اطمئناناً بأنّ الرواة مع اختصارهم للنصّ، عمدوا إلى نقل مقاطع بطريق رواية المعنى، فالنصّان لا يختلفان في المعنى عند اختلافهما في اللفظ، وعند اتفاقهما في اللفظ فالاختصار ملحوظ.

وأمّا وحدة النصّ الصادر من الإمام، فالدليل عليه أمران:

الأول: الاستبعاد الواضح في أنْ تُوجّه رسالة بنصّين مختلفين إلى شخص معيّن، ويرويهما راوٍ واحد، من دون ذكر التفاوت بينهما.

الثاني: تطابُق أكثر عبارات النصّين لفظاً من دون أدنى تفاوت ممّا يدّل على وجود أصل مشترك بينهما، وعلى أخذ المختصر من المفصّل.

النصّ المختار:

ومهما يكن، فإنّا تمكنّا بالمقارنة الدقيقة بين النصّين من انتخاب نص جامع، بالتلفيق بينهما، بحيث لا يشذّ عنه شي من عبارتيهما، ولا كلمة واحدة مؤثّرة في المعنى.

وبما أنّ نصّ (تحف العقول) هو أوفى، وأجمع، وأسبك، وأكثر تفصيلاً فقد جعلناه (الأصل) وأوعزنا إلى ما في روايات الصدوق من الفوائد والزوائد، بما لا يفوت معه شي مما له دخل في جميع أبعاد النصّ.

وقد أشرنا إلى الرموز المستعملة في عملنا سابقاً.

ولم نُشِرْ إلى الأخطاء الواضحة، ولا الاختلافات المرجوحة، تخفيفاً للهوامش.

نسخ الرسالة:

لقد تداول الأعلام هذه الرسالة القيّمة بالرعاية والعناية، وتناقلوها على طولها في

٢٦٥

مؤلّفاتهم، فقد وردت في الكتب التالية مخطوطها ومطبوعها، كما نشرت مستقلّةً أيضاً، وإليك ما وقفنا عليه من طبعاتها:

1 - كتابُ مَنْ لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق محمد بن علي بن الحسين (ت381) وقد أوردها في نهاية كتاب الحج، بعنوان (باب الحقوق)؛

فلاحظ (ج2ص371 - 381) من طبعة النجف.

2 - روضة المتّقين شرح الفقيه، للمحدّث المولى محمد تقي المجلسي الأول (ت1070) في (ج5ص500 - 527) مشروحةً.

3 - الخصال، للشيخ الصدوق، في أبواب الخمسين فما فوقه (564 - 570).

4 - الأمالي، للشيخ الصدوق، في المجلس (59) (ص301 - 306).

5 - تحف العقول، لابن شعبة الحراني (ق4) (ص255 - 272).

6 - مكارم الأخلاق، للطبرسي، صاحب مجمع البيان (ق6) (ص455).

7 - بحار الأنوار، للعلاّمة المجلسي محمد باقر بن محمد تقي (ت1110) في الجزء (74).

8 - عوالم العلوم والمعارف، للشيخ عبد الله البحراني (ق12) في الجزء (18).

9 - مستدرك الوسائل، للمحدّث النوري حسين بن محمد تقي (ت1320) في(2: 274) من الطبعة الأولى و(11: 154) من الطبعة الحديثة.

10 - أعيان الشيعة، للإمام السيد محسن الأمين العاملي (ج4ص215 - 230).

11 - بلاغة علي بن الحسين، للشيخ جعفر عباس الحائري (المعاصر) (ص130 - 163).

12 - الإمام زين العابدين للسيد عبد الرزّاق المقَرّم الموسوي (ت1391هج) (ص118 - 135).

13 - حياة الإمام زين العابدين للشيخ باقر شريف القرشي (المعاصر) (ص477 - 511).

14 - شرح رسالة الحقوق، للخطيب السيد حسن القباني الحسيني فقد شرح الرسالة في مجلّدين، طبعا في النجف، وأُعيدا في قم (1406) وبيروت.

٢٦٦

15 - وتنسب إلى الإمام زيد الشهيد باسم (الرسالة الناصحة والحقوق الواضحة) وتشبه أنْ تكون مختصرةً من رسالة الحقوق المروية عن والده الإمام زين العابدين (عليه السلام) كما جاء في مؤلّفات الزيدية (442) رقم(1608) لصديقنا العلاّمة السيّد أحمد الحسيني.

ولقد وقفت أنا على كتاب الإمام زيد الشهيد (عليه السلام)، فرأيته غير كتابنا هذا، وهو أخصر منه، وسأقوم بنشره بعون الله.

وأشكر الأخ المحقّق يحيى سالم عزان اليماني بإتحافنا بنسختين من رسالة الإمام زيد (عليه السلام)، جاء بهما من اليمن في زيارته إلى قم المقدّسة عام 1418 هج.

وذكر صديقنا الكاتب المعجمي الشيخ عبد الجبّار الرفاعيّ كتاب الحقوق للإمام زيد بن عليّ، في كتابه: معجم ما كتب عن الرسول وأهل البيت (عليهم السلام) (ج8ص181) برقم (20453) وقال: مخطوط في الجامع الكبير في صنعاء برقم2364. كما ذكرها في هذا الجزء بعنوان (رسالة الحقوق) برقم (20491) وأورد طبعاتها، ومنها: بغداد 1369هج (179ص) تحقيق عبد الهادي المختار، سلسلة حديث الشهر (6).

والأعمال المؤلّفة حول (رسالة الحقوق) ضمن ما أورده الشيخ الرفاعيّ مما كتب عن الإمام السجّاد (عليه السلام) في هذا المجلّد هي بالأرقام:

* 20372رساله إمام زين العابدين (بالأردو).

*20399رساله حقوق إخوان (ترجمة فارسية).

*20400 رساله حقوق (ترجمة فارسية).

*20489رساله الحقوق (ترجمة فارسية).

*20490 رساله الحقوق (بالاردو).

*20742 النَهْجَيْن في شرح رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين للشيخ صالح بن مهدي الساعدي...

سندنا إلى رواية الرسالة:

لقد مَنّ الله على الأمة الإسلاميّة ببذل الجهد والعناية في حفظ التراث الإسلاميّ، وخصوص الحديث الشريف، بالمراقبة التامّة عليه، وتحمّله بكلّ دقّة وأدائه بكلّ احتياط، وقد وفّقنا الله تعالى للسلوك في السلسلة الشريفة لِرواة الحديث بطريقة الإجازة المتداولة بين الأعلام والمتعارف عليها بين علماء الإسلام، وبذلك تتّصل

٢٦٧

بطرق مشايخنا الكرام إلى رواية هذه الرسالة.

فأروي عن مشايخي الكرام وهم عدّة ممّن لقيتُهم من المشايخ، وأوّلهم وأعلاهم سَنَداً شيخ مشايخ الحديث في القرن الرابع عشر الإمام الشيخ آقا بزرك الطهراني (1293 - 1389)، وآخرهم سيّد مشايخ العصر الحجّة النسّابة السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشيّ (1315 - 1411) بطرقهما المتّصلة بالعنعنة المقدّسة، إلى ابن طاوس، وابن شعبة، والنجاشي، والصدوق، والكليني، أئمّة الحديث الذين أثبتوا هذه الرسالة في مؤلّفاتهم، بأسانيدهم التي أثبتناها سابقاً.

وقد فصّلنا ذكر الطرق والمشايخ إلى المؤلّفات والأصول والكتب في ثبتنا الكبير (ثَبت الأسانيد العوالي من مروّيات الجلالي) والحمد لله على توفيقه.

وبعد:

فإنّ ما نقدّمه اليومَ هو أوثقُ ما طُبِعَ حتّى الآن لهذه الرسالة من النصوص - سواء ما جاء ضمن المؤلّفات أم ما طبع مستقلاًّ؟ - بالنسبة إلى المقارنة الدقيقة بين جميع النسخ والمرويّات، وإلى انتخاب النصّ الموحّد الجامع لكلّ ما جاء فيها، وإلى إخراجه وتنظيمه وترقيمه.

وأمَلُنا أنْ نكون بتقديمه، قد أدّيْنا بعض ما يجب علينا تجاه التراث الإسلاميّ العزيز، من واجبات التحمّل والصيانة، والضبط والتحقيق، والأداء والتبليغ.

والحمد لله على نعمه المتواترة، حمداً كما هو أهلُه وكما يحب أنْ يُحْمَدَ، ونصلّي ونسلّم على سيّدنا رسول الله مُحمّد، وعلى الأئمّة الأطهار من آله الأخيار أولي العدل والفضل والمجْد.

حُرّر في السابع عشر من ربيع المولود عام1417هـ.

وكتب السيّد محمّد رضا الحسيني

الجلالي         

٢٦٨

وهذه مشجّرة الأسانيد، ويظهر منها مدى الارتباط بينها، وقُرب الإسناد وبُعده في كلّ منها، ومدى أخذ بعض المصادر من الآخر.

ملاحظة: الخطوط المنقوطة تدل على أنّ السند مستخرج ولم نجده في ثبت أو مصدر، وتبدأ الأسانيد من الأسفل إلى الأعلى.

٢٦٩

رسالة الحقوق

بِسْمِ اللهِ الرَحْمنِ الرَحِيْمِ

[ المقدّمة ]

اعلم - رحمك الله - أنّ لله عليك حقوقاً محيطةً بك في كلّ حركةٍ تحرّكْتَها أو سكنةٍ سكنْتَها [ أو حالٍ حُلْتَها ] أو منزلةٍ نزلتَها أو جارحة قلَبْتَها أو آلةٍ تصرّفْتَ بها (بعضُها أكبرُ من بعض):

[ أ ] فأكبر حقوق الله عليك: ما أوجَبَهُ لنفسه تبارك وتعالى من [1] حقّه الذي هو أصل الحقوق (ومنه تُفَرّعُ).

[ ب] ثمّ ما أوجبه الله عزّ وجَل لنفسك، من قَرْنك إلى قدمك، على اختلاف جوارحك:

فجعل [2] للسانك عليك حقّاً (1) و [3] لسمعك عليك حقّاً، و [3] لبصرك عليك حقّاً، و [5] ليدك عليك حقّاً، و [6] لرجلك عليك حقّاً، و [7] لبطنك عليك حقّاً، و [8] لفرْجِك عليك حقّاً.

فهذه الجوارح السبعُ التي بها تكون الأفعال.

[ج] ثمّ جعل عزّ وجل لأفْعالك عليك حقوقاً:

فجعل [9] لصلاتك عليك حقّاً، و [10] لحجّك عليك حقّاً (2) ، و [11] لصومك عليك حقّاً، و [12] لصَدَقتك عليك حقّاً، و [13] لهَدْيك عليك حقّاً، و [14] لأفعالك عليك حقّاً.

ثمّ تخرج الحقوق منك إلى غيرك، من ذوي الحقوق الواجبة عليك، وأوجبها

____________________

(1) في التحف، أخّرَ ذكر اللسان عن السمع والبصر، هنا، لكنّه قدمه عليهما في ذكر تفصيل الحقوق، فكان ما أثبتناه هنا أنسب.

(2) الحقّ رقم [10] لم يذكر في رواية التحف، لا هنا ولا في تفصيل الحقوق، وإنّما ورد في روايات الصدوق، فقط، فلاحظ ما ذكرناه عند التفصيل عن الحقّ [10].

٢٧٠

عليك [ د ]: حقوق أئمّتك، ثم [ ها ] حقوق رعيّتك، ثمّ [ و ] حقوق رحمك، فهذه حقوق يتشعّبُ منها حقوق.

[د] فحقوق أئمّتك ثلاثة:

أوجبُها عليك [15] حق سائسك بالسلطان، ثمّ [16] حقّ سائسك بالعلم، ثمّ [17] حقّ سائسك بالمِلْك. وكل سائسٍ إمام.

[ هـ ] وحقوق رعيّتك ثلاثة:

أوجبها عليك [18] حق رعيّتك بالسُلطان، ثمّ [19] حق رعيتك بالعلم، فإنّ الجاهل رعيّة العالم، ثم [20] حقّ رعيّتك بالمِلْك: من الأزواج وما ملكت الأيمانُ.

[ و] وحقوق رَحِمكَ كثيرة، متّصلة بقَدَر اتّصال الرحم في القرابة.

فأوجبها عليك [21] حق أُمك، ثمّ [22] حقّ أبيك، ثمّ [23] حقّ ولدك، ثمّ [24] حقّ أخيك، ثمّ الأقرب فالأقرب، والأول فالأول (1) .

[ز] ثم [ حقوق الآخرين ] (2) :

[25] حقّ مولاك المُنْعم عليك، ثمّ [26 ] حقّ مولاك الجارية نِعْمَتُك عليه، ثمّ [27] حقّ ذي المعروف لديك، ثمّ [28] حقّ مُؤذّنك لصلاتك، ثمّ [29] حقّ إمامك في صلاتك، ثمّ [30] حقّ جليسك، ثمّ [31] حقّ جارك، ثمّ [32] حقّ صاحبك، ثمّ [33] حقّ شريكك، ثمّ [34] حقّ مالِك، ثمّ [35] حقّ غريمك الذي يُطالِبُك (3) ، ثمّ [36] حقّ خليطك، ثم [37] حقّ خصمك المدّعي عليك، ثمّ [38] حقّ خصمك الذي تدّعي عليه، ثمّ [39] حقّ مُسْتشيرك، ثمّ [40] حقّ المُشير عليك، ثمّ [41] حقّ مُسْتنصِحك، ثمّ [42] حقّ الناصِح لك، ثمّ [43] حقّ مَنْ هو أكبر منك، ثمّ [44] حقّ مَنْ هو أصغر منك، ثمّ [45] حقّ سائلك، ثمّ [47] حقّ مَنْ سألتَهُ، ثمّ [47] حقّ

____________________

(1) في غير التحف: الأولى فالأولى.

(2) ما بين المعقوفين هنا زيادة منّا، لتحديد عناوين أُصول الحقوق السبعة، والمعبّر عنها بـ (الحقوق الجارية...) في آخر هذه المقدّمة، فلاحظ.

(3) أضاف في النسخ هنا: (ثمّ حقّ غريمك الذي تُطَالبه) وهذا غير مذكور في تفاصيل الحقوق، لا في الصدوق ولا التحف، وبدونه تتم الحقوق: خمسين حقّاً، فالظاهر كونه زائداً.

٢٧١

مَنْ جرى لك على يَدَيْه مساءة بقولٍ أو فعل، عن تعمّدٍ منه أو غير تعمّد ثمّ [48] حقّ مَن جرى على يديه مسرّة من قول أو فعل ] (1) ثمّ [49] حقّ أهل ملّتك عامّة، ثمّ [50] حقّ أهل ذمّتك.

ثمّ (2) الحقوق الجارية بقَدَر عِلَل الأحْوال وتصرف الأسْباب.

فطوبى لِمَنْ أعانه الله على قضاء ما أوجب عليه من حقوقه، ووفّقهُ لذلك وسدّده (3) .

[ أ - حقّ الله ] (4)

[1] فأمّا حقّ الله الأكبر عليك

  - فأنْ تعبدَهُ لا تُشرِكَ به شيئاً، فإذا فعلتَ ذلك بإخْلاصٍ جَعَل لك على نفسه أنْ يكفيَكَ أمرَ الدنيا والآخرة (ويحفظَ لك ما تحب منها).

[ ب - حقوق الأعضاء ](5)

وأمّا حقّ نفسك (6) عليك: أنْ تستعملَها (7) في طاعة الله: (فتؤدّي إلى لِسانك حقّه، وإلى سمعك حقّه، وإلى بصرك حقّه، وإلى يدك حقّها، وإلى رجلك حقّها، وإلى بطنك حقّه، وإلى فرجك حقّه، وتستعينَ بالله على ذلك):

____________________

(1) هذا الحقّ مذكور في المتن في النصّين، لكنه لم يذكر هنا في مقدمة الصدوق في الخصال.

(2) كذا جاءت كلمة (ثمّ) هنا في الروايات والنسخ كلّها وأظنها مصحفة عن (هي) إشارة إلى جميع الحقوق المذكورة في [ز] ويؤيّد هذا، أنّ الرسالة - في كل نسخها - تنتهي عند ذكر (حقّ أهل الذمّة) ولم يذكر فيها عن حقوق أُخرى أيّ شي، فليلاحظ.

(3) هذه المقدمة لم يوردها الصدوق في الفقيه ولا الأمالي، وإنّما أوردها في الخصال كما في التحف.

(4 - 5) أضفنا مابين المعقوفين لتوحيد النسق مع العناوين التالية المثبتة في أصل التحف.

(6) اعتبر كثير من الذين طبعوا رسالة الحقوق في عصرنا (حقّ النفس) حقّاً منفصلاً وأعطوه رقماً مستقّلاً، فأدّى بهم ذلك إلى زيادة عدد الحقوق إلى (51) بينما هي (خمسون) قطعاً كما عرفت في المقدّمة، مع أنّ هذا هو عنوان جامع لما تحته من (حقوق الأعضاء) كما سجّلنا؛ فلاحظ، وهي معدودة في تحف العقول المطبوع مستقلاً بينما لم يورد (حقّ الحجّ) الآتي برقم [11] وسيأتي أنّ من الضروري إيراده.

(7) في نسخة: تستوفيها.

٢٧٢

[2] وأمّا حقّ اللسان:

  - فإكرامه عن الخَنى.

  - وتعويده على الخير [ والبرّ بالناس، وحسن القول فيهم ].

(- وحمله على الأدَبِ.

  - وإجمامُه إلاّ لموضع الحاجة والمنفعة للدين والدنيا.

  - وإعفاؤهُ عن الفضول الشنيعة، القليلة الفائدة التي لا يؤمَنُ ضررُها مع قِلّة فائدتها (1).

  - ويُعَدّ شاهدَ العقل، والدليل عليه، وتزين العاقل بعقله حسنُ سيرته في لسانه.

ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم) (2).

[3] وأمّا حقّ السمع:

  - فتنزيهُهُ عن أنْ تجعلَه طريقاً إلى قلبك إلاّ لفوهةٍ كريمة تُحدِث في قلبك خيراً، أو تكسب خلقاً كريماً، فإنّه باب الكلام إلى القلب، يؤدّي إليه ضروبَ المعاني على ما فيها من خيرٍ أو شر.

ولا قوة إلاّ بالله (3).

____________________

(1) في روايات الصدوق: وترك الفضول التي لا فائدة فيها.

(2) روى الكليني بسنده عن إبراهيم بن مهزم الأسدي عن أبي حمزة [ الثمالي ] عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: إنّ لسان بني آدم يُشْرف على جميع جوارحه، فيقول: كيف أصبحتم؟

فيقولون: بخيرٍ، إنْ تركتَنا. ويقولون: اللهَ، اللهَ فينا. ويُناشدونه ويقولون: إنّما نثاب [ بك ] ونعاقب بك.

الكافي(2: 115) كتاب الإيمان والكفر، باب الصمت وحفظ اللسان، ورواه في الاختصاص المنسوب إلى المفيد (ص230) وما بين المعقوفات منه.

(3) في الصدوق: فتنزيهه عن سماع الغِيْبَة، وسماع مالا يحلّ سماعه.

٢٧٣

[4] وأمّا حقّ بصرك:

  - فغضّهُ عمّا لايحلّ لك.

  - وترك ابتذاله إلاّ لموضع عِبْرةٍ تستقبلُ بها بَصَراً، أو تستفيد بها عِلماً، فإنّ البَصَر بابُ الاعتبار) (1).

[5] وأمّا حقّ يدك:

  - فأنْ لا تبسطها إلى ما لا يحلّ لك (فتنال بما تبسطها إليه من الله العقوبة في الأجل، ومن الناس بلسان اللائمة في العاجل.

  - ولا تقبضها عمّا افترضَ اللهُ عليها. ولكن توقّرها: بقَبْضها عن كثير ممّا يحلّ لها، وبسطها إلى كثيرٍ ممّا ليس عليها، فإذا هيَ قد عُقِلَتْ وشرفَتْ في العاجل وَجَبَ لها حُسْنُ الثواب من الله في الأجل) (2).

[6] وأمّا حقّ رِجْلِك (3) :

  - أنْ لا تمشيَ بها إلى ما لا يحلّ لك [ فبها تقف على الصراط، فانظر أن لا تَزِلّ بك فتردى في النار ].

(- ولا تجعلَها مطيّتَك في الطريق المستخفّة بأهلها فيها، فإنّها حاملتُك وسالكة بك مسلك الدين، والسبق لك. ولا قوّة إلاّ بالله).

[7] وأمّا حقّ بطنك:

  - فأنْ لا تجعلَه وعاءً (لقليل من) الحرام (ولا لكثير).

  - وأنْ تقتصِدَ له في الحلال، ولا تُخرجه من حدّ التقوية إلى حدّ التهوين،

____________________

(1) في الصدوق - بدل ما بين القوسين -: وتعتبر بالنظر به.

(2) مابين القوسين ليس في روايات الصدوق.

(3) في أكثر النسخ (رجليك) مع تثنية الضمائر العائدة إليها في الفقرة الأُولى. وقد أفردنا الجميع لوروده في نسخ أخرى، كما أنّه الأنسب بسائر الفِقَر.

٢٧٤

وذهاب المروءة.

  - وضبطه إذا هَمّ، بالجوع والعطش (1).

  - [ ولا تزيد على الشَبَع ] فإنّ الشَبَع المنتهي بصاحبه إلى التخم مَكْسَلة ومَثبَطة ومَقْطَعة عن كلّ برّ وكرم، وإنّ الريّ المنتهي بصاحبه إلى السُكر مَسْخَفة ومَجْهَلة ومَذْهَبة للمروءة).

[8 ] وأما حقّ فرجك:

  - (فحفظه ممّا لا يحلّ لك [ أنْ تُحْصِنَه عن الزنا، وتحفظه من أنْ يُنْظَر إليه ] والاستعانة عليه بغضّ البَصَر، فإنّه من أعون الأعوان، وكثرة ذكر الموت، والتهدّد لنفسك بالله والتخويف لها به. وبالله العصمة والتأييد، ولا حول ولا قوّة إلاّ به).

[ ج ] ثمّ حقوق الأفعال (2)

[ 9 ] فأمّا حقّ الصلاة:

  - فأن تعلم أنّها وفادة إلى الله، وأنّك قائم بها بَيْنَ يدي الله، فإذا علمتَ ذلك كنتَ خليقاً أنْ تقومَ فيها مقامَ العبد، الذليل [ الحقير]، الراغب، الراهب، الخائف، الراجي، المسكين، المتضرّع، المُعَظِّم مَنْ قامَ بَيْنَ يديه بالسُكونِ والإطْراق (3)(وخشوع الأطراف، ولين الجناح، وحسن المناجاة له في نفسه. والطلب إليه في فكاك رقبتك التي أحاطت بها خطيئتك، واستهلكتها ذنوبك).

  - [ وتُقْبل عليها بقلبك.

  - وتقيمها بحدودها وحقوقها ]

ولا قوّة إلاّ بالله.

____________________

(1) في نسخة التحف: والظمأ.

(2) هذا العنوان لم يرد في الصدوق.

(3) في الصدوق: والوقار، بدل (والإطراق).

٢٧٥

[ 10 ] [ وحقّ الحجّ:

  - أنْ تعلم أنّه وفادة إلى ربّك، وفِرار إليه من ذنوبك، وفيه قبول توبتك، وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك ] (1).

[11] وأمّا حقّ الصوم:

- فأنْ تعلم أنّه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وفرجك وبطنك. ليسترك به من النار [ فإن تركت الصوم خرقتَ سِتْرَ الله عليك ]

(وهكذا جاء في الحديث: (الصوم جُنّة من النار) فإنْ سكنتْ أطرافك في حجبتها رجوتَ أن تكون محجوباً، وإن أنتَ تركتها تضطرب في حجابها، وترفع جنبات الحجاب فتطّلعَ إلى ما ليس لها، بالنظرة الداعية للشهوة، والقوّة الخارجة عن حدّ التُقْية لله، لم تأمن أنْ تخرق الحجابَ وتخرجَ منه. ولا قوة إلاّ بالله).

[12] وأمّا حقّ الصدقة:

  - فأنْ تعلم أنّها ذخرك عند ربّك، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الإشهاد [عليها].

(فإذا علمتَ ذلك) كنتَ بما استودعتَه سِرّاً أوثق [ منك ] بما استودعته علانيةً (وكنتَ جديراً أنْ تكون أسررت إليه أمراً أعلنته، وكانَ الأمر بينك وبينه فيها سرّاً على كلّ حال، ولم تستظهر عليه في ما استودعته منها بإشهاد الأسماع والأبصار عليه بها كأنّك أوثق في نفسك لا كأنّك لا تثقّ به في تأدية وديعتك إليك.

  - [ وتعلم أنّها تدفع البلايا والأسقام عنك في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة ].

  - ثمّ لم تمتَنّ بها على أحدٍ؛ لأنّها لك، فإذا امتننتَ بها لم تأمن أنْ تكون بها مثل تهجين حالك منها إلى مَنْ مننت بها عليه؛ لأنّ في ذلك دليلاً على أنّك لم تُرِد نفسك بها، ولو أردتَ نفسك بها لم تمتَنَ بها على أحدٍ.

____________________

(1) حقّ الحجّ هذا لم يرد في تحف العقول، ووجوده ضروري، كما شرحنا في المقدّمة.

٢٧٦

ولا قوّة إلاّ بالله)

[13] وأمّا حقّ الهَدْي:

  - فأن تُخلِصَ بها الإرادة إلى ربّك، والتعرّض لرحمته وقبوله، ولا تريد عيون الناظرين دونه، فإذا كنت كذلك لم تكن متكلّفاً ولا متصَنّعاً، وكنت إنّما تقصد إلى الله (1).

[ 14 - أمّا حقّ عامّة الأفعَال ] (2)

  - واعلم أنّ الله يُراد باليسير، ولا يُراد بالعسير، كما أراد بخلقه التَيْسير ولم يُرد بهم التَعْسير.

  - وكذلك التذلّل أولى بك من التَدَهْقُن؛ لأَنّ الكُلفة والمؤونة في المتدهْقِنين، فأمّا التذلّل والتمسْكن فلا كُلْفة فيهما، ولا مؤونة عليهما، لأنّهما الخِلقة، وهما موجودان في الطبيعة. ولا قوّة إلاّ بالله.

[ د ] (ثمّ حقوق الأئمّة)(3)

[15] فأمّا حقّ سائسك بالسُلطان:

  - فأنْ تعلم أنّك جُعِلتَ له فِتنةً، وأنّه مُبتلىً فيك بما جعله الله له عليك من السُلطان.

(- وأنْ تُخلص له في النصيحة.

  - وأنْ لا تماحكه، وقد بُسِطَتْ يدُه عليك، فتكونَ سبب هلاك نفسك وهلاكه.

____________________

(1) في الصدوق: وحق الهدي: أنْ تُريد به الله عزّ وجلّ، ولا تُريد خلقه، ولا تُريد به إلاّ التعرّض لرحمة الله عزّ وجلّ ونجاة روحك يومَ تلقاهُ.

(2) هذا العنوان من وضعنا، وقد أوضحنا أنّ عدّ هذا الحقّ ضروريّ، لقوله في مقدّمة الرسالة بعد حق الهدي: (ولأفعالك عليك حقّاً) وقد شرحنا ذلك في المقدّمة، وذكرنا أنّ المؤلّفين لم يرقّموا هذا الحقّ، وهو ساقط من روايات الصدوق بالكليّة.

(3) العنوان الأصلي لم يرد في الصدوق، وكذا جميع العناوين الأصلية التالية.

٢٧٧

  - وتذلّل وتلطّف لإعطائه من الرضا ما يكفّه عنك ولا يضرّ بدينك، وتستعين عليه في ذلك بالله.

  - ولا تعازّه، ولا تعانده، فإنّك إنْ فعلتَ ذلك عقَقْتَه، وعقَقْتَ نفسك، فعرّضْتها لمكروهه، وعرّضْتَهُ للهلكة فيك، وكنت خليقاً أن تكون مُعيناً له عليه نفسك) (1)وشريكاً له في ما أتى إليك [ من سوء ].

ولا قوّة إلاّ بالله.

[16] وأمّا حقّ سائسك بالعلم:

  - فالتعظيم له.

  - والتوقير لمجلسه.

  - وحسن الاستماع إليه، والإقبال عليه.

(- والمعونة له على نفسك في ما لا غنى بك عنه من العلم، بأنْ تفرّغ له عقلك، وتحضره فهمك، وتزكي له قلبك، وتجلي له بصرك: بترك اللّذات، ونقص الشهوات.

  - و أنْ تعلم أنّك - في ما ألقى إليك - رسولُه إلى من لَقِيَك من أهل الجهل، فلزِمَك حسنُ التأدية عنه إليهم، ولا تخُنْهُ في تأدية رسالته، والقيام بها عنه إذا تقلّدتها)

[ - وأن لا ترفع عليه صوتك.

  - وأن لا تجيبَ أحداً يسأله عن شي حتّى يكونَ هو الذي يُجيب.

  - ولا تحدّثَ في مجلسه أحداً.

  - ولا تغتابَ عنده أحداً.

  - وأن تدفعَ عنه إذا ذكر عندك بسوء.

  - وأنْ تستر عيوبه.

  - وتُظهر مناقبه.

  - ولا تُجالس له عدوّاً.

  - ولا تُعادي له وليّاً.

____________________

(1) في الصدوق بدل ما بين القوسين قوله: وأنّ عليك أنْ لا تتعرّض لسخطه، فتُلقي بيدك إلى التهلكة، وتكون شريكاً له في ما يأتي إليك من سوء.

٢٧٨

فإذا فعلتَ ذلك شهدتْ ملائكةُ الله عزّ وجلّ بأنّك قصدتَهُ وتعلّمتَ علمه لله جلّ وعزّ اسمه، لا للناس ] (1).

ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

[17] وأمّا حقّ سائسك بالمِلْك:

  - فنحو من سائسك بالسلطان، إلاّ أنّ هذا يملك مالا يملكه ذاك، تلزمك طاعته في ما دَقّ وجلّ منك إلاّ أنْ تخرجَك من وجوب حقّ الله، فإنْ حقّ الله يحول بينك وبين حقّه وحقوق الخلق، فإذا قضيته رجعتَ إلى حقّه فتشاغلت به.

ولا قوّة إلاّ بالله (2).

[ هـ ] (ثمّ حقوق الرعيّة)

[18] فأمّا حقّ رعيّتك بالسُلطان:

  - (فأنْ تعلمَ أنّك إنّما اسْترعيتَهم بفضل قوّتك عليهم، فإنّه إنّما أحلّهم محلّ الرعيّة لك ضعفهم، وذلّهم، فما أولى مَنْ كفاكَهُ ضعفُهُ وذلّه - حتّى صيّره لك رعيّةً، وصيّر حكمك عليه نافذاً، لا يمتنع عنك بعزّةٍ ولا قوّةٍ، ولا يستنصر في ما تعاظمه منك إلاّ بالله - بالرحمة والحياطة والأناة) (3)[ - فيجب أنْ تعدِلَ فيهم، وتكونَ لهم كالوالد الرحيم.

  - وتغفر لهم جهلهم.

  - ولا تعاجلهم بالعقوبة ]

(وما أولاك - إذا عرفت ما أعطاك الله من فضل هذه العزّة والقوّة التي قهرت بها - أنْ تكون لله شاكراً [ وتشكر الله عزّ وجل على ما آتاك من القوّة عليهم ] ومَنْ شكر الله أعطاه في ما أنعم عليه.

____________________

(1) ما بين المعقوفين ورد في الصدوق، وأكثر المذكورات من حقوق المعلّم مذكور في حديث مسند إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، لاحظ آداب المتعلمين (ص74 - 77) الفقرة [21].

(2) في الصدوق بدل هذا الحقّ: فأن تطيعه، ولا تعصيه، إلاّ في ما يسخط الله عزّ وجلّ، فإنّه لا طاعة لمخلوقٍ في معصيةِ الخالق.

(3) في الصدوق: فأن تعلم أنّهم صاروا رعيتّك لضعفهم وقوّتك.

٢٧٩

ولا قوّة إلاّ بالله).

[19] وأمّا حقّ رعيّتك بالعلم:

  - فأن تعلم أنّ الله قد جعلك قيّماً لهم في ما آتاك من العلم، وولاّك (1)من خزانة الحكمة.

فإنْ أحسنْت في [ تعليم الناس ] (ما ولاّك الله من ذلك، (ولم تخرق بهم ولم تضجر عليهم ] وقمتَ لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبيده، الصابر المحتسب الذي إذا رأى ذا حاجةٍ أخرج له من الأموال التي في يديه [ زادك الله من فضله ] كنت راشداً، وكنتَ لذلك آملاً معتقداً. وإلاّ (2) كنتَ له خائناً، ولخلقه ظالماً، ولسلبه وغِره متعرّضاً)

[ كان حقّاً على الله عزّ وجلّ أنْ يسلبَك العلم، وبهاءهُ، ويُسقطَ من القلوب محلّك ].

[20 وأمّا حقّ رعيّتك بالملك ] (3)

وأمّا حقّ رعيتك بملك النكاح (4)

  - فأنْ تعلم أنّ الله جعلها لك سَكَناً (ومستراحاً) وأُنْسَاً (وواقيةً

  - وكذلك كلّ واحد منكما يجب أنْ يحمد الله على صاحبه) ويعلم أنّ ذلك نعمة منه عليه (ووجب أنْ يُحسن صحبة نعمة الله).

  - فتكرّمها وترفق بها.

  - وإن كان حقّك عليها أوجب (5)(وطاعتك لها ألزم في ما أحببتَ وكرهتَ، ما لم تكن معصيةً) فإنّ لها [عليك ] حقّ الرحمة والمؤانسة) أنْ ترحمها، لأنّها أسيرك.

  - وتطعمها، وتسقيها، وتكسوها.

  - فإذا جهلتْ عفوت عنها

____________________

(1) في الصدوق: وفتح لك، بدل (وولاك).

(2) في الصدوق: وإن أنت منعت الناس علمك، أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك.

(3) هذا العنوان منّا لتوحيد النسق، ولكنّ المؤلّفين جعلوا ما تحته حقّين: حق الزوجة، وحقّ ملك اليمين، وهو سهو كما شرحنا في المقدّمة.

(4) في الصدوق: وأمّا حقّ الزوجة.

(5) في تحف العقول: أغلظ، بدل: أوجب.

٢٨٠