الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة

الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة0%

الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة مؤلف:
الناشر: المركز العالمي للدراسات الإسلامية
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 183

الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد العبادي
الناشر: المركز العالمي للدراسات الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 183
المشاهدات: 94672
تحميل: 6615

توضيحات:

الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 183 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 94672 / تحميل: 6615
الحجم الحجم الحجم
الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة

الإمام علي (عليه السلام) وتنمية ثقافة أهل الكوفة

مؤلف:
الناشر: المركز العالمي للدراسات الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الحادثة الثانية: التي تدل على رواج الثقافة الجاهلية، أنّ امرأتين أتتا علياً ( عليه السلام ) إحداهما من العرب والأخرى من الموالي فسأَلَتاه، فدفع إليهما دراهم وطعاماً بالسّواء. فقالت إحداهما: إنّي امرأة من العرب وهذه من العجم! فقال:( إنّي والله لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفيء فضلاً على بني إسحاق ) (١) .

الإمام علي كان يشاهد هذه الظواهر الجاهلية وتأثيرها السلبي على الإسلام وأحكامه، حيث إنّها تجعل المتقلّد بها نافضاً يد الطاعة،( أَلا وَإِنَّكُمْ قَدْ نَفَضْتُمْ أَيْدِيَكُمْ مِنْ حَبْلِ الطَّاعَةِ، وَثَلَمْتُمْ حِصْنَ اللَّهِ الْمَضْرُوبَ عَلَيْكُمْ بِأَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ ) (٢) .

قد يخطر السؤال التالي، كيف لهؤلاء الذين أعلنوا الإسلام أن يكونوا غير مطيعين لأحكامه؟ ألم يكن إسلامهم كافياً في أن يُصبحوا ضمن المسلمين؟.

إنّ هؤلاء أسلموا بعد إذ لم يكن بدّ من التلوّن والميل إلى الإسلام، وقد كانوا مكرهين مقهورين - حيث انعدمت الوسائل وتقطّعت بهم الأسباب - إمّا الموت أو الإسلام، فأُرغموا على القبول،( فَوَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا أَسْلَمُوا وَلَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَأَسَرُّوا الْكُفْرَ فَلَمَّا وَجَدُوا أَعْوَاناً عَلَيْهِ أَظْهَرُوهُ ) (٣) .

نعم، إنّهم عادوا إلى أيامهم الأُولى في الزمن المندثر قبل الإسلام، والإمام

____________________

(١) الغارات: ١/٧٠، بحار الأنوار: ٤١/١٣٧، كنز العمال: ٦/٦١٠.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ١٩٢.

(٣) نفس المصدر.

٢١

ذكّرهم بنعمة الإسلام، وبإنذار الرسول لهم وأمانته وصدقه، كما عرّفهم بالمقام الذي كانوا فيه،( إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً ( صلّى الله عليه وآله ) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ وَأَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ، وَأَنْتُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ عَلَى شَرِّ دِينٍ وَفِي شَرِّ دَارٍ مُنِيخُونَ بَيْنَ حِجَارَةٍ خُشْنٍ وَحَيَّاتٍ صُمٍّ، تَشْرَبُونَ الْكَدِرَ وَتَأْكُلُونَ الْجَشِبَ، وَتَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَتَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ، الأَصْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ وَالآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ ) (١) .

كتب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كتاباً بعد منصرفه من النهروان وأمر أن يُقرأ على الناس، وممّا ذكر في الكتاب قوله ( عليه السلام ):( بعث الله محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وأنتم معاشر العرب على شرّ حالٍ، يغدو أحدكم كلبه ويقتل وُلده، ويُغير على غيره فيرجع وقد أُغير عليه، تأكلون العلهز والهَبيد والميتة ) (٢) .

إنّ الوضع الثقافي الجاهلي الذي كان سائداً قبل الإسلام لا يمكن تجاوز آثاره بسهولة؛ ولهذا نلاحظ أنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يذكر في غير موضع الوضع الجاهلي ذاماً له ولتقاليده، وحاثاً الناس إلى التزام تعاليم الإسلام.

٢. ثقافة دخيلة

يمكن تقسيم هذه الثقافة إلى نوعين:

أ. ثقافة دخيلة للديانات المختلفة ، ترجع إلى زمن ما قبل الإسلام حيث ( كان في العرب مَن يميل إلى اليهودية، منهم جماعة من التبابعة وملوك اليمن، ومنهم نصارى كبني تغلب والعِبادييّن رهط عديّ بن زيد ونصارى نجران،

____________________

(١) نفس المصدر: الخطبة ٢٦.

(٢) سفينة البحار: ١/٧١٧.

٢٢

ومنهم مَن كان يميل إلى الصابئة ويقول بالنجوم والأنواء )(١) .

إنّ هذه الثقافة الدخيلة ليست بغريبة عن ثقافة العرب، بل هي ثقافة دخيلة على الثقافة الإسلامية، لكن ما هي علاقة هذه الثقافة بأهل الكوفة؟ أليس هذه الثقافة قد ولّت واندحرت بعد مجيء الإسلام؟.

أمّا علاقة هذه الثقافة بأهل الكوفة، فالتاريخ ينقل أنّ قسماً من اليهود قد تم إجلائهم سنة ٢٠ هـ إلى الكوفة من قِبَل الخليفة عمر، ( فيها أجلى يهود نجران إلى الكوفة - فيما زعم الواقدي - )(٢) وهذا يعني انتقال هذه الثقافة عن مركز المدينة التي يوجد فيها كثير من المهاجرين والأنصار، وانتقالهم يسمح لهم بممارسة أنشطتهم، لا سيما وأنّ المسلمون في سنة ٢٠ هـ وحتى سنة ٣٢ هـ قد انشغلوا بالفتوحات العسكرية والغنائم، وأنّ عدداً آخر كان قد سكن الكوفة: ( فهاجر هؤلاء التغلبيّون ومَن أطاعهم من النمر وإياد إلى سعد بالمدائن ونزلوا بالمدائن ونزلوا معه بعد بالكوفة ) (٣) .

أمّا مسألة اندحار هذه الثقافة وإدبارها بعد مجيء الإسلام، فالملاحظ على ما يرويه المؤرّخون أنّ اليهود والنصارى كانوا يمارسون أنشطةً مختلفةً تتنافى مع التعاليم الإسلامية في مدينة الكوفة زمن الخليفة عثمان، حيث كان قد أرسل إلى ولاية الكوفة الوليد بن عقبة، والوليد هذا كان ملازماً ورفيقاً

____________________

(١) شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد: ١/١٢٠.

(٢) تاريخ الطبري: ٢/٥١٦.

(٣) الكامل في التاريخ: ٢/١٤٩.

٢٣

لأحد النصارى من بني تغلب، وقد تعرّف عليه أثناء وجوده بالجزيرة، ويدعى هذا النصراني أبو زبيد الشاعر وهو من المدمنين على احتساء الخمر، حتى أنّ أهل الكوفة كانوا ينهونه عن مرافقة أبو زبيد له، إلاّ أنّه لا يعتني بذلك، ( كان الوليد يُدخل أبا زبيد المسجد وهو نصراني، ويجري عليه وظيفةً مَن خمرٍ وخنازيرٍ تقام له كل شهر، فقيل له قد عظم إنكار الناس لِما تُجري على أبي زبيد، فقوّم ما كان وظّف له دراهم وضمّها إلى رزق كان يجريه عليه )(١) .

أكثر من ذلك قد فعله ( الوليد بن عقبة في مسجد الكوفة، وذلك أنّه بلغه عن رجل من اليهود من ساكني قرية من قرى الكوفة ممّا يلي جسر بابل يقال له زرارة يعمل أنواعاً من الشعبذة والسحر، يُعرف ببطروني فأحضره فأراه في المسجد ضرباً من التخييل، وهو أن أظهر له في الليل فيلاً عظيماً على فرس يركض في صحن المسجد، ثمّ صار اليهودي ناقةً يمشي على حبل، ثمّ أراه صورة حمار دخل من فيه خرج من دبره، ثمّ ضرب عنق رجل ففرّق بين جسده و رأسه، ثمّ أمرّ السيف عليه فقام الرجل وكان جماعة من أهل الكوفة حضوراً )(٢) .

إنّ إدخال رجل يهودي إلى مسجد الكوفة، والسماح له بعمل أنواع من الشعبذة والسحر، يُعتبر ترويجاً للثقافات الغريبة عن الثقافة الإسلامية، و هذا دليل آخر على عدم سكون الثقافات الدخيلة داخل إطار الثقافة الإسلامية.

____________________

(١) تاريخ أبي مِخنَف: ١/٧٣.

(٢) مروج الذهب: ٢/٣٣٨.

٢٤

قد أصبح - فيما بعد - لدى المنتسبين إلى الثقافات الدخيلة من الديانات الأخرى، نوع انفلات من أحكام الإسلام، وعدم الالتزام بالعهود المفروضة عليهم؛ وذلك بعد توجّه المسلمين إلى أحداث أهم؛ لذا كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يرتقب الفرصة لعلاج هذه القضية، ( فكان علي ( عليه السلام ) يقول:( لئن تفرّغتُ لبني تغلب ليكونَنّ لي فيهم رأي، لأَقتلنّ مقاتلهم ولأَسبينّ ذرّيتهم، فقد نقضوا العهد وبرئت منهم الذمّة حين نصّروا أولادهم ) (١) .

ثمّ إنّ بعض أفراد هذه الثقافة الدخيلة أخذ يدخل في مناظرات دينية وذلك عند حضور الناس، إلاّ أنّ أمير المؤمنين قطع عليهم الطريق في التأثير على المسلمين عندما ابتدرهم بأسئلة مفحمة عجزوا عن تحديد إجابة واضحة وصحيحة فيها، ( قال سليم بن قيس: إنّي لجالس أنا وعليّ ( عليه السلام ) والناس حوله، إذا أتاه رأس اليهود ورأس النصارى، فأقبل على رأس اليهود فقال:( علي كم تفرّقت اليهود؟ فقال: هو عندي مكتوب في كتاب، فقال عليّ ( عليه السلام ):قاتل الله زعيم قوم يسأل عن مثل هذا عن أمر دينه فيقول: هو عندي في كتاب ، قال: ثمّ قال لرأس النصارى:كمَن تفرّقت النصارى؟ قال: على كذا وكذا، فأخطأ، فقال عليّ ( عليه السلام ):لو قلت كما قال صاحبك كان خيراً من أن تقول وتخطئ ).

ثمّ أقبل عليهما عليّ ( عليه السلام ) وعلى الناس فقال:( أنا والله أعلم بالتوراة من أهل التوراة، وأعلم بالإنجيل من أهل الإنجيل، وأعلم بالقرآن من أهل القرآن، أنا أخبركم ) (٢) .

____________________

(١) البلدان وفتوحها وأحكامها: ٢١٥.

(٢) كتاب سليم بن قيس الهلالي: ٢/٩١٣.

٢٥

تشير بعض الأحداث الداخلية التي حصلت في داخل حدود الخلافة الإسلامية إلى وجود انعكاسات خطيرة بعد الفتن المتلاحقة - حيث كانت معركة الجمل في جمادي سنة ست وثلاثين، ووقعة صفين في سنة سبع وثلاثين، ووقعة النهروان مع الخوارج في سنة ثمان وثلاثين - فقد ارتدّ عدد من الناس عن الإسلام إلى النصرانية، ( ومضى الحارث بن راشد الناجي في ثلاثمِئة من الناس فارتدوا إلى دين النصرانية، وهم من وُلد سامة بن لؤي بن غالب )(١) .

وهكذا نلاحظ وجود ثقافة دخيلة لأديان من غير الدين الإسلامي.

ب. ثقافة دخيلة لقوميات مختلفة، هذه الثقافة تعود إلى السنين الأُولى من تأسيس الكوفة، ( كان مع رستم يوم القادسية أربعة آلاف يُسمّون جند شاهنشاه، فاستأمنوا على أن ينزلوا حيث أحبوا، ويحالفوا مَن أحبوا، ويُفرض لهم في العطاء، فأعطوا الذي سألوه، وحالفوا زهرة بن حوية السعدي من بني تميم وأنزلهم سعد بحيث اختاروا )(٢) وكان هؤلاء قد ( شهدوا فتح المدائن مع سعد، وشهدوا فتح جلولاء، ثمّ تحوّلوا فنزلوا الكوفة مع المسلمين )(٣) .

إنّ اندماج أربعة آلاف نفر من البلاط الملكي في داخل الكوفة آنذاك يمثل وجود ثقافة أخرى إلى جانب الثقافة الإسلامية.

____________________

(١) مروج الذهب: ٢/٤٠٧.

(٢) البلدان وفتوحها وأحكامها: ٣٢٤.

(٣) نفس المصدر.

٢٦

يرى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنّ الخير في عدم التأثر من الثقافات الأخرى؛ لأنّ ذلك دليل على الانسياق والتبعية الثقافية التي تبدأ من أشياء بسيطة إلى أن تنتقل إلى أطوار أكبر في نفوذ الثقافات الأخرى، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال:( كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يقول: لا تزال هذه الأمّة بخير ما لم يلبسوا لباس العجم، ويطعموا أطعمة العجم، فإذا فعلوا ذلك ضربهم الله بالذّلّ ) (١) .

٣. ثقافة إسلامية

لاشك أنّ الدين الإسلامي دين جامع فهو( حَدِيثاً لِمَنْ رَوَى وَحُكْماً لِمَنْ قَضَى ) (٢) .

وقد أخذ المسلمون من هذا الدين كلٌ بقدره و وسعه؛ لأنّ الإسلام( رَفِيعُ الْغَايَةِ جَامِعُ الْحَلْبَةِ ) (٣) .

يروي لنا التاريخ كثيراً من الظواهر والأحداث التي تنم عن وجود الثقافة الإسلامية، وتركيز مفاهيمها بين المسلمين، ففي واقعة الجمل التي حدثت في جمادي الثاني سنة ٣٦هـ، كان المسلمون ينشدون أشعاراً يذكرون

____________________

(١) بحار الأنوار: ٦٦/٣٢٣.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ١٨.

(٣) نفس المصدر: الخطبة ١٠٦.

٢٧

فيها مقام الإمام علي ( عليه السلام ) وأنّه الخليفة والوصي، وقال رجل من الأزد يوم الجمل:

هذا عليّ وهو الوصيّ

آخاه يوم النَّجوَةِ النبيّ

وقال هذا بعدى الوليّ

وَعاه واعٍ ونسي الشقيّ

وقال سعيد بن قيس الهمداني يوم الجمل وكان في عسكر علي ( عليه السلام ):

أَيّةُ حربٍ أُضرِمت نيرانُها

وكُسرت يوم الوغى مُرّانُها

قل للوصيّ أقبلت قحطانُها

فادعُ بها تكفيكَها همدانُها

هم بنوها وهُمُ إخوانها

وقال زياد بن لبيد الأنصاريّ يوم الجمل، وكان من أصحاب علي ( عليه السلام ):

كيف ترى الأنصار في يوم الكلَب

إنّا أناس لا نبالي مَن عَطب

ولا نبالي في الوصيّ مَن غضب

وإنّما الأنصار جدّ كعب

هـذا عليّ وابن عبد المطّلب

ننصره اليوم على مَن قد كذب

مَن يكسب البغي فبئسما اكتسب(١)

إنّ معركة الجمل كانت قبل مجيء الإمام إلى الكوفة، فكان المسلمون لديهم صورة، وثقافة عن موقع الإمام في جسم الأمّة، وأنّ محله هو القطب منها.

والمسلمون إلى حفظهم لكثير من الآيات القرآنية، فإنّ لديهم معرفةً بالسنّة وبالأحاديث التي كان النبيّ يلقيها على مسامع الناس؛ ليهديهم إلى

____________________

(١) نهج البلاغة، ابن أبي الحديد: ١/١٤٤.

٢٨

التمسّك بالحق ومعرفته ( عن شهر بن حوشب قال: سمعت أبا أمامة الباهليّ يقول: والله لا يمنعني مكان معاوية أن أقول الحقّ في عليّ ( عليه السلام )، سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول:( عليّ أفضلكم، وفي الدّين أفقهكم، وبسنّتي أبصركم، ولكتاب الله أقرؤكم، الّلهمّ إنّي أُحبّ عليّاً فأحبّه، الّلهمّ إنّي أُحِبُ عليّاً فأحبّه ) (١) .

وبعد الانتهاء من قتال الناكثين، وقدوم أمير المؤمنين الكوفة في ١٣ رجب سنة ٣٦ هـ، عمد الإمام إلى إعطاء تعريف لكلّ الأمور التي يلاحظها، أو يسأل عنها، أو تلك التي حصلت على شكل فتن داخلية، وسارع الإمام في كل المواقع في أن يُظهر الإسلام بشكله الصحيح حقيقته للناس.

وسعى الإمام جاهداً في تسريع حركة المسلمين، وتصحيح مقاصدهم، فقديماً عند ما أُسست الكوفة سنة ١٧هـ كانت الأسباب ماديةً، وربّما تتعلق بالحرب ( ولمّا نزلها سعد كتب إلى عمر: ( إنّي نزلت بالكوفة منزلاً فيما بين الحيرة والفرات برّياً وبحريّاً ينبت الحلفاء والنَّصيّ ) (٢) ، ( وكتب إلى سعد في بعثه روّاداً يرتادون منزلاً بريّاً بحريّاً، فإنّ العرب لا يصلحها من البلدان إلاّ ما أصلح البعير والشاة ) (٣) .

أمّا بعد قدوم الإمام فقد اختلفت النظرة إلى مدينة الكوفة حيث إنّها أصبحت مركزاً معنوياً، وكان عليٌّ ( عليه السلام ) يقول:( الكوفة كنز الإيمان،

____________________

(١) الأمالي، الشيخ المفيد: ٩٠.

(٢) الكامل في التاريخ: ٢/١٥٠.

(٣) تاريخ الطبري: ٢/٤٧٨.

٢٩

وحجة الإسلام، وسيف الله ورمحه، يضعه حيث يشاء ) (١) .

ومن هنا نلاحظ أنّ الإمام ( عليه السلام ) قام بتعزيز الثقافة الإسلامية، وإعادة نصابها إلى واقع المسلمين.

____________________

(١) معجم البلدان: ٤/٥٥٩.

٣٠

الفصل الثاني: الإمام علي ( عليه السلام ) والمراحل الثقافية

الأعمال الصالحة والخطب والمواعظ الكثيرة التي ألقاها الإمام ( عليه السلام ) بين أهل الكوفة إنّما هي كما عبّر عنها بقوله:( دواء دائكم، ونظم ما بينكم ) (١) .

وقد كانت هناك مرحلية ثقافية في عملية التطوير الثقافي نراها واضحةً من خلال هذه الرواية الشريفة، حيث جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال:( أيّها السائل، استمع، ثمّ استفهم، ثمّ استيقن، ثمّ استعمل، واعلم أنّ الناس ثلاثة: زاهدٌ وصابرٌ وراغبٌ ) (٢) .

المراحل الثقافية هي:

١. التوجيه

التوجيه في اللغة من وجه، ( وجّهت الشيء أرسلته في جهةٍ واحدةٍ )(٣) .

مقصودنا من التوجيه هو تسيير النّاس على الجادة الصحيحة غير

____________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ١٥٨.

(٢) الأصول من الكافي: ٢/٤٥٥.

(٣) مفردات ألفاظ القرآن: ٥٨٥.

٣١

تعليمهم وتربيتهم وحسب حاجة الناس إليها،( إنّ النّاس إلى صالح الأدب أحوج منهم إلى الفضّة والذهب ) (١) .

قد بدأ توجيه الإمام للناس وصقل آدابهم عبر تعليمهم حدود الإسلام والإيمان الذي به يهتدون إلى صراط الله،( على الإمام أن يعلّم أهل ولايته حدود الإسلام والإيمان ) (٢) .

ممّا شرع به تعليمه للناس التوبة وكيفية العودة إلى الله تعالى،( عجبت لمَن يقنط ومعه الاستغفار ) (٣) .

وحكى عنه الإمام أبو جعفر محمد بن علي الباقر ( عليه السلام ) أنّه قال:( كان في الأرض أمانان من عذاب الله، وقد رُفع أحدهما، فدونكم الأخر فتمسّكوا به، أمّا الأمان الّذي رُفع فهو رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وأمّا الأمان الباقي فالاستغفار ) (٤) .

كان التوجيه من قِبَل الإمام ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً، لا يصرفه عنه جهاد ولا يقعده عنه سبب، روي أنّه ( عليه السلام ) كان إذا فرغ من الجهاد يتفرّغ لتعليم الناس والقضاء بينهم(٥) .

تجدر الإشارة إلى أنّ التوجيه يقع عبئه الثقيل على الإمام ( عليه السلام ) والنّاس دورهم فيه دور المستمع والمتلقّي، وهو ( استمع ) كما في الرواية عن الكافي

____________________

(١) موسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ): ٤/١٥٩.

(٢) نفس المصدر.

(٣) نهج البلاغة / الحكمة: ٨٧، العقد الفريد: ٣/١٤٠.

(٤) نفس المصدر / الحكمة: ٨٨.

(٥) موسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ): ٤/١٦٠.

٣٢

٢. التأهيل

التأهيل في كتب اللغة بمعنى ( رآه له أهلاً )(١) مقصودنا من التأهيل هو أن يترشّح الأفراد ويتقدّمون على غيرهم بعد وضوح علامات الفهم والتعلّم عليهم.

هذه المرحلة تكون مشتركة بين الإمام ( عليه السلام )، وأفراد من الرعية ممّن أخذ من التوجيه؛ حيث إنّ التأهيل يعدّ مرحلةً متأخرة عن التوجيه، والأشخاص عندما يتأهلون إلى مرحلة أعلى يلاحظ ذلك عليهم من خلال تفاعلهم، ومن نوع الأسئلة التي تنقدح في أذهانهم والقضايا التي تهمهم، ذلك يختلف حسب أفهام الناس ودرجاتهم، وقد سُئل ( عليه السلام ) عن الخير ما هو؟ فقال:(لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ، وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ، وَأَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وَأَنْ تُبَاهِيَ النَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ، فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اللَّهَ وَإِنْ أَسَأْتَ اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ ) (٢) .

إنّ نوع بعض الأسئلة التي وجهت إلى الإمام عادية، وربّما كانت هناك أسئلة أهم منها، لكن أليس من وظيفة الإمام ( عليه السلام ) تعليمهم وتوجيهم إلى الأسئلة الضرورية حتى يتأهلوا أو يصلوا إلى درجة أرفع؟ نعم لقد ألقى الإمام على مسامعهم وعرّفهم الأسئلة التي لها علاقة بهم، والتي هي واقعية وحقيقية عن غيرها،(لا تَسْأَلْ عَمَّا لا يَكُونُ فَفِي الَّذِي قَدْ كَانَ لَكَ شُغُلٌ ) (٣) .

____________________

(١) لسان العرب: ١/٢٥٤.

(٢) نهج البلاغة / الحكمة: ٩٤؛ موسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ): ٤/١٦١.

(٣) نفس المصدر / الحكمة: ٣٦٤.

٣٣

لذا كان البعض ممّن تأهل إلى المعرفة والعمل نجده قد استفاد من توجيهات أمير المؤمنين وأخذ يسأله عن قضايا عقائدية ضرورية، سئل عن التوحيد والعدل، فقال ( عليه السلام ):( التَّوْحِيدُ أَلاّ تَتَوَهَّمَهُ وَالْعَدْلُ أَلاّ تَتَّهِمَهُ ) (١) .

هذه المرحلة هي( استفهم ثمّ استيقن ) من رواية الكافي.

٣. التنمية

( نما الشيء نماءً: زاد وكثر )(٢) المقصود من التنمية هي استعمال العلم.

هذه المرحلة تقع مسؤوليتها على عاتق أفراد الأمّة ( أهل الكوفة ) حيث إنّ استعمال العلم يعدّ المرحلة الأخيرة،( ثمّ استعمل ) كما في الرواية.

لقد ظهرت ثمرات جهود الإمام ( عليه السلام ) على جزء من أفراد الأمّة في وقعة صفين؛ ذلك من خلال الأشعار التي أنشدوها في مدح أمير المؤمنين وذمّ معاوية وجنوده.

قال النجاشي يمدح علياً:

إنيّ أخال عليّاً غير مرتدعٍ

حتّى يؤدّى كتابُ اللهِ والذّممُ

حتى ترى النّقع معصوباً بأئمته

نقع القبائل في عرنينه شَممُ

قال حجر بن عديّ الكندي:

____________________

(١) نفس المصدر / الحكمة: ٤٧٠.

(٢) المعجم الوسيط: ٢/١٠٥٢.

٣٤

يا ربّنا سلّم لنا عليّا

سلِّم لنا المهذّب النقيّا

المؤمن المسترشد المرضيّا

واجعله هادي أمّةٍ مهديّا

لا أَخطلَ الرّأي ولا غيباً

واحفظه ربّي حفظَك النّبيّا

فإنّه كان له وليّا

ثمّ ارتضاه بعده وصيّا(١)

امتدح أبو أسماء العبدي عليّاً ( عليه السلام ) بصفّين فقال:

وجدنا علياً إن بلونا فعالَه

صبوراً على اللأواء صلب المكاسر

هـو الليث إن حاربته وندبته

مشى حاسراً للموت أو غير حاسر

فلمّا أنشدها أبو أسماء عليّاً قال:( رحمك الله يا أبا أسماء، وأسمعك خيراً [ إنّي ] وإن أكن [ كذلك ] فإنّك من قومٍ نجباء، أهل حبّ ووفاء ) ووهب له مملوكاً كان لعلي ( عليه السلام ) (٢) .

كذلك يمكن ملاحظة التنمية الثقافية من خلال المواقف الولائية في نصرة الحق من قِبَل بعض الأصحاب، مثل جندب بن زهير الأزدي والحارث الأعور الهمداني وعمرو بن الحمق وحجر بن عدي.

نذكر من باب الشاهد موقف عمرو بن الحمق الخزاعي حيث إنّه قال لأمير المؤمنين ( عليه السلام ):

( فو الله لو كُلّفت نقل الجبال الرواسي ونزح البحار الطوامي أبداً حتى يأتي عليّ يومي في شيء أوهن به عدوّك، وأقوّي به وليّك، ويعلي الله كعبك،

____________________

(١) وقعة صفين: ٣٧٢، شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد: ١/١٤٥.

(٢) مناقب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) / الحافظ محمد بن سليمان الكوفي: ٢/٢٨٣.

٣٥

ويفلج الله عليّ به حجّتك، ما ظننت أنّي أدّيت كلّ الّذي [ يحق ] عليّ من حقّك ) فقال عليّ:( الّلهمّ نوّر قلبه باليقين واهده الصراط المستقيم، ليت في جندي مِئة مثلك ) (١) .

____________________

(١) المعيار والموازنة: ١٢٨.

٣٦

الفصل الثالث: الإمام علي ( عليه السلام ) والمجالات الثقافية

المواقع الثقافية التي خطى إليها الإمام، كانت مختلفةً باختلاف الأحداث والأماكن والأوقات، وكان لكل مجال ثقافي نوع خطاب يتناسب والمقام الذي عليه الناس.

سوف نتناول المجالات الثقافية التي عمل الإمام ( عليه السلام ) على نشر الثقافة فيها، وهي ما يلي:

أوّلاً: في الحرب

إنّ ما نعنيه بهذا المجال هو الطريقة والخطوات التي اتبعها أمير المؤمنين قبل الدخول في الحرب؛ لأنّ الحرب هي حصول حالة صِدام من تطاعن ودماء، أمّا ما قبل الحرب فهي ثقافة قبل الدخول فيها، والحرب ذُكرت من باب السبب إلى وجود هذا المجال.

٣٧

قد يُسأل ما علاقة الحرب بأهل الكوفة، إذا كانت أحداثها تقع خارج حدود مدينة الكوفة؟

إنّ من السواد الأعظم الذين شاركوا في الحرب مع أمير المؤمنين من أهل الكوفة وما يقع فيها يعنيهم ويؤثر فيهم.

في الحرب اتبع الإمام أصولاً وتعاليم وخطوات وهي:

أ. التعبئة العامة الاختيار:

قام أمير المؤمنين بإرسال موفدين من قبله؛ لتعبئة الناس في الكوفة، ( وبعث علي من الربذة هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الزهري إلى أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري وكان عامله على الكوفة، بكتاب منه يأمره فيه بدعاء الناس واستنفارهم إليه )(١) إلاّ أنّ أبا موسى اخذ يخذّل الناس ولم يوافق على هذه التعبئة العسكرية.

أرسل الإمام مرةً أخرى عبد الله بن عباس ومحمد بن أبي بكر لتعبئة أهل الكوفة؛ إلاّ أنّ جهودهما لن تفلح في ثني أبا موسى عن موقفه وتعبئة الناس، ومرّة ثالثة أرسل الإمام الحسن ( عليه السلام ) وعمّار بن ياسر حيث عزل أبا موسى الأشعري عن الكوفة، وتولّى العمل فيها قرظة بن كعب الأنصاري، وتمّ تعبئة تسعة آلاف وستمِئة وخمسون نفراً.

أمير المؤمنين كان يرى هذه التعبئة ضرورية؛ لأنّ القدرة العسكرية الكبيرة والأعداد الكثيرة، قد تمنع الناكثين وتصدهم عن خوض الحرب على اعتبار أنّ النتيجة محسومة للأقوى.

____________________

(١) أنساب الأشراف: ٣/٣١.

٣٨

كما أنّ الاحتياط والضرورة يقضيان بأنّ على الإمام ( عليه السلام ) أن يحتاط في تعبئة الناس للاحتمالات المجهولة، بالاستفادة من الإمكانيات والقدرات الموجودة عنده.

ب. الخيار السلمي والتأني:

كان أمير المؤمنين قد أعطى فرصةً كبيرة للمراجعة والحل السلمي سواء في معركة الجمل أو صفّين أو النهروان، فالإمام لا يرى فرصةً إلاّ وقد استغلها في سبيل الإصلاح، ففي معركة الجمل لم يكن ليدخل الحرب بعد وصوله البصرة إلا بعد ثلاثة أيام، بعد ما نفدت الطرق السلمية في إعادة الناكثين إلى الصواب، كذا في معركة صفّين أخذ الإمام يرسل الرسل والكتب والنصائح إلى معاوية وقرينه عمرو بن العاص، أيضاً فعل مع الخوارج المارقين كما فعل بأقرانهم السابقين حيث نصحهم ووعظهم فلم يمتثلوا.

الحل السلمي والتأني كان خياراً حقيقياً لازماً لعلي ( عليه السلام )، ( وقام إلى علي بن أبي طالب أقوامٌ من أهل الكوفة يسألونه إقدامهم، فقام إليه فيمَن قام الأعور بن بنان المِنقريّ، فقال له عليّ:( على الإصلاح وإطفاء النائرة، لعلّ الله يجمع شمل هذه الأمّة بنا ويضع حربهم، وقد أجابوني. قال: فإن لم يجيبونا؟ قال:تركناهم ما تركونا، قال: فإن لم يتركونا؟ قال:دفعناهم عن أنفسنا . قال: فهل لهم مثل ما عليهم من هذا؟قال: نعم ) (١) .

سعى الإمام إلى معالجة وامتصاص الناكثين بالرفق و

____________________

(١) الفتوح: ٢/٣١٠.

٣٩

الإصلاح.

فعندما قدم أهل الكوفة على الإمام ( عليه السلام ) لملاقاة أصحاب الجمل ركب إليهم مرحّباً وقال:( يا أهل الكوفة، دعوتكم لتشهدوا معنا إخواننا من أهل البصرة فإن يرجعوا فهو الذي نريد، وان يلحوا داويناهم حتى يبدءونا بالظلم، ولا ندع أمراً فيه الصلاح إلاّ آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله ) (١) .

ج. التنظيم والتثقيف العسكري:

قام أمير المؤمنين بتنظيم الصفوف وحسب العرف المتبع عسكرياً آنذاك، فجعل ( على ميمنته مالك بن الحارث الأشتر النخعي، وعلى ميسرته عمّار بن ياسر العنسي وعلى الرجال أبو قتادة النعمان بن ربعي الأنصاري، وأعطى رايته ابنه محمداً - وهو ابن الحنفية -(٢) ثمّ بعد إجراء التنظيم والترتيب للرايات وتسميتها، قام ( عليه السلام ) بإجراءات فنّية لتنظيم الصفوف وتكميلها وتمتين قوتها وصلابتها وحرّض عليّ أصحابه فقال في كلام له( فسوّوا صفوفَكم كالبنيانِ المرصوصِ، َقَدِّمُوا الدَّارِعَ وَأَخِّرُوا الْحَاسِرَ، وَعَضُّوا عَلَى الأَضْرَاسِ؛ فَإِنَّهُ أَنْبَى لِلسُّيُوفِ عَنِ الْهَامِ، وَالْتَوُوا فِي أَطْرَافِ الرِّمَاحِ؛ فَإِنَّهُ أَمْوَرُ لِلأَسِنَّةِ، وَغُضُّوا الأَبْصَارَ ؛فَإِنَّهُ أَرْبَطُ لِلْجَأْشِ وَأَسْكَنُ لِلْقُلُوبِ، وَأَمِيتُوا الأَصْوَاتَ؛ فَإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ، وَرَايَتَكُمْ فَلا تُمِيلُوهَا وَلا تُخِلُّوهَا وَلا تَجْعَلُوهَا إِلاّ بِأَيْدِي شُجْعَانِكُمْ، واستعينوا بالصِّدقِ والصَّبرِ ) (٣) .

بعد ذلك ولكون أمير المؤمنين قائداً للقوات الإسلامية المتجحفلة، أجرى

____________________

(١) تاريخ ابن خلدون: ٢/٦١٤.

(٢) أنساب الأشراف: ٣/٣٥.

(٣) البداية والنهاية: ٧/٢٨١.

٤٠