المراجعات

المراجعات2%

المراجعات مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 809

  • البداية
  • السابق
  • 809 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48221 / تحميل: 36076
الحجم الحجم الحجم
المراجعات

المراجعات

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

مقدمة الطبعة الاولى

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على أشرف خلقه محمد المصطفى (ص)، وعلى آله عدل القرآن وثقله، سفن النجاة التي من ركبها نجا ومن تخلف عنها هلك وغرق، الذي جعل محبتهم ومودتهم أجرا للرسالة، وطهرهم من الرجس والدنس تطهيرا وعلى صحبه المؤمنين والتابعين لهم بإحسان.

وبعد: فإن كتاب المراجعات لسماحة سيدنا الامام شرف الدين (قدس سره) يعتبر بحق من أهم ما أنتجه الفكر الاسلامي والامامي في توضيح قضايا الامامة وإثبات وجهتها الحقة بعد وفاة الرسول الاعظم، وهو في الحقيقة كتاب يدعو لوحدة وجمع الكلمة بين المسلمين فانه يضع حدا فاصلا لكثير من الخلافات التي كانت سببا في تباعدهم وتباغضهم، فبعد التفهم لتلك القضايا على أساس البحث العلمي والدقة الموضوعية ينحسر الجهل ويسفر الصبح ويرجع النصاب إلى أهله.

ثم أن المؤلف (قدس سره) عند طبع الكتاب لاول مرة سنة ١٣٥٥ هـ قام بالتعليق عليه فخرج أحاديثه على المصادر الموجودة عنده والتزم تعيين الصفحة والجزء والباب غير أنه لوحظ:

٢١

أولا:

أنه قد فاته كثير من المصادر للاحاديث والآيات في كتب الجمهور فيذكر للحديث أو الآية مصدرا أو مصدرين، وهذا ما وقع في أكثر أحاديث الثقلين وحديث السفينة، والآيات النازلة في شأن أهل البيت (ع) التي احتج بها، وهذه الموارد لها الاهمية الكبرى في الاستدلال على قضية الامامة، مع ما لها من عشرات المصادر.

ثانيا:

أهمل في أكثر الموارد تعيين الطبعة وهذا ما يشق على المطالع عند المراجعة وتطبيقه على المصدر.

ثالثا:

ان التخريجات التي دأب عليها السيد (قده) انما تتطابق مع الطبعات القديمة لمصادر الحديث التي كانت متوفرة لديه، وهذه فعلا صارت نادرة: وإنما توجد في المكتبات العامة وبعض الخاصة. وقد احتلت مكانها اليوم طبعات اخرى أحدث وأوسع انتشارا فكان لابد من تطبيق التخريجات عليها.

رابعا:

ان بعض الاحاديث أو الحقائق التاريخية أشار إليها وتركها دون تخريج.

فلهذا، وغيره صارت الحاجة ماسة إلى تعليقة عليها تسهل على المراجعين تحصيل المصادر للاحاديث والآيات التي يستدل بها.

وقد تلقى سماحة سيدنا الاستاذ آية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر ـ دام ظله ـ عدة رسائل من القراء يشكون بعض الملاحظات.

فأحس سماحة السيد الاستاذ بأهمية التعليق عليها وسد هذا الفراغ، فأناط بي ذلك فامتثلت أمره.

٢٢

فقمت بالتعليق مستقلا عن الكتاب متلافيا للملاحظات الآنفة الذكر، فصرت أخرج الاحاديث والآيات على الطبعات الجديدة بما تيسر لي.أولا.

وثانيا: أحشد مختلف المصادر للآية أو الحديث التي فاتت المؤلف (قده) مع تعيين الجزء والصفحة ورقم الحديث ان وجد وتعيين اسم المطبعة(١) بل تعدد الطبعات بما تيسر، وما فاتنا من المصادر أضعاف ما ذكرناه.

وثالثا: أضفت جملة من الاحاديث وبعض الحقائق التي لم يشر إليها المؤلف مع ذكر مصادرها، فيكون ذلك تتمة للمراجعات في مصادرها وأحاديثها.

رابعا: قمت بإثبات ودعم القضايا التي ذكرها المؤلف من دون الاشارة إلى مصادرها. ثم وضعت رقملا متسلسلا من أول المراجعات إلى آخرها ويقابله رقم متسلسل في (تتمة المراجعات) فعند المراجعة إلى عين الرقم يحصل على المصادر.

هذا وأسأل المولى سبحانه وتعالى أن يكون خالصا لوجهه وان ينفعنا به يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، والحمد لله رب العالمين.

حسين الراضي

__________________

(١) هذا في الطبعة الاولى وأما في هذه الطبعة جعلنا فهرست للمصادر التي يتكرر ذكرها كثيرا مع تعيين اسم المطبعة.

٢٣

تنبيه:

ج = المجلد

ح = حديث

ص = صفحة

ط = طبع. ط ٢ = الطبعة الثانية.

ـ = إلى مثلا ١٦ ـ ١٩ أي من صفحة ١٦ إلى صفحة ١٩.

المصدر الذي لم نذكر اسم المطبعة له في أثناء الكتاب أثبتناه في آخر الكتاب في الفهرست وذلك لاجل تكرره كثيرا.

هذا وقد تم وضع أرقام متسلسلة للتخريجات بكاملها.

كما أضيفت تعليقات جديدة أشير إليها في مواضعها بنجمة (*).

٢٤

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * إياك نعبد وإياك نستعين * اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين *

٢٥

٢٦

حياة المؤلف(١)

بقلم آية الله علم الهدى سماحة الشيخ مرتضى آل ياسين

لست ببالغ من تعريفك ـ أيها القارئ الكريم ـ بالسيد المؤلف مبلغ تعريف هذا الكتاب به ، وحسبك منه ـ وانت تقرؤه في هذا الكتاب ـ أن تعرف به بطلا من ابطال العلم ، وفارسا من فرسان البيان ، تأتيه حين تأتيه مالكا لامرك ، مسيطرا على نفسك ، فاذا استقر بك المقام عنده ، لم تتمالك دون أن تضع قيادك بين يديه ، فاذا هو يتملك زمام أمرك ، ويدخل إلى قرارة نفسك ، فيسيطر عليك بطبيعة قوته وأدبه وعلمه.

وأنت لا تخشى مغبة العاقبة من هذه السيطرة فإنها سيطرة مضمونة الخير ، مأمونة الشر ، بعيدة عن الكيد والمكروه ، بعد الصحة عن الفساد ، وكن واثقا أكبر الثقة ـ حين يأخذك بيانه وبرهانه ـ أنه إنما يرد بك مناهل مترعة الضفاف ، بنمير ذي سلسبيل ، كلما كرعت من فراته جرعة ، تحلبت شفتاك لجرعات تحسب أن ليس لظمئك راويا غيرها.

هذا بعض ما يعرفك به الكتاب عن مؤلفه ، أفتراني أبلغ من تعريفك به أبعد مما يعرفك هو بنفسه؟ كلا فإن للسيد عبدالحسين في الحياة مناحي وميادين لا أراني موفيا عليها ، وانا في هذا السبيل الضيق القصير ، ويوشك أن

__________________

(١) نقلت عن الطبعة الثانية التي طبعت في دار الساعة ـ بغداد ـ ١٣٦٥ هـ ـ.

٢٧

يكون الامر يسيرا لو أن المترجم له غير هذا الرجل ، ويهون الامر لو كان من هؤلاء الرجال المحدودة حياتهم وأعمالهم ، أما رجل كهذا الرجل الرحب العريض ، فمن الصعب جدا أن يتحمل كاتب عب‌ء الحديث عنه ، والتوفر عليه ، لانه يشعر حين يقف اليه أنه يقف إلى جبل ينبض بألوان من الحياة ، متدفقة من كل نواحيه وجوانبه ، فلا يكاد يرد كل لون إلى مصدره إلا ببحث عليه مسؤوليات من المنطق والعلم ، قد ينوء بها عاتق المؤرخ الامين.

ويكفيك من تعريفه ـ على سبيل الاجمال ـ ما يعرفك به الكتاب من فنه وعلمه ، وكنا نود لو يتاح لنا ان نقف وقفة خاصة لهذه الناحية الفنية المتعبة ، ولا سيما ونحن منه في سبيل العلم والفن اللذين اجتمعا للمؤلف فصاغا هذا الكتاب متساندين صياغة قدرة وابتداع ، قل أن نجد لها ندا في مقدور زملائه من الاعلام( أمد الله في حياة أحيائهم ) .

ولكن إحكام الكتاب على هذا النحو من قوة العارضة في الادب ، وبعد النظر في البحث ، وسلامة الذوق في الفن وحسن التيسير في ايضاح المشاكل ، وتحليل المسائل ، أطلق له لسانا من البيان الساحر اغنانا عن الاخذ بالاعناق إلى مواضع جماله ، فكل بحث فيه لسان مبين عن سره، يناديك حين تغفل عنه ، ويدعوك بصوته حين تمر به سهوان ، ولا تقدر لنفسك أن تتملاه أو تعجب به.

وكتاب فيه هذه الحياة لا ينفك عن صاحبه بحال ، ولا تحسب ان للكتب حياة خاصة مستقلة ، فليست حياة الكتب غير حياة المؤلفين والكتاب نفسها ، فاذا سمعت نبأة ، وأدركت حسا في كتاب ، فانما تسمع جرس الكاتب ، وتحس حسه عينه.

وبعد فسأتركك عند هذا القدر من المعرفة بهذا الامام ، ولك أن تكتفي

٢٨

به ، ولك أن لا تكتفي منه، فبحسبي ان أشعرك بطرف مما عرفت منه ، وانا انغمس في هذه ـ المراجعات ـ. وبحسبك مني أن ترى منزلته من نفسي : كعالم يضم إلى علمه فنا من الادب منقطع النظير ، ولك أن تثق بي حين تعتبرني دليلا ، امينا سليم الاختيار بترجمة هذه الذخيرة ، وضمها إلى مؤثلات لغتنا الحية.

مولده ونشأته :

على اني لا أرى لك ان تقتصر من معرفته على هذا المقدار ، كما لا أرى لك ان تجتزئ بطائر اسمه ، وسعة شهرته في العالم الاسلامي ، وانما أرى ان تتجاوز ذلك إلى الاحاطة بشيء من حياته ؛ وبشيء من ظروفه التي قدرت له هذه الحياة.

ولد السيد عبدالحسين شرف الدين ـ أورف الله ظله ـ في الكاظمية سنة ١٢٩٠ هـ ـ. من أبوين كريمين تربط بينهما أواصر القربى ، ويوحد نسبهما كرم العرق ، فابوه الشريف يوسف بن الشريف جواد بن الشريف اسماعيل ، وامه البرة (الزهراء) بنت السيد هادي بن السيد محمد علي ، منتهيين بنسب قصير إلى شرف الدين أحد أعلام هذه الاسرة الكريمة.

ثم درج في بيت مهدت له اسباب الزعامة العلمية ؛ ورفعت دعائمه على أعلام لهم في دنيا الاسلام ، ذكر محمود ، وفضل مشهود ، وخدمات مشكورة ، فكانت طبيعة الارث الاثيل ، تحفزه للنهوض من جهة اخرى ، وتربيته الصالحة ـ كانت قبل ذلك ـ تصوغه على خير مثال يصاغ عليه الناشئ الموهوب ، فهو أنى التفت من نواحي منشئه الكريم ، استقى النشاط والتوفر على ما بين يديه من حياة : مؤملة لخيره ولخير من وراء‌ه من الناس.

٢٩

ثم شبل في هذا البيت الرفيع ؛ يرتع في رياض العلم والاخلاق ، ويتوقل في معارج الكرامة ، فلما بلغ مبلغ الشباب الغض اصطلحت عليه عوامل الخير ، وجعلت منه صورة للفضيلة ، ثم كان لهذه الصورة التي انتزعها من بيته وبيئته وتربيته أثر واضح في نشأته العلمية ، ثم في مكانته الدينية بعدئذ. فلم يكد يخطو الخطوة الاولى في حياته العلمية حتى دلت عليه كفايته ، فعكف عليه طلابه وتلامذته ، وكان له في منتديات العلم في سامراء والنجف الاشرف صوت يدوي ، وشخص يومأ اليه بالبنان.

ومنذ ذلك اليوم بدأ يلتمح نجمه في الاوساط العلمية ، ويتسع اشراقه كلما توسع هو في دراسته ، وتقدم في مراحله حتى ارتاضت له الحياة العلمية ، على يد الفحول من اقطاب العلم في النجف الاشرف وسامراء ، كالطباطبائي ، والخراساني ، وفتح الله الاصفهاني ، والشيخ محمد طه نجف ، والشيخ حسن الكربلائي ، وغيرهم من اعلام الدين وأئمة العلم.

ولما استوفى حظه العلمي من الثقافة الاسلامية العالية ، كان هو قد صاغ لنفسه ذوقا عاليا ، ساعدته على انشائه ملكاته القوية ، وسليقته المطبوعة على حسن الاداء ، وتخير الالفاظ ، وقوة البيان ، وذرابة اللسان ، وسعة الذهن ، فكان بتوفيقه بين العلم والفن ممتازا في المدرسة ، مضافا إلى ما كان له من الميزة الفطرية في ناحيتي الفكر والعقل.

على انه لم يكتف من مدرسته بتلقي الدروس واكتناز المعارف فقط ، بل استفاد من ملابسات الحياة العامة التي كانت تزدحم على ابواب المراجع من اساتذته ، وانتفع من الاحداث المؤتلفة ، والحوادث المختلفة التي كانت تولدها ظروف تلك الحياة ، فكان يضع لما اختلف منها ، ولما ائتلف حسابا ،

٣٠

ويستخرج منه نفعا ويقدر له قيمة ، وينظر اليه نظرة اعتبار ، ليجمع بين العلم والعمل ، وبين النظريات والتطبيق.

اذن فقد كانت مدرسته ـ بالقياس اليه ـ مدرستين : يعاني في إحداهما المسائل العلمية ، ويعاني في الثانية المسائل الاجتماعية ، ثم تتزاوج في نفسه آثار هذه وآثار تلك مصطلحة على انتاج بطولته.

في عاملة :

وحين استعلن نضجه ، ولمع فضله في دورات البحث ومجالس المذاكرة والتحصيل ؛ عاد في الثانية والثلاثين من عمره ـ إلى جبل عامل ـ جنوب لبنان ، موقورا مشهورا مملوء الحقائب ، ريان النفس ، وريق العود ، ندي اللسان ، مشبوب الفكر ، وكان يوم وصوله يوما مشهودا ، قذفت فيه عاملة بابنائها لتستهل مقدمه مشرقا في ذراها واجوائها ، واستقبلته مواكب العلماء والزعماء والعامة ، إلى حدود الجبل من طريق الشام في مباهج كمباهج العيد.

ولم تكن عاملة ـ وهي منبت اسرته ـ مغالية أو مبالغة بمظاهر الحفاوة به ، أو بتعليق أكبر الآمال عليه ، فانها علمت ـ ولما يمض عليه فيها غير زمن يسير ـ أنه زعيمها الذي ترجوه لدينها ودنياها معا ، فتنيط به الامل عن « عين » بعد ان اناطته به عن « اذن » ، وتتعلق به عن خبرة ، بعدما تعلقت به عن سماع ، وتعرف به الرجل الذي يضيف عيانه إلى اخباره ، أمورا لم تدخل في الظن عند الخبر.

اصلاحه :

وابتدأت في عاملة حياة جديدة ، شأنها الشدة في الدين ، واللين في

٣١

الاخلاق ، والقوة في الحق ، والهوادة مع الضعفاء ، والامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والتطامن لاهل الدين ، والتواضع للعلماء ، وكانت يومئذ اقطاعيات منكرة ، لا تملك العامة معها من امر نفسها شيئا ، ولا تفهم من الحياة في ظلها غير معناها المرادف للرق والعبودية ، أو لا يفسح لها ان تفهم غير ذلك من حياتها الهينة المسخرة للاقوياء من جبابرة الناس وطواغيتهم ، فلما استقر به المقام في عاملة ، لم يستطع اقرار هذا النظام الجائح المستبد بحقوق الجماعة ، ولم يجد من نفسه ، ولا من ايمانه ، ولا من بره ، مساغا للصبر على الاقطاعية هذه ، وإن ظاهرها الاقوياء ، والمتزعمون، والمستعمرون ، وكل من يتحلب ضرعها المادي الحلوب ، لذلك ثار بها وبهم ، وأنكر عليها وعليهم ، واستغلظ الشر بينه وبينهم ، فجمعوا له وأجلبوا عليه ، وسعوا فيه ، وكان كل سعيهم بورا.

اثر بلاغته :

وكان لمنابره البليغة ، ولاساليب ارشاداته البارعة ، اكبر الاثر في تحقيق اصلاحه المنشود ، ولا غرو فان للسيد المؤلف مقاما خطابيا يغبطه عليه خطباء العرب ، ويعتز به الدين والعلم والادب.

وخطابته ككتابته تستمد معانيها وقوتها وغزارتها من ثقافته كلها ، وترتضع في الموضوع الخاص اثداء شتى من معلوماته الواسعة ، فاذا قرأته أو سمعته رأيت مصادر ثقافته كلها منهلة متفتحة الافواه كشرايين الثدي وعروقه ، ترفده من كل موضع وعاه في حياته ما ينسجم وموضوعه الذي هو بسبيله ، وعلى ذوقه الممتاز ان يضع اطراف ما يتدفق اليه في هيكل الموضوع الذي بين يديه ، ويركزه في مكانه ، حتى اذا انتهى انهى اذن بحثا نافعا كله غذاء ومتاع.

واعظم به ـ إلى جانب هذه البلاغة ـ متخيرا لآلئ معانيه ، وازياء افكاره

٣٢

يقدرها تقديرا ، ويرصفها رصفا ، ويبعث فيها حياة تنبضها بما يريد لها من دلالة في مفهوم أو من منطوق باوصافه ، واضافاته ، وبكل تآليفه المنسوقة المنسجمة.

ثم اعظم به محدثا اذا تشاجن الحديث وتشقق وانساب على سفينة ، يمخر العباب ، فهناك النكتة البارعة ، والطرفة اللامعة ، والنادرة الحلوة ، والخبر النافع.

من هذا وذاك علقت به النفوس ؛ واجتمع عليه الرأي ، فقاد للخير وابتغى المصلحة. وتكاملت له زعامة عامة ، يحل منها في شغاف الافئدة والقلوب ، ولم تكن هذه الزعامة مرتجلة مفاجئة ، بل كانت عروقها واشجة الاصول ، عميقة الجذور ، تتصل بالاعلام من آبائه ، والغر من اعمامه واخواله ، ثم صرفت هذا الميراث الضخم يده البانية ، فأعلت اركانه ومدت شطآنه وخلجانه.

بيته :

فبيته في ذرى عاملة ، مطنب مضروب ، للقرى والضيفان ، تزدحم فيه الوفود ، وتهدى اليه الحشود اثر الحشود ، ويصدر عنه الكروب بالرفد المحمود ، وهو قائم في تيار الموجتين المتعاكستين بالورد والصدر ، هشاشا طلق المحيا لا يشغله تشييع الصادر ، عن استقبال الوارد ، ولا يلهيه حق القائم عن حقوق القاعد ، ولكنه يجمع الحقوق جميعا ويوفق بينها ، فيوزعها عادلة متناسبة.

ولاريحيته الكريمة جوانب انفع من هذا الجانب ، وابعد اثر ، فهو مفزع يأوي اليه المحتاجون والمكروبون ، وملجأ يلوذون به في الملمات يستدفعون

٣٣

به المكاره ، حين تضيق بها صدور الناس، وتشتد بهم آلامها ، فاذا طفت بيته ، رأيت ألوان الغايات ، تدفع بألوان من المحتاجين اليه ، المعولين عليه في مختلف احوالهم ، وأوضاعهم الخاصة والعامة ، مما يتصل بدينهم أو دنياهم ، وتراه قائما بين هؤلاء وهؤلاء ، يجودهم بنفحاته العلوية ، ويغدق عليهم من اريحيته الهاشمية ؛ ويبذل لهم من روحه وراحته ما يملأ به نفوسهم مرحا وسرورا ، ثم لا يسألهم على ذلك جزاء ولا شكورا.

وها هو لا يزال ، مد الله في حياته ، يملي على تاريخه من احداثه الجسام ، ومآتيه الغر في خدمة الله والمؤمنين والوطنية الصحيحة ، ما تضيق عنه هذه العجالة.

خدماته

أما خدماته المناضلة ضد الاستعمار الاجنبي فحدث عنها ولا حرج ولا يتسع مجالنا هذا لتفصيل القول في ذلك النضال ، ولكن بوسعي ان اقول لك بكلمة مجملة : إن خدماته العظيمة في العهد التركي ، ثم في العهد الفرنسي ، ثم في ايام الاستقلال ، كانت امتدادا لحركات التحرير ، وارتقاء بها نحو كل ما يحقق العدل ويوطد الامن ، وينعش الكافة على أن السلطات في العهود كلها لم تأل جهدا في مقاومته ، ومناوأة مشاريعه بما تقاوم به السلطات الجائرة من الدس والاضطهاد وقتل المصالح ، ولعل المحن التي كابدها هذا الامام الجليل في سبيل إسعاد قومه ، لم يكابد نارها إلا أفذاذ من زعماء العرب وقادتهم ، ممن ابلوا بلاء‌ه وعانوا عناء‌ه.

وناهيك بما فاجأته به سلطة الاحتلال الفرنسي حين ضاقت به ذرعا ، إذ أوعزت إلى بعض جفاتها الغلاظ باغتياله. واقتحم ابن الحلاج عليه الدار في غرة ، وهو بين اهله وعياله ، دون ان يكون لديه احد من اعوانه ورجاله ، ولكن

٣٤

الله سبحانه وتعالى اراد له غير ما ارادوا ، فكف ايديهم عنه ، ثم تراجعوا عنه صاغرين يتعثرون باذيال الفشل والهوان ، وما يكاد يذيع نبأ هذه المباغتة الغادرة في عاملة ، حتى خفت جماهيرهم إلى صور ، تزحف اليها من كل صوب وحدب ، لتأتمر مع سيدها فيما يجب اتخاذه من التدابير ازاء هذا الحدث ، غير ان السيد صرفهم بعد ان شكرهم ، واجزل شكرهم ، وارتأى لهم ان يمروا بالحادث كراما.

ثم تلا هذا الحادث احداث واحداث اتسع فيها الخرق ، وانفجرت فيها شقة الخلاف ، حتى ادت إلى تشريد السيد باهله ومن اليه من زعماء عاملة إلى دمشق ، وقد وصل اليها برغم الجيش الفرنسي الذي كان يرصد عليه الطريق ، إذ كانت السلطة الغاشمة تتعقبه بقوة من قواتها المسلحة لتحول بينه وبين الوصول إلى دمشق ، وحين يئست من القبض عليه ، عادت فسلطت النار على داره في (شحور) فتركتها هشيما تذوره الرياح ، ثم احتلت داره الكبرى الواقعة في (صور) بعد ان أباحتها للايدي الاثيمة ، تعيث بها سلبا ونهبا ، حتى لم تترك فيها غاليا ولا رخيصا ، وكان أوجع ما في هذه النكبة تحريقهم مكتبة السيد بكل ما فيها من نفائس الكتب واعلاقها ، ومنها تسعة عشر مؤلفا من مؤلفاته ، كانت لا تزال خطية إلى ذلك التاريخ.

في دمشق :

وظل في دمشق تجيش نفسه بالعظائم وتحيط به المكرمات ، في ابهة من نفسه ، ومن جهاده ، ومن ايمانه ، وكان في دمشق يومئذ مداولات ملكية ، واجتماعات سياسية ، وحفلات وطنية ، تتبعها اتصالات بطبقات مختلفة من الحكومة والشعب ، كان السيد في جميعها زعيما من زعماء الفكر ، وقائدا من قادة الرأي ، ومعقدا من معاقد الامل في النجاح.

٣٥

وله في هذه الميادين مواقف مذكورة ، وخطابات محفوظة ، سجلها له التاريخ بكثير من الفخر والاعجاب.

ولم يكن بد من اصطدام العرب بجيش الاحتلال ، فقد كانت الاسباب كلها مهيأة لهذا الاصطدام ؛ حتى اذا التقى الجمعان في « ميسلون » واشتبكا في حرب لم يطل امدها ، ودارت الدائرة على العرب لاسباب نعرض عنها.

غادر السيد دمشق إلى فلسطين ومنها إلى مصر بنفر من اهله ، بعد أن وزع اسرته في فلسطين بين الشام ؛ وبين انحاء من جبل عامل ، في مأساة تضيف أدلة إلى الادلة على لؤم ، فقد ظل ثقل من أهله الذين ذهبوا إلى « عاملة » ليالي وأياما لا يجدون بلغة من العيش يحشون بها معد صغارهم الفارغة ، على أنهم يبذلون من المال اضعاف القيمة ، ويبسطون أكفهم بسخاء نادر ، وأخيرا لم يجدوا حلا بغير توزيع قافلتهم في الاطراف المتباعدة ، بين من بقي من اوليائهم واصدقائهم على شيء من الوفاء أو الشجاعة.

في مصر :

حين وصل مصر احتفلت به ، وعرفته بالرغم من تنكره وراء كوفية وعقال ، في طراز من الهندام على نسق المألوف من الملابس الصحراوية اليوم ؛ وكانت له مواقف في مصر وجهت اليه نظر الخاصة من شيوخ العلم ، واقطاب الادب ، ورجال السياسة ، على نحو ما تقتضيه شخصيته الكريمة.

ولم يكن هذا اول عهده بمصر فقد عرفته مصر قبل ذلك بثمان سنين ، حين زارها في اواخر سنة تسع وعشرين ، ودخلت عليه فيها سنة ثلاثين وثلاثمائة والف هجرية ، في رحلة علمية جمعته باهل البحث ، وجمعت به قادة الرأي من علماء مصر ، وعقدت فيها بينه وبين شيخ الازهر يومئذ ـ الشيخ

٣٦

سليم البشري ـ اجتماعات متوالية تجاذبا فيها اطراف الحديث وتداولا جوانب النظر في امهات المسائل الكلامية والاصولية ، ثم كان من نتاج تلك الاجتماعات الكريمة هذه (المراجعات) التي نحن بصددها.

في فلسطين :

وحدثت ظروف دعته إلى أن يكون قريبا من عاملة ، فغادر مصر في اواخر سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة والف هجرية إلى قرية من فلسطين تسمى (علما) تقع على حدود جبل عامل ، وفي هذه القرية هوى اليه اهله وعشيرته ، ولحق به اولياؤه المشردون في هذا الجهاد الديني الوطني ، فكانوا حوله في القرى المجاورة. وكان في (علما) كما يكون في جبل عامل من غير فرق كأنه غير مبعد عن داره وبلده ، يتوافد اليه الناس من قريب ومن بعيد ، ولا يكاد يخلو منزله من أفواج الناس ، فيهم الضيوف ، وفيهم طلاب الحاجات ، وفيهم رواد القضاء ، والفقه ، وفيهم من تستدعه الحياة السياسية أن يعرف ما عند السيد من وجه الرأي.

وانسلخت شهور في (علما) تصرفت فيها الامور تصرفا يرضي السيد بعض الرضا ، وأبيح للسيد ان يعود إلى عاملة بعد مفاوضات ادت إلى العفو عن المجاهدين عفوا عاما ، والى وعد من السلطة بانصاف جبل عامل ، وانهاضه ، واعطائه حقوقه كاملة.

العودة :

وحين اطمأنت نفسه بما وعدته به السلطة ، عاد إلى جبل عامل ، ولم تسمح نفسه بأن يعود والمجاهدون مبعدون ، لذلك جعل بيروت طريق عودته ـ وطريقه بعيدة عنها ـ ليستنجز العفو العام عن المجاهدين ، وكذلك

٣٧

كان ، فانه لم يخرج من بيروت حتى كان المجاهدون في حل من الرجوع إلى وطنهم واهليهم.

ولعل جبل عامل لم يشهد يوما ابهج ولا احشد من يوم عودته ، ولعله لن يشهد يوما كهذا اليوم ، يحشر فيه الجبل من جبله وساحله ، في بحر من الناس يموج بعضه فوق بعض ، وتطفوا فوقه الاعلام رفافة بالبشر ، منحنية بالتحية ، والهتاف ، مجلجلة كجلجة الرعد في اذن الجوزاء.

ويبدأ من ذلك اليوم موسم للشعر ، تفتقت فيه القرائح العاملية عن ذخائر ممتعة من الادب العالي ، وتفتحت سلائقهم عن اصدق العواطف ، واسمى المشاعر تنبض بها قوافيهم تهز المحافل في إبداع وتجويد ، صباح ، مساء ، ولقد امتد هذا الموسم الادبي زمنا طويلا اجتمع في ايامه ولياليه ضخم القيمة ، ضخم الحجم ، يمكن اعتباره مصدرا لتاريخ الفكر والسياسة في جبل عامل خلال هذه الفترة.

منزلته في العالم الاسلامي :

ترتسم على كل افق من آفاق هذا العالم الاسلامي ، اسماء معدودة لرجال معدودين ، امتازوا بمواهب وعبقريات ، رفعتهم إلى الاوج الاعلى من آفاقهم ، فاذا اسماؤهم كالنجوم اللامعة تتلألأ في كبد السماء.

أما الذين ترتسم اسماؤهم في كل افق من تلك الآفاق ، فقليل ، وقليل هم ، وليسوا إلا اولئك الذين علت بهم الطبيعة ، فكان لهم من نبوغهم النادر ما يجعلهم افذاذاً في دنيا الإسلام كلها ، ومن هؤلاء الافذاذ سيدنا المؤلف « اطال الله عمره » فقد شاء‌ت الإرادة العليا أن تبارك علمه وقلمه ، فتخرج منهما للناس نتاجا من افضل النتاج ، وقد لا أكون مبالغا حين استبيح لقلمي

٣٨

ان يسجل : أن السيد المؤلف يتقدم بما انتج إلى الطليعة من علماء الشيعة الذين كرسوا حياتهم طوال اعمارهم لخدمة الدين والمذهب. وبهذا استحق ان يتصدر مجلس الخاصة في العالم الاسلامي اليوم.

حياته العلمية :

وقد يلوح مما قدمنا أن المشاكل الاجتماعية المتراكمة من حوله ، تصرفه عن النظر في حياته العلمية ، وتزحزحه عن عمله الفني. والواقع ان رجلا يمنى بما مني به « سيدنا » ينصرف عادة عما خلق له من علم وتأليف ، فإن ما يحيط به من المشكلات يضيق بالنظر في امر المكتبة ، والكتابة ، لولا بركة وقته ، وسعة نفسه ، وقدرة ذهنه.

فهو ـ على حين انه يوفي حق تلك المشكلات الشاغلة ـ يوفي حق علمه فيبلغ من المكتبة نصيب الذي تحتاجه حياته العلمية ، وهو منذ ترك النجف الاشرف على اتصال مستمر بالبحث والمطالعة والكتابة والمناظرة. يخلو كل يوم في فتراته إلى مكتبته يستريح إلى ما فيها من موضوعات ، وينسى من وراء‌ها من حياة مرهقة لاغبة.

مؤلفاته

وليس أدل على هذا من انتاجه ، هذا الانتاج الغزير الثري النبيل. وإن مؤلفاته لتشهد بأنه من الحياة العلمية ؛ كمن ينصرف اليها ، ولا يشغل بغيرها ، وأدل ما يدل منها على ذلك ، كيفية مؤلفاته لا كميتها ؛ فهي وإن كانت كثيرة حتى بالقياس إلى رجل يتفرغ اليها ، فإنها من الاصالة، والعمق ، والاستيعاب ، حيث لا تدل على ان مؤلفها رجل يمتحنه الناس بتلك المشاغل ، ويبتلونه بما عندهم من مشاكل ، فهي بما فيها من قوة ، ومتانة ،

٣٩

وغور ، ونحت وتفكير ، أدل على اتصاله الدائم بحياته العلمية من جهة ، وادل على فضله وخصوبة سليقته ، من جهة اخرى.

بهذا الميزان يرجح علم الرجل وفضله ، ثم يرجح به امتياز ما كتب ، وهو امتياز قليل النظير ، فإن المؤلفين المكثرين ، كثيرا ما تظهر عليهم السطحية ، ويميز كتبهم الحشو ، أما المؤلف فليس فيما قرأنا من مؤلفاته مبتذل سطحي ، ولا رخيص سوقي ، بل كل ما كتب انيق رقيق ، رفيع عميق ، يجمع بين سمو الفكر وترف اللفظ ، وهو ما أشرنا اليه في صدر كلامنا من كونه حريصا على المزاوجة بين علمه وفنه ، فاذا قرأت فصلا علميا خالصا خلت ـ لقوة اسلوبه ونصاعته ـ أنك تقرأ فصلا ادبيا يروعك جماله المستجمع لكل العناصر الادبية.

على أنا حين نتجاوز هذه النقطة ، فمؤلفاته كثيرة من حيث الكمية أيضا ، وهذا يضاعف القيمة. إنه يدل على ملكة خصبة اصيلة لا يؤخرها أشد العوائق عن الاتقان ، وانها لتثبت له بطولة فكر ، واليك ثبتا بآثار هذه البطولة.

لآلئه المنضودة :

١ ـ المراجعات هذا نموذج صادق لما كتب ، ولا اريد ان احدثك عنه فان لسانه أبين من حديثي وانطق.طبع في مطبعة العرفان بصيداء سنة ١٣٥٥ ونفدت نسخه ، وترجم إلى اللغة الفارسية ، وبلغني انه ترجم إلى اللغة الانكليزية ، ترجمه السيد زيد الهندي. وانه ترجم إلى اللغة الاوردية ايضا.

٢ ـ الفصول المهمة في تأليف الامة : كتاب من أجل الكتب الاسلامية ، يبحث مسائل الخلاف بين السنة والشيعة على ضوء (الكلام) والعقل والاستنتاج والتحليل. تم تأليفه سنة ١٣٢٧ هـ ـ ، وطبع مرتين بصيداء ـ جبل عامل ـ زاد فيه بالطبعة الثانية سنة ١٣٤٧ هـ ـ ، والفصول المهمة يغنيك عن

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799

800

801

802

803

804

805

806

807

808

809