أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)

أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)23%

أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 244

أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 160103 / تحميل: 9447
الحجم الحجم الحجم
أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)

أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

الأموال الطائلة لبني أُمية لتقوية مركزهم السياسي والاجتماعي، وكان الإمام الحسينعليه‌السلام يشجب هذه السياسة، ويرى ضرورة إنقاذ الأموال من معاوية الذي يفتقد حكمه لأيّ أساس شرعي، ولا يقوم إلاّ على القمع والتزييف والإغراء. وقد اجتازت على يثرب أموال من اليمن مرسولةً إلى خزينة دمشق، فعمد الإمامعليه‌السلام إلى الاستيلاء عليها ووزّعها على المحتاجين، وكتب إلى معاوية: (من الحسين بن عليّ إلى معاوية بن أبي سفيان، أمّا بعد فإنّ عيراً مرّت بنا من اليمن تحمل مالاً وحُللاً وعنبراً وطيباً إليك لتودعها خزائن دمشق وتعلّ بها بعد النّهْل بني أبيك، وإنّي احتجتها اليها فأخذتها، والسلام)(١).

فأجاب معاوية: من عبد الله معاوية أمير المؤمنين إلى الحسين بن عليّ، سلام عليك، أمّا بعد فإنّ كتابك ورد عليّ تذكر أنّ عيراً مرّت بك من اليمن تحمل مالاً وحُللاً وعنبراً وطيباً إليّ لأودعها خزائن دمشق واعُلّ بها بعد النهل بني أبي، وإنّك احتجت اليها فأخذتها، ولم تكن جديراً بأخذها إذ نسبتها إليّ لأنّ الوالي أحقّ بالمال ثم عليه المخرج منه، وأيم الله لو تركت ذلك حتى صار إليّ لم أبخسك حظك منه، ولكنّي قد ظننت يا ابن أخي أنّ في رأسك نزوةً وبودّي أن يكون ذلك في زماني، فأعرف لك قدرك وأتجاوز عن ذلك، ولكنّي والله أتخوّف أن تبتلى بمن لا ينظرك فواق ناقة(٢) .

إنّ الإمام الحسينعليه‌السلام دلّل بعمله على أن ليس من حقّ الخليفة غير الشرعي أن يتصرّف في أموال المسلمين، وأنّ ذلك من حقوق الحاكم الشرعي، والحاكم الشرعي هو الإمام الحسينعليه‌السلام نفسه الذي ينفق أموال بيت المال

____________________

(١) نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٤ / ٣٢٧، الطبعة الأولى، وناسخ التواريخ: ١ / ١٩٥.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ٤ / ٣٢٧، وناسخ التواريخ: ١ / ١٩٥.

١٢١

وفق المعايير الإسلامية. وقد أكّدعليه‌السلام في رسالته على أنّه لا يعترف رسمياً بخلافة معاوية; إذ لم يصفه بأمير المؤمنين كما كان يصفه الآخرون. ومن هنا حاول معاوية الالتفاف على موقف الإمامعليه‌السلام فوصف نفسه في رسالته الجوابية بأمير المؤمنين ووالي المسلمين ولكنّه فشل في محاولته تلك، فقد بات موقف الإمام الحسينعليه‌السلام معياراً إسلامياً وملاكاً فارقاً وفاصلاً بين الصواب والخطأ للمسلمين جميعاً على مدى التأريخ، في حين لم يعر المسلمون لموقف معاوية أيّ اهتمام ولم يعتبروه سوى أنّه تشويه للحقيقة وتضليل للرأي العام.

لقد كان موقف الإمامعليه‌السلام هذا إشارة واضحة للاعتراض على تصرّفات وحكم معاوية والمطالبة بسيادة الحقّ والعدل الإلهي.

تذكير الأمة بمسؤوليّتها:

عقد الإمامعليه‌السلام في مكة مؤتمراً سياسيّاً عامّاً دعا فيه جمهوراً غفيراً ممّن شهد موسم الحجّ من المهاجرين والأنصار والتابعين وغيرهم من سائر المسلمين، فانبرىعليه‌السلام خطيباً فيهم، وتحدّث عمّا ألمّ بعترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وشيعتهم من المحن والإحن التي صبّها عليهم معاوية، وما اتّخذه من الإجراءات المشدّدة في إخفاء فضائلهم، وستر ما اُثر عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّهم، وألزم الحاضرين بإذاعة ذلك بين المسلمين، وفيما يلي ما رواه سليم بن قيس عن هذا المؤتمر ونصّ خطاب الإمامعليه‌السلام حيث قال: ولمّا كان قبل موت معاوية بسنة حجّ الحسين بن عليّ وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر، فجمع الحسين بني هاشم ونساءهم ومواليهم ومن حجّ من الأنصار ممّن

١٢٢

يعرفهم الحسين وأهل بيته، ثم أرسل رسلاً وقال لهم: لا تدعوا أحداً حجّ العام من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المعروفين بالصلاح والنسك إلاّ اجمعوهم لي، فاجتمع إليه بمنى أكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادق، عامّتهم من التابعين، ونحو من مائتي رجل من أصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقام فيهم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (أمّا بعد، فإنّ هذا الطاغية - يعني معاوية - قد فعل بنا وبشيعتنا ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم، وإنّي اُريد أن أسألكم عن شيء فإن صدقت فصدّقوني، وإن كذبتُ فكذّبوني، اسمعوا مقالتي واكتموا قولي، ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم فمن أمنتم من الناس، ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون، فإنّي أخاف أن يندرس هذا الحقّ ويذهب،( وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) ).

قال الراوي: فما ترك الحسين شيئاً ممّا أنزل الله فيهم إلاّ تلاه وفسّره، ولا شيئاً ممّا قاله رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في أبيه وأخيه وأمه وفي نفسه وأهل بيته إلاّ رواه، وفي كلّ ذلك يقول أصحابه: اللّهمّ نعم قد سمعنا وشهدنا، وممّا اشدهمعليه‌السلام أن قال:

(اُنشدكم الله، أتعلمون أنّ عليّ بن أبي طالب كان أخا رسول الله حين آخى بين أصحابه فآخى بينه وبين نفسه، وقال: أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة؟ قالوا: اللّهمّ نعم، قال: اُنشدكم هل تعلمون أنّ رسول الله اشترى موضع مسجده ومنازله فابتناه ثم ابتنى فيه عشرة منازل تسعة له، وجعل عاشرها في وسطها لأبي، ثم سدّ كلّ باب شارع إلى المسجد غير بابه؟ فتكلّم في ذلك من تكلّم، فقال: ما أنا سددتُ أبوابكم وفتحت بابه، ولكنّ الله أمرني بسدّ أبوابكم وفتح بابه، ثم نهى الناس أن يناموا في المسجد غيره، وكان بجنب في المسجد ومنزله في منزل رسول الله، فولد لرسول الله وله فيه أولاد، قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: أفتعلمون أنّ عمر بن الخطاب حرص على كوة قدر عينه يدعها في منزله إلى المسجد فأبى

١٢٣

عليه، ثم خطب فقال: إنّ الله أمرني أن أبني مسجداً طاهراً لا يسكنه غيري وغير أخي وبنيه؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: اُنشدكم الله أتعلمون أنّ رسول الله قال في غزوة تبوك: أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، وأنت وليّ كلّ مؤمن بعدي؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: اُنشدكم الله أتعلمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين دعا النصارى من أهل نجران إلى المباهلة لم يأت إلاّ به وبصاحبته وابنيه؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: اُنشدكم الله أتعلمون أنّ رسول الله دفع إليه اللواء يوم خيبر، ثم قال: لأدفعه إلى رجل يحبّه الله ورسوله ويحبّ الله ورسوله كرّار غير فرّار، يفتحها الله على يديه؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: أتعلمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعثه ببراءة وقال: لا يبلّغ عنّي إلاّ أنا أو رجل منّي؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: أتعلمون أنّ رسول الله لم تنزلْ به شدّة قطّ إلاّ قدّمه لها ثقةً به وأنّه لم يدعه باسمه قطّ، إلاّ يقول يا أخي؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: أتعلمون أنّ رسول الله قضى بينه وبين جعفر وزيد فقال: يا عليّ أنت منّي وأنا منك وأنت وليّ كلّ مؤمن بعدي؟ قالوا: اللهم نعم.

قال: أتعلمون أنّه كانت له من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّ يوم خلوة، وكلّ ليلة دخلة، إذا سأله أعطاه، وإذا سكت أبداه؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: أتعلمون أنّ رسول الله فضّله على جعفر وحمزة حين قال لفاطمةعليها‌السلام : زوّجتك خير أهل بيتي أقدمهم سلماً وأعظمهم حلماً وأكثرهم علماً؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: أتعلمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: أنا سيّد ولد آدم، وأخي عليّ سيّد العرب، وفاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة؟ والحسن والحسين ابناي سيّدا شباب أهل الجنة، قالوا: اللّهمّ نعم.

قال: أتعلمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أمره بغسله، وأخبره أنّ جبرئيل يعينه عليه؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

قال:

١٢٤

أتعلمون أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في آخر خطبة خطبها:أ يّها النّاس! إنّي تركتُ فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي فتمسّكوا بهما لن تضلّوا؟ قالوا: اللّهمّ نعم.

فلم يدعصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً أنزله الله في عليّ بن أبي طالب خاصة وفي أهل بيته من القرآن ولا على لسان نبيّه إلاّ ناشدهم فيه فيقول الصحابة: اللّهمّ نعم قد سمعناه، ويقول التابعي: اللّهم قد حدّثنيه من أثق به فلان وفلان.

ثم ناشدهم أنّهم قد سمعوه يقول: من زعم أنّه يحبّني ويبغض عليّاً فقد كذب، ليس يحبّني وهو يبغض عليّاً، فقال له قائل: يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال: لأنّه منّي وأنا منه، من أحبّه فقد أحبّني ومَن أحبّني فقد أحبّ الله، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله؟ فقالوا: اللّهمّ نعم، قد سمعناه، وتفرّقوا على ذلك(١) .

موت معاوية:

لقد كان موت معاوية بن أبي سفيان في سنة ستّين من الهجرة(٢) .

واستقبل معاوية الموت غير مطمئن، فكان يتوجّع ويظهر الجزع على ما اقترفه من الإسراف في سفك دماء المسلمين ونهب أموالهم، وقد وافاه الأجل في دمشق محروماً عن رؤية ولده الذي اغتصب له الخلافة وحمله على رقاب المسلمين، وكان يزيد فيما يقول المؤرّخون مشغولاً عن أبيه - في أثناء وفاته - برحلات الصيد وغارقاً في عربدات السكر ونغمة العيدان(٣) .

____________________

(١) كتاب سُليم بن قيس: ٣٢٣، تحقيق محمد باقر الأنصاري.

(٢) سيرة الأئمّة الاثني عشر: ٢ / ٥٤.

(٣) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ٢٣٩ - ٢٤٠.

١٢٥

البحث الثاني: حكومة يزيد ونهضة الإمام الحسينعليه‌السلام .

بدايات النهضة:

ذكرنا أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام وبالرغم من معارضته الشديدة لحكم معاوية بن أبي سفيان - والتي نقلنا صوراً عديدةً منها - رفض التحرّك لخلع معاوية; التزاماً منه بالعهد الذي وقّعه أخوه الإمام الحسنعليه‌السلام مع معاوية.

وقد سجّل المؤرّخون هذا الموقف المبدئي للإمام الحسينعليه‌السلام فقالوا:

لمّا مات الحسنعليه‌السلام تحرّكت الشيعة بالعراق، وكتبوا إلى الحسينعليه‌السلام في خلع معاوية والبيعة له فامتنع عليهم، وذكر أنّ بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لا يجوز له نقضه حتى تمضي المدّة، فإذا مات معاوية نظر في ذلك(١) .

من هنا كان معلوماً لشيعته وللجهاز الحاكم أيضاً أنّ موت معاوية يعني بالنسبة للإمام الحسينعليه‌السلام أنه في حلّ من أيّ التزام، ومن ثم فإنّه سيطلق ثورته على نظام الحكم الغاشم الذي استلمه يزيد الفاسق، لذلك كان الإمام الحسينعليه‌السلام يمثّل الهاجس الأكبر للطغمة الحاكمة.

رسالة يزيد إلى حاكم المدينة:

قال المؤرّخون: إنّ يزيد كتب فور موت أبيه إلى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان - وكان والياً على المدينة من قِبَل معاوية - أن يأخذ على الحسينعليه‌السلام بالبيعة له ولا يرخّص له في التأخّر عن ذلك(٢) . وذكرت مصادر

____________________

(١) الإرشاد: ٢ / ٣٢.

(٢) المصدر السابق.

١٢٦

تأريخية أخرى أنّه جاء في الرسالة: إذا أتاك كتابي هذا فأحضر الحسين بن عليّ وعبد الله بن الزبير فخذهما بالبيعة، فإن امتنعا فاضرب أعناقهما وابعث إليّ برأسيهما وخذ الناس بالبيعة، فمن امتنع فأنفذ فيه الحكم(١) .

الوليد يستشير مروان بن الحكم:

حار الوليد في أمره، إذ يعرف أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام لا يبايع ليزيد مهما كانت النتائج، فرأى أنّه في حاجة إلى مشورة مروان بن الحكم عميد الأسرة الأُموية فبعث إليه، فأشار مروان على الوليد قائلاً له: إبعث اليهم(٢) في هذه الساعة فتدعوهم إلى البيعة والدخول في طاعة يزيد، فإن فعلوا قبلت ذلك منهم، وإن أبوا قدّمهم واضرب أعناقهم قبل أن يدروا بموت معاوية; فإنّهم إن علموا ذلك وثب كلّ رجل منهم فأظهر الخلاف ودعا إلى نفسه، فعند ذلك أخاف أن يأتيك من قبلهم ما لا قبل لك به، إلاّ عبد الله بن عمر فإنّه لا ينازعُ في هذا الأمر أحداً، مع أنّني أعلم أنّ الحسين بن علي لا يجيبك إلى بيعة يزيد، ولا يرى له عليه طاعةً. ووالله لو كنت في موضعك لم أراجع الحسين بكلمة واحدة حتى أضرب رقبته كائناً في ذلك ما كان(٣) .

وعظم ذلك على الوليد وهو أكثر بني أُمية حنكةً، فقال لمروان: ياليت الوليد لم يولد ولم يك شيئاً مذكوراً(٤) .

فسخر منه مروان وراح يندّد به قائلاً: لا تجزع ممّا قلتُ لك; فإنّ

____________________

(١) تأريخ اليعقوبي: ٢ / ٢١٥.

(٢) المقصود هنا الإمام الحسينعليه‌السلام وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر، باعتبار أنّ بعض المصادر التأريخية أفادت بأنّ رسالة يزيد تضمّنت أسماءهم جميعاً مثل تأريخ الطبري: ٦ / ٨٤.

(٣) حياة إلامام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ٢٥.

(٤) المصدر السابق: ٢ / ٢٥١.

١٢٧

آل أبي تراب هم الأعداء من قديم الدهر(١) ، ونهره الوليد فقال له: ويحك يا مروان إعزب عن كلامك هذا، وأحسن القول في ابن فاطمة فإنّه بقية النبوة(٢) .

واتّفق رأيهما على استدعاء الإمامعليه‌السلام وعرض الأمر عليه لمعرفة موقفه من السلطة.

الإمامعليه‌السلام في مجلس الوليد:

أرسل الوليد إلى الحسينعليه‌السلام يدعوه إليه ليلاً، فجاءه الرسول وهو في المسجد، ولم يكن قد شاع موت معاوية بين الناس، وجال في خاطر الحسينعليه‌السلام أنّ الوليد قد استدعاه ليخبره بذلك ويأخذ منه البيعة إلى الحاكم الجديد بناءً على الأوامر التي جاءته من الشام، فاستدعى الحسين مواليه وإخوته وبني عمومته وأخبرهم بأنّ الوالي قد استدعاه إليه وأضاف: إنّي لا آمن أن يكلّفني بأمر لا اُجيبه عليه(٣) .

وقال الإمامعليه‌السلام لمواليه بعد أن أمرهم بحمل السلاح: (كونوا معي فإذا دخلت إليه فاجلسوا على الباب فإن سمعتم صوتي قد علا فادخلوا عليه)(٤) .

ودخل الإمامعليه‌السلام على الوليد فرأى مروان عنده وكانت بينهما قطيعة، فقالعليه‌السلام : (الصلةُ خير من القطيعة، والصلح خير من الفساد، وقد آن لكما أن تجتمعا، أصلح الله ذات بينكما)(٥) ثم نعى إليه الوليد معاوية، فاسترجع الإمام الحسينعليه‌السلام

____________________

(١) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام ٢ / ٢٥١.

(٢) المصدر السابق.

(٣) إعلام الورى: ١ / ٤٣٤، وروضة الواعظين: ١٧١، ومقتل أبي مخنف: ٢٧، وتذكرة الخواص: ٢١٣.

(٤) الإرشاد: ٢ / ٣٣.

(٥) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ٢٥٤.

١٢٨

ثم قرأ عليه كتاب يزيد وما أمره فيه من أخذ البيعة منه له، فقال الحسينعليه‌السلام : (إنّي لا أراك تقنع ببيعتي ليزيد سرّاً حتى اُبايعه جهراً).

فقال الوليد: أجل، فقال الحسينعليه‌السلام : (فتصبح وترى رأيك في ذلك)، فقال له الوليد: انصرف على اسم الله تعالى حتى تأتينا مع جماعة الناس، فقال له مروان: والله لئن فارقك الحسين الساعة ولم يبايع لا قدرت منه على مثلها أبداً حتى تكثر القتلى بينكم وبينه، إحبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب عنقه. فوثب الحسينعليه‌السلام عند ذلك وقال:(أنت ياابن الزرقاء تقتلني أم هو؟! كذبت والله وأثمت). وخرج يمشي ومعه مواليه حتى أتى منزله.

فقال مروان للوليد: عصيتني. لا و الله لا يمكّنك مثلها من نفسه أبداً. فقال له الوليد: ويح غيرك يا مروان! إنّك اخترت لي التي فيها هلاك ديني. والله ما اُحب أنّ لي ما طلعت عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنيا وملكها وإنّي قتلت حسيناً. سبحان الله! أقتل حسيناً لمّا أن قال: لا أبايع؟ والله إنّي لأظنّ امرءاً يحاسبُ بدم الحسين خفيف الميزان عند الله يوم القيامة(١) .

وثمّة روايات أفادت بأنّ النقاش قد احتدم بين الإمامعليه‌السلام وبين مروان، حتى أعلنعليه‌السلام رأيه لمروان بصراحة قائلاً: (إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحقّ بالخلافة والبيعة)(٢) .

____________________

(١) الإرشاد: ٢ / ٣٣ - ٣٤.

(٢) مقتل الحسين للمقرّم: ١٤٤، وإعلام الورى: ١ / ٤٣٥.

١٢٩

الإمامعليه‌السلام مع مروان:

والتقى الإمام الحسينعليه‌السلام في أثناء الطريق بمروان بن الحكم في صبيحة تلك الليلة التي أعلن فيها رفضه لبيعة يزيد، فبادره مروان قائلاً: إنّي ناصح فأطعني ترشد وتسدّد. فقال الإمامعليه‌السلام : (وما ذاك يا مروان؟).

قال مروان: إنّي آمرك ببيعة أمير المؤمنين يزيد فإنّه خير لك في دينك ودنياك. فردّ عليه الإمامعليه‌السلام ببليغ منطقه قائلاً: (على الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد... سمعت جدّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: الخلافة محرّمة على آل أبي سفيان وعلى الطلقاء وأبناء الطلقاء فإذا رأيتم معاوية على منبري فابقروا بطنه، فوالله لقد رآه أهل المدينة على منبر جدّي فلم يفعلوا ما اُمروا به)(١) .

حركة الإمامعليه‌السلام في الليلة الثانية:

ذكر المؤرّخون أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام أقام في منزله تلك الليلة وهي ليلة السبت لثلاث بقين من رجب سنة ستين من الهجرة، واشتغل الوليد بن عتبة بمراسلة ابن الزبير في البيعة ليزيد وامتناعه عليهم، وخرج ابن الزبير من ليلته عن المدينة متوجّهاً إلى مكة، فلمّا أصبح الوليد سرح في أثره الرجال فبعث راكباً من موالي بني أُمية في ثمانين راكباً، فطلبوه ولم يدركوه فرجعوا، فلمّا كان آخر نهار يوم السبت بعث الرجال إلى الحسينعليه‌السلام ليحضر فيبايع الوليد ليزيد بن معاوية، فقال لهم الحسينعليه‌السلام : اصبحوا ثم ترون ونرى. فكَفّوا تلك الليلة عنه ولم يلحّوا عليه.

____________________

(١) الفتوح لابن أعثم: ٥ / ١٧، ومقتل الحسين للخوارزمي: ١ / ١٨٤.

١٣٠

فخرجعليه‌السلام من تحت ليلته وهي ليلة الأحد ليومين بقيا من رجب متوجّهاً نحو مكة ومعه بنوه وبنو أخيه وإخوته وجَلَّ أهل بيته إلاّ محمد بن الحنفية - رحمة الله عليه - فإنّه لمّا علم عزمه على الخروج عن المدينة لم يدرِ أين يتوجّه، فقال له: يا أخي أنت أحبّ الناس إليَّ وأعزّهم عليّ ولست أدّخر النصيحة لأحد من الخلق إلاّ لك وأنت أحقّ بها، تنحّ ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، ثم ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك فإن بايعك الناس وبايعوا لك حمدت الله على ذلك، وإن اجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا تذهب به مروّتك ولا فضلك، إنّي أخاف عليك أن تدخل مصراً من هذه الأمصار فيختلف الناس بينهم، فمنهم طائفة معك وأخرى عليك، فيقتتلوا فتكون لأوّل الأسنّة غرضاً، فإذا خير هذه الأمة كلّها نفساً وأباً واُمّاً، أضيعها دماً وأذلّها أهلاً.

فقال له الحسينعليه‌السلام : فأين أذهب يا أخي؟ قال: انزل مكة فإن اطمأنت بك الدار بها فسبيل ذلك، وإن (نَبَتَ بك)(١) لحقت بالرمال وشعف الجبال وخرجت من بلد إلى بلد حتى تنظر إلى ما يصير أمر الناس إليه; فإنّك أصوب ما تكون رأياً حين تستقبل الأمر استقبالاً.

فقال الإمامعليه‌السلام : (يا أخي، قد نصحتَ وأشفقتَ وأرجو أن يكون رأيك سديداً موفّقاً)(٢) . فسار الحسينعليه‌السلام إلى مكة وهو يقرأ( فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (٣) .

____________________

(١) أي لم تجد بها قراراً ولم تطمئن عليها. انظر لسان العرب: ١٥/٣٠٢ مادة نبأ.

(٢) الإرشاد: ٢ / ٣٥.

(٣)القصص (٢٨): ٢١.

١٣١

وصايا الإمام الحسينعليه‌السلام :

لقد كتب الإمامعليه‌السلام قبل خروجه من المدينة عدّة وصايا:

منها: وصية لأخيه هذا نصّها: (هذا ما أوصى به الحسين بن عليّ إلي أخيه محمد بن الحنفية، أنّ الحسين يشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله جاء بالحق من عنده، وأنّ الجنة حق والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، وإنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدّي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي وأبي عليّ بن أبي طالب، فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ، ومن ردّ عليّ هذا أصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم وهو خير الحاكمين)(١) .

ومنها: وصيّته لأم المؤمنين أم سلمة حيث أوصاها بما يرتبط بإمامة الإمام من بعده. روي أنّه لمّا عزم على الخروج من المدينة أتته أم سلمة (رضي الله عنها) فقالت: يا بني لا تحزنّي بخروجك إلى العراق، فإنّي سمعت جدّك يقول: يقتل ولدي الحسينعليه‌السلام بأرض العراق في أرض يقال لها: كربلا. فقال لها: (يا أماه وأنا والله أعلم ذلك، وأنّي مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بدّ، وإنّي والله لأعرف اليوم الذي أقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أُدفن فيها، وإنّي أعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي، وإن أردت يا أمه أُريك حفرتي ومضجعي).

ثم أشار إلى جهة كربلاء، فانخفضت الأرض حتى أراها مضجعه ومدفنه وموضع عسكره وموقفه ومشهده، فعند ذلك بكت أم سلمة بكاءً شديداً

____________________

(١) مقتل الحسين للمقرّم: ١٥٦.

١٣٢

وسلّمت أمره إلى الله.

فقال لها: (يا أمه، قد شاء الله عَزَّ وجَلَّ أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشرّدين، وأطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيّدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ولا معيناً).

وفي رواية أخرى: قالت أم سلمة: وعندي تربة دفعها إلي جدّك في قارورة، فقال: (والله إنّي مقتول كذلك، وإن لم أخرج إلى العراق يقتلوني أيضاً) ثم أخذ تربةً فجعلها في قارورة وأعطاها إيّاها، وقال: (اجعليها مع قارورة جدّي فإذا فاضتا دماً فاعلمي أنّي قد قتلت)(١) .

وروى الطوسي عن الحسين بن سعيد عن حمّاد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : (لمّا توجه الحسينعليه‌السلام إلى العراق ودفع إلى أم سلمة زوجة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الوصية والكتب وغير ذلك قال لها: (إذا أتاك أكبر ولدي فادفعي إليه ما قد دفعت إليك)، فلمّا قتل الحسينعليه‌السلام أتى عليّ بن الحسينعليه‌السلام أم سلمة فدفعت إليه كلّ شيء أعطاها الحسينعليه‌السلام )(٢) .

وروى عليّ بن يونس العاملي في كتابالصراط المستقيم النصّ على عليّ بن الحسينعليه‌السلام في حديث ثم قال: وكتب الحسينعليه‌السلام وصيّته وأودعها أم سلمة وجعل طلبها منها علامة على إمامة الطالب لها من الأنام فطلبها الإمام زين العابدينعليه‌السلام (٣) .

____________________

(١) بحار الأنوار: ٤٤ / ٣٣١، والعوالم: ١٧ / ١٨٠، وينابيع المودة: ٤٠٥... إلى قوله: بكت أم سلمة بكاءً شديداً.

(٢) الغيبة للطوسي: ١١٨ حديث ١٤٨، واثبات الهداة: ٥ / ٢١٤.

(٣) إثبات الهداة: ٥ / ٢١٦ حديث ٨.

١٣٣

توجّه الإمام إلى مكة:

قال المؤرّخون: إن الإمام الحسينعليه‌السلام عندما توجّه إلى مكة لزم الطريق الأعظم، فقال له أهل بيته: لو تنكبت الطريق الأعظم كما فعل ابن الزبير كي لا يلحقك الطلب، فقال: لا والله لا أفارقه حتى يقضي الله ما هو قاض(١) . ولمّا دخل الإمام الحسينعليه‌السلام مكة كان دخوله إيّاها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو يقرأ: (وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ)(٢) .

ثم نزلها فأقبل أهلها يختلفون إليه ومن كان بها من المعتمرين وأهل الآفاق، وابن الزبير بها قد لزم جانب الكعبة وهو قائم يصلّي عندها ويطوف، ويأتي الحسينعليه‌السلام فيمن يأتيه، فيأتيه اليومين المتواليين ويأتيه بين كلّ يومين مرة، وهو أثقل خلق الله على ابن الزبير، قد عرف أنّ أهل الحجاز لا يبايعونه ما دام الحسينعليه‌السلام في البلد وأنّ الحسينعليه‌السلام أطوع في الناس منه وأجلّ(٣) .

____________________

(١) الفتوح: ٥ / ٢٤، وينابيع المودّة: ٤٠٢ الإرشاد للمفيد: ٢ / ٣٥.

(٢) القصص (٢٨): ٢٢.

(٣) الإرشاد: ٢ / ٣٦، وبحار الأنوار: ٤٤ / ٣٣٢.

١٣٤

البحث الثالث: أسباب ودوافع الثورة

إنّه من الصعب أن نقف على جميع الأسباب لثورة امتدّت في عمق الزمن، ولا زالت تنبض بالدفق والحيويّة مثيرة في النفوس روح الإباء والتضحية، وتأخذ بيد الثائرين على مرّ الزمن بالاستمرار في طريق الحقّ وبذل النفس والنفيس لبلوغ الأهداف السامية، إنّها الثورة التي أحيت الرسالة الإسلامية بعد أن كادت تضيع وسط أهواء ورغبات الحكّام الفاسدين، وأثارت في الأمة الإسلامية الوعي حتّى صارت تطالب بإعادة الحقّ إلى أهله وموضعه.

إنّ أفضل ما نستخلص منه أسباب ودوافع الثورة الحسينية هي النصوص المأثورة عن الحسين الثائرعليه‌السلام وكذا آثار الثورة، إلى جانب معرفتنا بشخصيّتهعليه‌السلام فها هو الحسينعليه‌السلام يخاطب جيش الحرّ بن يزيد الرياحي الذي تعجّل لمحاصرته ولم يسمح له بتغيير مساره قائلا:

(أيّها الناس، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاًّ لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أنْ يدخله مدخله. ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله وأنا أحقّ من غَيّر، وقد أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم، وإنّكم لا تسلموني ولا تخذلوني، فإن تمّمتم عليّ بيعتكم تصيبوا رشدكم، فأنا الحسين بن عليّ وابن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نفسي مع أنفسكم، وأهلي

١٣٥

مع أهليكم، فلكم فيّ أُسوة)(١) .

وفي خطاب آخر بعد أن توضّحت نوايا الغدر والخذلان والإصرار على محاربة الإمامعليه‌السلام وطاعة يزيد الفاسق قالعليه‌السلام : (فسحقاً لكم يا عبيد الأمة وشذّاذ الأحزاب ونَبَذَة الكتاب ونفثة الشيطان وعصبة الآثام ومحرّفي الكتاب ومطفئي السنن وقتلة أولاد الأنبياء ومبيدي عترة الأوصياء وملحقي العهار بالنسب ومؤذي المؤمنين وصُراخ أئمّة المستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين، ولبئس ما قدّمت لهم أنفسهم وفي العذاب هم خالدون...).

ثم قالعليه‌السلام : (ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون، وجدود طابت وحجور طهرت وأنوف حميّة ونفوس أبيّة لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام...)(٢) .

من هنا يمكن أن نخلص إلى أسباب ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام كما يلي:

١ - فساد الحاكم وانحراف جهاز الحكومة:

لم يعد في مقدور الإمام الحسينعليه‌السلام أن يتوقّف عن الحركة وهو يرى الانحراف الشامل في زعامة الأمة الإسلامية، فإذا كانت السقيفة قد زحزحت الخلافة عن صاحبها الشرعي وهو الإمام عليعليه‌السلام وتذرّع أتباعها بدعوى حرمة نقض البيعة ولزوم الجماعة وحرمة تفريق كلمة الأمة ووجوب إطاعة الإمام المنتخب بزعمهم، فقد كان الإمام عليعليه‌السلام يسعى بنحو أو بآخر لإصلاح ما فسد من جرّاء فعل الخليفة غير المعصوم، وقد شهد الإمام الحسينعليه‌السلام جانباً من ذلك بوضوح خلال فترة حكم عثمان.

ولقد كانت بنود الصلح تضع قيوداً على تصرّفات معاوية الذي اتّخذ

____________________

(١) تأريخ الطبري: ٤ / ٣٠٤، والكامل في التأريخ: ٣ / ٢٨٠.

(٢) أعيان الشيعة: ١ / ٦٠٣.

١٣٦

أسلوب الخداع والتستّر بالدين سبيلا لتمرير مخطّطاته، أمّا الآن فإنّ الأمر يختلف; إذ بعد موت معاوية لم يبق أيّ علاج إلاّ الصدام المباشر في نظر الإمام المعصوم وصاحب الحقّ الشرعي - الحسينعليه‌السلام - فلم يعد في الإمكان ولو نظرياً القبول بصلاحيّة يزيد وبني أُمية للحكم.

على أنّ نتائج انحراف السقيفة كانت تنذر بالخطر الماحق للدين، فقد قال الإمامعليه‌السلام : (أيّها الناس! إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من رأى منكم سلطاناً جائراً مستحلاًّ لحرم الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغيّر عليه بقول ولا بفعل كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله).

وقد كان يزيد يتصف بكل ما حذّر منه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان الحسينعليه‌السلام وهو الوريث للنبيّ وحامل مشعل الرسالة - أحقّ من غيره بالمواجهة والتغيير.

٢ - مسؤولية الإمام تجاه الأمة:

كان الإمام الحسينعليه‌السلام يمثّل القائد الرسالي الشرعي الذي يجسّد كلّ القيم الخيّرة والأخلاق السامية.

وبحكم مركزه الاجتماعي - حيث إنّه هو سبط الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ووريثه - فإنّه مسؤول عن هذه الأمة، وقد وقفعليه‌السلام في عهد معاوية محاولاً إصلاح الأمور بطريقة سلمية، فحاجج معاوية وفضح مخطّطاته(١) ونبّه الأمة إلى مسؤولياتها ودورها(٢) ، بل خطا خطوةً كبيرة لتحفيز الأمة على رفض الظلم(٣) ،

____________________

(١) الإمامة والسياسة: ١ / ٢٨٤.

(٢) كتاب سُليم بن قيس: ١٦٦.

(٣) شرح نهج البلاغة: ٤ / ٣٢٧.

١٣٧

وحاول جمع كلمة الأمة في وجه الظالمين(١) .

ولمّا استنفد كلّ الإجراءات الممكنة لتغيير الأوضاع الاجتماعية في الأمة تحرّك بثقله وأهل بيته للقيام بعمل قويّ في مضمونه ودلالته وأثره وعطائه لينهض بالأمة لتغيير واقعها الفاسد.

٣ - الاستجابة لرأي الجماهير الثائرة:

لم يكن بوسع الإمام الحسينعليه‌السلام أن يقف دون أن يقوم بحركة قوية، وقد تكاثرت عليه كتب الرافضين لبيعة يزيد بن معاوية تطلب منه قيادة زمام أمورها والنهوض بها، وقد حمّلته المسؤولية أمام الله إذا لم يستجب لدعواتهم، وكانت دعوة أهل الكوفة للإمام الحسينعليه‌السلام بمثابة الغطاء السياسي الذي يعطي الصفة الشرعية لحركته، فلم تكن حركته بوازع ذاتي ولا مطمع شخصي، لا سيّما بعد إتمام الحجّة عليه من قبل هؤلاء المسلمين.

٤ - محاولة إرغامهعليه‌السلام على الذلّ والمساومة:

لقد كان الإمام الحسينعليه‌السلام يحمل روحاً صاغها الله بالمُثل العليا والقيم الرفيعة، ففاضت إباء وعزّةً وكرامةً، وفي المقابل تدنّت نفسيّة يزيد الشريرة ونفسيات أزلامه، فأرادوا من الإمام الحسينعليه‌السلام أن يعيش ذليلا في ظلّ حكم فاسد: وقد صرّحعليه‌السلام قائلاً: (ألا وإنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة، وهيهات منّا الذلّة! يأبى الله لنا ذلك ورسوله ونفوس أبيّة وأنوف حميّة من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام).

وفي موقف آخر قالعليه‌السلام :(لا أرى الموت إلاّ سعادةً والحياة مع الظالمين إلاّ برماً).

____________________

(١) أنساب الأشراف: ق ١ / ج ١، وتأريخ ابن كثير: ٨ / ١٦٢.

١٣٨

بهذه الصورة الرائعة سنّ الإمام الحسينعليه‌السلام سنّة الإباء لكلّ من يدين بقيم السماء وينتمي إليها ويدافع عنها، وانطلق من هذه القاعدة ليغيّر الواقع الفاسد.

٥ - نوايا الغدر الأموي والتخطيط لقتل الحسينعليه‌السلام :

استشفّ الإمام الحسينعليه‌السلام - وهو الخبير الضليع بكلّ ما كان يمرّ في معترك الساحة السياسية والمتغيّرات الاجتماعية التي كانت تتفاعل في الأمة - نوايا الغدر والحقد الأموي على الإسلام وأهل البيتعليهم‌السلام وتجارب السنين الأولى من الدعوة الإسلامية، ثم ما كان لمعاوية من مواقف مع الإمام عليعليه‌السلام ومن بعده مع الإمام الحسنعليه‌السلام .

وأيقن الحسينعليه‌السلام أنّهم لا يكفّون عنه وعن الفتك به حتى لو سالمهم، فقد كان يمثّل بقية النبوّة والشخصية الرسالية التي تدفع الحركة الإسلامية في نهجها الحقيقي وطريقها الصحيح.

ولم يستطع يزيد أن يخفي نزعة الشرّ في نفسه، فقد روي أنّه صرّح قائلاً في وقاحة:

لستُ من خندف إن لم انتقم

من بني أحمد ما كان فعلْ

وقد أعلن الإمام الحسينعليه‌السلام أنّ بني أُمية لا يتركونه بحال من الأحوال فقد صرّح لأخيه محمد بن الحنفية قائلاً: (لو دخلت في جُحْر هامّة من هذه الهوامّ لاستخرجوني حتى يقتلوني).

وقالعليه‌السلام لجعفر بن سليمان الضبعي: (والله لا يدعوني حتى يستخرجوا هذه العلقة - يعني قلبه الشريف - من جوفي).

١٣٩

فتحرّك الإمامعليه‌السلام من مكة مبكّراً ليقوم بالثورة قبل أن تتمكّن يد الغدر من قتله وتصفيته، وهو بعد لم يتمكّن من أداء دوره المفروض له في الأمة آنذاك، وسعى لتفويت أيّة فرصة يمكن أن يستغلّها الأمويون للغدر به، والظهور بمظهر المدافع عن أهل بيت النبوّة.

٦ - انتشار الظلم وفقدان الأمن:

قام الحكم الأموي على أساس الظلم والقهر والعدوان، فمنذ أن برز معاوية وزمرته كقوّة في العالم الإسلامي برز وهو باغ على خليفة المسلمين وإمام الأمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأسرف في ممارساته الظالمة التي جلبت الويل للأمة، فقد سفك الدماء الكثيرة، واستعمل شرار الخلق لإدارة الأمور يوم تفرّد بالحكم، بل وقبل أن يتسلّط على الأمة كانت كلّ العناصر الموالية له تشيع الخوف والقتل حتى قال الناس فيولاية زياد بن أبيه: (انج سعد، فقد هلك سعيد) للتدليل على ضياع الأمن في جميع أنحاء البلاد(١) .

ومن جانب آخر أمعنت السلطة الأُموية في احتقار فئات و قطاعات كبيرة من الأمة بنظرة استعلائية قبلية(٢) ، كما مارس معاوية في سياسته التي ورثها يزيد أنواع الفتك والتعذيب والتهجير للمسلمين وبالأخص من عرف منه ولاء أهل البيتعليهم‌السلام (٣) .

وبكلّ جرأة على الحقّ واستهتار بالقيم يقول معاوية للإمام الحسينعليه‌السلام : يا أبا عبد الله، علمت أنّا قتلنا شيعة أبيك فحنّطناهم وكفّناهم

____________________

(١) تأريخ الطبري: ٦ / ٧٧، وتأريخ ابن عساكر: ٣ / ٢٢٢، والاستيعاب: ١ / ٦٠، وتأريخ ابن كثير: ٧ / ٣١٩.

(٢) العقد الفريد: ٢ / ٢٥٨، وطبقات ابن سعد: ٦ / ١٧٥، ونهاية الإرب: ٦ / ٨٦.

(٣) شرح النهج: ١١ / ٤٤، وتأريخ الطبري: ٤ / ١٩٨.

١٤٠

لها غالبا، وكلّهم ضعيف عند غلبته، وثقت بك يا سيدي عند قوّتهم، إنّي مكيد لضعفي، ولقوّتك على من كادني، تعرضت لك فسلّمني منهم، اللهم فإن حلت بيني وبينهم فذلك أرجوه منك، وإن أسلمتني إليهم غيّروا ما بي من نعمك يا خير المنعمين، صلّ على محمد وآل محمد، ولا تجعلني ممّن تغيّر نعمك عليه، فلست أرجو سواك، أنت ربّي لا تجعل تغيير نعمك على [ يد ](٢) أحد سواك، ولا تغيّرها، أنت ربّي قد ترى الذي يراد بي، فحل بيني وبين شرّهم بحقّ علمك الذي به (تستجيب الدعاء، يا الله ربّ العالمين)(٣) ، فإنه إذا قال ذلك نصرته على أعدائه وحفظته ».

[٩٢٤٨] ٢ - وفي بعض روايات أدعية السرّ: « يا محمد، ومن أراد من أُمتك التوجه في يوم نحس ويخاف من نحوسته، فليقرأ الفاتحة، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ بربّ الناس، وآية الكرسي، وإنا أنزلناه وآخر سورة آل عمران، ثم يقرأ هذا الدعاء: اللهم بك يصول الصائل، وبقدرتك يطول الطائل، ولا حول لكلّ ذي حول إلّا بك، ولا قوّة يمتاز بها،(١) ذو قوّة إلّا منك، أسألك بصفوتك من خلقك، وخيرتك من بريّتك، محمد نبيّك وعترته وسلالته عليه وعليهم السلام، صلّ عليهم، واكفني شرّ هذا اليوم وضره، وارزقني خيره وامنه(٢) واقض لي في متصرفاتي بحسن العاقبة، وبلوغ المحبّة،

__________________

(٢) أثبتناه من البحار.

(٣) كذا في الطبعة الحجرية، وفي المخطوط: « يا لله ربّ العالمين تستجيب الدعاء ».

٢ -

(١) في نسخة: ها (منه قدّه).

(٢) في نسخة: ويمنه (منه قدّه).

١٤١

والظفر بالأمنية، وكفاية الطاغية الغوية(٣) ، وكل ذي قدرة لي على أذية، حتى أكون في جنّة وعصمة من كلّ بلاء ونقمة، وأبدلني من المخاوف فيه أمنا، ومن العوائق فيه يسرا، حتى لا يصدني صاد عن المراد، ولا يحل بي طارق من أذى العباد، إنّك على كلّ شئ قدير، والأمور إليك تصير، يا من ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، فإنّه إذا قال ذلك، يأمن من سوئه ونحوسته إن شاء الله تعالى ».

قلت: ويأتي في باب النوادر: شرح وسند آخر لهذا الدعاء(٤) .

[٩٢٤٩] ٣ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن أبيه، عن أبي الجهم هارون بن الجهم، عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبي خديجة صاحب الغنم، قال: سمعت أباعبد اللهعليه‌السلام يقول:

قال: وحدثنا بكر بن صالح الضبّي، عن الجعفري عن أبي، الحسنعليه‌السلام قال: « إذا أمسيت فنظرت إلى الشمس في غروب وإدبار، فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، والحمد لله الذي يصف ولا يوصف، ويعلم ولا يعلم، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، أعوذ بوجه الله الكريم وباسم الله العظيم، من شرّ ما ذرأ وبرأ، ومن شرّ ما تحت الثرى، ومن شرّ ما ظهر وبطن، ومن شرّ ما كان بالليل والنهار، ومن شرّ أبي مرّة(١) وما ولد، ومن شرّ الرايس(٢) ومن شرّ

__________________

(٣) في نسخة: المغوية (منه قدّه).

(٤) يأتي في الحديث ٦ من الباب ٥١.

٣ - المحاسن ص ٣٦٨ ح ١٢١.

(١) أبو مرّة: كنية إبليس لعنه الله (القاموس المحيط ج ٢ ص ١٣٨)، وفي نسخة: أبي قرّة وأبي قترة (منه قدّه).

(٢) في نسخة: الراسيس (منه قدّه).

١٤٢

ما وصفت وما لم أصف، والحمد لله ربّ العالمين »، قال: وذكر أنّها أمان من كلّ سبع، ومن الشيطان الرجيم(٣) ، ومن شرّ كلّ ما عضّ ولسع، ولا يخاف صاحبها إذا تكلّم بها لصّا ولا غولا.

[٩٢٥٠] ٤ - ابنا بسطام في طب الأئمةعليهم‌السلام : عن علي بن عروة الأهوازي، عن الديلمي، عن داود الرقي، عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، قال: « من كان في سفر وخاف اللصوص [ والسبع ](١) فليكتب على عرف دابته:( لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ ) (٢) فإنه يأمن بإذن الله عزّوجلّ ».

قال داود الرقي: فحججت فلمّا كنّا بالبادية، جاء قوم من الأعراب فقطعوا على القافلة وأنا فيهم، فكتبت على عرف جملي:( لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ ) فوالذي بعث محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ بالنبوة، وخصّه بالرسالة، وشرّف أمير المؤمنينعليه‌السلام بالإمامة، ما نازعني أحد منهم، أعماهم الله عني.

[٩٢٥١] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا رأيت الأسد فكبّر في وجهه ثلاث تكبيرات، وقل: الله أعزّ وأكبر وأجلّ من كلّ شئ، وأعوذ بالله ممّا أخاف واحذر، فإذا نبحك الكلب، فاقرأ:( يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ

__________________

(٣) في المصدر زيادة: وذريته.

٤ - طبّ الأئمةعليهم‌السلام ص ٣٦، وعنه في البحار ج ٧٦ ص ٢٤٩ ح٤٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) طه ٢٠: ٧٧.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٤، وعنه في البحار ج ٩٥ ص ١٤٣ ح ٩.

١٤٣

وَالْإِنسِ ) (١) إلى آخرها، وإذا نزلت منزلا تخاف فيه السبع، فقل: أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت، بيده الخير كلّه، وهو علي كلّ شئ قدير، أعوذ بالله من شرّ كلّ سبع.

وإن خفت عقربا فقل: أعوذ بكلمات الله التامّات التي لا يجاوزهن برّ ولا فاجر، من شرّ كلّ ذي شرّ بشره ومن شرّ ما ذرأ وبرأ، ومن شرّ كلّ دابّة هو آخذ بناصيتها، إنّ ربّي على صراط مستقيم ».

[٩٢٥٢] ٦ - ابن الشيخ في أماليه عن أبي محمد الفحّام، عن محمد بن أحمد الهاشمي المنصوري، عن عمّ أبيه أبي موسى عيسى بن أحمد بن عيسى، عن أبي الحسن الثالث، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « دخل أشجع السلمي، على الصادقعليه‌السلام وقال: يا سيدي أنا كثير الأسفار، وأحصل في المواضع المفزعة، فتعلمني ما آمن به على نفسي، قال: فإذا خفت أمرا فاترك يمينك على أمّ رأسك، واقرأ برفيع صوتك:( أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّـهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) (١) ».

قال أشجع: فحصلت في واد تعبث(٢) فيه الجنّ، فسمعت قائلا يقول: خذوه، فقرأتها فقال قائل: كيف نأخذه وقد احتجز بآية طيّبة؟.

__________________

(١) الأنعام ٦: ١٣٠ والرحمن ٥٥: ٣٣، والظاهر أنّ الأولى أنسب.

٦ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٨٧.

(١) آل عمران ٣: ٨٣.

(٢) في الطبعة الحجرية: نقتت « كذا » وما أثبتناه من المصدر.

١٤٤

٢١ -( باب ما يستحب اختياره للسفر وقضاء الحوائج من أيام الشهر، وما يكره فيه ذلك)

[٩٢٥٣] ١ - السيد أبو القاسم علي بن رضي الدين علي بن طاووس في زوائد الفوائد: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال في اليوم الأول من الشهر: « هو يوم مبارك محمود، فيه خلق الله تعالى آدم، وهو يوم سعيد لطلب الحوائج، وللدخول على السلطان، وابتداء الأعمال، والبيع والشراء، والأخذ والعطاء، ومن ولد فيه كان محبوبا مقبولا مرزوقا مباركا ومن مرض فيه يبرأ بإذن الله تعالى.

وفي رواية أخرى: من خرج فيه هاربا أو ضالا، قدر عليه إلى ثمان ليال(١) .

الثاني: يوم محمود خلق الله تبارك وتعالى فيه حوا، وهو يوم يصلح للتزويج، والتحويل، والشراء والبيع، والبناء والزرع والغرس، والسلف والقرض والمعاملة، والدخول بالأهل، وطلب الحوائج، ولقاء السلطان، ومن مرض فيه يبرأ، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا(٢) .

وفي رواية أخرى: أنه يصلح لكتبة العهد، ومن مرض فيه في أوّله كان مرضه خفيفا، وفي آخره كان ثقيلا.(٣)

الثالث: يوم نحس فيه قتل هابيل، قتله أخوه قابيل (عليه اللعنة

__________________

الباب ٢١

١ - زوائد الفوائد، وعنه في البحار ج ٥٩ ص ٥٧ ح ١١.

(١) البحار ج ٥٩ ص ٥٧ ح ١٢.

(٢) البحار ج ٥٩ ص ٥٧ ح ١٦.

(٣) البحار ج ٥٩ ص ٥٧ ح ١٧.

١٤٥

والعذاب السرمد) وهو يوم مذم لا تسافر فيه، ولا تعمل عملا، ولا تلق فيه أحدا، واستعذ فيه بالله من شرّه، بعوذة أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن ولد فيه كان منحوسا، ومن مرض فيه أو في ليلته خيف عليه، إلّا أن يشاء الله فيه غير ذلك(٤) .

وفي رواية أخرى: ومن ولد فيه كان مرزوقا طويل العمر، وفيه سلب آدم وحوا لباسهما وأُخرجا من الجنّة، والهارب فيه يوجد، والمريض فيه يجهد(٥) .

الرابع: يوم متوسط صالح لقضاء الحوائج، فيه ولد هبة الله شيث ابن آدم، ولا تسافر فيه فإنه مكروه، ومن ولد فيه كان مباركا، ومن مرض فيه شفي ليلته وبرئ بإذن الله تعالى(٦) .

وفي رواية أخرى: أنّ هابيل ولد فيه أيضا، ويخاف فيه على المسافر السلب والقتل وبلاء يصيبه، ومن هرب فيه لجأ إلى من يمنع منه(٧) .

الخامس: يوم نحس فيه لعن إبليس وهاروت وماروت، وكلّ فرعون وجبّار فيه لعن وعذّب، وهو يوم نكد عسير لا خير فيه، فاستعذ بالله من شره، ومن ولد فيه كان مشؤوما ثقيلا نكد الحياة عسير الرزق، ومن مرض فيه أو في ليلته، ثقل مرضه وخيف عليه(٨) .

وفي رواية أخرى: أنّ فيه قتل قابيل هابيل، وينظر في إصلاح

__________________

(٤) البحار ج ٥٩ ص ٥٨ ح ٢١.

(٥) البحار ج ٥٩ ص ٥٨ ح ٢٢.

(٦) البحار ج ٥٩ ص ٥٩ ح ٢٦.

(٧) البحار ج ٥٩ ص ٥٩ ح ٢٧.

(٨) البحار ج ٥٩ ص ٦٠ ح ٣١.

١٤٦

الماشية، ومن كذب فيه عجل الله له الجزاء(٩) .

السادس: يوم صالح ولد فيه نوحعليه‌السلام ، يصلح للحوائج والسلطان، والسفر والبيع والشراء، والديون والقضاء، والأخذ والعطاء، والنزهة والصيد، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا، موسّعا عليه في حياته، ومن مرض فيه أو في ليلته لم يجاوز مرضه أسبوعا، ثم يبرأ بإذن الله تعالى(١٠) .

وفي رواية أخرى: يصلح للتزويج وشراء الماشية(١١) .

السابع: يوم سعيد مبارك، فيه ركب نوحعليه‌السلام السفينة، فاركب البحر وسافر في البرّ، والق العدو، واعمل ما شئت، فإنه يوم عظيم البركة، محمود لطلب الحوائج والسعي فيها، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا على نفسه وأبويه، خفيف النجم موسعا عيشه، ومن مرض فيه أو في ليلته برئ بإذن الله تعالى(١٢) .

وفي رواية أخرى: يصلح لابتداء الكتابة، والعمارة، وغرس الأشجار(١٣) .

الثامن: يوم صالح للشراء والبيع فاشتر فيه وبع، وخذ وأعط، ولا تعرض للسفر فإنه يكره فيه سفر البر والبحر، ومن ولد فيه كان متوسط الحال طويل العمر، ومن مرض فيه أو في ليلته برئ بإذن الله

__________________

(٩) البحار ٥٩ ص ٦٠ ح ٣٢.

(١٠) البحار ج ٥٩ ص ٦١ ح ٣٦.

(١١) البحار ج ٥٩ ص ٦١ ح ٣٧.

(١٢) البحار ٥٩ ص ٦١ ح ٤١.

(١٣) البحار ج ٥٩ ص ٦١ ح ٤٢.

١٤٧

تعالى(١٤) .

وفي رواية أخرى: يصلح للقاء السلطان، وقضاء الحوائج منه، ومن هرب فيه لم يقدر عليه إلّا بتعب، ومن ضلّ فيه لم يرشد إلّا بجهد(١٥) .

وقيل: من مرض فيه هلك.

التاسع: يوم صالح محمود، فيه ولد سام بن نوحعليه‌السلام ، وهو يوم مبارك يصلح للحوائج، والدخول على السلطان، وجميع الأعمال، والدين والقرض، والأخذ والعطاء، ومن ولد فيه كان محبوبا مقبولا عند الناس، يطلب العلم ويعمل بأعمال الصالحين، ومن مرض فيه أو في ليلته برئ بإذن الله تعالى(١٦) .

وفي رواية أخرى: من سافر فيه رزق ولقي خيرا، ويصلح للغرس والزرع، ومن حارب فيه غلب، ومن هرب فيه لجأ إلى سلطان يمنع عليه، ومن مرض فيه ثقل(١٧) .

العاشر: يوم محمود، رفع الله فيه إدريس مكانا عليا، وفيه أخذ موسىعليه‌السلام التوراة، يصلح لكتب الكتب والشروط والعهود، وأعمال الدواوين والحساب ومن ولد فيه كان مباركا حليماً صالحا عفيفا، ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه(١٨) .

وفي رواية أخرى: يصلح للبيع والشراء، ومن ضلّت له ضالّة

__________________

(١٤) البحار ج ٥٩ ص ٦٢ ح ٤٦.

(١٥) البحار ج ٥٩ ص ٦٢ ح ٤٧.

(١٦) البحار ج ٥٩ ص ٦٣ ح ٥١.

(١٧) البحار ج ٥٩ ص ٦٣ ح ٥٢.

(١٨) البحار ج ٥٩ ص ٦٤ ح ٥٦.

١٤٨

وجدها، ويستحب للمريض فيه أن يوصي، ومن هرب فيه ظفر به وسجن(١٩) .

الحادي عشر: يوم صالح للشراء والبيع والمعاملة والقرض، ويكره فيه الدخول على السلطان ومعاملته والتصرف فيه، ومن ولد فيه كان مباركا صالح التربية، ومن مرض فيه أو في ليلته برئ بإذن الله تعالى(٢٠) .

وفي رواية أخرى: أنّه ولد فيه شيث، ومن هرب فيه رجع طائعاً، ومن ضلّ فيه سلم، وذكر أيضا أنه يموت فقيرا، أو يهرب من السلطان(٢١) .

الثاني عشر: يوم مبارك، فيه قضى موسى الأجل، وهو يوم التزويج، والمشاركة وفتح الحوانيت وعمارة المنازل، والبيع والشراء، والأخذ والعطاء، ومن ولد فيه كان عفيفا ناسكا صالحا، ومن مرض فيه أو في ليلته من حمّى، خيف عليه إلّا أن يشاء الله عزّوجلّ(٢٢) .

وفي رواية أخرى: يستحب فيه ركوب الماء، ولا يرتكب فيه الوسائط، يعني الوساطة بين الناس(٢٣) .

الثالث عشر: يوم نحس، فيه هلك ابن نوحعليه‌السلام ، وامرأة لوط، وهو يوم مذموم في كلّ حال، فاستعذ بالله من شرّه، ومن ولد فيه كان مشؤوماً، عسير الرزق، كثير الحقد، نكد الخلق، ومن

__________________

(١٩) البحار ج ٥٩ ص ٦٤ ح ٥٧.

(٢٠) البحار ج ٥٩ ص ٦٤ ح ٦١.

(٢١) البحار ج ٥٩ ص ٦٥ ح ٦٢.

(٢٢) البحار ج ٥٩ ص ٦٥ ح ٦٥.

(٢٣) البحار ج ٥٩ ص ٦٥ ح ٦٦.

١٤٩

مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه، والله أعلم(٢٤) .

وفي رواية أخرى: تتقي فيه المنازعات، ولقاء السلاطين والحكومات، وحلق الرأس ودهن الشعر، ومن هرب فيه سلم، وإن ولد فيه ذكر لم يعش(٢٥) .

الرابع عشر: يوم صالح لما تريد من قضاء الحوائج، ولقاء الملوك، وطلب العلم، وأعمال الديوان، ومن ولد فيه عاش سليما سعيدا، وكان في أموره مسددا محمودا مرزوقا، ومن مرض فيه أو في ليلته، برئ من مرضه ولم يطل، والله أعلم(٢٦) .

وفي رواية أخرى: أنه من ولد فيه يكون في آخر عمره كثير المال، ويكون غشوما ظلوما، ويصلح للبيع والشراء، والاستقراض والقرض، والركوب في البحر، ومن هرب فيه يؤخذ(٢٧) .

الخامس عشر: يوم صالح لكلّ عمل وحاجة، ولقاء الأشراف والعظماء والرؤساء، فاطلب فيه حوائجك، والق سلطانك، واعمل ما بدا لك، فإنه يوم سعيد، ومن ولد فيه يكون ألثغ اللسان أو أخرس، ومن مرض فيه أو في ليلته، خيف عليه إلّا أن يشاء الله عزّوجلّ(٢٨) .

وفي رواية أخرى: يوم محذور، ويصلح للاستقراض والقرض، ومشاهدة ما يتشرى، ومن مرض فيه برئ بإذن الله، ومن هرب فيه

__________________

(٢٤) البحار ج ٥٩ ص ٦٦ ح ٦٩.

(٢٥) البحار ج ٥٩ ص ٦٦ ح ٧٠.

(٢٦) البحار ج ٥٩ ص ٦٦ ح ٧٤.

(٢٧) البحار ج ٥٩ ص ٦٧ ح ٧٥.

(٢٨) البحار ج ٥٩ ص ٦٨ ح ٨٣.

١٥٠

ظفر به في مكان قريب(٢٩) .

السادس عشر: يوم نحس ردئ مذموم، لا خير فيه، فلا تسافر فيه، ولا تطلب حاجة، وتوقّ ما استطعت، وتعوّذ بالله من شرّه، من ولد فيه يكون مشؤوما عسر التربية، منحوسا في عيشه، ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه ويطول مرضه، والله أعلم(٣٠) .

وفي رواية أخرى: من سافر فيه هلك، ويكره فيه لقاء السلطان، ويصلح للتجارة والبيع والمشاركة، والخروج إلى البحر، والأبنية والأساسات، والذي يهرب فيه يرجع، ومن ضلّ فيه سلم، ومن ولد في صبيحته إلى الزوال كان مجنونا، ومن ولد بعد الزوال تكون اعماله صالحة(٣١) .

السابع عشر: يوم صالح مختار محمود لكلّ عمل وحاجة، فاطلب فيه الحوائج واشتر وبع، والق الكتّاب والعمّال ومن شئت، ومن ولد فيه كان مباركا سعيدا في كلّ أمره، ومن مرض فيه أو في ليلته، خلص وبرئ بإذن الله تعالى(٣٢) .

وفي رواية أخرى: متوسط، تحذر فيه المنازعة، والقرض الاستقراض(٣٣) .

الثامن عشر: يوم مختار للسفر، التزويج، ولطلب الحوائج، ومن خاصم فيه عدوّه خصمه وغلبه وقهره، ومن ولد فيه كان حسن

__________________

(٢٩) البحار ج ٥٩ ص ٦٨ ح ٨٤.

(٣٠) البحار ج ٥٩ ص ٧٠ ح ٩٤.

(٣١) البحار ج ٥٩ ص ٩٤ ح ٩٥.

(٣٢) البحار ج ٥٩ ص ٧١ ح ١٠٤.

(٣٣) البحار ج ٥٩ ص ٧٢ ح ١٠٥.

١٥١

التربية محمود العيش، ومن مرض فيه أو في ليلته، برئ ونجا بإذن الله تعالى(٣٤) .

وفي رواية أخرى: يصلح للبيع والشراء، والزرع(٣٥) .

التاسع عشر: يوم مختار مبارك، صالح لكلّ عمل تريد، وفيه ولد إسحاق بن إبراهيمعليه‌السلام ، فاطلب فيه الحوائج، والق السلطان، واكتب الكتاب، واعمل الأعمال، ومن ولد فيه كان كاتبا مباركا مرزوقا، ومن مرض فيه أو في ليلته خيف عليه(٣٦) .

وفي رواية أخرى: يصلح للسفر، والمعاش، وطلب العلم، وشراء الرقيق، والماشية، ومن ضلّ فيه أو هرب، يقدر عليه بعد نصف شهر(٣٧) .

العشرون: يوم جيد محمود صالح مسعود مبارك لما يؤتى، فاشتر فيه وبع، واعمل ما شئت، ومن ولد فيه كان طويل العمر، ملكا يملك بلدا أو ناحية منه، ومن مرض فيه أو في ليلته، يخلص بإذن الله تعالى(٣٨) .

وفي رواية أخرى: يوم متوسط، يصلح للسفر، والحوائج، والبناء، ووضع الأساسات، وغرس الشجر والكرم، واتخاذ الماشية، ومن هرب فيه كان بعيد الدرك، ومن ضلّ فيه خفي أمره ومن مرض

__________________

(٣٤) البحار ج ٥٩ ص ٧٣ ح ١١١.

(٣٥) البحار ج ٥٩ ص ٧٣ ح ١١٢.

(٣٦) البحار ج ٥٩ ص ٧٤ ح ١١٩.

(٣٧) البحار ج ٥٩ ص ٧٤ ح ١٢٠.

(٣٨) البحار ج ٥٩ ص ٧٦ ح ١٣٢.

١٥٢

فيه صعب مرضه، ومن ولد فيه عاش في صعوبة(٣٩) .

الحادي والعشرون: يوم نحس مذموم، أكل فيه آدم من الشجرة، وعصى ربّه، فاحذره ولا تطلب فيه حاجة، ولا تلق سلطانا، ولا تعمل عملا، ولا تشارك أحدا، واقعد في منزلك، واستعذ بالله من شرّه، ومن ولد فيه كان ضيّق العرض نكد الحياة، ومن مرض فيه يخاف عليه(٤٠) .

وفي رواية أخرى: يتقى فيه السلطان، والسفر(٤١) .

الثاني والعشرون: يوم سعيد مبارك، مختار لما تريد من الأعمال، فاعمل ما شئت والق من شئت فإنّه مبارك، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا سعيداً، ومن مرض فيه أو في ليلته لا يخاف عليه ويخلص، ويستحب فيه الشراء والبيع(٤٢) .

الثالث والعشرون: يوم سعيد، مبارك لكل ما تريد، للسفر، والتحويل(٤٣) من مكان إلى مكان، وهو جيد للحوائج، ولقاء الملوك، ومن ولد فيه كان سعيدا، وعاش عيشا طيّبا، ومن مرض فيه أو في ليلته، نجا بإذن الله تعالى(٤٤) .

وفي رواية أخرى: أن يوسف ولد فيه، ويصلح للتزويج(٤٥) .

__________________

(٣٩) البحار ج ٥٩ ص ٧٦ ح ١٣٣.

(٤٠) البحار ج ٥٩ ص ٧٧ ح ١٤١.

(٤١) البحار ج ٥٩ ص ٧٧ ح ١٤٢.

(٤٢) البحار ج ٥٩ ص ٧٨ ح ١٤٩.

(٤٣) في نسخة: والتحول (منه قدّه).

(٤٤) البحار ج ٥٩ ص ٨٠ ح ١٥٤.

(٤٥) البحار ج ٥٩ ص ٨٠ ح ١٥٥.

١٥٣

الرابع والعشرون: يوم نحس مستمر، مكروه لكلّ حال وعمل، فاحذره ولا تعمل فيه عملا، ولا تلق أحدا، واقعد في منزلك، واستعذ بالله من شره، ومن ولد فيه كان منحوسا، ومن مرض فيه أو في ليلته، خيف عليه أو طال مرضه(٤٦) .

وفي رواية أخرى: ولد فيه فرعون، والمولود فيه يقتل في آخر عمره إذا حرص في طلب الرزق، أو يغرق(٤٧) .

الخامس والعشرون: يوم نحس مكروه ثقيل نكد، فلا تطلب فيه حاجة، ولا تلق أحداً، ولا تسافر فيه، واقعد في منزلك، واستعذ بالله من شره، ومن ولد فيه كان ثقيل التربية نكد الحياة، ومن مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه(٤٨) .

وفي رواية أخرى: أنه يوم ضرب الله فيه أهل الآيات مع فرعون، والمولود فيه يكون نجيبا مباركا مرزوقا، تصيبه علّة شديدة ويسلم منها(٤٩) .

السادس والعشرون: يوم صالح، متوسط للشراء والبيع، والسفر وقضاء الحوائج، والبناء والغرس والزرع، وهو يوم جيد للسفر فسافر فيه، والق من شئت تغنم وتقض حوائجك، ومن ولد فيه كان متوسط الحال، ومن مرض فيه أو في ليلته برئ بعد مدّة، ويكره فيه التزويج(٥٠) .

__________________

(٤٦) البحار ج ٥٩ ص ٨١ ح ١٦٤.

(٤٧) البحار ج ٥٩ ص ٨١ ح ١٦٥.

(٤٨) البحار ج ٥٩ ص ٨٣ ح ١٧٤.

(٤٩) البحار ج ٥٩ ص ٨٣ ح ١٧٥.

(٥٠) البحار ج ٥٩ ص ٨٤ ح ١٨٣.

١٥٤

وفي رواية أخرى: هو يوم ضرب موسى بعصاه البحر، فلا تدخل على أهلك إذا أتيت من سفر، والمولود يطول عمره، والمريض يجهد(٥١) .

السابع العشرون: يوم صاف، مبارك من النحوس، صالح للحوائج إلى السلطان وإلى الإخوان، والسفر إلى البلدان، فالق فيه من شئت، وسافر إلى حيث أردت، ومن ولد فيه كان مباركا خفيف التربية، ومن مرض فيه أو في ليلته، نجا من مرضه سريعا(٥٢) .

وفي رواية أخرى: أنه يكون طويل العمر، كثير الخير(٥٣) .

الثامن والعشرون: يوم مبارك، سعيد لكل عمل وحاجة وسفر، وبناء وغرس واعمل فيه ما شئت، والق من شئت، فإنه يوم مبارك سعيد، ومن ولد فيه يكون مباركا مقبلا، ومن مرض فيه أو في ليلته برى من مرضه(٥٤) .

وفي رواية أخرى: أن يعقوب ولد فيه، ومن ولد فيه يكون محزونا، طويلا عمره، ويصيبه الغمّ، ويبتلي في بدنه(٥٥) .

التاسع والعشرون: يوم مبارك سعيد قريب الأمر، يصلح للحوائج والتصرف فيها، ولقاء الملوك، والسفر والنقلة، فاقض فيه كلّ حاجة، وسافر والق من شئت، ومن ولد فيه كان مباركا، ومن

__________________

(٥١) البحار ج ٥٩ ص ٨٤ ح ١٨٤.

(٥٢) البحار ج ٥٩ ص ٨٥ ح ١٩١.

(٥٣) البحار ج ٥٩ ص ٨٦ ح ١٩٢.

(٥٤) البحار ج ٥٩ ص ٨٧ ح ٢٠٠.

(٥٥) البحار ج ٥٩ ص ٨٧ ح ٢٠١.

١٥٥

مرض فيه أو في ليلته يخاف عليه(٥٦) .

وفى رواية أخرى: الذي يولد فيه يكون حليما، والمسافر فيه يصيب مالا كثيراً، وتكره فيه الوصيّة(٥٧) .

الثلاثون: يوم مبارك ميمون مسعود، مفلح منجح مفرّح، فاعمل فيه ما شئت، والق من أردت، وخذ وأعط، وسافر وانتقل، وبع واشتر، فإنّه صالح لكلّ ما تريد، موافق لكلّ ما يعمل، ومن ولد فيه كان مباركا ميمونا مقبلا، حسن التربية، موسّعا عليه، ومن مرض فيه أو في ليلته، لم تطل علّته ونجا سالما بإذن الله تعالى(٥٨) .

وفي رواية أخرى: يكره فيه السفر، والمولود فيه يرزق رزقا واسعا يكون لغيره، ويمنع من التمتع بشئ منه، ومن هرب فيه اخذ، وإذا ضلّت فيه ضالّة وجدت، والقرض فيه يعود سريعا والله احكم واعلم(٥٩) ».

[٩٢٥٤] ٢ - البحار، رأيت في بعض الكتب المعتبرة: روى فضل الله بن علي بن عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن محمد بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام - تولّاه الله في الدارين بالحسنى - عن أبي عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد بن العباس الدوريستي، عن أبي محمد جعفر بن محمد بن علي المونسي القمي، عن علي بن بلال، عن

__________________

(٥٦) البحار ج ٥٩ ص ٨٨ ح ٢٠٨.

(٥٧) البحار ج ٥٩ ص ٨٩ ح ٢٠٩.

(٥٨) البحار ج ٥٩ ص ٩٠ ح ٢١٧.

(٥٩) البحار ج ٥٩ ص ٩٠ ح ٢١٧ مكرر.

٢ - البحار ج ٥٩ ص ٩١ ح ١.

١٥٦

أحمد بن محمد بن يوسف، عن حبيب بن(١) الخير، عن محمد بن الحسين الصائغ، عن أبيه، عن معلّى بن خنيس قال: دخلت على الصادقعليه‌السلام يوم النيروز، فقال: « أتعرف هذا اليوم؟ » فقلت: جعلت فداك، هذا يوم تعظّمه العجم، وتتهادى فيه، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « والبيت العتيق الذي بمكّة، ما هذا إلّا لأمر قديم، أفسّره لك حتى تفهمه؟ » قلت: يا سيدي إن علم هذا من عندك، أحبّ إليّ من أن يعيش أمواتي وتموت أعدائي.

فقال: « يا معلى إن يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ الله فيه مواثيق العباد، أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا - إلى أن قال - وهو أوّل يوم من سنة الفرس » قال فقلت: يا سيدي، الا تعرفني جعلت فداك أسماء الأيام بالفارسية؟

فقالعليه‌السلام : « يا معلى هي أيام قديمة من الشهور القديمة كلّ شهر ثلاثون يوما لا زيادة فيه ولا نقصان:

فأول يوم من كلّ شهر: هرمرزروز، اسم من أسماء الله تعالى، خلق الله عزّوجلّ فيه آدم، تقول الفرس: إنه يوم جيد، صالح للشرب وللفرح.

ويقول الصادقعليه‌السلام : إنه يوم سعيد مبارك، يوم سرور، فكلموا فيه الأمراء والكبراء، واطلبوا فيه الحوائج فإنّها تنجح بإذن الله تعالى، ومن ولد فيه يكون مباركا، وادخلوا فيه على السلطان واشتروا فيه وبيعوا، وازرعوا(٢) واغرسوا، وابنوا وسافروا، فإنّه يوم مختار يصلح لجميع الأمور وللتزويج، ومن مرض فيه يبرأ سريعاً، ومن

__________________

(١) بن: ليس في البحار.

(٢) في نسخة: وزارعوا (منه قدّه).

١٥٧

ضلّت له ضالة وجدها إن شاء الله تعالى.

الثاني: بهمن روز، يوم صالح صاف، خلق الله تعالى فيه حوّا، وهي ضلع من أضلاع آدم، وهو اسم الملك الموكل بحجب القدس والكرامة.

تقول الفرس: إنه يوم صالح مختار.

ويقول الصادقعليه‌السلام : إنه يوم مبارك، تزوّجوا فيه، وأتوا أهاليكم من أسفاركم، وسافروا فيه، واشتروا وبيعوا، واطلبوا فيه الحوائج من كلّ نوع، وهو يوم مختار، ومن مرض فيه من أول النهار يكون مرضه خفيفا، ومن مرض في آخره اشتدّ مرضه وخيف من موته في ذلك المرض.

الثالث: أردى بهشت روز، اسم الملك الموكل بالشفاء والسقم.

تقول الفرس: إنه يوم ثقيل.

ويقول الصادقعليه‌السلام : إنه يوم نحس مستمر، فاتقوا فيه الحوائج. وجميع الأعمال، ولا تدخلوا فيه على(٣) السلطان، ولا تبيعوا ولا تشتروا، ولا تزوجوا، ولا تسألوا فيه حاجة، ولا تكلّفوها أحدا، واحفظوا أنفسكم، واتقوا اعمال السلطان، وتصدقوا ما أمكنكم، فإنه من مرض فيه خيف عليه، وهو اليوم الذي اخرج الله فيه آدمعليه‌السلام وحوّاء من الجنّة، وسلبا فيه لباسهما، ومن سافر فيه قطع عليه ابدا(٤) .

الرابع: شهريور روز، اسم الملك الذي خلقت الجواهر منه

__________________

(٣) وفي نسخة: إلى (منه قدّه).

(٤) وفي نسخة: لا بدّ (منه قدّه).

١٥٨

ووكّل بها، وهو موكل ببحر الروم.

وتقول الفرس: إنه يوم مختار.

ويقول الصادقعليه‌السلام : إنه يوم مبارك، ولد فيه هابيل بن آدم، وهو يوم صالح للتزويج، وطلب الصيد في البر والبحر، ومن ولد فيه يكون رجلا صالحا مباركا، ومحببا إلى الناس، إلّا أنه لا يصلح فيه السفر، ومن سافر فيه خيف عليه القطع، ويصيبه بلاء وغمّ، ومن مرض فيه يبرأ سريعا إن شاء الله تعالى.

الخامس: اسفندارند روز، اسم الملك الموكل بالأرضين.

تقول الفرس: إنه يوم ثقيل.

ويقول الصادقعليه‌السلام : إنه يوم نحس ردئ، ولد فيه قابيل بن آدمعليه‌السلام ، وكان ملعونا كافرا، وهو الذي قتل أخاه، ودعا بالويل والثبور على أهله، وأدخل عليهم الغمّ والبكاء، فاجتنبوه فإنه يوم شؤم ونحس، ومذموم، ولا تطلبوا فيه حاجة، ولا تدخلوا فيه على السلطان، وادخلوا في منازلكم، واحذروا فيه كلّ الحذر من السباع والحديد.

السادس: خرداد روز، اسم الملك الموكل بالجبال.

تقول الفرس: إنه يوم خفيف.

ويقول الصادقعليه‌السلام : إنه يوم مبارك، صالح للتزويج، ولطلب الحوائج لكل ما يسعى فيه من الأمر، في البر والبحر والصيد فيهما، وللمعاش وكلّ حاجة، ومن سافر فيه رجع إلى أهله

١٥٩

سريعا، بكلّ ما يحبّه ويريده وبكلّ غنيمة، فجدّوا(٥) في كلّ حاجة تريدونها فيه، فإنها مقضيّة إن شاء الله تعالى، (ومن سافر فيه رجع بغنيمة)(٦) .

السابع: مرداد روز، اسم الملك الموكل بالناس وارزاقهم.

تقول الفرس: إنه يوم جيّد.

ويقول الصادقعليه‌السلام : إنه يوم سعيد(٧) مبارك، اعملوا فيه جميع ما شئتم من السعي في حوائجكم، من البناء والغرس والذرو(٨) والزرع، وطلب الصيد، والدخول على السلطان والسفر، فإنه يوم مختار يصلح لكل حاجة إن شاء الله تعالى.

الثامن: ديبا(٩) روز، اسم من أسماء الله تعالى.

تقول الفرس: إنه يوم جيّد.

ويقول الصادقعليه‌السلام : إنه يوم مبارك، صالح لكلّ حاجة يسعى فيها، وللشراء والبيع والصيد، ما خلا السفر فاتقوا فيه، ومن مرض فيه يبرأ سريعاً، وادخلوا فيه على السلطان وغيره، فإنّه يقضي فيه الحوائج، ومن دخل فيه على السلطان لحاجة فليسأله فيها.

التاسع: آذر روز، اسم الملك الموكل بالنيران يوم القيامة.

تقول الفرس: إنه يوم خفيف.

__________________

(٥) في نسخة: فخذوا (منه قدّه).

(٦) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٧) وفي نسخة: سعد (منه قدّه).

(٨) الذرو: بذر الأرض بالحب (لسان العرب ج ١ ص ٨٠).

(٩) في نسخة: ذر (منه قدّه).

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244