أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)

أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)23%

أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 244

أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)
  • البداية
  • السابق
  • 244 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 160092 / تحميل: 9445
الحجم الحجم الحجم
أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)

أعلام الهداية الإمام الحسين سيد الشهداء (ع)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وأهل بيتهعليهم‌السلام ، فقد دخل هو وأبوه الإسلام مقهورين موتورين يوم فتح مكة، ودخل في عداد الطلقاء، بعد أن كان قد فقد جدّه وخاله وأخاه في الصراع ضد الإسلام قبل فتح مكّة.

على أنّ طوال هذه الفترة - منذ وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى نهاية حكم عثمان - لم يعتنِ النظام الحاكم بالدعوة الإسلامية ونشرها وترسيخها في النفوس، ولم يسع لاجتثاث العقد والأمراض والعادات القبلية، بل كان همّ الحاكمين هو الاندفاع في الفتوحات طمعاً في توسعة الدولة وزيادة الأموال. وقد عمل الإمام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام منذ وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله جاهداً على أن لا تفقد الأمة شخصيتها الإسلامية وحاول تقليل انحرافها، فكان يتدخّل ويُعِين الفئة الحاكمة تارةً باللين واُخرى بالشدّة متجنّباً الصدام المباشر معهم، لأجل استرداد حقّه الشرعي في الخلافة، مؤثراً مصلحة الإسلام العامّة على ما سواها من المصالح(١) .

لقد فجعت الأمة بمصلحها الكبير - يوم استشهد الإمام عليعليه‌السلام - وانهارت بين يدي الإمام الحسن بن عليعليهما‌السلام بعد أن أنهكتها حروب الإصلاح ضد الناكثين والقاسطين والمارقين; إذ أسرعت القوى النفعية والمنافقة والحاقدة على الإسلام إلى الوقوف في وجه الإمام عليعليه‌السلام متنكرة لأوامر الله سبحانه ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير مبالية بمصلحة الأمة، بالرغم من تجسيده للزعامة الحقيقية التي تقود إلى منهج الحقّ والعدل الإلهي، وهم يعلمون بشرعيته التي اكتسبها من الرسالة والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله . وهذا ما كان يشكّل خطراً حقيقياً من شأنه أن يلغي وجودهم من المجتمع الإسلامي، ولهذا كانت حروب: الجمل وصفّين ثم النهروان.

____________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد: ١ / ٢٤٨.

٨١

ورأى الإمام الحسنعليه‌السلام أن ينهض بالأمة مواصلاً مسيرة الإصلاح ومواجهة الانحراف، ولكنّ الجموع آثرت السلامة والركون إلى الراحة(١) ، فاضطرّ الإمام الحسنعليه‌السلام إلى الصلح والمهادنة مع معاوية - وهو المتحصّن القويّ في بلاد الشام - على شروط وعهود مهمّة، ليضمن سلامة الصفوة الخيّرة من الأمة، وليبني قاعدة جماهيرية أكثر وعياً وأعمق إيماناً برسالتها الإسلامية، كي لا يُمسخ المجتمع المسلم ولا تُمحق الرسالة; إذ ليس السيف دائماً هو الفيصل في حالات النزاع، فربما كان للكلمة والمعاهدة أثر أبلغ في مرحلة خطرة، حيث الهدف هو صيانة الرسالة الإسلامية وحفظ الأمة الإسلامية في كلّ الأحوال، وليتّضح دور النفاق والعداء الذي كان يتّسم به بنو أُمية وما كان يُضمِرهُ حكّامهم للإسلام.

ولقد وقف الإمام الحسينعليه‌السلام إلى جانب أخيه الإمام الحسنعليه‌السلام وعايش جميع الأحداث التي مرّ بها أخوه، وكانا على اتّفاق تامّ في الرأي والموقف، يعاضده في توجيه الأمة وإنقاذها بعد أن رأى كيف أنّ انحراف السقيفة تكاملت أدواره في هذه المرحلة، وقد سرى هذا الانحراف في جسد الأمة حتى غدت لا تتحفّز لنهضة الإمام الحسنعليه‌السلام ولا تستجيب لأوامره.

وأحاط الإمام الحسنعليه‌السلام بكلّ ما دبّره معاوية من المكائد والدسائس، وأصبحت الأكثرية من جيش العراق في قبضة معاوية بن أبي سفيان وطغمته، بعد أن كان يمثّل جيش العراق العمود الفقري لجيش الإمام عليعليه‌السلام .

ولم يكن ليخفى على الإمام الحسينعليه‌السلام أنّ المعركة - لو قدّر للإمام الحسن أن يدخلها مع معاوية - ستكون لصالح الأخير، وستنتهي حتماً إمّا بقتل

____________________

(١) الإرشاد للمفيد: ٨ - ٩.

٨٢

الحسن والحسين وجميع الهاشميّين وخُلَّص شيعتهم، أو ستنتهي بأسرهم، في الوقت الذي تحتاج فيه الأمة الإسلامية إلى وجود الإمام المعصوم بينها لإنقاذ ما تبقّى وبناء ما تهدّم; فإنّ الرسالة الإسلامية خاتمة الرسالات ولابدّ من إتمام ما بناه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والإمام علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

ومن ذلك تبيّن أنّ ما رواه بعض المؤرّخين من أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام كان كارهاً لما فعله الإمام الحسنعليه‌السلام وأنّه قال له: (أنشدك الله أن لا تصدّق أحدوثة معاوية وتكذّب أحدوثة أبيك) وأنّ الحسن قال له: (أُسكت أنا أعلم منك)... يتبيّن أنّ هذه المرويّات لا أساس لها من الصحة(١) .

هذا بالإضافة إلى أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام كان أبعد نظراً وأعمق غوراً في الأمور ومعطياتها من أفذاذ عصره الذين قدّروا للحسنعليه‌السلام موقفه الحكيم الذي لم يكن هناك مجال لاختيار موقف سواه، وكانعليه‌السلام أرفع شأناً من أن تخفى عليه المصلحة التي أدركها غيره فيما فعله أخوه حتى يقف منه ذلك الموقف المزعوم.

ولا يشكّ المعتقدون بإمامة وعصمة الإمامين الحسنينعليهما‌السلام في عدم صحة الروايات التي تحدّثت عن معارضة الإمام الحسينعليه‌السلام لموقف أخيه الإمام الحسنعليه‌السلام من الصلح مع معاوية.

فإذا كان الحسنانعليهما‌السلام إمامين مفترضي الطاعة; كان كلّ ما قاما به هو محض التكليف الإلهي، وطبقاً لما أراده الله تعالى لهما، فليس ثمّة مجال لمثل تلك الروايات.

ويشهد على قولنا هذا روايات معتبرة تعارض تلك الروايات غير الصحيحة، منها ما يلي:

____________________

(١) سيرة الأئمّة الاثني عشر: ٢ / ٢٣.

٨٣

١ - قال أبو عبد الله الصادقعليه‌السلام : نحن قوم فرض الله طاعتنا، وأنتم تأتمّون بمن لا يعذر الناس بجهالته(١) .

٢ - سأل رجل أبا الحسن الإمام الرضاعليه‌السلام فقال: طاعتك مفترضة؟ فقال: نعم، قال: مثل طاعة عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ فقال: نعم(٢) .

٣ - عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال له حمران: جُعلت فداك، أرأيت ما كان من أمر عليّ والحسن والحسينعليهم‌السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله عَزَّ وجَلَّ وما أصيبوا من قتل الطواغيت إيّاهم والظفر بهم حتى قُتلوا أو غلبوا؟ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : يا حُمران! إنّ الله تبارك وتعالى قد كان قدّر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه ثمّ أجراه، فبتقدّم علم ذلك إليهم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قام عليّ والحسن والحسين وبعلمٍ صمت من صمت منّا(٣) .

٤ - وعن عظيم أخلاق الحسينعليه‌السلام واحترامه لأخيه الحسنعليه‌السلام قال الإمام محمد الباقرعليه‌السلام : ما تكلّم الحسين بين يدي الحسن إعظاماً له(٤) .

٥ - قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ معاوية كتب إلى الحسن بن عليّ (صلوات الله عليهما) أن أقدم أنت والحسين وأصحاب عليّ، فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري فقدموا الشام، فأذن لهم معاوية، وأعدّ لهم الخطباء... ثمّ قال: يا قيس! قم فبايع، فالتفت إلى الحسينعليه‌السلام ينظر ما يأمره، فقال: يا قيس! إنّه إمامي ( يعني الحسنعليه‌السلام )(٥) .

____________________

(١) أصول الكافي: ١ / ١٤٣، باب فرض طاعة الأئمّة.

(٢) أصول الكافي: ١ / ١٤٣، باب فرض طاعة الأئمّة.

(٣) أصول الكافي: ١ / ٢٢١ - ٢٢٢ باب أنّ الأئمّةعليهم‌السلام لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلاّ بعهد من الله عَزَّ وجَلَّ وأمر منه لا يتجاوزونه.

(٤) حياة الإمام الحسين: ٢ / ٢٥٢.

(٥) بحار الأنوار: ٤٤ / ٦١.

٨٤

احترام الإمام الحسينعليه‌السلام لبنود صلح الإمام الحسن عليه‌السلام :

استشهد الإمام الحسنعليه‌السلام سنة (٤٩) أو (٥٠) للهجرة، ومات معاوية سنة (٦٠) للهجرة، وفي هذه المدة كانت الإمامة والقيادة للإمام الحسينعليه‌السلام ولم تجب عليه طاعة أحد، لكنّهعليه‌السلام ظلّ ملتزماً ببنود معاهدة الصلح التي عقدها أخوه الإمام الحسنعليه‌السلام مع معاوية، فلم يصدر عنه أيّ موقف ينتهك به بنود المعاهدة المذكورة. بل لمّا طالبه بعض الشيعة بالقيام والثورة على معاوية، أوصاهم بالصبر والتقية مشيراً إلى التزامه بالمعاهدة، وأنّه سيكون في حِلٍّ من المعاهدة بموت معاوية.

رسالة جعدة بن هبيرة إلى الإمام الحسينعليه‌السلام :

كان جعدة بن هبيرة بن أبي وهب من أخلص الناس للإمام الحسينعليه‌السلام وأكثرهم مودّة له، وقد اجتمعت عنده الشيعة وأخذوا يلحّون عليه في مراسلة الإمام للقدوم إلى مصرهم الكوفة ليعلن الثورة على حكومة معاوية، فدفع جعدة رسالة إلى الإمام الحسينعليه‌السلام هذا نصها: (أمّا بعد، فإن من قبلنا من شيعتك متطلّعة أنفسهم إليك، لا يعدلون بك أحداً، وقد كانوا عرفوا رأي الحسن أخيك في الحرب، وعرفوك باللين لأوليائك والغلظة على أعدائك والشدّة في أمر الله، فإن كنت تحبّ أن تطلب هذا الأمر فأقدم علينا، فقد وطنّا أنفسنا على الموت معك)(١) .

فأجابه الإمام الحسينعليه‌السلام بقوله: (أمّا أخي فإنّي أرجو أن يكون الله قد

____________________

(١) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ٢٢٩ - ٢٣٠.

٨٥

وفّقه وسدّده، وأمّا أنا فليس رأيي اليوم ذاك، فالصقوا رحمكم الله بالأرض، واكمنوا في البيوت، واحترسوا من الظنّة ما دام معاوية حيّاً، فإن يُحدث الله به حدثاً وأنا حيّ كتبت إليكم برأيي، والسلام).

يتبيّن ممّا تقدّم أنّ الإمام الحسينعليه‌السلام - انطلاقاً من مسؤوليته الشرعية - اتّبع أخاه الإمام الحسنعليه‌السلام في مسألة الصلح مع معاوية، وقد قبله والتزم به طيلة حكم معاوية، بل إنّ عشرات الشواهد تؤكّد أنّهما كانا منسجمين في تفكيرهما ونظرتهما إلى الأمور ومعطياتها ومتّفقين في كلّ ما جرى وتمّ التوصل إليه.

وكما نسبوا إلى الإمام الحسينعليه‌السلام ذلك فقد نسبوا إلى الإمام الحسنعليه‌السلام أيضاً أنّه كان على خلاف مع أبيه! في كثير من مواقفه السياسية قبيل خلافته وخلالها. ومن الواضح أنّ الهدف من أمثال هذه المزاعم هو زرع الشكّ في نفوس الأمة بالنسبة للموقع الريادي للإمامين الشرعيين الحسن والحسينعليهما‌السلام بغية إيجاد الفرقة والاختلاف كي يبتعد الناس عنهما.

استشهاد الإمام الحسنعليه‌السلام :

أقام الإمام الحسنعليه‌السلام بالكوفة أيّاماً بعد أن صالح معاوية، ثمّ عاد مع أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام وجميع أهل بيته إلى المدينة، فأقام بها كاظماً غيظه لازماً منزله منتظراً لأمر ربّه جَلَّ اسمه(١) . وكما ذكرنا فإنّ الإمام الحسينعليه‌السلام رفض التحرّك ضد معاوية ما دام حيّاً، التزاماً بمعاهدة الصلح التي كان قد عقدها أخوه الحسنعليه‌السلام معه.

____________________

(١) الإرشاد: ٢/١٥.

٨٦

وقد اهتمّ الإمامانعليهما‌السلام في المدينة بالعبادة وترسيخ العقيدة الإسلامية في نفوس الناس وتوضيح الأحكام الإسلامية للناس وإرشادهم وهدايتهم والعمل من أجل تربية جيل واع يتحمّل مسؤوليته تجاه الظلم والفساد والانحراف الحاصل في مسيرة الأمة. وفي هذه السنوات العشر - كما دوّنته جملة من مصادر التاريخ الإسلامي - قد حدثت عدّة مناوشات كلامية من جانب الإمامين الحسن والحسينعليهما‌السلام بالنسبة لتصرفات معاوية وجملة من عناصر بلاطه.

٨٧

٨٨

الباب الثالث

فيه فصول:

الفصل الأول: عصر الإمام الحسينعليه‌السلام .

الفصل الثاني: مواقف الإمام الحسينعليه‌السلام وإنجازاته.

الفصل الثالث: نتائج الثورة الحسينية.

الفصل الرابع: من تراث الإمام الحسينعليه‌السلام .

٨٩

٩٠

الفصل الأول:

عصر الإمام الحسينعليه‌السلام

البحث الأوّل: حكومة معاوية ودورها في تشويه الإسلام:

أمسك معاوية والطغمة الفاسدة من بني أُمية بزمام الحكم، وأكملوا بذلك الانحراف الذي حصل من السقيفة، حيث حوّل معاوية الخلافة إلى ملك عضوض مستبدّ، حين صرّح بعدائه للأمة الإسلامية واعترف بعدم رضى الأمة به حاكماً بقوله: والله ما ولّيتها - أي الخلافة - بمحبّة علمتها منكم ولا مسرّة بولايتي ولكن جالدتكم بسيفي(١) .

ولكنّ معاوية والتيار الذي تزعّمه واجه عقبةً كؤوداً، هي تطبيق الإمام عليعليه‌السلام لأحكام الشريعة الإسلامية بصورتها الصحيحة. مضافاً إلى أنّه لم يترك الأمة حتى عمّق العقيدة في النفوس، فأحبّته الجماهير - وخصوصاً أهل العراق - وكان في ذلك حريصاً على الرسالة والأمة الإسلامية ومفنّداً مزاعم أرباب السقيفة حين عبّر أبو بكر عن عجزه واعتذر عن كثرة أخطائه بقوله: فإني قد وُلّيت عليكم ولست بخيركم(٢) . فإنّ هذا الاعتذار قد يفهم منه

____________________

(١) تأريخ الخلفاء: ٧١.

(٢) المصدر السابق.

٩١

عدم إمكان التطبيق التام للشريعة الإسلامية. ولكنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام قد قدّم النموذج الحيّ للقيادة الكفوءة الواعية والمعصومة بعد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكانت الأمة المسلمة تتوقّع قائداً كعلي بن أبي طالبعليه‌السلام .

ولكن معاوية شرع في تشويه هذه القيم الإسلامية ومحاربة القوى المتعاطفة مع أهل البيتعليهم‌السلام وهدم كلّ ما بناه الإمام عليعليه‌السلام في الأمة الإسلامية من قيم فتفقد إرادتها ويموت ضميرها لئلاّ تكون قادرة على مواجهة أهواء الحكّام المخالفة للدين الحنيف. لقد أعلن معاوية - منذ أوّل خطوة - أنّ هدفه الأساس هو استلام زمام الحكم حتّى لو أريقت من أجله دماء المسلمين المحرّمة بكلمته المعروفة: والله ما قاتلتكم لتصلّوا ولا لتصوموا ولا لتحجّوا ولا لتزكّوا، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم(١) .

منهج معاوية لمحاربة الإسلام:

ولابدّ لنا من دراسة موجزة للمخطّطات الشيطانية التي تبنّاها معاوية وما رافقها من الأحداث الجسام، فإنّها من أهمّ الأسباب في ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام .

لقد رأى الإمامعليه‌السلام ما وصل إليه حال المسلمين من التردّي عقائدياً وأخلاقياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً. وكان كل هذا التردّي من جرّاء السياسات التي أبعدت الأمة عن مسار الإسلام الأصيل من خلال ممارسات معاوية التي بلغت ذروتها في فرض يزيد بالقوة خليفةً على المسلمين، فهبّ (سلام الله عليه) بعد هلاك معاوية إلى

____________________

(١) شرح نهج البلاغة: ٤ / ١٦.

٩٢

تفجير ثورته الكبرى التي أدّت إلى إيقاظ النفوس وتحريك إرادة الأمة. واليك بعض معالم سياسات الجاهلية الأُموية التي تصدّى لتنفيذها معاوية:

١ - سياسته الاقتصادية:

لم تكن لمعاوية أيّة سياسة اقتصادية في المال حسب المعنى المتداول لهذه الكلمة، وإنّما كان تصرّفه في جباية الأموال وإنفاقها خاضعاً لرغباته وأهوائه، فهويهب الثراء العريض للمؤيدين له ويحرم معارضيه من العطاء، ويأخذ الأموال ويفرض الضرائب بغير حقّ، وقد شاع في عصر معاوية الفقر والحرمان عند الأكثرية الساحقة من المسلمين، فيما تراكمت الثروات عند فئة قليلة راحت تتحكّم في مصير المسلمين وشؤونهم، وهذه بعض الخطوط الرئيسة في سياسته الاقتصادية:

أ - الحرمان الاقتصادي:

أشاع معاوية الحرمان الاقتصادي في الأقطار التي كانت تضمّ الجبهة المعارضة له، مثل:

* يثرب:

لم ينفق معاوية على أهل يثرب أيّ شيء من المال، لأنّ فيهم كثيراً من الشخصيات المعارضة للأسرة الأموية والطامعة في الحكم، يقول المؤرخون: إن معاوية أجبرهم على بيع أملاكهم فاشتراها بأبخس الأثمان، وقد أرسل قيّماً على أملاكه لتحصيل وارداتها فمنعوه عنها، وقابلوا حاكمهم عثمان بن محمد وقالوا له: إنّ هذه الأموال لنا كلّها، وإنّ معاوية آثر علينا في عطائنا، ولم يعطنا

٩٣

درهماً حتّى مضّنا الزمان ونالتنا المجاعة، فاشتراها بجزء من مائة من ثمنها، فردّ عليهم حاكم المدينة بأقسى القول وأمّره(١).

وقد نصب معاوية على الحجاز مروان بن الحكم تارةً وسعيد بن العاص مرّة أخرى، وكان يعزل الأوّل ويولّي الثاني، وقد جهدا معاً في إذلال أهل المدينة وإفقارهم.

* العراق:

فرض معاوية على أهل العراق عقوبات اقتصاديةً بصفته المركز الرئيسي للمعارضة، وكان واليه المغيرة بن شعبة يحبس العطاء والأرزاق عن أهل الكوفة، وقد سار الحكّام الأمويون بعد معاوية على هذا النهج في اضطهاد أهل العراق وحرمانهم(٢) ، باعتبارهم الثقل الأكبر في الخطّ الواعي الذي وقف مع أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ب - استخدام المال لتثبيت ملكه:

استخدم معاوية بيت المال لتثبيت ملكه وسلطانه، واتّخذ المال سلاحاً يمكّنه من التسلّط على الأمة، فقد كان من عناصر سياسة الأمويين استخدام المال سلاحاً للإرهاب وأداةً للتقريب، فحرم منه فئةً من الناس، وأغدق أضعافاً مضاعفة لطائفة أخرى ثمناً لضمائرهم وضماناً لصمتهم(٣) .

ووهب معاوية خراج مصر لعمرو بن العاص، وجعله طعمة له مادام

____________________

(١) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ١٢٣.

(٢) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ١٢٥، وراجع العقد الفريد: ٤ / ٢٥٩.

(٣) المصدر السابق: ٢ / ١٢٧، نقلاً عن اتجاهات الشعر العربي: ٢٧، د. محمد مصطفى.

٩٤

حيّاً، وذلك لتعاونه معه على مناجزة أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) .

ج - شراء الذمم:

فتح معاوية باباً جديداً في سياسته الاقتصادية وهي شراء الذمم، فقد أعلن عن ذلك بكل دناءة قائلاً: والله لأستميلنّ بالأموال ثقات علي، ولأقسِّمنَّ فيهم الأموال حتى تغلب دنياي آخرته(٢) .

كما روي أنّه وفد عليه جماعة من أشراف العرب فأعطى كلّ واحد منهم مائة ألف درهم، وأعطى الحتات عمّ الفرزدق سبعين ألفاً، فلمّا علم الحتات بذلك رجع مغضباً إلى معاوية، فقال له بلا خجل ولا حياء: إنّي اشتريت من القوم دينهم، ووكلتك إلى دينك.

فقال الحتات: اشتر منّي ديني. فأمر له بإتمام الجائزة(٣) .

د - ضريبة النيروز:

فرض معاوية على المسلمين ضريبة النيروز في بدعة سنّها من غير دليل في الشريعة الإسلامية، ليسدّ بها نفقاته، وبالغ في إرهاق الناس واضطهادهم على أدائها، وقد بلغت فيما يقول المؤرخون: عشرة ملايين درهم، وهي من الضرائب التي يألفها المسلمون، وقد اتّخذها الحكّام من بعده سنّةً فأرغموا المسلمين على أدائها(٤) .

____________________

(١) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ١٢٧.

(٢) راجع وقعة صفّين لنصر بن مزاحم: ٤٩٥، وشرح نهج البلاغة: ٢ / ٢٩٣.

(٣) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ١٢٨ - ١٢٩.

(٤) المصدر السابق: ٢ / ١٣١، وراجع: الحياة الفكرية في الإسلام: ٤٢.

٩٥

٢ - سياسة التفرقة:

بنى معاوية سياسته على تفريق كلمة المسلمين، إيماناً منه بأنّ الحكم لا يستقرّ له إلاّ بإشاعة العداء بين أبناء الأمة الإسلامية، (وكانت لمعاوية حيلته التي كرّرها وأتقنها وبرع فيها، واستخدمها مع خصومه في الدولة من المسلمين وغير المسلمين، وكان قوام تلك الحيلة، العمل الدائب على التفرقة والتخذيل بين خصومه بإلقاء الشبهات بينهم وإثارة الإحن فيهم، ومنهم من كان من أهل بيته وذوي قرباه... كان لا يطيق أن يرى رجلين ذوي خطر على وفاق، وكان التنافس الفطري بين ذوي الأخطار ممّا يعينه على الإيقاع بهم)(١) .

أ - اضطهاد الموالي:

بالغ معاوية في اضطهاد الموالي وإذلالهم، وقد رام أن يبيدهم إبادةً شاملةً. يقول المؤرخون: إنّه دعا الأحنف بن قيس وسمرة بن جندب وقال لهما: إنّي رأيت هذه الحمراء قد كثرت، وأراها قد قطعت على السلف، وكأنّي أنظر إلى وثبة منهم على العرب والسلطان، فقد رأيت أن أقتل شطراً منهم، وأدع شطراً لإقامة السوق وعمارة الطريق(٢) .

ب - العصبية القبلية:

أحيى معاوية العصبيات القبلية، وقد ظهرت في الشعر العربي صور مريعة ومؤلمة من ألوان الصراع الذي كانت السلطة الأُموية تختلقه لإشغال الناس عن التدخّل في الشؤون السياسية، وقال المؤرّخون:

____________________

(١) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢/١٣٥، عن العقّاد في كتابه (معاوية في الميزان): ٦٤.

(٢) العقد الفريد: ٢ / ٢٦٠.

٩٦

إنّ معاوية عمد إلى إثارة الأحقاد القديمة بين الأوس والخزرج محاولاً بذلك التقليل من أهمّيتهم، وإسقاط مكانتهم أمام العالم العربي والإسلامي، كما تعصّب لليمنيّين على المضريّين، وأشعل نار الفتنة فيما بينهم حتى لا تتّحد لهم كلمة تضرّ بمصالح دولته(١) .

٣ - سياسة البطش والجبروت:

ساس معاوية الأمة بسياسة البطش والقمع، فاستهان بمقدّراتها وكرامتها، وقد أعلن - بعد الصلح - أنّه قاتل المسلمين وسفك دماءهم كي يتأمّر عليهم، وقد أدلى بتصريح عبّر فيه عن كبريائه وغطرسته فقال: نحن الزمان، من رفعناه ارتفع، ومن وضعناه اتّضع(٢) .

وسار عمّاله وولاته على هذه الخطّة الغادرة، فقد خاطب عتبة بن أبي سفيان المصريّين بقوله: فوالله لأقطعنّ بطون السياط على ظهوركم.

وجاء في خطاب لخالد القسري في أهل مكة: فإنّي والله ما أوتي لي بأحد يطعن على إمامه (يعني معاوية) إلاّ صلبته في الحرم(٣) .

٤ - الخلاعة والمجون والاستخفاف بالقيم الدينية:

عُرف معاوية بالخلاعة والمجون، يقول ابن أبي الحديد: كان معاوية أيام عثمان شديد التهتّك موسوماً بكلّ قبيح، وكان في أيام عمر يستر نفسه قليلاً; خوفاً منه إلاّ أنّه كان يلبس الحرير والديباج ويشرب في آنية الذهب والفضة، ويركب البغلات ذوات السروج المحلاّت بها - أي بالذهب - وعليها جلال الديباج والوشي...

____________________

(١) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ١٣٧.

(٢) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ١٣٨ - ١٣٩، والعقد الفريد: ٢ / ١٥٩.

(٣) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني: ٢٢/٣٨٢ طبعة بيروت.

٩٧

ونقل الناس عنه في كتب السيرة أنّه كان يشرب الخمر في أيام عثمان في الشام(١) .

وروي عن عبد الله بن بريدة قوله: دخلتُ أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفراش، ثم أوتينا بالطعام فأكلنا ثم أوتينا بالشراب فشرب معاوية! ثم ناول أبي فقال: ما شربته منذ حرّمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

وثمة روايات عديدة تحدّثت عن أكل معاوية للربا، منها: أنّ معاوية باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال له أبو الدرداء: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن مثل هذا إلاّ مِثلاً بمثل، فقال معاوية: ما أرى به بأساً. فقال له أبو الدرداء: من يُعذرُني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله وهو يخبرني عن رأيه! لا أُساكنك بأرض أنت بها. ثم قدم أبو الدرداء على عمر بن الخطّاب فذكر له ذلك، فكتب عمر إلى معاوية: أن لا تبع ذلك إلاّ مثلاً بمثل ووزناً بوزن(٣) .

ومن مظاهر استخفاف معاوية بالقيم الإسلامية استلحاقه زياد بن عبيد الرومي وإلصاقه بنسبه من دون بيّنة شرعيّة، وإنّما اعتمد على شهادة أبي مريم الخمّار وهو ممّا لا يثبت به نسب شرعي، وقد خالف بذلك قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (الولد للفراش وللعاهر الحجر)(٤) .

٥ - إظهار الحقد على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والعداء لأهل بيته عليهم‌السلام :

حقد معاوية على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد مكث في أيام خلافته أربعين جمعةً لا يصلّي عليه، وسأله بعض أصحابه عن ذلك فقال: لا يمنعني عن ذكره إلاّ أن

____________________

(١) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ١٤٤ - ١٤٥.

(٢) مسند أحمد بن حنبل: ٥ / ٣٤٧.

(٣) سنن النسائي: ٧ / ٢٧٩.

(٤) راجع قصة الاستلحاق وأسبابها وآثارها في (حياة الإمام الحسن بن علي): ٢ / ١٧٤ - ١٩٠.

٩٨

تشمخ رجال بآنافها)(١) . وسمع المؤذّن يقول: (أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً رسول الله...) واندفع يقول: لله أبوك يا ابن عبد الله، لقد كنت عالي الهمّة، ما رضيت لنفسك إلاّ أن يقرن اسمك باسم رب العالمين(٢) .

وسخّر معاوية جميع أجهزته للحطّ من قيمة أهل البيتعليهم‌السلام الذين هم وديعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى استخدم أخطر الوسائل في محاربتهم وإقصائهم عن واقع الحياة الإسلامية، وكان من بين ما استخدمه في ذلك:

١ - تسخير الوعّاظ ليحوّلوا القلوب عن أهل البيتعليهم‌السلام .

٢ - افتعال الأخبار على لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله للحطّ من قيمة أهل البيتعليهم‌السلام وقد استفاد من أبي هريرة الدوسي، وسمرة بن جندب، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، حيث اختلقوا مئات الأحاديث على لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٣ - استخدم معاوية معاهد التعليم وأجهزة الكتاتيب لتغذية النَشْء ببغض أهل البيتعليهم‌السلام وخلق جيل معاد لهم.

وتمادى معاوية في عدائه لأمير المؤمنينعليه‌السلام فأعلن سبّه ولعنه في نواديه العامة والخاصة، وأوعز إلى جميع عمّاله وولاته أن يذيعوا سبّه بين الناس، وسرى سبّ الإمام في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وقد خطب معاوية في أهل الشام فقال لهم: أيّها الناس، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي: إنّك ستلي الخلافة من بعدي فاختر الأرض المقدسة - يعني الشام - فإنّ فيها الأبدال وقد اخترتكم فالعنوا أبا تراب(٣) .

____________________

(١) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ١٥١، عن النصائح الكافية: ٩٧.

(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ١٠ / ١٠١.

(٣) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : ٢ / ١٦٠، وشرح نهج البلاغة: ٣ / ٣٦١.

٩٩

٦ - العنف مع شيعة أهل البيتعليهم‌السلام :

اضطُهدت الشيعة أيام معاوية اضطهاداً رسمياً، ومورس معهم أشدُّ أنواع القمع والقهر. وقد وصف الإمام محمد الباقرعليه‌السلام الإرهاب الأموي بقولهعليه‌السلام : (وقتلت شيعتنا بكلّ بلدة وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة، وكان من يُذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سُجن أو نهب ماله أو هدمت داره)(١) .

وعمد معاوية إلى إبادة القوى المفكّرة والواعية من الشيعة، وقد ساق أفواجاً منهم إلى ساحات الإعدام، من قبيل: حجر بن عدي ورشيد الهجري وعمرو بن الحمق الخزاعي وأوفى بن حصن.

ولم يقتصر معاوية على تنكيله برجال الشيعة، وإنّما تجاوز ظلمه إلى نسائهم، فأشاع الذعر والإرهاب في العديد منهنّ مثل: الزرقاء بنت عدي وسودة بنت عمارة وأم الخير البارقيّة.

وأوعز معاوية إلى جميع عمّاله بهدم دور الشيعة ومحو أسمائهم من الديوان وقطع عطائهم ورزقهم، كذلك عهد إلى عمّاله بعدم قبول شهادتهم في القضاء وغيره مبالغة في إذلالهم وتحقيرهم.

إنّ انحرافات معاوية وجرائمه لا يمكن استيعابها في هذه الإشارات السريعة، وهي تتطلّب كتاباً خاصاً بها لكثرتها وسعتها، ولقد كنّا نرمي في الدرجة الأولى من هذه الإشارات إلى التمهيد للتطرّق إلى ذِكر جريمته الكبرى التي أدّت بالإمام الحسينعليه‌السلام إلى إعلان ثورته، هذه الجريمة التي تمثّلت في فرض ابنه يزيد الفاسق وليّاً للعهد.

____________________

(١) شرح نهج البلاغة: ٣ / ١٥، والطبقات الكبرى: ٥ / ٩٥.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

كتاب الأطعمة والأشربة

١٦١

فهرست أنواع الأبواب اجمالا:

أبواب الأطعمة المحرمة.

أبواب آداب المائدة.

أبواب الأطعمة المباحة.

أبواب الأشربة المباحة.

أبواب الأشربة المحرمة.

تفصيل الأبواب.

١٦٢

أبواب الأطعمة المحرمة

١ -( باب تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر، واباحتها عند الضرورة بقدر البلغة)

[١٩٤٦٧] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : لم حرم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ فقال: « إن الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده، وأحل لهم ما سواه رغبة منه فيما حرم عليهم، ولا رهبة مما أحل لهم، ولكنه خلق الخلق وعلم ما تقوم به أبدانهم ما يصلحهم، فأحله لهم وأباحه تفضلا منه عليهم لمصلحتهم، وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم، ثم أباحه للمضطر وأحله له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به، فأمر أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك، ثم قال: أما الميتة فإنه لا يدنو منها أحد ولا يأكل منها، إلا ضعف بدنه، ونحل جسمه وذهبت قوته، وانقطع نسله، ولا يموت إلا فجأة، وأما الدم فإنه يورث آكله الماء الأصفر(١) ، ويبخر الفم، وينتن الريح، ويسئ الخلق، ويورث الكلة(٢) والقسوة للقلب، وقلة الرأفة والرحمة، حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه، ولا يؤمن على حميمه وعلى من صحبه، وأما لحم الخنزير فإن الله مسخ قوما

__________________

أبواب الأطعمة المحرمة

الباب ١

١ - الاختصاص ص ١٠٣.

(١) الماء الأصفر: مرض يصيب البطن ( لسان العرب ج ٤ ص ٤٦١ ).

(٢) في نسخة: الكلب.

١٦٣

في صور شتى شبه الخنزير والقر والدب، وما كان من الأمساخ، ثم نهى عن أكل مثله(٣) لكي لا ينتفع بها، ولا يستخف بعقوبته، وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها، وقال: إن مدمن الخمر كعابد وثن، ويورثه الارتعاش ويذهب بقوته، ويهدم مروءته، ويحمله على أن يجسر على المحارم، من سفك الدماء و، ركوب الزنى ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على محارمه ».

[١٩٤٦٨] ٢ - الإمام أبو محمد العسكريعليه‌السلام في تفسيره: قال: « قال الله عز وجل:( إِنَّمَا حَرَّ‌مَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) التي ماتت حتف أنفها بلا ذباحة، من حيث أذن الله فيها( وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ‌ ) أن يأكلوه( وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ ) ما ذكر اسم غير الله عليه من الذبائح، وهي التي يتقرب بها الكفار بأسامي أندادهم التي اتخذوها من دون الله، ثم قال عز وجل:( فَمَنِ اضْطُرَّ‌ ) إلى شئ من هذه المحرمات( غَيْرَ‌ بَاغٍ ) وهو غير باغ عند ضرورته على امام هدى( وَلَا عَادٍ ) ولا معتد توالى بالباطل في نبوة من ليس بنبي وإمامة من ليس بإمام( فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ) في تناول هذه الأشياء( إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ‌ ) ستار لعيوبكم أيها المؤمنون( رَّ‌حِيمٌ ) (١) بكم حين أباح لكم في الضرورة ما حرمه في الرخاء ».

[١٩٤٦٩] ٣ - محمد بن إبراهيم النعماني في تفسيره: عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله، عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام في خبر طويل في أقسام الآيات، - إلى أن قال -: « وأما ما في القرآن تأويله

__________________

(٣) في الحجرية: الميتة، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٥ والآية: ١٧٣ في سورة البقرة: ٢.

(١) البقرة ٢: ١٧٣.

٣ - تفسير النعماني ص ٤٣ وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٦٨.

١٦٤

في تنزيله، كل آية محكمة نزلت في تحريم شئ من الأمور المتعارفة، التي كانت في أيا العرب، تأويلها في تنزيلها، فليس يحتاج فيها إلى تفسير أكثر من تأويلها، وذلك مثل قوله تعالى في التحريم:( حُرِّ‌مَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ) (١) إلى آخر الآية، وقوله تعالى:( إِنَّمَا حَرَّ‌مَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ‌ ) (٢) » الآية الخبر.

[١٩٤٧٠] ٤ - علي بن محمد الخزاز في كفاية الأثر: عن محمد بن وهبان، عن داود بن الهيثم، عن جده إسحاق بن بهلول، عن أبيه بن حسان، عن طلحة بن زيد الرقي، عن الزبير بن عطاء، عن عمير بن ماني العبسي، عن جنادة بن أبي أمية، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال في وصيته إليه: « فانزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها، وإن كان حراما لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة » الخبر.

[١٩٤٧١] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم - يرحمك الله - إن الله تبارك وتعالى، لم يبح أكلا ولا شربا إلا لما فيه المنفعة والصلاح، ولم يحرم إلا ما فيه الضرر والتلف والفساد، فكل نافع مقو للجسم فيه قوة للبدن فحلال، وكل مضر يذهب بالقوة أو قاتل فحرام، مثل السموم والميتة والدم ولحم الخنزير - إلى أن قال - والميتة تورث الكلب، وموت الفجأة، والآكلة، والدم يقسي القلب، ويورث الداء الدبيلة(١) ، والسموم فقاتلة، والخمر تورث فساد القلب، ويسود الأسنان، ويبخر الفم، ويبعد من الله، ويقرب من سخطه، وهو من شراب إبليس » إلى آخره.

__________________

(١) النساء ٤: ٢٣.

(٢) البقرة ٢: ١٧٣.

٤ - كفاية الأثر ص ٢٢٧.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) الدبلية بتشديد الدال وضمها: الطاعون، ودمل يظهر في الجوف يقتل صاحبه غالبا ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٣٦٩ ).

١٦٥

[١٩٤٧٢] ٦ - العياشي في تفسيره: عن أبي الصباح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال: سألته عن النبيذ والخمر، بمنزلة واحدة هما؟ قال: « لا، إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر، قليلها وكثيرها، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير » الخبر.

[١٩٤٧٣] ٧ - وعن أبي الربيع عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في الخمر والنبيذ - قال: « إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها حرام، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير » الخبر.

[١٩٤٧٤] ٨ - كتاب سليم بن قيس الهلالي: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولولا عهد إلي خليليصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتقدم إلي فيه، لفعلت ولكن قال لي: يا أخي، كلما اضطر إليه العبد، فقد أباحه الله له وأحله » الخبر.

[١٩٤٧٥] ٩ - البحار، عن كتاب عيون الحكم والمواعظ لعلي بن محمد الواسطي: بإسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في جملة كلام له في صفات الصالحين: « نزلوا الدنيا من أنفسهم كالميتة، التي لا يحل لاحد أن يشبع منها إلا في حال الضرورة إليها، وأكلوا منها بقدر ما أبقي لهم النفس وأمسك الروح » الخبر.

٢ -( باب تحريم لحوم المسوخ وبيضها من جميع أجناسها، وتحريم لحوم الناس)

[١٩٤٧٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « والعلة في تحريم الجري - وهو

__________________

٦ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٠ ح ١٨٤.

٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٢ ح ١٩٠.

٨ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٥١.

٩ - بحار الأنوار ج ٧٣ ص ١١١.

الباب ٢

١ - فقه الرضاععليه‌السلام ص ٣٤.

١٦٦

السلور(١) وما جرى مجراه في سائر المسوخ البرية والبحرية - ما فيها من الضرر للجسم، لان الله تقدست أسماؤه مثل على صورها مسوخا، فأراد أن لا يستخف بمثله ».

[١٩٤٧٧] ٢ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن علي، عن كرام، عن عبد الله بن طلحة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الوزغ فقال: « هو رجس وهو مسخ، فإذا قتلته فاغتسل، ثم قال: إن أبي كان قاعدا في الحجر ومعه رجل يحدثه، فإذا وزغ يولول(١) بلسانه، فقال أبي للرجل: أتدري ما يقول هذا الوزغ؟ قال: لا علم لي بما يقول، قال: فإنه يقول: والله لئن ذكرت عثمانا لأسبن عليا أبدا، حتى تقوم من هاهنا ».

ورواه الصفار في البصائر: عن أحمد بن محمد، مثله(٢) .

ورواه الطبري في الدلائل - كما في البحار -: عن علي بن هبة الله، عن الصدوق، تعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، مثله(٣) .

[١٩٤٧٨] ٣ - وعن محمد بن أبي عاتكة الدمشقي، عن الوليد بن سلمة، عن موسى القرشي(١) ، عن حذيفة بن اليمان قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذ قال: « إن الله تبارك وتعالى مسخ من بني إسرائيل اثني عشر جزء، فمسخ منهم القردة، والخنازير، والسهيل، والزهرة، والعقرب، والفيل، والجري وهو سمك لا يؤكل

__________________

(١) السلور بتشديد السين وكسرها وتشديد اللام وفتحها وسكون الواو: جنس سمك بحري ونهري، يبلغ طوله ثلاثة أمتار، ومنه نوع كالرعاد ( المعجم الوسيط ج ١ ص ٤٤٧ ).

٢ - الاختصاص ص ٣٠١، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٥ ح ٧.

(١) الولولة: صوت متتابع ( لسان العرب ج ١١ ص ٧٣٦ ).

(٢) بصائر الدرجات ص ٣٧٣.

(٣) دلائل الإمامة ص ٩٩، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٥.

٣ - الاختصاص ص ١٣٦، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٦ ح ٩.

(١) في المصدر: عبد الرحمن القرشي، وفي البحار: موسى بن عبد الرحمن القرشي.

١٦٧

والدعموص(٢) ، والدب، والضب، والعنكبوت، والقنفذ « قال حذيفة: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فسر لنا هذا كيف مسخوا؟ قال: » نعم.

أما القردة فإنهم مسخوا، لأنهم اصطادوا الحيتان في السبت، على عهد داود النبيعليه‌السلام .

وأما الخنازير فمسخوا، لأنهم كفروا بالمائدة التي نزلت من السماء على عيسى بن مريمعليه‌السلام .

وأما السهيل فمسخ، لأنه كان رجلا عشارا، فمر به عابد من عباد ذلك الزمان، فقال العشار: دلني على اسم الله الذي يمشي به على وجه الماء، ويصعد به إلى السماء، فدله على ذلك، فقال العشار: قد ينبغي لمن عرف هذا الاسم أن لا يكون في الأرض، بل يصعد به إلى السماء، فمسخه الله وجعله آية للعالمين.

وأما الزهرة فمسخت، لأنها هي المرأة التي فتنت هاروت وماروت الملكين.

وأما العقرب فمسخ، لأنه كان رجلا نماما يسعى بين الناس بالنميمة، ويغري بينهم العداوة.

وأما الفيل فإنه كان رجلا جميلا فمسخ، لأنه كان نكح البهائم البقر والغنم شهوة من دون النساء.

وأما الجري فإنه مسخ، لأنه كان رجلا من التجار، وكان يبخس الناس في المكيال والميزان.

وأما الدعموص فإنه مسخ، لأنه كان رجلا إذا جامع النساء لم يغتسل من الجنابة ويترك الصلاة، فجعل الله قراره في الماء إلى يوم القيامة من جزعه عن البرد.

__________________

(٢) الدعموص: دابة صغيرة تكون في مستنقع الماء ( لسان العرب ج ٧ ص ٣٦ ).

١٦٨

وأما الدب فمسخ، لأنه كان رجلا يقطع الطريق، لا يرحم غريبا ولا فقيرا إلا سلبه.

وأما الضب فمسخ، لأنه كان رجلا من الاعراب، وكانت خيمته على ظهر الطريق، وكانت إذا مرت القافلة تقول له: يا عبد الله، كيف يأخذ الطريق إلى كذا وكذا؟ فإن أرادوا القوم المشرق ردهم المغرب، وإن أرادوا المغرب ردهم إلى المشرق، وتركهم يهيمون لم يرشدهم إلى سبيل الخير.

وأما العنكبوت فمسخت، لأنها كانت خائنة للبعل، وكانت تمكن فرجها سواه.

وأما القنفذ فإنه كان رجلا من صناديد العرب فمسخ، لأنه(٣) إذا نزل به الضيف رد الباب في وجهه، ويقول لجاريته: أخرجي إلى الضيف فقولي له: إن مولاي غائب عن المنزل، فيبيت الضيف بالباب جوعا، ويبيت أهل البيت شباعا مخصبين ».

[١٩٤٧٩] ٤ - كتاب محمد بن المثنى: عن عبد السلام بن سالم، عن ابن أبي البلاد، عن عمار بن عاصم السجستاني: قال جئت إلى باب أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فدخلت عليه فقلت: أخبرني عن الحية والعقرب والخنفس وما أشبه ذلك، قال: فقالعليه‌السلام : « أما تقرأ كتاب الله؟ » قال: قلت: وما كل كتاب الله أعرف، فقال: « أو ما تقرأ:( أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ ) (١) ( يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ ) (٢) قال: فقال: هم أولئك خرجوا من الدار فقيل

__________________

(٣) في المصدر زيادة: كان.

٤ - كتاب محمد بن المثنى ص ٩٢، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٨ ح ١١.

(١) يس ٣٦: ٣١.

(٢) السجدة ٣٢: ٢٦.

١٦٩

لهم: كونوا شيئا(٣) ».

[١٩٤٨٠] ٥ - الصدوق في المقنع: واعلم أن الضب والفأرة والقردة والخنازير، مسوخ لا يجوز أكلها، وكل مسخ حرام، ولا تأكل الأرنب فإنه مسخ حرام.

[١٩٤٨١] ٦ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه اتي بضب، فلم يأكل منه وقذره

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه نهى عن الضب والقنفذ، وغيره من حشرات الأرض كالضب وغيره(١) .

[١٩٤٨٢] ٧ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عباد الله، إن قوم عيسى لما سألوه أن ينزل عليهم مائدة من السماء( قَالَ اللَّـهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ‌ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ) (١) فأنزلها عليهم، فمن كفر منهم بعد مسخه الله إما خنزيرا وإما قردا وإما دبا وإما هرا، وإما على صورة بعض الطيور والدواب التي في البر والبحر، حتى مسخوا على أربعمائة نوع من المسخ ».

[١٩٤٨٣] ٨ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: عن محمد بن إبراهيم، عن جعفر بن زيد القزويني، عن زيد الشحام، عن أبي هارون، عن ميثم التمار، عن سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء نفر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقالوا: إن المعتمد يزعم أنك تقول: هذا

__________________

(٣) في المصدر: نششا.

٥ - المقنع ص ١٤١.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤٢٢.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤٢٣.

٧ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٣٤.

(١) المائدة ٥: ١١٥.

٨ - الهداية للحضيني ص ٣٠ - أ.

١٧٠

الجري مسخ، فقال: « مكانكم حتى أخرج إليكم » فتناول ثوبه ثم خرج إليهم فمضى حتى انتهى إلى الفرات بالكوفة، فصاح: « يا جري » فأجابه: لبيك لبيك، فقال: « من أنا؟ » قال: أنت إمام المتقين وأمير المؤمنين، فقال له أمير المؤمنين: « فمن أنت؟ » فقال: أنا ممن عرضت عليه ولايتك فجحدتها ولم أقبلها، فمسخت جريا، وبعض هؤلاء الذين معك يمسخون جريا، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فبين قصتك، وممن كنت، ومن(١) مسخ معك؟ ».

فقال: نعم، كنا أربع وعشرين طائفة من بني إسرائيل، قد تمردنا وطغينا واستكبرنا، وتركنا المدن لا نسكنها، وسكنا المفاوز رغبة منا في البعد عن المياه والأنهار، فأتانا آت - والله، يا أمير المؤمنين - أنت أعرف به منا، في ضحى النار، فصرخ صرخة فجمعنا في جمع واحد، وكنا منبثين في تلك المفاوز والقفار، فقال لنا: مالكم هربتم من المدن والأنهار وسكنتم في هذه علمت ما في أنفسكم، أفعلى الله تتعززون وتتكبرون؟ فقلنا له: لا، قال: فقال: أفليس أخذ عليكم العهد لتؤمنن بمحمد بن عبد الله المكيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقلنا: بلى، قال: وأخذ عليكم العهد بولاية وصيه وخليفته من بعده علي بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ فسكتنا ولم نجب بألسنتنا وقلوبنا ونياتنا لا نقبلها ولا نقربها، قال لنا: أو لا تقولون بألسنتكم؟ فقلناها جميعا بألسنتنا، فصاح بنا صيحة وقال: بإذن الله كونوا مسوخا، كل طائفة جنسا، أيتها القفار كوني بإذن الله أنهارا تسكنك هذه المسوخ، واتصلي ببحار الدنيا وأنهارها، حتى لا يكون ماء إلا كانوا فيه، فمسخنا ونحن أربع وعشرون طائفة، أربعة وعشرون جنسا، فصاحت اثنتا عشرة طائفة منا: أيها المقتدر علينا بقدرة الله تعالى، بحقه عليك لما أعفيتنا من الماء، وجعلتنا على ظهر الأرض كيف شئت، فقال: قد فعلت.

__________________

(١) في الحجرية: ممن، وما أثبتناه من المصدر.

١٧١

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « هيه يا جري، فبين لنا ما كانت الأجناس الممسوخة البرية والبحرية » فقال: أما البحرية فنحن: الجري، والرق(٢) ، السلاحف، والمار ما هي(٣) ، والزمار(٤) ، والسراطين، وكلاب الماء، والضفادع، ( وبنت يقرض )(٥) والعرضان، والكوسج، والتمساح.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « هيه، والبرية ما هي؟ » قال: نعم يا أمير المؤمنين، هي: الوزع، والخفاش، والكلب، والذر، والقرد، والخنازير، والضب، والحرباء، والورل(٦) ، والخنافس، والأرانب، والضبع.

ثم قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فما فيكم من خلق الانسانية وطبعها؟ » قال الجري: أفواهنا، والبعض لكل صورة وخلق كلنا تحيض منا الإناث.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « صدقت أيها الجري وحفظت ما كان » قال الجري: فهل من توبة؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الاجل هو يوم القيامة، وهو الوقت المعلوم، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ».

__________________

(٢) الرق بتشديد الراء وفتحها: نوع من دواب الماء شبه التمساح وقيل: هو العظيم من السلاحف ( لسان العرب ج ١٠ ص ١٢٣ ).

(٣) المارماهي: معرب أصله حية السمك ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٤٨٥ ).

(٤) الزمار: سمكة جسمها ممدود شديد الانضغاط من الجانبين، مقدمها طويل أحدب، وجسمها أملس لا تغطيه القشور ( المعجم الوسيط ج ١ ص ٣٩٩ ).

(٥) بنت يقرض: لم نجد فيما بين أيدينا من المعاجم إلا ابن مقرض: دويبة تقتل الحمام ( لسان العرب ج ٧ ص ٢١٦ ) وفي حياة الحيوان ج ٢ ص ٣٢٠ ابن مقرض: دويبة كحلاء اللون طويلة الظهر ذات قوائم أربع أصغر من الفأر تقتل الحمام وتقرض الثياب. فلعله هو المراد في الحديث.

(٦) الورل: دابة أكبر من الضب يكون في الرمال والصحاري ( لسان العرب ج ١١ ص ٧٢٤ ).

١٧٢

قال الأصبغ بن نباتة: فسمعنا والله ما قال ذلك الجري، ووعيناه وكتبناه وعرضناه على أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣ -( باب تحريم جميع السباع من الطير والوحش من كل ذي ناب أو مخلب وغيرهما، وجملة من المحرمات)

[١٩٤٨٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يؤكل الذئب ولا النمر ولا الفهد ولا الأسد ولا ابن آوى ولا الدب ولا الضبع، ولا شئ له مخلب ».

[١٩٤٨٥] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام ».

[١٩٤٨٦] ٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه ذكر ما يحل أكله وما يحرم بقول مجمل، - إلى أن قال -: « وأما ما يحل من أكل لحم الحيوان، فلحم البقر والغنم والإبل، ومن لحم الوحش كلما ليس له ناب ولا مخلب ».

[١٩٤٨٧] ٤ - الجعفريات: حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن يوسف بن أبي الحارث قال: حدثنا موسى بن داود قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة الحبشي قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ينهى عن كل ذي ناب من السباع.

[١٩٤٨٨] ٥ - الصدوق في الهداية: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤٢٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤١٩.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٢ ح ٤١٨.

٤ - الجعفريات ص ٢٤٩.

٥ - الهداية ص ٧٨.

١٧٣

« كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام، والحمر الانسية حرام ».

[١٩٤٨٩] ٦ - عوالي اللآلي: عن النبي ( صلى الله عليه آله )، أنه نهى عن لحم كل ذي ناب من السباع.

٤ -( باب كراهة لحوم الحمر الأهلية، وعدم تحريمها)

[١٩٤٩٠] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ، يقول: « إن الناس أكلوا لحوم دوابهم يوم خيبر فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله باكفاء القدور، فنهاهم عن ذلك ولم يحرمها ».

[١٩٤٩١] ٢ - العياشي في تفسيره: عن حريز، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن أكل لحوم الحمير، وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوه(١) ، وليس الحمير بحرام ».

[١٩٤٩٢] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الحمر الأهلية(١) حرام ».

ونهى عن أكل لحومها يوم خيبر.

قلت: لا بد [ من ](٢) حمله على النسخ، أو على الكراهة لما تقدم.

__________________

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٣ ح ٢٥١.

الباب ٤

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٣.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٢ ح ١١٨.

(١) ورد في هامش الحجرية ما نصه: كذا في نسختي، ونسخة البحار والبرهان، والظاهر أن الأصل: « ظهورها أن يفنوها » كما في الخبر المروي في الأصل [ راجع الوسائل في الحديث ٦ من الباب ٤ من أبواب الأطعمة المحرمة ج ١٦ ] ( منه، قده ).

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٧.

(١) في المصدر: الانسية.

(٢) ليس في المصدر ولا في الحجرية وما أثبتناه للسياق.

١٧٤

٥ -( باب كراهة لحوم الخيل والبغال، وعدم تحريمها)

[١٩٤٩٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « مر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على رجل من الأنصار، وهو قائم على فرس له يكيد بنفسه(١) ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اذبحه يكن لك(٢) أجر بذبحك إياه، وأجر باحتسابك له: فقال يا رسول الله، ألي منه شئ؟ فقال: نعم، كل وأطعمني، فأهدى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ منه ](٣) - فخذا [ فأكل ](٤) وأطعمنا ».

[١٩٤٩٤] ٢ - وروينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه نهى عن ذبح الخيل، فيشبه - والله أعلم - أن يكون نهيه عن ذلك، إنما هو استهلاك السالم السوي منها، لان الله عز وجل أمر باستعدادها وارتباطها في سبيله، والذي جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنما هو فيما أشفى على الموت وخيف عليه الهلاك منها.

وعن أبي جعفر(١) عليه‌السلام ، أنه قال: « لا يؤكل البغال »(٢) .

[١٩٤٩٥] ٣ - العياشي في تفسيره: عن حريز، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل عن سباع الطير والوحش، حتى ذكر القنافذ والوطواط والحمير والبغال والخيل، فقال: « ليس الحرام إلا ما حرم الله في

__________________

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٥.

(١) يكيد بنفسه: يجود بها عند نزع روحه ونفسه ( لسان العرب ج ٣ ص ٣٨٣ ).

(٢) في المصدر زيادة: أجران.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٦.

(١) في المصدر: عن جعفر بن محمد.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٢٤ ١ ح ٤٢٨.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٢ ح ١١٨.

١٧٥

كتابه، وقال: نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) عن أكل لحوم الحمير، وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوها(٢) ، وليس الحمير بحرام

وقال: اقرأ هذه الآيات:( قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّ‌مًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ‌ فَإِنَّهُ رِ‌جْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ ) (٣) ».

قلت: ذكر الشيخ وغيره الوجه في هذا الخبر، وهو مذكور في الأصل(٤) فراجع

٦ -( باب حكم أكل الغراب وبيضه، من الزرع وغيره)

[١٩٤٩٦] ١ - عوالي اللآلي: روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه أتي بغراب فسماه فاسقا، وقال: « والله ما هو من الطيبات ».

٧ -( باب تحريم أكل السمك الذي ليس له فلوس، وبيعه، وإباحة ما له فلوس، وحكم الأسقنقور(*) )

[١٩٤٩٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا يؤكل من دواب البحر إلا ما كان له قشر ».

[١٩٤٩٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « يؤكل من المسك ما كان له

__________________

(١) في المصدر زيادة: يوم خيبر.

(٢) في الحجرية: يفنوه، وما أثبتناه هو الصواب، وفي المصدر: ظهرهم أن يفنوه.

(٣) الانعام ٦: ١٤٥.

(٤) وسائل الشيعة في الحديث ٦ من الباب ٤ من أبواب الأطعمة المحرمة ج ١٦.

الباب ٦

١ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٦٨ ح ٢٧.

الباب ٧

* سقنقور: حيوان من العظاء القصيرات الألسنة يشبه الوزع والضب. ( انظر ملحق لسان العرب ج ٢ ص ٣٤ ومجمع البحرين ج ٣ ص ٣٣٤ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٢ ح ٨ ٤١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

١٧٦

فلوس ».

[١٩٤٩٩] ٣ - الصدوق في المقنع: وكل من السمك ما كان له قشور، ولا تأكل ما ليس له قشور.

[١٩٥٠٠] ٤ - الكشي في رجاله: عن محمد بن مسعود، عن جعفر بن محمد، عن العمركي، عن أحمد بن شيبة، عن يحيى بن المثنى، عن علي بن الحسن بن رباط(١) ، عن حريز قال: دخلت على أبي حنيفة فقال لي: أسألك عن مسألة لا يكون فيها شئ، ما تقول في جمل أخرج من البحر، فقلت: إن شاء فليكن جملا، وإن شاء فليكن بقرة، إن كانت عليه فلوس أكلنا، وإلا فلا.

[١٩٥٠١] ٥ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن جعفر بن الحسين المؤمن، عن حيد بن محمد بن نعيم قال: حدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي جميعا، عن محمد بن مسعود، مثله.

٨ -( باب تحريم أكل الجري والمار ما هي والزمير، وبيعها وشرائها)

[١٩٥٠٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يؤكل الجري، ولا المار ما هي، ولا الزمار ».

الصدوق في المقنع مثله: وفيه: « ولا الزمير »(١) .

__________________

٣ - المقنع ص ١٤٢.

٤ - رجال الكشي ج ٢ ص ٦٨١ ح ٧١٨.

(١) في الحجرية: « علي بن الحسن وزياد » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٣٢٧ و ج ٤ ص ٢٥٥ ).

٥ - الاختصاص ص ٢٠٦.

الباب ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) المقنع ص ١٤٢.

١٧٧

[١٩٥٠٣] ٢ - وفي كمال الدين: عن علي بن أحمد الدقاق، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن موسى، عن أحمد بن القاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى المعروف ببرد، عن محمد بن خداهي، عن عبد الله بن أيوب، عن عبد الله بن هشام، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي(١) ، عن حبابة الوالبية، قالت: رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام في شرطة الخميس ومعه درة يضرب بها بياعي الجري والمار ما هي والزمير والطافي، ويقول لهم: « يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان » فقام إليه فرات بن الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين، وما جند بني مروان؟ فقال له: « أقوام حلقوا اللحي وفتلوا الشوارب ».

[١٩٥٠٤] ٣ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: كان أصحاب المغيرة يكتبون إلى، أن أسأله عن الجريث(١) والمار ما هي والزمير وما ليس له قشر من السمك، حرام هو أم لا؟ فسألته عن ذلك، فقال: « اقرأ هذه الآية التي في الانعام » قال: فقرأتها حتى فرغت منها، قال: فقال لي: « إنما الحرام ما حرم الله في كتابه، ولكنهم كانوا يعافون الشئ ونحن نعافه ».

العياشي في تفسيره: عن محمد بن مسلم، عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٩٥٠٥] ٤ - وعن زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن

__________________

٢ - كمال الدين ص ٥٣٦ ح ١.

(١) في الحجرية: « عبد الكريم بن عمر الجعفي » وما أثبتناه هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٠ ص ٦٧ ).

٣ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٥.

(١) الجريث بكسر الجيم وتشديد الراء: نوع من السمك يشبه الحيات ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٤٣ ).

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٢ ح ١١٩.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٣ ح ١٢٠.

١٧٨

الجري فقال: « وما الجري؟ » فنعته له، فقال:( قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّ‌مًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ) (١) إلى آخر الآية، ثم قال: « لم يحرم الله شيئا من الحيوان في القرآن، إلا الخنزير بعينه، ويكره كل شئ من البحر ليس فيه قشر » قال: قلت: وما القشر؟ قال: « هو الذي مثل الورق، وليس هو بحرام، إنما هو مكروه ».

[١٩٥٠٦] ٥ - الحافظ البرسي في مشارق الأنوار: عن زيد الشحام، بإسناده عن ابن نباتة قال: إن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، جاءه نفر من المنافقين، فقالوا له: أنت الذي تقول: إن هذا الجري مسخ حرام، فقال: « نعم » فقالوا: أرنا برهانه، فجاء بهم إلى الفرات فنادى: « هناس هناس(١) ، فأجابه الجرى: لبيك، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : » من أنت؟ « فقال: ممن عرض عليه ولايتك فأبى ومسخ، وإن فيمن معك لمن يمسخ كما مسخنا، ويصير كما صرنا، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : » بين قصتك، ليسمع من حضر فيعلم فقال: نعم، كنا أربعا وعشرين قبيلة من بني إسرائيل، وكنا قد تمردنا وعصينا، وعرضت ولايتك علينا فأبينا، وفارقنا البلاد واستعملنا الفساد، فجاء نا آت - أنت والله أعلم به منا - فصرخ فينا صرخة، فجمعنا جمعا واحدا، وكنا متفرقين في البراري، وجمعنا لصرخته، ثم صاح صيحة أخرى وقال: كونوا مسوخا بقدرة الله، فمسخنا أجناسا مختلفة، ثم قال: أيها القفار كونوا أنهارا تسكنك هذه المسوخ، واتصلي ببحار الأرض حتى لا يبقى ماء إلا وفيه هذه المسوخ فصرنا مسوخا كما ترى.

وتقدم عن الحضيني: ما يقرب منه(٢) .

__________________

(١) الانعام ٦: ١٤٥.

٥ - مشارق الأنوار ص ٧٧.

(١) في المصدر: مناش مناش.

(٢) تقدم في الحديث ٨ من الباب ٢.

١٧٩

٩ -( باب عدم تحريم الربيثا(*) ، وأنه يكره)

[١٩٥٠٧] ١ - الصدوق في الهداية: وسئل الصادقعليه‌السلام ، عن الربيثا، فقال: « لا تأكلها، فإنا لا نعرفها في السمك ».

قلت: وهو محمول على الكراهة، للاخبار الكثيرة الناصة في تحليلها.

١٠ -( باب تحريم المسك الطافي، وما يلقيه الماء ميتا، وما نضب عنه الماء)

[١٩٥٠٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه نهى عن الطافي، وهو ما مات في البحر من صيد قبل أن يؤخذ.

[١٩٥٠٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يؤكل الجري ولا المار ما هي(١) ولا الطافي، وهو الذي يموت في الماء فيطفو على رأس الماء ».

[١٩٥١٠] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل الجري والمار ما هي ولا الزمير، ولا الطافي وهو الذي يموت في الماء فيطفو على وجه الماء.

[١٩٥١٠] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل الجري والمارماهي ولا الزمير، ولا الطافي وهو الذي يموت في الماء فيطفو على وجه الماء.

[١٩٥١١] ٤ - البحار، عن كشف المناقب: عن أبي مطر، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام - في حديث شريف - قال ثم مرعليه‌السلام مجتازا ومعه المسلمون، حتى أتى أصحاب السمك، فقال: « لا يباع في سوقنا طاف » الخبر.

__________________

الباب ٩

* الربيثا، بتشديد الراء وفتحها: نوع من السمك له فلس صغير ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٥٤ ).

١ - الهداية ص ٧٩.

الباب ١٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٥ ح ٤٣٣.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) في المصدر زيادة: ولا الزمار.

٣ - المقنع ص ١٤٢.

٤ - بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٣٣١ ح ١٤ عن كشف الغمة ج ١ ص ١٦٣، عن المناقب ص ٧٠.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244