المأتم الحسيني مشروعيته وأسراره

المأتم الحسيني مشروعيته وأسراره42%

المأتم الحسيني مشروعيته وأسراره مؤلف:
المحقق: فارس حسون
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 126

  • البداية
  • السابق
  • 126 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 18367 / تحميل: 6538
الحجم الحجم الحجم
المأتم الحسيني مشروعيته وأسراره

المأتم الحسيني مشروعيته وأسراره

مؤلف:
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المأتم الحسيني مشروعيته وأسراره

تأليف

السيد عبد الحسين شرف الدين الموسويقدس‌سره

تحقيق

فارس الحسّون

مركز الأبحاث العقائدية

١

بسم الله الرحمن الرحيم

مُقدّمة المركز:

إنّ الحسينَعليه‌السلام ليس حُكراً على الشيعة فحسب، وإنّ مأتمهعليه‌السلام ليس من مختصّات الشيعة، كما قد يظنّ البعض ذلك، بل الحسينعليه‌السلام حسين جميع المسلمين، والأحرى أنْ يكون حسينُ جميع الإنسانيّة.

وإنّ مأتم الحسينعليه‌السلام ومأساته جرح ما زال لم يندمل، ومصاب لا زال المسلمون يأنّون من ألمه حتّى يأخذ الله تعالى بثأرهعليه‌السلام .

مِنَ الحسين عليه‌السلام ومأتمه استلهم الشيعة درس التضحية لأجل العقيدة والدفاع عنه.

مِنَ الحسين عليه‌السلام ومأتمه استلهم المسلمون درس التضحية في سبيل البحث عن العقيدة الحقّة ; لأنّ المأتم الحسيني يجعل النّفوس ملتهبة بالعواطف النقيّة، فتكون النّفوس عندئذٍ أقرب ما تكون لاستماع الحقيقة والتجرّد عن التعصّب.

٢

مِن الحسين عليه‌السلام ومأتمه استلهم جميع بني آدم درس الإنسانيّة والرجوع إلى الفطرة.

بالحسين عليه‌السلام ومأتمه يمكن تبديد غيوم العصبيّة وغبار الجهل والأفلات من الوقوع في براثن الفتن وتيّارات الضلال.

وبالحسين عليه‌السلام ومأتمه يمتلك الإنسان القدرة على اجتياز الطريق الشائك لمعرفة الحقّ، وتحطيم عقبة:( إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ) (١) ؛ لأنّ الحسينَعليه‌السلام حسينُ الله، ومأتمَهُ مأتمُ أمر الله عزّ وجل بإحيائه.

لأنّ الحسينَعليه‌السلام حسينُ الحقِّ، ومأتمَهُ درسٌ للوصول إلى الحقِّ.

لأنّ الحسينَعليه‌السلام حسينُ المُصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومأتمَهُ مأتمُهُ.

لأنّ الحسينَعليه‌السلام حسينُ عليٍّ وفاطمة وأهلِ البيتعليهم‌السلام ، ومأتمَهُ مأتمُهُمْ.

لأنّ الحسينَعليه‌السلام حسينُ الأنبياءِ والمُرسَلينعليهم‌السلام ، ومأتمَهُ مأتمُهُمْ.

____________________

(١) سورة الزخرف / ٢٣.

٣

لأنّ الحسينَعليه‌السلام حُسينُنا جميعاً، ومأتمَهُ مأتمُنا.

وقسماً بالله الذي لا إله إلاّ هو، إنّ البشريّة لو عرفت الحسينعليه‌السلام على حقيقته لأسلمت عن بكرة أبيها، إلاّ مَن كان قد تخلّى منهم عن إنسانيّته.

وكذلك لو عرف المسلمون الحسينعليه‌السلام على حقيقته، لاهتدوا بهديه واتّبعوا نهجه وركبوا سفينة النّجاة وما تركوا أهل البيتعليهم‌السلام طرفة عين، إلاّ مَن كان منهم وفي قلبه مرض، وعليه؛ فإنّ مسؤوليّة أتباع الحسينعليه‌السلام تتضاعف في إيصال حقيقة الحسينعليه‌السلام وأهمّيّة إقامة مأتمه إلى الجميع؛ ليؤدّي كلّ منهم هذه المهمّة على قدر وسعِه.

وهذا الكتاب الماثل بين يدَي القارئ العزيز، وإنْ كان صغيراً في حجمه، إلاّ أنّه عظيم في محتواه، قد جمع بين دفّتيه على اختصاره زبدة ما يتعلّق بمشروعيّة المأتم وأسراره، وهو بقلم علَم الأعلام وسيّد السّادات - الذي اهتدى أكثر من اهتدى إلى مذهب أهل البيتعليهم‌السلام بسبب كتابه

٤

( المراجعات ) - آية الله السيّد عبد الحسين شرف الدِّين الموسوي (رضوان الله عليه).

وهذا الكتاب في الواقع هو مُقدّمة كتابه ( المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة )، الذي أحرقته الأيدي الأثيمة، وما بقي منه سوى المُقدّمة التي قمنا بتحقيقها والتعليق عليها، وإخراجها بهذا الكتاب الذي سمّيناه( المأتم الحسيني مشروعيّتُهُ وأسرارُه ) ؛ ليكون الكتاب الثاني من ( سلسلة الكتب الإهدائيّة ) المخصّصة لروّاد المركز من المشتركين والمساهمين في المسابقات الهادفة؛ وذلك لإيجاد ثقافة علميّة عقائديّة لمجتمعاتنا المؤمنة، التي نأمل منها كلّ الخير في نشر مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ودرء الشبهات عنه.

مركز الأبحاث العقائديّة

فارس الحسّون

٥

تمهيد:

الحمد لله على جميل بلائه وجليل عزائه، والصلاة والسّلام على اُسوة أنبيائه، وعلى الأئمّة المظلومين من أوصيائه، ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد، فهذا كتاب ( المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة )(١) وضعته تقرّباً إليهم في الدُّنيا، وتوسّلاً بهم في الآخرة،

____________________

(١) ألّفه في أربع مجلّدات ضخمة، تضمّنت سيرة النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعترتهعليهم‌السلام ، وحياتهم وبعض خطبهم.

وقال عنه المؤلّفقدس‌سره : كتاباً اجتماعيّاً سياسيّاً عمرانيّاً، مِن أحسن ما كُتب في الإمامة والسّياسة.

وكانقدس‌سره قد كتب له مُقدّمة حول مشروعيّة أصل المأتم وأسراره، طُبعت قبل طبع الكتاب، وهذه المُقدّمة هي كتابنا الحاضر الذي سمّيناه ( المأتم الحسيني مشروعيّته وأسراره ).

وأمّا أصل الكتاب، فقد أعدّه المؤلّف للنشر، ولكنّ شعلة الحرب العالميّة الاُولى حالت المؤلّف عن طبعه حتّى أصبح هذا الكتاب ومؤلّفاته الاُخرى - ما يقرب من ثلاثين مُجلّداً مخطوطاً كلّها بقلمه الشريف - طعمة حريق سلطة الاحتلال الفرنسي؛ حيث سلّطت النّار على داره في ( شحور )، وبعده احتلّت داره الكبرى في ( صور ) واُبيحت للأيادي الأثيمة سلباً ونهباً.

٦

سائلاً من الله سبحانه أنْ يكون خالصاً لوجهه الكريم، إنّه الرؤوف الرحيم.

٧

المُقدّمة:

الأصل العملي يقتضي إباحة:

١ - البكاء على مطلق الموتى.

٢ - رثائهم بالقريض.

٣ - تلاوة مناقبهم ومصائبهم.

٤ - الجلوس حزناً عليهم.

٥ - الإنفاق عنهم في وجوه البرّ.

ولا دليل على خلاف هذا الأصل، بل السّيرة القطعيّة والأدلّة اللفظيّة حاكمان بمقتضاه، بل يُستفاد من بعضها استحباب هذه الاُمور إذا كان الميّت من أهل المزايا الفاضلة والآثار النافعة، وفقاً لقواعد المدنيّة وعملاً باُُصول العمران ; لأنّ تمييز المُصلحين يكون سبباً في تنشيط أمثالهم، وأداء حقوقهم يكون داعياً إلى كثرة الناسجين

٨

على منوالهم، وتلاوة أخبارهم ترشد العاملين إلى اقتفاء آثارهم.

وهنا مطالب:

٩

المطلب الأوّل: في البكاء

ولنا على ما اخترناه فيه - مضافاً إلى السّيرة القطعيّة - فِعل النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وقوله وتقريره:

أمّا الأوّل ، فإنّه متواتر عنه في موارد عديدة منها: يوم اُحد، إذ علم النّاس كافّة بكاءه يومئذٍ على عمّه أسد الله وأسد رسوله، حتّى قال ابن عبد البرّ في ترجمة حمزة من استيعابه: لمّا رأى النّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله حمزة قتيلاً بكى، فلمّا رأى ما مُثّل به شهق.

وذكر الواقدي، كما في أوائل الجزء الخامس عشر من شرح نهج البلاغة(١) للعلاّمة المعتزلي: أنّ النّبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) في أواخر صفحة ٣٨٧ من المُجلّد الثالث - طبعة مصر ( المؤلّف ).

١٠

كان يومئذٍ إذا بكت صفيّة يبكي، وإذا نشجت ينشج(١) . قال: وجعلت فاطمة تبكي لمّا بكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

ومنها: يوم نعى زيداً وذا الجناحين وابن رواحة، فيما أخرجه البخاري في الصفحة الثالثة من أبواب الجنائز من صحيحه، وذكر ابن عبد البرّ في ترجمة زيد من استيعابه: أنّ النّبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله بكى على جعفر وزيد، وقال:« أخَواي ومُؤنساي ومُحَدّثاي » (٣) .

ومنها: يوم مات ولده إبراهيم، إذ بكى عليه، فقال له عبد الرحمن بن عوف، كما في صفحة ١٤٨ من الجزء

____________________

(١) قد اشتمل هذا الحديث على فعل النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وتقريره، فهو حجّة من جهتين، على أنّ بكاء سيّدة النّساءعليها‌السلام كافٍ كما لا يخفى. ( المؤلّف ).

(٢) وراجع أيضاً في بكاء النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله على عمّه حمزة وتحريض النّساء على البكاء: مسند أحمد ٢ / ٤٠، الفصول المهمّة / ٩٢، شفاء الغرام ٢/٣٤٧، ذخائر العقبى / ١٨٠، السّيرة الحلبيّة ٢ / ٢٤٧، الروض الاُنف ٦ / ٢٤.

(٣) وراجع أيضاً: ذخائر العقبى / ٢١٨، أنساب الأشراف / ٤٣، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٦٦، تذكرة الخواصّ / ١٧٢، المعجم الكبير ٢ / ١٠٥.

١١

الأوّل من صحيح البخاري: وأنت يا رسول الله! قال:« يابنَ عَوف، إنّها رَحمَة » (١) . ثمّ أتبعها - يعني عبرته - باُخرى، فقال:« إنّ العَينَ تدمعُ، والقلبَ يَحزنُ، ولا نَقولُ (٢) إلاّ ما يُرضي ربنَّا، وإنّا بفراقِكَ يا إبراهيمُ لمَحزونون » (٣) .

ومنها: يوم ماتت إحدى بناتهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذ جلس على قبرها، كما في صفحة ١٤٦ من الجزء الأوّل من صحيح البخاري، وعيناه تدمعان(٤) .

ومنها: يوم مات صبي لإحدى بناته، إذ فاضت عيناه يومئذٍ، كما في الصحيحين(٥) وغيرهما، فقال له سعد: ما هذا يا رسول الله؟!

____________________

(١) لا يخفى ما في تسميتها ( رحمة ) من الدلالة على حُسن البكاء في مثل المقام. ( المؤلّف ).

(٢) أراد بهذا: أنّ الملامة والإثم في المقام إنّما يكونان بالقول الذي يسخط الربّ عزّ وجل، كالاعتراض عليه والسّخط لقضائه، لا بمجرّد دمع العين وحزن القلب. ( المؤلف ).

(٣) وراجع أيضاً: ذخائر العقبى / ١٥٥، سيرة ابن إسحاق / ٢٧٠، العقد الفريد ٣/١٩٠.

(٤) وراجع أيضاً: ذخائر العقبى / ١٦٦، المُحلّى ٥ / ١٤٥.

(٥) راجع: صحيح البخاري ١ / ١٤٦، وصحيح مسلم - باب البكاء على الميّت. ( المؤلّف ).

١٢

قال:« هذه رَحمَةٌ جَعلَها اللهُ فِي قلوبِ عبادِه، وإنَّما يرحَم اللهُ مِن عِبادِه الرُّحَماء » (٢) .

ومنها: ما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحَين عن ابن عمر، قال: اشتكى سعد، فعاده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع جماعة من أصحابه، فوجده في غشية، فبكى. قال: فلمّا رأى القوم بكاءه بكوا. الحديث(٣) .

والأخبار في ذلك لا تُحصى ولا تُستقصى(٤) .

____________________

(١) دلالة قوله:« وإنّما يرحمُ اللهُ مِن عبادِه الرُّحماء » على استحباب البكاء في غاية الوضوح كما لا يخفى. ( المؤلّف ).

(٢) فراجعه في صحيح البخاري - باب البكاء عند المريض، وفي صحيح مسلم - باب البكاء على الميّت، ولا يخفى اشتماله على كلٍّ مِن فعل النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله وتقريره، فهو حجّة من جهتين. ( المؤلّف ).

(٣) كبكائهصلى‌الله‌عليه‌وآله على عترته من بعده، المُصنّف ٨ / ٦٩٧، الفصول المهمّة / ١٥٥.

وبكائه على عليِّ بن أبي طالبعليه‌السلام لِما سيلقاه من بعده، مناقب الخوارزمي / ٢٤، ٢٦، تذكرة الخواصّ / ٤٥.

وبكائه على الحسينعليه‌السلام لمّا أخبره جبرئيل بما سيجري عليه، كما سيأتي عن قريب.

وبكائه على شهداء فخ لمّا أخبره جبرئيل بالواقعة، مقاتل الطالبيِّين / ٤٣٦.

وبكائه على جدّه عبد المطّلب، تذكرة الخواصّ / ٧.

وبكائه على أبي طالب، الطبقات ١ / ١٠٥، تذكرة الخواصّ / ٨، تاريخ اليعقوبي ٢ / ٣٥.

وبكائه على فاطمة بنت أسد، ذخائر العقبى / ٥٦، الفصول المهمّة / ١٣، مناقب ابن المغازلي / ٧٧، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٤.

وبكائه على اُمّه عند قبرها، المستدرك على الصحيحين ١/٣٧٥، تاريخ المدينة المنوّرة ١ / ١١٨، ذخائر العقبى / ٢٥٨، المُصنّف لابن أبي شيبة ٣ / ٢٢٤.

وبكائه على عثمان بن مظعون، المستدرك على الصحيحين ١/٣٦١، سنن البيهقي ٣ / ٤٠٧.

وبكائه على سعد بن ربيع، المغازي ١ / ٣٢٩.

١٣

وأمّا قوله وتقريره فمستفيضان، ومواردهما كثيرة:

فمنها: ما ذكره ابن عبد البر في ترجمة جعفر من استيعابه، قال: لمّا جاء النّبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله نعيُ جعفر(١) ، أتى

____________________

(١) هذا الحديث مشتمل على تقريرهصلى‌الله‌عليه‌وآله على البكاء وأمره به، على أنّ مجرّد صدوره من سيّدة النّساءعليها‌السلام حجّة كما لا يخفى. ( المؤلف ).

١٤

امرأته أسماء بنت عميس فعزّاها.

قال: ودخلت فاطمةعليها‌السلام وهي تبكي، وتقول:« وا عَمّاه! » . فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« عَلى مِثلِ جعفر فلتبكِ (١) البَواكِي » (٢) .

ومنها: ما ذكره ابن جرير وابن الأثير وصاحب العقد الفريد وجميع أهل السّيَر، وأخرجه الإمام أحمد بن حنبل من حديث ابن عمر في صفحة ٤٠ من الجزء الثاني من مسنده، قال: رجع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من اُحد، فجعلت نساء الأنصار يبكين على مَن قُتل من أزواجهنَّ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« ولكِنْ حَمزَةَ لا بَواكِيَ لَه » . قال: ثمّ نام فاستنبه وهُنَّ يبكين حمزة، قال: فهنّ اليوم إذا بكين يبدأن بحمزة.

وفي ترجمة حمزة من الاستيعاب نقلاً عن الواقدي، قال: لم تبكِ امرأة من الأنصار على ميّت بعد قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« ولكِنْ حَمزَةَ لا بَواكِيَ لَه » . إلى اليوم إلاّ بدأت بالبكاء على حمزة(١) .

____________________

(١) هذا أمرٌ منهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالبكاء ندباً على أمثال جعفر من رجال الاُمّة، وحسبك به حجّة على الاستحباب. ( المؤلّف ).

(٢) وراجع أيضاً: أنساب الأشراف / ٤٣، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٦٦.

(٣) وراجع أيضاً: شفاء الغرام ٢ / ٣٤٧، السّيرة النبويّة ٣ / ١٠٥، الروض الاُنف ٦ / ٢٤، ذخائر العقبى / ١٨٣، الفصول المهمّة / ٩٢.

١٥

وحسبك تلك السّيرة في رجحان البكاء على مَن هو كحمزة، وإنْ بَعُد العهد بموته.

ولا تنسَ ما في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« ولكِنْ حَمزَةَ لا بَواكِيَ لَه » . من البعث على البكاء والملامة لهنّ على تركه، وحسبك به وبقوله:« على مِثل جعفر فلتَبكِ البَواكِي » . دليلاً على الاستحباب.

وأخرج الإمام أحمد من حديث ابن عبّاس، في صفحة ٣٣٥ من الجزء الأوّل، من مسنده من جملة حديث ذكر فيه موت رقيّة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وبكاء النّساء عليها، قال: فجعل عمر يضربهنّ بسوطه، فقال النّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله :« دَعهنَّ يبكينَ » . ثمّ قال:« مَهما يكُنْ مِن القلبِ والعَينِ فمِن اللهِ والرَّحمة ». وقعد على شفير القبر وفاطمةعليها‌السلام إلى جنبه تبكي، قال: فجعل النّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح عين فاطمة بثوبه رحمةً لها.

١٦

وأخرج أحمد أيضاً من حديث أبي هريرة، الجزء الثاني صفحة ٣٣٣ من مسنده، حديثاً جاء فيه: إنّه مرّ على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جنازة معها بواكي، فنهرهنّ عمر، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« دَعهُنَّ، فإنّ النَّفسَ مُصابةٌ والعَينَ دامِعةٌ » . إلى غير ذلك ممّا لا يسعنا استيفاؤه.

وقد بكى يعقوب إذ غيّب الله ولده:( وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزَنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ) (١) . حتّى قيل - كما في تفسير هذه الآية من الكشّاف -: ما جفّت عيناه من وقت فراق يوسف إلى حين لقائه ثمانين عام، وما على وجه الأرض أكرم على الله منه.

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - كما في تفسير هذه الآية من الكشّاف أيضاً -:« أنَّهُ سُئلَ جبرئيل عليه‌السلام : ما بلغ وَجدُ يعقوبَ على يُوسفَ؟ قال: وَجْدُ سبعينَ ثكلَى. قال: فما كانَ لهُ مِنَ الأجرِ؟

____________________

(١) سورة يوسف / ٨٤.

١٧

قال: أجرُ مئةِ شهيدٍ (١) ، وما ساء ظنُّه باللهِ قَط » .

قلتُ: أيّ عاقل يرغب عن مذهبنا في البكاء بعد ثبوته عن الأنبياء:( وَمَنْ يَرْغَب عَنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمُ إلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ) (٢) .

وأمّا ما جاء في الصحيحين: منْ أنّ الميّت يُعذّب لبكاء أهله عليه. وفي رواية: ببعض بكاء أهله عليه. وفي رواية: ببكاء الحيّ. وفي رواية: يُعذّب في قبره بما نيح عليه. وفي رواية: مَن يبكِ عليه يُعذّب. فإنّه خطأ من الراوي بحكم العقل والنّقل.

قال الفاضل النّووي(٣) : هذه الروايات كلُّها من رواية عمر بن الخطّاب وابنه عبد الله.

____________________

(١) هذا كالصريح في استحباب البكاء، إذ ليس المستحب إلاّ ما يترتب الثواب على فعله كما هو واضح. ( المؤلّف ).

(٢) سورة البقرة / ١٣٠.

(٣) عند ذكر هذه الروايات في باب الميّت يُعذّب ببكاء أهله عليه، من شرح صحيح مسلم. ( المؤلّف ).

١٨

قال: وأنكرت عائشة عليهما، ونسبتهما إلى النّسيان والاشتباه، واحتجّت بقوله تعالى:( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (١) .

قلتُ: وأنكر هذه الروايات أيضاً عبد الله بن عبّاس، واحتجّ على خطأ راويه، والتفصيل في الصحيحَين وشروحهما.

وما زالت عائشة وعمر في هذه المسألة على طرفي نقيض، حتّى أخرج الطبري(٢) في حوادث سنة ١٣ من تاريخه، بالإسناد إلى سعيد بن المسيّب، قال: لمّا تُوفّي أبو بكر، أقامت عليه عائشة النّوح، فأقبل عمر بن الخطّاب حتّى قام ببابها فنهاهنّ عن البكاء على أبي بكر، فأبين أنْ ينتهين، فقال عمر لهشام بن الوليد: ادخل فأخرج إليَّ ابنة أبي قُحافة. فقالت عائشة لهشام - حين سمعت ذلك من عمر: إنّي أحرج عليك بيتي. فقال عمر لهشام: ادخل فقد أذنت لك.

____________________

(١) سورة الأنعام / ١٦٤.

(٢) عند ذكر وفاة أبي بكر في الجزء الرابع من تاريخه. ( المؤلّف ).

١٩

فدخل هشام وأخرج اُمَّ فروة اُخت أبي بكر إلى عمر، فعلاها بالدرّة فضربها ضربات، فتفرّق النّوح حين سمعوا ذلك.

قلتُ: كأنّه لم يعلم تقريرَ النّبيِّ نساء الأنصار على البكاء على موتاهنَّ، ولم يبلغه قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :« ولكِنْ حَمزَةَ لا بَواكِيَ لَه » . وقوله:« على مِثل جعفر فلتَبكِ البَواكِي ». وقوله:« وإنّما يَرحم اللهُ مِن عِبادِه الرُّحماء ».

ولعلّه نسي نهي النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاه عن ضرب البواكي يوم ماتت رقيّة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونسي نهيه إيّاه عن انتهارهنّ في مقام آخر مرّ عليك آنفاً.

ثمّ إذا كان البكاء على الميّت حراماً، فلماذا أباح لنساء بني مخزوم أنْ يبكين على خالد بن الوليد(١) ؟ حتّى ذكر

____________________

(١) وبكى هو على النّعمان بن مقرن واضعاً يده على رأسه، كما نصّ عليه ابن عبد البرّ في ترجمة النّعمان من استيعابه، وفي أوائل الجزء الثاني من العقد الفريد قال: ولمّا نعي النّعمان بن مقرن إلى عمر بن الخطاب وضع يده على رأسه وصاح: يا أسفاً على النّعمان!... وبكائه على أخيه زيد معلوم بالتواتر. ( المؤلّف ).

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وفيه أيضاً في أوائل الكتاب: محمد بن قولويه، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن سليمان بن داود الرازي، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم، قال قال أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمد بن عبد الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا اليه؟

فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.

ثم ينادي المنادي: أين حواري علي بن أبي طالبعليه‌السلام وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقوم عمرو بن الحمق، ومحمد بن أبي بكر، وميثم التمار مولى بني أسد، وأويس القرني... الحديث. راجع أيضاً:معجم رجال الحديث: ٤/١٥٤

وقد نقل عن أويس أنه في بعض الليالي يقول: هذه ليلة الركوع ويتم الليلة بركوع واحد، وفي الليلة الأخرى يقول: هذه ليلة السجود ويتمها بسجدة، فقيل له: يا أويس كيف تطيق على مضي الليالي الطويلة على منوال واحد؟

فقال أويس: أين الليلة الطويلة؟ فياليت كان من الأزل الى الأبد ليلة واحدة حتى نتمها بسجدة واحدة، ونتوفر على الأنين والبكاء الى آخرها.

أويس ختام المسك الموعود في حرب الجمل

قال المفيد في الارشاد: ١/٣١٥:

نقلاً عن ابن عباس أن أمير المؤمنينعليه‌السلام جلس بذي قار لأخذ البيعة فقال:

يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلاً ولا ينقصون رجلاً يبايعونني على الموت.

قال ابن عباس: فجزعت لذلك أن ينقص القوم عن العدد أو يزيدون عليه، فيفسد الأمر علينا، ولم أزل مهموماً دأبي إحصاء القوم، حتى ورد أوايلهم فجعلت أحصيهم فاستوفيت عددهم تسعماة وتسعة وتسعون رجلاً، ثم انقطع مجيء القوم فقلت: إنا لله وإنا اليه راجعون، ماذا حمله على ماقال؟!

٦١

فبينما أنا مفكر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل، حتى إذا دنا وإذا هو رجل عليه قباء صوف معه سيفه وترسه وإداوته، فقرب من أميرالمؤمنينعليه‌السلام فقال له: أمدد يدك أبايعك، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : على م تبايعني؟ قال: على السمع والطاعة، والقتال بين يديك حتى أموت، أو يفتح الله عليك.

فقال له: ما اسمك؟

قال: أويس.

قال: أنت أويس القرني؟

قال: نعم.

قال: الله أكبر، أخبرني حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أني أدرك رجلاً من أمته يقال له أويس القرني، يكون من حزب الله ورسوله، يموت على الشهادة، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر.

قال ابن عباس: فسرى والله عني. انتهى.

ورواه في الخرائج والجرائح: ١/٢٠٠، وإعلام الورى/١٧٠، والثاقب في المناقب/٢٦٦، وبحار الأنوار: ٣٧/٢٩٩

وفي مناقب آل أبي طالب: ٢/١٠٤:

ابن عباس أنه قالعليه‌السلام يوم الجمل: لنظهرن على هذه الفرقة، ولنقتلن هذين الرجلين. وفي رواية: لنفتحن البصرة وليأتينكم اليوم من الكوفة ثمانية آلاف رجل وبضع وثلاثون رجلاً، فكان كما قال. وفي رواية ستة آلاف وخمسة وستون.

وقال المفيد في الجمل/٤٩:

ونحن نذكر الأن جملة من بايع أمير المؤمنينعليه‌السلام الراضين بإمامته الباذلين أنفسهم في طاعته بعد الذي أجملناه من الخبر عنهم ممن يعترف المنصف بوقوفه على أسمائهم تحقيق ما وصفناه، من غنايتهم في الدين وتقدمهم في الإسلام، ومكانهم

٦٢

من نبي الهدى، وأن الواحد منهم لو ولي العقد لامام لانعقد الأمر به، خاصة عند خصومنا فضلا عن جماعتهم، وعلى مذهبهم فيما يدعونه من ثبوت الإمامة بالاختيار وآراء الرجال، وتضمحل بذلك عنده شبهات الأموية فيما راموه من القدح في دليلنا، بما ذكروه من خلاف من سموه حسبما قدمنا.

ومن بايع أمير المؤمنين بغير ارتياب ودان بامامته على الاجماع والاتفاق، واعتقد فرض طاعته والتحريم لخلافه ومعصيته، والحاضرون معه في حرب البصرة ألف وخمسماية رجل، من وجوه المهاجرين الأولين والسابقين الى الإسلام والأنصار البدريين العقبيين، وأهل بيعة الرضوان، من جملتهم سبعمائة من المهاجرين وثمانمائة من الأنصار، سوى أبنائهم وخلفايهم ومواليهم، وغيرهم من بطون العرب والتابعين بإحسان، على ماجاء به الثبت من الأخبار... الى أن قال:

بيعة باقي الشيعة:

ومن يلحق منهم بالذكر من أوليائهم وعلية شيعتهم، وأهل الفضل في الدين والايمان والعلم والفقه والقرآن، المنقطعين الى الله تعالى بالعبادة والجهاد، والتمسك بحقائق الايمان: محمد بن أبي بكر، ربيب أمير المؤمنين وحبيبه. ومحمد بن أبي حذيفة وليه وخاصته المستشهد في طاعته.

ومالك ابن الحرث الاشتر النخعي، سيفه المخلص في ولايته.

وثابت بن قيس النخغي.

وعبد الله بن أرقم.

وزيد بن الملفق.

وسليمان بن صرد الخزاعي.

وقبيصة وجابر وعبد الله ومحمد بن بديل الخزاعي.

وعبد الرحمن بن عديس السلولي.

وأويس القرني...

٦٣

أويس ختام المسك الموعود في حرب صفين

في خصائص الأئمة/٥٣:

وبإسناد عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين فبايعه تسعة وتسعون رجلاً، ثم قال: أين تمام المائة؟ فقد عهد إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( أنه ) يبايعني في هذا اليوم مائة رجل!

قال فجاء رجل عليه قباء صوف متقلد سيفين فقال: هلم يدك أبايعك.

فقال: على م تبايعني؟

قال: على بذل مهجة نفسي دونك!

قال: ومن أنت؟

قال: أويس القرني، فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل، فوجد في الرجالة مقتولاً.

وفي اختيار معرفة الرجال: ١/٣١٥:

وروى الحسن بن الحسين القمي، عن علي بن الحسن العرني، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال كنا مع عليعليه‌السلام بصفين، فبايعه تسعة وتسعون رجلا، ثم قال: أين المائة لقد عهد اليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبايعني في هذا اليوم مائة رجل. قال: إذ جاء رجل عليه قباء صوف متقلداً بسيفين فقال: أبسط يدك أبايعك.

قال عليعليه‌السلام : على م تبايعني؟ قال: على بذل مهجة نفسي دونك.

قال: من أنت؟ قال: أنا أويس القرني.

قال: فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل، فوجد في الرجالة.

وفي رواية اُخرى، قال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : كن أويساً.

قال: أنا أويس.

قال: كن قرنياً قال: أنا أويس القرني.

٦٤

وإياه يعني دعبل بن علي الخزاعي في قصيدته التي يفتخر فيها على نزار، وينقض على الكميت بن زيد قصيدته التي يقول فيها:

ألا حييت عنا يـا مدينا

أويس ذو الشفاعة كان منا

فيوم البعث نحن الشافعونا

راجع أيضاً: الخرائج والجرائح: ١/٢٠٠ والثاقب في المناقب/٢٦٦ وجامع الرواة: ١/ ١١٠، ومدينة المعاجز: ٢/٢٩٩، ومعجم رجال الحديث (ط. ج ): ٤/١٥٤

وفي بحار الأنوار: ٢٩/٥٨٣:

وبرز عبد الله بن جعفر في ألف رجل، فقتل خلقا حتى استغاث عمرو بن العاص. وأتى أويس القرني متقلداً بسيفين ويقال: كان معه مرماة ومخلاة من الحصى، فسلم على أمير المؤمنينعليه‌السلام وودعه، وبرز مع رجالة ربيعة، فقتل من يومه، فصلى عليه أمير المؤمنينعليه‌السلام ودفنه. انتهى.

وفي المناقب/٢٤٩:

وفي رواية: قتل من أصحاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام في ذلك اليوم والليلة ألفا رجل وسبعون رجلاً، وفيهم أويس القرني زاهد زمانه، وخزيمة بن ثابت الأنصاري ذوالشهادتين، وقتل من أصحاب معاوية في ذلك اليوم سبعة آلاف رجل. انتهى.

**

وتدل هذه النصوص على أن أويساًرضي‌الله‌عنه ملهم من الله تعالى، حيث قال في بيعته لأمير المؤمنينعليه‌السلام يوم الجمل ( على السمع والطاعة، والقتال بين يديك حتى أموت، أو يفتح الله عليك ) فكان الفتح.

وقال يوم صفين ( على بذل مهجة نفسي دونك ) ولم يذكر الفتح!

وتدل على مقادير الله تعالى لهذا الولي الكبير أن يكون تمام الألف في حرب الجمل، ثم تمام المئة في صفين، مبايعاً على الموت في سبيل الله تعالى.

٦٥

وتدل هي وغيرها على أنه وجماعته كانوا فوجاً مقاتلاً، وأنهم قاتلوا قتال الأبطال المستميتين، فقد كسر أويس جفن سيفه، ووجد فيه أربعون طعنة، وصلى عليه ودفنه أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وليس كما ذكر أسير بن جابر أنه سرعان ماجاءه سهم فقتل، وأنه هو دفنه.. الخ.

متفرقات عن أويس

في طرائف المقال: ٢/٥٩٢:

وفي رجال الكشي: علي بن محمد بن قتيبة قال: سئل أبو محمد عن الزهاد الثمانية فقال: الربيع بن خيثم، وهرم بن حيان، وأويس القرني، وعامر بن عبد قيس، وكانوا مع عليعليه‌السلام ومن أصحابه، وكانوا زهاداً أتقياء.

وأما أبو مسلم أهبان بن صيفي، فإنه كان فاجراً مرائياً، وكان صاحب معاوية، وهو الذي كان يحث الناس على قتال علي فقال لعليعليه‌السلام : إدفع الينا المهاجرين والأنصار حتى نقتلهم بعثمان، فأبى علي ذلك، فقال أبومسلم: الآن طاب الضراب إنما! كان وضع فخاً ومصيدة.

وأما مسروق، فانه كان عشاراً لمعاوية، ومات في عمله ذلك بموضع أسفل من واسط على دجلة يقال له الرصافة، وقبره هناك.

والحسن كان يلقي كل فرق بما يهوون، ويتصنع للرئاسة، وكان رئيس القدرية.

وأويس القرني مفضل عليهم كلهم.

قال أبومحمد: ثم عرف الناس بعد.

وكان أويس من خيار التابعين لم ير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يصحبه، بل آمن به في الغياب، ولعدم المكنة وتفرق الحال والاشتغال على خدمات أمه لم يدرك صحبته، وكان شغله رعي الجمال وأخذ الأجرة. انتهى.

راجع أيضاً: خلاصة الاقوال/٢٤، والتحرير الطاووسي/٧٤، ووسائل الشيعة: ٢٠/١٤٤، ومعجم رجال الحديث: ٤/١٥٤، ولسان الميزان: ١/٤٧١

٦٦

وفي بحار الأنوار: ٦٣/٣٩٠:

قال أويس لهرم بن حيان: قد عمل الناس على رجاء، فقال: بل نعمل على الخوف والخوف خوفان ثابت وعارض، فالثابت من الخوف يورث الرجاء، والعارض منه يورث خوفاً ثابتاً.

والرجاء رجاءان: عاكف وباد، فالعاكف منه يقوى نسبة العبد، والبادي منه يصحح أمل العجز والتقصير والحياء.

مستدرك الوسائل: ١٦/٧٣:

مجموعة الشهيدرحمه‌الله : نقلاً من كتاب قضايا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن أويس القرني قال: كنا عند أمير المؤمنين إذ أقبلت امرأة متشبثة برجل، وهي تقول: يا أ مير المؤمنين لي على هذا الرجل أربعمائة دينار، فقالعليه‌السلام : للرجل: ما تقول المرأة؟

فقال: ما لها عندي إلا خمسون درهماً مهرها.

فقالت: يا أمير المؤمنين، أعرض عليه اليمين، فقالعليه‌السلام : تقول باركاً وتشخص ببصرك الى السماء:

اللهم إن كنت تعلم أن لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها وطلب نشوها وأنكر ما ذكر ته من مهرها، فلا استعنت بك من مصيبة، ولا سألتك فرج كربة، ولا احتجت اليك في حاجة، وإن كنت أعلم أنك تعلم أن ليس لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها فلا تقمني من مقامي هذا حتى تريها نقمتها منك.

فقال: والله يا أمير المؤمنين لا حلفت بهذا اليمين أبداً، وقد رأيت أعرابياً حلف بها بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسلط الله عليه ناراً فأحرقته من قبل أن يقوم من مقامه، وأنا أوفيها ما ادعته علي. انتهى.

ورواه في الخرائج والجرائح: ١/٢٠٠، والثاقب في المناقب/٢٦٦، ومدينة المعاجز: ٢/٢٩٩

٦٧

من الأدعية المروية عن أويس

في مستدرك الوسائل: ٥/٤٨:

السيد رضي الدين علي بن طاووس في مهج الدعوات: عن موسى بن زيد، عن أويس القرني، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث أنه قال: من دعا بهذا الدعاء في منامه، فيذهب به النوم وهو يدعو بها، بعث الله جل ذكره، بكل حرف منه سبعين ألف ملك من الروحانية، وجوهم أحسن من الشمس بسبعين ألف مرة، يستغفرون الله، ويدعون له، ويكتبون له الحسنات... الخبر.

الدعاء: يا سلام المؤمن المهيمن، العزيز الجبار المتكبر، الطاهر المطهر، القاهر القادر المقتدر، يا من ينادى من كل فج عميق، بألسنة شتى ولغات مختلفة، وحوائج أخرى، يا من لا يشغله شأن عن شأن، أنت الذي لا تغيرك الازمنة، ولا تحيط بك الامكنة، ولا تأخذك نوم ولا سنة، يسر لي من أمري ما أخاف عسره، وفرج من أمري ما أخاف كربه، وسهل لي من أمري ما أخاف حزنه، سبحانك لا الَه إلا أنت، إني كنت من الظالمين، عملت سوءاً، وظلمت نفسي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، والحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. انتهى. ورواه في بحار الأنوار: ٨٨/٣٩٠

وفي حلية الأولياء: ٨/٥٦:

سفيان الثقفي الكوفي، ثنا أبو علي الحسن بن عبد الله الوزان، ثنا أبو سعيد عمران بن سهل، ثنا سليمان بن عيسى، عن سفيان الثوري، عن ابراهيم بن أدهم، عن موسى بن يزيد، عن أويس القرني عن عمر بن الخطاب عن علي بن أبي طالب قالا:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له دعاه. والذي بعثني بالحق لو دعا بهذه الأسماء على صفائح من الحديد لذابت بإذن الله، ولو دعا بها على ماء جار لسكن بإذن الله.

٦٨

والذي بعثني بالحق إنه من بلغ اليه الجوع والعطش، ثم دعا بهذه الأسماء أطعمه الله وسقاه، ولو دعا بهذه الأسماء على جبل بينه وبين الموضع الذي يريده الآن الله له شعب الجبل، حتى يسلك فيه إلي الموضع الذي يريده.

وإن دعا به على مجنون أفاق من جنونه، وإن دعا به على امرأة قد عسر عليها ولدها هون الله عليها، ولو أن رجلاً دعا به والمدينة تحرق وفيها منزله أنجاه الله ولم يحترق منزله.

وإن دعا أربعين ليلة من ليالي الجمعة غفر الله له كل ذنب بينه وبين الله عز وجل، ولو أن رجلاً دعا على سلطان جائر لخلصه الله من جوره.

ومن دعا بها عند منامه بعث الله اليه بكل اسم منها سبعين ألف ملك مرة يكتبون له الحسنات ومرة يمحون عنه السيئات، ويرفعون له الدرجات الى يوم ينفخ الصور.

فقال سلمان: يا رسول الله فكل هذا الثواب يعطيه الله؟

قال: نعم يا سلمان، ولولا أني أخشي أن تتركوا العمل وتقتصروا على ذلك لأخبرتك بأعجب من هذا!

قال سلمان: علمنا يا رسول الله.

قال: نعم، قل:

اللهم إنك حي لا تموت، وغالب لا تغلب، وبصير لا ترتاب، وسميع لا تشك، وقهار لا تقهر، وأبدي لا تنفد، وقريب لا تبعد، وشاهد لا يغيب، والَه لا تضاد، وقاهر لا تظلم، وصمد لا تطعم، وقيوم لا تنام، ومحتجب لا ترى، وجبار لا تضام، وعظيم لا ترام، وعالم لا تعلم، وقوي لا تضعف، وجبار لا توصف، ووفي لا تخلف، وعدل لا تحيف، وغني لا تفتقر، وكنز لا تنفد، وحكم لا تجور، ومنيع لا تقهر، ومعروف لا تنكر، ووكيل لا تحقر، ووتر لا تستشار، وفرد لا يستشير، ووهاب لا ترد وسريع لا تذهل، وجواد لا تبخل، وعزيز لا تذل، وعليم لا تجهل، وحافظ لا تغفل، وقيوم لا تنام، ومجيب لا تسأم، ودائم لا تفنى، وباق لا تبلى، وواحد لا تشبه، ومقتدر لا تنازع .

٦٩

هذا حديث لا يعرف إلا من هذا الوجه، وموسى بن يزيد ومن دون ابراهيم وسفيان فيهم جهالة.

وفي حلية الأولياء: ١٠/٣٨٠:

ثنا عبد الله بن عبيدة العامري، ثنا سورة بن شداد الازهد، عن سفيان الثوري، هو عن ابراهيم بن أدهم عن موسى بن يزيد عن أويس القرني عن علي بن أبي طالب، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة غير واحد، ما من عبد يدعو بهذه الأسماء إلا وجبت له الجنة، إنه وتر يحب الوتر هو الله الذي لا إلَه إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام.. الى قوله الرشيد الصبور.. مثل حديث الأعرج عن أبي هريرة حديث الأعرج عن أبي هريرة صحيح متفق عليه، وحديث الثوري عن ابراهيم فيه نظر لا صحة له.

وقال ابن الجوزي في الموضوعات: ٣/١٧٥:

دعاء منقول: أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، أنبأنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة، أنبأنا أبي، أنبأنا ابراهيم بن محمد بن رجاء الوراق، حدثنا ابراهيم بن محمد بن يزيد بن خالد المروزي، حدثنا محمد بن موسى السلمي، حدثنا أحمد بن عبد الله النيسابوري، عن شقيق البلخي، عن ابراهيم بن أدهم، عن موسى بن يزيد، عن أويس القرني، عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له:

اللهم أنت حي لا تموت، وخالق لا تغلب، وبصير لا ترتاب، وسميع لا تشك، وصادق لا تكذب، وقاهر لا تغلب، وندى لا تنفذ، وقريب لا تبعد، وغافر لا تظلم، وصمد لا تطعم، وقيوم لا تنام، وجبار لا تقهر، وعظيم لا ترام، وعالم لا تعلم، وقوي لا تضعف، وعليم لا توصف، ووفي لا تخلف، وعدل لا تحيف، وغني لا تفتقر، وحكيم لا تجور، ومنيع لا تقهر، ومعروف لا تنكر، ووكيل لا تحقر، وغالب

٧٠

لا تغلب، ووتر لا تستأمر، وفرد لا تستشير، ووهاب لا تمل، وسريع لا تذهل، وجواد لا تبخل، وعزيز لا تذل، وحافظ لا تغفل، وقائم لا تنام، ومحتجب لا ترى، ودائم لا تفنى وباق لا تبلى، وواحد لا تشبه ومقتدر لا تنازع.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني لو دعى بهذه الدعوات والأسماء على صفائح الحديد لذابت، ولو دعى بها على ماء جار لسكن، ومن أبلغ اليه الجوع والعطش ثم دعا به أطعمه الله وسقاه، ولو أن بينه وبين موضع يريده جبل لانشعب له الجبل حتى يسلكه الى الموضع الذى يريد، ولو دعى به على مجنون لافاق، ولو دعى على امرأة قد عسر عليها ولدها، ولو دعا بها والمدينة تحترق وفيها منزله لنجا ولم يحترق منزله، ولو دعى بها أربعين ليلة من ليالي الجمعة غفر له كل ذنب بينه وبين الله عزوجل، ولو أنه دخل على سلطان جائر ثم دعى بها قبل أن ينظر السلطان اليه لخلصه الله من شره، ومن دعى بها عند منامه بعث الله عز وجل بكل حرف منها سبعمائة ألف ملك من الروحانيين، وجوههم أحسن من الشمس والقمر، يسبحون له ويستغفرون له ويدعون ويكتبون له الحسنات ويمحون عنه السيئات ويرفعون له الدرجات.

فقال سلمان: يا رسول أيعطى الله بهذه الأسماء كل هذا الخير؟ فقال: لا تخبر به الناس حتى أخبرك بأعظم منها، فإني أخشى أن يدعوا العمل ويقتصروا على هذا. ثم قال: من نام وقد دعا بها، فإن مات مات شهيدا وإن عمل الكبائر وغفر لأهل بيته، ومن دعى بها قضى الله له ألف ألف حاجة.

وقد رواه سليمان بن عيسى عن سفيان الثوري، عن ابراهيم بن أدهم إلا أن الألفاظ تختلف. ورواه مختصراً الحسين بن داود البلخي، عن شقيق بن ابراهيم.

هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي طرقه كلمات ركيكة يتنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثلها وأسماء لله يتعالى الحق عنها، ولم نر التطويل بذكر الطرق لأنها من جنس واحد.

٧١

وفي الطريق الأول أحمد بن عبد الله وهو الجويباري.

وفي الطريق الثاني سليمان بن عيسى.

وفي الثالث الحسين بن داود، وثلاثتهم كانوا يضعون الحديث، والله أعلم أنهم ابتدوا بوضعه، ثم سرقه الآخران وبدّلا فيه وغيّرا.

وقد روى لنا من طريق مظلم فيه مجاهيل وفيه زيادات ونقصان. انتهى.

**

ونحن لا نحكم بصحة الأدعية المروية عن أويسرحمه‌الله ، وهي أكثر من هذه النماذج التي ذكرناها، فرواياتها خاضعة للبحث العلمي وقواعد الجرح والتعديل، ولكنها تدل على المكانة العميقة لهرحمه‌الله في نفوس المسلمين من الشيعة والسنة، وأنه ثبت عندهم أن أويساً من أولياء الله الخاصين النادرين، كما ثبتت عندهم أحاديث شفاعته الواسعة..

جعلنا الله ممن تشملهم شفاعة النبي وآله، وشيعتهم المقربين.

شفاعة أويس القرني لمئات الألوف أو الملايين

تقدم ذكر شفاعة أويس القرنيرحمه‌الله في أحاديث عديدة، ومنها أحاديث صحيحة من الدرجة الأولى عند الطرفين، ونورد هنا ما يلي:

في مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٨:

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا محمد بن عبدالسلام، ثنا اسحاق بن ابراهيم، ثنا عبد الوهاب الثقفي، ثنا خالد الحذاء، عن عبدالله بن شقيق، عن عبدالله بن أبي الجدعاء أنه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم.

قال الثقفي قال هشام: سمعت الحسن يقول إنه أويس القرني. صحيح الاسناد ولم يخرجاه.ورواه في سير أعلام النبلاء: ٤/٣٢

٧٢

وفي مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٥:

حدثنا أبو العباس أحمد بن زياد الفقيه بالدامغان، ثنا محمد بن أيوب، أنا أحمد بن عبد الله بن يونس، ثنا أبو بكر بن عياش، عن هشام عن الحسن قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر.

قال هشام فأخبرني حوشب عن الحسن أنه أويس القرني.

قال أبو بكر بن عياش: فقلت لرجل من قومه: أويس بأي شيء بلغ هذا؟

قال: فضل الله يؤتيه من يشاء.

وفي تاريخ الطبري: ١٠/١٤٥:

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو بكر قال حدثنا هشام، عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر: قال هشام: فأخبرني حوشب أنه قال: هو أويس القرني.

وفي تاريخ الطبري: ١١/٦٦٢:

عن هشام عن الحسن.. قال رسول الله ( ص ) ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر.. أنه قال هو أويس القرني.

وفي كنز العمال: ١٢/٧٣:

سيكون في أمتي رجل يقال له أويس بن عبد الله القرني، وإن شفاعته في أمتي مثل ربيعة ومضر ( عد، عن ابن عباس ).

وفي كنز العمال: ١٢/٧٦:

يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر ( ش، ك، هق، وابن عساكر عن الحسن مرسلاً، قال الحسن: هو أويس القرني ).

وفي كنز العمال: ١٤/٨:

عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل بشفاعة رجل من أمتي الجنة أكثر من ربيعة ومضر، أما أسمي لكم ذلك الرجل؟

٧٣

قالوا: بلى.

قال: ذاك أويس القرني...

وقال: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر، ثم سماك.. الحديث. وروى نحوه في ص ١٣

وفي كنز العمال: ١٢/٧٤:

سيقدم عليكم رجل يقال له أويس كان به بياض فدعا الله له فأذهبه الله، فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر له ( ش، عن عمر ).

وفي كنز العمال: ١٤/٧:

مسند عمر، عن صعصعة بن معاوية قال: كان أويس بن عامر من التابعين رجل من قرن، وإن عمر بن الخطاب قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه فيقول: اللهم دع لي في جسدي منه ما أذكر به نعمتك عليّ، فيدع له في جسده ما يذكر به نعمته عليه، فمن أدرك منكم فاستطاع أن يستغفر له فليستغفر له ( الحسن بن سفيان وأبو نعيم في المعرفة، ق، في الدلائل، كر ) راجع أيضاً: ١٤/٨ و ١٠. ونحوه في سير أعلام النبلاء: ٤/٢٦

وفي سير أعلام النبلاء: ٤/٣٢:

وروى هشام بن حسان عن الحسن قال: يخرج من النار بشفاعة أويس أكثر من ربيعة ومضر.

أبو بكر الأعين: حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث، عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من مضر وتميم. قيل: من هو يا رسول الله؟ قال: أويس القرني. هذا حديث منكر تفرد به الأعين، وهو ثقة.

ونحوه في ميزان الاعتدال: ٢/٤٤٥

٧٤

وفي تاريخ الإسلام للذهبي: ٣/٥٥٨:

عن عمر قال: قال رسول الله ( ص ): يدخل الجنة بشفاعة أويس مثل ربيعة ومضر.

وفي بدء الإسلام لابن سلام الأباضي/٧٩:

أويس القرني... جاء في الأثر عن النبي ( ص ) قال لأبي بكر وعمر: أوصيكم أن تقرؤوا مني أويس القرني السلام، يقدم المدينة بعدي... يدخل في شفاعته يوم القيامة عدد ربيعة ومضر...

وفي ميزان الاعتدال: ١/٢٨٢:

عن الحسن قال: يخرج من النار بشفاعة رجل ليس بنبي، أكثر من ربيعة ومضر.

قال هشام عن الحسن: هو أويس.

وقال عبد الوهاب الثقفي: حدثنا خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن أبي الجدعاء: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة وبني تميم.

وفي ميزان الاعتدال: ١/٢٨٢ ولسان الميزان: ١/٤٧٤:

يونس وهشام عن الحسن قال: يخرج من النار بشفاعة رجل ليس بنبي أكثر من ربيعة ومضر. قال هشام عن الحسن هو أويس.

وقال عبد الوهاب الثقفي ثنا خالد الحذاء، عن عبدالله بن شقيق، عن ابن أبي الجدعاء سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة وبني تميم.

وفي لسان الميزان: ١/٤٧٣:

وقال أبو صالح: ثنا الليث، حدثني المقبري، عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ليشفعن رجل من أمتي في أكثر من مضر. قال تميم: ومضر، وأنه أويس القرني. انتهى.

٧٥

نتيجــة

النتيجة التي يخرج منها الباحث في أحاديث أويس وشفاعته:

أن الله تعالى أعطى هذه الكرامة العظيمة لراعي إبل من جبال اليمن، فجعله بسبب طاعته وإخلاصه له، موعوداً مبشراً به، على لسان أشرف الأنبياء والمرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل المسلمين يتبركون به ويطمعون منه بكلمة ( غفر الله لك ) فيبخل بها على أكثرهم! وينطق بها لمن أدركته الرحمة منهم.

ثم جعله يوم القيامة شفيعاً لمئات الألوف أو لملايين المذنبين، يدخلون ببركته جنة النعيم.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( يشفع في مثل ربيعة ومضر.. أكثر من مضر وتميم.. أكثر من ربيعة وبني تميم ) إنما هو إشارة الى الكثرة وتفهيمها للناس بجمهور قبائل كانت تمثل الكثرة في ذلك المجتمع.. ولذلك قد يبلغ عدد من يشفع لهم أويس الملايين..

ومما يثير العجب، أن هذا الانسان الكريم على ربه، صاحب المقام العظيم عنده، الذي لا ينطق بكلمة ( غفر الله لك ) في غير محلها.. تراه يقول لعليعليه‌السلام : مد يدك أبايعك على بذل مهجة نفسي دونك!!

فما هو مقام علي؟! الذي يتقرب كبار الأولياء الى الله بالموت دونه، ودون نصرة حقه وقضيته؟ !!

وهل يستطيع مسلم بعد هذا أن يشكك في مقام الشفاعة العظيمة لعلي وبقية أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .. وهو يرى أن أويساً صاحب الشفاعة العظيمة، فدائي لهم!!

وختاماً، فإن شفيع المحشر على الاطلاق، هو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .. بل يفهم من أحاديثنا أن الشفاعة بالأصل إنما هي كرامة من الله تعالى لهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأن الأنبياء الآخرين إنما يشفعون بما يعطيهم سيد المحشر وصاحب لوائه مما أعطاه ربه عز وجل! وهذه الشفاعة العظمى لنبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ملكٌ كبيرٌ.. لا بد له من مدراء

٧٦

وهذه الشفاعة العظمى لنبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ملكٌ كبيرٌ.. لابد له من مدراء ومفوضين يوم القيامة.. وهؤلاء إنما هم عترة النبي الذين نص عليهم أنهم يكونون معه، وهم علي وفاطمة والمعصومون من أولادهم، صلى الله على رسوله وعليهم.

ولا بد أن يكون لهم أعوان من الملائكة والصالحين.

وقد خصصنا هذا الفصل بشفاعة أويسرحمه‌الله ، لأنه شيعي ثبتت له هذه الشفاعة العظيمة بإجماع المسلمين، وكفى بها دليلاً على شفاعة أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

**

٧٧

٧٨

الفصل الخامس عشر

النواصب مطرودون من الشفاعة والجنة

حكم النواصب في الفقه الإسلامي

عقدنا هذا الفصل لاستعراض الأحاديث التي رواها الجميع في قرار الحرمان الالَهي من الشفاعة والجنة، لمن أبغض أهل البيت النبويعليهم‌السلام ، أو نصب العداوة والبغضاء، لهم أو لمن أحبهم، أو حمل في نفسه غلاً عليهم، أو كرهاً أو حسداً.. ولو بمقدار ذرة!!

فقد اتفقت مذاهب السنيين على أن من يعادي علياً، أو أهل البيت النبويعليهم‌السلام ، فهو منافق.

أما في فقهنا فمبغض أهل البيتعليهم‌السلام الناصب لهم، كافرٌ نجس..

ويسمى المبغض والمعادي في الفقه الإسلامي ( الناصب والناصبي )

وهو اسم مشتق من: نصب له العداوة، أي أبغضه، وتكلم عليه، أو عمل ضده، شبيهاً بقولك: نصب له الحرب!

والمبغض والمخالف والمعادي والناصب، كلمات متقاربة، ولكنها متفاوتة.. فالمخالف ناظرةٌ الى مخالفة الشخص في الرأي والمسلك.

٧٩

والمبغض ناظرة الى حالة النفرة النفسية المضادة للحب.

والمعادي ناظرة الى الموقف النفسي والعملي المضاد.

والناصب تزيد عليهما بأن البغض والعداء يصير هم الناصب!

هذا في أصل اللغة، أما في الشرع فقد وردت استعمالاتها بمعنى واحد وكأن المصطلح الإسلامي للمبغض يشملها جميعاً.

والذي يدخل في بحثنا من أحكام النواصب، أن الشفاعة النبوية الكبرى على سعتها يوم القيامة لا تنالهم، بل يؤمر بهم الى النار!!

وهذا يعني أن بغض أهل البيت جريمةٌ كبرى في نظر الإسلام، جزاؤها الطرد من الرحمة الالَهية والنبوية، واستحقاق العذاب في جهنم!

ونورد فيما يلي عدداً من أحاديث هذه المسألة، وفيها أحاديث صحيحةٌ عند الجميع:

عليعليه‌السلام ميزان الإسلام والكفر والايمان والنفاق

روى الحاكم: ٣/١٢٩:

عن أبي ذررضي‌الله‌عنه قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه . هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

ورواه أحمد في فضائل الصحابة: ٢/٦٣٩، والدارقطني في المؤتلف والمختلف: ١٣٧٦٣، والهيثمي فيمجمع الزوائد: ٩/١٣٢

وروى الترمذي: ٤/٣٢٧، و: ٥/٢٩٣ و٢٩٨ - باب مناقب علي:

عن أبي سعيد الخدري قال: إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب. هذا حديث غريب. وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي، وقد روى هذا عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي سعيد.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126