اعلام الهداية - الإمام الحسن المجتبى (ع)

اعلام الهداية - الإمام الحسن المجتبى (ع)27%

اعلام الهداية - الإمام الحسن المجتبى (ع) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 206

اعلام الهداية - الإمام الحسن المجتبى (ع)
  • البداية
  • السابق
  • 206 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 133433 / تحميل: 10030
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية - الإمام الحسن المجتبى (ع)

اعلام الهداية - الإمام الحسن المجتبى (ع)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

قال لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو استتر لكان خيرا له إذا تاب ».

أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[ ٢١٨٩٠ ] ٢ - الصدوق في المقنع: واعلم أن عقوبة من لاط بغلام أن يحرق إلى أن قال وإذا أحب التوبة تاب من غير أن يرفع خبره إلى امام المسلمين، فان رفع خبره إلى الامام هلك، فإنه يقيم عليه احدى هذه الحدود.

١٥ -( باب جواز العفو عن الحدود التي للناس، قبل المرافعة إلى الامام)

[ ٢١٨٩١ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « سرقت خميصة(١) لصفوان بن أمية، فأتى بالسارق إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر بقطع يده، فقال صفوان: لم أكن أظن الامر يا رسول الله يبلغ هذا، وقد وهبتها له، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فهلا كان هذا قبل أن تأتي به!؟ أن الحد إذا انتهى إلى الوالي لم يدعه ».

[ ٢١٨٩٢ ] ٢ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « وأما ما كان من حقوق الناس في حد، فلا بأس أن يعفى عنه دون الامام ».

[ ٢١٨٩٣ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « عن العالمعليه‌السلام أنه قال: فأما ما كان من حق بين الناس، فلا بأس أن يعفى عنه دون الامام قبل

__________________

(١) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٧.

٢ - المقنع ص ١٤٤.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٤ ح ١٥٤٩.

(١) الخميصة: ثوب خز أو صوف معلم، كانت من لباس الناس قديما ( النهاية ج ٢ ص ٨١ ).

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٤ ح ١٥٤٩.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٢.

٢١

أن يبلغ الامام ».

[ ٢١٨٩٤ ] ٤ - عوالي اللآلي: عن ابن عباس، قال: كان صفوان نائما في المسجد ورداؤه تحته فسرق، فقام وقد ذهب الرجل فأدركه وأخذه وجاء به إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر بقطعه، فقال صفوان: يا رسول الله، ما بلغ ردائي أن يقطع فيه رجل، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فهلا كان هذا قبل أن تأتينا به!؟ »

١٦ -( باب أنه لا يعفو عن الحدود التي لله إلا الامام، مع الاقرار لا مع البينة، وان من عفا عن حقه فليس له الرجوع)

[ ٢١٨٩٥ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا يعفى عن الحدود التي لله دون الامام » الخبر.

[ ٢١٨٩٦ ] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ومن عفا عن حد يجب له، فليس له أن يرجع بعد أن عفا ».

[ ٢١٨٩٧ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: لا يعفى عن الحدود التي لله عز وجل دون الإمامعليه‌السلام ، فإنه مخير ان شاء عفا وإن شاء عاقب إلى أن قال وما كان من الحدود لله جل وعز دون الناس، مثل الزنى واللواط وشرب الخمر، فالامام مخير فيه إن شاء عفا وإن شاء عاقب، وما عفا الامام فقد عفا الله عنه، وما كان بين الناس فالقصاص أولى ».

__________________

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٤ ح ٢٥٥.

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤ ح ١٥٤٩.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤ ح ١٥٤٩.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٢.

٢٢

[ ٢١٨٩٨ ] ٤ - الصدوق في المقنع: وللامام أن يعفو عن كل ذنب بين العبد وخالقه، فان عفا عنه جاز عفوه، وإذا كان الذنب بين العبد والعبد، فليس للامام أن يعفو.

[ ٢١٨٩٩ ] ٥ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي الحسن علي بن محمدعليهما‌السلام ، أنه أملى على ابن السكيت جواب مسائل سألها عنه يحيى بن أكثم في حضور المتوكل، وفيها: « وأما الرجل الذي أقر باللواط، فإنه أقر بذلك متبرعا من نفسه ولم تقم عليه بينة ولا أخذه سلطان، وإذا كان للامام الذي من الله أن يعاقب في الله، فله ان يعفو في الله، اما سمعت الله يقول لسليمان:( هَـٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ‌ حِسَابٍ ) (١) ».

١٧ -( باب أنه لا حد لمن لا حد عليه، كالمجنون يقذف أو يقذف)

[ ٢١٩٠٠ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يقذف الطفل والطفلة أو المجنون، فقال: « لا حد لمن لا حد عليه، ولكن القاذف آثم، وأقل ما في ذلك أن يكون قد كذب ».

١٨ -( باب عدم جواز الشفاعة في حد بعد بلوغ الامام وعدم قبولها، وحكم الشفاعة في غير ذلك)

[ ٢١٩٠١ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن

__________________

٤ - المقنع ص ١٤٤.

٥ - المناقب ج ٤ ص ٤٠٥.

(١) سورة ص ٣٨: ٣٩.

الباب ١٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٢ ح ١٦٣٤.

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٣ ح ١٥٤٦.

٢٣

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه نهى عن الشفاعة في الحدود، وقال: « من شفع في حد من حدود الله ليبطله، وسعى في ابطال حدوده، عذبه الله تعالى يوم القيامة ».

[ ٢١٩٠٢ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه أخذ رجلا من بني أسد في حد وجب عليه ليقيمه عليه، فذهب بنو أسد إلى الحسين بن عليعليهما‌السلام يستشفعونه(١) ، فأبى عليهم، فانطلقوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام فسألوه، فقال: لا تسألونني شيئا أملكه إلا أعطيتكموه « فخرجوا مسرورين، فمروا بالحسينعليه‌السلام ، فأخبروه بما قال، فقال: » إن كان لكم بصاحبكم حاجة فانصرفوا، فلعل أمره قد قضي « فانصرفوا إليه فوجدوه ( صلوات الله عليه ) قد أقام عليه الحد، فقالوا: أولم تعدنا يا أمير المؤمنين؟ قال: قد وعدتكم بما أملك، وهذا شئ لله لست أملكه ».

[ ٢١٩٠٣ ] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا بأس بالشفاعة في الحدود إذا كانت من حقوق الناس، يسألون فيها قبل أن يرفعوها، فإذا رفع الحد إلى الامام فلا شفاعة ».

[ ٢١٩٠٤ ] ٤ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب المسلسلات: سمعت أبا أحمد محمد بن أحمد الغطريفي، يقول: سمعت أبا خليفة الفضل بن حباب، يقول: سمعت عبيد الله بن عائشة(١) ، يقول: سمعت حماد(٢) بن سلمة،

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٣ ح ١٥٤٧.

(١) في نسخة: يستشفعون به « منه قده ».

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٣ ح ١٥٤٨.

٤ - كتاب المسلسلات ص ١١٤.

(١) في المخطوط: « عبد الله بن عائشة »وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع تهذيب التهذيب ج ٣ ص ١١ ).

٢٤

يقول: سمعت يحيى بن سعيد(٣) ، يقول: سمعت سعيد بن المسيب، يقول: سرقت امرأة من قريش، فتشفع فيها أسامة بن زيد، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ان هذا حد من حدود الله تعالى، لا شفاعة فيها » فقطعها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

[ ٢١٩٠٥ ] ٥ - وفي حديث آخر قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأسامة: « لا تشفع في حد إذا بلغ السلطان ».

١٩ -( باب أنه لا كفالة في حد)

[ ٢١٩٠٦ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا كفالة في حد، ولا شهادة على شهادة في حد، ولا يجوز كتاب قاض إلى قاض في حد ».

٢٠ -( باب حكم إرث الحد)

[ ٢١٩٠٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده،عليهما‌السلام ، قال: « كان علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، يقول: لا يورث الحد ».

[ ٢١٩٠٨ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنين وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، انهما قالا: « الحد لا يورث » يعنيان ( صلوات الله

__________________

(٣) في المخطوط: « سيد » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع تقريب التهذيب ج ٢ ص ٣٤٨ ).

٥ - المسلسلات ص ١١٤.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٦ ح ١٦٥٢.

الباب ٢٠

١ - الجعفريات ص ١٣٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٦ ح ١٦٥٩.

٢٥

عليهما ) بذلك الحد يجب للرجل فلا يطلبه حتى يموت، انه ليس لورثته ان يطلبوه.

٢١ -( باب أنه لا يمين في حدود، وأن الحدود تدرأ بالشبهات)

[ ٢١٩٠٩ ] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه نهى عن الايمان في الحدود.

[ ٢١٩١٠ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أن رجلا ادعى على رجل أنه قذفه، ولم يجئ ببينة، وقال: استحلفه لي يا أمير المؤمنين: فقال: « لا يمين في حد ».

[ ٢١٩١١ ] ٣ - وعن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ادرؤوا الحدود بالشبهات، وأقيلوا الكرام عثراتهم، إلا في حد من حدود الله ».

[ ٢١٩١٢ ] ٤ - الصدوق في المقنع: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « ادرؤوا الحدود بالشبهات ».

[ ٢١٩١٣ ] ٥ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أبيه قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « ادعى رجل على رجل بحضرة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه افترى عليه، ولم يكن له بينة، فقال: يا أمير المؤمنين حلفه، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا يمين في حد ».

__________________

الباب ٢١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٦ ح ١٦٥٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٦ ح ١٦٥٤.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٥ ح ١٦٤٩.

٤ - المقنع ص ١٤٧.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

٢٦

٢٢ -( باب عدم جواز تأخير إقامة الحد)

[ ٢١٩١٤ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده: « أن علياعليهم‌السلام شهد عنده ثلاثة نفر على رجل بالزنى فقال عليعليه‌السلام : أين الرابع؟ فقالوا: الآن يجئ، قال: خذوهم، فليس في الحدود نظرة ساعة ».

[ ٢١٩١٥ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « متى وجب الحد(١) أقيم، وليس في الحدود نظرة ».

[ ٢١٩١٦ ] ٣ - وعنهعليه‌السلام : أنه قال: « إذا كان في الحد لعل وعسى، فالحد معطل ».

٢٣ -( باب تحريم ضرب المسلم بغير حق، وكراهة الأدب عند الغضب)

[ ٢١٩١٧ ] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « أبغض الخلق إلى الله من جرد ظهر مسلم بغير حق، ومن ضرب في غير حق من لم يضربه، أو قتل من لم يقتله ».

[ ٢١٩١٨ ] ٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ظهر المؤمن حمى

__________________

الباب ٢٢

١ - الجعفريات ص ١٤٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٣ ح ١٥٤٥.

(١) في المخطوط: « الحق »وما أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٥ ح ١٦٥٠.

الباب ٢٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٤ ح ١٥٥١.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٤ ح ١٥٥٠.

٢٧

الله(١) ، إلا من حد ».

[ ٢١٩١٩ ] ٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه كتب إلى رفاعة: « دارئ عن المؤمن(١) ما استطعت، فإن ظهره حمى الله، ونفسه كريمة على الله، وله يكون ثواب الله، وظالمه خصم الله، فلا يكون خصمك ».

[ ٢١٩٢٠ ] ٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان أبغض الناس(١) إلى الله، رجل جرد ظهر مؤمن بغير حق ».

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ظهر المؤمن حمى إلا من حد ».

[ ٢١٩٢١ ] ٥ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: لما أدرك عمرو بن عبد ود لم يضربه، فوقعوا(١) في عليعليه‌السلام ، فرد عنه حذيفة، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مه يا حذيفة، فان علياعليه‌السلام سيذكر سبب وقفته » ثم إنه ضربه، فلما جاء سأله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك، قال: « قد كان شتم أمي، وتفل في وجهي، فخشيت أن أضربه لحظ نفسي، فتركته حتى سكن ما بي، ثم قتلته في الله ».

__________________

(١) ليس في المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٥ ح ١٥٥٣.

(١) في المخطوط: « المؤمنين »وما أثبتناه من المصدر.

٤ - الجعفريات ص ١٣٣.

(١) في نسخة: الخلق ( منه قده ).

(٢) نفس المصدر ص ١٣٣.

٥ - المناقب ج ٢ ص ١١٥.

(١) وقع فيه: ذمه وعابه واغتابه ( لسان العرب ج ٨ ص ٤٠٥ ).

٢٨

٢٤ -( باب تحريم ضرب المملوك حدا بغير موجب، وكراهة ضربه عند معصية سيده، واستحباب اختيار عتقه أو بيعه)

[ ٢١٩٢٢ ] ١ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: باسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أربعة لا عذر لهم إلى أن قال ورجل له مملوك سوء فهو يعذبه، لا عذر له فإما أن يبيع وإما أن يعتق ».

[ ٢١٩٢٣ ] ٢ - الشيخ ورام في تنبيه الخاطر: عن أبي مسعود الأنصاري، قال: كنت اضرب غلاما فسمعت من خلفي صوتا: « اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود، ان الله أقدر عليك منك عليه » فالتفت فإذا هو النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت: يا رسول الله، هو حر لوجه الله، فقال: « أما لو لم تفعل للفحتك النار ».

[ ٢١٩٢٤ ] ٣ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « اضرب خادمك إذا عصى الله، واعف عنه إذا عصاك ».

٢٥ -( باب أن إقامة الحدود إلى من إليه الحكم)

[ ٢١٩٢٥ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه: أن علياعليهم‌السلام ، قال: « لا يصلح الحكم ولا الحدود ولا الجمعة، إلا بامام ».

__________________

الباب ٢٤

١ - نوادر الراوندي ص ٢٧.

٢ - تنبيه الخاطر ص ٥٨.

٣ - غرر الحكم ج ١ ص ١١٥ ح ١٢٦.

الباب ٢٥

١ - الجعفريات ص ٤٣.

٢٩

ورواه في الدعائم: عنهعليه‌السلام ، مثله، وفيه « بامام عدل »(١) .

[ ٢١٩٢٦ ] ٢ - وبهذا الاسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « ثلاثة إن أنتم فعلتموهن لم ينزل بكم بلاء: جهاد عدوكم، وإذا رفعتم إلى أئمتكم حدودكم فحكموا فيها بالعدل، وما لم تتركوا الجهاد ».

[ ٢١٩٢٧ ] ٣ - وبهذا الاسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن أبا بكر وعمر وعثمان، كانوا يرفعون إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، لعلمه بها، لا يستبدون برأي دونه، فما حكم فهو جائز ».

[ ٢١٩٢٨ ] ٤ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « ليس للرجل أن يقيم الحد على عبده وأمته، دون السلطان ».

٢٦ -( باب وجوب إقامة الحد على الكفار، إذا فعلوا المحرمات جهرا، أو رفعوا إلى حاكم المسلمين)

[ ٢١٩٢٩ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « يضرب الحر والعبد في الخمر والمسكر من النبيذ ثمانين، وكذلك يضرب الحد اليهودي والنصراني والمجوسي، إذا أظهروا ذلك في مصر من أمصار المسلمين، إنما ذلك لهم في بيوتهم، فان أظهروه ضربوا الحد ».

[ ٢١٩٣٠ ] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « تقام الحدود على

__________________

(١) دعائم الاسلام ج ١ ص ١٨٢.

٢ - الجعفريات ص ٢٤٥.

٣ - الجعفريات ص ١٣٣.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٧ ح ١٦٦٢.

الباب ٢٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٤ ح ١٦٤٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٠ ح ١٦٢٣.

٣٠

أهل كل دين بما استحلوا(١) ».

[ ٢١٩٣١ ] ٣ - عوالي اللآلي: وقد ثبت في الأحاديث: ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رجم اليهودي واليهودية، لما جاءت اليهود بهما وذكروا زناهما، والظاهر أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجمهم بشهادتهم.

٢٧ -( باب أن للسيد إقامة الحد على مملوكه، وتأديبه بقدر ذنبه ولا يفرط)

[ ٢١٩٣٢ ] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أبي إسحاق، عن إبراهيم، قال: سألته عن الزاني، إلى أن قال قالعليه‌السلام : « وأي جارية زنت، فعلى مولاها حدها ».

[ ٢١٩٣٣ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « فجرت خادم لرسول(١) اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لي: يا علي انطلق فأقم عليها الحد إلى أن قال قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : وأقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم ».

قلت: في جواز إقامة الحد لغير الامام أو من اذن له اشكال، ويمكن حمل أمثال هذه الأخبار على الاذن الخاص، وإن كان في بعضها بعيدا.

__________________

(١) في المصدر: استحلوه.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٥٥ ح ١٩٣.

الباب ٢٧

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٥٣ ح ١٥٨٥.

(١) في المصدر: لآل رسول.

٣١

٢٨ -( باب أنه يكره أن يقيم الحد في حقوق الله، من لله عليه حد مثله)

[ ٢١٩٣٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يقيم حدا من في جنبه حد ».

[ ٢١٩٣٥ ] ٢ - الصدوق في العيون: عن الحسين بن إبراهيم المكتب، وأحمد بن زياد الهمداني، وعلي بن عبد الله الوراق جميعا، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن سنان، قال: كنت عند مولاي الرضاعليه‌السلام بخراسان، وكان المأمون يقعده على يمينه إذا قعد للناس يوم الاثنين ويوم الخميس، فرفع إلى المأمون: أن رجلا من الصوفية سرق، فأمر باحضاره، فلما نظر إليه وجده متقشفا بين عينيه اثر السجود، فقال: سوأة لهذه الآثار الجميلة، ولهذا الفعل القبيح، انتسب إلى السرقة مع ما أرى من جميل آثارك وظاهرك؟ قال: فعلت ذلك اضطرارا لا اختيارا، حين منعتني حقي من الخمس والفئ، فقال المأمون: وأي حق لك في الخمس والفئ؟ قال: إن الله عز وجل قسم الخمس ستة أقسام، وقال:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم ) (١) الآية، وقسم الفئ على ستة أقسام، فقال عز وجل:( مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَىٰ رَ‌سُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَ‌ىٰ ) (٢) ، الآية(٣) ، فمنعتني حقي، وأنا ابن السبيل منقطع بي، ومسكين لا أرجع إلى شئ، ومن حملة القرآن، فقال له المأمون: أعطل حدا من حدود الله، وحكما من أحكامه في السارق، من أساطيرك هذه! فقال الصوفي ابدأ بنفسك فطهرها، ثم طهر غيرك، وأقم

__________________

الباب ٢٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

٢ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ ص ٢٣٧، وعنه في البحار ج ٤٩ ص ٢٨٨ ح ١.

(١) الأنفال ٨: ٤١.

(٢) الحشر ٥٩: ٧.

(٣) في المصدر زيادة: قال الصوفي.

٣٢

حد الله عليها، ثم على غيرك، فالتفت المأمون إلى أبي الحسنعليه‌السلام ، فقال: ما تقول؟

فقال: « إنه يقول سرقت فسرق » فغضب المأمون غضبا شديدا، ثم قال للصوفي: والله لأقطعنك، فقال الصوفي: أتقطعني وأنت عبد لي!؟ فقال المأمون: ويلك ومن أين صرت عبدا لك!؟ قال: لان أمك اشتريت من مال المسلمين، فأنت عبد لمن في المشرق والمغرب حتى يعتقوك، وأنا لم أعتقك، ثم بلعت الخمس بعد ذلك فلا أعطيت آل الرسول حقا، ولا أعطيتني ونظرائي حقنا(٤) ، والأخرى أن الخبيث لا يطهر خبيثا مثله، إنما يطهره طاهر، ومن في جنبه الحد لا يقيم الحدود على غيره حتى يبدأ بنفسه، أما سمعت الله عز وجل يقول:( أَتَأْمُرُ‌ونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ‌ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) (٥) فالتفت المأمون إلى الرضاعليه‌السلام ، فقال: ما ترى في أمره؟.

فقالعليه‌السلام « ان الله جل جلاله، قال لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله :( فَلِلَّـهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ) (٦) وهي التي تبلغ الجاهل فيعلمها بجهله، كما يعلمها العالم بعلمه، والدنيا والآخرة قائمتان بالحجة، وقد احتج الرجل ». الخبر.

__________________

(٤) في نسخة: حقا ( منه قده ).

(٥) البقرة ٢: ٤٤.

(٦) الانعام ٦: ١٤٩.

٣٣

٢٩ -( باب أن الامام إذا ثبت عنده حد من حقوق الله وجب أن يقيمه، وإذا كان من حقوق الناس لم يجب إقامته، إلا أن يطلبه صاحبه)

[ ٢١٩٣٦ ] ١ - عوالي اللآلي: وفي الحديث: أن علياعليه‌السلام أتي بسارق فأقر بسرقته، فقال له عليعليه‌السلام : « تحفظ شيئا من القرآن؟ » قال: نعم، سورة البقرة، فقالعليه‌السلام : « وهبت يدك لسورة البقرة » فقال له الأشعث: أتعطل حدا من حدود الله؟ فقال: « وما يدريك! إذا قامت البينة فليس للامام أن يعفو، وإذا أقر الرجل بسرقته على نفسه فذلك إلى الامام، إن شاء عفا وإن شاء عاقب ».

٣٠ -( باب أنه يستحب أن يولى الشهود الحدود)

[ ٢١٩٣٧ ] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام : « أن رجلا رفع إليه ذكر أنه سرق درعا، وشهد عليه شهود، فجعل الرجل ينشد علياعليه‌السلام في البينة ويقول: والله لو جئ بي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما قطع يدي أبدا، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ولم ذاك؟ قال: يخبره عز وجل أني برئ، فتنفعني براءتي، فلما رأي أمير المؤمنينعليه‌السلام مناشدته، دعا الشاهدين فناشدهما، وقال: ان التوبة قريب، فاتقيا الله عز وجل، ولا تقطعا يد الرجل ظلما فلم ينكلا، فقال: يمسك أحدكما(١) يده ويقطع الآخر، قال: فلما قال ذلك، دخلا في غمار الناس وهربا من بين يديه -

__________________

الباب ٢٩

١ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ١٥٨ ح ٤٣٦.

الباب ٣٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٥ ح ١٦٤٨.

(١) في المخطوط: أحدهما، وما أثبتناه من المصدر.

٣٤

يعني ولم يتما الشهادة ولم يثبتا فقالعليه‌السلام : من يدلني على الشاهدين الكاذبين أنكلهما ».

[ ٢١٩٣٨ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأول ما يبدأ برجمهما الشهود الذين شهدوا عليهما أو الامام ».

[ ٢١٩٣٩ ] ٣ - الصدوق في المقنع: ويبدأ الشهود برجمهما.

[ ٢١٩٤٠ ] ٤ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الامام أحق من بدأ بالرجم ».

٣١ -( باب أن من جنى ثم لجأ إلى الحرم، لم يقم عليه الحد، ويضيق عليه حتى يخرج فيقام عليه، وإن جنى في الحرم أقيم عليه الحد فيه)

[ ٢١٩٤١ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من قتل قتيلا وأذنب ذنبا ثم لجأ إلى الحرم، فقد آمن لا يقاد فيه ما دام في الحرم، ولا يؤخذ، ولا يؤذى، ولا يؤوى، ولا يطعم، ولا يسقى، ولا يبايع، ولا يضيف، ولا يضاف ».

[ ٢١٩٤٢ ] ٢ - وبهذا الاسناد: قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، على من أحدث في الاسلام

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

٣ - المقنع ص ١٤٤.

٤ - المقنع ص ١٤٦.

الباب ٣١

١ - الجعفريات ص ٧١.

٢ - الجعفريات ص ٧١.

٣٥

حدثا » يعني يحدث في الحل فيلجأ إلى الحرم، فلا يؤويه أحد، ولا ينصره، ولا يضيفه، حتى يخرج إلى الحل فيقام عليه الحد.

٣٢ -( باب نوادره ما يتعلق بأبواب الحدود، والاحكام العامة)

[ ٢١٩٤٣ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه كان يعرض السجون كل جمعة، فمن كان عليه حد اقامه، ومن لم يكن عليه حد خلى سبيله.

[ ٢١٩٤٤ ] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه نهى إقامة الحدود في المساجد، وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام ، يأمر باخراج من عليه حد من المسجد.

[ ٢١٩٤٥ ] ٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من أذنب ذنبا فعوقب عليه في الدنيا، فالله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة، ومن أذنب ذنبا فستره الله عليه في الدنيا، فالله أكرم من أن يعود في شئ قد عفا عنه ».

[ ٢١٩٤٦ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام : أنه قال: « من أقر بحد على تخويف أو حبس أو ضرب، لم يجز ذلك عليه ولا يحد ».

[ ٢١٩٤٧ ] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: كل شئ وضع الله فيه حدا، فليس من الكبائر التي لا تغفر ».

__________________

الباب ٣٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٣ ح ١٥٤٤.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٥ ح ١٥٥٤.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٥ ح ١٥٥٦.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٦٦ ح ١٦٥٥.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٢.

٣٦

[ ٢١٩٤٨ ] ٦ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « يؤتى بوال نقص من الحد سوطا، فيقول: رب رحمة لعبادك، فيقال له: أنت أرحم بهم مني! فيؤمر به إلى النار، ويؤتى بمن زاد سوطا، فيقول: لينتهوا عن معاصيك فيؤمر به إلى النار ».

[ ٢١٩٤٩ ] ٧ - العياشي في تفسيره: عن زرارة، عن أبي جعفر، عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام في حديث قال: « وكانعليه‌السلام لا يرى أن يغفل عن شئ من الحدود ».

__________________

٦ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ١٥٣ ح ٤٢٧.

٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣١٨ ح ١٠٤.

٣٧

٣٨

أبواب حد الزنا

١ -( باب أقسام حدود الزنى، وجملة من أحكامها)

[ ٢١٩٥٠ ] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « كان(١) آية الرجم في القرآن: الشيخ والشيخة [ إذا زنيا ](٢) فارجموهما البتة فإنهما قد قضيا الشهوة ».

[ ٢١٩٥١ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه قضى في المحصن والمحصنة إذا زنيا، بالرجم على كل واحد منهما، وقال: « إذا زنى المحصن والمحصنة، جلد كل واحد منهما مائة جلدة، ثم رجم(١) ».

[ ٢١٩٥٢ ] ٣ - وعنهعليه‌السلام : أنه سئل عن حد الزانيين البكرين، فقال: « جلد مائة، لقول الله عز وجل:( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ) (١) ».

__________________

أبواب حد الزنا

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٩ ح ١٥٧٢.

(١) في المصدر: كانت.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٤٩ ح ١٥٧٣.

(١) في المخطوط: « رجمهما »وما أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٥٠ ح ١٥٧٦.

(١) النور ٢٤: ٢.

٣٩

قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « وجلد الزاني من أشد الجلد، فإذا جلد الزاني البكر نفي عن بلده سنة بعد الجلد، وإن كان أحد الزانيين بكرا والآخر ثيبا، جلد كل واحد منهما مائة جلدة، ثم نفي البكر منهما ورجم الثيب » والبكر: هو الذي ليس له زوج من رجل أو امرأة، والثيب: ذو الزوج منهما.

[ ٢١٩٥٣ ] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومن زنى بذات محرم، ضرب ضربة بالسيف، محصنا كان أم غيره، فان كانت تابعته، ضربت ضربة بالسيف، وإن استكرهها فلا شئ عليها، ومن زنى بمحصنة وهو محصن، فعلى كل واحد منهما الرجم، ومن زنى [ بمحصنة ](١) وهو [ غير ](٢) محصن فعليها الرجم، وعليه الجلد، وتغريب سنة، وقالعليه‌السلام : وإن زنيا أول مرة وهما محصنان، أو أحدهما محصن، والآخر غير محصن، ضرب الذي هو غير محصن مائة جلدة، وضرب المحصن مائة ثم رجم بعد ذلك ».

[ ٢١٩٥٤ ] ٥ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن سماعة، عن أبي بصير، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إذا زنى الشيخ والشيخة، جلد كل واحد منهما مائة جلدة وعليهما الرجم، وعلى البكر جلد مائة ونفي سنة في غير مصره ».

[ ٢١٩٥٥ ] ٦ - وعن زرارة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « المحصن يرجم، والذي لم يحصن يجلد مائة ولا ينفى، والذي قد أملك يجلد مائة وينفى ».

[ ٢١٩٥٦ ] ٧ - وعن أبيه قال: « وقضى أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في

__________________

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

٧ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٦.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

كان خطأً ومضرّاً ولا يحقق الأهداف المطلوبة(١) .

وعلى كلّ حال فإنّ جميع ما تقدّم ليكفي في أن يلقي ظلالاً ثقيلةً من الشك والريب فيما ينسب إلى الإمامين الهمامين الحسن والحسينعليهما‌السلام من الاشتراك في فتح جرجان أو في فتح أفريقية، مع أنّ عدداً من كتب التاريخ التي عدّدت أسماء كثيرة من الشخصيات المشتركة في فتح أفريقية لم تذكرهما، علماً بأنّهما من الشخصيات التي كان يهم السياسة الزمنية للخلفاء التأكيد على ذكرها في مقامات كهذه .

هـ ـ ويؤيّد ذلك أيضاً: أنّ الإمام عليّاًعليه‌السلام منع ولديه في صفين والجمل من الخوض في المعركة، وقال ـ وقد رأى الحسن يتسرّع إلى الحرب ـ : "أملكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني، فإنّني أنفّس بهذين الغلامين ـ يعني الحسنينعليهما‌السلام ـ على الموت، لئلاّ ينقطع بهما نسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم "(٢) .

وقد كان هذا منهعليه‌السلام في وقت كان له كثير من الأولاد، فكيف يسمح بخروجهما مع أمير أموي أو غير أُموي، ولم يكن قد ولد له غيرهما من الأولاد بعد، أو كان ولكنّهم قليلون ؟!.

إنّ جميع ما تقدم يجعلنا نطمئنّ إلى عدم صحة ما ينسب إلى الحسنينعليهما‌السلام من الاشتراك في الغزوات آنئذ .

٣ ـ الإمام الحسنعليه‌السلام وحصار عثمان :

نقل بعض المؤرّخين: أنّه حينما حاصر الثائرون عثمان; بعث الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بولديه الحسن والحسينعليهما‌السلام للدفاع عنه، بل قالوا : إنّ

__________

(١) والبحث يحتاج إلى تحقيق أعمق وأوسع لا يتناسب مع هذا الكتاب .

(٢) نهج البلاغة بشرح محمد عبده : ٢ / ٢١٢، وتاريخ الطبري: حوادث سنة ٣٧ : ٤ / ٤٤ .

٦١

الإمام الحسنعليه‌السلام قد جرح وخضّب بالدماء على باب عثمان من جرّاء رمي الناس عثمان بالسهام، ثم تسوّر الثائرون الدار على عثمان وقتلوه، وجاء الإمام عليعليه‌السلام كالواله الحزين، فلطم الحسن وضرب صدر الحسينعليه‌السلام وشتم آخرين، منكراً عليهم أن يُقتل عثمان وهم على الباب(١) .

وقد استبعد مؤرّخون آخرون ذلك ; إستناداً إلى أنّ سيرة عثمان تبعد كلّ البعد عمّا نسب إلى عليّ وولديهعليهم‌السلام ، كما ويبعد منهم أن يتّخذوا موقفاً يخالف موقف البقية الصالحة من الصحابة، وينفصلوا عنهم. ويضيف هؤلاء المؤرّخون بخصوص دفاع الحسن عن عثمان، ولو فرض صحة ذلك، فإنّه لم يكن إلاّ لتبرير موقفه وموقف أبيه من الاشتراك في دمه، وأن لا يتّهمه المغرضون بشيء(٢) .

ويشكّ السيّد الشريف المرتضى في إرسال أمير المؤمنينعليه‌السلام ولديه للدفاع عن عثمان، إذ يقول : "فإنّما أنفذهما ـ إن كان أنفذهما ـ ليمنعا من انتهاك حريمه وتعمّد قتله، ومنع حرمه ونسائه من الطعام والشراب، ولم ينفذهما ليمنعا من مطالبته بالخلع"(٣) .

وأما العلاّمة الحسنيرحمه‌الله فيقول : "من المستبعد أن يزجّ بريحانتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك المعركة للدفاع عن الظالمين، وهو الذي وهب نفسه وكلّ حياته للحقّ والعدالة وإنصاف المظلومين"(٤) .

__________

(١) راجع الصواعق المحرقة: ١١٥ ـ ١١٦، ومروج الذهب : ٢ / ٣٤٤ ـ ٣٤٥، والإمامة والسياسة : ١ / ٤٤ و ٤٢ و ٤٣، وأنساب الأشراف: ٥ / ٦٩ و ٧٠ و ٧٤ و٩٣ و٩٥، والبدء والتاريخ : ٥ / ٢٠٦، وتاريخ مختصر الدول ١٠٥.

(٢) راجع : حياة الإمام الحسن عليه‌السلام للقرشي : ١ / ١١٥ ـ ١١٦ .

(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٣ / ٨ .

(٤) سيرة الأئمة الإثني عشر : ١ / ٤٢٨ .

٦٢

في حين يرى باحث آخر : "أنّ الخليفة كان مستحقّاً للقتل بسوء فعله، كما أنّ قتلته أو الراضين بقتله هم جمهرة الصحابة الأخيار، ولا يعقل أن يقف الحسنان في وجه هؤلاء وصدهم"(١) .

وهنا نقدّم جملة من الملاحظات :

أ ـ إنّ ما ذكره هؤلاء من أنّ الصحابة الأخيار كانوا هم قتلة عثمان أو أنّهم الراضون بقتله فهذا صحيح، ولكن ممّا لا شك فيه هو أنّه كان من بينهم أيضاً من ثأر على عثمان، من أمثال: عائشة والزبير وطلحة وغيرهم، لا لأجل الانتصار للحقّ وإنّما من أجل المكاسب الدنيوية، كما أثبتت ذلك مواقفهم من حكومة الإمام عليّعليه‌السلام بعد أن بايعوه عقيب مقتل عثمان .

ب ـ وأمّا ما ذكر من أنّ عليّاً قد ضرب الحسنعليه‌السلام ودفع صدر الحسين فهذا ما لا اتّفاقَ عليه ; لأنّ عليّاًعليه‌السلام قد كرّر وأكّد أنّ قتل عثمان لم يسره ولم يسؤه(٢) ، كما أنّه لم يكن ليتّهم الحسنينعليهما‌السلام بالتواني في تنفيذ الأوامر التي يصدرها إليهما، وهما من الذين نصّ الله سبحانه وتعالى على تطهيرهم، وأكّد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على عظيم فضلهم وباسق مجدهم وعلى محبته العظيمة لهم .

ج ـ وأمّا بالنسبة للدفاع عن عثمان فإنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام وإن كان لا يرى خلافة عثمان شرعية من الأساس، وكان على اطّلاع تامّ بالنسبة لجميع المخالفات والانتهاكات التي كانت تصدر عن الهيئة الحاكمة باستمرار إلاّ أنّهعليه‌السلام لم يكن يرى أنّ علاج الأمر بهذا الأسلوب الانفعالي هو الطريقة المثلى والفضلى، وقد نقل عنهعليه‌السلام قوله عن عثمان :"إنّه استأثر فأساء الإثرة،

__________

(١) صلح الإمام الحسن لآل ياسين : ٥٠ ـ ٥١ .

(٢) الغدير : ٩ / ٦٩ ـ ٧٧ عن مصادر كثيرة .

٦٣

وجزعوا فأساءوا الجزع" (١) .

وما ذلك إلاّ لأنّ هذا الأسلوب بالذات وقتل عثمان في تلك الظروف وعلى النحو الذي كان لم يكن يخدم قضية الإسلام، بل كان من شأنه أن يلحق بها ضرراً فادحاً وجسيماً، إذ أنّه سوف يعطي الفرصة لأُولئك المتربّصين من أصحاب المطامع والأهواء لاستغلال جهل الناس ورفع شعار الأخذ بثارات عثمان.

وإذا كان عليعليه‌السلام لا يرغب في قتل عثمان بالصورة التي حدثت; فإنّه لم يكن يريد أن يكون الدفاع والذبّ عن عثمان موجباً لفهم خاطىء لحقيقة رأيه في عثمان وفي مخالفته، فكان يذكر تلك المخالفات تصريحاً تارةً وتلويحاً أخرى، كما أنّه كان يجيب سائليه عن أمر عثمان بأجوبة صريحة أحياناً ومبهمة أخرى، أو على الأقل بنحو لا تسمح بالتشبّث بها واستغلالها من قبل المغرضين والمستغلين(٢) .

ولم يكن الإمام عليعليه‌السلام ليسكت عن تلك المخالفات الشنيعة التي كانت تصدر عن عثمان وأعوانه، بل كانعليه‌السلام وباستمرار يجهر بالحقيقة مرّةً بعد أخرى، وقد حاول إسداء النصيحة لعثمان في العديد من المناسبات حتى ضاق عثمان به ذرعاً، فأمره أن يخرج إلى أرض ينبع(٣) .

كما أنّ عثمان واجه الإمام الحسنعليه‌السلام وبصريح القول بأنّه لا يرغب بنصائح أبيه، وذلك لأنه "كان عليّ كلما اشتكى الناس إليه أمر عثمان; أرسل ابنه الحسنعليه‌السلام إليه، فلمّا أكثر عليه قال : إنّ أباك يرى أنّ أحداً لا يعلم ما

__________

(١) نهج البلاغة : ١ / ٧٢ بشرح عبده، الخطبة رقم ٢٩ .

(٢) راجع هذه الأجوبة في كتاب الغدير : ٩ / ٧٠ .

(٣) نهج البلاغة بشرح عبده : ٢ / ٢٦١، والغدير : ٩ / ٦٠ .

٦٤

يعلم؟ ونحن أعلم بما نفعل، فكفّ عنّا ! فلم يبعث عليعليه‌السلام ابنه في شيء بعد ذلك ..."(١) .

وهكذا يتّضح أنّ نصرة الحسنينعليهما‌السلام لعثمان بأمر من أبيهما الإمام عليعليه‌السلام وقد كانت منسجمة كلّ الانسجام مع خطّهمعليهم‌السلام الذي هو خطّ الإسلام الصافي والصحيح، وهو يدخل في عداد تضحياتهما الجسام ـ وما أكثرها ـ في سبيل هذا الدين! كما أنّه دليل واضح على بُعد النظر والدقّة والعمق .

٤ ـ هل جرح الإمام الحسنعليه‌السلام أثناء دفاعه عن عثمان؟

ويبقى أن نشير إلى أنّنا نشكّ في صحة ما ذكرته الرواية من أنّ الإمام الحسنعليه‌السلام قد جرح أثناء الدفاع عن عثمان; وذلك لأن الإمام عليّاًعليه‌السلام وإن كان يمكن أن يكون قد أرسل ابنيه ـ أو الإمام الحسن وحده ـ للدفاع عن عثمان، وقد جاءا إليه وعرضا له المهمّة التي أوكلها إليهما أبوهما إلاّ أنّه يبدو أنّ عثمان قد ردّهما ولم يقبل منهما ذلك، وثمّة نصوص عديدة(٢) توضّح ذلك نشير إلى أحدها : "ثم دعا عليّ بابنه الحسن، فقال: انطلق يا بنيّ إلى عثمان فقل له : يقول لك أبي : أفتحبّ أن أنصرك؟ فأقبل الحسن إلى عثمان برسالة أبيه، فقال عثمان : لا، ما أريد ذلك، لأنّي قد رأيت رسول الله ـ إلى أن قال ـ : فسكت الحسن، وانصرف إلى أبيه، فأخبره بذلك"(٣) .

__________

(١) نهج البلاغة بشرح عبده : ٢ / ٢٦١، والغدير : ٩ / ٦٠ .

(٢) الحياة السياسية للإمام الحسن : ١٥٠ ـ ١٥١ .

(٣) الفتوح لابن أعثم : ٢ / ٢٢٨ .

٦٥

نعم، ربّما يكون الإمام الحسنعليه‌السلام قد ساعد على نجاة البعض من دون اشتراك في القتال، بل بما يحظى من احترام خاص في النفوس، ففي محاورة جرت بينه وبين مروان بن الحكم، قالعليه‌السلام لمروان : "أفلا أرقت دم من وثب على عثمان في الدار فذبحه كما يذبح الجمل، وأنت تثغو ثغاء النعجة، وتنادي بالويل والثبور، كالأمة اللكعاء؟ ألا دفعت عنه بيد أو ناضلت عنه بسهم؟ لقد ارتعدت فرائصك، وغشي بصرك، فاستغثت بي كما يستغيث العبد بربّه، فأنجيتك من القتل ووضعتك منه، ثم تحثّ معاوية على قتلي"(١) .

٥ ـ هل كان الإمام الحسنعليه‌السلام عثمانياً ؟

هنالك جملة من الافتراءات ألحقها بعض كتّاب التاريخ بالحسنعليه‌السلام ، ومن هذه الافتراءات: دعوى أنّ الإمام الحسنعليه‌السلام "كان عثمانياً بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة"، قالوا : "وربما غلا في عثمانيّته، حتى قال لأبيه ذات يوم ما لا يحبّ، فقد روى الرواة : أنّ عليّاً مرّ بابنه الحسن وهو يتوضّأ، فقال له : أسبغ الوضوء يا حسن! فأجابه الحسن بهذه الكلمة المرة : "لقد قتلتم بالأمس رجلاً كان يسبغ الوضوء" فلم يزد عليٌ أن قال : لقد أطال الله حزنك على عثمان"، وفي نصٍّ آخر للبلاذري : "لقد قتلت رجلاً كان يسبغ الوضوء"(٢) .

وفي قصّة أخرى يزعمون : "أنّ الحسن بن علي قال لعليّ : يا أمير المؤمنين! إنّي لا أستطيع أن أكلّمك، وبكى، فقال عليّ : تكلّم، ولا تحنّ حنين المرأة، فقال : إنّ الناس حصروا عثمان، فأمرتك أن تعتزلهم وتلحق بمكة، حتى تؤوب إلى العرب عوازب أحلامها، فأبيت، ثم قتله الناس، فأمرتك أن

__________

(١) المحاسن والمساوي : ١ / ١٣٥ .

(٢) الفتنة الكبرى قسم : علي وبنوه ١٧٦، وأنساب الأشراف : ٣ / ١٢ بتحقيق المحمودي .

٦٦

تعتزل الناس ـ إلى أن قال ـ : ثم أمرتك اليوم أن لا تقدم العراق فإنّي أخاف عليك أن تقتل بمضيعة "(١) .

وثمة روايات أخرى تفيد هذا المعنى(٢) ، ونرى بأنّ المتتبّع لهذه الروايات بعين الفحص والتمحيص يجد الإرباك بادياً عليها فضلاً عن عدم جمعها لشرائط القبول والحجية فلا يمكن الاعتماد على مثل هذه النصوص، على أن بعض الباحثين قال: المشهور أن هذه المحاورة قد جرت بين أمير المؤمنينعليه‌السلام والحسن البصري حينما مرّ عليه بالبصرة وهو يتوضّأ(٣) .

ونحتمل قويّاً أنّ لأيدي الوضّاعين دوراً كبيراً في خلق مثل هذه الروايات، ومن الملاحظات عليها:

أوّلاً : كيف يمكن أن نجمع بين ما قيل هنا وبين قولهم الآنف الذكر : إنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أرسل الإمام الحسن وأخاهعليهما‌السلام للدفاع عن عثمان، وإنّه لمّا علم بمصيره جاء كالواله الحزين، ولطم الحسن المخضّب بالدماء، ودفع في صدر الحسينعليه‌السلام بتخيّل أنّهما قد قصّرا في أداء مهمتهما إلخ؟! .

ثانياً : إن المتتبّع لجميع مواقف الإمام الحسنعليه‌السلام يجده باستمرار وبمزيد من الإصرار يشدّ أزر أبيه، ويدافع عن حقّه، ويهتمّ في دفع حجج خصومه، وقد خاض غمرات الحروب في الجمل وفي صفّين، معرّضاً نفسه للأخطار الجسام في سبيل الدفاع عنهعليه‌السلام وعن قضيّته، حتى لقد قال الإمامعليه‌السلام :"أملكوا عني هذا الغلام لا يهدّني" .

وبالنسبة لدفاعه عن قضية أهل البيتعليهم‌السلام وحقّهم في الخلافة فإنّنا

__________

(١) أنساب الأشراف : ٢ / ٢١٦ ـ ٢١٧، وتاريخ الطبري : ٣ / ٤٧٤ .

(٢) راجع سيرة الأئمة الاثني عشر : ١ / ٥٤٢ ـ ٥٤٤ وغير ذلك .

(٣) أنساب الأشراف، بتحقيق المحمودي ترجمة الإمام الحسن : ١٢ الطبعة الأُولى، دار التعارف ـ بيروت .

٦٧

لا نستطيع استقصاء جميع مواقفه وأقواله في هذا المجال، ونكتفي بذكر نماذج منها لأجل التدليل على دفاعه عن مواقف أبيهعليه‌السلام :

أ ـ قد جاء عنهعليه‌السلام أنّه قال :"إنّ أبا بكر وعمر عمدا إلى هذا الأمر، وهو لنا كلّه، فأخذاه دوننا، وجعلا لنا فيه سهماً كسهم الجدّة، أما والله لتهمّنهما أنفسهما يوم يطلب الناس فيه شفاعتنا" (١) .

ب ـ ومن خطبة لهعليه‌السلام :"ولولا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأوصياؤه كنتم حيارى لا تعرفون فرضاً من الفرائض ..." إلخ قال هذا بعد أن عدّد الفرائض، وكان منها الولاية لأهل البيتعليه‌السلام (٢) .

ج ـ وقالعليه‌السلام :فإنّ طاعتنا مفروضة، إذ كانت بطاعة الله عَزَّ وجَلَّ ورسوله مقرونة، قال الله عَزَّ وجَلَّ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) (٣) .

ثالثاً : إنّ تطهير الله سبحانه وتعالى للإمام الحسنعليه‌السلام كما نصت على ذلك آية التطهير ونصوص النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقّه، ثم ما عرف عنهعليه‌السلام من أخلاق فاضلة وسجايا كريمة ليكذّب كلّ ما ينسب إليهعليه‌السلام من أمور وكلمات تتنافى مع أبسط قواعد الأدب الإسلامي الرفيع والخلق الإنساني الفاضل، ولا سيّما مع أبيه الذي يعرف هو قبل غيره قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه:"إنّه مع الحقّ، والحقّ معه، يدور معه حيث دار" (٤) ، فكيف إذا كان ذلك الذي ينسب إليه ممّا يأباه حتى الرعاع من الناس، فضلاً عن خامس أصحاب

__________

(١) أمالي المفيد : ٤٩ .

(٢) ينابيع المودة: ٤٨ وعن الأمالي للطوسي: ٥٦ .

(٣) ينابيع المودة : ٢١ .

(٤) كشف الغمة للإربلي : ١ / ١٤٣ ـ ١٤٨ .

٦٨

الكساء، وأشبه الناس برسول الله خَلقاً وخُلقاً وهدياً وسلوكاً ومنطقاً ؟! .

رابعاً : هل يعقل أن يكون الإمام الحسنعليه‌السلام ـ الذي عاش في كنف جدّه النبيّ المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبيه عليّ المرتضىعليه‌السلام ، والذي كان بحراً من العلم لا ينزف، وقد أجاب منذ طفولته على الأسئلة التي أحالها إليه جدّه، ثم أبوه بعد ذلك ـ أنّه لم يكن يحسن إسباغ الوضوء ؟ .

خامساً : إذا كان عثمانياً بالمعنى الدقيق للكلمة فمعنى ذلك قبوله لجميع تصرّفات عثمان وأعماله التي خالفت كتاب الله وسنّة نبيّه، وذلك ممّا لا يحتمل في حقّهعليه‌السلام وهو الذي يذكر في تعريفه للسياسة :"أنّ من جملة مراعاة حقوق الأحياء أن تخلص لولي الأمر ما أخلص لأُمّته، وأن ترفع عقيرتك في وجهه إذا حاد عن الطريق السويّ" ، ومن الواضح أنّ عثمان وعمّاله قد كانوا من أجلى مصاديق كلمته هذه، كما قرّره أولئك الذين زعموا أنّ الإمام الحسنعليه‌السلام كان عثمانياً .

سادساً : وأمّا بخصوص الرواية التي تدّعي بأنّه أشار على أبيه بترك المدينة فلم يكن ذلك بالرأي السديد إطلاقاً، فإنّ طلحة والزبير وغيرهما من الطامعين والمستأثرين كانوا ينتظرون فرصة كهذه، ثم إنّ الناس في تلك الظروف الحرجة لم يسمحوا لعليّعليه‌السلام بترك المدينة، وهم الذين بقوا يلاحقونه أيّاماً من مكان لمكان حتى بايعوه .

٦٩

الإمام الحسنعليه‌السلام في عهد الدولة العلوية

١ ـ البيعة لأمير المؤمنينعليه‌السلام بالخلافة :

لقد كان عامة المسلمين يتطلّعون بلهفة إلى من سيخلف عثمان عندما تتمخّض الأحداث عن قتله أو اعتزاله، ولقد كان الطامعون فيها أكثر من واحد، ومن بين أُولئك من عمّق مجرى الأحداث ووسّع دائرتها وأمدّ النار المتأجّجة بالوقود كطلحة والزبير وعائشة، وكان من أكثر الناس لهفة عليها طلحة، وبلغ به الحال أن سبق نتائج تلك الأحداث، وأخذ لنفسه المكان الذي قدّر أنّ الأيّام ستضعه فيه، فاستولى على بيت المال، وأقام الصلاة بالناس وعثمان محصور في داره لا يزال على قيد الحياة .

وبلا شك فإنّ الأربعة الباقين من الستّة أصحاب الشورى كانوا أوفر من سائر الناس حظّاً، وكان نصيب عليعليه‌السلام أوفر من نصيب الجميع، واليه تتّجه الجماهير في المدينة وخارجها، وحتى الثوار لم يعدلوا به أحداً، لأنّهم يعلمون بأنّه سيحقّق لهم الأهداف التي ثاروا من أجلها، ويعلمون في الوقت ذاته أنّ طلحة والزبير لم يغضبا للحقّ ولله، وأنّهما لا يختلفان عن عثمان وبطانته، وتأكّد ذلك لهم من موقفهما من عثمان خلال الأيام التي سبقت قتله .

وحدّث البلاذري في أنساب الأشراف: أنّ عليّاًعليه‌السلام لزم منزله بعد أن يئس من إصلاح الأمر بين الفريقين، فلما قتل عثمان وفرغ الناس من أمره وأدركوا أنّه لا بدّ لهم من إمام يجتمعون عليه; جاء الناس كلّهم إلى عليّ يهرعون، وهم يقولون : إنّ أميرنا عليّ بن أبي طالب، حتى دخلوا عليه الدار، وقالوا: امدُد يدك حتى نبايعك، فقال: ليس

٧٠

ذلك إليكم، إنّما ذلك لأهل بدر، فمن رضي به البدريون فهو الخليفة، فلم يبق أحد من أهل بدر إلاّ أتى عليّاً فقالوا: ما نرى أحداً أحقّ بها منك يا أبا الحسن(١) .

وقال الطبري في الجزء الثالث من تأريخه : إنّ أصحاب رسول الله جاءوه بعد مقتل عثمان، فقالوا له : لا بد للناس من إمام، ولا نجد اليوم أحقّ بهذا الأمر منك، فقال: لا تفعلوا فإنّي أكون وزيراً خير من أن أكون أميراً، فقالوا : لا والله ما نحن بفاعلين حتى نبايعك، وما زالوا به حتى قبل بيعتهم، ولكنه أبى إلاّ أن تكون في المسجد ويرضى جميع الناس(٢) .

وفي رواية ثالثة : أنّه أصرّ على رفض البيعة بالرغم من الإلحاح الشديد عليه، فتوسّلوا بالأشتر لإقناعه وكان على رأس وفد الكوفة، فقال له: أبسط يدك نبايعك، فرفضها، فألحّ عليه، وخوّفه الفتنة إن هو بقي على موقفه، وما زال به حتى أقنعه، فبايعه الوجوه، ثم انثال عليه الناس من كلّ جانب، وقام الزبير فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : أيّها الناس! إنّ الله قد رضي لكم حكم الشورى، فأذهب به الهوى، وقد تشاورنا فرضينا علياً فبايعوه(٣) .

وجاء في الإمامة والسياسة عن أبي ثور أنّه قال : لمّا كانت البيعة بعد مصرع عثمان; خرجت في أثر عليعليه‌السلام والناس حوله يبايعونه، فدخل حائطاً من حيطان بني مازن، فألجئوه إلى نخلة وحالوا بيني وبينه، فنظرت إليهم وقد أخذتْ أيدي الناس ذراعه تختلف أيديهم على يده، ثم أقبلوا به إلى المسجد الشريف، فكان أول من صعد المنبر في المسجد طلحة وبايعه بيده، وكانت أصابعه شلاّء، فتطيّر منها بعض من حضر وقال : لا يتمّ والله هذا الأمر! ثم بايعه

__________

(١) أنساب الأشراف : بيعة الإمام عليّ بن أبي طالب : ٢٠٥ ـ ٢١٩، تحقيق المحمودي .

(٢) تأريخ الطبري : ٣ / ٤٥٠، مؤسسة الأعلمي ـ بيروت .

(٣) اليعقوبي : ٢ / ٧٥ .

٧١

الزبير وأصحاب النبيّ وجميع من في المدينة من المسلمين(١) .

وقد وصف هو (سلام الله عليه) موقف المسلمين منه وإصرارهم على بيعته في خطبته المعروفة بالشقشقية، حيث قال :فما راعني إلاّ والناس كعرف الضبع ينثالون عليّ من كلّ جانب مجتمعين حولي كربيضة الغنم، حتى لقد وطئ الحسنان وشُقَّ عِطفاي، فلمّا قمت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون، كأنّهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول : ( تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوَّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ) .

ومضى في خطبته هذه يصف موقفه من الخلافة فقال :أما والذي فلق الحبّة، وبرأ النسمة، لولا حضور الحاضر، وقيام الحجّة بوجود الناصر، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقارّوا على كظّة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أوّلها، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز .

لقد تمّت البيعة لعلىٍّعليه‌السلام بعد ما رأى أن لا مفر له منها في ذلك الجوّ المشحون بالفتن والاختلافات; وذلك بعد وفاة عثمان بثلاثة أيّام أو خمسة، وبايعه جميع المهاجرين والأنصار وغيرهم ممن وفدوا على المدينة من الأمصار الثلاثة، ولم يتخلّف عن بيعته من القرشيّين سوى أفراد قلائل، كان من بينهم مروان بن الحكم وسعد بن أبي وقّاص وعبد الله بن عمر(٢) .

وليس بغريب على مروان بن الحكم والأُمويين إذا هم تخلّفوا عن بيعة عليّ أو كرهوها، كما يبدو للمتتبّع في تاريخ البيت الأُموي مع الهاشميّين وغيرهم من أصحاب الرسالات .

وأمّا سعد بن أبي وقّاص فلقد كان يتمنّاها لنفسه، ولو وسعه العمل من

__________

(١) الفتوح : ١ ـ ٢ / ٤٣٦، الأمم والملوك : ٣ / ٤٥٦ .

(٢) راجع الكامل : ٣ / ٩٨ ـ ٩٩، واليعقوبي : ٢ / ٧٥، الفتوح : ١ ـ ٢ / ٤٣٦.

٧٢

أجلها لم يقصر، ولعله قد بدأ يفكّر فيها، فقد جعله ابن الخطاب أحد من تدور الخلافة في فلكهم وأعطاه أكثر مما يستحق، ولا أظنّه قبل ذلك كان يفكّر فيها، أو يتصوّر أنّ المسلمين سيجعلونه إلى جانب عليٍّ في يوم من الأيام، ولكنّه بعد أن رأى انصراف الناس حتى عن طلحة والزبير وهما أبرز منه، ولهما مكانتهما بين صحابة الرسول في المصرين الكوفة والبصرة لم يتعرّض لها، واكتفى أن يعتزل ولا يبايع عليّاًعليه‌السلام تضامناً مع الأُمويين الذين تربطه بهم القرابة من قبل أُمّه حمئة، وكان هواه معهم، ولم يقف منهم موقفاً معادياً حتى بعد أن عزله عثمان عن الكوفة وأعطاها لأخيه الوليد(١) ، وأمير المؤمنين يعلم منه ذلك كما يعلم بموقف الأُمويين وبما سيؤول إليه أمر طلحة والزبير وأكثر القرشيّين، وقد وصف موقفهم منه بعد البيعة بقوله :"اللهم إنّي أستعديك على قريش، فإنّهم قطعوا رحمي وأكفئوا إنائي، فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذابّ ولا ساعد إلا أهل بيتي" .

وقال مرة أخرى :"ما لي ولقريش ؟ والله قاتلتهم كافرين ولأُقاتلنّهم مفتونين، وإنّي لصاحبهم بالأمس كما أنا صاحبهم اليوم" (٢) .

ومهما كان الحال فلمّا دعي سعد بن أبي وقّاص إلى البيعة; تمنّع منها تضامناً مع الأُمويين، فتركه أمير المؤمنين ولم يسمح للثائرين أن يستعملوا معه العنف، ولمّا دعي إليها عبد الله بن عمر بن الخطاب وامتنع منها; طلب منه كفيلاً بأن لا يشترك مع أحد في عمل ضدّه، ولمّا امتنع عن تقديم الكفيل تركه وقال للناس:خلّوه فأنا كفيله ، ثم التفت إليه وقال :"اذهب فإنّي ما علمتك إلا سيّئ الخلق صغيراً وكبيراً" .

__________

(١) حياة الإمام الحسن : ١ / ٣٨٤ عن الفتوح : ٢ / ٢٥٨ ـ ٢٥٩ .

(٢) نهج البلاغة : ٣٣٦، طبعة صبحي الصالح، رقم ٢١٧، الخطبة ٣٣ .

٧٣

ولمّا تمّت البيعة; انصرف أمير المؤمنينعليه‌السلام منذ اليوم الأول يجنّد كلّ إمكانياته لإصلاح ما أفسدته بطانة عثمان في جميع شؤون الدولة، تلك البطانة التي تركت جميع الأجهزة تنخر بالفساد والانحلال، وكان يرى أنّ الواجب يدعوه لمعالجة الأهمّ فالأهمّ من المشاكل المستعجلة التي يتضجّر منها الناس، وتأتي في طليعتها مشكلة الولاة التي أثارت تلك الضجّة على الخليفة الراحل وأودت بحياته، حتى إذا فرغ منها اتّجه إلى غيرها من المشاكل التي يراها أكثر إلحاحاً وأعمّ نفعاً، ولم يكن ذلك ليمنعه من أن يبسط للناس السياسة التي سينتهجها في عهده الجديد .

وبعد أيام قلائل من خلافته وقف على المنبر ليعلن على الملأ المحتشد من حوله إلغاء بعض الأنظمة التي اتّبعها أسلافه خلال عشرين عاماً أو تزيد، وكان على ثقة بأنّ عمر بن الخطاب حينما قسّم الفيء حسب أقدار الناس وقدمهم في الإسلام قد استجاب لمصالحه الذاتّية أكثر مما استجاب لمبادئ الإسلام، وأنّ عثمان بن عفان حينما ترك أهله يعبثون به ويفسدون في الأرض قد استجاب للعنصرية الجاهلية وللروح الأُموية الحاقدة على الإسلام الذي لا يعطي أحداً على حساب أحد من الناس(١) .

٢ ـ استنجاد الإمام عليعليه‌السلام بالكوفة :

بينما كان الإمام عليعليه‌السلام يتهيّأ لمواجهة معاوية لمّا أعلن التمرّد على حكومته ورفض بيعته، وبينما هو جادّ في تدبير الأمر إذ فاجأه الخبر عن هياج بعض أهل مكة للطلب بدم عثمان بتحريض من طلحة والزبير وعائشة وأتباعهم من الأُمويين، فأشفق من انشقاق الكلمة واختلاف شمل المسلمين،

__________

(١) راجع سيرة الأئمة الاثني عشر للسيد هاشم معروف الحسني : ١ / ٣٩٠ ـ ٣٩٣ .

٧٤

ورأى أنّ خطرهم أقوى من خطر معاوية، وشرّهم أقوى من شرّه، وإذا لم يبادر لإخماد هذه الفتنة فإنّها يوشك أن تتّسع ويكثر التمرّد والاختلاف، فتجهّز للتحرك نحوهم، وشمّرت لنصرته البقية الصالحة من المهاجرين والأنصار، وخرجوا مسرعين ليلحقوا بهم قبل أن يدخلوا مصراً من الأمصار فيفسدوه، فلمّا بلغوا الربذة علموا بسبقهم إلى البصرة وبالحوادث التي جرت فيها، فأقام الإمامعليه‌السلام بالربذة أيّاماً يحكّم أمره، وأرسل إلى جماهير أهل الكوفة يستنجد بهم ويدعوهم إلى نصرته والقيام معه لإخماد نار الفتنة، وأوفد لِلقياهم محمد بن أبي بكر ومحمد بن جعفر، وزوّدهما برسالة جاء فيها :"أنّي اخترتكم على الأمصار، وفزعت إليكم لما حدث، فكونا لدين الله أعواناً وأنصاراً، وأيّدونا وانهضوا إلينا، فالإصلاح ما نريد لتعود الأُمة إخواناً، ومن أحبّ ذلك وآثره فقد أحبّ الحق، ومن أبغض ذلك فقد أبغض الحقّ وأغمضه" (١) .

وعرض الرسولان رسالة الإمام عليعليه‌السلام على أبي موسى الأشعريّ والي الكوفة، إلاّ أنّهما لم يجدا منه أيّة استجابة، وإنّما وجداه يثبّط العزائم ويمنع الناس من الاستجابة لنداء الخليفة، وبرّر عناده قائلاً : "والله إنّ بيعة عثمان لفي عنقي وعنق صاحبكما، فإن لم يكن بدّ من القتال لا نقاتل أحداً حتى يفرغ من قتلة عثمان ..."(٢) .

فأوفد الإمام عليعليه‌السلام لِلقيا الأشعري رسولاً ثالثاً هو هاشم المرقال، وزوّده برسالة جاء فيها :"أنّي وجّهت هاشماً لينهض بمن قبلك من المسلمين إليّ، فأشخص الناس، فإنّي لم أُولّك إلاّ لتكون من أعواني على الحقّ" .

إلاّ أنّ الأشعري أصرّ على تمرّده، فأرسل هاشم إلى الإمام رسالة يخبره فيها بفشله في مهمّته وإخفاقه في سفارته .

__________

(١) الطبري : ٣ / ٣٩٣ و ٣٩٤ .

(٢) الطبري : ٣ / ٣٩٣ و ٣٩٤ .

٧٥

٣ ـ إيفاد الإمام الحسنعليه‌السلام :

بعد أن عرف الإمام عليّعليه‌السلام إصرار أبي موسى وعدم إفلاح الرسل معه; بعث إليه ولده الحسن ومعه عمار بن ياسر، وأرسل معه رسالة فيها عزل أبي موسى عن منصبه وتعيين قرضة بن كعب مكانه، وهذا نصّ رسالته : "أمّا بعد، فقد كنت أرى أن تعزب عن هذا الأمر الذي لم يجعل الله لك نصيباً منه، يمنعك عن ردّ أمري وقد بعثت الحسن بن عليّ وعمار بن ياسر يستفزّان الناس، وبعثت قرضة بن كعب والياً على المصر، فاعتزل عملنا مذموماً مدحوراً، فإن لم تفعل فإنّي قد أمرته أن ينابذك"(١) .

ووصل الإمام الحسنعليه‌السلام إلى الكوفة فالتأم الناس حوله زمراً، وهم يعربون له عن انقيادهم وطاعتهم، ويظهرون له الولاء والإخلاص، وأعلن الإمامعليه‌السلام عزل الوالي المتمرّد عن منصبه، وتعيين قرضة محلّه، ولكنّ أبا موسى بقي مصرّاً على موقفه، فأقبل على عمار بن ياسر يحدّثه في أمر عثمان علّه أن يجد في حديثه فرجة، فيتّهمه بدم عثمان ليتّخذ من ذلك وسيلة إلى خذلان الناس عن الإمام فقال له : "يا أبا اليقظان! أعدوت فيمن عدا على أمير المؤمنين فأحللت نفسك مع الفجار؟" فأجابه عمّار : "لم أفعل ولم تسؤني" .

وعرف الإمام الحسنعليه‌السلام غايته، فقطع حبل الجدال، وقال له : "يا أبا موسى! لِمَ تثبّط عنّا الناس؟" .

وأقبل الإمام يحدّثه برفق ولين لينزع روح الشرّ والعناد عن نفسه

__________

(١) حياة الإمام الحسن للقرشي : ١ / ٤٣٤ .

٧٦

قائلاً :"يا أبا موسى! والله ما أردنا إلاّ الإصلاح، وليس مثل أمير المؤمنين يخاف على شيء" .

فقال أبو موسى : صدقت بأبي أنت وأمي، ولكنّ المستشار مؤتمن .

فأجابه الإمامعليه‌السلام :"نعم" .

فقال أبو موسى : سمعت رسول الله يقول : إنّها ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الراكب، وقد جعلنا الله عَزَّ وجَلَّ إخواناً، وحرّم علينا أموالنا ودماءنا، فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً ) (١) ، وقال عَزَّ وجَلَّ :( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ ) (٢) .

فردّ عليه عمّار قائلاً : "أنت سمعت هذا من رسول الله؟".

قال : أبو موسى : "نعم، وهذه يدي بما قلت" .

فالتفت عمّار إلى الناس قائلاً : "إنّما عنى رسول الله بذلك أبا موسى، فهو قاعد خير من قائم"(٣) .

وخطب الإمام الحسنعليه‌السلام في الناس قائلاً :"أيّها الناس! قد كان في مسير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ورؤوس العرب، وقد كان من طلحة والزبير بعد بيعتهما وخروجهما بعائشة ما قد بلغكم، وتعلمون أنّ وهن النساء وضعف رأيهنّ إلى التلاشي، ومن أجل ذلك جعل الله الرجال قوّامين على النساء، وأيم الله لو لم ينصره منكم أحد لرجوت أن يكون فيمن أقبل معه من المهاجرين والأنصار

__________

(١) النساء (٤) : ٢٩ .

(٢) النساء (٤) : ٩٣ .

(٣) حياة الإمام الحسن للقرشي : ١ / ٤٣٤ ـ ٤٣٥ .

٧٧

كفاية، فانصروا الله ينصركم" (١) .

وبقي أبو موسى مصرّاً على موقفه يثبّط العزائم، ويدعو الناس إلى القعود وعدم نصرة الإمام، فعنّفه الإمام الحسنعليه‌السلام قائلاً :"اعتزل عملنا أيّها الرجل، وتنحّ عن منبرنا لا أم لك" وقام الإمامعليه‌السلام خطيباً بالناس فقال لهم :"أيّها الناس! أجيبوا دعوة أميركم، وسيروا إلى إخوانكم، فإنه سيوجد إلى هذا الأمر من ينفر إليه، والله لئن يليه أولو النهى أمثل في العاجل والآجل وخير في العاقبة، فأجيبوا دعوتنا وأعينونا على ما ابتلينا به وابتليتم، وأنّ أمير المؤمنين يقول : قد خرجت مخرجي هذا ظالماً أو مظلوماً، وأنّي أذكر الله رجلاً رعى حقّ الله إلاّ نفر، فإن كنت مظلوماً أعانني، وإن كنت ظالماً أخذ، والله إنّ طلحة والزبير لأول من بايعني، وأوّل من غدرا، فهل استأثرت بمال أو بدّلت حكماً؟ فانفروا وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر" (٢) .

فأجابه الناس بالسمع والطاعة، ولكن مالك الأشتر رأى أنّ الأمر لا يتمّ إلاّ بإخراج أبي موسى مهان الجانب محطّم الكيان، فأقبل مع جماعة من قومه فأحاطوا بالقصر ثم أخرجوا الأشعري منه، وبعد أن استتبّ الأمر للإمام الحسنعليه‌السلام ! أقبل يتحدّث إلى الناس بالخروج للجهاد قائلاً :"أيّها الناس، إنّي غاد، فمن شاء منكم أن يخرج معي على الظهر (أي على الدوابّ)ومن شاء فليخرج في الماء" (٣) .

واستجابت الجماهير لدعوة الإمام، فلمّا رأى ذلك قيس بن سعد غمرته الأفراح، وأنشأ يقول :

جزى الله أهل الكوفة اليوم نصرة

أجابو ولم يأبوا بخذلان من خذل

وقالوا عليّ خير حاف وناعل

رضينا به من ناقضي العهد من بدل

__________

(١) و(٢) و(٣) حياة الإمام الحسن : ١ / ٤٣٦. ١ / ٤٣٧ ١ / ٤٣٨ .

٧٨

هما أبرزا زوج النبي تعمداً

يسوق بها الحادي المخب على جمل(١)

وعجّت الكوفة بالنفير ونزحت منها آلاف كثيرة، وقد بدا عليهم الرضا والقبول، وساروا وهم تحت قيادة الإمام الحسنعليه‌السلام ، فانتهوا إلى ذي قار(٢) وقد التقوا بالإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث كان مقيماً هناك، فسرّ بنجاح ولده، وشكر له جهوده ومساعيه .

٤ ـ التقاء الفريقين في البصرة وخطاب الإمام الحسنعليه‌السلام :

وتحرّكت كتائب الإمام من ذي قار حتى انتهت إلى الزاوية(٣) . وبعثعليه‌السلام إلى عائشة يدعوها إلى حقن الدماء وجمع كلمة المسلمين، كما بعثعليه‌السلام برسالة إلى طلحة والزبير يدعوهما إلى الوئام ونبذ الشقاق(٤) إلاّ أنّهم جميعاً لم يستجيبوا لنداء الحقّ، وأصرّوا على مقاومة الإمام ومناجزته .

وكان عبد الله بن الزبير من أشدّ المحرّضين على الفتنة وإراقة الدماء، وقد أفسد جميع الوسائل التي صنعها أمير المؤمنينعليه‌السلام لتحقيق السلم، وقد خطب في جموع البصريين ودعاهم إلى الحرب، وهذا نصّ خطابه: "أيّها الناس! إنّ علي بن أبي طالب قتل الخليفة بالحقّ عثمان، ثمّ جهّز الجيوش إليكم ليستولي عليكم، ويأخذ مدينتكم، فكونوا رجالاً تطلبون بثأر خليفتكم، واحفظوا حريمكم، وقاتلوا عن نسائكم وذراريكم وأحسابكم وأنسابكم، أترضون لأهل الكوفة أن يردوا بلادكم؟ إغضبوا فقد غوضبتم، وقاتلوا فقد قوتلتم، ألا وإنّ عليّاً لا يرى معه في هذا الأمر أحداً سواه، والله لئن ظفر بكم

__________

(١) الغدير : ٢ / ٧٦ .

(٢) ذي قار : ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة يقع بينها وبين واسط معجم البلدان : ٧ / ٨ .

(٣) الزاوية: موضع قريب من البصرة معجم البلدان : ٤ / ٣٧ .

(٤) حياة الإمام الحسن للقرشي : ١ / ٤٤٢ ـ ٤٤٣ .

٧٩

ليهلكنّ دينكم ودنياكم"(١) .

وبلغ الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام خطاب ابن الزبير، فأوعز إلى ولده الإمام الحسنعليه‌السلام بالردّ عليه، فقام خطيباً، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، ثم قال : "قد بلغتنا مقالة ابن الزبير في أبي وقوله فيه : إنّه قتل عثمان، وأنتم يا معشر المهاجرين والأنصار وغيرهم من المسلمين، علمتم بقول الزبير في عثمان، وما كان اسمه عنده، وما كان يتجنّى عليه، وأنّ طلحة يومذاك ركز رايته على بيت ماله وهو حيّ، فأنّى لهم أن يرموا أبي بقتله وينطقوا بذمّه؟! ولو شئنا القول فيهم لقلنا.

وأمّا قوله : إنّ علياً ابتزّ الناس أمرهم، فإنّ أعظم حجّة لأبيه زعم أنّه بايعه بيده ولم يبايعه بقلبه، فقد أقرّ بالبيعة وادّعى الوليجة، فليأت على ما ادّعاه ببرهان وأنّى له ذلك؟ وأمّا تعجّبه من تورّد أهل الكوفة على أهل البصرة فما عجبه من أهل حقٍّ تورّدوا على أهل باطل! أمّا أنصار عثمان فليس لنا معهم حرب ولا قتال، ولكنّنا نحارب راكبة الجمل وأتباعها" .

٥ ـ الإمام عليعليه‌السلام في الكوفة بعد حرب الجمل :

بعد أن وضعت حرب الجمل أوزارها توقَّف الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام شهراً في البصرة، ثم غادرها متوجّهاً إلى الكوفة، مخلّفاً عبد الله بن عباس عليها، وقد مكث أمير المؤمنينعليه‌السلام عدّة أشهر في الكوفة قبل أن يتحرك نحو صفّين لقتال القاسطين (أي معاوية وأنصاره)، وقد قام خلال هذه الفترة بتعيين وظائف ولاته وتنظيم الأمور، كما وتبادل الرسائل مع معاوية وغيره من المتمرّدين على خلافتهعليه‌السلام .

__________

(١) حياة الإمام الحسن : ١ / ٤٤٤ .

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206