اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)

اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)27%

اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام محمد بن علي الباقر عليه السلام
ISBN: 964- 5688-23
الصفحات: 220

اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 220 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 138556 / تحميل: 8671
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)

اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
ISBN: ٩٦٤- ٥٦٨٨-٢٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

بالمعروف والنهي عن المنكر خلقان من خلق الله عَزَّ وجَلَّ، فمن نصرهما أعزّه الله، ومن خذلهما خذله الله عَزَّ وجَلَّ) (١) .

٢ ـ نشر المفاهيم السياسية السليمة

وجّه الإمامعليه‌السلام الأنظار إلى دور أهل البيتعليهم‌السلام في قيادة الأمة، وتوجيهها نحو الاستقامة والرشاد فقال:(نحن ولاة أمر الله وخزائن علم الله، وورثة وحي الله، وحملة كتاب الله، طاعتنا فريضة، وحبّنا إيمان، وبغضنا كفر، محبّنا في الجنة، ومبغضنا في النار) (٢) .

وحذّر الأمة من الابتعاد عن نهج أهل البيتعليهم‌السلام فقالعليه‌السلام :(برئ الله ممن يبرأ منّا، لعن الله من لعننا، أهلك الله من عادانا) (٣) .

وحثّعليه‌السلام على نصرتهم فقال:(من أعاننا بلسانه على عدوّنا أنطقه الله بحجته يوم موقفه بين يديه عَزَّ وجَلَّ) (٤) .

ووضّحعليه‌السلام حدود الموالاة لهم، وبيّن المعيار لمعرفة الموالاة والموالين في حالة التباس المفاهيم واختلاط المعايير، فقال:(أمّا محبتنا، فيخلص الحبّ لنا كما يخلص الذهب بالنّار لا كدر فيه، من أراد أن يعلم حبّنا، فليمتحن قلبه فإن شاركه في حبّنا حبّ عدوِّنا، فليس منّا ولسنا منه) (٥) .

وأكّد على أن طرق تولّي الإمام لمنصب الإمامة منحصرة بالنصّ والوصية، ولا عبرة بما هو الشائع من البيعة والعهد والغلبة، ومما جاء في ذلك قولهعليه‌السلام :(كل من دان الله عَزَّ وجَلَّ بعبادة يجهد فيها نفسه ولا إمام له من الله فسعيه غير

ــــــــــــــ

(١) الخصال: ١ / ٤٢.

(٢) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٢٢٣.

(٣) بحار الأنوار: ٢٧ / ٢٢٢.

(٤) المصدر السابق: ٢ / ١٣٥.

(٥) المصدر السابق: ٢٧ / ٥١.

١٠١

مقبول، وهو ضالّ متحيّر، والله شانئ لأعماله...) (١) .

وبيّن مواصفات الإمام لكي تتمكن الأمة من التمييز والتشخيص في خضم الأحداث التي حُرِّفت فيها المفاهيم وزُوِّرت فيها الحقائق فقالعليه‌السلام :(إن الإمامة لا تصلح إلا لرجل فيه ثلاث خصال: ورع يحجزه عن المحارم، وحلم يملك به غضبه، وحسن الخلافة على من ولي، حتى يكون له كالوالد الرحيم) (٢) .

ورسم قاعدة كلية في أساسيات حقوق وواجبات الإمام تجاه الأمة، لكي تدرك الأمة مدى قرب وبعد الحكّام عن أداء مسؤوليتهم، فقالعليه‌السلام :(حقّه عليهم أن يسمعوا ويطيعوا... وحقهم عليه: يقسم بينهم بالسوية ويعدل في الرعيّة) (٣) .

وفي خضم الأحداث الصاخبة وما طرأ من تشويه وتدليس في الحقائق، بيّنعليه‌السلام المفهوم الحقيقي للتشيع، لكي لا يعطي مبرّراً للحكّام الأمويين لتشويه سمعة أنصار أهل البيتعليهم‌السلام في المحافل المختلفة، واستغلال بعض السلبيات للطعن في مفاهيم الولاء والتولي، فقالعليه‌السلام :(فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون إلا بالتواضع، والتخشع، والأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبر بالوالدين، والتعاهد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة، والغارمين، والأيتام، وصدق الحديث وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء) (٤) .

والتشيّع ليس ادعاءً بل هو ممارسة عملية محسوسة في الواقع، والشيعي هو مثال التديّن والإخلاص والطّاعة لله تعالى.

ــــــــــــــ

(١) الكافي: ١ / ١٨٤.

(٢) الخصال: ١ / ١١٦.

(٣) بحار الأنوار: ٢٧ / ٢٤٤.

(٤) الكافي: ٢ / ٧٤.

١٠٢

ولم يكتف الإمام الباقرعليه‌السلام ببيان المظاهر الخارجية لمن ينتسب لمدرسة أهل البيتعليهم‌السلام وإنّما تعدّى ذلك إلى مجموعة من المعالم الفريدة لشيعتهم، فقالعليه‌السلام :(إنما شيعة علي عليه‌السلام الشاحبون الناحلون الذابلون، ذابلة شفاههم، خميصة بطونهم، متغيّرة ألوانهم، مصفرّة وجوههم، إذا جنّهم الليل اتّخذوا الأرض فراشاً، واستقبلوا الأرض بجباههم، كثير سجودهم، كثيرة دموعهم، كثير دعاؤهم، كثير بكاؤهم، يفرح الناس وهم محزونون) (١) .

٣ ـ فضح الواقع الأُموي

كشف الإمامعليه‌السلام حقيقة الحكم الأُموي وكيفية وصوله إلى الحكم، وما مارسه من أعمال لإدامة السيطرة على رقاب المسلمين، ووضّح الجرائم التي ارتكبها سلف هؤلاء الحكّام في حق أهل البيتعليهم‌السلام وأنصارهم، فبعد أن بيّن ملابسات الخلافة، وكيفية الاستحواذ عليها وإقصاء أهل البيتعليهم‌السلام عن موقعهم فيها، قال: (... وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسنعليه‌السلام فَقُتِلَتْ شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنّة، وكان من يذكر بحبّنا والانقطاع إلينا سُجِن أو نُهِبَ ماله، أو هُدِمَت داره، ثم لم يزل البلاء يشتد ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسينعليه‌السلام ثم جاء الحجّاج فقتلهم كل قتلة، وأخذهم بكل ظنٍّ وتهمة، حتى أنّ الرجل ليقال له: زنديق أو كافر، أحبُّ إليه من أن يقال: شيعة عليّ، وحتى صار الرجل الذي يذكر بالخير ـ ولعلّه يكون ورعاً صدوقاً ـ يحدّث بأحاديث عظيمة عجيبة، من تفضيل بعض من قد سَلَفَ من الولاة، ولم يخلق الله تعالى شيئاً منها، ولا كانت ولا وقعت وهو يحسب أنها حقٌّ لكثرة من قد رواها ممّن لم يعرف بكذب، ولا بقلة ورع)(٢) .

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٦٥ / ١٤٩.

(٢) شرح نهج البلاغة: ١١ / ٤٢، ٤٤.

١٠٣

٤ ـ الدعوة إلى مقاطعة الحكم القائم

دعاعليه‌السلام إلى مقاطعة الحكم الجائر ونهى عن إسناده بأي شكل من أشكال المساندة وإن كانت لا تتعلق بسياستهم، فقالعليه‌السلام ـ في معرض جوابه عن العمل معهم ـ:(ولا مدة قلم، إنّ أحدهم لا يصيب من دنياهم شيئاً إلاّ أصابوا من دينه مثله) (١) .

ووضّح أساسيات التعامل مع الحكام الجائرين والفاسقين بقوله:(لا دين لمن دان بطاعة من عصى الله) (٢) .

وأكدعليه‌السلام على أن تكون العلاقة معهم علاقة التوجيه والإرشاد، والقيام بأداء مسؤولية الوعظ فقال:(من مشى إلى سلطان جائر، فأمره بتقوى الله، وخوّفه ووعظه كان له مثل أجر الثقلين من الجن والإنس، ومثل أعمالهم) (٣) .

واستثنىعليه‌السلام المواقف التي تتخذ من أجل مصلحة الإسلام الكبرى، فجوّز إسنادهم بالسلاح إن كان القتال مع أعداء الإسلام، لأنهم يدفعون بالسلاح العدو المشترك، قالعليه‌السلام لمن كان يحمل إليهم السلاح:(احمل إليهم، فإنّ الله يدفع بهم عدوّنا وعدوّكم ـ يعني الروم ـ وبعهم، فإذا كانت الحرب بيننا فلا تحملوا) (٤) .

وقالعليه‌السلام في حق حكّام الجور:(إن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله والحقّ، قد ضلّوا بأعمالهم التي يعملونها) (٥) .

ــــــــــــــ

(١) الكافي: ٥ / ١٠٧.

(٢) بحار الأنوار: ٢ / ١٢٢.

(٣) بحار الأنوار: ٧٢ / ٣٧٥.

(٤) الكافي: ٥ / ١١٢، كتاب المعيشة، باب بيع السلاح منهم.

(٥) المحاسن: ٩٣.

١٠٤

٥ ـ مواقفه المباشرة من الحكّام المنحرفين

إن دور الإمام الحقيقي هو دور القدوة، ومن أهم المسؤوليات الملقاة على عاتقه إصلاح الحاكم والأمة معاً، والقضاء على الانحراف في مهده. أو الحيلولة دون التمادي فيه، وهذا الدور تختلف أساليبه وبرامجه تبعاً للعوامل والظروف السياسية المحيطة بالإمام، وتتغيّر المواقف تبعاً للمقومات التالية:

أ ـ المصلحة الإسلامية العامة.

ب ـ المصلحة الإسلامية الخاصة، والتي تتعلق بالحفاظ على منهج أهل البيتعليهم‌السلام ورفده بالعناصر النزيهة، لضمان استمرار حركته في الأمة.

ت ـ الظروف العامة والخاصة من حيث قوة الحاكم، وقوة القاعدة الشعبية لأهل البيتعليهم‌السلام .

وكانت التقيّة أسلوباً يتخذه الإمامعليه‌السلام في مواقفه من الحاكم الجائر عندما لا تكون المواجهة العلنية مفيدة ومثمرة، وأوضح الإمام حدودها بقوله:(التقية في كل ضرورة) (١) . وقالعليه‌السلام :(إنما جعلت التقيّة ليحقن بها الدماء، فإذا بلغ الدم فلا تقيّة) (٢) .

وفي العهود التي سبقت عهد عمر بن عبد العزيز، كان الإمامعليه‌السلام يتّقي المواجهة مع الحاكم حفاظاً على كيان أهل البيتعليهم‌السلام وإبعاداً لأنصاره عن حراب الحاكم وأعوانه، ولم يتدخلعليه‌السلام في شؤون الحاكم إلا في حدود ضيّقة، وحينما وصل الأمر إلى عمر بن عبد العزيز وتبدلت الأوضاع والظروف تقرب عمر بن عبد العزيز إلى أهل البيتعليهم‌السلام وفضّلهم على بني أمية، قائلاً: أفضلهم لأنّي سمعت... أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول:(إنّما فاطمة شجنة (٣) منّي

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٧٢ / ٣٩٩.

(٢) المصدر السابق.

(٣) الشجن: القرع من كل شيء.

١٠٥

يسرّني ما أسرّها، ويسوؤني ما أساءها) ، فأنا ابتغي سرور رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأتقي مساءته(١) .

واستثمر الإمامعليه‌السلام هذه الحرية النسبيّة، فقام بدوره في إصلاح الحاكم وأجهزته وإرشاده وحثّه على الاستقامة في التعامل مع الرعيّة.

وحينما بعث إليه أن يقدم عليه، لبّىعليه‌السلام الدعوة واجتمع معه، وأخذ ينصحه ويطلب منه أن يوفق بين ممارساته وبين القيم الإسلامية في مجال التعامل، وممّا جاء في نصائحه له قولهعليه‌السلام :(... فاتق الله، واجعل في قلبك اثنتين تنظر الّذي تحبّ أن يكون معك إذا قدمت على ربِّك، فقدِّمه بين يديك، وتنظر الذي تكرهه أن يكون معك إذا قدمت على ربِّك، فابتغ به البدل، ولا تذهبن إلى سلعة قد بارت على من كان قبلك ترجو أن تجوز عنك، واتق الله يا عمر وافتح الأبواب وسهّل الحجاب، وانصر المظلوم وردّ المظالم) (٢) .

واستشاره عمر في بعض الأمور، وحينما أراد الرجوع إلى المدينة قال له عمر: فأوصني يا أبا جعفر، فقالعليه‌السلام :(أوصيك بتقوى الله واتّخذ الكبير أباً، والصغير ولداً، والرجل أخاً) (٣) .

وفي عهد هشام بن عبد الملك كانعليه‌السلام يتحرك تبعاً لمواقف هشام من حيث اللين والشدة، فحينما دخل هشام المسجد الحرام نظر إلى الإمامعليه‌السلام وقد أحدق الناس به، فقال: من هذا ؟ فقيل له: محمد بن علي بن الحسين، فقال: هذا المفتون به أهل العراق؟! فأرسل إليه، وسأله بعض الأسئلة، فأفحمه الإمامعليه‌السلام وظهر عليه أمام أتباعه(٤) .

ــــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٤٦ / ٣٢٠.

(٢) المصدر السابق: ٧٥ / ١٨٢.

(٣) مختصر تاريخ دمشق: ٢٣ / ٧٧.

(٤) المصدر السابق: ٢٣ / ٧٩.

١٠٦

ولمّا حُمل إلى الشام وأراد هشام أن ينتقص منه، نهض قائماً ثم قال:(أيها الناس أين تذهبون وأين يراد بكم؟ بنا هدى الله أوّلكم، وبنا يختم آخركم، فإن يكن لكم ملك معجّل، فإنّ لنا ملكاً مؤجلاً...) (١) .

٦ ـ موقفه من الثورة المسلحة

وقف الإمامعليه‌السلام موقف الحياد من الثورات التي قادها الخوارج، فلم يصدر منه تأييد ولا معارضة، لكي لا يستثمر قادة الثورات أو الحكّام موقف الإمامعليه‌السلام لصالحهم، ولكي تستمر روح الثورة في النفوس.

وفي عهدهعليه‌السلام لم تنطلق أي ثورة علوية يقودها أحد أهل البيتعليهم‌السلام أو أحد أنصارهم، لأنّ الإمامعليه‌السلام كان مشغولاً ببناء وتوسعة القاعدة الشعبية، لكي تنطلق فيما بعد، أي بعد إكمال العدّة والعدد، وكانعليه‌السلام يوجّه الأنظار إلى ثورة أخيه زيد التي أخبر أنها ستنطلق في المستقبل القريب.

وكان يربط بين موقف زيد المستقبلي وبين موقفهعليه‌السلام منه فيقول:(أمّا عبد الله فيدي التي أبطش بها، وأما عمر فبصري الذي أبصر به، وأما زيد فلساني الذي أنطق به * ...) (٢) .

ــــــــــــــ

(١) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٢٠٦.

* عبد الله الباهر أخو الإمام الباقر عليه‌السلام ، كان من أبرز علماء المسلمين في فضله، وسموّ منزلته العلمية، وقد روى عن أبيه علوماً شتى، وكتب الناس عنه ذلك. (غاية الاختصار ١٠٦). وأما عمر بن علي بن الحسين عليه‌السلام فهو أخو الإمام الباقر عليه‌السلام أيضاً كان فاضلاً جليلاً ووُلّي صدقات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصدقات أمير المؤمنين عليه‌السلام وكان ورعاً سخيّاً، ويروى عنه، قال: يشترط على من ابتاع صدقات علي عليه‌السلام أن يثلم في الحائط كذا وكذا ثلمة لا يمنع من دخله أن يأكل منه.

وكذلك زيد الشهيد فإنه ثالث إخوته، وكان من أجلّ علماء المسلمين وقد تخصص في علوم كثيرة كعلم الفقه والحديث والتفسير وعلم الكلام وغيرها، وهو الذي تبنّى حقوق المظلومين والمضطهدين، وقاد سيرتهم النضالية في ثروته الخالدة التي نشرت الوعي السياسي في المجتمع الإسلامي وساهمت مساهمة إيجابية وفعّالة في الإطاحة بالحكم الأُموي.

(٢) سفينة البحار: ٢ / ٢٧٣.

١٠٧

وكانعليه‌السلام يحذِّر من خذلان زيد ومحاربته فيقول:(إن أخي زيد بن علي خارج فمقتول على الحق، فالويل لمن خذله، والويل لمن حاربه، والويل لمن قاتله) (١) .

وكانعليه‌السلام هو الموجّه لحركة أخيه زيد، وكان زيد أحد المنضوين تحت لواء إمامته، وكانت حركته العسكرية ذراعاً واقعياً لأهل البيتعليهم‌السلام ليقاوموا من خلالها انحراف الحكّام بعد عجز الأساليب الأخرى عن التأثير.

وممّا يؤكد هذه التبعية قول زيد رحمه الله:

فمن لي سوى جعفر بعده

إمام الورى الأوحد الأمجد(٢)

فتأجلت الثورة المسلحة إلى وقتها المناسب وتفجّرت بعد أقلّ من عشر سنين من استشهاد الإمام محمد الباقرعليه‌السلام .

رابعاً: الإصلاح الأخلاقي والاجتماعي

بذل الإمامعليه‌السلام عناية فائقة لإصلاح الأخلاق وتغيير الأوضاع الاجتماعية باتجاه القواعد والموازين والقيم العليا الثابتة في الشريعة الإسلامية، وكانت مهمته التركيز على إصلاح جميع الوجودات القائمة، بدءً بالمقربين منه ثم الأوساط الاجتماعية ثم المؤسسات الحكومية واتباع الحاكم.

وكانعليه‌السلام يستثمر جميع الفرص المتاحة للإصلاح والتغيير وبناء واقع جديد، ولهذا تعددت أساليبه الإصلاحية والتغييرية في المجال الأخلاقي والاجتماعي. وإليك بعض نشاطاته في هذا المجال:

١ ـ الدعوة لتطبيق السنّة النبوية

قام الإمامعليه‌السلام بنشر الأحاديث الشريفة النبوية المرتبطة بالجوانب الأخلاقية والاجتماعية لكي تكون هي الحاكمة على الممارسات السلوكية والعلاقات الاجتماعية، ولكي تكون نبراساً لأفراد المجتمع بمختلف طبقاتهم في مسيرتهم الإنسانية، تنطلق بهم نحو السمو والتكامل، والارتقاء للوصول إلى المقامات العالية التي وصل إليها الصالحون والأولياء.

ــــــــــــــ

(١) مقتل الخوارزمي: ٢ / ١١٣.

(٢) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٢١٣.

١٠٨

وكانعليه‌السلام ـ من خلال نشر هذه الأحاديث النبوية ـ يشير إلى العوامل الأساسية في صلاح الأخلاق والأوضاع الاجتماعية، وهي صلاح الفقهاء والأمراء، فقد روىعليه‌السلام قول جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي، وإذا فسدا فسدت أمتي الفقهاء والأمراء) (١) .

ودعاعليه‌السلام إلى إخلاص النصيحة والإيثار في الممارسة الإصلاحية على ضوء ما جاء عن جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(لينصح الرجل منكم أخاه كنصيحته لنفسه) (٢) .

وأكّدعليه‌السلام على دعوة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى العفّة وتعجيل الخير بقوله:(إن الله يحبُّ الحييَّ الحليم العفيف المتعفف) (٣) . وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(إن الله يحب من الخير ما يعجّل) (٤) .

وأكّدعليه‌السلام على الأحاديث الداعية إلى حسن الخلق والكف عن أعراض المؤمنين منها قولهعليه‌السلام :(والذي لا اله إلاّ هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا والآخرة إلاّ بحسن ظنّه بالله ورجائه له، وحسن خلقه، والكف عن اغتياب المؤمنين) (٥) .

ــــــــــــــ

(١) الخصال: ١ / ٢٦.

(٢) الكافي: ٢ / ٢٠٨.

(٣) المصدر السابق: ٢ / ١١٢.

(٤) المصدر السابق: ٢ / ١٤٢.

(٥) المصدر السابق: ٢ / ٧٢.

١٠٩

وقالعليه‌السلام :(إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن القيل والقال، وفساد المال، وكثرة السؤال) (١) .

ودعاعليه‌السلام إلى إدخال السرور على المؤمن كما ورد في قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(من سرَّ مؤمناً فقد سرني ومن سرني فقد سر الله) (٢) .

وحثعليه‌السلام على صلة الرحم بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(إن أعجل الخير ثواباً صلة الرحم) (٣) .

وذكرعليه‌السلام عشرات الأحاديث الشريفة التي تدعو إلى مكارم الأخلاق في الصدق والإيثار والتعاون والوفاء بالعهد وحسن التعامل مع المسلمين وغيرهم، إضافة إلى الأحاديث الناهية عن الممارسات السلبية كالكذب والبهتان والتعيير ونقض العهد، والخيانة والاعتداء على الأعراض والنفوس.

وممّا جاء في ذلك قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه معصية) (٤) .

وقالعليه‌السلام :سئل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن خيار العباد، فقال: (الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤا استغفروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا غضبوا غفروا) (٥) .

ولم يكتفعليه‌السلام بنشر الأحاديث الشريفة والدعوة إلى تجسيد محتواها في الواقع، وإنّما قام بأداء دور القدوة في ذلك فكان بنفسه قمة في جميع المكارم والمآثر، وقد أبرز للمسلمين من خلال سلوكه نموذجاً من أرقى نماذج الخلق الإسلامي الرفيع، فكانعليه‌السلام القمة السامية في الصدق والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وفي التواضع واحترام الآخرين، والاهتمام بأمور المسلمين، وقضاء حوائج المحتاجين، فكانت معالجته للواقع معالجة عملية من خلال سلوكه النموذجي مع مختلف أصناف الناس موالين، ومخالفين.

ــــــــــــــ

(١) الكافي: ١ / ٦٠.

(٢) المصدر السابق: ٢ / ١٨٨.

(٣) المصدر السابق: ٢ / ١٥٢.

(٤) المحاسن: ١٠٢.

(٥) الخصال: ١ / ٣١٧.

١١٠

٢ ـ الدعوة إلى مكارم الأخلاق

كثّف الإمامعليه‌السلام دعوته إلى إصلاح مكارم الأخلاق لتكون هي العلامة الفارقة لتعامل المسلمين فيما بينهم، فكانعليه‌السلام يدعو إلى إفشاء السلام وهو مظهر من مظاهر روح الإخاء والودّ والمحبة والصفاء في العلاقات الاجتماعية حتى قالعليه‌السلام :(إن الله يحب إفشاء السلام) (١) .

ودعا إلى العفّة واعتبرها أفضل العبادة، فقال:(أفضل العبادة عفّة البطن والفرج) (٢) .

ودعا إلى تطهير اللسان وتقييده بقيود شرعية، لإدامة العلاقات بين الناس، فقالعليه‌السلام :(قولوا للناس أحسن ما تحبّون أن يقال لكم، فإنّ الله يبغض اللعان السبّاب الطّعّان على المؤمنين، الفاحش المتفحّش، السائل الملحف، ويحبّ الحيي الحليم العفيف المتعفّف) (٣) .

ووضّح كيفية التعامل مع مختلف طبقات المجتمع فقال:(صانع المنافق بلسانك، وأخلص مودتك للمؤمن، وإن جالسك يهودي فأحسن مجالسته) (٤) .

وبيّن أسس التعامل مع مختلف الأصناف من الناس فقال:(أربع من كنّ

ــــــــــــــ

(١) تحف العقول: ٢٢٠.

(٢) المصدر السابق: ٢١٧.

(٣) المصدر السابق: ٢٢٠.

(٤) المصدر السابق: ٢١٣.

١١١

فيه بنى الله له بيتاً في الجنّة، من آوى اليتيم، ورحم الضعيف، وأشفق على والديه، ورفق بمملوكه) (١) .

ودعاعليه‌السلام إلى الارتباط بأهل التقوى وتعميق أواصر العلاقات معهم لما اختصوا به من خصائص تؤثر على المصاحبين لهم تأثيراً إيجابياً لتجسيد المثل والقيم الإسلامية في الواقع، قالعليه‌السلام :(إن أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة وأكثرهم لك معونة، إن نسيت ذكروك، وإن ذكرت أعانوك، قوّالين بحق الله، قوّامين بأمر الله) (٢) .

ووضّحعليه‌السلام بعض حقوق المؤمن على المؤمن فقال:(إنّ المؤمن أخ المؤمن لا يشتمه ولا يحرمه ولا يسيء به الظن) (٣) .

وقالعليه‌السلام :(من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره وأعانه نصره الله في الدنيا والآخرة، ومن لم ينصره، ولم يدفع عنه وهو يقدر على نصرته وعونه خفضه الله في الدنيا والآخرة) (٤) .

وحذّر من ظلم الآخرين أو الإعانة على ظلمهم فقال:(من أعان على مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله) (٥) .

ودعا إلى مقابلة الإساءة والقطيعة بالإحسان والصلة فقال:(ثلاثة من مكارم الدنيا والآخرة: أن تعفو عمّن ظلمك وتصل من قطعك، وتحلم إذا جهل عليك) (٦) .

ــــــــــــــ

(١) الخصال: ١ / ٢٢٣.

(٢) صفة الصفوة: ٢ / ١٠٩.

(٣) تحف العقول: ٢١٦.

(٤) المحاسن: ١٠٣.

(٥) المصدر السابق.

(٦) تحف العقول: ٢١٤.

١١٢

خامساً: الإصلاح الاقتصادي

لم يكن الإمامعليه‌السلام على رأس سلطة حتى يستطيع إصلاح الأوضاع الاقتصادية إصلاحاً عملياً وجذريّاً، ولذا اقتصرعليه‌السلام على نشر المفاهيم الإسلامية المرتبطة بالحياة الاقتصادية السليمة متمثّلة في النظام الاقتصادي الإسلامي، والتي تعصم مراعاتها الإنسان والمجتمع من الانحراف الاقتصادي التي من أسبابها: الانسياق وراء إشباع الشهوات إشباعاً مخلاً بالتوازن الاقتصادي، فحدّد الإمامعليه‌السلام الأهداف المتوخاة من التصرّف بالأموال، إذ جعل الله المال وسيلة لتحقيق الهدف الذي خلق الإنسان من أجله، وهو الوصول إلى عبادة الله تعالى، وتطبيق منهجه في الحياة، قالعليه‌السلام :(نعم العون الدنيا على طلب الآخرة) (١) .

وأوضح الأهداف المشروعة التي يبتغي طلب المال من أجلها، فقالعليه‌السلام :(من طلب الرزق في الدنيا استعفافاً عن الناس، وتوسيعاً على أهله، وتعطفاً على جاره ; لقي الله عَزَّ وجَلَّ يوم القيامة ووجهه مثل القمر ليلة البدر) (٢) .

واستعانعليه‌السلام بالأحاديث الشريفة الواردة في ضرورة المشروعية في التصرفات الاقتصادية، فروى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال:(العبادة سبعون جزءاً أفضلها طلب الحلال) (٣) .

وأكّدعليه‌السلام على حرمة جملة من التصرفات المالية كالتطفيف في المكيال، إذ قالعليه‌السلام :(اُنْزِل في الكيل: ( وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ ) ، ولم يجعل الويل لأحد

ــــــــــــــ

(١) الكافي: ٥ / ٧٣.

(٢) المصدر السابق: ٥ / ٧٨.

(٣) المصدر السابق.

١١٣

حتى يسميه كافراً ...) (١) .

كما دعاعليه‌السلام إلى استصلاح المال وتنمية الثروة بشكل صحيح بقولهعليه‌السلام :(من المروءة استصلاح المال)( ٢) .

وقدّم إشباع حاجات المسلمين وسد ثغرات حياتهم على أهم العبادات المستحبّة وهو الحج تطوعاً، فقالعليه‌السلام :(لأن أحجّ حجة أحبّ إليّ من أن أعتق رقبة ورقبة ـ حتى انتهى إلى سبعين ـ، ولأن أعول أهل بيت من المسلمين، أشبع جوعتهم وأكسو عورتهم وأكفّ وجوههم عن الناس أحبّ إليّ من أن أحجّ حجة وحجة ، حتى انتهى إلى عشر و عشر وعشر ومثلها حتى انتهى إلى سبعين(٣) .

ودعاعليه‌السلام إلى الترفّع عن الحرص والطمع حيث روى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال:(... لن تموت نفس حتّى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحمل أحدكم استبطاء شيء من الرزق أن يطلبه بغير حلّه، فإنّه لا يدرك ما عند الله إلاّ بطاعته) (٤) .

ووجّه الأنظار إلى الآثار السلبية للحرص فقال:(مثل الحريص على الدنيا، كمثل دودة القزّ، كلّما ازدادت على نفسها لفّاً ; كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غمّاً) (٥) .

وأكّد على زوال المال ما دام الإنسان مخلوقاً للآخرة ومعرّضاً للفناء فقال:(ملك ينادي كل يوم: ابنَ آدم; لِدْ للموت، واجمع للفناء، وابن للخراب) (٦) .

ــــــــــــــ

(١) تفسير نور الثقلين: ٥ / ٥٢٧.

(٢) الخصال: ١/١٠.

(٣) الكافي: ٤ / ٢.

(٤) المصدر السابق: ٢ / ٧٤.

(٥) المصدر السابق: ٢ / ١٣٤.

(٦) المصدر السابق: ٢ / ١٣١ .

١١٤

وكانعليه‌السلام يحثّ على القناعة لأنها إحدى مقدمات السعادة الروحية، وقد تجلّى ذلك في سلوكه وقولهعليه‌السلام :(من قنع بما أوتي قرّت عينه) (١) .

ودعا إلى مراعاة القصد والوسطية وتجنّب الإفراط والتفريط في الطرف والإنفاق في مختلف الظروف واعتبره من المنجيات، فقالعليه‌السلام :(أما المنجيات فخوف الله في السر والعلانية، والقصد في الغنى والفقر) (٢) .

كما حدّد الإمامعليه‌السلام لكل إنسان حقّه، وحذّر من الاعتداء على أموال الآخرين لأنها تؤدي إلى الخلل الاقتصادي فضلاً عمّا لها من تأثيرات سلبية أخرى على المستقبل الأخروي للفرد والمجتمع، نلاحظ ذلك في قولهعليه‌السلام :(من أصاب مالاً من أربع لم يقبل منه أربع: من أصاب مالاً من غلول أو ربا أو خيانة أو سرقة ; لم يقبل منه في زكاة ولا صدقة ولا في حجّ ولا في عمرة) (٣) .

ومن أجل تحقيق التوازن الاقتصادي، ورفع المستوى المعاشي لعموم الناس دعاعليه‌السلام إلى الالتزام بالإنفاق الواجب، فقال:(إن الله تبارك وتعالى قرن الزكاة بالصلاة فمن أقام الصلاة، ولم يؤت الزكاة، فكأنه لم يقم الصلاة) (٤) .

وروى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله:(ملعون كل مال لا يزكّي) (٥) .

وبيّن الآثار السلبية لمنع الزكاة فقالعليه‌السلام :(وجدنا في كتاب عليّ عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا منعت الزكاة منعت الأرض بركاتها) (٦) .

وحدّدعليه‌السلام حدود البذل بأنه الإيصال إلى مرتبة إغناء الفقير لإنقاذه من الفقر وآثاره السلبية، فقالعليه‌السلام :(إذا أعطيته فأغنه) (٧) .

ــــــــــــــ

(١) سفينة البحار: ٢ / ٤٥٢.

(٢) الخصال: ١ / ٨٤.

(٣) أمالي الصدوق: ٣٥٩.

(٤) الكافي: ٣ / ٥٠٦.

(٥) وسائل الشيعة: ٩ / ٢٩.

(٦) الكافي: ٣ / ٥٠٥.

(٧) المصدر السابق: ٣ / ٥٤٨ .

١١٥

ولا يتحقق التوازن الاقتصادي ولا التكافل الاجتماعي إلاّ باشتراك جميع الناس في ممارسات مكثّفة لرفع المستوى الاقتصادي لجميع الفقراء والمعوزين، من خلال القيام بالإيثار والإنفاق التطوعي مضافاً إلى أداء الحقّ الشرعي الواجب، لذا حثعليه‌السلام على الإحسان وأداء أعمال البر والصدقة فقال:(البرّ والصدقة ينفيان الفقر ويزيدان في العمر، ويدفعان سبعين ميتة سوء) (١) .

وحث على معونة الإخوان وقضاء حوائجهم فقالعليه‌السلام :(من بخل بمعونة أخيه المسلم والقيام في حاجته ; ابتلي بمعونة من يأثم عليه ولا يؤجر) (٢) .

وروى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أ نه قال:(داووا مرضاكم بالصدقة وحصنوا أموالكم بالزكاة) (٣) .

وحدّد الإمامعليه‌السلام موارد الإنفاق المنسجمة مع الشريعة الإسلامية، وأثبت انحراف الأسلوب الذي قام به الحكّام حيث قاموا بتوزيع الأموال حسب أهوائهم ورغباتهم دون التقيد بالقيود التي وضعها المنهج الإسلامي.فقد روى عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله:(خمسة لعنتُهم وكلُّ نبيّ مجاب ، وذكر منهم: المستأثر بالفيء والمستحل له) (٤) .

كما حدّدعليه‌السلام موارد إعطاء الصدقات فقال:(إن الصدقة لا تحلّ لمحترف، ولا لذي مرّة سوي قوي ...) (٥) .

وكانعليه‌السلام يقوم بإنفاق ما يحصل عليه على الفقراء والمعوزين لتقتدي به الأمة، وتعرف انحراف الممارسات المالية التي كان يقوم بها الحكام والمخالفة للأسس الإسلامية والقواعد الثابتة للإنفاق.

ــــــــــــــ

(١) الخصال: ١ / ٤٨.

(٢) المحاسن: ٩٩.

(٣) وسائل الشيعة: ٩ / ٢٩.

(٤) الكافي: ٢ / ٢٩٣.

(٥) وسائل الشيعة: ٩ / ٢٣١ .

١١٦

الباب الرابع: فيه فصول:

الفصل الأول: الإمام الباقرعليه‌السلام وبناء الجماعة الصالحة.

الفصل الثاني: اغتيال الإمام محمد الباقرعليه‌السلام واستشهاده.

الفصل الثالث: تراث الإمام محمد الباقرعليه‌السلام .

الفصل الأول: الإمام الباقرعليه‌السلام وبناء الجماعة الصالحة(١)

إن إصلاح الأوضاع الاجتماعية يتوقف على وجود جماعة صالحة تقوم بمهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الإسلام والى المنهج السليم الذي تبنّاه أهل البيتعليهم‌السلام ، استناداً إلى الأوامر الإلهية في تشكيل الأمة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر.

ولهذا سعى الأئمة المعصومونعليهم‌السلام إلى بناء الجماعة الصالحة ورسم المعالم والملامح اللازمة لها لتكون الطليعة الواعية المخلصة لتبنّي مسؤولية الإصلاح والتغيير طبقاً لمنهج أهل البيتعليهم‌السلام .

وقد شرع أهل البيتعليه‌السلام في تكوين الجماعة الصالحة منذ عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّه إلى جانب تبليغه العام قام بإعداد مجموعة صالحة تهتم بالدعوة إلى الله على بصيرة ووعي وأبدى لهم عناية فائقة حيث خصص لهم أوقاتاً خاصة، وكلّف الإمام عليّاًعليه‌السلام بإعداد آخرين.

واستمر الإمام عليعليه‌السلام بعد رحيل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بانجاز هذه المهمّة، وكرّس جهوده لتهيئة الطليعة والكوادر الرسالية. وقد أثمرت نشاطاته حينما عادت له السلطة، وكان لتلك الكتلة الصالحة دور كبير في إخماد الفتن الداخلية وتقرير منهج أهل البيتعليهم‌السلام في الواقع العملي.

ــــــــــــــ

(١) اعتمدنا في هذا البحث بشكل أساسي على الكتاب القيّم الذي نشره المجمع العالمي لأهل البيتعليهم‌السلام (دور أهل البيتعليهم‌السلام في بناء الجماعة الصالحة) لسماحة السيد محمد باقر الحكيم (دام عزه) واستخلصنا منه ما يناسب حياة الإمام محمد الباقر عليه‌السلام بشكل خاص من هذه الموسوعة.

١١٧

وواصل الإمام الحسنعليه‌السلام مسيرة جده وأبيه، حيث كان أحد بنود الهدنة مع معاوية هو إيقاف الملاحقة لأنصاره وأنصار أبيه، وتفرّغ الإمامعليه‌السلام بعد الهدنة لتوسيع قاعدة الجماعة الصالحة لتقوم بأداء دورها في الوقت والظرف المناسب وبالفعل قامت بالتصدي للانحراف الأُموي في عهد يزيد، وشاركت مع الإمام الحسينعليه‌السلام في حركته المسلحة للإطاحة بالحكم الجائر.

وكان للجماعة الصالحة دور كبير في قيادة الثورات المسلحة ضد الحكم الأُموي على طول الخط، كثورة أهل المدينة، وثورة المختار، وثورة التوابين، التي أعقبت ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام الإصلاحية وكان لمجموعها دور كبير في إرساء دعائم منهج أهل البيتعليهم‌السلام وتعميقه وتجذيره في العقول والقلوب والممارسات السلوكية والتعجيل في زوال الحكومات الجائرة.

واستمر الإمام زين العابدينعليه‌السلام في استثمار الفرص المتاحة لتكملة البناء الذي شيّده من سبقه من الأئمة الأطهار، فقد تمتع بحرية نسبية في إعداد الطليعة الرسالية في عهد عبد الملك بن مروان، لتكون ذراعاً لحركة أهل البيتعليهم‌السلام في عهده.

واستمر الإمام الباقرعليه‌السلام في تشييد هذا الصرح ورفده بعناصر جديدة لتستمر الحركة الإصلاحية على منهج أهل البيتعليهم‌السلام وتقريره في واقع الحياة، فقد ربّىعليه‌السلام مجموعة من الفقهاء المصلحين وعلى رأسهم: زرارة بن أعين، ومعروف بن خربوذ، وأبو بصير الأسدي، والفضيل بن يسار، ومحمد بن مسلم الطائفي، وبريد بن معاوية العجلي .

١١٨

وربّى طبقة ثانية التي تلي المتقدمين ومنهم: حمران بن أعين، وإخوته، وعبد الله بن ميمون القدّاح، ومحمد بن مروان الكوفي، وإسماعيل بن الفضل الهاشمي، وأبو هارون المكفوف وآخرون(١) .

وتنوّعت مهمة الجماعة الصالحة، فمنهم الفقهاء، ومنهم قادة الثورات، ومنهم المصلحون الذين كانوا يجوبون الأمصار لتعميق منهج أهل البيتعليهم‌السلام في القلوب والنفوس.وفيما يلي سوف نستعرض بعض مظاهر حركة الإمامعليه‌السلام في بناء الجماعة الصالحة، وإعدادها إعداداً شمولياً بشمول الإسلام وشمول منهج أهل البيتعليهم‌السلام لجميع مرافق الحياة الإنسانية. وقد أوضحنا أن المهمّة الأساسية للإمام الباقرعليه‌السلام بعد العقود الثلاثة من النشاط المستمر للإمام زين العابدينعليه‌السلام بهذا الاتجاه هي رسم المعالم التفصيلية للجماعة الصالحة وبيان كل ما يلزم لتكوين المجتمع الإسلامي النموذجي في وسط التيارات المنحرفة التي ملأت الساحة الإسلامية العامّة، وهي إلى جانب كونها النموذج المطلوب للأمة المسلمة الرائدة تكون الذراع الحقيقي للأئمةعليهم‌السلام لإقرار الإسلام الشامل في المجتمع الإسلامي الآخذ بالتمادي في الانحراف والانهيار; إذ من خلالها يكون النشاط الحقيقي للإمام الباقرعليه‌السلام في مرحلته الخاصة التي تجلّت في رسم هذه المعالم وإقرارها وتربية الأجيال عليها. وهي المهمة التي اشترك فيها أبوه الإمام زين العابدين وابنه الإمام الصادق وحفيده الإمام الكاظمعليهم‌السلام .

وقد لخصّنا هذا البحث الأساسي في عشر نقاط أساسية ترتبط بالجماعة الصالحة وتوضح معالمها الرئيسة.

ــــــــــــــ

(١) مناقب آل أبي طالب: ٤ / ٢٢٩ .

١١٩

أولاً: الإمام الباقرعليه‌السلام ومقومات الجماعة الصالحة

١ ـ العقيدة السليمة

في خضم الأحداث والمواقف المتباينة والمتناقضة جراء تعدد التيارات الفكرية والعقائدية، واضطراب عقول الكثير من المسلمين، لابتعادهم عن إدراك أسس العقيدة السليمة، قام الإمامعليه‌السلام بدور كبير في بيان العقيدة السليمة للجماعة الصالحة ; لتقوم بدورها في إصلاح المفاهيم والأفكار، ونشر عقيدة أهل البيتعليهم‌السلام في مختلف الأوساط وعلى جميع المستويات.لقد بيّنعليه‌السلام الأسس العامة للتوحيد، فعن حريز بن عبد الله، وعبد الله بن مسكان قالا: قال أبو جعفرعليه‌السلام :(لا يكون شيء في الأرض ولا في السماء إلاّ بهذه الخصال السبعة: بمشيّة، وإرادة، وقضاء، وإذن، وكتاب، وأجل، فمن زعم أنه يقدر على نقض واحدة منهنَّ فقد كفر) (١) .

وبيّن حقيقة التوحيد تمييزاً لعقيدة أهل البيتعليهم‌السلام عن العقائد الأخرى فقالعليه‌السلام :(لم تره الأبصار بمشاهدة العيان، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس، معروف بالآيات، منعوت بالعلامات، لا يجور في قضيته، بان من الأشياء وبانت الأشياء منه) (٢) .

وبيّن حدود الوصف لله تعالى فنهى عن التكلم في ذات الله وما يتفرع عنه من آراء ومفاهيم، فقالعليه‌السلام :(تكلموا فيما دون العرش، ولا تكلموا فيما فوق

ــــــــــــــ

(١) المحاسن: ٢٤٤.

(٢) مختصر تاريخ دمشق: ٢٣ / ٨١ .

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

لهو المؤمن في ثلاثة أشياء

٢١٠ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني حماد بن يعلى بن حماد، عن أبيه، عن حماد بن عيسى الجهني، عن حريز بن عبدالله، عن زرارة بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لهو المؤمن في ثلاثة أشياء: التمتع بالنساء ومفاكهة الاخوان والصلاة بالليل.

من اجتمعت له ثلاث خصال فكأنما حيزت له الدنيا

٢١١ - حدثنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي قال: حدثنا عبدالله بن سليمان، وعبدالله بن محمد الوهبي، وأحمد بن عمير، ومحمد بن أبي أيوب قالوا: حدثنا محمد بن بشر بن هانئ بن عبد الرحمن(١) قال: حدثنا أبي، عن عمه إبراهيم ابن أبي عبلة(٢) عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من أصبح معافى في جسده، آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت(٣) له الدنيا. يا ابن خثعم(٤) يكفيك منها ما سد جوعتك ووارى عورتك فإن يكن بيت

______________

(١) السند إلى هنا هكذا في جميع النسخ. وفى الامالى للمصنف « عبدالله بن هانئ » بدل « محمد بن بشر بن هانئ ».

(٢) ابراهيم بن أبى عبلة - بسكون الموحدة - اسمه شمر بن يقظان الشامي يكنى أبا اسماعيل ثقة، وممن يروى عنه هانئ بن عبد الرحمن. وابراهيم ذكر فيمن يروى عن ام الدرداء كما في تهذيب التهذيب للعسقلاني.

(٣) في النهاية: يقال فلان آمن في سربه أي في نفسه وفلان واسع السرب أي رخى البال. ويروى - بالفتح - وهو المسلك والطريق، يقال: خل له سربه أي طريقه. وفى التنزيل « واتخذ سبيله في البحر سربا » أي مسلكا. قوله « حيزت » أي جمعت. وفى بعض النسخ « خيرت » وهو تصحيف.

(٤) كذا وهذا من غريب التصحيف الذى فعله النساخ والصواب « يا ابن آدم جفينة يكفيك - » كما رواه الطبراني في الكبير على ما في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٢٨٩ عن أبى الدرداء وهو هذا الحديث بلفظه. والجفينة تصغير جفنة وهى القصعة والمظنون جدا أنه =

١٦١

يكنك فذاك وإن تكن دابة تركبها فبخ، فلق الخبز وماء الجر(١) وما بعد ذلك حساب عليك أو عذاب.

ضرب النبي صلّى الله عليه وآله في الخندق بالمعول ثلاث مرات

وكبر ثلاث مرات

٢١٢ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد بن يونس الليثي(٢) قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن الفرج الشروطي(٣) قال: حدثنا أبوعبدالله محمد بن يزيد بن المهلب قال: حدثنا أبوسفيان(٤) قال: حدثني عوف، عن ميمون قال: أخبرني البراء بن - عازب قال: لما أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله: بحفر الخندق عرضت له صخرة عظيمة شديدة في عرض الخندق لا تأخذ فيها المعاول فجاء رسول الله صلّى الله عليه وآله فلما رآها وضع ثوبه فأخذ المعول، وقال: بسم الله وضرب ضربة فكسر ثلثها، فقال: الله أكبر اعطيت مفاتيح الشام، والله إني لابصر قصورها الحمر الساعة، ثم ضرب الثانية فقال: بسم الله، ففلق ثلثا آخر، فقال: الله أكبر اعطيت مفاتيح فارس، والله إني لابصر قصر المدائن الابيض، ثم ضرب الثالثة ففلق بقية الحجر، فقال: الله أكبر اعطيت مفاتيح اليمن، و الله إني لابصر أبواب صنعاء من مكاني هذا.

______________

= جعل الكاتب « جفينة » فوق « آدم » واتصل الهاء بالميم هكذا (جفينة يابن آدم) فقرأه بعضهم « يا ابن خثعم » كما في النسخ، وبعضهم « يا ابن جعشم » كما في الامالى والوسائل.

(١) في النسخ المطبوعة « فبخ بخ والخير وماء الخير » وهو أيضا من تصحيف النساخ، والجر لغة في الجرة - بالفتح - بمعنى الاناء، أو كتمرة وتمر كما في المصباح

(٢) احتمل بعض الافاضل اتحاده مع محمد بن أحمد بن ابراهيم بن أحمد المعاذى.

(٣) كذا، وفى الامالى « محمد بن عبدالله بن الفرج ».

(٤) هو أبوسفيان سعيد بن يحيى الحذاء الواسطي روى عن عوف الاعرابي البصري المترجم في التهذيب تحت رقم ٣٠١ وهو ممن يروى عن ميمون أبى عبدالله البصري الكندى المترجم فيه تحت رقم ٧٠٥ وهو عن البراء. وفى النسخ « حدثنا أبوسنان قال: حدثنى عوف بن ميمون » وهذا أيضا من تصحيف النساخ.

١٦٢

أحب الاعمال إلى الله عزّوجلّ ثلاثة

٢١٣ - أخبرني الخليل بن أحمد السجزي قال: أخبرنا أبوالقاسم البغوي قال: حدثنا علي - يعني ابن الجعد - قال: أخبرنا شعبة قال: أخبرني الوليد بن العيزار ابن حريث(١) قال: سمعت أبا عمرو الشيباني قال: حدثني صاحب هذه الدار وأشار بيده إلى دار عبدالله بن مسعود قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله أي الاعمال أحب إلى الله عزّوجلّ؟ قال: الصلاة لوقتها، قلت: ثم أي شئ؟ قال: بر الوالدين، قلت: ثم أي شئ؟ قال: الجهاد في سبيل الله عزّوجلّ، قال: فحدثني بهذا ولو استزدته لزادني.

أشد ما يتخوف على امتى ثلاثة أشياء

٢١٤ - حدثنا أبوأحمد الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري قال: أخبرنا أبوأسيد أحمد بن محمد بن اسيد الاصبهاني قال: حدثنا أحمد بن يحيى الصوفي قال: حدثنا أبوغسان قال: حدثنا مسعود بن سعد الجعفي - وكان من خيار من أدركنا - عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أشد ما يتخوف على أمتي ثلاثة: زلة عالم، أو جدال منافق بالقرآن أو دنيا تقطع رقابكم، فاتهموها على أنفسكم.

من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فلا يفعل ثلاثة اشياء

٢١٥ - حدثنا الخليل بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن معاذ قال: حدثنا علي بن -

______________

(١) قال العسقلاني: على بن الجعد بن عبيد الجوهرى البغدادي ثقة ثبت رمى بالتشيع مات سنة ثلاثين ومائتين. وذكره فيمن يروى عن شعبة بن الحجاج وهو ممن يروى عن الوليد بن العيزار بن حريث العبدى الكوفى الثقة وهو ممن يروى عن سعد بن اياس أبى عمرو الشيباني وهو مخضرم عاش مائة وعشرين سنة، حضر القادسية ومات بعد ٩٦. وممن يروى عن على بن الجعد أبوالقاسم عبدالله بن محمد بن عبد العزيز البغوي المذكور في صدر السند.

١٦٣

خشرم قال: حدثنا عيسى بن يونس، عن أبي معمر، عن سعيد المقبري(١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر(٢) ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع حليلته تخرج إلى الحمام(٣) .

التخوف على الامة من ثلاث خصال

٢١٦ - حدثنا أبوالحسن علي بن عبدالله الاسواري المذكر قال: حدثنا أبويوسف أحمد بن محمد بن قيس السجزي المذكر قال: حدثنا أبويعقوب قال: حدثنا علي بن خشرم قال: أخبرنا عيسى، عن أبي عبيدة(٤) عن محمد بن كعب قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إنما أتخوف على امتي من بعدي ثلاث خصال: أن يتأولوا القرآن على غير تأويله(٥) أو يتبعوا زلة العالم، أو يظهر فيهم المال حتى يطغوا ويبطروا، و سانبئكم المخرج من ذلك: أما القرآن فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه، وأما

______________

(١) سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبرى أبوسعد المدنى ثقة. (التقريب).

(٢) وان لم يشرب هو وذلك لوجوب ازالة المنكر وحرمة الكون في مجلس يفعل فيه الحرام لانه تقرير على منكر.

(٣) أي بغير عذر شرعى كلزوم الطهارة أو إذا ما يترتب عليه مفسدة، أو إذا ما خرجت منفردة دون أن يراقبها أحد من محارمه.

(٤) المراد بعيسى عيسى بن يونس بن أبى اسحاق السبيعى كما في الحديث السابق وأبو عبيدة هو ابن عبيد الله بن عبد الرحمن الاشجعى. وما في نسخ الخصال من « ابن عبيدة » مصحف، وفى البحار كما في المتن وهو الصواب.

(٥) التأويل ارجاع الكلام وصرفه عن معناه الظاهرى إلى معنى أخفى منه مأخوذ من آل يؤل إذا رجع وصار إليه. واعلم أن التأويل غير جائز في مذهبنا وبابه مسدود الا عن أهله وهم الراسخون في العلم، والمراد بهم الائمة المعصومون عليهم السلام.

١٦٤

العالم فانتظروا فيئته ولا تتبعوا زلته(١) ، وأما المال فان المخرج منه شكر النعمة و أداء حقه.

حبب إلى النبي صلّى الله عليه وآله من الدنيا ثلاث

٢١٧ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار الشافعي بفرغانة قال: حدثنا أبوالعباس الحمادي قال: حدثنا صالح بن محمد البغدادي قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: أخبرنا سلام أبوالمنذر(٢) قال: سمعت ثابت البناني ولم أسمع من غيره يحدث عن أنس بن مالك، عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: حبب إلي من الدنيا(٣) النساء. والطيب، وقرة عيني في الصلاة.

٢١٨ - حدثنا أبوعلي الحسن بن علي بن محمد بن [ علي بن ] عمر [ و ] العطار ببلخ قال: حدثنا أبومصعب محمد بن أحمد بن مصعب بن القاسم السلمي بترمذ قال: حدثنا أبومحمد أحمد بن محمد بن إسحاق بن هارون الآملي بآمل قال: حدثنا أحمد بن محمد بن غالب البصري الزاهد ببغداد قال: حدثنا يسار مولى أخا(٤) أنس بن مالك، عن أنس، عن النبي صلّى الله عليه وآله: قال: حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة.

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: إن الملحدين يتعلقون بهذا الخبر ويقولون: إن النبي صلّى الله عليه وآله قال: حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وأراد أن يقول الثالث فندم وقال: « وجعل قرة عيني في الصلاة » وكذبوا لانه صلّى الله عليه وآله لم يكن مراده بهذا الخبر إلا الصلاة وحدها لانه صلّى الله عليه وآله قال: ركعتين يصليهما المتزوج أفضل

______________

(١) أي فانتظروا رجوعه عن الزلة إلى الحق والاستقامة.

(٢) هو سلام سليمان المزني أبوالمنذر القارئ النحوي الكوفى قال ابن أبى حاتم صدوق صالح الحديث. وفى النسخ المطبوعة « سلام بن المنذر ».

(٣) زاد هنا في بعض النسخ « ثلاث » ولا أصل له إذ يغير المعنى لانه انما ذكر اثنين وفصل الاخير بقوله « قرة عينى ». ويأتى بيان الخبر عند قول المصنف.

(٤) كذا.

١٦٥

عند الله من سبعين ركعة يصليها غير متزوج، وإنما حبب الله إليه النساء لاجل الصلاة وهكذا قال: ركعتين يصليهما متعطر أفضل من سبعين ركعة يصليها غير متعطر، وإنما حبب الله إليه الطيب أيضا لاجل الصلاة، ثم قال عليه السلام « وجعل قرة عيني في الصلاة » لان الرجل لو تطيب وتزوج، ثم لم يصل لم يكن له في التزويج والطيب فضل و لا ثواب(١) .

______________

(١) ينبغى التأمل في ألفاظ الخبر قبل توضيحه. الاول قوله صلّى الله عليه وآله: « حبب » بصيغة المجهول دون « أحببت » والثانى « من دنياكم » والثالث « قرة عينى في الصلاة ». وأما قوله « حبب » اشارة إلى أن جبلته صلّى الله عليه وآله مجبولة على حب امور الآخرة دون الدنيا. ولكن الله تعالى حببه لهذين الشيئين: حب النساء والطيب من امور الدنيا لكثرة ما يترتب عليهما من المنافع والخيرات. اما النساء فيترتب على حبهن مضافا على كثرة التناسل امور اخر وقد أباح الله تعالى له صلّى الله عليه وآله تزويج تسعة من النساء دون أمته لتلك الامور وهى أن الله تعالى أراد نقل بواطن الشريعة وظواهرها وما يستحيا من ذكره وما لا يستحيا منه وكان صلّى الله عليه وآله أشد الناس حياء، فجعل الله له نسوة ينقلن من الشرع ما يرينه من أفعاله و يسمعنه من أقواله ويذكرنه من سنته في معاشرته معهن التى قد يستحيى من الافصاح بها بحضرة الرجال وذلك ليتكمل نقل الشريعة. فقد نقلن كثيرا من آدابه في تهجده وسواكه ونومه ويقظته وسائر اموره ما لم يكن ينقله غيرهن وما رأينه في منامه وخلواته من الايات الباهرات والحجج البالغات على نبوته، ومن جده واجتهاده في العبادة وخشيته من الله وغيرها مما يشهد كل ذى لب أنها لا تكون الا لنبى وما كان يشاهدها غيرهن، فحصل بذلك خير عظيم. و هذا هو المشاهد لمن سبر كتب الحديث.

وأما الطيب وان كان تنعم في الدنيا الا أنه يقوى القلب والجوارح، مضافا إلى أنه حظ الملائكة ففى الخبر « لا تدع الطيب فان الملائكة تستنشق ريح الطيب من المؤمن ».

وأما قوله صلّى الله عليه وآله « من دنياكم » كما في الخبر الثاني ففيه مالا يخفى من اضافة الدنيا إلى غيره. وأما قوله صلّى الله عليه واله « قرة عينى في الصلاة » اشارة إلى أنه وان كان حبب إليه من الدنيا « النساء والطيب » لكن قرة عينه في الصلاة لا غير، يعنى محبوبه الحقيقي وما يقر عينه و =

١٦٦

كان الصادق (عليه السلام) لا يخلو من احدى ثلاث خصال

٢١٩ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن - الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه قال: حدثنا أبوأحمد محمد بن زياد الازدي قال: سمعت مالك بن أنس(١) فقيه المدينة يقول: كنت أدخل على الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام فيقدم لي مخدة ويعرف لي قدرا ويقول: يا مالك إني احبك فكنت أسر بذلك وأحمد الله عليه، وكان عليه السلام لا يخلو من إحدى ثلاث خصال: إما صائما وإما قائما وإما ذاكرا، وكان من عظماء العباد وأكابر الزهاد الذين يخشون الله عزّوجلّ، وكان كثير الحديث، طيب المجالسة، كثير الفوائد فإذا قال: « قال رسول الله صلّى الله عليه وآله » اخضر مرة واصفر اخرى حتى ينكره من يعرفه، ولقد حججت معه سنة فلما استوت به راحلته عند الاحرام كان كلما هم بالتلبية انقطع الصوت في حلقه وكاد يخر من راحلته، فقلت: قل يا ابن رسول الله فلابد لك من أن تقول، فقال عليه السلام: يا ابن أبي عامر كيف أجسر أن أقول: « لبيك اللهم لبيك » وأخشى أن يقول عزّوجلّ [ لي ]: لا لبيك ولا سعديك.(٢)

ينتفع زائر الرضا عليه السلام في ثلاث مواطن

٢٢٠ - حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي -

______________

= يتعلق سويداء قلبه به هو في الصلاة هذا إذا كانت « الصلاة » بفتح الصاد، وأما إذا كان بكسر الصاد كما قد قرء فهو من باب « وصل » واحدها صلة بكسر الصاد فهى العطية والاحسان و الجائزة وما يقال له بالفارسية (چشم روشنى) فلعل المراد اهداء الطيب كما يظهر من بعض الاخبار ففى معاني الاخبار في معنى لا يأبى الكرامة الا الحمار المراد الطيب والتوسعة في المجلس. لكنه بعيد ومخالف لكتابة الصلاة لانها بالتاء المدور لا الممدود.

(١) هو مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر أبوعبدالله المدنى الفقيه.

(٢) لبيك أي مقيم على طاعتك اقامة بعد اقامة. وسعديك أي اسعدك اسعادا بعد اسعاد.

١٦٧

عبدالله الكوفي، عن أحمد بن محمد بن صالح الرازي، عن حمدان الديواني(١) قال: قال الرضا عليه السلام: من زارني على بعد داري أتيته يوم القيامة في ثلاث مواطن حتى اخلصه من أهوالها: إذا تطايرت الكتب يمينا وشمالا، وعند الصراط، وعند الميزان.

الاعمال على ثلاثة أحوال

٢٢١ - حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو بن علي البصري قال: حدثنا أبوالحسن علي بن الحسن بن الميثمي قال: حدثنا أبوالحسن علي بن مهرويه القزويني قال: حدثنا أبوأحمد الغازي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى ابن جعفر قال حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثنا أبي علي بن الحسين قال: حدثنا أبي الحسين بن علي قال: سمعت أبي علي بن أبي - طالب عليهم السلام يقول: الاعمال على ثلاثة أحوال فرائض، وفضائل، ومعاصي. فأما الفرائض فبأمر الله وبرضى الله وبقضاء الله وتقديره ومشيئته وعلمه عزّوجلّ. وأما الفضائل فليست بأمر الله(٢) ولكن برضى الله وبقضاء الله وبمشيئته الله وبعلم الله عز وجل، وأما المعاصي فليست بأمر الله ولكن بقضاء الله وبقدر الله وبمشيئته وعلمه ثم يعاقب عليها.

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه - المعاصي بقضاء الله معناه بنهي الله لان حكمه عزّوجلّ فيها على عباده الانتهاء عنها، ومعنى قوله « بقدر الله » أي بعلم الله بمبلغها ومقدارها. ومعنى قوله « وبمشيئته » فانه عزّوجلّ شاء أن لا يمنع العاصي من المعاصي إلا بالزجر والقول والنهي والتحذير، دون الجبر والمنع بالقوة و الدفع بالقدرة.

______________

(١) في بعض النسخ « الديرانى ».

(٢) يعنى الامر الوجوبى. أي لا يأمر بها وجوبا.

١٦٨

أمر الباقر عليه السلام ابنه الصادق عليه السلام

بثلاث ونهاه عن ثلاث

٢٢٢ - حدثنا أبوأحمد القاسم بن محمد السراج الهمذاني بهمذان قال: حدثنا أبوبكر محمد بن أحمد الضبي قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز الدينوري قال: حدثنا عبيد الله بن موسى العبسي، عن سفيان الثوري قال: لقيت الصادق بن الصادق جعفر بن - محمد عليهما السلام فقلت له: يا ابن رسول الله أوصني فقال لي: يا سفيان لا مروءة لكذوب، ولا أخ لملوك ولا راحة لحسود، ولا سودد لسيئ الخلق، فقلت: يا ابن رسول الله زدني، فقال لي: يا سفيان ثق بالله تكن مؤمنا، وارض بما قسم الله لك تكن غنيا، وأحسن مجاورة من جاورته تكن مسلما، ولا تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره، وشاور في أمرك الذين يخشون الله عزّوجلّ، فقلت: يا ابن رسول الله زدني، فقال لي: يا سفيان من أراد عزا بلا عشيرة وغنى بلا مال وهيبة بلا سلطان فلينقل من ذل معصية الله إلى عز طاعته، فقلت: زدني يا ابن رسول الله، فقال لي: يا سفيان أمرني والدي عليه السلام بثلاث ونهاني عن ثلاث، فكان فيما قال لي: يا بني من يصحب صاحب السوء لا يسلم، ومن يدخل مداخل السوء يتهم، ومن لا يملك لسانه يندم، ثم أنشدني [ فقال ] عليه السلام:

عود لسانك قول الخير تحظ به

إن اللسان لما عودت يعتاد

موكل بتقاضي ما سننت له

في الخير والشر فانظر كيف تعتاد

إذا قام القائم عليه السلام حكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله

٢٢٣ - حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي قال: حدثنا محمد بن عبدالله بن عمران البرقي قال: حدثنا محمد بن علي الهمداني، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما السلام قالا: لو قد قام القائم(١) لحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله: يقتل الشيخ الزاني، ويقتل مانع الزكاة، ويورث الاخ أخاه في الاظلة.(٢)

______________

(١) في بعض النسخ « إذا قام القائم » عليه السلام.

(٢) يعنى عالم الاظلة والاشباح وهو عالم الذر.

١٦٩

قول النبي صلّى الله عليه وآله لسلمان الفارسى (ره)

ان لك في علتك ثلاث خصال

٢٢٤ - حدثنا محمد بن علي بن الشاه قال: حدثنا أبوحامد قال: حدثنا أبويزيد أحمد بن خالد الخالدي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن صالح التميمي، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن حاتم القطان، عن حماد بن عمرو، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لسلمان الفارسي رضي الله عنه: يا سلمان إن لك في علتك إذا اعتللت ثلاث خصال أنت من الله تبارك وتعالى بذكر، ودعاؤك فيها مستجاب، ولا تدع العلة عليك ذنبا إلا حطته، متعك الله بالعافية إلى انقضاء أجلك.

قول عمر أتوب إلى الله من ثلاث

٢٢٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: أخبرني يحيى بن الحسن ابن الفرات القزاز قال: حدثنا هارون بن عبيدة، عن يحيى بن عبدالله بن الحسن بن - الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: قال عمر حين حضره الموت: أتوب إلى الله من ثلاث: اغتصابي هذا الامر أنا وأبو بكر من دون الناس واستخلافي عليهم، وتفضيلي المسلمين بعضهم على بعض(١) .

______________

(١) اعلم أن السنة النبوية جرت بالاتفاق على القسم بالسوية لان الفئ والغنائم ونحو ذلك هي من حقوق المسلمين يجب صرفها إليهم على الوجه الذى دلت عليه الشريعة المقدسة وتفضيل طائفة في القسمة واعطاءها اكثر مما جرت السنة عليه لا يمكن الا بمنع من استحق بالشرع حقه وهو غصب لمال الغير وصرف له في غير أهله، وأول من فضل السابقين على غيرهم وفضل المهاجرين من قريش على غيرهم من المهاجرين وفضلهم كافة على الانصار جميعا وفضل العرب على العجم وفضل الصريح على المولى عمر وقد كان أشار على ابى بكر أيام خلافته بذلك فلم يقبل وقال ان الله لم يفضل أحدا على أحد، ولكنه قال « انما الصدقات للفقراء والمساكين » =

١٧٠

٢٢٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن علي الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني المسعودي قال: حدثنا الحسن بن حماد الطائي، عن زياد بن المنذر، عن عطية - فيما يظن - عن جابر بن عبدالله قال: شهدت عمر عند موته يقول: أتوب إلى الله من ثلاث من ردي رقيق اليمن، ومن رجوعي عن جيش اسامة بعد أن أمره رسول الله صلّى الله عليه وآله علينا، ومن تعاقدنا على أهل هذا البيت إن قبض الله رسوله لا نولي منهم أحدا.

٢٢٧ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن محمد الثقفي قال: حدثني محمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن أبيه قال: حدثني فضل بن الزبير قال: حدثني أبوعبيدة الحذاء زياد بن عيسى قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لما حضر عمر الموت قال: أتوب إلى الله من رجوعي عن جيش اسامة، وأتوب إلى الله من عتقي سبي اليمن، وأتوب إلى الله من شئ كنا أشعرناه قلوبنا نسئل الله أن يكفينا ضره، وأن بيعة أبي بكر كانت فلتة.

قول أبى بكر لا آسى من الدنيا الا على ثلاث فعلتها وددت أنى تركتها، وثلاث تركتها وددت أنى فعلتها، وثلاث وددت أنى كنت سألت عنها رسول الله صلّى الله عليه وآله

٢٢٨ - حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه قال: حدثنا محمد بن حاتم قال: حدثنا عبدالله بن حماد، وسليمان بن معبد قالا: حدثنا عبدالله بن صالح قال: حدثني الليث بن سعد، عن علوان بن داود بن صالح، عن صالح بن كيسان، عن عبد الرحمن ابن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه قال: قال أبوبكر في مرضه الذي قبض فيه: أما إني لا آسى من الدنيا إلا على ثلاث فعلتها ووددت أني تركتها، وثلاث تركتها

______________

= ولم يخص قوما دون قوم، فلما أفضت إليه الخلافة عمل بما كان أشار به أولا، وخالفه في ذلك على عليه السلام وقصته عليه السلام مع أخيه عقيل المسماة بالحديدة المحماة مشهورة (كذا في هامش المطبوع الحروفى).

١٧١

ووددت أني فعلتها، وثلاث وددت أني كنت سألت عنهن رسول الله صلّى الله عليه واله أما التي وددت أني تركتها فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وإن كان أعلن(١) علي الحرب. ووددت أني لم أكن أحرقت الفجاءة(٢) وأني قتلته سريحا أو أطلقته نجيحا، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الامر في عنق أحد الرجلين: عمر، أو أبي عبيدة، فكان أميرا وكنت وزيرا. وأما التي تركتها [ فوددت أني فعلتها ] فوددت أني يوم أتيت بالاشعث أسيرا كنت ضربت عنقه فانه يخيل لي(٣) أنه لم ير صاحب شر إلا أعانه، ووددت أني حين سيرت خالدا إلى أهل الردة(٤) كنت قدمت إلى قرية فان

______________

(١) في بعض النسخ المخطوطة « أغلق » وفى النسخ المطبوعة « علق ».

(٢) قوله « لم اكن أحرقت الفجاءة » هو اياس بن عبدالله بن عبد ياليل رجل من بنى سليم قدم على أبى بكر فقال انى مسلم وقد اردت جهاد من ارتد من الكفار، فاحملني وأعنى، فحمله أبوبكر على ظهر وأعطاه سلاحا فخرج يستعرض الناس المسلم والمرتد فشن الغارة على كل مسلم في سليم وعامر وهوازن فأخذ أموالهم ويصيب من امتنع منهم، فلما بلغ أبا بكر خبره ارسل إلى طريفة بن حاجز وكتب إليه: أن عدو الله الفجاءة أتانى يزعم أنه مسلم ويسألني أن أقويه على من ارتد عن الاسلام، فحملته وسلحته، ثم انتهى إلى - من يقين - الخبر أن عدو الله قد استعرض الناس المسلم والمرتد، يأخذ اموالهم، ويقتل من خالفه منهم، فسر إليه بمن معك من المسلمين حتى تقتله أو تأخذه فتأتيني به فسار إليه طريفة فهرب الفجاءة فلحقه فأسره ثم بعث به إلى أبى بكر فلما قدم عليه أمر أبوبكر أن توقد له نار في مصلى المدينة ثم رمى به فيها مكتوفا مقموطا. راجع تاريخ الطبري والكامل لابن الاثير ج ٢ ص ٢٣٧.

(٣) يعنى به الاشعث بن قيس الكندى الزنديق وكان سبب اسارته ومقاتلة قومه امتناعهم عن البيعة وتركهم الصدقة لكن لما قدم على أبى بكر عفى عنه وزوجه اخته أم فروة و قوله « يخيل لى »: على بناء المفعول من التخييل وفى بعض النسخ « إلى » بدل « لى » والمعنى أظن.

(٤) يعنى به مالك بن نويرة وقومه حيث أنكروا خلافته وامتنعوا من اعطاء الصدقات إلى عامله فامر أبوبكر خالد بن وليد بقتله فذهب خالد إليه في جمع وقتله وأسر نساءه و تزوج بزوجته ليلته.

١٧٢

ظفر المسلمون ظفروا وإن هزموا كيدا كنت بصدد لقاء أو مدد، ووددت أني كنت إذ وجهت خالدا إلى الشام قذفت المشرق لعمر بن الخطاب فكنت بسطت يدي يميني وشمالي في سبيل الله، وأما التي وددت أني كنت سألت عنهن رسول الله صلّى الله عليه وآله فوددت أني كنت سألته فيمن هذا الامر فلم ننازعه أهله، ووددت أني كنت سألته هل للانصار في هذا الامر نصيب، ووددت أني كنت سألته عن ميراث الاخ والعم، فان في نفسي منها حاجة(١) .

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: إن يوم غدير خم لم يدع لاحد عذرا هكذا قالت سيدة النسوان فاطمة عليها السلام لما منعت فدك وخاطبت الانصار، فقالوا: يا بنت محمد لو سمعنا هذا الكلام منك قبل بيعتنا لابي بكر ما عدلنا بعلي أحدا، فقالت: وهل ترك أبي يوم غدير خم لاحد عذرا.

قول عبدالله بن مسعود علماء الارض ثلاثة

٢٢٩ - حدثنا أبوالقاسم الحسن بن محمد السكوني المزكي(٢) بالكوفة قال: حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي قال: حدثنا محمد بن مرزوق قال: حدثنا حسين قال: حدثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الزعراء قال: قال عبدالله بن مسعود: علماء الارض ثلاثة: عالم بالشام، وعالم بالحجاز، وعالم بالعراق، أما عالم الشام فأبو الدرداء، وأما عالم الحجاز فهو علي عليه السلام، وأما عالم العراق فهو أخ لكم بالكوفة(٣) ، وعالم الشام، وعالم العراق محتاجان إلى عالم الحجاز، وعالم الحجاز

______________

(١) أورد نحوه صاحب الامامة والسياسة في مرض أبى بكر.

(٢) كذا، ولعل الصواب المذكر. وفى بعض النسخ « المولى ».

(٣) قوله فهو أخ لكم بالكوفة: أراد به نفسه ونقل عن الشيرازي في طبقات الفقهاء انه قال مسروق: « انتهى العلم إلى ثلاثة عالم بالمدينة وعالم بالشام وعالم بالعراق، فعالم المدينة على بن أبى طالب وعالم العراق عبدالله بن مسعود وعالم الشام أبوالدرداء، فإذا التقوا سأل عالم العراق وعالم الشام عالم المدينة، ولم يسألهما ».

١٧٣

لا يحتاج إليهما.

ثلاثة لم يكفروا بالوحى طرفة عين

٢٣٠ - حدثنا عبدالله بن محمد بن عبد الوهاب [ الاصبهاني ] قال: حدثنا أحمد ابن الفضل بن المغيرة قال: حدثنا أبونصر منصور بن عبدالله بن إبراهيم الاصبهاني قال: حدثنا علي بن عبدالله قال: حدثنا محمد بن هارون بن حميد قال: حدثنا محمد بن المغيرة الشهرزوري قال: حدثنا يحيى بن الحسين المدايني قال: حدثنا ابن لهيعة(١) ، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين: مؤمن آل يس، وعلي بن أبي طالب عليه السلام، وآسية امرأة فرعون.

ثواب من كن له ثلاث بنات فصبر عليهن

٢٣١ - حدثنا أبومحمد محمد بن أبي عبدالله الشافعي الفرغاني بفرغانة قال: حدثنا أبوجعفر محمد بن جعفر بن الاشعث قال: حدثنا أبوحاتم قال: حدثنا محمد بن - عبدالله الانصاري قال: حدثني ابن جريج، عن أبي الزبير، عن عمر بن نبهان(٢) ، عن أبي هريرة، عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: من كن له ثلاث بنات فصبر على لاوائهن و ضرائهن وسرائهن كن له حجابا يوم القيامة.

ثلاثة يشكون إلى الله عزّوجلّ يوم القيامة

٢٣٢ - حدثنا محمد بن عمر الحافظ البغدادي المعروف بالجعابي قال: حدثنا

______________

(١) تقدم ضبطه وأنه عبدالله بن لهيعة في ص ١١٣. وهو ممن يروى عن محمد بن مسلم ابن تدرس أبى الزبير المكى.

(٢) ذكره ابن حبان في الثقات. وفى جميع النسخ « عمر بن تيهان » وهو تصحيف راجع التهذيب ج ٧ تحت رقم ٨٣٧.

١٧٤

عبدالله بن بشير(١) قال: حدثنا الحسن بن الزبرقان المرادي قال: حدثنا أبوبكر ابن عياش، عن الاجلح(٢) ، عن أبي الزبير، عن جابر قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول: يجئ يوم القيامة ثلاثة يشكون إلى الله عزّوجلّ: المصحف، والمسجد، والعترة. يقول المصحف: يا رب حرقوني ومزقوني، ويقول المسجد: يا رب عطلوني وضيعوني، وتقول العترة: يا رب قتلونا وطردونا وشردونا فأجثوا للركبتين للخصومة، فيقول الله جل جلاله لي: أنا أولى بذلك.

رفع القلم عن ثلاثة

٢٣٣ - حدثنا الحسن بن محمد السكوني المزكي بالكوفة(٣) قال: حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي قال: حدثنا إبراهيم بن أبي معاوية قال: حدثني أبي، عن الاعمش، عن أبي ظبيان قال: أتى عمر بامرأة مجنونة قد فجرت فأمر عمر برجمها، فمروا بها على علي عليه السلام فقال: ما هذه؟ فقالوا: مجنونة قد فجرت، فأمر بها عمر أن ترجم، فقال: لا تعجلوا فأتى عمر فقال: أما علمت أن القلم رفع عن ثلاثة عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ(٤) .

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه جاء هذا الحديث هكذا، والاصل في هذا قول أهل البيت عليهم السلام أن المجنون إذا زنى حد والمجنونة إذا زنت لم تحد لان المجنون يأتي والمجنونة تؤتى.

الشح يولد ثلاث خصال مذمومة

٢٣٤ - حدثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا ابن صاعد قال: حدثنا الحسن بن -

______________

(١) كذا في الوسائل والموجود في كتب الرجال، وفى النسخ « عبدالله بشر ».

(٢) هو يحيى بن عبدالله. كما في التقريب.

(٣) تقدم الكلام فيه.

(٤) هذا الخبر بهذا السند مع قول المصنف تقدم تحت رقم ٤٠ من هذا الباب والظاهر أن التكرار من المؤلف لوجوده في جميع النسخ في الموضعين.

١٧٥

عرفة قال: حدثنا عمر بن عبد الرحمن أبوحفص الابار، عن محمد بن جحادة(١) عن بكير ابن عبدالله المدني، عن عبدالله بن عمرو، عن النبي صلّى الله عليه وآله قال: إياكم والشح(٢) فانما هلك من كان قبلكم بالشح، أمرهم بالكذب فكذبوا، وأمرهم بالظلم فظلموا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا(٣) .

٢٣٥ - أخبرني الخليل بن أحمد قال: أخبرنا أبوالعباس السراج قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا بكر بن عجلان(٤) عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال: إياكم والفحش فان الله عزّوجلّ لا يحب الفاحش المتفحش(٥) وإياكم والظلم فان الظلم عند الله هو الظلمات يوم القيامة، وإياكم والشح فانه دعا الذين من قبلكم حتى سفكوا دماءهم، ودعاهم حتى قطعوا أرحامهم، ودعاهم

______________

(١) محمد بن جحادة - بتقديم المعجمة على المهملة والدال المخففة - ثقة، يروى عنه عمر بن عبد الرحمن أبوحفص الابار - بتشديد الباء - الكوفى الحافظ نزيل بغداد هو أيضا صدوق ثقة مات في ولاية هارون. وروى محمد بن جحادة عن بكير بن عبدالله بن الاشج أبى عبدالله المدنى، نزيل مصر.

(٢) تقدم أن الشح هو البخل مع الحرص.

(٣) المراد بالقطيعة هو قطيعة الرحم فالشح مخالف للايمان ومانع من السعادة والفلاح( وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) .

(٤) بكر بن عجلان غير مذكور في الرجال والصحيح « قتيبة قال حدثنا: بكر، عن ابن عجلان » وهو قتيبة بن سعيد راوي بكر بن مضر راوي محمد بن عجلان راوي سعيد بن أبى سعيد المقبرى كما في التهذيب.

(٥) قوله الفاحش المتفحش: قال في النهاية الفاحش ذو الفحش في كلامه وفعاله والمتفحش الذى يتكلف ذلك ويتعمده انتهى. وقيل ان المراد بالمتفحش الذى يقبل الفحش من غيره فالفاحش المتفحش هو الذى لا يبالى ما قال ولا ما قيل له ويؤيد ذلك ما روى في الكافي عن أبى جعفر عليه السلام قال خطب رسول الله صلّى الله عليه وآله الناس - إلى قوله - ثم قال صلّى الله عليه وآله: ألا اخبركم بمن هو شر من ذلك قالوا بلى يا رسول الله قال: المتفحش اللعان، الذى إذا ذكر عنده المؤمنون لعنهم وإذا ذكروه لعنوه » بناء على كون الجزء الثاني تفسيرا للمتفحش.

١٧٦

حتى انتهكوا واستحلوا محارمهم.(١)

بدء أمر النبي صلّى الله عليه وآله من ثلاثة

٢٣٦ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار الفقيه بأخسيكث(٢) قال: حدثنا أبوالعباس محمد بن جمهور(٣) الحمادي قال: حدثني أبوعلي صالح بن محمد البغدادي ببخارا قال: حدثنا سعيد بن سليمان، ومحمد بن بكار، وإسماعيل بن إبراهيم قال(٤) : حدثنا الفرج بن فضالة، عن لقمان بن عامر، عن أبي امامة قال: قلت: يا رسول الله ما كان بدء أمرك، قال: دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى بن مريم، ورأت أمي أنه خرج منها شئ أضاءت منه قصور الشام(٥) .

ثلاث خصال من فعلهن فله ما للمسلمين وعليه ما عليهم

٢٣٧ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثنا أبوالعباس محمد بن محمد ابن جمهور(٣) الحمادي قال: حدثنا صالح بن محمد البغدادي(٦) قال: حدثنا العباس بن -

______________

(١) انتهك فلان الحرمة: تناولها بما لا يحل. وفلان فلانا نقض عرضه وذهب بحرمته. وفى بعض النسخ « انهتكوا » وهتك الله ستر الفاجر أي فضحه.

(٢) كذا وأخسيكت بالتاء المثناة أو الثاء المثلثة. من بلاد فرغانة وفى اللباب: الاخسيكثى - بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وكسر السين المهملة وسكون الياء المنقوطة باثنتين من تحتها وفتح الكاف وفى آخرها الثاء المثلثة هذه النسبة إلى اخسيكث.

(٣) كذا.

(٤) كذا أي قال كل واحد منهم: حدثنا.

(٥) قوله « دعوة ابراهيم » اشارة إلى قوله تعالى( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ - الاية) البقرة: ١٢٩. و « بشرى عيسى بن مريم » اشارة إلى قوله تعالى:( وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) الصف: ٦. و « رأت أمي » يعنى ما رأته حين ولادته صلّى الله عليه وآله كما في المناقب ج ١ ص ٢٣.

(٦) راجع ترجمته مفصلا تاريخ بغداد ج ٩ ص ٣٢٢.

١٧٧

الوليد النرسي(١) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا منصور بن سعد، عن ميمون بن سياه، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من استقبل قبلتنا، و صلى صلاتنا، وأكل ذبيحتنا فله مالنا وعليه ما علينا.

ثلاثة أشياء كل واحد منها جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة

٢٣٨ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثنا أبوالعباس الحمادي قال: حدثنا صالح بن محمد البغدادي قال: حدثنا محمد بن بكار قال: حدثنا عبيدة ابن حميد قال: حدثنا قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الهدى الصالح، والسمت الصالح(٢) ، والاقتصاد جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة.

الايمان ثلاثة أشياء

٢٣٩ - حدثنا أبوأحمد محمد بن جعفر البندار قال: حدثنا أبوالعباس الحمادي قال: حدثنا محمد بن عمر بن منصور البلخي بمكة قال: حدثنا أبويونس أحمد بن محمد ابن يزيد بن عبدالله الجمحي قال: حدثنا عبد السلام بن صالح، عن علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن علي بن - الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الايمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالاركان.

٢٤٠ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح الرازي، عن أبي الصلت الهروي قال: سألت الرضا عليه السلام عن الايمان فقال: الايمان عقد بالقلب

______________

(١) النرسى بفتح النون وسكون الراء بعدها سين مهملة. وهو عباس بن الوليد بن نصر النرسى ابو الفضل البصري.

(٢) الهدى - بفتح الهاء وسكون الدال -: الطريقة والسيرة. والسمت هيئة أهل الخير.

١٧٨

[ و ] لفظ باللسان [ و ] عمل بالجوارح، لا يكون الايمان إلا هكذا.

٢٤١ - أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي قال: حدثني علي بن - عبد العزيز، ومعاذ بن المثنى قالا: حدثنا عبد السلام بن صالح الهروي قال: حدثنا علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الايمان معرفة بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالاركان.

٢٤٢ - حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد العلوي رضي الله عنه قال: حدثنا أبوالحسن علي بن محمد البزاز قال: حدثنا أبوأحمد داود بن سليمان الغازي قال: حدثني علي ابن موسى الرضا عليهما السلام قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر ابن محمد قال: حدثني أبي محمد بن علي الباقر قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي أميرالمؤمنين عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: الايمان إقرار باللسان ومعرفة بالقلب وعمل بالاركان.

قال حمزة بن محمد رضي الله عنه وسمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم يقول: سمعت أبي يقول: وقد روى هذا الحديث عن أبي الصلت الهروي عبد السلام بن صالح، عن علي ابن موسى الرضا عليهما السلام باسناد مثله. قال أبوحاتم: لو قرء هذا الاسناد على مجنون لبرأ.

ثلاثة لا يدخلون الجنة

٢٤٣ - حدثنا أبوالعباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا أبومحمد يحيى بن محمد بن صاعد بمدينة السلام قال: حدثنا إبراهيم بن - جميل قال: حدثنا معتمر بن سليمان قال: قرأت على فضيل بن ميسرة، عن أبي جرير أن أبا بردة حدثه، عن أبي موسى الاشعري قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر، ومدمن سحر، وقاطع رحم. ومن مات مدمن خمر سقاه الله عزّوجلّ من نهر الغوطة، قيل: وما نهر الغوطة؟ قال: نهر يجري من فروج المومسات(١) يؤذي

______________

(١) المومسة: الفاجرة.

١٧٩

أهل النار ريحهن.

٢٤٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - أبي عبدالله، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ثلاثة لا يدخلون الجنة: السفاك للدم، وشارب الخمر، ومشاء بنميمة.

فيمن مات له ثلاثة أولاد

٢٤٥ - أخبرنا الخليل بن أحمد قال: أخبرنا المخلدي(١) قال: حدثنا يونس ابن عبد الاعلى قال: حدثنا عبدالله بن وهب قال: حدثني عمرو بن الحارث أن أبا عشانة المعافري(٢) حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من ثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم على الله عزّوجلّ وجبت له الجنة.

ثواب ثلاث خصال: اسباغ الوضوء وافشاء السلام وصدقة السر

٢٤٦ - حدثنا أبوالحسن محمد بن عمرو بن علي البصري قال: حدثنا أبوعبدالله عبد السلام بن محمد بن هارون بن الفضل بن العباس بن علي بن عبدالله بن العباس بن - عبدالله المأمون بن هارون الرشيد بن موسى الهادي(٣) بن محمد المهدي بن عبدالله المنصور ابن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس قال: حدثنا محمد بن محمد بن عقبة الشيباني(٤) قال: حدثنا أبوالقاسم الخضر بن أبان، عن أبي هدية إبراهيم بن هدية البصري(٥) عن أنس

______________

(١) الظاهر هو بقى بن المخلد. وفى بعض النسخ « الخلدى ».

(٢) ابو عشانة المعافرى هو حى بن يؤمن بن حجيل بن جريج المصرى ثقة من أحبار اليمن توفى سنة ١١٨.

(٣) كذا. واشتبه على الراوى فان موسى الهادى هو اخو هارون وانما أبوه هو المهدى.

(٤) كذا.

(٥) بالياء المثناة التحتانية على ما في نسخ الخصال، لكن في نسخة الوسائل هدبة بضم الهاء وسكون الدال بعدها باء موحدة وهو والخضر بن أبان عنونهما الخطيب في التاريخ ولم أجد راويه محمد بن محمد بن عقبة. ولعله محمد بن عقبة الشيباني أبوجعفر الطحان.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220