تلخيص التمهيد الجزء ١

تلخيص التمهيد0%

تلخيص التمهيد مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 459

تلخيص التمهيد

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد هادي معرفة
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: الصفحات: 459
المشاهدات: 77084
تحميل: 10554


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 459 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77084 / تحميل: 10554
الحجم الحجم الحجم
تلخيص التمهيد

تلخيص التمهيد الجزء 1

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مختلفين فيه، فأجابه الإمام (عليه السلام) بأنَّه هو الَّذي يتعاهده المسلمون اليوم، فقوله: (اقرأوا كما عُلّمتم) أي يجب عليكم - خطاباً إلى عامَّة المسلمين - أن تقرأوا القرآن كما ورثتموه خَلفاً عن سَلف عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

6 - قال عليّ بن الحكم: حدَّثني عبد الله بن فرقد والمعلّى بن خنيس قالا: كنّا عند أبي عبد الله (عليه السلام) ومعنا ربيعة الرأي، فذكرنا فضْل القرآن، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): (إن كان ابن مسعود لا يقرأ على قراءتنا فهو ضالّ، فقال ربيعة: ضالّ؟ فقال (عليه السلام): نعم، ضالّ، ثمَّ قال أبو عبد الله (عليه السلام): أمّا نحن، فنقرأ على قراءة أُبَيّ).

لعلَّهم تذاكروا شيئاً من قراءات ابن مسعود غير المتعارفة، فنبّههم الإمام (عليه السلام) أنَّها غير جائزة، وأنَّ الصحيح هي قراءة عامَّة المسلمين، ومَن خرج عن المعهود العامّ فهو ضالّ؛ لأنَّه أخطأ طريقة المسلمين التي توارثوها كابراً عن كابر عن نبيِّهم العظيم، فلو كان ابن مسعود يقرأ القرآن على خلاف طريقة المسلمين - على تقدير صحَّة النسبة - فهو ضالُّ؛ لأنَّ الطريق الوسط هو الَّذي مشى عليه جماعة المسلمين، والحائد عن الجادّة الوسطى ضالّ لا محالة أيّاً كان.

أمّا قوله: (أمّا نحن، فنقرأ على قراءة أُبيّ) أي أُبيّ بن كعب، فإشارة إلى حادث توحيد المصاحف على عهد عثمان، حيث كان المُملي أُبَيّاً، والجماعة يكتبون على إملائه، ويرجعون إليه في تعيين النصِّ الأصل عند الاختلاف (1) ، فالمصحف الموجود الَّذي عليه عامَّة المسلمين هو من إملاء أُبيّ، فالقراءة وفق قراءة أُبيّ كناية عن الالتزام بما عليه عامَّة المسلمين الآن.

7 - روى الصدوق عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال: (قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (تعلَّموا القرآن بعربيَّته، وإيّاكم والنبْر فيه - يعني الهمْز -).

قال الإمام الصادق (عليه السلام): (الهمْز زيادة في القرآن، إلاّ الهمْز الأصلي مثل قوله:

____________________

(1) راجع ص193 و194 من هذا الجزء.

٣٨١

( أَلاّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ ) (1) ، وقوله: ( لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ ) (2) ، وقوله: ( فَادَّارَأْتُمْ )) (3) (4) .

جاء في النُسخ: (النبز) بالزاي، وهو خطأ هنا، وإنَّما هو (النبر) بالراء كما تقدَّم عن نهاية ابن الأثير، وإنَّ الكسائي كان ينبر بالقرآن (5) .

والأمر بقراءة القرآن عربية خالصة، كثير في أحاديث أئمَّة أهل البيت (عليهم السلام) (6)؛ حرصاً منهم على محافظة لُغة القرآن الأصيلة، هي لغة العرب الفصحى ولهْجتهم الأفشى، فلا يتسرَّب إليه لحْن ولا يلحقه تغيير.

* * *

____________________

(1) النمل: 25.

(2) النحل: 5.

(3) البقرة: 72.

(4) معاني الأخبار: ص98.

(5) تقدّم في الصفحة 264.

(6) راجع وسائل الشيعة: ج4، ص865، باب 30 من أبواب قراءة القرآن.

٣٨٢

مقارنة نموذجية بين قراءة حفص وقراءات تخالفها

كانت ولا تزال قراءة عاصم - برواية حفص - هي القراءة المفضّلة، والتي تقبّلها جمهور المسلمين في جميع الأدوار والأعصار، وفي جميع البلدان والأمصار؛ وذلك لميّزات كانت فيها.

الميّزات

أهمّها:

إنّ عاصماً جمعَ بين الفصاحة والإتقان والتحرير والتجويد... الأمر الذي خُصَّ به الوصفُ في كتُب تراجم القرّاء (1) ... كما اختصّ بعلوّ الإسناد وارتفاعه إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بواسطة واحدة، هو التابعيّ الكبير أبو عبد الرحمان عبد الله بن حبيب السلمي... وكانت قراءة الإمام هي قراءة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بلا شكّ، عن جبرئيل عن الله عزّ وجلّ، فكانت هي الحجّة المعتبرة.

وحفصٌ كان أتقن أصحاب عاصم وأعلمهم بقراءته... قال ابن معين: الرواية الصحيحة التي رُويت من قراءة عاصم، رواية حفص بن سليمان (2).

____________________

(1) راجع ابن الجزري في شرح طيبة النشر: ص 9، والمكرّر لسراج الدين الأنصاري: ص5.

(2) المصدرين السابقين.

٣٨٣

قال الشاطبي: . .. وحفصٌ... وبالإتقان كان مفضّلاً (1) .

وفي العَرْض التالي مقارنة نموذجيّة بين هذه القراءة وسائر القراءات التي تخالفها؛ ليتبيّن مدى قوّتها وإتقانها حسب المقاييس أيضاً، فضلاً عن قوّة السند وإتقان المأخذ كما عرفت.

ملتقطات في هذه المقارنة

وإليك ملتقطات من ذلك حسب ترتيب السوَر:

فمِن سورة الفاتحة:

( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) (2).

قرأ عاصم والكسائي: (مالك) بالألف، وقرأ الباقون بغير ألف.

وهكذا روى العيّاشي بإسناده إلى الحلبي: أنّ الإمام أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) كان يقرأ ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) . والظاهر أنّه (عليه السلام) كان ذلك دأبه، نعم، كان كثيراً ما يقرأ بغير ألف أيضاً؛ لِمَا رواه العيّاشي بإسناده عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقرأ ما لا أُحصي (مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بغير ألف (3) .

غير أنّ في نسبة (مَلك) بغير ألف إلى الإمام (عليه السلام) نوع خفاء، إذ لعلّه كان يميل بالألف، كما هي عادة العرب في اللهج بالألِفات المشالة غير المقلوبة عن الواو أن يتلفّظوا ممالةً إلى الياء تقريباً، بحيث ربّما لا يُحسُّ بقراءة الألف عند السامع، فحسب الراوي أنّه (عليه السلام) قرأ بغير ألف.

والظاهر جواز القراءة بالوجهين، وإن كان الأرجح قراءة الألف؛ لكونها هي المحفوظة في صدور المسلمين عامّتهم وخاصّتهم، ممّا يدلّ على أنّها هي الأصل المأثور متواتراً... ولأنّ الإمام (عليه السلام) كان يتداوم عليها، وإن كان قد يقرأ بغير ألف أحياناً، ولعلّ الثانية كانت للموافقة مع قرّاء الحجاز (مكّة والمدينة) آنذاك (4) .

____________________

(1) سراج القارئ (شرح الشاطبية): ص 14.

(2) الفاتحة: 4.

(3) تفسير العيّاشي: ج1، ص22 - 23.

(4) ابن كثير قارئ مكّة من السبعة مات سنة (120هـ)، ونافع قارئ المدينة مات سنة (169 هـ)، وعاش الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) (83 - 148هـ).

٣٨٤

وقد رجّح الأخفش قراءة الألف؛ لأنّ (مالكاً) يضاف في اللّفظ إلى سائر المخلوقات (أي جميعها) يقال: مالك الناس والجنّ والحيوان، ومالك الرياح والطير وسائر الأشياء، ولا يقال مَلك... قال: فلمّا كان ذلك كذلك كان الوصف بالمِلك - بكسر الميم - أعمّ من الوصف بالمُلك - بضمّ الميم -؛ لأنّه يملك جميع ما ذكرنا وتحيط به قدرته.

قال أبو زرعة - تعقيباً على هذا الكلام -: قال علماؤنا: إنّما يكون المِلك - بالكسر - أبلغ في المدح فيما أُضيف إلى الله، ممّا أُضيف إلى المخلوقين؛ لأنّ أحدهم إنّما يملك شيئاً دون شيء، والله يملك كلّ شيء (1) .

قلت: المُلك - بالضمّ - هو السلطة، والأكثر كونها في السياسة الإداريّة لأُمّة أو رقعة من الأرض، ومن ثمّ كان ملكوت السماوات والأرض بيده تعالى ( لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) (2) .

والمِلك - بالكسر - أعمّ وأشمل، وهو أساس المُلك - بالضمّ - ومنشأُه الأوّل، وهو في المخلوق عرضيّ اعتباريّ، وفيه تعالى أصيل حقيقيّ؛ لأنّه تعالى إنّما مَلك الأشياء كلّها مُلكاً حقيقياً، وفي غيره اعتباريّ محْض.

قال الراغب: المُلك - بالضمّ - ضبط الشيء المتصرّف فيه بالحُكم، والمِلك - بالكسر - كالجنس للمُلك - بالضمّ - فكلّ مُلكٍ مِلكٌ، وليس كلُّ مِلكٍ مُلكاً، قال تعالى: ( قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء ) (3) ، ( وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُوراً ) (4) ، وقال: ( أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ ) (5) ، ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً ) (6) ، وفي غيرها من الآيات.

____________________

(1) حجّة القراءات: ص79.

(2) جاءت في عشرة مواضع من القرآن.

(3) آل عمران: 26.

(4) الفرقان: 3.

(5) يونس: 31.

(6) الأعراف: 188.

٣٨٥

ورُجّح (مالِك) على (مَلِك) بوجوه:

قال تغلب: إنّ مالكاً أبلغ من مَلِك؛ لأنّه قد يكون المُلك على مَن لا يُملَك، كما يقال مَلِك الروم وإن كان لا يملِكهم، ولا يكون مالكاً إلاّ على ما يُملَك.

وقال آخر: إنَّ مالكاً أبلغ في المدح للخالق من مَلِك، أبلغ في مدح المخلوقين من مالك؛ لأنّ مالكاً من المخلوقين يكون غير مَلك إلاّ واحداً في كثير، وإذا كان الله مالكاً فهو مَلِك إطلاقاً.

قال الشيخ: والأقوى أن يكون (مالِك) أبلغ في المدح فيه تعالى؛ لأنّه ينفرد بالمِلك ويملك جميع الأشياء فكان أبلغ (1) .

وقال أبو علي الفارسي: يشهد لِمن قرأ (مالك) من التنزيل قوله تعالى: ( يَوْمَ لاَ تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئاً وَالأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ) (2) ؛ لأنّ قولك: (الأمر له) و(هو مالك الأمر) بمعنى، ألا ترى أنّ لام الجرّ معناها المِلك والاستحقاق (3) .

ومن سورة البقرة:

( وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ ) (4) .

قرأ نافع وراوِياه: (قالون، وورش)، وابن كثير، وأبو عمرو ( وَمَا يخادعُونَ ) ، واحتجّ أبو عمرو بأنّ الرجُل إنّما يخادع نفسه ولا يخدعها، أي يحاول ذلك ولا يتحقّق منه.

وقرأ عاصم وراوِياه: (شعبة، وحفْص) وسائر الكوفيّين وغيرهم: ( وَمَا يَخْدَعُونَ ) ، وحجّتهم في ذلك: أنّ الله أخبر عن المنافقين أنّهم يخادعون الله والذين آمنوا... بقولهم: ( آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ ) (5) فأثبتَ لهم مخادعتهم الله والمؤمنين.

____________________

(1) تفسير التبيان: ج1، ص35.

(2) الانفطار: 19.

(3) مجمع البيان: ج1، ص24.

(4) البقرة: 9.

(5) البقرة: 8.

٣٨٦

فلو كان عقَّبه بأنّهم لا يخادعون الله والمؤمنين، وإنّما يخادعون أنفسهم كان ذلك تنافياً في الكلام، إذ كان قد نفى في آخر الكلام ما أثبته لهم في أوّله.

أمّا لو قُرئ بغير ألف كان قد أخبر أنّ المخادعة من فِعلهم، لكنّ الخدع إنّما يحيق بهم خاصّة دون غيرهم من المؤمنين (1) .

توضيح ذلك: إنّ المخادعة هي محاولة الخدْع، يجوز أن يقع ويجوز أن لا يقع، قال تعالى: ( وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ ) (2) ، أمّا الخدع فهو تعبير عن تحقّقه ووقوع تأثير الخداع، الأمر الذي ينفيه تعالى بالإضافة إلى نفسه والمؤمنين، وإنّما يحيق المكر السيّئ بأهله.

وبذلك يتبيّن وَهْن احتجاج أبي عمرو؛ لأنّهم لم يحاولوا خداع أنفسهم، وإنّما وقع تأثير الخداع بأنفسهم من غير أن يكونوا أرادوه، قال تعالى: ( وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاّ بِأَهْلِهِ ) (3) .

قال مكّي بن أبي طالب: وقراءة مَن قرأ بغير ألف أقوى في نفسي؛ لأنّ الخِداع فِعل أنفسهم قد يقع وقد لا يقع، والخدع فِعل وقع بلا شكّ، فإذا قرأت: (وما يخدعون) أخبرتَ عن فِعلٍ وقع بهم بلا شكّ، وأمّا إذا قرأت: (وما يخادعون) جاز أن يكون لم تقع بهم المخادعة، فـ(يخدعون) أمكَن في المعنى....

قال أبو حاتم: العامّة عندنا على قراءة (وما يخدعون) (4) .

***

( وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) (5) .

قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: (يكذبون) بالتخفيف، وقرأ الباقون بالتشديد.

وقراءة التخفيف هي الأشبه بسياق الآية؛ لأنّهم إنّما عوتبوا على كِذبهم

____________________

(1) حجّة القراءات: ص 87.

(2) الأنفال: 62.

(3) فاطر: 43.

(4) الكشف: ج 1 ص 225 - 227.

(5) البقرة: 10.

٣٨٧

ونِفاقهم، ولم يكن ثمّة تكذيب في ظاهر الكلام ( وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) (1) ، فقد صحّت قراءة التخفيف؛ ليكون الكلام على نظام واحد (2) .

* * *

( وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ) (3) .

قرأ نافع وراوِياه (قالون، وورش): (النبيئين) بالهمز... وهو من النبْر في القرآن المنهيّ صريحاً عن النبي (صلّى الله عليه وآله).

روي أنّ رجلاً قال للنبي (صلّى الله عليه وآله): يا نبيء الله، فنهرَه وقال: (لست نبيء الله ولكنّي نبيّ الله)، وفي رواية: (إنّا معشر قريش لا ننبر).

ولمّا حجّ المهديّ العبّاسيّ قدّم الكسائي يصلّي بالناس، فهمَز، فأنكر عليه أهل المدينة وقالوا: إنّه ينبُر في مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالقرآن!! (4) .

وقد روى الصدوق بإسناده عن الصادق (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: (قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): تعلّموا القرآن بعربيّته، وإيّاكم والنبْر فيه - يعني الهمْز -) (5) .

قال الصادق (عليه السلام): الهمز زيادة في القرآن، إلاّ الهمز الأصلي مثل قوله تعالى: ( أَلاّ يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ ) (6) وقوله: ( لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ ) (7) وقوله: ( فَادَّارَأْتُمْ )) (8) (9) .

وقرأ عاصم وسائر القرّاء: (النبيّين) على الأصل المعهود من لُغة قريش.

____________________

(1) المنافقون: 1.

(2) راجع حجّة القراءات: ص 89، والكشف: ج 1 ص 228.

(3) البقرة: 61.

(4) نهاية ابن الأثير: ج 5 ص 7. وراجع التمهيد: ج 2 ص 69 الطبعة الثانية.

(5) في نسخة الوسائل (النبز) بالزاي، وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه بالراء المهملة.

(6) النمل: 25.

(7) النحل: 5.

(8) البقرة: 72.

(9) وسائل الشيعة: باب 30 من أبواب قراءة القرآن ح 1، ج 4، ص 865.

٣٨٨

قال أبو محمّد مكّي بن أبي طالب: قرأ نافع وحده: النبئ، والنبوءة، والأنبئاء، والنبيئين - بالهمز - في جميع القرآن، إلاّ في موضعين من سورة الأحزاب (1)، فإنّ قالون لم يهمزهما (2)، وهذا الكلام يستدعي أنّ ورشاً تتبّع نافعاً في الهمز بالجميع.

وهذا غريب، كيف أنّ نافعاً قارئ المدينة يخالف رأي نبيّها وأهلها والمسلمين في النبْر في القرآن؟!.

قال سيبويه: ليس أحد من العرب إلاّ ويقول: تنبّأ مسيلمة، بالهمز، غير أنّهم تركوا الهمز في النبيّ كما تركوه في الذرّية والبرية والخابية، إلاّ أهل مكّة فإنّهم يهمزون هذه الأحرف الثلاثة ولا يهمزون غيرها، ويخالفون العرب في ذلك (3).

إذاً كانت قراءة عاصم وفْق لُغة قريش الذين نزل القرآن بلُغتهم، كما كانت متوافقة مع الفصيح من لغة العرب جميعاً، وقد نزل القرآن عربيّاً وعلى لُغتهم ولهْجتهم،... سوى أنّ (ورشاً) وشيخه (نافعاً) خالفا قريشاً وسائر العرب أجمعين.

وقد قال تعالى: ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ ) (4) .

* * *

( قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً ) (5) .

قرأ نافع (هُزْء) والباقون (هُزُء)، وقرأ حفص (هزواً) بغير همز وضمّتين؛ لأنّه كره الهمز بعد ضمّتين في كلمة واحدة فليّنها، وهي المتوافقة مع لغة العرب الفصحى السَلِسة، وهي القراءة المعروفة عند عامّة المسلمين.

قال مكّي: (هزواً، وكفواً، وجزءً) قرأ حمزة بإسكان الزاي والفاء، وضمّها الباقون، وكلّهم همزَ إلاّ (حفْصاً)، فإنّه أبدلَ من الهمزة واواً مفتوحةً على أصل

____________________

(1) الآية: 50 و 53.

(2) الكشف: ج 1 ص 243 - 244.

(3) نهاية ابن الأثير: ج 5 ص 4.

(4) الشعراء: 193 - 195.

(5) البقرة: 67.

٣٨٩

التخفيف (1) .

* * *

( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ ) (2) .

قرأ نافع (ولا تَسأل) نهْياً... ولا وجه له... إلاّ على مذهب فاسد تركناه (3) .

وقرأ عاصم والباقون (ولا تُسأل) أي لست مسؤولاً عنهم، كما في قوله تعالى: ( فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ) (4)، ونظيرها من آيات نزلت تسلية لخاطره (صلّى الله عليه وآله)، كانت نفسه الكريمة تذهب عليهم حسرات أن لا يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً... ولعلّه (صلّى الله عليه وآله) كان يخشى المسؤوليّة التي جاءت الإشارة إليها في قوله تعالى: ( فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ ) (5) .

* * *

( وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً ) (6) .

قرأ نافع وابن عامر (ولو ترى) خطاباً إلى النبي (صلّى الله عليه وآله)، وعليه فجواب الشرط محذوف مقدّر، أي لرأيت أمراً فظيعاً... وهكذا يبقى (أنّ القوّة...) بلا محلّ للإعراب، إلاّ بتقدير (لأنّ القوّة...)،... وهذا كلّه تكلّف (7) .

وقرأ عاصم والباقون (ولو يرى) جرْياً مع ظاهر الكلام من غير تكلّفِ تقدير.

* * *

( فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) (8) .

قرأ ورش عن نافع (الداعي) بالياء؛ لأنّه الأصل (9) .

____________________

(1) راجع الكشف: ج 1 ص 247. وحجّة القراءات: ص 101.

(2) البقرة: 119.

(3) راجع حجّة القراءات: ص 111.

(4) الغاشية: 21 - 22.

(5) الأعراف: 6.

(6) البقرة: 165.

(7) راجع حجّة القراءات: ص 119.

(8) البقرة: 186.

(9) راجع حجّة القراءة: ص 127.

٣٩٠

وقرأ عاصم والباقون (الداع) بغير ياء، وحجّتهم: أنّ ذلك في المصحف كذلك بغير ياء، فلا ينبغي أن يخالف رسم المصحف (1) .

* * *

( وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ... ) (2) .

قرأ نافع (حتّى يقولُ) بالرفع، زعماً أنّها بمعنى (قال) على الماضي (3) .

وقرأ عاصم والباقون بالنصب على الأصل؛ لأنّ مدخول (حتّى) غاية للزلزال، وتكون (حتّى) هنا بمعنى (إلى أن).

* * *

( قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ ) (4) .

قرأ نافع (هل عسِيتم) بكسر السين، لغة رديئة، وقرأ عاصم والباقون بالفتح، لغة فصحى.

قال أبو عبيد: القراءة عندنا هي الفتح؛ لأنّها أعرف اللغَتين، ولو كان الكسر صحيحاً لقُرئ (عَسَى رَبُّنَا...) (5) بكسر السين، وقد أجمعوا هناك على الفتح لا غير...

قال مكّي : والفتح في السين هي اللغة الفاشية، وعليها أجمع القرّاء، ونافع معهم في غير ما هنا....

قال: وهو الاختيار؛ لإجماع القرّاء عليه مع المضمر والمظهر، وإنّما خالفهم نافع وحده مع المضمر. وقد قال أبو حاتم: ليس للكسر وجه (6) .

* * *

____________________

(1) راجع حجّة القراءات: ص 127.

(2) البقرة: 214.

(3) حجّة القراءات: ص 131.

(4) البقرة: 246.

(5) القلم: 32.

(6) راجع حجّة القراءات: ص 140. والكشف: ج 1 ص 303.

٣٩١

( إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا ) (1) .

قرأ عاصم (تجارةً) بالنصب خبراً، والاسم مضمر، والمعنى: (إلاّ أن تكون المعاملة تجارة حاضرة)، وقرأ الباقون (تجارةٌ) بالرفع، على أن تكون (كان) تامّة، قياساً على قوله: ( وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ ) قبلها (2).

لكنّ الرفع هناك كان لأجل الدلالة على عموم الحُكم، يشمل كلّ مُعسر، وليس مخصوصاً بالمتبايعَين فحسب، ومن ثمّ أجمعوا على الرفع هناك، فلا موضع للقياس عليه (3) .

* * *

( وَإِن كُنتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُواْ كَاتِباً فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ ) (4) .

قرأ ابن كثير وأبو عمرو (فرُهُن) بضمّ الراء والهاء، جمع رَهن، مثل: سَقف وسُقُف، وقرأ عاصم والباقون (فرهان)؛ لأنّ جَمع فَعْل على فِعال أقيَس في العربيّة، نحو: بحر وبِحار وعبد وعِباد، وكعب وكِعاب، ونعل و نِعال.

قال مكّي: جمع فَعْل على فِعال كثير، وجمع فَعل على فُعُل قليل، وإنّما أتى منه أشياء نوادر في الكلام... فيحمل القرآن على الكثير الفاشي وهو فعال، وهو الاختيار (5) .

ومن سورة آل عمران:

( فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ ) (6) .

وقرأ نافع (ترونهم) بالتاء بناء منه على أنّ الخطاب مع اليهود (7) ، وقرأ عاصم

____________________

(1) البقرة: 282.

(2) البقرة: 280.

(3) الكشف: ج 1 ص 322.

(4) البقرة: 283.

(5) الكشف: ج 1 ص 323.

(6) آل عمران: 13.

(7) حجّة القراءات: ص 154.

٣٩٢

والباقون بالياء، قال أبو عمرو: لو كانت بالتاء لكانت (مثلَيكم)، قال مكّي: وقد كان يَلزم مَن قرأ بالتاء أن يقرأ (مثليكم) وذلك لا يجوز، لمخالفة الخطّ (1) .

* * *

( فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ) (2) .

قرأ نافع وأبو عمرو (ومَن اتّبعني) بالياء على خلاف مرسوم الخط، وقرأ عاصم والباقون وفْق رسم خطّ المصحف الشريف (3) .

* * *

( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ) (4) .

قرأ ابن عامر (بما وضعتُ) بضمّ التاء وقرأ عاصم - برواية حفْص والباقون - بسكون التاء، إذ لو كان ذلك من كلامها لكان الأليَق أن يكون: ربّ إنّي وضعتها أنثى وأنت أعلم بما وضعتُ (5) .

ومن سورة النساء:

( نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيماً ) (6) .

قرأ نافع (مَدخلاً) بفتح الميم مصدراً ثلاثياً (7) .

وقرأ عاصم والباقون بالضمّ؛ ليتوافق المصدر مع الفعل، كما في سورة الإسراء ( وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ) (8) مصدراً مزيداً باتّفاق القرّاء.

* * *

____________________

(1) الكشف: ج 1 ص 436.

(2) آل عمران: 20.

(3) حجّة القراءات: ص 158.

(4) آل عمران: 36.

(5) حجّة القراءات: ص 161.

(6) النساء: 31.

(7) حجّة القراءات: ص 199.

(8) الإسراء: 80.

٣٩٣

( أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ ) (1) .

قرأ حمزة والكسائي (أو لمَستم...) بغير ألف، وقرأ عاصم والباقون بالألف، وحجّتهم: ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله: ( ( أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء ) أي جامعتم، ولكنّ الله يُكنّي) (2) .

ومن سورة المائدة:

( وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلى الْكَعْبَينِ ) (3).

قرأ عاصم برواية حفص (أرجُلَكم) بالنصب، وهكذا قرأ نافع، وابن عامر، والكسائي.

وقرأ برواية شعبة بالخفْض، وهكذا ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة (4) .

وقد تكلّمنا عن قراءة النصب وكونها هي المختارة وفْق المذهب الصحيح في مسْح الأرجُل (5) .

ومن سورة الأنعام:

( أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) (6) .

قرأ حمزة والكسائي (اقتَدِ)، وقرأ عاصم والباقون (اقتده) بهاء السكت وصلاً، وحجّتهم: أنّها مثبتة في المصحف، فكرهوا إسقاط حرف من المصاحف (7) .

* * *

( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ ) (8) .

____________________

(1) النساء: 43.

(2) حجّة القراءات: ص 205.

(3) المائدة: 6.

(4) حجّة القراءات: ص 223.

(5) راجع صفحة 381 - 383.

(6) الأنعام: 90.

(7) حجّة القراءات: ص 260.

(8) الأنعام: 137.

٣٩٤

قرأ ابن عامر (شركائهم) بإضافة القتْل إلى الشركاء مع فصل المفعول به، وقد خطّأه الأئمّة وسائر العلماء.

وقرأ عاصم والباقون (شركاؤهم) بإضافة القتْل إلى الأولاد، ورفْع الشركاء فاعلاً للمصدر، وقد بحثنا عن ذلك سابقاً (1) .

ومن سورة الأعراف:

( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ) (2) .

(بُشراً) بالباء، وكذا في سورَتي: الفرقان (3)، والنمل (4) ، هذه هي قراءة عاصم وحده. قال أبو زرعة: وحجّته قوله تعالى: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ ) (5) ، وذلك أنّ الريح تبشّر بالمطر. قال: وكان عاصم يُنكر أن تكون الريح تنشر، وكان يقول: المطر ينشر، أي يُحيي الأرض بعد موتها، يقال: نشرَ وأنشر إذا أحيى (6) .

وقرأ حمزة، والكسائي (نَشْراً)، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (نُشُراً)، وقرأ ابن عامر (نُشْراً)، ودلائلهم في ذلك غير وافية (7) .

ومن سورة هود:

( يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ ) (8) .

قرأ عاصم وحده (يا بنيّ) بفتح الياء، وقرأ الباقون بالكسر، ويأتي نظيره في سورة لقمان.

____________________

(1) راجع صفحة: 246 و 268 و 357 و 376 من هذا الجزء.

(2) الأعراف: 57.

(3) الفرقان: 48.

(4) النمل: 63.

(5) الروم: 46.

(6) حجّة القراءات: ص 286.

(7) راجع الكشف: ج 1 ص 465.

(8) هود: 42.

٣٩٥

ومن سورة النحل:

( إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ ) (1) .

قرأ عاصم وحمزة والكسائي (لا يَهدي) بفتح ياء المضارعة وكسر الدال، وقرأ نافع والباقون (لا يُهدى) بضمّ الياء وفتح الدال، بمعنى أنّ الذي أضلّه الله فلا هادي له (2) ، لكن يبقى ربط الكلام غير منسجم!.

ومن سورة الكهف:

( وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ ) (3) .

( وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ ) (4) .

قرأ عاصم وحده (ثَمر) (بثَمَره) (5) بفتحتين، وقرأ أبو عمَر (ثُمر) (بثُمره) بالضمّ فسكون، وقرأ الباقون (ثُمُر) (بثُمُره) بضمّتين.

والقياس مع عاصم بدليل ( كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا... ) (6) والأكل هو الثمر (7) ، فضلاً عن موافقة جمهور المسلمين.

* * *

( وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً ) (8) .

قرأ حفص وحده (لِمَهلِكهم) على وزان مجلس بكسر اللام، وقرأ شعبة بفتح اللام، وقرأ نافع والباقون (لمُهلَكهم) بضم الميم وفتح اللام (9) .

____________________

(1) النحل: 37.

(2) حجّة القراءات: ص 340.

(3) الكهف: 34.

(4) الكهف: 42.

(5) الكهف: 34.

(6) الكهف: 32.

(7) حجّة القراءات: ص 388.

(8) الكهف: 59.

(9) حجّة القراءات: ص 416.

٣٩٦

ومن سورة مريم:

( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ ) (1).

قرأ نافع والكسائي (يكاد) بالياء، وقرأ عاصم والباقون (تكاد) بالتاء (2) ، وهو الأنسب؛ لأنّ الاسم جمع مؤنث سالم بالألف والتاء، ولاسيّما وضمير الجمع المؤنّث العائد عليها، ولا كذلك لو كان جمع مكسّر ولو كان مؤنثاً حقيقيّاً، كما في ( وَقَالَ نِسْوَةٌ ) (3) .

ومن سورة طه:

( طه ) (4) .

قرأ أبو عمرو (طاء هِـ) بكسر الهاء، وقرأ حمزة والكسائي (طِ، هـِ) بالكسر فيهما، وقرأ حفص والباقون (طا، ها). قال أبو زرعة: وهو الأصل؛ لأنّ العرب تقول: طاء، هاء.. (5) .

* * *

( قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ ) (6) .

وقرأ أبو عمرو (هذين) بالتشديد والياء، وقرأ عاصم والباقون (هذان) بالتخفيف والألف؛ لأنّه الموافق لرسم المصحف الإمام (7) .

وقد تكلّمنا عن تفصيل ذلك في مجاله (8) . ولأبي زرعة أيضاً كلام حول ذلك فراجع.

____________________

(1) مريم: 90.

(2) حجّة القراءات: ص 421.

(3) يوسف: 30.

(4) طه: 1.

(5) حجّة القراءات: ص 450.

(6) طه: 63.

(7) حجّة القراءات: ص 454.

(8) راجع ص 364 من هذا الجزء.

٣٩٧

ومن سورة الأنبياء:

( وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ) (1) .

قال الفرّاء: القرّاء يقرأونها بنونَين، وكتابتها بنون واحدة؛ وذلك أنّ النون الأُولى متحرّكة والثانية ساكنة، فلا تظهر الساكنة على اللسان، فلمّا خَفيت حُذفت (2) .

فقد قرأ عاصم برواية حفص، وكذلك سائر القرّاء، بنونَين مع إخفاء الثانية، وفْق المعهود من لهجة العرب عند النُطق بالنون الساكنة في الحالة السادسة، ممّا ذكره أئمّة القراءة، منهم: مكّي بن أبي طالب فراجع (3) .

هذا، ولكن ابن عامر وكذا شعبة قرأ (نُجّي) بتشديد الجيم وسكون الياء.

قال الفرّاء: ولا نعلم لها جهة إلاّ احتمال اللَحن؛ لأنّ ما لم يسمّ فاعله إذا خلا باسم، رَفَعَهُ. قال أبو زرعة: وقالوا أيضاً: (نجّي) فعل لم يسمّ فاعله وكان الواجب أن تكون الياء مفتوحة كما في (عُزيّ وقُضي) (4) .

قال مكيّ بن أبي طالب: وحجّة مَن قرأ بنون واحدة أنّه بنى الفعل للمفعول فأضمر المصدر (أي نُجّي النجاء المؤمنين)؛ ليقوم المصدر مقام الفاعل، ونصب (المؤمنين) على أنّه مفعول به، قال: وفيه بُعدٌ من وجهين:

أحدهما: أنّ الأصل أن يقوم المفعول مقام الفاعل دون المصدر، فكان يجب رفع (المؤمنين)، وذلك مخالف للخطّ.

والوجه الثاني: أنه كان يجب أن تفتح الياء من (نجّي)؛ لأنّه فعل ماضٍ، كما تقول: (رمى) و(كلّم) فأسكن الياء وحقّها الفتح، فهذا الوجه بعيد في الجواز.

____________________

(1) الأنبياء: 88.

(2) أي فلمّا خفيَت لسانا حذفت خطّاً، وذلك في العهد الأوّل عندما الخطّ عند العرب في بدايته.

(3) الكشف: ج 1 ص 166.

(4) راجع معاني القرآن للفرّاء: ج 2 ص 210، وحجّة القراءات لأبي زرعة: ص 469 - 470.

٣٩٨

قيل: إنّ هذه القراءة على طريق إخفاء النون الثانية في الجيم، قال مكّي: وهذا أيضاً بعيد؛ لأنّ الرواية بتشديد الجيم والإخفاء لا يكون معه تشديد.

وقيل: أُدغم النون في الجيم، قال: وهذا أيضاً لا نظير له، لا تُدغم النون في الجيم في شيء من كلام العرب لبُعد ما بينهما.

قال: وإنّما تعلّق مَن قرأ هذه القراءة أنّ هذه اللفظة في أكثر المصاحف بنون واحدة، فهذه القراءة إذا قُرئت (بتشديد الجيم، وضمّ النون، وإسكان الياء) غير متمكّنة في العربية (1) .

ومن سورة الشعراء:

( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ) (2) .

قرأ حفص، وأبو عمرو، وابن كثير، ونافع (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ) بتخفيف (نزل) ورفع (الروح).

وقرأ الباقون (نَزَّلَ بِهِ الرُّوحَ الأَمِينُ) بالتشديد والنصب (3) ، أي نزّل الله الروح بالقرآن، ولا يخفى ما فيه من التعسّف؟!.

ومن سورة الروم:

( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ ) (4) .

قرأ حفص وحده (للعالمين) بكسر اللام، أي العلماء جمع العالِم، وهي القراءة المعروفة لدى الجمهور. قال أبو زرعة: وهو المتناسب مع ما قبل الآية ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) (5) وما بعدها: ( لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (6) (7) .

____________________

(1) الكشف: ج 2 ص 113.

(2) الشعراء: 193.

(3) حجّة القراءات: ص 520.

(4) الروم: 22.

(5) الروم: 21.

(6) الروم: 24.

(7) حجّة القراءات: ص 558.

٣٩٩

ومن سورة لقمان:

( يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ) (1) .

قرأ حفص وحده (يا بنيّ) بفتح الياء في جميع القرآن (2) ، وقرأ الباقون بكسرها في الجميع أيضاً.

وأراد حفص (يا بنيّاه) فرخّم... وهو الأصوب في لسان العرب، والأسلس تعبيراً في الكلام (3) .

ومن سورة الصافّات:

( وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ ) (4) .

قرأ ابن عامر بغير همْز في (الياس)؛ زعماً منه أنّ اسمه كان (ياس) فدخلت عليه الألف واللام (5) .

والصحيح: قراءة الباقين بالهمز؛ بدليل ما بعدها ( سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) (6) . (7).

ومن سورة النجم:

( وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأُولَى ) (8).

قرأ نافع وأبو عمرو (عاد لُوّلَى) فأدغم نون التنوين من (عاداً) في اللام من (الأُولى).

قال أبو عثمان المازني: أساء عندي أبو عمرو في قراءته؛ لأنّه أدغمَ النون في لام المعرفة،

____________________

(1) لقمان: 13.

(2) وجاءت في ستّة مواضع من القرآن.

(3) راجع الحجّة في القراءات لأبي زرعة: ص 564، وأيضاً: ص 340.

(4) الصافّات: 123.

(5) معاني القرآن: ج 2 ص 392.

(6) الصافّات: 130.

(7) حجّة القراءات: ص 610.

(8) النجم: 50.

٤٠٠