الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين

الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين22%

الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 178

الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين
  • البداية
  • السابق
  • 178 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 111296 / تحميل: 8670
الحجم الحجم الحجم
الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين

الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

فحكوا أنهم كانوا في مصيبة وحيدة، فهم في ذلك إذ خرج من الدار الداخلة خادم فصاح بخادم آخر: يابشر، خذ هذه الرقعة وامض بها إلى دار أمير المؤمنين وادفعها إلى فلان، وقل هذه رقعة الحسن بن علي فاستشرف الناس لذلك، ثم فتح في صدر الرواق باب وخرج خادم أسود ثم خرج بعده أبو محمدعليه‌السلام ، حاسراً مكشوف الرأس، وعليه مبطنة بيضاء، وكان وجهه وجه أبيه لا يخطئ منه شيئاً، وكان في الدار أولاد المتوكل، وبعضهم ولاة العهود، فلم يبق أحد إلاّ قام على رجله ووثب إليه أبو محمد الموفق فقصده أبو محمد، فعانقه، ثم قال له: مرحباً بابن العم وجلس بين بابي الرواق والناس كلهم بين يديه وكانت الدار كالسوق بالأحاديث فلما خرج وجلس أمسك الناس فما كنا نسمع شيئاً إلاّ العطسة والسعلة، وخرجت جارية تندب أبا الحسن فقال أبو محمدعليه‌السلام :ما هاهنا من يكفي مؤونة هذه الجاهلة؟ فبادر الشيعة إليها فدخلت الدار، ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمد ـ العسكري ـ فنهض فصلَّى عليه وأخرجت الجنازة وخرج يمشي حتى أُخرج بها إلى الشارع الذي بإزاء دار موسى بن بغا، وقد كان أبو محمد صلَّى عليه قبل أن يخرج إلى الناس ويصلي عليه المعتمد(١) . ثم دفن في دار من دوره(٢) .

ويمكن أن يُستفاد من هذه الرواية: أن هذا الجمع الغفير المشارك فضلاً عن رجال البلاط العباسي، يكشف عن المكانة العالية والتأثير الفاعل للإمام في الأمة والدور الكبير الذي قام به في حياته، فضلاً عن أن حضور ولاة العهد ربما يكون تغطية للجريمة البشعة التي قام بها الخليفة العباسي بدس السم إليه ومن ثم وفاته.

ــــــــــــ

(١) وفي رواية الطبري: صلَّى عليه أبو محمد بن المتوكل: ٧ / ٥١٩.

(٢) إثبات الوصية: ٢٠٦.

٨١

١٠ ـ من دلائل إمامته بعد استشهاد أبيهعليهما‌السلام

١ ـ قال أبو هاشم الجعفري: خطر ببالي أن القرآن مخلوقٌ أم غير مخلوق ؟ فقال أبو محمدعليه‌السلام :ياأبا هاشم، اللهُ خالقُ كل شيء، وما سواه مخلوق .(١)

٢ ـ وقال أيضاً: قال أبو محمدعليه‌السلام :إذا خرج القائم يأمر بهدم المنابر والمقاصير التي في المساجد . فقلتُ في نفسي: لأيّ معنى هذا ؟، فأقبل عليّ وقال:معنى هذا أنّها محدثة مبتدعة، لم يبنها نبيّ ولا حجّة .(٢)

٣ ـ وسأله الفهفكي: ما بال المرأة تأخذ سهماً واحداً ويأخذ الرجل سهمين ؟ فقال أبو محمدعليه‌السلام :إن المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا عليها معقلة، إنّما ذلك على الرجال . فقلتُ في نفسي ; قيل لي إن ابن أبي العوجاء سأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن هذه المسألة فأجابه بمثل هذا الجواب وفي رواية:لما جعل لها من الصداق . فأقبل أبو محمد عَليّ فقال:نعم ، هذه مسألة ابن أبي العوجاء، والجواب منّا واحد إذا كان معنى المسألة واحداً، أُجري لآخرنا ما أُجري لأوّلنا وأوّلنا وآخرنا في العلم والأمر سواء. ولرسول الله ولأمير المؤمنين فضلهما (٣) .

٤ ـ وقال أبو هاشم الجعفري: قلتُ في نفسي قد كتب الإمام:ياأسمع السامعين... اللهم أجعلني في حزبك وفي زمرتك . فأقبل عليّ أبو محمد فقال: أنت في حزبه وفي زمرته إذا كنت بالله مؤمناً ولرسوله مصدِّقاً ولأوليائه عارفاً ولهم تابعاً،

ــــــــــــ

(١) المناقب ٢ / ٤٦٧.

(٢) المناقب ٢ / ٤٦٨.

(٣) المناقب ٢ / ٤٦٨.

٨٢

فأبشر ثمّ أبشر .(١)

٥ ـ عن علي بن أحمد بن حمّاد، قال: خرج أبو محمد في يوم مصيف راكباً وعليه تجفاف وممطر، فتكلّموا في ذلك، فلمّا انصرفوا من مقصدهم أمطروا في طريقهم وتبلوّا سواه.(٢)

٦ ـ وعن محمد بن عيّاش قال: تذاكرنا آيات الإمامعليه‌السلام فقال ناصبيّ: إن أجاب عن كتاب بلا مداد علمت أنه حقّ، فكتبنا مسائل وكتب الرجل بلا مداد على ورق وجعل في الكتب وبعثنا إليه فأجاب عن مسائلنا وكتب على ورقة اسمه واسم أبويه فدهش الرجل، فلمّا أفاق اعتقد الحق.(٣)

٧ ـ وعن محمد بن عبد الله قال: فقد غلام صغير فلم يوجد، فأخبر بذلك، فقالعليه‌السلام :اطلبوه في البركة ، فطلب فوجد فيها ميّتاً.(٤)

٨ ـ وروى أبو سليمان المحمودي فقال: كتبتُ إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله الدعاء بأن أُرزق ولداً، فوقّع:رزقك الله ولداً وأصبرك عليه . فولد لي ابن ومات(٥) .

٩ ـ وروي عن علي بن إبراهيم الهمدانيّ قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله التبرك بأن يدعو أن أُرزق ولداً من بنت عمّ لي، فوقّع:رزقك الله ذُكراناً ، فولد لي أربعة(٦) .

١٠ ـ وعن عمر بن أبي مسلم قال: كان سميع المسمعيّ يؤذيني كثيراً ويبلغني عنه ما أكره، وكان ملاصقاً لداري، فكتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله الدعاء بالفرج عنه، فرجع الجواب:أبشِر بالفرج سريعاً، ويقدم عليك مال من ناحية فارس، وكان لي بفارس ابن عمّ تاجر لم يكن له وارث غيري فجاءني ماله بعد ما مات بأيّام يسيرة .

ــــــــــــ

(١) المناقب ٢ / ٤٦٩.

(٢) المناقب ٢ / ٤٧٠.

(٣) المناقب ٢ / ٤٧٠.

(٤) الثاقب: ٢٣١.

(٥) بحار الأنوار ٥٠ / ٢٦٩ عن الخرائج والجرائح: ١/٤٣٩ ح ١٨ ب ١٢.

(٦) بحار الأنوار ٥٠ / ٢٦٩ عن الخرائج والجرائح: ١/٤٣٩ ح ١٩ ب ١٢.

٨٣

١١ ـ ووقّع في الكتاب:استغفِر اللهَ وتُب إليه ممّا تكلّمت به ، وذلك أني كنت يوماً مع جماعة من النصّاب فذكروا أبا طالب حتى ذكروا مولاي، فخضت معهم لتضعيفهم أمره، فتركتُ الجلوس مع القوم وعلمت أنه أراد ذلك(١) .

١٢ ـ وروي عن الحجّاج بن يوسف العبدي قال: خلّفت ابني بالبصرة عليلاً وكتبت إلى أبي محمد أسأله الدعاء لابني فكتب إليّ:رحم الله ابنك إن كان مؤمناً ، قال الحجّاج: فورد عليّ كتاب من البصرة أنّ ابني مات في ذلك اليوم الذي كتب إليّ أبو محمد بموته، وكان ابني شكّ في الإمامة للاختلاف الذي جرى بين الشيعة(٢) .

ــــــــــــ

(١) مسند الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام : ١١٨ وبحار الأنوار ٥٠ / ٢٧٣ عن الخرائج والجرائح: ١/٤٤٧ ح ٣٣ ب ١٢.

(٢) مسند الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام : ١١٨ وبحار الأنوار ٥٠/٢٧٤ عن الخرائج والجرائح: ١/٤٨٨ ح٣٤ ب١٢.

٨٤

الباب الثالث

فيه فصول:

الفصل الأول: ملامح عصر الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام .

الفصل الثاني: عصر الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام .

الفصل الثالث: متطلّبات عصر الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام .

الفصل الأول: ملامح عصر الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام

الحالة السياسية

امتاز العصر العبّاسي الثاني الذي بدأ بحكم المتوكل سنة(٢٣٢ هـ ) بالنفوذ الواسع الذي تمتع به الأتراك الذين غلبوا الخلفاء وسلبوهم زمام إدارة الدولة، وأساؤا التعامل مع الأهالي منذ أيام المعتصم الذي سبق المتوكّل إلى الحكم، وهذا الوضع قد اضطرّ المعتصم لنقل مركز حكمه من بغداد إلى سامراء بسبب السلوك التركي الخشن وشكاية أهالي بغداد منهم. كما اتّسم بضعف القدرة المركزية للدولة الإسلامية وفقدانها بالتدريج لهيبتها التي كانت قد ورثتها من العصر الأوّل، لأسباب عديدة منها انشغال الحكّام بملاذّهم وشهواتهم، ومنها سيطرة الموالي ـ ولا سيّما الأتراك ـ على مقاليد السياسة العامة بعد انهماك الحكّام بالملاهي.

وكانت سيطرة الأتراك وقوّادهم قد بلغت حدّاً لا مثيل له، إذ كان تنصيب الخلفاء وعزلهم يتمّ حسب إرادة هؤلاء القوّاد الأتراك، وأنتج تعدّد الإرادات السياسية وضعف الخلفاء ظاهرة خطيرة للغاية هي قِصر أعمار حكوماتهم وسرعة تبدّل الخلفاء وعدم استقرار مركز الخلافة الذي يمثّل السلطة المركزية للدولة الإسلامية.

وهذا الضعف المركزي قد أنتج بدوره نتائج سلبية أخرى مثل استقلال الأمراء في أطراف الدولة الإسلامية بالحكم والاتجاه نحو تأسيس دويلات شبه مستقلّة في شرق الدولة الإسلامية وغربها بل انتقلت هذه الظاهرة بشكل آخر إلى داخل الحاضرة الإسلامية فكانت من علائمها بروز حالات الشغب من قبل الخوارج باستمرار منذ سنة(٢٥٢ هـ ) إلى سنة(٢٦٢ هـ ).

٨٥

وظهور صاحب الزنج في سنة(٢٥٥ هـ )، فضلاً عن ثوّار علويين كانوا يدعون إلى الرضى من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا سيّما بعد ما عرفناه من كراهة المتوكّل للعلويين وقتله للإمام الهاديعليه‌السلام ومراقبته الشديدة للإمام الحسن العسكريعليه‌السلام (١) .

الحالة الاجتماعية

تحدثنا فيما سبق عن الظرف السياسي وملابساته: من عدم الاستقرار وفقدان الأمن وذلك لتعدد الحركات السياسية والمذهبية، الخارجة على الدولة العباسية في مختلف الأمصار الإسلامية فضلاً عن دور الأتراك البارز في خلع وتولية الخليفة العباسي، وهذا دون شك ينعكس سلبياً على الظروف الاجتماعية التي كان يعيشها أبناء الأمة المسلمة ورعايا الدولة الإسلامية فينجم عنه توتّر في علاقة السلطة بالشعب، وعدم استقرار الوضع الاجتماعي نتيجة لذلك، كما أن اختلال الظروف السياسية يتسبب في التفاوت الاجتماعي وظهور الطبقية أو الفئات المتفاوتة في المستوى المعيشي والمتباينة في الحقوق والواجبات تبعاً لولائها وقربها أو بعدها من البلاط ورجاله، فانقسم أبناء الأمة وأتباع الدين الذي كان يركّز على الأخوة الإيمانية والمساواة والعدل والإنصاف(٢) ، إلى جماعة قليلة مترفة ومتمتعة بقوّة السلطان وأخرى واسعة ـ تمثل غالبية أبناء الأمة الإسلامية ـ وهي معدمة ومسحوقة أنهكها الصراع وزجّها في النّزاعات والحروب والتي ما تخمد إحداها حتى تتأجّج الثانية وتتسع لتشمل مساحة أوسع من أرض الدولة الإسلامية(٣) ،

ــــــــــــ

(١) راجع الكامل في التاريخ ومروج الذهب أحداث السنين(٢٣٢ ـ ٢٥٦ هـ ).

(٢) قال تعالى في سورة الحجرات الآية: ١٣( إنّما المؤمنون إخوة ) وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الناس سواسية كأسنان المشط المبسوط للسرخسي: ٥/٢٣، لسان الميزان: ٢/٤٣، باختلاف يسير.

(٣) الكامل لابن الأثير: ٤ أحداث السنين(٢٤٨ ـ ٣٢٢هـ ).

٨٦

ثم لتنفصل بعض أجزائها فتكون دولة مستقلة عن مركزية الدولة وغير خاضعة لها، وأطلق المؤرخون عليها مرحلة(إمرة الأمراء)(١) ، إضافة إلى الدولة المستقلة كما هو الحال بالنسبة لأمارة الحمدانيين والبويهيين والدولة الصفارية(٢٥٤هـ) والدولة السامانية(٢٦١ ـ ٣٨٩هـ) وغيرها... ممّا أدّى إلى تفكّك وسقوط الدولة العباسية فيما بعد سنة(٦٥٦هـ).

لقد كان المجتمع الإسلامي في أواخر العصر العباسي الأوّل يتألف من عدة عناصر. هي: العرب والفرس والمغاربة وظهر العنصر التركي أيضاً على مسرح السياسة في عهد المعتصم الذي اتّخذهم حرساً له، وأسند إليهم مناصب الدولة وأهمل العرب والفرس، ولما رأوا الخطر المحدق بهم من قبل الأتراك استعانوا بالمغاربة والفراغنة وغيرهم من الجنود المرتزقة.(٢)

كما نلاحظ انقسام المسلمين في هذا العصر إلى شيع وطوائف وتعرّض المجتمع الإسلامي إلى أنواع التنازع المذهبي المؤدي إلى التفكّك أيضاً، فهناك أهل السُنة الذين كانوا يشكلون السواد الأعظم ويتمتّعون بقسط وافر من الحرية المذهبية والطمأنينة النفسية في عهد نفوذ الأتراك، وهناك الشيعة الذين كانوا يقاسون كثيراً من العنت والاضطهاد.(٣)

وهذا لا يعني الالتزام الديني من قبل حكام الدولة العباسية بالمذهب السني بقدر ما يوضح لنا أن موقفهم هذا كان من أجل التصدي لحركة الأئمة في الأمة ومحاصرتها بمختلف الوسائل والطرق والتي منها: دعم ومساندة فرق وحركات تحمل توجهات السلطة وترى السلطة فيها استتباب الوضع لها ولا تخشى من تمرّدها. فهي تعيش على فتات موائدها وبذلها وبذخها لهم من أجل ديمومة الحكم واستمرار السلطة للخلفاء.

ــــــــــــ

(١) تاريخ الإسلام السياسي د. حسن إبراهيم حسن: ٣ / ٢٦ وما بعدها.

(٢) تاريخ الإسلام السياسي: ٣ / ٤٢٢ ـ ٤٢٣.

(٣) تأريخ الإسلام السياسي: ٣ / ٤٢٣.

٨٧

ولم يكن هذا ليدوم بدخول العنصر التركي الذي كان يميل إلى البذخ والسيطرة وعدم الخضوع إلى سلطة الخليفة العباسي كما أوضحنا.

أما بالنسبة إلى التفكك الاجتماعي في هذا العصر فيمكن ملاحظته من خلال طبقات المجتمع في هذا العصر، وهي:

١ ـ طبقة الرقيق، وكانت مصر وشمالي أفريقية وشمالي جزيرة العرب من أهم أسواق الرقيق الأسود، وقد جُلب كثير من الزنجيات والزنوج لفلاحة الأرض وحراسة الدور. وإنّ كثرة الزنج في العراق أدّت إلى قيام ثورة الزنج التي دامت أكثر من أربع عشرة سنة(٢٥٥ ـ ٢٧٠هـ).(١)

وكلفت هذه الثورة الدولة والاُمة الكثير من الأموال والدماء لإخمادها مما أسهم بشكل كبير في إضعافها.

٢ ـ أهل الذمة، وهم اليهود والنصارى، ولم تتدخل الدولة في شعائرهم بل على العكس كان يبلغ من تسامح الحكّام أنهم كانوا يحضرون مواكبهم واحتفالاتهم ويأمرون بحمايتهم.(٢)

٣ ـ رجال البلاط والملاّك وغيرهم ممن لهم نفوذ كبير في سياسة الدولة وتأثير واسع في الوضع الاقتصادي والاجتماعي.

٤ ـ عامة الناس والذين أجهدتهم الضرائب والحروب والخلافات والمنازعات الداخلية.

٥ ـ ونشأت طبقة واسعة من الرقيق وغيرهم ـ من المغنيات ـ اللائي كن يُحيين ليالي اللهو للخلفاء، وغيرهم، وقد ارتفعت أسعارهن بشكل ملفت للنظر.(٣) مما أدى أخيراً إلى إضعاف العلاقة داخل البلاط نفسه بين البلاط وبين قواد الجيش من أتراك وغيرهم، فضلاً عن آثاره السلبية على المجتمع عامة

ــــــــــــ

(١) تاريخ الطبري ٧، أحداث السنين(٢٥٥ ـ ٢٧٠ هـ ).

(٢) الحضارة الإسلامية: ٢٦٨، راجع تاريخ الإسلام السياسي: ٣ / ٤٢٤.

(٣) تاريخ الإسلام السياسي: ٣ / ٤٣٥.

٨٨

الحالة الثقافية

انتشرت الثقافة الإسلامية في هذا العصر انتشاراً يدعو إلى الإعجاب بفضل الترجمة من اللغات الأجنبية وخاصة اليونانية والفارسية والهندية إلى العربية.

والعامل الأول في ذلك هو حث الإسلام المسلمين على طلب العلم واعتباره فريضة على كل مسلم ومسلمة. كما حظي العلماء بتشجيع من الخلفاء والسلاطين والامراء ورجال العلم والأدب.

وكانت مراكز هذه الحركة الثقافية في بلاط السامانيين والغزنويين والبويهيين والحمدانيين في الشرق وفي بلاط الطولونيين والإخشيديين والفاطميين في مصر وفي بلاد الأمويين في الأندلس.

ويضاف إلى ذلك ظهور كثير من الفرق التي اتخذت الثقافة والعلم وسيلة لتحقيق مآربها السياسية.

وكان للجدل والنقاش الذي قام بين هذه الفرق من ناحية وبينها وبين العلماء الرسميين ـ أي فقهاء السلطة ـ من ناحية أخرى أثر كبير في هذه النهضة العلمية التي كان يتميز بها هذا العصر وخاصّة في القرن الرابع الهجري على الرغم مما انتاب العالم الإسلامي بوجه عام من تفكك وانحلال وما أصاب الدولة العباسية من ضعف ووهن(١) .

ــــــــــــ

(١) تاريخ الإسلام السياسي: ٣ / ٣٣٢.

٨٩

الحالة الاقتصادية

اعتنى العباسيون بالزراعة وفلاحة البساتين التي قامت على دراسة علمية(١) . وذلك بفضل انتشار المدارس الزراعية التي كان لها الأثر الكبير في إنارة عقول المسلمين.

ولما كانت الزراعة تعتمد على الري، اهتم العباسيون بتنظيم أساليبه وجعل الماء مباحاً للجميع، ولذلك عملوا على تنظيمه في مصر والعراق واليمن وشمال شرقي فارس وبلاد ما وراء النهر، وبلغ هذا النظام شأواً بعيداً من الدقة، حتى أن الأوربيين أدخلوا كثيراً من هذه النظم في بلادهم.

واعتنت الدولة العباسية بصيانة السدود والترع، وجعلوا جماعة من الموظفين أطلق عليهم اسم(مهندسين) وكانت مهمتهم المحافظة على السدود عصر الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام خشية انبثاق الماء منها فيما إذا حدث ثغر من الهدم والتخريب(٢) .

ــــــــــــ

(١) تاريخ الإسلام السياسي: ٣ / ٣١٩ بتصرف.

(٢) تجارب الأمم لمسكويه: ٢ / ٢٩٦ ـ ٢٩٧ بتصرف. وقال المعتزلي: الهندسة أصلها بالفارسية: أندازه اي المقدار والمهندس أي المقدِّر.

٩٠

الفصل الثاني: عصر الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام

لقد أمضى الإمام الحسن العسكري الجزء الأكبر من عمره الشريف في العاصمة العباسية ـ سامراء ـ وواكب جميع الظروف والملابسات والمواقف التي واجهت أباه الإمام علياً الهاديعليه‌السلام ، ثم تسلّم مركز الإمامة وقيادة الأمة الإسلامية سنة(٢٥٤هـ) بعد وفاة أبيهعليه‌السلام وعمره الشريف آنذاك(٢٢) عاماً.

وكانت مواقفه امتداداً لمواقف أبيهعليه‌السلام بوصفه المرجع الفكري والروحي لأصحابه وقواعده وراعياً لمصالحهم العقائدية والاجتماعية بالإضافة إلى تخطيطه وتمهيده لغيبة ولده الإمام المهدي المنتظرعليه‌السلام (١) .

وبالرغم من الضعف الذي كان قد أحاط بالدولة العباسية في عصر الإمامعليه‌السلام لكن السلطة القائمة كانت تضاعف إجراءاتها التعسفيّة في مواجهة الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام والجماعة الصالحة المنقادة لتعاليمه وإرشاداتهعليه‌السلام . فلم تضعف في مراقبته ولم تترك الشدة في التعامل معه بسجنه أو محاولة تسفيره إلى الكوفة خشية منه ومن حركته الفاعلة في الأمة وتأثيره الكبير فيها.

ــــــــــــ

(١) الأئمة الاثنا عشر: ٢٣٥، دار الأضواء، ١٤٠٤هـ.

٩١

ثم إن المواجهة من الإمام كقيادة للحركة الرسالية لم تكن خاصة بالخلفاء العباسيين الذين عاصرهم الإمامعليه‌السلام إذ كان هناك أيضاً خطر النواصب وهم الذين نصبوا العداء لأهل البيت النبويعليهم‌السلام ووقفوا ضد أطروحتهم الفكرية والسياسية المتميزة التي كانت تتناقض مع أطروحة الحكم القائم والطبقة المستأثرة بالحكم والمنحرفة عن الإسلام النبوي.(١)

والنواصب ـ الأمويون منهم أو العباسيون ـ كانوا يعلمون جيّداً أن أهل البيت النبوي هم ورثة النبي الحقيقيون، ولا يمكنهم أن يسيطروا على السلطة إلاّ بإبعاد أهل البيتعليهم‌السلام عن مصادر القدرة وذلك بتحديد الأئمة المعصومين وشيعتهم وشلّ حركتهم وعزلهم عن الأمة والتضييق عليهم بمختلف السبل وبما يتاح لهم من وسائل قمعية.

وقد يكون لطبيعة هذه الظروف والملابسات التي عانى منها الإمام العسكري وشيعته الدور الأكبر في ما كان يتّخذه الإمامعليه‌السلام من مواقف سلبية أو إيجابية إزاء الأحداث والظواهر التي منيت بها الأمة الإسلامية والتي ستعرفها فيما بعد.

لقد عاصر الإمام العسكريعليه‌السلام ثلاثة من خلفاء الدولة العباسية، فقد عاشعليه‌السلام شطراً من خلافة المعتز والذي هلك على أيدي الأتراك، ليخلفه المهتدي العباسي الذي حاول أن يتخذ من سيرة عمر بن عبد العزيز الأموي مثلاً يحتذي به إغراء للعامّة ولينقل أنظارهم المتوجهة صوب الإمام العسكريعليه‌السلام لزهده وتقواه وورعه، وما كان يعيشه من همومهم وآلامهم التي كانوا يعانونها من السلطة وتجاوزاتها في الميادين المختلفة.

ــــــــــــ

(١) الأئمة الاثنا عشر: ٢٣٥.

٩٢

ولم يفلح المهتدي بهذا السلوك لازدياد الاضطراب في دائرة البلاط العباسي نفسه مما أثار الأتراك عليه فقتلوه عام(٢٥٦هـ)، وقد اعتلى العرش العباسي من بعده المعتمد الذي استمر في الحكم حتى عام(٢٧٠ هـ )(١) .

١ ـ المعتز العباسي(٢٥٢ ـ ٢٥٥ هـ )

لقد ازداد نفوذ الأتراك بعد قتلهم المتوكل عام(٢٤٧هـ) وتنصيب ابنه المنتصر بعده، حتى أن الخليفة العباسي أصبح مسلوب السلطة ضعيف الإرادة ويتضح ذلك مما رواه ابن طباطبا حيث قال:

«.. لما جلس المعتز على سرير الخلافة فقد حضر خواصه وأحضروا المنجّمين وقالوا لهم: انظروا كم يعيش وكم يبقى في الخلافة، وكان بالمجلس بعض الظرفاء، فقال: أنا أعرف من هؤلاء بمقدار عمره وخلافته، فقالوا: فكم تقول أنه يعيش وكم يملك ؟ قال: مهما أراد الأتراك، فلم يبق أحد إلاّ ضحك»(٢) .

يعكس لنا هذا النص ما كان للأتراك من نفوذ ودور في إرادة الدولة وعزل الخلفاء والتحكّم في الأمور العامة. فقد استولوا على المملكة واستضعفوا الخلفاء، فكان الخليفة في أيديهم كالأسير إن شاءوا خلعوه وإن شاءوا قتلوه، وكان المعتز يخاف الأتراك ويخشى بأسهم ولا يأمن جانبهم وكان بُغا الصغير ـ وهو أشدّ هؤلاء خطراً ـ أحد قوّاد الجيش الذي أسهم في قتل المعتز مع جماعة من الأتراك بعد أن أشهدوا عليه بأنه قد خلع نفسه.

ــــــــــــ

(١) الفخري في الآداب السلطانية، ابن طباطبا: ٢٢١.

(٢) الفخري في الآداب السلطانية: ٢٢١.

٩٣

لقد عاصر الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام أواخر خلافة المعتز الذي كان استشهاد الإمام الهاديعليه‌السلام على يده بدس السمّ إليه فكانت سياسة المعتز امتداداً لسياسة المتوكّل في محاربة الإمام الحسن العسكري ـ والشيعة ـ بل ربما ازدادت ظروف القهر في هذه الفترة حتى أنّ المعتز أمر بتسفير الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام إلى الكوفة حين رأى خطر وجود الإمامعليه‌السلام واتّساع دائرة تأثيره وكثرة أصحابه.

قال محمّد بن بلبل: تقدّم المعتز إلى سعيد الحاجب أن أخرج أبا محمد إلى الكوفة ثم اضرب عنقه في الطريق(١) .

وكتب إلى الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام أبو الهيثم ـ وهو أحد أصحاب الإمامعليه‌السلام ـ يستفسر عن أمر المعتز بإبعاده إلى الكوفة قائلاً:

«جُعلت فداك بلغنا خبرٌ أقلقنا وبلغ منا»، فكتب الإمامعليه‌السلام : «بعد ثلاث يأتيكم الفرج» فخلع المعتز بعد ثلاثة أيام وقتل(٢) .

فلم تكن العلاقة بين الإمامعليه‌السلام والمعتز إلاّ تعبيراً عن الصراع والعداء الذي ابتدأ منذ أن استلم بنو العبّاس الخلافة بعد سقوط الدولة الاُموية وامتدّ على طول عمر الدولة إلاّ في فترات قصيرة جدّاً، فكان كيد السلطة ورصدها لتحرّك الإمامعليه‌السلام دائماً ومستمراً وذلك لما عرفه الخلفاء من المكانة السامية والدور الفاعل للأئمّة في الأمة وما كانوا يخشونه منهم على سلطتهم وكيانهم الذي أقاموه بالسيف والدم على جماجم الأبرياء والأتقياء من أبناء الأمة الإسلامية.

ويروي لنا محمد بن علي السمري توقّع الإمام الحسن العسكري هلاك المعتزّ قائلاً: «دخلت على أبي أحمد عبيد الله بن عبد الله وبين يديه رقعة أبي محمد ـ العسكري ـعليه‌السلام ، فيها:إني نازلت الله في هذا الطاغي يعني الزبيري ـ لقب المعتز ـوهو آخذه بعد ثلاث، فلما كان في اليوم الثالث فعل به ما فعل »(٣) فقد قتل شرّ قتلة.

ويصف ابن الأثير قتل المعتز الذي ورد في هذه العبارة قائلاً عنه:

ــــــــــــ

(١) كشف الغمة: ٣/٢٠٦.

(٢) الخرائج والجرائح: ١/٤٥١ ح ٣٦.

(٣) كشف الغمة: ٣/٢٠٧ عن كتاب الدلائل.

٩٤

«دخل إليه جماعة من الأتراك فجرّوه برجله إلى باب الحجرة وضربوه بالدبابيس وخرقوا قميصه، وأقاموه في الشمس في الدار، فكان يرفع رجلاً ويضع أخرى لشدّة الحر، وكان بعضهم يلطمه وهو يتّقي بيده وأدخلوه حجرة، وأحضروا ابن أبي الشوارب وجماعة أشهدوهم على خلعه، وشهدوا على صالح بن وصيف أن للمعتز وأمه وولده وأخته الأمان، وسلّموا المعتز إلى من يعذّبه، فمنعه الطعام والشراب ثلاثة أيّام، فطلب حسوة من ماء البئر فمَنَعَه ثم أدخلوه سرداباً وسدّوا بابه، فمات»(١) .

وكان سبب خلعه أنه منع الأتراك أرزاقهم ولم يكن لديه من المال وقد تنازلوا له إلى خمسين ألف دينار، فأرسل إلى أمه يسألها أن تعطيه مالاً فأرسلت إليه: «ما عندي شيء»، فتآمروا عليه وقتلوه.

وهذه القصة خير مؤشّر على ضعف السلطة العباسية وخروج الأمر من يد الخليفة، فالكتّاب المسؤولون على الأموال يتصرّفون بها كيف ما كانوا يشاءون ولا يطيعون الخليفة في شيء فكانت تلك النهاية المخزية للمعتز على أيدي أعوانه، وحرّاسه من الأتراك.

٢ ـ المهتدي العباسي(٢٥٥ـ ٢٥٦ هـ )

هو محمد بن الواثق بن المعتصم، أمه أم ولد تسمى وردة، ولي الخلافة بعد مقتل أخيه المعتز سنة(٢٥٥هـ)، وما قبل أحد ببيعته حتى جيء بالمعتزّ واعترف أمام شهود أنه عاجز عن الخلافة ومدّ يده فبايع المهتدي فارتفع حينئذ إلى صدر المجلس(٢) ، وبويع بالخلافة.

ــــــــــــ

(١) الكامل في التاريخ: ٧/١٩٥، ١٩٦.

(٢) تاريخ الخلفاء، السيوطي: ٤٢٢.

٩٥

ولقد تصنّع الزهد والتقشّف محتذياً سيرة عمر بن عبد العزيز إغراء للعامة ومحاولة لتغيير انطباعهم عن الخلفاء العباسيين الذين عُرفوا بالمجون والترف والإسراف في الملذّات والخمر ومجالس اللهو، فقد نقل هاشم بن القاسم حينما سأل المهتدي عن ما هو عليه من التقشّف وبما هو فيه من النعمة فقال له: إنّ الأمر كما وصفت، ولكنّي فكّرت في أنه كان في بني أمية عمر ابن عبد العزيز ـ وكان من التقلّل والتقشّف ما بلغك ـ فغرتُ على بني هاشم فأخذت نفسي بما رأيت(١) .

فلم تكن الدوافع وراء هذه السيرة رضا الله سبحانه بل كانت هذه السيرة لإضفاء شيء من صبغة التديّن على نفسه من أجل أن تطيعه عامة الناس ومحاولة لإبعاد أنظارها عما تحلّى به بنو هاشم وفي مقدّمتهم الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام الذي عُرف بتقواه وورعه ومواساته للأمة في ظروفها القاسية، وكان الأولى بالخليفة الاتعاظ بسيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام لما عرف بزهده وتقواه بل هو الذي سنَّ نهج الزهد للمسلمين بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإن عمر بن عبد العزيز نفسه حين سأله جلساءه عن أزهد الناس، فقالوا له: أنتم، قال: لا:إن أزهد الناس عليّ بن أبي طالب (٢) .

سياسة المهتدي تجاه معارضيه

أ ـ الخليفة وأمراء الجند:

كانت سياسة المهتدي تجاه الأتراك تتمثل بالحذر والحيطة والخشية من انقلابهم عليه كما فعلوا بالمتوكل والمعتز، لذا أمر بقتل موسى ومفلح من أمراء جنده الأتراك الذين كانوا يتمتّعون بنفوذ كبير وتأثير فاعل في مجريات الأحداث، غير أن(بكيال) الذي أمره المهتدي بقتلهما

ــــــــــــ

(١) تاريخ الخلفاء: ٤٢٣.

(٢) تاريخ الطبري: ٣ حوادث(٩١ ـ ١٠١ هـ ) وهي خلافة عمر بن عبد العزيز.

٩٦

توقّف عن قتل موسى بن بغا، لإدراكه أن للمهتدي خطة للحد من نفوذ الأتراك وتقليص الدور الذي كانوا يتمتعون به، وقال بكيال: إنّي لست أفرح بهذا وإنما هذا يعمل علينا كلنا، فأجمعوا على قتل المهتدي فكان بين الأتراك ومناصري الخليفة قتال شديد وقُتل في يوم واحد أربعة آلاف من الأتراك ودام القتال إلى أن هزم جيش الخليفة المؤلّف من المغاربة والفراغنة والأشروسنية، ومن ثم اُمسك الخليفة فعصر على خصيتيه فمات في عام(٢٥٦ هـ )(١) .

ومن الأحداث المهمة في عصر المهتدي:

١ ـ انتفاضة أهل حمص بقيادة ابن عكار على محمد بن إسرائيل.

٢ ـ إخراجه أم المعتز وأبا أحمد وإسماعيل ابني المتوكل وابن المعتزّ إلى مكّة ثم ردّهم إلى العراق.

٣ ـ نفي وإبعاد بعض الشيعة من بلدانهم إلى بغداد كما فعل بجعفر ابن محمود.

٤ ـ إعطاؤه الأمان لمعارضيه.

٥ ـ الحرب بين عيسى بن شيخ الربعي وأماجور التركي عامل دمشق وهزيمة الأول(٢) .

ب ـ المهتدي وأصحاب الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام :

لم تكن الظروف المحيطة بالإمام العسكري وأصحابه في عهد المهتدي أحسن مما كانت عليه من الشدة والنفي والتهجير والقتل إبّان عهود المعتز والمتوكل ومن سبقهما

ــــــــــــ

(١) تاريخ الخلفاء، السيوطي: ٤٢٤.

(٢) تاريخ اليعقوبي: ٢ / ٥٠٥، ٥٠٦.

٩٧

من خلفاء الدولة العباسية، بل كانت سياسة المهتدي امتداداً للمنهج العباسي في التصديّ للإمام وشيعته وخاصته والنكاية بهم، والتجسس عليهم ومصادرة أموالهم ومطاردتهم.

لقد قاسى الشيعة والإمام الحسن العسكريعليه‌السلام في عهد المهتدي الكثير من الظلم والتعسّف، ويمكن أن نقف على ذلك من خلال ما رواه أحمد بن محمد حيث قال: كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام ـ حين أخذ المهتدي في قتل الموالي ـ ياسيدي الحمد لله الذي شغله عنك، فقد بلغني أنّه يتهدّدك ويقول: «والله لأخلينّهم عن جديد الأرض» فوقّع أبو محمدعليه‌السلام بخطه:«ذاك أقصر لعمره، وعد من يومك هذا خمسة أيّام ويقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف بموته» ، فكان كما قالعليه‌السلام ، وقد سبق أن أوضحنا ذلك(١) .

ومن مظاهر اضطهاد الشيعة ومصادرة أملاكهم وأموالهم ما روي عن عمر بن أبي مسلم حيث قال: قدم علينا(بسرّ من رأى) رجل من أهل مصر يقال له سيف بن الليث يتظّلم إلى المهتدي في ضيعة له قد غصبها إياه شفيع الخادم وأخرجه منها، فأشرنا عليه أن يكتب إلى أبي محمدعليه‌السلام يسأله تسهيل أمرها، فكتب إليه أبو محمدعليه‌السلام :«لا بأس عليك ضيعتك تردّ عليك فلا تتقدّم إلى السلطان وألق الوكيل الذي في يده الضيعة وخوّفه بالسلطان الأعظم الله ربّ العالمين» ، فلقيه، فقال له الوكيل الذي في يده الضيعة قد كُتب إليّ عند خروجك من مصر أن أطلبك وأردّ الضيعة عليك، فَرَدَّها عليه بحكم القاضي ابن أبي الشوارب وشهادة الشهود ولم يحتج إلى أن يتقدّم إلى المهتدي(٢) .

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١/٥١٠ ح ١٦ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٣١ وفي إعلام الورى: ٢/١٤٤، ١٤٥ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/٢٠٤.

(٢) أصول الكافي: ١/٥١١ ح ١٨.

٩٨

ويمكن الاستدلال من خلال النص على اتساع القاعدة الشعبية للإمامعليه‌السلام وصلته بهم وعمق الأواصر التي كانت تصله بهم، فهو يتفقّد ما يحتاجونه، ويساهم بصورة مباشرة أو غير مباشرة في قضاء حوائجهم، وإن لبعض أصحابه في الأمصار تأثيراً وعلائق بالولاة ومن يديرون الأمور في الولايات، فكانت أخبار شيعته تصله أوّلاً بأول، ويحاول إبعادهم عن الوقوع في حبائل السلطان وشركه كما في قصة سيف بن الليث المصري.

ج ـ سجن الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام :

ولما رأى المهتدي أنّ وسائل النفي والإبعاد والمصادرة، لم تكن لتحدّ من نشاط الإمامعليه‌السلام وشيعته، واتّساع حركته، لما كان لتعليمات الإمامعليه‌السلام ورقابته لشيعته من أثر في إفشال محاولات السلطة العباسيّة لم تجد السلطة بُدّاً من اعتقال الإمامعليه‌السلام والتضييق عليه في السجن، وكان المتولي لِسجنه صالح بن وصيف الذي أمر المهتدي موسى بن بغا التركي بقتله، وقد جاءه العباسيّون إبان اعتقال الإمامعليه‌السلام فقالوا له: ضيّق عليه ولا توسّع، فقال صالح: «ما أصنع به قد وكّلت به رجلين، شرّ من قدرت عليه فقد صارا من العبادة والصلاة والصيام إلى أمر عظيم»، ثمّ أمر بإحضار الموكلين فقال لهما: ويحكما ما شأنكما في أمر هذا الرجل ؟ ـ يعني الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ـ فقالا له: ما نقول في رجل يصوم النهار ويقوم الليل كله لا يتكلّم ولا يتشاغل بغير العبادة فإذا نظر إلينا أرعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا فلمّا سمع العباسيّون ذلك انصرفوا خائبين(١) .

ــــــــــــ

(١) أصول الكافي: ١/٥١٢ ح ٢٣ وعنه في الإرشاد: ٢/٣٣٤ وفي إعلام الورى: ٢/١٥٠ وعن الإرشاد في كشف الغمة: ٣/٢٠٤.

٩٩

لقد كان المهتدي يهدّد الإمام بالقتل وقد بلغ النبأ بعض أصحاب الإمامعليه‌السلام فكتب إليه: يا سيدي الحمد لله الذي شغله عنك فقد بلغني أنه يتهددك. وذلك حين انشغل المهتدي بفتنة الموالي، وعزم على استئصالهم. وهنا نجد الإجابة الدقيقة من الإمامعليه‌السلام حول مستقبل المهتدي حيث كتب الجواب ما يلي:ذاك أقصر لعمره، عدّ من يومك هذا خمسة ويقتل في اليوم السادس بعد هوان واستخفاف يمرّ به (١) . وكان كما قال فقد انهزم جيشه ودخل سامراء وحده مستغيثاً بالعامة منادياً يامعشر المسلمين: أنا أمير المؤمنين قاتلوا عن خليفتكم، فلم يجبه أحد(٢) .

وقال أبو هاشم الجعفري: كنت محبوساً مع الحسن العسكري في حبس المهتدي بن الواثق فقال لي:في هذه الليلة يبتر الله عمره ، فلمّا أصبحنا شغب الأتراك وقُتل المهتدي وولّي المعتمد مكانه (٣) .

٣ ـ المعتمد ابن المتوكل العبّاسي(٢٥٦ ـ ٢٧٩ هـ )

وعاصر الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام بعد المعتزّ والمهتدي، المعتمد العباسي، الذي انهمك في اللهو واللّذات واشتغل عن الرعيّة فكرهه الناس وأحبّوا أخاه طلحة(٤) .

وكان المعتمد ضعيفاً يعمل تحت تأثير الأتراك الذين يديرون أمور الحكم، ويقومون بتغيير الخلفاء والأمراء، وقد صوّر المعتمد نفسه هذا

ــــــــــــ

(١) إعلام الورى: ٣٥٦.

(٢) الكامل في التاريخ: ٥/٣٥٦.

(٣) المناقب: ٢/٤٦٢.

(٤) تاريخ الخلفاء، السيوطي: ٤٢٥.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

فالإمام الحسينعليه‌السلام هو باب الله، وهو وسيلة الرحمة الإلهية، وهو الصراط المستقيم الذي ندعو الله يومياً أن يهدينا إليه.

فإن تعرف الإمام الحسينعليه‌السلام بانّه ابن أمير المؤمنين الإمام عليٍّعليه‌السلام ، وابن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراءعليها‌السلام ، وأنّه سبط الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وشهيد كربلاء، وغريب الغرباء، فتلك معرفة جيدة، ولكنها لا تقع في الدرجة الأولى من درجات المعرفة، فمن أراد السموّ إلى الدرجات العلا والثواب الأكبر فعليه أن يعرف الإمام الحسينعليه‌السلام حقّ المعرفة.

وقد ورد بسندٍ معتبر عن بشير الدهّان قال: قلت للصادق (صلوات الله وسلامه عليه): ربما فاتني الحج، فأعرف عند قبر الحسينعليه‌السلام ؟

قال:« أحسنت يا بشير، أيّما مؤمن أتى قبر الحسين (صلوات الله عليه) عارفاً بحقه في غير يوم عيد كُتب له عشرون حجّة، وعشرون عمرة مبرورات متقبلات، وعشرون غزوة مع نبيٍّ مرسل وإمام عادل. ومَن أتاه في يوم عرفة عارفاً بحقه كُتب له ألف حجة، وألف عمرة مبرورات متقبلات، وألف غزوة مع نبي مرسل وإمام عادل » (١) ، إلى غير ذلك من الثواب والدرجة.

التقوى والورع شرط الولاية

إنّ من يريد الوصول إلى الهدف المنشود فعليه أن يبحث ويسير وفق الطريق الصحيح، وحتّى الرغبة في الوصول إلى أهل البيت (عليهم الصلاة والسّلام) بحاجة إلى تحديد الطريق الصحيح من الطريق المنحرف.

وبين هذا وذاك نجد - وللأسف الشديد - من يمنّي نفسه بالفوز بمرضاة الله رغم ارتكابه أنواع الكبائر، تحت طائلة أنّه يحب أهل البيتعليهم‌السلام ،

____________________

(١) مفاتيج الجنان - فضائل زيارة الحسين في يوم عرفة.

١٦١

شأنه في ذلك شأن فرقة المرجئة التي أسسها أو قوّمها بنو اُميّة في إطار مساعيهم الشيطانيّة لإخماد حركة المجتمع نحو الحق والحريّة؛ فقد كانت تلك الفرقة تعتقد بأنّ التفوّه بالشهادتين، والاعتقاد برسالة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأداء بعض التكاليف كفيل بضمان الجنّة حتّى وإن تخلّل ذلك ارتكاب الكبائر والموبقات من الذنوب.

وتستدل تلك الفرقة على ما ذهبت إليه ببعض الآيات والشبهات. ولكنّ الأئمّة المعصومين (عليهم الصلاة والسلام) في مقابل ذلك عارضوا هذه العقيدة التي سيطرت آنذاك على عقول كثير من المسلمين، عارضوها بكل قوّة، وعملوا دون تمييع الحدود التي رسمها الله سبحانه وتعالى بين المؤمنين وغير المؤمنين؛ فقالوا مراراً وتكراراً، وبشكل أو بآخر بأنّ الإيمان قول وعمل، وأكّدوا بأنّ الإيمان عمل كلّه والقول منه، بمعنى أنّ القول وإعلان الإيمان ليس إلاّ عملاً واحداً من جملة أعمال الإيمان.

وقالوا أيضاً: إنّ مرتكب الكبيرة لدى ارتكابه المعصية يبتعد عن روح الإيمان، وأيّة قيمة للإيمان من الممكن بقاؤها مع إنسان لا يجد في نفسه مانعاً يمنعه عن ارتكاب الكبائر من الكذب، والفجور، والظلم، وقتل الآخرين، بل وما فائدة الإيمان؟ ولماذا إذاً خلق الله عزّ وجلّ النار ورسم العدالة؟!

إنّ بعض الناس الذين يدّعون الإيمان وحبّ وموالاة أهل البيتعليهم‌السلام ، ولكنهم في الوقت ذاته تتّحد عقيدتهم مع عقيدة المرجئة، فيقولون بعدم التناقض بين الإيمان والظلم، أو الفجور أو التقاعس عن أداء التكاليف الدينية، إنّ هؤلاء ينبغي أن يعرفوا بأنّ الولاية لأهل البيتعليهم‌السلام قضية أساسية من قضايا الرسالة الإلهية، ومن لا يتّبع تعاليم أهل البيتعليهم‌السلام حريٌّ به أن تُسلب

١٦٢

منه هذه الولاية؛ لأنّ الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم:( ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَآءُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِاَيَاتِ اللَّهِ ) (الروم/١٠).

والتكذيب بآيات الله من الممكن أن يأخذ صبغة عملية عبر ارتكاب المآثم والموبقات والكبائر وهجر التكاليف الشرعية، كما قد يأخذ التكذيب بآيات الله صبغة مباشرة عبر عدم الاعتراف بها والكفر بها جهاراً.

فالذي لا يطيع أوامر الله والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وخلفائه الأئمةعليهم‌السلام من بعده من شأنه أن يموت كافراً، ومن شأنه أيضاً أن يحرم من ولاية الله والرسول والأئمة، وذلك هو الخسران المبين.

ولقد كرّر الإمام أبو عبد الله جعفر الصادقعليه‌السلام قوله لشيعته:« أبلغ (الراوي)موالينا عنّا السلام، وأخبرهم أنّا لا نغني عنهم من الله شيئاً إلاّ بعمل، وأنّهم لن ينالوا ولايتنا إلاّ بعمل أو ورع » (١) .

فمن يقل بأنّه موالٍ للأئمةعليهم‌السلام ويعيش بين الموالين هو الآخر معرّض إلى الانزلاق نحو المفاسد، ومن ثمّ سيتبيّن له الخطل فيما ادّعاه؛ وذلك لأنّ الأئمةعليهم‌السلام أنفسهم لا يعترفون بتشيّع إنسان ما لم يتبعهم بما أمروه به ونهوه عنه.

وإنّها لخطيئة كبرى وخسارة عظمى أن يتصور الإنسان أن موالاة أهل البيتعليهم‌السلام مجرّد المحبة وإحياء الذكرى؛ لأنّ الولاية بمعناها الكامل والصحيح هي طاعة الله، وطاعة رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والاعتراف بحقّ آل البيتعليهم‌السلام ، والسير على نهجهم الذي لم ولن يختلف أبداً عن تعاليم القرآن.

ومن نماذج النقص في الولاية للأئمةعليهم‌السلام أن نرى البعض منهمكاً في التحدّث عن فضائلهم ومناقبهم وتأريخهم، ولكنّه في الوقت ذاته يقصّر في

____________________

(١) بحار الأنوار ٢ / ٢٨.

١٦٣

التعرّف إلى الحكمة الإلهية من وجود الأئمّةعليهم‌السلام ، أو تنصيبهم زعماء للدين من دون الناس، ويقصّر أيضاً في معرفة فقههم ومعارفهم الإلهية؛ فتراه - تبعاً لذلك - يجادل في كل صغيرة وكبيرة مجادلةً تنبع من عدم التسليم لآراء الأئمّةعليهم‌السلام ، مع علمه واعترافه بعصمتهم ومنزلتهم من القرآن والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فمَن قال بإمامة الحسين بن علي وسائر الأئمة المعصومينعليهم‌السلام يتوجّب عليه اتّباع كلماتهم، فلا يجهلها أو يتجاهلها، أو يفسّرها حسب هواه وأغراضه.

ومن جملة ما يروى في هذا الإطار أنّ الإمام الصادقعليه‌السلام سأل رجلاً من أتباعه - ولعله فضيل بن يسار - قائلاً:« كيف تسليمك لنا يا فضيل؟ » .

فأجاب: يابن رسول الله، لو أخذتَ تفّاحة وقسمتها قسمين، وقلْت هذا القسم حلال وهذا حرام فأنا لا أقول: لماذا؟ بل أقول: سلّمت.

وكان من قبله سلمان المحمدي؛ حيث أُثر عنه أنّه كان يقتفي أثر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فيضع قدمه في موضع قدم الإمامعليه‌السلام ، فهو كان يرغب بالتعبير عن اتّباعه وتسليمه لأمير المؤمنينعليه‌السلام حتّى في هذا المجال وبهذه الطريقة …

آفاق الولاية

بعد أن نتجاوز خطيئة المرجئة وقشرية السلفية بالنسبة لأهل البيتعليهم‌السلام ، وبعد أن نتوجّه إلى العمق، أقول كلمة، وأعتقد بأنّها مهمّة للغاية، وهي: إنّ الإنسان حينما يحب ويتبع الأئمةعليهم‌السلام يجب أن تتنامى في قلبه محبّة أولياء ومحبّي الأئمّةعليهم‌السلام ؛ إذ لا يجوز العيش في رحاب أهل البيتعليهم‌السلام مع رفض أوليائهم ومحبّيهم، ويتبع ذلك عدم صحّة البحث عن المعاذير لذلك الرفض أو الطرد أو الكره.

١٦٤

ويروى في هذا المجال عن محمّد بن علي الصوفي قال: استأذن إبراهيم الجمّالرضي‌الله‌عنه على أبي الحسن عليّ بن يقطين الوزير فحجبه، فحجّ عليُّ بن يقطين في تلك السنة، فاستأذن بالمدينة على مولانا موسى بن جعفرعليه‌السلام فحجبه، فرآه ثاني يومه، فقال عليُّ بن يقطين: يا سيدي، ما ذنبي؟!

فقال:« حجبتك لأنّك حجبت أخاك إبراهيم الجمّال، وقد أبى الله أن يشكر سعيك أو يغفر لك إبراهيم الجمّال » .

فقلت: سيدي ومولاي، مَن لي بإبراهيم الجمّال في هذا الوقت، وأنا بالمدينة وهو بالكوفة؟!

فقال:« إذا كان الليل فامض إلى البقيع وحدك من غير أن يعلم بك أحد من أصحابك وغلمانك، واركب نجيباً هناك مسرجاً » .

قال: فوافى البقيع وركب النجيب، ولم يلبث أن أناخه على باب إبراهيم الجمّال بالكوفة، فقرع الباب وقال: أنا عليُّ بن يقطين.

فقال إبراهيم الجمّال من داخل الدار: وما يعمل عليُّ بن يقطين الوزير ببابي؟!

فقال عليُّ بن يقطين: يا هذا، إنَّ أمري عظيم! وآلى عليه أن يأذن له، فلمّا دخل قال: يا إبراهيم، إنَّ المولىعليه‌السلام أبى أن يقبلني أو تغفر لي.

فقال: يغفر الله لك.

فآلى عليُّ بن يقطين على إبراهيم الجمّال أن يطأ خدّه، فامتنع إبراهيم من ذلك، فآلى عليه ثانياً ففعل، فلم يزل إبراهيم يطأ خدّه وعليُّ بن يقطين يقول: اللَّهمَّ اشهد. ثمَّ انصرف وركب النجيب وأناخه من ليلته بباب المولى موسى بن جعفرعليه‌السلام بالمدينة، فأذن له ودخل عليه فقبله(١) .

إذاً فالقضية حادّة ومهمّة للغاية، لا سيما وأنّ الشيطان قد أكثر من مزالقه ومهاويه ليوقع بها بين الناس؛ لذلك نرى البعض يكيل التهم

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٨ / ٨٥.

١٦٥

والأكاذيب للعلماء والكتّاب والمجاهدين العاملين، وبأعصاب باردة، غافلاً أو متغافلاً عن أنّ ما يجترحه بلسانه من غيبة أو إشاعة للفحشاء أو قول بغير حقٍّ أو افتراء على شيعة أهل البيتعليهم‌السلام من شأنه أن يبعده عن أهل البيتعليهم‌السلام فيلقيه على رأسه في جهنم.

مسؤولياتنا تجاه الولاية

من الممكن أن نعبّر عن مسؤوليتنا تجاه الولاية لأهل البيتعليهم‌السلام بعدة أبعاد ونقاط، وهي:

١ - أن نعرف أهل البيتعليهم‌السلام حقّ المعرفة؛ فنعرف مقامهم ومنزلتهم، وأنّهم خلفاء الله في الأرض، وأنهم أسماؤه الحسنى … ونستطيع ذلك من خلال الأدعية والزيارات المأثورة، فلنكن على تواصل دائم معهم عبر قراءة الزيارات الشريفة الواردة بحقهم، من قبيل زيارة عاشوراء، ولنعوّد أنفسنا على زيارة أضرحة الأئمةعليهم‌السلام وأولادهم ما أمكن.

٢ - معرفة كلماتهم؛ وعليه فإنّ القراءة الواعية للكتب التي احتوت آثارهم؛ مثل نهج البلاغة، والصحيفة السجّادية، وتحف العقول لها الأثر الأكبر في تعميق المعرفة بسنّة أهل البيت (صلوات الله عليهم).

٣ - معرفة مسيرتهم العملية والاقتداء بها؛ ولذلك كان لزاماً علينا البحث عن الكتب والمقالات والمحاضرات الخاصّة بهذا الشأن.

٤ - الاتّباع والاقتداء بهم.

٥ - الدفاع عنهم، فربّنا العلي القدير يقول:( يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) ، ونصرة الله تكون عبر نصرة دينه، وإنّ أوّل من يمثل الدين هو الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسيرته، وأهل بيتهعليهم‌السلام وسيرتهم

١٦٦

ومبادئهم، وهذا يعني الذبّ عن شخصياتهم المقدسة ما امكن؛ فلندافع عن أئمتناعليهم‌السلام بالعمل الصالح، وإنشاء المشاريع، وكتابة الكتب وغير ذلك.

٦ - محبّة أولياء آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وحمايتهم والدفاع عنهم، وليكن الشعار الأوّل في هذا المضمار ما نقرأه في زيارة المعصومينعليهم‌السلام ، حيث جاء:« اِنّي سِلْمٌ لِمَن سالمكم، وحربٌ لمَن حاربكم، ووليٌّ لمَن والاكم، وعدوٌّ لمَن عاداكم » (١) .

نسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المنتصرين لدينه، وأن لا يستبدل بنا غيرنا، وأن يجعلنا مع الحسينعليه‌السلام فنواليه ونتّبعه، ونعرفه وندافع عنه. وندعوه تبارك وتعالى أن يرفع الضيم عن أتباع أهل البيتعليهم‌السلام أينما كانوا، وأن يجعل كلمتهم هي العليا، وكلمة أعدائهم السفلى، إنّه وليّ التوفيق.

____________________

(١) مفاتيح الجنان - زيارت الإمام الحسينعليه‌السلام في يوم عاشوراء / ٤٥٧.

١٦٧

الشعائر الحسينيّة اُسلوباً ومحتوىً

ترى لماذا نحيي في كلِّ عام شعائر الإسلام في ذكرى استشهاد أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ؟ ولماذا تتجدد هذه الذكرى مع مرور السنين، وتتسع في كل عام، وتنتشر عبر آفاق جديدة؟

هذا السؤال ليس سؤالاً فقهياً أو علمياً محضاً، بل هو سؤال واقعي يعيشه كل إنسان مسلم. وللإجابة عليه نقول: إنّ هذه الواقعة يعيشها كل قلب، وكل فطرة، وكل نفس بشرية.

وقد طرح عليّ هذا التساؤل اثنان من المستشرقين الالمان قائلين: لماذا يتغيّر كل شيء عندكم أيها الشيعة إذا اقترب هلال محرم، لا بضغط من حكومة، ولا بمال من غني، ولا بإعلام قوي، بل بشكل عفوي، في حين أنّكم تعتقدون بقول نبيكمصلى‌الله‌عليه‌وآله :« مداد العلماء خير من دماء الشهداء »، فلماذا ترفعون راية الحسين بينما يقرّر رسولكم أن مداد العلماء خير من دماء الشهداء؟

سر خلود الثورة الحسينيّة

وعندما أجبتهما على هذا السؤال قلت لهما: أوّلاً: إنّ الحسينعليه‌السلام ليس شخصاً، بل هو قضية، وقيمة، ومدرسة، ومنهج، ومسيرة؛

١٦٨

فهوعليه‌السلام كالنبي إبراهيم الذي كان يمثّل اُمّة، وكان حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين؛ ولذلك فإنّ جميع أتباع الديانات السماوية يقدّسون هذا الرجل؛ لانه جسّد قيمة التوحيد، ورفع راية (لا إله إلاّ الله)، فتحوّل إلى قيمة؛ ولذلك قرّر القرآن الكريم أنّه كان اُمّة، واستجاب له الله سبحانه وتعالى عندما قال:( وَاجْعَل لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخِرِينَ ) (الشعراء/٨٤).

وكما أنّ إبراهيمعليه‌السلام جسّد قيمة، فإنّ الحسينعليه‌السلام قد جسّد قيمة هو الآخر؛ فقد استشهد في سبيل العدل والحق، ومن أجل الدين والحرية. ومن المعلوم أنّ هذه القيم ثابتة، فلا يمكن أن يأتي زمان لا نحتاج فيه إلى الدين والعدالة والحرية؛ فالحق هو فلسفة الحياة، بل هو الحياة نفسها، وبدونه لا يمكن ان تستمر. وكما أنّ قيمة الدين والعدالة والحرية والحقّ وسائر القيم المقدسة مستمرة، فإنّ قضية الإمام الحسينعليه‌السلام مستمرة هي الاُخرى.

وفي القسم الثاني من الإجابة قلت لذينك المستشرقين: إننا نعيش اليوم تحت راية أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، ونحن أتباع أهل البيتعليهم‌السلام لا يمكن أن نعيش بدونه؛ لأنّ العيش بدونه يعني العيش بدون قيم، وبدون دين واستقلال.

أهمّية المواكب الحسينيّة

ونحن كنّا وما زلنا نقيم المواكب الحسينيّة في كلِّ عام؛ ففي أيام الأربعين يتقاطر الشيعة على مدينة كربلاء لتتحوّل إلى موكب حسيني كبير، وهذه المواكب هي الناطقة عن قضية الإمام الحسينعليه‌السلام

١٦٩

وقضايا الشيعة في العالم الإسلامي؛ فعلى سبيل المثال اُعدم قبل خمسة وأربعين عاماً مسلم إيراني بسيف آل سعود ظلماً وعدواناً، وفي تلك السنة حملت جميع المواكب الحسينيّة التي وفدت إلى كربلاء راية هذا الرجل، وبعد فترة كان النظام البائد في إيران يضطهد العلماء، فكانت المواكب الحسينيّة في العراق تنادي بالدفاع عن علماء إيران، وبعد فترة اُخرى حدثت مجزرة ضد الشيعة في لبنان، فما كان من المواكب الشيعية في العراق إلاّ أن نادت بالدفاع عن الشيعة في لبنان.

وأنا اُوجّه كلامي هنا إلى اُولئك الذين يلوموننا على بكائنا في يوم عاشوراء، فأقول لهم: إنّنا نبكي بكاء الأبطال، ولكي نصبح حسينيين. فمثل هذه الشعائر هي التي حافظت على الإسلام، بلى هي التي حافظت علينا - نحن الشيعة - على مرّ التاريخ رغم كثافة المشاكل المحيطة بنا.

وهكذا فإنّ ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام كانت قضية فأصبحت قيمة، وكانت واقعة فتحولت إلى راية. وكل إنسان في هذا العالم يريد أن يدافع عن قيمه وقضيّته وظلامته لا بدّ أن ينضوي تحت هذه الراية المقدّسة.

الشعائر الحسينيّة والأنظمة الطاغوتيّة

وقد أدركت الحكومة الطاغوتيّة عمق هذه الشعائر؛ ولذلك فإنّها عمدت وتعمد إلى محاربة الشعائر الدينية للشيعة، فهي تريد - في الحقيقة - أن تعزل الشيعة عن تأريخهم.

ففي كلِّ عام تهتدي الآلاف المؤلّفة من البشر بفضل الحسينعليه‌السلام ؛ ولذلك فإنّ الحكومات تحرص على محاربة هذه المجالس التي يجب أن نحافظ عليها بأي شكل من الأشكال لكي تستمر المسيرة والنهضة؛ ذلك لأنّ الإمام الحسينعليه‌السلام

١٧٠

استشهد، وباستشهاده في كربلاء أثبت أنّ الظلامة التي ارتكبت بحقِّ أهل البيتعليهم‌السلام كانت حقيقية.

تعظيم شعائر الله

وهكذا فإنّ الشعائر باقية ومستمرة، فالله سبحانه وتعالى يقول:( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (الحج/ ٣٢).

وهنا اُريد أن أتوقّف عند كلمتين في تفسير هذه الآية الكريمة المقتطفة من سورة الحج؛ الكلمة الاُولى هي (الشعائر) التي هي جمع شعيرة، وهي كل عمل يشعرك بشيء؛ فقد كانوا يأتون بالإبل إلى مكّة المكرّمة بعد أن يشعروها - أي يلطّخوها بشيء من الدم -، أو يقلّدوها بشيء يشعر أنّها قرابين في سبيل الله تعالى؛ لكي يتجمّع عليها الفقراء والمساكين وينالوا نصيبهم منها.

والقرآن الكريم يصف هذا العمل بقوله تعالى:( مِن شَعَآئِرِ اللَّه ) (الحج/٣٦)، أي إنّ هذه القرابين خالصة لله سبحانه ولا شأن لأحد بها؛ وعلى هذا فإنّ الشعائر تنطبق على كل ما يعظّمه الإنسان شريطة أن لا يكون حراماً.

ويحذّر القرآن الكريم في قوله تعالى:( ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) من أن تفرغ الشعيرة من محتواها؛ لأنّها يجب أن ترسّخ التقوى - التي هي الكلمة الثانية التي نريد التحدث عنه - في النفس، فيجب أن نخلص النية في أدائها تماماً كالصلاة التي تكون باطلة إذا ما انعدمت منها النية؛ لأنّ النية هي إطار ومحتوى الصلاة بالإضافة إلى ذكر الله تعالى وخشوع القلب.

وهكذا الحال بالنسبة إلى الشعائر الحسينيّة، فلنعمل من أجل ان تتحوّل هذه الشعائر إلى مدرسة تربوية للمجتمع.

١٧١

وهنا أطرح بعض الاقتراحات في مجال تطوير الشعائر الحسينيّة وإغنائها، وهي:

١ - فهم شخصية الحسين عليه‌السلام من خلال كلماته

علينا أن نفهم الحسينعليه‌السلام من خلال كلماته؛ فقد كانعليه‌السلام إماماً ناطقاً، وكان من أعظم ما تكلّم به دعاؤه في يوم عرفة، هذا الدعاء الغنيّ بالمعاني العرفانية، والذي يقول من جملة ما يقول فيه:« الحمد لله الذي ليس لقضائه دافع، ولا لعطائه مانع، ولا كصنعه صنع صانع، وهو الجواد الواسع. فطر أجناس البدائع، وأتقن بحكمته الصنائع، لا تخفى عليه الطلائع، ولا تضيع عنده الودائع، جازي كل صانع، ورائش كل قانع، وراحم كل ضارع، منزل المنافع، والكتاب الجامع بالنور الساطع » (١) .

فلنتأمل هذه الفقرة، ولننظر كيف يعرّف الإمام الحسينعليه‌السلام ربه (عزّ وجلّ) بكلمات مضيئة تفيض توحيداً وإخلاصاً.

وأمّا عن كلامه في النبوّة والإمامة فيقولعليه‌السلام :« إنّا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، ومختلف الملائكة، ومحلّ الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق … ومثلي لا يبايع مثله » (٢) .

ومن جملة كلامهعليه‌السلام في الموت قوله:« خُطّ الموت على ولد آدم مخطَّ القلادة على جيد الفتاة » (٣) .

____________________

(١) مفاتيح الجنان - دعاء الإمام الحسين يوم عرفة.

(٢) حياة الإمام الحسين بن عليعليه‌السلام - القرشي ٢ / ٢٥٥.

(٣) بحار الأنوار ٤٤ / ٣٦٦.

١٧٢

٢ - تخريج الخطباء

إنّنا نمتلك - والحمد لله - حوزات علمية، وقد حافظت هذه الحوزات على استقلالها وحيويتها على مدى العصور، ولكن هذه الحوزات تخرّج العلماء والمراجع الكبار في الغالب، وعلينا أن نفتح إلى جانب هذه الحوزات أو داخلها تخصّص للخطباء؛ لكي يتلقّى الطالب في الحوزة دروس الخطابة.

٣ - إقامة المؤتمرات

إنّ شهر محرم هو بالنسبة إلينا الرأسمال الوحيد، فإذا لم نقم المجالس في شهر عاشوراء من كلِّ عام فسوف لا نمتلك برنامجاً للأعوام القادمة، فلماذا إذاً لا نقيم مؤتمرات للخطباء؛ كأن يجتمعوا قبيل حلول شهر محرم في كلِّ عام ليتبادلوا الأفكار والآراء بينهم بشأن تطوير المجالس الحسينيّة؟

٤ - دور المشرفين على الحسينيّات والمواكب

إنّ المشرفين على المجالس والحسينيّات والمواكب عليهم بدورهم أن يعقدوا الاجتماعات على مدار السنة؛ لكي يدرسوا ويصدروا القرارات بشأن بناء الحسينيّات، وجمع التبرعات، والإتيان بالخطباء الجدد الذين من شأنهم أن يسهموا في تزويد المسلمين بأفكار جديدة.

٥ - دور المثقّفين

وهنا اُوجّه كلامي إلى المثقفين، وأدعو كل واحد منهم إلى أن يبثّوا بين الناس من خلال كلماتهم وكتبهم ومقالاتهم كلَّ ما هو جديد ومفيد عن الثورة الحسينيّة.

١٧٣

ضرورة تطوير الأساليب

وعلى هذا فإنّ علينا أن نعمل جاهدين من أجل أن نطوّر أساليبنا من ناحية المحتوى، وهذه هي إحدى مسؤولياتنا الكبرى.

فمن المتعيّن علينا أن ندعو إلى المجالس الحسينيّة، وأن نحرص على أن يحضرها عدد كبير من الناس؛ وذلك من خلال تطوير الأساليب، وتزويد الشعائر الحسينيّة بالمحتوى الذي يجب أن يكون تجسيداً لمدرسة الحسينعليه‌السلام التي هي مدرسة القيم والتقوى.

ومن الجدير بالذكر هنا أنّ المجالس الحسينيّة يجب أن تكون اللسان المعبّر والناطق عن مشاكلنا وآلامنا وقضايانا، أي أن نُعطي لهذه الشعائر محتوىً حضارياً مرتبطاً بالزمان؛ ذلك لأن شيعة الحسينعليه‌السلام لا بدّ أن يسيروا في خطه، وأن يترجم الواحد منهم قوله إلى واقع عملي وهو يقف امام ضريحهعليه‌السلام ويردّد:« إنّي سِلمٌ لمن سالمكم، وحربٌ لمَن حاربكم، ووليٌّ لمَن والاكم، وعدوٌ لمَن عاداكم » (١) .

فنحن نسير في خطّهعليه‌السلام ، ونمثل تكتّلاً واحداً تحت رايته التي لا بدّ أن تقودنا إلى الجنة كما يشير إلى ذلك الحديث الشريف:« أوسع الأبواب في القيامة باب أبي عبد الله الحسين » .

والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله الطاهرين

____________________

(١) مفاتيح الجنان - زيارة الإمام الحسينعليه‌السلام في يوم عاشوراء / ٤٥٧.

١٧٤

الفهرس

المقدّمة ٣

ذلكم الإمام الحسين عليه‌السلام.... ٦

الفصل الأوّل: على خطى الإمام الحسين عليه‌السلام.... ٩

الإمام الحسين عليه‌السلام منار التوحيد. ١١

١ - الإمام الحسين. ١١

٢ - الكلمة المسؤولة ١٩

٣ - القيادة الربانيّة ٢٠

٤ - المنهج الواضح. ٢٢

٥ - الاستقامة حتّى الشهادة أو النصر ٢٤

الإمام الحسين عليه‌السلام مشعل الهدى وسفينة الخلاص.. ٢٨

ألف: يوم الحسين. ٢٨

باء: رسالة عاشوراء ٣١

الإمام الحسين عليه‌السلام ضمير الاُمة ومسؤولية المستقبل. ٣٦

الضمير الناهض.. ٣٦

شهر محرم.. باب الرحمة ٣٨

العودة الى القرآن. ٤٠

الرؤية السليمة ٤٠

حصن الإيمان. ٤١

مسؤوليات اجتماعيّة ٤١

الإمام الحسين عليه‌السلام الشهيد الشاهد. ٤٤

كربلاء رمز المواجهة ٤٨

الإمام الحسين. ٥١

الإمام الحسين عليه‌السلام والتطوّر الحضاري للأمة ٦١

الإمام الحسين عليه‌السلام وسيلة النهوض الحضاري. ٦٦

١٧٥

الفصل الثاني: على نهج الإمام الحسين عليه‌السلام.... ٧١

الإمام الحسين عليه‌السلام آية العقل والعاطفة ٧٣

الإمام الحسين عليه‌السلام ضمانة الهدى والفلاح. ٨٤

الإمام الحسين. ٨٤

العودة إلى حقيقة الدين؛ رسالة الأنبياء ٨٥

حقائق الدين في القرآن. ٨٨

فرصة إصلاح النفس.. ٩٠

الإمام الحسين عليه‌السلام ومنهج البراءة من المشركين. ٩٢

الرفض بداية الإيمان. ٩٤

درس المسؤولية ٩٦

اتّباع القيادة الربانيّة ٩٧

اختيار المنهج السليم. ٩٨

الإمام الحسين عليه‌السلام محور حكمة الخلق، ومظهر تحدّي الطغيان. ١٠٠

الإمام الحسين. ١٠٠

الإرادة حكمة الخلق. ١٠١

كربلاء خلاصة بطولات التاريخ. ١٠٢

الشهادة كرامة عظيمة ١٠٣

ذعر الحكم الاُموي من الإمام الحسين. ١٠٤

الردّ الحاسم. ١٠٥

جرائم الحزب الاُموي. ١٠٦

الفتنة الكبرى. ١٠٧

الإعداد للثورة ١٠٩

سر عظمة الإمام الحسين عليه‌السلام.... ١١١

نظرات في عظمة الإمام الحسين. ١١٢

الخلوص والصفاء ١١٣

مأساة تستدر الدموع. ١١٦

١٧٦

الفصل الثالث: على هدى الإمام الحسين عليه‌السلام.... ١١٧

كربلاء البداية لا النهاية ١١٩

هل كانت فاجعة الطف الأليمة نهاية أم بداية؟ ١١٩

تكامل مسيرة التاريخ. ١٢٠

حملة الرسالة ١٢٤

حركات ذات بعدين. ١٢٦

أعلى درجات الإيمان. ١٢٦

الحزب الجاهلي والتحدي الرسالي. ١٣٠

إحدى صور المعاناة ١٣٠

لكلِّ قبيلةٍ صنم. ١٣١

عمل فريد من نوعه ١٣٢

صراع مبدئي. ١٣٤

ما هي مسؤوليتنا؟ ١٣٥

واقعة كربلاء ثورة مستمرة ١٣٧

لماذا الإمام الحسين عليه‌السلام مصباح الهدى. ١٤١

الإمام الحسين عليه‌السلام يدعوك لنصرته ١٤٩

الإمام الحسين. ١٤٩

هتاف الحسين مازال يدّوي. ١٥٠

معركة الحق والباطل تعيد نفسها ١٥١

بنو اُميّة يعودون إلى الحياة ١٥١

الصراع ما يزال متجدّداً ١٥٢

نحن ومحّرم ١٥٣

شهر محرم منعطف خطير. ١٥٤

ماذا نقدّم؟ ١٥٥

بين القول والفعل. ١٥٦

أين نحن من ولاية الإمام الحسين عليه‌السلام.... ١٥٨

١٧٧

مَن هو الإمام الحسين عليه‌السلام؟ ١٥٩

التقوى والورع شرط الولاية ١٦١

آفاق الولاية ١٦٤

مسؤولياتنا تجاه الولاية ١٦٦

الشعائر الحسينيّة اُسلوباً ومحتوىً. ١٦٨

سر خلود الثورة الحسينيّة ١٦٨

أهمّية المواكب الحسينيّة ١٦٩

الشعائر الحسينيّة والأنظمة الطاغوتيّة ١٧٠

تعظيم شعائر الله. ١٧١

١ - فهم شخصية الحسين. ١٧٢

٢ - تخريج الخطباء ١٧٣

٣ - إقامة المؤتمرات.. ١٧٣

٤ - دور المشرفين على الحسينيّات والمواكب.. ١٧٣

٥ - دور المثقّفين. ١٧٣

ضرورة تطوير الأساليب.. ١٧٤

١٧٨