الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين

الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين33%

الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين مؤلف:
تصنيف: الإمام الحسين عليه السلام
الصفحات: 178

الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين
  • البداية
  • السابق
  • 178 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 111342 / تحميل: 8681
الحجم الحجم الحجم
الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين

الإمام الحسين (عليه السلام) قدوة الصديقين

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

القيادة الربانيّة التي لا تأخذها في الله لومة لائم، وأن نختار لمسيرتنا القادة الأكفاء الاُمناء على دين الله، الذين وصفهم القرآن الحكيم بقوله سبحانه:( يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (المائدة/٥٤ - ٥٥).

إنّ علينا ألا نتهاون في قضية القيادة؛ فالواجب البحث عنها واختيارها وفق هدى الله وبصائر السنة الشريفة، والتي تتلخص في القيام لله والشهادة بالقسط، وعدم خشية غير الله، ولا مهادنة الطغاة. إنّ ذلك يعتبر مفتاح حل مشاكل الاُمّة؛ لأنّ مثل هذه القيادة الربانيّة ستكون مؤيّدة بنصر الله، مزوّدة بنور التقوى، ومحوراً لأنشطة الناس.

ثمّ إنّ التسليم للحق وللقيادة الربانيّة تسليماً نابعاً من القناعة والإيمان، تسليماً خالصاً لوجه الله، تسليماً لا ينطلق من الهوى والعصبية، والروح الحزبية والإقليمية والحميات الجاهليّة. إنّ هذا التسليم هو الذي يجعل الاُمة في مستوى أصحاب الأنبياء والأوصياء الذين يصفهم القرآن الحكيم بقوله:( مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيَماهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) (الفتح/٢٩).

إنّ التواضع للمؤمنين، والتعالي أمام الكافرين والفسّاق، والجهاد في سبيل الله في كلِّ الظروف هو مقياس القيادة الرشيدة.

٢١

والإمام الحسينعليه‌السلام معيار للقيادة الربانيّة، فكلّ مَن كان نهجه أقرب إليه كان أجدر بالقيادة، ولا يضلّ الله سعي اُمّة سلّمت أمرها لقيادة إلهية تسليماً خالصاً لوجه ربها.

٤ - المنهج الواضح

إذا عرف الناس أنهم هم المسؤولون، ووعوا السنة الإلهية الجارية في خلقه أبداً، ألا وهي:( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتّى يُغَيِّرُوا مَا بِاَنفُسِهِمْ ) (الرعد/١١). ثم عرفوا القيادة الربانيّة واتبعوها؛ فإن أهل الحل والعقد والسابقين من المجاهدين والعلماء والصالحين سوف يتشاورون فيما بينهم؛ ليضعوا الخطة الصحيحة والمنهج الواضح للعمل في سبيل الاصلاح.

إنّ الله وصف عباده بصفات فاضلة؛ أبرزها أن أمرهم شورى بينهم، فاذا أجمعوا أمرهم على شيء اندفعوا نحو تحقيقه بيد واحدة، وكانت يد الله سبحانه مع جماعتهم، فقال سبحانه:( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) (الشورى/٣٨).

إنّ اتفاق الاُمّة على المنهج الواضح للعمل هو أعظم ركيزة لوحدة جهودهم، ونجاح مساعيهم، وتحقيق أمانيهم. والمنهج الواضح هو ميراث هدى الله، والتقوى، والتمسك بحبل الله، وتراكم التجارب بالشورى، وإنما توالت على اُمتنا الهزائم بسبب الضلالة عن هدى الوحي، واتّباع الهوى والشهوات، والابتعاد عن نور العقل، وعدم الاهتمام بعلمية القرار.

إنّنا اليوم نعيش في ظروف صعبة، ولا نستطيع أن نقهرها إلاّ بالاعتصام بالله سبحانه، واتخاذ طريق العقل سبيلاً إلى معرفة حقائق الحياة.

إنّ أيام عاشوراء والتي تحمل إلينا ذكرى أكبر مأساة في التاريخ، هي

٢٢

أيام التعبئة الروحية والعاطفية، ولكن العواطف عند المؤمن لا تخرج عن إطار الوحي والعقل، ولا تتجاوز أحكام الدين الحنيف، بل إنها تدعو الإنسان إلى تطبيق أحكام الله والعمل بشرائعه. وعلى خطباء المنبر الحسيني أن يجعلوا عواطف الاُمة الجياشة وسيلة لدعوة الناس إلى التقوى والعمل بمسؤولياتهم الشرعية.

لقد كان الإمام الحسينعليه‌السلام كلمة ناطقة، ودعوة إلهية واضحة، وبلاغاً لرسالات الله مبيناً. ألا تقرؤون في يوم عرفة دعاءه الذي هو بلا ريب مدرسة مباركة في توحيد الله ومعرفة أسمائه الحسنى، وتلك كتبه التي قرع بها رأس معاوية كسياط من لهب، إنها مدرسة في الإعلام الرسالي، وفي فضح أنظمة الضلال ومعارضة طغاة كلِّ عصر.

ومنذ خروجه من المدينة، وطول مدة بقائه في مكة المكرمة، ثمّ حركته إلى العراق، وإلى يوم عاشوراء، كانت كلماته النورانية تضيء درب المجاهدين في سبيل الله.

وعلينا أن نقرأ على الناس خطب الإمام الحسينعليه‌السلام وكلماته المضيئة التي فسّرت نهضته العظيمة، ولا ندع للأهواء أن تفسّر قيام أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، بل نستفيد من كلماته هو في بيان أسبابها وعواملها وأهدافها؛ فهي أفضل بيان وخير تفسير.

وهكذا نجعل العاطفة في خدمة العقل، والحب في خدمة الحق، والبكاء طريقاً لإصلاح النفس، ونجعل المجالس مدارس للفقه الديني، والمواكب شعائر للدفاع عن المؤمنين من موالي السبط الشهيد والمظلومين في كلِّ مكان، وإلاّ فإنّ سيل العاطفة المتدفّقة سيذهب سدى.

٢٣

٥ - الاستقامة حتّى الشهادة أو النصر

وبعد تبيان المنهج ووضوح الاستراتيجية فنحن بحاجة إلى الاستقامة التي نستلهمها من واقعة الطفِّ، ومن كلمات السبط الشهيد الذي أطلقها صاعقة قاصعة:« ألا وإنَّ الدَّعيَّ ابن الدَّعيَّ قد تركني بين السلّة والذلّة، وهيهات له ذلك! هيهات منّي الذلة! أبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون، وجدود طهرت، وحجور طابت أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام… » (١) .

وكان يقولعليه‌السلام :« سأقول كما قال أخو الأوس …

سأمضي وما بالموت عارٌ على الفتى

إذا ما نوى حقّاً وجاهد مسلما

وآسى الرجال الصالحين بنفسه

وفارق مثبوراً وودَّع مجرما

فإن عشتُ لم أندم وإن متُّ لم اُلم

كفى بك ذُلاً أن تعيش وترغما»(٢)

وقالعليه‌السلام :

فإن تكن الدنيا تُعدُّ نفيسةً

فدارُ ثواب الله أعلى وأنبلُ

وإن تكن الأبدانُ للموت اُنشئت

فقتلُ امرئٍ بالسيف في الله أفضل(٣)

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٥ / ٨٣.

(٢) بحار الأنوار ٤٤ / ٣٧٨.

(٣) بحار الأنوار ٤٤ / ٣٧٤.

٢٤

وقد شرع في نهضته الإلهية بكلمته المعروفة:«… خُطّ الموت على ولد أدم مخطَّ القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف … » . ثم قال:« … مَن كان فينا باذلاً مهجته، موطّناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا؛ فإنّي راحل مصبحاً إنشاء الله » (١) .

وإنّما كان الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد؛ لأن الإيمان الذي ينهار مع أول مشكلة ليس بإيمان أبداً؛ إنما فائدة الإيمان مقاومة الصعاب، ومناهضة العقبات.

والذين يستسلمون للطغاة، أو ينهارون أمام مشاكل الهجرة في سبيل الله، أو يحسبون عطاءهم في سبيل الله مغرماً، وأيام جهادهم ضياعاً، إنّ مثل هؤلاء كيف يفسّرون الإيمان؟ هل الإيمان عندهم كان مؤقّتاً بوقت، أو مخصوصاً بظرف، أو كان معنى الإيمان مكاسب ومناصب، أو رفاه ورخاء، أو وظائف ورواتب؟

وكيف لا يستحي هؤلاء أن يعتبروا أنفسهم من موالي أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام الذي أعطى كلَّ ما كان لديه حتّى الرضيع قدّمه فداءً للإسلام، ثم قال:« صبراً على قضائك يا رب، لا إله سواك يا غياث المستغيثين، ما لي ربي سواك ولا معبود غيرك… » (٢) .

إنّ مثل هؤلاء هم أظهر مصداق لقوله سبحانه:( ومِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَآ اُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٤ / ٣٦٦ - ٣٦٧.

(٢) مقتل الحسينعليه‌السلام - للمقرّم / ٣٥٧.

٢٥

جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِاَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ) (العنكبوت/١٠).

إنّ مصداق الإيمان يتجلّى عندما يفترق الحقُّ عن المصلحة، والهدى عن الهوى، والرسالة عن السياسة، والجهاد في سبيل الله عن الدعة والراحة. ولا عذر لأحد بعد شهادة السبط الشهيد (سلام الله عليه) في أن يترك جهاد الطاغوت، ويبرر ذلك بأنّ سمعته في خطر، أو أنّ حياته وحياة أهل بيته أو أصحابه يهددها الطاغوت، أو أنّه قد لا يبلغ النصر بمثل هذه التضحية؛ فالإمام الحسينعليه‌السلام قطع عذر كلَّ معتذر.

وقد كان أهل الكوفة في ذلك اليوم الذي انفضّوا فيه عن سفير الإمام الحسين مسلم بن عقيل (سلام الله عليهما) بمثل هذه الأعذار، كانوا مثل السوء الذي من أراد أن يتبعهم فليتبعهم، ولكن ليعلم أنّ عاقبته في الدنيا وفي الآخرة لن تكون أفضل من عاقبتهم؛ فالخزي واللعنة في الدنيا، وسوء العذاب في الآخرة.

فمن شاء أن يخدع نفسه فليخدع، ومَن شاء أن ينهزم فلينهزم، ومَن شاء أن يهادن الطاغوت أو يستسلم له فليفعل، ولكن ليعلم بأنّ الله للظالمين بالمرصاد، وأنه قد أنذر الذين يتركون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأي عذر كان؛ أنذرهم بتسليط الظالمين، وبفتنة لا تصيبن الذين ظلموا منهم خاصة.

قال الله تعالى:( يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا اَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَاَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاتُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (الأنفال/٢٤ - ٢٥).

٢٦

إنّ الإمام الحسينعليه‌السلام علّمنا درس البراءة من الشرك والمشركين، وهي شرط التوحيد، وكان إماماً للمسلمين، وقدوة واُسوة، وكانت قيادته الربانيّة ونهجه الإلهي الواضح، واستقامته التي ختمت بالشهادة هي دروس العزة والتقدم والنصر، وسبيل الهدى والرحمة والفلاح.

٢٧

الإمام الحسينعليه‌السلام مشعل الهدى وسفينة الخلاص

ها هو يوم عاشوراء يلوح في الاُفق ليجعلنا نعيش عاشوراء ببطولاتها وتضحياتها. وعظمة عاشوراء لم تسمح للزمان أن يطوي ذكرها النسيان؛ وذلك لأنّ عاشوراء رسالة لكل الأجيال؛ ومن هنا نتأمل في يوم عاشوراء ورسالته.

ألف: يوم الحسين عليه‌السلام

١ - وجاء يوم الحسينعليه‌السلام ، جاء ميعاد اللقاء مع السبط الشهيد على مائدة الإحسان والإيثار، جاء يوم التحرر من إصر الهوى وأغلال الشهوات، وجاء يوم نتحسس فيه جميعاً بأننا بشر نحب الخير، ونهوى الفضيلة، ونلتذ بالعطاء، ونتطلع إلى الشهادة بالحق، والموت في سبيله

بلى، في مثل هذه المناسبات العظيمة يكتشف أحدنا إنسانيته، ويندمج مع فطرته، وتنجلي عن بصيرته حجب الشهوات العاجلة والحميات الكاذبة.

٢ - إنّ للسبط الشهيد (سلام الله عليه) حرارة في أفئدة محبيه، وولهاً للاستماع إلى حماسة شهادته؛ لأنه (سلام الله عليه) مثّل في يوم الطفِّ تلك

٢٨

الفطرة التي تنطوي عليها ضمائر البشرية جميعاً، وجسّد قيم العطاء والفداء، ومثّل الشجاعة والاستقامة والإيثار؛ فهو - بكربلاء وعاشوراء - صورة مثلى لكلِّ إنسان كامل في إنسانيته؛ ومن هنا ترى الناس جميعاً يتلهّفون إلى معرفة أخبار ملحمته. وكلما كان الواحد منهم أقرب الى الإنسانيّة كان أشوق الى عاشوراء الحسينعليه‌السلام .

٣ - إنّ عاشوراء وما كان فيها من قصص بطولية نادرة، وتجليات إيمانية سامية، وسبحات في آفاق المثل العليا هي إطلالة البشر على عالم الغيب، وهي نافذة تُفتح أمام بصائرنا لنشاهد بأنفسنا ذلك العالم الآخر الذي لا بدّ لنا من العودة إليه في يوم قريب؛ العالم الذي لا تتكلم فيه أرقام الأرصدة، ولا أحجام الممتلكات، ولا موازين القوة المادية، وإنما الكلمة الصادقة، والعمل الصالح، ودرجة التقوى واليقين، إنها هي ميزان التفاضل هناك.

وهكذا يتسنى لكل من يعيش أجواء عاشوراء أن يطلّ ولو للحظات على ذلك العالم؛ ليضبط من جديد إتجاهه في الدنيا قبل أن يرحل عنها إلى عالم الآخرة؛ عالم الغيب والحياة الأبدية.

٤ - عند الإدّعاء يزعم كلُّ فرد بأنه قد بلغ أداء الواجب، ولكن عندما يستشرف على ملحمة عاشوراء ويراجع نفسه يعرف أنّ عطاءه محدود جداً، ويتضاءل عند نفسه إلى درجة الندم، ويجدد العزم بأن يضاعف عطاءه ويزداد عزماً على الإحسان والإيثار.

٥ - حوافز البشر وعزائمه هي وقود مسيرته الصاعدة، ومَن فقد النية أضحى خاوياً على نفسه كشجرة مسوسة. ونحن نتزود في رحاب

٢٩

عاشوراء بالعزم ليس فقط لنواجه ضعف أنفسنا أمام شهواتنا، وإنما أيضاً لنتحدّى ضعف اُمّتنا أمام المشاكل الحادّة.

فنحن نقرأ قصة ذلك الفتى الهاشمي (قاسم بن الحسن عليهما السّلام) كيف يستهين بالموت، ويراه في نصرة عمّه أحلى من العسل، ونرى ذلك الشهم العلوي (علي الأكبر بن الحسين عليهما السلام) كيف يركب مطية الشهادة ويقتحم غمار الأعداء حتّى تمزّق جسده الشريف بحرابهم المسعورة، ثم شرب من يدي جده كأساً روياً لا يظمأ بعده أبداً.

أمّا عمّه العباسعليه‌السلام كبش الكتيبة، وقمر بني هاشم، فإنّه يحلق عالياً في سماء الوفاء، حتّى إذا ملك الشريعة وتاقت نفسه إلى شربة ماء تذكّر عطش أخيه الإمام الحسينعليه‌السلام ؛ فرمى الماء على الماء، وتمنّى لو يستطيع أن يحمل إلى مخيم آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله قليلاً من الماء. وحطّم أمله ذلك السهم الذي أصاب القربة، ولكنه لم يستسلم، وتحدى أمواج الهم بجبال العزم حتّى التحق بركب الشهداء. إنّ كل صورة في هذه الملحمة درس عظيم في معاني العزم والاستقامة.

٦ - كما القطرة المتواضعة حين تلتحق ببحر زاخر فتصبح عظيمة النفع، كذلك الفرد حين يندمج بتيار المجتمع فيصبح أعظم وأقوى. وملحمة عاشوراء بوتقة تعد الأفراد ليتلاحموا ويصبحوا قوة هائلة.

٧ - حينما تتحطّم النفس البشرية على صخرة الكوارث والويلات، وتنطوي على ذاتها لتحيط بها الكآبة، وتنخر فيها السلبية، فإن عاشوراء وبما فيها من شجاعة التحدي، وبطولة المواجهة، وبما فيها من الإيجابية

٣٠

الطافحة تعالج مثل هذه النفسية، والتي - مع الأسف - أصبحت شائعة في بعض المجتمعات التي تعيش ظروفاً صعبة.

٨ - عاشوراء تساهم في تربية إنسان يرفض الحصار، ويتحدى اليأس، ويهزأ من العقبات؛ إنسان يتّصل قلبه بنور ربه فيتوكل على الله، ويقول كما قالت سيدتنا زينبعليها‌السلام للطاغية يزيد: أظننت يا يزيد أنّك حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الاُسارى أنّ بنا على الله هواناً، وبك عليه كرامة، وأنّ ذلك لِعظم خَطَرك عنده؟! فشمخت بأنفك، ونظرت في عِطفك جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والاُمور متّسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا …(١) .

وهكذا كانت ولا تزال عاشوراء السبط الشهيدعليه‌السلام إشراقة الأمل في ضمير البؤساء؛ لأنّ عاشوراء نفحة إلهية على أهل الأرض. أوَليس الإمام الحسينعليه‌السلام مصباح هدىً وسفينة نجاة؟

باء: رسالة عاشوراء

١ - ورسالة عاشوراء هي رسالة المنبر الحسيني الذي لم يزل باقياً منذ ارتقاء زين العابدين وسيد الساجدين الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام أعواد مسجد الشام في أوّل مواجهة ضد الطاغية يزيد في العاصمة الاُمويّة، وفضحه آل أبي سفيان، وبيّن فضائل العترة الطاهرة.

منذ ذلك اليوم وحتّى هذا اليوم، وعبر (١٣٦١) عاماً لم يزل للمنبر الحسيني شعاع من مصباح الإمام الحسينعليه‌السلام ، وقبس من نار ثورته اللاهبة.

____________________

(١) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام - باقر شريف القرشي ٣ / ٣٧٨.

٣١

ومن عوامل بقاء المنبر الحسيني بهذه الصفة طيلة القرون المتمادية هو الحماس الذي يلعب دوراً هاماً في بيان عاشوراء، كما يجلي البصائر ببيان أهدافها التي هي حقائق الدين.

٢ - واليوم حيث يتعرّض المسلمون لأقسى الهجمات الثقافية، والتي تتسلح بالمزيد من وسائل العصر؛ اليوم حيث يتّسم العصر بسمة الإعلام علينا أن نجتهد في سبيل جعل المنبر الحسيني قادراً ليس فقط على صد هجمات الأعداء على قيم الدين، بل وأيضاً على اختراق حصون الأعداء، وبث القيم الدينية بين شعوب العالم. أليست كلمة الله هي العليا؟ ألم يقل ربنا سبحانه:( وَقُلْ جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً ) (الإسراء/٨١)؟

٣ - من هنا كان على الخطباء وعلى المعاهد الدينية التي يتخرّج منها الخطباء أن يبذلوا قصارى جهدهم لتحقيق تحوّل كبير في مناهج المنبر وبرامجه، وجعله أقرب إلى حقائق العصر؛ وذلك عبر السبل التي سوف نتحدث عنها لاحقاً إن شاء الله. وهذا الجهد قد يكون فردياً، وقد يكون عبر تشكيل مؤتمرات ومراكز بحث وإشراك أكبر قدر ممكن من الآراء فيها، وبالذات آراء المستمعين.

٤ - المنبر ينبغي أن ينطق عن ضمير الجماهير، ويستجيب لحاجاتهم، وبالذات ضمير الجيل الصاعد الذي سوف يستلم أزمة المجتمع بيده. فإذا كان المنبر متجاوباً مع الناس كان الناس أوعى له، وأطوع لتوجيهاته.

٥ - المنبر رسالة عاشوراء، وعاشوراء بحر زاخر لا بدّ أن نستخرج منه ما يناسب ظروفنا، ويلبّي حاجات عصرنا. وهكذا ينبغي أن يستنطق الخطيب حوادث كربلاء فيما يتّصل بيوميات المجتمع، فإذا كان المجتمع

٣٢

يعاني تفككاً اُسرياً، فإنّ المنبر يستهدي من تفاني أهل البيتعليهم‌السلام في سبيل قضيتهم، ومدى وفاء كلِّ فرد منهم؛ لشيخهم وسيدهم وإمامهم الحسينعليه‌السلام .

وإذا كان المجتمع يعاني خواءً في الأهداف، وفراغاً في الغايات، فإنّ هدفية أنصار الإمام الحسينعليه‌السلام ؛ كباراً وصغاراً، رجالاً ونساء هي محور أساسي للمنبر.

وإذا كان المجتمع يعاني أمراضاً مزمنة؛ مثل السلبية والتواكل، والذاتية والحمية، والفواحش الظاهرة منها والباطنة، فإنّ كلَّ حادثةٍ حدثت في ملحمة كربلاء تستطيع أن تكون ملهمة لعلاج تلك الأمراض.

٦ - الإمام الحسينعليه‌السلام درّة في تاج الرسالة، وعلينا أن ندعو الناس من خلال المنبر إلى منظومة الدرر التي يتشكّل منها هذا التاج الكريم؛ فجده الرسول، وأبوه الوصي، واُمّه الصديقة، وأخوه الزكي، وولده الأئمة الهداة (صلّى الله عليهم جميعاً). كلّ اُولئك هم محاور المنبر الحسيني، وعلينا من خلاله أن نرسي قواعد الإيمان بهم، والوله بحبهم، والاستماع إلى وصاياهم، وقراءة سيرهم، وبالذات الإمام الثاني عشر المنتظر القائم (عجّل الله فرجه)؛ فإنه خاتم الأوصياء، والآخذ بثأر جده الحسينعليه‌السلام .

٧ - المنبر الحسيني زخم عاطفي هائل، وهو يفجّر ينابيع المودة في أفئدة العارفين بأهل البيتعليهم‌السلام ، ولكن في ذات الوقت ينبغي أن يستثير دفائن العقل، ويستجلي مشاعل البصيرة، ويزين للناس مكارم الأخلاق وحلل الآداب؛ ذلك لأنّ العواطف من دون بصائر العقل أشبه ما تكون بسيل هادر لا تستوعبه قنوات الري.

٣٣

إنّ مذهب أهل البيتعليهم‌السلام يعرج بالبشرية بجناحي العاطفة والعقل؛ فظلامة الصدّيقة الزهراءعليها‌السلام ، ومصائب سيد الأوصياء الإمام عليعليه‌السلام ، ومراثي السبط الأول الإمام الحسنعليه‌السلام ، وعاشوراء السبط الشهيد الإمام الحسينعليه‌السلام ، وما جرى على الأئمة من ولدهعليهم‌السلام ، كل ذلك جناح العروج الأوّل.

أمّا الجناح الآخر فيتمثّل في الخطبة الفدكية لفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمينعليها‌السلام ، وبنهج البلاغة للإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وكلمات السبطينعليهما‌السلام ، والصحيفة السجادية زبور آل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي جرى على لسان خيار المتهجّدين الإمام السجادعليه‌السلام ، ووصايا ودروس الباقرين الصادقين، ثمّ الكاظم والرضا، وسائر كلمات الأئمةعليهم‌السلام الرشيدة.

وإذا رأيت خللاً في حياة بعض أتباع أهل البيتعليهم‌السلام فلأنهم قد ابتعدوا عن كلمات قادتهم التي هي مناهج حياة، وبرامج جهاد، وسبل هدى، ووسائل تقدم.

إنني أدعو الخطباء الكرام، وبكل إصرار، إلى إعادة الناس إلى رحاب أهل البيتعليهم‌السلام ، والانتفاع بكلِّ كلمة من تراثهم العظيم؛ لكي يوحّدوا جهودهم، وينظموا حياتهم على اُسس عقلانيّة رشيدة في ضوء وصاياهم، وليتحمّل كلُّ فردٍ منهم مسؤولياته من دون تبريرات واهية فيزداد همة وعزماً.

وإنّ لي كذلك دعوة متواضعة للفقهاء والمفكرين أن يستنبطوا من آيات الكتاب، وأحاديث السنة، وكلمات أهل البيتعليهم‌السلام أحكاماً واضحة في قضايا حياتية كما أنهم قد استنبطوا منها أحكاماً في قضايا دينية، ولهم من الله

٣٤

الأجر العظيم. ويومئذ ينبغي للخطباء والكتّاب أن يتبعوهم في تلك الإرشادات، وينشروها على أوسع اُفق.

إننا اليوم بحاجة ماسة إلى تلك الحكمة التي ترشدنا كيف نعيش، وكيف نتحدّى المشاكل، وكيف نساهم في تطبيق الحياة. وإنها لحكمة بالغة لا بدّ أن نستوحيها من مصادر الوحي، ومن تجارب العقول، وآراء العرف الرشيد؛ والله المستعان.

٣٥

الإمام الحسينعليه‌السلام ضمير الاُمة ومسؤولية المستقبل

من خلال مسيرته الوضاءة، ونهضته الرسالية التي فاضت شلاّلاً من الصدق والفداء، ونهراً متدفقاً من العواطف الخيرة كان الإمام الحسينعليه‌السلام ولا يزال ضمير هذه الاُمة؛ فهو في العقل مصباح هدى، وهو في العاطفة سفينة نجاة، وهو عند المستضعف كرامة ناهضة، وهو عند المظلوم نداء ثائر، وهو على الطغاة سوط لاهب، وعلى الخانعين يقظة تأنيب. إنّه نهج متميّز تلجأ إليه الاُمة عندما تضيق بها مذاهب الحياة، وتحيط بها اسباب الفناء.

هنالك تتجاوز الاُمة حاجز الخوف والخنوع، وتستهين بالصعاب، وتستحلي الموت ومذاقه على ذلّة العيش وعار الحياة؛ حيث لا تزال صرخة السبط الشهيدعليه‌السلام تملأ اُذن الدهر:« هيهات منا الذلة! هيهات منا الذلة! ».

الضمير الناهض

وإذا كانت الاُمّة الإسلاميّة قد تحدّت عبر تاريخها المديد عاصفة الحروب الصليبية بشموخ، واحتوت أعصار الغزو التتري بصبر وصمود،

٣٦

وإذا كانت الاُمّة لا تزال تقاوم عاصفة الهجمة الصليبية الغربية الجديدة، ورأس حربتها دويلة الصهاينة، وإذا كانت قد احتوت هجمات الشرق الكافر، فذلك كله لأنّ الاُمة تملك ضميراً حيّاً نابعاً من قيم القرآن الحكيم، وتاريخ الجهاد الحافل، وفي طليعته تاريخ نهضة السبط الشهيدعليه‌السلام .

وإذا كانت الثورات التحرّرية هي السمة البارزة لهذه الاُمّة، وبالذات في صفوف أتباع أهل البيتعليهم‌السلام ، فذلك لأنّ الإمام الحسينعليه‌السلام لا يزال في نفوسهم صرخة رفض، وصيحة كرامة، ودعوة صادعة بالحرية وبالعطاء.

إلاّ أنّ هذا الضمير الناهض لم يستنفد كلَّ طاقاته، وهذه الروح الكبيرة لم يستفد من كل قدراتها؛ ذلك لأنّ الطغاة والمنابر التابعة لهم، والأقلام السائرة في ركبهم، وعلماء السوء الذين يكتمون الحق، هؤلاء جميعاً حاولوا إبعاد هذا الضمير النابض، وتلك الروح الثائرة عن حوادث الحياة اليومية، وعن مشاكل الاُمّة المعاشة، ودفعهما إلى مجاهل التاريخ، وإلى الزوايا الضيقة. ومع كلِّ الأسف فهم قد نجحوا - بشكل أو بآخر - في تلك المحاولات.

وعلى العلماء الربانيِّين، وقيادات الساحة الاُمناء، والأقلام الحرّة، والمنابر المسؤولة أن تتحمّل واجبها التاريخي في إعادة الاُمّة إلى خطِّ السبط الشهيد، وهو خطِّ الإسلام الحقِّ، خط القرآن المجيد الذي من أجله كان قيام السبط، ومن أجله كانت شهادته.

٣٧

شهر محرم.. باب الرحمة

وشهر محرم الحرام هو جسر الاُمّة إلى تاريخها الجهادي، هو باب الرحمة إلى هدى القرآن، إنه مناسبة لمحاسبة الذات، ومحاكمة الواقع على ضوء الكتاب والسنة، وتاريخ جهاد الاُمة وأئمتها الهداة من العترة الطاهرةعليهم‌السلام .

وانطلاقاً من هذا الشهر يجدر بنا أن نفعّل ضمير الاُمّة لمواجهة المشاكل الحادة التي تعيشها، وأن نجعلها بحول الله تعالى اُمّة وسطى، وشاهدة على الكرامة والعدالة والتحرر للبشرية جميعاً وفي كل أرجاء العالم.

وإنّ تجربة الشعب اللبناني في مواجهة العدوان الصهيوني الأخير إنّما هي تجربة واحدة من تجارب تفعيل الضمير لدى الاُمة، والاستفادة من دروس عاشوراء.

إنّ اُمّتنا بحاجة إلى أن تتعلم دروس عاشوراء في الآفاق التالية:

ألف: عليها أن تتعلم أنّ كلّ فرد من أبنائها مسؤول عن واقعه وواقع مجتمعه، وأنّ اللامسؤولية واللامبالاة، والكسل والفشل، والثقافة التبريرية أنها هو - بالضبط - ذلك السلوك السلبي الذي يريده لها الظلمة والجبابرة، وأنّ الانزواء والتقاعس، والخمول والسلبية هو من وحي شياطين الجن والإنس، وأنّ الله يريد لبني آدم الكرامة والتقدم والتطلّع، وألاّ يتساوى يوماه

إنّ الحياة المثلى رهينة جهدك أيها الإنسان المسلم، وتطلعك وجهادك، ولن يغني عنك جهد غيرك؛ كبيراً كنت أم صغيراً، ذكراً أم اُنثى، ومن أي عنصر أو قوم أو قبيلة.

٣٨

هكذا يجب أن نثقّف أبناءنا على العطاء، وعلى الاجتهاد من أجل التقدم، والجهاد من أجل الكرامة، والاستشهاد في سبيل الله.

وأية ثقافة تشجع على الخنوع والاستسلام، والشك والشرك، والحمية وإثارة العصبيات والتمنيات فإنها ثقافة باطلة يرفضها ضمير الاُمة؛ لأنها تساهم في انتشار الظلم، وإشاعة الفحشاء والمنكر.

باء: إنّ الاُمّة الإسلاميّة تختزن في وعيها وضميرها الباطن ينابيعَ العطاء، ومعادن الصبر، واُصول النصر، وقيم النهضة، ولكنها بحاجة إلى رجال مجتهدين مخلصين، شجعان وأكفاء لقيادتها.

وقد أثبتت حوادث تاريخنا الحديث أنّه كلّما اُتيحت للاُمّة طليعة رسالية في هذا المستوى فإنّها قد استجابت لهم، وألقت إليهم أزمّة اُمورها، وأي خلل في طبيعة هذه الطليعة يورث كارثة على مستوى الاُمة وثقتها وعطائها؛ من هنا كان بناء الطليعة وتنمية كفاءاتها ورعايتها من أبرز فرائض الاُمة والعاملين الصادقين من أبنائها.

كما أنّ على الطليعة ألاّ تتوان في مسؤوليتها، ولا تستصغر دورها، ولا تأخذها في الله لومة لائم في صمودها واستقامتها على الطريق حتّى النصر.

جيم: إنّ على الاُمّة وقيادتها، والمخلصين من أبنائها البررة أن يحوّلوا التجمعات الدينية والاُسرية، والعشائرية والاجتماعية إلى تجمّعات فاعلة؛ من أجل استعادة الحقوق المستلبة، والكرامة الضائعة، والحرية المغتالة، والمساهمة في كافة الحقول، وممارسة كامل الدور الإسلامي والإنساني المطلوب.

والسبيل المناسب لظروفنا الراهنة، والذي ينتهي باذن الله تعالى إلى تحقيق هذه الأهداف السامية يتلخص في الاُمور التالية:

٣٩

العودة الى القرآن

أوّلاً: الاستلهام المباشر من كتاب ربنا الذي فيه حكم ما بيننا، ودواء أمراضنا، وشفاء قلوبنا، وإصلاح ما فسد من أوضاعنا.

إنّ الحجب المفروضة علينا، والتي منعتنا من تلاوة القرآن حقّ تلاوته، هي المسؤولة عن كلِّ مآسينا؛ فلنتجاوز كلّ الحُجب، ولنعد إلى ربنا عبر كتابه الكريم؛ فإنه وحده الذي يهدي للتي هي أقوم، ويبشّر بالحياة الصالحة في الدنيا، والفلاح في الآخرة.

إنّ الخطيب الذي يذكّر الناس بكتاب ربِّهم، والعالم الذي يوجههم إلى التدبر في آياته المباركات، والقائد الذي يأمر أتباعه بمداومة العيش مع الله وكتابه هم جميعاً يعطون للناس مفاتيح العلم، واُصول الحكمة، ويأخذون بأيديهم إلى معدن المعرفة، وإلى نبع الإيمان وضياء اليقين.

وإنّ المجتمع الذي تعلّم كيف يقرأ القرآن، وكيف يستوحي منه الثقافة الصحيحة، وكيف يعالج مشاكله في ضوئه هو مجتمع محصّن ضد كلِّ الهجمات الثقافية الوافدة.

الرؤية السليمة

ثانياً: وبالتدبر في كتاب ربنا، وبدراسة سنة النبي وأهل بيته (عليه وعليهم الصلاة والسّلام)، وبالدراسة الواعية للتاريخ الغابر وللحوادث الحاضرة، وبتحليل الأخبار تحليلاً منهجياً دقيقاً، بعيداً عن العجلة والعاطفة، والأحكام المطلقة والمسبقة، بكلِّ ذلك سيتجلّى مجتمعنا برؤية سياسية وحضارية سليمة، ومعرفة شاملة بالزمان، وبالتالي بالتحرّك في الاتجاه الصحيح، بعيداً عن الفوضى والغوغاء والعواطف المشبوبة.

٤٠

صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحلفوا إلا بالله، ومن حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن حلف له بالله فلم يرض فليس من الله ».

[١٩٠٦٧] ٤ - وعن أبي أيوب قال: من حلف بالله فليصدق، ومن لم يصدق فليس من الله، ومن حلف له بالله فليصدق، ومن لم يرض فليس من الله.

٥ -( باب تحريم الحلف على الماضي مع تعمد الكذب، وعدم لزوم الكفارة)

[١٩٠٦٨] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي ذر، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم - إلى أن قال - والمنفق سلعته بالحلف الكاذب » أعادها ثلاثا.

[١٩٠٦٩] ٢ - الصدوق في المقنع: اليمين على وجهين: أحدهما أن يحلف الرجل على شئ لا يلزمه أن يفعل، فيحلف أنه يفعل ذلك الشئ، أو يحلف على ما يلزمه أن يفعل، فعليه الكفارة إذا لم يفعله، والأخرى على ثلاثة أوجه فمنها ما يؤجر الرجل عليه إذا حلف كاذبا، ومنها لا كفارة عليه ولا أجر(١) ، ومنها ما لا كفارة عليه فيها والعقوبة فيها دخول النار - إلى أن قال - وأما التي عقوبتها دخول النار، فهو أن يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حقه ظلما، فهذه يمين غموس توجب النار، ولا كفارة عليه في الدنيا.

[١٩٠٧٠] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : مثله.

__________________

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

الباب ٥.

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٧٩ ح ٧٠.

٢ - المقنع ص ١٣٦.

(١) في المصدر زيادة: له.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

٤١

٦ -( باب أن يمين الولد والمرأة والمملوك، لا تنعقد مع عدم الإذن)

[١٩٠٧١] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث: ولا يمين لامرأة مع زوجها، ولا يمين لولد مع والده، ولا يمين للمملوك مع سيده » الخبر.

٧ -( باب أن اليمين لا تنعقد في معصية، كتحريم حلال، أو تحليل حرام، أو قطيعة رحم)

[١٩٠٧٢] ١ - الجعفريات: بالسند المتقدم قال: قال « رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ولا يمين في قطيعة رحم، ولا يمين فيما لا يبدل، ولا يمين في معصية ».

[١٩٠٧٣] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « بئس القوم قوم يجعلون أيمانهم دون طاعة الله ».

[١٩٠٧٤] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في حديث: « ومن حلف في معصية الله فليستغفر الله ».

[١٩٠٧٥] ٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في حديث: « فأما إن

__________________

الباب ٦

١ - الجعفريات ص ١١٣.

الباب ٧

١ - الجعفريات ص ١١٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٤ ح ٢٩١.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٩ ح ٣١٦.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٩ ح ٣١٦.

٤٢

حلف أن لا يصلي، أو حلف ليظلمن أو ليخونن أو ليفعلن شيئا من المعاصي، فلا يفعل شيئا من ذلك، ولا حنث عليه فيه ولا كفارة ».

[١٩٠٧٦] ٥ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( وَلَا تَجْعَلُوا اللَّـهَ عُرْ‌ضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ ) (١) قال: « هو الرجل يحلف ألا يكلم أخاه أو أباه أو أمه، أو ما أشبه ذلك من قطيعة رحم أو اثم، فعليه أن يفعل ما أمر الله به، ولا حنث عليه إن حلف ألا يفعله ».

[١٩٠٧٧] ٦ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن صفوان بن يحيى، وفضالة بن أيوب جميعا، عن العلاء بن رزين القلا، عن محمد بن مسلم، عن أحدهماعليهما‌السلام ، أنه سئل عن امرأة جعلت مالها هديا، وكل مملوك لها حرا، إن كلمت أختها أبدا، قال: « تكلمها، وليس هذا بشئ، إنما هذا وأشباهه من خطوات الشيطان ».

[١٩٠٧٨] ٧ - ورواه العياشي في تفسيره: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[١٩٠٧٩] ٨ - وعن أحمد بن محمد، عن ابن بكير بن أعين قال إن: أخت عبد الله بن حمدان المختار، دخلت على أخت لها وهي مريضة، فقالت لها أختها: أفطري فأبت، فقالت أختها: جاريتي حرة إن لم تفطري إن كلمتك أبدا، فقالت: فجاريتي حرة إن أفطرت، فقالت الأخرى: فعلي المشي إلى بيت الله، وكل مالي في المساكين إن لم تفطري، فقالت: علي مثل ذلك إن أفطرت، فسئل أبو جعفرعليه‌السلام ، عن ذلك فقال: « فلتكلمها، إن هذا كله ليس بشئ، وإنما هو من خطوات الشيطان ».    

__________________

٥ - دعائم الاسلام ج ص ٩٩ ح ٣١٧.

(١) البقرة ٢: ٢٢٤.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٧.

٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٧٣ ح ١٤٨.

٨ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٤٣

[١٩٠٨٠] ٩ - وعن أبان، عن زرارة وعبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في رجل قال: إن كلم أباه أو أمه فهو محرم بحجه، قال: « ليس بشئ ».

[١٩٠٨١] ١٠ - وعن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن امرأة تصدقت بمالها على المساكين إن ( خرجت مع زوجها، ثم )(١) خرجت معه، قال: « ليس عليها شئ ».

[١٩٠٨٢] ١١ - وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن رجل حلف أن ينحر ولده، فقال: ذلك من خطوات الشيطان.

[١٩٠٨٣] ١٢ - وعن الحلبي، أنه قال في رجل حلف بيمين، أن لا يكلم ذا قرابة له، قال: « ليس بشئ، فليس بشئ في طلاق أو عتق ».

[١٩٠٨٤] ١٣ - وعن علاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « كلما خالف كتاب الله في شئ من الأشياء، من يمين أو غيره، رد إلى كتاب الله ».

[١٩٠٨٥] ١٤ - وعنه، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سئل عن رجل جعل على نفسه المشي إلى الكعبة، أو صدقة، أو عتقا، أو نذرا، أو هديا، إن عافى الله أباه أو أخاه أو ذا رحم، أو قطع قرابة، أو أمر مأثم، قال: « كتاب الله قبل اليمين، لا يمين في معصية ».

__________________

٩ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

١٠ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

(١) ليس في المصدر.

١١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

١٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

١٣ - نواد ر أحمد بن محمد عيسى ص ٧٨.

١٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ٧٨.

٤٤

[١٩٠٨٦] ١٥ - العياشي في تفسيره: عن محمد بن مسلم: أن امرأة من آل المختار حلفت على أختها أو ذات قرابة لها، قالت: ادني يا فلانة فكلي معي، فقالت: لا، فحلفت عليها بالمشي إلى بيت الله، وعتق ما تملك، إن لم تدني فتأكلي معي، ان [ لا ](١) أظللها وإياك سقف بيت واحد، أو أ كلت معك على خوان(٢) ، قال: فقالت الأخرى مثل ذلك، فحمل عمر بن حنظلة إلى أبي جعفرعليه‌السلام مقالتهما، فقالعليه‌السلام : « أنا أقضي في ذا، قل لهما فلتأكل وليظلها وإياها سقف بيت، ولا تمشي ولا تعتق، ولتتق الله ربهما ولا تعودا إلى ذلك فإن هذا من خطوات الشياطين ».

[١٩٠٨٧] ١٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن حلف أن [ لا ](١) يقرب معصية أو حراما [ ثم حنث ](٢) فقد وجب عليه الكفارة ».

[١٩٠٨٨] ١٧ - وقال أيضا: « ولا يمين في استكراه، ولا على سكر،ولا على عصبية، ولا على معصية ».

[١٩٠٨٩] ١٨ - السيد فضل الله الراوندي في نوادره: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بئس القوم قوم جعلوا طاعة أيمانهم دون طاعة الله » الخبر.

__________________

١٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٧٣ ح ١٤٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة: أبدا.

١٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٧ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤١، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٢٢٢ ح ٢٦.

١٨ - نوادر الراوندي ص ٢٦.

٤٥

٨ -( باب جواز الحلف باليمين الكاذبة للتقية، كدفع الظالم عن نفسه أو ماله، أو نفس مؤمن أو ماله)

[١٩٠٩٠] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن الوليد بن هشام المرادي قال: قدمت من مصر ومعي رقيق لي، فممررت بالعاشر(١) فسألني فقلت: هم أحرار كلهم، فقدمت المدينة فدخلت على أبي الحسنعليه‌السلام ، فأخبرته بقولي للعاشر، فقال: « ليس عليك شئ ».

[١٩٠٩١] ٢ - وعن فضالة، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : رجل حلف للسلطان بالطلاق والعتاق، قال: « إذا خشي سوطه وسيفه فليس عليه شئ، يا أبا بكر، إن الله يعفو والناس لا يعفون ».

[١٩٠٩٢] ٣ - وعن أبي الحسن قال: سألته عن الرجل يستكره على اليمين، ويحلف على الطلاق والعتاق، وصدقة ما يملك، أيلزمه ذلك؟ فقال: « لا، ثم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وضع عن أمتي ما أ كرهوا عليه، وما لم يطيقوا، وما أخطؤوا ».

[١٩٠٩٣] ٤ - وعن أبي الحضرمي قال: قلت لأبي عبد الله ( عليه وآله السلام ): نحلف لصاحب العشار نجير بذلك ما لنا، قال: « نعم ». وفي الرجل يحلف تقية، قال: « إن خشيت على دمك ومالك، فاحلف ترده عنك بيمينك، وإن رأيت أن يمينك لا يرد عنك شيئا، فلا تحلف لهم ».

__________________

الباب ٨

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

(١) العاشر: هو الذي يأخذ العشر من أموال الناس بأمر الظالم. وهو العشار. ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٤٠٤ ).

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٢.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٢.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٢.

٤٦

[١٩٠٩٤] ٥ - وعن معاذ بياع الأكسية قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إنا(١) نستحلف بالطلاق والعتاق، فما ترى؟ أحلف ( لهم، قال: « احلف )(٢) لهم بما أرادوا [ إذا خفت ](٣) ».

[١٩٠٩٥] ٦ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الرجل يحلف تقية، فقال: « إن خشيت على أخيك، أو على دمك، أو مالك، فاحلف ترد عن ذلك بيمينك، وإن أنت لم ترد من ذلك شيئا، فلا تحلف، و [ في ](١) كل شئ خاف المؤمن على نفسه فيه الضرر، فله فيه(٢) التقية ».

[١٩٠٩٦] ٧ - قال جعفر ين محمدعليهما‌السلام : « رفع الله عن هذه الأمة أربعا: ما لا يستطيعون، وما استكرهوا عليه، وما نسوا، وما جهلوا حتى يعلموا ».

[١٩٠٩٧] ٨ - العياشي في تفسيره: عن أبي بكر قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : وما الحرورية أما قد كنا وهم ( منا بعيد )(١) ، فهم اليوم في دورنا، أرأيت إن أخذونا بالايمان؟ قال: فرخص لي في الحلف لهم بالعتاق والطلاق، فقال بعضنا: مد الرقاب أحب إليك، أم البراءة عن عليعليه‌السلام ؟ فقال: « الرخصة أحب إلي، أما سمعت قول الله في

__________________

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٢.

(١) في المصدر: « إذا ».

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٥ ح ٢٩٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: « عليه ».

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٥ ح ٢٩٩.

٨ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٧٢ ح ٧٤.

(١) في الطبعة الحجرية والمصدر: « متابعين » والظاهر أن ما أثبتناه هو الصحيح.

٤٧

عمار:( إِلَّا مَنْ أُكْرِ‌هَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) (٢) ».

٩ -( باب أن من نذر أو حلف أن لا يشتري لأهله شيئا، جاز أن يشتري ولا شئ عليه، وإن كان له من يكفيه ولم يكن عليه ضرر في الترك، وكذا الشراء بنسيئة مع المشقة بالترك)

[١٩٠٩٨] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهيمعليه‌السلام ، عن رجل قال: لله علي المشي إلى الكعبة إن اشتريت لأهلي شيئا بنسيئة، قال: أيسوء ذلك عليهم؟ قلت: نعم، يسوء عليهم أن لا يأخذ نسيئة، ليس لهم شئء، قال: « فليأخذ بنسيئة وليس عليه شئ ».

١٠ -( باب أنه لا تنعقد اليمين بالطلاق والعتاق والصدقة)

[١٩٠٩٩] ١ - العياشي في تفسيره: عن منصور بن حازم قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « أما سمعت بطارق؟ إن طارقا كان نخاسا بالمدينة، فأتى أبا جعفرعليه‌السلام فقال: يا أبا جعفر، إني هالك، إني حلفت بالطلاق والعتاق والنذر، فقال له: يا طارق، إن هذه من خطوات الشيطان ».

[١٩١٠٠] ٢ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن صفوان، عن منصور بن حازم، مثله.

[١٩١٠١] ٣ - وعن زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن

__________________

(٢) النحل ١٦: ١٠٦.

الباب ٩

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

الباب ١٠

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٧٣ ح ١٤٨.

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

٤٨

الرجل يقول: إن اشتريت فلانا أو فلانة فهو حر، وإن اشتريت هذا الثوب فهو في المساكين، وإن نكحت فلانة فهي طالق، قال: « ليس ذلك كله بشئ، لا يطلق إلا ما يملك، ولا يتصدق إلا بما يملك، ولا يعتق إلا ما يملك ».

[١٩١٠٢] ٤ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من حلف بالطلاق أو بالعتاق ثم حنث، فليس ذلك بشئ، لا تطلق امرأته عليه، ولا يعتق عليه عبده، وكذلك من حلف بالحج أو الهدي، لان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نهى عن اليمين بغير الله، ونهى عن الطلاق بغير السنة، ونهى عن العتق لغير وجه الله، ونهى عن الحج لغير الله ».

[١٩١٠٣] ٥ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى أن يحلف بغير الله.

[١٩١٠٤] ٦ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ملعون ملعون من حلف بالطلاق، أو حلف به ».

١١ -( باب أن اليمين لا تنعقد بغير الله)

[١٩١٠٥] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « الايمان لا تكون إلا بالله، ولا يلزم العباد شئ مما يحلفون به إلا ما كان بالله، وما كان غير ذلك مما يحلف به، فليس في شئ منه حنث، ولا تجب فيه كفارة ».

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٩ ح ٣١٨.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٩ ح ٣١٨.

٦ - عوالي الآلي ج ١ ص ٢٦٣ ح ٥٢.

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٦ ح ٣٠٣.

٤٩

[١٩١٠٦] ٢ - إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات قال: حدثني بشير بن خثيمة المرادي قال: حدثنا عبد القدوس، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن عليعليه‌السلام ، أنه دخل السوق قال: « يا معشر اللحامين، من نفخ منكم في اللحم فليس منا » فإذا هو برج موليه ظهره، فقال: كلا، والذي احتجب بالسبع، فضربه عليعليه‌السلام على ظهره، ثم قال: « يا لحام، ومن الذي احتجب بالسبع؟ » فقال: رب العالمين يا أمير المؤمنين، فقال له: « أخطأت ثكلتك أمك، إن الله ليس بينه وبين خلقه حجاب، لأنه معهم أينما كانوا » فقال الرجل: ما كفارة ما قلت يا أمير المؤمنين؟ قال: « أن تعلم أن الله معك حيث كنت » قال: أ طعم المساكين؟ قال: « لا، إنما حلفت بغير ربك ».

[١٩١٠٧] ٣ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن حماد بن عثمان، عن عبيد الله بن علي الحلبي قال: كل يمين لا يراد به وجه الله، فليس بشئ في طلاق ولا عتق.

[١٩١٠٨] ٤ - عوالي اللآلي: روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه سمع عمر بن الخطاب يحلف بأبيه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم ».

[١٩١٠٩] ٥ - وروي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: من حلف بغير الله فقد أشرك.

[١٩١١٠] ٦ - وفي بعض الروايات: « فقد كفر بالله ».

[١٩١١١] ٧ - السيد المرتضى في الفصول قال: أخبرني الشيخ ( أدام الله عزه )

__________________

٢ - الغارات ج ١ ص ١١١.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٤٤ ح ٧.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٤٤ ح ٨.

٦ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٤٤ ح ٩.

٧ - الفصول المختارة من العيون والمحاسن ص ٣٨.

٥٠

مرسلا عن علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن ميسرة: أن أمير المؤمنينعليه‌السلام مر برحبة القصابين بالكوفة، فسمع رجلا يقول: لا والذي احتجب بسبع طباق، قال: فعلاه بالدرة، قال له: « ويلك، إن الله لا يحجبه شئ، ويحتجب عنه شئ ». قال الرجل: أفأكفر عن يميني يا أمير المؤمنين؟ قال: « لا، لأنك حلفت بغير الله عز وجل ».

١٢ -( باب أن اليمين لا تنعقد في غضب ولا جبر ولا إكراه)

[١٩١١٢] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا يمين لمكره، قال الله عز وجل:( إِلَّا مَنْ أُكْرِ‌هَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) (١) ».

[١٩١١٣] ٢ - وعن جعفر بن محمد، أنه قال: « رفع الله عن هذه الأمة أ ربعا: ما لا يستطيعون، وما استكرهوا عليه، وما نسوا، وما جهلوا حتى يعلموا ».

[١٩١١٤] ٣ - العياشي في تفسيره: عن عمر بن مروان قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : رفعت عن أمتي أربعة خصال: ما أخطؤوا، وما نسوا، وما أكرهوا عليه،، وما لم يطيقوا، وذلك في كتاب الله:( إِلَّا مَنْ أُكْرِ‌هَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ) (١) ».

__________________

الباب ١٢.

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٥ ح ٢٩٧.

(١) النحل ١٦: ١٠٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٥ ح ٢٩٩.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٧٢ ح ٧٥.

(١) النحل ١٦: ١٠٦.

٥١

١٣ -( باب أن من حلف يمينا ثم رأى مخالفتها خيرا من الوفاء بها، جاز المخالفة، بل استحبت، ولا كفارة عليه)

[١٩١١٥] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها، فليأت الذي هو خير منها، وليكفر عن يمينه ».

[١٩١١٦] ٢ - دعائم الاسلام: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن آبائهعليهم‌السلام ، مثله.

[١٩١١٧] ٣ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن سعيد الأعرج قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الرجل يحلف على اليمين، فيرى أن تركها أفضل، وإن تركها خشي أن يأثم، أيتركها؟ قال: « أما سمعت قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا رأيت خيرا من يمينك فدعها!؟ ».

[١٩١١٨] ٤ - وعن زرارة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إذا حلف الرجل على شئ، والذي حلف عليه إتيانه خير من تركه، فليأت الذي هو خير ولا كفارة عليه، وإنما ذلك من خطوات الشيطان ».

[١٩١١٩] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أن اليمين على وجهين إلى أن قال - فأما التي لا كفارة عليه ولا أجر له، فهو أن يحلف الرجل على شئ ثم يجد ما هو خير من اليمين، فيترك اليمين ويرجع إلى الذي هو خير، وقال العالمعليه‌السلام : لا كفارة عليه، وذلك من خطوات

__________________

الباب ١٣

١ - الجعفريات ص ١٦٧.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٠١ ح ٣٢٢.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

٥٢

الشيطان ».

[١٩١٢٠] ٦ - الصدوق في المقنع: مثله إلى قوله: « وهو خير ».

[١٩١٢١] ٧ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من حلف على شئ ورأي خيرا منه، فليكفر وليأت الذي هو خير ».

[١٩١٢٢] ٨ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إذا حلفت على يمين ورأيت غيرها خيرا منها، فأت بالذي هو خير وكفر عن يمينك ».

[١٩١٢٣] ٩ - الصدوق في الهداية: وأما التي لا كفارة عليه ولا أجر، فهو أن يحلف الرجل على شئ، ثم يجد ما هو خير من اليمين، فيترك اليمين ويرجع إلى الذي هو خير، وقال الكاظمعليه‌السلام : « لا كفارة عليه، وذلك من خطوات الشيطان ».

١٤ -( باب حكم الحلف على ترك الطيبات)

[١٩١٢٤] ١ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، في قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّ‌مُوا طَيِّبَاتِ ) (١) الآية نزلت في عليعليه‌السلام وأبي ذر وسلمان والمقداد وعثمان بن مظعون وسالم، أ نهم اتفقوا على أن يصوموا النهار، ويقوموا الليل، ولا يناموا على الفراش، ولا يأكلوا اللحم، ولا يقربوا النساء والطيب، ويلبسوا المسوح(٢) ،

__________________

٦ - المقنع ص ١٣٦.

٧ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٤٥ ح ١٠.

٨ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٦٣ ح ٥٠.

٩ - الهداية ص ٧٣.

الباب ١٤.

١ - المناقب ج ٢ ص ١٠٠.

(١) المائدة ٥: ٨٧.

(٢) المسح بكسر الميم وسكون السين: الثوب من الشعر والجمع: مسوح ( لسان العرب ج ٢ ص ٥٩٦ ).

٥٣

ويرفضوا الدنيا، ويسيحوا في الأرض، وهم بعضهم أن يجب مذاكيره، فخطب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال: « ما بال أقوام حرموا النساء والطيب والنوم وشهوات الدنيا، أما إني لست آمركم أن تكونوا قسسة ورهبانا، فإنه ليس في ديني ترك النساء واللحم، ولا اتخاذ الصوامع وإن سياحة أمتي ورهبانيتهم الجهاد ».

[١٩١٢٥] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من حرم على نفسه الحلال فليأته ولا شئ عليه، فإن حلف أن لا يأتي ما يحل له، فليكفر عن يمينه وليأته إن شاء ».

[١٩١٢٦] ٣ - عوالي اللآلي: روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله جلس للناس ووصف يوم القيامة، ولم يزدهم على التخويف، فرق الناس وبكوا، فاجتمع عشرة من الصحابة في بيت عثمان بن مظعون، واتفقوا على أن يصوموا النهار ويقوموا الليل، ولا يقربوا النساء ولا الطيب، ويلبسوا المسوح، ويرفضوا الدنيا، ويسيحوا في الأرض، ويترهبوا ويخصوا المذاكير، فبلغ ذلك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأتى منزل عثمان فلم يجده، فقال لامرأته: « أحق ما بلغني؟ » فكرهت أن يكذب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأن تبتدئ على زوجها فقالت: يا رسول الله، إن كان أخبرك عثمان فقد صدقك فانصرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأتى عثمان منزله فأخبرته زوجته بذلك، فأتى هو وأصحابه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: « ألم أنبأ أنكم اتفقتم؟ » فقالوا: ما أردنا إلا الخير.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إني لم أو مر بذلك، ثم قال: إن لأنفسكم عليكم حقا، فصوموا وافطروا وقوموا وناموا، فإني أصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وآكل اللحم والدسم، وآتي النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني » ثم جمع الناس وخطبهم، وقال: « ما بال قوم حرموا

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٨ ح ٣١٥.

٣ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ١٤٩ ح ٤١٨.

٥٤

النساء والطيب والنوم وشهوات الدنيا! وأما أنا فلست آمركم أن تكونوا قسسة ورهبانا، إنه ليس في ديني ترك النساء واللحم، اتخاذ الصوامع، إن سياحة أمتي في الصوم، ورهبانيتها الجهاد، واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وحجوا واعتمروا، وأقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وصوموا شهر رمضان، واستقيموا يستقم لكم، فإنما هلك من قبلكم بالتشديد، شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، فأولئك بقاياهم في الديارات(١) والصوامع ».

١٥ -( باب أن اليمين يقع على نية المظلوم دون الظالم)

[١٩١٢٧] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « إذا كان مظلوما فعلى نية الحالف، وإن كان ظالما فعلى نية المستحلف ».

١٦ -( باب أنه لا يجوز أن يحلف ولا يستحلف إلا على علمه، وأنها إنما تقع على العلم)

[١٩١٢٨] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن علاء، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « لا يستحلف العبد إلا على علمه ».

١٧ -( باب انعقاد اليمين على فعل الواجب وترك الحرام، فتجب الكفارة بالمخالفة، وقدر الكفارة)

[١٩١٢٩] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن محمد بن مسلم قال:

__________________

(١) الديارات: جمع دير، وهو خان النصارى ( تهذيب الأسماء واللغات ج ٣ ص ١٠٧ ).

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٦ ح ٣٠١.

الباب ١٦

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٨.

الباب ١٧

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

٥٥

سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن الايمان والنذور، واليمين التي هي لله طاعة، فقال: « ما جعل الله في طاعة فليقضه، فإن جعل لله شيئا من ذلك ثم لم يفعل فليكفر يمينه، وأما ما كانت يمين في معصية فليس بشئ ».

[١٩١٣٠] ٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في حديث: « إنما اليمين الواجبة التي ينبغي لصاحبها أن يقول بها، جعل لله عليه من الشكر إن هو عافاه من مرضه، ومن أمر يخافه، أو رد غائبا، أو رد من سفره، أو رزقه الله، هذا الواجب على صاحبه ينبغي أن يفي لربه ».

[١٩١٣١] ٣ - الصدوق في المقنع: اليمين على وجهين: أحدهما أن يحلف الرجل على شئ لا يلزمه أن يفعل، فيحلف أنه يفعل ذلك الشئ، أو يحلف على ما يلزمه أن، يفعل فعليه الكفارة إذا لم يفعله.

[١٩١٣٢] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم أن اليمين على وجهين: يمين فيه كفارة، ويمين لا كفارة فيها، فاليمين التي فيها الكفارة، فهو أن يحلف العبد على شئ يلزمه أن يفعل، فيحلف أن يفعل ذلك الشئ، وإن لم يفعل فعليه الكفارة ».

١٨ -( باب أن اليمين لا تنعقد إلا على المستقبل إذا كان البر أرجح، فلوا خالف لزمته الكفارة، ولو حلف على ترك الراجح أو فعل المرجوح، لم تنعقد)

[١٩١٣٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم يرحمك الله إن أعظم الايمان الحلف باله عز وجل، فإذا حلف الرجل بالله على طاعة، نظير ذلك رجل حلف بالله أن يصلي صلاة معلومة، أو أن يعمل شيئا من خصال البر،

__________________

٢ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٨.

٣ - المقنع ص ١٣٦.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٧.

الباب ١٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٦.

٥٦

فقد وجب عليه في يمينه أن يفي بما حلف عليه، لان الذي حلف عليه لله طاعة، فإن لم يف بما حلف وجاز الوقت، فقد حنث ووجب عليه الكفارة ».

[١٩١٣٤] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إنما يكفر من الايمان ما لم يكن عليك أن تفعله، فحلفت أن لا تفعله ثم فعلته فعليك الكفارة، وما كان عليك أن تفعله، فحلفت أن لا تفعله ففعلته(١) فليس عليك شئ، ولا حنث في معصية الله(٢) ، ومن حلف في معصية الله فليستغفر الله ».

وقالعليه‌السلام : « ومن حلف في معصية الله فليستغفر الله ».

وقالعليه‌السلام : « ومن حلف على شئ من الطاعات أن يفعله، ثم لم يفعله فعليه الكفارة ».

[١٩١٣٥] ٣ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « ما كان عليه واجبا فحلف ألا يفعله ففعله فليس عليه فيه شئ، وما لم يكن عليه واجبا فحلف ألا يفعله ففعله فالكفارة ».

[١٩١٣٦] ٤ - وعن محمد بن أبي عمير، وفضالة بن أيوب، عن جميل بن دراج، عن زرارة بن أعين، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: سألته عما يكفر من الايمان، قال: « ما كان عليك أن تفعله فحلفت أن لا تفعله ففعلته فليس عليك شئ إذا فعلته، وما لم يكن عليك واجبا أن تفعله فحلفت أن لا تفعله ثم فعلته فعليك الكفارة ».

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٩ ح ٣١٦.

(١) في المصدر: ثم فعلته.

(٢) في المصدر زيادة: كفارة.

٣ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٨، وعنه في البحار ج ١٠٤ ص ٢٤٣ ح ١٥٥.

٤ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

٥٧

[١٩١٣٧] ٥ - وعن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ليس من شئ هو لله طاعة يجعله الرجل عليه، الا ينبغي له أن يفي به إلى طاعة، الله وليس من رجل جعل لله عليه شئ، في معصية الله، إلا أنه ينبغي له أن يتركها إلى طاعة الله ».

[١٩١٣٨] ٦ - وعن سعيد بن عبد الله الأعرج، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الرجل يحلف بالمشي إلى بيت الله ويحرم بحجة والهدي، فقال: « ما جعل لله، فهو واجب عليه ».

[١٩١٣٩] ٧ - وعن حمران، عن زرارة قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أي الشئ الذي فيه الكفارة من الايمان؟ قال: « ما حلفت عليه مما فيه المعصية، فليس فيه الكفارة إذا رجعت عنه، وما كان سوى ذلك مما ليس فيه بر ولا معصية فليس بشئ ».

١٩ -( باب استحباب استثناء مشيئة الله في اليمين وغيرها من الكلام)

[١٩١٤٠] ١ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال الله:( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ ) (١) الا أفعله، فسبق مشيئة الله في الا أفعله، فلا أقدر أن أفعله، قال: فلذلك قال الله:( وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (٢) أي استثن مشيئة الله في فعلك ».

__________________

٥ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٨.

٦ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

٧ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٥٩.

الباب ١٩

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٢٥ ح ١٧.

(١) الكهف ١٨: ٢٣، ٢٤.

(٢) الكهف ١٨: ٢٤.

٥٨

[١٩١٤١] ٢ - وعن أبي حمزة، عن أبي جعفرعليه‌السلام : ذكر أن آدم لما أسكنه الله الجنة، فقال له: يا آدم لا تقرب هذه الشجرة، فقال: نعم يا رب، ولم يستثن، فأمر الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) ولو بعد سنة.

[١٩١٤٢] ٣ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عز وجل:( وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) فقال: « إن ذلك في اليمين، إذا قلت: والله لأفعلن كذا وكذا، فإذا ذكرت أنك لم تستثن فقل: إن شاء الله ».

[١٩١٤٣] ٤ - وقال: إن قوما من اليهود سألوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن شئ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ألقوني غدا أخبركم » ولم يستثن، فاحتبس عنه جبرئيلعليه‌السلام أربعين يوما، ثم أتاه فقال:( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (١) .

[١٩١٤٤] ٥ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه أمر بالاستثناء في الايمان، وقال: « قدم المشيئة ».

[١٩١٤٥] ٦ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « من حلف علانية فليستثن علانية، ومن حلف مراء فليستثن سرا ».

__________________

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٣٢٤ ح ١٥.

(١) الكهف ١٨: ٢٣، ٢٤.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٧ ح ٣٠٦.

(١) الكهف ١٨: ٢٤.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٧ ح ٣٠٦.

(١) الكهف ١٨: ٢٣، ٢٤.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٧ ح ٣٠٧.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٩٧ ح ٣١٠.

٥٩

[١٩١٤٦] ٧ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن أبي جعفر الأحول، عن سلام بن المستنير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) (١) قالعليه‌السلام : إن الله لما قال لآدم: ادخل الجنة، قال له: يا آدم لا تقرب هذه الشجرة، قال: فأراه إياها، فقال آدم لربه: كيف أقربها وقد نهيتني عنها أنا وزوجتي!؟ قال: فقال لهما: لا تقرباها يعني لا تأكلا منها، قال: فقال آدم وزوجته، نعم يا ربنا، لا نقربها ولا نأكل منها، ولم يستثنيا في قولهما ( نعم ) فوكلهما الله في ذلك إلى أنفسهما وإلى ذكرهما، قال: وقد قال الله لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الكتاب:( وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ ) (٢) أن لا أفعله فلا أقدر على أن أفعله، قال: فلذلك قال الله تعالى:( وَاذْكُر‌ رَّ‌بَّكَ إِذَا نَسِيتَ ) (٣) أي استثن مشيئة الله تعالى في فعلك.

٢٠ -( باب استحباب استثناء مشيئة الله في الكتابة في كل موضع يناسب)

[١٩١٤٧] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: روى لي مرازم قال: دخل أبو عبد اللهعليه‌السلام يوما إلى منزل زيد، وهو يريد العمرة، فتناول لوحا فيه كتاب لعمه فيه أرزاق العيال وما يجري لهم، فإذا فيه لفلان وفلان وفلان وليس فيه استثناء، فقال له: « من كتب هذا الكتاب ولم يستثن فيه؟

__________________

٧ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

(١) طه ٢٠: ١١٥.

(٢) الكهف ١٨: ٢٣، ٢٤.

(٣) الكهف ١٨: ٢٤.

الباب ٢٠

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٦٠.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178