السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام16%

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 343

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام
  • البداية
  • السابق
  • 343 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192489 / تحميل: 8580
الحجم الحجم الحجم
السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

المقدمة الثانية

في ذكر جماعة رأوا القائمعليه السلام ،

أو وقفوا على معجزته‌

قال في إكمال الدين : حدثنا محمّد بن محمّد الخزاعيرضي‌الله‌عنه ، قال : حدثنا أبو علي الأسدي ، عن أبيه محمّد بن عبد الله الكوفي أنّه ذكر عدد من انتهى إليه ممن وقف على معجزات القائمعليه‌السلام ورآه من الوكلاء :

ببغداد : العمري ، وابنه ، وحاجز ، والبلالي ، والعطّار.

ومن الكوفة : العاصمي.

ومن أهل الأهواز : محمّد بن إبراهيم بن مهزيار.

ومن أهل قم : أحمد بن إسحاق.

ومن أهل همدان : محمّد بن صالح.

ومن أهل الري : الشامي(1) والأسدي ـ يعني نفسه(2) ـ.

ومن أهل أذربيجان : القاسم بن العلاء.

ومن أهل نيسابور : محمّد بن شاذان النعيمي.

ومن غير الوكلاء :

__________________

(1) كذا في المخطوطة ، وفي المصدر : البسّامي ، لكن المنقول عن عدة نسخ من المصدر وعن ربيع الشيعة : الشامي ، وفي كشف الغمة : البسامي. انظر : ( تنقيح المقال 3 : 47 ، 53 من الألقاب ، كشف الغمة 2 : 532 ) ، ولا يخفى أنّ المنقول عن ربيع الشيعة هو عن كتاب إعلام الورى للطبرسي.

(2) وهو أبو علي الأسدي ، راوي الحديث.

٢١

من أهل بغداد : أبو القاسم بن أبي حابس(1) ، وأبو عبد الله الكندي ، وأبو عبد الله الجنيدي(2) ، وهارون القزاز ، والنيلي(3) ، وأبو القاسم بن دبيس(4) ، وأبو عبد الله بن فرّوخ ، ومسرور الطباخ مولى أبي الحسنعليه‌السلام ، وأحمد ومحمّد ابنا أبي الحسنعليه‌السلام (5) ، وإسحاق الكاتب من بني نوبخت ، وصاحب الفداء(6) ، وصاحب الصرة المختومة.

ومن أهل همدان : محمّد بن كشمرد ، وجعفر بن حمدان ، ومحمّد بن هارون بن عمران.

ومن الدينور : حسن بن هارون ، وأحمد ابن أخيه ، وأبو الحسن.

ومن أصفهان : ابن بادشالة(7) .

ومن الصيمرة(8) : زيدان.

ومن قم : الحسن بن النضر ، ومحمّد بن محمّد(9) ، وعلي بن محمّد ابن إسحاق ، وأبوه ، والحسن بن يعقوب.

ومن أهل الري : القاسم بن موسى ، وابنه(10) ، وأبو محمّد بن هارون ،

__________________

(1) في المصدر : أبي حليس ، وفي نسخة منه : أبي حابس ، واخرى : أبي عابس.

(2) في هامش نسخة « م » : ابن الجنيد خ ل.

(3) في هامش نسخة « م » : النبيل خ ل.

(4) في هامش نسخة « م » : الرئيس خ ل.

(5) في المصدر : وأحمد ومحمّد ابنا الحسن.

(6) في المصدر : وصاحب النواء.

(7) في المصدر : باذشالة ، وفي نسخة منه : بادشاكة.

(8) الصيمرة ـ بالفتح ثم السكون وفتح الميم ثم راء ـ موضعان : بلد بالبصرة على فم نهر معقل ، والآخر بلد بين ديار الجبل وديار خوزستان. ( معجم البلدان 3 : 439 ).

(9) في هامش نسخة « م » : محمّد بن علي خ ل.

(10) في هامش نسخة « م » : أبوه خ ل.

٢٢

وصاحب الحصاة ، وعلي بن محمّد ، ومحمّد بن محمّد الكليني ، وأبو جعفر الرفّاء.

ومن أهل قزوين : مرداس ، وعلي بن أحمد.

ومن قاين(1) : رجلان.

ومن شهرزور : ابن الخال.

ومن فارس : المجروح(2) .

ومن مرو : صاحب الألف دينار ، وصاحب المال والرقعة البيضاء ، وأبو ثابت.

ومن نيسابور : محمّد بن شعيب بن صالح.

ومن اليمن : الفضل بن يزيد ، والحسن ابنه ، والجعفري ، وابن الأعجمي ، والشمشاطي.

ومن مصر : صاحب المولودين ، وصاحب المال بمكّة ، وأبو رجاء.

ومن نصيبين : أبو محمّد بن الوجناء.

ومن أهل الأهواز : الحضيني(3) .

__________________

(1) في المصدر : فاقتر ، وفي نسخة منه : قابس ، واخرى : قائن.

(2) في المصدر : المحروج ، وفي نسخة : المحووج.

(3) إكمال الدين : 442 / 16 ، وفيه : الحصيني ، وفي نسخة : الخصيبي.

٢٣
٢٤

المقدمة الثالثة(1)

في كنى الأئمة وألقابهمعليهم السلام ،

على ما تقرر عند أهل الرجال

وذكره مولانا عناية الله في رجاله(2)

أبو إبراهيم : للكاظمعليه‌السلام .

وأبو إسحاق : للصادقعليه‌السلام ، كما في إبراهيم بن عبد الحميد.

وأبو جعفر : للباقرعليه‌السلام ، والجوادعليه‌السلام ، لكن أكثر المطلق والمقيّد بالأول هو الأول ، وبالثاني الثاني.

وأبو الحسنعليه‌السلام : لعليعليه‌السلام ، وعلي بن الحسينعليه‌السلام ، والكاظمعليه‌السلام ، والرضاعليه‌السلام ، والهاديعليه‌السلام ، وقلّما يراد الأول ، والأكثر في الإطلاق : الكاظمعليه‌السلام ، وقد يراد منه الرضاعليه‌السلام ، والمقيد بالأول : هو الكاظمعليه‌السلام ، وبالثاني : الرضاعليه‌السلام ، وبالثالث : الهاديعليه‌السلام ، ويختص المطلق بأحدهم بالقرينة.

وأبو الحسين(3) : لعليعليه‌السلام .

وأبو عبد الله : للحسينعليه‌السلام ، والصادقعليه‌السلام ، لكن‌

__________________

(1) مجمع الرجال : 7 / 192 ـ المقدمة الرابعة ـ.

(2) رجال الكشي : 446 / 839.

(3) في المصدر : أبو الحسنين.

٢٥

المراد في كتب الأخبار : الثاني ، كالعالم والشيخ ـ كما في إبراهيم بن عبدة(1) ـ وابن المكرمة ـ كما في معروف بن خربوذ(2) ـ وكذا الفقيه والعبد الصالح ، وقد يراد بهما وبالعالم : الكاظمعليه‌السلام .

وأبو القاسم : للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والقائمعليه‌السلام ، والأكثر إطلاقه على الثاني.

والصاحب ، وصاحب الدار ، وصاحب الزمان ، والغريم ، والقائم ، والمهدي ، والهادي : هو القائمعليه‌السلام .

والرجل : الهاديعليه‌السلام ، كما في فارس بن حاتم(3) ، وإبراهيم ابن محمّد الهمداني(4) ، وكذلك الماضي ، كما في إبراهيم بن عبدة(5) ، وكذا صاحب العسكر.

وصاحب الناحية : الهادي أو الزكي أو الصاحبعليهم‌السلام .

والمراد بالأصل : الإمام ـ كما في أبي حامد المراغي(6) ـ.

أقول : في الأكثر يراد بالعالم ، والشيخ ، والفقيه ، والعبد الصالح : الكاظمعليه‌السلام ، لنهاية شدة التقية في زمانه صلوات الله عليه ، وخوف الشيعة من تسميته وذكره بألقابه الشريفة ، وكناه المعروفة.

وقولهرحمه‌الله : كالعالم والشيخ كما في إبراهيم بن عبدة ، سهو من‌

__________________

(1) في نسختنا من مجمع الرجال : إبراهيم بن عبد الحميد ، وهو الصواب كما سينبه عليه المصنف في ختام هذه المقدمة.

(2) رجال الكشي : 212 / 376.

(3) رجال الكشي : 526 / 1009.

(4) رجال الكشي : 557 / 1053.

(5) رجال الكشي : 575 / 1088 ، وقد ورد التعبير بـ ( الماضي ) في كتاب العسكريعليه‌السلام الوارد في توكيل إبراهيم بن عبدة.

(6) رجال الكشي : 534 / 1019.

٢٦

قلمه ، فان ذلك مذكور في ترجمة إبراهيم بن عبد الحميد(1) .

هذا وقد يعبر عن الهاديعليه‌السلام بالصادق ، كما في أحد التهذيبين ـ على ما هو ببالي ـ عن محمّد بن أبي الصهبان ـ وهو محمّد بن عبد الجبار ـ قال : كتبت إلى الصادقعليه‌السلام (2) .

كذا أفاد الأستاذ العلامة ، ويأتي في محمّد بن عبد الجبار أيضا ما يعينه.

__________________

(1) انظر رجال الكشي : 446 / 839.

(2) تهذيب الأحكام 4 : 63 / 169 ، الاستبصار 2 : 38 / 118.

٢٧
٢٨

المقدمة الرابعة

في بيان أسامي رجال يحصل

فيهم الاشتباه عند الإطلاق‌

قال مولانا عناية الله : كل رواية يرويها ابن مسكان عن محمّد الحلبي ، فالظاهر أنّه عبد الله كما يظهر من ترجمته منجش (1) .

وكلّ ما يرويه محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن يحيى ، فالأول : ابن أبي الخطاب والثاني : الخزاز ، كما يفهم من ترجمة غياث بن إبراهيم عن ست(2) .

وإذا روى أبان بن عثمان عن أبي بصير ، فالظاهر أنّه ليث بن البختري المرادي ، وصرح به في طريق سعد بن مالك الخزرجي أبي سعيد الخدري عنكش (3) .

وكذا إذا روى عنه ابن أبي يعفور ، أو بكير بن أعين(4) ، أو الحسين ابن المختار ، أو حماد النّاب ، أو سليمان بن خالد ، أو شعيب بن يعقوب العقرقوفي ـ على القلة ـ أو عبد الله بن مسكان ، كما في الأخبار(5) .

أقول : قال في النقد : الظاهر انّ أبا بصير الذي روى عنه عبد الله بن‌

__________________

(1) رجال النجاشي : 214 / 559.

(2) انظر الفهرست : 123 / 559.

(3) رجال الكشي : 40 / 84.

(4) في المجمع زيادة : أو جعفر بن عثمان.

(5) مجمع الرجال : 7 / 203. ولم ترد فيه عبارة : أو عبد الله بن مسكان ، كما في الأخبار.

٢٩

مسكان هو ليث المرادي لا يحيى بن القاسم(1) . انتهى.

وبخط الأستاذ العلامة : عند صاحب المدارك إنّ رواية ابن مسكان عن أبي بصير تعين كونه المرادي ، وصاحب المعالم وابنه ادعيا الاطلاع على روايته عن أبي بصير يحيى بن القاسم. انتهى(2) . فتدبر.

وقال الفاضل المذكور عطفا على الكلام المزبور : أو الفضل البقباق ، أو فضيل الرسان ، أو المثنى الحناط ، أو المفضل بن صالح ـ كما ذكروا في ترجمته(3) ـ أو عبد الكريم بن عمرو ـ كما في طريق عبد الكريم بن عتبة ، ومن مشيخة الفقيه(4) ـ وعمر بن طرخان(5) .

يعني أنّ رواية هؤلاء عن أبي بصير تعين كونه المرادي.

ثم قالرحمه‌الله : وإذا روى شعيب بن يعقوب العقرقوفي على الكثرة ، أو شهاب بن عبد ربه ، أو عبد الله بن وضّاح ، أو علي بن أبي حمزة ، أو محمّد بن عمران ، أو يعقوب بن شعيب العقرقوفي ، عن أبي بصير ، فالظاهر أنّه يحيي بن القاسم لما يظهر من ترجمته وترجمتهم(6) .

ثم قالرحمه‌الله ناقلا عن أستاذه مولانا عبد الله التستري طاب ثراه : إذا ورد عليك موسى بن القاسم ، عن علي ، عنهما ، فالظاهر أنّ عليا هذا هو : علي بن الحسن الطاطري الجرمي ، والمراد من ضمير عنهما : محمّد بن أبي حمزة ودرست ، وربما ذكر عوض علي : الجرمي ، وقد صرح بما يفهم منه ما‌

__________________

(1) نقد الرجال : 278.

(2) هامش مخطوطة منهج المقال ورقة : 508.

(3) رجال النجاشي : 321 / 876 ترجمة ليث بن البختري.

(4) الفقيه ـ المشيخة ـ : 4 / 55.

(5) مجمع الرجال. 7 / 203.

(6) مجمع الرجال : 7 / 203.

٣٠

ذكره الشيخرحمه‌الله في عدّة أخبار في مسائل كفارات الصيد من التهذيب(1) .

أقول : كذا قال في النقد أيضا في ترجمة علي بن الحسن الطاطري(2) ، ونقله أيضا الأستاذ العلامة عن جدّه أعلى الله مقامه(3) .

وقال الفاضل المذكور ناقلا عن أستاذه المزبور : في بعض الأخبار : أحمد بن محمّد ، عن العباس بن موسى الورّاق ، وبعضها : عنه عن العباس ابن معروف ، فالمطلق مشترك(4) .

وإذا روى محمّد بن علي بن محبوب عن العباس ، وكذا أحمد بن محمّد بن يحيى(5) ، فهو عباس بن معروف ، صرّح به في بعض الأخبار(6) .

وإذا روى فضالة عن أبان ، فأبان هو ابن عثمان ، صرّح به الشيخ في زيادات الجزء الأول من التهذيب(7) .

وإذا روى عن ابن سنان فهو عبد الله ، وهو مصرّح به في بعض الأحاديث(8) .

__________________

(1) تهذيب الأحكام 5 : 308 / 1053 ، ومجمع الرجال : 7 / 202.

(2) نقد الرجال : 231.

(3) راجع روضة المتقين : 14 / 395.

(4) كما في فروع الكافي 6 : 480 / 3 ، وتهذيب الأحكام 2 : 68 / 248.

(5) كذا في النسخ والمصدر ، والصحيح : محمّد بن أحمد بن يحيى ، بقرينة كثرة روايات محمّد بن أحمد بن يحيى عن العباس والعباس بن معروف ، وعدم وجود أحمد بن محمّد ابن يحيى في هذه الطبقة ، وورد أحمد بن محمّد بن يحيى عن العباس بن معروف في سند رواية واحدة في التهذيب 10 : 295 / 1148 ، انظر معجم رجال الحديث : 9 / 242.

(6) الاستبصار 1 : 81 / 254 ، تهذيب الأحكام 9 : 44 / 183.

(7) تهذيب الأحكام 5 : 460 / 1599.

(8) تهذيب الأحكام 5 : 453 / 1585.

٣١

وإذا روى عن حسين ، فهو حسين بن عثمان ، صرّح به في بعض الأخبار(1) .

انتهى ما نقله الفاضل المزبور عن أستاذه المذكور(2) .

وقال العلامة في فوائدصه : ذكر الشيخ وغيره في كثير من الأخبار : سعد بن عبد الله عن أبي جعفر ، والمراد بأبي جعفر هذا هو أحمد بن محمّد ابن عيسى(3) .

أقول : وقال نحو ذلك ابن داود في خاتمة كتابه(4) .

واستشكل ذلك المحقق الشيخ محمّدرحمه‌الله لأنّ في الكافي في باب مولد الصادقعليه‌السلام : سعد بن عبد الله عن أبي جعفر محمّد بن عمرو بن سعيد(5) .

ولا يخفى أنّ المراد بكون أبي جعفر أحمد عند الإطلاق لا مطلقا ، والرواية أيضا تشهد بذلك.

ويفهم من كلام الفاضل الشيخ عبد النبي الجزائري تسليم ذلك في كلام الشيخرحمه‌الله دون الكافي استنادا إلى الرواية المذكورة ، فتأمل(6) .

وقال الفاضل الشيخ عبد النبي الجزائري أيضا : إذا وردت رواية عن ابن سنان فان كان المروي عنه الصادقعليه‌السلام فالمراد به عبد الله لا محمّد ـ وإن كانا أخوين على ما فيجخ (7) ـ لما يشهد به التتبع لأسانيد‌

__________________

(1) تهذيب الأحكام 1 : 148 / 421.

(2) مجمع الرجال : 7 / 202.

(3) الخلاصة : 271 الفائدة الثانية.

(4) رجال ابن داود : 307 / 7.

(5) الكافي 1 : 396 / 8.

(6) حاوي الأقوال ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثاني.

(7) رجال الشيخ : 288 / 129.

٣٢

الأحاديث ، أنّ كلّ موضع صرّح فيه بمحمّد فهو إنّما يروي عن الصادقعليه‌السلام بواسطة ، وذكر الشيخ في الرجال جماعة لم يرووا عن الصادقعليه‌السلام إلا بواسطة ، وعدّ منهم محمّد بن سنان.

ويؤيد هذا : ان محمّدا مات سنة مائتين وعشرين ـ على ما ذكره النجاشي(1) ـ وكانت وفاة الصادقعليه‌السلام ـ على ما ذكره الشيخ ـ سنة ثمان وأربعين ومائة(2) ، ومن المعلوم أنّه لا بدّ من زمان قبل وفاة الإمامعليه‌السلام ، يسع نقل هذه الأحاديث المتفرقة ، وأن يكون صالحا للتحمل كالبلوغ وما قاربه ، وحينئذ يكون من المعمّرين في السن ، وقد نقلوا كمية عمر من هو أقل منه سنا.

ويشكل الحال فيما إذا وقع في أثناء السند ، لاشتراكه بينهما ، ولا يبعد ترجيح كونه عبد الله إذا كان الراوي عنه فضالة بن أيوب أو النضر بن سويد ، وكونه محمّدا إذا كان الراوي عنه الحسين بن سعيد أو أحمد بن محمّد بن عيسى ، ولذا ضعّف المحقق سندا فيه الحسين بن سعيد عن ابن سنان معللا بأنّه محمّد(3) .

واحتمال الشهيد كونه عبد الله بعيد(4) ، وربما كان منشأه ما يوجد في كتاب الصلاة من رواية الشيخ عن الحسين بن سعيد ، عن عبد الله بن سنان(5) ، والتتبع والاعتبار يحكمان بأنّه من الأغلاط التي وقعت في كتابي الشيخ ، نعم يقع الإشكال في الرجال الّذين رووا عنهما كيونس بن‌

__________________

(1) رجال النجاشي : 328 / 888.

(2) التهذيب : 6 / 78.

(3) المعتبر : 25 ، في الأسئار.

(4) راجع منتقى الجمان : 1 / 36 ، الفائدة السادسة.

(5) التهذيب 2 : 131 / 504.

٣٣

عبد الرحمن. انتهى ملخصا(1) .

أقول : ما ذكرهرحمه‌الله لا غبار فيه ، مضافا الى أنّه يلزم من درك محمّد الصادقعليه‌السلام دركه أربعة من الأئمةعليهم‌السلام ، فإنّه أدرك الجوادعليه‌السلام كما يأتي ، وقد نبهوا على من أدرك ثلاثة منهمعليهم‌السلام ، كابن أبي عمير ، فمن أدرك أربعة أولى بالتنبيه عليه.

بل يظهر من خبر في الكافي في باب مولد الجوادعليه‌السلام دركه الهاديعليه‌السلام (2) أيضا ، فيكون حينئذ قد أدرك خمسة منهمعليهم‌السلام فتدبر.

إلاّ أنّ ما مرّ من كون عبد الله ومحمّد أخوين لم أعثر عليه في غير هذا الموضع ، وربما يوهمه كلام بعض أجلاء العصر أيضا(3) ، ولا أعرف له وجها أصلا سوى تسمية أبويهما بسنان ، وهو مع أنّه لا يقتضيه سيأتي في محمّد إن شاء الله أنّ اسم أبيه الحسن وسنان جده ، مات أبوه فكفله جده ، فنسب إليه.

وما ربما يوهمه كلام الشيخرحمه‌الله في رجاله : محمّد بن سنان بن طريف الهاشمي وأخوه عبد الله(4) .

فلا يخفى أنّ هذا رجل مجهول لا ذكر له أصلا ولا يعرف مطلقا ، نعم هو أخو عبد الله وليس بمحمّد بن سنان المشهور ، وذاك ليس من أصحاب الصادقعليه‌السلام ولم يرو عنه إلاّ بواسطة كما اعترفرحمه‌الله به ، ونقله‌

__________________

(1) حاوي الأقوال ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثالث.

(2) الكافي 1 : 415 / 9.

(3) عدة الرجال ، للسيد محسن الأعرجي ـ وهو المراد من بعض أجلاّء العصر ـ : 46 ، الفائدة العاشرة.

(4) رجال الشيخ : 288 / 129.

٣٤

عن الشيخ.

ولذا جعل الميرزا ومولانا عناية اللهرحمه‌الله لمحمّد بن سان بن طريف أخي عبد الله عنوانا على حدة ، وذكراه اسما برأسه ، ولم يزيدا في ترجمته على ما ذكره الشيخرحمه‌الله في رجاله(1) .

وأيضا عبد الله مولى بني هاشم(2) ـ كما يأتي ـ ومحمّد مولى عمرو بن الحمق الخزاعي(3) ، وبن النسبين بون بعيد ، فتأمل جدا.

وقال الفاضل المذكور : إذا وردت رواية سعد بن عبد الله عن جميل أو عن حمّاد بن عيسى ، فالظاهر الإرسال ، لأنّ المعهود رواية سعد عن حماد بواسطة وقد تتعدد ، وجميل من طبقة حماد.

وإذا روى سعد بن عبد الله عن العباس فالظاهر أنّ المراد به ابن معروف كما يظهر من بعض الأخبار.

وكذا إذا روى محمّد بن علي بن محبوب عن العباس.

وإذا روى العلاء عن محمّد فالأول ابن رزين ، والثاني ابن مسلم.

وإذا وردت رواية عن ابن مسكان فالمراد به عبد الله بلا شك ، إذ لم يوجد لغيره ذكر في طرق الأحاديث ، وكلام ابن إدريس وهم(4) .

أقول : صرّح بذلك أيضا الأستاذ العلاّمة في بعض فوائده(5) ، وقبله‌

__________________

(1) منهج المقال : 300 ، مجمع الرجال : 5 / 231.

(2) لما ذكره النجاشي في ترجمته : 214 / 558 : عبد الله بن سنان بن طريف مولى بني هاشم.

(3) قال النجاشي في ترجمته : 328 / 888 : محمّد بن سنان ، أبو جعفر الزاهري ، من ولد زاهر ، مولى عمرو بن الحمق الخزاعي.

(4) الحاوي ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثالث ، ذكر جميع هذه الأقوال.

(5) الخلاصة : 278 ، الفائدة الثامنة.

٣٥

شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي(1) .

وأمّا كلام ابن إدريس فهو ما ذكره في آخر السرائر : من أنّ اسم ابن مسكان حسن ، وهو ابن أخي جابر الجعفي ، غريق في ولايته لأهل البيتعليهم‌السلام (2) ، انتهى.

وما ذكرهرحمه‌الله غريب ، وحسن بن مسكان غير معروف ولا مذكور ، نعم حسين بن مسكان موجود لكن لا بهذا الوصف والثناء.

وكيف كان لا ينبغي الارتياب في انصراف الإطلاق الى عبد الله مطلقا.

وقال الفاضل المذكور : إذا وردت رواية عن محمّد بن قيس فهو مشترك بين أربعة : ثقتين وممدوح وضعيف.

وقال الشهيد الثاني : الأمر في الاحتجاج في الخبر حيث يطلق فيه هذا الاسم مشكل ، والمشهور بين أصحابنا ردّ روايته حيث يطلق مطلقا نظرا الى احتمال كونه الضعيف(3) .

والتحقيق في ذلك : أنّ الرواية إن كانت عن الباقرعليه‌السلام فهي مردودة ، لاشتراكه حينئذ بين الثلاثة الذين أحدهم الضعيف ، واحتمال كونه الرابع حيث لم يذكروا طبقته.

وإن كانت الرواية عن الصادقعليه‌السلام ، فالضعف منتف هنا ، لأنّ الضعيف لم يرو عنهعليه‌السلام ، لكن يحتمل كونها من الصحيح ومن الحسن ، فتنبه لذلك ، فإنّه مما غفل عنه الجميع.

__________________

(1) بلغة المحدثين : 444 / 1.

(2) السرائر : 3 / 604 ، ومستطرفات السرائر : 98 / 18.

(3) الرعاية في علم الدراية : 371 ـ 372.

٣٦

هذا حاصل كلامهرحمه‌الله (1) .

وهو غير واضح ، بل الذي ينبغي تحقيقه : إنّه إن روى عن الباقرعليه‌السلام فالظاهر أنّه الثقة ، إن كان الراوي عنه عاصم بن حميد ، أو يوسف ابن عقيل ، أو عبيد ابنه. لأنّ النجاشي ذكر أنّ هؤلاء يروون عنه كتابا(2) .

بل لا يبعد كونه الثقة إذا روى عن الباقرعليه‌السلام عن عليعليه‌السلام ، لأنّ كلاّ من البجلي والأسدي صنف كتاب القضايا لأمير المؤمنينعليه‌السلام كما ذكره النجاشي(3) .

ومع انتفاء هذه القرائن فإذا روى عن الباقرعليه‌السلام فهو مردود لما ذكره.

وأما المروي عن الصادقعليه‌السلام فيحتمل كونه من الصحيح ومن الحسن ، انتهى(4) .

أقول : ما ذكره لا يخلو من قوة ، إلا أنّ كون المروي عن الصادقعليه‌السلام محتملا للصحيح والحسن فقط ، لعله غير حسن ، لأنّ فيمن روى عنهعليه‌السلام من الموصوفين بهذا الوصف من هو مجهول ، فتأمل.

وقال الفاضل المذكور : إذا وردت رواية عن أحمد بن محمّد ، فان كان في كلام الشيخ في أول السند أو ما قاربه فهو ابن الوليد ، وإن كان في آخره عن الرضاعليه‌السلام فهو البزنطي ، وإن كان في الوسط فيحتمل كونه ابن محمّد بن عيسى وغيره ، ويعرف بالممارسة في أحوال الطبقات.

وإذا وردت عن محمّد بن يحيى فإن كان في كلام الكليني بغير واسطة‌

__________________

(1) الحاوي ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثالث.

(2) رجال النجاشي : 323 / 881.

(3) رجال النجاشي : 322 / 880 ، 323 / 881.

(4) الحاوي ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثالث.

٣٧

فهو العطّار ، وإن روى عن الصادقعليه‌السلام فيحتمل كونه محمّد بن يحيى الخزاز الثقة والخثعمي ، وهو أيضا ثقة ، إلاّ أنّ الشيخ قال : إنّه عامي(1) .

وإذا روى أبو بصير عن الصادق أو الباقرعليهما‌السلام أو غيرهما أو في وسط السند ، فان كان الراوي عنه علي بن أبي حمزة أو شعيب العقرقوفي فهو الأعمى الضعيف ، وإلا فمشترك بينه وبين ليث المرادي ، واحتمال غيرهما بعيد ، لعدم وروده في الأخبار ، انتهى(2) .

وقال ابن داود في أواخر رجاله : إذا وردت رواية عن محمّد بن يعقوب ، عن محمّد بن إسماعيل بلا واسطة ففي صحتها قول ، لأنّ في لقائه له إشكالا ، فتقف الرواية بجهالة الواسطة بينهما ، وإن كانا مرضيين معظّمين.

وكذا ما يأتي عن الحسن بن محبوب عن أبي حمزة(3) .

أقول : أمّا توقفه في صحة الرواية التي يرويها محمّد بن يعقوب عن محمّد بن إسماعيل ، فلزعمه أنّ محمّد بن إسماعيل هذا هو ابن بزيع ، وتبعه في ذلك غير واحد ممّن تأخر عنه ، وهو فاسد ، بل هو : بندفر ، كما يأتي في ترجمته(4) .

__________________

(1) الاستبصار 2 : 305 / 1091.

(2) الحاوي ـ الخاتمة ـ : التنبيه الثالث.

(3) رجال ابن داود : 306 / 1.

(4) تعليقة الوحيد البهبهاني : 282.

وقال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : 274 : تبصرة : دأب ثقة الإسلام رحمه‌الله في كتاب الكافي ان يأتي في كل حديث بجميع سلسلة السند بينه وبين المعصوم عليه‌السلام ولا يحذف من أول السند أحدا ، ثم إنّه كثيرا ما يذكر في صدر السند محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ، وهو يقتضي كون الرواية عنه بغير واسطة ، فربما ظنّ بعضهم أن المراد به الثقة الجليل محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، وأيدوا ذلك بما يعطيه كلام الشيخ تقي الدين بن داود رحمه‌الله ، ثم ذكر نص كلام ابن داود ثم قال :

٣٨

__________________

والظاهر أن ظن كونه ابن بزيع من الظنون الواهية ، ويدل على ذلك وجوه :

الأول : إنّ ابن بزيع من أصحاب أبي الحسن الرضا عليه‌السلام وأبي جعفر الجواد عليه‌السلام ، وقد أدرك عصر الكاظم عليه‌السلام وروى عنه ، كما ذكره علماء الرجال ، فبقاؤه إلى زمن الكليني مستبعد جدا.

الثاني : إنّ قول علماء الرجال انّ محمّد بن إسماعيل بن بزيع أدرك أبا جعفر الثاني عليه‌السلام يعطي أنّه لم يدرك من بعده عليه‌السلام من الأئمة صلوات الله عليهم ، فإن مثل هذه العبارة إنّما يذكرونها في آخر إمام أدركه الراوي ، كما لا يخفى على من له انس بكلامهم.

الثالث : إنّه رحمه‌الله لو بقي إلى زمن الكليني نور الله مرقده ، لكان قد عاصر ستة من الأئمة عليهم‌السلام ، وهذه مزيّة عظيمة لم يظفر بها أحد من أصحابهم صلوات الله عليهم ، فكان ينبغي لعلماء الرجال ذكرها وعدّها من جملة مزاياه رضي‌الله‌عنه ، وحيث إنّ أحدا منهم لم يذكر ذلك ، مع أنّه تتوفر الدواعي على نقله ، علم أنّه غير واقع.

الرابع : إنّ محمّد بن إسماعيل الذي يروي عنه الكليني بغير واسطة يروي عن الفضل ابن شاذان ، وابن بزيع كان من مشايخ الفضل بن شاذان ، كما ذكره الكشي حيث قال : إنّ الفضل بن شاذان كان يروي عن جماعة ، وعدّ منه : محمّد بن إسماعيل بن بزيع.

الخامس : ما اشتهر على الألسنة من أنّ وفاة ابن بزيع كانت في حياة الجواد عليه‌السلام .

السادس : إنّا استقر أنا جميع أحاديث الكليني المروية عن محمّد بن إسماعيل ، فوجدناه كلّما قيّده بابن بزيع فإنما يذكره في أواسط السند ، ويروي عنه بواسطتين هكذا : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع.

وأمّا محمد بن إسماعيل الذي يذكره في أول السند فلم نظفر بعد الاستقراء الكامل والتتبع التام بتقييده مرة من المرات بابن بزيع أصلا ، ويبعد أن يكون هذا من الاتفاقيات المطردة.

السابع : إنّ ابن بزيع من أصحاب الأئمة الثلاثة ، أعني : الكاظم والرضا والجواد عليهم‌السلام ، وسمع منهم سلام الله عليهم أحاديث متكثرة بالمشافهة ، فلو لقيه الكليني لكان ينقل عنه شيئا من تلك الأحاديث التي نقلها عنهم سلام الله عليهم بغير واسطة ، لتكون الواسطة بينه وبين كل امام من الأئمة الثلاثة عليهم‌السلام واحد ، فإنّ قلة الوسائط شي‌ء مطلوب ، وشدة اهتمام المحدّثين بعلوّ الاسناد أمر معلوم.

ومحمّد بن إسماعيل الذي يذكره في أوائل السند ليس له رواية عن أحد من المعصومين سلام الله عليهم بدون واسطة أصلا ، بل جميع رواياته عنهمعليهم‌السلام إنما هي بوسائط

٣٩

وأمّا في رواية الحسن بن محبوب عن أبي حمزة فالأصل فيه نصر بن الصباح ، وأمّا أحمد بن محمّد بن عيسى فان كان قد سبقه في ذلك إلاّ أنّه تاب ورجع عنه(1) .

__________________

عديدة.

فإن قلت : للمناقشة في هذه الوجوه مجال واسع ، ثم بدأ بذكر الاشكال على كل فرع من هذه الفروع والإجابة عنها.

ثم ذكر اثني عشر شخصا مسمين بمحمّد بن إسماعيل عدا ابن بزيع ، ثم رجح كونه البرمكي.

واستبعد التقي المجلسي في روضته : 14 / 429 كونه البرمكي ، ورجح كونه البندقي ( بندفر ).

وقال الداماد في الرواشح : 70 الراشحة التاسعة عشر : إن رئيس المحدثين كثيرا ما يروي عن الفضل بن شاذان من طريق محمّد بن إسماعيل ، فيجعل صدر السند في كافيه هذا محمّد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان ، وإنّ أصحاب هذا العصر من المتعاطيين لهذا العلم ، والآخذين فيه صارت هذه متيهة لآرائهم ، تاهت فيها فطنهم ، وضلت أذهانهم ، ونحن نعرفك حقيقة أمر الرجل.

ثم ذكر الروايات الوارد فيها ثم رجح كونه : بندفر. (1) قال الكشي في رجاله : 512 / 989 : قال نصر بن الصباح : أحمد بن محمّد بن عيسى لا يروي عن ابن محبوب ، من أجل أنّ أصحابنا يتّهمون ابن محبوب في روايته عن أبي حمزة ( ابن أبي حمزة ، خ ل ) ، ثم تاب أحمد بن محمّد فرجع قبل ما مات ، وكان يروي عمّن كان أصغر سنّا منه.

وقال الكشي في موضع آخر من رجاله : 585 / 1095 نقلا عن نصر بن الصباح أيضا : ابن محبوب لم يكن يروي عن ابن فضّال ، بل هو أقدم من ابن فضّال وأسن ، وأصحابنا يتّهمون ابن محبوب في روايته عن ابن أبي حمزة.

وأمّا عبارة الكشي في رجال النجاشي في ترجمة أحمد بن محمد بن عيسى : 82 / 198 : قال الكشي عن نصر بن الصباح : ما كان أحمد بن محمّد بن عيسى يروي عن ابن محبوب ، من أجل أن أصحابنا يتّهمون ابن محبوب في أبي حمزة الثمالي ، ثم تاب ورجع عن هذا القول.

فنتيجة اختلاف النسخ والتعابير بين أبي حمزة مرة ، وابن أبي حمزة ، وأبي حمزة الثمالي

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وانقضت الثلاثة أيام التي حدّدها عمر ولم ينتخب أعضاء الشورى أحداً منهم، فحذّرهم أبو طلحة الأنصاري وجعل يتهدّهم ويتوعدّهم إن لم ينتخبوا أحداً منهم، انبرى طلحة فوهب حقّه لعثمان؛ لأنّه كان شديد الكراهية للإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)؛ لأنّه نافس ابن عمّه أبا بكر على الخلافة.

ووهب سعد بن أبي وقّاص حقّه لابن عمّه عبد الرحمن بن عوف، وأصبح رأيه هو الفيصل؛ لأنّ عمر وضع ثقته به، وكان رأيه مع عثمان؛ لأنّه صهره، وقد زهّده القرشيون في الإمام وحرّضوه على انتخاب عثمان؛ لأنّه يحقّق رغباتهم وأطماعهم.

وأمر عبد الرحمن مسوراً بإحضار أمير المؤمنين (عليه السّلام) وعثمان بن عفان، فلمّا حضرا عنده في الجامع النبوي التفت إلى الحاضرين فقال لهم: أيّها الناس، إنّ الناس قد اجتمعوا على أن يرجع أهل الأمصار إلى أمصارهم، فأشيروا عليّ.

وانبرى الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر فأشار عليه بما يضمن للاُمّة مصالحها ويصونها من الاختلاف والفرقة قائلاً: إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع علياً.

وأيّد المقداد مقالة صاحبه عمّار، فقال: صدق عمّار، إن بايعت علياً سمعنا وأطعنا.

وشجبت الاُسر القرشيّة المعادية للإسلام والحاقدة عليه مقالة عمار، ورشحّت عميد الاُمويِّين عثمان بن عفان، وقد كان الممثل لها عبد الله بن أبي سرح فخاطب ابن عوف قائلاً: إن أردت أن لا تختلف قريش فبايع عثمان.

وكأنّ شؤون الخلافة ومصير المسلمين موكول إلى قريش وهي التي حاربت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وناهضت دعوته، وعذّبت أنصاره حتّى هرب منها، وتابعته إلى يثرب

١٢١

بجيوش مكثفة لاستئصال دعوته ومحو دينه، ولكنّ الله تعالى ردّ كيدهم وأفشل خططهم، ونصر نبيّه العظيم، ولولا سماحة النبي (صلّى الله عليه وآله) ورأفته لأجرى عليهم حكم بني قريضة، ولكنّه عفا عنهم وجعلهم من الطلقاء.

وعلى أيّ حال، فقد اندفع عبد الله بن أبي ربيعة فأيّد مقالة ابن سرح قائلاً: إن بايعت عثمان سمعنا وأطعنا. وانبرى الصحابي الجليل عمّار بن ياسر فردّ على ابن أبي سرح قائلاً: متى كنت تنصح للمسلمين؟

وصدق عمّار، فمتى كان ابن أبي سرح ينصح المسلمين وهو من ألدّ أعداء رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد أمر بقتله ولو كان متعلّقاً بأستار الكعبة(١) ؟

واحتدم الجدال بين الهاشميين وخصومهم الاُمويِّين، وانبرى ابن الإسلام البار عمّار بن ياسر فجعل يدعو لصالح المسلمين قائلاً: أيّها الناس، إنّ الله أكرمنا بنبيّه، وأعزّنا بدينه، فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم؟

وانبرى رجل من مخزوم فقطع على عمّار كلامه قائلاً: لقد عدوت طورك يابن سميّة، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها!

وطفحت الروح الجاهليّة على هذه الكلمات، فليس فيها إلاّ الدعوة إلى الباطل؛ فقد اعتبر المخزومي أمر الخلافة وشؤونها إلى قريش التي ما آمنت بالله وكفرت بقيم الإسلام، فأيّ حقّ لها في خلافة المسلمين؟ وقبله أعلن أحد أعلام القرشيين: أبت قريش أن تجتمع النبوّة والإمامة في بيت واحد.

إنّ أمر الخلافة بيد جميع المسلمين يشترك فيه ابن سميّة وغيره من الضعفاء

____________________

(١) الاستيعاب ٢ / ٣٧٥.

١٢٢

الذين أعزّهم الله بدينه، وليس لأيّ قرشي الحقّ في التدخّل بشؤون المسلمين لو كان هناك منطق وحساب.

وعلى أيّ حال، فقد احتدم النزاع بين القوى الإسلاميّة وبين القرشيّين، فخاف سعد أن يفلت الأمر من أيديهم وتفوز الاُسرة النبويّة بالحكم فالتفت إلى عبد الرحمن قائلاً له: يا عبد الرحمن، افرغ من أمرك قبل أن يفتتن الناس.

والتفت عبد الرحمن إلى الإمام (عليه السّلام) فقال له: هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه، وفعل أبي بكر وعمر؟

فرمقه الإمام بطرفه وأجابه بمنطق الإسلام قائلاً:«بل على كتاب الله وسنّة رسوله، واجتهاد رأيي» .

إنّ ابن عوف يعلم علماً جازماً أنّ الإمام لا يسوس المسلمين بسيرة الشيخين، ولا يحفل بها، وإنّما يسوسهم بكتاب الله وسنّة نبيّه، ورأيه المشرق الذي هو امتداد ذاتي لرأي النبي (صلّى الله عليه وآله)، وإنّما شرط عليه ذلك لصرف الخلافة عنه.

ولو كان الإمام ممّن يبغي الحكم والسلطان لوافق على هذا الشرط ثمّ خالفه، ولكنّه (سلام الله عليه) في جميع أدوار حياته واكب الصدق والحقّ، ولم يحد عنهما مهما كانت الظروف.

وعلى أيّ حال، فإنّ عبد الرحمن لمّا يئس من إجابة الإمام اتّجه صوب عثمان فعرض عليه شروطه فأجابه بلا تردّد، فصفق بكفّه على يده وقال له: اللّهمّ إنّي قد جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان.

والتاع الإمام فخاطب ابن عوف:«والله، ما فعلتها إلاّ لأنّك رجوت منه ما رجا صاحبها من صاحبه، دقّ الله بينكما عطر منشم» .

١٢٣

لقد رجا ابن عوف من بيعته لعثمان أن يكون خليفة من بعده كما كان ذلك بالنسبة للشيخين، واتّجه الإمام صوب القرشيّين فقال لهم:«ليس هذا أوّل يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون» .

ولذع منطق الإمام ابن عوف فراح يهدّده: يا عليّ، لا تجعل على نفسك سبيلاً. وغادر الإمام المظلوم قاعة الاجتماع وهو يقول:«سيبلغ الكتاب أجله» .

والتفت الصحابي العظيم عمّار بن ياسر فخاطب ابن عوف: يا عبد الرحمن، أما والله لقد تركته، وإنّه من الذين يقضون بالحقّ وبه كانوا يعدلون.

وانبرى المقداد فرفع صوته قائلاً: تالله، ما رأيت مثل ما أُتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيّهم! وا عجباً لقريش! لقد تركت رجلاً ما أقول ولا أعلم أنّ أحداً أقضى بالعدل، ولا أعلم ولا ولا أتقى منه! أما والله لو أجد أعواناً!

وصاح به عبد الرحمن: اتّق الله يا مقداد؛ فإنّي خائف عليك الفتنة.

وانتهت بذلك مأساة الشورى التي وضعها عمر لصرف الخلافة عن أهل بيت النبوّة ومنحها لبني اُميّة، وقد رأت عقيلة الوحي السيدة زينب (عليها السّلام) أضغان القرشيّين وحقدهم على أبيها، وأنّهم قد عملوا جاهدين على إطفاء نور الله، والإجهاز على رسالة الإسلام الهادفة لتطوير الوعي الاجتماعي، وإشاعة الخير والهدى بين الناس.

١٢٤

لقد خلقت الشورى العمرية الفتن والضغائن بين المسلمين، وحجبت الاُسرة النبويّة عن القيادة العامة للعالم الإسلامي، وسلّطت عليهم شرار خلق الله؛ فأمعنوا في ظلمهم والتنكيل بهم.

وما كارثة كربلاء وما عانته عقيلة بني هاشم السيّدة زينب (عليها السّلام) من صنوف الظلم والكوارث التي هي - من دون شك - من النتائج المباشرة لأحداث الشورى والسقيفة، فإنّهما الأساس لكلّ ما لحق بآل النبي (صلّى الله عليه وآله) من الكوارث والخطوب.

حكومة عثمان

وتسلّم عثمان قيادة الاُمّة، وقد احتفّ به بنو اُميّة وآل أبي معيط، وأخذوا يتصرّفون في شؤون الدولة حسب رغباتهم وميولهم، ولا شأن لعثمان في جميع المناحي السياسيّة والاقتصادية؛ فقد كان بمعزل عنها، وقد سيطر عليها وتسلّم قيادتها مروان بن الحكم الوزغ بن الوزغ، والذي يسمّيه معاصروه بالخيط الباطل؛ وذلك لخبثه وسوء سريرته، فكان وزيره ومستشاره. وقد هام عثمان بحبّ اُسرته، وتفانى في الولاء لهم فكان يقول: لو كانت مفاتيح الجنّة بيدي لأعطيتها لبني اُميّة(١) .

وقد أسند مناصب الدولة لهم، كما عيّنهم ولاة في معظم الأقاليم الإسلاميّة، ووهبهم الثراء العريض فكانوا في طليعة الرأسماليين في العالم الإسلامي، وقد عرضنا في بعض كتبنا(٢) بصورة موضوعية وشاملة إلى الهبات المالية الهائلة التي منحها عثمان لاُسرته، كما عرض لها الحجّة الأميني، والدكتور طه حسين، والعقّاد وغيرهم.

وقد أدّت هباته ومنحه الامتيازات الخاصة لهم إلى نقمة المسلمين،

____________________

(١) مسند أحمد ١ / ٦٢.

(٢) حياة الإمام الحسن، وحياة الإمام الحسين (عليهما السّلام).

١٢٥

وشيوع السخط والتذمّر عليه في معظم الأقاليم الإسلاميّة.

الجبهة المعارضة

ونقمت على عثمان وسخطت على سياسته معظم الصحابة وأعلام الإسلام، وفي طليعتهم:

١ - أبو ذرّ الغفاري

٢ - عمّار بن ياسر

٣ - السيّدة عائشة

٤ - طلحة

٥ - الزبير

٦ - عبد الرحمن بن عوف

٧ - عبد الله بن مسعود، وغيرهم من أقطاب الإسلام وحماته

وقد نكّل عثمان بالكثيرين من معارضيه؛ فقد نفى الصحابي العظيم أبا ذرّ الغفاري إلى الشام، ثمّ نفاه إلى الربذة، وهي صحراء قاحلة خالية من جميع مقوّمات الحياة، وقد أنهكه الجوع حتّى توفي غريباً جائعاً مظلوماً، كما نكّل بالصحابي الجليل عبد الله بن مسعود، وقطع عنه مرتبه فلم يسعفه شيء حتّى أهلكه الفقر وفي يد عثمان ذهب الأرض وخيراتها.

كما نكّل بأعظم صحابي وأجلّ مجاهد إسلامي، وهو الطيّب ابن الطيّب عمّار بن ياسر؛ فقد ضربه ضرباً مبرحاً حتّى أصابه فتق واُغمي عليه.

وقد رفعت السيدة عائشة قميص رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهي تقول: هذا قميص رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لم يبلَ وعثمان قد أبلى سنّته! كما أفتت بحلّية قتله فقالت: اقتلوا نعثلاً فقد كفر.

وقد اشتدّت عليه المعارضة وقويت وامتدّت إلى معظم الأقاليم الإسلاميّة، وقد استجارت المعارضة بالعراق ومصر وغيرها لإنقاذ المسلمين من

١٢٦

عثمان وبطانته، فخفّت بعض الكتائب العسكريّة فزحفت إلى يثرب، وأحاطت بدار عثمان وطلبت منه إبعاد مروان وإقصاء بني اُميّة عنه، أو الاستقالة من منصبه، فوعدهم بتنفيذ أهم متطلباتهم، وهي إقصاء بني اُميّة، إلاّ أنّه خان بوعده، وكتب إلى ولاته على الأقطار بالتنكيل بمَنْ استجاب للمعارضة ممّن قدموا إلى يثرب.

وقبض الثوار في أثناء رجوعهم إلى مدنهم على رسائله التي بعثها إلى ولاته في التنكيل بهم، ففزعوا وقفلوا راجعين إلى يثرب، وعرضوا عليه رسائله وطالبوه بالاستقالة الفورية من منصبه فلم يستجب لهم، وأصرّ على الاحتفاظ بكرسي الحكم، فعمدوا إلى الإجهاز عليه فقتلوه شرّ قتلة، وتركوا جسده مرمياً على مزبلة من مزابل يثرب؛ استهانة به، ولم يسمحوا بمواراته إلاّ أنّ الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) توسّط في دفنه، فاستجاب له الثوار على كره، فدفنوه في حش كوكب.

لقد انتهت حكومة عثمان، وقد أخلدت للمسلمين المصاعب والفتن وألقتهم في شرّ عظيم؛ فقد اتّخذت عائشة قتله وسيلة لتحقيق مآربها وأطماعها السياسيّة، فراحت تُطالب الإمام بدمه، وهي التي أفتت بقتله وكفره، كما اتّخذ الذئب الجاهلي معاوية بن هند قتل عثمان ورقة رابحة للتمرّد على حكومة الإمام والمطالبة بدمه.

وعلى أيّ حال، فقد رأت حفيدة النبي (صلّى الله عليه وآله) السيّدة زينب (عليها السّلام) هذه الأحداث الجسام ووعت أهدافها السياسيّة، فكان لها أعمق الأثر في نفسها؛ فقد كان لها من المضاعفات السيئة ما اهتز من هولها العالم الإسلامي، والتي كان من نتائجها كارثة كربلاء التي رُزئت فيها السيدة زينب؛ فقد عانت من الكوارث والخطوب ما تذوب من هولها الجبال.

حكومة الإمام (عليه السّلام)

وبعدما أطاح الثوار بحكومة عثمان أحاطوا بالإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهم يهتفون

١٢٧

بحياته، ويعلنون ترشيحه لقيادة الاُمّة فليس غيره أولى وأحق بهذا المركز الخطير، فهو ابن عمّ النبي (صلّى الله عليه وآله) وأبو سبطيه، ومَنْ كان منه بمنزل هارون من موسى، وهو صاحب المواقف المشهورة في نصرة الإسلام والذبّ عنه، وليس في المسلمين مَنْ يساويه في فضائله وعلومه وعبقرياته، إلاّ أنّ الإمام رفض دعوتهم ولم يستجب لهم؛ لعلمه بما سيواجهه من الأزمات السياسيّة، فإنّ منهجه في عالم الحكم يتصادم مع رغبات الاُسر القرشيّة التي تريد السيطرة على السلطة وإخضاعها لرغباتها الخاصة.

فقال (عليه السّلام) للثوار:«لا حاجة لي في أمركم، فمَنْ اخترتم رضيت به» .

فهتفوا بلسان واحد: ما نختار غيرك.

وعقدت القوات المسلحة مؤتمراً خاصاً عرضت فيه ما تواجهه الاُمّة من الأخطار إن بقيت بلا إمام يدير شؤونها، وقد قرّرت إحضار المدنيّين وإرغامهم على انتخاب إمام المسلمين، فلمّا حضروا هدّدوهم بالتنكيل إن لم ينتخبوا إماماً وخليفة للمسلمين، ففزعوا إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأحاطوا به رافعين عقيرتهم: البيعة، البيعة.

فامتنع الإمام (عليه السّلام) من إجابتهم، فأخذوا يتضرّعون إليه قائلين: أما ترى ما نزل بالإسلام، وما ابتلينا به من أبناء القرى؟!

فأجابهم الإمام بالرفض الكامل قائلاً:«دعوني والتمسوا غيري» . ثمّ أعرب لهم الإمام (عليه السّلام) عمّا ستعانيه الاُمّة من الأزمات قائلاً:«أيّها الناس، إنّا مستقبلون أمراً له وجوه وله ألوان، لا تقوم به القلوب، ولا تثبت له العقول» .

١٢٨

لقد كشف الإمام عمّا سيواجهه المسلمون من الأحداث المروّعة التي تعصف بالحلم وتميد بالصبر، الناجمة من الحكم المباد الذي عاث فساداً في الأرض؛ فقد أقام عثمان اُسرته حكّاماً وولاةً على الأقاليم الإسلاميّة فاستأثروا بأموال المسلمين واحتكروها لأنفسهم، وإنّهم حتماً سيقاومون كلّ مَنْ يريد الإصلاح الاجتماعي؛ فلذلك امتنع الإمام من إجابة القوم.

ثمّ عرض الإمام على القوات المسلحة وعلى الصحابة وغيرهم منهجه فيما إذا ولي اُمورهم قائلاً:«إنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم، وإن تركتموني فإنّما أنا كأحدكم، ألا وإنّي من أسمعكم وأطوعكم لمَنْ ولّيتموه» . واستجاب الجميع لما عرضه الإمام عليهم قائلين: ما نحن بمفارقيك حتّى نبايعك.

وأجّلهم الإمام إلى الغد لينظر في الاُمور، ولمّا أصبح الصبح هرعت الجماهير إلى الجامع الأعظم، فأقبل الإمام (عليه السّلام) فاعتلى أعواد المنبر فخطب الناس، وكان من جملة خطابه:«أيّها الناس، إنّ هذا أمركم ليس لأحد فيه حقّ إلاّ مَنْ أمّرتم، وقد افترقنا بالأمس وكنت كارهاً لأمركم فأبيتم إلاّ أن أكون عليكم، ألا وإنّه ليس لي أن آخذ درهماً دونكم، فإن شئتم قعدت لكم، وإلاّ فلا آخذ على أحد» .

وتعالى هتاف الجماهير بالتأييد والرضا قائلين: نحن على ما فارقناك عليه بالأمس. وطفق الإمام قائلاً:«اللّهمّ اشهد عليهم» .

وقد اتّجهت الناس كالموج صوب الإمام لتبايعه، وأوّل مَنْ بايعه طلحة، فبايعه

١٢٩

بيده الشلاّء التي سرعان ما نكث بها عهد الله، فتطيّر منها الإمام وقال:«ما أخلفه أن ينكث» (١) .

ثمّ بايعه الزبير وهو ممّن نكث بيعته، وبايعته القوات العسكريّة، كما بايعه مَنْ بقي من أهل بدر والمهاجرين والأنصار كافة(٢) .

ولم يظفر أحد من خلفاء المسلمين بمثل هذه البيعة في شمولها، وقد فرح بها المسلمون وابتهجوا، ووصف الإمام (عليه السّلام) مدى سرورهم بقوله:«وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إيّاي أن ابتهج بها الصغير، وهدج إليها الكبير، وتحامل نحوها العليل، وحسرت إليها الكعاب» .

لقد ابتهج المسلمون، وعمّت الفرحة الكبرى جميع الأوساط الإسلاميّة بخلافة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) رائد العدالة الاجتماعيّة، والمتبنّي لحقوق الإنسان الذي شارك البؤساء والمحرومين في سغبهم ومحنهم، القائل:«أأقنع من نفسي بأن يُقال: أمير المؤمنين، ولا اُشاركهم في مكاره الدهر، أو أكون اُسوة لهم في جشوبة العيش؟!» .

وجوم القرشيّين

واستقبلت قريش خلافة الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بكثير من الوجوم والقلق والاضطراب كما استقبلوا نبوّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؛ فإنّ الروح الجاهليّة بما تحمل من عادات وتقاليد وكراهية للحقّ لم تزل مائلة فيهم، ولم يغيّر الإسلام من طباعهم أيّ شيء.

وقريش تعرف الإمام جيداً؛ فهو الذي حصد رؤوس أعلامهم بسيفه، ومحق

____________________

(١) العقد الفريد ٣ / ٩٣.

(٢) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٣٧٦.

١٣٠

كبرياءهم في سبيل الإسلام الذي ناهضوه، وقد خفّ إليه الاُمويّون وفي طليعتهم الوليد فقال للإمام: إنّك قد وترتنا جميعاً؛ أمّا أنا فقتلت أبي صبراً يوم بدر، وأمّا سعيد فقتلت أباه يوم بدر، وكان أبوه من نور قريش، وأمّا مروان فشتمت أباه، وعبت على عثمان حين ضمّه إليه، فنبايع على أن تضع عنّا ما أصبنا، وتعفو عنّا عمّا في أيدينا، وتقتل قتلة صاحبنا.

فردّ الإمام عليه مقالته التي لا بصيص فيها من نور الحقّ قائلاً:«أمّا ما ذكرت من وتري إيّاكم فالحقّ وتركم؛ وأمّا وضعي عنكم عمّا في أيديكم فليس لي أن أضع حقّ الله؛ وأمّا إعفائي عمّا في أيديكم فما كان لله وللمسلمين فالعدل يسعكم؛ وأمّا قتلي قتلة عثمان فلو لزمني قتالهم اليوم لزمني قتالهم غداً، ولكن لكم أن أحملكم على كتاب الله وسنّة نبيّه، فمَنْ ضاق عليه الحقّ فالباطل عليه أضيق، وإن شئتم فالحقوا بملاحقكم» (١) .

إنّ الاُمويِّين أرادوا المساومة فيما نهبوه من أموال المسلمين وما اختلسوه من بيت المال، وهيهات أن يستجيب لهم رائد الحقّ والعدالة في دنيا الإسلام الذي لا تساوي السلطة عنده قيمة حذائه الذي كان من ليف، وقد انصرفوا عنه وقلوبهم مترعة بالحقد والكراهية له.

وعلى أيّ حال، فقد فزع القرشيّون من حكومة الإمام (عليه السّلام) وخافوا على مصالحهم ونفوذهم وامتيازاتهم التي ظفروا بها في عهد الخلفاء.

لقد أيقنوا أنّ الإمام سيعاملهم معاملة عادية، ولا يميّزهم على أيّ أحد من المسلمين، وقد كان سيء الظنّ بهم، وقد أعرب عن مدى استيائه منهم بقوله:«ما لي ولقريش! لقد قاتلتهم كافرين، ولأقتلنهم مفتونين. والله لأبقرنّ الباطل

____________________

(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٥٥.

١٣١

حتى يظهر الحقّ من خاصرته، فقل لقريش فليضج ضجيجها» .

لقد حقدت قريش على الإمام كما حقدت على ابن عمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد صرفت الخلافة تارة عنه إلى تيم، وإلى عدي اُخرى، وإلى بني اُميّة ثالثة.

وقد جهدت على محاربته وإشاعة التمرّد في أيام خلافته، وقد ظهرت بوادر ذلك في حرب الجمل وصفين.

إجراءات حاسمة

وقام الإمام رائد العدالة الاجتماعيّة بإجراءات حاسمة ضدّ الحكم المباد كان منها:

١ - مصادرة الأموال المنهوبة

وأوّل عمل قام به الإمام أنّه أصدر أوامره بمصادرة القطائع التي اقتطعها عثمان، وباسترجاع الأموال التي استأثر بها لنفسه، والأموال التي منحها لبني اُميّة وآل أبي معيط؛ لأنّها أُخذت بغير وجه مشروع، وقد صودرت أموال عثمان حتّى سيفه ودرعه.

وقد كتب عمرو بن العاص إلى معاوية رسالة جاء فيها: ما كنت صانعاً فاصنع إذا قشّرك ابن أبي طالب من كلّ مال تملكه كما تُقشّر عن العصا لحاها.

وعمّ الذعر والخوف جميع الرأسماليين القرشيّين الذين أقطعهم عثمان ووهبهم الثراء العريض؛ فقد خافوا من مصادرتها وتأميمها للدولة كما صنع الإمام بأموال عثمان؛ فلذا أعلنوا التمرّد والبغي على حكومة الإمام (عليه السّلام).

٢ - عزل الولاة

وقام رائد العدالة الاجتماعيّة بعزل ولاة عثمان؛ لأنّهم أظهروا الجور والفساد

١٣٢

في الأرض؛ فقد عزل معاوية بن هند، وقد نصحه جماعة من المخلصين له وطلبوا منه إبقاء معاوية، فأبى وامتنع من المداهنة في دينه، وكيف يُبقي الإمام في جهاز حكمه هذا الذئب الجاهلي، ويقرّه على عمله وهو رأس المنافقين ومصدر قوّتهم.

وكذلك عزل غير معاوية من ولاة عثمان، ولم يُبقِ واحداً منهم والياً على قطر من الأقطار.

٣ - المساواة بين المسلمين

وأعلن الإمام (عليه السّلام) المساواة العادلة بين جميع المسلمين، مساواة في العطاء، ومساواة في الحقوق وغيرهما من الشؤون الاجتماعيّة، وقد عوتب على مساواته في العطاء، فأجاب:«أَتَأْمُرُونِّي أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بِالْجَوْرِ فِيمَنْ وُلِّيتُ عَلَيْهِ؟! وَاللَّهِ لا أَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِيرٌ، وَمَا أَمَّ نَجْمٌ فِي السَّمَاءِ نَجْماً. لَوْ كَانَ الْمَالُ لِي لَسَوَّيْتُ بَيْنَهُمْ، فَكَيْفَ وَإِنَّمَا الْمَالُ مَالُ اللَّهِ؟ أَلا وَإِنَّ إِعْطَاءَ الْمَالِ فِي غَيْرِ حَقِّهِ تَبْذِيرٌ وَإِسْرَافٌ، وَهُوَ يَرْفَعُ صَاحِبَهُ فِي الدُّنْيَا وَيَضَعُهُ فِي الآخِرَةِ، وَيُكْرِمُهُ فِي النَّاسِ وَيُهِينُهُ عِنْدَ اللَّهِ...» .

وهكذا سلك عليّ في أيام حكومته مسلكاً مشرقاً لا التواء ولا منعطف فيه؛ فطبّق العدل ونشر المساواة، فلم يؤثر أيّ أحد من أبنائه وأرحامه على غيرهم، ولم يمنحهم أيّ امتياز في دولته.

وكان من بوادر عدله أنّه دخل بيت المال فقسّمه، فجاءت طفلة إمّا للحسن أو للحسين، فتناولت منه شيئاً، فلمّا بصر بها أسرع إليها فأخذه منها وأرجعه إلى بيت المال، فقال له أصحابه: يا أمير المؤمنين، إنّ لها فيه حقّاً.

فأنكر عليهم ذلك، وقال:

١٣٣

«إذا أخذ أبوها منه فليعطها منه ما شاء» (١) .

لقد تحرّج في سلوكه كأشدّ وأقسى ما يكون التحرّج، وأرهق نفسه إرهاقاً شديداً، فلم يرَ الناس مثل عدله في جميع فترات التاريخ.

على خطّة العدل والشرف غذّى أبناءه، وقد رأت ابنته حفيدة الرسول زينب (عليها السّلام) هذه السيرة المشرقة التي تأخذ بأعماق القلوب قد سار عليها أبوها، فكانت من عناصر تربيتها ومن مقوّمات ذاتها، وهي التي خلقت له الخصوم والأعداء.

____________________

(١) أنساب الأشراف ١ / ١٦٠، القسم الأوّل.

١٣٤

التمرّد على حكومة الإمام (عليه السّلام)

وثارت القوى المنحرفة عن الحقّ والمعادية للإصلاح الاجتماعي على حكومة الإمام رائد الحقّ والعدالة في دنيا الإسلام، وقد أرادوا منه أن يعدل عن منهجه، ويسير وفق مخطّطاتهم الهادفة إلى ضمان مصالحهم، ومنحهم الامتيازات الخاصة فأبى (عليه السّلام) إلاّ أن يسير بسيرة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ويطبّق قانون الإسلام وتعاليم القرآن.

ونشير إلى بعض هؤلاء المتمرّدين الذين شقّوا صفوف المسلمين، وأغرقوا البلد في المحن والاضطراب، وأشاعوا بين المسلمين الحزن والحداد، وهم:

طلحة والزّبير

وبايع طلحة والزّبير الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وانعقدت بيعته في أعناقهما، ولكنّ الأطماع السياسيّة والشورى العمرية التي نفخت فيهما روح الطموح، وساوت بينهما وبين بطل الإسلام وأخي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) هي التي دفعتهما إلى إعلان التمرّد، وقد خفّا إلى الإمام (عليه السّلام) وقد أترعت نفوسهما بالأطماع والكيد للإسلام، فقالا للإمام: هل تدري على ما بايعناك يا أمير المؤمنين؟

فأسرع الإمام قائلاً:«نعم، على السمع والطاعة، وعلى ما بايعتم عليه أبا بكر وعمر وعثمان» .

فرفضا ذلك، وقالا:

١٣٥

لا، ولكن بايعناك على أنّا شريكاك في الأمر.

فرمقهما الإمام بطرفه، وأوضح لهما ما ينبغي أن يكونا شريكين له قائلاً:«لا، ولكنّكما شريكان في القول والاستقامة، والعون على العجز والأولاد» .

لقد أعربا عن أطماعهما وأنّ بيعتهما للإمام لم تكن من أجل صالح المسلمين وجمع كلمتهم، وقاما مغضبين، فقال الزّبير في ملأ من قريش: هذا جزاؤنا من عليّ، قمنا له في أمر عثمان حتّى أثبتنا عليه الذنب، وسبّبنا له القتل وهو جالس في بيته، وكُفي الأمر، فلمّا نال بنا ما أراد جعل دوننا غيرنا.

وقال طلحة: ما اللوم إلاّ أنّا كنّا ثلاثة من أهل الشورى كرهه أحدنا(١) وبايعناه، وأعطيناه ما في أيدينا ومنعنا ما في يده، فأصبحنا قد أخطأنا ما رجونا.

والشيء المؤكّد أنّهما لم يعرفا عليّاً، ولم يعيا أهدافه في عالم الحكم، ولو عرفاه ما نازعاه، أو أنّهما عرفاه وحالت أطماعهما وجشعهما على منازعته، وانتهى حديثهما إلى الإمام (عليه السّلام)، فاستدعى مستشاره عبد الله بن عباس فقال له:«بلغك قول الرجلين؟» .

- نعم، أرى أنّهما أحبّا الولاية فولّ البصرة الزّبير، وولّ طلحة الكوفة.

ولم يرتضِ الإمام رأي ابن عباس، فقال مفنّداً لرأيه:«ويحك! إنّ العراقين - البصرة والكوفة - بهما الرجال والأموال، ومتى تملّكا رقاب الناس يستميلا السفيه بالطمع، ويضربا الضعيف بالبلاء، ويقويا على القوي بالسلطان. ولو كنت مستعملاً أحداً لضرّه ونفعه لاستعملت معاوية على الشام،

____________________

(١) يريد به سعد بن أبي وقّاص، فإنّه امتنع عن بيعة الإمام (عليه السّلام)، والذي دفعه على ذلك حقده له.

١٣٦

ولولا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي» .

لقد كان الإمام (عليه السّلام) عالماً بأطماعهما وما انطوت عليه نفوسهما من التهالك على الإمرة والسلطان، ولو كان يعلم نزاهتهما واستقامتهما لولاّهما البصرة والكوفة.

ولمّا علم طلحة والزّبير أنّ الإمام لا يولّيهما على قطر من أقطار المسلمين خفّا إليه طالبين منه الإذن بالخروج قائلين: ائذن لنا يا أمير المؤمنين.

-((إلى أين؟)) .

- نريد العمرة.

فرمقهما الإمام بطرفه، وعرّفهما ما يريدان قائلاً لهما:«والله ما العمرة تريدان، بل الغدرة ونكث البيعة» . فأقسما له بالأيمان المغلّظة أنّهما لا يخلعان بيعته، وأنّهما يريدان أن يعتمرا بالبيت الحرام، وطلب منهما الإمام أن يُعيدا له البيعة ثانياً ففعلا دون تردد، ومضيا منهزمين إلى مكة يثيرا الفتنة، ويلحقا بعائشة ليتّخذوها واجهة لتمرّدهما على الحقّ وشقّ كلمة المسلمين.

تمرّد عائشة

ويجمع المؤرّخون على أنّ عائشة في طليعة مَنْ أشعل نار الثورة على عثمان؛ فقد أفتت بقتله ومروقة من الدين، وكانت تسمّيه نعثلاً، ولمّا أحاط به الثوار خرجت إلى مكة، وبعد أدائهما لمناسك الحج قفلت راجعة إلى يثرب، وهي تجدّ في السير لتنظر ما آل إليه أمر عثمان، فلمّا انتهت إلى سرف لقيها رجل من أخوالها كان قادماً من المدينة، فأسرعت قائلة: مهيم(١) .

____________________

(١) مهيم: كلمة استفهام، من معانيها: ما وراؤك.

١٣٧

- قتلوا عثمان.

وأسرعت قائلة: ثمّ صنعوا ماذا؟

- واجتمعوا على بيعة عليّ فجازت بهم إلى خير مجاز.

ولمّا سمعت أنّ الخلافة قد آلت إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) انهارت أعصابها، وتحطّمت قواها، وهتفت وهي حانقة، وبصرها يشير إلى السماء ثمّ ينخفض فيشير إلى الأرض، قائلة: والله، ليت هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لابن أبي طالب! قُتل عثمان مظلوماً، والله لأطلبنّ بدمه.

وبُهر عبيد من منطقها، فقال لها باستهزاء وسخرية: ولِمَ؟ فوالله إنّ أوّل مَنْ أمال حرفه لأنت، ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلاً فقد كفر!

وانبرت عائشة تبرّر هذا التناقض في كلامها وسلوكها، فقالت له: إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأوّل.

وهي حجّة واهية لا واقع لها، فهل أنّها كانت حاضرة حينما أحاط الثوار بعثمان فأعلن لهم توبته فلم يحفلوا بها، وعدوا عليه فقتلوه كما تقول؟!

ولم يخفَ على ابن خالها هذا التناقض الصريح في قولها، فراح يردّ عليها:

فمنكِ البداء ومنكِ الغِيَرْ = ومنكِ الرياح ومنكِ المطرْ

وأنتِ أمرتِ بقتلِ الإمام = وقُلتِ لنا إنّه قد كفرْ

فهبنا(١) أطعناكِ في قتلِه = وقاتِلُه عندنا مَنْ أمرْ

____________________

(١) في رواية: (ونحن).

١٣٨

ولم يسقُطِ السقفُ من فوقنا = ولم تنكسف شمسُنا والقمرْ

وقد بايعَ الناسُ ذا تُدرَأٍ(١) = يُزيلُ الشبا ويقيمُ الصَّعرْ

و يلبسُ للحربِ أثوابها = وما مَنْ وفى مثلُ مَنْ قد غدرْ

وغاظها قوله فأعرضت عنه، وقفلت راجعة إلى مكة(٢) وهي كئيبة حزينة؛ لأنّ الخلافة آلت إلى باب مدينة علم النبي (صلّى الله عليه وآله) وأبي سبطيه، وراحت تندب عثمان؛ فقد اتّخذت قتله ورقة رابحة للإطاحة بحكم الإمام، يقول شوقي:

أثأرُ عثمانَ الذي شجاها = أم غصّةٌ لم ينتزع شجاها

ذلك فتقٌ لم يكن بالبالِ = كيدُ النساءِ موهنُ الجبالِ

إنّ دم عثمان لا يصلح بأيّ حال من الأحوال أن يكون من بواعث ثورتها على حكومة الإمام؛ فقد كانت هناك أسباب وثيقة دعتها إلى هذا الموقف الذي لا تُحمد عليه، وقد ذكرناها بالتفصيل في كتابنا (حياة الإمام الحسن).

الزحف إلى البصرة

وانضمّ طلحة والزّبير إلى عائشة ومعهما جميع رجال الحكم المُباد من ولاة عثمان وغيرهم من المعادين لحكومة الإمام (عليه السّلام)، وقد قرّر زعماء الفتنة الزحف إلى البصرة لاحتلالها، ونادى المنادي في مكة: أيّها الناس، إنّ اُمّ المؤمنين وطلحة والزّبير شاخصون إلى البصرة، فمَنْ كان يريد إعزاز الإسلام، وقتال المحلّين، والطلب بدم عثمان، ولم يكن عنده مركب

____________________

(١) ذو تُدرأٍ: أي ذو عزيمة ومنعة. الشبا: المكرون. الصعر: ميل في الوجه أو في أحد الشفتين، والمراد أنّه يقيم الشيء الملتوي.

(٢) تاريخ الطبري ٣ / ٤٥٤، وغيره.

١٣٩

ولا جهاز، فهذا جهازه وهذه نفقته.

وزوّدوا الجند بالسلاح والعتاد والأموال، وقد كان قسم من النفقات من يعلي بن اُمية والي عثمان؛ فقد أعان بأربعمئة ألف، وحمل سبعين رجلاً(١) .

واعتلت عائشة على جملها ولم ترغب فيه، وصادفوا في الطريق العرني، وكان عنده جمل اُعجب به أتباع عائشة، فقالوا للعرني: يا صاحب الجمل، تبيع جملك؟

- نعم.

- بِكَم؟

- بألف درهم.

- مجنون أنت، جمل يباع بألف درهم!

- نعم، جملي هذا.

- وممّ ذلك؟

- ما طلبت عليه أحداً إلاّ أدركته، ولا طلبني وأنا عليه قطّ إلاّ فتّه.

- لو تعلم لمَنْ نريده لأحسنت بيعنا.

- لمَنْ تريده؟

- لاُمّك.

- قد تركت اُمّي في بيتها قاعدة ما تريد براحاً.

- إنّما نريده لاُمّ المؤمنين عائشة.

- هو لكم، خذوه بغير ثمن.

- لا، ارجع معنا إلى الرحل نعطيك ناقة ونزيدك دراهم.

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٤٥٤، وغيره.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343