السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام16%

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 343

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام
  • البداية
  • السابق
  • 343 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192157 / تحميل: 8570
الحجم الحجم الحجم
السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

ورجع معهم فأعطوه ناقة مهرية، وزادوه أربعمئة أو ستمئة درهم(١) .

واعتلت عليه عائشة وقد احتفى بها أنصارها من الاُمويِّين وغيرهم من الطامعين في الحكم.

ماء الحوأب

وسارت قافلة عائشة تجدّ في السير لا تلوي على شيء، فاجتازت على مكان يُقال له الحوأب، فتلقّت كلاب الحيّ القافلة بهرير وعواء، فذعرت عائشة من شدّة ذلك النباح، فقالت لمحمد بن طلحة: أيّ ماء هذا؟

- ماء الحوأب.

فذعرت عائشة، وقالت: ما أراني إلاّ راجعة.

- لِمَ يا اُمّ المؤمنين؟

- سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول لنسائه:«كأنّي بإحداكنَّ قد نبحتها كلاب الحوأب (٢) ، وإيّاك أن تكوني يا حُميراء» .

فردّ عليها محمّد وقال لها: تقدّمي رحمك الله، ودعي هذا القول. ولم تقتنع عائشة، وذاب قلبها أسى على ما فرّطت في أمرها.

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣ / ٤٧٥.

(٢) روى ابن عباس عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال يوماً لنسائه وهنّ جميعاً عنده:((أيّتكنّ صاحبة الجمل الأدبب، تنبحها كلاب الحوأب، يُقتل عن يمينها وشمالها قتلى كثيرة كلّهم في النار، وتنجو بعد ما كادت؟)) . جاء ذلك في شرح النهج ٢ / ٤٩٧، وهذا الحديث من أعلام النبوّة، ومن إخباره بالمغيّبات.

١٤١

وعلم طلحة والزّبير بإصرارها على الرجوع إلى يثرب، فأقبلا يلهثان؛ لأنّها متى انفصلت عن الجيش تفرّق وذهبت آمالهما أدراج الرياح، فتكلّما معها في الأمر فامتنعت من إجابتهما، فجاؤوا لها بشهود اشتروا ضمائرهم فشهدوا عندها أنّه ليس بماء الحوأب. وهي أوّل شهادة زور تُقام في الإسلام(١) ، وبهذه الشهادة الكاذبة استطاعوا أن يحرفوها عمّا صمّمت عليه.

في ربوع البصرة

وأشرفت قافلة عائشة على البصرة، فلمّا علم ذلك عثمان بن حنيف والي البصرة أرسل إلى عائشة أبا الأسود الدؤلي ليسألها عن قدومها، ولمّا التقى بها قال: ما أقدمك يا اُمّ المؤمنين؟

- أطلب بدم عثمان.

فردّ عليها من منطقه الفيّاض قائلاً: ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد.

- صدقت، ولكنّهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة، وجئت أستنهض أهل البصرة لقتاله، أنغضب لكم من سوط عثمان ولا نغضب لعثمان من سيوفكم؟!

فردّ عليها أبو الأسود ببالغ الحجّة قائلاً: ما أنتِ من السوط والسيف، إنّما أنتِ حبيبة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، أمرك أن تقرّي في بيتك وتتلي كتاب ربّك، وليس على النساء قتال، ولا لهنّ الطلب بالدماء، وأنّ عليّاً لأولى منكم وأمسّ رحماً؛ فإنّهما ابنا عبد مناف؟!

ولم تقنع عائشة وأصرّت على محاربة الإمام (عليه السّلام)، وقالت لأبي الأسود: لست بمنصرفة حتّى أمضي لما قدمت إليه، أفتظنّ [يا] أبا الأسود أنّ أحداً يقدم

____________________

(١) مروج الذهب ٢ / ٣٤٢، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٨١.

١٤٢

على قتالي؟

فأجابها أبو الأسود: أما والله لتقاتلنَ قتالاً أهونه الشديد.

ثمّ تركها وانصرف صوب الزّبير، فقابله وذكّره بماضي جهاده وولائه للإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) قائلاً له: يا أبا عبد الله، عهد الناس بك وأنت يوم بويع أبو بكر آخذ بقائم سيفك تقول: لا أحد أولى بهذا الأمر من ابن أبي طالب، وأين هذا المقام من ذاك؟

فأجابه الزّبير: نطلب بدم عثمان.

ونظر إليه أبو الأسود فأجابه بسخرية: أنت وصاحبك ولّيتماه فيما بلغنا.

ورأى الزّبير في كلام أبي الأسود النصح والسداد فانصاع لقوله، إلاّ أنّه طلب منه مواجهة طلحة، وعرض الأمر عليه، فمضى أبو الأسود مسرعاً نحو طلحة وكلّمه في الأمر فلم يجد منه أيّة استجابة، وقفل أبو الأسود راجعاً إلى ابن حنيف فأخبره بنيّة القوم وإصرارهم على الحرب.

وعقد الفريقان هدنة مؤقتة، وكتبا في ذلك وثيقة وقّعها كلا الطرفين على أن لا يفتح أحدهما على الآخر باب الحرب حتّى يستبين في ذلك رأي الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام).

مظاهرة نسوية لتأييد عائشة

وقامت بعض السيّدات من النساء بمظاهرة لتأييد عائشة وهنَّ يجبنَ في شوارع يثرب ويضربنَ بالدفوف، وقد رفعنَ أصواتهنَّ بهذا النشيد: ما الخبر، ما الخبر، إنّ عليّاً كالأشقر، إن تقدّم عقر، وإن تأخّر نحر.

١٤٣

ولمّا سمعت ذلك اُمّ المؤمنين السيدة اُمّ سلمة خرجت هي وحفيدة الرسول العقيلة زينب (عليها السّلام) تحفّ بها إماؤها، فجعلت توبّخهنّ، وقالت لهنّ: إن تظاهرتنَ على أبي فقد تظاهرتنَ من قبل على جدّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله). فاستحيت النساء وتفرّقنَ، وعادت السيدة زينب (عليها السّلام) إلى بيتها(١) .

نقض الاتفاق

وعمل حزب عائشة إلى نقض الهدنة؛ فقد هجموا على والي البصرة ابن حنيف، وكان مقيماً في دار الإمارة، فاعتقلوه ونكّلوا به، فنتفوا شعر رأسه ولحيته وحاجبيه، ونهبوا ما في بيت المال، وثارت الفتنة في البصرة؛ فقد قتلوا خزّان بيت المال وبعض الشرطة، ووقعت معركة رهيبة بين أنصار الإمام (عليه السّلام) وحزب عائشة، وقد حملوها على جمل، وسُمّيت تلك الوقعة بيوم الجمل الأصغر، وقد استشهد فيها جمع من المسلمين(٢) .

زحف الإمام (عليه السّلام) إلى البصرة

وزحف الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) بجيوشه إلى البصرة للقضاء على هذا الجيب المتمرّد الذي ينذر بانتشار التمرّد وسقوط الحكم، وحينما انتهى إلى البصرة بعث عبد الله بن عباس وزيد بن صوحان إلى عائشة وطلحة والزّبير يدعوهم إلى السلم وعدم إراقة الدماء، فلم يستجيبوا لدعوته وأصرّوا على التمرّد والبغي ومناجزة الإمام (عليه السّلام).

وأرسل الإمام فتىً نبيلاً وأمره أن يحمل كتاب الله تعالى ويدعوهم إلى تحكيمه، فأخذ الفتى الكتاب العزيز وجعل يلوّح به أمام عسكر عائشة، وهو يدعوهم إلى العمل بما فيه ويدعوهم إلى السلم والوئام، فحملوا عليه فقطعوا

____________________

(١) زينب الكبرى / ٢٥.

(٢) عرضنا لهذه الأحداث بصورة مفصّلة في كتابنا حياة الإمام الحسن (عليه السّلام).

١٤٤

يمينه، فأخذ المصحف بيساره، وجعل يدعوهم إلى السلم والعمل بما في الكتاب، فحملوا عليه فقطعوا يساره، فأخذ المصحف بأسنانه، وجعل يناديهم: الله في دمائنا ودمائكم.

فانثالوا عليه يرشقونه بسهامهم حتّى سقط إلى الأرض جثة هامدة، ولم تُجْدِ معهم هذه الدعوة الكريمة، وأصرّوا على الحرب.

إعلان الحرب

ولم تُجب مع عائشة وحزبها دعوة الإمام (عليه السّلام) إلى السلم وعدم إراقة الدماء؛ فقد أصرّوا على الحرب والتمرّد على الحقّ؛ فاضطرّ الإمام إلى مناجزتهم، فعبّأ جنوده، ونظرت إليه عائشة وهو يجول بين الصفوف، فقالت: انظروا إليه كأنّ فعله فعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يوم بدر! أما والله ما ينتظر بكم إلاّ زوال الشمس.

ومع علمها بأنّ فعله كفعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، كيف ساغ لها أن تحاربه؟!وخاطبها الإمام (عليه السّلام)، فقال لها:«يا عائشة، عمّا قليل ليصبحنَّ نادمين» (١) .

وأعطى الإمام خطته العسكريّة لجنوده، فقال لهم:«أيّها الناس، إذا هزمتموهم فلا تجهزوا على جريح، ولا تقتلوا أسيراً، ولا تتّبعوا مولّياً، ولا تطلبوا مدبراً، ولا تكشفوا عورة، ولا تمثّلوا بقتيل، ولا تهتكوا ستراً، ولا تقربوا من أموالهم إلاّ ما تجدونه في معسكرهم من سلاح أو كراع، أو عبد أو أمة، وما سوى ذلك فهو ميراث لورثتهم على كتاب الله» .

ومثّلت هذه الوصية الشرف والرأفة والرحمة، كما وضعت الأصول الفقهية في حرب المسلمين بعضهم مع بعض، كما أعلن ذلك بعض الفقهاء.

____________________

(١) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٤٤٧.

١٤٥

واعتلت عائشة جملها المسمّى بعسكر وأخذت كفّاً من حصباء فرمت به أصحاب الإمام (عليه السّلام)، وقالت: شاهت الوجوه. فأجابها رجل من شيعة الإمام: يا عائشة، وما رميت إذ رميت ولكنّ الشيطان رمى.

وتولّت عائشة القيادة العامة للقوات المسلحة، فكانت هي التي تصدر الأوامر للجيش. وبدأ القتال كأشدّه، وقد حمل الإمام (عليه السّلام) على معسكر عائشة وقد رفع العلم بيسراه، وشهر بيمينه ذا الفقار الذي طالما كشف به الكرب عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله).

واشتدّ القتال، وقد بان الانكسار في جيش عائشة، وقد قُتل طلحة والزّبير والكثيرون من قادة عسكر عائشة، وأخذت عائشة تبثّ في نفوس عسكرها روح التضحية والنضال، وقد دافعوا عنها بحماس بالغ، وقد شاعت القتلى بين الفريقين.

عقر الجمل

وأحاط أصحاب عائشة بجمل اُمّهم، فدعا الإمام (عليه السّلام) عمّار بن ياسر ومالك الأشتر، وأمرهما بعقر الجمل قائلاً:«اذهبا فاعقرا هذا الجمل؛ فإنّ الحرب لا يخمد ضرامها ما دام حيّاً؛ فإنّهم قد اتّخذوه قبلة لهم» .

وانطلق الأشتر وعمّار ومعهما فتية من مراد، فوثب فتى يُعرف بمعمر بن عبد الله إلى الجمل فضربه على عرقوبه فهوى إلى الأرض، وله صوت منكر لم يُسمع مثله، وتفرّق أصحاب عائشة حينما هوى الصنم الذي قدّموا له آلاف القتلى، وأمر الإمام (عليه السّلام) بحرقه وذرّ رماده في الهواء؛ لئلا تبقى منه بقيّة يفتتن بها الغوغاء، وبعدما فرغ من ذلك قال:«لعنه الله من دابة، فما أشبهه بعجل بني إسرائيل!» .

١٤٦

ثمّ مدّ بصره نحو الرماد الذي تناهبته الريح وتلا قوله تعالى:( وَانْظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً ) (١) .

وانتهت بذلك حرب الجمل التي أثارتها الأحقاد والأطماع، وقد أشاعت بين المسلمين الضغائن والفتن، وألقتهم في شرّ عظيم.

العفو العام

وأصدر الإمام (عليه السّلام) أوامره بالعفو العام عن جميع أعدائه وخصومه، وطلبت عائشة من الإمام أن يعفو عن ابن أختها عبد الله بن الزّبير وهو من ألدّ أعدائه فعفا عنه، وكذلك عفا عن مروان بن الحكم، وقد توسّط في أمره الحسن والحسين (عليهما السّلام)، وآمن الأسود والأحمر - على حدّ تعبير اليعقوبي -، ولم ينكّل بأيّ أحد من خصومه وأعدائه.

تسريح عائشة

وسرّح الإمام (عليه السّلام) عائشة وردّها إلى يثرب، ولم يعرض لها بأيّ مكروه أو أذى، وقد غادرت البصرة ونشرت في ربوعها الحزن والحداد والثكل، وتصدّعت الوحدة بين المسلمين، وشاعت بينهم الكراهية والبغضاء.

وعلى أيّ حال، فقد وعت سيّدة النساء زينب (عليها السّلام) هذه الأحداث، وعرفت ما تحمله الاُسر القرشيّة من العداء العارم والبغض الشديد لأبيها (عليه السّلام)، وأنّها قد شنّت الحرب عليه كما شنّته على أخيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من قبل.

تمرّد معاوية

ومهّدت عائشة الطريق إلى معاوية، وفتحت له أبواب المعارضة لحكومة الإمام

____________________

(١) سورة طه / ٩٧.

١٤٧

أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فلولاها لما تمكّن ابن هند من مناجزة الإمام ورفضه لبيعته.

وقد اتّخذ معاوية دم عثمان ورقة رابحة للمطالبة بدمه، ومن المؤكّد زيف هذه الدعوى وعدم واقعيتها؛ فقد استنجد به عثمان حينما حوصر وطلب منه أن يسعفه بقوّة عسكرية لرفع الحصار عنه فلم يستجب له حتّى أجهز عليه الثوار.

إنّ الذي دعا معاوية إلى التمرّد على حكومة الإمام (عليه السّلام) هو ما يعلمه من سيرة الإمام وسياسته الهادفة إلى إقامة الحقّ وتدمير الباطل؛ فالإمام لا يُبقي معاوية في جهاز الحكم لحظة واحدة، ويُجرّده من جميع أمواله التي اختلسها من بيت مال المسلمين، ويُحاسبه حساباً عسيراً على جميع تصرّفاته المجافية لروح الإسلام؛ من لبس الحرير والديباج، واستعمال أواني الذهب والفضة، والإسراف الفظيع في بناء القصور، ولا يقرّ شرعيّة دعم عمر له وثنائه عليه ومبالغته في تأييده؛ فهو الذي لم يحاسبه على أعماله التي تصادمت مع تعاليم الإسلام، وقال فيه: إنّه كسرى العرب. واعتبر الإمام ذلك تعدٍّ على سياسة العدل التي تبنّاها في جميع مراحل حكمه وحياته.

وعلى أيّ حال، فقد بعث الإمام إلى معاوية جرير بن عبد الله البجلي وزوّده برسالة يدعوه فيها إلى مبايعته والدخول في طاعته، إلاّ أنّ معاوية أصرّ على غيّه ورفض الاستجابة لدعوة الحقّ والوئام؛ فقد توفّرت عنده القوّة العسكريّة التي يستطيع بها على محاربة الإمام.

زحف معاوية لصفّين

وبعدما توفّرت لمعاوية الإمكانيات العسكريّة والقوى المكثفة زحف بها إلى صفّين وأقام فيها، وكان أوّل عمل قام به احتلال الفرات، واعتبر ذلك أوّل الفتح؛ لأنّه حبس الماء على عدوّه، وظلّت جيوشه مقيمة هناك تصلح أمرها وتنظّم قواها لتستعدّ إلى حرب وصيّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وباب مدينة علمه.

١٤٨

مسير الإمام (عليه السّلام) إلى صفّين

وتهيّأ الإمام (عليه السّلام) للخروج إلى صفّين، وأمر الحارث بن الأعور أن ينادي في الناس بالخروج إلى معسكرهم في النخيلة، فعجّت الكوفة بالنفار، وخرج الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) تحفّ به البقية الخيرة من صحابة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وفي طليعتهم الصحابي العظيم عمّار بن ياسر.

ولزمت جيوش الإمام (عليه السّلام) في زحفها السريع الفرات حتّى انتهت إلى صفّين، فلم يجدوا شريعة يستقون منها الماء إلاّ وعليها الحرس الكثير وهم يُمانعونهم أشدّ الممانعة من الوصول إليه، فأخبروا الإمام (عليه السّلام)، فدعا صعصعة بن صوحان وأمره بمقابلة معاوية ليسمح لجنوده بورود الماء، وسار إليه صعصعة وعرض عليه مقالة الإمام، فامتنع من إجابته، واعتبر ذلك أوّل الفتح.

وحملت جيوش الإمام حتّى احتلت الفرات وانهزمت جيوش معاوية، وطلب أصحاب الإمام منه أن يمنع الماء عن عسكر معاوية فأبى (عليه السّلام)، وأبى أن يكيل لهم الصاع بالصاع، وقابلهم مقابة المحسن الكريم إلى أعدائه وخصومه.

الحرب

وأوفد الإمام إلى معاوية رسل السّلام رجاءً في الصلح وحقن الدماء، فردّهم بعنف وأعلمهم أنّه مصمّم على الحرب، ورجعت كتائب السلام إلى الإمام، وعرّفته برفض معاوية لدعوته وإصراره على الحرب.

ولم يجد الإمام بدّاً من الحرب، فأصدر تعاليمه لعموم جيشه بعدم قتل المدبر، وعدم الإجهاز على الجريح، وعدم المُثلة بأيّ قتيل منهم، وعدم أخذ أموالهم إلاّ ما وجد في معسكرهم، وغير ذلك من صنوف الشرف والرحمة التي لم يعهد لها نظير في عالم الحروب.

وبدت الحرب بين جيش الإمام (عليه السّلام) وجيش معاوية، فكانت كتائب من عسكر

١٤٩

الإمام تخرج إلى فرق من أهل الشام فيقتتل الفريقان نهاراً كاملاً أو طرفاً منه، ولم يرغب الإمام (عليه السّلام) أن تقع حرب عامة بين الفريقين؛ رجاء أن يجيب معاوية إلى الصلح.

وخرج الزعيم الكبير مالك الأشتر يتأمّل في رايات أهل الشام فإذا هي رايات المشركين التي خرجت لحرب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فراح يقول لأصحابه: أكثر ما معكم رايات كانت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، ومع معاوية رايات كانت مع المشركين على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فما يشكّ في قتال هؤلاء إلاّ ميّت القلب.

وخطب الصحابي العظيم عمّار بن ياسر فجعل يبيّن للمسلمين واقع معاوية، وأنّه جاهلي لا إيمان له، وأنّه معاد لله ورسوله.

وعلى أيّ حال، فلم تقع حرب عامة بين الفريقين، وقد سئم الجيش العراقي هذه الحرب وآثر العافية، كما سئم ذلك جيش أهل الشام.

الحرب العامة

ولمّا رأى الإمام (عليه السّلام) أنّه لا أمل في الإصلاح وجمع الكلمة عبّأ أصحابه وتهيّأ للحرب العامة، وفعل معاوية مثل ذلك، وبدأ الهجوم العام، وبذلك فقد استعرت نار الحرب واشتدّ أوارها، وقد خيّم الذعر والفزع على كلا الجيشين، وقد انكشفت ميمنة الإمام وتضعضع قلب جيشه إلاّ أنصار ربيعة قد ثبتت في الميدان، وأخذت على عاتقها أن تقوم بحماية الإمام ونصرة الحقّ.

وقد استشهد في المعركة بطل الإسلام المجاهد العظيم عمّار بن ياسر، وقد حزن عليه الإمام كأشدّ ما يكون الحزن، وكذلك استشهد غيره من أعلام الإسلام وكان لفقدهم أثر كبير في انهيار الجيش العراقي.

هزيمة معاوية

وبدا الانكسار في جيش ابن هند وكاد أصحابه يبلغون فسطاطه، وهمّ بالفرار إلاّ أنّه

١٥٠

تذكر قول ابن الإطنابة:

أبت لي عفّتي وحياءُ نفسي = وإقدامي على البطلِ المشيحِ

وإعطائي على المكروهِ مالي = وأخذي الحمدَ بالثمنِ الربيحِ

وقولي كلّما جشأت وجاشتْ = مكانك تحمدي أو تستريحي

فردّه هذا الشعر إلى الثبات وعدم الهزيمة كما كان يتحدّث بذلك أيام العافية.

مكيدة رفع المصاحف

ولم تكن مكيدة رفع المصاحف وليدة الساعة، ولم تأت عفواً، وإنّما كانت نتيجة مؤامرة سرّية بين عمرو بن العاص وبعض قادة الجيش العراقي، وعلى رأسهم الخائن العميل الأشعث بن قيس. لقد رفع أهل الشام المصاحف على أطراف الرماح وهم يدعون الجيش العراقي إلى تحكيم كتاب الله، فاندفعت كتائب من عسكر الإمام (عليه السّلام) وهم يهتفون: لقد أعطى معاوية الحقّ؛ دعاك إلى كتاب الله فاقبل منه.

لقد استجاب لهذه الدعوة الكاذبة السذّج، والسائمون من الحرب، والطامعون في الحكم، وعملاء الحكم الاُموي، وجعل الأشعث بن قيس يشتدّ كالكلب رافعاً صوته ليُسمع الجيش: ما أرى الناس إلاّ قد رضوا، وسرّهم أن يجيبوا القوم إلى ما دعوهم إليه من حكم القرآن، فإن شئت أتيت معاوية فسألته ما يريد.

وأخذ الأشعث يلحّ على الإمام (عليه السّلام) وهو يمتنع من إجابته وكثرة إلحاحه، وقد استجابت له فرق من الجيش فلم يجد الإمام بُدّاً من إجابته، فمضى مسرعاً نحو معاوية فقال له: لأي شيء رفعتم هذه المصاحف؟

١٥١

والأشعث يعلم لِمَ رفعوا المصاحف ولاذوا بها، فأجابه معاوية: لنرجع نحن وأنتم إلى أمر الله عزّ وجلّ في كتابه؛ تبعثون منكم رجلاً ترضون به ونبعث منّا رجلاً، ثمّ نأخذ عليهما أن يعملا بما في كتاب الله لا يعدوانه، ثم نتّبع ما اتّفقنا عليه.

وهل ابن هند يؤمن بكتاب الله ويتّبع ما حكم به؟! أوَليس خروجه على السلطة الشرعيّة مجافية لتعاليم القرآن؟!

وعلى أيّ حال، فقد انبرى الخائن الأشعث يصدّق مقالة معاوية قائلاً: هذا هو الحقّ.

وانبرى الإمام (عليه السّلام) فزيّف دعوة التحكيم، وعرّف الجماهير أنّها خدعة ومكيدة، وأنّ معاوية وحزبه لا يؤمنون بالقرآن، وأنّهم على ضلالهم القديم.

وأصرّ جيش الإمام على الاستجابة لدعوة معاوية، وهدّدوه بالقتل إن رفض ما أرادوه؛ فاستجاب (عليه السّلام) مرغماً مكرهاً على ذلك، وقد أشرفت بعض قطعات جيشه بقيادة الزعيم الكبير مالك الأشتر على الفتح، ولم يبقَ بينها وبين القبض على معاوية إلاّ مقدار حلبة شاة، فطلب منه الإمام (عليه السّلام) في تلك الساعة الحرجة أن يسحب الجيش ويوقف القتال، فلم يستجب أوّلاً إلى ذلك، فأمره الإمام (عليه السّلام) ثانياً بالانسحاب؛ لأنّ جيشه قد أحاط به وأعلنوا العصيان وهدّدوه بالقتل، فاستجاب الأشتر وانسحب عن ميدان القتال.

وعلى أيّ حال، فقد أوقف القتال، وكان ذلك فوزاً ساحقاً لمعاوية؛ فقد سلم من الخطر المحدق به، ومُني جيش الإمام بالتمرّد والعصيان، وشاعت في جميع قطعاته التفرقة والخلاف.

انتخاب الأشعري

وأصرّ المتمرّدون على انتخاب الأشعري ليكون ممثلاً للجيش العراقي، فرفض

١٥٢

الإمام ذلك ورشّح عبد الله بن عباس أو مالك الأشتر فلم يستجيبوا له وأرغموه ثانياً على انتخابه فخلّى بينهم وبين رغباتهم، وقد ذابت نفسه أسى وحسرات على ذلك؛ فقد أيقن بانتهاء حكومته وفوز معاوية بالحكم.

وانتخب الشاميون عمرو بن العاص ممثّلاً لهم، وهو أدهى سياسي في ذلك العصر، وبذلك فقد عُقدت هدنة مؤقتة راح فيها معاوية يبني جيشه ويُصلح شؤونه. وأمّا جيش الإمام فقد مُني بالتفكّك والانحلال والتخاذل، وانتشرت في جميع قطعاته الفكرة الهدّامة، وهي فكرة الخوارج كما سنتحدّث عن ذلك.

اجتماع الحكمين

وأوفد معاوية إلى الإمام (عليه السّلام) رسله يستنجزه الوفاء بالتحكيم، وإنّما طلب منه ذلك لعلمه بما اُصيب به جيش الإمام من التخاذل والفتن والانحلال، وأجابه الإمام إلى ذلك؛ فأوفد أربعمئة رجل عليهم شريح بن هانئ الحارثي وهو من أجلّ أصحاب الإمام، كما كان معهم عبد الله بن عباس حبر الاُمّة، ومعهم قاضي التحكيم الخامل الغبي أبو موسى الأشعري، فأرشاه ابن العاص بالولائم، وقابله بمزيد من الحفاوة والتكريم ليجعله طوع إرادته، وقد اتّفق معه على أن يعزل كل صاحبه ويرشّحا عبد الله بن عمر.

وقدّم ابن العاص الأشعري فاعتلى المنبر فخلع عليّاً عن منصبه، وكذلك خلع معاوية ورشّح ابن عمر، وقام بعده ابن العاص فأقرّ صاحبه وخلع عليّاً. ولمّا أعلن ابن العاص خلعه لعليّ وإقامته لمعاوية انطلق صوبه الأشعري فقال له: ما لك عليك لعنة الله؟! ما أنت إلاّ كمثل الكلب تلهث. فصاح ابن العاص: لكنّك مثل الحمار يحمل أسفاراً.

نعم، هما كلب وحمار، وهرب الأشعري إلى مكة يصحب معه الخزي والعار

١٥٣

بعدما أحدث الفتنة والانشقاق بين جيش الإمام (عليه السّلام)، وقد أكثر شعراء ذلك العصر في ذمّه. يقول فيه أيمن بن خزيم الأسدي:

لو كانَ للقومِ رأيٌ يعصمونَ بهِ = من الضلالِ رموكم بابنِ عباسِ

للهِ درّ أبيهِ أيّما رجلٍ = ما مثلهُ لفصالِ الخطبِ في الناسِ

لكن رموكم بشيخٍ من ذوي يمنٍ = لم يدرِ ما ضرب أخماسٍ بأسداسِ

إن يخلُ عمرو به يقذفهُ في لججٍ = يهوي بهِ النجمُ تيساً بين أتياسِ

أبلغ لديكَ علياً غير عاتبه = قولَ امرئ لا يرى بالحقِّ من باسِ

ما الأشعري بمأمونٍ أبا حسنٍ = فاعلم هُديتَ وليس العجزُ كالراسِ

فاصدم بصاحبكَ الأدنى زعيمهمُ = إنّ ابنَ عمِّكَ عباسٌ هو الآسي

لقد امتحن الإمام (عليه السّلام) كأشدّ وأقسى ما يكون الامتحان بهؤلاء الأوغاد الذين وقفوا أمام الإصلاح الاجتماعي، ومكّنوا الظالمين والمنحرفين من الاستبداد باُمور المسلمين.

فتنة الخوارج

وتمرّد الخوارج على الإمام (عليه السّلام) وألزموا بأمر التحكيم، وهم الذين أرغموه على ذلك وهدّدوه بالقتل إن لم يوقف القتال مع معاوية، وأخذوا يعيثون في الأرض فساداً؛ فقد رحلوا عن الكوفة وعسكروا في النهروان، فاجتاز عليهم الصحابي الجليل عبد الله بن خبّاب بن الأرت فأحاطوا به قائلين: مَنْ أنت؟

- رجل مؤمن.

- ما تقول في عليّ بن أبي طالب؟

- إنّه أمير المؤمنين، وأوّل المسلمين إيماناً بالله ورسوله.

- ما اسمك؟

١٥٤

- عبد الله بن خباب بن الأرت صاحب رسول الله.

- أفزعناك؟

- نعم.

- لا روع عليك، حدّثنا عن أبيك بحديث سمعه عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لعلّ الله أن ينفعنا به.

- نعم، حدّثني عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال:«ستكون فتنة بعدي يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه، يُمسي مؤمناً ويُصبح كافراً» .

فهتفوا جميعاً: لهذا الحديث سألناك، والله لنقتلنّك قتلة ما قتلنا بمثلها أحداً. وعمدوا مصرّين على الغيّ والعدوان، فأوثقوه كتافاً وأقبلوا به وبامرأته، وكانت حبلى قد أشرفت على الولادة، فأنزلوهما تحت نخل، فسقطت رطبة منها، فبادر بعضهم إليها فوضعها في فيه، فأقبل إليه بعضهم منكراً عليه قائلاً: بغير حلّ أكلتها! فألقاها بالوقت من فيه.

واخترط بعضهم سيفه فضرب به خنزيراً لأهل الذمّة فقتله، فصاح به بعضهم: إنّ هذا من الفساد في الأرض! فبادر الرجل إلى الذمّي فأرضاه، ولمّا نظر عبد الله بن خباب احتياط هؤلاء في هذه الاُمور سكن روعه، وقال لهم: لئن كنتم صادقين فيما أرى ما عليَّ منكم بأس؛ ووالله ما أحدثت حدثاً في الإسلام، وإنّي لمؤمن، وقد آمنتموني وقلتم لا روع عليك.

فلم يعنَ هؤلاء الأخباث الذين هم صفحة خزي وعار على البشرية، فجاؤوا به وبامرأته فأضجعوه على شفير النهر و ووضعوه على ذلك الخنزير الذي قتلوه، ثمّ ذبحوه، وأقبلوا على امرأته وهي ترتعد من الخوف، فقالت لهم مسترحمة:

١٥٥

إنّما أنا امرأة، أما تتّقون الله؟

فلم يعنوا باسترحامها، وأقبلوا عليها كالكلاب فقتلوها وبقروا بطنها، وانعطفوا على ثلاث نسوة فقتلوهنّ، وفيهنّ اُمّ سنان الصيداوية، وكانت قد صحبت النبي (صلّى الله عليه وآله)، ولم يقف شرّ هؤلاء الأرجاس عند هذا الحدّ، وإنّما أخذوا يذيعون الذعر وينشرون القتل والفساد في الأرض.

واقعة النهروان

وبعدما أعلن الخوارج تمرّدهم على حكومة الإمام (عليه السّلام)، ورفعوا شعارهم (لا حكم إلاّ لله)، ولكنّه لم يعد في جميع تصرفاتهم وشؤونهم ظلاً وواقعاً لهذا الشعار؛ فقد كان شعارهم الحقيقي لا حكم إلاّ للسيف والفساد.

ولمّا أراد الإمام (عليه السّلام) الخروج إلى محاربة معاوية، وعبّأ أصحابه وجنوده لذلك، أشار عليه بعض أصحابه بمناجزة الخوارج؛ فإنّ خطرهم أعظم من خطر معاوية، وإنّهم إذا نزحوا من الكوفة يُحدثون القتل والدمار فيها.

فاستصوب الإمام (عليه السّلام) رأيهم، وتحرّكت قوات الإمام لقتالهم، وقبل أن تندلع نار الحرب وجّه الإمام (عليه السّلام) إليهم الحارث بن مرّة يطلب منهم قتلة عبد الله بن خباب ليقتصّ منهم، فأجابوا جميعاً: إنّا كلّنا قتلناهم، وكلّنا مستحلّ لدمائكم ودمائهم.

وأقبل الإمام (عليه السّلام) بنفسه فوجّه لهم خطاباً رائعاً يدعوهم فيه إلى الطاعة ورفض التمرّد، فلم يفهموا خطاب الإمام ونصيحته، وطلبوا منه أن يشهد على نفسه بالكفر ويتوب إلى الله تعالى على قبوله للتحكيم، فامتنع الإمام من إجابتهم؛ فإنّه لم يقترف أيّ ذنب في أمر التحكيم، وإنّما هم أرغموه على ذلك.

ولمّا يئس الإمام (عليه السّلام) من إرجاعهم إلى الحقّ عبّأ جنوده لحربهم، وفعل الخوارج مثل ذلك، وهتف بعضهم:

١٥٦

هل من رائح إلى الجنّة؟

فأجابوه جميعاً: الرواح إلى الجنّة، وهم يهتفون بشعارهم (لا حكم إلاّ لله). وحملوا حملة منكرة على جيش الإمام، وما هي إلاّ ساعة حتّى قُتلوا عن آخرهم، ولم يفلت منهم إلاّ تسعة، وبذلك فقد انتهت حرب النهروان، وقد أعقبت هي وحرب صفّين تمرّد الجيش العراقي؛ فقد مُني بالتمرّد والانحلال والسئم من الحرب، وأصبح الإمام (عليه السّلام) يدعوهم فلا يستجيبون له، كما فقد الإمام في هذين الحربين أعلام أصحابه وخيارهم الذين يعتمد على إخلاصهم وتفانيهم في الولاء له.

وعلى أيّ حال، فقد رجع الجيش من النهروان إلى الكوفة، وجبن عن ملاقاة معاوية، وأخذ الإمام (عليه السّلام) يدعوهم إلى حربه فامتنعوا من إجابته.

اُفول دولة الحقّ

وأفلت دولة الحقّ التي تبنّت حقوق الإنسان وقضاياه المصيرية، وواكبت العدل الاجتماعي والعدل السياسي، وأقامت صروح الحقّ ومعاقل الشرف والفضيلة لكلّ إنسان.

ولم يعهد الشرق في جميع مراحل تأريخه حكماً نزيهاً وعادلاً كحكم الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذي لم يخضع في جميع فتراته لأيّة عاطفة لا تتّصل بالحقّ؛ فقد تجرّد حكمه عن كلّ نزعة يؤول أمرها إلى التراب.

وقد نقمت عليه كأشدّ ما يكون الانتقام الرأسمالية القرشيّة؛ فقد خافت على مصالحها، وخافت على أموالها التي استولت عليها بغير حقّ، فوضعت الحواجز والسدود أمام مخطّطاته السياسيّة الهادفة إلى الإصلاح الشامل، واتّهمته بالتآمر على قتل عثمان عميد الاُسرة الاُمويّة، واتّخذت من قتله ورقة رابحة لفتح أبواب الحرب عليه، فكانت حرب الجمل وصفين والنهروان.

وقد انهارت حكومة الإمام (عليه السّلام)، وبقي في أرض الكوفة يصعّد زفراته وآهاته، وقد استفحل شرّ معاوية وقوي سلطانه، واتّسع نفوذه،

١٥٧

وزادت قواته العسكريّة وتسلّحت بجميع المعدّات الحربية في ذلك العصر، وأخذ معاوية يشنّ الغارات على معظم الأقاليم الإسلاميّة الخاضعة لحكم الإمام، فكانت جيوشه تقتل وتنهب الأموال؛ وذلك لإسقاط هيبة حكومة الإمام، وأنّها لا تقدر على حماية الأمن العام للمواطنين.

وقد انتهت الغارات إلى الكوفة والإمام (عليه السّلام) يدعو جيشه لحماية البلاد وصدّ العدوان الغادر على الناس فلم يستجيبوا له؛ فقد خلدوا إلى الراحة وسئموا الحرب وشاعت في أوساطهم أوبئة الخوف من معاوية. وأخذ الإمام الممتحن يناجي ربّه ويدعوه أن ينقذه من ذلك المجتمع الذي لم يعِ مبادئه وسياسته الهادفة إلى نشر العدل وإشاعة المساواة بين الناس.

وتوالت المحن الشاقة يتبع بعضها بعضاً على الإمام (عليه السّلام)، وكان من أشقّها عليه الغارات المتّصلة التي تشنّها قوات معاوية على أطراف البلاد الإسلاميّة، وترويعها للنساء والأطفال والعُجّز، والإمام مسؤول عن توفير الأمن لهم وحمايتهم من كلّ أذى أو مكروه، ولكنّه لم يجد سبيلاً لذلك؛ لأنّ جيشه قد تمرّد عليه، وسرت فيه أوبئة الخوف وأفكار الخوارج ممّا جعلته أعصاباً رخوة لا حراك فيها ولا حياة.

وكان من بين الذين اعتنقوا مبادئ الخوارج الأثيم المجرم عبد الرحمن بن ملجم، فنزح مع عصابة من الخواج إلى مكة، وعقدوا فيها مؤتمراً عرضوا فيه ما لاقاه حزبهم من القتل والتنكيل، وما مُني به العالم الإسلامي من الفتن والخطوب، وعزوا ذلك إلى الإمام (عليه السّلام) ومعاوية وابن العاص، فصمّموا على اغتيالهم، فقال ابن ملجم: أنا أكفيكم عليّ بن أبي طالب.

وقال عمرو بن بكير التميمي: أنا أكفيكم عمرو بن العاص. وضمن الحجّاج بن عبد الله الصريمي اغتيال معاوية، واتّفقوا على يوم معيّن وهو يوم الثامن عشر من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة، كما عيّنوا ساعة الاغتيال وهي ساعة خروجهم إلى صلاة الصبح.

وقفل ابن ملجم إلى الكوفة، وهو يحمل معه الشرّ والشقاء لجميع سكّان الأرض، والتقى بقطام وكان هائماً في حبّها، وكانت تعتنق فكرة الخوارج؛ فقد قُتل أبوها وأخوها في واقعة النهروان، وعرض عليها الزواج،

١٥٨

فشرطت عليه مهراً وهو ثلاثة آلاف درهم، وعبد وقينة، وقتل الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، واتّفقا على هذا المهر المشؤوم، وفيه يقول الفرزدق:

ولم أرَ مهراً ساقهُ ذو سماحةٍ = كمهرِ قطامٍ من فصيحٍ وأعجمِ

ثلاثة آلافٍ وعبد وقينة = وضرب عليّ بالحسامِ المسمّمِ

فلا مهرَ أغلى من عليّ وإن غلا = ولا فتكَ إلاّ دونَ فتك ابن ملجمِ(١)

ولمّا أطلّت ليلة الثامن عشر من شهر رمضان المبارك اضطرب الإمام (عليه السّلام)، وجعل يمشي في صحن الدار وهو محزون النفس خائر القوى، وهو ينظر إلى الكواكب ويتأمّل فيها فيزداد قلقه، وهو يقول:«ما كذبتُ ولا كُذّبت، إنّها الليلة التي وُعدت فيها» .

وصادفت تلك الليلة ليلة الجمعة، وقد أحياها بالصلاة وتلاوة كتاب الله، ولمّا عزم على الخروج إلى الجامع ليؤدّي الصلاة صاحت في وجهه وزّ اُهديت إلى الإمام الحسن (عليه السّلام)، فتنبّأ عن وقوع الحادث العظيم قائلاً:«لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، صوائح تتبعها نوائح» (٢) .

وأقبل الإمام (عليه السّلام) على الباب ليفتحه فعسر عليه؛ لأنّها كانت من جذوع النخل لا من الساج، فاقتلعها فانحلّ إزاره، فشدّه وهو يقول:

اشدد حيازمكَ للموتِ = فإنّ الموتَ لاقيكا

ولا تجزع من الموتِ = إذا حلّ بناديكا(٣)

وخرج الإمام (عليه السّلام)، فلمّا انتهى إلى بيت الله جعل على عادته يوقظ الناس لصلاة الصبح، وشرع الإمام في أداء الصلاة، فلمّا استوى من السجدة الأولى هوى عليه

____________________

(١) مستدرك الحاكم ٣ / ١٤٣.

(٢) مروج الذهب ٣ / ٢٩١.

(٣) حياة الإمام الحسن (عليه السّلام) ١ / ٥٥٧.

١٥٩

الوغد الأثيم ابن ملجم بسيفه وهو يهتف بشعار الخوارج: (الحكم لله لا لك).

وضرب الإمام (عليه السّلام) على رأسه فقدّ جبهته الشريفة، وانتهت الضربة القاسية إلى دماغه المقدّس الذي ما فكّر إلاّ في إقامة العدل وتدمير الظلم وإسعاد البؤساء والفقراء.

ولمّا أحسّ الإمام (عليه السّلام) بلذع السيف، رفع صوته قائلاً:«فزت وربّ الكعبة» .

لقد فزت يا إمام المتّقين ويعسوب الدين، فأيّ فوز أعظم من فوزك؟ لقد أقمت الإسلام بسيفك، وجاهدت في سبيل الله كأعظم ما يكون الجهاد، وحطّمت الشرك وأفكار الجاهليّة وتقاليدها، ورفعت كلمة الله مع ابن عمّك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عالية في الأرض.

لقد فزت أيّها الإمام العظيم، فأنت أوّل حاكم في دينا الإسلام طلّقت الدنيا ثلاثاً فلم تغرّك مباهجها، ولم تخدعك السلطة، فلم تبنِ لك بيتاً، ولم تدّخر لعيالك وأبنائك شيئاً من حطام الدنيا.

لقد فزت، فقد كانت نهايتك المشرّفة في أقدس بيت من بيوت الله، وفي أعظم شهر من شهور الله، فبداية حياتك في الكعبة، ونهايتها في هذا الجامع العظيم، ولسانك يلهج بذكر الله.

ولمّا رُفع الإمام (عليه السّلام) صريعاً في محرابه هتف معرّفاً بقاتله قائلاً:«قتلني ابن اليهودية عبد الرحمن بن ملجم فلا يفوتنّكم» .

وهرع الناس من كلّ جانب، قد أذهلهم الخطب وأضناهم المصاب، وبلغ بهم الحزن إلى قرار سحيق، فوجدوا الإمام صريعاً في محرابه، فأخذوا يندبونه بذوب أرواحهم، ولم يستطع الإمام (عليه السّلام) الصلاة بالناس، فصلّى وهو جالس والدم ينزف منه، وأمر ولده الإمام الحسن فصلّى بالناس، وحُمل الإمام إلى منزله، واُلقي القبض على الوغد ابن ملجم فجيء به مخفوراً إلى الإمام (عليه السّلام)، فقال له بصوت خافت:

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

١٠ -( باب أنّ المحرم إذا تعمّد نتف إبطيه لزمه دم شاة، فإن نتف أحدهما لزمه إطعام ثلاثة مساكين)

[١٠٩٦٦] ١ - المقنع: وإذا نتف الرجل إبطه بعد الإحرام، فعليه دم.

١١ -( باب أنّ المحرم إذا تعمّد قصّ الأظفار لزمه لكلّ ظفر مدّ من طعام، أو كفّ من طعام، فإذا بلغ عشرة لزمه دم شاة، وكذا العشرون في مجلس، وإن كان في مجلسين لزمه دمّان)

[١٠٩٦٧] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إن قلّم المحرم ظفراً واحداً فعليه أن يتصدق بكفّ من طعام، وإن قلّم أظفاره كلّها فعليه دم ».

[١٠٩٦٨] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا قلم المحرم أظفاره في كلّ إصبع مدّ من طعام، فإن هو قلّم عشرها(١) فعليه دم شاة، فإن قلّم أظفار يديه ورجليه جميعاً في مجلس واحد فعليه دم(٢) ، وإن كان فعله في مجلسين فعليه دمان.

[١٠٩٦٩] ٣ - وسئل أبو عبد اللهعليه‌السلام : عن المحرم تطول أظفاره، أو ينكسر بعضها فيؤذيه ذلك؟ قال: « لا يقصّ منها شيئاً إن

__________________

الباب ١٠

١ - المقنع ص ٧٥.

الباب ١١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٤.

٢ - المقنع ص ٧٤.

(١) في المصدر: عشرتها.

(٢) في المصدر زيادة: شاة.

٣ - المقنع ص ٧٥.

٣٠١

استطاع، وإن (كان يؤذيه)(١) فليقصّها، وليطعم مكان كلّ ظفر(٢) قبضة من طعام ».

١٢ -( باب أن المحرم إذا حلق رأسه عمداً لزمه شاة، أو إطعام ستّة مساكين)

[١٠٩٧٠] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (١) قال: « إذا حلق المحرم رأسه، جزى بأيّ ذلك شاء هو مخيّر فالصيام ثلاثة أيّام، والصدقة على ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع، والنسك شاة ».

[١٠٩٧١] ٢ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن حريز، عمّن رواه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في قول الله عزّوجلّ( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ ) (١) قالعليه‌السلام : « مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على كعب بن عجرة والقمل تتناثر من رأسه وهو محرم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله له: أيؤذيك هوامك؟

__________________

(١) في المصدر: كانت تؤذيه.

(٢) في المخطوط: ظفره، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ١٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٤.

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٩٠ ح ٢٣١، ٢٣٢.

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

٣٠٢

قال: نعم، فأُنزلت هذه الآية( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (٢) فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يحلق رأسه، وجعل الصيام ثلاثة أيام، والصدقة على ستّة مساكين مدّين لكلّ مسكين، والنسك.

قال: وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : كلّ شئ في القرآن: أو فصاحبه بالخيار يختار ما شاء، وكلّ شئ في القرآن( فإن لم يجد ) فعليه ذلك ».

أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره(٣) : عن حمّاد، عن حريز، مثله.

[١٠٩٧٢] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « عن أبيهعليهما‌السلام ، أنه قال: مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على كعب بن عجرة الأنصاري، وقد أكل القمل رأسه وحاجبه وعينيه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما ظننت أن الأمر يبلغ ما أرى، فأمره فنسك عنه، وحلق رأسه، قال الله:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (١) والصيام ثلاثة أيام، والصدقة على ستّة مساكين (على كلّ مسكين)(٢) مدّين، والنسك عليه شاة لا يطعم منها أحد شيئاً إلّا المساكين ».

[١٠٩٧٣] ٤ - عوالي اللآلي: روي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

__________________

(٢) البقرة ٢: ١٩٦.

(٣) نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٦٢.

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٦ ح ١٧.

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

(٢) ليس في المصدر.

٤ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٨٩ ح ٢٣٩.

٣٠٣

قال لكعب بن عجرة وقد قمل رأسه: « لعلّك آذاك هوامك؟ » قال: نعم يا رسول الله، قال: « احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستّة مساكين، أو أنسك شاة » فكان كعب يقول: فيّ نزلت الآية، وكان قرح رأسه فلمّا رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « كفى به أذى (ومن كان (به)(١) أذى من رأسه ففدية من صيام، أو صدقة، أو نسك)(٢) ».

١٣ -( باب أن المحرم إذا طرح قمّلة أو قتلها، لزمه كفّ من طعام، ولا يسقط بردّها، وإن كانت تؤذيه لم يلزمه شئ)

[١٠٩٧٤] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من قتل عظاية - إلى أن قال - وإن تعمّده أطعم كفّاً من طعام، وكذلك النمل، والذرّ، والبعوض، [ والقراد ](١) والقمّل ».

[١٠٩٧٥] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسينعليهم‌السلام [ عن أبيه ](١) : « أن علياًعليه‌السلام ، سئل عن محرم قتل قملة؟ قال: كلّ شئ يتصدق به فهو خير منها، التمرة خير منها ».

__________________

(١) أثبتناه من الطبعة الحجرية.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

الباب ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام .

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - الجعفريات ص ٧٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣٠٤

١٤ -( باب أنّ المحرم إذا مسّ شعره عبثاً، فسقط منه شئ لزمه كفّ من طعام، وإن مسّه لوضوء أو بغير عمد لم يلزمه شئ)

[١٠٩٧٦] ١ - الصدوق في المقنع: فإذا عبث المحرم بلحيته فسقط منها شعرة أو اثنتان، فعليه أن يتصدق بكفّ أو بكفين من طعام.

[١٠٩٧٧] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إن مسح المحرم رأسه أو لحيته، فسقط من ذلك شعر يسير(١) فلا شئ عليه(٢) فيه ».

١٥ -( باب أنّ من قطع شيئاً من شجر الحرم وجب عليه الصدقة بثمنه، ومن قلع شجرة كبيرة لزمه بقرة)

[١٠٩٧٨] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ويتصدّق من عضد الشجرة(١) ، أو اختلى شيئاً من الحرم فعليه قيمته(٢) ».

__________________

الباب ١٤

١ - المقنع ص ٧٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٤.

(١) في المخطوط: كثير، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) ليس في المصدر.

الباب ١٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

(١) الشجرة: ليست في المصدر.

(٢) في المصدر: بقيمته.

٣٠٥

٣٠٦

أبواب الاحصار والصد

١ -( باب أن المصدود بالعدو تحلّ له النساء بعد التحلل، والمحصور بالمرض لا يحل له النساء حتى يطوف طواف النساء أو يستنيب فيه، وجملة من أحكام الإحصار والصّدّ)

[١٠٩٧٩] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عام الحديبية، ومعه [ من ](١) أصحابه أزيد من ألف رجل (يريد العمرة)(٢) ، فلمّا صار بذي الحليفة أحرم وأحرموا، وقلّد(٣) وقلّدوا الهدي وأشعروه، وذلك قبل فتح مكّة، (وبلغ قريشاً)(٤) فجمعوا له جموعاً، فلمّا كان قريباً من عسفان(٥) أتاه خبرهم، فقال (رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(٦) : إنّا لم نأت عُسْفان لقتال أحد، وإنّما جئنا معتمرين، فإن شاءت قريش هادنتها مدّة، وخلّت بيني وبين الناس فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل

__________________

أبواب الإحصار والصّدّ

الباب ١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢ - ٤) ليس في المصدر.

(٥) عُسْفان: ماء على مرحلتين من مكّة على طريق المدينة « معجم البلدان ٤: ١٢٢ ».

(٦) ليس في المصدر.

٣٠٧

فيه الناس دخلوا، وإن أبوا قاتلتهم حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين، ومشت الرسل بينه وبين قريش، فوادعهم مدّة على أن ينصرف من عامه ويعتمر إن شاء من قابل، وقالت قريش: لن ترى العرب أنه دخل علينا قسراً، فأجابهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذلك، ونحر البدن التي ساقها [ مكانه ](٧) وقصّر، وانصرف وانصرف المسلمون، وهذا حكم من صدّ عن البيت، من بعد أن فرض الحجّ أو العمرة أو فرضهما جمعياً، يقصّر وينصرف، ولا يحلق إن كان معه هدي، لأن الله يقول( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (٨) ».

[١٠٩٨٠] ٢ - وعنهعليه‌السلام : في حديث في مرض الحسينعليه‌السلام في طريق الحج، أنه قيل له: « [ يا ابن رسول الله ](١) : أرأيت حين برأ من وجعه، حلّ(٢) له النساء؟ قال: لا تحل(٣) له النساء حتى يطوف بالبيت والصفا والمروة قيل [ له ](٤) : فما بال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين رجع من الحديبية، حلّ له النساء ولم يطف بالبيت؟ قال: ليسا سواء، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مصدوداً، والحسين محصوراً(٥) ».

__________________

(٧) أثبتناه من المصدر.

(٨) البقرة ٢: ١٩٦.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: أيحل.

(٣) في المخطوط: يحل، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) في المخطوط: محصرا، وما أثبتناه من المصدر.

٣٠٨

[١٠٩٨١] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : في المحصور: « ولا يقرب(١) النساء حتى يحج من قابل، وإن صدّ رجل عن الحجّ وقد أحرم فعليه الحج من قابل، ولا بأس بمواقعة النساء لأن هذا مصدود وليس كالمحصور ».

٢ -( باب أنّ من منعه المرض عن دخول مكّة والمشاعر، وجب عليه بعث هدي أو ثمنه، ومواعدة أصحابه لذبحه، ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله وهو منى للحاج ومكّة للمعتمر، فإذا بلغ أحلّ وقصّر وعليه الحجّ من قابل، والعمرة إذا تمكن، وإن لم ينحروا هديه بعث من قابل وأمسك)

[١٠٩٨٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام ، قال « بينما عليعليه‌السلام في طريق مكّة، إذ أبصر ناقة معقولة فقال: ناقة أبي عبد اللهعليه‌السلام وربّ الكعبة، فعدل فإذا الحسين بن عليعليهما‌السلام ، محرم محموم عليه دثار، فأمر بهعليه‌السلام فحجم وعصّب رأسه، وساق عنه بدنة ».

[١٠٩٨٣] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن رجل أحصر فبعث بالهدي، قال: « يواعد أصحابه ميعاداً

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

(١) في المخطوط: يقربوا، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٢

١ - الجعفريات ص ٦٨.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٥.

٣٠٩

إن كان في الحج فمحل الهدي يوم النحر، وإن كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكّة، والساعة التي يعدهم فيها فيقصّر ويحلّ، وإن مرض في الطريق بعدما أحرم، فأراد الرجوع إلى أهله رجع ونحر بدنة، فإن كان في حجّ فعليه الحجّ من قابل، وإن كان في عمرة فعليه العمرة، فإن الحسين بن عليعليهما‌السلام خرج معتمراً فمرض في الطريق، فبلغ علياًعليه‌السلام وهو في المدينة فخرج في طلبه، فأدركه بالسقيا(١) وهو مريض، فقال: يا بني ما تشتكي؟ فقال: أشتكي رأسي، فدعا [ علي ](٢) عليه‌السلام ببدنة فنحرها، وحلق رأسه وردّه إلى المدينة، فلمّا برأ من وجعه اعتمر ».

[١٠٩٨٤] ٣ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « والرجل إذا أحصر فأرسل بالهدي، تواعد أصحابه ميعاداً، إن كان في الحجّ فمحل الهدي يوم النحر، وإذا كان يوم النحر فليقصّر من رأسه، ولا يجب عليه الحلق حتى يقضي المناسك، وإن كان [ في ](١) عمرة، فلينظر(٢) مقدار دخول أصحابه مكّة [ والساعة التي يعدهم فيها ](٣) فإذا كان تلك الساعة قصّر وأحلّ، وإن كان مريضاً بعدما أحرم فأراد الرجوع إلى أهله، رجع إلى أهله ونحر بدنة، أو أقام مكانه حتى يبرأ إذا كان في عمرة، فإذا برأ فعليه العمرة واجبة، وإن كان عليه الحج أو أقام

__________________

(١) السُّقيا: قرية قريبة من المدينة المنورة (معجم البلدان ج ٣ ص ٢٢٨).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٥، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٠.

(١) أثبتناه من المصدر والبحار.

(٢) في المخطوط: فينظر، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٣١٠

ففاته الحج، فإن عليه الحج من قابل.

قال أبي: إن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، خرج معتمراً - وساق كما في الدعائم إلى قوله - فلمّا برئ من وجعه اعتمر، قال: ولو لم يخرج إلى العمرة عند البرء، لما حلّ له النساء حتى يطوف بالبيت والصفا، قلت: فما بال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث رجع من الحديبية حلّت له النساء؟

قال: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان مصدوداً، وهذا محصوراً، وليسا سواء ».

[١٠٩٨٥] ٤ - وفي موضع آخر: « ومن قرن الحج والعمرة فأصابه حصر، لم يكن عليه أن يبعث هدياً مع هديه، ولا يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه، فإذا بلغ الهدي محلّه أحلّ، وعليه إذا برأ الحج والعمرة ».

٣ -( باب أنّ من أحصر فبعث هديه ثم خفّ مرضه، وجب عليه الالتحاق إن ظنّ إمكانه، فإن أدرك النسك وإلّا وجب عليه التحلّل بعمرة، وقضاء النسك إن كان واجباً، فإن مات فمن ماله، وكذا من صدّ ثم زال عذره)

[١٠٩٨٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أنّ رجلاً حبسه سلطان جائر بمكّة، وهو متمتع بالعمرة إلى الحج، ثم أطلق عنه ليلة النحر، فعليه أن يلحق الناس بجمع، ثم ينصرف إلى منى ويذبح ويحلق ولا

__________________

٤ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٢٨ ح ٣ باختلاف.

الباب ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٢٨ ح ٣.

٣١١

شئ عليه، وإن خلّى يوم النحر بعد الزوال، فهو مصدود عن الحج إن كان دخل مكّة متمتعاً بالعمرة إلى الحج [ فليطف بالبيت إسبوعاً ويسعى إسبوعاً ويحلق رأسه ويذبح شاة وإن كان دخل مكّة مفرداً للحج ](١) فليس عليه ذبح، ولا شئ عليه ».

٤ -( باب جواز تعجيل التحلّل والذبح، للمحصور والمصدود)

[١٠٩٨٧] ١ - بعض نسخ الرضوي: « عن أبيه قال: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حين صدّه المشركون يوم الحديبية، نحر وأكل ورجع [ إلى المدينة ](١) ».

وتقدم عن الدعائم(٢) : في حديث مرض الحسينعليه‌السلام : أنّ علياًعليه‌السلام دعا ببدنة فنحرها، وحلق رأسه، وردّه إلى المدينة.

[١٠٩٨٨] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كان سبب نزول هذه السورة(١) وهذا الفتح العظيم، ان الله عزّوجلّ أمرّ رسول

__________________

(١) أثبتناه من المصدر والبحار.

الباب ٤

١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٥، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦١ ح ٤١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

٢ - تفسير القمي ج ٢ ص ٣٠٩.

(١) في نسخة زيادة: سورة الفتح، (منه قدّه).

٣١٢

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في النوم، أن يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلق مع المحلقين، فأخبر أصحابه وأمرهم بالخروج فخرجوا، فلمّا نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة وساقوا البدن، وساق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ستّاً وستّين بدنة، وأشعرها عند إحرامه، وأحرموا من ذي الحليفة ملبّين بالعمرة، قد ساق من ساق منهم الهدي مشعرّات(٢) مجللات » وساق قصّة الحديبية وصدّهم المشركون وكيفيّة الصلح.

إلى أن قالعليه‌السلام (٣) : « وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انحروا بدنكم واحلقوا رؤوسكم، فامتنعوا وقالوا: كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت، ولم نسع بين الصفا والمروة؟ فاغتمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك، وشكا ذلك إلى أُمّ سلمة، فقالت: يا رسول الله انحر [ أنت ](٤) واحلق، فنحر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحلق، فنحر القوم على خبث يقين وشكّ وارتياب، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعظيماً للبدن: رحم الله المحلّقين.

وقال قوم لم يسوقوا البدن: يا رسول الله، والمقصرين؟ لأنّ من لم يسق هدياً لم يجب عليه الحلق، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثانياً: رحم الله المحلّقين الذين لم يسوقوا الهدي، قالوا: يا رسول الله والمقصرين فقال: رحم الله المقصرين » الخبر.

__________________

(٢) الاشعار: الإعلام، وأشعر البدنة: أعلمها وهو أن يشق جلدها أو يطعنها في أسنمتها في أحد الجانبين (لسان العرب ج ٤ ص ٤١٣).

(٣) تفسير القمي ج ٢ ص ٣١٤.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٣١٣

٥ -( باب أنه يستحب لمن لم يحج أن يبعث هدياً أو ثمنه، ويواعد أصحابه يوماً لاشعاره أو تقليده، ويجتنب من ذلك اليوم ما يجتنبه المحرم ولا يلبي، ثم يحلّ يوم النحر، ويأمرهم أن يقصروا عنه)

[١٠٩٨٩] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن زيد بن أسامة، قال: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل بعث بهدي مع قوم يساق فواعدهم يوماً يقلّدون فيه هديهم ويحرمون فيه؟ قال: « يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم، حتى يبلغ الهدي محلّه » قلت: أرأيت إن اختلفوا في ميعادهم، أو أبطؤوا في السير، عليه جناح أن يحلّ في اليوم الذي واعدهم؟ قال: « لا ».

[١٠٩٩٠] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « والرجل إذا أرسل بهدي تطوّعاً وليس بواجب إنّما يريد أن يتطوّع، يواعد أصحابه ساعة يوم كذا وكذا، يأمرهم أن يقلّدوه في تلك الساعة، فإذا كانت تلك الساعة اجتنب ما يجتنب المحرم حتى يكون يوم النحر، فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه ».

٦ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الإحصار والصدّ)

[١٠٩٩١] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ومن قصد الحج فصدّ به الحج فإن طاف وسعى لحق بأهله، وإن شاء أقام حلالاً

__________________

الباب ٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٨٩ ح ٢٢٨.

٢ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦١.

الباب ٦

١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٥.

٣١٤

وجعلها عمرة، وعليه الحج من قابل، وإن لم يكن طاف ولا سعى حتى خرج إلى منى، فليقم معهم حتى ينفروا، ثم ليطف بالبيت ويسعى، فإنّ أيام التشريق ليس فيها عمرة، وعليه الحج من قابل يحرم من حيث أحرم ».

[١٠٩٩٢] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: إذا عقد الرجل الإحرام بالتمتع بالعمرة إلى الحج وأحرم، ثم أصابه علّة في طريقه قبل أن يبلغ إلى مكّة، ولا يستطيع أن يمضي فإنه يقيم في مكانه الذي أحصر فيه، ويبعث من عنده هدياً إن كان غنياً فبدنة، وإن كان بين ذلك فبقرة، وإن كان فقيراً فشاة لا بدّ منها، ولا يزال مقيماً على إحرامه، وإن كان في رأسه وجع أو قروح حلق شعره وأحلّ، ولبس ثيابه ويفدي، فأمّا أن يصوم ستّة أيام، أو يتصدق على عشرة مساكين، أو نسك وهو الدم يعني شاة.

[١٠٩٩٣] ٣ - عوالي اللآلي: روى جابر، قال أحصرنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحديبية، فنحرنا البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

٢ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٨.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٦ ح ٧٩.

٣١٥

٣١٦

أبواب مقدمات الطواف وما يتبعها

١ -( باب أنه يستحب لمن أراد دخول الحرم أن يغتسل، ويأخذ نعليه بيديه، ويدخله حافياً ماشياً ولو ساعة)

[١٠٩٩٤] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام : أنه كان إذا أراد الدخول إلى(١) الحرم اغتسل.

[١٠٩٩٥] ٢ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « المتمتع بالعمرة إلى الحج، إذا دخل الحرم قطع التلبية، وأخذ في التكبير والتهليل ».

[١٠٩٩٦] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا بلغت [ الحرم ](١) فاغتسل قبل أن تدخل مكّة، وامش هنيهة وعليك السكينة والوقار ».

__________________

أبواب مقدمات الطواف وما يتبعها

الباب ١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

(١) في المخطوط: في، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣١٧

٢ -( باب جواز تقديم الغسل على دخول الحرم، وتأخيره حتى يدخل مكّة)

[١٠٩٩٧] ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن الغسل في الحرم، أقبل دخوله أو بعد ما يدخله؟

قال: « لا يضرّك أي ذلك فعلت، وإن اغتسلت في بيتك حين تنزل مكّة فلا بأس ».

٣ -( باب استحباب دخول مكّة من أعلاها لمن جاء من المدينة، والخروج من أسفلها، وقطع التلبية عند رؤية بيوتها للمتمتع، وتحريم دخولها بغير إحرام، إلّا ما استثني)

[١٠٩٩٨] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ويروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه بات بذي طوى [ ودخل مكّة ](١) نهاراً، وكان يدخل مكّة من الثنيّة العليا أو من الثنيّة السفلى، فيستحب دخولها ».

[١٠٩٩٩] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه كان يدخل مكّة من الثنية العليا، ويخرج من الثنية السفلى.

__________________

الباب ٢

١ - بل كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٥.

الباب ٣

١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١ ح ١٦.

(١) أثبتناه من البحار.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٠ ح ٤٩.

٣١٨

٤ -( باب استحباب الغسل لدخول مكّة من فخّ أو بئر ميمون أو بئر عبد الصمد وغيرها، ودخولها ماشياً حافياً، والإبتداء بدخول المنزل ثم الطواف)

[١١٠٠٠] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « فإذا انتهيت إلى ذي طوى(١) فاغتسل من بئر ميمون(٢) لدخول مكّة، أو بعد ما تدخلها، وكذلك تغتسل المرأة الحائض، لأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أسماء بذلك، ولقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله للحائض: افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت.

وكان ابن عمر يغتسل بذي طوى قبل أن يدخل مكّة، وكذلك كان يعظمه عامة العلماء، وإن لم يغتسل فلا بأس ».

[١١٠٠١] ٢ - الصدوق في المقنع: فإذا بلغت الحرم فاغتسل من بئر ميمون، أو من فخّ، وإن اغتسلت بمكّة فلا بأس.

[١١٠٠٢] ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا دخل الحاج أو(١) المعتمر مكّة بدأ بحياطة(٢) رحله، ثم

__________________

الباب ٤

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي: عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١.

(١) ذو طوى: موضع بمكة (معجم البلدان ج ٤ ص ٤٥).

(٢) بئر ميمون: بئر بأعلى مكّة حفرها ميمون الحضرمي (معجم البلدان ج ١ ص ٣٠٢).

٢ - المقنع ص ٧٩.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

(١) كذا في المصدر وفي المخطوط: و.

(٢) حاطه. حياطة: إذا حفظه وصانه وذب عنه وتوفر على مصالحه (النهاية ج ١ ص ٤٦١).

٣١٩

قصد المسجد الحرام ».

٥ -( باب استحباب دخول المسجد الحرام حافياً بسكينة ووقار وخشوع، والدعاء بالمأثور على باب المسجد، وعند دخوله، واستقبال الكعبة)

[١١٠٠٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا دخلت [ مكّة ](١) ونظرت إلى البيت، فقل: الحمد لله الذي عظّمك وشرفك وكرمك، وجعلك مثابة للناس وأمناً، وهدى للعالمين.

ثم ادخل المسجد حافياً وعليك السكينة والوقار، وإن كنت مع قوم تحفظ عليهم رحالهم، حتى يطوفوا ويسعوا، كنت أعظمهم ثواباً ».

وفي بعض نسخه(٢) : « وقل: بسم الله وبالله، وابدأ برجلك اليمنى قبل اليسرى، وقل: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، وأبواب فضلك، وجوائز مغفرتك، وأعذنا من الشيطان الرجيم، واستعملني بطاعتك ورضاك، وإذا نظرت إلى البيت فقل: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام، اللهم [ إن ](٣) هذا بيتك الذي شرّفت وعظّمت وكرّمت، اللهم زد له تشريفاً وتعظيماً، وتكريماً وبرّاً ومهابة ».

[١١٠٠٤] ٢ - الصدوق في المقنع: وقل وأنت على باب المسجد: السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، بسم الله وبالله، ومن الله، وما

__________________

باب ٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

(١، ٣) أثبتناه من المصدر.

(٢) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١.

٢ - المقنع ص ٨٠.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343