السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام11%

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 343

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام
  • البداية
  • السابق
  • 343 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192452 / تحميل: 8579
الحجم الحجم الحجم
السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

التي تدور فيها » ١ .

و روي عنه عليه السلام هذا المعنى بلفظ آخر هكذا : « و إنّه و الله ليعلم أنّي أولى بها منّي بقميصي » ٢ .

قال دعبل :

حللت محلاّ يقصر الطرف دونه

و يعجز عنه الطيف أن يتجشّما

و لقد أجاد الناشى‏ء فقال فيه عليه السّلام :

و صارمه كبيعته بخم

مقاصدها من الخلق الرقاب

و لقد أجاد وفائي التستري فيه عليه السلام بالفارسية :

جز بتو آراستن سرير خلافت

نسبت افسر بمستحق فسار است

و روى الكنجي الشافعي في ( مناقبه ) عن سعيد بن المسيب قال : قلت لسعد أبن أبي وقاص : إنّي أريد أن أسألك عن شي‏ء و إنّي أتّقيك . قال : سل عمّا بذالك . فإنّما أنا ابن عمّك . قلت : مقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فيكم يوم الغدير . قال : نعم قام فينا بالظهيرة فأخذ بيد علي بن أبي طالب . فقال : « من كنت مولاه فعلي مولاه . اللهمّ وال من والاه و عاد من عاداه و انصر من نصره » فقال أبو بكر و عمر : أمسيت يا ابن أبي طالب مولى كلّ مؤمن و مؤمنة ٣ .

و روى الجزري في ( اسده ) في وهب بن حمزة مسندا عنه قال : صحبت عليا عليه السّلام من المدينة إلى مكّة . فرأيت منه بعض ما أكره . فقلت : لئن رجعت إلى النبيّ صلّى اللّه عليه و آله لأشكونك إليه . فلمّا قدمت لقيت النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فقلت : رأيت من عليّ

ــــــــــــــــ

( ١ ) جمهرة اللغة ١ : ٣٠٨ ، مادة ( بطق )

( ٢ ) رواه المفيد في اماليه : ١٥٣ ح ٥ ، المجلس ١٩ ، و لفظه : « قد علم و الله انى اولى الناس بهم مني بقميصي » و رواه غيره أيضا .

( ٣ ) كفاية الطالب : ١٦ .

٢١

كذا و كذا . فقال النبيّ صلّى اللّه عليه و آله : لا تقل هذا فهو أولى الناس بعدي ١ .

و في ( مروج المسعودي ) : لمّا صرف عليّ عليه السّلام قيس بن سعد بن عبادة عن مصر وجّه مكانه محمّد بن أبي بكر . فلمّا وصل إليها كتب إلى معاوية « من محمّد بن أبي بكر إلى الغاوي معاوية بن صخر إلى أن قال فكان أوّل من أجاب نبيّه صلّى اللّه عليه و آله و أناب ، و آمن و صدّق ، و أسلم و سلّم أخوه و ابن عمّه عليّ بن أبي طالب صدّقه بالغيب المكتوم ، و آثره على كلّ حميم ، و وقاه بنفسه كلّ هول ، و حارب حربه و سالم سلمه ، فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الليل و النهار ، و الخوف و الجزع حتّى برز سابقا لا نظير له في من اتّبعه ، و لا مقارب له في فعله ، و قد رأيتك تساميه ، و أنت أنت ، و هو هو أصدق الناس نيّة ، و أفضل الناس ذرّية ، و خير الناس زوجة ، و أفضل الناس ابن عم ، و أخوه الشاري بنفسه يوم موته ، و عمّه سيد الشهداء يوم احد ، و أبوه الذابّ عن رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و عن حوزته ، و أنت اللعين أبن اللعين ، لم تزل أنت و أبوك تبغيان لرسول الله صلّى اللّه عليه و آله الغوائل ، و تجهدان في إطفاء نور الله . تجمعان على ذلك الجموع ، و تبذلان فيه المال ، و تؤلّبان عليه القبائل . على ذلك مات أبوك و عليه خلفته ، و الشهيد عليك من تدني ، و يلجأ إليك من بقيّة الأحزاب ، و رؤساء النفاق ،

و الشاهد لعلي مع فضله المبين القديم أنصاره الّذين معه الّذين ذكرهم الله و أثنى عليهم من المهاجرين و الأنصار ، و هم كتائب ، و عصائب يرون الحق في اتباعه ، و الشقاء في خلافه . فكيف يا ويلك تعدل نفسك بعليّ عليه السّلام ، و هو وارث رسول الله صلّى اللّه عليه و آله و وصيّه ، و أبو ولده أوّل الناس له اتّباعا ، و أقربهم به عهدا يخبره بسره ، و يطلعه على أمره ، و أنت عدّوه و ابن عدّوه . فتمتّع في دنياك بباطلك ، و ليمددك ابن العاص في غوايتك إلى أن قال

ــــــــــــــــ

( ١ ) اسد الغابة ٥ : ٩٤ .

٢٢

فكتب إليه معاوية : « من معاوية بن صخر إلى الزاري على أبيه محمّد بن أبي بكر . أمّا بعد ، فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في عظمته و قدرته . و ما اصطفى به رسوله ، مع كلام كثير لك فيه تضعيف ، و لأبيك فيه تعنيف ، ذكرت فيه فضل ابن أبي طالب ، و قديم سوابقه ، و قرابته إلى الرسول ، و مواساته إيّاه في كلّ هول و خوف فكان احتجاجك عليّ و عيبك بفضل غيرك لا بفضلك .

فاحمد ربّا صرف هذا الفضل عنك ، و جعله لغيرك . فقد كنّا و أبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب و حقّه ، لازما لنا مبروما علينا ، فلمّا اختار الله لنبيّه ما عنده ،

و أتمّ له ما وعده ، و أظهر دعوته و أفلج حجّته ، و قبضه إليه ، كان أبوك و فاروقه أوّل من ابتزه حقّه ، و خالفه على أمره . على ذلك اتفقا و اتّسقا . ثم إنّهما دعواه إلى بيعتهما فأبطا عنهما ، و تلكّأ عليهما ، فهمّا به الهموم ، و أرادا به العظيم ثمّ انّه بايع لهما ، و سلّم لهما ، و أقاما لا يشركانه في أمرهما ، و لا يطلعانه على سرّهما حتّى قبضهما إليه . ثم قام ثالثهما عثمان فهدى بهديهما ، و سار بسيرهما . فعبته أنت ، و صاحبك . حتّى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي ،

فطلبتما له الغوائل ، و أظهرتما عداوتكما حتى بلغتما فيه مناكما . فخذ حذرك يا ابن أبي بكر ، و قس شبرك بفترك . تقصر أن توازي أو تساوي من يزن الجبال بحلمه ، لايلين لمن قسر قناته ، و لا يدرك ذو مقال أناته ، مهّد أبوك مهاده و بنى ملكه و شاده ، فإن يك ما نحن فيه صوابا ، فأبوك أسسّه و نحن شركاؤه ،

و لو لا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ، و لسلّمنا إليه ، و لكنّا رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا . فأخذنا بمثله . فعب أباك بما بدالك أو دع ذلك ١ .

و رواه نصر بن مزاحم في ( صفّينه ) ، و فيه : « فإن يكن ما نحن فيه صوابا ، فأبوك أوّله ، و إن يك جورا ، فأبوك اسّسه ، و نحن شركاؤه ، و بهديه

ــــــــــــــــ

( ١ ) مروج الذهب ٣ : ١١ ، و النقل بتصرف يسير .

٢٣

أخذنا ، و بفعله اقتدينا و لو لا ما سبقنا إليه أبوك ، ما خالفنا ابن أبي طالب و أسلمنا له ، و لكنّا رأينا أباك فعل ذلك . فاحتذينا بمثاله ، و اقتدينا بفعاله . فعب أباك ما بدا لك أو دع » ١ .

و من العجب أن الطبري قال : لم أجز نقل هذا الكتاب لعدم احتمال العامّة له ٢ . فيقال له : لا يحتمله إلاّ من انسلخ عن الإنسانية ، و جوّز التناقض و التضاد ،

و إنكار المتواترات ، و عدم بطلان الملزوم مع بطلان اللازم في دين الاسلام ،

و لازم صحّة خلافة أبي بكر و عمر و عثمان كون معاوية على الحق و هو هو و عليّ عليه السلام على الباطل و هو هو . أفّ لهم و لما يعبدون من دون اللّه .

و نقل ( طرائف ابن طاووس ) عن ( أنساب البلاذري ) : انّ الحسين عليه السلام لما قتل كتب عبد الله بن عمر إلى يزيد بن معاوية : أما بعد فقد عظمت الرزيّة ،

و جلّت المصيبة ، و حدث في الإسلام حدث عظيم ، و لا يوم كيوم الحسين .

فكتب إليه يزيد : يا أحمق فانّا جئنا إلى بيوت متخذة ، و فرش ممهّدة ، و وسائد منضّدة . فقاتلنا عليها ، فان يكن الحقّ لنا فعن حقّنا قاتلنا ، و ان يكن الحق لغيرنا فأبوك أوّل من سنّ هذا و آثر و استأثر بالحق على أهله ٣ .

و لازم صحّة خلافة أبي بكر كون قتل يزيد السكّير القمّير للحسين سيّد شباب أهل الجنّة بالتواتر عن النبيّ صلى الله عليه و آله و ابن الرسول صلى الله عليه و آله بقوله جلّ و علا و أبناءنا و أبناءكم ٤ و من أهل بيت العصمة بنصّ القرآن انّما يريد

ــــــــــــــــ

( ١ ) وقعة صفين : ١٢٠ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٣ : ٥٥٧ ، سنة ٣٦ .

( ٣ ) رواه ابن طاووس في الطرائف ١ : ٢٤٨ ح ٣٤٨ ، لكن لم يوجد في ترجمة الامام الحسين عليه السلام و لا يزيد بن معاوية من انساب الاشراف .

( ٤ ) آل عمران : ٦١ .

٢٤

اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ١ حقّا ، و كفاهم بذلك خزيا .

و في ( الطبري ) : لما كتب عبيد اللّه بن زياد مع مالك بن النسير البديّ الكندي إلى الحرّ « جعجع بالحسين حين يبلغك كتابي » نظر إليه أبو الشعثاء الكندي من أصحاب الحسين عليه السلام و قال له : ثكلتك أمّك ماذا جئت فيه ؟ قال :

أطعت إمامي و وفيت بيعتي . قال له أبو الشعثاء : كسبت العار و النار ، قال الله عزّ و جلّ : و جعلناهم أئمّة يدعون إلى النار و يوم القيامة لا ينصرون ٢ .

و في ( الطبري ) : أن الشيعة الّذين كانوا أصحاب جعفر بن محمّد قالوا لزيد بن عليّ لمّا أراد الخروج : ما قولك في أبي بكر و عمر ؟ قال : إنّ أشدّ ما أقول إنّا كنّا أحقّ بسلطان رسول الله صلى الله عليه و آله من الناس أجمعين ، و إنّ القوم استأثروا علينا ، و دفعونا عنه ، و لم يبلغ ذلك عندنا بهم كفرا قالوا : فلم يظلمك هؤلاء إذا كان اولئك لم يظلموك فلم تدعو إلى قتال قوم ليسوا لك بظالمين ؟ ٣ و قولهم عين الحق . فإنّ المؤسس لبني اميّة هم الثلاثة أليس الثاني أحدث شورى لاختيار الثالث ؟ أليست خلافة الثالث عين سلطنة بني اميّة ؟

ثم الظاهر انّ زيدا اتّقى باقي أصحابه ، فروى عنه أيضا انّه سأله رجل عن الرجلين ، فلم يجبه . فلمّا وقع السهم في جبينه دعا الرجل ، و قال : لم يرمني بهذا السهم إلاّ الرجلان ٤ .

و روى محمّد بن الحسن الصفار في ( بصائره ) عن الباقر عليه السلام في قوله جلّ و علا : انّا عرضنا الأمانة على السموات و الأرض و الجبال فأبين أن

ــــــــــــــــ

( ١ ) الاحزاب : ٣٣ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ٣٠٨ ، سنة ٦١ ، و النقل بتلخيص . و الآية ٤١ من سورة القصص .

( ٣ ) تاريخ الطبري ١٥ : ٤٩٨ ، سنة ١٢٢ ، و النقل بتلخيص .

( ٤ ) روى هذا المعنى الهمداني في الالفاظ الكتابية : ١٤٣ .

٢٥

يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان انّه كان ظلوما جهولا ١ : الأمانة :

الولاية حملها أبو فلان ، و أبت السماوات و الأرض و الجبال حملها ٢ .

و قال الزبير بن بكار : روى محمد بن اسحق انّ أبا بكر لمّا بويع افتخرت تيم بن مرّة ، و كان عامّة المهاجرين ، و جلّ الأنصار لا يشكّون أن عليّا عليه السّلام هو صاحب الأمر بعد الرسول صلّى اللّه عليه و آله . فقال الفضل بن العباس : يا معشر قريش ،

و خصوصا يا بنى تيم إنّكم إنّما أخذتم الخلافة بالنبوّة ، و نحن أهلها دونكم إلى أن قال و انّا لنعلم انّ عند صاحبنا عهدا هو ينتهي إليه ٣ .

و روى الواقدي في ( شوراه ) كما نقله ابن أبي الحديد عند قوله عليه السّلام :

« و من كلام له عليه السّلام و قد وقع بينه و بين عثمان مشاجرة » عن ابن عباس قال :

شهدت عتاب عثمان لعليّ عليه السّلام إلى أن قال قال عثمان لعلي عليه السّلام : فإن كنت تزعم انّ هذا الأمر جعله رسول الله صلّى اللّه عليه و آله لك ، فقد رأيناك حين توفي نازعت ثم أقررت إلى أن قال فقال له عليّ عليه السّلام : و امّا عتيق و ابن الخطاب . فإن كانا أخذا ما جعله رسول الله صلّى اللّه عليه و آله لي . فأنت أعلم بذلك و المسلمون ٤ .

و روى الزبير بن بكار في ( موفقياته ) و ( الطبري في تاريخه ) في سيرة عمر ، عن عبد الله بن عمر قال : كنت عند أبي يوما ، و عنده نفر من الناس . فجرى ذكر الشعر فقال : من أشعر العرب ؟ فقالوا : فلان و فلان . فطلع ابن عباس . فقال عمر : جاء الخبير . من أشعر الناس يا عبد الله ؟ قال : زهير ابن أبي سلمى . قال :

فأنشدني مما تستجيده له . فقال : انّه مدح قوما من غطفان يقال لهم بنوسنان .

فقال فيهم :

ــــــــــــــــ

( ١ ) الاحزاب : ٧٢ .

( ٢ ) بصائر الدرجات : ٩٦ ح ٣ ، و النقل بالمعنى .

( ٣ ) رواه عنه ابن أبي الحديد في شرحه ٢ : ٨ ، شرح الخطبة ٦٥ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ٢ : ٣٧٧ ، شرح الخطبة ١٣٣ .

٢٦

لو كان يقعد فوق الشمس من كرم

قوم بأوّلهم أو مجدهم قعدوا

قوم سنان ابوهم حين تنسبهم

طابوا و طاب من الأولاد ما ولدوا

انس اذا آمنوا جنّ اذا فزعو

مرزؤن بها ليل إذا جهدوا

محسّدون على ما كان من نعم

لا ينزع اللّه عنهم ماله حسدوا

فقال عمر : قاتله اللّه لقد أحسن ، و لا أرى هذا المدح يصلح إلاّ لهذا البيت من هاشم لقرابتهم من رسول اللّه . فقال له ابن عباس : و فّقك اللّه . فلم تزل موفّقا .

قال : يا ابن عباس أتدري ما منع الناس منكم ؟ قال : لا . قال : لكنّي أدري . قال :

ما هو ؟ قال : كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوّة و الخلافة فتجحفوا الناس جحفا ، فنظرت قريش لأنفسها فاختارت ، و وفّقت فأصابت . فقال ابن عباس :

أتميط عنيّ غضبك فأقول ؟ قال : قل ما تشاء . قال : أمّا قولك إن قريشا كرهت فإن الله تعالى قال لقوم ذلك بأنّهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ١ ،

و اما قولك إنّا كنّا نجحف بالخلافة فلو جحفنا بالقرابة ، و لكنّا قوم أخلاقنا مشتقّة من خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الّذي قال تعالى له : و انّك لعلى خلق عظيم ٢ و قال تعالى له صلّى اللّه عليه و آله : و اخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين ٣ و اما قولك : انّ قريشا اختارت فإن الله تعالى يقول : و ربّك يخلق ما يشاء و يختار ما كان لهم الخيرة ٤ ، و قد علمت انّ اللّه تعالى اختار من خلقه لذلك من اختار . فلو نظرت قريش لنفسها من حيث نظر الله لها لوفّقت و أصابت . فقال عمر : « على رسلك يا ابن عباس . أبت قلوبكم يا بنى هاشم إلاّ غشّا في أمر قريش لا يزول و حقدا عليها لا يحول » .

ــــــــــــــــ

( ١ ) محمد : ٩ .

( ٢ ) القلم : ٤ .

( ٣ ) الشعراء : ٢١٥ .

( ٤ ) القصص : ٦٨ .

٢٧

فقال ابن عباس : « مهلا ، لا تنسب قلوب بني هاشم إلى الغشّ . فإنّ قلوبهم من قلب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الّذي طهّره اللّه ، و زكّاه ، و هم أهل البيت الّذين قال تعالى فيهم إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيرا ١ و أما قولك : حقدا ، فكيف لا يحقد من غصب شيئه ، و يراه في يد غيره . فقال عمر : « أما أنت يا ابن عباس فقد بلغني عنك كلام أكره أن أخبرك به فتزول منزلتك عندي » قال : و ما هو ؟ اخبرني . فإن يك باطلا فمثلي يميط الباطل عن نفسه ، و إن يك حقّا فإنّ منزلتي عندك لا تزول به . قال عمر : بلغني أنّك لا تزال تقول اخذ هذا الأمر منّا حسدا و ظلما . قال : أمّا قولك حسدا فقد حسد إبليس آدم فأخرجه من الجنّة . فنحن بنو آدم المحسود ، و امّا قولك ظلما فأنت تعلم صاحب الحقّ من هو . ثم قال : ألم تحتجّ العرب على العجم بحقّ رسول اللّه ، و احتجّت قريش على سائر العرب بحقّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ؟ فنحن أحقّ برسول اللّه من سائر قريش . فقال عمر : قم الآن فارجع إلى منزلك . فقام ، فلمّا ولى هتف به عمر أيّها المنصرف إنّي على ما كان منك لراع حقّك . فالتفت ابن عباس فقال : انّ لي عليك ، و على كلّ المسلمين حقّا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فمن حفظه فحقّ نفسه حفظ ، و من أضاعه فحقّ نفسه أضاع . ثم مضى . فقال عمر لجلسائه : و اها لابن عباس ما رأيته لاحى أحدا قط إلاّ خصمه ٢ .

و أقول : لله در ابن عباس أدّى حقّ الكلام ، و هل ما قاله لعمر إلاّ عين ما تقوله الإمامية للسنّة من أنّ قريشا ، و في رأسهم صدّيقهم و فاروقهم ، كرهوا ما أنزل اللّه تعالى من استخلاف أمير المؤمنين عليه السّلام فأحبط اللّه أعمالهم ، و أنّهم

ــــــــــــــــ

( ١ ) الاحزاب : ٣٣ .

( ٢ ) رواه الزبير بن بكار في الموفقيات ، و عنه شرح ابن أبي الحديد ٣ : ١٠٦ ، شرح الخطبة ٢٢٦ ، و الطبري في تاريخه ٣ : ٢٨٨ ، سنة ٢٣ ، و النقل بتصرف يسير .

٢٨

علموا من اختاره اللّه تعالى فتركوه عمدا ، و أنه ما كان لهم اختيار الإمام بل لله تعالى كاختيار النبيّ ، و أن أمير المؤمنين ، و أهل بيته عليه السّلام هم الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس ، و طهّرهم تطهيرا ، و أن أخلاقهم كأخلاق النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و قلوبهم كقلبه و أنهم حسدوهم ، و ظلموهم .

و أقول لعمر ، زيادة على ما قال ابن عباس : لم لا تقول : « أصابت قريش و وفّقت في اختيارها » و لو لم يكن فعلها لما كنت أنت و صاحبك تؤمّران على العالم .

و يا للّه من عرّ عمر . تارة ينسب إلى بني هاشم و مغزى كلامه و مرماه أمير المؤمنين عليه السّلام الغشّ ، و قد أخذه عنه معاوية ، و اخرى العجب و الجحف ،

و قد أخذ ذلك عنه ابن الزبير ، فكان لا يصلّى على النبيّ صلّى اللّه عليه و آله في صلاته و خطبته و يقول : لئلا يشمخ أهله بآنافهم . و ثالثة الحرص و أخذه عنه ابن عوف يوم الشورى ، و رابعة الدعابة أخذه ابن النابغة . فكان يزعم ذلك لأهل الشام .

و روى الجوهري في ( سقيفته ) عن ابن عباس قال : تفرّق الناس ليلة الجابية عن عمر . فسار كلّ واحد مع إلفه . ثم صادفت عمر تلك الليلة في مسيرنا فحادثته فشكا إليّ تخلّف عليّ عليه السلام عنه إلى أن قال قال عمر : يا ابن عباس أوّل من ريّثكم عن هذا الأمر أبو بكر أنّ قومكم كرهوا أن يجمعوا لكم الخلافة و النبوّة ، قلت : لم ذاك ألم تنلهم خيرا ؟ قال : بلى ، و لكنّهم لو فعلوا لكنتم عليهم جحفا ١ .

قلت : سبحان اللّه إعتقد عمر أنّ خلافة الإسلام بيد جمع أنكروا نبوّة نبي الإسلام حتّى قهرهم بالسيف ، فأسرّوا كفرهم به و أظهروه بعد وفاته .

و روى الزبير بن بكار في ( موفقياته ) عن ابن عباس قال : إني لأماشي

ــــــــــــــــ

( ١ ) السقيفة : ٥٢ ، و النقل بتلخيص .

٢٩

عمر بن الخطاب في سكّة من سكك المدينة إذ قال لي : يا ابن عباس ما أرى صاحبك إلاّ مظلوما . فقلت في نفسي : و اللّه لا يسبقني بها . فقلت : فاردد إليه ظلامته . فانتزع يده من يدي ، و مضى يهمهم ساعة . ثم وقف فلحقته . فقال : يا ابن عباس ما أظنّ منعهم عنه إلاّ انّه استصغره قومه . فقلت في نفسي : هذه شرّ من الاولى . فقلت : و اللّه ما استصغره اللّه و رسوله حين أمراه أن يأخذ براءة من صاحبك . فأعرض عنّي و أسرع . فرجعت عنه ١ .

و في ( فهرست ابن النديم ) : قال هشام بن الحكم : ما رأيت مثل مخالفينا عمدوا إلى من ولاّه اللّه من سمائه فعزلوه ، و إلى من عزله من سمائه فولّوه ٢ .

و روى الزبير بن بكار أيضا في ( الموفّقيات ) : عن ابن عباس قال : كنت عند عمر . فتنفّس نفسا ظننت أنّ أضلاعه قد انفرجت . فقلت له : ما أخرج هذا النفس منك إلاّ هم شديد . فقال أي : و الله يا ابن عباس إنّي افتكرت فلم أدر في من أجعل هذا الأمر من بعدي . ثم قال : لعلّك ترى صاحبك لها أهلا قلت : و ما يمنعه من ذلك مع جهاده و سابقته و قرابته و علمه ، قال : صدقت و لكنّه امرؤ فيه دعابة إلى أن قال قال عمر : من ان وليها يحملهم على كتاب ربّهم و سنّة نبيّهم لصاحبك أما ان ولي أمرهم حملهم على المحجّة البيضاء و الصراط المستقيم ٣ .

قلت : سبحان اللّه مع اعترافه بأنّ أمير المؤمنين عليه السلام لو ولي الأمر يحملهم على كتاب ربّهم و سنّة نبيّهم ، و على المحجّة البيضاء و الصراط المستقيم كيف دبّر الأمر لعثمان الّذي كان يعرف أنّه لو ولي يردّهم إلى

ــــــــــــــــ

( ١ ) رواه عنه ابن أبي الحديد في شرحه ٣ : ١٠٥ ، شرح الخطبة ٢٢٦ .

( ٢ ) تكملة الفهرس : ٢٢٤ .

( ٣ ) رواه ابن أبي الحديد في شرحه ٣ : ١٠٦ ، شرح الخطبة ٢٢٦ ، لكن لا عن الزبير بن بكار بل روى حديثا آخر قبل هذا عن موفقيات الزبير بن بكار و النقل بتصرف يسير .

٣٠

الجاهلية الاولى ؟ و كيف لا و ساعة جلوسه في الخلافة جاهر أبو سفيان في محضره : يا بني اميّة تداولوها تداول الكرة فلا جنّة و لا نار .

و أمّا رميه له عليه السلام بالدعابة ، فإنّما كان لأنّه عليه السلام لم يكن مثله عبوسا بصفة الجبّارين ، بل كان بشره في وجهه الّذي هو صفة المؤمنين .

و روى ابو عمر في ( استيعابه ) عن ابن عمر . قال : قال عمر لأهل الشورى : لله درّهم إن ولّوها الأصيلع كيف يحملهم على الحقّ ، و لو كان السيف على عنقه . فقلت : أتعلم ذلك منه و لا تولّيه . قال : إن لم أستخلف فأتركهم ، فقد تركهم من هو خير منّي ١ .

قلت : يالله للجواب ، و لحمق أتباعه ، لكن لا غرو . قال تعالى في فرعون :

فاستخفّ قومه فأطاعوه ٢ ، و لو كان الأمر كما ذكروا من عدم لزوم تعيين النبي لخليفته و تكون بيعة الناس تجعل انسانا إماما يكون من خالفه خارجيا مباح الدم يلزم أن يصير ولي اللّه عدّوا لله ، و بالعكس لو بايع الناس مخالف الأول مع كون عملهما مع اللّه تعالى بعد ذلك عملهما معه جلّ و علا قبل بلا تغيير و لا تبديل ، و لا زيادة و لا نقصان .

و لمّا حارب المهلب مع الخوارج بسولاف من قبل مصعب بن الزبير ثمانية أشهر ثم قتل مصعب بلغ ذلك الخوارج ، و لم يبلغ المهلّب و أصحابه فناداهم الخوارج ألا تخبروننا ما قولكم في مصعب ؟ قالوا : إمام هدى . قالوا :

فهو وليّكم في الدنيا و الآخرة . قالوا : نعم . قالوا : فما قولكم في عبد الملك بن مروان ؟ قالوا : ذلك اللعين ابن اللعين نحن إلى اللّه منه براء ، و هو عندنا أحلّ دما منكم . قالوا : فأنتم منه براء في الدنيا و الآخرة ، قالوا : نعم . كبراءتنا منكم . قالوا :

ــــــــــــــــ

( ١ ) الاستيعاب ٣ : ٦٤ .

( ٢ ) الزخرف : ٥٤ .

٣١

و أنتم له أعداء أحياء و أمواتا . قالوا : نعم . نحن له أعداء كعداوتنا لكم . قالوا : فإنّ إمامكم مصعبا قد قتله عبد الملك ، و نراكم ستجعلون غدا عبد الملك إمامكم و أنتم لا تتبرّؤون منه و تلعنون أباه . قالوا : كذبتم يا أعداء اللّه . فلّما كان من الغد تبيّن لهم قتل مصعب . فبايع المهلّب الناس لعبد الملك . فأتتهم الخوارج فقالوا :

ما تقولون في مصعب ؟ قالوا : يا أعداء اللّه لا نخبركم ما قولنا فيه ، و كرهوا أن يكذّبوا أنفسهم عندهم قالوا : فقد أخبرتمونا أمس أنّه وليّكم في الدنيا و الآخرة ، و أنّكم أولياؤه أحياء و أمواتا ، فأخبرونا ما قولكم في عبد الملك ؟

قالوا : ذاك إمامنا و خليفتنا و لم يجدوا إذ بايعوه بدّا من أن يقولوا هذا القول .

فقالت لهم الأزارقة : يا أعداء اللّه أنتم أمس تتبرؤون منه في الدنيا و الآخرة ،

و تزعمون أنّكم له أعداء أحياء و أمواتا . و هو اليوم إمامكم و خليفتكم ، و قد قتل إمامكم الّذي كنتم تتولّونه ، فأيهما المحق و أيهما المبطل ؟ و أيّهما المهتدي ،

و أيّهما الضالّ ؟ قالوا لهم : يا أعداء اللّه رضينا بذلك إذ كان وليّ أمورنا ،

و نرضى بهذا كما رضينا بذالك . قالوا لهم : لا و الله ، و لكنّكم إخوان الشياطين ،

و أولياء الظالمين ، و عبيد الدنيا .

و أقول للخوارج : إنّ ذلك يلزم عليكم بعد إقراركم بإمامة صديقكم و فاروقكم ، و خروجكم عن الإلتزام بلازمه لكونه واضح البطلان التزام بالتضاد و التناقض ، و خلاف المعقول . فمن أقرّ بملزوم لابد أن يقرّ بلازمه .

و أقول لفاروقهم قولك : « إن لم أستخلفهم فأتركهم فقد تركهم من هو خير منّي » مضحك للثكى . فكيف تركهم فقد أراد كتابة وصيّة و تعيين وصيّه كتابة حتّى لا يمكنك إنكاره ، و كنت تعرف ذلك كما أقررت به في اعتذارك عن منعه . فقلت : ان الرجل ليهجر حسبنا كتاب الله ، مع عدم معرفتك بشي‏ء منه حتّى سخط و أخرجك من عنده .

٣٢

ثم كيف تركتهم ، و قد استخلفت بني امية الشجرة الملعونة في القرآن ١ .

و في ( إيضاح الفضل بن شاذان ) : روى يزيد بن هارون ، عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي قال : قال ابن عباس : لقي رجل من أهل الشام أبي بالجابية فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فقال : لست للمؤمنين بأمير و هو ذاك و أشار إلى عمر و كان بالقرب و انا و اللّه أحقّ بها منه ، فسمعها عمر . فقال له : أحقّ بها منّي و منك رجل خلّفناه في المدينة يعني عليّا عليه السّلام ٢ .

قلت : نقلنا قصصا عن عمر في قوله عليه السّلام : « و إنّه ليعلم أنّ محلي منها محلّ القطب من الرحى » مع كون المراد به أبا بكر لأنّهما كانا كنفس واحدة ،

و لأنّه إنّما كان هو الناصب لأبي بكر كما اعترف به النظام ، نصبه ليردّ الأمر إليه كما صرّح به أمير المؤمنين عليه السلام مع انّه كان أيّام خلافة أبي بكر شريكه في الخلافة أيضا كما لا يخفى عند من كان له إلمام بالتاريخ .

ثم إنّه كما علم أبو بكر أوّل من تقمّص بها بكونه عليه السلام أولى بها من كلّ أحد كذلك كلّ من تصدّى لها إلى الآخر إلاّ أنّهم تبعوا الأول و تظاهروا به لكونه أسّس لهم رياسة و دنيا عظيمة . فخطب داود بن علي لمّا بويع السفّاح ، و قال :

« لم يصعد هذا المنبر بعد النبيّ صلّى اللّه عليه و آله حقّا إلاّ عليّ بن أبي طالب و السفّاح » .

و روى الطبري في أحوال المهدي : أنّ أبا عون عبد الملك بن يزيد مرض فعاده المهدي و سأله حاجته . فقال : حاجتي أن ترضى عن عبد الله بن أبي عون و تدعو به . فقد طالت موجدتك عليه . فقال : يا أبا عون إنّه على غير الطريق و على خلاف رأينا و رأيك ، إنّه يقع في الشيخين أبي بكر و عمر و يسيى‏ء القول

ــــــــــــــــ

( ١ ) بالنظر الى قوله تعالى في الاسراء : ٦٠ .

( ٢ ) الايضاح : ٩٠ ، و النقل بتصرف يسير .

٣٣
شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي WWW.ALHASSANAIN.COM كتاب بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة المجلد الخامس الشيخ محمد تقي التّستري شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

فيهما . فقال أبو عون : هو و اللّه على الأمر الّذي خرجنا عليه ، و دعونا إليه . فإن كان قد بدا لكم فمروا بما أحببتم حتى نطيعكم ١ .

و في ( الأغاني ) عن أبي سليمان الناجي قال : جلس المهدي يوما يعطي قريشا صلات أمر لهم بها و هو ولي عهد . فبدا ببني هاشم ثم بسائر قريش .

فجاء السيّد الحميري ، و دفع إلى الربيع رقعة مختومة و إذا فيها :

قل لابن عباس سميّ محمّد

لا تعطينّ بني عديّ درهما

و احرم بني تيم بن مرّة إنّهم

شرّ البرية آخرا و مقدما

إن تعطهم لا يشكروا لك نعمة

و يكافئوك بأن تذمّ و تشتما

و لئن منعتهم لقد بدؤوكم

بالمنع إذ ملكوا فكانوا أظلما

منعوا تراث محمّد أعمامه

و بنيه و ابنيه عديلة مريما

و تأمّروا من غير أن يستخلفوا

و كفى بما فعلوا هنالك مأثما

لم يشكروا لمحمّد إنعامه

أفيشكرون لغيره ان أنعما

و اللّه منّ عليهم بمحمّد

و كسا الجنوب و أطعما

ثم انبروا لوصيّه و وليّه

بالمنكرات فجرّعوه العلقما

فرمى بها إلى عبيد اللّه الوزير ثم أمر بقطع العطاء فانصرف الناس و أدخل السيّد عليه . فلمّا رآه ضحك ، و قال : قد قبلنا نصيحتك يا إسماعيل . . .

و يأتي كلام الناصر العباسي ٢ .

و أمّا قول أبي بكر في إظهاره الشكّ في احتضاره . فقد قال كما في ( خلفاء ابن قتيبة ) : « ليتني سألته ( أي النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ) لمن هذا الأمر من بعده فلا ينازعه فيه أحد » ٣ فيقال له في قوله « ليتني سألته لمن هذا الأمر من بعده » ليت

ــــــــــــــــ

( ١ ) تاريخ الطبري ٦ : ٤٠٠ ، سنة ١٦٩ ، و النقل بتلخيص .

( ٢ ) الأغاني ٧ : ٢٤٣ ، و النقل بتلخيص .

( ٣ ) رواه ابن قتيبة في الإمامة و السياسة ١ : ١٩ ، و الطبري في تاريخه ٢ : ٦٢٠ ، سنة ١٣ ، و غيرهما .

٣٤

صاحبك خلاّه يقول ذلك ، لكن الرزية كلّ الرزية كما قال ابن عباس و كان كلّما ذكر ذلك قال ذلك و يبكي بكاء الثكلى منع صاحبك له عن ذلك مع أنّه يكفي في خزي اتباعه شكّ متبوعهم في أمر نفسه .

و روى محمّد بن يعقوب الكليني عن الأصبغ قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام : ما بال أقوام غيّروا سنّة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله ، و عدلوا عن وصيّه لا يتخوّفون أن ينزل بهم العذاب ؟ ثم تلا هذه الآية : ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة اللّه كفرا و أحلّوا قومهم دار البوار جهنّم ١ ثم قال : نحن النعمة الّتي أنعم اللّه بها على عباده ، و بنا يفوز من فاز يوم القيامة ٢ .

هذا . و في ( روضة المناظر ) : اتّفق الملك العادل أبو بكر أخو السلطان صلاح الدين ، و الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين على أخذ دمشق من الملك الأفضل علي بن صلاح الدين ، و حاصراه . فدخل أبو بكر من باب توما ،

و عثمان من باب العرج ، فسار علي إلى صرخد ، و كتب إلى الخليفة الناصر العباسي يشكو من عمّه و أخيه :

مولاي إنّ أبا بكر و صاحبه

عثمان قد أخذا بالجور حقّ علي

فانظر إلى حظّ هذا الأسم كيف لقي

من الأواخر ما لقى من الاوّل

فأجابه الخليفة الناصر العباسي :

غصبوا عليّا حقّه إذ لم يكن

بعد النبّي له بيثرب ناصر

فاصبر فإنّ غدا عليه حسابهم

و ابشر فناصرك الإمام الناصر ٣

« ينحدر » أي : ينهبط .

ــــــــــــــــ

( ١ ) إبراهيم : ٢٨ و ٢٩ .

( ٢ ) الكافي ١ : ٢١٧ ح ١ .

( ٣ ) روضة المناظر ٢ : ١٠٦ ، و النقل بتصرف في اللفظ .

٣٥

« عنّي السيل » من سال الماء .

« و لا يرقى » أي : لا يصعد .

« إلى الطير » شبّه عليه السّلام علوه المعنوي بجبل عال لا يقدر الطير من كثرة علوه أن يصعد إليه ، و قال الشاعر

« عال يقصّر دونه اليعقوب »

و اليعقوب ذكر الحجل ، و قال الأعشى :

في مجدل شيّد بنيانه

يزلّ عنه ظفر الطائر

و قال امرؤ القيس :

نيافا تزلّ الطير عن قذفاته

هذا ، و قال كعب الأشقري في فتح يزيد بن المهلّب قلعة نيزك بباد غيس و كانت في غاية الإرتفاع ، و كان نيزك يعظّمها حتّى إذا رآها سجد لها :

نفى نيزكا عن باد غيس و نيزك

بمنزلة أعيى الملوك أغتصابها

محلّقة دون السماء كأنّها

غمامة صيف زلّ عنها سحابها

و لا يبلغ الأروى شماريخها العلى

و لا الطير إلاّ نسرها و عقابها

و ما خوّفت بالذئب ولدان أهلها

و لا نبحت إلاّ النجوم كلابها

نقل الصدوق في ( معاني أخباره ) عن أبي أحمد العسكري قال : معنى قوله عليه السّلام « ينحدر عنّي السيل و لا يرقى إليّ الطير » أنّ الخلافة ممتنعة على غيري ، و لا يتمكّن منها ، و لا تصلح له ١ .

قلت : ما قاله إنّما هو معنى قوله عليه السلام قبل ذلك : « انّ محلي منها محلّ القطب من الرحى » و امّا هذا الكلام فمعناه علوّ مقامه بحيث لا يمكن لأحد أن يناله .

و علو مقامه هو أحد أسباب إعراض الناس عنه عليه السّلام ، قال أبو زيد

ــــــــــــــــ

( ١ ) معانى الاخبار : ٣٦٢ ، و علل الشرائع ١ : ١٥٢ .

٣٦

النحوي : قلت للخليل العروضي : لم هجر الناس عليّا عليه السّلام و قرباه ، من النبيّ صلّى اللّه عليه و آله قرباه ، و موضعه من الإسلام موضعه ؟ فقال : « و اللّه بهر نوره أنوارهم ، و غلبهم على صفو كلّ منهل ، و الناس إلى أشكالهم أميل . أما سمعت قول الأوّل :

و كلّ شكل لشكله ألف

أما ترى الفيل يألف الفيلا ؟ ١

و قال يونس النحوي أيضا قلت للخليل : ما بال أصحاب النبيّ صلّى اللّه عليه و آله كأنّهم بنو أمّ واحدة ، و علي كأنّه ابن علّة ؟ قال : تقدّمهم إسلاما ، و بذّهم شرفا و فاقهم علما ، و رجحهم حلما و كثرهم هدى فحسدوه ، و الناس إلى أمثالهم و أشكالهم أميل ٢ .

و في ( عيون المفيد ) : اتفق الناس على النقل عن أمير المؤمنين عليه السّلام رجزه في صفّين :

أنا علي صاحب الصمصامة

و صاحب الحوض لدى القيامة

أخو نبي اللّه ذي العلامة

قد قال إذ عمّمني العمامة

أنت أخي و معدن الكرامة

و من له من بعدي الإمامة ٣

و كيف لا يكون مقامه عليه السلام بذالك الشموخ ، و كتاب اللّه تعالى في تنزيله جعله نفس النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و النبي صلّى اللّه عليه و آله جعل في المتواتر عنه يوم احد لمّا قال جبرئيل عليه السلام له صلّى اللّه عليه و آله تعجبا من حمايته عليه السّلام عنه صلّى اللّه عليه و آله نفسه منه عليه السّلام فقال صلّى اللّه عليه و آله لجبرئيل : « كيف لا يواسيني علي ، و هو منّي و أنا منه » كما جعل جبرئيل نفسه منه عليه السّلام كما جعلها منه صلّى اللّه عليه و آله فقال للنبي صلّى اللّه عليه و آله بعد

ــــــــــــــــ

( ١ ) رواه الصدوق في علل الشرائع ١ : ١٤٥ ح ١ ، و النقل بتصرف يسير .

( ٢ ) رواه السروي في مناقبه ٣ : ٢١٣ ، و السائل هنا ايضا ابو زيد .

( ٣ ) رواه عنه الشريف المرتضى في الفصول المختاره ٢ : ٢٣٤ .

٣٧

كلامه ذاك « و أنا منكما » ١ .

« فسدلت » أي : أرخيت .

« دونها » أي : دون الخلافة .

« ثوابا » و الكلام كناية عن إعراضه عنها ، كمن يضرب الحجاب بينه و بين من يعرض عنه .

و في ( إيضاح الفضل ) : قال المأمون لفقهاء العامة : قال عليّ عليه السّلام : قبض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله ، و أنا أولى بمجلسه مني بقميصي ، و لكنّي أشفقت أن يرجع الناس كفّارا ٢ .

« و طويت عنها كشحا » قال ابن أبي الحديد : أي : حرمتها قالوا : لأنّ من كان إلى جانبك الأيمن مثلا فطويت كشحك الأيسر فقد ملت عنه و الكشح ما بين الخاصرة و الجنب . و عندي انّهم أرادوا غير ذلك ، و هو أنّ من أجاع نفسه . فقد طوى كشحه كما أنّ من أكل و شبع فقد ملأ كشحه ، فكانّه أراد انّي اجعت نفسي عنها و لم ألتهمها ٣ .

قلت : إنّما يجي‏ء « طوى بطنه » بمعنى الجوع كما في الخبر « و اترك أهل الصفّة تطوى بطونهم » ٤ و أما « طوى كشحه » فلا يجي‏ء إلاّ بمعنى الإعراض إذا عدي بعن كما في كلامه عليه السّلام ، أو بتقديرها كما في قول الشاعر :

أخ قد طوى كشحا

و أبّ ليذهبا

و قال آخر :

و صاحب لي طوى كشحا فقلت له

إنّ انطواءك هذا عنك يطويني

ــــــــــــــــ

( ١ ) رواه جمع كثير منهم ابن هشام في السيرة ٣ : ٤٣ ، و الكليني في الكافي ٨ : ١١٠ ح ٩٠ ، غيرهما .

( ٢ ) لم يوجد في الايضاح ، بل رواه الصدوق في عيون الاخبار ٢ : ١٨٦ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١ : ٥٠ .

( ٤ ) النهاية ٣ : ١٤٦ ، مادة ( طوي ) .

٣٨

و أمّا إذا عدّي بعلى فبمعنى الإخفاء كما قال زهير في حصين بن ضمضم في حرب داحس و الغبراء .

و كان طوى كشحا على مستكنّة

فلا هو أبداها و لم يتجمجم

و في ( اللسان ) : أراد « بالمستكنّة » عداوة أكنّها في ضميره ١ .

و بالجملة قوله عليه السّلام : « و طويت عنها كشحا » كقوله عليه السّلام : « و سدلت دونها ثوبا » ، كناية عن إعراضه عليه السلام عن الخلافة و تصدّي الأمر ، و ابن أبي الحديد خلط بين طيّ البطن و طيّ الكشح .

ثم طيّ الكشح لا يختصّ بمن كان على أيمنك فطويت أيسرك عنه كما قال ابن أبي الحديد بل يجي‏ء للعكس أيضا بل قوله : فطويت أيسرك عنه غير صحيح . فمن كان على أيمنك تطوى أيمنك أولا عنه إذا أعرضت عنه ، و بطيّ الأيمن يحصل طي الأيسر .

ثم انّه عليه السّلام أعرض عن الخلافة ، و سدل دونها ثوبا ، و طوى عنها كشحا لأنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و آله أخبره بكيفيّة معاملة الناس معه عليه السّلام بعده فقال له « انّ الامّة ستغدر بك بعدي » ٢ .

و روي انّ الأشعث بن قيس قاله له : ما منعك يا ابن أبي طالب حين بويع أخو بني تيم ، و أخو بني عدي ، و أخو بني أميّة أن تقاتل و تضرب بسيفك ، و أنت لم تخطبنا خطبة مذ كنت قدمت العراق إلاّ قلت فيها قبل أن تنزل عن المنبر « و الله إنّي لأولى الناس ، و ما زلت مظلوما مذ قبض رسول الله » فما يمنعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك ؟

قال : يا ابن قيس إسمع الجواب . لم يمنعني من ذلك الجبن ، و لا كراهة

ــــــــــــــــ

( ١ ) لسان العرب ١٥ : ١٩ ، مادة ( طوي )

( ٢ ) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ : ١٤٠ و ١٤٢ ، و الثقفي ، و عنه تلخيص الشافي ٣ : ٥٠ ٥١ ، و جمع آخر غيرهما .

٣٩

للقاء ربيّ ، و لكن منعني من ذلك أمر النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و عهده إليّ . أخبرني بما الامّة صانعة بعده . فلم أك بما صنعوا حين عاينته بأعلم به ، و لا أشدّ استيقانا منّي به قبل ذلك . فقلت : يا رسول الله ، فما تعهد إليّ إذا كان ذلك ؟ قال : إن وجدت أعوانا فانبذ إليهم و جاهدهم ، و إن لم تجد أعوانا . فكفّ يدك ، و احقن دمك حتى تجد على إقامة الدين و كتاب الله و سنّتي أعوانا ، و أخبرني أنّ الامة ستخذلني و تبايع غيري ، و أخبرني أنّي منه بمنزلة هارون من موسى ، و أنّ الامّة سيصيرون بعده بمنزلة هارون ، و من تبعه ، و العجل و من تبعه إذ قال له موسى : يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلّوا ألاّ تتّبعن أفعصيت أمري قال يا ابن ام لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي إنّي خشيت أن تقول فرّقت بين بني إسرائيل و لم ترقب قولي ١ الخبر ٢ .

و لم يحضر عليه السّلام السقيفة كما حضروا لأمرين :

أحدهما : انّه كان مشتغلا بدفن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله فكانوا يقولون له عليه السّلام بعد سماع احتجاجه عليهم : « لو سمعت الأنصار كلامك قبل بيعتها لأبي بكر ما اختلفت عليك » فكان عليه السّلام يقول : « أ فكنت أدع رسول الله صلّى اللّه عليه و آله في بيته لم أدفنه ،

و أخرج أنازع الناس بسلطانه » ٣ .

و الثاني : أنّ الإمام بمنزلة الكعبة يجب على الناس أن يأتوها لا أن تأتيهم هي .

« و طفقت » طفق : من أفعال الشروع قال تعالى : و طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنّة ٤ .

ــــــــــــــــ

( ١ ) طه : ٩٢ .

( ٢ ) رواه سليم بن قيس في كتابه : ١٢٦ و ١٢٧ .

( ٣ ) رواه الجوهري في السقيفة : ١ ، و ابن قتيبة في الامامة و السياسة ١ : ١٢ ، و النقل بالمعنى .

( ٤ ) الاعراف : ٢٢ .

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

أيّها القوم، إنّ الله تعالى - وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في الإسلام عظيمة؛ قُتل أبو عبد الله (عليه السّلام) وعترته، وسُبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية.

أيّها الناس، فأيّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله، أم أيّ فؤاد لا يحزن من أجله، أم أيّة عين منكم تحبس دمعها وتضنّ عن انهمالها؛ فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار بأمواجها، والسماوات بأركانها، والأرض بأرجائها، والأشجار بأغصانها، والحيتان في لجج البحار، والملائكة المقرّبون، وأهل السموات أجمعون؟!

أيّها الناس، أيّ قلب لا ينصدع لقتله، أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه، أم أيّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثُلمت في الإسلام ولا يصم؟!

أيّها الناس، أصبحنا مطرودين مشرّدين، مذودين شاسعين عن الأمصار، كأنّنا أولاد ترك أو كابل، من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين، إن هذا إلاّ اختلاق.

والله، لو أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأوجعها، وأفجعها وأكظّها، وأفظعها وأفدحها،

٣٢١

فعند الله نحتسب فيما أصابنا وأبلغ بنا إنّه عزيز ذو انتقام» .

وعرض الإمام (عليه السّلام) في خطابه إلى المحن السود التي عانتها الاُسرة النبويّة، وما جرى عليها من القتل وسبي النساء، وغير ذلك ممّا تتصدّع من هوله الجبال.

وانبرى إلى الإمام (عليه السّلام) صعصعة فألقى إليه معاذيره في عدم نصرته للحسين (عليه السّلام)، فقبل الإمام عذره، وترحّم على أبيه. ثمّ زحف الإمام (عليه السّلام) مع عمّاته وأخواته وقد أحاطت به الجماهير، وعلت أصواتهم بالبكاء والعويل، فقصدوا الجامع النبوي، ولمّا انتهوا إليه أخذت العقيلة بعضادتي باب الجامع، وأخذت تخاطب جدّها الرسول وتعزيه بمصاب ريحانته قائلة: يا جدّاه، إنّي ناعية إليك أخي الحسين(١) .

وأقامت العلويات المأتم على سيد الشهداء (عليه السّلام)، ولبسنَ السواد، وأخذن يندبنه بأقسى وأشجى ما تكون الندبة.

مكافأة الحرس

وقام الحرس بخدمات ورعاية إلى السيدات، فالتفتت السيدة فاطمة بنت الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فقالت للعقيلة زينب (عليها السّلام): لقد أحسن هذا الرجل إلينا فهل لك أن نصله بشيء؟

فأجابتها العقيلة (عليها السّلام): والله ما معنا شيء نصله به إلاّ حليّنا.

- نعم، هو ما تقولين.

____________________

(١) مقتل الحسين (عليه السّلام) - المقرّم / ٤٧٢.

٣٢٢

وأخرجن سوارين ودملجين وبعثتا بهما إليه، واعتذرتا له، وتأثّر الرجل من هذا الكرم الغامر وهو يعلم ما هنَّ فيه من الضيق والشدّة، فقال لهما باحترام: لو كان الذي صنعت للدنيا لكان في هذا ما يرضيني، ولكن والله ما فعلته إلاّ لله، ولقرابتكم من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)(١) .

حزن العقيلة (عليها السّلام)

وخلدت عقيلة آل أبي طالب إلى البكاء على انقراض أهلها(٢) ، وكانت لا تجفّ لها عبرة ولا تفتر عن البكاء، وكانت كلّما نظرت إلى ابن أخيها الإمام زين العابدين (عليه السّلام) يزداد وجيبها وحزنها، وقد نخب الحزن قلبها الرقيق المعذّب حتّى صارت كأنّها صورة جثمان فارقته الحياة.

____________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٣٦٦، تاريخ ابن الأثير ٣ / ٣٠٠.

(٢) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٤٢٨.

٣٢٣

٣٢٤

إلى جنّة المأوى

وخلدت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) في يثرب إلى البكاء والنحيب، وأخذت تراودها صباحاً ومساءً تلك الذكريات المروعة التي جرت على أخيها في صعيد كربلاء، وما عاناه من الكوارث القاصمة التي تذوب من هولها الجبال، فكانت دموعها تجري في كلّ لحظة على أخيها واُسرتها الذين حصدت رؤوسهم سيوف البغي، ومثّلت بأجسامهم العصابات المجرمة.

لقد أخذت تلوح أمامها تلك المناظر الحزينة التي تعصف بالصبر حتّى ضاقت بها الأرض، ولم تلبث أن ترفع صوتها عالياً مشفوعاً بالألم والبكاء قائلة: وا حسيناه! وا أخاه! وا عبّاساه! وا أهل بيتاه! وا مصيبتاه!

ثمّ تهوي إلى الأرض مغمىً عليها وقد صارت شبحاً، وذوت كما ذوت اُمّها زهراء الرسول من قبل، وكان أحبّ شيء لها مفارقة الدنيا والالتحاق بجدّها الرسول (صلّى الله عليه وآله)؛ لتشكو إليه ما عانته من الرزايا والأسر والسبي، وما جرى على أخيها

٣٢٥

من القتل والتمثيل.

ونتحدّث بإيجاز عن وفاتها، وما قيل في زمانها، والمكان الذي حظي بمرقدها.

إلى جنّة المأوى(*)

ولم تمكث العقيلة (عليها السّلام) بعد كارثة كربلاء إلاّ زمناً قليلاً حتّى تناهبت الأمراض جسمها، وصارت شبحاً لا تقوى حتّى على الكلام، ولازمت الفراش وهي تعاني آلام المرض، وما هو أشقّ منه وهو ما جرى عليها من الرزايا، وكانت ماثلة أمامها حتّى الساعات الأخيرة من حياتها.

وقد وافتها المنية ولسانها يلهج بذكر الله وتلاوة كتابه، وقد صعدت روحها الطاهرة إلى السماء كأسمى روح صعدت إلى الله، تحفّها ملائكة الرحمن وتستقبلها أنبياء الله، وهي ترفع إلى الله شكواها وما لاقته من المحن والخطوب التي لم تجرِ على أيّ إنسان منذ خلق الله الأرض.

الزمان

انتقلت العقيلة (عليه السّلام) إلى جوار الله تعالى على أرجح الأقوال يوم الأحد لخمسة عشر مضين من شهر رجب سنة (٦٢هـ)(١) ، وقد آن لقلبها الذي مزّقته الكوارث أن يسكن، ولجسمها المعذّب أن يستريح.

الأقوال في مرقدها

واختلف المؤرّخون في البقعة التي حظيت بجثمانها المعظم، وهذه بعض الأقوال:

____________________

(*) هكذا ورد العنوان هنا مكرراً مع ما في الصفحة التي سبقته، وهي طريقة لا نكاد نجد لها نظيراً في جميع الكتب التي تمّ تصحيحها وتقويمها من قِبل موقعنا.(موقع معهد الإمامين الحسنين)

(١) السيدة زينب وأخبار الزينبيات - العبيدلي / ٩.

٣٢٦

١ - في البقيع

وذهب بعض المؤرّخين إلى أنّها توفّيت في يثرب ودفنت في بقيع الغرقد.

ويواجه هذا القول إنّها لو دفنت هناك لكان لها مرقد خاص كما هو الحال في غيرها من السادة المعظّمين من أبناء الاُسرة النبويّة. ومن المحتمل أنّها أوصت أن تُدفن في غلس الليل البهيم، ويُعفى موضع قبرها؛ تأسّياً باُمّها زهراء الرسول (صلّى الله عليه وآله).

٢ - في الشام

وأفاد فريق من المؤرّخين أنّها توفّيت في إحدى قرى الشام، ويعزو بعضهم سبب سفرها إلى الشام أنّه حدثت في يثرب مجاعة عظيمة فهرب منها عبد الله بن جعفر مصاحباً معه زوجته العقيلة وسائر عائلته، ولمّا انتهت العقيلة إلى ذلك المكان توفّيت فيه.

وحدوث المجاعة فيما نعتقد لا أساس له من الصحة؛ لأنّ المؤرّخين والرواة لم يذكروا أنّه حدثت مجاعة في يثرب في ذلك الوقت، مضافاً إلى أنّ عبد الله بن جعفر كان من الأثرياء المعدودين في المدينة، فهل ضاق نطاقه عن إعاشة عائلته حتّى يذهب إلى الشام؟ كما إنّه كان من أندى الناس كفّاً، ومن أكثرهم إسعافاً وعطاءً إلى الفقراء والبؤساء، فكيف يتركهم ينهشهم الجوع وينهزم إلى الشام التي هي مقرّ السلطة الاُمويّة التي نكبته بسيّد أُسرته وابن عمّه الإمام الحسين (عليه السّلام)، وبولديه وغيرهما من أبناء الاُسرة النبويّة؟!

وعلى أيّ حال، فإنّ المشهور في الأوساط الإسلاميّة أنّ قبر العقيلة في الشام حيث هو قائم الآن، وقد اُحيط بهالة من التقديس والتعظيم، وتؤمّه الملايين من الزائرين متبرّكين ومتوسّلين به إلى الله تعالى، شأنه شأن مرقد أخيها أبي الأحرار (عليه السّلام) الذي صار أعزّ مرقد في الأرض.

والذي نذهب إليه هو أنّ قبرها الشريف في الشام، وإليه ذهب الكثيرون من المحقّقين.

٣٢٧

٣ - في مصر

وذهب جمهرة من المؤرّخين إلى أنّ قبر الصدّيقة الطاهرة زينب (عليها السّلام) في مصر، وهذا هو المشهور عند كافّة المصريين.

ولا بدّ لنا من وقفة قصيرة للحديث عن سبب هجرتها لمصر، وما يتعلّق بمرقدها المعظّم.

سبب هجرتها لمصر

وذكر المؤرّخون أنّ العقيلة (عليها السّلام) أخذت تلهب العواطف، وتستنهض المسلمين للأخذ بثأر أخيها والانتفاض على السلطة الاُمويّة، والتي كان من نتائجها أنّ المدينة أخذت تغلي كالمرجل، وأعلنت العصيان المسلح على حكم الطاغية يزيد، فأرسل إليها جيشاً مكثّفاً بقيادة الإرهابي المجرم مسلم بن عقبة فأنزل بالمدنيّين أقصى العقوبات، وأكثرها صرامة وقسوة، وأرغمهم على أنّهم خول وعبيد ليزيد، ومَنْ أبى منهم نفّذ فيه حكم الإعدام.

وعلى أيّ حال، فإنّ عمر بن سعيد الأشدق والي يثرب خشي من العقيلة (عليها السّلام)، وكتب إلى يزيد خطرها عليه، فأمره بإخراجها من المدينة إلى أيّ بلد شاءت، فامنتعت وقالت: قتل - أي يزيد - خيارنا، وساقنا كما تُساق الأنعام، وحملنا على الأقتاب، فوالله لا أخرج وإن اُهرقت دماؤنا.

وانبرت إليها السيدة زينب بنت عقيل، فكلّمتها بلطف قائلة: يا بنت عمّاه، قد صدقنا الله وعده، وأورثنا الأرض نتبوّء منها حيث نشاء، فطيبي نفساً، وقرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً؟ ارحلي إلى بلد آمن.

واجتمعنَ السيدات من نساء بني هاشم وتلطّفنَ معها في الكلام فأجابت، واختارت الهجرة إلى مصر، وصحبنها في السفر السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين (عليها السّلام)

٣٢٨

واُختها سكينة (عليها السّلام).

وانتهت إلى مصر لأيام بقيت من ذي الحجّة، وقد استقبلها والي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري فأنزلها في داره بالحمراء، فأقامت فيه أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، وانتقلت إلى جوار الله عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة (٦٢هـ)، ودُفنت في دار مسلمة حيث مرقدها الآن في مصر.

هكذا ذكر العبيدلي(١) وغيره(٢) .

زيارة المرقد

ويؤمّ المصريون وغيرهم من المسلمين المرقد المعظّم خصوصاً في يوم الأحد المصادف لليوم الذي توفّيت فيه العقيلة (عليها السّلام)؛ فإنّهم يزدحمون على زيارته بما فيهم من العلماء والفقهاء، وقد زارها في هذا اليوم كافور الأخشيدي، وأحمد بن طولون، والظافر بنصر الله الفاطمي، وكان يأتي حاسر الرأس مترجّلاً، ويتصدّق عند القبر الشريف على الفقراء، واقتدى به ملوك مصر واُمراؤها.

وإذا حلّ شهر رجب، وهو الشهر الذي توفّيت فيه العقيلة (عليها السّلام)، زحفت الجماهير إلى المرقد المعظّم، ويقيم الكثيرون فيه إلى النصف من رجب، وهم يتلون كتاب الله والأدعية الشريفة، وقد ذكر ذلك العبيدلي(٣) .

عمارة المرقد

واُجريت على المرقد المعظّم في مصر عدّة عمارات وإصلاحات من قبل بعض

____________________

(١) السيدة زينب وأخبار الزينبيات / ٢١.

(٢) إسعاف الراغبين / ١٩٦، لواقح الأنوار - الشمراني / ٢٣، الإتحاف بحبّ الأشراف / ٩٣، مشارق الأنوار / ١٠٠.

(٣) السيدة زينب وأخبار الزينبيات / ٦٠ - ٦١.

٣٢٩

المحسنين من ملوك ووزراء وغيرهم، كان منهم ما يلي:

١ - أمير مصر ونقيب الأشراف الزينبيّين، الشريف فخر الدين ثعلب الجعفري الزينبي؛ فقد أشاد عمارة مهمّة على المرقد الشريف.

٢ - الأمير علي باشا الوزير، والي مصر من قبل السلطان سليمان خان؛ فقد شيّد المرقد وأضاف إليه مسجداً يتّصل به وذلك في سنة (٩٥٦هـ).

٣ - الأمير عبد الرحمن كتخدا؛ فقد عمّر المرقد وأنشأ به ساقية وحوضاً وذلك في سنة (١١٧٤هـ).

٤ - وفي سنة (١٢١٢هـ) ظهر صدع في بعض حوائط المسجد، فندبت حكومة عثمان المرادي لتجديده وإنشائه، فابتدأ العمل إلاّ أنّه توقّف لدخول الفرنسيّين لمصر، وأكمله بعد ذلك الوزير يوسف باشا وذلك في سنة (١٣٢٦هـ).

وأرّخ ذلك بأبيات خطّت على لوح من الرخام وهي:

نورُ بنت النبي زينب يعلو = مسجداً فيه قبرها والمزارُ

قد بناه الوزير صدر المعالي = يوسف و هو للعلا مختارُ

زاد جلاله كما قلت و مس = -جد مشرق به أنوارُ!

وحالت دون إتمام عمارته بعض الموانع فأكمله محمّد علي باشا الكبير جدّ الاُسرة العلوية.

٥ - سعيد باشا، أمر بتجديد الوجهة الغربية والبحرية من الضريح، وذلك في سنة (١٢٧٦هـ)، وبعد تمام العمارة كتب على لوح من الرخام التأريخ، وهذا نصه:

في ظلّ أيام السعيد محمد = ربّ الفخار مليك مصر الأفخمِ

من فائض الأوقاف أتحف زينباً = عون الورى بنت النبيّ الأكرمِ

مَن يأت ينوي للوضوء مؤرّخاً = ويسعد فإنّ وضوءَه من زمزمِ

٣٣٠

وكتب على باب المقام هذا البيت:

يا زائريها قفوا بالباب وابتهلوا = بنت الرسول لهذا القطر مصباحُ

وليست العقيلة مصباحاً وشرفاً لمصر، وإنّما هي فخر ونور لجميع أقاليم العالم الإسلامي.

٦ - الخديوي محمّد توفيق باشا، جدّد الباب المقابل لباب القبّة، جدّده بالمرمر المصري والتركي وذلك في سنة (١٢٩٤هـ)، وفي سنة (١٢٩٧هـ) أمر بتجديد القبّة والمسجد والمنارة، وتمّ البناء في سنة (١٣٠٢هـ)، وكتب على أبواب القبّة الشريفة هذه الأبيات:

باب الشفاعةِ عند قبّة زينبٍ = يلقاه غادٍ للمقام ورائحُ

من يمن توفيق العزيز مؤرّخ = نور على باب الشفاعة لائحُ

كما كتبت هذه الأبيات:

قف توسّل بباب بنت عليّ = بخضوع وسل إله السماءِ

تحظ بالعزّ والقبول وأرّخ = باب اُخت الحسين باب العلاءِ

كما رسمت هذه الأبيات:

رفعوا لزينب بنت طه قبّةً = علياء محكمة البناء مشيّدهْ

نور القبول يقول في تأريخها = باب الرضا والعدل باب السيّدهْ

وفي هذا التأريخ نقشت القبّة والمشهد بنقوش رائعة وبديعة، كان ذلك بأمر محمّد توفيق، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن المرقد المعظم في مصر(١) .

____________________

(١) زينب الكبرى / ١٢٥ - ١٢٦.

٣٣١

ويتشرف ويسمو كلّ قطر اُقيم فيه لسيّدة النساء العقيلة زينب (عليها السّلام) مرقد أو مقام، فهي بحكم مواريثها وصفاتها أفضل سيّدة خلقها الله بعد اُمّها زهراء الرسول، وبهذا تنطوي الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب.

والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله الطاهرين

٣٣٢

الفهرس

الإهداء ٥

تقديم ٧

النسب الوضّاح ١٩

الجدّ ١٩

الجدّة ٢٠

الاُمّ ٢١

تكريم وتعظيم ٢٢

الأب ٢٥

جدّها لأبيها ٢٨

جدّتها لأبيها ٣٠

إخوانها ٣١

١ - الإمام الحسن (عليه السّلام) ٣١

تسميته ٣٢

كنيته وألقابه ٣٢

ملامحه ٣٢

مظاهر شخصيّته ٣٣

مع السيدة زينب (عليها السّلام) ٣٤

٢ - الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣٤

٣ - العباس (عليه السّلام) ٣٥

٤ - محمّد بن الحنفيّة ٣٦

ولادتها ونشأتها ٣٩

الوليدة المباركة ٤٠

وجوم النبي (صلّى الله عليه وآله) وبكاؤه ٤٠

٣٣٣

تسميتها ٤١

كُنيتها ٤٢

ألقابها ٤٢

عقيلة بني هاشم ٤٢

العالمة ٤٢

عابدة آل علي ٤٢

الكاملة ٤٣

الفاضلة ٤٣

سنة ولادتها ٤٣

نشأتها ٤٣

قدرتها العلميّة ٤٥

اقترانها بابن عمّها ٤٧

أبوه جعفر ٤٧

الاُمّ أسماء ٤٩

عبد الله ٥٠

أبناؤه ٥١

عناصرها النفسيّة ٥٥

الإيمان الوثيق ٥٦

الصبر ٥٩

العزّة والكرامة ٦١

الشجاعة ٦١

الزهد في الدنيا ٦٤

أحداث مروّعة ٦٥

خطوب مروّعة ٦٧

رؤيا العقيلة ٦٨

حجة الوداع ٦٩

٣٣٤

مؤتمر غدير خم ٧٠

مرض النبي (صلّى الله عليه وآله) ٧٣

سرية اُسامة ٧٤

رزية يوم الخميس ٧٦

لوعة الزهراء (سلام الله عليها) ٧٨

إلى الفردوس الأعلى ٨٠

تجهيزه (صلوات الله عليه وعلى آله) ٨٣

مواراة الجثمان المقدّس ٨٤

فجيعة الزهراء (عليها السّلام) ٨٤

في عهد الخلفاء ٨٧

مؤتمر السقيفة ٨٨

مباغتة الأنصار ٨٩

خطاب أبي بكر ٩٠

بيعة أبي بكر ٩١

امتناع الإمام (عليه السّلام) عن البيعة ٩١

إرغامه على البيعة ٩٢

إجراءات صارمة ٩٤

١ - إسقاط الخمس ٩٥

٢ - الاستيلاء على تركة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ٩٥

٣ - تأميم فدك ٩٥

الزهراء (عليها السّلام) مع أبي بكر ٩٦

اعتذار مرفوض ١٠١

مآسي البتول (عليها السّلام) ١٠٢

إلى جنة المأوى ١٠٦

وفاة أبي بكر ١١١

في عهد عمر ١١٣

٣٣٥

اعتزال الإمام (عليه السّلام) ١١٣

اغتيال عمر ١١٥

الشورى ١١٦

انتخاب عثمان وحكومته ١٢٠

حكومة عثمان ١٢٥

الجبهة المعارضة ١٢٦

حكومة الإمام (عليه السّلام) ١٢٧

وجوم القرشيّين ١٣٠

إجراءات حاسمة ١٣٢

١ - مصادرة الأموال المنهوبة ١٣٢

٢ - عزل الولاة ١٣٢

٣ - المساواة بين المسلمين ١٣٣

التمرّد على حكومة الإمام (عليه السّلام) ١٣٥

طلحة والزّبير ١٣٥

تمرّد عائشة ١٣٧

الزحف إلى البصرة ١٣٩

ماء الحوأب ١٤١

في ربوع البصرة ١٤٢

مظاهرة نسوية لتأييد عائشة ١٤٣

نقض الاتفاق ١٤٤

زحف الإمام (عليه السّلام) إلى البصرة ١٤٤

إعلان الحرب ١٤٥

عقر الجمل ١٤٦

العفو العام ١٤٧

تسريح عائشة ١٤٧

تمرّد معاوية ١٤٧

٣٣٦

زحف معاوية لصفّين ١٤٨

مسير الإمام (عليه السّلام) إلى صفّين ١٤٩

الحرب ١٤٩

الحرب العامة ١٥٠

هزيمة معاوية ١٥٠

مكيدة رفع المصاحف ١٥١

انتخاب الأشعري ١٥٢

اجتماع الحكمين ١٥٣

فتنة الخوارج ١٥٤

واقعة النهروان ١٥٦

اُفول دولة الحقّ ١٥٧

السيّدة اُمّ كلثوم مع ابن ملجم ١٦١

العقيلة مع أبيها ١٦٢

وصاياه ١٦٣

إقامة الحسن (عليه السّلام) من بعده ١٦٤

الوصية الأخيرة للإمام (عليه السّلام) ١٦٥

إلى جنّة المأوى ١٦٥

تجهيزه ودفنه (عليه السّلام) ١٦٦

عهد الإمام الحسن (عليه السّلام) ١٦٦

حوادث رهيبة ١٦٨

١ - خيانة القائد العام ١٦٨

٢ - تسلل الوجوه إلى معاوية ١٦٨

٣ - خيانة ثمانية آلاف ١٦٨

٤ - خيانة ربيعة ١٦٨

٥ - نهب أمتعة الإمام (عليه السّلام) ١٦٩

٦ - محاولة اغتيال الإمام (عليه السّلام) ١٦٩

٧ - الحكم عليه بالكفر ١٦٩

٣٣٧

ضرورة الصلح ١٧٠

السفر إلى يثرب ١٧٢

حكومة معاوية ١٧٣

عداؤه للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) ١٧٣

بغضه لآل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ١٧٥

١ - ستر فضائلهم ١٧٥

٢ - اضطهاد الشيعة ١٧٧

أ - القتل الجماعي ١٧٧

ب - ترويع النساء ١٧٨

جـ - هدم دور الشيعة ١٧٩

د - حرمان الشيعة من العطاء ١٧٩

هـ - رفض شهادة الشيعة ١٧٩

و - إبعاد الشيعة إلى خراسان ١٧٩

اغتيال الإمام الحسن (عليه السّلام) ١٨٠

البيعة ليزيد (لعنه الله) ١٨٢

الحكم الأسود ١٨٥

خطابه في أهل الشام ١٨٦

مع المعارضة في يثرب ١٨٧

١ - الإمام الحسين (عليه السّلام) ١٨٧

٢ - عبد الله بن الزّبير ١٨٧

أوامره المشدّدة إلى الوليد ١٨٧

فزع الوليد ١٨٨

استدعاء الحسين (عليه السّلام) ١٨٩

مغادرة الإمام (عليه السّلام) يثرب ١٩١

وداعه لقبر جدّه (صلّى الله عليه وآله) ١٩١

إلى مكّة ١٩٣

٣٣٨

احتفاف الحجاج والمعتمرين بالإمام (عليه السّلام) ١٩٤

فزع السلطة المحلّيّة ١٩٥

إعلان التمرّد في العراق ١٩٦

وفود أهل الكوفة للإمام (عليه السّلام) ١٩٦

رسائل أهل الكوفة ١٩٧

إيفاد مسلم إلى العراق ١٩٨

مسلم في بيت المختار ١٩٩

البيعة للحسين (عليه السّلام) ١٩٩

رسالة مسلم للحسين (عليه السّلام) ١٩٩

فزع يزيد ٢٠٠

ولاية ابن زياد على الكوفة ٢٠١

ابن زياد في الكوفة ٢٠١

مسلم في بيت هانئ ٢٠٣

التجسّس على مسلم (عليه السّلام) ٢٠٤

اعتقال هانئ ٢٠٥

ثورة مسلم (عليه السّلام) ٢١٠

حرب الأعصاب ٢١١

هزيمة جيش مسلم (عليه السّلام) ٢١٢

في ضيافة طوعة (رضي الله عنها) ٢١٣

الهجوم على مسلم (عليه السّلام) ٢١٥

أسره (عليه السّلام) ٢١٨

إلى العراق ٢٢١

خطاب الحسين (عليه السّلام) في مكة ٢٢٣

السفر إلى العراق ٢٢٥

مع أبي هرّة ٢٢٦

فزع السيدة زينب (عليه السّلام) ٢٢٦

٣٣٩

النبأ المروّع بشهادة مسلم (عليه السّلام) ٢٢٧

رؤيا الإمام الحسين (عليه السّلام) ٢٢٨

الالتقاء بالحرّ ٢٢٩

خطاب الإمام (عليه السّلام) ٢٣٠

خطبة الإمام (عليه السّلام) ٢٣٢

مع الطرمّاح ٢٣٣

رسالة ابن زياد للحرّ ٢٣٤

في كربلاء ٢٣٧

خطبة ابن مرجانة ٢٣٨

انتخاب ابن سعد للقيادة العامة ٢٣٩

الإمام (عليه السّلام) مع ابن سعد ٢٤٠

المأساة الخالدة ٢٤١

الإمام (عليه السّلام) يأذن لأصحابه بالتفرّق ٢٤٣

لوعة السيدة زينب (عليها السّلام) ٢٤٤

إحياء الليل بالعبادة ٢٤٥

رؤيا الإمام الحسين (عليه السّلام) ٢٤٦

فزع عقائل الوحي ٢٤٧

العقيلة (عليها السّلام) مع الهاشميّين والأصحاب ٢٤٧

يوم عاشوراء ٢٤٩

خطاب الإمام الحسين (عليه السّلام) ٢٤٩

استجابة الحرّ ٢٥١

الحرب ٢٥٣

مصارع أصحاب الإمام (عليه السّلام) ٢٥٤

مصارع أهل البيت (عليهم السّلام) ٢٥٤

عليّ الأكبر (عليه السّلام) ٢٥٥

مصارع آل البيت (عليهم السّلام) ٢٥٨

٣٤٠

341

342

343