السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام11%

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 343

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام
  • البداية
  • السابق
  • 343 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 192106 / تحميل: 8568
الحجم الحجم الحجم
السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

السيدة زينب رائدة الجهاد في الإسلام

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

المبحث الخامس

كيف نؤمن بأنّ المهديّ قد وُجد؟

١٠١

١٠٢

ونصل الآن إلى السؤال الرابع وهو يقول:

هب أنّ فرضيّة القائد المنتظر ممكنة بكلّ ما تستبطنه من عمر طويل، وإمامة مبكّرة، وغيبة صامتة، فإنّ الإمكان لا يكفي للاقتناع بوجوده فعلاً.

فكيف نؤمن فعلاً بوجود المهديّ؟ وهل تكفي بضع روايات تُنقل في بطون الكتب عن الرسول الأعظم (ص)، للاقتناع الكامل بالإمام الثاني عشر، على الرغم ممّا في هذا الافتراض من غرابة وخروج عن المألوف؟ بل كيف يمكن أن نثبت أنّ للمهدي (ع) وجوداً تاريخياً حقّاً، وليس مجرد افتراض توفّرت ظروف نفسية لتثبيته في نفوس عدد كبير من الناس؟ (1)

والجواب: إنّ فكرة المهديّ بوصفه القائد المنتظر لتغيير العالم إلى الأفضل، قد جاءت في أحاديث الرسول الأعظم عموماً، وفي روايات أئمّة أهل البيت

____________________

(1) هذه التساؤلات يطرحها السيد الشهيد (ص) بصفتها من الإشكالات التي أثيرت وتُثار عادةً حول المهديّ (ع)، وهي أقصى ما يُثار في هذا الصدد، حتى أنّ بعض الكتّاب المعاصرين قد أثاروها أخيراً مدفوعين بدوافع غير علمية، مصحوبة تلك الإثارة بضجيج مكثّف، ومحاولات بائسة من الوهابية لترويجها وتبنّيها، ولا تخفى الدوافع بعد ذلك على أحد. وقد أجاب الإمام الشهيد بجواب علمي لمَن يريد الحقيقة. راجع ما كتبناه في المقدمة أيضاً.

(2) يلاحظ كتاب (المهديّ) للسيد (العم) الصدر قدّس الله روحه الزكية. (الشهيد الصدر).

راجع: ما أثبته الشيخ العبّاد في مجلد الجامعة الإسلامية / العدد 3 سنة 1969.

وراجع: المهديّ الموعود المنتظر / الشيخ نجم الدين العسكري.

١٠٣

خصوصاً، وأُكّدت في نصوص كثيرة بدرجة لا يمكن أن يرقى إليها الشكّ، وقد أُحصي أربعمِئة حديث عن النبيّ (ص) من طرق إخواننا أهل السنّة (1) ، كما أُحصي مجموع الأخبار الواردة في الإمام المهديّ من طرق الشيعة والسنّة، فكان أكثر من ستة آلاف رواية (2) ، وهذا رقم إحصائي كبير لا يتوفّر نظيره في كثير من قضايا الإسلام البديهية، التي لا يشكّ فيها مسلم عادة.

وأمّا تجسيد هذه الفكرة في الإمام الثاني عشر (عليه الصلاة والسلام)، فهذا ما توجد مبرّرات كافية وواضحة للاقتناع به.

ويمكن تلخيص هذه المبرّرات في دليلين:

أحدهما إسلامي

والآخر علمي

فبالدليل الإسلامي نثبت وجود القائد المنتظر.

وبالدليل العلمي نبرهن على أنّ المهديّ ليس مجرّد أُسطورة وافتراض، بل هو حقيقة ثبت وجودها بالتجربة التاريخية.

أمّا الدليل الإسلامي:

فيتمثّل في مئات الروايات الواردة عن رسول الله (ص) (3) والأئمّة من أهل

____________________

(1) يلاحظ كتاب (المهديّ) للسيد (العم) الصدر قدّس الله روحه الزكية. (الشهيد الصدر).

راجع: ما أثبته الشيخ العبّاد في مجلة الجامعة الإسلامية / العدد 3 سنة 1969.

وراجع: المهديّ الموعود المنتظر / الشيخ نجم الدين العسكري.

(2) يلاحظ كتاب منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر، للشيخ لطف الله الصافي. (الشهيد الصدر).

(3) راجع: معجم أحاديث الإمام المهديّ / مؤسّسة المعارف الإسلاميّة / الجزء الأَوّل - أحاديث النبيّ.

١٠٤

البيت (ع)، والتي تدلُّ على تعيين المهديّ (ع)، وكونه من أهل البيت (1) :

ومن وُلد فاطمة (2)

ومن ذرية الحسين (3)

وأنّه التاسع من وُلد الحسين (4)

____________________

(1) أخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن ماجة ونعيم بن حمّاد في الفتن، عن علي (ع) قال: (قال رسول الله (ص): (المهديّ منّا أهل البيت يُصلحه الله في ليلة) .

راجع: الحاوي للفتاوي / السيوطي 2: 213 و 215 وفيه، أيضاً: أخرج أحمد وابن أبي شيبة وأبو داود، عن عليّ، عن النبيّ (ص) قال: (لو لم يبقَ من الدهر إلاّ يومٌ، لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً)، و راجع: صحيح سنن المصطفى 2: 207، وسنن ابن ماجة 2: 1367 / 4085.

وراجع: معجم أحاديث المهديّ 1: 147 وما بعدها، إذ ينقل أحاديث كثيرة عن الصحاح والمسانيد في هذا المعنى. موسوعة الإمام المهديّ / ترتيب مهدي فقيه إيماني، الجزء الأَوّل، وفيها نسخة مصوّرة عن محاضرة الشيخ العبّاد حول ما جاء من الأحاديث والآثار في المهديّ (ع).

(2) الحاوي للفتاوي / السيوطي جلال الدين 2: 214، قال: وأخرج أبو داود وابن ماجة والطبراني والحاكم عن أمّ سلمة قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: (المهديّ من عترتي من وُلد فاطمة) . راجع صحيح سُنن المصطفى لأبي داود 2: 208.

(3) حديث المهديّ من ذرية الحسين (ع)، كما في المصادر الآتية على ما نقل في معجم أحاديث المهديّ وهي: الأربعون حديثاً لأبي نعيم الأصفهاني كما في عقد الدرر للمقدسي الشافعي، وأخرجه الطبراني في الأوسط على ما في المنار المنيف لابن القيّم، وفي السيرة الحلبية 1: 193، وفي القول المختصر لابن حجر. راجع منتخب الأثر للشيخ لطف الله الصافي في ما نقله من كتب الشيعة، وراجع توهين الرواية التي تقول بأنّه من وُلد الإمام الحسن (ع)، كتاب السيد العميدي (دفاع عن الكافي 1: 296).

(4) راجع الرواية التي تنص على أنّه التاسع من وُلد الحسين (ع) في: ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي: ص 492، وفي مقتل الإمام الحسين للخوارزمي 1: 196، وفي فرائد السمطين للجويني الشافعي 2: 310 - 315 الأحاديث من 561 - 569، وراجع منتخب الأثر للعلاّمة الشيخ الصافي إذ خرّجها من طرق الفريقين (دفاع عن الكافي 1: 294).

١٠٥

وأنّ الخلفاء اثنا عشر (1) :

فإنّ هذه الروايات تحدّد تلك الفكرة العامة، وتشخّصها في الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت، وهي روايات بلغت درجة كبيرة من الكثرة والانتشار، على الرغم من تحفّظ الأئمّة (ع) واحتياطهم في طرح ذلك على المستوى العام؛ وقايةً للخلف الصالح من الاغتيال أو الإجهاز السريع على حياته (2) .

وليست الكثرة العددية للروايات هي الأساس الوحيد لقبولها، بل هناك إضافةً إلى ذلك مزايا وقرائن تبرهن على صحّتها، فالحديث النبوي الشريف عن الأئمّة أو الخلفاء أو الأمراء بعده، وأنّهم اثنا عشر إماماً أو خليفةً أو أميراً - على اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة - قد أحصى بعض المؤلّفين رواياته فبلغت أكثر من مئتين وسبعين روايةً (3) مأخوذة من أشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنّة، بما في ذلك البخاري (4) ومسلم (5) والترمذي (6) وأبي داود (7)

____________________

(1) حديث (الخلفاء بعدي اثنا عشر كلهم من قريش) أو (لا يزال هذا الدين قائماً ما وليه اثنا عشر، كلهم من قريش) .

هذا الحديث متواتر، روته الصحاح والمسانيد بطرق متعدّدة وإن اختلف في متنه قليلاً.

نعم، اختلفوا في تأويله واضطربوا. راجع: صحيح البخاري 9: 101 كتاب الأحكام / باب الاستخلاف. وصحيح مسلم 2: 119 كتاب الإمارة. مسند أحمد 5: 90، 93، 97.

(2) راجع الغيبة الكبرى / السيد محمد الصدر: ص 272 وما بعدها.

(3) راجع التاج الجامع للأصول 3: 40، قال: رواه الشيخان والترمذي، وراجع في تحقيق الحديث وطرقه وأسانيده كتاب الإمام المهديّ (ع) / عليّ محمد عليّ دخيل.

(4) صحيح البخاري / المجلد الثالث / 9: 101، كتاب الأحكام / باب الاستخلاف. طبعة دار إحياء التراث العربي - بيروت.

(5) و (6) و (7) راجع: التاج الجامع للأصول 3: 40، قال تعقيباً على الحديث: رواه الشيخان والترمذي، وفي الهامش قال: رواه أبو داود في كتاب المهدي بلفظ: (لا يزال هذا الدين قائماً حتى يكون عليكم اثنا عشر خليفةً...) ، وراجع سنن أبي داود 2: 207.

١٠٦

ومسند أحمد (1) ومستدرك الحاكم على الصحيحين (2) ، ويلاحظ هنا أنّ البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصراً للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكريّ، وفي ذلك مغزىً كبير ; لأنّه يبرهن على أنّ هذا الحديث قد سُجّل عن النبيّ (ص)، قبل أن يتحقّق مضمونه، وتكتمل فكرة الأئمّة الاثني عشر فعلاً، وهذا يعني أنّه لا يوجد أي مجال للشك في أن يكون نقل الحديث، متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له ; لأنّ الأحاديث المزيّفة التي تُنسب إلى النبيّ (ص) - وهي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً - لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكّل انعكاساً له، فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي، على أنّ الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمّة الاثني عشر، وضُبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري، أمكننا أن نتأكد من أنّ هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع، وإنّما هو تعبير عن حقيقة ربانية، نطق بها مَن لا ينطق عن هوى (3) ، فقال: (إنّ الخلفاء بعدي اثنا عشر) (4) ، وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءً من الإمام عليّ وانتهاءً بالمهديّ ; ليكون التطبيق الوحيد المعقول (5) لذلك الحديث النبوي الشريف.

____________________

(1) مسند الإمام أحمد 5: 93، 100.

(2) المستدرك على الصحيحين 3: 618.

(3) إشارة إلى قوله تعالى: ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى ) النجم: 3 - 4.

(4) تقدّم تخريج الحديث.

(5) اضطرب العلماء في تأويله بعد إطباقهم على صحته، وما أوردوه من مصاديق لا يمكن قبولها، بل أنّ بعضها غير معقول تماماً، كإدخالهم يزيد بن معاوية المجاهر بالفسق، المحكوم بالمروق والكفر، أو مَن هو على شاكلته. راجع ما نقله السيد ثامر العميدي من أقوالهم، وقد ناقش هذه القضية مناقشةً وافيةً وعلمية، وأبطل تأويلاتهم بما لا مزيد عليه في دفاع عن الكافي 1: 540 وما بعدها.

١٠٧

وأمّا الدليل العلميّ:

فهو يتكوّن من تجربة عاشتها أمّة من الناس فترة امتدّت سبعين سنة تقريباً، وهي فترة الغيبة الصغرى.

ولتوضيح ذلك نمهّد بإعطاء فكرة موجزة عن الغيبة الصغرى (1) .

إنّ الغيبة الصغرى تعبّر عن المرحلة الأُولى من إمامة القائد المنتظر (عليه الصلاة والسلام)، فقد قُدّر لهذا الإمام منذ تسلّمه للإمامة أن يستتر عن المسرح العام، ويظلُّ بعيداً باسمه عن الأحداث، وإن كان قريباً منها بقلبه وعقله، وقد لوحظ أنّ هذه الغيبة إذا جاءت مفاجئةً حقّقت صدمةً كبيرة، للقواعد الشعبية للإمامة في الأمّة الإسلامية ; لأنّ هذه القواعد كانت معتادةً على الاتّصال بالإمام في كلّ عصر، والتفاعل معه والرجوع إليه في حلّ المشاكل المتنوّعة، فإذا غاب الإمام عن شيعته فجأةً، وشعروا بالانقطاع عن قيادتهم الروحية والفكرية، سبّبت هذه الغيبة (2) المفاجئة - الإحساس بفراغ دفعي هائل قد يعصف بالكيان كلّه ويشتّت شمله - فكان لابدّ من تمهيد لهذه الغيبة ; لكي تألفها هذه القواعد بالتدريج، وتكيّف نفسها شيئاً فشيئاً على أساسها، وكان هذا التمهيد هو الغيبة الصغرى، التي اختفى فيها الإمام المهديّ عن المسرح العام، غير أنّه كان دائم الصلة بقواعده وشيعته عن طريق وكلائه ونوّابه، والثقات من أصحابه، الذين يشكّلون همزة الوصل بينه وبين الناس المؤمنين بخطه الإمامي (3) .

وقد شَغل مركز النيابة عن الإمام في هذه الفترة أربعة،

____________________

(1) راجع: الغيبة الصغرى / السيد محمد الصدر، فقد توسّع في بحثها.

(2) إشارة إلى الغيبة الكبرى.

(3) راجع: تبصرة الولي فيمَن رأى القائم المهديّ / السيد هاشم البحراني. ودفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي 1: 568 وما بعدها.

١٠٨

ممّن أجمعت تلك القواعد على تقواهم وورعهم ونزاهتهم التي عاشوا ضمنها.

وهم كما يلي:

1 - عثمان بن سعيد العمريّ.

2 - محمد بن عثمان بن سعيد العمريّ.

3 - أبو القاسم الحسين بن روح.

4 - أبو الحسن عليّ بن محمد السمريّ.

وقد مارس هؤلاء الأربعة (1) مهامّ النيابة بالترتيب المذكور، وكلما مات أحدهم خلفه الآخر الذي يليه بتعيين من الإمام المهديّ (ع).

وكان النائب يتصل بالشيعة ويحمل أسئلتهم إلى الإمام، ويعرض مشاكلهم عليه، ويحمل إليهم أجوبته شفهيةً أحياناً وتحريريّة (2) في كثير من الأحيان، وقد وجدت الجماهير التي فقدت رؤية إمامها، العزاء والسلوة في هذه المراسلات والاتّصالات غير المباشرة، ولاحظت أنّ كلّ التوقعيات والرسائل، كانت ترد من الإمام المهديّ (ع) بخطّ واحد وسليقة واحدة (3) ، طيلة نيابة النوّاب الأربعة التي استمرت حوالي سبعين عاماً، وكان السمّريّ هو آخر النوّاب، فقد أعلن عن انتهاء مرحلة الغيبة الصغرى التي تتميز بنوّاب معيّنين، وابتداء الغيبة الكبرى، التي لا يوجد فيها أشخاص معيّنون بالذات للوساطة بين الإمام القائد والشيعة، وقد عبّر التحوّل من الغيبة الصغرى إلى الغيبة الكبرى عن تحقيق

____________________

(1) راجع ترجمة هؤلاء الأربعة في كتاب الغيبة الصغرى للسيد محمد الصدر، الفصل الثالث: ص 395 وما بعدها، نشر دار التعارف للمطبوعات / بيروت 1980.

(2) وهذه تُعرف بالتوقيعات، وهي الأجوبة التحريريّة والشفويّة التي نُقلت عن الإمام المهديّ (ع). راجع: الاحتجاج / الطبرسي 2: 523 وما بعدها.

(3) ممّا استقر في الأوساط الأدبية، وعند نقّاد الأدب قديماً وحديثاً، أنّ الأسلوب هو الرجل، وهذه المقولة صحيحة. ومن هنا رأينا وسمعنا أنّ كثيراً من الأدباء وقارئي الأدب، يميّزون بمجرّد قراءة النصّ شعريّاً كان أم نثريّاً أنّه لفلان، وما ذلك إلاّ لأنّ الأسلوب هو الرجل، وأنّ لكلّ كاتب سمةً وطابعاً خاصّاً في كتابته يمكن تمييزه من غيره، هذا فضلاً على تميّز خطّه الشريف من غيره من الخطوط.

١٠٩

مرحلة الغيبة الصغرى التي تتميز بنوّاب معيّنين، وابتداء الغيبة الكبرى، التي لا يوجد فيها أشخاص معيّنون بالذات للوساطة بين الإمام القائد والشيعة، وقد عبّر التحوّل من الغيبة الصغرى إلى الغيبة الكبرى، عن تحقيق الغيبة الصغرى لأهدافها وانتهاء مهمتها ; لأنّها حصّنت الشيعة بهذه العملية التدريجية، عن الصدمة والشعور بالفراغ الهائل بسبب غيبة الإمام، واستطاعت أن تكيّف وضع الشيعة على أساس الغيبة، وتعدّهم بالتدريج لتقبّل فكرة النيابة العامة عن الإمام، وبهذا تحوّلت النيابة من أفراد منصوصين (1) إلى خطّ عام (2) ، وهو خط المجتهد العادل البصير بأمور الدنيا والدين، تبعاً لتحوّل الغيبة الصغرى إلى غيبة كبرى.

والآن بإمكانك أن تقدّر الموقف في ضوء ما تقدّم؛ لكي تدرك بوضوح أنّ المهديّ حقيقة عاشتها أمّة من الناس، وعبّر عنها السفراء والنوّاب طيلة سبعين عاماً من خلال تعاملهم من الآخرين، ولم يلحظ عليهم أحدٌ كلّ هذه المدة تلاعباً في الكلام، أو تحايلاً في التصرف، أو تهافتاً في النقل.

فهل تتصور - بربّك - أنّ بإمكان أكذوبة أن تعيش سبعين عاماً، ويمارسها أربعة على سبيل الترتيب كلهم يتّفقون عليها، ويظلّون يتعاملون على أساسها، وكأنّها قضية يعيشونها بأنفسهم ويرونها بأعينهم، دون أن يبدر منهم أي شيء يثير الشكّ، ودون أن يكون بين الأربعة علاقة خاصة متميّزة تتيح لهم نحواً من التواطؤ، ويكسبون من خلال ما يتّصف به سلوكهم من واقعية ثقة الجميع، وإيمانهم بواقعية القضية التي يدّعون أنّهم يحسّونها ويعيشون معها؟!

لقد قيل قديماً: إنّ حبل الكذب قصير، ومنطق الحياة يثبت أيضاً، أنّ من

____________________

(1) إشارة إلى النوّاب الأربعة المذكورين.

(2) وهو ما اصطلح عليه (بالمرجعيّة الدينيّة)، ويلاحظ هنا الصفات التي يرى الإمام الشهيد لزوم توفّرها في المرجعيّة.

١١٠

المستحيل عمليّاً بحساب الاحتمالات، أن تعيش أكذوبة بهذا الشكل، وكلّ هذه المدّة، وضمن كلّ تلك العلاقات والأخذ والعطاء، ثمّ تكسب ثقة جميع مَن حولها.

وهكذا نعرف أنّ ظاهرة الغيبة الصغرى، يمكن أن تعتبر بمثابة تجربة علمية لإثبات ما لها من واقع موضوعيّ، والتسليم بالإمام القائد بولادته (1) وحياته وغيبته، وإعلانه العام عن الغيبة الكبرى التي استتر بموجبها عن المسرح، ولم يكشف نفسه لأحد (2) .

____________________

(1) إنّ اتّصال الإمام القائد المهديّ بقواعده الشيعيّة عن طريق نوّابه ووكلائه، أو بأساليب أخرى متنوّعة واقع تاريخي موضوعي، ليس من سبيل إلى إنكاره، كما في السفارة، فضلاً عن الدلائل الأخرى الكثيرة المستندة إلى إخبار مَن يجب تصديقه، ثمّ هو مقتضى الأحاديث المتواترة، كحديث: (مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية)، وغير ذلك. إنّ كلّ ذلك مجموعاً - وهو محل اتّفاق أكثر طوائف الملّة الإسلامية - يدحض وبشكل قاطع ما يثيره المتشكّكون، حول وجود الإمام، واستمرار حياته المباركة الشريفة، راجع: الغيبة الصغرى / السيد محمد الصدر: ص 566. وراجع ما أثبتناه في المقدمة: ص 15 وما بعدها.

(2) ورد التوقيع الشريف عن الإمام القائد المهديّ (ع)، بعدم إمكان رؤيته بشكل صريح بعد وقوع الغيبة الكبرى، وهذا محل اتّفاق علماء الإمامية. وراجع مناقشة المسألة في: الغيبة الصغرى / السيد محمد الصدر: ص 639 وما بعدها.

١١١

١١٢

المبحث السادس

لماذا لم يظهر القائد إذن؟

١١٣

١١٤

لماذا لم يظهر القائد إذن طيلة هذه المدة؟

وإذا كان قد أعدّ نفسه للعمل الاجتماعي، فما الذي منعه عن الظهور على المسرح في فترة الغيبة الصغرى، أو في أعقابها بدلاً عن تحويلها إلى غيبة كبرى، حيث كانت ظروف العمل الاجتماعي والتغييري وقتئذ أبسط وأيسر، وكانت صلته الفعلية بالناس من خلال تنظيمات الغيبة الصغرى، تتيح له أن يجمع صفوفه ويبدأ عمله بداية قويّة، ولم تكن القوى الحاكمة من حوله، قد بلغت الدرجة الهائلة من القدرة والقوة التي بلغتها الإنسانية بعد ذلك، من خلال التطوّر العلمي والصناعي؟

والجواب:

أنّ كلّ عملية تغيير اجتماعي يرتبط نجاحها بشروط وظروف موضوعية، لا يتأتّى لها أن تحقّق هدفها إلاّ عندما تتوفر تلك الشروط والظروف.

وتتميّز عمليات التغيير الاجتماعي التي تفجّرها السماء على الأرض، بأنّها لا ترتبط في جانبها الرسالي بالظروف الموضوعية (1) ; لأنّ الرسالة التي تعتمدها

____________________

(1) على الرغم من الأهمية التي يعطيها الشهيد الصدر (ره) هنا للظروف الموضوعية ; ودور نضوجها أو إنضاجها في نجاح الثورات - وهذا فهم عميق لأثر العالم الاجتماعي والنفسيّ - إلاّ أنّ الشهيد الصدر (ره) يعرض نظريةً جديدة في فهم عملية التغيير الاجتماعي، الذي تحدثه السماء من خلال الرسالات السماوية، فهي في جانبها الرسالي ترتبط بقانونها الخاص، ولكن في جانبها التنفيذي تعتمد الظروف الموضوعية، وترتبط بها توقيتاً ونجاحاً، وأعني بالظروف الموضوعية: الحالة السياسية، والحالة الاجتماعية للأمّة، والواقع الدولي المعاصر، ومدى قدرة الأمّة في إمكاناتها الذاتية واستعدادها النفسي.

١١٥

عملية التغيير هنا ربّانيّة، ومن صنع السماء لا من صنع الظروف الموضوعية، ولكنّها في جانبها التنفيذي تعتمد الظروف الموضوعية، ويرتبط نجاحها وتوقيتها بتلك الظروف؛ ومن أجل ذلك انتظرت السماء مرور خمسة قرون من الجاهلية، حتى أنزلت آخر رسالاتها على يد النبيّ محمد (ص) ; لأنّ الارتباط بالظروف الموضوعية للتنفيذ كان يفرض تأخّرها، على الرغم من حاجة العالم إليها منذ فترة طويلة قبل ذلك.

والظروف الموضوعية التي لها أثر في الجانب التنفيذي من عملية التغيير، منها ما يشكّل المناخ المناسب والجو العام للتغيير المستهدف، ومنها ما يشكّل بعض التفاصيل التي تتطلّبها حركة التغيير من خلال منعطفاتها التفصيلية.

فبالنسبة إلى عملية التغيير التي قادها - مثلاً - لينين في روسيا بنجاح، كانت ترتبط بعامل من قبيل قيام الحرب العالمية الأُولى، وتضعضع القيصرية، وهذا ما يساهم في إيجاد المناخ المناسب لعملية التغيير، وكانت ترتبط بعوامل أخرى جزئية ومحدودة، من قبيل سلامة لينين مثلاً في سفره الذي تسلّل فيه إلى داخل روسيا وقاد الثورة، إذ لو كان قد اتّفق له أي حادث يعيقه، لكان من المحتمل أن تفقد الثورة بذلك قدرتها على الظهور السريع على المسرح.

وقد جرت سُنة الله تعالى - التي لا تجد لها تحويلاً في عمليات التغيير الربّاني - على التقيّد من الناحية التنفيذية بالظروف الموضوعية، التي تحقّق المناخ المناسب والجو العام لإنجاج عملية التغيير، ومن هنا لم يأتِ الإسلام إلاّ بعد فترة من الرسل وفراغ مرير استمرّ قروناً من الزمن.

١١٦

فعلى الرغم من قدرة الله - سبحانه وتعالى - على تذليل كل العقبات والصعاب في وجه الرسالة الربّانية، وخلق المناخ المناسب لها خلقاً بالإعجاز، لم يشأ أن يستعمل هذا الأسلوب ; لأنّ الامتحان والابتلاء والمعاناة التي من خلالها يتكامل الإنسان، يفرض على العمل التغييري الربّاني، أن يكون طبيعيّاً وموضوعيّاً من هذه الناحية، وهذا لا يمنع من تدخّل الله - سبحانه وتعالى - أحياناً فيما يخصّ بعض التفاصيل، التي لا تكوّن المناخ المناسب، وإنّما قد يتطلّبها أحياناً التحرّك ضمن ذلك المناخ المناسب، ومن ذلك الإمدادات والعنايات الغيبية، التي يمنحها الله تعالى لأوليائه في لحظات حرجة فيحمي بها الرسالة، وإذا بنار نمرود تُصبح برداً وسلاماً على إبراهيم (1) ، وإذا بيد اليهوديّ الغادر التي ارتفعت بالسيف على رأس النبيّ (ص) تُشلّ وتفقد قدرتها على الحركة (2) ، وإذا بعاصفة قوية تجتاح مخيّمات الكفّار والمشركين، الذين أحدقوا بالمدينة في يوم الخندق، وتبعث في نفوسهم الرعب (3) ، إلاّ أنّ هذا كلّه لا يعدو التفاصيل وتقديم العون في لحظات حاسمة، بعد أن كان الجو المناسب والمناخ الملائم لعملية التغيير على العموم، قد تكوّن بالصورة الطبيعية ووفقاً للظروف الموضوعية.

وعلى هذا الضوء ندرس موقف الإمام المهديّ (ع)، لنجد أنّ عملية التغيير التي أُعدّ لها ترتبط من الناحية التنفيذية كأي عملية تغيير اجتماعي أخرى، بظروف موضوعية تساهم في توفير المناخ الملائم لها، ومن هنا كان من الطبيعي أن تُوقّت وفقاً لذلك. ومن المعلوم أنّ المهديّ لم يكن قد أَعدّ نفسه لعمل اجتماعي محدود،

____________________

(1) إشارة إلى قوله تعالى: ( قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ * وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ ) الأنبياء: 68 - 70.

(2) راجع الرواية في تفسير ابن كثير 2: 33، وراجع: البحار / المجلسي 18: 47 و 52 و 60، 75، باب معجزات النبيّ (ص).

(3) تاريخ الطبري 2: 244 حوادث السنة الخامسة من الهجرة.

١١٧

ولا لعملية تغيير تقتصر على هذا الجزء من العالم أو ذاك ; لأنّ رسالته التي ادّخر لها من قِبل الله - سبحانه وتعالى - هي تغيير العالم تغييراً شاملاً، وإخراج البشرية كلّ البشريّة، من ظلمات الجور إلى نور العدل (1)، وعملية التغيير الكبرى هذه لا يكفي في ممارستها مجرد وصول الرسالة والقائد الصالح، وإلاّ لتمّت شروطها في عصر النبوة بالذات، وإنّما تتطلّب مناخاً عالمياً مناسباً، وجوّاً عاماً مساعداً، يحقّق الظروف الموضوعية المطلوبة لعملية التغيير العالمية.

فمن الناحية البشرية، يعتبر شعور إنسان الحضارة بالنفاد، عاملاً أساسياً في خلق ذلك المناخ المناسب لتقبّل رسالة العدل الجديدة، وهذا الشعور بالنفاد يتكوّن ويترسّخ من خلال التجارب الحضارية المتنوّعة، التي يخرج منها إنسان الحضارة مثقلاً بسلبيات ما بنى، مدركاً حاجته إلى العون، متلفّتاً بفطرته إلى الغيب أو إلى المجهول.

ومن الناحية المادية، يمكن أن تكون شروط الحياة المادية الحديثة أقدر من شروط الحياة القديمة - في عصر كعصر الغيبة الصغرى - على إنجاز الرسالة على صعيد العالم كلّه، وذلك بما تحقّقه من تقريب المسافات، والقدرة الكبيرة على التفاعل بين شعوب الأرض، وتوفير الأدوات والوسائل التي يحتاجها جهاز مركزي؛ لممارسة توعية لشعوب العالم، وتثقيفها على أساس الرسالة الجديدة.

وأمّا ما أُشير إليه في السؤال، من تنامي القوى والأداة العسكرية التي يُواجهها القائد في اليوم الموعود كلّما أُجّل ظهوره، فهذا صحيح، ولكن ماذا ينفع نمو الشكل

____________________

(1) كما هو نصّ الحديث النبويّ الشريف: (لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يومٌ لطوّل الله ذلك اليوم؛ حتى يبعث رجلاً منّي أو من أهل بيتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما مُلئت ظلماً وجوراً) .

راجع: التاج الجامع للأصول / منصور علي ناصف 5: 360 الهامش، قال: رواه أبو داود والترمذي.

١١٨

المادي للقوة مع الهزيمة النفسية من الداخل، وانهيار البناء الروحي للإنسان الذي يملك كلّ تلك القوى والأدوات؟ وكم من مرة في التاريخ انهار بناءٌ حضاري شامخ بأَوّل لمسة غازية ; لأنّه كان منهاراً قبل ذلك، وفاقداً الثقة بوجوده، والقناعة بكيانه، والاطمئنان إلى واقعه (1) .

____________________

(1) لقد شاهدنا في بداية التسعينات المصداق لهذه المقولة، التي أطلقها الشهيد الصدر (ره) استناداً إلى خبرته العميقة بالمجتمع البشري، فقد انهار الاتّحاد السوفيتي، وهو أحد القطبين اللذينِ كانا يهيمنان على العالم انهياراً سريعاً جداً، وبصورة أذهلت الجميع.

١١٩

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

أيّها القوم، إنّ الله تعالى - وله الحمد - ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في الإسلام عظيمة؛ قُتل أبو عبد الله (عليه السّلام) وعترته، وسُبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لا مثلها رزية.

أيّها الناس، فأيّ رجالات منكم يسرّون بعد قتله، أم أيّ فؤاد لا يحزن من أجله، أم أيّة عين منكم تحبس دمعها وتضنّ عن انهمالها؛ فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار بأمواجها، والسماوات بأركانها، والأرض بأرجائها، والأشجار بأغصانها، والحيتان في لجج البحار، والملائكة المقرّبون، وأهل السموات أجمعون؟!

أيّها الناس، أيّ قلب لا ينصدع لقتله، أم أيّ فؤاد لا يحنّ إليه، أم أيّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثُلمت في الإسلام ولا يصم؟!

أيّها الناس، أصبحنا مطرودين مشرّدين، مذودين شاسعين عن الأمصار، كأنّنا أولاد ترك أو كابل، من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأوّلين، إن هذا إلاّ اختلاق.

والله، لو أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله) تقدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا لما زادوا على ما فعلوا بنا، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما أعظمها وأوجعها، وأفجعها وأكظّها، وأفظعها وأفدحها،

٣٢١

فعند الله نحتسب فيما أصابنا وأبلغ بنا إنّه عزيز ذو انتقام» .

وعرض الإمام (عليه السّلام) في خطابه إلى المحن السود التي عانتها الاُسرة النبويّة، وما جرى عليها من القتل وسبي النساء، وغير ذلك ممّا تتصدّع من هوله الجبال.

وانبرى إلى الإمام (عليه السّلام) صعصعة فألقى إليه معاذيره في عدم نصرته للحسين (عليه السّلام)، فقبل الإمام عذره، وترحّم على أبيه. ثمّ زحف الإمام (عليه السّلام) مع عمّاته وأخواته وقد أحاطت به الجماهير، وعلت أصواتهم بالبكاء والعويل، فقصدوا الجامع النبوي، ولمّا انتهوا إليه أخذت العقيلة بعضادتي باب الجامع، وأخذت تخاطب جدّها الرسول وتعزيه بمصاب ريحانته قائلة: يا جدّاه، إنّي ناعية إليك أخي الحسين(١) .

وأقامت العلويات المأتم على سيد الشهداء (عليه السّلام)، ولبسنَ السواد، وأخذن يندبنه بأقسى وأشجى ما تكون الندبة.

مكافأة الحرس

وقام الحرس بخدمات ورعاية إلى السيدات، فالتفتت السيدة فاطمة بنت الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فقالت للعقيلة زينب (عليها السّلام): لقد أحسن هذا الرجل إلينا فهل لك أن نصله بشيء؟

فأجابتها العقيلة (عليها السّلام): والله ما معنا شيء نصله به إلاّ حليّنا.

- نعم، هو ما تقولين.

____________________

(١) مقتل الحسين (عليه السّلام) - المقرّم / ٤٧٢.

٣٢٢

وأخرجن سوارين ودملجين وبعثتا بهما إليه، واعتذرتا له، وتأثّر الرجل من هذا الكرم الغامر وهو يعلم ما هنَّ فيه من الضيق والشدّة، فقال لهما باحترام: لو كان الذي صنعت للدنيا لكان في هذا ما يرضيني، ولكن والله ما فعلته إلاّ لله، ولقرابتكم من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)(١) .

حزن العقيلة (عليها السّلام)

وخلدت عقيلة آل أبي طالب إلى البكاء على انقراض أهلها(٢) ، وكانت لا تجفّ لها عبرة ولا تفتر عن البكاء، وكانت كلّما نظرت إلى ابن أخيها الإمام زين العابدين (عليه السّلام) يزداد وجيبها وحزنها، وقد نخب الحزن قلبها الرقيق المعذّب حتّى صارت كأنّها صورة جثمان فارقته الحياة.

____________________

(١) تاريخ الطبري ٦ / ٣٦٦، تاريخ ابن الأثير ٣ / ٣٠٠.

(٢) حياة الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣ / ٤٢٨.

٣٢٣

٣٢٤

إلى جنّة المأوى

وخلدت حفيدة الرسول (صلّى الله عليه وآله) في يثرب إلى البكاء والنحيب، وأخذت تراودها صباحاً ومساءً تلك الذكريات المروعة التي جرت على أخيها في صعيد كربلاء، وما عاناه من الكوارث القاصمة التي تذوب من هولها الجبال، فكانت دموعها تجري في كلّ لحظة على أخيها واُسرتها الذين حصدت رؤوسهم سيوف البغي، ومثّلت بأجسامهم العصابات المجرمة.

لقد أخذت تلوح أمامها تلك المناظر الحزينة التي تعصف بالصبر حتّى ضاقت بها الأرض، ولم تلبث أن ترفع صوتها عالياً مشفوعاً بالألم والبكاء قائلة: وا حسيناه! وا أخاه! وا عبّاساه! وا أهل بيتاه! وا مصيبتاه!

ثمّ تهوي إلى الأرض مغمىً عليها وقد صارت شبحاً، وذوت كما ذوت اُمّها زهراء الرسول من قبل، وكان أحبّ شيء لها مفارقة الدنيا والالتحاق بجدّها الرسول (صلّى الله عليه وآله)؛ لتشكو إليه ما عانته من الرزايا والأسر والسبي، وما جرى على أخيها

٣٢٥

من القتل والتمثيل.

ونتحدّث بإيجاز عن وفاتها، وما قيل في زمانها، والمكان الذي حظي بمرقدها.

إلى جنّة المأوى(*)

ولم تمكث العقيلة (عليها السّلام) بعد كارثة كربلاء إلاّ زمناً قليلاً حتّى تناهبت الأمراض جسمها، وصارت شبحاً لا تقوى حتّى على الكلام، ولازمت الفراش وهي تعاني آلام المرض، وما هو أشقّ منه وهو ما جرى عليها من الرزايا، وكانت ماثلة أمامها حتّى الساعات الأخيرة من حياتها.

وقد وافتها المنية ولسانها يلهج بذكر الله وتلاوة كتابه، وقد صعدت روحها الطاهرة إلى السماء كأسمى روح صعدت إلى الله، تحفّها ملائكة الرحمن وتستقبلها أنبياء الله، وهي ترفع إلى الله شكواها وما لاقته من المحن والخطوب التي لم تجرِ على أيّ إنسان منذ خلق الله الأرض.

الزمان

انتقلت العقيلة (عليه السّلام) إلى جوار الله تعالى على أرجح الأقوال يوم الأحد لخمسة عشر مضين من شهر رجب سنة (٦٢هـ)(١) ، وقد آن لقلبها الذي مزّقته الكوارث أن يسكن، ولجسمها المعذّب أن يستريح.

الأقوال في مرقدها

واختلف المؤرّخون في البقعة التي حظيت بجثمانها المعظم، وهذه بعض الأقوال:

____________________

(*) هكذا ورد العنوان هنا مكرراً مع ما في الصفحة التي سبقته، وهي طريقة لا نكاد نجد لها نظيراً في جميع الكتب التي تمّ تصحيحها وتقويمها من قِبل موقعنا.(موقع معهد الإمامين الحسنين)

(١) السيدة زينب وأخبار الزينبيات - العبيدلي / ٩.

٣٢٦

١ - في البقيع

وذهب بعض المؤرّخين إلى أنّها توفّيت في يثرب ودفنت في بقيع الغرقد.

ويواجه هذا القول إنّها لو دفنت هناك لكان لها مرقد خاص كما هو الحال في غيرها من السادة المعظّمين من أبناء الاُسرة النبويّة. ومن المحتمل أنّها أوصت أن تُدفن في غلس الليل البهيم، ويُعفى موضع قبرها؛ تأسّياً باُمّها زهراء الرسول (صلّى الله عليه وآله).

٢ - في الشام

وأفاد فريق من المؤرّخين أنّها توفّيت في إحدى قرى الشام، ويعزو بعضهم سبب سفرها إلى الشام أنّه حدثت في يثرب مجاعة عظيمة فهرب منها عبد الله بن جعفر مصاحباً معه زوجته العقيلة وسائر عائلته، ولمّا انتهت العقيلة إلى ذلك المكان توفّيت فيه.

وحدوث المجاعة فيما نعتقد لا أساس له من الصحة؛ لأنّ المؤرّخين والرواة لم يذكروا أنّه حدثت مجاعة في يثرب في ذلك الوقت، مضافاً إلى أنّ عبد الله بن جعفر كان من الأثرياء المعدودين في المدينة، فهل ضاق نطاقه عن إعاشة عائلته حتّى يذهب إلى الشام؟ كما إنّه كان من أندى الناس كفّاً، ومن أكثرهم إسعافاً وعطاءً إلى الفقراء والبؤساء، فكيف يتركهم ينهشهم الجوع وينهزم إلى الشام التي هي مقرّ السلطة الاُمويّة التي نكبته بسيّد أُسرته وابن عمّه الإمام الحسين (عليه السّلام)، وبولديه وغيرهما من أبناء الاُسرة النبويّة؟!

وعلى أيّ حال، فإنّ المشهور في الأوساط الإسلاميّة أنّ قبر العقيلة في الشام حيث هو قائم الآن، وقد اُحيط بهالة من التقديس والتعظيم، وتؤمّه الملايين من الزائرين متبرّكين ومتوسّلين به إلى الله تعالى، شأنه شأن مرقد أخيها أبي الأحرار (عليه السّلام) الذي صار أعزّ مرقد في الأرض.

والذي نذهب إليه هو أنّ قبرها الشريف في الشام، وإليه ذهب الكثيرون من المحقّقين.

٣٢٧

٣ - في مصر

وذهب جمهرة من المؤرّخين إلى أنّ قبر الصدّيقة الطاهرة زينب (عليها السّلام) في مصر، وهذا هو المشهور عند كافّة المصريين.

ولا بدّ لنا من وقفة قصيرة للحديث عن سبب هجرتها لمصر، وما يتعلّق بمرقدها المعظّم.

سبب هجرتها لمصر

وذكر المؤرّخون أنّ العقيلة (عليها السّلام) أخذت تلهب العواطف، وتستنهض المسلمين للأخذ بثأر أخيها والانتفاض على السلطة الاُمويّة، والتي كان من نتائجها أنّ المدينة أخذت تغلي كالمرجل، وأعلنت العصيان المسلح على حكم الطاغية يزيد، فأرسل إليها جيشاً مكثّفاً بقيادة الإرهابي المجرم مسلم بن عقبة فأنزل بالمدنيّين أقصى العقوبات، وأكثرها صرامة وقسوة، وأرغمهم على أنّهم خول وعبيد ليزيد، ومَنْ أبى منهم نفّذ فيه حكم الإعدام.

وعلى أيّ حال، فإنّ عمر بن سعيد الأشدق والي يثرب خشي من العقيلة (عليها السّلام)، وكتب إلى يزيد خطرها عليه، فأمره بإخراجها من المدينة إلى أيّ بلد شاءت، فامنتعت وقالت: قتل - أي يزيد - خيارنا، وساقنا كما تُساق الأنعام، وحملنا على الأقتاب، فوالله لا أخرج وإن اُهرقت دماؤنا.

وانبرت إليها السيدة زينب بنت عقيل، فكلّمتها بلطف قائلة: يا بنت عمّاه، قد صدقنا الله وعده، وأورثنا الأرض نتبوّء منها حيث نشاء، فطيبي نفساً، وقرّي عيناً، وسيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً؟ ارحلي إلى بلد آمن.

واجتمعنَ السيدات من نساء بني هاشم وتلطّفنَ معها في الكلام فأجابت، واختارت الهجرة إلى مصر، وصحبنها في السفر السيّدة فاطمة بنت الإمام الحسين (عليها السّلام)

٣٢٨

واُختها سكينة (عليها السّلام).

وانتهت إلى مصر لأيام بقيت من ذي الحجّة، وقد استقبلها والي مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري فأنزلها في داره بالحمراء، فأقامت فيه أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، وانتقلت إلى جوار الله عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة (٦٢هـ)، ودُفنت في دار مسلمة حيث مرقدها الآن في مصر.

هكذا ذكر العبيدلي(١) وغيره(٢) .

زيارة المرقد

ويؤمّ المصريون وغيرهم من المسلمين المرقد المعظّم خصوصاً في يوم الأحد المصادف لليوم الذي توفّيت فيه العقيلة (عليها السّلام)؛ فإنّهم يزدحمون على زيارته بما فيهم من العلماء والفقهاء، وقد زارها في هذا اليوم كافور الأخشيدي، وأحمد بن طولون، والظافر بنصر الله الفاطمي، وكان يأتي حاسر الرأس مترجّلاً، ويتصدّق عند القبر الشريف على الفقراء، واقتدى به ملوك مصر واُمراؤها.

وإذا حلّ شهر رجب، وهو الشهر الذي توفّيت فيه العقيلة (عليها السّلام)، زحفت الجماهير إلى المرقد المعظّم، ويقيم الكثيرون فيه إلى النصف من رجب، وهم يتلون كتاب الله والأدعية الشريفة، وقد ذكر ذلك العبيدلي(٣) .

عمارة المرقد

واُجريت على المرقد المعظّم في مصر عدّة عمارات وإصلاحات من قبل بعض

____________________

(١) السيدة زينب وأخبار الزينبيات / ٢١.

(٢) إسعاف الراغبين / ١٩٦، لواقح الأنوار - الشمراني / ٢٣، الإتحاف بحبّ الأشراف / ٩٣، مشارق الأنوار / ١٠٠.

(٣) السيدة زينب وأخبار الزينبيات / ٦٠ - ٦١.

٣٢٩

المحسنين من ملوك ووزراء وغيرهم، كان منهم ما يلي:

١ - أمير مصر ونقيب الأشراف الزينبيّين، الشريف فخر الدين ثعلب الجعفري الزينبي؛ فقد أشاد عمارة مهمّة على المرقد الشريف.

٢ - الأمير علي باشا الوزير، والي مصر من قبل السلطان سليمان خان؛ فقد شيّد المرقد وأضاف إليه مسجداً يتّصل به وذلك في سنة (٩٥٦هـ).

٣ - الأمير عبد الرحمن كتخدا؛ فقد عمّر المرقد وأنشأ به ساقية وحوضاً وذلك في سنة (١١٧٤هـ).

٤ - وفي سنة (١٢١٢هـ) ظهر صدع في بعض حوائط المسجد، فندبت حكومة عثمان المرادي لتجديده وإنشائه، فابتدأ العمل إلاّ أنّه توقّف لدخول الفرنسيّين لمصر، وأكمله بعد ذلك الوزير يوسف باشا وذلك في سنة (١٣٢٦هـ).

وأرّخ ذلك بأبيات خطّت على لوح من الرخام وهي:

نورُ بنت النبي زينب يعلو = مسجداً فيه قبرها والمزارُ

قد بناه الوزير صدر المعالي = يوسف و هو للعلا مختارُ

زاد جلاله كما قلت و مس = -جد مشرق به أنوارُ!

وحالت دون إتمام عمارته بعض الموانع فأكمله محمّد علي باشا الكبير جدّ الاُسرة العلوية.

٥ - سعيد باشا، أمر بتجديد الوجهة الغربية والبحرية من الضريح، وذلك في سنة (١٢٧٦هـ)، وبعد تمام العمارة كتب على لوح من الرخام التأريخ، وهذا نصه:

في ظلّ أيام السعيد محمد = ربّ الفخار مليك مصر الأفخمِ

من فائض الأوقاف أتحف زينباً = عون الورى بنت النبيّ الأكرمِ

مَن يأت ينوي للوضوء مؤرّخاً = ويسعد فإنّ وضوءَه من زمزمِ

٣٣٠

وكتب على باب المقام هذا البيت:

يا زائريها قفوا بالباب وابتهلوا = بنت الرسول لهذا القطر مصباحُ

وليست العقيلة مصباحاً وشرفاً لمصر، وإنّما هي فخر ونور لجميع أقاليم العالم الإسلامي.

٦ - الخديوي محمّد توفيق باشا، جدّد الباب المقابل لباب القبّة، جدّده بالمرمر المصري والتركي وذلك في سنة (١٢٩٤هـ)، وفي سنة (١٢٩٧هـ) أمر بتجديد القبّة والمسجد والمنارة، وتمّ البناء في سنة (١٣٠٢هـ)، وكتب على أبواب القبّة الشريفة هذه الأبيات:

باب الشفاعةِ عند قبّة زينبٍ = يلقاه غادٍ للمقام ورائحُ

من يمن توفيق العزيز مؤرّخ = نور على باب الشفاعة لائحُ

كما كتبت هذه الأبيات:

قف توسّل بباب بنت عليّ = بخضوع وسل إله السماءِ

تحظ بالعزّ والقبول وأرّخ = باب اُخت الحسين باب العلاءِ

كما رسمت هذه الأبيات:

رفعوا لزينب بنت طه قبّةً = علياء محكمة البناء مشيّدهْ

نور القبول يقول في تأريخها = باب الرضا والعدل باب السيّدهْ

وفي هذا التأريخ نقشت القبّة والمشهد بنقوش رائعة وبديعة، كان ذلك بأمر محمّد توفيق، وبهذا ينتهي بنا الحديث عن المرقد المعظم في مصر(١) .

____________________

(١) زينب الكبرى / ١٢٥ - ١٢٦.

٣٣١

ويتشرف ويسمو كلّ قطر اُقيم فيه لسيّدة النساء العقيلة زينب (عليها السّلام) مرقد أو مقام، فهي بحكم مواريثها وصفاتها أفضل سيّدة خلقها الله بعد اُمّها زهراء الرسول، وبهذا تنطوي الصفحات الأخيرة من هذا الكتاب.

والحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسّلام على محمّد وآله الطاهرين

٣٣٢

الفهرس

الإهداء ٥

تقديم ٧

النسب الوضّاح ١٩

الجدّ ١٩

الجدّة ٢٠

الاُمّ ٢١

تكريم وتعظيم ٢٢

الأب ٢٥

جدّها لأبيها ٢٨

جدّتها لأبيها ٣٠

إخوانها ٣١

١ - الإمام الحسن (عليه السّلام) ٣١

تسميته ٣٢

كنيته وألقابه ٣٢

ملامحه ٣٢

مظاهر شخصيّته ٣٣

مع السيدة زينب (عليها السّلام) ٣٤

٢ - الإمام الحسين (عليه السّلام) ٣٤

٣ - العباس (عليه السّلام) ٣٥

٤ - محمّد بن الحنفيّة ٣٦

ولادتها ونشأتها ٣٩

الوليدة المباركة ٤٠

وجوم النبي (صلّى الله عليه وآله) وبكاؤه ٤٠

٣٣٣

تسميتها ٤١

كُنيتها ٤٢

ألقابها ٤٢

عقيلة بني هاشم ٤٢

العالمة ٤٢

عابدة آل علي ٤٢

الكاملة ٤٣

الفاضلة ٤٣

سنة ولادتها ٤٣

نشأتها ٤٣

قدرتها العلميّة ٤٥

اقترانها بابن عمّها ٤٧

أبوه جعفر ٤٧

الاُمّ أسماء ٤٩

عبد الله ٥٠

أبناؤه ٥١

عناصرها النفسيّة ٥٥

الإيمان الوثيق ٥٦

الصبر ٥٩

العزّة والكرامة ٦١

الشجاعة ٦١

الزهد في الدنيا ٦٤

أحداث مروّعة ٦٥

خطوب مروّعة ٦٧

رؤيا العقيلة ٦٨

حجة الوداع ٦٩

٣٣٤

مؤتمر غدير خم ٧٠

مرض النبي (صلّى الله عليه وآله) ٧٣

سرية اُسامة ٧٤

رزية يوم الخميس ٧٦

لوعة الزهراء (سلام الله عليها) ٧٨

إلى الفردوس الأعلى ٨٠

تجهيزه (صلوات الله عليه وعلى آله) ٨٣

مواراة الجثمان المقدّس ٨٤

فجيعة الزهراء (عليها السّلام) ٨٤

في عهد الخلفاء ٨٧

مؤتمر السقيفة ٨٨

مباغتة الأنصار ٨٩

خطاب أبي بكر ٩٠

بيعة أبي بكر ٩١

امتناع الإمام (عليه السّلام) عن البيعة ٩١

إرغامه على البيعة ٩٢

إجراءات صارمة ٩٤

١ - إسقاط الخمس ٩٥

٢ - الاستيلاء على تركة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ٩٥

٣ - تأميم فدك ٩٥

الزهراء (عليها السّلام) مع أبي بكر ٩٦

اعتذار مرفوض ١٠١

مآسي البتول (عليها السّلام) ١٠٢

إلى جنة المأوى ١٠٦

وفاة أبي بكر ١١١

في عهد عمر ١١٣

٣٣٥

اعتزال الإمام (عليه السّلام) ١١٣

اغتيال عمر ١١٥

الشورى ١١٦

انتخاب عثمان وحكومته ١٢٠

حكومة عثمان ١٢٥

الجبهة المعارضة ١٢٦

حكومة الإمام (عليه السّلام) ١٢٧

وجوم القرشيّين ١٣٠

إجراءات حاسمة ١٣٢

١ - مصادرة الأموال المنهوبة ١٣٢

٢ - عزل الولاة ١٣٢

٣ - المساواة بين المسلمين ١٣٣

التمرّد على حكومة الإمام (عليه السّلام) ١٣٥

طلحة والزّبير ١٣٥

تمرّد عائشة ١٣٧

الزحف إلى البصرة ١٣٩

ماء الحوأب ١٤١

في ربوع البصرة ١٤٢

مظاهرة نسوية لتأييد عائشة ١٤٣

نقض الاتفاق ١٤٤

زحف الإمام (عليه السّلام) إلى البصرة ١٤٤

إعلان الحرب ١٤٥

عقر الجمل ١٤٦

العفو العام ١٤٧

تسريح عائشة ١٤٧

تمرّد معاوية ١٤٧

٣٣٦

زحف معاوية لصفّين ١٤٨

مسير الإمام (عليه السّلام) إلى صفّين ١٤٩

الحرب ١٤٩

الحرب العامة ١٥٠

هزيمة معاوية ١٥٠

مكيدة رفع المصاحف ١٥١

انتخاب الأشعري ١٥٢

اجتماع الحكمين ١٥٣

فتنة الخوارج ١٥٤

واقعة النهروان ١٥٦

اُفول دولة الحقّ ١٥٧

السيّدة اُمّ كلثوم مع ابن ملجم ١٦١

العقيلة مع أبيها ١٦٢

وصاياه ١٦٣

إقامة الحسن (عليه السّلام) من بعده ١٦٤

الوصية الأخيرة للإمام (عليه السّلام) ١٦٥

إلى جنّة المأوى ١٦٥

تجهيزه ودفنه (عليه السّلام) ١٦٦

عهد الإمام الحسن (عليه السّلام) ١٦٦

حوادث رهيبة ١٦٨

١ - خيانة القائد العام ١٦٨

٢ - تسلل الوجوه إلى معاوية ١٦٨

٣ - خيانة ثمانية آلاف ١٦٨

٤ - خيانة ربيعة ١٦٨

٥ - نهب أمتعة الإمام (عليه السّلام) ١٦٩

٦ - محاولة اغتيال الإمام (عليه السّلام) ١٦٩

٧ - الحكم عليه بالكفر ١٦٩

٣٣٧

ضرورة الصلح ١٧٠

السفر إلى يثرب ١٧٢

حكومة معاوية ١٧٣

عداؤه للنبيّ (صلّى الله عليه وآله) ١٧٣

بغضه لآل النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ١٧٥

١ - ستر فضائلهم ١٧٥

٢ - اضطهاد الشيعة ١٧٧

أ - القتل الجماعي ١٧٧

ب - ترويع النساء ١٧٨

جـ - هدم دور الشيعة ١٧٩

د - حرمان الشيعة من العطاء ١٧٩

هـ - رفض شهادة الشيعة ١٧٩

و - إبعاد الشيعة إلى خراسان ١٧٩

اغتيال الإمام الحسن (عليه السّلام) ١٨٠

البيعة ليزيد (لعنه الله) ١٨٢

الحكم الأسود ١٨٥

خطابه في أهل الشام ١٨٦

مع المعارضة في يثرب ١٨٧

١ - الإمام الحسين (عليه السّلام) ١٨٧

٢ - عبد الله بن الزّبير ١٨٧

أوامره المشدّدة إلى الوليد ١٨٧

فزع الوليد ١٨٨

استدعاء الحسين (عليه السّلام) ١٨٩

مغادرة الإمام (عليه السّلام) يثرب ١٩١

وداعه لقبر جدّه (صلّى الله عليه وآله) ١٩١

إلى مكّة ١٩٣

٣٣٨

احتفاف الحجاج والمعتمرين بالإمام (عليه السّلام) ١٩٤

فزع السلطة المحلّيّة ١٩٥

إعلان التمرّد في العراق ١٩٦

وفود أهل الكوفة للإمام (عليه السّلام) ١٩٦

رسائل أهل الكوفة ١٩٧

إيفاد مسلم إلى العراق ١٩٨

مسلم في بيت المختار ١٩٩

البيعة للحسين (عليه السّلام) ١٩٩

رسالة مسلم للحسين (عليه السّلام) ١٩٩

فزع يزيد ٢٠٠

ولاية ابن زياد على الكوفة ٢٠١

ابن زياد في الكوفة ٢٠١

مسلم في بيت هانئ ٢٠٣

التجسّس على مسلم (عليه السّلام) ٢٠٤

اعتقال هانئ ٢٠٥

ثورة مسلم (عليه السّلام) ٢١٠

حرب الأعصاب ٢١١

هزيمة جيش مسلم (عليه السّلام) ٢١٢

في ضيافة طوعة (رضي الله عنها) ٢١٣

الهجوم على مسلم (عليه السّلام) ٢١٥

أسره (عليه السّلام) ٢١٨

إلى العراق ٢٢١

خطاب الحسين (عليه السّلام) في مكة ٢٢٣

السفر إلى العراق ٢٢٥

مع أبي هرّة ٢٢٦

فزع السيدة زينب (عليه السّلام) ٢٢٦

٣٣٩

النبأ المروّع بشهادة مسلم (عليه السّلام) ٢٢٧

رؤيا الإمام الحسين (عليه السّلام) ٢٢٨

الالتقاء بالحرّ ٢٢٩

خطاب الإمام (عليه السّلام) ٢٣٠

خطبة الإمام (عليه السّلام) ٢٣٢

مع الطرمّاح ٢٣٣

رسالة ابن زياد للحرّ ٢٣٤

في كربلاء ٢٣٧

خطبة ابن مرجانة ٢٣٨

انتخاب ابن سعد للقيادة العامة ٢٣٩

الإمام (عليه السّلام) مع ابن سعد ٢٤٠

المأساة الخالدة ٢٤١

الإمام (عليه السّلام) يأذن لأصحابه بالتفرّق ٢٤٣

لوعة السيدة زينب (عليها السّلام) ٢٤٤

إحياء الليل بالعبادة ٢٤٥

رؤيا الإمام الحسين (عليه السّلام) ٢٤٦

فزع عقائل الوحي ٢٤٧

العقيلة (عليها السّلام) مع الهاشميّين والأصحاب ٢٤٧

يوم عاشوراء ٢٤٩

خطاب الإمام الحسين (عليه السّلام) ٢٤٩

استجابة الحرّ ٢٥١

الحرب ٢٥٣

مصارع أصحاب الإمام (عليه السّلام) ٢٥٤

مصارع أهل البيت (عليهم السّلام) ٢٥٤

عليّ الأكبر (عليه السّلام) ٢٥٥

مصارع آل البيت (عليهم السّلام) ٢٥٨

٣٤٠

341

342

343