تلخيص التمهيد الجزء ٢

تلخيص التمهيد10%

تلخيص التمهيد مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 579

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 579 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 106140 / تحميل: 10830
الحجم الحجم الحجم
تلخيص التمهيد

تلخيص التمهيد الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

من أصحابنا يقرؤن كتاب الكافي على أبي الحسين أحمد بن أحمد الكوفي حدثكم محمد بن يعقوب الكليني (ره) الخ. واسحق بن الحسن بن بكر ان أبي الحسين العقرابي الذي رآه (ره) بالكوفة وهو مجاور وكان يروي كتاب الكليني (ره) عنه وكان ذلك علوا في هذا الوقت كما نص عليه (ره) في ترجمته رقم 174. ومحمد بن عبدالله بن المطلب أبي المفضل الشيباني من تلاميذ الكليني (ره) كما في الفهرست ترجمة الكليني ذكر الماتن في ترجمته رقم 1070 " كان سافر في طلب الحديث عمره، اصله كوفي وكان في أول أمره ثبتا ثم خلط، ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه (إلى أن قال) رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه ".

ورأى عبدالله بن الحسين بن محمدبن يعقوب الفارسي كما في ترجمته رقم 615 وقال شيخ من وجوه اصحابنا ومحدثيهم وفقهائهم رأيته ولم أسمع منه الخ. ورأى أبا الحسن علي بن حماد بن عبيدالله بن حماد العدوى الشاعر رحمه الله نص على ذلك في ترجمة عبدالعزيز الجلودي رقم 646. وادرك محمد بن عبدالملك بن محمد التبان المتوفى لثلاث بقين من ذي القعدة سنة تسع عشر واربعمائة نص على ذلك في ترجمته رقم 1080 ومحمد بن الحسن بن حمزة الجعفري خليفة الشيخ الفيد (ره) والجالس مجلسه المتكلم الفقيه القيم بالامرين المتوفى سنة ثلث وستين واربعمائة كما في ترجمته 1081. وأبا الحسن بن البغدادي السوراني البزاز كما في ترجمته فضالة ابن ابوب رقم 858.

٢١

وعلي بن محمد بن شيران ابا الحسن الابلى شيخ من اصحابنا ثقة صدوق مات سنة عشرة واربعمائة رحمه الله واجتمع معه عند احمد بن الحسين الغضائري كما نص عليه في ترجمته رقم 711. وعلى بن عبدالله بن عمران القرشي الميموني المخزومي أبا الحسن ففي ترجمته رقم 704 كان فاسد المذهب والرواية وكان عارفا بالفقه وصنف كتاب الحج وكتاب الرد على اهل القياس فاما كتاب الحج فسلم الي نسخته فنسختها، وكان قديما قاضيا بمكة سنين كثيرة.

قلت وهو ابوولاد الحناط ابوالحسن الميموني الذي ذكره في الكنى رقم 1266 وقال: له كتاب الحجوكان قاضيا بمكة سنين كثيرة قرأت هذا الكتاب عليه. وعلي بن الحسين الموسوي الشريف المرتضى الذي تولى غسله ايضا كما في ترجمته رقم 714. وعلي بن عبدالرحمن بن عيسى القناتي الكاتب ففي ترجمته رقم 712 كان سليم الاعتقاد، كثير الحديث، صحيح الرواية، ابتعت من كتبه قطعة في دار أبي طالب بن المنهشم شيخ من وجوه اصحابنا إلى ان قال مات سنة ثلث عشر واربعمائة. ومحمد بن الحسين بن موسى نقيب العلويين ببغداد الشريف الرضي المتوفى سنة 406 ست واربعمائة كما في ترجمته رقم 1076 وكان الماتن (ره) يحضر مجلسه وفي مجلسه سمع من أبي الحسين بن المهلوس العلوي الموسوي رضي الله وكان هناك شيخه أبوعبدالله المفيد (ره) كما نص عليه في ترجمة محمد بن عبدالرحمن بن قبة رقم 1035.

ولم أجد ذكرا لادراكه رحمه الله محمد بن احمد بن داود المتوفى سنة 378 المدفون بمقابر قريش وكذا ابن بابويه الصدوق رحمه الله المتوفى سنة 381 والله العالم.

٢٢

قراء‌اته وسماعه وطرقه إلى الكتب كان رحمه الله قرأ على مشايخ الحديث واعلامهم كتبهم وكتب كثير من الاصحاب وأصولهم ممن تقدم على مشايخه كما يشير إلى ذلك في ترجمتهم وعند ذكر المصنفات والاصول وان شئت فلاحظ ترجمة أنس بن عياض رقم 267 وجعفر بن قولويه رقم 315 وحريز بن عبدالله رقم 372 وظفر بن حمدون رقم 561 وعبدالله بن علي رقم 604 وعبدالله بن احمد رقم 611 وغيرهم.

وكان رحمه الله كثير السماع عندما يقرء الكتب والاصول والروايات على المشايخ مثل التلعكبري والشيخ المفيد والحسين بن عبيدالله واحمد بن عبدون وابن الجندي ونظرائهم وان شئت فلاحظ ترجمة زياد بن أبي الحلال رقم 458 والحسن بن احمد الشريف رقم 148 ومحمد بن ابي عمير رقم 897 وغيرهم. وكان رحمه الله كثير الطرق إلى مصنفات أصحابنا وأصولهم كما هو ظاهر لمن تأمل في الكتاب وقد صرح في مواضع كثيرة وفي مقدمته إلى كثرة طرقه وانه انما يكتفي بذكر طريق واحد فحسب لئلا يطول الكتاب قال في ثابت بن شريح رقم 295 بعد ذكر كتابه: وهذا الكتاب يرويه عند جماعات من الناس وانما اختصرنا الطرق إلى الرواة حتى لا يكثر فليس أذكر الا طريقا واحدا فحسب.

وذكر نحوه في جميل بن دراج وغيره وقد أحصينا الكتب التي ذكر النجاشي فيها انها رواها جماعات من الناس أو جماعة او ان الطرق اليها كثيرة في محل آخر ويجاوز عددها 170 سبعين ومائة.

٢٣

وكان رحمه الله كثير الوقوف والاطلاع على مصنفات الاصحاب وأصولهم غير ما وجدها مذكورة في الكتب والفهرستات كما يشير إلى ذلك في مواضع كثيرة وان شئت فلاحظ ترجمة جعفر بن بشير رقم 301 وسعد بن عبدالله رقم 474 وعلي بن فضال رقم 682 ومحمد بن علي مؤمن الطاق رقم 896 وغيرهم.

وكان عنده نسخ جملة من الاصول بخط مؤلفيها مثل كتاب الحلبي كما يظهر من ترجمة محمد بن عبدالله رقم 1002 وغيرهم. وقد إشترى رحمه الله أكثر كتب علي بن محمد المعروف بابن خالويه كما في ترجمته رقم 705 وقطعة من كتب علي بن عبدالرحمان رقم 712 وفارس بن سليمان رقم 857. وكان عنده رحمه الله خط كثير من مشايخه واعلام الحديث وأشار إلى ذلك في مواضع كثيرة مثل ترجمة حصين بن المخارق رقم 373 وعلي بن محمد الشمشاطي رقم 695 وعلي بن محمد بن العباس رقم 710 وغيرهم. وكان رحمه الله كثير الاجازة من المشايخ وأصحاب الكتب كما يظهر من مواضع كثيرة وإن شئت فلاحظ ترجمة عبدالله بن عامر رقم 611 ومحمد بن علي بن يعقوب رقم 1077 وغيرهما. مشايخه واساتذته قرء‌ا شيخنا الجليل النجاشي رحمه الله كتب الادب والفقه والحديث وغيرها على جماعة كثيرة من أعلام عصره، وأجلاء الطائفة، وسمع الحديث وقرأه على مشايخه، وروى عن جماعة منهم دون عامة مشايخه فلم يرو عن غير واحد منهم وقد كان سمع منهم الحديث كثيرا. وفيهم من كان كثير العلم والادب. واعتذر بما وقف عليه من طعن أصحابنا

٢٤

على هؤلاء ومن ذلك استظهر جماعة من أصحابنا وثاقة مشايخه على ما سيأتي الكلام فيه.

ثم انه نرى في هذا الكتاب روايته كتابا او نسخة او اصلا او حديثا في أحوال الرواة او نحو ذلك عين غير واحد ممن صرح الماتن (ره) بالطعن فيه بل وبعدم الرواية عنه، وهذا بظاهره يناقض كلامه المتقدم من ترك الرواية عن بعضهم بسبب طعن الاصحاب فيه. وهذا مثل ما نرى حكايته كتب الاصحاب أو احوالهم عن ابن عياش الجوهري الذي صرح في ترجمته بتركه الرواية عنه. ويمكن ان يقال بالفرق بين الرواية بنحو قوله اخبرنا - اخبرني - - حدثنا - ونحو ذلك فيختص بمن لم يكن مطعونا عند الاصحاب وبين مطلق الرواية وحكاية كتاب او اصل او رواية بنحو قوله ذكر ذلك او قال ذلك او رواه ابن عياش او غير ذلك بدعوى ان ذلك ليس من الرواية اصطلاحا او بناء منه رحمه الله على ذلك فلا يختص بغير المطعون ويؤيد ذلك انه ما وقفنا في كتاب النجاشي على روايته رحمه الله عن بعض مشايخه المطعونين بصورة قوله اخبرنا او حدثنا بل الموجود فيه الرواية على الوجه الثاني كما نشير إلى ذلك. وعلى هذا فرواية النجاشي عن شيخ على الوجه الاول امارة على خلوه عن الطعن ولا ينافي ذلك روايته عنه ايضا على الوجه الثاني فلا يلزم كون الرواية عنه على الوجه الاول دائما ولذلك نرى كثيرا روايته عن عدة من أكابر مشايخه على الوجهين معا. وان شئت فلاحظ ترجمة الحسن بن محمد بن سماعة رقم 82 فروى كتابه بقوله قال لنا احمد بن عبدالواحد قال الخ وفي عبيدالله الجعفي رقم 5 بدء طريقه اليه بقوله قال ابوالعباس حدثنا الخ وغير ذلك مما حكى

٢٥

عن شيخه واستاذه ابي العباس بن نوح بهذا الوجه وروى كتب اسماعيل ابن محمد المخزومي في ترجمته رقم 66 عن شيخه ابن الجندي مبدوء‌ا بقوله (ره) قال ونحوه عن شيخه ابن الغضائري مما ستقف عليه ويطول بذكره وفي الفرق بين الرواية على الوجهين نظر يأتي في محله. ولاجل هذا الفرق ودفع ما وقع من الخلط في كلام غير واحد من أعاظم المتأخرين في بيان مشايخه نذكر اولا مشايخه الذين روى عنهم في هذا الكتاب على الوجه الاول ثم من روى عنه على الوجه الثاني ثم من قرء عليه وسمع ولم يحك عنه في هذا الكتاب شيئا والله ولي السداد.

مشايخه الذين روى عنهم

1 - ابراهيم بن مخلد بن جعفر القاضي أبواسحق وذكر تمام نسبه الخطيب في تاريخه ج 6 ص 189 رقم 3250 وقال جعفر بن مخلد بن سهل ابن حمران بن مافيا حسنس بن فيروز بن كسرى قباذ، ابواسحاق المعروف بالباقر حى قال: ذكرني نسبه ابنه اسحق ثم ذكر مشايخه ومنهم احمد بن كامل القاضى (إلى ان) قال: كتبنا عنه وكان صدوقا صحيح الكتاب حسن النقل جيد الضبط والمعرفة (إلى ان قال) وسمعته يقول ولدت في سنة خمس وعشرين وثلثمائة ثم حدثني ابنه اسحاق قال حدثني أبي أن مولده في يوم الاثنين السابع من شعبان سنة خمس وعشرين وثلثمائة (إلى ان قال) توفي ابراهيم بن مخلد وقت العصر من يوم الاربعاء السابع عشر من ذي الحجة سنة عشر واربعمائة. قلت روى النجاشي عن ابراهيم هذا عن ابي بكر احمد بن كامل

٢٦

ابن خلف بن شجرة (المتوفى سنة 350 كما في تاريخ بغداد ج 4 ص 359) عن موسى بن حماد اليزيدي عن دعبل بن علي الخزاعي الشاعر كتابه رقم 425. وايضا عنه عن ابيه عن محمد بن جرير ابي جعفر الطبري كتابه رقم 887. قلت لا يبعد كونه من مشايخه من العامة.

2 - الشيخ ابوعبدالله أحمد بن عبدالواحد بن احمد البزاز المعروف بابن عبدون كما ذكره الماتن وغيره وبابن الحاشر كما في كتب الشيخ (ره) المتوفى سنة 423 وهو من مشايخه الذين روى عنهم كثيرا على الوجهين وقد روى عنه الشيخ (ره) ايضا كثيرا وذكر الماتن في ترجمته رقم 207 " وكان قويا في الادب قد قرأ كتب الادب على شيوخ أهل الادب وكان قد لقا أبا الحسن علي بن محمد القرشى المعروف بابن الزبير وكان علوا في الوقت " قلت يأتى هناك معنى العلو في الوقت وانه العلو في الاسناد وانه يوجب رجحان الاسناد وغير ذلك من وجوه البحث في هذا وايضا ما يشير إلى جلالة ابن عبدون.

3 - احمد بن علي طاهر فقد روى عنه عن ابن الوليد باسناده كتاب محمد بن بندار رقم 924 وايضا في ترجمة سندى بن عيسى الهمدانى رقم 502 روى كتابه عن احمد بن علي بن طاهر وغيره عن محمد بن علي ابن تمام ولعله المراد بقوله اخبرنا احمد بن علي الاشعري قال حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد في طريقه إلى كتاب معاوية بن سعيد في ترجمته رقم 1105 قلت ولم أجد له في غير هذه الموارد ولا في كتاب غير النجاشي ذكرا.

4 - احمد بن محمد بن عمران بن موسى بن عروة بن الجراح

٢٧

ابن علي بن زيد بن بكر بن حريش، ابوالحسن النهشلي، المعروف بابن الجندي رحمه الله. فقد روى عنه كثيرا وترحم عليه كما روى عنه شيخ الطائفة ايضا في كتبه كثيرا وذكر الماتن (ره) ترجمته كما يأتى رقم 202 وقال: استاذنا رحمه الله ألحقنا بالشيوخ في زمانه. الخ. والمراد بالالحاق بالشيوخ في زمانه إما جعله من مشايخ الحديث وهذا بعيد او جعله الماتن قرينا مع شيوخ زمانه بكثرة علمه وتوفر ما استفاده منه رحمه الله او لاجل علو الاسناد به اذ برواية النجاشي عن ابن الجندي يصير في طبقة مشايخ النجاشى الذين رووا عن ابن الجندي وساير المشايخ وتمام الكلام في ذلك يأتى في محله.

ثم ان جلالة قدر ابن الجندي وعظمة شأنه في الطائفة ومعروفيته عند مشايخ الحديث مما توجب الغناء عن الاطراء عليه ولعله لذلك لم يذكر الماتن (ره) في ترجمته ذلك.

وقد كان رحمه الله ايضا مشهورا بين علماء الجمهور وكان من مشايخ الحديث عندهم فقد ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 رقم 575 ص 147 وقال كان آخر من بقى ببغداد من أصحاب ابن صاعد شيعي انتهى. وذكره الخطيب في تاريخ بغداد ج 5 ص 77 رقم 2464. وذكر في مولده اقوالا ثلاثة سنة 305 وسنة 6306 وسنة 307 في الخميس التاسع من المحرم، ثم روى ان اول سماعه سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة ثم ذكر مشايخه ومن روى عنهم وهم كثيرون ثم قال: اخبرنا الحسن بن محمد الخلال، واحمد بن محمد العتيقي قالا: توفى ابوالحسن بن الجندي في جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وثلاثمائة قال العتيقى وكان يرمى بالتشيع وكانت له اصول

٢٨

حسان انتهى، ثم ان الماتن (ره) ذكره في ترجمته بعنوان احمد بن محمد بن عمران بن موسى ابي الحسن المعروف بابن الجندي وبقوله شيخنا ابى الحسن الجندي في صالح بن محمد الصراى رقم 535 وايضا ابى الحسن احمد بن محمد بن عمران الجندي هناك وفى مواضع كثيرة.

وباحمد بن محمد بن الجندي كما في ابى رافع رقم 1 وغيره وباحمد بن محمد بن موسى الجندي شيخنا كثيرا وبلا ذكر الجندي في مواضع منه وبابن الجندي كما في الاصبغ وغيره وباحمد بن محمد بن الجراح كما في علي بن عقبة رقم 716 وغيره وباحمد بن محمد بن موسى بن الجراح الجندي كما في ترجمة محمد بن ابي بكر همام الاسكافي رقم 1044 وغير ذلك من تعبيراته والجميع واحد كما حققناه في رسالتنا في المشيخات.

5 - احمد بن محمد المستنشق فقد روى عنه عن ابى علي بن همام في ترجمة عبدالله بن مسكان رقم 566.

6 - احمد بن محمد بن موسى بن هارون بن الصلت الاهوازي ابوالحسن ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 رقم 533 ص 132 وقال: سمع المحاملي وابن عقدة، وعنه الخطيب، وقال: كان صدوقا صالحا. وذكره الخطيب في تاريخه ج 4 ص 370 رقم 2240 وقال أهوازي الاصل مولده ببغداد في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ثم ذكر مشايخه ومنهم ابوالعباس بن عقدة ثم قال: كتبت عنه وكان صدوقا صالحا ينزل دار اسحاق، وتوفى يوم الاثنين لثمان خلون من جمادى الآخرة سنة تسع وأربعمائة، ودفن من الغد في مقبرة باب التبن.

قلت وهو من مشايخ شيخ الطائفة ايضا فقد روى عنه في كتبه كثيرا وظاهر العلامة رحمه الله في الاجازة الكبيرة لبني زهرة أنه من

٢٩

مشايخ شيخ الطائفة من العامة. وقد روى النجاشى (ره) عنه كثيرا عن احمد بن محمد بن سعيد ابن العباس بن عقدة، كما في ترجمة ابراهيم بن مهزم رقم 29 وغيره.

وهو المراد باحمد بن محمد بن موسى في ترجمة محمد بن قيس رقم 891. وباحمد بن محمد الاهوازي في محمد بن اسحاق بن عمار رقم 980. بل الظاهر انه المراد باحمد بن محمد بن هارون كما في ترجمة ايوب بن نوح رقم 251 وكثير من التراجم. وباحمد بن هارون في ترجمة محمد بن ابي عمير رقم 897. والوجه في ذلك روايته عنه عن أحمد بن محمد بن سعيد في هذه الموارد فدعوى التعدد بقرينة الاختلاف الموجود لا وجه لها.

7 - احمد بن نوح بن علي بن العباس بن نوح السيرافى، ابوالعباس رحمه الله ذكر الماتن (ره) ترجمته رقم 205 وقال: نزيل البصرة كان ثقة في حديثه متقنا لما يرويه فقيها بصيرا بالحديث والرواية وهو أستاذنا ومن إستفدنا منه.

قلت روى في هذا الكتاب عنه كثيرا مترجما عليه ولم يرو عنه شيخ الطائفة رحمه الله قال في الفهرست ص 37 رقم 107: مات عن قرب الا انه كان بالبصرة ولم يتفق لقائي اياه. وذكره في رجاله ص 456 رقم 108 قائلا: احمد بن محمد بن نوح البصري السيرافي يكنى أبا العباس ثقة.

قلت لم اجد قرينة على ان سماع النجاشي من ابن نوح كان في البصرة ولعل ذلك كان قبل نزوله البصرة. ثم ان الظاهر كون المراد باحمد بن علي بن نوح واحمد بن علي العباس واحمد بن علي السيرافي في مواضع كثيرة من هذا الكتاب هو احمد بن نوح هذا.

٣٠

8 - أسد بن ابراهيم بن كليب السلمى الحرانى ابوالحسن. فقد روى عنه، وعن محمد بن عثمان عن محمد بن الحسين بن صالح السبيعى في ترجمة الحسين بن محمد بن على الازدي رقم 150. قلت ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال ج 1 ص 206 رقم 810 وزاد في لقبه القاضى وقال: يروى عنه الحسين بن علي الصيمري صاحب مناكير وموضوعات ذكره الخطيب وغيره انتهى.

أقول تضعيف الجمهور مشايخ أصحابنا برواية فضائل اهل البيت عليهم السلام بدعوى كونها مناكير وموضوعات أمر غير عزيز ولا سيما من الذهبي وامثاله كما هو ظاهر لمن يراجع كتبهم.

9 - الحسن بن احمد بن ابراهيم فقد روى رحمه الله عنه عن أبيه في ترجمة محمد بن تميم النهشلي رقم 1000 وايضا فيما أجازه كما في ترجمة احمد بن عامر بن سليمان رقم 247.

10 - الحسن بن احمد بن محمد بن الهيثم العجلي ابومحمد، ذكر رحمه الله في ترجمته رقم 147 " ثقة من وجوه اصحابنا وأبووجده ثقتان وهم من اهل الري جاور في آخر عمره بالكوفة ورأيته بها " وروى عنه عن ابيه في ترجمة عبدالله بن داهر بن يحيى رقم 607.

11 - الحسن بن محمد بن يحيى بن داود الفحام ابومحمد السر من رائى، ذكره الخطيب في تاريخه ج 7 ص 424، وذكر مشايخه وانه من اهل سر من رأى، وقال: كان ثقة على مذهب الشافعى وكان يرمى بالتشيع ومات بسر من رأى سمعت أبا الفضل بن السامري يقول: مات إبن الفحام في سنة ثمان ولربعمائة.

قلت وقد روى النجاشى رحمه الله في ترجمة عيسى بن احمد بن عيسى رقم 814 عنه عن محمد بن احمد بن عبيدالله.

٣١

وروى شيخ الطائفة ايضا عنه كما في الامالي كثيرا وزاد في بشارة المصطفى ص 232 في رواية الشيخ (ره) لقب السر من رائي.

12 - الحسين بن جعفر بن محمد المخزومي ابوعبدالله المعروف بابن الخمري الكوفى رحمه الله وكان رحمه الله من مشايخ إجازة النجاشى قال في ترجمة الحسين بن احمد بن المغيرة رقم 161. له كتاب عمل السلطان أجازنا بروايته أبوعبدالله بن الخمري الشيخ الصالح في مشهد مولانا امير المؤمنين عليه السلام سنة أربعمائة عنه. وروى عن إبن الخمري عن محمد بن هارون الكندي في ترجمة عبدالله بن ابراهيم رقم 592. وزد الماتن رحمه الله في لقبه الكوفى في ترجمة خلف بن عيسى رقم 397 وروى عنه عن الحسين بن احمد بن المغيرة.

13 - الحسين بن احمد بن موسى بن هدبة، فقد روى عنه عن جعفر بن محمد بن قولويه في علي بن مهزيار رقم 670 وايضا في علي ابن محمد بن جعفر قم 691. وهو المراد بالحسين بن هدبة في محمد ابن الحسن بن زياد رقم 991. وبالحسين بن احمد بن هدبة في ترجمة نصر بن صباح رقم 1160. وبأبى عبدالله بن هدبة في عبدالعزيز ابن يحيى رقم 646. وأما ما في ترجمة محمد بن اورمة رقم 901 من قوله أخبرنا الح7سبن بن محمد بن هدبة قال حدثنا جعفر بن محمد الخ فهو مصحف احمد بن هدبة لروايته عن ابن قولويه ولم اجد له ذكرا في الرجال.

14 - الحسين بن عبيدالله بن ابراهيم الغضائري أبوعبدالله شيخنا رحمه الله كما في ترجمته رقم 162 ثم ذكر كتبه وقال: أجازنا جميعها وجميع رواياته عن شيوخه ومات رحمه الله في نصف صفر

٣٢

سنة احدى عشر واربعمائة.

قلت وقد اكثر (ره) الرواية في هذا الكتاب عن الحسين هذا كما روى الشيخ (ره) عنه في الفهرست وفى المشيخة وسائر كتبه وقال فيمن لم يرو عنهم (ع) ص 470 رقم 52. بعد ذكره " كثير السماع عارف بالرجال وله تصانيف ذكرناها في الفهرست سمعنا منه وأجاز لنا بجميع رواياته مات سنة إحدى عشر واربعمائة ".

15 - الحسين بن عبيدالله القزويني روى عنه عن احمد بن محمد ابن يحيى في ترجمة احمد بن محمد بن سيار رقم 188.

16 - الحسين بن موسى، فقد روى عنه عن جعفر بن محمد في سعد الاشعري رقم 474، وفي ترجمة محمد بن احمد بن يحيى رقم 951 قلت: لم أجد له ذكرا في الرجال، واحتمال اتحاده مع الحسن او الحسين بن احمد بن موسى بن هدبة غير بعيد.

17 - سلامة بن دكا ابوالخير الموصلي رحمه الله، فقد روى عنه كتب علي بن محمد بن العدوي الشمشاطي في ترجمته رقم 695 وحكى عنه تفصيلها وكبرها، ثم قال: أخبرنا سلامة بن دكا ابوالخير الموصلي رحمه الله بجميع كتبه.

18 - عباس بن عمر بن العباس الكلوذاني المعروف بابن مروان أبوالحسن رحمه الله، فقد روى عنه عن محمد يحى الصولى في ترجمة بكر بن محمد بن حبيب رقم 277 وايضا عنه عن علي بن الحسين بن بابوبه القمي في ترجمته رقم 690 قال: أخبرنا ابوالحسن العباس بن عمربن عباس بن محمد بن عبدالملك(1) بن ابي مروان الكلوذاني رحمه الله قال اخذت اجازة علي بن الحسين بن بابويه لما قدم بغداد

____________________

(1) يحتمل كون هذا مصحف (يعرف بابن أبي مروان).

٣٣

سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة بجميع كتبه الخ وفي ترجمة حصين بن المخارق رقم 373 زاد في لقب عبدالملك الفارسي الكاتب. وزاد ايضا الدهقان في ترجمة عبدالله بن محمد الاسدي رقم 600 وقد روى عنه ايضا في ترجمة علي بن ابراهيم الجوانى رقم 693 ولم أجد له ذكرا في الرجال نعم ذكره الخطيب في تاريخه ج 12 ص 162 رقم 6649 كما في العنوان وذكر جده عبدالملك بن سليمان ثم ذكر مشايخه وقال كتبت عنه وكان خبيث المذهب رافضيا ثم ذكره بالسوء إلى ان قال ومات في شهر رمضان من سنة اربع عشرة واربعمائة. قلت كيف ينسب مذهب ائمة اهل البيت (ع) بالخبث والله يعصمنا من الزلل.

19 - عبدالسلام بن الحسين بن محمد بن عبدالله البصري، ابو احمد الشيخ الاديب رحمه الله، فقد روى عنه عن أبي بكر بن جلين الدوري في ترجمة الاصبغ رقم 4 قال: ودفع الي شيخ الادب أبواحمد عبدالسلام ابن الحسين البصري رحمه الله كتابا بخطه قد أجاز له فيه جميع روايته كما في ترجمة احمد بن عبدالله الدوري رقم 201 وغير ذلك من التراجم، وروى عنه ايضا عن ابي القاسم عمر بن محمد الحلال ترجمة يعقوب بن اسحاق رقم 1220 وايضا عن محمد بن عمران في ترجمة عبدالله بن احمد بن حرب رقم 574 وعن حبيب بن أوس في ترجمته رقم 364 وعن أبي القاسم الحسن بن بشير بن يحيى في ترجمة محمد بن احمد المفجع رقم 1033 ولم أجد له توثيقا في الرجال لكن الماتن (ره) يترحم عليه عند ذكره نعم ذكره الخطيب في تاريخه ج 11 ص 57 رقم 5739 وقال سكن بغداد وحدث بها ثم ذكر مشايخه وقال: وكان صدوقا عالما اديبا قارئا للقرآن عارفا بالقراآت وكان يتولى ببغداد النظر في دار الكتب واليه حفظها والاشراف عليها، سمعت اباالقاسم

٣٤

عبيدالله بن علي الرقي الاديب يقول: كان عبدالسلام البصري من أحسن الناس تلاوة للقرآن، وإنشادا للشعر وكان سمحا سخيا إلى ان قال: توفي في يوم الثلاثاء التاسع عشر من المحرم سنة خمس واربعمائة ثم قال: ودفن في مقبرة الشونيزي عند قبرابي علي الفارسي وكان مولده في سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.

20 - علي بن احمد بن محمد بن طاهر ابوالحسين الاشعري القمي وقد روى عنه عن محمد بن الحسن بن الوليد كثيرا جدا، وقال (ره) في جعفر بن سليمان رقم 309: اخبرنا علي بن احمد بن ابي جيد قال حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد عنه، وفي الحسين بن المختار رقم 120 أخبرنا علي بن احمد بن محمد بن ابي جيدة قال حدثنا محمد بن الحسن الخ وغير ذلك كما ذكرناه في محله وفي احمد بن عبدوس رقم 193 اخبرناه ابن ابي جيد، وايضا في أبى الجوزاء رقم 1258 وغير ذلك والظاهر إتحاد الجميع بقرينة روايته عن ابن الوليد في الجميع وان ابا جيد كنية ابيه او جده والانتساب إلى الاب او الجد في الاسانيد غير عزيز، ولعله المراد بعلي بن احمد عن اسحق بن الحسن في ترجمة محمد بن سالم رقم 885. ومما ذكرنا ظهر ان التعدد في هذه الموارد كما عليه غير واحد في غير محله.

وقد روى عن ابي جيد القمي الشيخ (ره) في الفهرست كثيرا.

21 - علي بن احمد بن العباس النجاشي والده عليهما الرحمة، فقد روى عنه مترحما عليه عن محمد بن علي بن الحسين بن بابويه كتب عثمان بن عيسى رقم 825 ومدحا في محمد بن اسماعيل رقم 903 وكتب ما جيلويه محمد بن علي البرقي رقم 959 وكتب محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي رقم 1060، وغير ذلك من كتب الاصحاب

٣٥

وقد اجازه والده عليه الرحمة وقرأ عليه ايضا كما صرح به في بعض هذه الموارد، وروى عن والده عن ابيه في علي بن عبيدالله رقم 677.

22 - علي بن شبل بن أسد أبوالقاسم الوكيل فقد روى عنه عن ابي منصور ظفر بن حمدون عن الاحمري كتاب عبدالله بن حماد الانصاري رقم 573 وكتب إبراهيم بن اسحق الاحمري رقم 19 وقرأ عليه كتاب اخبار ابي ذر (ره) لابي منصور البادرائي ظفر بن حمدون رقم 561. وقد روى عنه الشيخ (ره) في الفهرست ص 7 في ابراهيم بن سليمان قائلا: أخبرنا بكتبه ورواياته ابوالقاسم علي بن شبل بن أسد الوكيل قال اخبرنا ابومنصور ظفر الخ، وايضا فيمن لم يرو عنهم (ع) من رجاله ص 477 في ظفر بن حمدون قال: أخبرنا عنه ابن شبل الوكيل قلت: لم أجد له مدحا بغير وكالته.

23 - علي بن محمد بن يوسف القاضي ابوالحسن، روى نسخة كبيرة لمحمد بن ابراهيم الامام عن جعفر بن محمد عليه السلام رقم 963 قائلا: أخبرنا القاضي ابوالحسن علي بن محمد بن يوسف بسر من رأى قال حدثنا ابراهيم بن عبدالصمد الخ. قلت يحتمل كون علي بن محمد هذا هو الذي ذكر النجاشي ترجمته رقم 705 قائلا: علي بن محمد بن يوسف بن مهجور ابوالحسن الفارسي المعروف بابن خالويه شيخ من أصحابنا ثقة سمع الحديث فاكثر إبتعت اكثر كتبه ثم ذكرها وقال: اخبرنا عنه عدة من أصحابنا " اقول كونه من مشايخه لا ينافي روايته كتبه عنه بالواسطة.

24 - محمد بن جعفر، المؤدب، الاديب النحوي التميمي ابوالحسن فقد روى عن محمد بن جعفر عن احمد بن محمد سعيد بلا ذكر الالقاب

٣٦

كثيرا، وايضا بزيادة المؤدب كما في ترجمة كثير بن طارق رقم 881، وبزيادة الاديب كما في ترجمة ابي رافع رقم 1. وبزيادة النحوي كما في طريقه إلى كتاب السنن والاحكام والقضايا لابي رافع رقم 1 وفي بسطام بن الحصين رقم 279 وفي عبدالسلام بن سالم رقم 650. وبزيادة خ التميمي في محمد بن مسلمة رقم 1016 وفي سعيد بن يسار رقم 485 ومحمد بن الحسن المحاربي رقم 955 وغير ذلك، وبقوله: اخبرني ابوالحسن التميمي (ره) في إبن ابي رافع مررا وفي ابان بن تغلب رقم 6 وابان بن عثمان رقم 7 وغير ذلك مما يطول بذكره. واتحاد الجميع ظاهر بقرنية من روى هو عنه كما لا يخفى على المتأمل بل لا يبعد اتحاده مع محمد بن جعفر النجار فروى كتاب احمد ابن الحسن بن سعيد القرشي رقم 223 قائلا اخبرنا محمد بن جعفر النجار قال حدثنا احمد بن محمد بن سعيد عن احمد بن الحسن. وقد روى (ره) عن محمد بن جعفر التميمي عن الحسين بن محمد الفرزدق القطعي كتابيه رقم 156. وذكر داود بن سليمان القزويني رقم 423 ثم قال ذكره ابن نوح في رجاله له كتاب عن الرضا عليه السلام اخبرني محمد بن جعفر النحوي قال حدثنا الحسين بن محمد بن الفرزدق القطعي قال حدثنا أبوحمزة بن سليمان قال نزل أخي داود بن سليمان وذكر النسخة.

قلت لا يبعد اتحاد النحوي والتميمي بقرنية روايتهما عن ابن الفرزدق واحتمال كون النحوى من مشايخ ابن نوح بدعوى كون قوله اخبرني محمد بن جعفر النحوي من كلان ابن نوح بعيد يخالفه ظاهر

٣٧

السياق وايضا من روى عنه. وأبعد من ذلك احتمال اتحاد النحوي مع محمد بن جعفر بن عبدالله النحوي ابوبكر المؤدب الذي ذكر الماتن (ره) ترجمته رقم 1065 وقال حسن العلم بالعربية والمعرفة بالحديث الخ، وذلك لان ابابكر النحوي روى النجاشي عنه بواسطتين كما في ترجمته وبواسطتين غيرهما في عبدالعزيز بن المهتدى المقي المترجم رقم 648.

قال السيوطي في بغية الوعاة ص 28 محمد بن جعفر بن محمد بن هارون ابن قوة، ابوالحسن التميمي النحوي يعرف بابن النجار الكوفي، قال: ياقوت ولد بالكوفة سنة ثلاث وثلثمائة وقيل سنة احدى عشرة وقدم بغداد وحدث عن ابن دريد ونفطويه وكان ثقة من مجودي القرآن، صنف مختصرا في النحو، الملح والنوادر، تاريخ الكوفة وغير ذلك، مات سنة اثنتين واربعمائة في جمادى الاولى.

وذكره الخطيب في تاريخه ج 2 ص 158 رقم 583 وذكر جده هارون بن فروة بن ناجية بن مالك وقال: من اهل الكوفة قدم بغداد وحدث بها ثم ذكر مشايخه ومنهم نفطويه واحمد بن عبدالواحد الوكيل ثم حكي عن الحسن بن علي المقري واحمد بن عبدالواحد ابي يعلي الوكيل أنهما سمعا منه ببغداد في سنة احدى وتسعين وثلثمائة ثم روى مولده في سنة ثلاث وثلثمائة في المحرم لست عشرة ليلة خلت منه بالكوفة، ووفاته بالكوفة في جمادى الاولى سنة اثنتين واربعمائة ثم قال: قال العتيقي: ثقة.

25 - محمد بن عثمان بن الحسن بن عبدالله، ابوالحسن القاضي النصيبي، المعدل، فقد روى عنه كثيرا عن الشريف الصالح ابي القاسم جعفر بن محمد بن عبيدالله الموسوي وعن غيره من رواة الحديث وقد سمع الماتن رحمه الله عنه كثيرا وقرء عليه كتب اصحابنا واصولهم قال

٣٨

في ترجمة محمد بن عمر الجعابي رقم 1066: له كتاب الشيعة من أصحاب الحديث وطبقاتهم وهو كتاب كبير سمعناه من أبي الحسين محمد ابن عثمان وفي ترجمة فارس بن سليمان رقم 857 بعد ذكر كتابه قال: أقرأئه على القاضي أبي الحسن محمد بن عثمان بن الحسن النصيبي وكتبته من أصله الخ.

قلت واختلاف تعبير الماتن عنه في هذا الكتاب لا يوجب التعدد فقد ذكره تارة بلا كنية كما في عدة من التراجم واخرى مع ذكر جده وثالثه مع ذكر النصيبي ورابعة مع ذكر المعدل كما في ترجمة محمد بن يوسف الصنعاني رقم 968 وغير ذلك من وجوه الاختصار في الالقاب والنسب والكنى وعدمه كما ان ذكر من روى عنه جعفر بن محمد الموسوي تارة مع ذكر جده واخرى مع زيادة لقب الشريف الصالح او الموسوي وغير ذلك لا يوجب التعدد وان شئت فلاحظ تراجم هؤلاء عبيدالله بن نهيك رقم 620. وعلى بن ابيحمرة البطائني رقم 662. وجميل بن صالح رقم 326 وبرد الاسكاف رقم 289.

وعلي بن عمر رقم 676 وغيرهم.

قلت ذكر المحدث النوري (ره) في خاتمة المستدرك في مشايخ النجاشي محمد بن عثمان النصيبي ثم قال: أدركه وقرء عليه بحلب اقول ليس الامر كما ذكره فقد ذكرنا ان النجاشي لم يخرج من بغداد إلا للزيارة وانما نشأ ما ذكره رحمه الله مما ذكر الماتن (ره) في ترجمة الحسين بن خالويه ص 53 رقم 157 إذ بعد ذكره وانه سكن حلب ومات بها وبعد ذكر كتبه قال: حدثنا بذلك القاضي أبوالحسين النصيبي قال قرأته عليه بحلب الخ.

٣٩

وقد ذكره الخطيب في تاريخ بغداد ج 3 ص 51 رقم 992 وذكر مشايخه من شيوخ الشام وجماعة من البغداديين ثم ذكر ان قدوم النصيبي بغداد كان بعد موت الصفار بعدة سنين وانه مات يوم الاربعاء الثالث من شهر رمضان سنة ست واربعمائة ودفن في داره بالكرخ.

وذكر ايضا ان النصيبي كان عدلا في الشهادة لم يتعلق عليه فيها بشئ وضعفه في الرواية وملخص ما ذكره في وجه ضعفه في الرواية روايته للشيعة المناكير قال: فروى للشيعة المناكير قلت تضعيف القوم لامثاله من الرواة واجلاء الامامية برواية فضائل اهل البيت عليهم السلام بدعوى كونها مناكير أمر شايع لا يخفى على من تأمل كتاب الخطيب وكتاب ميزان الاعتدال وغير ذلك وقد ذكر النصيبي هذا الذهبي في ميزان الاعتدال ج 3 ص 643 وشنع عليه بذلك فلاحظ.

26 - محمد بن علي بن يعقوب بن اسحاق بن أبي قرة ابوالفرج القناتي الكاتب، ذكر ترجمته رقم 1077 وقال: كان ثقة وسمع كثيرا وكتب كثيرا وكان بورق لاصحابنا، وقعنا في المجالس. إلى ان قال أخبرني وأجازني جميع كتبه. وكان رحمه الله من فقهاء الامامية، وكان له رأي فيما يفسد الصلاة وقد ألف شيخ الطائفة في عصره المفيد رحمه الله كتابا في جواب ابي الفرج بن اسحاق القناتي هذا ذكره الماتن في ترجمة المفيد رحمه الله رقم 1078. وقد روى الماتن رحمه الله عنه كثيرا عن غير واحد من الرواة، مثل محمد بن عبدالله ابي المفضل الشيباني الذي ادركه الماتن وسمع منه ايضا كما في ترجمة محمد بن علي الشلمغاني رقم 1041، ومحمد بن علي ابن الحسين بن زيد رقم 1004، ومحمد بن منصور رقم 1001، واسماعيل

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

(مالكم تَكَأكَأتم عليَّ كما تَتَكَأكَأون على ذي جِنّة، افرنقعوا عنّي!).

فجعل الناس ينظرون إليه ويقول بعضهم لبعض: دعوه فإنّ شيطانه يتكلّم بالهندية! (١) .

قال: ومنه ما يحتاج إلى أن يُخرّج له وجه بعيد، نحو مُسرّج في قول العجّاج:

ومُقلةً وحاجباً مزجّجا

وفاحماً ومَرسِناً مُسرّجا (٢)

لم يُعلم أنّه مأخوذ من السيف السريجي في الدقة والاستواء، أو من السراج في البريق واللمعان.

قال: والوحشي قسمان، غريب حسن وغريب قبيح، فالغريب الحسن هو الذي لا يُعاب استعماله على العرب؛ لأنّه لم يكن وحشياً عندهم، وذلك مثل شرنبث واشمخرّ واقمطرّ (٣) وهي في النظم أحسن منه في النثر، ومنه غريب القرآن والحديث.

والغريب القبيح يُعاب استعماله مطلقاً (حتى على العرب) ويُسمّى الوحشيّ الغليظ، وهو أن يكون مع كونه غريب الاستعمال ثقيلاً على السمع كريهاً على الذوق، ويُسمّى المتوعّر أيضاً، وذلك مثل جحيش واطلخمّ الأمر وجفخت (٤) وأمثال ذلك (٥) .

____________________

(١) المطوّل طبعة اسلامبول: ص١٨، وراجع الفائق للزمخشري: ج٢ ص٢٤١. نسب الجاحظ ذلك إلى أبي علقمة، حدّث به ذلك في بعض طرقات البصرة.

والمعنى: مالكم اجتمعتم عليّ كما تجتمعون على مجنون، تفرّقوا عنّي.

(٢) المُقلة: حدقة العين، والمزجّج كمعظّم: المدقّق المرقّق، والفاحم: الشعر الأسود، والمَرسن كمجلس: موضع الرسن من أنف الناقة، شاع استعماله في مطلق أنف الإنسان.

(٣) الشرنبث كغضنفر: الغليظ الكفّين والرجلين. واشمخرّ: طال. واقمطرّ: اشتدّ.

(٤) والجحيش: المُنعزل عن الناس بمعنى الفريد، واطلخمّ الأمر:اشتبك واشتبه، مأخوذ من الطلخوم بمعنى الماء الآجن. وجفخت: تكبّرت.

(٥) المطوّل: طبعة اسلامبول ص١٨.

٢٤١

والخلاصة: القرآن كما يترفع عن الاسترسال العامي المرتذل، كذلك يبتعد عن استعمال غرائب الألفاظ المتوعّرة بمعنى وحشيها غير مأنوسة الاستعمال ولا مألوفة في متعارف أهل اللسان المترفّعين.

قال الخطابي: ليست الغرابة ممّا اشترطت في حدود البلاغة، وإنّما يكثر وحشيّ الغريب في كلام الأوحاش من الناس والأجلاف من جفاة العرب، الذين يذهبون مذاهب (العنهجية) (١) ولا يعرفون تقطيع الكلام وتنزيله والتخيّر له، وليس ذلك معدوداً في النوع الأفضل من أنواعه، وإنّما المختار منه النمط الأقصد الذي جاء به القرآن، وهو الذي جمع البلاغة والفخامة إلى العذوبة والسهولة.

قال: وقد يُعدّ من ألفاظ الغريب في نعوت الطويل (٢) نحو من ستين لفظة أكرها بشع شنع، كالعشنّق والعشنّط والعنطنط، والشوقب والشوذب والسلهب، والقوق والقاف، والطوط والطاط... فاصطلح أهل البلاغة على نبذها وترك استعمالها في مرسل الكلام، واستعملوا الطويل، وهذا يدلّك على أنّ البلاغة لا تعبأ بالغرابة ولا تعمل بها شيئاً (٣) .

وبعد، فالذي جاء منه في القرآن الشيء الكثير، هو الغريب العذب والوحش السائغ، الذي أصبح بفضل استعماله ألوفاً، وصار من بعد اصطياده خلوباً. دون البعيد الركيك والمتوعّر النفور، الذي لم يأتِ منه في القرآن شيء، ممّا جاء في كلام أمثال ذاك النحوي المتكلّف عيسى بن عمر.

والسبب في ازدحام غرائب الألفاظ وعرائس الكلمات في القرآن؛ هو ارتفاع سبكه عن مستوى العامّة الهابط، واعتلاء أُسلوبه عن متناول الأجلاف المبتذل.

____________________

(١) العنهج لغة في العمهج بمعنى الإبل الضخم الطويل، والعنهجية: كناية عن سلوك طرائق وَعِرة بعيدة المدى، إما تعسفّاً أو تفنّناً لا لغرض معقول.

(٢) أي كل ذلك ينعت به الطويل بمختلف أطواره، كالعشنّق يوصف به الطويل الذي ليس بضخم ولا مثقّل، والعشنّط: الشابّ الظريف الحسن الجسم، والشوذب: الطويل الحسن الخلق... وهكذا.

(٣) بيان إعجاز القرآن: ص ٣٧.

٢٤٢

القرآن اختصّ بإحاطته على عوالي الكلمات الفصحى، وغوالي العبارات العليا، لا إعواز في بيانه ولا عجز ولا قصور، الأمر الذي يُنبئك عن علم شامل بأوضاع اللغة وكرائم الألفاظ، دليلاً على أنّه من ربّ العالمين المحيط بكلّ شيء، هذا أوّلاً.

وثانياً: احتواؤه لِما في لغات القبائل من عرائس الغرائب، كانت معهودةً في أقطار اختصّت بوضعها، ومعروفة في أمصار توحّدت في استعمالها؛ ومِن ثَمّ كانت غريبةً في سائر البقاع والبلدان.

وقد استعمل القرآن كلّ هذه اللغات، فتعارفت القبائل بلغات بعضها من بعض، وبذلك توحّدت اللغة، وخلصت من التشتّت والافتراق، وهذا من فضل القرآن على اللغة العربية.

* * *

٢٤٣

٢ - طرافة سبكه وغرابة أُسلوبه

جاء القرآن بسبكٍ جديد وأُسلوبٍ فريد، كان غريباً على العرب، لا هو نثر كنثرهم، ولا شعر كشعرهم، ولا فيه شيء من هذر السجّاع، ولا تكلّفات الكهّان، وإن كان قد جمع بين مزايا أنواع الكلام، واشتمل على خصائص أنحاء البيان، فيه طلاقة النثر واسترساله البديع، وأناقة الشعر وسلاسته الرفيع، وجزالة السجع الرصين، وهذا عجيب!

قال الإمام كاشف الغطاء: تلك صورة نظمه العجيب وأُسلوبه الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومناهج نظمها ونثرها، ولم يوجد قبله ولا بعده نظير، ولا استطاع أحد مماثلة شيء منه، بل حارت فيه عقولهم، وتدلّهت دونه أحلامهم، ولم يهتدوا إلى مثله في جنس كلامهم من نثر أو نظم أو سجع أو رجز أو شعر... هكذا اعترف له أفذاذ العرب وفصحاؤهم الأوّلون (١) .

* * *

قال عظيم العرب وفريدها الوليد: يا عجباً لِما يقول ابن أبي كبشة، فو الله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذي جنون، وإنّ قوله لمن كلام الله (٢) .

____________________

(١) الدين والإسلام: ج٢ ص١٠٧.

(٢) تفسير الطبري: ج٢٩ ص٩٨.

٢٤٤

وقال - ردّاً على مَن زعم أنّه من الشعر -: فو الله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار منّي، ولا أعلم برجز ولا بقصيدة منّي، ولا بأشعار الجنّ، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا.

ثُمّ قال: ووالله إنّ لقوله الذي يقول حلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنّه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنّه ليعلو وما يُعلى... وفي رواية الإصابة زيادة: (وما هذا بقول بشر)، وفي نسخة الغزالي: (وما يقول هذا بشر) (١) .

ولمّا سمع عتبة بن ربيعة - وكان سيّداً في العرب - آياً من مفتتح سورة فصّلت، قرأها عليه النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وسلّم أتى معشر قريش، فسألوه، ما وراءك؟ قال: ورائي أنّي قد سمعت قولاً، والله ما سمعت مثله قطّ، والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة (٢) .

وهكذا أنيس به جنادة، لمّا بعثه أبو ذر ليستخبر من حالة النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وسلّم وكان من أشعر العرب، فلمّا رجع قال: لقد سمعت قول الكهنة فما هو بقولهم، ولقد وضعت قوله على أقراء الشعر (أي أوزانه) فما يلتئم على لسان أحد بعدي (أي غيري) أنّه شعر، والله إنّه لصادق، وإنّهم لكاذبون (٣) .

إلى غيرها من كلمات تنمّ عن رفيع شأن هذا الكلام الإلهي الخالد... وقد مرّت (٤) .

* * *

وتوضيحاً لهذا الجانب من إعجاز القرآن البياني - في سبكه وأُسلوبه - نقول: لا شكّ أنّه نثر، لا كنثرهم، أمّا من حيث اللفظ فإنّه رُصّع على أحسن ترصيع، ورُصفت كلماته وجمله وتراكيبه على أجمل ترصيف، فيه جمال الشعر ووقار

____________________

(١) المستدرك للحاكم: ج٢ ص٥٠٧.

(٢) ابن هشام: ج١ ص٣١٤.

(٣) شرح الشفاء للقاري: ج١ ص٣٢٠.

(٤) راجع (المدخل لدراسة الإعجاز) التمهيد: ج٤ ص٢٠٠ - ٢٠٣.

٢٤٥

النثر وإجادة السجع الرصين، مع قوّة البيان ورشاقة التعبير، من غير أن يعتريه وهن أو ضعف، في طول كلامه وتعدّد بياناته.

وهكذا من حيث المعنى، جاء بمعانٍ جديدة كانت مهجورةً أو مطموسةً، فأحياها من جديد، وأبان من مراميها، وألقى الضوء على فلسفة الوجود وسرّ الحياة في المبدأ والمعاد، فجاء بمعارف جليلة وتعاليم نبيلة، أنار بها درب الحياة بما أذهل القلوب وأبهر العقول وأحار ذوي الألباب.

وفي ذلك يقول العلاّمة محمّد عبد الله درّاز: أًسلوب القرآن لا يعكس نعومة أهل المدينة ولا خشونة أهل البادية، وزن المقاطع في القرآن أكثر ممّا في النثر وأقلّ ممّا في الشعر، وأنّ نثره ينفرد ببعض الخصائص والميزات، فالكلمات فيه مختارة، غير مبتذلة ولا مستهجنة، ولكنّها رفيعة رائعة معبّرة، الجمل فيها ركّبت بشكل رائع، حتى أنّ أقلّ عدد من الكلمات يعبّر عن أوسع المعاني وأغزرها، إنّ تعابيره موجزة، ولكنّها مدهشة في وضوحها، حتى أنّ أقلّ حظّاً من التعلّم يستطيع فهم القرآن دونما صعوبة، وهناك عمق ومرونة في القرآن ممّا يصلح أن يكون أساساً لمبادئ وقوانين العلوم والآداب الإسلامية ومذاهب الفقه وفلسفة الإلهيات (١) .

وفي أُسلوب القرآن نجد أنّه وضع لبعض الألفاظ معاني جديدة، وخاصّة ما اتّصل منها بالفقه الإسلامي، كما استحدث ألفاظاً جديدة وأعرض عن ألفاظ، فمنع استعمال مدلولاتها وأعاض عنها بغيرها، وخاصّة وحشيّ اللفظ....

كذلك أبطل سجع الكهّان وطوابع الوثنية، وأضعف فنون الفخر والاستعلاء والهجاء، وطبع الحوار بطابع السماحة وإقامة الحجّة والبحث عن الدليل، وأحلّ الإيجاز محلّ الإسهاب، والحكمة مكان الإطالة، وترك في الأُسلوب العربي الإسلامي طابعه الوسيط السمح، وأعطاه جزالةً وسلاسةً وعذوبةً ووضوحاً... ذلك

____________________

(١) راجع الفصحى لغة القرآن لأنور الجندي: ص٤٠.

٢٤٦

أنّ القرآن رقّق القلوب وأفسح للعقول مجال النظر والفكر (١) .

* * *

والآن فإليك بعض التوضيح عن قوافي الشعر وأوزانه، والكلام عن تكلّفات الأسجاع القديمة، ممّا تحاشاه القرآن الكريم:

الشعر: كلام ذو وزن وتقفية، قد سُبك على نظام خاصّ، ومتقيّد بقافية خاصّة، على أنواعها الخمسة المعروفة التي ذكرها الخليل (٢) .

وهذا النظم تشرحه البحور المقيسة التي هي الأوزان الشعرية التي كانت عليها العرب، إلاّ ما شذّ، وقد أنهاها الخليل بن أحمد الفراهيدي إلى خمسة عشر بحراً، هي:

(الطويل، المديد، البسيط، الوافر، الكامل، الهزج، الرجز، الرمل، السريع، المنسرح، الخفيف، المضارع، المقتضب، المجتثّ، المتقارب).

ولكلّ بحر أصل وفروع يشرحها علم العروض (٣) .

____________________

(١) عن بحث للدكتور عبد المنعم خفاجي في جريدة الدعوة (الفصحى لغة القرآن): ص٤٠.

(٢) سنذكرها في الصفحة القادمة.

(٣) أصل الطويل: (فعولن. مفاعيلن...) أربع مرّات.

وأصل المديد: (فاعلاتن. فاعلن...) أربع مرّات.

وأصل البسيط: (مستفعلن. فاعلن) أربع مرّات.

وأصل الوافر: (مفاعلتن...) ستّ مرّات.

وأصل الكامل: (متفاعلن...) ستّ مرّات.

وأصل الهزج: (مفاعيلن...) ستّ مرّات.

وأصل الرجز: (مستفعلن...) ستّ مرّات.

وأصل الرمل: (فاعلاتن...) ستّ مرّات.

وأصل السريع: (مستفعلن. مستفعلن. مفعولات) مرّتين.

وأصل المنسرح: (مستفعلن. مفعولات. مستفعلن) مرّتين.

وأصل الخفيف: (فاعلاتن. مُس، تفع، لن. فاعلاتن) مرّتين.

٢٤٧

قال السكّاكي: وهذه الأوزان هي التي عليها مدار أشعار العرب، بحكم الاستقراء لا تجد لهم وزناً يشذّ عنها، اللّهمّ إلاّ نادراً (١) .

* * *

والقافية - عند الخليل -: من آخر حرف في البيت، إلى أَوّل ساكن قبله، مع المتحرّك الذي قبل الساكن. مثل (تابا) في قوله: (أقلّي اللومَ عاذِلَ والعِتابا) فيجب أن تجري القصيدة في جميع أبياتها على نفس المنوال.

قال السكّاكي: ولابدّ في القافية - على رأي الخليل وقد رجّحه، لوقوفه على أنواع علوم الأدب نقلاً وتصرفاً واستخراجاً واختراعاً ورعايةً في جميع ذلك حقّ رعايته - أن تشتمل على ساكنين، فيستلزم لذلك خمسة أنواع:

أحدها: أن يكون ساكناها مجتمعين، ويُسمّى: (المترادف).

ثانيها: أن يكون بينهما حرفان متحرّكان، ويُسمّى: (المتواتر).

ثالثها: أن يكون بينهما حرفان متحرّكان، ويُسمّى: (المتدارك).

ورابعها: أن يكون بينهما ثلاثة أحرف متحرّكات، ويُسمّى: (المتراكب).

وخامسها: أن يكون بينهما أربعة أحرف متحرّكات، ويُسمّى (المتكاوس).

ثُمّ ذكر أنّ للمترادف ١٧ موقعاً، وللمتواتر ٢١ موقعاً، وللمتدارك ١١، وللمتراكب ٨ وللمتكاوس موقع واحد، فهذه ٥٨ موقعاً لأنواع القافية الخمسة.

* * *

ثُمّ القافية لاشتمالها على حرف الرويّ - (وهو: الحرف الآخر من حروف

____________________

= وأصل المضارع: (مفاعيلن. فاعلاتن. مفاعلن) مرّتين.

وأصل المقتضب: (مفعولات. مستفعلن. مستفعلن) مرّتين.

وأصل المجتثّ: (مستفعلن. فاعلاتن. فاعلاتن) مرّتين.

وأصل المتقارب: (فعولن...) ثماني مرّات.

(١) راجع مفتاح العلوم للسكّاكي (علم العروض): ص٢٤٤ - ٢٦٧. وجامع العلوم للإمام الرازي: ص٧٤ - ٨٢.

٢٤٨

القافية إلاّ ما كان تنويناً أو بدلاً من التنوين أو كان حرفاً إشباعيّاً مجلوباً لبيان الحركة) - تتنوّع إلى ستة أنواع:

الأَوّل: القافية المقيّدة، وهي ما كان رويّها ساكناً، نحو قوله: (وقاتم الأعماق خاوي المخترق)، وحركة ما قبل الرويّ المقيّد يُسمّى: (توجيهاً).

الثاني: القافية المطلقة، وهي ما كان رويّها متحركاً، نحو قوله: (قِفا نبكِ مِن ذكرى حبيبٍ ومنزلٍ)، ويُسمّى حركة الرويّ: (مجرى).

الثالث: القافية المردفة، وهي ما كان قبل رويّها ألفٌ، مثل (عماداً) أو واو أو ياء مدّتين، نحو (عمود) و(عميد)، أو غير مدّتين، مثل (قول) و(قيل)، وتُسمّى كل من هذه الحروف (ردفاً)، وحركة ما قبل الردف (حذواً).

٢٤٩

٣ - عذوبة ألفاظه وسلاسة عباراته

قد أجمل الكلام في ذلك الجرجانيّ والسكاكيّ وغيرهما من أعلام البيان من المتقدّمين، (وتقدّم بعض كلامهم)، وأكمله النُقّاد من المتأخّرين المعاصرين، قالوا:

لو تدبّرت ألفاظ القرآن في نظمها لرأيت حركاتها الصرفية واللغوية تجري في الوضع والتركيب مجرى الحروف أنفسها، ولن تجدها إلاّ مؤتلفة مع أصوات الحروف، مساوقة لها في النظم الموسيقي، حتى أنّ الحركة ربّما كانت ثقيلة فلا تعذب ولا تُساغ في نفسها، فإذا هي استُعملت في القرآن رأيت لها شأناً عجيباً، ورأيت أصوات الأحرف والحركات التي قبلها قد امتهدت لها طريقاً في اللسان واكتنفتها بضروب من النغم الموسيقي، حتى إذا خرجت فيه كانت أعذب شيء وأرقّه، وكانت متمكّنة في موضعها، وكانت لهذا الموضع أَولى الحركات بالخفّة والروعة.

من ذلك لفظة (النُذُر) جمع نذير، فإنّ الضمّة ثقيلة فيها لتواليها على النون والذال معاً، فضلاً عن جَسأة هذا الحرف ونبوّه في اللسان، وخاصة إذا جاءت فاصلة للكلام.

ولكنه جاء في القرآن على العكس وانتفى من طبيعته في قوله تعالى ( وَلَقَدْ

٢٥٠

أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ) (١) فتأمّل هذا التركيب، وأنعِم ثُمّ أنعِم على تأمّله، وتذوّق مواقع الحروف، واجرِ حركاتها في حسّ السمع، وتأمّل مواضع القلقلة في دال (لقد)، وفي الطاء من (بطشتنا) وهذه الفتحات المتوالية فيما وراء الطاء إلى واو (تماروا) مع الفصل بالمدّ كأنّها تثقيل، لخفّة التتابع في الفتحات إذا هي جرت على اللسان؛ ليكون ثقل الضمّة عليه مستخفاً بعد، ولكون هذه الضمّة قد أصابت موضعها، كما تكون الأحماض في الأطعمة، ثُمّ ردّد نظرك في الراء من (تماروا) فإنّها ما جاءت إلاّ مساندة لراء (النذر) حتى إذا انتهى اللسان إلى هذه انتهى إليها من مثلها، فلا تجفو عليه، ولا تغلظ ولا تنبو فيه. ثُمّ اعجب لهذه الغنّة التي سبقت الطاء في نون (أنذرهم) وفي ميمها، وللغنّة الأُخرى التي سبقت الذال في (النُذُر).

وما من حرف أو حركة في الآية إلاّ وأنت مصيب من كلّ ذلك عجباً في موقعه والقصد به، حتى ما تشكّ أنّ الجهة واحدة في نظم الجملة والكلمة والحرف والحركة، ليس منها إلاّ ما يشبه في الرأي أن يكون قد تقدّم فيه النظر وأحكمته الرويّة ومن بين الكلمات، وأين هذا ونحوه عند تعاطيه! ومن أيّ وجه يلتمس! وعلى أيّ جهة يستطاع!

وقد وردت في القرآن ألفاظ هي أطول الكلام عدد حروف ومقاطع ممّا يكون مستثقلاً بطبيعة وضعه أو تركيبه، ولكنّها بتلك الطريقة التي أومأنا إليها قد خرجت في نظمه مخرجاً سرياً، فكانت من أخصر الألفاظ حلاوةً وأعذبها منطقاً وأخفّها تركيباً؛ إذ تراه قد هيّأ لها أسباباً عجيبةً من تكرار الحروف وتنوّع الحركات، فلم يُجرِها في نظمه إلاّ وقد وجد ذلك فيها، كقوله تعالى: ( لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ ) (٢) فهي كلمة واحدة من عشرة أحرف، وقد جاءت عذوبتها من تنوّع مخارج الحروف ومن نظم حركاتها، فإنّها بذلك صارت في النطق كأنّها أربع

____________________

(١) القمر: ٣٦.

(٢) النور: ٥٥.

٢٥١

كلمات؛ إذ تنطق على أربعة مقاطع.

وقوله: ( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ) (١) فإنّها كلمة من تسعة أحرف، وهي ثلاثة مقاطع، وقد تكرّرت فيها لا الياء والكاف، وتوسط بين الكافين هذا المدّ (في) الذي هو سرّ الفصاحة في الكلمة كلّها.

واللفظة إذا كانت خماسية الأُصول فهذا لم يرد منه في القرآن شيء؛ لأنّه ممّا لا وجه للعذوبة فيه، إلاّ ما كان من اسم عُرّب ولم يكن عربيّاً: كإبراهيم، وإسماعيل، وطالوت، وجالوت، ونحوها، ولا يجيء به مع ذلك إلاّ أن يتخلّله المدّ كما ترى، فتخرج الكلمة وكأنّها كلمتان.

وفي القرآن لفظة غريبة هي من أغرب ما فيه، وما حسُنت في كلام قطّ إلاّ في موقعها من القرآن بالذات، وهي كلمة ( ضِيزَى ) من قوله تعالى: ( تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ) (٢) ، ومع ذلك فإنّ حسنها في نظم الكلام هنا من أغرب الحسن وأعجبه، وإذا أدرت اللغة عليها ما صلُح لهذا الموضع غيرها.

فإنّ السورة التي هي منها - وهي سورة النجم - مفصّلة كلّها على الياء، فجاءت الكلمة فاصلة من الفواصل، ثُمّ هي في معرض الإنكار على العرب، إذ وردت في ذكر الأصنام وزعمهم في قسمة الأولاد، فإنّهم جعلوا الملائكة والأصنام بنات لله مع وأدهم البنات (٣) فقال تعالى: ( أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ) ، فكانت غرابة اللفظ أشدّ الأشياء ملائمة لغرابة هذه القِسمة التي أنكرها عليهم، وكانت الجملة كلّها كأنّها تصوّر في هيئة النطق بها، الإنكار في الأُولى والتهكّم في الأُخرى، وكان هذا التصوير أبلغ ما في البلاغة، وخاصّة في اللفظ الغريبة التي تمكّنت في موضعها من الفصل، ووصفت حالة المتهكّم في إنكاره من إمالة اليد والرأس بهذين المدّين فيها إلى الأسفل والأعلى، وجمعت إلى كلّ ذلك غرابة

____________________

(١) البقرة: ١٣٧.

(٢) النجم: ٢٢. والضيز: الجَور، أي فهي قِسمة جائرة.

(٣) أي دفنهنّ على الحياة كما كان من عادتهم.

٢٥٢

الإنكار بغرابتها اللفظية.

وإن تعجب فعاجِب لنظم هذه الكلمة الغريبة وائتلافه على ما قبلها، إذ هي مقطعان: أحدهما مدّ ثقيل: والآخر مدّ خفيف، وقد جاءت عقب غنّتين في (إذا ً) و(قِسمة) إحداهما خفيفة حادّة، والأُخرى ثقيلة متفشّية، فكأنّها بذلك ليست إلاّ مجاورة صوتية لتقطيع موسيقي.

ثُمّ الكلمات التي يُظنّ أنّها زائدة في القرآن - كما يقوله بعض النحاة - فإنّ فيه من ذلك أحرفاً، كقوله تعالى: ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ) (١) وقوله: ( فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً ) (٢) .

قالوا: إنّ (ما) في الآية الأُولى و(أن) في الثانية، زائدتان، أي في الإعراب، فيَظنّ مَن لا بصر له أنّهما كذلك في النظم ويقيس عليه!

مع أنّ في هذه الزيادة لوناً من التصوير، لو حُذف من الكلام لذهب بكثير من حسنه وروعته، فإنّ المراد بالآية الأُولى تصوير لِين النبيّ (صلّى الله عليه وآله) لقومه، وأنّ ذلك رحمة من الله، فجاء هذا المدّ في (ما) وصفاً لفظياً يُؤكّد معنى اللين ويُفخّمه، وفوق ذلك فإنّ لهجة النطق به تشعر بانعطاف وعناية لا يبتدأ هذا المعنى بأحسن منهما في بلاغة السياق، ثمّ كان الفصل بين الباء الجارّة ومجرورها - وهو لفظ (رحمة) - ممّا يُلفت النفس إلى تدبّر المعنى ويُنبّه الفكر على قيمة الرحمة فيه، وذلك كلّه طبعي في بلاغة الآية كما ترى.

والمراد بالثانية تصوير الفصل الذي كان بين قيام البشير بقميص يوسف وبين مجيئه؛ لبُعد ما كان بين يوسف وأبيه (عليهما السلام) وأنّ ذلك كأنّه كان منتظراً بقلق واضطراب (٣) تُؤكّدهما وتصف الطرب لمَقدمه واستقراره غنّةُ هذه النون في الكلمة الفاصلة، وهي: (أن) في قوله (أن جاء...).

____________________

(١) آل عمران: ١٥٩.

(٢) يوسف: ٩٦.

(٣) يُنبه على ذلك قوله تعالى قبل ذلك عن لسان يعقوب: ( إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ) (يوسف: ٩٤).

٢٥٣

وعلى هذا يجري كل ما ظُنّ أنّه في القرآن مزيد، فإنّ اعتبار الزيادة فيه وإقرارها بمعناها إنّما هو نقص يجلّ القرآن عنه، وليس يقول بذلك إلاّ رجل يعتسف الكلام ويقضي فيه بغير علمه أو بعلم غيره... فما في القرآن حرف واحد إلاّ ومعه رأي يسنح في البلاغة - من جهة نظمه، أو دلالته، أو وجه اختياره - بحيث يستحيل البتة أن يكون فيه موضع قلق أو حرف نافر أو جهة غير محكمة أو شيء ممّا تنفذ في نقده الصنعة الإنسانية من أيّ أبواب الكلام إن وسعها منه باب.

وممّا يدلّ على أنّ نظم القرآن مادة فوق الصنعة ومن وراء الفكر، ولا يسعه طوق إنسان في نظم الكلام البليغ الجمع ولم يستعمل بصيغة الإفراد، فإذا احتيج إلى صيغة المفرد استعمل مرادفها، كلفظة (اللبّ) لم ترد إلاّ مجموعة ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى ِلأَوْلِي الأَلْبَابِ ) ، ( لِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ) ونحوهما (١) ولم تجئ فيه مفردة، بل جاء مكانها (القلب) (٢) أو (الفؤاد) (٣) .

وذلك لأنّ لفظ الباء شديد مجتمع، ولا يفضي إلى هذه الشدّة إلاّ من اللام الشديدة المسترخية، فلمّا لم يكن ثَمّ فصل بين الحرفين ليتهيّأ معه هذا الانتقال على نسبة بين الرخاوة والشدّة فتحسن اللفظة مهما كانت حركة الإعراب فيها، نصباً أو رفعاً أو جرّاً؛ ولذلك أسقطها القرآن من نظمه تبّةً، على سعة ما بين أَوّله وآخره.

ولو حسنت على وجه من تلك الوجوه لجاء بها حسنة رائعة، كما في لفظة (الجبّ) وهي في وزنها ونطقها، لولا حسن الائتلاف بين الجيم والباء من هذه الشدّة في الجيم المضمومة.

وكذلك لفظة (الكوب) استعملت فيه مجموعة ولم يأتِ بها مفردة؛ لأنّه لم

____________________

(١) في ستة عشر موضعاً من القرآن جاءت اللفظة بصيغة الجمع فقط، ولم تأتي إفراداً أبداً.

(٢) في تسعة عشر موضعاً إمّا مقطوعاً أو مضافاً.

(٣) في خمسة مواضع مقطوعاً ومضافاً.

٢٥٤

يتهيّأ فيها ما يجعلها في النطق من الظهور والرقّة والانكشاف وحسن التناسب كلفظ (الأكواب) الذي هو جمع.

و(الأرجاء) لم يَستعمل القرآن لفظها إلاّ مجموعاً، وتَرك المفرد - وهو الرَّجا أي الجانب - لعلّةِ لفظه وأنّه لا يسوق في نظمه كما ترى.

وعكس ذلك لفظة (الأرض) فإنّها لم ترد فيه إلاّ مفردة، فإذا ذُكرت السماء مجموعة جيء بها مفردة في كل موضع منه، ولم يجئ (أرضون) لهذه الجَسأة التي تدخل اللفظ ويختلّ بها النظم اختلالاً.

ومن الألفاظ لفظة (الآجر) وليس فيها من خفّة التركيب إلاّ الهمزة وسائرها نافر متقلقل، ولفظ مرادفها (القَرْمَد) وكلاهما استعمله فصحاء العرب ولم يعرفوا غيرهما، أمّا القرآن فلم يستعملهما ولكنّه أخرج معناهما بألطف عبارة وأرقّها وأعذبها، وساقها في بيان مكشوف، وذلك في قوله تعالى: ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيّهَا الْمَلأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هامَانُ عَلَى الطّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً ) (١) ، فعبّر عن الآجر بقوله: (فأوقد لي يا هامان على الطين) وانظر موقع هذه القلقلة التي هي في الدال من قوله (فأوقد) وما يتلوها من رقّة اللام، فإنّها في أثناء التلاوة ممّا لا يُطاق أن يُعبّر عن حسنه وكأنّما تَنتزع النفس انتزاعاً.

وليس الإعجاز في اختراع تلك العبارة فحسب، ولكن ما ترمي إليه إعجاز آخر، فإنّها تُحقّر من شأن فرعون وتصف ضلاله وتُسفّه رأيه؛ إذ طمع أن يبلغ الأسباب، أسباب السماوات فيطّلع إلى إله موسى (٢) ، وهو لا يجد وسيلةً إلى ذلك المستحيل ولو نصب الأرض سُلّماً، إلاّ شيئاً يصنعه هامان من الطين (٣) .

* * *

____________________

(١) القصص: ٣٨.

(٢) إشارة إلى الآية: ٣٧ من سورة غافر.

(٣) اقتضاب عاجل من إعجاز القرآن للرافعي: ص٢٢٨ - ٢٣٤.

٢٥٥

٤ - تناسق نظمه وتناسب نغمه

وهو جانب خطير من إعجاز القرآن البياني، لَمَسته العرب منذ أوّل يومها فبهرتهم روعته ودهشتهم رنّته، فأخضعهم للاعتراف في النهاية بأنّه كلام يفوق طوع البشر وأنّه كلام الله.

إنّه جانب (اتّساق نظمه وتناسب نغمه) وإيقاعاته الموسيقية الساطية على الأحاسيس، والآخذة بمجامع القلوب، وهذا الجمال التوقيعي للقرآن يبدو جلياً لكلّ مَن يستمع إلى آياته تُتلى عليه، حتى ولو كان من غير العرب، فكيف بالعرب أنفسهم، وأوّل شيء تحسّه الآذان عند سماع القرآن هو ذا نظامه الصوتيّ البديع، الذي قُسّمت فيه الحركات والسكونات تقسيماً متنوّعاً ومتوزّعاً على على الألحان الموسيقية الرقيقة، فيُنوِّع ويُجدِّد نشاطَ السامع عند سماعه، ووُزّعت في تضاعيفه حروف المدّ والغنّة توزيعاً بالقسط، يُساعد على ترجيع الصوت به، وتهاوى النَفَس فيه آناً بعد آن، إلى أن يصل قمّتها في الفاصلة، فيجد عندها راحته الكبرى، على ما فصّله أساتذة الترتيل.

وربّما استمع الإنسان إلى قصيدة، وهي تتشابه أهواؤها وتتساوق أنغامها، ولكنّه لا يلبث أن يملّها، ولا سيّما إذا أُعيدت عليه وكُرّرت بتوقيع واحد، بينما

٢٥٦

الإنسان من القرآن في لحن متنوّع ونغم متجدّد، ينتقل فيه بين أسباب وأوتاد وفواصل (١) ، على أوضاع مختلفة، يأخذ منها كل وَتر من أوتار القلب نصيبه بسواء، فلا يعرو الإنسان على كثرة ترداده مَلال أو سأم، بل لا يفتأ يطلب منه المزيد....

وأحياناً كان العرب تعمد إلى ما يقرب من هذا النحو من التنظيم الصوتي في أشعارها لكنّها تذهب مذهب الإسراف والاستهواء المُملّ في الأغلب، ولا سيّما عند التكرير، أمّا في منثور كلامها، سواء المرسل منه أو المسجوع، فلم تكن عَهِدته قطّ ولا كان يتهيّأ لها بتلك السهولة والمرونة والعذوبة التي في القرآن الكريم، بل ربّما كان يقع لها في أجود منثورها عيوب تغضّ من سلاسة تركيبه، بما لا يمكن معها من إجادة ترتيله، إلاّ بتعمل يبدو عليه أثر التكلّف والتعسّف الأمر الذي كان يحطّ من شأن الكلام.

فلا عجب إذاً أن يكون أدنى الألقاب إلى القرآن - في خيال العرب - أنّه شعر، وإذا لم يكن بشعر فهو سحر، وهذا يكشف عن مدى بهر العرب وحيرتهم تجاه هذا النوع من الكلام المُنضّد البديع، كان له من النثر جلاله وروعته، ومن الشعر جماله ومتعته!!

قال الأُستاذ درّاز: ويجد الإنسان لذّةً بل وتعتريه نشوة إذا ما طَرق سمعه جواهر حروف القرآن، خارجةً من مخارجها الشحيحة، من نظم تلك الحروف ورصفها وترتيب أوضاعها فيما بينها: هذا ينقر، وذاك يصفر، وثالث يهمس، ورابع

____________________

(١) من مصطلحات الأفنان الموسيقية: (الحرف المتحرك إذا تلاه حرف ساكن، يقال له: سببٌ خفيف، والحرفان المتحركان لا يتلوهما ساكن: سببٌ ثقيل، والمتحركات يتلوهما ساكن: وَتدٌ مجموع، وإذا توسّطهما ساكن: وتدٌ مفروق. وثلاثة أحرف متحركة: فاصلة صغيرة، وأربعة أحرف متحركة يعقبها ساكن: فاصلةٌ كبيرة) وهكذا... (النبأ العظيم: ص٩٥).

ولعلّ القارئ النبيه يعذرنا في الاقتصار على النقل هنا، بعد أن كان موضوع البحث من الفنون الخارجة عن اختصاصنا!

٢٥٧

يجهر، وآخر ينزلق عليه النَفَس، وآخر يحتبس عنده النَفَس، فترى الجمال النغمي ماثلاً بين يديك في مجموعة مختلفة ولكنّها مؤتلفة لا كركرة ولا ثرثرة، ولا رخاوة ولا مُعاظَلَة، ولا تناكر ولا تنافر، وهكذا ترى كلاماً ليس بالبَدَويّ الجافي ولا بالحضريّ الفاتر، بل هو ممزوج مؤلّف من جزالة ذاك ورقّة هذا، مزيجاً كأنّه عصارة اللغتين وسلالة اللهجتين.

نعم من هذا الثوب القشيب يتألّف جمال القرآن اللفظي، وليس الشأن في هذا الغلاف إلاّ كشأن الأصداف، تتضمّن لآلي نفيسة، وتحتضن جواهر ثمينة، فإن لم يُلهك جمال الغطاء عمّا تحته من الكنز الدفين، ولم تحجبك بهجة الستار عمّا وراءه من السرّ المصون، ففُليت القشرة عن لبّها، وكشفت الصدفة عن دُرّها، فنفذت من هذا النظام اللفظي إلى تلك الفخامة المعنوية، تجلّى لك ما هو أبهى وأبهر، ولقيت منه ما هو أبدع وأروع، تلك روح القرآن وحقيقته، وجذوة موسى التي جذبته إلى نار الشجرة في شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة، فهناك نسمة الروح القدسية: ( إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (١) .

* * *

وذكر سيّد قطب عن الإيقاع الموسيقي في القرآن أنّه من إشعاع نظمه الخاص، وتابع لانسجام الحروف في الكلمة، ولانسجام الألفاظ في الفاصلة الواحدة؛ وبذلك قد جمع القرآن بين مزايا النثر وخصائص الشعر معاً، فقد أعفى التعبير من قيود القافية الموحّدة والتفعيلات التامّة، فنال بذلك حرية التعبير الكاملة عن جميع أغراضه العامّة، وأخذ في الوقت ذاته من خصائص الشعر الموسيقي الداخلية، والفواصل المتقاربة في الوزن التي تُغني عن التفاعيل والتقفية التي تُغني عن القوافي، فشأنه شأن النثر والنظم جميعاً.

____________________

(١) النبأ العظيم: ص٩٤ - ٩٩، والآية ٣٠ من سورة القصص.

٢٥٨

وحيثما تلا الإنسان القرآن أحسّ بذلك الإيقاع الداخلي في سياقه، يبرز بروزاً واضحاً في السور القصار، والفواصل السريعة، ومواضع التصوير والتشخيص بصفة عامة، يتوارى قليلاً أو كثيراً في السور الطوال، لكنّه على كل حال ملحوظ دائماً في بناء النظم القرآني.

ثمّ أخذ في ضرب المثال، قال:

وها نحن أُولاء نتلو سورة النجم مثلاً.

( وَالنّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى‏ * ذُو مِرّةٍ فَاسْتَوَى‏ * وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى * ثُمّ دَنَا فَتَدَلّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى‏ إِلَى‏ عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى‏ * أَفَتُمارُونَهُ عَلَى‏ مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى * عِندَهَا جَنّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى‏ مِنْ آيَاتِ رَبّهِ الْكُبْرَى * أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى * وَمَنَاةَ الثّالِثَةَ الأُخْرَى * أَلَكُمُ الذّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى ) (١) .

هذه فواصل متساوية في الوزن تقريباً - على نظام غير نظام الشعر العربي - متّحدة في حرف التقفية تماماً، ذات إيقاع موسيقي متّحد تبعاً لهذا وذلك، وتبعاً لأمر آخر لا يظهر ظهور الوزن والقافية؛ لأنّه ينبعث من تآلف الحروف في الكلمات، وتناسق الكلمات في الجمل، ومردّه إلى الحسّ الداخلي والإدراك الموسيقي، الذي يَفرق بين إيقاع موسيقي، وإيقاعٍ ولو اتّحدت الفواصل والأوزان.

والإيقاع الموسيقي هنا متوسط الزمن تبعاً لتوسط الجملة الموسيقية في الطول، متّحد تبعاً لتوحّد الأُسلوب الموسيقي، مسترسل الرويّ كجوّ الحديث الذي يشبه التسلسل القصصي، وهذا كله ملحوظ، وفي بعض الفواصل يبدو ذلك جلياً

____________________

(١) النجم: ١ - ٢٢.

٢٥٩

مثل: ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى * وَمَنَاةَ الثّالِثَةَ الأُخْرَى ) ، فلو أنّك قلت: أفرأيتم اللات والعزّى الثالثة لاختلت القافية، ولتأثر الإيقاع، ولو قلت: افرأيتم اللات والعزّى ومَناة ومَناة الأُخرى فالوزن يختل، وكذلك في قوله: ( أَفَرَأَيْتُمُ اللاّتَ وَالْعُزّى * وَمَنَاةَ الثّالِثَةَ الأُخْرَى ) فلو قلت: ألكم الذكر وله الأُنثى تلك قسمةٌ ضيزى لاختلّ المستقيم بكلمة (إذاً).

ولا يعني هذا أنّ كلمة (الأُخرى) أو كلمة (الثالثة) أو كلمة (إذاً) زائدة لمجرّد القافية أو الوزن، فهي ضرورية في السياق لنكت معنوية خاصّة، وتلك ميزة فنّية أُخرى أن تأتي لتؤدّي معنى في السياق، وتؤدّي تناسباً في الإيقاع، دون أن يطغى هذا على ذلك، أو يخضع النظم للضرورات.

ملاحظة اتّزان الإيقاع في الآيات والفواصل تبدو واضحة في كل موضع على نحو ما ذكرنا أو قريباً من هذه الدقّة الكبرى. ودليل ذلك أن يعدّل في التعبير عن الصورة القياسية للكلمة إلى صورة خاصّة، أو أن يُبنى النسق عل نحو يختلّ إذا قدّمت أو أُخّرت فيه أو عدلت في النظم أيّ تعديل.

مثال الحالة الأُولى حكاية قول إبراهيم:

( قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ * فَإِنّهُمْ عَدُوّ لِي إِلاّ رَبّ الْعَالَمِينَ * الّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالّذِي يُمِيتُنِي ثُمّ يُحْيِينِ * وَالّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدّينِ ) (١) .

فقد خُطفت ياء المتكلّم في (يهدين ويسقين ويشفين ويحيين) محافظة على حرف القافية مع (تعبدون، والأقدمون، والدين...) ومثله خَطف الياء الأصلية في الكلمة: نحو ( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي

____________________

(١) الشعراء: ٧٥ - ٨٢.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579