الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة14%

الشهادة الثالثة مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 420

الشهادة الثالثة
  • البداية
  • السابق
  • 420 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 108445 / تحميل: 6623
الحجم الحجم الحجم
الشهادة الثالثة

الشهادة الثالثة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ولذا مورِست التقيّة وبشكلٍ شديد اتّجاه الإعلان بذكر فضائل علي (عليه السلام) وولده، ولاسيّما ذكرهُ (عليه السلام) في الأذان منذ عهد رسول الله، فلم يكن بدٌ من تبليغ الشهادة الثالثة إلى خواص الأصحاب والمؤمنين والمسلمين بولايته، بل إنّ الحكومة آنذاك أحسّت وعَلمت بوجود ذِكر لعلي وولده بغير صيغة وفصل الشهادة لعلي في الأذان، ولذا أقدَمت على حذف فصل (حيّ على خير العمل) من الأذان، مع الإيهام والتمويه بعلّة أخرى للحذف في أوساط المسلمين، وقد أشارت إلى ذلك رواية الإمام موسى بن جعفر حيث سأله ابن أبي عمير فقال:

(حيّ على خير العمل، لِمَ تُركت من الأذان؟ قال: (تريد العلّة الظاهرة أو الباطنة؟ قلت: أريدهما جميعاً، فقال: أمّا العلّة الظاهرة فلئلاّ يدع الناس الجهاد اتّكالاً على الصلاة، وأمّا الباطنة فإنّ خير العمل الولاية، فأرادَ من أمُر بترك حيّ على خير العمل من الأذان، أن لا يقع حثّ عليها ودعاء إليها) (١).

الشهادةُ الثالثة والتقيّة:

إنّ من أظهر مصاديق التقيّة وأبرزها هو: الاتّقاء عن ذِكر فضائل علي (عليه السلام) وولده، وحيث كانت الشهادة الثالثة هي اقتران ذكر علي بذكر الله ورسوله في الأذان، يعني الإقرار بولايته ووصايته بعد رسول الله، ولهذا لا معنى أن يسكت عليه الناصبون العداوة لعلي وأولاده؛ لأنّه يعني الهدم لحكومتهم وتسلّطهم على الناس؛ لأنّ عليّاً (عليه السلام) بعدُ لم يمت فكيف يُذكر اسمه في كلّ يوم خمس مرّات وهو في معزل عن إدارة المسلمين وقيادتهم في الظاهر، هذا مضافاً إلى ما ذكرهُ لنا التاريخ من تجريدهم من كلّ أسباب القوّة الظاهريّة، أو إثبات إمامتهم بعد رحيل رسول الله من خلال الهجوم على الدار وإجبار علي (عليه السلام)

____________________

(١) الوسائل: أبواب الأذان والإقامة، باب ١٩، ح١٦.

٢١

على البيعة، ومنع رواية الحديث عن النبي لمَا فيه من أحاديث الفضائل الكثيرة في علي (عليه السلام)، ولذا بَقيت هذه السيرة من ذكر علي (عليه السلام) في الأذان والصلاة عند المتمسّكين بوصايا النبيّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، كما سيأتي في رواية كدير الضبّي وبعض الصحابة المخلصين خوفاً من إظهارها؛ لمَا كانوا يجدوا في أنفس الناس من حرج ذكر علي (عليه السلام)، فقد روى علي بن إبراهيم القمّي مُعتبرة أبي بصير: سمعتُ أبي عبد الله (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى ( الّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَن ذِكْرِي ) (١) ، فقال: (يعني بالذكر ولاية علي (عليه السلام) وهو قوله: ذِكري، قلت: قوله ( لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً ) قال: كانوا لا يستطيعون إذا ذُكر علي (عليه السلام) عندهم أن يسمعوا ذكره، لشدّة بغض له وعداوة منهم له ولأهل بيته) (٢).

ولذلك عمدَ أولئك الأعداء إلى كتمان الشهادة لعلي في الأذان، بل مَنع كلّ ما يشير إلى ذلك من قريب أو بعيد، فقد رويَ في التفسير المنسوب للإمام العسكري في تفسير قوله تعالى: ( إِنّ الّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيّنّاهُ لِلنّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ ) (٣) (فوجّهوا اللعنتين إلى اليهود الكاتِمين نَعت محمّد وصفته (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وذِكر علي (عليه السلام) وحُليته، وإلى النواصب الكاتمين لفضل علي والرافضين لفضله.

____________________

(١) الكهف، آية: ١٠١.

(٢) تفسير القمّي: ج٢، ص٤٧.

(٣) البقرة، آية: ١٥٩.

٢٢

ثُمّ قال الله: ( إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ ) من كتمانه ( وَأَصْلَحُواْ ) أعمالهم، وأصلحوا ما كانوا أفسدوه بسوء التأويل، فيجحدوا به فضل الفاضل واستحقاق المُحق، ( وَبَيَّنُواْ ) ما ذكرهُ الله تعالى من نعت محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وصفته من ذِكر علي (عليه السلام) وحليته وما ذكره رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ( فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ ) أقبل توبتهم ( وَأَنَا التّوّابُ الرّحِيمُ )) (١) الحديث.

فكان هذا الظرف العصيب أحد الأمور التي ساعدت في عدم التفات البعض إلى عدم وصول النصوص الصريحة، أو خفاء النصوص الصريحة وبقاءها في صدور الذين آمنوا سيرة دينيّةً في صلواتهم وعباداتهم، وهكذا إلى أن أصبحت وكأنّها من المسلّمات الفقهيّة عند جماعة من عدم جزئيّة الشهادة الثالثة في الأذان، وكان قبلُ دورَ الصدوق (رحمه الله) في إيهام الراويَين والمصرّحين بالروايات الذاكرة لعلي (عليه السلام) في الأذان، ولعلّه للتقيّة أو لغلبة مسلك القمّيين في علم الرجال.

وهذا أيضاً ساعدَ على عدم وضوح الحقيقة واستبهامها، بل دفعَ البعض إلى الاعتقاد بالبدعيّة لاعتقاد جزئيّة الشهادة الثالثة، ولكن مع ذلك كانت هناك فتاوى من علمائنا السابقين كالسيّد المرتضى المعاصر للصدوق (رحمهم الله)، من دَفع الذاكرين لعلي (عليه السلام) في الأذان إلى الأمام من خلال فتواه في كتابه المسائل المبافارقيّة:

____________________

(١) التفسير المنسوب للإمام العسكري: ص٥٧١.

٢٣

بأنّ المُعتقِد بجزئيّة الشهادة الثالثة غير مأثوم، وكذا فتوى الشيخ ابن برّاج في المهذّب، بل وكذا شيخ الطائفة الطوسي (قدِّس سرّه) في المبسوط بعدم الإثم للعامل بتلك الروايات مع تلك القراءة الدقيقة لفتواه، كما سيأتي في تحليلات أستاذنا المحقّق لفتوى الشيخ، وكذا الشهيد في الذكرى وغيرهم ممّا سيأتي استعراضه.

فاللازم على الباحث التريّث والتدبّر والتمعّن في مواد البحث، وتجنّب القراءة السطحيّة العابرة وعدم الغفلة عن الفَذلكات الصناعيّة، وقد تنوّعت دلالة الأدلّة في هذا البحث بين ما هو صريح: كالطوائف الروائيّة التي أشار إليها الصدوق في الفقيه، وبين ما هو بالدلالة الالتزاميّة وبالتعريض ممّا ينظم إلى شواهد أخرى فتتكوّن دلالة الاقتضاء، وبين ما هو دالّ لبّاً كالسيرة المتقادمة، كما اختلفت درجات الدلالة بتقريب الصياغات المختلفة لها على وجه الجزئيّة الخاصّة في الأذان والتشهد، أو الجزئيّة المختصّة ببيان الصلاة، أو الجزئيّة الندبيّة الخاصّة والعامّة أو الشعاريّة.

فهذا الكتاب مشتمل على عدّة أبحاث:

١- تخريج الفذلكة الصناعيّة الدقيقة للمشروعيّة وفق ميزان وجوه متعدّدة أصوليّة وفقهيّة وحديثيّة درائيّة، مع تبيان حقيقة مؤدّى أقوال أعلام الطائفة.

٢- الالتفات إلى كون الروايات الواردة في ضمن فصول الأذان - المشار إليها من قِبَل الصدوق (قدِّس سرّه) - هي موجودة في أصول الأصحاب المعتبرة.

٣ - كون هذه الأخبار معتبرة في نفسها بشهادة وصفها بالشذوذ لا الضعف، وإنّهم متّهمون بالغلو لا أنّه متحقّق من غلوّهم.

٢٤

٤ - فتوى ابن برّاج (قدِّس سرّه) في مهذّبه، بإحدى طوائف تلك الروايات التي أشار إليها الصدوق (قدِّس سرّه) في الفقيه ممّا يعزِّز النقطتين السابقتين.

٥ - التنويه إلى أنّ منشأ إعراض الصدوق والعديد من القدماء عن تلك الروايات هو: صحيحة زرارة وهي لا تقوى على المعارضة، بل لا توجد معارضة لطبيعة ونمط لسان الروايات الواردة في فصول الأذان.

٦ - إقرار الصدوق (قدِّس سرّه) - كما يظهر ذلك من الشيخ أيضاً - بوجود قطّاعات من الشيعة في زمانه تؤذِّن بالشهادة الثالثة.

٧ - الإشارة إلى روايات عديدة لم يُستدلّ بها من قَبل في المقام، ذات دلالة قريبة المرمى من المطلوب مع بيان الفنيّة الفقهيّة للدلالة.

٨ - التنبيه على وجود روايات دالّة على الاستحباب المطلق للقرآن في الأذان، بين الشهادة الثالثة والأولتين وتكرارها بعدد تكرارهما.

٩ - التنبيه على أنّ التشهّد بالثالثة باللسان وزانه وزان التشهد بالشهادتين، في كونهما سبباً للدخول في حظيرة الإسلام، وهي كذلك في كونها سبباً للدخول في الإيمان بمقتضى تعريفه أنّه: (الاعتقاد بالجنان، والإقرار باللسان، والعمل بالأركان)، وهو مراد المشهور في تعبيرهم - في فصول الأذان -: (أنّها من أحكام الإيمان بلا خلاف بمقتضى المذهب الحق)، وهذا مدلول الروايات المتواترة والمستفيضة ذلك أيضاً.

١٠ - تحليل مغزى ورود الكم الغفير المستفيض من الروايات الحاكية عن اقتران الشهادات الثلاث، في مواطن شريفة عديدة من مدارج الخلقة.

٢٥

١١ - نَقل كلام المتقدّمين في جواز واستحباب ذِكر الشهادة الثالثة في تشهّد وتسليم الصلاة، وبيان الفذلكة الصناعيّة في ذلك وارتباطها بالأذان وإنّها - أي ذِكر الشهادة الثالثة في التشهّد - من المشهور المُفتى به عند المتقدّمين من علمائنا، كأمثال: الصدوق ووالده، والمفيد، والشيخ في النهاية، ومصباح المتهجّد، وابن برّاج (رحمهم الله) وغيرهم.

هذا، وأخيراً أسأل الله تعالى أن يوفّقنا للإخلاص في ولاية أهل البيت (عليهم السلام)، وأن يجعلنا من العارفين بحقيقة مقامهم والمتمسّكين بولايتهم، وأن يحفظ أستاذنا الأجل في نشر معارف الدين والحمد لله ربّ العالمين.

علي الشكري

١٠/ ربيع الأول/ من عام ١٤٢٦ هجريّة

على مهاجرها آلاف التحيّة والسلام

في جوار السيّدة الجليلة الطاهرة

فاطمة المعصومة - قم المقدّسة

٢٦

لَمحةٌ عن المَسار العَملي للمَسألة

لقد كُتب واستُدلّ لمشروعيّة الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة، في ضمن رسائل عديدة لأعلام الطائفة في الأعصار الأخيرة، بل إنّ المسألة مثارةٌ علميّاً في كُتب الأقدمين والمتقدّمين، بل هي ظاهرة عمليّة ثابتة مارستها أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، كما يشير إلى ذلك الصدوق في كتابه الفقيه (١)، بل قد عُزي في بعض المصادر إتيان بعض صحابة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بها.

فقد قال ابن حجر العسقلاني في الإصابة: (كدير) بالتصغير الضبّي يقال: هو ابن قتادة،... روى حديثه زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن كدير الضبّي، أنّه أتى النبي (٢) ....

وقال البخاري في الضعفاء: (كدير الضبّي روى عنه أبو إسحاق، وروى عنه سميك بن سلمة، وضعّفه لمّا رواه مغيرة بن مقسم عن سمّاك بن سلمة قال: دخلتُ على كدير الضبّي أعودهُ فوجدتهُ يصلّي وهو يقول: اللهمّ صلّي على النبيّ والوصيّ، فقلت: والله، لا أعودك أبداً) (٣).

وروى العقيلي في الضعفاء بسنده عن سمّاك بن سمكة قال: دخلتُ على كدير بعد الغداة فقالت لي امرأته: ادنوا منه فإنّه يصلّي حتى يتوكّأ عليك، فذهبتُ ليعتمد عليّ، فسمعته وهو يقول في الصلاة: سلامٌ على النبيّ والوصيّ فقلت...) (٤) .

____________________

(١) سيأتي التعرّض إلى كلامه مفصّلاً.

(٢) الإصابة في تمييز الصحابة: في حرف الكاف القسم الأول في باب ك د، وسيأتي ذكر مصادر أخرى تشير إلى ذلك في ص٥٢ من المدخل.

(٣) لاحظ: الملحق ١.

(٤) الضعفاء: ج٣، ص١١٨٤ رقم المسلسل ١٥٧١، طبعة دار الصنيعي.

٢٧

وبالرغم من ذلك، فإنّ كلمات متأخّري المتأخّرين لم يستوفوا فيها النظر حقّه في الروايات الواردة بحثاً ودراسة، ولم يكثروا التأمّل كفايته في كلام المتقدّمين فبنوا على الظاهر البدوي من كلامهم، وجعلوا مؤدّى كلماتهم (أي كلمات المتقدّمين) على مفاد واحد مع أنّها مختلفة، وتقييمهم لاعتبار الروايات متباين، فنظرةُ الصدوق حول تلك الروايات مختلفة تماماً عن نظرة الشيخ الطوسي، فضلاً عن المرتضى وابن برّاج، فلم يُنجَز البحث الدرائي حول الروايات كما هو حقّه، كما لم يُعالج السبب للموقف الفقهي للصدوق والشيخ اتّجاه تلك الروايات، مع أنّ ذلك السبب مدركي اجتهادي لا تعبّدي، بل لم يتمّ تحليل رأي الصدوق ومغزى مرامه الذي هو أشدّ المتقدّمين طعناً اتّجاه تلك الروايات بحسب الظاهر المترائى، مع أنّ حقيقة موقف الصدوق ليس ما يوحيه ظاهر كلامه بموجب قرائن عدّة آتية في تحليل كلامه، وهذه النقاط في كلام المتقدّمين مؤثرة مصيريّاً في تقييم واعتبار حجيّة الروايات صدوراً.

هذا، مضافاً إلى نضوب البحث والاختزال في الاستدلال في المسألة، في الجهات الصناعيّة للوجوه المختلفة، فلم يوردوا في المقام طوائف الروايات الأخرى التي لا يخلو مضمونها من ربط وصلة متوسطة أو بعيدة، لكنّها غير أجنبيّة عن المقام من رأس ولا مقطوعة الصلة بتاتاً.

٢٨

أضف إلى ذلك: أنّ هناك جملة من الفتاوى لبعض المتقدّمين أو المتأخّرين مواتية لإثبات الحكم في المسألة، لم يُنبّه عليها في الكتب المطوّلة الراصدة لأقوال الفقهاء، وهذا ممّا أوجبَ استيحاش جملة - ممّن مالَ إلى تقرير الحُكم - عن مخالفة ظاهر المشهور، وقد صرّح جملة من الأساطين بذلك، ولم يقف الأمر والحال عند ذلك، بل آلَ عند بعض متأخّري العصر إلى الاستشكال في المسألة وتقريب وجوه المنع والحرمة غفلةً عن ما تقدّم.

٢٩

٣٠

المُتون الروائيّة الخاصّة بالشهادة الثالثة في الأذان

إنّ من الأمور المهمّة في المقام اللازم الالتفات إليها: أنّ متون الروايات المتضمنّة لجزئيّة الشهادة الثالثة في فصول الأذان، قد ذكرها الصدوق نصّاً في كتابه مَن لا يحضره الفقيه (١)، مع أنّ الملاحَظ في الكثير من الكلمات الغفلة عن ذلك، وتُوّهِم أنّ الصدوق قد أشار إليها إجمالاً من دون أن يروي متونها، لا كما صنعَ الشيخ الطوسي في المبسوط والنهاية، حيث أشار إليها إجمالاً من دون أن يورد متونها لكنّه بيّن بنحو واضح حال أسانيدها، عكس الصدوق الذي بيّن متونها من دون أن يفصح تفصيلاً عن طُرقها.

وهذا ما غفلَ عنه جُلّ المتأخّرين في المقام، غاية الأمر أنّ الصدوق لم يورد مصادر تلك الطوائف من الروايات، ولا طرق رواياتها؛ وإنّما ألفاظ متونها بنحو المراسيل، لكنّه أشار إلى تعدّدها وتعدّد ألسنتها وتطويفها إلى ثلاث طوائف، كما هو دَيدن الصدوق في كثير من الأبواب الفقهيّة الروائيّة من كتاب مَن لا يحضره الفقيه، حيث يورد العديد من المراسيل مع أنّها مسانيد في التهذيب والكافي، والشيخ في المبسوط قد نبّه بكلامه الآتي على أنّها مسانيد معتبرة، غاية الأمر أنّها مبتلاة بروايات أخرى معارضة بحسب نظره الشريف ونظر الصدوق.

____________________

(١) الفقيه: ج١، كتاب الصلاة أبواب الأذان والإقامة ص٢٩٠، طبعة قم.

٣١

وسيأتي نصّ عبارة الصدوق في الفقيه التي تُعد رواية منه لتلك الروايات بنحو الإرسال، كما أشار إلى ذلك في الجواهر (١) ، وإن حَكمَ عليها هو بالضعف، وسيأتي أنّه ليس ضعفاً في السند بل هو ضعف من جهة أخرى في نظره، كما سيأتي بيانه مفصّلاً حيث قال: (ومع ذلك كلّه فعن المجلسي: أنّه لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة في الأذان؛ استناداً إلى هذه المراسيل التي رُميت بالشذوذ) (٢).

وممّن نبّه على وصول المتون الروائية أيضاً: المجلسي الأوّل في شرح الفقيه في كتابه روضة المتقين، حيث قال في ذيل عبارة الصدوق - التي تضمّنت حكمه بأنّ تلك الروايات من وضع المفوّضة -:

(الجزم بأنّ هذه الأخبار من موضوعاتهم مشكل، مع أنّ الأخبار التي ذكرنا مختلفة الزيادة والنقصان، وما لم نذكره كثيراً، والظاهر أنّ الأخبار بزيادة هذه الكلمات أيضاً كانت في الأصول، وكانت صحيحة أيضاً كما يظهر من المحقّق والعلاّمة والشهيد؛ فإنّهم نسبوها إلى الشذوذ والشاذ ما يكون صحيحاً غير مشهور) (٣).

وكذلك المجلسي الثاني في البحار، قال في ذيل عبارة الصدوق: (لا يبعد كون الشهادة بالولاية من الأجزاء المستحبّة في الأذان؛ لشهادة الشيخ، والعلاّمة، والشهيد وغيرهم بورود الأخبار بها) (٤).

____________________

(١) الجواهر: ج٩، ص٨٦.

(٢) الجواهر: ج٩، ص٨٦.

(٣) روضة المتقين: ج٢، ص٢٤٥، طبعة بنياد فرهنكي إسلامي.

(٤) البحار: ج٨٤، ص١١١.

٣٢

فمن الغريب بعد الالتفات إلى ذلك - أي إلى أنّ الصدوق قد روى هذه الروايات الدالّة على جزئيّة الشهادة الثالثة في الأذان بنحو الروايات المرسلة، وأنّ الروايات تلك مرويّة في كتاب الفقيه بمتونها وألفاظها -: تشبّث جملة من الأعلام لاستحباب الشهادة الثالثة في الأذان بنمط ندبيّة المقارنة العامّة بين الشهادتين والشهادة الثالثة، يتشبّثون بمرسلة الاحتجاج الآتية الدالّة على استحباب مقارنة الشهادة الثانية بالشهادة الثالثة في مطلق الأحوال من دون تعرّضها للأذان، فبينَ المَتنين بونٌ بعيد، كما أنّ بينهما بوناً كبيراً في المأخذ الروائي؛ فإنّ المُرسل في الأولى هو الصدوق الأقرب عهداً بصدور النص مضافاً إلى روايته لها وإنّها على طوائف ثلاث، بينما مرسلة الاحتجاج هي رواية واحدة والمرسل لها الطبرسي المتأخّر عهداً بثلاث طبقات أو أكثر عن عهد الصدوق، فهذه قيمة درائيّة حديثيّة.

وممّن تنبّه إلى وصول متون الروايات بالشهادة الثالثة إلينا: العلاّمة المحدِّث الشيخ حسين العصفوري البحراني، حيث قال في الفرحة الأنسيّة: (وأمّا الفصل المروّي في بعض الأخبار المرسلة وهو (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله)، فممّا نفاه الأكثر، وظاهر الشيخ في المبسوط ثبوته وجواز العمل به، وهو الأقوى) (١).

وممّن أشار إلى ذلك أيضاً صاحب القوانين في كتاب الغنائم حيث قال: (ويظهر من هؤلاء الأعلام ورود الرواية بها، فلا يبعد القول برجحان الشهادة بالولاية) (٢).

____________________

(١) الفرحة الإنسيّة: ج٢، ص١٦، طبعة بيروت.

(٢) غنائم الأيام: ج٢، ص٤٢٣ مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي - قم.

٣٣

وممّن أشار إلى ذلك أيضاً، المحقِّق الهمداني في مصباح الفقيه قال: (ولولا رَمي الشيخ والعلاّمة لهذه الأخبار بالشذوذ وادّعاء الصدوق وضعها، لأمكنَ الالتزام بكون ما تضمّنته هذه المراسيل من الشهادة بالولاية والإمرة، وإنّ محمّداً وآله خير البريّة من الأجزاء المستحبّة للأذان والإقامة لقاعدة التسامح، كما نفى عنه البُعد المحدِّث المجلسي في المحكي تعويلاً على هذه المراسيل) (١).

* المتونُ الروائيّة:

ثُمّ إنّه يُعدّ ممّن نقلَ متون هذه الروايات أيضاً: ابن برّاج، والسيّد المرتضى؛ وذلك لكون فتاوى المتقدّمين هي متون روايات، كما أشار إلى ذلك الشيخ الطوسي في مقدّمة المبسوط: بأنّ الأصحاب كانوا يستوحشون من الفتوى بغير ألفاظ الروايات، ومن ثَمّ عُرف عن السيّد البروجردي أنّه كان يقول: إنّ كُتب المتقدّمين هي متون روايات وهي بمنزلة الأصول المتلقاة، وعلى ذلك ففتوى ابن برّاج في المهذّب، والسيّد المرتضى في رسائله، بمثابة النقل لمتون الروايات لاسيّما وإنّها متطابقة مع المتون التي رواها الصدوق في الفقيه، واليك نصّ المتن الروائي في فتوى ابن برّاج حيث قال: (يستحبّ لمَن أذّن أو أقام أن يقول في نفسه عند (حيّ على خير العمل): (آل محمّد خيرُ البريّة) مرّتين).

وهذا المتن: هو عين أحد متون طوائف الروايات التي استعرضها الصدوق في الفقيه كما مرّ.

والمتن الروائي في فتوى السيّد المرتضى، حيث سُئل هل يجب في الأذان بعد قول (حيّ على خير العمل): (محمّد وعلي خير البشر)؟ فأجاب: إن قال: (محمّد وعلي خير البشر) على أنّ ذلك من قوله خارج من لفظ الأذان جاز؛ فإنّ الشهادة بذلك صحيحة، وإن لم يكن فلا شيء عليه) (٢) .

____________________

(١) مصباح الفقيه: كتاب الصلاة فصل الأذان.

(٢) المسائل المبافارقيّة: ص٢٥٧، ورسائل السيّد المرتضى: ج١، ص٢٧٩، طبعة المرعشي.

٣٤

ومراده من الذيل - كما سيأتي شرح ذلك -: إن قال على أنّه من فصول الأذان فلا شيء عليه، والملاحَظ في هذا المتن الذي أفتى به مغايرته مع المتون الثلاثة التي ذكرها في الفقيه، وإن كان مقارباً لأحدها لاسيّما مع متن ابن برّاج حيث خصّ الموضع ما بعد حيّ على خير العمل، بل قد يُستكشف من ذلك أنّ الشهادة الثالثة لها موضعان:

أحدهما: بعد الشهادة الثانية وهو الشهادة بالإمرة والولاية، والموضع الآخر: بعد (حيّ على خير العمل) وهو القول بأنّ: (محمّد وآله خير البشريّة)، أو قوله: (محمّد وعلي خير البشر).

* المتون الروائيّة التي رواها الصدوق:

وإليك متن في عبارة الصدوق في الفقيه: وقال مصنّف هذا الكتاب (رحمه الله): هذا هو الأذان الصحيح لا يُزاد فيه ولا يُنقص فيه، والمفوّضة (لعنهم الله) قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان (محمّد وآل محمّدٍ خير البريّة) مرّتين، وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أنّ محمّداً رسول الله: (أشهدُ أنّ عليّاً وليّ الله) مرّتين، ومنهم مَن روى بدل ذلك: (أشهدُ أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقّاً) مرّتين، ولا شكّ في أنّ عليّاً وليّ الله، وأنّه أمير المؤمنين حقّاً، وأنّ محمّداً وآله صلوات الله عليهم خير البريّة، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان؛ وإنّما ذُكرت ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتّهمون بالتفويض المدلِّسون أنفسهم في جملتنا) (١) انتهى كلامه (قدِّس سرّه).

____________________

(١) الفقيه: ج١.

٣٥

وعبارته وإن كانت كما سيأتي في الفصل الأوّل تحليلها وتقييمها بنحو مفصّل، إلاّ أنّ الذي يُعنينا في المقام هو تنصيص الصدوق على كونها روايات لا رواية واحدة، وتنصيصه على كونها ثلاثة طوائف وروايته لمتونها بألفاظها.

* المتونُ التي رواها الشيخ في النهاية والمبسوط:

لاسيّما وأنّ النهاية كلّها متون روايات كما هو معروف، بل قد نصّص الشيخ فيها بلفظ الرواية فقال: (وأمّا ما رويَ في شواذ الأخبار من قول: (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله)، و (وآل محمّد خير البريّة).....) (١) ، وسيأتي تتمّة كلامه عند استعراض فتواه، وقال في المبسوط: وأمّا قول: (أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين)، و (وآل محمّد خير البريّة) على ما ورد في شواذ الأخبار.....) (٢) وسيأتي تتمّة كلامه عند استعراض فتواه.

* لمحةٌ عن أسانيد المتون الخاصّة:

إنّ الظاهر المنسبق من عبارة الصدوق السابقة، وإن كان يتبادر منه حُكمه بالوضع في صدور تلك الروايات مع أنّه روى متونها، إلاّ أنّه سيأتي أنّ ذيل عبارته ينافي ذلك، إلاّ أنّه يناسب مقدّمة البحث، ذكرَ عبارة المبسوط وتقييمه لدرجة صدور تلك الروايات الدالّة على كون الشهادة الثالثة من فصول الأذان، وهو يخالف بذلك موقف الصدوق من صدور الروايات، وقد وافق الشيخ في ذلك: العلاّمة الحلّي، والشهيد الأوّل، كما سيأتي لاحقاً في استعراض الأقوال واليك نص عبارة المبسوط:

____________________

(١) النهاية: ج١، ص٢٩٣ طبعة جماعة المدرّسين.

(٢) المبسوط: ج١، ص٢٩٣ طبعة جماعة المدرّسين.

٣٦

قال في كتاب الصلاة منه في فصل الأذان: (ففصول الأذان أربع تكبيرات في أوله،... فأمّا قول: (أشهدُ أنّ عليّاً أمير المؤمنين، وآل محمّد خير البريّة) على ما ورد في شواذ الأخبار، فليس بمعمول عليه في الأذان، ولو فعله الإنسان لم يأثم به، غير أنّه ليس من فضيلة الأذان ولا كمال فصوله) (١) ، انتهى كلامه (قدِّس سرّه).

فقد حُكم عليها بالشذوذ وعدم الإثم بالعمل بها، وقد عَقدنا تذييلين (٢) فيهما بحثٌ مفصّل في خاتمة الفصل الأوّل، في بيان معنى الشاذ لدى الشيخ والمحدّثين وعلماء الدراية هو المعتبر سنداً المُعرض عنه عملاً.

وقال في النهاية في كتاب الصلاة: (وهذا الذي ذكرناه من فصول الأذان والإقامة هو المختار المعمول عليه، وقد روي سبعة وثلاثون فصلاً في بعض الروايات وفي بعضها،... وفي بعضها،... فإن عَمل عامل على إحدى هذه الروايات لم يكن مأثوماً، وأمّا ما رويَ عن شواذ الأخبار من قول: (أشهد أنّ عليّاً وليُّ الله، وآل محمّد خير البريّة) فممّا لا يُعمل عليه في الأذان والإقامة فمَن عملَ بها كان مخطئاً)، انتهى كلامه (قدِّس سرّه) (٣) .

____________________

(١) المبسوط: ج١، ص١٤٨، طبعة جماعة المدرّسين - قم المقدّسة.

(٢) راجع: ص٢٤٠.

(٣) النهاية: ص٢٩٣، طبعة جماعة المدرّسين - قم المقدّسة.

٣٧

وشرح كلامه سيأتي مفصّلاً لاحقاً، لكن نشير إجمالاً إلى أنّ تعبيره في المبسوط أنّ العامل بها غير مأثوم، قد عبّر به في النهاية عن العمل بطوائف الروايات المختلفة الواردة في عدد فصول الأذان، التي هي مسألة أخرى غير الشهادة الثالثة، وجملة تلك الروايات طوائفها معتبرة، ممّا يؤكّد اعتبار صدور الروايات في الشهادة الثالثة في فصول الأذان، غاية الأمر أنّه وصفها بالشذوذ بمعنى الإعراض عن العمل بها.

* فتحصّل:

أولاً: الالتفات إلى كون الروايات الواردة المتضمّنة لكون الشهادة الثالثة من فصول الأذان، قد أشار إلى متونها الصدوق في كتابه مَن لا يحضره الفقيه وغيره من المتقدّمين في كتبهم، كما مرّ وهي موجودة في أصول الأصحاب المعتبرة في الطبقات السابقة عليه.

ثانياً: إنّ هذه الأخبار معتبرة في نفسها عند الشيخ وجملة من الأصحاب، كما سيأتي شرح ذلك مفصّلاً بشهادة وصفها بالشذوذ لا الضعف، وإنّ العامل بها غير مأثوم وغير ذلك من عباراتهم الآتية، وإنّ الصدوق - بمقتضى ذيل كلامه كما مرّ وسيأتي شرحه - لم يجزم بالوضع لها صدوراً؛ وإنّما طرحها لكونهم من المتّهمين بالتفويض عنده لا أنّه (قدِّس سرّه) متحقّق من تفويضهم ومن وَصفها.

والجدير بالالتفات أيضاً: أنّ عبارة الصدوق في الفقيه ناصّة على تكثّر روايات الشهادة الثالثة في الأذان، فعبّر بلفظ (أخباراً)، وعبّر أيضاً بلفظ (وفي بعض رواياتهم) عن ورود الصيغة الثانية في تلك الروايات، وعبّر أيضاً ومنهم مَن روى بدل ذلك عن الصيغة الثالثة للشهادة الثالثة، والتفنّن بهذه التعبيرات منه حكاية واضحة عن كثرة طرق تلك الأخبار، وممّا يشهد لكثرة الطرق أيضاً: اختلاف صيغ الشهادة الثالثة في الأذان المرويّة في تلك الروايات وسيأتي بيان ذلك لاحقاً.

٣٨

وسيأتي أنّ الشيخ وغير واحد، بل وكذا الصدوق - وإن اختلف رأيه في اعتبار الروايات عن الشيخ وأتباعه - إنّما أطرحوا هذه الروايات لدعوى المعارض الراجح، ممّا يقضي بكونها حجّة في نفسها لولا المُعارض، ومن ثُمّ لم يحكموا بأثم العامل بتلك الأخبار أي على أنّها من فصول الأذان، وإنّما حكموا بخطئه بحسب صناعة الترجيح أي أنّ كِلا طرفي الروايات معتبر في نفسه، وإنّما طُرحت روايات الشهادة الثالثة لأرجحيّة معارضه (١) ، وقد تبعَ الشيخ في موقفه وتقييمه للروايات ومعالجته لها في كلّ ذلك كلّ من: العلاّمة، والشهيد الأوّل، كما سيأتي نقل كلامهم.

____________________

(١) وسيأتي أنّ دعوى أصل المعارضة من متقدّمي الأصحاب، ليس في محلّه، كما نبّه عليه المجلسي الأوّل في روضة المتّقين لشرح كتاب الفقيه، فضلاً عن أرجحيّة الروايات الخالية من الشهادة الثالثة.

٣٩

٤٠

عليه وسلم وأنا حذائه وربما أصابني ثوبه اذا سجد، وكان يصلي على خمرة.

البخاري: 1/101، مسلم: 2/128، ابن ماجة: 1/320، النسائي: 2/57، البيهقي: 2/421.

واخرج مسلم: 1/168 عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناوليني الخمرة من المسجد قالت: اني حائض فقال: ان حيضتك ليست في يدك.

5 - ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة ويسجد عليها.

أخرجه الطبراني في الكبير والاوسط.

6 - ام سلمة ام المؤمنين: كان لرسول الله حصير وخمرة يصلي عليها. اخرجه ابو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال ابي يعلى رجال الصحيح، وعن ام حبيبة مثله صحيحاً كما في المجمع: 2/57.

٤١

7 - انس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة ويسجد عليها.

أخرجه الطبراني في الاوسط والصغير بأسانيد بعضها صحيح، رجاله ثقات كما في المجمع: 2/57.

٤٢

القسم الثالث:

فيما ورد من السجود على غير الأرض لعذر.

1 - انس بن مالك: كنا اذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض من شدة الحر طرح ثوبه ثم سجد عليه.

وفي لفظ البخاري: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود.

وفي لفظ مسلم: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فاذا لم يستطع(1) أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه.

وفي لفظ: كنا اذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود(2)

____________________

(1) في لفظ ابن ماجة: لم يقدر.

(2) البخاري: 1/101، مسلم: 2/109، ابن ماجة: 1/321، ابو داود: 1/106، سنن الدارمي: 1/308، مسند احمد: 1/100، السنن الكبرى: 2/10 ونيل الأوطار:2/268.

٤٣

قال الشوكاني في النيل: الحديث يدل على جواز السجود على الثياب لاتقاء حر الأرض، وفيه اشارة الى أن مباشرة الأرض عند السجود هي الأصل، لتعليق بسط ثوب بعدم الاستطاعة، وقد استدل بالحديث على جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلي، قال النووي: وبه قال ابو حنيفة والجمهور أهـ.

2 - انس بن مالك: كنا اذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر.

أخرجه ابن ماجة في صحيحه: 2/216 وقال الامام السندي في شرحه: الظهائر جمع ظهيرة وهي شدة الحر نصف النهار «سجدنا على ثيابنا» الظاهر انها الثياب التي هم لابسوها ضرورة ان الثياب في ذلك الوقت قليلة، فمن أين لهم ثياب فاضلة؟ فهذا يدل على جواز أن يسجد المصلي على ثوب هو لابسه كما عليه الجمهور أهـ. وعلى هذه الصورة يحمل ما جاء عن ابن عباس: رأيت

٤٤

رسول الله يصلي يسجد على ثوبه(1) .

وأخرج التخاري في الصحيح: 1/101 في باب السجود على الثوب في شدة الحر: وقال الحسن: كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه.لفت نظر:

هناك حديث حمله الفقهاء على هذه الصورة أيضاً مع انه ليس فيه ذكر عن السجدة على الثوب، ألا وهو:

عن ابن عباس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كساء ابيض في غداة باردة يتقي بالكساء برد الأرض بيده ورجله.

وفي لفظ احمد: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مطير وهو يتقي الطين اذا سجد بكساء عليه يجعله دون يديه الى الأرض اذا سجد.

وعن ثابت بن صامت: ان رسول الله صلى الله عليه

____________________

(1) أخرجه ابو يعلى. والطبراني في الكبير.

٤٥

وسلم قام يصلي في مسجد بني عبدالأشهل وعليه كساء ملتفّ به يضع يده عليه يقيه برد الحصا.

وفي لفظ: رأيته واضعاً يديه في ثوبه اذا سجد.

في لفظ ابن ماجة: فرأيته واضعاً يديه على ثوبه اذا سجد(1) .

قال الشوكاني في نيل الأوطار: الحديث يدل على جواز الاتقاء بطرف الثوب الذي على المصلي ولكن للعذر، اما عذر المطر كما في الحديث، أو الحر والبرد كما في رواية ابن ابي شيبة وهذا الحديث مصرح بأن الكساء الذي سجد عليه كان متصلا به أ هـ.

ونحن لم نر هذا الحمل في محله اذ الحديث لا يدل بظاهره الا على اتقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكساء برد الأرض بيده ورجله فحسب، وليس فيه ايعاز قط الى السجدة والجبهة، وسبيله سبيل حديث السيدة عائشة: كان

____________________

(1) سنن ابن ماجة: 1/321، السنن الكبرى: 2/108، نصب الراية: 1/386، نيل الأوطار: 2/269، 275.

٤٦

رسول الله اذا صلى لا يضع تحت قدمية شيئاً الا انّا مطرنا يوماً فوضع تحت قدمية نطعاً(1) .

وهناك مرفوعة أخرجها احمد في المسند: 4/254 عن محمد بن ربيعة عن يونس بن الحرث الطائفي عن أبي عون عن ابيه عن المغيرة بن شعبة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أو يستحب أن يصلي على فروة مدبوغة(2) .

والاسناد ضعيف بالمرة وبمثله يستدل في الأحكام، فيه يونس بن الحرث، قال احمد: أحاديثه مضطربة، وقال عبدالله بن احمد: سألته عنه مرة اخرى فضعفه. وعن ابن معين: لا شيء، وقال ابو حاتم: ليس بقوي، وقال النسائي: ضعيف. وقال مرة: ليس بالقوي، وقال ابن ابي شيبة: سألت ابن معين عنه فقال: كنا نضعفه ضعفاً شديداً. وقال الساجي: ضعيف الا انه لا يتهم بالكذب.

تهذيب التهذيب: 11/437.

____________________

(1) اخرجه الطبراني في الاوسط، والبيهقي:2/436، وضعفه الهيثمي في المجمع: 2/57، لمكان ابراهيم بن اسحاق الضبي في اسناده.

(2) واخرجه ابو داود: 1/106، والبيهقي في السنن: 2/420 بالاسناد المذكور.

٤٧

وفيه أبو عون عبيدالله بن سعيد الثقفي الكوفي قال ابو حاتم كما في الجرح والتعديل لابنه: هو مجهول. وقال ابن حجر: حديثه عن المغيرة مرسل.

على ان متن المرفوعة ساكت عن االسجدة وحكمها، والملازمة بين الصلاة على الفروة والسجدة عليها منتفية.القول الفصل:

هذا تمام ما ورد في الصحاح، والمسانيد مرفوعاً وموقوفاً فيما يجوز السجود عليه برمته، ولم يبق هناك حديث لم ندكره، وهي تدل بنصها على أن الأصل في ذلك لدى القدرة والامكان الأرض كلها، ويتبعها المصنوع مما ينبت منها أخذاً بأحاديث الخمرة عنه والفحل والحصير والبساط، ولا مندوحة عنها عند فقدان العذر، وأما في حال العذر وعدم التمكن منها فيجوز السجود على الثوب المتصل دون المنفصل لعدم ذكره في السنة.

وأما السجدة على الفراش والسجاد والبسط المنسوجة من الصوف والوبر والحرير، وأمثالها والثوب المنفصل فلا دليل يسوغها قط، ولم يرد في السنة أي مستند لجوازها،

٤٨

وهذه الصحاح الست وهي تتكفل بيان احكام الدين ولا سيما الصلاة التي هي عماده، لم يوجد فيها ولا حديث واحد، ولا كلمة ايماء وايعاز الى جواز ذلك.

وكذلك بقية اصول الحديث من المسانيد والسنن المؤلفة في القرون الاولى الثلاثة ليس فيها أي أثر يمكننا الاستدلال به على جواز ذلك من مرفوع أو موقوف، من مسند أو مرسل.

فالقول بجواز السجود على الفرش والسجاد والالتزام بذلك. وافتراش المساجد بها للسجود عليها كما تداورل عند الناس بدعة محضة. وأمر محدث غير مشروع. يخالف سنة الله وسنة رسوله، ولن تجد لسنة الله تحويلا. وقد اخرج الحافظ الكبير الثقة ابو بكر ابن ابي شيبة باسناده في المصنف في المجلد الثاني عن سعيد بن المسيب وعن محمد بن سيرين: ان الصلاة على الطنفسة محدث، وقد صح عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله: شر الامور محدثاتها، وكل محدثة بدعة. وأما:

٤٩

السجدة على تربة كربلاء

٥٠

٥١

واتخاذها مسجداً فان الغاية المتوخاة منها للشيعة انما هي تستند الى أصلين قويمين. وتتوقف على امرين قيمين، أولهما:

استحسان اتخاذ المصلي لنفسه تربة طاهرة يتيقن بطهارتها، من أي أرض أخذت، ومن أي صقع من أرجاء العالم كانت، وهي كلها في ذلك شرع سواء سواسية، لا امتياز لا حديهن على الاخرى في جواز السجود عليها، وان هو الا كرعاية المصلي طهارة جسده وملبسه ومصلاه، يتخذ المسلم لنفسه صعيداً طيباً يسجد عليه في حله وترحاله، وفي حضره وسفره، ولا سيما في السفر. اذ الثقة بطهارة كل ارض يحل بها، ويتخذها مسجداً لا تتأتى له في كل موضع من المدن والرساتيق والفنادق والخانات وباحات النزل والساحات، ومحال المسافرين، ومحطات وسائل السير والسفر، ومهابط فئات الركاب، ومنازل الغرباء، انى له بذلك وقد يحل بها كل انسان من الفئة المسلمة وغيرها، ومن اخلاط الناس الذين لا يبالون ولا يكترثون لأمر الدين في موضوع الطهارة والنجاسة.

٥٢

فأي وازع من أن يستحيط المسلم في دينه، ويتخذ معه تربة طاهرة يطمئن بها وبطهارتها يسجد عليها لدى صلاته، حذراً من السجدة على الرجاسة والنجاسة والأوساخ التي لا يتقرب بها الى الله قط، ولا تجوز السنة السجود عليها، ولا يقبله العقل السليم، بعد ذلك التأكيد التام البالغ في طهارة اعضاء المصلي ولباسه، والنهي عن الصلاة في مواطن منها: المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الابل(1) والامر بتطهير المساجد وتطييبها(2) .

وكأن هذه النظرة الصائبة القيمة الدينية كانت متخذة لدى رجال الورع من فقهاء السلف في القرون الاولى، وأخذاً بهذه الحيطة المتحسنة جداً كان التابعي الفقيه الكبير

____________________

(1) سنن ابن ماجة: 1/252، ومسانيد وسنن اخرى.

(2) سنن ابن ماجة: 1/256 ومصادر أخرى.

٥٣

الثقة العظيم المتفق عليه مسروق بن الأجدع(1) يأخذ في أسافره لبنة يسجد عليها كما أخرجه شيخ المشايخ الحافظ الثقة امام السنة ومسندها في وقته أبو بكر ابن أبي شيبة في كتابه «المصنف» في المجلد الثاني في باب: من كان يحمل في السفينة شيئاً يسجد عليه، فأخرج باسنادين: ان مسروقاً كان اذا سافر حمل معه في السفينة لبنة يسجد عليها.

هذا هو الأصل الأول لدى الشيعة وله سابقة قدم منه يؤم الصحابة الاولين والتابعين لهم باحسان. وأما الاصل الثاني:

فان قاعدة الاعتبار المطردة تقتضي التفاضل بين الأراضي

____________________

(1) مسروق بن الأجدع عبدالرحمن بن مالك الهمداني أبو عائشة المتوفي 62 تابعي عظيم من رجال الصحاح الست، يروي عن ابي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي. كان فقيهاً عابدا ثقة صالحاً، كان في أصحاب ابن مسعود الذين كانوا يعلمون الناس السنة، وقال حين حضره الموت كما جاء في طبقات ابن سعد: اللهم لا أموت على امر لم يسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر.

راجع تاريخ البخاري الكبير: 4 ق2: 35، طبقات ابن سعد: 6/565، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 4 ق1: 396، تهذيب التهذيب: 10: 109 - 111.

٥٤

بعضها على بعض، وتستدعي اختلاف الآثار والشؤون والنظرات فيها، وهذا أمر طبيعي عقلي متسالم عليه، مطرد بين الامم طراً، لدى الحكومات والسلطات والملوك العالمية برمتهم، إذ بالاضافات والنسب تقبل الأراضي والاماكن والبقاع خاصة ومزيّة، بها تجري عليها مقررات وتنتزع منها أحكام لا يجوز التعدي والصفح عنها.

الا ترى أن المستقلات والساحات والقاعات والدور والدوائر الرسمية المضافة إلى الحكومات، وبالأخص ما ينسب منها الى البلاط الملكي، ويعرف باسم عاهل البلاد وشخصه. لها شأن خاص، وحكم ينفرد بها، يجب للشعب رعايته، والجري على ما صدر فيها من قانون.

فكذلك الأمر بالنسبة الى الأرضي والأبنية والديار المضافة المنسوبة الى الله تعالى فان لها شؤوناً خاصة، واحكاماً وطقوساً. ولوازم وروابط لا مناص ولابد لمن اسلم وجهه لله من أن يراعيها، ويراقبها، ولا مندوحة لمن عاش تحت راية التوحيد والاسلام من القيام بواجبها والتحفظ عليها، والاخذ بها.

٥٥

فبهذا الاعتبار المطرد العام المتسالم عليه انتزع للكعبة حكمها الخاص، وللحرم شأن يخص به، وللمسجدين الشريفين: جامع مكة والمدينة احكامهما الخاصة بهما، وللمساجد العامة والمعابد والصوامع والبيع التي يذكر فيها اسم الله، في الحرمة والكرامة، والتطهير والتنجيس، ومنع دخول الجنب والحائض والنفساء عليها، والنهي عن بيعها نهياً باتاً نهائياً من دون تصور أي مسوغ لذلك قط خلاف بقية الأوقاف الاهلية العامة التي لها صور مسوغة لبيعها وتبديلها بالأحسن، الى احكام وحدود اخرى منتزعة من اعتبار الاضافة الى ملك الملوك،رب العالمين.

فاتخاذ مكة المكرمة حرماً آمناً، وتوجيه الخلق اليها، وحجهم اليها من كل فج عميق، وايجاب كل تلكم النسك. وجعل كل تلكم الأحكام حتى بالنسبة الى نبتها وأبّها، ان هي الا آثار الاضافة، ومقررات تحقق ذلك الاعتبار. واختيار الله اياها من بين الأراضي.

وكذلك عدّ المدينة المنورة حرماً إلهياً محترماً. وجعل كل تلكم الحرمات الواردة في السنة الشريفة لها وفي أهلها

٥٦

وتربتها ومن حل بها ومن دفن فيها، انما هي لاعتبار ما فيها من الاضافة والنسبة الى الله تعالى، وكونها عاصمة عرش نبيه الأعظم صاحب الرسالة الخاتمةصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم.

وهذا الاعتبار وقانون الاضافة كما لا يخص بالشرع فحسب، بل هو أمر طبيعي أقّر الاسلام الجري عليه، كذلك لا ينحصر هو بمفاضلة الأراضي، وانما هو اصل مطرد في باب المفاضلة في مواضيعها العامة من الانبياء والرسل والأوصياء، والأولياء، والصديقين، والشهداء، وأفراد المؤمنين وأصنافهم، الى كل ما يتصور له فضل على غيره لدى الاسلام المقدس. بل هذا الأصل هو محور دائرة الوجود، وبه قوام كل شيء، واليه تنتهي الرغبات في الامور، ومنه تتولد الصلات والمحبات، والعلائق والروابط لعّدة عوامل البغض والعداء والشحناء والضغائن.

وهو اصل خلاف وشقاق ونفاق، كما انه أساس كل وحدة واتحاد وتسالم ووئام وسلام. وعليه تبنى سروح الكليات، وتتمهد المعاهد الاجتماعية، وفي اثره تشكل

٥٧

الدول، وتختلف الحكومات، وتحدث المنافسات والمشاغبات والتنازع والتلاكم والمعارك والحروب الدامية، وعلى ضوئه تتحزب الشعوب والقبائل، وتتكثر الأحزاب والجمعيات، وبالنظر اليه تؤسس المؤسسات في امور الدين والدنيا، وتتمركز المتجمعات الدينية، والعلمية والاجتماعية، والشعوبية، والقومية، والطائفية، والحزبية، والسياسية، الى كل قبض وبسط، وحركة وسكون، ووحدة وتفكك، واقتران وافتراق.

فالحكومة العالمية العامة القوية القهارة الجبارة الحاكمة على الجامعة البشرية بأسرها من أول يومها وهلم جراً الى آخر الأبد، من دون شذوذ لأي أحد وخروج فرد عن سلطتها، ومن دون اختصاص بيوم، دون يوم، انما هي حكومة «ياء النسبة» بها قوام الدين والدنيا، واليها تنتهي سلسلة النظم الانسانية، وقانون الاجتماع العام، وشؤون الافراد البشري.

والبشر مع تكثر افراده على بكرة ابيهم مسير بها، مقهور تحت نير سلطتها، مصفد بحبالها، مقيد في شراكها،

٥٨

لا مهرب له منها، هي التي تحكم وتفتق، وتنقض وتبرم، وترفع وتخفض، وتصل وتقطع، وتقرب وتبعد، وتأخذ وتعطي، وتعز وتذل،وتثيب وتعاقب، وتحقر وتعظم.

هي التي تجعل الجندي المجهول مكرماً، معظماً، محترماً، وتراه أهلاً لكل اكبار وتجليل وتجيل، لدى الشعب وحكومته، وتنثر الأوراد والأزهار على تربته ومقبره، وتدعه يذكر مع الأبد، خالداً ذكره في صفحة التاريخ.

هي التي تهون لديها الكوارث والنوازل، وبمقاييسها يقاسي الانسان الشدائد والقوارع والمصائب الهائلة، ويبذل النفس والنفيس دونها.

هي التي جعلت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقبل الصحابي العظيم عثمان بن مظعون وهو ميت، ودموعه تسيل على خديه كما جاء عن السيدة عائشة(1) .

____________________

(1) اخرجه ابو القاسم عبدالملك ابن بشران في اماليه، وابو الحسن علي بن الجعد الجوهري في الجزء العاشر من مسنده، والحاكم النيسابوري في المجلد الثالث من المستدرك. وحفاظ واعلام آخرون.

٥٩

هي التي دعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الى أن يبكي على ولده الحسين السبط، ويقيم كل تلكم المآتم ويأخذ تربة كربلاء ويشمها ويقبلها، الى آخر ما سمعت من حديثه.

هي التي جعلت السيدة ام سلمة ام المؤمنين تصر تربة كربلاء على ثيابها.

هي التي سوغت للصديقة فاطمة ان تأخذ تربة قبر ابيها الطاهر وتشمّها.

هي التي حكمت على بني ضبة يوم الجمل أن تجمع بعرة جمل عايشة ام المؤمنين وتفتها وتشمها كما ذكره الطبري.

هي التي جعلت علياً امير المؤمنينعليه‌السلام أخذ قبضة من تربة كربلاء لما حلّ بها فشمها وبكى حتى بلّ الأرض بدموعه، وهو يقول: يحشر من هذا الظهر سبعون الفاً يدخلون الجنة بغير حساب. أخرجه الطبراني وقال الهيثمي في المجمع: 9/191 رجاله ثقات.

هي التي جعلت رجل بني اسد يشم تربة الحسين ويبكي قال هشام ابن محمد: لما اجرى الماء على قبره الحسين نضب

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420