مقتل العباس (عليه السلام)

مقتل العباس (عليه السلام)15%

مقتل العباس (عليه السلام) مؤلف:
تصنيف: النفوس الفاخرة
الصفحات: 394

  • البداية
  • السابق
  • 394 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 78868 / تحميل: 11992
الحجم الحجم الحجم
مقتل العباس (عليه السلام)

مقتل العباس (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

يا محمّدُ بنَ علي، أما علمتَ أنّ الحسينَ بنَ عليٍّ بعد وفاة نفسي، ومفارقةِ روحي جسمي، إمامٌ من بعدي عند اللّه في الكتاب؛ وراثة مِن النّبيِّ أضافها في وراثة أبيه واُمّه، عَلِمَ اللّهُ أنَّكُمْ خِيرةُ خلقِهِ فاصْطَفى مِنكُم مُحمّداً، واختار محمّدٌ عليّاً، واختارني عليٌّ للإِمامة، واخترتُ أنا الحُسينَ » .

فقال له محمّدُ بن علي: أنت إمامي وسيّدي، ألا وإنّ في رأسي كلاماً لا تنزفه الدلاء، ولا تُغيّره الرياح، كالكتاب المـُعجم في الرّقِّ المـُنمنَم؛ أهمُّ بإبدائه فأجدني سبقتُ إليه سبق الكتاب المـُنزل، وما جاءت به الرُّسل، وإنّه لكلامٌ يكُلّ به لسانُ النّاطق ويدُ الكاتب حتّى لا يجد قلماً، ويُؤتوا بالقرطاس حِمماً ولا يبلغ فضلك، وكذلك يجزي المـُحسنين، ولا قوة إلاّ باللّه.

الحسين أعلمنا علماً، وأثقلنا حلماً، وأقربنا من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله رَحماً؛ كان إماماً قبل أنْ يُخلق، وقرأ الوحيَ قبل أنْ يَنطق، ولو علم اللّهُ أنّ أحداً خيراً منّا ما اصطفى محمّداً، فلمـّا اختار اللّه محمّداً، واختار محمّدٌ عليّاً إماماً، واختارك عليٌّ بعده، واخترتَ الحسينَ بعدك، سلّمنا ورضينا بمَن هو الرضى، وممّن نسلم به من المـُشكلات(١) .

وهذه الوصيّة تُفيدنا عظمة ابن الحنفيّة من ناحية الإيمان، وأنّه من عياب العلم ومناجم التُّقى، فأيّ رجل يشهد له إمامُ وقته بأنّ اللّه لم يجعل للشيطان عليه سُلطاناً؟ وأنّه لا يخشى عليه من ناحية الحسد الذي لا يخلو منه أو من شيء من موجباته، أيّ أحد لم يبلغ درجة الكمال؟ ثُمّ أي رجل أناط أمير المؤمنينعليه‌السلام البِرَّ به بالبرِّ بنفسه التي يجب على كافة المؤمنين أنْ يبرّوا بها؟

____________________

(١) إعلام الورى بأعلام الهُدى / ٤٢٣.

١٠١

على أنّ الظاهر من قول المـُجتبىعليه‌السلام :« أمَا علمتَ أنّ الحسينَ » . هو: إنّ علمَ محمّد بالإمامة لم يكنْ بمحض النّصِّ المـُتأخّر وإنْ أكّده ذلك، وإنّما هو بعلم مخصوص برجالات بيت الوحي، مكنون عندهم بالإحاطة بالكتاب الماضي والقدر الجاري.

ويرشدنا إلى هذا قولُ ابن الحنفيّة: إنّ في رأسي...؛ فإنّه أظهر من سابقه فيما قلنا، وكلماته الذهبيّة في الاعتراف بحقّ الإمامينعليهما‌السلام تدلّنا على ثباته المـُستقى من عين صافية بارشيةٍ من الحقِّ؛ وما هي إلاّ ذلك اللوح المحفوظ.

أضف إلى ذلك، ما جاء عن أمير المؤمنينعليه‌السلام من قوله:« تأبَى المحامدةُ أنْ يُعصى اللّه » . وهُم: محمّد بن الحنفيّة، ومحمّد بن جعفر الطيّار، ومحمّد بن أبي حُذيفة بن عتبة بن ربيعة، وهو ابن خال معاوية بن أبي سفيان(١).

____________________

(١) رجال الكشّي ١ / ٢٢٦، النّص منقول بالمعنى، وفيه: إنّ محمّد بن أبي حُذيفة كان من أنصار عليٍّعليه‌السلام وخيار الشيعة، وبعد شهادة عليعليه‌السلام حبسه معاوية دهراً؛ حيث لم يتبرّأ من المشايعة لعلي وولدهعليهم‌السلام ، وبعد أنْ أخرجه حمله على البراءة منه والموالاة لعثمان، فقال له: إنّي لا أعلم أحداً شرك في دم عثمان غيرك؛ حيث استعملك وخالف المسلمين في رأيهم عليه بعزلك حتّى جرى عليه ما كان، وإنّ طلحة والزُّبير وعائشة هم الذين ألّبوا عليه وشهدوا عليه بالجريمة، وإنّي أشهدُ أنّك منذ عُرفت في الجاهليّة والإسلام لعلى خُلقٍ واحد، ما زاد الإسلامُ فيك شيئاً؛ وعلامته أنّك تلومُني على حُبّي لعليٍّعليه‌السلام وقد خرج معه كُلُّ صوّامٍ قوّامٍ من المـُهاجرين والأنصار، كما خرج معك أبناءُ المـُنافقين والطُّلقاء.

واللّه يا معاوية، ما خفي عليك ما صنعتَ ولا خفي عليهم ما صنعوا، إذ أحلّوا أنفسَهُم سخطَ اللّهِ بطاعتك، وإنّي لا أزال اُحبُّ عليّاً للّه ورسوله، وأبغضُكَ في اللّه ورسوله أبداً ما بقيت. ثُمّ ردّه إلى السّجن فمات فيه. رجال الكشّي ١ / ٢٢٨، والنّص منقول بالمعنى.

١٠٢

وهذه شهادة من سيّد الأوصياءعليه‌السلام في حقِّ ولده الكريم محمّد، قد أخذت مأخذها من الفضيلة، وأحلّت محمّداً المحلّ الأرفع من الدِّين، وأقلّته سنام العزّ في مستوى الإيمان.

وإنّ شهادة أمير المؤمنينعليه‌السلام بأنّه ممّن يأبى أنْ يُعصى اللّه، تُعرّفنا عدم ادّعائه الإمامة لنفسه بعد الحسينعليه‌السلام ؛ فإنّ تسليمَه الإمامة للسجّادعليه‌السلام لا يختلف فيه اثنان، واستدعاؤه الإمامعليه‌السلام للمحاكمة عند الحجر الأسود من أكبر الشواهد على تفنّنه في تنبيه النّاس لمَن يجب عليهم الانقياد له. وعدم حضوره مشهد الطَّفِّ؛ إمّا لما يقوله العلاّمة الحلّي في أجوبة المسائل المهنائية من المرض، أو لما يروي محمّد بن أبي طالب في المقتل: من إذنِ الحسينعليه‌السلام له في البقاء بالمدينة يُعرّفه بما يحدث هناك، فهو معذورٌ مقبول.

ولبسالته المعلومة وموقفه من الحقّ؛ أنزله أبوهعليه‌السلام يوم (الجمل) منزلة يده، فكان يخوض الغمرات أمامه، ويمضي عند مُشتبك الحرب قِدماً، وكان يقول له عند أمره لمنازلة الأقران دون الإمامينعليهما‌السلام :« إنّهمَا عينايَ وأنت يدي، أفلا أدفعُ بيدي عنْ عينَيّ؟ » (١) .

وناهيك من بلاغته المزيجة بالشجاعة، خطبتُه يوم صفِّين، وقد برز بين الصفَّين فأومى إلى عسكر معاوية، وقال:

____________________

(١) في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٢٤٤: قيل لمُحمّد: لِمَ يُغرّر بك أبوك في الحرب، ولا يُغرّر بالحسن والحسينعليهما‌السلام ؟ فقال: إنّهما عيناه وأنا يمينُه، فهو يدفع عن عينيهِ بيمينه.

١٠٣

« يا أهلَ الشَّامِ، اخسؤوا يا ذُرِّيَّةَ النّفاقِ وحشوَ النّار وحَطَبَ جهنَّم... » (١) . إلى آخر كلامه المروي في تذكرة الخواصّ لسبط ابن الجوزي / ١٦٧، ومناقب الخوارزمي / ١٣٤(٢) . فكان لهذه الخطبة البليغة موقعٌ تامٌّ في ذلك الجيش اللّجب والجمع المتكاثف، ولم يبقَ في الفريقين إلاّ مَن اعترف بفضله.

____________________

(١) والنّص باختلاف ألفاظه موجودٌ في مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٣٤، وعنه بحار الأنوار ٤٦ / ٣١٨.

(٢) المناقب للخوارزمي / ٢١٠.

١٠٤

الأطرف:

وأمّا عمر الأطرف، فكما شاركه في العقب، [ فقد ] وقع الخلاف من أهل النّسب في أيِّهما أسبق في الولادة؛ فالذي عليه ابن شهاب العكبري، وأبو الحسن الأشناني، وابنُ جداع، تقدُّم ولادة عمر، وعند شيخ الشرف العُبيدلي، والبغدادي، وأبي الغنائم العمري، تقدُّم ولادة العبّاسعليه‌السلام (١) . ولا يُمكننا الحكم بشيء بعد جهالة السّنة التي توفّي فيها، وذكرها على الإجمال في زمن عبد الملك أو ابنه الوليد لا يُغني، وإنْ عرفوا مقدار عمره بخمس وثمانين أو خمس وسبعين.

نعم، يظهر من المؤرّخين عند ذكر أولاد أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّ العبّاس أكبر منه؛ لأنّهم يُقدّمون ذكر العبّاس وإخوته على عمر، على أنّ الداودي في العمدة / ٣٥٤ يقول: كان عمر آخر مَن وُلِد من بني عليٍّعليه‌السلام .

وعلى كُلّ حالٍ، فالوجه في تسميته بالأطرف إنّما هو بعد ولادة عمر الأشرف ابن الإمام السجّادعليه‌السلام ، أخو زيد الشهيد لاُمّه؛ فإنّه سُمّي بالأشرف، لجمعه الفضيلة من ولادة علي وفاطمةعليهما‌السلام ، والأطرف حاز الفضل من طرف أبيه(٢) .

____________________

(١) عمدة الطالب / ٣٢٨.

(٢) عمدة الطالب / ٢٨١.

١٠٥

ولم يحضر مع الحسينعليه‌السلام في الطَّفِّ، ولا مع مصعب بن الزُّبير، وقد وَهم مَن ذكره في المـُستَشهَدين يوم الطَّفِّ، كما أخطأ الدينوري في الأخبار الطوال / ٢٩٧ في عدّه من جملة مَن قُتل مع مصعب في الحرب القائمة بينه وبين المختار.

وأغرب منه عدّ اليافعي له في مرآة الجنان ١ / ١٤٣ في جملة المقتولين مع المختار؛ لأنّ المشهور بين المؤرّخين بقاؤه إلى بعد الحسينعليه‌السلام حتّى نازع السجّادعليه‌السلام في الصّدقات إلى عبد الملك، فلم ينجح، كما نازع الحسن المثنى فيها عند الحجّاج فطرده عبد الملك عنها(١) .

ويروي السيّد ابن طاووس: أنّه أشار على الحسينعليه‌السلام بالبيعة ليزيد، فقال له:« إنّ أبي حدّثني عنْ رسول اللّه بقتله وقتلي، وإنّ تُربَتي إلى جنب تُربته. أتظنّ أنّك تعلمُ ما لمْ أعلمه؟ فواللّه، لا اُعطي الدَّنيَّةَ مِنْ نفسي » (٢) .

ولا أعلم السّبب في تأخّره عن الطَّفِّ، و( الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا ) (٣). وليس لنا إلاّ التسليم ما لم يقم دليلٌ قطعي على المـُعاندة والمخالفة؛ خصوصاً بعدما جاء الحديث عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، وفيه:« لا يخرجُ أحدُنا من الدُّنيا حتّى يقرَّ لكُلّ ذي فضلٍ فضلَه، ولو بفواقِ ناقة » (٤) .

فإنّه صريحٌ في توبة مَن كان ظاهرُه الخلاف لأهل البيتعليهم‌السلام عند الممات، ولا إشكال في أنّ التوبة مُكفّرة لما صدر من العصيان

____________________

(١) عمدة الطالب (عند ذكر الحسن المثنى) / ٩٠.

(٢) اللهوف في قتلى الطفوف / ٢٠، والنّص منقول بالمعنى.

(٣) سورة يونس / ٣٦.

(٤) هذان حديثان مُلفّقان منقولان بالمعنى، وهما في كمال الدِّين وتمام النّعمة للشيخ الصدوق / ٦٠٢، وقرب الإسناد للحميري / ٢٤.

١٠٦

كما في صريح الكتاب المجيد، وإجماع المسلمين، والأخبار المتواترة التي تُوجب القطع بمضمونه، فالتهجّم على آل النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمجرد تلك الأحاديث التي لا يُعرف مأخذها، خروج عن طريقة الأئمّة الطاهرينعليهم‌السلام .

وأمّا عبيدُ اللّه بن النّهشليّة فلم يحضر الطَّفَّ، وجاء إلى المختار يطلب الرفد فلم يصله، فالتحق بمصعب وجاء معه، فلمـّا وصل المذار من سواد البصرة، وُجِدَ في فسطاطه مذبوحاً، ولم يُعلم قاتلُه(١) .

والمـُشارك معه في يوم الطَّفِّ أبو بكر، واُمّه ليلى بنت مسعود النّهشليّة. قال ابن جرير وابن الأثير: شُكَّ في قتله(٢) . وفي نفس المهموم / ١٧٣: وُجِدَ في ساقيةٍ قتيلاً، لا يُعلم قاتلُه(٣) .

وكأنّه لمـّا حمل آل أبي طالب بعد قتل عبد اللّه بن مسلم بن عقيل حملةً واحدة، فصاح بهم الحسينعليه‌السلام :« صبراً على الموتِ يا بَني عُمومَتي؛ فواللّه، لا رأيتُمْ هواناً بعد هذا اليوم أبداً » (٤) . سقط فيهم عونٌ ابن الطيّار وأَخوه محمّد، وعبد الرحمن بن

____________________

(١) قال ابن إدريس الحلّي في السّرائر ١ / ٦٥٦: وقد ذهب أيضاً شيخُنا المفيد في كتاب الإرشاد إلى أنّ عبيدَ اللّه بن النّهشليّة قُتل بكربلاءَ مع أخيه الحسينعليه‌السلام . وهذا خطأٌ محضٌ بلا مِراء؛ لأنّ عبيدَ اللّه بن النّهشليّة كان في جيش مصعب بن الزُّبير، ومن جملة أصحابه، قتلهُ أصحابُ المختار.

(٢) تاريخ الطبري ٤ / ٣٥١، الكامل في التاريخ ٤ / ٩٢.

(٣) مقاتل الطالبيين / ٥٧.

(٤) بحار الأنوار ٤٥ / ٣٦، والعبارة:« صبراً يا بَني عُمومتي، صبراً يا أهلَ بيتي، لا رأيتُمْ هواناً بعدَ هذا اليومِ أبداً » .

١٠٧

عقيل وأَخوه جعفر، ومحمّد بن مسلم بن عقيل، وأبو بكر هذا؛ فلذلك لم يُعرف قاتله.

ومحمّد الأوسط، واُمّه اُمّ ولد، قتله رجل من بني أبان بن دارم واحتزّ رأسه(١) .

وعبد اللّه المولود سنة ٣٦ هـ، وجعفر المولود سنة ٣٣ هـ، وعثمان المولود سنة ٤٠ هـ، فقتل هاني بن ثبيت الحضرمي عبد اللّه وجعفراً، ورمى خولي بن يزيد الأصبحي عثمان، واحتزّ رأسه رجلٌ من بني أبان بن دارم(٢) ، وهؤلاء جَمعهم وإيّاه الاُمومة أيضاً.

والمشارك له في الاسم عباس الأصغر، نصّ عليه النّسّابة السيّد محمّد كاظم اليماني في النّفحة العنبريّة، قال: وكان شقيقاً لعمر الأطرف. وفي ناسخ التواريخ ذكر العبّاس الشهيد والعبّاس الأصغر، ويُؤيّده أنّ النّسّابة العُمَري في المـُجدي، وابن شهر آشوب في المناقب، والشبلنجي في نور الأبصار، والمـُحبّ الطبري في ذخائر العقبى، وصفوا الشهيد بالعبّاس الأكبر(٣) .

وهذا التعبير في عُرف النّسّابين يقع لِمَن يكون له أخٌ أصغرُ منه شاركه في الاسم، لا فيمَن هو أكبر إخوته مُطلقاً ولو لم يشاركه في الاسم، والظاهر أنّ العبّاس الأصغر درج في أيام أبيه؛ لأنّه ليس له ذكرٌ في الوارثين لأمير المؤمنينعليه‌السلام من ولده.

____________________

(١) الكامل في التاريخ ٤ / ٩٢.

(٢) مقاتل الطالبيين / ٥٥.

(٣) أنساب الأشراف / ١٩٢، المـُجدي في أنساب الطالبيين / ٢٣٢، الجريرة في اُصول أنساب العلويين / ١٢.

١٠٨

أخواتُه:

كانت أخوات العبّاس من أبيه ثمان عشرة(١) ؛ فمنهنّ مَن تُوفّيت أيام أبيهنّ كزينب الصغرى، وجمانة، واُمامة، واُمّ سلمة، ورملة الصغرى(٢) ؛ ومنهنّ مَن لم يُذكر خروجهن إلى أزواج، والذين خرجن إلى أزواج؛ فالعقيلة زينب الكبرى كانت عند عبد اللّه بن جعفر الطيّار، فأولدت له جعفر الأكبر، وعباساً، وعليّاً المعروف بالزينبي، وعوناً الأكبر قُتل يوم الطَّفِّ في حملة آل أبي طالب؛ واُمّ كلثوم، وهي التي زوّجها الحسينعليه‌السلام من ابن عمّها القاسم بن محمّد الطيّار وأنحلها البغيبغات(٣) ؛ ورقيّة عند ابن عمّها الشهيد مسلم بن عقيل، ولدت له عبد اللّه وعليّاً ومحمّداً.

وفي العمدة: تزوّج مسلم اُمّ كلثوم بنت عليعليه‌السلام فولدت له حميدة(٤) ، تزوّجها الفقيه الجليل عبد اللّه بن محمّد بن عقيل بن أبي طالب، أولدها محمّداً، ومنه العقب.

____________________

(١) مطالب السّؤول في مناقب آل الرسول / ٣١٣.

(٢) مناقب السّروي ٢ / ٧٦.

(٣) المصدر نفسه ٢ / ١٧١.

(٤) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب / ٣٢.

١٠٩

ولا يتمّ هذا إلاّ بعد وفاة إحداهنّ؛ إذ لا يجوز الجمع بين الاُختين.

وكانت فاطمة عند أبي سعيد بن عقيل، ولدت له حميدة؛ وخديجة كانت عند عبد الرحمن بن عقيل، ولدت له سعيد؛ واُمّ هاني تزوّجها عبد اللّه الأكبر بن عقيل، ولدت له عبد الرحمن ومحمّد؛ واُمّ الحسن خرجت إلى جعدة بن هبيرة المخزومي؛ واُمامة كانت عند الصَّلت بن عبد اللّه بن نوفل بن الحارث بن عبد المـُطّلب، ولدت له نفيسة(١) .

____________________

(١) بحار الأنوار ٤٢ / ٩٣، المـُجدي في أنساب الطالبيين / ١٨، إعلام الورى بأعلام الهدى / ٣٩٨.

١١٠

العقيلة:

وكيف كان فالمـُهم في هذا العنوان النّظر في العقيلة الكبرى التي هي أعظمهنّ قدراً، وأجلّهنَّ شأناً؛ فإنّها شظيّةٌ من شظايا النّبوّة، وفلذة من أفلاذ الإمامة، وهي الجوهرة الفريدة التي ضمّها إليه صدف القداسة (الزهراء الطاهرةعليها‌السلام )، وأنجب بها سيّد الأوصياء.

بجِلالِ أحمدَ في مهابةِ حَيدرٍ

قَدْ أنجبتْ اُمُّ الأَئمَّةِ زَينبا

فكانت شريكة الإمامين سيّدي شباب أهل الجنّة في ذلك المـُرتكض الطاهر والحجر الزاكي، والصلب القادس واللبان السّائغ، والتربية الإلهيّة، أضف إلى ذلك العِلم المـُتدفّق والفقه النّاجع، وقد شهد لها ابن أخيها السجّادعليه‌السلام :« بأنّها عالمةٌ غيرُ مُعلَّمة، وفاهمةٌ غيرُ مُفهَّمة » (١) .

وحسبها من الخطر إنّ ما انحنت عليه الأضالع هو ذلك العلم المـُفاض عليها من ساحة القدس الإلهي؛ لا بإرشاد مُعلّمٍ أو تلقين مرشد، مع البلاغة في المنطق، والبراعة في الإفاضة، كأنّها تُفرغ عن لسان أبيها الوصيعليه‌السلام :

____________________

(١) الاحتجاج ٢ / ٣١، المـُجدي في أنساب الطالبيين / ٤٨، بحار الأنوار ٤٥ / ١٦٤.

١١١

وعَنِ الوصيِّ بلاغةٌ خُصّتْ بها

أعيَتْ برونَقِها البليغَ الأخطبَا

ما استَرسَلتْ إلاّ وتحسبُ أنّها

تستلُّ من غُرَرِ الخطابةِ مِقضَبَا

أو أنّها اليَزنيُّ في يدِ باسلٍ

أخْلا بهِ ظهراً وأوهَى مَنْكبَا

أو أنّها تَقتادُ منها فيلقاً

وتسوقُ مِنْ زُمَرِ الحقائقِ مَوكبَا

أو أنّ في غابِ الإمامةِ لبوةً

لزئيرِها عَنتِ الوجوهُ تهيُّبَا

أو أنّها البحرُ الخِضمُّ تلاطَمتْ

أمواجُهُ عِلماً حجى بأساً أبَا

أو أنّ مِنْ غَضَبِ الإلهِ صَواعقاً

لمْ تلفَ عنها آلُ حربٍ مَهربَا

أو أنّ حيدرةً على صَهَواتِها

يُفني كراديسَ الضَّلالِ ثُباً ثُبا

أو أنّهُ ضَمَّتهُ ذروةُ مِنبرٍ

فأنارَ نهجاً للشريعة ألحَبَا

أو أنّ في اللأوى عقيلةَ هاشمٍ

قد فرّقتْ شملَ العَمَى أيدي سَبَا(١)

____________________

(١) من قصيدة للعلاّمة ميرزا محمّد علي الأوردبادي طُبعت في كتاب (زينب الكبرى).

١١٢

ولم تكن هذه البراعة والاسترسال في القول إلاّ عمّا انطبع فيها من النفسيّات القويّة، والملكات الفاضلة، ممتزجة بثبات جأش وطمأنينة نفس وشجاعة؛ إنْ شئت فسمّها بالأديبة، وإلاّ فهي فوق ذلك.

وكانت تلقي خواطرها بين تلك المحتشدات الرهيبة، أو فقل بين النّاب والمخلب، غير متعتعة ولا متلعثمة، وتقذفها كالصواعق على مجتمع خصومها، فكانت أعمالها وخطبُها الجزء الأخير للعلّة من نهضة السّبط الشهيدعليه‌السلام ، وأصبحت تمام الفضيحة للاُمويّين بما نشرته بين الملأ من صحيفتهم السّوداء حتّى ضعضعت عرش دولتهم، وفكّكت عرى سلطانهم، وألصقت بهم العار من كُلّ النّواحي، فكانت شريكة الإمام الشهيدعليه‌السلام في هذه الفضيلة.

وتشاطَرَتْ هيَ والحُسينُ بدعوةٍ

حَتَمَ القضاءُ عليهما أنْ يُندَبَا

هذا بمُشتَبكِ النّصولِ وهذهِ

في حيثُ معتَرَكِ المكارِهِ في السِّبَا(١)

وهذه النّفسيّة التي حوتها، والثبات الذي انطوى عليه أضالعها، أوجب لأخيها الشهيدعليه‌السلام أنْ يصحبها في سفره إلى مشهد الطَّفِّ؛ علماً منه بلياقتها لتلقّي الأسرار كما هي، وأدائها في مورد الأداء كما يجب، وهذا هو الذي أهّلها لتحمّل شطر ممّا يحمله الإمامعليه‌السلام بعد حادثة الطَّفِّ؛ حفظاً للسجّادعليه‌السلام عن عادية الأعداء، فكان يُرجع إليها في معرفة الأحكام الشرعيّة وإنْ كان المرجع إليها زين العبادعليه‌السلام .

____________________

(١) ليلة عاشوراء في الحديث والأدب / ١٥٦.

١١٣

ففي الحديث عن أحمد بن إبراهيم قال: دخلتُ على حكيمة بنت الجواد(١) ، اُخت أبي الحسن الهاديعليه‌السلام ، فكلّمتها من وراء حجاب، وسألتها عن دينها، فسمّت لي مَن تأتمّ بهمعليهم‌السلام ، ثمّ قالت: وفلان بن الحسن بن علي، فسمّته.

فقلتُ لها: جعلني اللّه فداك! مُعاينة أو خبر؟ فقالت: خبراً عن أبي محمّدعليه‌السلام كتب به إلى اُمّه. فقلتُ لها: فأين المولود؟ فقالت: مستور. فقلتُ: إلى مَن تفزع الشيعة؟ فقالت: إلى الجدّة اُمّ أبي محمّدعليه‌السلام . فقلت لها: أقتدي بمَن وصيّته إلى امرأة؟! فقالت: اقتداءً بالحسين بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام ؛ إنّ الحسين بن عليعليهما‌السلام أوصى إلى اُخته زينب بنت علي بن أبي طالبعليهما‌السلام في الظاهر، وكان ما يخرج عن علي بن الحسينعليه‌السلام من علمٍ يُنسب إلى زينب بنت علي؛ تستّراً على علي بن الحسين (ع)(٢) .

ولليقين الثابت والبصيرة النّافذة لم تكترث بشيء من الأهوال، ولا راعها الهزاهز، منذ مشهد الطَّفِّ إلى حين وصولها المدينة، وكان بمنظر منها مصارع آلِ اللّه نجوم الأرض من آل عبد المـُطّلب، وبينهم سيّد شباب أهل الجنّةعليه‌السلام ، بحالة تنفطر لها السّماوات وتنشقُ الأرض وتخرّ الجبال هدّا،

____________________

(١) في المصدر: بنت محمّد بن علي الرضا.

(٢) كمال الدِّين وتمام النّعمة / ٥٠١، الغَيبة للشيخ الطوسي / ٢٣٠.

١١٤

وليس معها من حُماتها حميّ، ولا من رجالها وليّ غير الإمام المضني الذي أنهكته العلل، ونسوة في الأسر مكتنفة بها، بين شاكية وباكية، وطفل كظّه العطش، إلى اُخرى أقلقها الوجل؛ وأمامها الجيش الفاتح الجذل بسكرة الظفر وبشر الشماتة، ودِعة السّلام والفرح بالغنيمة، ومُخيَّم آل بيت اللّه طنّبت عليه الكوارث والمحن؛ فقد الحماة والخوف من الأعداء، والأوام المبرح ونحيب ونشيج، وصراخ وعولة.

والعقيلة في كُلّ هذه الأحوال هي المـُهدّئة لفورتهنَّ، والمـُسكّنة لروعتهنّ، فلم يُشاهَد منها عزم خائر ولا جأش مائر، ولا صرخة عالية ولا ذهول عن أمر الحرم؛ كيف! وهي بقيّة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ونائبة الحسينعليه‌السلام على تلكم الأحوال، والنّاهضة الكريمة إلى مغزى أخيها، والمتمّمة لقصده الراقي وأمره الرشيد.

نعم، أهمها من بين ذلك شيء رأته؛ نظرت إلى ابن أخيها السجّادعليه‌السلام يجود بنفسه حينما شاهد تلك الجثث الزواكي تصهرها الشمس، فعظم عليها أمر الإمامعليه‌السلام ، فأخذت تُصبّره وتُسلّيه، وهو الذي لا توازن بصبره الجبال.

وفيما قالت له: مالي أراك تجود بنفسك يا بقيّة جدّي وأبي وإخوتي؟ فقالعليه‌السلام :« وكيف لا أجزعُ ولا أهلعُ وقد أرى سيّدي، وإخوتي وعمومتي، ووُلدَ عمِّي وأهلي مُصرَّعينَ بدمائهم، مُرمَّلينَ بالعراء، مُسلَّبين لا يُكفّنون ولا يوارَون، ولا يعرج عليهم ولا يقربُهُم بشرٌ، كأنَّهم أهلُ بيتٍ من الدَّيلم والخزر! » .

١١٥

فقالت: لا يجزعنَّك ما ترى، فواللّه، إنّ ذلك لعهدٌ من رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى جدّك وأبيك وعمّك، ولقد أخذ اللّه ميثاق اُناس من هذه الاُمّة لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض، وهم معروفون في أهل السّماوات، إنّهم يجمعون هذه الأعضاء المـُتفرّقة، والجسوم المـُضرّجة فيوارونها، وينصبون بهذا الطَّفِّ علماً لقبر أبيك سيّد الشهداءعليه‌السلام لا يدرس أثره، ولا يعفو رسمه على كرور الليالي والأيام، وليجتهدنّ أئمّةُ الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه، فلا يزداد أثره إلاّ ظهوراً، وأمره إلاّ علوّاً(١) .

وهل بعد هذا يبقى مجال للشكّ في موقفها من الثبات، ومحلّها من الطمأنينة ومبوِّئها من العظمة؟! وإنّ حديث الرواة لمـّا وقفت على جسد أخيها، وقالت: اللهمّ، تقبّل منّا هذا القربان(٢) . يدلّنا على تبوّئها عرش الجلالة، وأنّها المأخوذ عليها الميثاق بتلك النّهضة المـُقدّسة كأخيها الحسينعليه‌السلام ، وإنْ كان التفاوت محفوظاً بينهم، حتّى إنّ أحدهما لمـّا أتمّ النّهوض بالعهد وخرج عن العدّة بإزهاق نفسه المـُطهّرة، نهض الآخر بما وجب عليه ومنه تقديم (الذبيح) إلى ساحة الجلال الرّبوبي والتعريف به، ثُمّ طفقت (سلام اللّه عليها ) ناهضة ببقيّة الشؤون التي وجبت عليها؛ ولا استبعاد في ذلك بعد وحدة النّور وتفرّد العنصر.

ثُمّ هلمّ معي لنقرأ موقفها أمام ابن مرجانة، وقد احتشد المجلس بوجوه الكوفة وأشرافها، وهي امرأة عزلاء ليس معها إلاّ

____________________

(١) بحار الأنوار ٢٨ / ٥٧ نقلاً عن كامل الزيارات.

(٢) شجرة طوبى / ٣٩٣، حياة الإمام الحسينعليه‌السلام للقرشي / ٣٠١.

١١٦

مريض يعاني ألم القيود، ونساء ولهى وصبية تئنُّ، فأفرغت عن لسان أبيهاعليه‌السلام بكلام أنفذَ من السّهم وأحدَّ من شبا السّيوف، وألقمت ابن مرجانة حجراً، إذ قالت له: هؤلاء قومٌ كتب اللّه عليهم القتل، وسيجمع اللّهُ بينك وبينهم فتُحاج وتُخاصم، فانظر لمَن الفلج يومئذٍ. هبلتك اُمّك يابن مرجانة(١) !

وأوضحت للملأ المتغافل خبثه ولؤمه، وأنّه لنْ يرحض عنه عارها وشنارها، كما أنّها أدهشت العقول وحيّرت الفكر في خطبتها بالنّاس، والنّاس يومئذ حيارى يبكون لا يدرون ما يصنعون: وأنّى يرحض عنهم العار بقتلهم سليل النّبوّة ومعدن الرسالة، وسيّد شباب أهل الجنّة، وقد خاب السّعي، وتبّت الأيدي، وخسرت الصفقة، وباؤوا بغضب من اللّه وخزي في الآخرة، ولَعذاب اللّه أكبر لو كانوا يعلمون؟!

كما أنّها أظهرت أمام ابن ميسون أسرار نهضة أخيها الحسينعليه‌السلام ، وعرّفت الاُمّة طغيان يزيد وضلال أبيه، وفظاعة أعمالهم وعظيم ما اقترفوه، وفيما قالت له: أظننت يا يزيد، حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السّماء، فأصبحنا نُساق كما تُساق الأسارى، أنّ بنا على اللّه هواناً، وبك عليه كرامة(٢) ؟!

ولهذه الفصاحة الدقيقة جاء بها شهيد العزّ والإباء إلى العراق؛ لعلمه أنّ الغاية التي يُضحّي بنفسه لأجلها ستذهب أدراج السّلطة الغاشمة، وتبقى الحقيقة مستورة على السُّذّج لو لمْ يتعقّبها لسان ذرب، وأنّ كُلّ أحد لا يستطيع في ذلك الموقف الحرج الذي

____________________

(١) مثير الأحزان لابن نما الحلّي / ٧١.

(٢) بحار الأنوار ٤٥ / ١٣٣، مقتل الحسين للخوارزمي ٢ / ٤٧.

١١٧

تحفّه سيوف الظلم، أنْ يتكلّم بالحقيقة مهما بلغ من المنعة في عشيرته إلاّ العقيلة؛ فإنّها التي تعلن بموبقات ابن مرجانة وابن معاوية، وإنّ ما جرى على ابن عفيف الأزدي شاهد له.

كما أنّهعليه‌السلام كان على يقين وثقة بإخبار جدّه الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّ القوم - وإنْ بلغوا الخسّة والغواية، وتناهوا في الخروج عن سبيل الحميّة - لا يمدّون إلى النّساء يد السّوء، وقد أنبأ سلام اللّه عليه عن هذا بقوله لهنّ ساعة الوداع:« البَسوا أزرَكم واستعدّوا للبلاء، واعلموا أنّ اللّهَ حاميكُم وحافظكُم، وسينجيكم مِنْ شرّ الأعداء، ويجعل عاقبة أمركم إلى خير، ويُعذّب أعاديكم بأنواع العذاب، ويُعوِّضكُمْ عن هذه البليّة بأنواع النِّعمِ والكرامةِ، فلا تشكُوا ولا تقولوا بألسنتكم ما يُنقصُ مِنْ قَدْرِكُمْ » (١) . فكان في مجيء الحسينعليه‌السلام بالعقيلة فوائدٌ، أهمها: تنزيه دين النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عمّا ألصقوه بساحته من الأباطيل، ولا قبح فيه عقلاً، كما لا يستهجنه العرف ويساعد عليه الشرع.

والمرأة وإنْ وضع اللّه عنها الجهاد ومكافحة الأعداء، وأمرها سبحانه أنْ تقرّ في بيتها؛ فذلك فيما إذا قام بتلك المكافحة ودافع عن قدس الشريعة غيرها من الرجال، وأمّا إذا توقّف إقامةُ الحقِّ ونصرة الدِّين عليها فقط، كان الواجب النّهوض بعبء ذلك كُلّه؛ كي لا تندرس آثار الحقِّ، وتذهب تضحية اُولئك الصفوة دونه أدراج التمويهات؛ ولذلك نهضت سيّدة نساء العالمينعليها‌السلام للدفاع عن خلافة اللّه الكبرى حين اُخذ العهد على سيّد الأوصياءعليه‌السلام بالسّكوت.

____________________

(١) الدمعة السّاكبة ٤ / ٣٤٦.

١١٨

على أنّ الخضوع لناموس عصمة الإمامعليه‌السلام في جميع أقواله وأفعاله الصادرة عنه طيلة حياته، يُحتّم علينا الإذعان بأنّ ما صدر منه منبعث عن حكم إلهي قرأه في الصحيفة الخاصّة به، التي يُخبر الامام الصادقعليه‌السلام عنها:« إنّ لكُلّ واحد منّا صحيفةً يعمل بما فيها » (١) .

ويقول الإمام الباقرعليه‌السلام :« فبتقدّم علمٍ إليهم من رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قام عليٌّ والحسنُ والحسينُ، وبعلمٍ صَمتَ مَن صمت منّا » (٢) . كما أنّهعليه‌السلام أعلَمَ بذلك جابر الأنصاري حين قال له: ألا تصالح كما صالح أخوك الحسنعليه‌السلام ؟ فقالعليه‌السلام :« إنّ أخي فعلَ بأمرٍ من اللّه ورسوله، وأنا أفعل بأمرٍ من اللّه ورسوله » (٣) .

فهذه الأحاديث تُفيدنا نموذجاً من الاهتداء إلى معرفة سير الإمامعليه‌السلام في جميع أفعاله، وأنّها ناشئة عن حِكَم ربانية لا يتطرّق إليها الشكّ والريب، وليس الواجب علينا إلاّ التصديق بكُلّ ما يصدر منه، من دون أنْ يلزمنا الشرع أو العقل بمعرفة المصالح الباعثة على تلك الأفعال الصادرة منه؛ سواء كانت الأفعال في العرف والعادة فظيعة جداً أم لا.

____________________

(١) الكافي ١ / ٢٨٣، ح٤.

(٢) الكافي ١ / ٢٦٢، ح٤.

(٣) الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي / ٣٢٢، مع اختلاف بعض الألفاظ.

١١٩

اُمّ البنين:

هي فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد بن كعب بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن(١) .

١ - اُمّها ثمامة(٢) بنت سهيل بن عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب.

٢ - واُمّها عمرة بنت الطفيل بن مالك الأخرم بن جعفر بن كلاب.

٣ - واُمّها كبشة بنت عروة الرحّال بن جعفر بن كلاب.

٤ - واُمّها اُمّ الخشف بنت أبي معاوية ( فارس الهرّار ) ابن عبادة بن عقيل بن كلاب.

٥ - واُمّها فاطمة بنت جعفر بن كلاب(٣) .

٦ - واُمّها عاتكة بنت عبد شمس بن عبد مناف بن قَصي، وسمّاها في العمدة فاطمة(٤) .

٧ - واُمّها آمنة بنت وهب بن عمير بن نصر بن قعين بن الحرث بن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خُزيمة.

____________________

(١) عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب / ٣٥٦، قاموس الرجال ١٢ / ١٩٥.

(٢) سمّاها الوافي بالوفيات ١٨ / ٣٤٤ ( ليلى ).

(٣) سمّاها في إكمال الإكمال ٧ / ١١١ ( خالدة ).

(٤) عمدة الطالب لابن عنبة / ٣٥٦.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

صلاة الفجر وبعد العصر.

وقال أخبرنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا إسماعيل عن أبي الجحاف عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير أنه كان لا يدع أحدا يغتاب عنده أحدا يقول إن أردت ذلك ففي وجهه.

قال محمد بن سعد : وكان سعيد لما انهزم أصحاب بن الأشعث من دير الجماجم هرب فلحق بمكة قال أخبرنا عارم بن الفضل وسليمان بن حرب قالا حدثنا حماد بن زيد عن يحيى بن عتيق عن محمد بن سيرين قال كان سعيد بن جبير حائنا إنه فعل ما فعل ثم أتى مكة يفتي الناس قال أخبرنا سليمان بن حرب قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثني حفص بن خالد قال حدثني من سمع سعيد بن جبير يقول يوم أخذ وشي بي واش في بلد الله الحرام أكله إلى الله. وقال وكان الذي أخذ سعيد بن جبير خالد بن عبد الله القسري وكان والي الوليد بن عبد الملك على مكة فبعث به إلى الحجاج.

قال أخبرنا موسى بن إسماعيل قال حدثني عبد الله بن مروان عن شريك عن هشام الدستوائي قال رأيت سعيد بن جبير يطوف بالبيت مقيدا ورأيته دخل الكعبة عاشر عشرة مقيدين قال أخبرنا يزيد بن هارون عن عبد الملك بن أبي سليمان قال سمع خالد بن عبد الله صوت القيود فقال ما هذا فقيل له سعيد بن جبير وطلق بن حبيب وأصحابهما يطوفون بالبيت فقال اقطعوا عليهم الطواف.

وقال أخبرنا علي بن محمد عن أبي اليقظان قال كان سعيد بن جبير يقول يوم دير الجماجم وهم يقاتلون قاتلوهم على جورهم في الحكم وخروجهم من الدين وتجبرهم على عباد الله وإمانتهم الصلاة واستذلالهم المسلمين. فلما انهزم أهل دير الجماجم لحق سعيد بن جبير بمكة فأخذه خالد بن عبد الله فحمله إلى الحجاج(1) .

روايات في فضائل أهل البيتعليهم‌السلام عن ابن عباس كثيرة منها

فيي مسند احمد حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الفضل بن دكين ثنا بن أبي عيينة عن الحسن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة قال غزوت مع علي اليمن

__________________

(1) ابن سعد ،الطبقات الكبرى ج 6 ص 257 ـ 267.

٣٢١

فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يتغير فقال يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه(1) .

وفي المستدرك للحاكم : حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ثنا أحمد بن نصر أخبرنا محد بن علي الشيباني بالكوفة ثنا أحمد بن حازم الغفاري وأنبأ محمد بن عبد الله العمري ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد بن يحيى وأحمد بن يوسف قالوا ثنا أبو نعيم ثنا بن أبي غنية عن الحكم عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن بريدة الأسلمي رضي الله تعالى عنه قال غزوت مع علي إلى اليمن فرأيت منه جفوة فقدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يتغير فقال يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله فقال من كنت مولاه فعلي مولاه وذكر الحديث هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه(2)

وروى الطبراني في المعجم الكبير عن ابن أبي عاصم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة نا الفضل بن دكين عين بن أبي غنية عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة رضي الله تعالى عنه قال مررت مع علي رضي الله تعالى عنه إلى اليمن فرأيت منه جفوة فلما قدمت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ذكرت عليا فتنقصته فجعل وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يتغير فقال ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم قلت بلى يا رسول الله قال من كنت مولاه فعلي مولاه(3)

وفي المعجم الكبير قال الطبراني حدثنا علي بن عبد العزيز حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الحسن بن أبي جعفر عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق(4) .

__________________

(1) احمد بن حنبل ،مسند احمد ج 5 ص 347.

(2) الحاكم النيسابوري ،المستدرك ج 3 ص 119.

(3) الطبراني ،المعجم الكبير ج 3 ص 467.

(4) أبو عاصم ، الآحاد والمثاني ج 4 ص 325.

٣٢٢

وفيه أيضا قال حدثنا محمد بن عبد الله ثنا حرب بن الحسن الطحان ثنا حسين الأشقر عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال لما نزلت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا يا رسول الله ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال علي وفاطمة وابناهما(1) .

وقال أيضا حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا حرب بن الحسن الطحان ثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما نزلت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال علي وفاطمة وابناهما رضي الله تعالى عنهم(2) .

وقال أيضا حدثنا علي بن العباس البجلي الكوفة ثنا محمد بن تسنيم ثنا حسن بن حسين العربي ثنا يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لأم سلمة هذا علي بن أبي طالب لحمه لحمي ودمه دمي هو مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي(3) .

وقال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا محمد بن مرزوق ثنا حسين الأشقر ثنا نصير بن زياد عن عثمان أبي اليقظان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قالت الأنصار فيما بينهم لو جمعنا لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم مالا فبسط يده لا يحول بينه وبينه أحد فأتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا يا رسول الله إنا أردنا أن نجمع لك من أموالنا فأنزل الله عز وجل فخرجوا مختلفين فقال بعضهم ألم تروا ما قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم .

وقال بعضهم إنما قال هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم ، فأنزل الله عز وجل( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24)وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ

__________________

(1) الطبراني ،المعجم الكبير ج 3 ص 47.

(2) الطبراني ،المعجم الكبير ج 11 ص 444.

(3) الطبراني ،المعجم الكبير ج 12 ص 18.

٣٢٣

مَا تَفْعَلُونَ (25)وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (26)) الشورى / 24 ـ 26.

فعرض لهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالتوبة.(1)

وفي الكامل لابن عدي روى ابن عدي في الكامل 3 / 431 عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن أبي جبير عن ابن عباس عن النبي قال : الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة من احبهما فقد احبني ومن ابغضهما فقد ابغضني.(2)

وفي تذكرة الحفاظ للذهبي قال حدثنا محمد بن شداد أخبرنا أبو نعيم أنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أوحى الله إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم اني قتلت بيحيى سبعين ألفا واني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفا وسبعين ألفا غريب وعبد الله خرج له مسلم(3) .

وفي كشف الاستار للبزار عن حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال بعث رسول الله إلى خيبر ـ احسبه قال أبا بكر فرجع منهزما يجبن أصحابه ويحبنه أصحابه فقال رسول الله لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله رسوله ويحبه الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح الله عليه فثار الناس فقال أين علي. فإذا هو يشتكي عينيه فتفل في عينيه فدفع إليه الراية فهزها ففتح الله عليه(4) .

__________________

(1) الطبراني ،المعجم الكبير ج 12 ص 33.

(2) ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال ج 3 ص 431 ورواه أيضا عطية عن أبي سعيد الخدري سألت الدارقطني عن سويد بن سعيد فقال تكلم فيه يحيى بن معين وقال حدث عن أبي معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة قال يحيى معين وهذا باطل عن أبي معاوية لم يروه غير سويد وجرح سويد لروايته لهذا الحديث. قال الدارقطنيرحمه‌الله فلم نزل نظن أن هذا كما قاله يحيى وأن سويدا أتى أمرا عظيما في روايته لهذا الحديث حتى دخلت مصر في سنة سبع وخمسين (ومائتين) فوجدت هذا الحديث في مسند أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن يونس البغدادي المعروف بالمنجنيقي وكان ثقة روى عن أبي كريب عن أبي معاوية كما قال سويد سواء وتخلص سويد وصح الحديث عن أبي معاوية وقد حدث أبو عبد الرحمن النسائي عن إسحاق بن إبراهيم هذا ومات أبو عبد الرحمن قبله (الجرجاني ، أبو القاسم حمزة بن يوسف ،سؤالات حمزة بن يوسف السهمي ، مكتبة المعارف الرياض 1404 هـ ـ 1984 م ، ص 216.

(3) الذهبي ،تذكرة الحفاظ ج 1 ص 76.

(4) ابن كثير ،جامع المسانيد والسُّنَن ، دار خضر بيروت 1419 هـ ، ج 30 ص 240.

٣٢٤

وفي رواية البخاري عن محمد حدثنا بن عيينة عن سليمان الأحول سمع سعيد بن جبير سمع ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بل دمعه الحصى قلت يا أبا عباس ما يوم الخميس قال اشتد برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وجعه فقال ائتوني بكتف أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده أبدا فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع فقالوا ما له أهجر استفهموه فقال ذروني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه فأمرهم بثلاث قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم والثالثة خير إما أن سكت عنها وإما أن قالها فنسيتها قال سفيان هذا من قول سليمان(1) .

وروى أيضا قال حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا المغيرة بن النعمان قال حدثني سعيد بن جبير عن بن عباس رضي الله تعالى عنهما عن النبي إن أناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول أصحابي أصحابي فيقول إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم فأقول كما قال العبد الصالح.(2)

وروى الحاكم قال أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي ثنا سيار بن حاتم ثنا جعفر بن سليمان ثنا مالك بن دينار قال سألت سعيد بن جبير فقلت يا أبا عبد الله من كان حامل راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال فنظر إلي وقال كأنك رخيَّ البال فغضبت وشكوته إلى إخوانه من القراء فقلت ألا تعجبون من سعيد أني سألته من كان حامل راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فنظر إلي وقال إنك لرخي البال ، قالوا إنك سألته وهو خائف من الحجاج وقد لاذ لابيت فسله الآن فسألته فقال كان حاملها علي رضي الله تعالى عنه هكذا سمعته من عبد الله بن عباس هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ولهذا الحديث شاهد من حديث زنفل العرفي وفيه طول فلم أخرجه(3) .

وروى النسائي قال أنبأ أحمد بن عثمان بن حكيم الكوفي الأودي عن خالد بن

__________________

(1) البخاري ، صحيح البخاري ج 3 ص 1155.

(2) البخاري ، صحيح البخاري ج 3 ص 1222.

(3) الحاكم النيسابوري ، المستدرك ج 3 ص 103.

٣٢٥

مخلد قال حدثنا علي بن صالح عن ميسرة عن حبيب عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال كنا مع ابن عباس بعرفات فقال مالي لا أسمع الناس يلبون فقلت يخافون من معاوية فخرج بن عباس من فسطاطه فقال لبيك اللهم لبيك فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي(1) .

وروى المزي عن عباد بن زياد عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن أبي الحمراء قال سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول لما أسري بي إلى السماء دخلت الجنة فرأيت عن يمين العرش مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله ايدته بعلي ونصرته(2) .

عطية العوفي (110 هـ)رحمه‌الله :

قال أبو جعفر الطبري في كتاب ذيل المذيل : عطية بن سعد بن جنادة العوفي من جديلة قيس يكنى أبا الحسن ، قال ابن سعد : أخبرنا سعد بن محمد بن الحسن بن عطية قال جاء سعد بن جنادة إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام وهو بالكوفة فقال يا أمير المؤمنين انه قد ولد لي غلام فسمه فقال هذا عطية الله فسمي عطية وكانت أمه رومية وخرد عطية مع ابن الأشعث ، هرب عطية إلى فارس وكتب الحجاج إلى محمد ابن قاسم الثقفي ان ادع عطية فان لعن علي بن أبي طالب وإلا فاضربه أربعمائة سوط وحلق رأسه ولحيته فلما ولي قتيبة بن مسلم خراسان خرج إليه عطية فلم يزل بخراسان حتى ولي عمر بن هبيرة العراق فكتب إليه عطية يسأله الإذن له في القدوم فأذن له فقدم الكوفة فلم يزل بها إلى أن توفي سنة 111 وكان كثير الحديث ثقة ان شاء الله(3) .

أقول : وفي الطبقات 6 / 305 ، تنهي الترجمة بقول ابن سعد : وله أحاديث صالحة ومن الناس من لا يحتج به ولم يوردها الطبري في المنتخب.

__________________

(1)النسائي ،سنن النسائي ، ج 2 ص 419.

(2) المزي ،تهذيب الكمال ، ج 33 ص 258.

(3) الطبري ،المنتخب من المذيل ص 128 ، ابن سعد ،الطبقات الكبرى ج 6 ص 304.

٣٢٦

قال الشيخ القميرحمه‌الله : وحكي عن ملحقات الصراح قال : عطية العوفي ابن سعيد له تفسير في خمسة اجزاء قال عطية عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات على وجه التفسير واما على وجه القراءة فقرأت عليه سبعين مرة(1) .

قال المزي : ولعطية عن أبي سعيدا أحاديث عدد ، وكان يعد مع شيعة أهل الكوفة قال محمد بن عبد الله الحضرمي توفي سنة إحدى عشرة ومئة(2) .

أقول : وكان عطية العوفي على راس ثمانمائة طليعة اربعة آلاف مقاتل في الجيش الذي بعثه المختار إلى مكة ليخلص بني هاشم من حصار ابن الزبير لهم من اجل ان يبايعوه.

قال ابن سعد في الطبقات 5 / 103 : أخبرنا محمد بن عمر قال حدثنا ربيعة بن عثمان ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير وإسحاق بن يحيى بن طلحة وهشام بن عمارة عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم والحسين بن الحسن بن عطية العوفي عن أبيه عن جده وغيرهم أيضا قد حدثني قالوا : قطع المختار بعثا إلى مكة فانتدب منهم أربعة آلاف فعقد لأبي عبد الله الجدلي عليهم وقال له سر فإن وجدت بني هاشم في الحياة فكن لهم أنت ومن معك عضدا وانفذ لما أمروك به وإن وجدت بن الزبير قد قتلهم فاعترض أهل مكة حتى تصل إلى بن الزبير ثم لا تدع من آل الزبير شفرا ولا ظفرا وقال يا شرطة الله لقد أكرمكم الله بهذا المسير ولكم بهذا الوجه عشر حجج وعشر عمر فسار القوم ومعهم السلاح حتى أشرفوا على مكة فجاء المستغيث اعجلوا فما أراكم تدركونهم فقال الناس لو أن أهل القوة عجلوا فانتدب منهم ثمانمائة رأسهم عطية بن سعد بن جنادة العوفي حتى دخلوا مكة فكبروا تكبيرة سمعها بن الزبير فانطلق هاربا حتى دخل دار الندوة ويقال بل تعلق بأستار الكعبة وقال أنا عائذ الله ،

قال عطية : ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية وأصحابهما في دور قد جمع لهم الحطب فأحيط بهم حتى بلغ رؤوس الجدر لو أن نارا تقع فيه ما رئي منهم أحد حتى تقوم الساعة أخرناه عن الأبواب وعجل علي بن عبد الله بن عباس وهو يومئذ رجل

__________________

(1) القمي ، الشيخ عباس ،الكنى والالقاب ، مكتبة الصدر ـ طهران ، ج 2 ص 488.

(2) المزي ،تهذيب الكمال ج 20 ص 145.

٣٢٧

فأسرع في الحطب يريد الخروج فأدمى ساقيه وأقبل أصحاب بن الزبير فكنا صفين نحن وهم في المسجد نهارنا ونهاره لا ننصرف إلا إلى صلاة حتى أصبحنا ، وقدم أبو عبد الله الجدلي في الناس فقلنا لابن عباس وابن الحنفية ذرونا نريح الناس من ابن الزبير ، فقالا هذا بلد حرمه الله ما أحله لاحد إلا للنبيعليه‌السلام ساعة ما أحله لاحد قبله ولا يحله لاحد بعده فامنعونا وأجيرونا قال فتحملوا وإن مناديا لينادي في الجبل ما غنمت سرية بعد نبيها ما غنمت هذه السرية إن السرايا تغنم الذهب والفضة وإنما غنمتم دماءنا فخرجوا بهم حتى أنزلوهم منى فأقاموا بها ما شاء الله أن يقيموا ، ثم خرجوا إلى الطائف فأقاموا ما أقاموا وتوفي عبد الله بن عباس بالطائف سنة ثمان وستين وصلى عليه محمد بن الحنفية ، وبقينا مع بن الحنفية فلما كان الحج وحج بن الزبير من مكة فوافى عرفة في أصحابه ووافى محمد بن الحنفية من الطائف في أصحابه فوقف بعرفة ووافى نجدة بن عامر الحنفي تلك السن في أصحابه من الخوارج فوقف ناحية وحجت بنو أمية على لواء فوقفوا بعرفة فيمن معهم.

أقول : ومن رواياته في فضائل أهل البيتعليهم‌السلام :

روى الطبراني قال حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا فضيل بن مرزوق (ت في حدود ال 160 هـ)(1) ثنا عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري عن أم سلمة قالت نزلت

__________________

(1) ابن حجر ،تهذيب التهذيب ، ي م 4 البخاري في جزء رفع اليدين ومسلم والأربعة فضيل بن مرزوق الأغر الرقاشي ويقال الرواسي الكوفي أبو عبد الرحمن مولى بني عنزة روى عن أبي إسحاق السبيعي وعدي بن ثابت وعطية العوفي والأعمش وميسرة بن حبيب وشقيق بن عقبة وجبلة بنت مصفح وغيرهم وعنه زهير بن معاوية ووكيع وعبد الغفار بن الحكم وحسين بن علي الجعفي وأبو أسامة والفضل بن موفق ويحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكير ويزيد بن هارون ومحمد بن ربيعة الكلابي ومحمد بن فضيل ونعيم بن ميسرة النحوي وزيد بن الحباب وأبو نعيم وعلي بن الجعد وآخرون قال معاذ بن معاذ سألت الثوري عنه فقال ثقة وقال الحسن بن علي الحلواني سمعت الشافعي يقول سمعت بن عيينة يقول فضيل بن مرزوق ثقة وقال بن أبي خيثمة عن بن معين ثقة وقال عبد الخالق بن منصور عن بن معين صالح الحديث إلا أنه شديد التشيع وقال أحمد لا أعلم إلا خيرا وقال بن أبي حاتم عن أبيه صالح الحديث صدوق يهم كثيرا يكتب حديثه قلت يحتج به قال لا وقال النسائي ضعيف وقال بن عدي أرجو أنه لا بأس به وقال الحسين بن الحسن المروزي سمعت الهيثم بن جميل يقول جاء فضيل بن مرزوق وكان من أئمة الهدى زهدا وفضلا إلى الحسن بن صالح بن حى فذكر قصة له عند النسائي حديث عبد الله بن عمر إياكم والشح قلت قال مسعود عن الحاكم ليس هو من شرط

٣٢٨

هذه الآية في بيتي)( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) وهي جالسة على الباب فقلت يا رسول الله ألست من أهل البيت قال أنت إلى خير(1) .

وقال حدثنا الحسن بن أمد بن حبيب الكرمتنني بطرسوس حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا عمار بن محمد عن سفيان الثوري عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف (ت 145) عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه في قول عز وجل (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال نزلت في خمسة في رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وعلي فاطمة والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم لم يروه عن سفيان إلا عمار بن محمد بن أخت سفيان تفرد به أبو الربيع(2) .

وقال حدثنا محمد بن عبد العزيز بن ربيعة الكلابي أبو مليل الكوفي حدثنا أبي حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد المقري عن أبي سلمة الصائغ(3) عن عطية عن أبي سعيد الخدري سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وآله وسلم يقول إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وإنما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له لم يروه عن أبي سلمة إلا بن أبي حماد تفرد به عبد العزيز بن محمد(4) .

روى ابن عساكر قال أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال قرأت على عمي الشريف الأمير نقيب الطالبيين أبي البركات عقيل بن العباس الحسيني قلت أخبركم أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد بن أبي كامل الأطرابلسي قراءة عليه بدمشق أنا

__________________

الصحيح وقد عيب على مسلم إخراجه لحديثه قال بن حبان في الثقات يخطئ وقال في الضعفاء كان يخطئ على الثقات ويروي عن عطية الموضوعات وقال بن شاهين في الثقات اختلف قول بن معين فيه وقال في الضعفاء قال أحمد بن صالح حديث فضيل عن عطية عن أبي سعيد حديث الله الذي خلقكم من ضعف ليس له عندي أصل ولا هو بصحيح وقال بن رشدين لا أدري من أراد أحمدبن صالح بالتضعيف أعطية أم فضيل بن مرزوق وقال العجلي جائزالحديث صدوق وكان فيه تشيع وقال أحمد لا يكاد يحدث عن غير عطية. وفي تقريب التهذيب انه توفي في حدود الستين بعد المائة.

(1) الطبراني ،المعجم الكبير ج 3 ص 52.

(2) الطبراني ، المعجم الصغير ج 1 ص 231.

(3) قال الرازي فيالجرح والتعديل ، نصر بن عمر أبو سلمة الصائغ روى عن سقط روى عنه وكيع ويحيى الحماني سألت أبي عنه فقال شيخ.

(4) الطبراني ، المعجم الصغير ج 2 ص 84.

٣٢٩

أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي نا جعفر بن محمد بن عنبسة اليشكري بالكوفة نا يحيى بن عبد الحميد الجماني نا قيس بن الربيع عن سعد الخفاف عن عطية العوفي عن محدوج بن زيد الذهلي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لما آخى بين المسلمين أخذ بيد علي فوضعها على صدره ثم قال يا علي أنت أخي وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي أما تعلم تعلم أن أول» «من يدعى به يوم القيامة يدعى بي فأقام عن يمين العرش في ظله فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة ثم يدعى بأبيك إبراهيمعليه‌السلام فيقام عن يمين العرش فيكسى حلة خضراء من حلل الجنة ثم يدعى بالنبيين والمرسلين بعضهم على إثر بعض فيقومون سماطين فيكسون حللا خضرا من حلل الجنة وأنا أخبرك يا علي أنه أول من يدعى بي من أمتي يدعى بك لقرابتك مني ومنزلتك عندي فيدفع إليك لوائي وهو لواء الحمد يستبشر به ادم وجميع من خلق الله عز وجل من الأنبياء والمرسلين فيستظلون بظل لوائي فتسير باللواء بين السماطين الحسن بن علي عن يمينك والحسين عن يسارك حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش فتكسى حلة خضراء من حلل الجنة فينادي مناد من عند العرش يا محمد نعم الأب أبوك إبراهيم ونعم الأخ أخوك وهو علي يا علي إنك تدعى إذا دعيت وتحيا إذا حييت وتكسى إذا كسيت»(1) .

وروى احمد قال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا عمار بن خالد ثنا إسحاق بن الأزرق عن عبد الملك بن أبي سليمان (ت 145)(2) عن عطية عن زيد بن أرقم قال

__________________

(1) ابن عساكر ،تاريخ مدينة دمشق ج 42 ص 53.

(2) ابن حجر ،تهذيب التهذيب ، خت م 4 البخاري في التعاليق ومسلم والأربعة عبد الملك بن أبي سليمان واسمه ميسرة أبو محمد ويقال أبو سليمان وقيل أبو عبد الله العرزمي أحد الأئمة روى عن أنس بن مالك وعطاء بن أبيرياح وسعيد بن جبير وسلمة بن كهيل وأنس بن سيرين ومسلم بن يناق وابن الزبير وعبد الله بن عطاء المكي وأبي حمزة الثمالي وزبيد اليامي وعبد الله بن كيسان مولى أسماء وعبد الملك بن أعين وغيرهم ، قال أبو زرعة الدمشقي سمعت أحمد ويحيى يقولان عبد الملك بن أبي سليمان ثقة وقال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين ضعيف وقال بن عمار الموصلي ثقة حجة وقال العجلي ثثبت في الحديث وقال يعقوب بن سفيان ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عبد الملك بن أبي سليمان ثقة متقن فقيه. قال الهيثم بن عدي مات في ذي الحجة سنة خمس وأربعين ومائة وفيها أرخه غير واحد ، وذكره بن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ وكان من خيار أهل الكوفة وحفظائهم والغالب على من يحفظ ويحدث أن يهم وليس من الإنصاف ترك حديث شيخ ثبت صحت عنه السنة

٣٣٠

خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالجحفة يوم غدير خم وهو آخذ بعضد علي فقال يا أيها الناس ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى يا رسول الله قال فمن كنت مولاه فعذا مولاه(1) .

وروى الطبراني قال حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا سويد بن سعيد ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة(2) .

وروى احمد قال حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أسود بن عامر أخبرنا أبو إسرائيل يعني إسماعيل بن أبي إسحاق الملائي(3) عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم اني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض(4) .

أقول : رواه عن عطية أيضا : الأعمش وكثير النوى وطلحة بن مصرف وأبو الجحاف وعبد الملك بن سليمان العرزمي وهارون بن سعيد واسرائيل وفضيل بن مرزوق.

يحيى بن يعمر البصري الفقيه قاضي مرو :

قال الذهبي يحيى بن يعمر القاضي أبو سليمان ويقال أبو عدي العدواني البصري

__________________

بأوهام بهم فيها والأولى فيه قبول ما يروي بتثبت وترك ما صح أنه وهم فيه ما لم يفحش فمن غلب خطأه على صوابه استحق الترك.

(1) احمد بن حنبل ، مسند احمد ج 5 ص 195.

(2) الطبراني ، المعجم الكبير ج 3 ص 39.

(3) البخاري ، التاريخ الكبير ج 1 ص 346 إسماعيل بن أبي إسحاق أبو إسرائيل العبسي الملائي الكوفي مولى سعد بن حذيفة عن الحكم وعطية ضعفه أبو الوليد. قال أحمد حدثنا حجاج قال أبو إسرائيل ولدت بعد الجماجم بسنة وكانت الجماجم سنة ثلاث وثمانين ولي ثمان وسبعون سنة تركه بن مهدي. قال ابن سعد في الطبقات الكبرى ج 6 أبو إسرائيل الملائي العبسي واسمه إسماعيل بن أبي إسحاق قال يقولون إنه صدوق وكان بهز بن أسد يحكي أنه سمع أبا إسرائيل تناول عثمان وأشياء نحو هذا تحكى عنه.أقول : وتضعيفه لأجل تناوله عثمان.

(4) احمد بن حنبل ،مسند احمد ج 3 ص 14.

٣٣١

الفقيه قاضي مرو روى عن أبي ذر وعمار وعائشة وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وأبي الأسود الديلي وغيرهم وعنه عبد الله بن بريدة وقتادة ويحيى بن عقيل وعطاء الخراساني وسليمان التيمي وإسحاق بن سويد العدوي قال أبو داود لم يسمع من عائشة قلت فما الظن بالذين قبلها وقيل أنه أول من نقط المصحف وكان أحد الفصحاء الفقهاء أخذ العربية عن أبي الأسود وكان الحجاج قد نفاه فقبله قتيبة بن مسلم وولاه قضاء خراسان وكان له عدة نواب ثم عزله قتيبة لما بلغه عنه شرب المنصف متفق على حديثه وثقته(1) .

قال ابن حجر قال قال الحاكم : وقال الحاكم يحيى بن يعمر فقيه أديب نحوي مروزي تابعي وأكثر روايته عن التابعين وأخذ النحو عن أبي الأسود الديلي نفاه الحجاج إلى مرو فقبله قتيبة بن مسلم وقد قضى في أكبر مدن خراسان وكان إذا انتقل من بلد استخلف على القضاء بها وقال أبو الحسن علي بن الأثيرالجزري في الكامل مات سنة تسع وعشرين ومائة كذا قال وفيه نظر وقال غيره مات في حدود العشرين(2) .

قال السيوطي : وأخرج أبو الشيخ ابن أبي حاتم عن أبي حرب بن أبي الأسود قال أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال بلغني انك تزعم ان الحسن والحسين من ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم تجده في كتاب الله وقد قرأته من أوله إلى آخره فلما أجده قال ألست تقرأ سورة الانعام (ومن ذريته داود وسليمان) حتى بلغ (ويحيى وعيسى) قال بلى قال أليس عيسى من ذرية إبراهيم وليس له أب قال صدقت.

قال الرازي في تفسير قوله تعالى (وعلم آدم الأسمء كلها) عن الشعبي قال كنت عند الحجاج فاتي بيحيى بن يعمر فقيه خراسان من بلخ مكبلا بالحديد فقال له انت زعمت ان الحسن والحسين من ذرية رسول الله فقال بلى فقال الحجاج لتاتيني بها بينة واضحة من كتاب الله أو لاقطعنك عضوا عضوا (وتلا عليه) قوله تعالى (ومن ذريته داود وسليمان ..) فاطرق ملياهم رفع راسه فقال كأني لم أقرأ هذه الاية من كتاب

__________________

(1) الذهبي ،تذكرة الحفاظ ج 1 ص 475.

(2) ابن حجر ،تهذيب التهذيب ج 11 ص 276.

٣٣٢

الله حلوا وثاقه وأعطوه من المال كذا وكذا(1) .

دور الامام السجاد والباقر والصادق عليهم‌السلام

في الكوفة بعد نهضة الحسين عليه‌السلام

كانت إمامة السجادعليه‌السلام من سنة 61 هـ إلى موته سنة 94 هـ ثم إمامة ولده الباقرعليه‌السلام إلى سنة 114 هـ ثم إمامة ولده الصادقعليه‌السلام إلى سنة 148 هـ وقد استهدف هؤلاء الأئمة الثلاثة مهمتين أساسيتين :

الأول : تربية الشيعة على الحزن والبكاء والزيارة للحسين كصفة دائمية في شخصيتهم واحياء العشرة الأولى من المحرم بذكر مصيبة الحسين وبخاصة يوم العاشر ثم الأربعين التي بدأها علي بن الحسين وجابر بن يزيد الانصاري ثم إقامة مجالس العزاء وانشاد الشعر فيه وقد بدأ ذلك علي بن الحسين بنفسه الشريفة حين بكى أباه قريبا من أربعين سنة ، ونمت الظاهرة وترعرعت برعاية الامامين الباقر والصادقعليهما‌السلام حتى برزت كظاهرة اجتماعية.

الثانية : تربية نوعين من العلماء الأول علماء بكتب عليعليه‌السلام في الفقه والسيرة والتفسير ليثقفوا الشيعة بثقافة كتاب عليعليه‌السلام أمثال محمد بن مسلم الطائفي وزرارة بن اعين وحمران بن اعين وأبان بن تغلب وغيرهم. الثاني علماء من ذرية عليعليه‌السلام ينهضون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على نهج الحسين والثورة على الأمويين لللإطاحة بهم وإقامة حكم على نهج عليعليه‌السلام . كزيد بن علي بن الحسين وولده يحيى وعيسى ومحمد وإبراهيم ولدا عبد الله بن الحسن وآخرين من ولده أيضا ومنهم إدريس مؤسس ملك الادارسة في المغرب.

الكوفة على عهد هشام وثورة زيد رحمه‌الله 112 هـ

قال البلاذري وهو يترجم لزيد بن عليرضي‌الله‌عنه : وقرأت في كتب سالم كاتب هشام كتاباً نسخته :

__________________

(1) الرازي ، مفاتيح الغيب 2 / 194.

٣٣٣

(أمّا بعد فقد عرفت حال أهل الكوفة في حبِّهم أهل البيت ووضعهم إيّاهم في غير مواضعهم لافتراضهم على أنفسهم طاعتهم ووظَّفوا عليهم شرائع دينهم ونحلتهم إيّاهم عظيم ما هو كائن ممَّا استأثر الله بعلمه دونهم حتّى حملوهم على تفريق الجماعة والخروج على الأئمة(1)

قال البلاذري : وبعث يوسف بن عمر إلى أم امرأة لزيد أزدية ، فهدم دارها وحملت إليه ، فقال لها : أزوَّجتِ زيدا؟ قالت : نعم زوجته وهو سامع مطيع ، ولو خطب إليك إذ كان كذلك لزوَّجته. فقال شُقّوا عليها ثيابها ، فجلدها بالسياط وهي تشتمه وتقول : ما أنت بعربي تعرِّيني وتضربني لعنك الله ، فماتت تحت السياط ، ثم أمر بها فأُلقيت في العراء ، فسرقها قومها ودفنوها في مقابرهم.

وأخذ امرأة قوَّت زيدا على أمره ، فأمر بها أن تقطع يدها ورجلها وضرب عنق زوجها.

وضرب امرأة أشارت على أمها أن تؤوي ابنة لزيد خمسمائة سوط. وهدم دورا كثيرة.

وأُتِيَيوسف بعبد الله بن يعقوب السلمي من ولد عتبة بن فرقد (وكان زوَّجَ ابنته من يحيى بن زيد) فقال له يوسف : ائتني بابنتك ، قال : وما تصنع بها جارية عاتق(2) في البيت؟ قال : أقسم لتأتيني بها أو لأضربنَّ عنقك ، (وقد كان كتب إلى هشام يصف طاعته) فأبى أن يأتيه بابنته فضرب عنقه ، وأمر العريف أن يأتيه بابنة عبد الله بن يعقوب فأبى ، فأمر به فدُقَّت.

قال البلاذري : ولما فرغ يوسف من أمر زيد صعد منبر الكوفة فشتم أهلها وقال : يا أهل المِدْرَة الخبيثة! (والله ما يقعقع لي بالشِّنان ولا تقرن بي الصعبة) لقد هممت أن أخرب بلدكم وأن أحربكم بأموالكم ، والله ما أطلت منبري إلا لأسمعكم عليه ما تكرهون ، فإنكم أهل بغي وخلاف ، ولقد سألت أمير المؤمنين (هشام بن عبد الملك) أن

__________________

(1) الطبري ،تاريخ الطبري (ج 7 ص 170 ـ 171) ولم يذكر الطبري مصدره الذي أخذ الرواية عنه.

(2) العاتق : الجارية أول ما أدركت.

٣٣٤

يأذن لي فيكم ولو فعل لقتلت مقاتلتكم وسبيت نساءكم. إن يحيى بن زيد(1) ليتنقل في حجال نسائكم كما كان أبوه ، يفعل ، وما فيكم مطيع إلا حكيم بن شريك المحاربي ، والله لو ظفرت بيحياكم لعرقت خصييه كما عرقت خصيتي أبيه.(2)

الكوفة مركز مرجعية الامام الصادق عليه‌السلام

تحرك الأئمة السجاد والباقر ثم الصادقعليه‌السلام في المدينة بصفتهم رواة حديث يأخذون عن الصحابة والتابعين في الجو الذي سمحت به السلطة الأموية على عهد بني مروان امتدادا للسياسة التي وضعها معاوية لإحياء معالم الدولة الأموية الأولى في إطار سيرة الشيخين كخط في قبال الثقافة التي احياها عليعليه‌السلام ومنعت منها الدولة الأموية الثانية ، ثم كونوا لهم بمقدار ما يسمح لهم الظرف السياسي وسطهم الخاص بهم وانفتحوا تدريجيا على الثقاة من اصحابهم يدعونهم إلى ولايتهم ويعرفونهم بكتاب عليعليه‌السلام الذي املاه النبي عليه في السنة ، وكان الجيل الجديد من الشيعة الذي ولد أيام الحجاج لا يعرف من احكام الإسلام الا الذي تبنته الدولة الأموية الثانية وقد اشارت الى ذلك رواية الكليني عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن صفوان بن يحيى ، عن عيسى بن السري أبي اليسع قال :

قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أخبرني بدعائم الإسلام التي لا يسع أحدا التقصير عن معرفة شيء منها ، الذي من قصر عن معرفة شيء منها فسد دينه ولم يقبل [الله] منه عمله ومن عرفها وعمل بها صلح له دينه وقبل منه عمله ...

فقال : شهادة أن لا إله إلا الله والايمان بأن محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والاقرار بما جاء به من عند الله وحق في الأموال الزكاة ، والولاية التي أمر الله عز وجل بها : ولاية آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ،.

قال : فقلت له : هل في الولاية فضل يعرف لمن أخذ به؟ قال : نعم قال الله عز

__________________

(1) ترجم البلاذري ليحيى بن زيد وحركته ومقتله في الجوزجان فيانساب الاشراف (ج 3 ص 453 ـ 458).

(2) البلاذري ،انساب الأشراف ج 3 ص 448 ـ 450.

٣٣٥

وجل :( يا أيّها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرّسول وأُولي الأمر منكم ) وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من مات ولا يعرف إمامه مات ميتة جاهلية.

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله

وكان علياعليه‌السلام وقال الآخرون : كان معاوية ،

ثم كان الحسنعليه‌السلام

ثم كان الحسينعليه‌السلام وقال الآخرون : يزيد بن معاوية ولا سواء ولا سواء

قال : ثم سكت ثم قال : أزيدك؟

فقال له حكم الأعور : نعم جعلت فداك.

قال : ثم كان علي بن الحسين ثم كان محمد بن علي أبا جعفر.

وكانت الشيعة قبل أن يكون أبو جعفر وهم لا يعرفون مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى كان أبو جعفر ففتح لهم وبين لهم مناسك حجهم وحلالهم وحرامهم حتى صار الناس يحتاجون إليهم من بعد ما كانوا يحتاجون إلى الناس.(1)

وكان الفرد الشيعي آنذاك لا يفاتح بكتاب عليعليه‌السلام وفتاواه الخاصة التي تخالف المشهور عند الناس آنذاك ، حتى تؤخذ منه العهود ان لا يحدث به حتى يأتيه الإذن كما في رواية زرارة قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن الجد فقال «ما أجد أحدا قال : فيه إلا برأيه إلا أمير المؤمنينعليه‌السلام » قلت : أصلحك الله فما قال فيه أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟

فقال «إذا كان غدا فالقني حتى أقرئكه في كتاب علي»

قلت : أصلحك الله حدثني فإن حديثك أحب إلي من أن تقرأينه في كتاب ،

فقال لي الثانية «أسمع ما أقول لك إذا كان غدا فالقني حتى أقرئكه في كتاب ، فأتيته من الغد بعد الظهر وكانت ساعتي التي كنت أخلو به فيها بين الظهر والعصر وكنت أكره أن أسأله إلا خاليا خشية أن يفتيني من أجل من يحضرني بالتقية فلما دخلت عليه أقبل علي ابنه جعفر ، فقال «أقرئ زرارة صحيفة الفرائض» ثم قام لينام فبقيت أنا وجعفر في البيت فقام فأخرج إلي صحيفة مثل فخذ البعير.

__________________

(1) الشيخ الكليني ،الكافي ج 2 ص 19 ـ 21.

٣٣٦

فقال «لست أقرئكها حتى تجعل لي عليك الله أن لا تحدث بما تقرأ فيها أحدا أبدا حتى آذن لك» ولم يقل : حتى يأذن لك أبي ،

فقلت : أصلحك الله ولم تضيق علي ولم يأمرك أبوك بذلك؟

فقال لي : ما أنت بناظر فيها إلا على ما قلت لك»

فقلت : فذاك لك ، وكنت رجلا عالما بالفرائض والوصايا ، بصيرا بها ، حاسبا لها ، ألبث الزمان اطلب شيئا يلقيي علي من الفرائض والوصايا لا أعلمه فلا أقدر عليه ، فلما ألقى إلي طرف الصحيفة إذا كتاب غليظ يعرف أنه من كتب الأولين فنظرت فيها فإذا فيها خلاف ما بأيدي الناس من الصلة والأمر بالمعروف الذي ليس فيه اختلاف وإذا عامته كذلك فقرأته حتى أتيت على آخره بخبث نفس وقلة تحفظ وسقام رأي وقلت وأنا أقرأوه باطل حتى أتيت على آخره ثم أدرجتها ودفعتها إليه فلما أصبحت لقيت أبا جعفرعليه‌السلام .

فقال لي «أقرأت صحيفة الفرائض؟»

فقلت : نعم ، فقال «كيف رأيت ما قرأت؟»

قال : قلت : باطل ليس بشيء هو خلاف ما الناس عليه ،

قال «فإن الذي رأيت والله يا زرارة هو الحق ، الذي رأيت إملاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخط عليعليه‌السلام بيده».(1)

وقد استغل الامام الباقرعليه‌السلام تغير السياسية الأموية من الشدة إلى السماحة النسبية أيام عمر بن عبد العزيز (99 ـ 101 هـ) وكذلك الامام الصادق استغل أخريات العهد الأموي وبدايات العهد العباسي ان يربيا فقهاء الشيعة أمثال محمد بن مسلم وزرارة بن اعين وأبان بن تغلب(2) وكان الامام الباقر يقول لهذا الأخير : (اجلس في مجلس المدينة

__________________

(1) الفيض الكاشاني ،الوافي ، مكتبة الامام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام العامة ـ أصفهان 1406 هـ ج 25 ص 751 ـ 752. عن (الكافي ج 7 ص 94 والتهذيب ج 9 ص 271).

(2) قال الحموي ياقوت في مجمع الادباء 1 / 108 ابان بن تغلب بن رياح الجريري ، أبو سعيد البكري مولى بنى جرير بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن عكاشة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل ـ ذكره أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في مصنفي الإمامية ، ومات أبان في سنة إحدى وأربعين ومائة قال أبو جعفر هو ثقة جليل القدر عظيم المنزلة في أصحابنا لقي أبا محمد علي بن الحسين ،

٣٣٧

وأفت الناس فإني أحب أن يرى في شيعتي مثلك).

وعن سليمان ابن خالد قال : سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول : ما أجد أحدا أحيا ذكرنا وأحاديث أبيعليه‌السلام إلا زرارة ، وأبو بصير ليث المرادي ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية العجلي ، ولولا هؤلاء ما كان أحد يستنبط هذا ، هؤلاء حفاظ الدين وأمناء أبيعليه‌السلام على حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلينا في الدنيا ، والسابقون إلينا في الآخرة.(1)

روى ابن عدي عن إبراهيم بن محمد الرماني أبو نجيح قال سمعت حسن بن زياد يقول سمعت أبا حنيفة وسئل من أفقه من رأيت فقال ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور الحيرة بعث إلي فقال يا أبا حنيفة ان الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك تلك الصعاب فقال فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إلي أبو جعفر فأتيته بالحيرة فدخلت عليه وجعفر جالس عن يمينه فلما بصرت بهما دخلني لجعفر من الهيبة ما لم يدخلني لأبي جعفر فسلمت وأذن لي أبو جعفر فجلست ثم التفت إلى جعفر فقال يا أبا عبد الله تعرف هذا قال نعم هذا أبو حنيفة ثم أتبعها قد أتانا ثم قال يا أبا حنيفة هات من مسائلك سل أبا عبد الله فابتدأت أسأله قال فكان يقول في المسألة أنتم تقولون فيها كذا وكذا وأهل المدينة يقولون كذا ونحن نقول كذا فربما تابعنا وربما تابع أهل المدينة وربما خالفنا جميعا حتى أتيت على أربعين مسألة ما أخرج منها مسألة ثم قال أبو حنيفة أليس قد روينا أن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس.(2)

__________________

وأبا جعفر وأبا عبد الله عليه مالسلام وروى عنهم وكانت له عندهم حظوة وقدم ، قال له أبو جعفر اجلس في مسجد المدينة وأفت الناس فإني أحب أن أرى في شيعتي مثلك ، وقال أبو عبد الله لما أتاه نعيه أما والله لقد أوجع قلبي موت أبان ، قال وكان قارئا فقيها لغويا نبيها ثبتا وسمع من العرب وحكى عنهم وصنف كتاب الغريب في القرآن وذكر شواهده من الشعر فجاء فيما بعد عبد الرحمن بن محمد الأزدي الكوفي فجمع من كتاب أبان ومحمد بن السائب الكلبي وابن روق عطية بن الحارث فجعله كتابا فيما اختلفوا فيه وما اتفقوا عليه فتارة يجيء كتاب أبان مفردا وتارة يجيء مشتركا على ما عمله عبد الرحمن ولأبان أيضا كتاب الفضائل.

(1) الحر العاملي ، الشيخ محمد بن الحسن ،وسائل الشيعة ، تحقيق الشيخ عبد الرحيم الرباني الشيرازي ، دار إحياء التراث العربي بيروت ـ لبنان 1983 م. ج 18 ص 104.

(2) ابن عدي ، الكامل في ضعفاء الرجال ج 2 ص 133. والذهبي ،سير أعلام النبلاء ج 6 ص 257. والمزي ،تهذيب الكمال ، ج 5 ص 79.

٣٣٨

وقال الحسن بن علي بن زياد الوشاء لابن عيسى القمي : إني أدركت في هذا المسجد : يعني مسجد الكوفة تسعمائة شيخ كل يقول : حدثني جعفر بن محمدعليه‌السلام .(1)

قال البراقي وقد صنف الافظ أبو العباس بن عقدة الهمداني الكوفي المتوفى سنة 333 كتابا في أسماء الرجال الذين رووا الحديث عن (الإمام الصادق)عليه‌السلام فذكر ترجمة (4000) رجل.(2)

الكوفة على عهد حركة ولدي عبد الله بن الحسن المثنى رضي‌الله‌عنه

قال الطبراني حدثني سعيد بن تسنيم بن الحواري بن زياد بن عمرو بن الأشرف قال سمعت من لا أحصى من أصحابنا يذكرون أن أبا جعفر (الخليفة) شاور في أمر إبراهيم فقيل له إن أهل الكوفة له شيعة ، والكوفة قدر يفور أنت طبقها فاخرج حتى تنزلها ففعل.(3)

قال وحدثني عبد الملك ابن سليمان عن حبيب بن مرزوق قال حدثني تسليم بن الحواري قال لما ظهر محمد وإبراهيم ابنا عبد الله أرسل أبو جعفر إلى عبد الله بن علي وهو محبوس عنده ان هذا الرجل قد خرج فإن كان عندك رأى فأشربه علينا وكان ذا رأي عندهم فقال إن المحبوس محبوس الرأي فأخرجني حتى يخرج رأيي فأرسل إليه أبو جعفر ، لو جاءني حتى يضرب بابي ما أخرجتك وأنا خير لك منه وهو ملك أهل بيتك ، فأرسل إليه عبد الله ارتحل الساعة حتى تأتى الكوفة فاجثم على أكبادهم فإنهم شيعة أهل هذا البيت وأنصارهم ثم احففها بالمسالح فمن خرج منها إلى وجه من الوجوه أو أتاها من وجه من الوجوه فاضرب عنقه ، وابعث إلى سلم بن قتيبة ينحدر عليك وكان بالري واكتب إلى أهل الشام فمرهم أن يحملوا إليك من أهل البأس والنجدة ما يحمل البريد فأحسن جوائزهم ووجههم مع سلم ففعل(4) .

__________________

(1) النجاشي ،فهرست أسماء مصنفي الشيعة المشتهر بـ رجال النجاشي ، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة 1416 هـ ، ص 31.

(2) البراقي ،تاريخ الكوفة ، شريعت قم 1424 هـ. ص 408.

(3) الطبري ،تاريخ الطبري ج 6 ص 247.

(4) الطبري ،تاريخ الطبري ج 6 ص 194.

٣٣٩

قال الطبري حدثني مسلم الخصي مولى محمد بن سليمان قال كان أمر إبراهيم وأنا ابن بضع عشرة سنة وأنا يومئذ لأبي جعفر فأنزلنا الهاشمية بالكوفة ونزل هو بالرصافة في ظهر الكوفة وكان جميع جنده الذين في عسكره نحوا من ألف وخمسمائة فكان يطوف الكوفة كلها في كل ليلة وأمر مناديا فنادى من أخذناه بعد عتمة فقد أحل بنفسه فكان إذا أخذ رجلا بعد عتمة لفه في عباءة وحمله فبيَّتَه عنده فإذا أصبح سأل عنه فان علم براءته أطلقه وإلا حبسه.

وحدثني جواد ابن غالب قال حدثني العباس بن مسلم مولى قحطبة قال كان أمير المؤمنين أبو جعفر إذا اتهم أحدا من أهل الكوفة بالميل إلى إبراهيم أمر أبى سلما بطلبه فكان يمهل حتى إذا غسق الليل وهدأ الناس نصب سلما على منزل الرجل فطرقه في بيته حتى يخرجه فيقتله ويأخذ خاتمه قال أبو سهل جواد فسمعت جميلا مولى محمد بن أبي العباس يقول للعباس بن سلم والله لو لم يورثك أبوك إلا خواتيم من قتل أهل الكوفة كنت أيسر الأبناء.

قال الطبري : وحدثني يحيى بن ميمون من أهل القادسية قال سمعت عدة من أهل القادسية يذكرون أن رجلا من أهل خراسان يكنى أبا الفضل ويسمى فلان ابن معقل ولى القادسية ليمنع أهل الكوفة من اتيان إبراهيم وكان الناس قد صُدُّوا في طريق البصرة فكانوا يأتون القادسية ثم العذيب ثم وادى السباع ثم يعدلون ذات اليسار في البر حتى قدموا البصرة قال فخرج نفر من الكوفة اثنا عشر رجلا حتى إذا كانوا بوادي السباع لقيهم رجل من موالى بني أسد يسمى بكرا من أهل شراف دون واقصة بميلين من أهل المسجد الذي يدعى الموالى فأتى ابن معقل فأخبره فأدركهم بخفان وهي على أربعة فراسخ من القادسية فقتلهم أجمعين.(1)

وقال حدثني عبد الله بن راشد بن يزيد قال سمعت إسماعيل بن موسى البجلي وعيسى بن النضر السمانين وغيرهما يخبرون أن غزوان كان لآل القعقاع بن ضرار

__________________

(1) الطبري ،تاريخ الطبري ج 6 ص 249.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394