اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الجواد (ع)

اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الجواد (ع)0%

اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الجواد (ع) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام
الصفحات: 214

اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الجواد (ع)

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الصفحات: 214
المشاهدات: 63502
تحميل: 7542

توضيحات:

اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الجواد (ع)
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 214 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 63502 / تحميل: 7542
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الجواد (ع)

اعلام الهداية - الإمام محمد بن علي الجواد (ع)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بسماع هذه الرسالة فاسألوه، فسأله القوم فتوقّف عن الشهادة، فدعوته إلى المباهلة، فخاف منها، وقال: قد سمعتُ ذلك، وهي مكرمةٌ كنتُ أُحبُّ أن تكون لرجل من العرب، فأما مع المباهلة فلا طريق إلى كتمان الشهادة، فلم يبرح القوم حتى سلّموا لأبي الحسنعليه‌السلام (١) .

ب ـ عن إسماعيل بن مهران، قال: (لمّا خرج أبو جعفرعليه‌السلام من المدينة إلى بغداد في الدفعة الأولى من خرجتيه، قلت له عند خروجه: جُعلت فداك إنّي أخاف عليك في هذا الوجه، فإلى من الأمر بعدك ؟ فكرّ بوجهه إلي ضاحكاً وقال:ليس الغيبة حيث ظننتَ في هذه السنة ، فلمّا أُخرج به الثانية إلى المعتصم صرت إليه، فقلتُ له: جُعلت فداك أنت خارج، فإلى من هذا الأمر من بعدك ؟ فبكى حتى اخضلّت لحيته، ثم التفت إلي، فقال:عند هذه يُخاف عليّ، الأمرُ من بعدي إلى ابني علي )(٢) .

ج ـ عن محمد بن الحسين الواسطي أنه سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر يحكي أنه أشهده على هذه الوصية المنسوخة:

(شهد أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر أن أبا جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام أشهده أنه أوصى إلى علي ابنه بنفسه وإخوانه وجعل أمر موسى(٣) إذا بلغ إليه وجعل عبد الله بن المساور قائماً على تركته من الضياع والأموال والنفقات والرقيق وغير ذلك إلى أن يبلغ علي بن محمد، صيّر عبد الله بن المساور ذلك اليوم إليه، يقوم بأمر نفسه، وإخوانه ويصيّر أمر موسى إليه، يقوم لنفسه بعدهما على شرط أبيهما

ـــــــــ

(١) الإرشاد: ٢ / ٢٩٨ ـ ٣٠٠.

(٢) أصول الكافي: ١ / ٣٢٣.

(٣) يعني ابنه الملقب بالمبرقع المدفون بقم.

١٦١

في صدقاته التي تصدق بها وذلك يوم الأحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطّه وشهد الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام وهو الجوّاني على مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب وكتب شهادته بيده وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده)(١) .

قال الطبرسي بعد نقل هذه النصوص الثلاثة: والأخبار في هذا الباب كثيرة، وفي إجماع العصابة على إمامته وعدم من يدّعي فيه إمامة غيره غناء عن إيراد الأخبار في ذلك، هذا وضرورة أئمتناعليهم‌السلام في هذه الأزمنة في خوفهم من أعدائهم وتقيّتهم منهم أُحوجت شيعتهم في معرفة نصوصهم على من بعدهم إلى ما ذكرناه من الاستخراج حتى أنّ أوكد الوجوه في ذلك عندهم دلائل العقول الموجبة للإمامة وما اقترن إلى ذلك من حصولها في ولد الحسينعليه‌السلام ، وفساد أقوال ذوي النحل الباطلة وبالله التوفيق(٢) .

٥ ـ الإمام الجوادعليه‌السلام وقضية الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه):

قضية الإمام المهدي عجَّل الله فرجه من القضايا الأساسية في المسيرة الإسلامية والمتتبع لآثار الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمةعليهم‌السلام لا يجد أحداً منهم غفل عن الدعوة إليها أو تجاهلها.

وعلى هذا المنهج سار الإمام الجوادعليه‌السلام فطرح قضية المهدي (عج) على الأمة قاصداً من ذلك تركيز هذا المفهوم في أذهانها من جهة وإعدادها لاستقبال يومه من جهة ثانية، ونذكر فيما يأتي نماذج من هذه الدعوة:

ـــــــــ

(١) أصول الكافي: ١ / ٢٦١.

(٢) إعلام الورى: ٣٣٩.

١٦٢

١ ـ عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنيرضي‌الله‌عنه قال: (قلت لمحمد بن علي بن موسىعليهم‌السلام : يامولاي ! إني لأرجو أن تكون القائم من أهل بيت محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. فقالعليه‌السلام :ما منّا إلا قائم بأمر الله، وهاد إلى دين الله. ولكن القائم الذي يطهّر الله به الأرض من أهل الكفر والجحود ويملأها قسطاً وعدلاً هو الذي يخفى على الناس ولادته، ويغيب عنهم شخصه، ويحرم عليهم تسميته، وهو سميّ رسول الله وكنيته، وهو الذي تطوى له الأرض، ويذل له كل صعب، يجتمع إليه من أصحابه عدّة أهل بدر: (ثلاثمئة وثلاثة عشر) رجلاً من أقاصي الأرض وذلك قول الله عزَّ وجلَّ: ( أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (١) . فإذا اجتمعت له هذه العدّة من أهل الإخلاص، أظهر الله أمره، فإذا كمل له العقد وهو (عشرة آلاف) رجل، خرج بإذن الله تعالى، فلا يزال يقتل أعداء الله حتى يرضى الله عزَّ وجلَّ) (٢) .

٢ ـ عن أبي تراب عبد الله موسى الروياني، قال:

حدثنا عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام الحسني قال:

(دخلت على سيدي محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام وأنا أريد أن أسأله عن القائم أهو المهدي أو غيره فابتدأني فقال لي:

ـــــــــ

(١) البقرة (٢): ١٤٨.

(٢) الاحتجاج: ٢ / ٤٨١ ـ ٤٨٢.

١٦٣

ياأبا القاسم إن القائم منّا هو المهدي الذي يجب أن ينتظر في غيبته، ويطاع في ظهوره، وهو الثالث من ولدي، والذي بعث محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوّة وخصّنا بالإمامة، إنه لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، وإنّ الله تبارك وتعالى ليصلح له أمره في ليلة، كما أصلح أمر كليمه موسى عليه‌السلام إذ ذهب ليقتبس لأهله ناراً فرجع وهو رسولٌ نبيٌ ، ثم قالعليه‌السلام :أفضل أعمال شيعتنا انتظار الفرج )(١) .

٣ ـ عن حمدان بن سليمان قال: حدّثنا الصقر بن أبي دلف، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن عليّ الرضاعليه‌السلام يقول: (إنّ الإمام بعدي ابني عليّ، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه ، ثم سكت. فقلت له: يابن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن ؟ فبكىعليه‌السلام بكاءً شديداً، ثم قال:إنّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر . فقلت له: يابن رسول الله لم سمّي القائم ؟ قال:لأنه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته . فقلت له: ولم سمّي المنتظر ؟ قال:لأنّ له غيبة يكثر أيامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذّب بها الوقّاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلمون )(٢)

ـــــــــ

(١) كمال الدين وتمام النعمة: ٣٧٧.

(٢) كمال الدين وتمام النعمة: ٣٧٨.

١٦٤

الفصل الثالث: مدرسة الإمام الجوادعليه‌السلام وتراثه

البحث الأول: أصحاب الإمام الجوادعليه‌السلام

حفَّ جمهور كبير من العلماء والرواة بالإمام أبي جعفر الجوادعليه‌السلام وهم يقتبسون من نمير علومه التي ورثها عن جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانوا يدوّنون أحاديثه وكلماته وما كان يدلي به من روائع الحكم والآداب.

ولهؤلاء الأعلام يرجع الفضل في تدوين ذلك التراث القيم الذي يعد من ذخائر الثروات الفكرية في الإسلام.

لقد عمل أصحاب الائمةعليهم‌السلام بوحي من عقيدتهم الدينية التي ألزمتهم بالحفاظ على أحاديث الائمة الأطهار وتدوينها، والتي يرجع إليها فقهاء الإمامية في استنباطهم للأحكام الشرعية، ولولاها لما كان لأتباع مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام هذا الفقه المتطور والعظيم الذي اعترف بأصالته وعمقه جميع رجال الفكر والقانون في العالم الإسلامي بل الإنساني.

وما يدعو إلى الاعتزاز بأصحاب الائمةعليهم‌السلام هو أنهم جهدوا على ملازمة الائمةعليهم‌السلام وتدوين أحاديثهم في وقت كان من أعسر الأوقات وأشدها حراجة وأعظمها ضيقاً، فقد ضربت الحكومات الجائرة العباسية والأموية معاً الحصار الشديد على الأئمةعليهم‌السلام ومنعت من الاتصال بهم لئلا تتبعهم الجماهير.

وقد بلغ التضييق على العلماء والرواة من أصحاب الائمة حدّاً بحيث كانوا لا يستطيعون أن يجهروا باسم الإمام الذي أخذوا عنه، وإنّما كانوا يلمّحون إليه ببعض أوصافه وسماته من دون التصريح باسمه خشية القتل أو السجن.

ونظراً للحصار الأمني الذي كانت السلطة العباسية تفرضه على الإمام الجوادعليه‌السلام ، فقد أوعزعليه‌السلام لأصحابه بالتحرك في المجالات التي تتعسر عليه الحركة فيها.

ومن المجالات الأساسية التي تكتشف تحرّكات الإمام الجوادعليه‌السلام من خلالها هي تحرّكات أصحابه الذين ما كانوا يصدرون إلاّ عنه، وذلك بحكم طاعتهم له وقبولهم لإرشاداته.

والسبب في ذكرنا لأصحاب الإمام الجواد، هو أن نشاطاتهم العلمية والفكرية تعبّر عن توجهات الطليعة الواعية آنذاك تحت قيادة الإمامعليه‌السلام .

١٦٥

وفيما يلي نستعرض طائفة من هؤلاء الأصحاب الرواة الذين يعبّرون بصدق عن مدى نشاط وسعة مدرسة الإمام الجوادعليه‌السلام .

١ ـ الحسين بن سعيد الأهوازي: ابن حمّاد الأهوازي، ثقة، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام وأبي جعفرعليه‌السلام وأبي الحسن الثالث.(١) وهو الإمام علي الهاديعليه‌السلام .

٢ ـ أخوه الحسن بن سعيد الأهوازي: من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام والإمام الجواد(٢) .

لقد اشترك عمل الحسن والحسين الأهوازيان في التحرك مع الإمام الرضاعليه‌السلام ثم مع الإمام الجوادعليه‌السلام كما اشتركا في التصنيف وكان لهما دور في هداية بعض الأفراد.

ـــــــــ

(١) حياة الإمام محمد الجوادعليه‌السلام : ١٣٩ ـ ١٤١.

(٢) حياة الإمام محمد الجوادعليه‌السلام : ١٣٩ ـ ١٤١.

١٦٦

كان الحسن بن سعيد هو الذي أدخل إسحاق بن إبراهيم الحضيني وعلي بن الريان بعد إسحاق إلى الرضاعليه‌السلام ، وكان سبب معرفتهم لهذا الأمر أعني مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام ، ومنه سمعوا الحديث وبه عرفوا، وكذلك فعل بعبد الله بن محمد الحضيني وغيرهم حتى جرت الخدمة على أيديهم وصنّفا الكتب الكثيرة، ويقال إن الحسن صنف خمسين تصنيفاً.(١)

ويقول شيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسيرحمه‌الله عند حديثه عن الحسين الأهوازي:

ثقة روى عن الرضا وأبي جعفر الثاني وأبي الحسن الثالثعليهم‌السلام وأصله كوفي وانتقل مع أخيه الحسنرضي‌الله‌عنه إلى الأهواز ثم تحوّل إلى قم فنزل على الحسن بن أبان وتوفي بقم، وله ثلاثون كتاباً وهي:

١ ـ كتاب الوضوء

٢ ـ كتاب الصلاة

٣ ـ كتاب الزكاة

٤ ـ كتاب الصوم

٥ ـ كتاب الحج

٦ ـ كتاب النكاح والطلاق

٧ ـ كتاب الوصايا

٨ ـ كتاب الفرائض

٩ ـ كتاب التجارات

١٠ ـ كتاب الإجارات

١١ ـ كتاب الشهادات

١٢ ـ كتاب المناقب

ـــــــــ

(١) رجال الكشي: ٥٥٢ طبعة مشهد.

١٦٧

١٣ ـ كتاب الإيمان والنذوروالكفارات

١٤ ـ كتاب البشارات

١٥ ـ كتاب الحدود والديات

١٦ ـ كتاب الزهد

١٧ ـ كتاب الأشربة

١٨ـ كتاب المكاسب

١٩ـ كتاب التقية

٢٠ ـ كتاب الخمس

٢١ ـ كتاب المروة والتجمل

٢٢ ـ كتاب الصيد والذبائح

٢٣ ـ كتاب المثالب

٢٤ ـ كتاب التفسير

٢٥ ـ كتاب المؤمن

٢٦ ـ كتاب الملاحم

٢٧ ـ كتاب المزار

٢٨ـ كتاب الرد على الغالية

٢٩ ـ كتاب الدعاء

٣٠ ـ كتاب العتق والتدبير (١)

ـــــــــ

(١) الفهرست للشيخ الطوسي ص٥٨.

١٦٨

٣ ـ محمد بن إسماعيل بن بزيع، عدّه الشيخ الطوسي من أصحاب الإمام الرضا والإمام الجوادعليهما‌السلام (١) وكان من خيار أصحاب الائمةعليه‌السلام في ورعه وتقواه، ونتحدث ـ بإيجاز ـ عن بعض شؤونه:

أ ـ اتصاله بالإمام الرضاعليه‌السلام : اتصل محمد بالإمام الرضاعليه‌السلام اتصالاً وثيقاً فكانعليه‌السلام ينظر إليه بعين الإكبار والتقدير، وقد رُوي أن الإمام الرضاعليه‌السلام عندما ذكر عنده قالعليه‌السلام :(وددت أنّ فيكم مثله) (٢) .

ب ـ مع الإمام الجوادعليه‌السلام : واتّصل محمد بن إسماعيل بالإمام الجوادعليه‌السلام اتّصالاً وثيقاً، فقد روى عنه بعض الأحاديث المتعلقة بأحكام الشريعة، وقد سأل الإمام أن يأمر له بقميص من قمصه ليجعله كفناً له فبعث إليه الإمامعليه‌السلام بذلك(٣) .

٤ ـ أحمد بن أبي عبد الله البرقي: أبو جعفر بن محمد بن خالد بن عبد الرحمن بن محمد بن علي البرقي وقد عدّه الشيخ الطوسي في كتاب رجاله تارة من أصحاب الجوادعليه‌السلام بعنوان أحمد بن محمد بن خالد البرقي وأخرى من أصحاب الإمام الهاديعليه‌السلام بعنوان أحمد بن أبي عبد الله البرقي.(٤)

ومن الآثار الخالدة لهذا العلامة الكبير كتابه (المحاسن) فلقد كان كتابه هذا مرجعاً لعلماء التاريخ والجغرافيا والتراجم كما كان مرجعاً لعلماء الحديث ومنه

ـــــــــ

(١) رجال الطوسي: ٤٠٥.

(٢) حياة الإمام محمد الجوادعليه‌السلام : ١٦٤.

(٣) حياة الإمام محمد الجوادعليه‌السلام : ١٦٤.

(٤) مقدمة كتاب المحاسن، للسيد محمد صادق بحر العلوم.

١٦٩

نعرف عظمته وسعة علمه وسعة روايته واطلاعه وأنه من أعاظم علماء الشيعة وثقات رجال الإمامين الجواد والهادي عليهما‌السلام (١) .

٥ ـ علي بن مهزيار: من ألمع أصحاب الإمام الجوادعليه‌السلام ، ومن مشاهير علماء عصره فضلاً وتقوى ونلمح إلى بعض شؤونه:

إسلامه: كان علي بن مهزيار ينتحل المسيحية، فهداه الله إلى الإيمان بالإسلام فأسلم وأخلص في إسلامه كأشدّ ما يكون الإخلاص. (٢)

عبادته: ولم ير مثل علي بن مهزيار في طاعته وتقواه، وبلغ من عبادته أنه إذا طلعت الشمس سجد لله فلا يرفع رأسه من السجود حتى يدعو لألف رجل من إخوانه بمثل ما دعا لنفسه، وكان على جبهته مثل ركبة البعير(٣) من كثرة السجود.

وثاقته في الرواية: أجمع المترجمون له على وثاقته في الرواية فقد قال النجاشي: كان ثقة في روايته لا يطعن عليه(٤) .

مؤلفاته:

ألّف مجموعة كبيرة من الكتب تدل على سعة علومه ومعارفه، ومن بينها:

ـــــــــ

(١) مقدمة كتاب المحاسن، للسيد محمد صادق بحر العلوم.

(٢) حياة الإمام محمد الجوادعليه‌السلام : ١٥٦.

(٣) رجال الكشي: ٥٤٨، طبعة مشهد.

(٤) رجال النجاشي: ٢٥٣.

١٧٠

١ ـ كتاب الوضوء

٢ ـ كتاب الصلاة

٣ ـ كتاب الزكاة

٤ ـ كتاب الصوم

٥ ـ كتاب الحج

٦ ـ كتاب الطلاق

٧ ـ كتاب الحدود

٨ ـ كتاب الديات

٩ ـ كتاب التفسير

١٠ ـ كتاب الفضائل

١١ ـ كتاب العتق والتدبير

١٢ ـ كتاب المكاسب

١٣ ـ كتاب المثالب

١٤ ـ كتاب الدعاء

١٥ ـ كتاب التجمل والمروة

١٦ ـ كتاب المزار

١٧ ـ كتاب الردّ على الغلاة

١٨ ـ كتاب الوصايا

١٩ ـ كتاب المواريث

٢٠ ـ كتاب الخمس

٢١ ـ كتاب الشهادات

٢٢ ـ كتاب فضائل المؤمنين وبرّهم

٢٣ ـ كتاب الملاحم

٢٤ ـ كتاب التقية

٢٥ ـ كتاب الصيد والذبائح

١٧١

٢٦ ـ كتاب الزهد

٢٧ ـ كتاب الأشربة

٢٨ ـ كتاب النذور والإيمان والكفارات

٢٩ ـ كتاب الحروف

٣٠ ـ كتاب القائم

٣١ ـ كتاب البشارات

٣٢ ـ كتاب الأنبياء

٣٣ ـ كتاب النوادر

٣٤ ـ رسائل علي بن أسباط.(١)

هذه المؤلفات تتنوّع بين فروع الفقه والعقيدة والتفسير والأخلاق على أن معظمها في الفقه الإسلامي وهي تدلّ على أنه كان من كبار الفقهاء في الإسلام.

رسائل الإمام الجوادعليه‌السلام إليه:

وبعث الإمام الجوادعليه‌السلام إلى علي بن مهزيار عدة رسائل تكشف عن شدة صلته بالإمامعليه‌السلام وسموّ منزلته ومكانته عنده، ومن بين هذه الرسائل:

أ ـ (قد وصل إليّ كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وقد ملأتني سروراً، فسرّك الله،

ـــــــــ

(١) رجال النجاشي: ٢٥٣.

١٧٢

وأنا أرجو من الكافي الدافع أن يكفيك كيد كل كائد إن شاء الله تعالى) (١) .

ودلت هذه الرسالة على قيام علي بن مهزيار بخدمة الإمامعليه‌السلام وقد ملأت قلبه الشريف فرحاً فراح يدعو له بأن يجزل له الله تعالى الأجر والثواب.

ب ـ(قد فهمت ما ذكرت من أمر القمّيين ـ خلصهم الله وفرّج عنهم ـ وسررتني بما ذكرت من ذلك، ولم تزل تفعل، سرّك الله بالجنة، ورضي عنك، برضائي عنك، وأنا أرجو من الله العفو والرأفة، وأقول: حسبنا الله ونعم الوكيل) (٢) .

وهذه الرسالة كشفت عن إنقاذ ابن مهزيار للقميّين من محنة كانوا فيها مما أوجب سرور الإمام ودعائه له بالفوز بالفردوس الأعلى.

ج ـ (فأشخص إلى منزلك صيّرك الله إلى خير منزل في دنياك وآخرتك) (٣) .

لقد أمره الإمامعليه‌السلام بالشخوص إلى منزله بعد ما أدى ما عليه من الخدمة للإمامعليه‌السلام .

د ـ(وأسأل الله أن يحفظك من بين يديك، ومن خلفك، وفي كل حالاتك فابشر فإني أرجو أن يدفع الله عنك، وأسأل الله أن يجعل لك الخيرة فيما عزم لك به عليه من الشخوص في يوم الأحد، فأخر ذلك إلى يوم الاثنين إن شاء الله، صحبك الله في سفرك، وخلفك في اهلك، وأدى عنك أمانتك، وسلمت بقدرته) (٤) .

هـ ـ وكتب ابن مهزيار إلى الإمامعليه‌السلام يسأله التوسعة عليه وتحليله لما في يده من مال للإمام فأجابهعليه‌السلام :

(وسع الله عليك، ولمن سألت له التوسعة في أهلك وأهل بيتك، ولك ياعلي عندي

ـــــــــ

(١) رجال الكشي: ٥٥٠، طبعة مشهد.

(٢) رجال الكشي: ٥٥٠ طبعة مشهد.

(٣) عن رجال الكشي: ٥٥٠ طبعة مشهد.

(٤) رجال الكشي: ٥٥١ طبعة مشهد.

١٧٣

أكثر من التوسعة، وأنا اسأل الله أن يصحبك بالتوسعة والعافية، ويقدّمك على العافية، ويسترك بالعافية أنه سميع الدعاء) (١) .

وقد أجاز الإمامعليه‌السلام بما طلبه من المال ودعا له بأخلص الدعاء.

و ـ وكتب علي بن مهزيار إلى الإمامعليه‌السلام يطلب منه الدعاء له فأجابهعليه‌السلام :(وأما ما سألت من الدعاء فإنك بعد لست تدري كيف جعلك الله عندي وربما سمّيتك باسمك ونسبك، مع كثرة عنايتي بك ومحبتي لك ومعرفتي بما أنت عليه فأدام الله لك أفضل ما رزقك من ذلك ورضي عنك، وبلغك أفضل نيتك، وأنزلك الفردوس الأعلى برحمته أنه سميع الدعاء، حفظك الله وتولاك، ودفع عنك السوء برحمته، وكتبت بخطي) (٢) .

ز ـ(ياعلي أحسن الله جزاك، وأسكنك جنّته، ومنعك من الخزي في الدنيا والآخرة، وحشرك الله معنا، ياعلي قد بلوتك وخبرتك في النصيحة والطاعة والخدمة والتوقير، والقيام بما يجب عليك، فلو قلت: إني لم أر مثلك لرجوت إن أكون صادقاً، فجزاك الله جنات الفردوس نزلاً، وما خفي عليّ مقامك، ولا خدمتك في الحرّ والبرد، والليل والنهار، فأسأل الله إذا جمع الخلائق للقيامة أن يحبوك برحمة تغتبط انه سميع الدعاء) (٣) .

وهكذا تعطي رسائل الإمامعليه‌السلام لعلي بن مهزيار صورة مشرقة عن سمّو منزلته وعظيم مكانته عند الإمامعليه‌السلام وانه نسخة لا ثاني لها في تقواه وورعه.

٦ ـ صفوان بن يحيى: هو صفوان بن يحيى أبو محمد البجلي بياع السابري، كوفي، ثقة، ثقة عين، روى أبوه عن أبي عبد اللهعليه‌السلام وروى هو عن الرضاعليه‌السلام وكانت له عنده منزلة شريفة ذكره الكشي في رجال أبي الحسن موسىعليه‌السلام وقد توكل للرضا وأبي جعفرعليه‌السلام وسلم مذهبه من الوقف، وكانت له منزلة من الزهد والعبادة وكان جماعة الواقفة بذلوا له مالاً كثيراً وكان شريكاً لعبد الله بن جندب وعلي بن النعمان وروي أنهم تعاقدوا في بيت الله الحرام انه من مات منهم صلى من بقي صلاته وصام عنه صيامه وزكّى عنه زكاته فماتا وبقي صفوان فكان يصلي في كل يوم مائة وخمسين ركعة ويصوم في السنة ثلاثة أشهر ويزكي ثلاث دفعات وكل ما يتبرع به عن نفسه ما عدا ما ذكرناه تبرع عنهما ما مثله.

ـــــــــ

(١) رجال الكشي: ٥٥١ طبعة مشهد.

(٢) رجال الكشي: ٥٥١ طبعة مشهد.

(٣) حياة الإمام محمد الجوادعليه‌السلام : ١٥٩.

١٧٤

وحكى أصحابنا أنّ إنساناً كلفه حمل دينارين إلى أهله إلى الكوفة فقال: إن جمالي مكرية وأنا استأذن الإجراء. وكان من الورع والعبادة على ما لم يكن عليه أحد من طبقتهرحمه‌الله وصنف ثلاثين كتاباً كما ذكر أصحابنا يعرف منها الآن:

١ ـ كتاب الوضوء

٢ ـ كتاب الصلاة

٣ ـ كتاب الحج

٤ ـ كتاب الزكاة

٥ ـ كتاب النكاح

٦ ـ كتاب الطلاق

٧ ـ كتاب الفرائض

٨ ـ كتاب الوصايا

٩ ـ كتاب الشري والبيع

١٠ ـ كتاب العتق والتدبير

١١ ـ كتاب البشارات والنوادر

مات صفوان بن يحيى رحمه‌الله سنة عشرة ومئتين) (١) .

وترحّم عليه الإمام الجوادعليه‌السلام وشهد له بأنه كان من حزب آبائه الكرام وهو حزب الله المفلحون.

ـــــــــ

(١) رجال النجاشي: ١٤٩، وراجع غيبة الشيخ الطوسي: ٢١٦ والكشي: ٥٠٢ ـ ٥٠٣ طبعة مشهد.

١٧٥

٧ ـ عبد الله بن الصلت: هو عبد الله بن الصلت أبو طالب القمي مولى بني تيم اللات ابن تغلبة. حمدان بن أحمد النهدي قال: حدثنا أبو طالب القمي قال: كتبت إلى أبي جعفر ابن الرضا يأذن لي أن أندب أبا الحسن ـ أعني أباه ـ فقال: فكتب إليّ(أندبني وأندب أبي) (١) .

٨ ـ علي بن أسباط: هو علي بن أسباط بن سالم الكندي بياع الزطي كوفي، قال الكشي إنه كان فطحياً ولعلي بن مهزيار إليه رسالة في النقض عليه مقدار جزء صغير، وقال النجاشي إنه كان فطحياً جرى بينه وبين علي بن مهزيار رسائل في ذلك، فرجعوا فيها إلى أبي جعفر الثانيعليه‌السلام فرجع علي بن أسباط عن ذلك القول وقد روى عن الرضاعليه‌السلام من قبل ذلك وكان ثقة أوثق الناس وأصدقهم لهجة فأنا اعمد على روايته، له أصل وروايات(٢) .

من كتبه:

١ ـ كتاب الدلائل

٢ ـ كتاب التفسير

٣ ـ كتاب المزار

٤ ـ كتاب نوادر مشهور (٣)

٩ ـ إبراهيم بن أبي محمود الخراساني: من ثقاة الرواة عن الإمام الجوادعليه‌السلام ، كما ذكر الكشي في رجاله، وقد روى عن الإمام موسى الكاظم وعلي بن موسى الرضاعليهما‌السلام .

١٠ ـ إبراهيم بن محمد الهمداني: من الرجال الأجلاء، وقد روى عن الإمام الجواد وأبيه الرضا وولده الهاديعليهم‌السلام .

ـــــــــ

(١) رجال الكشي: ٢٧٥.

(٢) جامع الرواة: ١ / ٥٥٤.

(٣) رجال النجاشي: ١٩٠.

١٧٦

١١ ـ أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي الكوفي: كان عظيم المنزلة عند الإمام الجوادعليه‌السلام وأبيه الرضاعليه‌السلام كما كان جليل القدر.

١٢ ـ أحمد بن معافي: من أصحاب الجوادعليه‌السلام .

١٣ ـ جعفر بن محمد بن يونس الأحول: من أصحاب الجواد وأبيه وولدهعليهم‌السلام .

١٤ ـ الحسين بن بشار المدايني: من أصحاب الجواد وأبيه وجدهعليهم‌السلام .

١٥ ـ الحكم بن علياء الأسدي: من أصحاب الجوادعليه‌السلام .

١٦ ـ حمزة بن يعلى الأشعري أبو يعلى القمي: كان ثقة ووجه، روى عن الجواد وأبيهعليهما‌السلام .

١٧ ـ داود بن القاسم بن إسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: يكنى أبا هاشم الجعفري، من أهل بغداد. جليل القدر ثقة عظيم المنزلة عند الائمةعليهم‌السلام . صاحب الإمام الجوادعليه‌السلام وروى عنه كما روى عن ولده الهادي وحفيده العسكريعليهم‌السلام .

١٨ ـ صالح بن محمد الهمداني: من أصحاب الجوادعليه‌السلام وولده الهاديعليه‌السلام .

١٩ ـ عبد الجبار بن المبارك النهاوندي: من أصحاب الجوادعليه‌السلام وأبيهعليه‌السلام .

٢٠ ـ عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : يكنى بأبي القاسم، كان عابداً ورعاً من خواص أصحاب الإمام الجوادعليه‌السلام ، وصاحب ولده الإمام الهاديعليه‌السلام وحفيده العسكريعليه‌السلام وقد عدّ الإمام الهاديعليه‌السلام زيارة قبره كفضل زيارة قبر الحسينعليه‌السلام .

٢١ ـ عثمان بن سعيد العمري: يكنى أبا عمرو والسمّان ويقال له: الزيات الأسدي. ثقة جليل القدر من أصحاب الجوادعليه‌السلام ، عاصر الإمام العسكريعليه‌السلام وصار له وكيلاً.

٢٢ ـ علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسينعليه‌السلام : كان شديد الورع، كثير الفضل، جليل القدر. روى كثيراً عن الائمةعليه‌السلام . صاحب الجواد ومن قبله الصادق والكاظم والرضاعليهم‌السلام .

٢٣ ـ علي بن بلال البغدادي: من أصحاب الإمام الجوادعليه‌السلام فحسب.

٢٤ ـ الفضل بن شاذان بن الخليل أبو محمد الأزدي النيسابوري: كان ثقة جليلاً فقيهاً متكلماً. ترحم عليه الإمام العسكريعليه‌السلام ، روى عن الإمام الجوادعليه‌السلام ، وذكر أنه روى عن الرضاعليه‌السلام .

٢٥ ـ محمد بن عبد الجبار: وهو ابن أبي الصّهبان (قمي) من أصحاب الجواد وولده الهادي وحفيده العسكريعليهم‌السلام .

١٧٧

٢٦ ـ أبو علي محمد بن عيسى بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري: شيخ القميين روى عن الإمام الجوادعليه‌السلام وسمع من الإمام الرضاعليه‌السلام .

٢٧ ـ نوح بن شعيب البغدادي: كان فقيهاً عالماً صالحاً مرضياً وهو من أصحاب الجوادعليه‌السلام .

٢٨ ـ يعقوب بن إسحاق السكيت (أبو يوسف): كان عالماً باللغة، من خواص الإمام الجوادعليه‌السلام ، ومُقدماً عنده، وكان كذلك عند الإمام الهاديعليه‌السلام ، قتله المتوكل لتشيعه لأهل البيتعليهم‌السلام .

٢٩ ـ أبو يوسف الكاتب يعقوب بن يزيد بن حماد الأنباري: ثقة صدوق. روى عن الإمام الجواد، وكان من أصحاب أبيهعليه‌السلام قبله.

٣٠ ـ أبو الحصين بن الحضين الحضيني: من أصحاب الجوادعليه‌السلام وولده الهاديعليه‌السلام .

وقد أحصى الشيخ العطاردي صاحب مسند الإمام الجوادعليه‌السلام مئةً وواحداً وعشرين راوياً من رواة أحاديث الإمام الجوادعليه‌السلام بما فيهم أصحابه ووكلاؤه وخواصّه الذين يشكّلون طائفة من كبار الفقهاء ووجهاء الطالبيين والطالبيّات وشعراء الإمام ومن حظي بخدمة الإمامعليه‌السلام في زمن أبيه الرضاعليه‌السلام وبعده وهو عصر الإمام الجوادعليه‌السلام .

بينما أحصى السيد محمد كاظم القزويني في كتابه، الإمام الجواد من المهد إلى اللحد (٢٧٥) شخصاً من الرجال والنساء تحت عنوان: أصحاب الإمام الجوادعليه‌السلام .

لقد شكل الإمام الجوادعليه‌السلام تياراً من الأصحاب المخلصين لرسالته كرواة حديث وفقهاء ومتكلمين ودعاة للفضيلة والإصلاح في الأمة وروّاد للتغيير في الأوضاع المتردية للمجتمع الإسلامي وقتذاك.

وهكذا أسدى الإمام محمد الجوادعليه‌السلام للإسلام وحركته العظمى كل ما كان بمقدوره أن يسديه من خدمات جليلة في ظل الفرص والإمكانات المتاحة، والمعوقات التي فرضها الواقع الموضوعي ومع الرعاية التامة لمتطلبات الحكمة.

وقد تمّ للإمامعليه‌السلام ما أراد فيما كان لتلاميذه دور ايجابي فاعل في نشر الفضيلة والحق والمعروف والهدى بين الناس من خلال رواياتهم وإرشاداتهم ومؤلفاتهم الجليلة.

١٧٨

البحث الثاني: تراث الإمام الجوادعليه‌السلام

بالرغم من قصر المدة التي عاشها الإمام محمد الجوادعليه‌السلام وهي خمسة وعشرون سنة منذ ولادته وحتى استشهاده، وهو أقصر عمر نراه في أعمار الأئمة الإثني عشرعليهم‌السلام من أهل بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلاّ أنّ التراث الذي وصل إلينا إذا قارنّاه بالظروف التي أحاطت بالإمامعليه‌السلام وبشيعته وقارنّاه بأعمار من سبقه من آبائه الكرام والتي يبلغ معدّلها ضعف عمر هذا الإمام العظيم، نجده غنيّاً من حيث تنوّع مجالاته، ومن حيث سموّ المستوى العلمي المطروح في نصوصه وحجمه، ومن حيث دلالاته التي تعتبر تحدّياً صارخاً عند ملاحظة صدور هذا التراث من مثل هذا الإمام الذي بدأ بالإشعاع والعطاء منذ ولادته وحتى سِنيّ إمامته وهو لم يبلغ عقداً واحداً من العمر.

وقد أشرنا إلى جوانب من هذا التراث في بحوث سابقة وذكرنا نماذج منه. وبقي علينا أن نشير إلى جوانب أخرى من هذا التراث العظيم إكمالاً للفائدة وإتماماً للحديث عن هذا الجانب المغمور من جوانب حياة هذا الإمام العظيم.

١ ـ من تراثه التفسيري

أ ـ عن داود بن قاسم الجعفري قال: (قلت لأبي جعفر الثاني عليه‌السلام : جُعلت فداك ما الصمد ؟ قال: السيد المصمود إليه في القليل والكثير ). (١)

ب ـ عن أبي هاشم الجعفري قال: (سألت أبا جعفر الثانيعليه‌السلام ما معنى

ـــــــــ

(١) أصول الكافي: ١ / ١٢٣.

١٧٩

الواحد ؟ قال:الذي اجتماع الألسن عليه بالتوحيد كما قال الله عزَّ وجلَّ: ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) ) (١) .

ج ـ عن جعفر بن محمد الصوفي قال: (سألت أبا جعفرعليه‌السلام محمد بن علي الرضاعليه‌السلام وقلت له: يا ابن رسول الله لم سمّي النبيّ الأمي ؟ لأنه لم يكتب ؟ فقال:(كذبوا عليهم لعنة الله أنّى يكون ذلك والله تبارك وتعالى يقول في محكم كتابه: ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةٍَ ) فكيف كان يعلّمهم ما لا يحسن ؟ ! والله لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ ويكتب باثنين وسبعين أو بثلاثة وسبعين لساناً، وإنّما سُمّي الأمي لأنه كان من أهل مكة، ومكة من أمهات القرى، وذلك قول الله تعالى في كتابه: ( لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) ) (٢)

ولا بد أن نشير هنا إلى أن الإمامعليه‌السلام قد أعطى من خلال هذه النماذج صورة مصداقية لفهم المصطلحات والمفاهيم القرآنية من خلال القرآن نفسه وهو المنهج الذي عرف فيما بعد بتفسير القرآن بالقرآن.

ثم إنّ هذا المعنى للأُمّي لا ينفي عدم تعلّم النبي للقراءة والكتابة من أحد والذي يشكّل نقطة إعجازية في حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي عدم تعلّمه من أحد واتصافه بأعلى مستويات المقدرة على التعليم دليل قاطع على ارتباطه بالله العليم المعلم للإنسان ما لم يعلم.

د ـ وعن عمرو بن أبي المقدام قال: (سمعت أبا الحسن وأبا جعفرعليه‌السلام يقول في هذه الآية:( وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ) قال:إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لفاطمة عليها‌السلام : إذا أنا مُتّ فلا تخمشي عليّ وجهاً ولا ترخي عليّ شعراً، ولا تنادي بالويل ولا تقيمي عليّ نائحة، ثم قال: هذا المعروف الذي قال الله عزَّ وجلَّ في كتابه:

ـــــــــ

(١) التوحيد: ٨٣.

(٢) بصائر الدرجات: ٢٢٥، وعلل الشرائع: ١ / ١١٨.

١٨٠