الإمامة الإلهية الجزء ٤

الإمامة الإلهية18%

الإمامة الإلهية مؤلف:
المحقق: محمد بحر العلوم
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 320

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 320 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 102869 / تحميل: 8137
الحجم الحجم الحجم
الإمامة الإلهية

الإمامة الإلهية الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الفصل الأوّل

١ - تمهيد

٢ - التوسّل في اللغة والاصطلاح

٣ - التوسّل عبادة توحيدية

٤ - الأدلّة العقلية والتاريخية

٥ - الأدلّة التحليلية

٢١

٢٢

تمهيد:

إنّ مبدأ التوسّل والدعاء وطلب الشفاعة والاستغاثة بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته الطاهرين عليهم‌السلام من المبادئ الأصيلة والأساسية في الدين التي دلّ على مشروعيتها وضرورتها صريح العقل والقرآن الكريم وروايات المعصومين عليهم‌السلام .

ولقد آمن بهذه العقيدة في الإسلام عموم المسلمين بكافّة فرقهم وطوائفهم؛ حيث إن سيرتهم جارية على اللجوء إلى ساحة النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته عليهم‌السلام ، ولكن حاول البعض - تبعاً لمنهج الجحود والجاحدين بذريعة وغطاء وقناع التكفير والمكفّرين - أن يُلصق تهمة الشرك والكفر بهذه العقيدة الإسلامية، حيث تحايل لجحوده بأن ادّعى أن التوسّل من أصناف الشرك في العبادة، وزعم أن الآيات والروايات دالّة على ذلك.

ونحن قبل الشروع في ذكر ما استعرضوه من أدلّة وشبهات والإجابة عنها، لابدّ من بيان ما هو الحقّ في المسألة، وذلك عن طريق إعطاء التصوّرات

٢٣

الصحيحة والبراهين القاطعة الدالّة على مشروعية، بل ضرورة، التوسّل بأصفياء اللَّه تعالى، لأجل نيل القرب منه عزّ وجلّ وقبول الطاعات والعبادات وفتح أبواب السماء لاستجابة الدعاء وقضاء الحاجات، وأن المنكرين والجاحدين للتوسّل بأولياء اللَّه يجعلون التوسّل بهم من التوجّه إلى غير اللَّه تعالى ليفرّقوا بين اللَّه ورسله؛ قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا ) (١) .

وذلك كلّه استناداً إلى الأدلّة العقلية والتحليلية والتاريخية والقرآنية والروائية الناصّة على ذلك.

____________________

(١) سورة النساء ٤: ١٥٠.

٢٤

التوسّل في اللغة والاصطلاح

١ - التوسّل لغة:

قال الفراهيدي في كتابه اللغوي (العين):

وسل: وسّلت إلى ربّي وسيلة؛ أي عملت عملاً أتقرّب به إليه، وتوسّلت إلى فلان بكتاب أو قرابة؛ أي تقرّبت إليه (١) .

وقال الجوهري في الصحاح:

الوسيلة: ما يتقرّب به إلى الغير، والجمع الوسيل والوسائل، والتوسيل والتوسّل واحد، يقال: وسّل فلان إلى ربّه وسيلة وتوسّل إليه بوسيلة؛ أي تقرّب إليه بعمل (٢) .

ومثله ما في النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (٣) .

وقال ابن منظور في لسان العرب:

الوسيلة: المنزلة عند الملِك، والوسيلة: الدرجة، والوسيلة القربة، ووسّل فلان إلى اللَّه وسيلة إذا عمل عملاً تقرّب به إليه، والواسل الراغب إلى اللَّه.

____________________

(١) الفراهيدي، كتاب العين، ص٢٨٩.

(٢) الجوهري، الصحاح، ج٥، ص١٨٤١.

(٣) النهاية في غريب الحديث، ج٥، ص١٨٥.

٢٥

وتوسّل إليه بوسيلة إذا تقرّب إليه بعمل.

والوسيلة الوصلة والقربى، وجمعها الوسائل (١) .

والذي يتحصّل من كلمات اللغويين أن التوسّل والوسيلة هي: ما يجعله العبد من الواسطة بينه وبين ربّه لأجل التوصّل بها إلى تحصيل المقصود، وهو القرب منه عزَّ وجل، أو مطلق ما يوسّطه الشخص للتقرّب به إلى الغير من عمل أو كتاب أو قرابة أو غيرها.

٢ - التوسّل اصطلاحاً:

التوسّل في الاصطلاح قريب جدّاً من المعنى اللغوي، بل هو عينه؛ والاختلاف هو في تحديد المصاديق التي نصبها اللَّه تعالى للتوسّل والتقرّب بها إليه عزّ وجل.

وسيأتي مزيد إيضاح لبيان حقيقة التوسّل اصطلاحاً عند استعراض الأدلّة القرآنية حول التوسّل في الفصل اللّاحق.

____________________

(١) ابن منظور، لسان العرب، ج١١، ص٢٢٥ - ٢٢٤.

٢٦

التوسّل عبادة توحيدية

دور الوسائط الإلهيّة وضرورة التوسّل بها:

إنّ الحقيقة التي نريد أن ندّعيها تحت هذا العنوان هي أن نفي الوسائل والوسائط الإلهيّة والإعراض عنها في حال توجّه العبد إلى اللَّه هو الشرك بعينه، وأنَّ توسّل العبد بالآيات الإلهيّة وتوجّهه وتشفّعه بالوسائط التي نصبها اللَّه عزّ وجلّ من أجل قضاء حوائجه أو قبول توبته وأوبته وعبادته ونيله للحظوة والقرب من اللَّه تعالى، هو التوحيد الحقيقي والتام المرضي عند اللَّه عزّ وجلّ.

توضيح المدّعى:

من أجل إعطاء تصوّرات صحيحة حول ما ادّعيناه آنفاً نقول: إن الوسائل والوسائط إذا كانت مجعولة ومنصوبة من قبل اللَّه عزّ وجل، فإن التوسّل والتوجّه بها واللجوء إليها والاستغاثة والاستجارة بها إلى اللَّه تعالى هو التوحيد التام، وفي الوقت ذاته يكون الإعراض عنها والاستكبار عليها والتوجّه إلى اللَّه تعالى بالمباشرة شركاً واستكباراً على اللَّه عزّ وجل ومبارزة له في سلطانه.

وأمَّا إذا لم تكن تلك الوسائط مجعولة ولا منصوبة من قبل اللَّه تعالى، فإن

٢٧

التوسّل بها والتزلّف إلى اللَّه عن طريقها يكون شركاً وصنمية ووثنية وعبادة لغير اللَّه تعالى، سواء كان صنماً قرشياً في الجاهلية أو وثناً عصرياً.

بيان الأدلّة:

ولهذه الدعوى التي ذكرناها أدلّتها المتنوِّعة، ونحاول أن نشير في هذا الفصل إلى الأدلّة العقلية والتاريخية والتحليلية. وأمَّا الأدلّة القرآنية، فسيأتي ذكرها في الفصل اللّاحق.

٢٨

الأدلّة العقلية والتاريخية

١ - الدليل العقلي:

هنالك بيانات متعدّدة للدليل العقلي الدالّ على مشروعيّة وضرورة التوسّل، نستعرض فيما يلي بعض تلك البيانات العقلية:

البيان الأول: التوسّل بالوسائط الإلهيّة تحكيم لسلطان اللَّه على سلطان العبد

إنّ نصب الوسائط والأبواب من قبل المخلوقين والعبيد باقتراحهم واختراعهم يُعدّ تصرّفاً في سلطان اللَّه عزّ وجل، ونوع من تحكيم إرادة العبد وهواه على إرادة ربّه، ويكون هذا الفعل من العبد شركاً ونديّة ووثنية جاهليّة.

فالعبد هو الذي ينادد ربّه في جعله الوسائط واختراعها، سواء من ناحية العمل كاتّخاذ الأحجار والأصنام وجعلها واسطة بين العبيد وبين ربّهم، أم كان من ناحية الفكر والمعتقد وذلك كاتّخاذ العقل الذاتي البشري ربّاً وزعم عدم محدوديته وأنّه يتّسع في الحكم والبتّ في الحقائق بلغ ما بلغ، فإن هكذا توسيط من قبل البشر وباقتراحهم يُعدّ مغالاة وشركاً في سلطان اللَّه؛ لأنّها تكون مناددة

٢٩

للَّه تعالى وصنميّة للعقل بدعوى (إن الحكم إلّا للعقل).

فمَن يجعل لنفسه وسيطاً لم ينصبه اللَّه عزّ وجل ولم يأذن به، فهذه هي الصنمية، والتزلّف والتقرّب بتلك الوسائط غير المأذون بها هو الشرك الناقض للإيمان؛ لأنّه منازعة للَّه تعالى في سلطانه، سواء كانت أصنام العرب أم غيرها من الجهالات والجاهليات الحديثة.

وأمَّا التوسّل والتوجّه بالوسائط التي جعلها اللَّه عزّ وجلّ ونصبها لخلقه، فهو التوحيد التامّ، والإعراض عن تلك الحجج والأبواب الإلهيّة التي نصبها اللَّه عزّ وجلّ وترك التوجّه إليها، هو الشرك الناقض للإيمان أيضاً؛ لأنّه استكبار على إرادة اللَّه تعالى وسلطانه.

فالتوحيد التامّ إنما يكون بالانصياع والخضوع أمام الأبواب والوسائط التي جعلها اللَّه عزّ وجلّ، وذلك بالتوسّل بها وتوسيطها بين العبد وربّه. والسرّ في شرك المشركين والإنكار الإلهي لعقيدتهم الصنمية ليس لأصل شعورهم بالحاجة إلى الوسائل والوسائط والشفعاء، بل كان شركهم في اقتراحهم الوسائط والتدخّل في سلطان اللَّه تعالى وتحكيم إرادتهم وسلطانهم، من دون الانصياع والطوعانية لإرادة اللَّه عزّ وجل، فمصبّ إنكار الباري تعالى عليهم ليس هو إنكار نظرية ضرورة الوسائط، بل في كون الوسائط مقترحة من قبلهم.

والقرآن الكريم أيضاً - كما سيأتي - لا يستنكر على المشركين نظرية ومقالة الأبواب والوسائط، بل على العكس؛ إذ القرآن يقرّها

ويثبتها، وإنما تخطئته للمشركين بالصنميّة في اقتراحهم الوسائط والوسائل من قبل أنفسهم، ويحتّم

٣٠

على المشركين أن تكون الوسائط بسلطان الربّ وإرادته.

والقرآن الكريم - كما سيأتي أيضاً - يقرّر نظرية الوسائط بأنها أمر فطري وضروري لابدّ منه. وبعبارة أخرى: لا يكفي في نفي الشرك وتحقّق التوحيد التام من العبد نفيه الوسائط المخترعة والمقترحة من قبل البشر، بل عليه أن يتوسّل بالوسائل والحجج التي نصبها اللَّه عزّ وجل؛ وذلك لأن مَن يقف عند إنكار الوسائط المقترحة فقط كمَن قال: (لا إله) وسكت من دون أن يذكر المستثنى، حيث إنه يوجب الكفر لا التوحيد، خصوصاً وأن كلمة (لا إله إلّا اللَّه) ليست كلمة للتوحيد في الذات والصفات والأفعال فحسب، وإنما هي توحيد أيضاً في مقام العبادة والخضوع والتوجّه والدعاء، فلا عبادة ولا خضوع ولا توجّه إلّا للَّه تعالى، ومعنى ذلك نفي الوسائط والشفعاء الذين لم يأذن بهم الباري تعالى، فلا إله ولا وله ولا تشفّع ولا تقرّب إلّا بما أثبته اللَّه تعالى، ولا يكفي نفي ونبذ الوسائط المقترحة، بل لابدّ من إثبات الوسائط التي جعلها ونصبها اللَّه عزّ وجل.

والنبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله والمعصومون عليهم‌السلام وسائط وأبواب منصوبة من قبل اللَّه تعالى.

والحاصل: إن الشريعة الإسلامية جاءت لنبذ الصنمية، القديمة منها والحديثة، والمغالاة في الأشخاص الذين لم ينصبهم اللَّه تعالى والتوجّه إليهم.

وأمَّا من نصبهم اللَّه عزّ وجلّ وجعلهم وسائط وأبواب، فلابدّ من التوجّه إليهم والتوسّل بهم والانشداد إليهم؛ لأن التوجّه والانشداد إلى الآيات

٣١

والعلامات انشداد وتوجّه إلى مَن له الآيات، وكلّما تنمّر الشخص في الانشداد إليهم وأخلص في الولاء لهم، كلما ازداد توحيده وازداد ولاؤه وانشداده إلى اللَّه تعالى، والعكس بالعكس؛ نظراً لشدّة قربهم إلى الباري، فالاقتراب منهم اقتراب منه والابتعاد عنهم ابتعاد عنه تعالى؛ فإن الآية والعلامة كلّما كانت كبيرة وعظيمة في حكاية ذي الآية فهي نظير المرآة الشديدة زيادة في المعرفة لهوية الحقيقة التي تحكيها المرآة؛ لأنّ طبيعة المرآة والآية عبورية واستطراقية توصّل إلى الحقيقة، والإيصال صفة ذاتية لها لا تنفكّ عنها، وهذه خاصِّية الآيات والوسائل المنصوبة من قبله تعالى.

البيان الثاني: الاختلاف في المراتب الوجودية

وهو بيان عقلي فطري استند إليه آدم عليه‌السلام في توسّله إلى اللَّه عزّ وجلّ بالنبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله لكونه أحبّ الخلق إلى اللَّه تعالى، وكذلك استند إليه إبراهيم عليه‌السلام في استغفاره لعمّه آزر، وهو الحفاوة والحظوة والزلفى عند اللَّه تعالى.

بيان ذلك: هناك ضرورة عقليّة ذكرها الفلاسفة؛ وهي أن اللَّه تعالى وإن كان هو الخالق لكلّ شي‏ء ولا خالق سواه، ولكن إيجاد المخلوقات من قبله تعالى ليس على رتبة واحدة، بل هي ذات مراتب متعدّدة مشكّكة، وهذه ضرورة لابدّ منها، وليس ذلك لعجز في قدرة الباري (تعالى عن ذلك علواً كبيراً)؛ إذ هو على كلّ شي‏ء قدير، وإنما النقص والعجز في طرف القابل والمخلوق؛ وذلك لأنّ شيئيّة الأشياء لا تتقرّر ولا يمكن أن تفرض متحقّقة إلّا بعد إمكانها، فمع عدم إمكانها لا شيئيّة لها، والموجودات والمخلوقات النازلة في الرتبة الوجودية،

٣٢

كالموجودات المادّية مثلاً أو البرزخية، لابدّ لها من سلسلة إعدادات ومخلوقات سابقة، تكون مجاري فيض اللَّه عزّ وجل، والمخلوق السابق في الرتبة الوجودية يكون سبباً لتقرّر إمكان المخلوق اللّاحق، وليس ذلك إلّا لعجز القابل والمخلوق النازل في الرتبة عن التلقّي من اللَّه تعالى بالمباشرة، فلابدّ له من واسطة ومجرىً في الفيض الإلهي لأصل ذاته وكمال صفاته؛ ولذا الإنسان ببدنه المادّي مثلاً لا يتقرّر له إمكان إلّا بعد خلق المعدّات له وتسخير الأرض والسماء والماء والهواء والمخلوقات الحيّة وغيرها، ففي الخلقة المادية توجد إعدادات كثيرة أعدّها اللَّه تعالى وسخّرها للإنسان لكي يعيش حياة ممكنة في هذا الكون، قال تعالى: ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْ‏ءٍ حَيٍّ ) (١) .

ومن هنا ورد من طرق الفريقين أن أوّل ما خلق اللَّه تعالى العقل، أو أوّل ما خلق اللَّه تعالى نور النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) ، ولا تنافي بينهما.

وورد أيضاً أن اللَّه تعالى أبى أن يُجري الأمور إلّا بأسبابها (٣) ، فسنّة الخلقة في هذا العالم الإمكاني عن طريق الأسباب والمسبّبات، بجعل المخلوق السابق سبباً لأن يخلق اللَّه تعالى المخلوق اللّاحق بنحو التقدّم والتأخّر الرُّتَبي.

ولا شك أن التقدّم في الرتبة الوجودية بين المخلوقات معناه أن للمخلوق الأسبق رتبة أشرف وأكرم وأقرب إلى اللَّه تعالى من المخلوق اللّاحق، وهو مجرى سيب الباري عزّ وجلّ إليه، وسبب لتفتّح أبواب السماء لتلقّي الفيض.

____________________

(١) الأنبياء: ٣٠.

(٢) العجلوني، كشف الخفاء، ج١، ص٢٦٥، والقندوزي الحنفي، ينابيع المودة، ج١، ص٥٦، وبحار الأنوار، ج٥٤، ص١٧٠.

(٣) بصائر الدرجات، ص٢٦، والكافي، ج١، ص١٨٣.

٣٣

إذن أصل فكرة الوساطة والسببية والوسيلة سنّة إلهية تكوينية سنّها اللَّه عزّ وجلّ في خلقة الممكنات، وحينئذٍ نقول: إنه ممَّا اتفقت عليه طوائف المسلمين وفرقها أن السنّة التشريعية لا تخالف السنّة التكوينية، فالشريعة تتناسب وتتلاءم مع الخلقة والفطرة التكوينية كما قال تعالى: ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ) (١) .

وهذا بيان عقلي واضح دالّ على ضرورة التوجّه والتوسّل بالمقرّبين وبالمخلوقات الكريمة على اللَّه تعالى، وهذه هي الحفاوة التي استند إليها آدم وإبراهيم عليهما‌السلام في استغفارهما إلى اللَّه تعالى.

وبعبارة أخرى: إن من المعاني والحقائق الذاتية للقرب والمقرَّب أن الاقتراب إلى المقرَّب (بالفتح) يُقرِّب؛ لأنّه مقتضى قربه، كما أن الابتعاد عنه ابتعاد عمّن هو قريب إليه بمقتضى قربه أيضاً، وهذه القاعدة غير مختصّة بالقرب والبعد المكاني، بل هي مطّردة في كلّ أنماط القرب والبعد على الصعيد المعنوي من كمالات الوجود من العلم والقدرة والحياة والنور. وعلى ضوء ذلك يكون بيان الشرع لكون شي‏ء مقرّب هو بنفسه حضَّاً وتشريعاً للتوسّل به والتقرّب إلى اللَّه بالتوجّه إليه، وهذه الدلالة بديهية فطرية يدركها عامّة البشر بفطرتهم، فإن إعطاء المالك وذو القدرة والعظمة والعزّة لشي‏ء القرب واتخاذه مقرّباً يلازم إعطاءه مقام الشفاعة، فيلازم الإذن بالاستشفاع والتوسّل به، كما أن إنكار الإذن بالتوسّل والاستشفاع به إنكاراً لكونه مقرّباً، وبالتالي يستلزم الإنكار تكذيب المالك والاعتراض عليه في اتخاذه ذلك الشي‏ء مقرّباً، وكذلك الحال

____________________

(١) سورة الروم ٣٠: ٣٠.

٣٤

فيما إذا أخبر مَن له السلطان والقدرة بأن شخصاً وجيهاً عنده؛ أي ذو حظوة وزلفى لديه وحبيباً له، فإنه إذنٌ وإعطاء لمقام الشفاعة له، ويلازم الإذن بالاستشفاع والتوسّل به، فجحود التوسّل به جحود لوجاهته وزلفاه.

البيان الثالث: وجوب الاحترام والتعظيم

وهو أيضاً شرح وبيان للحفاوة والأقربية ومعتمد على أصول فطرية جِبِلِّية؛وذلك لأن الأسلوب الجاري والمتّبَع في شرعيّات البشر وأعرافهم وآدابهم العقلائية والاجتماعية عند بعضهم البعض، هو أن طريقة الوفود على شخص يجب أن تكون بالاستئذان من الباب والحُجّاب والشفعاء والوسائل التي تؤدّي إليه، وأن يكون ذلك بمنتهى الأدب والاحترام.

وبعبارة اُخرى: إن الشخص عندما يتوسّل بشخص آخر للدخول على عظيم يُعدّ نوعاً من أنواع الاحترام والتعظيم والتأدّب، وزيادة في إبداء الحرمة والاحترام، فأنت مثلاً عندما تتّخذ المقدّمات والإجراءات اللّازمة وتأتي عن طريق الحُجب والأبواب صيانة لحرمة مَنْ تفد عليه، فإن في ذلك مزيد الأدب والاحترام وإن لم يكن ذلك الطرف محجوباً في نفسه، ولو لم تُراع تلك الإجراءات، فكأنك تكون قد هتكت حريمه. وقد ذمّ اللَّه عزّ وجلّ الذين ينادون النبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله من وراء الحجرات، وأمر بإتيان البيوت من أبوابها، وأن لا يدخلوا بيوتاً غير بيوتهم حتى يستأذنوا فيُؤذَن لهم؛ قال تعالى: ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَاْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَاْتُوا

٣٥

الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (١) .

وقال أيضاً عزّ وجلّ: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) (٢) .

وقال تبارك وتعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ ) (٣) .

وجاء في الحديث عن رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (أنا مدينة العلم وأنت - يا عليّ - بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها) (٤) .

ونجد أن هذا الأدب الإلهي قد قرّره الشارع المقدّس في الوفود على بيت اللَّه الحرام، فجعل الإحرام مقدّمة للتهيّؤ وباباً للتعظيم.

لا يقال: إن الجاري في هذه الأعراف أمور متواضع عليها ولا ربط لها بالحقائق.

فإنه يقال: إن من المقرّر في محلّه أن الاعتبارات العقلائية ليست أموراً جزافية، بل لها مناشئ حقيقية ورابطة تكوينية، وقد أمضى اللَّه تعالى تلك الاعتبارات.

ثم إن اللَّه عزّ وجلّ نصب أبواباً ووجهاء مقرّبين يتوجّه بهم إليه من باب التأدّب مع اللَّه تعالى؛ ولذا عندما يريد الشخص المسلم أن يطلب حاجته من اللَّه تعالى في الدعاء وفي غيره، لابدّ من تقديم الثناء على اللَّه عزّ وجلّ وشكره وحمده،

____________________

(١) البقرة: ١٨٩.

(٢) النور: ٢٧.

(٣)الحجرات: ٤.

(٤) الحاكم الحسكاني، شواهد التنزيل، ج١، ص١٠٦، وكنز العمال، ج١٣، ص١٤٨.

٣٦

ثم يطلب حاجته بعد ذلك كما هو مذكور في كتب الفريقين (١) .

وكما جاء ذلك في سورة الحمد التي يقرؤها الفرد المسلم في اليوم والليلة عشر مرات على الأقلّ؛ حي قُدّم فيها المدح والثناء والشكر والحمد لله تعالى، ثم بعد ذلك يطلب المصلّي والقارئ للحمد حاجته من الهداية وعدم الغواية والضلال.

إذن التوسّل بمَن يكون وجيهاً عند اللَّه من التأدّب والتعظيم للَّه عزّ وجل، والوفود على اللَّه مباشرة من قبل الأفراد العاديين - الذين لا يحرز كون وجوههم مقبولة عند اللَّه تعالى، بل قد يكون مطروداً من ساحة العظمة بسبب ما يقترفه من الذنوب - يعدّ من الكبرياء والجفاء والجفوة مع اللَّه تبارك وتعالى والعتوِّ عليه، وهذا على خلاف الفطرة التوحيدية، بل إن اللَّه عزّ وجلّ ذمّ الذين يصدّون عن الوسائط ويطلبون الارتباط المباشر بالسماء، بما بيّناه في هذا الوجه؛ قال تعالى: ( وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا ) (٢) .

فنحن المذنبون المقصِّرون القاصرون عن نيل المقامات الرفيعة يجب أن لا نطلب الحاجة إلى اللَّه تعالى إلّا بعد تقديم المقدّمات والتوسّل بالمقربين والوجهاء المرضيين عند اللَّه عزّ وجلّ، وهذا هو معنى قوله تعالى: ( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) .

والحاصل: إن التوسّل من مبادئ الأصول الفطرية والأخلاقية، وهو مقتضى

____________________

(١) وسائل الشيعة، ج٧، ص٨١، وابن فهد الحلّي، عدّة الداعي، ص١٤٨، وابن حجر، فتح الباري، ج٣، ص٤.

(٢) الفرقان: ٢١.

٣٧

التواضع والخضوع في التوجّه والوفود على اللَّه تعالى، وفيه زيادة ورفعة في التوحيد؛ لأنّ التواضع حالة توحيدية خالصة، ورفض التوسّل استكبار ورعونة لا تناسب الأدب التوحيدي، ويستنكره العقل ويشجبه العقلاء في تعاملهم.

ولابدّ من التنبيه على أن الآيات القرآنية - كما تقدّم ويأتي في الفصل اللّاحق - لا تثبت أن الوفود على اللَّه تعالى من دون التوسّل بالآيات الإلهية مخلّاً بالأدب مع الحضرة الربّانية فحسب، بل هي تصرّح بامتناع الوفود عليه عزَّ وجلِّ من دون آياته وحججه، وامتناع التوصّل إلى ذاته المقدّسة؛ لقصور في القوابل والاستعدادات.

٢ - الدليل التاريخي(السيرة):

لا ريب أن هناك ضرورة إسلامية وقرآنية تؤكّد على أن فصل الشهادة الثانية، وهي شهادة أن محمّداً رسول اللَّه، عن الشهادة الأولى، وهي شهادة لا إله إلّا اللَّه، وإنكارها يُعدّ شركاً وخروجاً عن دائرة التوحيد التام الذي جاءت به الشريعة الإسلامية الخاتمة.

وعندما نرجع إلى القرآن الكريم نجده يحكم بالشرك والوثنية على الطقوس والمناسك العبادية التي يأتي بها أهل الكتاب، وإن كانوا يدّعون أنهم على دين موسى أو عيسى عليهما‌السلام . وفي الوقت ذاته اعتبر القرآن الكريم عبادة قريش وحجّهم ومناسكهم وصلاتهم تجاه الكعبة من الشرك والجاهلية وعبادة الأوثان.

فالطقوس العبادية القرشية التي يزعمون أنها على ملّة إبراهيم عليه‌السلام كالصلاة

٣٨

إلى الكعبة وحجّ بيت اللَّه الحرام والإتيان بمناسكه كالطواف والسعي والوقوف بعرفات والمزدلفة وسَوق الهدي، كلّها حكم عليها القرآن الكريم بالوثنية والشرك والعبادة لغير اللَّه تعالى، وليس ذلك إلّا لعدم الرجوع إلى رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وقطع الصلة به والابتعاد عنه والتخلّي عن ولايته وعدم الخضوع والطاعة له، وعزل الشهادة الثانية وفصلها وبترها عن الشهادة الأولى. فإنّ ذلك كلّه يجعل العبادات والمناسك بأجمعها شركاً ووثنية وجاهليّة؛ كالطواف حول الكعبة مثلاً يعتبر شركاً وطاعة وعبادة لغير اللَّه عزّ وجلّ فيما إذا افتقد الشهادة الثانية والتولّي لنبيّ الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله . والفرق بين حجّ المشركين وحجّ المسلمين، هو أن المشركين يأتون بالمناسك من دون الخضوع والتسليم والتولّي لخليفة اللَّه تعالى. وأمَّا المسلمون، فهم يأتون بمناسك الحجّ مع خضوعهم لولاية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وإقرارهم بالشهادة الثانية؛ ولذا كان حجّهم طاعة وعبادة خالصة للَّه عزّ وجلّ.

وقريش إنما خرجت من مغبّة الشرك والوثنية ودخلت الإسلام بإقرارها بالشهادة الثانية وتولّيها للنبيّ الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله والأخذ عنه والخضوع لطاعته وأوامره.

فليس التوحيد بالاتجاه مباشرة إلى اللَّه تعالى والانقطاع عن الوسائط، ولا الشرك بجعل الواسطة بين العبد وربّه، بل الوثنية والشرك في منطق القرآن الكريم رفض التسليم لولاية خاتم الأنبياء صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ وذلك لأن الوثن والوثنية طاعة غير اللَّه عزّ وجل، والعبد إذا أنكر الواسطة التي نصبها اللَّه تعالى بينه وبين عبيده لا يبقى له مجال وطريق لاستعلام أوامر اللَّه ونواهيه وإراداته وشريعته الحقّة، التي يريد من عبده السير على خطاها.

٣٩

وحينئذٍ لا يكون لذلك العبد المنكر للوسائط إلّا إرادته وهواه وميول نفسه وسلطان ذاته، وهذه هي الوثنية؛ إذ يكون وثنه هواه كما قال تعالى: ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ) (١) .

فالهوى وسلطان النفس وثن من الأوثان وإله من الآلهة وإن لم يكن من الأحجار؛ إذ لا يشترط في الوثن والصنم أن يكون من الحجارة، فإن المسلمين يتوجّهون في عبادتهم إلى أحجار الكعبة ومع ذلك هم موحِّدون ومطيعون للَّه تعالى؛ لكون ذلك عن أمره وإرادته وسلطانه.

والحاصل: إن أي عبادة من العبادات إذا انقطعت عن الخضوع لولاية سيّد الرسل وفقدت تواصلها مع الشهادة الثانية، تدخل حيِّز الشرك والوثنية الجاهليّة كما جاء ذلك في قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا ) (٢) ؛ حيث حكم اللَّه تعالى في هذه الآية المباركة بشرك ونجاسة ما يأتي به غير المسلمين من العبادات والمناسك في المسجد الحرام.

ثمّ إن مَن يجحد ولاية أهل البيت عليهم‌السلام بعد رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله يكون حاله كحال مَن جحد ولاية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ إذ مِن بعده صلى‌الله‌عليه‌وآله كيف يستعلم العبد إرادة ربّه وأوامره؟!

ومِن ثَمَّ يقول الإمام الباقر عليه‌السلام في حجّ مَن لا يؤمن بمودّة وولاية أهل البيت عليهم‌السلام : (فعال كفعال الجاهلية)؛ حيث ورد عنه عليه‌السلام أنه نظر إلى الناس يطوفون

____________________

(١) القصص: ٥٠.

(٢) التوبة: ٢٨.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الوضوء

المعتبر (مجلد ١ صفحة ١٤٢) " الخامس: لايلزم تخليل شعر اللحية ولا الشارب ولا العنفقة ولا الاهداب كثيفا كان الشعر أو خفيفا، بل لا يستحب. وأطلق الجمهور على الاستحباب.

وقال ابن عقيل: ومتى خرجت اللحية ولم تكثر فعلى المتوضأ غسل الوجه حتى يستيقن وصول الماء إلى بشرته، لانه لم تستر مواضعها ".

تذكرة الفقهاء (مجلد ١ صفحة ١٦) " قال أبوحنيفة في الشعر المحاذي لمحل الفرض يجب مسحه.

وفي رواية أخرى عنه مسح ربعه، وهي عن أبي يوسف أيضا، وعنه ثانية سقوط الفرض عن البشرة، ولا يتعلق بالشعر وهي عن أبي حنيفة أيضا.

واعتبر أبوحنيفة ذلك بشعر الرأس فقال إن الفرض إذا تعلق بالشعر كان مسحا، وهو خطأ لقوله عليه السلام " إكشف وجهك فإن اللحية من الوجه " لرجل غطى لحيته في الصلاة، بخلاف شعر الرأس، فإن فرض البشرة تحته المسح، وهنا الفرض تحته الغسل فإذا انتقل الفرض إليه انتقل على صفته وأما إن كان الشعر خفيفا لايستر البشرة فالاقوى عندي غسل ما تحته، وإيصال الماء إليه، وبه قال ابن عقيل، وهو مذهب الشافعي، لانها بشرة ظاهرة من الوجه. وقال الشيخ لايجب تخليلها كالكثيفة، والفرق ظاهر ".

تحرير الاحكام (مجلد ١ صفحة ٩) " لايجب تخليل الاهداب، ولا الشارب، ولا العنفقة، ولا الحواجب، سواء كانت كثيفة أو خفيفة، بل يجب غسل هذه المواضع إن فقد الشعر، وإلا فإمرار الماء على ظاهر الشعر.

وقول ابن أبي عقيل متى خرجت اللحية، ولم تكثر فعلى المتوضئ غسل الوجه حتى يصل الماء إلى بشرته، غير معتمد ".

٨١

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ١٧) " مسألة: مس القبل والدبر باطنا أو ظاهرا من المحرم أو المحلل لا ينفض الوضوء، ولا يوجبه، ذهب إليه أكثر علماء‌نا كالشيخين رحمهما الله وابن أبي عقيل وأتباعهم وقال ابن الجنيد: إن من مس ماانضم عليه الثقبان نقض وضوء‌ه، ومس ظهر الفرج من الغير إذا كان بشهوة فيه الطهارة واجبة في المحلل والمحرم احتياطا، ومس باطن الفرجين من الغير ناقض للطهارة من المحلل والمحرم.

وقال أبوجعفر بن بابويه: إذا مس الرجل باطن دبره أو باطن إحليله يعيد الوضوء، وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ وأعاد الصلاة ومن فتح إحليله إعاد الوضوء والصلاة ".

(وصفحة ٢١) " مسألة: أوجب الشيخ ابتداء غسل الوجه من قصاص شعر الرأس إلى محادر شعر الذقن، وفي غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الاصابع، فإن نكس أعاد الوضوء وجوبا ورواه ابن بابويه في كتابه وابن أبي عقيل أوجبه، وكذا ابن الجنيد، وسلار، وابن حمزة، وابن زهرة، وهو الظاهر من كلام أبي الصلاح، وعلي بن بابويه وقال السيد المرتضى إنه مستحب، وليس بواجب، فلو نكس عمدا لم يبطل وضوؤه، ولم يكن قد فعل محرما، وهو اختيار ابن إدريس والوجه الاول ".

(وصفحة ٢٢) " مسألة: لا خلاف في أنه يجب غسل الوجه واليدين مستوعبا للجميع، فلو لم يكف الكف الاول وجب الثاني، ولو لم يكفيا وجب الثالث، وهكذا. ولا يتقدر الوجوب بقدر معين. وأما إذا حصل الغسل بالكف الاول والمرة الاولى هل يستحب المرة الثانية في غسل الوجه واليدين؟ أكثر علمائنا على استحبابها كابن أبي عقيل، وابن الجنيد، والشيخين، وأتباعهم، ولم يذكره علي بن بابويه وقال ابنه أبوجعفر: الثانية لايؤجر عليها.

" ما رواه عبدالله بن بكير عن أبي عبدالله عليه السلام قال " من لم يتيقن أن واحدة من الوضوء تجزيه لم يؤجر على الثنتين مسألة: وفي الثالثة قولان، قال الشيخ وابن بابويه

٨٢

وابن إدريس وأكثر علمائنا إن الثالثة بدعة، وبه قال أبوالصلاح، قال لايجوز تثليث الغسل فإن ثلث بطل الوضوء وقال ابن الجنيد الثالثة زيادة غير محتاج إليها وقال المفيد رحمه الله الغسل مرة فريضة، وتثنيته إسباغ وفضيلة، وتثليثه تكلف، فمن زاد على ثلاث أبدع وكان مأزورا، وقال ابن أبي عقيل: السنة الاتيان بالماء على الاعضاء مرتين، الفرض من ذلك مرة لاتجزي الصلاة إلا بها والاثنتين سنة لئلا يكون قد قصر المتوضي في المرة الاولى، فتكون الاخرى تأتي على تقصيره، فإن تعدى المرتين لايؤجر على ذلك، جاء التوقيف عنهم عليهم السلام. وكلام ابن الجنيد والمفيد وابن عقيل يدل على تسويغ الثالثة، والحق ما اختاره الشيخ رحمه الله ".

(وصفحة ٢٣) " مسألة: المشهور بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس، والرجلين بإصبع واحدة، اختاره الشيخ في أكثر كتبه، وابن أبي عقيل، وابن الجنيد، وسلار، وأبو الصلاح، وابن البراج، وابن إدريس".

(وصفحة ٢٤) " مسألة: قال الشيخ رحمه الله في المبسوط: لا يستقبل شعر الرأس في المسح، فإن خالف أجزأه، لانه ترك الافضل. وفي أصحابنا من قال لا يجزيه.

وقال في الخلاف لايجوز، وقال أبوجعفر بن بابويه: ولا يرد الشعر في غسل اليدين ولا في مسح الرأس والقدمين. وابن إدريس ذهب إلى أن الاستقبال مكروه.

وقال ابن أبي عقيل: كيف مسح أجزأه وإبن حمزة أوجب ترك الاستقبال، وهو الظاهر من كلام الشيخ في التهذيب.

وقال السيد المرتضى الفرض مسح مقدم الرأس دون ساير أبعاضه من غير استقبال الشعر، ولا شبهة في وجوب مسح المقدم، وأما ترك استقبال الشعر فهو عند أكثرهم واجب، ومنهم من يرى أنه مسنون.

والحق عندي ما ذهب إليه الشيخ أولا.

لنا: أنه يصدق عليه الامتثال في الامر بالمسح سواء استقبل أو استدبر. وما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان عن أبي عبدالله عليه السلام قال " لابأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا ".

٨٣

"..مسألة: الذي اخترناه في كتبنا مثل منتهى المطلب والتحرير وقواعد الاحكام والتلخيص وغيرها أنه يجوز المسح على الرجلين منكوسا، بأن يبتدئ من الكعبين إلى رؤوس الاصابع على كراهية، والاولى الابتداء من رؤوس الاصابع إلى الكعبين، وليس واجبا، وهو اختيار الشيخ في المبسوط، والنهاية، وابن أبي عقيل، وسلار، وابن البراج، وقال ابن إدريس يجب الابتداء من رؤوس الاصابع إلى الكعبين، وهو الظاهر من كلام ابن بابويه والسيد المرتضى، وإن كان في كلامهما احتمال وهو الاقوى عندي ".

" مسألة: المشهور بين علمائنا سقوط وجوب ترتيب المسح بين الرجلين، بل يجوز مسحهما دفعة واحدة بالكفين، ومسح اليمنى قبل اليسرى، وبالعكس، وقال سلار يجب مسح اليمنى قبل اليسرى، قال وفي أصحابنا من لايرى بين الرجلين ترتيبا. وقال ابن أبي عقيل عقيب ذكر ترتيب الاعضاء: وكذا إن بدأ فمسح رجله اليسرى قبل اليمنى رجع فبدأ باليمنى ثم أعاد اليسرى.

وقال ابن الجنيد لو بدأ بيساره على يمينه في اليد أو الرجل على يساره بعد يمينه، ولا يجزيه إلا ذلك.

وقال ابن بابويه يبدأ بالرجل اليمنى في المسح قبل اليسرى، وكذا قال ولده أبوجعفر. والوجه الاول.

لنا: أنه تعالى أوجب مسح الرجلين مطلقا، وهو يصدق مع الترتيب، وعدمه، فيخرج عن العهدة بأيهما كان إذ لا دلالة للكلي على الجزئي، ولان الاحاديث وردت مطلقة ".

الدروس (صفحة ٤) " درس: سنن الوضوء وضع الاناء على اليمين، والاغتراف، والتسمية، والدعاء، والسواك، والمضمضة، والاستنشاق ثلاثا ثلاثا، والدعاء فيهما، وتثنية الغسل، لا المسح فيكره، وتحرم الثالثة، وتبطل إن مسح بمائها. وإنكار ابن بابويه التثنية ضعيف، كما عف قول ابن أبي عقيل بعدم تحريم الثالثة ".

٨٤

الذكرى (صفحة ٨٣) " وفي الخلاف لايجب إيصال الماء إلى أصل شئ من شعر الوجه، مثل شعر الحاجبين والاهداب والعذار والشارب بالاجماع. وابن أبي عقيل لما ذكر حد الوجه قال: وما سوى ذلك من الصدغين والاذنين فليس من الوجه، ولم يذكر العذار، فإطلاقه قد يشمله ".

(وصفحة ٨٨) " مسائل: الاولى، الكعبان عندنا: معقد الشراك (وقبتا) القدم وعليه إجماعنا، وهو مذهب الحنفية وبعض الشافعية. وأكثر الاصحاب عبر عنهما الناتيان في وسط القدم، أو ظهر القدم، وقال المفيد: هما قبتا القدمين أمام الساقين غير مابين المفصل والمشط.وقال ابن أبي عقيل: الكعبان ظهر القدم.

و (قال) ابن الجنيد: الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق ".

(وصفحة ٨٩) " الخامسة هل يجب البدأة باليمنى من الرجلين؟ المشهور العدم لاطلاق الآية والاخبار.

وظاهر ابني بابويه وابن أبي عقيل وجوبه. وبه أفتى ابن الجنيد، وسلار، عملا بالوضوء البياني واخذ بالاحتياط. وفي كلام بعضهم يجوز مسحهما معا لا تقديم اليسرى، والعمل بالترتيب أحوط ".

(وصفحة ٩٠) " مسائل ثلاث: الاولى اختلف الاصحاب في وجوب الترتيب بين الرجلين فابن الجنيد وابن أبي عقيل للاحتياط والوضوء البياني، والاكثر لا للاصل ولقوله تعالى " وأرجلكم " مع عدم قيام مناف له كما في اليدين ". (وصفحة ٩٤) " تنبيه: المشهور تحريم الثالثة، لانها إحداث في الدين ما ليس منه، وهو معنى البدعة.

قال بعضهم: ولمنعها عن الموالاة الواجبة، وهو بناء على المتابعة، ولمرسل ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام " الوضوء واحدة فرض، واثنتان لايؤجز، والثالثة بدعة " وقال ابن الجنيد وابن أبي عقيل بعدم التحريم لقول الصادق عليه السلام في رواية زرارة " الوضوء مثنى مثنى، من زاد لم يؤجر عليه ".

قلنا هو أعم من الدعوى مع معارضة الشهرة ".

٨٥

" المفيد جعل الزايد على الثلاث بدعة يؤزر فاعلها، وابن أبي عقيل إن تعدى المرتين لايؤجر على ذلك، وابن الجنيد الثالثة زيادة غير محتاج إليها، وبالغ أبوالصلاح فأبطل الوضوء بالثالثة وهو حسن ".

رسائل الكركي (مجلد ٣ صفحة ١٩٢) " الخفيف من الشعر ما تتراء‌ى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب، أو ما يصل الماء إلى منبته من غير مبالغة. وقد يؤثر الشعر في أحد الامرين دون الآخر بحسب السبوطة والجعودة، والكثيف يقابله في المعنيين. ثم الفرق بين الخفيف والكثيف في إيجاب تخليل الاول بحيث يصل الماء إلى منبته، هو ما ذهب إليه العلامة في المختلف والتذكرة، وعزاه في المختلف إلى ابن الجنيد والمرتضى، وعبارتهما غير مصرحة بمراده، لكن هي قبل التأمل الصادق موهمة، وفي التذكرة نسبه إلى ابن أبي عقيل ".

روض الجنان (صفحة ١٢٦) " وقال علي بن بابويه يجب مسح الوجه جميعه، استنادا إلى روايات بعضها ضعيف السند، ويمكن حملها على الاستحباب، واختار المحقق في المعتبر التخيير بين مسح جميع الوجه وبعضه، لكن لايقتصر على أقل من الجبهة من الجانبين عملا بالاخبار، ونقله عن ابن أبي عقيل.

ولابد من إدخال جزء من غير محل الفرض من باب المقدمة من جميع الجهات في جميع الاعضاء.

ويجب البدأة في مسح الجبهة بالاعلى فلو نكس بطل إما لمساواة الوضوء أو تبعا للتيمم البياني ".

مدارك الاحكام (مجلد: ١ صفحة ١٥٠) والحكم بوجوب الوضوء خاصة بالاستحاضة القليلة مذهب أكثر الاصحاب، وهو المعتمد، للاخبار الصحيحة الدالة عليه.

وقال ابن أبي عقيل " لايجب في هذه الحالة وضوء ولا غسل ".

وقال ابن الجنيد رحمه الله بإيجابها غسلا واحد في اليوم والليلة. وهما ضعيفان ".

٨٦

(وصفحة ٢١٨) وقال ابن أبي عقيل الكعبان في ظهر القدم.

وقال ابن الجنيد رحمه الله الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق، وهو المفصل الذي قدام العرقوب ".

(وصفحة ٢٤٧) المضمضة هي إدارة الماء في الفم، والاستنشاق اجتذابه بالانف. والحكم باستحبابهما هو المعروف من المذهب، والنصوص به مستفيضة.

وقال ابن أبي عقيل " إنهما ليسا بفرض ولا سنة ". وله شواهد من الاخبار، إلا أنها مع ضعفها قابلة للتأويل، نعم روى زرارة في الصحيح، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال " المضمضة والاستنشاق ليسا من الوضوء " ونحن نقول بموجبها، فإنهما ليسا من أفعال الوضوء وإن استحب فعلهما قبله كالسواك والتسمية ونحوهما ".

الحدائق الناضرة (مجلد: ٢ صفحة ٢٣) (الثامن) اختلف الاصحاب رضوان الله عليهم فيمن صلى ناسيا للاستنجاء، فالمشهور وجوب الاعادة وقتا وخارجا.

وعن ابن الجنيد تخصيص وجوب الاعادة بالوقت واختيار الاستحباب خارجه.

وعن الصدوق في الفقيه وجوب الاعادة في البول دون الغائط فلا يعيد، وزاد في البول إعادة الوضوء أيضا.

وعن ابن أبي عقيل ان الاولى إعادة الوضوء ولم يقيد ببول ولا غائط. وروايات المسألة مختلفة جدا.

٨٧

مندوبات الوضوء

مختلف الشيعة (جلد ١ صفحة ٢١) مسألة: المشهور عند علمائنا استحباب المضمضة والاستنشاق، وقال ابن أبي عقيل إنهما ليسا عند آل الرسول عليهم السلام بفرض ولا سنة.

لنا: أنهما من العشرة الحنفية، وما رواه الشيخ عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبدالله عليه السلام، وحكى وضوء أمير المؤمنين علي عليه السلام قال " ثم تمضمض وقال أللهم لقني حجتي يوم ألقاك، وأطلق لساني بذكرك ثم استنشق وقال الدعاء ".

الذكرى (صفحة ٩٣) " قول الباقر عليه السلام في رواية زرارة " ليستا من الوضوء " يعني من واجباته وروى زرارة أيضا عنه عليه السلام " ليس المضمضة والاستنشاق فريضة ولا سنة، إنما عليك أن تغسل ماظهر " يحمل على نفي سنة خاصة، أي مما سنه النبي صلى الله عليه وآله حتما، فإن ذلك قد يمسى سنة لثبوته بالسنة وإن كان واجبا.

ويمكن تأويل كلام ابن أبي عقيل ليسا بفرض ولا سنة بهذا أيضا، فيرتفع الخلاف في استحبابهما "."..

مسائل: الاولى استحبابه يعم الصايم والمحرم، أما الصايم فلرواية محمد بن مسلم عن أبي عبدالله عليه السلام " يستأك الصايم أي النهار شاء، ولا يستاك بعود رطب " وما فيها من الدلالة على فضل السواك، وعلى كراهيته بالرطب للصايم، كما أفتى به ابن أبي عقيل والشيخ في الاستبصار ".

روض الجنان (صفحة ٤٢) " والمضمضة والاستنشاق على المشهور، وقول ابن أبي عقيل أنهما ليسا بفرض ولا سنة ضعيف، أومؤول بالسنة المحتمة، فيرادف الفرض، والجمع بينهما للتأكيد، وكثيرا ما يذكر في كتابه السنة ويريد بها الفرض ".

٨٨

الحدائق النا ضرة (مجلد ٢ صفحة ١٥٦) " (منها) المضمضة والاستنشاق على المشهور فتوى والاظهر نصا، ونقل في المختلف عن ابن أبي عقيل أنه قال " إنهما ليسا عند آل الرسول عليهم السلام بفرض ولا سنة ".

والاخبار في ذلك مختلفة على وجه يعسر جمعها.

(وصفحة ١٦١) " وما نقله في المختلف عن ابن أبي عقيل هو بعينه مضمون رواية زرارة المتقدمة لان من شأنه قدس سره في كتابه بل جملة المتقدمين التعبير بمتون الاخبار، وحينئذ فيحمل كلامه على ماتحمل عليه الرواية.

(وصفحة ٢٦٤) ويظهر من العلامة في المختلف اختيار ذلك أيضا، بل نسبه فيه إلى المشهور ولم ينقل القول بالمسمى فيه أصلا، حيث قال المشهور بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس والرجلين بإصبع واحدة ثم نقله عن الشيخ في أكثر كتبه وابن أبي عقيل وابن الجنيد وسلار وأبي الصلاح وابن البراج وابن إدريس، ثم نقل جملة من عبائر الاصحاب المشتملة على المسح بثلاث أصابع...

المشهور بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس والرجلين بإصبع واحدة " ثم نقله عن الشيخ في أكثر كتبه وابن أبي عقيل وابن الجنيد وسلار وأبي الصلاح وابن البراج وابن إدريس، ثم نقل جملة من عبائر الاصحاب المشتملة على المسح بثلاث أصابع. وبذلك أيضا صرح الشهيد في الدروس.

(وصفحة ٢٩٨) ولا يخفى عليك ما فيه من الصراحة في المعنى المشهور.

وجملة من عبارات الاصحاب كابن أبي عقيل والسيد المرتضى وأبي الصلاح والشيخ في أكثر كتبه وابن إدريس والمحقق قد اشتركت في وصف الكعبين بأوصاف متلازمة، من وصفه بالنتوء في ظهر القدم عند معقد الشراك في بعض. وكونه في ظهر القدم في أخرى، وكونه معقد الشراك في ثالثة. والتنوء في وسط القدم في رابعة، وكونهما في ظهر القدم عند معقد الشراك في خامسة، وأنهما معقدا الشراك في سادسة، وكونهما قبتي القدم في سابعة. والعلامة رحمه الله قد ادعى انصباب هذه العبارات على ماذهب إليه وادعى

٨٩

اشتباهها على غير المحصل، وشيخنا البهائي طاب ثراه أوضح هذه الدعوى بأن هذه العبارات لاتأبى الانطباق على ماذهب إليه العلامة من المعنى الثالث من معاني الكعب المتقدمة، لان غاية ما يتوهم منه المنافاة وصفه بالنتوء في وسط القدم، والعلامة قد فسره في التذكرة والمنتهى بذلك لكنه يقول ليس هو العظم الواقع أمام السابق بين المفصل والمشط بل هو العظم الواقع في ملتقى الساق والقدم، وهو الذي ذكره المشرحون، وهو كما تقدم نتوء في وسط ظهر القدم أعني وسطه العرضي ولكن نتوء غير ظاهر لحس البصر لارتكاز أعلاه في حفرتي الساق... جملة من عبارات الاصحاب كإبن أبي عقيل والسيد المرتضى وأبي الصلاح والشيخ في أكثر كتبه وابن إدريس والمحقق قد اشتركت في وصف الكعبين بأوصاف متلازمة، من وصفه بالنتوء في ظهر القدم عند معقد الشراك في بعض. وكونه في ظهر القدم في أخرى، وكونه معقد الشراك في ثالثة، والنتوء في وسط القدم في رابعة، وكونهما في ظهر القدم عند معقد الشراك في خامسة، وأنهما معقدا الشراك في سادسة، وكونهما قبتي القدم في سابعة.

(وصفحة ٣٤٥) (الرابع) المشهور بين الاصحاب تحريم الغسلة الثالثة، وقد صرح جملة من الاصحاب: منهم الصدوق والشيخ في الخلاف فيما تقدم من عبارتيهما بمدعاهما، ونقل عن المبسوط والنهاية أيضا.

ونقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل القول بعدم التحريم، لكن الذي في المختلف عن ابن أبي عقيل التعبير عن ذلك بنفي الاجر، كما هو مضمون رواية زرارة المتقدمة وقد عرفت ما في هذا اللفظ.

والشيخ المفيد رحمه الله في المقنعة أثبت التحريم فيما زاد على الثلاث وجعل الثالثة كلفة. والاظهر المشهور ".

جواهر الكلام (مجلد: ٢ صفحة ١٤٨) ولو خالف و (غسل منكوسا لم يجز على الاظهر) كما في صريح المبسوط والمعتبر والمنتهى والقواعد والتحرير والارشاد وجامع المقاصد وظاهر المقنعة والوسيلة والتنقيح، ونسبه

٩٠

في المختلف إلى سلار وابن أبي عقيل وابن الجنيد، وقال إنه رواه ابن بابويه في كتابه، وأنه ظاهر أبي الصلاح لكن ماوصل إلي من عبارة المراسم لا ظهور فيها بذلك كعبارة المهذب والكافي، وأما الغنية فصريحة في إرادة التحديد، ولعله لذا لم ينقل عنهم في كشف اللثام، فلاحظ وتأمل.

(وصفحة ١٥٥) وفي الخلاف بعد أن الاصل براء‌ة الذمة، وإيجاب التخليل يحتاج إلى دليل، وعليه اجماع الفرقة وظاهر إطلاق المصنف وغيره وما سمعت من الاخبار عدم الفرق بين الكثيفة والخفيفة كما نص عليه في المعتبر والتحرير والمنتهى والارشاد وجامع المقاصد والروضة، بل نسبه في الدروس إلى الشهرة ظاهرا منها اختياره، بل ربما نقل عن المبسوط، وقد سمعت إطلاق كلامه في الخلاف، وقيل إن خفت اللحية وجب تخليلها، واختاره في القواعد والمختلف واللمعة، كما عن ظاهر ابني الجنيد وأبي عقيل والسيد في الناصريات، والمراد بالتخفيف ما تتراء‌ى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب، ويقابله الكثيف كما يظهر من بعضهم، بل نص عليه في جامع المقاصد والروضة وغيرهما، لكن لايخفى عليك ما في هذا التفسير من الاجمال، لاختلاف المجالس وأحوال الشعر وجلوس المخاطب، فلعل إناطته بالعرف أولى من ذلك وإن كان هو لبيانه.

(وصفحة ١٦٣) بل في التنقيح وكشف اللثام نسبته إلى الاكثر، وحكاه في المختلف عن الشيخ وابني حمزة وأبي عقيل وسلار، وقال إنه رواه ابن بابويه في كتابه، خلافا لابن إدريس في السرائر، فحكم بالكراهة، وعن المرتضى في أحد قوليه، فحكم باستحباب البداء‌ة من المرفق، والاصح الاول، لكثير مما تقدم في الوجه، بل هنا أولى، لظهور كثير من الوضوء‌ات البيانية فيه، ففي بعضها أنه صلى الله عليه وآله (أفرغه على ذراعيه من المرفق إلى الكف لايردها إلى المرفق) بل خبر علي بن يقطين المشهور المشتمل على المعجزة كاد يكون صريحا في ذلك، بل هو صريح، بل قد سمعت مافي خبر ابن عروة التميمي من التصريح بذلك.

٩١

(وصفحة ١٧٠) وفي المدارك أنه المشهور بين الاصحاب وفي المختلف ان المشهور بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس والرجلين بإصبع واحدة، واختاره الشيخ في أكثر كتبه وابن أبي عقيل وابن الجنيد وسلار وأبوالصلاح وابن البراج وابن إدريس، انتهى.

(وصفحة ١٩٥) (والافضل مسح الرأس مقبلا، ويكره مدبرا على الاشبه) بأصول المذهب وقواعده، ووفاقا للسرائر والمعتبر والنافع والمنتهى والمختلف والتحرير والارشاد والقواعد والالفية وجامع المقاصد والروضة وغيرها على اختلاف فيها لايقدح في أصل جواز النكس، وهو قضية إطلاق الهداية والجمل والعقد والاشارة والمراسم وغيرها، والمنقول عن الاصباح والمبسوط وابن أبي عقيل والشهيد في البيان والمقداد في التنقيح وغيرهم، ولعله لذا قال في الحدائق إنه المشهور، وقيل لايجوز النكس، كما هو خيرة الصدوق في الفقيه والمرتضى في الانتصار والشيخين في المقنعة والخلاف وظاهر التهذيب بل صريحه، وهو المنقول عن ظاهر النهاية وصريح الوسيلة، واختاره الشهيد في ظاهر الدروس، ونسبه فيها إلى الشهرة بين الاصحاب.

(وصفحة ٢١٥) (وهما قبتا القدمين) كما في النافع والروضة والتنقيح ناسبا له في الاخير إلى أصحابنا وقبتا القدمين أمام الساقين مابين المفصل والمشط، فالكعب في كل قدم واحد، وهو ماعلا منه في وسطه على الوصف المتقدم، كما في المقنعة، بل في التهذيب الاجماع ممن قال بوجوب المسح عليه، وهما معقد الشراك، كما في الاشارة والمراسم وعن الكافي، والعظمان اللذان في ظهر القدمين عند معقد الشراك، كما في السرائر، والنابتان في وسط القدم عند معقد الشراك كما في الغنية، وحكى عليه الاجماع المتقدم عن الشيخ، والعظمان النابتان في وسط القدم كما في الخلاف والجمل والعقود وعن المبسوط، حاكيا في الاول الاجماع المتقدم، والعظمان النابتان في ظهر القدم عند معقد الشراك كما في الانتصار وعن مجمع البيان، ومكان الظهر وسط كما في المهذب، حاكيا في الاول عليه الاجماع المتقدم وفي الثاني نسبته إلى

٩٢

الامامية، وهما ظهر القدم كما عن ابن أبي عقيل، وفي ظهر القدم دون عظم الساق وهو المفصل الذي قدام العرقوب كما عن ابن الجنيد، والعظمان النابتان في وسط القدم وهما معقد الشراك كما في المعتبر والمنتهى، ناسبا له في الاول إلى فقهاء أهل البيت عليهم السلام، وفي الثاني إلى علمائنا، ومعقد الشراك وقبتا القدم، وعليه إجماعنا كما في الذكرى، والعظمان اللذان في ظهر القدم كما عن النهاية الاثيرية، ناسبا له إلى الشيعة، ونحوه في ذلك مانقل عن صاحب لباب التأويل، وافقنا عليه محمد بن الحسن الشيباني من العامة، وخالف الباقون، فذهبوا إلى أنهما العظمان النابتان يمين الساقين وشمالهما، كما نقلذلك عنهم في المقنعة والتهذيب والخلاف والانتصار والمعتبر والمنتهى وغيرها.

(وصفحة ٢٢١) وقد يعبر عنه بالمفصل لمجاورته له، أو من قبيل تسمية الحال باسم المحل، وهو الذي في أرجل الغنم والبقرة، وبحث عنه علماء التشريح، وبه قال الاصمعي ومحمد بن الحسن الشيباني كما نقله عنهما العامة في كتبهم، وهو الكعب على التحقيق الذي أراده العلامة رحمه الله، وعبارة ابن الجنيد والسيد المرتضى والشيخ وأبي الصلاح وابن أبي عقيل وابن إدريس والمحقق لاتأتي الانطباق عليه، والعلامة لاينكر أن الكعب نات في وسط القدم، كيف وقد فسره بذلك في المنتهى والتذكرة وغيرهما، ولكنه يقول هو ليس العظم الواقع أمام الساق بين المفصل والمشط، بل هو العظم الواقع في ملتقى الساق والقدم.

(وصفحة ٢٢٧) ظاهر الروضة الوجوب، وهو المحكي عن ابني الجنيد وأبي عقيل وعلي بن بابويه، وفي كشف اللثام أنه يقتضيه إطلاق ابن سعيد وجوب تقديم اليمين على اليسار، قلت: ونحوه الشيخ في الخلاف، قال (الترتيب واجب في الوضوء في الاعضاء كلها، ويجب تقديم اليمين على اليسار إلى أن قال دليلنا الاجماع من الفرقة).

(وصفحة ٢٧٦) قال في المقنعة " وتثليثه تكلف، ومن زاد على ثلاث أبدع وكان مأزورا " وإبن الجنيد

٩٣

" الثالثة زيادة غير محتاج إليها " مع عدم صراحة الثاني بعدم الحرمة، كالمنقول عن إبن أبي عقيل أنه إن تعدى المرتين لايؤجر عليه، ويدل عليه مضافا إلى مادل على حرمة إدخال ماليس من الدين في الدين خصوص مرسلة إبن أبي عمير عن الصادق عليه السلام " والثالثة بدعة " منضما إلى قوله عليه السلام في خبر عبدالرحيم القصير " قال رسول الله صلى الله عليه وآله " كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ".

(وصفحة ٣٣٥) (و) من سننه (المضمضة والاستنشاق) لا واجبان فيه كما عن إسحاق وأحمد، للاصل والوضوء‌ات البيانية، وللاجماع المحصل والمنقول، والسنة التي كادت تكون متواترة، بل هي كذلك بالنسبة إليه، نعم هما مسنونان بلا خلاف أجده فيه بين أصحابنا المتقدمين منهم والمتأخرين عدا ما نقل عن ابن أبي عقيل من أنهما ليسا عند آل الرسول صلى الله عليه وآله بفرض ولا سنة، وهو ضعيف جدا، للاجماع المحكي صريحا وظاهرا الذي يشهد له التتبع لكلمات الاصحاب، وللاخبار المعتبرة المستفيضة حد الاستفاضة، منها مارواه ابن سنان عن الصادق عليه السلام " المضمضة والاستنشاق مما سن رسول الله صلى الله عليه وآله كمضمرة سماعة هما من السنة ".

٩٤

النجاسات: البول

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٥٥) " قال في المسائل الناصرية: كل حيوان يؤكل لحمه، فبوله وروثه طاهر، وكذا قال أبو الصلاح وهو الظاهر من كلام ابن أبي عقيل، وابن البراج، وأفتى ابن إدريس بالطهارة أيضا، وهو قول سلار.

وأما الشيخان رحمهما الله فإنهما استثنيا ذرق الدجاج من الحكم بطهارة رجيع مايؤكل لحمه، وهو يدل على حكمهما بالتنجيس إلا أن الشيخ رحمه الله ذهب إلى طهارته في الاستبصار، وهو المعتمد.

(وصفحة ٥٦) " مسألة: قال الشيخ في المبسوط: بول الطيور وذرقها كلها طاهر، إلا الخشاف، فإنه نجس.

وقال ابن أبي عقيل: كل ما استقل بالطيران فلا بأس بذرقه، وبالصلاة فيه.

وقال ابن بابويه لا بأس بخرء ما طار وبوله، ولابأس ببول كل شئ أكلت لحمه.

والمشهور نجاسة رجيع ما لايؤكل لحمه من طيور وغيرها، وهو المعتمد ".

الذكرى (صفحة ١٣) " الاول والثاني: البول والغايط من ذي النفس غير المأكول ولو بالعرض كالجلال، لقول الصادق عليه السلام " إغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه " وأخرج ابن بابويه وابن أبي عقيل والجعفي الطير، لقول الصادق عليه السلام " كل شئ يطير فلا بأس بخرئه وبوله ".

مدارك الاحكام (مجلد: ٢ صفحة ٢٥٩) " أما الارواث فلم أقف فيها على نص يقتضي نجاستها من غير المأكول على وجه

٩٥

العموم، ولعل الاجماع في موضع لم يتحقق فيه المخالف كاف في ذلك.

وقد وقع الخلاف في هذه المسألة في موضعين: أحدهما: رجيع الطير، فذهب ابن بابويه وابن أبي عقيل والجعفي رحمه الله تعالى إلى طهارته مطلقا.

وقال الشيخ في المبسوط " بول الطيور وذرقها كلها طاهر إلا الخفاش " وقال في الخلاف " ماأكل فذرقه طاهر، وما لم يؤكل فذرقه نجس وبه قال أكثر الاصحاب ".

(وصفحة ٢٦٠) وفي الحسن عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال كل شئ يطير لا بأس بخرئه وبوله وهي متناولة للمأكول وغيره.

وأجاب العلامة رحمه الله في المختلف عن هذه الرواية بأنها مخصوصة بالخشاف إجماعا فيختص بما شاركه في العلة، وهو عدم كونه مأكولا. وفساده واضح أما أولا: فلمنع الاجماع على تخصيص الخشاف، فإنه رحمه الله قد حكى في صدر المسألة عن ابن بابويه وابن أبي عقيل القول بالطهارة مطلقا، ونقل استثناء الخشاف عن الشيخ في المبسوط خاصة.

الحدائق الناضرة (مجلد: ٥ صفحة ٦) الاول رجيع الطير وهذا من الكلية الثانية، فذهب الصدوق إلى طهارته مطلقا حيث قال في الفقيه " ولا بأس بخرء ما طار وبوله " وهو ظاهر في إطلاق القول بالطهارة، ونقله الاصحاب أيضا عن ابن أبي عقيل والجعفي.

(وصفحة ٧) قال في الفقيه " ولا بأس بخرء ما طار وبوله " وهو ظاهر في إطلاق القول بالطهارة، ونقله الاصحاب أيضا عن ابن أبي عقيل والجعفي، وهو قول الشيخ في المبسوط إلا أنه استثنى منه الخشاف قال " بول الطيور وذرقها كله طاهر إلا الخشاف ".

(وصفحة ١٠) واعترضه في المدارك بأن فساده واضح (أما أولا) فلمنع الاجماع على تخصيص الخشاف فإنه قدس سره قد حكى في صدر المسألة عن ابن بابويه وابن أبي عقيل القول بالطهارة مطلقا ونقل استثناء الخشاف عن الشيخ قدس سره في المبسوط خاصة.

٩٦

جواهر الكلام (مجلد: ٥ صفحة ٢٧٥) نعم ينبغي أن يعلم أن محله في غير الطير من غير المأكول ذي النفس، لظهور القول بطهارة بولها وخرئها من الفقيه كما عن الجعفي وابن أبي عقيل، بل هو صريح المبسوط في غير الخشاف، والمفاتيح والحدائق مطلقا كما عن حديقة المجلسي وشرحه على الفقيه والفخرية وشرحها الرياض الزهرية وكشف الاسرار، بل هو ظاهر كشف اللثام وشرح الدروس، بل لعله ظاهر المنتهى أيضا، لكن في غير الخشاف، بل وفيه أيضا.

(وصفحة ٢٨٨) قال في مبسوطه في آخر كتاب الصيد: إن رجيع مايؤكل لحمه ليس بنجس عندنا إلى آخره.

بل ظاهر الشيخ الاجماع كظاهر العلامة في المنتهى، وأما الصدوق فظاهره في الفقيه أو صريحه الطهارة، كما حكاه عنه وعن المرتضى وسلار وأبي الصلاح وظاهر ابني أبي عقيل والبراج في المختلف، فانحصر الخلاف حينئذ في المفيد. ومع ذلك كله فهو الموافق للاصل، للعمومات والمعتبرة المستفيضة الدالة على نفي البأس عن فضلة مأكول اللحم منطوقا ومفهوما، وما سمعته من الاجماعات المحكية المعتضدة بالتتبع لكلمات الاصحاب أيضا ".

٩٧

الخمر

المعتبر (مجلد ١ صفحة ٤٢٢) " مسألة: الخمر نجسة العين، وهو مذهب الثلاثة وأتباعهم، والشافعي وأبي حنيفة وأكثر أهل العلم، وقال محمد بن بابويه وابن أبي عقيل منا: ليست نجسة، وتصح الصلاة مع حصولها في الثوب وإن كانت محرمة.

لنا قوله تعالى " إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه " والآية دالة من وجهين: أحدهما ان الوصف بالرجاسة وصف بالنجاسة لترادفهما في الدلالة. والثاني: انه أمر بالاجتناب، وهو موجب للتباعد المستلزم للمنع من الاقتراب لجميع الانواع لان معنى اجتنابها، كونه في جانب غير جانبها.

ويويد ما قلناه مارواه الاصحاب عن عمار عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ولا يصلي في ثوب أصابه خمر أو مسكر حتى يغسل ".

مختلف الشيعة (مجلد ١ صفحة ٥٨) " وقال أبوعلي بن أبي عقيل من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما، لان الله تعالى إنما حرمهما تعبدا، لا لانهما نجسان. وكذلك سبيل العصير والخل إذا أصاب الثوب والجسد.

وقال أبوجعفر بن بابويه لابأس بالصلاة في ثوب أصابه خمر لان الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة في ثوب أصابته مع أنه حكم بنزح ماء البئر أجمع بانصباب الخمر فيها ".

" احتج ابن بابويه وابن أبي عقيل بالاصل، وبما رواه أبوبكر الحضرمي " قال قلت لابي عبدالله عليه السلام أصاب ثوبي نبيذ أصلي فيه قال نعم قلت قطرة من نبيذ في حب أشرب منه قال نعم إن أصل النبيذ حلال وإن أصل الخمر حرام " وعن الحسين بن أبي سارة قال قلت لابي عبدالله عليه السلام إن أصاب ثوبي شئ من الخمر أصلي فيه قبل أن أغسله قال لابأس إن الثوب لايسكر وبغير ذلك من الاحاديث وقد نقلناها في كتاب مصابيح الانوار وغيره، ولان المسكر لايجب إزالته عن الثوب والبدن

٩٨

بالاجماع لوقوع الخلاف فيه، وكل نجس يجب إزالته عن الثوب والبدن بالاجماع، إذ لا خلاف في وجوب إزالة النجاسة عنهما عند الصلاة ".

مجمع الفائدة والبرهان (مجلد ١ صفحة ٣٠٨) ومنها: مافي الخبر الصحيح من نهيه عليه السلام عن بعض ظروف الخمر فيكون لنجاستها.

وحمل الشيخ الاخبار الدالة على الطهارة، على التقية للجمع، وردها في المنتهى بعدم الصحة، وما ادعى أحد صحتها على ما أعرف. وفيها تأمل لعدم ثبوت الاجماع كما صرح به السيد ويدل عليه مكاتبة علي بن مهزيار حيث كان الخلاف بين الاصحاب موجودا، وقول الصادق وابن أبي عقيل بالطهارة على ما نقل في المختلف.

ودلالة الآية غير ظاهرة ".

مسالك الافهام (مجلد ٢ صفحة ١٩٥) وأما دليل نجاسة الخمر فهو نقل الاجماع في المختلف عن الشيخ وعن السيد، إلا عن شاذ لا اعتبار به، قال في المنتهى: وهي قول أكثر أهل العلم، وقوله تعالى: " إنما الخمر " إلى قوله " رجس، من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " لان الرجس هو النجس بالاتفاق على ما قاله الشيخ في التهذيب، ولوجوب الاجتناب من جميع الوجوه، ولكون عدمه موجبا لعدم الفلاح، والهلاك، والاخبار الكثيرة، منها: مكاتبة علي بن مهزيار قال: قرأت في كتاب عبدالله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك روى زرارة عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام في الخمر يصيب ثوب الرجل أنهما قالا: لابأس بأن يصلي فيه إنما حرم شربها، وروي غير زرارة عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال " إذا أصاب ثوبك خمر ونبيذ يعني المسكر فاغسله إن عرفت موضعه، وإن لم تعرف موضعه فاغسله كله، وإن صليت فيه فأعد صلاتك " فأعلمني ماآخذ به؟ فوقع عليه السلام بخطه وقرأته: خذ بقول أبي عبدالله عليه السلام ".

وهذا أجود الاخبار سندا حيث أظن صحته وإن كان مكاتبة وهو حجة كالمشافهة، وهو ظاهر، وما رأيت أحدا قال بصحته، بل قالوا

٩٩

بعدمها، وقال في المنتهي: إنه حسن، وهو غير ظاهر فارجع إلى مأخذه وأصله.

مدارك الاحكام (مجلد ٢ صفحة ٢٩٠) وقال ابن أبي عقيل رحمه الله: من أصاب ثوبه أو جسده حمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما، لان الله تعالى إنما حرمهما تبعدا لا لانهما نجسان، وكذلك سبيل العصير والخل إذا أصاب الثوب والجسد. ونحوه قال الصدوق رحمه الله في من لا يحضره الفقيه.

(وصفحة ٢٩٢ ٢٩٣) والحكم بنجاسة العصير إذا غلى واشتد ولا يذهب ثلثاه مشهور بين المتأخرين ولا نعلم مأخذه، وقد اعترف الشهيد رحمه الله في الذكر والبيان بأنه لم يقف على دليل يدل على نجاسته، وذكر أن المصرح بنجاسته قليل من الاصحاب، ومع ذلك فأفتى في الرسالة بنجاسته، وهو عجيب.

ونقل عن ابن أبي عقيل بطهارته، ومال إليه جدي قدس سره في حواشي القواعد، وقواه شيخنا المعاصر سلمه الله تعالى، وهو المعتمد، تمسكا بمقتضى الاصل السالم من المعارض.

الحدائق (ملجد ٥ صفحة ٩٩) " وأصرح منه ما نقل عن ابن أبي عقيل حيث قال " من أصاب ثوبه أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما لان الله تعالى إنما حرمهما تعبدا لا لانهما نجسان.

وعزى في الذكرى إلى الجعفي وفاق الصدوق وابن أبي عقيل وكذا في الدروس.

(وصفحة ١١١) " تنبيهات (الاول) المفهوم من كلام الاصحاب رضوان الله عليهم ان حكم جميع الانبذة المسكرة حكم الخمر في التنجيس، قال في العالم " ولا نعرف في ذلك خلافا بين الاصحاب " والظاهر أن مراده من قال من الاصحاب بنجاسة الخمر وإلا فقد عرفت مذهب الصدوق وابن أبي عقيل والجعفي في قولهم بالطهارة.

(وصفحة ١٢٢) وفي المختلف " الخمر وكل مسكر والفقاع والعصير إذا غلى قبل ذهاب ثلثيه بالنار أو من نفسه نجس. ذهب إليه أكثر علمائنا كالمفيد والشيخ أبي جعفر والمرتضى وأبي

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320