الأمّة فحصل لها ما يخشى عليها من ضلال وتمزّق وانفتاق، فحرفوا الدين عن مساره فافترقت الأمّة أيّ افتراق، وأخذوا به بعيداً عن الحقّ فاختلف المسلمون وأصبحوا في فراق، وتكفيريين ومُرّاق، ففشلٌ وذهاب ريح وارتماء، فحُرِموا وحَرموا الأمّة من السموّ والارتقاء.
كلّ هذه المعاناة والمحاولات للنبيّ(صلى الله عليه وآله) تدلّ على حرصه على الأمّة وتبليغه الرسالة أعظم تبليغ، بل أقام الحجّة البالغة التي لا يجحدها ولا يشكك أحد فيها وإلى قيام الساعة، فجزاه الله عنا خير ما جازى به نبيّاً عن أمّته.
وقد بلّغ رسول الله(صلى الله عليه وآله) الرسالة وأدّى الأمانة ونصح للأمّة، ولكن البعض أبوا وأصرّوا على خلافه واجتهدوا في قبال أمره وصريح تبليغه، ففعلوا وخططوا وخالفوا إرادة الله تعالى من قبول حصر الإمامة والخلافة للنبيّ(صلى الله عليه وآله) في أهل بيته(عليهم السلام)، بعد اصطفائهم من الله تعالى وتطهيرهم بالإضافة إلى أفضليتهم الظاهرة على جميع الأمّة، والتي يعترفون هم أنفسهم بها حاشا الإمامة والخلافة للنبيّ(صلى الله عليه وآله)، كلّ ذلك لجدارتهم ولياقتهم لهذا الأمر الصعب والتكليف الرباني العسير من قيادة الناس وهدايتهم، وخلافة نبيّهم(صلى الله عليه وآله).
وهذا ليس ادّعاءً أو فهماً أو استنباطاً منّي دون دليل! وإنّما هو عين ما نصّ عليه الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله) حين حذّر الصحابة، وبالتالي نبّه أمّته على ما سيحدث من بعده وما سيغيّر وما سينقلب عنه المسلمون ويجحدون من نعمة وفضل من الله تعالى عليهم قبل أن يكون تفضيلاً لأهل البيت(عليهم السلام) واصطفائهم لذلك الأمر دونهم؛ فإنّ الله تعالى وصف إمامة أهل البيت(عليهم السلام) بإكمال الدين وإتمام النعمة ورضا الرب، فيا لها من نعمة قد جحدوها، ويا له من فضل كفروه، ويا له من لطف رفضوه، فحرموا منه ولم يجنوا ثماره اليانعة الطيبة.
فحرموا أنفسهم من فضل ونعمة ينبغي لهم أن يعترفوا بخسرانهم من دونها