اعلام الهداية الإمام الحسن العسكري (ع)

اعلام الهداية  الإمام الحسن العسكري (ع)36%

اعلام الهداية  الإمام الحسن العسكري (ع) مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
تصنيف: الإمام بن الحسن بن علي العسكري عليه السلام
الصفحات: 220

اعلام الهداية الإمام الحسن العسكري (ع)
  • البداية
  • السابق
  • 220 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 124345 / تحميل: 8199
الحجم الحجم الحجم
اعلام الهداية  الإمام الحسن العسكري (ع)

اعلام الهداية الإمام الحسن العسكري (ع)

مؤلف:
الناشر: مركز الطباعة والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

ولا يعلم سبب مرضه الشديد ; فهل أنه كان قد سقي سُمًّا من قبل أعدائه وحسّاده من العباسيين الذين كانوا يظنّون كغيرهم أنه الإمام بعد أبيه وعزّ عليهم أن يروا تعظيم الجماهير إيّاه أم أنّ ما مني به كان مرضاً مفاجئاً ؟

وتصدّع قلب أبي محمدعليه‌السلام فقد فقد شقيقه الذي كان عنده أعزّ شقيق وطافت به موجات من اللوعة والأسى والحسرات، وخرج وهو غارق في البكاء والنحيب وتصدّعت القلوب لمنظره الحزين وألجمت الألسن وترك الناس بين صائح ونائح قد نخر الحزن قلوبهم(١) .

٦ ـ علاقته بأخيه الحسين:

( وكان الحسين بن علي الهادي فذاً من أفذاذ العقل البشري وثمرة يانعة من ثمرات الإسلام، وقد تميّز بسموّ أدبه وسعة أخلاقه ووفرة علمه، وكان شديد الاتصال بشقيقه الإمام الحسنعليه‌السلام ، وكانا يسمّيان بالسبطين، تشبيهاً لهما بجدّيهما ريحانتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسن والحسينعليهما‌السلام .

وقد شاعت هذه التسمية في العصر الذي نشأ فيه، فقد روى أبو هاشم فقال: «ركبت دابة فقلت:( سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ) فسمع منّي أحد السبطين، فقال:لا بهذا أمرت، أمرت أن تذكر نعمة ربّك إذا استويت عليه »(٢) .

ــــــــــــ

(١) حياة الإمام الحسن العسكري(دراسة وتحليل): ٢٥ وراجع الكافي: كتاب الحجة، باب النص على أبي محمد عليه‌السلام . الحديث رقم ٨.

(٢) سفينة البحار: ١ / ٢٥٩.

٦١

٧ ـ علاقته بأخيه جعفر:

لم نعثر على نص خاص يصوّر لنا نوع علاقته بأخيه جعفر ما قبل إمامته. ولكن هناك نصوصاً تفيد أنّ جعفر كان لا يتورّع عن السعاية إلى السلطان حول أخيه الحسن كما لم يكن متورّعاً عن شرب الخمر، وقد سجن مع الإمام ثم اُفرج عن الإمام ولم يفرج عنه ولكن الإمامعليه‌السلام لم يخرج من السجن حتى أخرج معه أخاه جعفر بالرغم من انه كان مسجوناً من أجل السعاية على الإمام الحسن ومن أجل تظاهره بشرب الخمر، وكان بمنادمته للمتوكل يريد الغض من أخيه الحسنعليه‌السلام . ولقب عند الإمامية بالكذاب لأنه ادعى الإمامة بعد أخيه الحسن وقيل إنه تاب بعدئذٍ ولقب بالتوّاب.(١)

٨ ـ النصوص على إمامة الحسن العسكريعليه‌السلام

يواجه الباحث في هذا الموضوع ـ كما هو الحال في تناول النصوص الواردة في آباء الإمام العسكريعليه‌السلام ـ ثلاثة أنواع من النصوص يمكن تصنيفها كما يلي:

أ ـ النصوص الواردة عن الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ب ـ النصوص الواردة عن الأئمة بعد رسول الله والسابقين على أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام .

ج ـ النصوص الواردة عن أبيه الإمام الهاديعليه‌السلام والتي ثبتت إمامته

ــــــــــــ

(١) راجع منهاج التحرك عند الإمام الهادي عليه‌السلام : ٨، وراجع أيضاً الإمام الهادي من المهد إلى اللحد: ١٣٨ وراجع أيضاً مسند الإمام الحسن العسكري: ٥٢ ـ ٦١ و١٣٠.

٦٢

أيضاً بالنصوص والمعجزات والتي كان منها إمامته المبكّرة كأبيه وهو بعدُ لمّا يبلغ الحلم. حيث استطاع أن يجيب على كل التحدّيات الّتي أثيرت بالنسبة لإمامته، وخرج من كل الحوارات والاحتجاجات ظافراً مؤيّداً من عند الله.

أ ـ نصوص الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

وهي النصوص التي رواها الصحابة والأئمةعليهم‌السلام والتي اشتملت على ذكر أسماء الأئمة الاثني عشر وما وعد الله ـ على لسان رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ المصدقين بهم والتابعين لهم، بالخير والسعادة في الدارين وما توعد به الناصبين لهم العداء والمخالفين من العذاب والخزي فيهما أيضاً.

ولم تبتل الأمة الإسلامية بالتجزئة والخضوع للاستكبار العالمي والحيرة والتيه وسوء الظروف التي تمرّ بها الأمة الإسلامية إلاّ بسبب هذه القطيعة الحاصلة بينها وبين أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، ونورد هنا جملة من أحاديث الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا الاتجاه:

١ ـ روى الصدوق، عن محمد بن إبراهيم بن إسحاقرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا محمد بن همام: حدثنا أحمد بن مابنداذ قال: حدثنا أحمد بن هلال، عن محمد ابن أبي عميرة عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: (قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما أُسري بي إلى السماء أوحى إلي ربي جل جلاله فقال: يا محمد إني اطّلعت على الأرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً وشققت لك من اسمي اسماً. فأنا المحمود وأنت محمد، ثم اطّلعت الثانية فاخترت منها علياً وجعلته وصيك وخليفتك وزوج ابنتك وأبا ذريتك وشققت له اسماً من أسمائي فأنا العلي الأعلى وهو علي، وخلقت فاطمة والحسن والحسين من نوركما، ثم عرضت ولايتهم على الملائكة فمن قبلها كان عندي من المقربين.

يا محمد لو أن عبداً عبدني حتى ينقطع ويصير كالشنّ البالي ثم أتاني جاحداً لولايتهم فما أسكنته جنتي ولا أظللته تحت عرشي.

يا محمد تحب أن تراهم ؟

قلت: نعم يا رب.

٦٣

فقال عَزَّ وجَلَّ: ارفع رأسك.

فرفعت رأسي وإذا أنا بأنوار علي وفاطمة والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمد بن علي وعلي ابن محمد والحسن بن علي و(م ح م د) بن الحسن القائم في وسطهم كأنه كوكب درّي، قلت: يارب، ومن هؤلاء ؟

قال: هؤلاء الأئمة، وهذا القائم الذي يحلل حلالي ويحرم حرامي، وبه أنتقم من أعدائي، وهو راحة لأوليائي، وهو الذي يشفي قلوب شيعتك من الظالمين والجاحدين والكافرين...)(١) .

٢ ـ وعن محمد بن علي بن الفضل بن تمام الزياترحمه‌الله قال: حدثني محمد بن القاسم، قال: حدثني عباد بن يعقوب، قال: حدثني موسى بن عثمان قال: حدثني الأعمش، قال: حدثني أبو إسحاق، عن الحارث وسعيد ابن قيس، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال:قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا واردكم على الحوض، وأنت يا علي الساقي، والحسن الذائد، والحسين الآمر،

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ١ / ٢٥٢ ح٢، ورواه في العيون: ١ / ٥٨، ح٢٧، والمختصر: ٩٠، وروى عنهما العوالم: ١٥ / ٤٤، القسم الثالث، وبحار الأنوار: ٣٦ / ٢٤٥.

٦٤

وعلي بن الحسين الفارض، ومحمد بن علي الناشر، وجعفر بن محمد السائق، وموسى بن جعفر محصي المحبين والمبغضين وقامع المنافقين، وعلي بن موسى مزين المؤمنين، ومحمد بن علي منزل أهل الجنة في درجاتهم وعلي بن محمد خطيب شيعته ومزوجهم الحور(العين) والحسن بن علي سراج أهل الجنة يستضيئون به، والقائم شفيعهم يوم القيامة حيث لا يأذن الله إلاّ لمن يشاء ويرضى) (١) .

٣ ـ وروى الصدوق، عن محمد بن موسى بن المتوكلرضي‌الله‌عنه قال، حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال:(قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حدثني جبرئيل، عن ربّ العزة جلّ جلاله أنه قال: من علم أن لا إله إلاّ أنا وحدي، وأن محمداً عبدي ورسولي، وأنّ علي بن أبي طالب خليفتي وأن الأئمة من ولده حججي أدخلته الجنة برحمتي ونجيته من النار بعفوي. ومن لم يشهد بذلك ولم يشهد أن علي بن أبي طالب خليفتي أو شهد بذلك ولم يشهد أن الأئمة من ولده حججي فقد جحد نعمتي وصغر عظمتي وكفر بآياتي، إن قصدني حجبته، وإن سألني حرمته، وإن ناداني لم أسمع نداءه، وإن دعاني لم أستجب دعاءه، وإن رجاني خيبته وذلك جزاؤه مني وما أنا بظلاّم للعبيد. فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ومن الأئمة من ولد علي بن أبي طالب ؟ قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيد العابدين في زمانه علي بن الحسين ثم الباقر محمد بن علي ـ وستدركه يا جابر ـ فإذا أدركته فأقرئه مني السلام. ثم الصادق جعفر بن محمد، ثم الكاظم موسى بن جعفر، ثم الرضا علي بن موسى، ثم التقي محمد بن علي، ثم النقي علي بن محمد ثم الزكي الحسن بن علي، ثم ابنه القائم

ــــــــــــ

(١) الخوارزمي، مقتل الحسين: ١ / ٩٤ ـ ٩٥.

٦٥

بالحق مهدي أمتي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً. هؤلاء يا جابر خلفائي وأوصيائي وأولادي وعترتي من أطاعهم فقد أطاعني ومن عصاهم فقد عصاني، ومن أنكرهم أو أنكر واحداً منهم فقد أنكرني، بهم يمسك الله عَزَّ وجَلَّ السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه، وبهم يحفظ الله الأرض أن تميد بأهلها) .(١)

٤ ـ وعن عبد الله بن العباس قال: دخلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحسن على عاتقه والحسين على فخذه يلثمهما ويقبلهما ويقول:(اللهم وال من والاهما وعاد من عاداهما) ، ثم قال:(يا بن عباس كأني به وقد خضبت شيبته من دمه، يدعو فلا يجاب ويستنصر فلا ينصر) . قلت: من يفعل ذلك يا رسول الله ؟ قال:شرار أمتي، ما لهم ؟ لا أنالهم الله شفاعتي) . ثم قال:يا بن عباس من زاره عارفاً بحقه، كتب له ثواب ألف حجة وألف عمرة، ألا ومن زاره فكأنما زارني ومن زارني فكأنما زار الله، وحق الزائر على الله أن لا يعذبه بالنار، ألا وإن الإجابة تحت قبته والشفاء في تربته والأئمة من ولده) . قلت: يا رسول الله فكم الأئمة بعدك ؟ قال:(بعدد حواري عيسى وأسباط موسى ونقباء بني إسرائيل) . قلت: يارسول الله فكم كانوا ؟ قال:(كانوا اثني عشر والأئمة بعدي اثنا عشر، أولهم علي بن أبي طالب وبعده سبطاي الحسن والحسين، فإذا انقضى الحسين فابنه عليّ، فإذا انقضى علي فابنه محمد، فإذا انقضى محمد فابنه جعفر فإذا انقضى جعفر فابنه موسى، فإذا انقضى موسى فابنه علي فإذا انقضى علي فابنه محمد فإذا انقضى محمد فابنه علي فإذا انقضى علي فابنه الحسن فإذا

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ١ / ٢٥٨.

٦٦

انقضى الحسن فابنه الحجة) . قال ابن عباس: قلت يارسول الله أسامي لم أسمع بهن قط ! قال لي:(يابن عباس هم الأئمة بعدي وإنهم أمناء معصومون نجباء، أخيار. يابن عباس، من أتى يوم القيامة عارفاً بحقهم أخذت بيده فأدخلته الجنة، يابن عباس من أنكرهم أو ردّ واحداً منهم فكأنما قد أنكرني وردني، ومن أنكرني وردني فكأنما أنكر الله ورده. يابن عباس سوف يأخذ الناس يميناً وشمالاً، فإذا كان كذلك فاتبع علياً وحزبه فإنه مع الحق والحق معه، ولا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض. يابن عباس، ولايتهم ولايتي وولايتي ولاية الله وحربهم حربي وحربي حرب الله وسلمهم سلمي وسلمي سلم الله) .

ثم قالعليه‌السلام :( يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) .(١)

٥ ـ وعن أنس بن مالك قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ولما عرج بي إلى السماء رأيت على ساق العرش مكتوباً لا إله إلاّ الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته به، ورأيت اثني عشر اسماً مكتوباً بالنور، فيهم علي بن أبي طالب وسبطيّ، وبعدهما تسعة أسماء، علياً علياً علياً ثلاث مرات ومحمد محمد مرتين، وجعفر وموسى والحسن، والحجة يتلألأ من بينهم.

فقلت: يارب أسامي من هؤلاء ؟

فناداني ربي جلَّ جلاله: هم الأوصياء من ذرّيّتك، بهم أثيب وبهم أعاقب».(٢)

٦ ـ وعن سهل بن سعد الأنصاري قال: سُئلت فاطمة بنت

ــــــــــــ

(١) الرازي، علي بن محمد بن علي الخزاز، كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر: ١٦.

(٢) بحار الأنوار: ٣٦ / ٣١٠، عن كفاية الأثر: ٢٩٧.

٦٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الأئمة فقالت:

«كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول لعلي عليه‌السلام : ياعلي أنت الإمام والخليفة بعدي وأنت أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضيت فابنك الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى الحسن فابنك الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى الحسين فابنك علي بن الحسين أولى بالمؤمنين من أنفسم فإذا مضى علي فابنه محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى محمد فابنه جعفر أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى جعفر فابنه موسى أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى موسى فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى علي فابنه محمد أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى محمد فابنه علي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى علي فابنه الحسن أولى بالمؤمنين من أنفسهم فإذا مضى الحسن، فالقائم المهدي أولى بالمؤمنين من أنفسهم يفتح الله تعالى به مشارق الأرض ومغاربها، فهم أئمة الحق وألسنة الصدق، منصور من نصرهم مخذول من خذلهم» (١) .

٧ ـ وعن عبد الله بن عمر بن الخطاب ; قال، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام :

«ياعلي أنا نذير أمتي وأنت هاديها، والحسن قائدها، والحسين سائقها وعلي بن الحسين جامعها، ومحمد بن علي عارفها، وجعفر بن محمد كاتبها، وموسى بن جعفر محصيها، وعلي بن موسى معبّرها ومنجيها وطارد مبغضيها ومدل مؤمنيها ومحمد بن علي قائمها وسائقها، وعلي بن محمد ساترها وعالمها، والحسن بن علي مناديها ومعطيها، والقائم الخلف ساقيها ومناشدها، إن في ذلك لآيات للمتوسمين ياعبد الله» .(٢)

٨ ـ وعن عائشة أنّها قالت: كان لنا مشربة وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أراد لقاء جبرئيلعليه‌السلام لقيه فيها فلقيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرة فيها وأمرني أن لا يصعد إليه

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٣٦ / ٣٥١، عن كفاية الأثر: ١٩٥ ـ ١٩٦.

(٢) المناقب: ١ / ٢٩٢.

٦٨

أحد، فدخل عليه الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فقال جبرئيل:من هذا ؟

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ابني ، فأخذه النبي فأجلسه على فخذه، فقال له جبرئيل:أما أنه سيقتل .

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :ومن سيقتله؟

قال:أمتك تقتله .

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :تقتله ؟!

قال:نعم، وإن شئت أخبرتك بالأرض التي يُقتل فيها ، وأشار إلى الطفّ بالعراق، وأخذ منه تربة حمراء فأراه إياها.

وقال:هذه من مصرعه . فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فقال له جبرئيل:«يارسول الله، لا تبكِ فسوف ينتقم الله منهم بقائمكم أهل البيت» ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :حبيبي جبرئيل، ومن قائمنا أهل البيت ؟

قال:هو التاسع من ولد الحسين، كذا أخبرني ربي جلَّ جلاله أنه سيخلق من صلب الحسين ولداً وسماه علياً خاضعاً لله خاشعاً، ثم يخرج من صلب علي ابنه وسماه عنده محمداً قانتاً لله، ثم يخرج من صلبه ابنه وسمّاه عنده جعفراً ناطق عن الله صادق في الله، ويخرج من صلبه ابنه وسماه عنده موسى، واثق بالله محب في الله، ويخرج الله من صلب ابنه وسماه عنده علياً الراضي بالله والداعي إلى الله عَزَّ وجَلَّ ويخرج من صلبه ابنه وسماه عنده محمداً، المرغب في الله والذاب عن حرم الله ويخرج من صلب ابنه وسماه عنده علياً، المكتفي بالله والوليّ لله، ثم يخرج من صلبه ابنه وسماه الحسن، مؤمن بالله مرشد إلى الله، ويخرج من صلبه كلمة الحق ولسان الصدق، ومظهر الحق حجة الله على بريته، له غيبة طويلة، يظهر الله تعالى به الإسلام وأهله، ويخسف به الكفر وأهله» .(١)

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٣٦ / ٣٤٨، كفاية الأثر: ١٨٧.

٦٩

ب ـ نصوص الأئمة المعصومينعليهم‌السلام

١ ـ عن يحيى بن يعمر، قال: كنت عند الحسينعليه‌السلام إذ دخل عليه رجل من العرب متَلثّماً أسمر شديد السمرة، فسلّم، ورد الحسينعليه‌السلام فقال: يابن رسول الله! مسألة، فسأل الإمامعليه‌السلام عدة مسائل والإمام يجيبه ثم قال: صدقت يابن رسول الله، فأخبرني عن عدد الأئمة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قال:إثنا عشر، عدد نقباء بني إسرائيل .

قال: فسمّهم.

قال: فأطرق الحسينعليه‌السلام ملياً ثم رفع رأسه.

فقال:نعم أخبرك ياأخا العرب، إنَّ الإمام والخليفة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والحسن وأنا وتسعة من ولدي منهم علي ابني، وبعده محمد ابنه، وبعده جعفر ابنه وبعده موسى ابنه، وبعده محمد ابنه، وبعده علي ابنه، وبعده الحسن ابنه، وبعده الخلف المهدي هو التاسع من ولدي يقوم بالدين في آخر الزمان .

قال: فقام الأعرابي وهو يقول:

مسح النبي جبينه

فله بريق في الخدود

أبواه من أعلى قريش

وجده خير الجدود(١)

٢ ـ عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على مولاي علي بن الحسينعليه‌السلام وفي يده صحيفة كان ينظر إليها ويبكي بكاء شديداً.

فقلت: ما هذه الصحيفة ؟

قال:هذه نسخة اللوح الذي أهداه الله تعالى إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه اسم الله تعالى ورسول الله، وأمير المؤمنين علي، وعمي الحسن بن علي، وأبي، واسمي واسم ابني محمد

ــــــــــــ

(١) إثبات الهداة: ١ / ٥٩٩.

٧٠

الباقر، وابنه جعفر الصادق، وابنه موسى الكاظم وابنه علي الرضا وابنه محمد التقي، وابنه علي النقي، وابنه الحسن العسكري، وابنه الحجة القائم بأمر الله المنتقم من أعداء الله الذي يغيب غيبة طويلة ثم يظهر فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً .(١)

٣ ـ الإمام محمد بن علي الباقرعليه‌السلام : عن الورد بن الكميت عن أبيه الكميت ابن أبي المستهل قال: دخلت على سيدي أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام فقلت: يابن رسول الله: إني قد قلت فيكم أبياتاً أفتأذن لي في إنشادها ؟ فأذن، فأنشدته:

أضحكني الدهر وأبكاني

والدهر ذو صرف وألوان

لتسعة في الطف قد غودروا

صاروا جميعاً رهن أكفان

فبكىعليه‌السلام وقال:«اللهم اغفر للكميت ما تقدم من ذنبه وما تأخر» .

فلما بلغت إلى قولي:

متى يقوم الحق فيكم متى

يقوم مهديكم الثاني

قال: «سريعاً إن شاء الله سريعاً ، ثم قال:ياأبا المستهل إن قائمنا هو التاسع من ولد الحسين، لأن الأئمة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنا عشر، الثاني عشر، هو القائم .

قلت: ياسيدي، فمن هؤلاء الاثنا عشر ؟

قال:«أولهم علي بن أبي طالب، وبعده الحسن والحسين، وبعد الحسين علي بن الحسين وأنا ثم بعدي هذا» ووضع يده على كتف جعفر.

قلت: فمن بعد هذا ؟

قال:«إنه ابنه موسى، وبعد موسى ابنه علي وبعد علي ابنه محمد وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن، وبعد الحسن ابنه محمد وهو القائم الذي يخرج فيملأ الدنيا

ــــــــــــ

(١) إثبات الهداة: ١ / ٦٥١.

٧١

قسطاً وعدلاً ويشفي صدور شيعتنا» .(١)

٤ ـ الإمام جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام : عن علقمة بن محمد الحضرمي عن الصادقعليه‌السلام قال:«الأئمة إثنا عشر» .

قلت: يابن رسول الله فسمهم لي ؟

قال:«من الماضين: علي بن أبي طالب والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي ثم أنا» .

قلت: فمن بعدك يابن رسول الله ؟

قال:«إني قد أوصيت إلى ولدي موسى وهو الإمام بعدي» .

قلت: فمن بعد موسى ؟

قال:«علي ابنه يدعى الرضا يدفن في أرض الغربة من خراسان، ثم بعد علي ابنه محمد وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن، والمهدي من ولد الحسن...» (٢) .

٥ ـ الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام : روى الصدوق بسنده عن عبد الله بن جندب، عن موسى بن جعفر أنه قال:

«تقول في سجدة الشكر: اللهم إني أشهدك واشهد ملائكتك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت الله ربي، والإسلام ديني، ومحمداً نبيي، وعلياً والحسن والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن بن علي، أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ» (٣) .

٦ ـ الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام : روى الصدوق، عن أحمد بن زياد

ــــــــــــ

(١) بحار الأنوار: ٣٦ / ٣٩٠.

(٢) إثبات الهداة: ٢ / ٦٠٣ ح٥٨٧.

(٣) من لا يحضره الفقيه: ١ / ٣٢٩.

٧٢

ابن جعفر الهمدانيرضي‌الله‌عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت دعبل بن علي الخزاعي يقول:

أنشدت مولاي الرضا بن موسىعليه‌السلام قصيدتي التي أولها:

مدارس آيات خلت من تلاوة

ومنزل وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي:

خروج إمام لا محالة خارج

يقوم على اسم الله والبركات

يميز فينا كل حق وباطل

ويجزي على النعماء والنقمات

بكى الرضاعليه‌السلام بكاء شديداً ثم رفع رأسه إلي فقال لي:«ياخزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين، فهل تدري من هذا الإمام ومتى يقوم ؟» .

فقلت: لا يامولاي إلا أني سمعت بخروج إمام منكم يُطهّر الأرض من الفساد ويملأها عدلاً [كما ملئت جوراً].

فقال:«يادعبل، الإمام بعدي محمد ابني، وبعد محمد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غيبته، المطاع في ظهوره لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطول الله عَزَّ وجَلَّ ذلك اليوم حتى يخرج فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً» (١) .

٧ ـ الإمام محمد بن علي الجوادعليه‌السلام : روى الصدوق عن عبد الواحد بن محمد العبدوسي العطاررضي‌الله‌عنه قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري قال: حدثنا حمدان بن سليمان قال: حدثنا الصقر بن أبي دلف قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الرضاعليهما‌السلام يقول:

«إنَّ الإمام بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي وطاعته طاعتي، والإمام بعده

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ٢ / ٣٧٣.

٧٣

ابنه الحسن أمره أمر أبيه وقوله قول أبيه وطاعته طاعة أبيه» . ثم سكت.

فقلت له: يابن رسول الله فمن الإمام بعد الحسن ؟

فبكىعليه‌السلام بكاء شديداً ثم قال:«إن من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر» (١) .

ج ـ نصوص الإمام الهادي على إمامة الحسن العسكريعليهما‌السلام

حينما نطالع مجموعة النصوص التي وصلتنا عن الإمام الهاديعليه‌السلام في مصادرنا الحديثية الموثوقة نلمس مجموعة من الظواهر التي ترتبط بهذه النصوص الدالة(المشيرة أو الصريحة الدلالة) على إمامة الحسن العسكريعليه‌السلام بعد أبيه، وهي كما يلي:

١ ـ يبدو أن النصوص قد صدرت عن الإمام الهاديعليه‌السلام بالتدريج لاعتبارات شتّى، ولا يمكن أن نغفل مراعاة الجانب الأمني في هذا التدرّج، وهذا التدرّج في كيفية بيان المصداق وطرحه للمسلمين فالإمامعليه‌السلام نراه تارة يُبهم الأمر وأخرى يشير إشارة سريعة وثالثة يقوم بالتصريح.

ونلاحظ التدرّج في كيفية الطرح أيضاً فإنّه يقوم بطرح الموضوع أمام فرد واحد أو فردين ثمّ أمام جمع وثالثة يقوم باستشهاد أربعين شاهداً على النص.

كما انه يتدرّج في إعطاء بعض العلائم المشيرة تارةً، ويجمع أكثر من علامة وشاهد لئلا يقع التباس، وثالثة يقوم بكتابة النص وإرساله إلى الراوي الثقة، واُخرى يُدلي بشواهد كاشفة عن الأمر تتحقق بعد وفاته لتعضد ما أدلى به بوضوح.

ــــــــــــ

(١) كمال الدين: ٢ / ٣٧٨.

٧٤

٢ ـ تبدأ النصوص المرتبطة بالسؤال عمّن يتقلد منصب الإمامة بعد الإمام الهاديعليه‌السلام قبل وفاة ابنه محمد(أبي جعفر) وتتدرّج النصوص إلى أواخر حياة الإمام الهاديعليه‌السلام .

وفي حياة ابنه محمد(أبي جعفر) لا نجد نصّاً صريحاً بإمامته، بل قد نجد فيها ما يدفع الإمامة عنه. بالرغم من أنّ الظنون كانت متوجّهة إليه. كما نجد من الإمامعليه‌السلام إرجاء بيان الأمر إلى وقته الملائم. ثمّ بعد وفاة أبي جعفر تبدأ الإشارات ثمّ تتلوها التصريحات حيث تترى على مسامع الرواة الثقاة والشيعة المهتمين بأمر الإمامة.

٣ ـ إنّ النصوص التي ترتبط بأمر الإمامة قبل وفاة ابنه محمد هي النص الثاني والسابع مما رواه في الكافي في باب الإشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام :

أمّا النص السابع فينتهي سنده إلى علي بن عمرو العطّار، ويقول فيه: دخلت على أبي الحسن العسكري وأبو جعفر ابنه في الأحياء وأنا أظنّ أنّه هو، فقلت له: جُعِلتُ فداك من أخصّ من ولدك ؟ فقالعليه‌السلام :لا تخصّوا أحداً حتى يخرج إليكم أمري . قال: فكتبت إليه بعدُ: فيمن يكون هذا الأمرُ ؟ قال: فكتب إليّ:في الكبير من ولدي . قال: وكان أبو محمد أكبر من أبي جعفر.

والملاحظ في هذا النص أن الإمام يُرجئ بيان الأمر إلى فرصة أخرى أوّلاً وحينما يستكتبه ثانياً يحصل على الجواب ولكن لا يُفهم من الرواية أن استكتابه كان في حياة أبي جعفر أو بعد وفاته، وإن كان الاستكتاب ينسجم مع كونه حيّاً. وحينئذ فالإمام يجيب بالعلامة لا بالتصريح.

على أن هناك نصاً يقول بأن محمداً كان أكبر ولد الإمام الهادي بينما يعارضه هذا النص حيث يتضمن دعوى الراوي بأن الحسن كان أكبر ولده.

نعم، هناك نصوص من الإمام الهاديعليه‌السلام نفسه تتضمن بأن الحسن أكبر ولده، ولكن لا تأبى أن تحمل على أنه أكبر ولده بعد وفاة أخيه أبي جعفر.

٧٥

أمّا النص الثاني فينتهي سنده إلى علي بن عمر النوفلي وقد جاء فيه أنه قال: كنت مع أبي الحسن في صحن داره فمرّ بنا محمّد ابنه. فقلت له: جعلتُ فداك، هذا صاحبنا بعدك ؟ فقال:لا، صاحبكم بعدي الحسن .

وجاء عن أحمد بن عيسى العلوي من ولد علي بن جعفر انه قد دخل على أبي الحسنعليه‌السلام بـ(صريا) فسلّم عليه وإذا بأبي جعفر وأبي محمد قد دخلا. فقاموا إلى أبي جعفر ليسلّموا عليه فقال أبو الحسنعليه‌السلام :ليس هذا صاحبكم، عليكم بصاحبكم وأشار إلى أبي محمد.(١)

وفي هذا النص نجد النفي القاطع لتصور أن الإمام هو محمد. لعلّ سبب هذا التصوّر هو ما عرف عنه من الصلاح والعلم والتقى مع كونه أكبر ولده، إذ كان المعروف ان الإمامة في أكبر ولد الإمام، فالإمام ينفي إمامة محمد ويصرّح بإمامة ابنه الحسن، بينما لاحظنا في النص السابق إصراره على عدم التصريح وإيكال التصريح إلى فرصة أخرى.

٤ ـ وأما النصوص التي صدرت من الإمام الهاديعليه‌السلام وأشارت أو صرّحت بإمامة الحسنعليه‌السلام بعد وفاة أخيه محمد فهي النص الرابع والخامس والثامن والتاسع مما جاء في الكافي في كتاب الحجة، في باب الإشارة والنص على أبي محمدعليه‌السلام . وهي كما يلي:

أ ـ نظراً لاتحاد مضمون النصين الرابع والخامس ننقل النص الخامس الذي ينتهي سنده إلى أحمد بن محمد بن عبد الله بن مروان الأنباري إذ يقول:

ــــــــــــ

(١) الغيبة: ١٢٠.

٧٦

كنت حاضراً عند مضيّ أبي جعفر محمد بن عليعليه‌السلام فجاء أبو الحسنعليه‌السلام فوضع له كرسي فجلس عليه وحوله أهل بيته وأبو محمد قائم في ناحية، فلمّا فرغ من أمر أبي جعفر التفت إلى أبي محمدعليه‌السلام فقال:يابني أحدِث لله تبارك وتعالى شُكراً فقد أحدث فيك أمراً .

والذين سمعوا هذا النصّ قد فهموا منه أنه يشير إليه بأمر الإمامة وكانت هذه الإشارة في جمع من بني هاشم وآل أبي طالب وقريش طبعاً كما جاء في النص الثامن ويتضمن النص الثامن أيضاً موقف أبي محمد تجاه كلمة الإمام الهاديعليه‌السلام التي وجّهها إليه، وهو:.. أن الحسن قد بكى وحمد الله واسترجع وقال:الحمد لله ربّ العالمين وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيكَ وإنّا لله وإنّا إليه راجعون ، فسُئل عنه فقيل: هذا الحسن ابنه، وقدّر له في ذلك الوقت عشرون سنة أو أرجح، قال الراوي: فيومئذ عرفناه وعلمنا أنه قد أشار إليه بالإمامة وأقامه مقامه.

وجاء في النص التاسع المرويّ عن محمد بن يحيى بن درياب قال: دخلتُ على أبي الحسنعليه‌السلام بعد مضيّ أبي جعفر فعزّيته عنه وأبو محمدعليه‌السلام جالس فبكى أبو محمد فأقبل عليه أبو الحسن فقال له:إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفَاً منه فاحمد الله .

٥ ـ وصرّح النصّان العاشر والحادي عشر بإمامة أبي محمد الحسن وذلك بعد مضيّ أخيه أبي جعفر(محمد بن علي) أمّا النص العاشر فيرويه أبو هاشم الجعفري حيث يقول: كنت عند أبي الحسنعليه‌السلام بعد ما مضى ابنه أبو جعفر وإني لأفكّر في نفسي أريد أن أقول كأنّهما ـ أعني أبا جعفر وأبا محمد ـ في هذا الوقت كأبي الحسن موسى وإسماعيل ابني جعفر بن محمدعليه‌السلام ، وإن قصّتهما كقصّتهما، إذ كان أبو محمد المُرجى بعد أبي جعفر، فأقبل عليّ أبو الحسنعليه‌السلام قبل أن أنطِق فقال:نعم ياأبا هاشم! بدا لله في أبي محمد عليه‌السلام بعد أبي جعفر عليه‌السلام ما لم يكن يُعرَفُ له، كما بدا له في موسى عليه‌السلام بعد مضيّ إسماعيل ما كشف به عن حاله، وهو كما حدّثتك نفسك وإن كره المُبطِلون. وأبو محمد ابني الخلف مِن بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الإمامة .

وواضح أن البداء لله هنا هو فيما يرتبط بتصوّر السائل حيث انه كان يرجو أن يكون الإمام بعد الهادي هو ابنه محمد، بينما كان في علم الله غير ذلك فأظهره له بموت محمد فانكشف له أنه ليس هو الإمام الذي كان يرجوه.

٧٧

وليس في هذا النص أو غيره ما يشير إلى أن الإمام الهادي أو غيره من الأئمة قالوا بإمامة شخص غير الحسنعليه‌السلام من ولد الهاديعليه‌السلام .

والنص الحادي عشر ينتهي إلى أبي بكر الفهفكي حيث يقول: كتبَ إليَّ أبو الحسنعليه‌السلام :أبو محمد ابني أنصح آل محمد غريزةً وأوثقهم حجّة وهو الأكبر من ولدي وهو الخلف وإليه ينتهي عُرى الإمامة وأحكامها، فما كنت سائلي فَسَلْهُ عنه فعنده ما يحتاج إليه .

وهذا النص صريح في إمامة أبي محمد الحسن، وقد فضّله وشهد بفضله على من سواه من آل محمد ولا يبعد أن يكون قد صدر بعد وفاة أخيه محمد ابن علي كما لاحظنا في النص السابق الذي صرّح فيه الجعفري بأن التصريح من الإمام الهادي بإمامة الحسن كان بعد وفاة أخيه محمد.

والنصّان متقاربان في المضمون حيث يؤكّدان أنه عنده علم ما يحتاج إليه في أمر الإمامة.

وإذا كان بعد وفاة محمد فلا مانع من أن يكون الحسن أكبر ولد الإمام الهادي حينئذ وإن كان محمد أكبر حينما كان على قيد الحياة.

وصرّح النص الثاني عشر أيضاً بمضمون النصّين العاشر والحادي عشر من جهات عديدة حيث جاء فيه أن شاهَوْيه بن عبد الله الجلاّب قال: كتب إليَّ أبو الحسن في كتاب:أردت أن تسأل عن الخلف بعد أبي جعفر، وقلِقْتَ لذلك فلا تغتمّ فإن الله عَزَّ وجَلَّ لا يضلّ قوماً بعد إذ هداهم حتّى يبيّن لهم ما يتّقون. و صاحبك بعدي أبو محمد ابني، وعنده ما تحتاجون إليه، يقدّم ما يشاء الله ويؤخّر ما يشاء الله ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) ، قد كتبتُ بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان .

٦ ـ ويُشهد الإمام جماعةً من الموالي على إمامة ابنه الحسن. قبل مضيّه واستشهاده هو بأربعة أشهر كما جاء في النص الأول من هذا الباب من كتاب الحجة حيث يقول يحيى بن يسار القنبري: أوصى أبو الحسن إلى ابنه الحسن قبل مضيّه بأربعة أشهر وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي.

٧٨

٧ ـ وجاء في النص الثالث ما يتضمن دليلاً وعلامةً على إمامة الإمام الحسن بعد وفاة أبيه حيث يقول عبد الله بن محمد الإصفهاني: قال أبو الحسنعليه‌السلام :صاحبكم بعدي الّذي يصلّي عليَّ . ولم نعرف أبا محمدعليه‌السلام قبل ذلك. قال: فخرج أبو محمد فصلَّى عليه.

وباعتبار أن الراوي لم يكن يعرف الحسن بشخصه، فالإمام يكون قد أعطاه علامة مميّزة لا لبس فيها ولا ريب يعتريها بالنسبة إليه.

وجاء في النص الثالث عشر من هذا الباب أن داود بن القاسم قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول:الخلف من بعدي الحسن، فكيف لكم بالخَلَف من بَعد الخلف ؟ فقلت: ولِمَ جعلني الله فداك ؟ قال:إنّكم لا ترون شخصه ولا يحلّ لكم ذكره باسمه . فقلتُ: فكيف نذكره ؟ فقال: قولوا:الحجة من آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويشير هذا النص إلى مجموعة أمور ترتبط بكيفية التعامل مع الإمام في ظروف حرجة تقتضي بشدّة التكتّم في إبلاغ الأمر إلى الموالين والشيعة وهو يشير إلى أن الظروف تتأزم وتشتد فيما بعد حتى يصل الأمر إلى أن الشيعة لا يقدرون على رؤية الإمام الحجة ولا يحل لهم ذكره باسمه بل بالإشارة والكناية العامة وفي هذا النص إعداد وتهيئة للنفوس لتقبّل الوضع الجديد الذي لا بد للشيعة أن يكونوا بانتظاره ولا بد لهم من التهيؤ التام لاستقباله.

٧٩

٩ ـ اغتيال الإمام الهاديعليه‌السلام واستشهاده

قال الشيخاني: واستشهد علي العسكري في آخر ملك المعتزّ بالسمّ(١) ، وقال الطبري الإمامي: في آخر ملك المعتز استشهد وليّ الله... مسموماً(٢) .

لما اعتلّ أبو الحسن الهاديعليه‌السلام علته التي توفي فيها في سنة أربع وخمسين ومئتين أحضر ابنه أبا محمد الحسنعليه‌السلام وأعطاه النور والحكمة ومواريث الأنبياء ونص عليه وأوصى إليه بمشهد من ثقات أصحابه ومضىعليه‌السلام وله أربعون سنة ودفن بسرّ من رأى(أي في مدينة سامراء في العراق)، وقام الإمام العسكري بتجهيز والده من غسله وتكفينه والصلاة عليه وحمل جنازته مع جم غفير من الناس ودفنه في داره حيث المرقد الشريف الآن في سامراء يقصده المسلمون من كافة أقطار الأمة الإسلامية للتبرك والدعاء ووفاءً لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

ويصف لنا المسعودي مراسم ومظاهر تشييع الإمامعليه‌السلام واجتماع خلق كثير في داره فيقول: حدثنا جماعة كل واحد منهم يحكي أنه دخل الدار، وقد اجتمع فيها جملة من بني هاشم من الطالبيين والعباسيين واجتمع خلق من الشيعة، ولم يظهر عندهم أمر أبي محمد ولا عرف خبره إلاّ الثقات الذين نص أبو الحسن عندهم عليه.

ــــــــــــ

(١) الصراط السويّ: ٤٠٧.

(٢) دلائل الإمامة: ٢١٦.

٨٠

كفر ومن رضى قد شكر». قيل لها : فلِمَ حاربتيه؟ قالت : ما حاربته من ذات نفسي إلّا حملني طلحة والزبير(1) .

الفضل ما شهدت به الأعداء

عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : «من فضّل أحداً من أصحابي على علي فقد كفر»(2) .

وهذا الحديث صريح الدلالة على أنّ كلّ من يفضّل أحداً على أمير المؤمنين عليه السلام فهو كافر ، فياترى ما هو حال الذين تجاسروا عليه واغتصبوا حقّه جهاراً ولم يرعوا له حرمة أبداً.

عمر يعترف بفضائل الإمام علي عليه السلام

عن عمر بن الخطّاب قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : فضل علي بن أبي طالب على هذه الأُمّة كفضل شهر رمضان على سائر الشهور ، وفضل علي هذه الأُمّة كفضل ليلة القدر على سائر الليالي ، وفضل علي على هذه الأُمّة كفضل ليلة الجمعة على سائر الليالي ، فطوبى لمن آمن به وصدّق بولايته والويل كلّ الويل لمن جحده وجحد حقّه ، حقّاً على الله أن يحرمه القيامة شفاعة محمّد صلى الله عليه واله(3) .

وحقيقة إنّ هذا الحديث من خيرة الأحاديث الدالّة على فضل أميرالمؤمنين عليه السلام وكونه صاحب الولاية بعد رسول الله صلى الله عليه واله وأنّ كلّ من أنكر هذ الولاية في الحياة الدنيا سيحرم يوم القيامة قطعاً من شفاعة رسول الرحمة صلى الله عليه واله. الملفت للانتباه أنّ نفس عمر يروي هذا الحديث بينما يقدّم أبا بكر للخلافة ، ثمّ يتولّى هو الخلافة وقبل أن يرحل يجعلها شورى ولا يرضى أن تصل مقاليد الخلافة لصاحبها الواقعي الذي اعترف هو

__________________

(1) بحار الأنوار ج 38 ص 7 ح 13.

(2) بحار الأنوار ج 38 ص 14 ح 19.

(3) بحار الأنوار ج 38 ص 14 ـ 15 ح 21.

٨١

شخصياً بفضيلته كما في هذا الحديث فاعتبروا يا أُولي الألباب.

من يشتري سيفي؟

عن أبي حيّان التيمي عن أبيه قال؟ رأيت علي بن أبي طالب عليه السلام على المنبر يقول : من يشتري منّي سيفي هذا؟ فلو كان عندي ثمن إزار ما بعته ، فقام إليه رجل فقال : نسلفك ثمن إزار. قال : قال عبدالرزاق ـ الراوي ـ وكانت بيده الدنيا كلّها إلّا ما كان من الشام(1) .

أوّل من صلّى مع الرسول صلى الله عليه واله

من كلام لسعد بن أبي وقّاص في الإمام علي عليه السلام قال فيه : ألم يكن أوّل من أسلم؟ ألم يكن أوّل من صلّى مع رسول الله صلى الله عليه واله؟ ألم يكن أزهد الناس؟ ألم يكن أعلم الناس(2) ؟

علي عليه السلام سيّد في الدارين

عن ابن عباس قال : نظر النبي صلى الله عليه واله إلى علي عليه السلام فقال : «أنت سيّد في الدنيا وسيّد في الآخرة ، حبيبك حبيبي ، وحبيبي حبيب الله ، وعدوّك عدوّي ، وعدوّي عدو الله ، والويل لمن أبغضك بعدي»(3) .

وهنا يحقّ لنا أن نسأل ونقول : إنّ الذين جعلوا أميرالمؤمنين عليه السلام يجلس في داره بعد أن غصبوا حقّه وأحرقوا باب الصدّيقة الزهراء عليها السلام هل كانوا من أحبّاء الإمام علي عليه السلام أم من مبغضيه؟ بلا شكّ كانوا من أعداءه وبالتالي فإنّهم ـ وكما ينصّ الحديث ـ أعداء لله ولرسوله صلى الله عليه واله ، فكيف يمكن أن يكونوا خلفاءه؟! إنّ هذا لعجباً؟!

__________________

(1) الاستيعاب في هامش الاصابة ج 2 ص 465.

(2) الفضائل الخمسة ج 3 ص 7.

(3) مستدرك الصحيحين ج 3 ص 127.

٨٢

مَن فارق عليّاً

عن أبي ذرّ رضوان الله عليه قال : قال النبي صلى الله عليه واله : «يا علي من فارقني فقد فارق الله ، ومن فارقك يا علي فقد فارقني»(1) .

ويحقّ لنا أن نسأل هنا أيضاً ونقول : هل إنّ الذين غصبوا الخلافة من أمير المؤمنين عليه السلام فارقوه أم لا؟

بالطبع أنّهم فارقوه وبذلك فإنّهم فارقوا الله ورسوله صلى الله عليه واله ولا يحقّ لمن يفارق الله ورسوله أن يستلم خلافة المسلمين.

لا فتى إلّا علي عليه السلام

عن أبي جعفر عليه السلام قال : نادى ملك من السماء يوم بدر يقال له رضوان أن لا سيف إلّا ذوالفقار ولا فتى إلّا علي(2) .

جبرئيل ينصر الإمام علي عليه السلام

عن سعيد بن المسيّب قال : لقد أصابت علياً عليه السلام يوم أُحد ستّ عشرة ضربة كلّ ضربة تلزمه الأرض فما كان يرفعه إلّا جبرئيل عليه السلام(3) .

مبارزة علي عليه السلام أفضل من أعمال الأُمّة

عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جدّه قال : قال رسول الله صلى الله عليه واله : «لمبارزة علي بن أبي طالب عليه السلام لعمرو بن ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال أُمّتي إلى يوم القيامة»(4) .

إرادتكم إرادة الله عزّ وجلّ

روي أنّه اختصم رجل وامرأة إليه ـ الإمام علي عليه السلام ـ فعلا صوت الرجل على

__________________

(1) مستدرك الصحيحين ج 3 ص 123.

(2) ذخائر العقبى ص 74 وفي الرياض النضرة ج 2 ص 190.

(3) أُسد الغابة في معرفة الصحابة ج 4 ص 20.

(4) مستدرك الصحيحن ج 3 ص 32 تاريخ بغداد ج 13 ص 19 ح 6978.

٨٣

المرأة فقال له الإمام علي عليه السلام : اخسأ ـ وكان خارجياً ـ فإذا رأسه رأس كلب ، فقال رجل : يا أمير المؤمنين صحت بهذا الخارجي فصار رأسه رأس كلب فما يمنعك عن معاوية؟ قال : ويحك لو أشاء أن آتي معاوية إلى ههنا على سريرة لدعوت الله حتّى فعل ، ولكنّا لله خزّان لا على ذهب ولا على فضّة ولا إنكاراً بل على أسرار تدابير الله ، أما تقرأ :( بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ) (1) وفي رواية قال عليه السلام : «إنّما أدعوهم لثبوت الحجّة وكمال المحنة ، ولو أُذن لي في الدعاء بهلاك معاوية لما تأخّر»(2) .

من قضاء أمير المؤمنين عليه السلام

عن عمّار بن ياسر قال : كنت بين يدي مولانا المؤمنين عليه السلام وإذا بصوت قد أخذ جامع الكوفة فقال : يا عمّار ائت بذي الفقار الباتر للأعمار فجئته بذي الفقار ، فقال : اخرج يا عمّار وامنع عن ظلامة هذه المرأة ، فإن انتهى وإلّا منعته بذي الفقار ، قال : فخرجت وإذا أنا برجل وامرأة قد تعلّقوا بزمام جمل والمرأة تقول : الجمل لي ، والرجل يقول : الجمل لي ، فقالت : إنّ أمير المؤمنين عليه السلام ينهاك عن ظلم هذه المرأة ، فقال : يشتغل علي بشغله ويغسل يده من دماء المسلمين الذين قتلهم بالبصرة ويريد أن يأخذ جملي ويدفعه إلى هذه المرأة الكاذبة؟! فقال عمّار رضي الله عنه : فرجعت لأخبر مولاي فإذا به قد خرج ولاح الغضب في وجهه وقال : ويلك خلّ جمل المرأة ، فقال : الشاهد الذي لا يكذّبه أحد من الكوفة ، فقال الرجل : إذا شهد شاهد وكان صادقاً سلّمته إلى المرأة ، فقال الإمام علي عليه السلام : تكلّم أيّها الجمل لمن أنت؟ فقال بلسان فصيح : يا أمير المؤمنين وخير الوصيّين أنا لهذه المرأة منذ بضع عشر سنة ، فقال الإمام علي عليه السلام خذي

__________________

(1) سورة الأنبياء : 26 ـ 27.

(2) بحار الأنوار ج 41 ص 191.

٨٤

جملك ، وعارض الرجل بضربة قسّمه نصفين(1) .

في مدح أمير المؤمنين عليه السلام

ومن خير ما نظم في مدح أمير المؤمنين عليه السلام هو ما نظمه الصاحب بن عبّاد قدّس الله روحه الزكيّة في قصيدته الرائعة التي جاء فيها :

قالت : فمن صاحب الدين الحنيف أجب

فقلت : أحمد خير السّادة الرسلِ

قالت : فمن بعده تُصفي الولاء له؟

قلت : الوصيّ الذي أربى على زُحلِ

قالت : فمن باب من فوق الفراش فدى؟

فقلت : أثبت خلق الله في الوهلِ

قالت : فمن ذا الذي آخاه عن مقةٍ؟

فقلت : من حاز ردّ الشمس في الطفل

قالت : فمن زوّج الزهراء فاطمة؟

فقلت : أفضل من حافٍ ومنتعلِ

قالت : فمن والد السبطين إذ فرعا؟

فقلت : سابق أهل السبق في مهلِ

قالت : فمن فاز في بدر بمعجزها؟

فقلت : أضرب خلق الله في القللِ

قالت : فمن أسد الأحزاب يفرسها؟

فقلت : قاتل عمرو الضغيم البطلِ

قالت : فيوم حنين مَن فرا وبرا؟

فقلت : حاصد أهل الشرك في عجلِ

قالت : فمن ذا دُعي للطير يأكله؟

فقلت : أقرب مرضيٍّ ومنتحلِ

قالت : فمن تلوه يوم الكساء أجب؟

فقلت : أفضل مكسوٍ ومشتملِ

قالت : فمن ساد في يوم «الغدير» أبن؟

فقلت : مَن كان للإسلام خير ولي

قالت : ففي مَن أتى في هل أتى شرفٌ؟

فقلت : أبذل أهل الأرض للنفلِ

قالت : فمن راكع زكّى بخاتمه؟

فقلت : أطعنهم مذ كان بالأُسلِ

قالت : فمن ذا قسيم النار يسهمها؟

فقلت : مَن رأيه أذكى من الشعلِ

قالت : فمن باهل الطهر النبي به؟

فقلت : تاليه في حلٍّ ومرتحل

قالت : فمن شبه هارون لنعرفه؟

فقلت : مَن لم يحل يوماً ولم يزلِ

__________________

(1) بحار الأنوار ج 41 ص 236 ح 7.

٨٥

قالت : فمن ذا غدا باب المدينة قل؟

فقلت : من سألوه وهو لم يسلِ

قالت : فمن قاتل الأقوام إذ نكثوا؟

فقلت : تفسيره في وقعة الجملِ

قالت : فمن حارب الأرجاس إذ قسطوا؟

فقلت : صفّين تُبدي صفحة العملِ

قالت : فمن قارع الأنجاس إذ مرقوا؟

فقلت : معناه يوم النهروان جَلي

قالت:فمن صاحب الحوض الشريف غداً؟

فقلت : مَن بيته في أشرف الحللِ

قالت : فمن ذا لواء الحمد يحمله؟

فقلت : مَن لم يكن في الرَّوع بالوجلِ

قالت : أكلُّ الذي قد قلت في رجلٍ؟

فقلت : كلُّ الذي قد قلت في رجلِ

قالت : فمن هو هذا الفرد سمّه لنا؟

فقلت : ذاك أمير المؤمنين علي

٨٦

الفصل الخامس

بعد أن وضعت الحرب أوزارها ظهر عاشوراء حيث ارتكب أزلام بنو أُميّة أبشع المآسي وأوجعوا قلب رسول الله صلى الله عليه واله بسفكهم للدماء الزاكية لأهل البيت عليهم السلام أخذوا النساء والأطفال ومعهم الإمام السجّاد عليه السلام الذي كان عليلاً أُسراء إلى الكوفة.

وبعد أن نزل الأُسراء الكوفة بعث ابن زياد اللعين إلى يزيد الطاغية يستأذنه في بعث القافلة إلى الشام ولمّا أذن اللعين قادوا أهل بيت العصمة والطهارة عليهم السلام إلى الشام وذلك عبر طريق الموصل.

وقد أمر ابن زياد اللعين كلّ من : زجر بن قيس ، ومحض بن أبي ثعلبة ، وشمر بن ذي الجوشن ، أن يقودوا الأسارى والرؤوس مع خمسة آلاف فارس نحو الشام ، التي دخلها ركب الأُسارى في اليوم الأوّل من شهر صفر المظفّر.

والآن لا بأس أن نذكر المآسي والحوادث المفجعة التي جرت على أهل البيت عليهم السلام خلال هذه المسيرة الطويلة.

1 ـ في جنب الفرات : أمر شمر بن ذي الجوشن الذي كان رئيس القافلة أن يقيّد الإمام السجّاد بالأغلال فوق النياق الهزلة وأن تجعل النساء والأطفال في الأكوار المكشوفة وأن توضع رؤوس الشهداء فوق الرماح العالية. وبعد أن سارت القافلة مسافة من الطريق نزلوا إلى جانب الفرات وجعلوا الرؤوس الشريفة على حائط إحدى الخربات وعمدوا اللعب بالقمار واللهو وشرب الخمر.

وفي ذلك الأثناء رأوا أنّ يداً ظهرت من فوق رأس سيّد الشهداء عليه السلام وكتبت بالدم على الحائط :

أترجوا أُمّة قتلت حسيناً

شفاعة جدّه يوم الحساب؟!

٨٧

ولمّا أسرع القوم ليلقوا القبض على هذه اليد لم يجدوا شيئاً ، فعادوا إلى مكانهم وانشغلوا بفسادهم ولهوهم تارةً أُخرى ، وبعد لحظات ظهرت اليد مرّة أُخرى وكتبت بالدماء الزاكية :

فلا والله ليس لهم شفيع

وهم يوم القيامة في العذاب

فأسرع القوم من جديد ليأخذوا أمامها إلّا أنّهم لم يجدوا شيئاً ، وحينما عادوا إلى لعبهم سمعوا هاتفاً يقول :

ماذا تقولون إذ قال النبي لكم

ماذا فعلتم وأنتم آخر الأُمم

بعترتي وبأهلي عند مفتقدي

منهم أُسارى ومنهم ضرّجوا بدم(1)

2 ـ تكريت : كانت تكريت المنزل الثاني لأهل البيت عليهم السلام ، فلمّا وصلت القافلة قريباً منها بعثوا بعضهم ليخبروا أهل المدينة ويأمروهم كي يأتوا ويستقبلوا الأُسارى ، فأقبل أهل تكريت فرحين ، وكان في تكريت بعض النصارى فتساءلوا من الناس : ما الخبر؟ ومن هؤلاء؟ فقالوا : لقد جيء برأس الحسين مع الأسارى من أهل بيته؟

فقال النصارى : وأي حسين هذا؟

قالوا : الحسين بن فاطمة بنت رسول آخر الزمان.

وإذا بالنصارى يضجرون ويتألّمون لهذا المصاب ويقولون لهم : الويل لكم قتلتم ابن بنت نبيّكم؟!

ثمّ إنّهم ذهبوا إلى كنائسهم وضربوا نواقيسهم وأخذوا يبكون ويبرؤون من هذا العمل ويلعنون أهله.

__________________

(1) راجع مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي ج 2 ص 105 ـ 106 ، ذخائر العقبى ص 145 ، ورواه ابن المغازلي في المناقب ص 388 رقم 442 ، وقال محقّق كتاب ابن المغازلي «البهبودي» : أخرجه العلّامة الطبراني في المعجم الكبير ص 147 ، كفاية الطالب ص 291 ، مجمع الزوائد ج 9 ص 199 ، تاريخ الإسلام للذهبي ج 3 ص 13 ، الخصائص الكبرى ج 2 ص 127 ، الاتحاف بحبّ الأشرف ص 23 ، نظم درر السمطين ص 219 ، تاريخ دمشق ج 14 ص 244 ، نفس المهموم ص 422.

٨٨

3 ـ وادي النخلة : ثمّ إنّ القافلة خرجت من تكريت ووصلت إلى وادي النخلة ، وقد سمعوا في هذا الوادي ضجّة عظيمة ونياحة شديدة إلّا أنّهم لم يكونوا يرون أحداً ، وقد سمعوا شخصاً يقول :

مسح النبي جبينه ولو يريق في الخدود

أبواه من عليا قريش وجدّه خير الجدود

وكان شخص آخر يقول :

ألا ياعين جودي فوق جدّي

فمن يبكي على الشهداء بعدي

على رهط تقودهم المنايا

إلى متجبّر بالملك عبدي

4 ـ المرشاد : ثمّ إنّ القافلة تحرّكت من وادي النخلة ووصلت إلى المرشاد فجاء أهل المحلّة نساءً ورجالاً لاستقبال القافلة ، ولمّا شاهدوا الأسارى اعتلى بكاءهم وأنينهم وصياحهم وحملوا على قتلة سيّد الشهداء.

5 ـ الحرّان : لمّا وصلت القافلة إلى مشارف الحرّان كان هناك يهودياً اسمه يحيى الخزاعي واقفاً على سطح عالي جدّاً فرأى دخول الأسارى ولذلك نزل ليتفرّج عليهم ويشاهد حالهم ، ولمّا دنا من القافلة شاهد الرأس الشريف يتلو قوله تعالى :( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (1) فتعجّب من هذا المنظر المذهل وتساءل قائلاً : هذا الرأس لمن؟

فقالوا له : إنّه رأس الحسين بن علي ، فقال لهم : ومَن أُمّه؟ قالوا : فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه واله.

فقال اليهودي : لو لم يكن دينه حقّ لما بدت منه هذه الكرامة المذهلة ، فأسلم يحيى وخلع عمامته ومزّقها قطعة قطعة ثمّ ناولها للعلويات المخدّرات ، ثمّ بعث ثوباً من الخز كان يرتديها إلى الإمام زين العابدين عليه السلام ومعها الف درهم ليصرفها في حاجته.

فصاح جلاوزة ابن زياد به وقالوا له : أيّها اللعين أتعين أعداء الخليفة؟!

__________________

(1) سورة الشعراء : 227.

٨٩

ابتعدوا وإلّا قتلناك ، فحمل يحيى السيف وقاتلهم قتال الأبطال ثمّ قتل شهيداً بعد أن قتل منهم خمسة أفراد. وقد دفن يحيى في دروازه حران ومقبرته معروفة اليوم باسم مقبرة الشهيد وهي محلّ لاستجابة الدعاء.

بنفسي رأس الدين ترفع رأسه

رفيع العوالي السمهرية ميد

تخاطبه مقروحة القلب زينب

فتشكو له أحوالها وتعيد

أخي كيف ترضى أن نساق حواسراً

وتسلب أبرادٌ لنا وعقود؟

أخي أترضى أن نساق أذلّة

ويطمع فينا شامت وحسود؟

أخي إنّ قلبي بات للوجد عنده

مواثيق لم تنقض لهنّ عهود

إذا رمت إخفاء الدموع فللجوى

مع الدمع منّي سائق وشهيد

6 ـ نصيبين : ولمّا وصلت القافلة إلى نصيبين بعث شمر اللعين من يخبر أمير المدينة ليأمر بتزيين المدينة فرحاً بمجيىء أسارى أهل البيت عليهم السلام.

وما أن خرج أمير المدينة المسمّى بـ «المنصور بن الياس» لاستقبال القافلة إذا بصاعقة تنزل وتحرق نصف المدينة وقد احترق كلّ من في هذا النصف من المدينة فاغتمّ أميرها بشدّة وخشي من غضب الله تعالى ولذلك أمر قوّاد القافلة بالخروج فخرجوا من المدينة بسرعة وهم يجرّون أذيال الخزي والعار.

7 ـ المدينة المجهولة : ثمّ إنّ القافلة وصلت إلى مدينة جديدة لم يذكر المؤرخون اسمها وقد كان اسم واليها سليمان بن يوسف وكان له أخوان : أحدهما قتل في معركة صفّين بيد أميرالمؤمنين عليه السلام والآخر كان شريكه في رئاسة هذه المدينة.

وعلى أيّة حال فقد أمر سليمان بالرؤوس أن تدخل من دروازة الرئيس إلّا أنّ أخيه خالفه في ذلك فاحتدّ النزاع بينهما وآل الأمر إلى المقاتلة ، فقتل سليمان وعمّت الفوضى في المدينة وخاف الشمر وأتباعه من هذه الحالة فخرجوا من المدينة بسرعة.

يا أُمّة السوء لا سقياً لربعكم

يا أُمّة لم تراع جدّنا فينا

لو أنّنا ورسول الله يجمعنا

يوم القيامة ما كنتم تقولونا؟

٩٠

تسيّرونا على على الأقتاب عارية

كأنّنا لم نشيّد فيكم دينا

تصفّقون علينا كفّكم ضرباً

وأنتم في فجاج الأرض تسبّونا

أليس جدّي رسول الله ويلكم

أهدى البريّة من سبل المضلّينا؟

8 ـ حلب : يوجد بقرب مدينة حلب جبل يسكنه اليهود كانوا يعيشون في قلعة مهيبة ومحكمة. وقد كانت حرفتهم هي الحياكة علماً أنّ حياكتهم كانت معروفة بالنعومة عند أهل الحجاز والعراق والشام.

وكان في ساحل الجبل والي يدعى عزيز بن هارون كان رئيس اليهود ، قيل أنّهم جاءوا بالقافلة إلى هذه المدينة لترعى النياق من العلف وترتوي من الماء.

عتيقة الإمام الحسين عليه السلام

نقل البعض فقال : عندما نزلت قافلة الأُسارى هذه المدينة وبعد أن أرخى الليل سدوله جاءت إحدى الجواري إلى الأسارى وتعرّفت على مولاة لها في أيّام سيّد الشهداء عليه السلام البعض يقول : إنّ سيّدة الجارية هي شهر بانو ، وكما يبدو أنّ ذلك ليس بصحيح ولعلّها كانت الرباب.

وما أن رأت هذه الجارية مولاتها سابقاً وهي على هذه الحال من الأسر والملابس الرثّة حتّى أخذت تبكي ، فتساءلوا منها : لماذا تبكين؟ قالت : أنا لا أنسى عناية سيّد الشهداء عليه السلام الخاصّة بي وكيف أنّ السيّدة شهر بانو أهدتني إليه لأكون في خدمته إلّا أنّه عليه السلام أعتقني في سبيل الله ، ولمّا رأت السيّدة شهر بانو ذلك من سيّد الشهداء عليه السلام أهدتني خلعة نفيسة جدّاً ، فالتفت إليها سيّد الشهداء عليه السلام قائلاً : لقد أعتقت الكثير من الجواري ولم تصنعي مع إحداهنّ هكذا؟

قالت : أُولئك عتقائي وهذه عتيقتك يا أبا عبدالله ولابدّ أن يكون هناك فرق بين عتقائي وعتقائك.

فدعا لها سيّد الشهداء عليه السلام وبقيت الجارية عند شهربانو مدّة من الزمن إلى اليوم الذي فارقت المدينة واليوم وبعد هذه المدّة الطويلة التقت بالأسارى وشاهدتهم على

٩١

هذه الحالة المأساوية فتذكّرت تلك الأيّام الجميلة ولذلك ذهبت وأعدّت لهم الثياب الجيّدة وجاءت بها ليلاً لتقدّمها لهم.

وحيث إنّ الأسارى كانوا محاصرين فقد استأذنت شيرين أحد رؤوساء القبيلة التي نزلت القافلة عندهم وكان يدعى «عزيز» كي يسمح لها في مساعدة الأُسارى ، وإذا به يستاءل منها قائلاً : أنت شيرين؟ فقالت : نعم ، من أين عرفت اسمي؟

قال : لقد شاهدت في الرؤيا نبي الله موسى ووصيّه هارون عليه السلام حفاة حاسرين باكيان فسلّمت عليهما وتساءلت قائلاً : ما الخطب؟ ولماذا تبكيان هكذا؟ فقالا : لقد قتل الحسين بن علي عليهما السلام واحتزّوا رأسه وطافوا به وعياله البلاد وقد أُودع الرأس الشريف في أحد الجبال.

يقول عزيز : فتساءلت من نبي الله موسى عليه السلام قائلاً : أنت تعتقد بنبوّة محمّد؟! قال : نعم ، إن محمّداً نبي حقّاً وقد أخذ الله تعالى من الأنبياء قاطبة ميثاقاً بأن يعتقدوا به وكلّ من يعرض عنه فنحن منه براء.

يقول عزيز : فطالبت نبي الله موسى عليه السلام ببعض العلائم لأطمئن بما جرى ، فقال : اذهب الآن خلف القلعة ستجد جارية اسمها شيرين عتقها الإمام الحسين عليه السلام استقبلها وأبلغها سلامي وأعلن إسلامك أمامها وهي التي ستأخذك إلى الرأس الشريف. وبالفعل فقد أخذت شيرين الثياب والطعام والطيب وأخذ عزيز الف درهم أعطاها للحرّاس كي لا يمانعوا وصولهم إلى الأسارى.

كما قدّم عزيز الفين درهماً إلى الإمام السجّاد عليه السلام وأسلم على يديه ثمّ دنا من الرأس الشريف وقال : السلام عليك يابن رسول الله ، أشهد إنّني رأيت جدّك خاتم الرسل وإلى جانبه نبي الله موسى وقد أبلغاك سلامهما ، وإذا بالرأس الشريف يجيب السلام بكلّ فصاحة قائلاً : وسلام الله عليّ.

فقال عزيز : سيّدي ارض عنّي واشفع لي عند جدّك رسول الله صلى الله عليه واله ، وإذا بالرأس الشريف يجيب : لقد رضي رسول الله صلى الله عليه واله عنك لإسلامك كما رضي أبي علي وأُمّي

٩٢

فاطمة عليهما السلام عنك لاهتداءك إلى مذهب الحقّ كما إنّي قد رضيت عنك وإنّ سلامك عليَّ كان سبباً لسروري.

وما هي إلّا لحظات وإذا بسيّد الساجدين عليه السلام يعقد عزيز على شيرين وقد آمن كافّة أهل القلعة جرّاء هذه الواقعة.

9 ـ دير النصراني : ثمّ إنّ القافلة تحرّكت نحو الدير وقد كان مع عسكر القافلة أبو سعيد الشامي وهو الذي نقل القضية التالية فقال : بلغ شمر بن ذي الجوشن خبراً أنّ نصر الحزامي قد أعدّ جيشاً ضخماً وهو يريد أن يسطو عليكم ليلاً ليأخذ الرؤوس المباركة ، ولذا اضطرب رؤساء العسكر وأخذوا يتباحثون حول حلّ هذه المشكلة فصمّموا أن يلوذوا إلى الدير ويحتموا به.

وحينما قرب الشمر وأتباعه من الدير إذا بأحد القساوسة يطلّ عليهم من وراء الجدار ويتساءل منهم عن سبب مجيئهم إلى الدير ، فقال له شمر : إنّنا من عسكر ابن زياد وقد جئنا من العراق إلى الشام ، فتساءل القس قائلاً : ولأي شيء جئتم؟ فقال الشمر : خرج رجل على يزيد فبعث إليه جيشاً جرّاراً ليقاتلوه وقد جئنا الآ برأسه ورؤوس أصحابه وقدنا حرمه كأُسارى إلى يزيد ، فقال القس : دعوني أنظر إلى الرؤوس ، ولمّا جاءوا إليه بها وقع نظره على رأس سيّد الشهداء عليه السلام ورأى النور الساطع من رأسه المبارك فأخذته حالة عجيبة من الهيبة والإجلال لهذا الرأس الطاهر وقال لهم : إنّ هذا الدير لا يسعكم جميعاً ، فإذا كان ولابدّ فأدخلوا الرؤوس والأسارى وابقوا أنتم خلف الجدار لتحرسوا القافلة ، فربما حمل عليكم العدو على حين غفلة وأنتم لا تعلمون ، ولا داعي أن تقلقوا على الأُسارى والرؤوس فإنّهم في حمايتنا وحراستنا.

فاستحسن الشمر هذا الاقتراح وقدّم إليه الرؤوس وسمح للقافلة التي يتقدّمها سيّد الساجدين عليه السلام بالدخول إلى الدير ، ثمّ إنّه جعل الأسارى في مكان مناسب وأودع الرؤوس في حجرة خاصّة ، وفي منتصف الليل مرّ على الرؤوس الشريفة فشاهد نوراً يسطع إلى السماء من رأس سيّد الشهداء عليه السلام وما هي إلّا لحظات إذا بسقف الغرفة ينفلق

٩٣

وتدخل امرأة كانت مجلّلة كانت جالسة على عرش من نور والهاتف يقول : «طرّقوا رؤوسكم ولا تنظروا».

يقول القس : حقّقت النظر وإذا بحواء أُمّ البشر ، وهاجر زوجة نبي الله إبراهيم عليه السلام وأُمّ نبي الله إسماعيل عليه السلام ، وراحيل أُمّ نبي الله يوسف عليه السلام ، وأُمّ موسى عليه السلام ، وآسية زوجة فرعون ، ومريم بنت عمران أُمّ نبي الله عيسى عليه السلام ، وبعض زوجات النبي صلى الله عليه واله قد أقبلن وأخذن الرأس المبارك من الصندوق وهنّ باكيات نائحات فبقين على هذا الحال ساعة ثمّ زرن سيّد الشهداء عليه السلام وأرجعن الرأس إلى الصندوق.

وبينما هم على هذا الحال إذا بضجّة واضطراب تعمّ الحجرة فنزل عرش نوراني آخر وإذا بهاتف يقول : غضّوا أبصاركم فإنّ شفيعة المحشر الصدّيقة الزهراء عليها السلام ستأتي ، لا شعورياً ارتعشت فرائصي وأُغمي عليّ. وبالرغم من ذلك إلّا أنّني كنت أسمع بين تلك الضجّة صوت امرأة حزينة تنادي : السلام عليك يا ولدي أيّها المظلوم ، أيّها الشهيد ، أيّها الغريب ، يا نور عيني ، فداك أُمّك يا أباعبدالله ، ولدي عزيزي سيأتي ذلك اليوم الذي ينتقم فيه لثارك من أعداءك.

ولمّا رجع أكبر القساوسة إلى وعيه تطهّر ولبس أطهر ثيابه واتّخذ من الطيب أحسنه ودخل الغرفة التي فيها الرؤوس الشريفة وأخرج رأس سيّد الشهداء عليه السلام من الصندوق وغسّله بالكافور والمسك والزعفران ثمّ وضعه باتّجاه القبلة ووقف أمامه وقال : أيّها الرأس الشريف ، إنّني أعلم أنّك رأس من مدحهم الله تعالى في التوراة والانجيل إلّا أنّني أُقسم عليك بالله العظيم الذي حباك بهكذا منزلة إلّا ما كلّمتني وعرّفتني على نفسك.

فنطق الرأس الشريف بلسان فصيح قائلاً : أنا المظلوم وأنا المغموم وأنا المهموم ، أنا المقتول بسيف الجفا ، أنا المذبوح من القفا.

ومع ذلك لم يكتف كبير القساوسة بهذا البيان وطلب من الرأس الشريف أن يعرّف نفسه أكثر ، وإذا بالرأس ينطق بكلّ فصاحة : أنا ابن محمّد المصطفى صلى الله عليه واله أنا ابن علي المرتضى عليه السلام أنا ابن فاطمة الزهراء عليها السلام أنا الحسين الشهيد المظلوم بكربلاء.

٩٤

فهاج الحزن بالراهب من هذه الكلمات وضجّ بالبكاء وأخذ الرأس الشريف وقبّله وجعله على وجهه وهو يقول : لن أُفارقك أبداً حتّى تضمن لي الشفاعة يوم القيامة.

وإذا بصوت من الرأس يهتف قائلاً : أوّلاً أُدخل في دين جدّي رسول الله صلى الله عليه واله حتّى أشفع لك ، وإذا بالقس يقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّداً رسول الله صلى الله عليه واله. ثمّ أنّه جمع جميع القساوسة وقصّ عليهم قصّته ودعاهم إلى الدخول في الدين الإسلامي فأسلموا جميعاً وكان عددهم سبعين رجلاً وكانوا قد بكوا جميعاً لمصيبة سيّد الشهداء عليه السلام ، ثمّ إنّهم ارتدوا ثياب السواد حزناً على سيّد الشهداء عليه السلام بل إنّهم جاءوا جميعاً إلى الإمام السجّاد ليعزّوه وأعلنوا إسلامهم أمامه بعد أن كسّروا نواقيسهم وطبلوا من الإمام عليه السلام أن يأذن لهم في مقاتلة هؤلاء اللعناء ويطلبوا بثأر أبيه سيّد الشهداء عليه السلام إلّا أنّه عليه السلام لم يأذن لهم وقال : إنّ الله عزّوجلّ سينتقم منهم لا محالة(1) .

10 ـ عسقلان : وفي الصباح ـ بعد أن نام شمر بن ذي الجوشن وجماعته خارج الدير ـ تحرّكوا برفقة الأسارى والرؤوس نحو عسقلان وكان أمير هذه المدينة «يعقوب العسقلاني» حاضراً في معركة كربلاء وشارك في جناياتها.

ولذا فإنّه ريثما وصل إلى المدينة أمر بتزيينها وتعطيل الأسواق وأن يجلبوا الملاهي ووسائل الطرب والغناء خارج المدينة فرحاً بهذه المصيبة العظمى ، ثمّ جلس هو وأعوانه مسروراً جذلاً شامتاً بمقتل أهل البيت عليهم السلام وكان الناس يباركون لبعضهم البعض هذا العيد.

ومن سوء الصدف أنّ أحد التجار وهو زرير الخزاعي كان واقفاً يشاهد ما جرى فتساءل من الناس عن الخبر ، فقالوا له : شخص في العراق خرج على يزيد فبعث إليه ابن زياد جيشاً جرّاراً قتلوه وجاءوا برأسه وأهل بيته أُسارى إلى مدينتنا اليوم ويتحرّك

__________________

(1) راجع : تذكرة الخواص لابن الجوزي ص 236 ـ 237 ، مقتل الخوارزمي ج 2 ص 115 ـ 116 ، مدينة المعاجز ج 4 ص 146 ، العوالم ج 17 ص 417 ، البحار ج 45 ص 172 مع اختلاف يسير معها.

٩٥

قافلتهم غداً نحو الشام.

فتساءل زرير الخزاعي : وهل كان هذا الشخص مسلماً؟ فقالوا : كان من أكابر المسلمين ، ولمّا تساءل عن سبب خروجه قالوا له : كان يدّعي أنّه ابن رسول الله صلى الله عليه واله وأنّه أحقّ بالخلافة من يزيد ، فتساءل زرير قائلاً : ومن أُمّه أبوه؟ فقالوا : اسمه الحسين ، وأخيه الحسن ، وأُمّه فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه واله ، وأبوه علي بن أبي طالب عليه السلام ، وجدّه رسول الله محمّد صلى الله عليه واله.

وما أن سمع زرير هذا الكلام انتفض من مكانه وارتعدت فرائصه وتفايضت عيناه بالدموع ، ثمّ إنّه أوصل نفسه بسرعة ليرى بنفسه الأسارى الذين أدخلوهم المدينة ، وريثما وقعت عيناه على الإمام السجّاد عليه السلام أجهش بالبكاء وارتفعت نياحته وأنينه ، فتساءل منه الإمام السجّاد عليه السلام قائلاً : ممّ بكاءك؟ ألا ترى أهل المدينة فرحين مسرورين؟ فأجابه زرير : سيّدي أنا تاجر غريب في هذه البلاد وقد دخلت المدينة اليوم ، وياليت قدماي قد شلّتا حين دخلتها ، ليت عيناي عميتا قبل أن أراكم على هذه الحالة.

فقال الإمام عليه السلام : كأنّك من محبّينا؟!

قال زرير : سيّدي أنا عبدك مرني فأنا في خدمتك؟

قال الإمام عليه السلام : إذا كان لديك أموال فقدّمها إلى حامل رأس أبي وأمره كي يرفع الرأس الشريف كي ينشغل الناس بالنظر إليه ، فقد خزينا من نظر الخلق إلينا.

فذهب زرير إلى حامل الرأس وأعطاه خمسين أشرفياً فتأخّر عن القافلة وانشغل الناس بالنظر إلى الرأس الشريف.

ثمّ إنّ زرير عاد إلى الإمام عليه السلام ثانية وقال له : سيّدي ألك حاجة أُخرى؟

فقال الإمام عليه السلام : إذا كان لديك شيء من القماش فأتي به لتتستّر بنات محمّد صلى الله عليه واله ، به فذهب مباشرة وجاء بالأخمرة وقدّمها للعائلة وجاء بعمامة للإمام عليه السلام.

وفيما هم كذلك إذا بضجّة ترتفع من بين الناس وكان شمر اللعين يهلهل والناس

٩٦

يهلهلون خلفه ، فذهب زرير إليه ونال منه وقال : شمر! أما تخشى من الله ، هذا رأس ريحانة رسول الله صلى الله عليه واله على القنا وهذه بنات فاطمة وعلي عليهما السلام أُسارى وأنت تهلهل فرحاً مسروراً.

وإذا باللعين يغضب ويأمر جلاوزته بأخذه فأخذوه وضربوه بشدّة حتّى أُغمي عليه فتصوّروا أنّه قد مات فتركوه.

وفي منتصف الليل استيقظ زرير وأوصل نفسه إلى قبر نبي الله سليمان عليه السلام فوجد جماعة من محبّي أهل البيت عليهم السلام حفاة حاسري الرؤوس قد جلسوا للعزاء على سيّد الشهداء عليه السلام.

أيعلى على السنان سنان

الرجس رأس الحسين بين الأنام

ثمّ يسري به يأمّ السبايا

قاصداً بالمسير نحوا الشآم

لعن الله آل حرب الكفر

والغدر عابد الأصنام

ويزيد اللعين نسل اللعين

عصبة الكفر والخنا والحرام

وزياداً ونسل آل زياد

وابن سعد اللعين ثمّ حبتر والدلام

زادهم ربّنا إلى لعناً لعناً

سرمديّاً مخلّداً بالدوام

11 ـ بعلبك : ثمّ إنّ قافلة الأُسارى تحرّكت من عسقلان نحو بعلبك ، وكما في المدن السابقة فقد أرسل شمر بعض أعوانه ليأمروا الناس بالخروج بآلات اللهو والطرب لاستقبال القافلة فهبّ الجميع بما فيهم الشيوخ والأطفال وهم يضربون الدفوف فرحين مستبشرين بقدوم القافلة وذلك على بعد ما يقارب ستّة فراسخ خارج المدينة.

والحال أنّ أهل بيت الرسالة عليهم السلام ينظرون إليهم ويتألّمون من أفعالهم بحيث لم تتحمّل السيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام هذا المنظر فرفعت يديها بالدعاء وقالت : فرّق الله جمعكم

٩٧

وسلّط عليكم من يقتلكم جميعاً(1) .

ونقل عما الدين الطبري في كامل البهائي ج 2 ص 292 فقال : إنّ حملة رأس سيّد الشهداء عليه السلام عندما خرجوا من الكوفة كانوا خائفين من قبائل العرب فلربما جاءوا وأخذوا الرأس منهم ، ولذا فإنّهم غيّروا مسارهم من العراق واتّخذوا طريقاً آخراً ، وفي أثناء الطريق نزلوا عند إحدى القبائل وطلبوا منها علفاً لدوابهم وأخبروهم أنّ الرؤوس التي معهم هي رؤوس بعض الخوارج ، وقد استمرّوا على هذا النهج حتّى وصلوا إلى بعلبك.

وعلى كلّ فإنّ القاسم بن ربيع والي بعلبك أمر بتزيين المدينة وأمر الناس أن يخرجوا وهم يضربون المزامير والطنابير والدفوف فرحين مستبشرين بقتل سيّد الشهداء عليه السلام وقد استقبلوا الأسارى على هذه الحال وقادوهم إلى المدينة.

ولم تمض سوى سويعات وإذا بالخبر يصل إلى الناس أنّ الرأس الشريف هو رأس سيّد الشهداء عليه السلام فخرج أكثرهم خارج المدينة وأحرقوا الزينة وقد اضطربت المدينة عدّة أيّام جرّاء هذ الفاجعة المؤلمة.

ولمّا رأى حملة الرؤوس اضطراب الأوضاع في بعلبك خرجوا إلى «مرزين» وهي أوّل مدينة من مدن الشام وإذا بنصر بن عتبة اللعين والي يزيد على هذه المدينة يحتفل بهذه المناسبة وينصب الزينة فرحاً ثمّ قضى الليل كلّه بالطرب واللهو فرحاً بمقتل سيّد الشهداء عليه السلام إلّا أنّ فرحته لم تتمّ إذ أنّ صاعقة من السماء نزلت على زينتهم هذه فأحرقتها فاضطرّوا أن يدخلوا الأُسارى إلى الشام.

ورود الأُسارى إلى الشام

يقول الشيخ أبو الحقّ : بينما كان جلاوزة يزيد يطوفون برأس سيّد الشهداء عليه السلام

__________________

(1) بحار الأنوار ج 45 ص 126 ـ 127.

٩٨

في زقاق الشام سقط الرأس الشريف فجأة وإذا بالحائط ينحني ويحتضنه بحيث إنّه لم يصل إلى الأرض ، وقد شيّد في نفس هذا المكان مسجداً ما زال إلى اليوم موجوداً.

وقال أبو الحق أيضاً : ازدحم أهل الشام وتجمّعوا من كلّ حدب وصوب ليتفرّجوا على السبايا من بنات الرسول صلى الله عليه واله يقدمهم الإمام السجّاد عليه السلام الذي كان مقيّداً بالحبال القيود ومن أمامهم الرؤوس الشريفة تتقدّم القافلة ، فوالله ما شاهد أهل الشام أُناس أكثر نورانية ولا أشرف من هؤلاء الأُسارى ثمّ أنّهم أدخلوا القافلة إلى قصر يزيد الطاغية الذي كان ينتظر قدومهم.

وقبل أن يدخلوا القافلة على يزيد أخّروهم على حسب بعض الروايات ثلاث ساعات حتّى أذن لهم الطاغية اللعين بالدخول إلى قصره فأدخلهم خولّه عليه(1) .

وقد نقل عماد الدين الطبري عن دخول الأسارى فقال : ما يقارب على خمسمائة رجل وامرأة خرجوا لاستقبال الأسارى وهم يضربون بالدفوف الطبول بينما كان الكثير من الناس يرقصون فرحاً فضلاً عن الذين اءوا ليتفرّجوا على السبايا(2) .

آه من الشام

ورد في الخبر الشريف أنّ أحدهم سأل من الإمام السجّاد عليه السلام فقال : أي المصائب كانت أشدّ عليكم؟ وإذا بالإمام عليه السلام يجيب ثلاثاً : الشام الشام الشام. أو أنّه قال : آه من الشام قالها ثلاثاً. وفي خبر آخر أنّ الإمام عليه السلام قال للمنذر بن النعمان ما مضمونه : لقد نزلت علينا في الشام سبع مصائب لم نر مثلها من قبل أصلاً منها :

1 ـ أنّ قادة العسكر كانوا يقدوننا في الشام وهم شاهرون سيوفهم حاملون الرماح وكانوا بين الحين والآخر يتجاسرون علينا بكعب الرماح والناس محدقين بنا من كلّ جانب وهم يضربون بالدفوف ويرقصون فرحاً بما يجري علينا.

__________________

(1) تذكرة الشهداء للكاشاني ص 414.

(2) كامل البهائي ج 2 ص 292.

٩٩

2 ـ إنّهم مرّوا بالرؤوس الشريفة بين هوادج المخدّرات وجعلوا رأس عمّي العبّاس عليه السلام مقابل عمّاتي زينب وأُمّ كلثوم ، كما يجعلوا رأس علي الأكبر والقاسم قبال عيني سكينة وفاطمة أُختي ، وكانوا يلعبون بالرؤوس تهوي على الأرض أحياناً وتصبح موطأ لأقدام الخيول.

3 ـ كانت النساء الشاميات فوق السطوح ترمينا بالماء والنار حتّى احترقت عمّاتي وحيث إنّني مقيّد لم أستطع إخماد النيران فوصلت النار إلى رأسي واحترق بألسنة النار.

4 ـ أوقفونا منذ طلوع الشمس إلى قريب الغروب بين المغنّين وأهل اللهو فأصبحنا فرجة للناس الذين كانوا يأتون من كلّ مكان ليتفرّجوا علينا ، وكان أزلام يزيد يقولون لهم : إنّ هؤلاء الناس لا احترام لهم في الإسلام أصلاً.

5 ـ قيّدونا بالحبال ومرّوا بنا إلى جانب منازل اليهود والنصارى وقالوا لهم : هؤلاء الذين قتلوا أبوهم آباءكم في معركة خيبر فهلمّوا وخذوا بثاراتكم منهم. وقد قال الإمام السجّاد عليه السلام أيضاً : يا نعمان فما بقي أحد منهم إلّا وقد ألقى علينا ما أراد من التراب والأحجار والأخشاب.

6 ـ أخذونا إلى سوق النخاسين وأرادوا أن يبيعونا كما يبيعوا العبيد والجواري لو لا أنّ الله عزّوجلّ حال دون ذلك.

7 ـ جعلونا في دار لم يكن لها سقف ، فكانت لا تقينا من الحرّ والبرد(1) .

لهفي لرأس ابن النبي هديّة

لابن الدعي على سنان العامل

لهفي لزين العابدين مكتّفاً

يكبو له يقتاد بين عقائل

لهفي على حرم الحسين يسقن في

ذلّ السبا وما لها من كافل

لهفي لهنّ وقد برزن حواسراً

من بعد قصم أساور وخلاخل

__________________

(1) سوگنامه آل محمّد صلى الله عليه واله نقلاً عن تذكرة الشهداء للملّا حبيب الله الكاشاني ص 412.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220