أهل البيت في تفاسير أهل السنة

أهل البيت في تفاسير أهل السنة0%

أهل البيت في تفاسير أهل السنة مؤلف:
تصنيف: تفسير القرآن
الصفحات: 480

أهل البيت في تفاسير أهل السنة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ نزار الحسن
تصنيف: الصفحات: 480
المشاهدات: 44841
تحميل: 7049

توضيحات:

أهل البيت في تفاسير أهل السنة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 44841 / تحميل: 7049
الحجم الحجم الحجم
أهل البيت في تفاسير أهل السنة

أهل البيت في تفاسير أهل السنة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

موسّع؛ مَنْ شاء الاطلاع، فليراجع كتاب ( صلح الإمام الحسن ) لآل ياسين.

-استشهد ( عليه السلام ): في شهر صفر سنة خمسين من الهجرة، مسموماً، سقتْه زوجتُه ( جعدة بنت الأشعث ) بأمر من معاوية بن أبي سفيان (1) .

-دُفن ( عليه السلام ): في مقبرة البقيع عند جدّته فاطمة بنت أسد (2) ، وقبره ومَن معه من قبور أئمّة الهدى، هناك مهدّمة، قامت بهدمها الفرقة الوهابيّة.

* وأمّا الإمام الحسين ( عليه السلام ): فهو الإمام الثالث من أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ).

-أبوه: علي بن أبي طالب ( عليه السلام ).

-وأمّه: فاطمة الزهراء، سلام الله عليها، فأكرم به وأنعم.

نَسَبٌ كأنَّ عليهِ مِن شمس الضُّحى = نوراً ومن فَلَقِ الصَّباحِ عَمُودا

-وُلِدَ ( عليه السلام ): في الثالث من شهر شعبان المعظّم، وقيل في الخامس منه، سنة أربع من الهجرة (3) . وجاءت به أمّه فاطمة عليها السلام إلى جدّه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) فاستبشر به، وسمّاه حُسيناً وعقّ عنه كبشاً، وهو وأخوه بشهادة الرسول صلّى الله عليه وعليهما، سيّدا شباب أهل الجنّة، وبالاتّفاق الذي لا مِرْيَةَ فيه، سبطا نبيّ الرحمة (4) .

-كنيته: أبو عبد الله.

-وأما ألقابه، فكثيرة: الرشيد، والطيّب، والوفي، والسيّد، والزكي، والمبارك، والتابع لمرضاة الله، والسبط (5) .

____________________

(1) إعلام الورى للطبرسي: 1/403، مؤسّسة آل البيت.

(2) المصدر نفسه: 1/403.

(3) انظر: ( إعلام الورى ) للطبرسي: 1/420، مؤسّسة آل البيت.

(4) الإرشاد للمفيد: 2/27، مؤسّسة آل البيت.

(5) انظر: ( مطالب السؤول ) 2/51، مؤسّسة أمّ القرى.

١٤١

-رفض بيعة يزيد بن معاوية: وضحّى بنفسه الشريفة في سبيل إيقاظ شعور الأمة وإبقاء راية الإسلام خفاقة عالية.

-عاش: سبعاً وخمسين سنة وخمسة أشهر، كان مع الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) سبع سنين، ومع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب( عليه السلام ) سبعاً وثلاثين سنة، ومع أخيه الحسن سبعاً وأربعين سنة، وكانت مدة إمامته الشرعية للأمة الإسلامية عشر سنين وأشهراً (1) .

-استشهد ( عليه السلام ): في يوم عاشوراء من شهر محرّم الحرام سنة إحدى وستّين من الهجرة ( 10 / محرّم / 61 هـ ) (2) .

قال السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ): ( ولمّا قُتل الحسين مكثتْ الدنيا سبعة أيّام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفّرة، والكواكب يضرب بعضها بعضاً، وكان قتله يوم عاشوراء، وكُسفت الشمس ذلك اليوم، واحمرّت آفاق السماء ستّة أشهر بعد قتله، ثمّ لا زالت الحمرة تُرى فيها بعد ذلك ولم تكن تُرى فيها قبله. وقيل: إنّه لم يقلب حجر بيت المقدس يومئذ إلاّ وجد تحته دمٌ عبيط، وصار الورس الذي في عسكرهم رماداً، ونحروا ناقة في عسكرهم فكانوا يرون في لحمها مثل النيران، وطبخوها فصارت مثل العلقم، وتكلّم رجل في الحسين بكلمة، فرماه الله بكوكبين من السماء فطُمس بصره ) (3) .

-قبره: في كربلاء المقدّسة، معروف مشهور، يُزار يؤمّه الآلاف من

____________________

(1) انظر: ( إعلام الورى ) للطبرسي: 1/420، مؤسّسة آل البيت.

(2) المصدر نفسه.

(3) تاريخ الخلفاء: 160، ترجمة يزيد بن معاوية، دار الكتاب العربي.

١٤٢

المسلمين من مختلف مناطق العالم الإسلامي.

فضائل الحسنَين في القرآن الكريم

حيث أنّ غرض الكتاب لم يكن منصبّاً على ذكر فضائل أهل البيت أو استقصائها؛ لذا سنقتصر على نماذج مختصرة ممّا ورد في حقّهما من الآيات القرآنيّة، ونترك التفصيل لمظانّه:

* الفضيلة الأولى: قوله تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (1) .

وهذهِ هي الآية الموسومة بآية التطهير، وتقدّم البحث عنها في الفصل الأوّل بما يناسب المقام، وعرفنا أنهّا شاملة للحسن والحسين، عليهما السلام فلا نعيد ولا نكرر الكلام.

* الفضيلة الثانية: قوله تعالى: ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (2) .

وهذه هي الآية الموسومة بآية المباهلة، وهي مثل أختها المتقدّمة، سَبَرْنَا أغوارها، وأنْهينا الكلام عن غاياتها ومقاصدها في الفصل الأوّل بما يتناسب والمقام، وعرفنا هناك أنّ النبي محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) خرج إلى مباهلة نصارى نجران بمعيّة علي، وفاطمة، والحسن، والحسين ( عليهم السلام )، فهم صفوة الأمّة وخلاصتها

____________________

(1) الأحزاب: 33.

(2) آل عمران: 61.

١٤٣

ومدار رحاها، وأشرنا هناك إلى أنّ الحسنين بنصّ القرآن كانا ولدي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )، فراجع.

* الفضيلة الثالثة: قوله تعالى: ( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (1) .

وهذه هي الآية الموسومة بآية المودّة، وهي دالّة على وجوب محبّة آل البيت ( عليهم السلام )، وتقدّم ذكرها والكلام عنها في الفصل الأوّل، وعرفنا شمولها للحسن والحسين عليهما السلام فلا نعيد.

فهذهِ ثلاث آيات باهرات في فضل الحسنين عليهما السلام، كلّها تقدّم ذكرها، وبها غنىً وكفاية لمعرفة مقامهما وشرفهما عند الله سبحانه وتعالى، ولكن لا بأس أنْ نتبرّك هنا بذكر آية رابعة مشتملة على معانٍ عديدة من فضائل أهل البيت ( عليهم السلام )؛ نوردها بعنوان الفضيلة الرابعة:

* الفضيلة الرابعة: قوله سبحانه وتعالى في سورة الإنسان: ( إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً ولا شُكُوراً ) (2) ، الآيات.

جاءت الأخبار بأنّ هذهِ الآيات المباركة نزلت في علي، وفاطمة، والحسن

____________________

(1) الشورى: 23.

(2) سورة الإنسان: 5 - 9.

١٤٤

والحسين ( عليهم السلام ) في قصّة طويلة مجملها ما أورده الزمخشري في تفسيره عن ابن عبّاس قال:

( إنّ الحسن والحسين مَرِضَا، فعادهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ناس معه. فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت على وُلدك، فنذر عليٌ وفاطمة وفضّة جارية لهما إنْ بَرِآ ممّا بهما أنْ يصوموا ثلاثة أيّام، فَشُفِيَا، وما معهم شيء فاستقرض عليّ من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم أهل بيت محمّد، مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلاّ الماء، وأصبحوا صياماً، فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم، فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك، فلمّا أصبحوا أخذ علي رضي الله عنه بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فلمّا أبصرهم، وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع، قال: ( ما أشدّ ما يسوؤني ما أرى بكم )، وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبرائيل وقال: ( خذها يا محمّد، هنّأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة ) ) (1) .

وقد أخرج الخبر - مفصّلاً - الثعلبي في تفسيره ( الكشف والبيان ) (2) - ومختصراً - ابن الأثير الجزري في ( أُسد الغابة ) (3) .

____________________

(1) تفسير الكشاف: 4/670.

(2) الكشف والبيان: 10/98 - 101، تفسير سورة الإنسان.

(3) أُسد الغابة: 7/256، ترجمة فضّة النوبية.

١٤٥

كما أخرج الخبر من طرق كثيرة الحاكم الحسكاني في ( شواهد التنزيل ) عن ثلاثة من الصحابة، وهم: علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، وابن عبّاس وزيد بن أرقم (1) ، وقال بعد ذلك: ( قلتُ: اعترض بعض النواصب على هذهِ القصّة بأنْ قال: اتّفق أهل التفسير على أنّ هذه السورة مكِّيّة، وهذه القصّة كانت بالمدينة - إنْ كانت - فكيف كانت سبب نزول السورة، وبان بهذا أنّها مخترعة!!

قلتُ: كيف يسوّغ له دعوى الإجماع مع قول الأكثر أنّها مدنيّة!! )، ثمّ شرع في إثبات كون هذه السورة مدنيّة (2) .

وأخرج القصّة مفصّلة سبط ابن الجوزي في ( تذكرة الخواص )، مصحّحاً لها رادّاً على جدّه أبي الفرج ابن الجوزي، مبيّناً في أكثر من موضع أنّ جدّه يرتضي هذه القصّة أيضاً، فإليك قارئي الكريم، تمام ما قاله سبط ابن الجوزي:

( ذكْر إيثارهم بالطعام:

قال علماء التأويل فيهم نزل قوله تعالى: ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) الآيات.

أنبأنا أبو المجد محمّد بن أبي المكارم القزويني بدمشق سنة اثنتين وعشرين وستمئة، قال أنبأنا أبو منصور محمّد بن أسعد بن محمّد العطاري، أنبأنا الحسين بن مسعود البغوي، أنبأنا أحمد بن إبراهيم الخوارزمي، أنبأنا أبو

____________________

(1) انظر: ( شواهد التنزيل ): 2/298 - 310، وستجد هناك القصّة مفصّلة تارةً، ومختصرةً أخرى وبطرق متكاثرة. والحسكاني كما قال الذهبي: ( شيخ متقن ذو عناية تامّة بعلم الحديث ) انظر: ( تذكرة الحفّاظ ): 3/ 1200، مكتبة الحرم المكّي.

(2) شواهد التنزيل: 2/310 - 315.

١٤٦

إسحاق أحمد بن محمّد بن إبراهيم الثعلبي، أنبأنا عبد الله بن حامد، أنبأنا أبو محمّد أحمد بن عبد الله المزني، حدّثنا محمّد بن أحمد بن سهيل الباهلي، حدثنا عبد الرحمان بن محمّد بن هلال، حدثني القاسم بن يحيى عن أبي علي العزي عن محمّد بن السايب عن أبي صالح عن ابن عبّاس، ورواه أيضاً مجاهد عن ابن عبّاس، قال في قوله تعالى: ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) الآية.

قال: مرض الحسن والحسين عليهما السلام فعادهما رسول الله (ص) ومعه أبو بكر وعمر (رض)، وعادهما عامّة العرب فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على وَلَدَيك نذراً فكلّ نذر لا يكون له وفاء فليس بشيء، فقال علي (ع): ( لله إنْ برأ ولداي ممّا بهما صمت لله ثلاثة أيّام شكراً )، وقالت فاطمة كذلك وقالت الجارية يقال لها فضّة كذلك، فأُلبس الغلامان العافية وليس عند آل محمّد قليل ولا كثير، فانطلق علي (ع) إلى سمعون بن حانا اليهودي فاستقرض منه ثلاثة أصواع من شعير، فجاء به إلى فاطمة فقامت إلى صاع فطحنتْه وخبزتْه خمسة أقراص لكلّ واحد منهم قرص، وصلّى علي (ع) المغرب مع النبي (ص) ثمّ أتى المنزل فوضع الطعام بين أيديهم فجاء سائل أو مسكين فوقف على الباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، مسكين من المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فسمعه علي (ع) فقال:

فاطِمُ ذاتَ المَجدِ وَاليَقينِ

يا بِنتَ خَيرِ الناسِ أَجمَعين

أَمَا تَرينَ البائِسَ المَسكين

قَد قامَ بِالبابِ لَهُ حَنين

يشكو إلى الله ويستكين

يَشكو إِلَينا جائِعٌ حَزين

كُلُّ اِمرئٍ بِكَسبِهِ رَهين

وفاعل الخيرات يَسْتَبِيْن

١٤٧

مَوْعِدُ جَنَّة عِلِّيِّيْن

حَرَّمَهَا اللهُ عَلَى الضَنِيْن

وَلِلْبَخِيْلِ مَوْقِف مَهِيْن

تَهْوَى بِهِ النَّارُ إِلَى سِجِّيْن

شَرَابُهُ الحَمِيْمُ وَالْغِسْلِيْن

فقالت فاطمة (ع):

أَطْعِمُهُ وَلاَ أُبَالِي الساعه

أَرجو إِذا أَشبعتُ ذا مَجاعَه

أنْ أَلحقَ الأخيارَ وَالجَماعه

وَأَدخلَ الخلد وَلِي شَفَاعَه

قال: فأعطوه الطعام ومكثوا يومهم وليلتهم لم يذوقوا إلاّ الماء القراح، ولمّا كان اليوم الثاني طحنت فاطمة من الشعير وصنعت منه خمسة أقراص، وصلّى علي (ع) المغرب وجاء إلى المنزل فجاء يتيم فوقف على الباب فقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، يتيم من أولاد المهاجرين استشهد والدي، أطعموني ممّا رزقكم الله أطعمكم الله من موائد الجنّة، فقال علي (ع):

فاطِمُ بِنت السَيِّدِ الكَريم

بِنت نَبيٍّ لَيسَ بِالذَميمِ

قَد جاءَنا اللَهُ بِذا اليَتيم

قد حرّم الخُلْدَ عَلَى اللَئِيْمِ

يُحْمَلُ في الحشر إلى الجَحِيْمِ

شَرَابُهُ الصَدِيْد وَالحَمِيْم

وَمَنْ يَجُوْدُ اليَوْمَ فِي النَعِيْم

شَرَابُهُ الرَحِيْق والتَسْنِيْم

فقالت فاطمة (ع):

إنِّي أُطْعِمُهُ وَلاَ أُبَالِي

وَأُوْثِرُ اللهَ عَلَى عِيَالِي

أَمْسَوا جِيَاعَاً وَهُم أشْبَالِي

فرفعوا الطعام وناولوه إيّاه، ثمّ أصبحوا وأمسوا في اليوم الثاني كذلك كما كانوا في الأوّل، فلمّا كان في اليوم الثالث طحنتْ فاطمة باقي الشعير ووضعته،

١٤٨

فجاء علي (ع) بعد المغرب فجاء أسير فوقف على الباب وقال: السلام عليكم يا أهل بيت محمّد، أسير محتاج تأسرونا ولا تطعمونا أطعمونا من فضل ما رزقكم الله، فسمعه علي ( عليه السلام )، فقال:

فاطِمُة يا بِنتَ النَبِيِّ أَحمَدِ

بِنتَ نَبِيٍّ سَيِّدٍ مُسَوَّدٍ

مُنِّي عَلَى أَسِيْرِنَا المُقَيَّد

مَنْ يُطْعِمُ اليَوْم يَجِدْهُ فِي الغَد

عِنْدَ العَلِّي المَاجِد المُمَجَّد

مَنْ يَزْرَع الخَيْرَات سَوْفَ يَحْصُد

فقالت فاطمة (ع):

لَمْ يَبْقَ عِنْدِي اليَوْمَ غَيْرَ صَاعٍ

قَدْ مَجُلَتْ كَفِّي مَعَ الذِرَاعِ

ابْنَايَ وَاللهِ مِنَ الجِيَاعِ

أَبُوْهُمَا لِلْخَيْرِ ذُو اصْطِنَاعِ

ثمّ رفعوا الطعام وأعطوه للأسير، فلمّا كان اليوم الرابع دخل علي (ع) على النبي (ص) يحمل ابنَيه كالفَرْخَيْن، فلمّا رآهما رسول الله (ص) قال: وأين ابنتي؟ قال: في محرابها، فقام رسول الله (ص) فدخل عليها ولقد لُصِقَ بطنها بظهرها وغارت عيناها مِن شدّة الجوع، فقال النبي (ص): واغوثاه بالله آل محمّد يموتون جوعاً فهبط جبرئيل وهو يقرأ ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) الآية، فإنْ قيل فقد أخرج هذا الحديث جدّك في الموضوعات.

وقال: أخبرنا به ابن ناصر عن محمّد بن أبي نصر الحميدي عن الحسن بن عبد الرحمان عن أبي القاسم السقطي عن عثمان بن أحمد الدقاق عن عبد الله بن ثابت عن أبي الهذيل عن عبد الله السّمرقندي عن عبد الله بن كثير عن الأصبغ بن نباتة، قال: مرض الحسن والحسين وذكره ثمّ قال جدك قد نزّه الله ذينك الفصيحين عن هذا الشعر الركيك. ونزّههما عن منع الطفلين عن

١٤٩

أكل الطعام، وفي إسناده الأصبغ بن نباتة: متروك الحديث، والجواب أمّا قوله قد نزّه الله ذينك الفصيحَين عن هذا الشعر الركيك فهذا على عادة العرب في الرجز والخبب كقول القائل: ( والله لو لا الله ما اهتدينا ) ونحو ذلك، وقد تمثّل به النبي (ص)، وأمّا قوله عن الأصبغ بن نباتة فنحن ما رويناه عن الأصبغ ولا له ذكر في إسناد حديثنا، وإنّما أخذوا على الأصبغ زيادة زادوها في الحديث وهي أنّ: رسول الله (ص) قال في آخره: اللّهم أنزل على آل محمّد كما أنزلت على مريم بنت عمران، فإذا ( جفنة ) تفور مملوءة ثريداً مكلّلة بالجواهر، وذكر الفاظاً من هذا الجنس.

والعجب من قول جدي وإنكاره وقد قال في كتاب ( المنتخب ): يا علماء الشرع أعلمتم لِمَ آثرا وتركا الطفلين عليهما أثر الجوع؟ أتراهما خفي عنهما سر: ابدأ بِمَنْ تَعُول، ما ذاك إلاّ لأنّهما عَلِما قوّة صبر الطفلين، وأنّهما غصنان من شجرة أظل عند ربي، وبعض جملة: فاطمة بضعة منّي، وفرخ البط سابح.

فصل:

وقد اشتملت سورة ( هل أتى ) من فضائل أهل البيت على معاني:

- منها: قوله: ( يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً ) ، لِمَ ذكر الكافور وهو لا يُشرب؟

فالجواب من وجوه:

أحدها: أنّه أراد بياض الكافور في حسنه وطيب ريحه وبرده، كقوله: ( حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَاراً ) أي كنار.

والثاني: إنّ الكافور اسم لعين في الجنّة.

والثالث: إنّه لمّا غَلَبَتْ عليهم حرارة الخوف في الدنيا، مُزِجَ لهم الكافور في الجنّة.

- ومنها: أنّ الهاء في قوله ( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ ) تعود على الله تعالى وقيل على حب الثواب؛ وقيل على حب الطعام لفاقتهم إليه.

- ومنها: قوله:

١٥٠

( لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً ) ، المراد بالزمهرير القمر، قال الشاعر:

وليلةٍ ظَلاَمُهَا قَد اعْتَكَر

قَطَعْتُهَا وَالزَمْهِرْيُر مَا ظَهَر

- ومنها قوله: ( إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَّنثُوراً ) فإن قيل فالمنظوم أحسن فالجواب إن المراد به الانتشار في الخدمة لما تعبوا في الدنيا أقام الحقّ لهم خدّاماً في الآخرة، ومنها إنّ الله تعالى ذكر في هذه السورة جميع ما يتعلق بنعيم الجنة ولذّاتها كالأشجار والأنهار والولدان والطعام والقصور وجميع ما يتعلق بهذا الباب إلا الحور حتى عجب العلماء من شرح هذه الأمور واستطرفوا عدم ذكرهن في هذا النعيم المذكور فقيل لهم ما ذاك إلا غيرة على زهراء الأنس من ذكر الضراير أو لأن الحور مملوكات والمملوكات لا يذكرن مع الحراير.

وسمعت جدي يُنْشِدُ في مجالس وعْظه ببغداد في سنة ست وتسعين وخمسمئة بيتين ذكرهما في كتاب ( تبصرة المبتدي ) وهما:

أهوى عليّاً وإيماني محبَّتُه

كَمْ مُشْرِكٍ دَمُهُ مِن سَيْفِهِ وَكَفَا

إنْ كُنْتَ وَيْحَكَ لَمْ تَسْمَعْ فَضَائِلَهُ

فَاسْمَعْ مَنَاقِبَه مِنْ ( هَلْ أَتَى ) وَكَفَى ) (1) .

انتهى كلام سبط ابن الجوزي.

هذا وفضائل أهل البيت عليهم السلام في القرآن الكريم عديدة جدّاً، وقد ألّف الحاكم الحسكاني كتاباً في جزءين أسماه: ( شواهد التنزيل لقواعد التفضيل في الآيات النازلة في أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم )، فَمَن شاء الاستزادة، فلْيراجع.

____________________

(1) تذكره الخواص: 281 - 284، مؤسّسة أهل البيت.

١٥١

فضائل الحسنين في السُنّة النبويّة الشريفة

وهي على قسمين:

الأول: الفضائل المشتركة:

الثاني: الفضائل الخاصة لكلّ واحد منهما.

أمّا الأول: فهو بدوره مشتمل على فضائل عامّة تشمل غير الحسنَين من أهل البيت ( عليهم السلام )، وفضائل خاصّة بهما عليهما السلام، وسنجعل لهذا القسم باباً واحداً بعنوان الفضائل المشتركة.

أمّا الثاني: وهي الفضائل الخاصّة بكلّ واحد منهما، فستكون على قسمَين، الأوّل: يتعلّق بفضائل الإمام الحسن الخاصّة، والثاني: يتعلّق بفضائل الإمام الحسين الخاصّة، فيكون التقسيم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل: الفضائل المشتركة.

الثاني: فضائل الإمام الحسن الخاصّة.

الثالث: فضائل الإمام الحسين الخاصّة.

وسَيْراً على نهجنا في الكتاب، فإنّ الغرض ليس سرد الفضائل واستيفاءها، بل هو ذكر جملة موجزة من ذلك، والله المستعان.

القسم الأوّل: الفضائل المشتركة

* الفضيلة الأولى: حديث الثقلين: وهو قول الرسول الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إنْ تمسكتم بهما لن تضلّوا بعدي وأنّهما لنْ يتفرقا حتّى يردا عليّ الحوض ).

١٥٢

وقد تقدّم الكلام عن هذا الحديث ودلالاته ومضامينه في الفصل الأوّل، وعرفنا أنّه شامل للحسن والحسين عليهما السلام فلا نعيد.

* الفضيلة الثانية: حديث الاثني عشر خليفة: وهو قول النبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ... كلّهم مِن قريش ). وتقدّم الكلام عنه أيضاً.

* الفضيلة الثالثة: حديث السفينة: وهو قول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( مَثَل أهل بيتي مثل سفينة نوح، مَن ركبها نَجَا، ومَن تخلّف عنها غرق ). تقدّم أيضاّ.

* الفضيلة الرابعة: في كونهم أماناً لأهل الأرض: وهو قول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ).

تقدّم.

* الفضيلة الخامسة: قول الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لعلي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام ): ( أنا حرب لِمَنْ حَارَبَكُم، وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُم ). تقدّم.

* الفضيلة السادسة: في وجوب الصلاة على أهل البيت ( عليهم السلام ): وهو قول النبي لأصحابه مُعلّماً إيّاهم كيفيّة الصلاة عليه: ( قولوا: اللّهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد، كما صلّيت على آل إبراهيم، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد، كما باركتَ على آل إبراهيم في العالمين، إنّك حميد مجيد ). وقد تقدّم الكلام عنه، وننوّه هنا إلى أنّ مسلماً في ( صحيحه ) أخرج الحديث تحت باب: ( الصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد التشهّد ) (1) .

____________________

(1) انظر: ( صحيح مسلم ) كتاب الصلاة، باب 17: 1/305، دار الفكر.

١٥٣

فالصلاة على الآل إنّما هي واجبة على كلّ مسلم في الصلاة اليوميّة، فأيّ فضيلة هذه، وأيّ مقام سامٍ يضعهم الله فيه!!؟.

* الفضيلة السابعة: قوله وهو آخذ بيد الحسنَين: ( مَن أحبّني وأحبّ هذَين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة ). تقدّم.

* الفضيلة الثامنة: قول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ): ( والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ إلاّ أدخله الله النّار ). وهذا تقدّم أيضاً.

فهذه ثماني فضائل شاملة للحسن والحسين عليهما السلام، تقدّمت في الفصل الأوّل، ونضيف هنا بعضاً آخر من فضائلهما عليهما السلام:

* الفضيلة التاسعة: في أنّ النبي راضٍ عنهما:

أخرج الطبراني في ( الأوسط ) بسنده إلى ربعي بن حراش، عن علي ( عليه السلام ): ( أنّه دخل على النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد بسط شملة فجلس عليها هو وفاطمة وعلي والحسن والحسين، ثمّ أخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم بمجامعه فعقد عليهم، ثمّ قال: ( اللّهم ارض عنهم كما أنا راضٍ عنهم ) ) (1) .

وأورده الهيثمي في ( المجمع ) وقال: ( رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح غير عبيد بن طفيل وهو ثقة ) (2) .

فالنبي، إذن راضٍ عن علي وفاطمة والحسن والحسين ( عليهم السلام )، ومنه يُعلم

____________________

(1) المعجم الأوسط: 5/348، دار الحرمين.

(2) مجمع الزوائد: 9/169، دار الكتب العلميّة.

١٥٤

حال مخالفيهم ومعاديهم ومبغضيهم، فتأمّل.

* الفضيلة العاشرة: في أنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة:

- أخرج أحمد في ( مسنده ) بسنده إلى أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ) (1) .

وأخرجه الترمذي في ( سننه ) (2) ، والنسائي في ( الخصائص ) (3) ، والحاكم في ( المستدرك ) (4) ، وغيرهم.

قال الترمذي: ( حديث حسن صحيح ) (5) ، ووافقه الألباني في ( الصحيحة ) بقوله: ( وهو كما قال ) (6) .

وقال الحاكم معلّقاً على أحد الطرق: ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ووافقه الذهبي (7) ، ووافقهما الألباني أيضاً (8) .

والحديث بهذا الطريق، أعني من طريق أبي سعيد الخدري، قال بصحّته أو حُسْنه جمعٌ آخر من العلماء، منهم الهيثمي في ( مجمع الزوائد ) (9) ،

____________________

(1) مسند أحمد: 3/3، 62، 64، 82، دار صادر.

(2) سنن الترمذي: 5/321، دار الفكر.

(3) تهذيب خصائص الإمام علي للنسائي بتحقيق الحويني الأثري: 104 - 105، دار الكتب العلميّة.

(4) المستدرك على الصحيحين: 3/ (154، 166 - 167)، دار المعرفة.

(5) سنن الترمذي: 5/321، دار الفكر.

(6) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/423، حديث رقم: (796). مكتبة المعارف.

(7) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص الذهبي ): 3/154، دار المعرفة.

(8) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/424، حديث: (796). مكتبة المعارف.

(9) مجمع الزوائد: 9/201، دار الكتب العلميّة.

١٥٥

ومصطفى بن العدوي في ( الصحيح المسند من فضائل الصحابة ) (1) . والحويني الأثري في تحقيقه على ( خصائص أمير المؤمنين ) (2) ، وكذا الداني بن منير آل زهوي (3) ، وحمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( مسند أحمد ) (4) .

- وأخرج أحمد بسنده إلى حذيفة قال: ( سألتْني أمّي: منذ متى عهدك بالنبي صلّى الله عليه وسلّم؟

قال: فقلتُ: منذ كذا وكذا.

قال: فنالت منّي وسبّتني.

قال: فقلتُ لها: دعيني فإنّي آتي النبي صلّى الله عليه وسلّم فأصلّي معه المغرب ثمّ لا أدعه حتّى يستغفر لي ولك.

قال: فأتيتُ النبي صلّى الله عليه وسلّم فصلّيتُ معه المغرب، فصلّى النبي صلّى الله عليه وسلّم العشاء، ثمّ انفتل فتبعتُه، فعرض له عارض فناجاه، ثمّ ذهب فاتبعته فسمع صوتي، فقال: ( من هذا؟ ).

فقلتُ: حذيفة.

قال: ( مالكَ؟ ). فحدّثته بالأمر.

فقال: ( غفر الله لك ولأمّك ).

ثمّ قال: ( أَمَا رأيتَ العارض الذي عرض لي قبيل؟ ).

قال: قلتُ: بلى.

قال: ( فهو مَلَك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذهِ الليلة، فاستأذن ربّه أنْ يُسلّم عليّ ويبشّرني أنّ الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وأنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة ) (5) .

____________________

(1) الصحيح المسند من فضائل الصحابة: 257، دار ابن عفّان.

(2) تهذيب خصائص الإمام علي بتحقيق الحويني الأثري: 99 حديث: (124). دار الكتب العلميّة.

(3) خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بتحقيق آل زهوي: 107، حديث رقم: (140)، المكتبة العصريّة.

(4) مسند أحمد بتحقيق حمزة أحمد الزين: 1/101، 195، 204، 259، أحاديث رقم: (10941)، (11537)، (11561)، (11716)، دار الحديث، القاهرة.

(5) مسند أحمد: 5/391، دار صادر.

١٥٦

وأخرجه الترمذي في ( سننه ) وحسّنه (1) ، وعقّب عليه الألباني قائلاً: ( وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، رجال ( الصحيح ) غير ( مَيْسَرَة ) - وهو ابن حبيب - وهو ثقة ) (2) .

وأخرج الحديث - بألفاظ مختلفة من طريق حذيفة من غير زيادة ( وأنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة ) - جمعٌ منهم: أحمد في ( مسنده ) (3) ، وابن حِبَّان في ( صحيحه ) (4) ، والحاكم في ( المستدرك ) (5) ، وغيرهم.

والحديث صحّحه الحاكم ووافقه الذهبي (6) ، وصحّحه الألباني بطريق أحمد الثاني أيضاً بقوله: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم (7) .

وصحّح كلا طريقي أحمد محقّقُ كتاب ( المسند )، حمزة أحمد الزين (8) .

- وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ( الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، وأبوهما خيرٌ منهما ) أخرجه الحاكم وقال: ( هذا حديث صحيح بهذهِ الزيادة ولم يخرجاه )، ووافقه الذهبي (9) .

هذا، والحديث رواه جمعٌ آخر من الصحابة أيضاً منهم: علي بن أبي

____________________

(1) سنن الترمذي: 5/326، دار الفكر.

(2) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/426، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.

(3) مسند أحمد: 5/392، دار صادر.

(4) صحيح ابن حِبَّان: 15/413، مؤسّسة الرسالة.

(5) المستدرك على الصحيحين: 3/381، دار المعرفة.

(6) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص الذهبي ): 3/381، دار المعرفة.

(7) سلسلة الأحاديث الصحيحة: 2/426، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع.

(8) مسند أحمد: 16/591 - 592، حديث (23222) و (23223)، دار الحديث، القاهرة.

(9) المستدرك على الصحيحين وبهامشه ( تلخيص الذهبي ): 3/167، دار المعرفة.

١٥٧

طالب، وعبد الله بن عمر، والبرّاء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وعمر بن الخطاب، وأبو هريرة، وقرّة بن إياس، وغيرهم (1) ، وله طرق متكثّرة؛ لذا قال السيوطي بتواتره (2) وكذا السمعاني (3) ، ومعه لا حاجة لذكر طرق أخرى، ونكتفي بما قدّمناه.

وإذا عرفت أنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة، فتأمّل في حال مَن جَيَّش الجيوش لقتالهما، أو تسبّب في ذلك، فضلاً عمّن اشترك، أو أعان، بل تأمّل في حال مَن رضي بذلك أيضاً، على مرّ العصور ومدار الزمان.

* الفضيلة الحادية عشرة: في أنّهما ريحانتا النبي الأكرم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ):

- عن ابن عمر قال: ( قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هما ريحانتاي من الدنيا ) ) يعني الحسن والحسين.

أخرجه البخاري في ( صحيحه ) في موضعَين (4) .

- والترمذي في سننه بلفظ: ( سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ( إنّ الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا) )، وقال: ( هذا الحديث صحيح ) (5) .

وأخرجه - أيضاً - أبو داود الطيالسي في ( مسنده ) (6) ، وأبو يعلى في ( مسنده ) (7) ، والطبراني في ( الكبير ) (8) ،

____________________

(1) انظر طرفاً من رواياتهم في ( مجمع الزوائد ): 9/182، 183، 184، 201، دار الكتب العلميّة.

(2) انظر: ( تحفة الأحوذي ) 10/186، دار الكتب العلميّة، و ( فيض القدير ) للمنّاوي: 3/550، دار الكتب العلميّة.

(3) الأنساب: 3/477، دار الجنان، بيروت.

(4) صحيح البخاري:(4/217)، (7/74)، دار الفكر.

(5) سنن الترمذي: 5/322، دار الفكر.

(6) مسند أبي داود: 261، دار الحديث، بيروت.

(7) مسند أبي يعلى: 10/106، دار المأمون للتراث.

(8) المعجم الكبير: 3/127، دار إحياء التراث العربي.

١٥٨

وأحمد في ( مسنده ) (1) .

- وعن سعد بن أبي وقاص، قال: دخلتُ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والحسن والحسين يلعبان على بطنه، فقلتُ: يا رسول الله، أتحبّهما؟

فقال: ( ومالي لا أُحبّهما وهما ريحانتاي ) ).

أخرجه البزّار في ( مسنده ) (2) .

وأورده الهيثمي في ( المجمع ) وقال: ( رواه البزّار ورجاله رجال الصحيح ) (3) .

- وعن أبي أيوب الأنصاري قال: دخلتُ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يديه وفي حجره، فقلتُ: يا رسول الله، أتحبّهما؟

قال: ( وكيف لا أحبّهما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمّهما ) ).

أخرجه الطبراني في ( الكبير ) (4) ، وما تقدّم يشهد لصحّته.

* الفضيلة الثانية عشرة: في محبّة النبي لهما:

- أخرج أحمد بسنده إلى عطاء: أنّ رجلاً أخبره ( أنّه رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم، يضمّ إليه حسناً وحسيناً يقول: ( اللّهم إنّي أُحِبُّهما فأحِبَّهُما ) ) (5) .

وأورده الهيثمي في ( المجمع ) وقال: ( رواه أحمد ورجاله رجال

____________________

(1) مسند أحمد: 2/85، 93، 114، 153، دار صادر.

(2) مسند البزّار: 3/287، نشر مؤسّسة علوم القرآن.

(3) مجمع الزوائد: 9/181، دار الكتب العلميّة.

(4) المعجم الكبير: 4/156، دار إحياء التراث العربي.

(5) مسند أحمد: 5/369، دار صادر.

١٥٩

الصحيح ) (1) .

وقال حمزة أحمد الزين محقّق كتاب ( المسند ): ( إسناده صحيح ) (2) .

- وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( اللّهم إني أُحبُّهما فأحِبَّهما ) ).

أخرجه أحمد في ( مسنده ) (3) ، وابن أبي شيبة في ( المصنّف ) (4) . والبزّار في ( مسنده ) كما في ( مجمع الزوائد )، وقال الهيثمي بعد ذكره: ( رواه البزّار وإسناده حسن ) (5) .

وقال حمزة أحمد الزين محقّق ( المسند ) ( إسناده حسن ) (6) .

هذا ومحبّة الرسول للحسن والحسين غير خافية على أحد، بل هي محلّ اتفاق المسلمين، والروايات في ذلك عديدة متكاثرة، قال الفخر الرازي: ( ثبت بالنقل المتواتر أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يحبُّ عليّاً والحسن والحسين، وإذا ثبت ذلك وجبَ على كلّ الأمّة مثله؛ لقوله: ( وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) .

ولقوله تعالى: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) .

ولقوله: ( قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبِكُمُ اللهُ ) .

ولقوله سبحانه: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي

____________________

(1) مجمع الزوائد: 9/179، دار الكتب العلميّة.

(2) مسند أحمد بتحقيق حمزة أحمد الزين: 16/534، حديث: (23027)، دار الحديث، القاهرة.

(3) مسند أحمد: 2/446 دار صادر.

(4) المصنف: 7/511، دار الفكر.

(5) مجمع الزوائد: 9/179.

(6) مسند أحمد بتحقيق حمزة أحمد الزين: 9/303، حديث: (9721)، دار الحديث، القاهرة.

١٦٠