الطريق إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

الطريق إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام)60%

الطريق إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) مؤلف:
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 84

  • البداية
  • السابق
  • 84 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 39070 / تحميل: 6417
الحجم الحجم الحجم
الطريق إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

الطريق إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الطريق

إلى مذهب أهل البيتعليهم‌السلام

د.أحمد راسم النفيس

١

ملاحظة هذا الكتاب

طبع ونشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً

قسم اللجنة العلمية في الشبكة

إهداء إلى روح كل من:

الحاج مهيوب سباتي

الحاجة أم موسى سباتي

الشاب حسين سباتي

الطريق

الى مذهب أهل البيت (ع)

٢

حقوق الطبع محفوظة للناشر

الكتاب: الطريق إلى مذهب أهل البيت (ع)

المؤلّف: د.أحمد راسم النفيس

الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلاميّة

٣

٤

تقديم

عرفت الساحة المصرية، في السبعينيات، حركة فكرية وسياسية نشطة، كان للتيار الديني فيها بعض المواقع، ثم جاءت الثورة الاسلامية الايرانية في اواخرها فبهر قائدها وشعبه الذي صنعها انظار الاسلاميين في كل مكان.

وفهم مولف هذا الكتاب الدكتور احمد راسم النفيس وهو طبيب مصري كان في اواسط السبعينيات قطبا من اقطاب الحركة الطلابية الاسلامية في مصر.

وقد ضايقه ان يكون الشعب الذي فجر هذه الثورة (منحرف العقيدة) كما يصفه بعضهم من غير المنصفين فسعي الى معرفة هذه العقيدة، ثم تطور السعي الى مراجعة عقيدته التي ورثها عن اسرته محاولة منه لمعرفة طريق الصواب الموصل الى حقيقة الايمان، ومن ثم الى رضا اللّه سبحانه.

وها هو المولف الطبيب يروي لنا في مولفه هذا قصة سعيه الى هذه المعرفة وتوصله اليها في رحلة طويلة بدات منذ نشاته في اسرة علمية واتصلت في المدرسة والمحيط والجامعة، وفي دروب الحياة الملاى بالاحداث...

٥

وتبين للمسافر في سبيل المعرفة، في نهاية الرحلة ان سفينة النجاة للامة الاسلامية تتمثل في اهل بيت النبوة، فطوبى لمن اهتدى الى هذه السفينة وانضوى تحت شراعها.

مركز الغدير للدراسات الاسلامية

٦

اول الطريق

نشاتي الاولي

ولدت عام (١٣٧٢ه/١٩٥٢م). كان ابيرحمه‌الله من رجال التعليم، اما جدي فكان عالما من علماء الازهر الشريف يقوم بالخطابة في مسجد القرية، وكان له (منتدى) يجتمع فيه المثقفون من ابناء هذه القرية، يتعلمون علي يديه العلوم الدينية والفقهية والادبية.

تفتحت عيناي علي اسماء الكتب والمولفات الحديثة لطه حسين والعقاد، وكم دارت مساجلات في بيتنا حول الشعر والادب بين ابي (رحمة اللّه عليه) وبين اصدقائه من الشعراء والادباء الذين حفلت بهم آنئذ مدينة المنصورة، تلك المدينة الجميلة (سابقا) التي تقع علي شاطى‏ء النيل.

تعلمت من ابي وجدي (رحمة اللّه عليهما) حب القراءة والاطلاع، قرات كل ما وقع تحت يدي من كتب اثناء طفولتي الا كتاب واحد عجزت عن مواصلة القراءة فيه، وهو (ابناء الرسول في

٧

كربلاء) للكاتب المصري خالد محمد خالد، كنت اجهش بالبكاء في اللحظة التي امسك فيها الكتاب واعجز عن مواصلة قراءته.

مضت ايام العمر الاولي، كان ابي هادئا لا يرتبط باي اتجاه سياسي او ديني من تلك الاتجاهات التي حفلت بها مصر خلال هذه الحقبة، اما انا فكنت مختلفا بعض الشيء عن باقي افراد الاسرة.

الجمعية الشرعية

في العام (١٣٨٨ه/١٩٦٨م) افتتح بالقرب من منزلنا مسجد (الجمعية الشرعية)، كانت تلك الجمعية تطرح علي الناس حديثا عن الاسلام والمسلمين مندده بالبدع التي دخلت علي الدين، وكانت ترفع شعارا مضمونه: ان لا خلاص للمسلمين مما هم فيه الا بتنقية الاسلام مما علق به من البدع والخرافات، واهمها بكل تاكيد ما يفعله الناس من قول سيدنا (محمد)صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدلا من قولهم (محمد) فقط مجردا من جميع الالقاب، والمصيبة الكبرى عندهم هي الصلاة علي النبي وآلة عقب الاذان، اما الشرك الاعظم - كما يرون- فهو بكل تاكيد زيارة قبور الصالحين من آل البيت او غيرهم، هذا هو الاسلام الصحيح من وجهة نظرهم.

اجتذبتنا هذه الدعوة (التصحيحية) اونة من الوقت، وما لبث المسجد ان تحول الى مجرد مكان للصلاة، ثم لا شيء.

٨

في الجامعة

حصلت على الثانوية العامة عام (١٣٩٠ه/١٩٧٠م) بمجموع مرتفع اهلني لدخول كلية الطب بمدينة المنصورة في جمهورية مصر العربية التي سبقني اليها اخي الاكبر المولع بالنشاط الفني، وهو ما اهله لدخول اتحاد الطلبة. وكان هذا حافزا لي على خوض التجربة نفسها، ولكن في مجال الثقافة. وكان هذا المجال النافذة التي فتحت لي باب الاطلاع علي الصراعات الفكرية والسياسية التي امتلات بها الساحة المصرية في اوائل السبعينيات، حيث كان التيار الشيوعي لا يزال نشطا من خلال المواقع التي احتلها في الحقبة الناصرية.

والواقع ان الحجم الاعلامي لهذا التيار تجاوز بكثير حجمه الحقيقي، وكان التيار الديني يتحرك بصورة خجولة محاولا اكتساب بعض المواقع، وكان من الطبيعي ان يحدث الصدام بين التيارين المتناقضين، وخاصة ان التيار اليساري كان يتحرك بصورة مستفزة للجميع.

في العام (١٣٩٥ه/١٩٧٥م)، وبعد سلسلة من الاستفزازات اليسارية، خضنا الانتخابات الطالبية تحت راية التيار الاسلامي في مواجهة التيار اليساري، وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة لليسار وانتصار باهر للتيار الاسلامي، وتسلمت رئاسة اتحاد الطلاب بكلية طب المنصورة لعامين متتالىين.

٩

وقامت الثورة الاسلامية الايرانية

بهرني ذلك الرجل (روح اللّه الخميني) (رضوان اللّه عليه) منذ اللحظة الاولي، وبهرني ذلك الشعب العظيم الذي يتلقى الرصاص بصدره، ويستعذب الشهادة، وضايقني ان يكون ذلك الشعب (منحرف العقيدة) كما وصفه بعضهم من غير المنصفين، او ان تكون هذه الثورة العظيمة مجرد موامرة امريكية كما يصورها آخرون من دون وازع من دين او خوف من اللّه.

وعندما حاولنا طباعة كتيب لمناصرة الثورة الاسلامية في ايران، رفض ذلك بعض رفاقنا في العمل الثقافي، ولم يكن بوسعي يومها الا السكوت، فليست هناك مصادر للمعرفة حول هذا الامر.

ثم قتل السادات

كان رايى في محمد انور السادات، ولا يزال، هو ان هذا الرجل يحاول ممارسة السياسة ولكن علي طريقة لاعبي السيرك، فكان ان وجئت عنقه في احدى الالعاب الخطرة التي مارسها، وانه ارتكب كل موبقات السياسة.

اعطى الصهاينة ما لم يحلموا به طوال عمرةم، واعطى الامريكان عام (١٤٠٠ه/١٩٧٩م) القاعدة الجوية في مصر ليهاجموا ايران من اجل اطلاق رجال المخابرات الامريكية

١٠

المحتجزين في ما كان يطلق عليه السفارة الامريكية في طهران، واستقبل شاه ايران محمد رضا بهلوي علي ارض مصر مستفزا مشاعر (شعبين مسلمين): الشعب الايراني والشعب المصري.

ثم لم يمت حتى وقف في صف نظام صدام حسين في عدوانه على الجمهورية الاسلامية (١٤٠١ - ١٤٠٨ه/١٩٨٠ - ١٩٨٨م) قائلا: (نعم العراق هو المعتدي ولكننا نساعدة).

هذه هي الاجواء التي سبقت مقتله بيد احد رجآلة في يوم زينته، وهو المقتل الذي فتح علي ابناء الشعب المصري الكثير والكثير من المصاعب الى يومنا هذا.

لم يكن قد مضى على زواجي سوى ثلاثة ايام حين اصدر السادات آخر قراراته البهلوانية، وهو قرار التحفظ علي (١٥٠٠) شخص من معارضيه من كافة التيارات السياسية في مصر (سبتمبر/ ايلول ١٩٨١م)، لم يمض شهر حتى قتل السادات يوم السادس من اكتوبرر تشرين اول ١٩٨١م. ولم يمض شهر آخر حتى جاء زوار الفجر يطرقون الباب، طلبوا مني الحضور لمدة خمس دقائق، وهي خمس دقائق طالت مدة سنة كاملة. في هذا الوقت كنت علي وشك الانتهاء من رسالة (الماجستير).

بعد يومين كنت في (سجن الاستقبال) الذي كان مقرا للتحقيقات في قضية تنظيم الجهاد، وفي اللحظة التي دخلت فيها تلقيت الصفعة الاولي التي اطاحت بنظارتي الطبية وكسرتها،

١١

حاولت لملمة النظارة فلم افلح، اذ انهالت الضربات عليّ من كل جانب، ثم امرنا بالوقوف في مواجهة الحائط والايدي مرفوعة الى اعلي، وانهالت السياط على ظهورنا، هذه يسمونها (حفلة الاستقبال). ثم حلقوا لنا رووسنا بصورة مشوهة، ثم قادونا الى الزنازين بالسياط والركلات، كان هذا في بداية فصل الشتاء، وقد القي بنا في الزنازين على البلاط معصوبي الاعين بعدما اخذوا ملابسنا.

وكانت التعليمات تقضي ببقاء العصابة علي العيون حتى في داخل الزنزانة، والوقوف انتباها لحظة دخول الجنود، في مواجهة الحائط، وتلقى السياط او الكابلات وفقا لما تيسر. كان هذا السجن احد المواقع الاساسية للتحقيقات مع تنظيم الجهاد، وكان التحقيق يبدا يوميا بعد الساعة العاشرة مساء ولا ينتهي الا مع طلوع الفجر، حيث كنا في كل ليلة نسمع صراخ المحققين يطلبون من المعتقلين الاعتراف، وصراخ المعتقلين تحت التعذيب. اما عن اسلوب التعامل معنا في المعتقل فالعنوان الابرز هو انعدام الانسانية.

الحير ة

.. وهكذا مضى عام كامل عليّ في ذلك المعتقل غير الانساني، الذي كانت فيه ابسط حقوقنا الانسانية مسلوبة. بيد ان اللّه تبارك وتعالى انزل علينا صبرا، ووفقني لحفظ القرآن الكريم.

١٢

وبقيت تجربة السجن مع هذه التيارات المختلفة في الراي، والمتنازعة في الاهواء، ماثلة امامي، وما لفتني هو اجتماع كل اولئك في ضيافة النظام الحاكم.

لقد كانت هذه التجربة فرصة رائعة للتامل في الكثير من الافكار، وفي فكر المجموعات من حولي، واستخلاص العبر من معايشتها ومعاينتها، وعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل اللّه فيه خيرا كثيرا.

وفي مثل هذا الجو الذي يخيم عليه الجهل، لم تكن قضية مذهب آل البيت(ع) مطروحة لاسباب عديدة قد يكون من اهمها انعدام ادوات المعرفة.

انتهت رحلة المعتقل يوم ٣١/١٠/١٩٨٢م. (١٤٠٢ه)، حيث عدت الى مكاني في مستشفى المنصورة الجامعي، والى بيتي الصغير، والى اسرتي. وسارت الامور هادئة. وكان الغيث ينزل من السماء رويدا رويدا.

* * *

١٣

١٤

كيف نزل الغيث؟

حوار حول المهدي المنتظر

التقيت ذات يوم من ايام الاعوام(١٤٠٤ - ١٤٠٦ه/١٩٨٣ - ١٩٨٥م) باحد الاصدقاء المصريين العائدين من بعثة علمية في بريطانيا، واخبرني انه التقى ببعض الايرانيين اثناء دراسته، ودار بينه وبينهم حوار حول الثورة الاسلامية في ايران، واخبروه ان هناك حديثا اسمه (حديث الرايات السود)(١) التي تاتى من قبل المشرق تمهد للمهدي، قلت له: لا علم لي بمثل هذه الرواية، فسكت. والتقيت باحد الاصدقاء (الازاهره) (نسبه للازهر الشريف) فسالته عن حقيقة الامر فلم يعطنى اجابه نافعه كعادتهم، فكل شيء عندهم فيه قولان واحيانا ثلاثة وربما اربعة، فلم اقتنع بكلامة، وقلت

____________________

(١) جاء في موسوعة (بحار الأنوار)، ٥١/٨٢: (قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فانتوها و لو حبوا على الثلج فإن فيها خليفة الله المهدي)

بحار الأنوار للشيخ محمد باقر المجلسي، ٥١/٨٢، دار إحياء التراب العربي، بيروت، ط (٣)، ١٤٠٣ه – ١٩٨٣م.

١٥

ابحث بنفسي، فوجدت الرواية في كتاب (الملاحم والفتن) لابن كثير عن رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

(انا اهل بيت اختار اللّه لنا الاخرة، وان اهل بيتي سيلقون بعدي بلاء شديدا وتطريدا حتى ياتي قوم من قبل المشرق يحملون الرايات السود يسالون الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون، فمن ادركهم منهم فلياتهم ولو حبوا علي الثلج فان فيهم خليفة اللّه المهدي)، وغيرها من الروايات المشابهة. واصلت البحث فوجدت روايات اخرى تمدح (الشيعة)، وهي روايات لا تقبل التاويل او التدجيل، مثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تفسير قوله تعالى في سوره الجمعه:( وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَکِيمُ ) «الجمعه/٣». قال: (هذا وقومه واشار الى سلمان الفارسي)، وهي رواية موجودة في تفسير ابن كثير وتفسير الطبري وغيرهما.

الكتب الصفراء

في هذه الاونة (١٩٨٢ - ١٩٨٥) كانت الحرب العراقية الايرانية علي اشدها، فجاة تحول جزء من النفط عن مساره المعهود في تمويل آلة الحرب العراقية، او تسخين الليالى الحمراء، وتحويلها الى ليال ملتهبة. فتحولت بعض المنابر الى (منابر حمراء) هي الاخرى.

١٦

في هذه الاونة امطرت الساحة المصرية بوابل من الكتب الصفراء التي تتهجم علي المسلمين الشيعة، وانطلق التيار السلفي ليقوم بالدور المرسوم له في مهاجمة المسلمين الشيعة وبيان بطلان عقائدهم. ومن الواضح تماما ان هولاء كانوا ينفذون خطا مرسوما ومدعوما بل ويحاولون الايحاء بان وراء التشيع في الجمهورية الاسلامية خطا عنصريا فارسيا في مواجهة الاسلام العربي! وهذه مقولة تكشف بوضوح الروية البعثية العراقية التي امتطت ظهر السلفية. والغريب ان احد الصحفيين المصريين الذين ما زالوا على عهد الولاء بمقاومة الشيعة واهل البيت حتى آخر اكذوبة في جعبته النتنه، قد طلع علينا بمقولة ان التشيع الايراني انما هو من ايحاء (اوروبا) التي ارادت ان تجعل من تشيع ايران وسيلة لضرب الدولة العثمانية.

لا باس من الكذب، والقوم شعارهم (آيها الكذابون لا تخجلوا)!.

لماذا اخترت مذهب اهل البيت؟

كنت في سفرة عائلية في احد ايام صيف عام (١٤٠٥ه/١٩٨٤م). وعثرت في احدى المكتبات علي كتاب عنوانه: (لماذا اخترت مذهب اهل البيت)؟. استاذنت في اخذه. لم يكن احد يعبا

١٧

به او يعرف محتواه. اخذت الكتاب، وقراته. تعجبت، ثم تعجبت كيف يمكن لعالم ازهري هو الشيخ الانطاكي(١) مولف الكتاب ان يتحول الى مذهب اهل البيت(ع)، ارقتني هذه الفكرة اونة وقلت في نفسي: هذا الرجل له وجهة نظر ينبغي احترامها، لم اقرر شيئا، آنئذ، واحتفظت بالكتاب.

خلفاء الرسول الاثنا عشر

بعد عام وفي التوقيت نفسه، وفي المكان نفسه، عثرت على الكتاب الثاني: (خلفاء الرسول الاثنا عشر)، قراته وفهمته ولم اقرر شيئا، لم يات آنئذ، اوان اتخاذ القرار، لكنه صار قاب قوسين او ادنى.

التحول - الاستفزاز - الزنداني - حزب اللّه - حركة التوحيد الاسلامي - طرابلس - الشيخ سعيد شعبان - سبتمبررايلول ١٩٨٥ - الاعجاز العلمي في القرآن الكريم.

التقت جميع هذه العناوين فجاة في سبتمبررايلول ١٩٨٥.

____________________

(١) الشيخ الأنطاكي:هو محمد مرعي الامين الأنطاكي، ولد سنة (١٣١٤ه-١٨٩٦م) في قرية تدعى (عنصو) في تركياء تتلمذ في الأزهر الشريف للشيخ مصطفى المراغي، و الشيخ محمد أبو طه المهني. تولي إمامة الجماعة و الجمعة والتدريس و الإقتاء في حلب بسوريا نحو خمسة عشر عاما.

١٨

كنت على وشك انهاء رسالة الدكتوراه، كانت وما زالت تسليتي الوحيدة في اثناء العمل هي جهاز الراديو نعرف اخبار العالم وماسي المسلمين منه، فجاة التهبت المعارك في طرابلس - لبنان بين حركة التوحيد الاسلامية بقيادة الشيخ سعيد شعبان (حزب سني) وبين الاحزاب اليسارية، وكانت معارك ساخنة: قصف، وحصار، وقتلى.

في هذه الاثناء كان هناك موتمر (الاعجاز العلمي في القرآن الكريم) الذي اشرفت عليه - وقتها - نقابة الاطباء في مصر، كنت احضر هذا الموتمر. وبعد انتهائه التقيت باحد الزملاء الذين يتحركون في معية الشيخ عبد المجيد الزنداني الىمني اللاجى‏ء للعربية السعودية آنئذ، اقترح عليّ هذا الزميل لقاء الشيخ ودعوته لالقاء محاضرة في احد مساجد المنصورة عن الاعجاز العلمي في القرآن الكريم، وهي مسالة كان وما زال لي فيها راي مختلف، لا باس قلنا نذهب لدعوة الشيخ، صعدنا اليه في غرفته الفاخرة في احد فنادق القاهرة، قمت بتوجيه الدعوة اليه، كان الرجل حريصا على ابراز جواز السفر الدبلوماسي السعودي الذي كان يحملة رغم كونه يمنيا.

قبل ان اذهب الى المحاضرة كنت قد استمعت الى آخر الاخبار عن طرابلس وحركة التوحيد المحاصرة من جميع

١٩

الجهات. والتي كادت الاحزاب اليسارية في لبنان تفتك بها، وعن تدخل الجمهورية الاسلامية الايرانية لانهاء الحصار وانقاذ الشيخ سعيد شعبان (السني) وحزبه من الدمار، وذهاب وفد من حزب اللّه الى طرابلس لضمان امن الشيخ. موقف هزني من الاعماق، واسعدني ان يكون هذا موقف الجمهورية الاسلامية ورئيسها آنئذ السيد علي الخامنئي الذي هاتف الرئيس السورى حافظ الاسد مدة ساعة لانهاء الازمة. ذهبت الى المحاضرة، وجاء الشيخ وقال ما لديه عن الاجنة والفلك وان الاسلام حلو وجميل.

جاء دور العشاء، وعلي المائدة جاء دور الاسئلة الخاصة، فسآلة سائل عن ايران والخميني والشيعة؟ ويبدو ان الرجل لم يكن يتوقع اى معارضة فاتخذ موقفا شتاما منذ البداية: هولاء الشيعة اوغاد - يحاربون الجهاد الافغانى - كذبوا علي اللّه وادعوا اثني عشر اماما فابي اللّه الا ان يخزيهم فغيب امامةم الثاني عشر وهم ينتظرونه عند السرداب.

قلت: سبحان اللّه يا مولانا، المعركة الان هي بين الاسلام والعلمانية المدعومة من قوى الكفر العالمي، ولا ينبغي اطلاقا ان نسمح بمعركة بين الاسلام السني والاسلام الشيعي. ثم سالته: اين كانت الدول الاسلامية السنية وحركة التوحيد الاسلامية السنية تذبح في طرابلس؟

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الأحاديث ظنية ، وانعدام الأمارات المقتضية للعمل بها.

ومثل الحسن ، والموثقية ، وإجماع العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ، وغير ذلك ، وإن صار ضابطة عند البعض مطلقا ، أو في بعض رأيه ، إلاّ أنّ ذلك البعض لم يصطلح إطلاق الصحيح عليه ، وإن كان يطلق عليه في بعض الأوقات ، بل لعل الجميع يطلقون أيضا كذلك ، كما سنشير إليه في أبان بن عثمان حذرا من الاختلاط ، لشدة اعتمادهم في مضبوطيّة قواعدهم ولئلا يقع تلبيس وتدليس.

وبالجملة لا وجه للاعتراض عليهم بتغيير الاصطلاح وتخصيصه ، بعد ملاحظة ما ذكرنا(1) .

__________________

(1) قال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : 270 : تبيين : الذي بعث المتأخرين نور الله مراقدهم على العدول عن متعارف القدماء ووضع ذلك الاصطلاح الجديد ، هو أنّه لمّا طالت المدة بينهم وبين الصدر السالف ، وآل الحال إلى اندراس بعض كتب الأصول المعتمدة ، لتسلط حكام الجور والضلال ، والخوف من إظهارها وانتساخها ، وانضم الى ذلك اجتماع ما وصل إليهم من كتب الأصول في الأصول المشهورة في هذا الزمان ، فالتبست الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة ، واشتبهت المتكررة في كتب الأصول بغير المتكررة ، وخفي عليهم قدس الله أرواحهم كثير من تلك الأمور التي كانت سبب وثوق القدماء بكثير من الأحاديث ، ولم يمكنهم الجري على أثرهم في تمييز ما يعتمد عليه مما لا يركن إليه ، فاحتاجوا إلى قانون تتميّز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها ، والموثوق بها عمّا سواها.

فقرروا لنا شكر الله سعيهم ذلك الاصطلاح الجديد ، وقربوا إلينا البعيد ، ووصفوا الأحاديث الموردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحّة والحسن والتوثيق.

وأوّل من سلك هذا الطريق من علمائنا المتأخرين شيخنا العلامة جمال الحق والدين الحسن بن المطهر الحلي قدس الله روحه.

ثم إنّهم أعلى الله مقامهم ربما يسلكون طريقة القدماء في بعض الأحيان فيصفون مراسيل بعض المشاهير كابن أبي عمير وصفوان بن يحيى بالصحة ، لما شاع من أنّهم لا

٦١

وأيضا عدهم الحديث حسنا وموثقا منشأه القدماء ، ولا خفاء فيه ، مع أنّ حديث الممدوح عند القدماء ليس كحديث الثقة ، والمهمل والضعيف البتة ، وكذا الموثق ، نعم لم يعهد منهم أنّه حسن أو موثق مثلا ، وما فعله المتأخرون لو لم يكن حسنا لا مشاحة فيه البتة ، مع أن حسنه غير خفي.

ومما ذكرنا ظهر فساد ما توهم بعض من أنّ قول مشايخ الرجال : صحيح الحديث ، تعديل ، ويأتي في الحسن بن علي بن نعمان(1) أيضا ، نعم هو مدح ، فتدبر(2) .

فائدة :

قولهم : لا بأس به ، أي : بمذهبه ، أو رواياته‌. والأول أظهر إن ذكر مطلقا ، وسيجي‌ء في إبراهيم بن محمّد بن فارس : لا بأس به في نفسه ولكن ببعض من روى عنه(3) .

وربما يوهم هذا كون المطلق قابلا للمعنيين ، وفيه تأمل.

__________________

يرسلون إلا عمّن يثقون بصدقه ، بل يصفون بعض الأحاديث التي في سندها من يعتقدون أنّه فطحي أو ناووسي بالصحة نظرا إلى اندراجه فيمن أجمعوا على تصحيح ما يصحّ عنهم.

وعلى هذا جرى العلامة قدس الله روحه في المختلف ، حيث قال في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة : إنّ حديث عبد الله بن بكير صحيح. وفي الخلاصة حيث قال : إن طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري صحيح وإن كان في طريقه أبان بن عثمان مستندا في الكتابين إلى إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهما.

وقد جرى شيخنا الشهيد الثاني طاب ثراه على هذا المنوال أيضا ، كما وصف في بحث الردّة من شرح الشرائع حديث الحسن بن محبوب عن غير واحد بالصحة ، وأمثال ذلك في كلامهم كثير ، فلا تغفل.

(1) قول النجاشي في رجاله في ترجمته : 40 / 81 : له كتاب نوادر صحيح الحديث.

(2) تعليقة الوحيد البهبهاني : 6.

(3) قال الكشي في رجاله : 530 / 1014 : وأمّا إبراهيم بن محمّد بن فارس ، فهو في نفسه لا بأس به ، ولكن بعض من يروي هو عنه.

٦٢

والأظهر الأوفق بالعبارة : أنّه لا بأس به بوجه من الوجوه ، ولعله لذا قيل بإفادته التوثيق(1) ، واستقر به المصنف في الوسيط(2) ، ويومئ إليه ما في تلك الترجمة ، وترجمة بشار بن يسار(3) ، ويؤيده قولهم : ثقة لا بأس به.

والمشهور إفادته المدح(4) ، وقيل : بعدم إفادته ذلك أيضا(5) ، وفي الخلاصة عدّه من القسم الأول(6) ، فهو عنده يفيد مدحا معتدا به.

__________________

(1) قال الشهيد الثاني في الرعاية : 205 ، في تعداده لألفاظ التعديل الغير الصريحة : لا بأس به ، بمعنى أنّه ليس بظاهر الضعف.

وقال في صفحة : 207 : وأمّا نفي البأس عنه ، فقريب من الخيّر ، لكن لا يدلّ على الثقة ، بل من المشهور : أنّ نفي البأس يوهم البأس.

ونقل المحقق في حاشية الرعاية عن ابن معين : إذا قلت ليس به بأس ، فهو ثقة.

وعن ابن أبي حاتم : إذا قيل صدوق ، أو محلّه الصدق ، أو لا بأس به ، فهو ممّن يكتب حديثه وينظر فيه.

وعدّ الداماد في الرواشح السماوية : 60 : لا بأس به. في ضمن ألفاظ التوثيق والمدح.

وقال الكاظمي في العدّة : 20 : قولهم : لا بأس به ، فإنّه في العرف ممّا يفيد المدح ، بل ربما عدّ في التوثيق وقال الأصفهاني في الفصول الغروية : 303 : ومنها قولهم : لا بأس به ، فعدّه بعضهم توثيقا ، لظهور النكرة المنفية بالعموم.

(2) في نسختنا من الوسيط ـ في ترجمة إبراهيم بن محمّد بن فارس : 8 : وعن أحمد بن طاوس ، عن الكشي ، عن محمّد بن مسعود : ثقة في نفسه ولكن بعض من يروي عنه ـ ثم قال ـ : وكأنّه بناء على أنّ نفي البأس يقتضي التوثيق ، وهو غريب. انتهى.

واحتمال التصحيف بين كلمة قريب وغريب غير بعيد. ولقول الوحيد في التعليقة : 27 ، في تلك الترجمة : لعلّ ما ذكره من أنّ لا بأس ، نفي لجميع أفراد البأس ، ويؤكده قوله : ولكن ببعض من يروي عنه ، وفي ذلك إشارة إلى الوثاقة ، وقد مرّ في الفائدة الثانية.

(3) في رجال الكشي : 411 / 773 ، قال : سألت علي بن الحسن ، عن بشار بن بشار ـ الذي يروي عنه أبان بن عثمان ـ؟ قال : هو خير من أبان وليس به بأس.

(4) كما في عبارة الشهيد الثاني في الرعاية : 207 ، وقد مرّت.

(5) أرسل هذا القول في الفصول الغروية : 303 ، وهو مختار السيد الصدر في نهاية الدراية : 149.

(6) الخلاصة : 7 / 25.

٦٣

فائدة :

قولهم : عين ، ووجه ، قيل : يفيد التعديل‌(1) . ويظهر من المصنف في الحسن بن علي بن زياد(2) .

وسنذكر عن جدي فيه معناهما ، واستدلاله على كونه توثيقا(3) .

وربما يظهر ذلك من المحقق الداماد أيضا في الحسين بن أبي العلاء(4) .

وعندي أنهما يفيدان مدحا معتدا به.

وأقوى منهما قولهم : وجه من وجوه أصحابنا(5) .

__________________

(1) قال في الرواشح : 60 : ألفاظ التوثيق : ثقة. عين ، وجه.

وقال في الفصول الغروية : 303 : ومنها قولهم عين ، أو وجه.

فقد عدّه بعض الأفاضل تعديلا ، وهو غير بعيد. وقال البهائي في الوجيزة : 5 : وألفاظ التعديل : ثقة ، حجة ، عين ، وما أدى مؤدّاها.

(2) قال في منهج المقال : 103 : وربما استفيد توثيقه من استجازة أحمد بن محمّد بن عيسى ، ولا ريب أنّ كونه عينا من عيون هذه الطائفة ، ووجها من وجوهها ، أولى من ذلك.

(3) روضة المتقين : 14 / 45 ، قال : وكان هذا الشيخ عينا من عيون هذه الطائفة ، وهذا توثيق. إلى أن قال : بل الظاهر أنّ قوله : وجه ، توثيق.

وقال الميرزا القمي في القوانين : 485 : فمن أسباب الوثاقة. قولهم : عين ، ووجه ، فقيل أنّهما يفيدان التوثيق.

(4) وقال المحقق الداماد في تعليقته على رجال الكشي : 1 / 243 : والحسين بن أبي العلاء الخفاف الأزدي ، وأخواه علي وعبد الحميد : وجوه ، ثقات ، أذكياء.

(5) التعليقة : 7 ، وقال في الفصول الغروية : 303 : ومنها قولهم : عين ، أو وجه ، أو وجه من وجوه أصحابنا ، إلى أن قال : والأظهر أنّه يفيد مدحا يصح الاعتماد معه على روايته لا سيّما الأخير.

وقال الميرزا القمي في القوانين : 485 : قولهم عين ووجه ، فقيل إنّهما يفيدان التوثيق ، وأقوى منهما وجه من وجوه أصحابنا.

٦٤

فائدة :

عند خالي(1) ، بل وجدي(2) ـ على ما هو ببالي ـ كون الرجل ذا أصل ، من أسباب الحسن‌. وعندي فيه تأمل ، لأنّ كثيرا من أصحاب الأصول كانوا ينتحلون المذاهب الفاسدة(3) ، وإن كانت كتبهم معتمدة ، على ما صرح به في أول الفهرست(4) .

وأيضا الحسن بن صالح بن حي ، متروك العمل بما يختص بروايته على ما صرّح به في التهذيب(5) ، مع أنّه ذا أصل.

__________________

(1) قال المجلسي في مرآة العقول : 1 / 108 : الحديث التاسع مجهول على المشهور بسعدان بن مسلم ، وربما يعد حسنا لأنّ الشيخ قال : له أصل.

وقال أيضا في 10 / 124 ، عند ذكر الحسن بن أيوب : وقال النجاشي : له كتاب أصل ، وكون كتابه أصلا عندي مدح عظيم.

(2) قال المجلسي الأول في روضة المتقين : 1 / 86 : فإنّك إذا تتبعت كتب الرجال ، وجدت أكثر أصحاب الأصول الأربعمائة غير مذكور في شأنهم تعديل ولا جرح ، إمّا لأنّه يكفي في مدحهم وتوثيقهم أنّهم أصحاب الأصول. إلى آخره.

(3) الظاهر من أنّهم يعدونه حسنا إذا ذكر مجردا من دون مدح أو قدح ، ولذا قال المجلسي الثاني في آخر وجيزته : 409 ، بعد ذكر طرق الصدوق : واعلم ان ما نقلنا من العلامة هو بيان حال السند دون صاحب الكتاب ، وإنّما حكمنا بحسن صاحب الكتاب إذا كان على المشهور مجهولا ، لحكم الصدوقرحمه‌الله بأنّه إنّما أخذ أخبار الفقيه من الأصول المعتبرة ، التي عليها المعول وإليها المرجع ، وهذا إن لم يكن موجبا لصحة الحديث ـ كما ذهب إليه المحدثون ـ فهو لا محالة مدح لصاحب الكتاب.

ويؤيده قول المجلسي الأول الآنف الذكر.

(4) الفهرست : 2.

(5) التهذيب 1 : 408 / 1282.

٦٥

وكذلك علي بن أبي حمزة البطائني ، مع أنّه ذكر فيه ما ذكر(1) .

وأضعف من ذلك كون الرجل ذا كتاب.

وفي المعراج : كون الرجل ذا كتاب لا يخرجه عن الجهالة إلاّ عند بعض من لا يعتد به(2) .

هذا ، والظاهر أنّ كون الرجل ذا أصل يفيد حسنا ، لا الحسن الاصطلاحي. وكذا كونه كثير التصنيف ، أو جيد التصنيف ، وأمثال ذلك ، بل كونه ذا كتاب أيضا يشير الى حسن ما.

ولعل مرادهم ذلك مما ذكروا ـ وسيجي‌ء عن البلغة في الحسن بن أيوب ـ : أنّ كون الرجل ذا أصل يستفاد منه الحسن(3) ، فلاحظ.

أقول : لا يكاد يفهم حسن من قولهم : له كتاب ، أو أصل ، أصلا ، وإفادة الحسن لا بالمعنى المصطلح لا تجدي في المقام نفعا ، لكن تأمله سلمه الله تعالى في ذلك ـ لانتحال كثير من أصحاب الأصول المذاهب الفاسدة ـ لعله ليس بمكانه ، لأنّ ذلك لا ينافي الحسن بالمعنى الأعم ، كما سيعترف به دام فضله عند ذكر وجه الحكم بصحة حديث ابن الوليد ، وأحمد ابن محمّد بن يحيى ، وسائر مشايخ الإجازة.

والأولى أن يقال : لأنّ كثيرا منهم فيهم مطاعن وذموم. إلاّ أن يكون مراد خاله العلامة الحسن بالمعنى الأخص ، فتأمل.

__________________

(1) ذكر الشيخ في ترجمته في الفهرست : 96 / 418 : واقفي المذهب ، له أصل. مع كثرة ما ورد فيه من ذموم.

(2) معراج أهل الكمال : 129 / 61 ، في ترجمة : أحمد بن عبيد ، ومراده من البعض هو : المولى مراد التفرشيرحمه‌الله في التعليقة السجادية ، كما صرح بذلك في الهامش.

(3) راجع البلغة : 344 هامش رقم : 3.

٦٦

فائدة :

الكتاب مستعمل عندهم رضي الله عنهم في معناه المعروف‌ ، وهو أعمّ مطلقا من الأصل والنوادر.

فإنّه يطلق على الأصل كثيرا ، منه ما يأتي في ترجمة : أحمد بن محمّد ابن عمار(1) ، وأحمد بن ميثم(2) ، وإسحاق بن جرير(3) ، والحسين بن أبي العلاء(4) ، وبشّار بن يسار(5) ، وبشر بن مسلمة(6) ، والحسن بن رباط(7) ، وغيرهم.

وربما يطلق في مقابل الأصل ، كما في ترجمة : هشام بن الحكم(8) ، ومعاوية بن حكيم(9) ، وغيرهما.

__________________

(1) قال الشيخ الطوسي في فهرسته : 29 / 88 : كثير الحديث والأصول ، وصنف كتبا.

(2) قال الشيخ في رجاله : 440 / 21 : روى عنه حميد بن زياد كتاب الملاحم ، وكتاب الدلالة ، وغير ذلك من الأصول.

(3) قال الشيخ في فهرسته : 15 / 53 : له أصل.

وقال النجاشي في رجاله : 71 / 170 : له كتاب.

(4) قال الشيخ في الفهرست : 54 / 204 : له كتاب يعدّ في الأصول.

(5) قال الشيخ في الفهرست : 40 / 130 : له أصل. عن ابن أبي عمير عنه.

وقال النجاشي في رجاله : 113 / 290 : له كتاب ، رواه عنه محمّد بن أبي عمير.

(6) في الفهرست : 40 / 129 : له أصل ، عنه ابن أبي عمير.

وفي رجال النجاشي : 111 / 285 : له كتاب ، رواه ابن أبي عمير.

(7) في الفهرست : 49 / 174 : له أصل. رواه ابن محبوب ، وفي رجال النجاشي : 46 / 94 : له كتاب ، رواية الحسن بن محبوب.

(8) قال الشيخ في الفهرست : 174 / 781 : له أصل. وله من المصنفات كتب كثيرة.

(9) قال النجاشي في رجاله : 412 / 1098 : روى معاوية بن حكيم أربعة وعشرين أصلا ، لم يرو غيرها. وله كتب.

٦٧

وربما يطلق على النوادر ، وهو أيضا كثير ، منه قولهم : له كتاب النوادر ، وفي أحمد بن الحسين بن عمر ما يدل عليه(1) .

وكذا يطلق النوادر في مقابل الكتاب ، كما في ترجمة ابن أبي عمير(2) .

وأمّا المصنّف ، فالظاهر أنّه أيضا أعمّ منهما ، فإنه يطلق عليهما ، كما يظهر من ترجمة أحمد بن ميثم(3) .

ويطلق بإزاء الأصل ، كما في هشام بن الحكم(4) ، وديباجة الفهرست(5) .

وأمّا النسبة بين الأصل والنوادر ، فالأصل أنّ النوادر غير الأصل ، وربما يعدّ من الأصول كما يظهر من ترجمة حريز بن عبد الله(6) ، وغيره.

بقي الكلام في معرفة الأصل والنوادر ، نقل ابن شهرآشوب عن المفيد : أنّ الإمامية صنّفت من عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام الى زمان العسكريعليه‌السلام أربعمائة كتاب تسمى الأصول ، انتهى(7) .

__________________

(1) قال النجاشي في ترجمته : 83 / 200 : له كتب لا يعرف منها إلاّ النوادر.

(2) قال النجاشي في ترجمته : 326 / 887 : وقد صنف كتبا كثيرة. حدثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير بجميع كتبه. فأمّا نوادره فهي كثيرة ، لأن الرواة لها كثيرة.

(3) قال الشيخ في الفهرست : 25 / 77 : له مصنفات ، منها كتاب الدلائل ، كتاب المتعة.

(4) قال الشيخ في الفهرست : 174 / 781 : وكان له أصل. ، ثم قال : وله من المصنفات كتب كثيرة.

(5) قال الشيخ في ديباجة الفهرست : 2 : عمدت إلى كتاب يشتمل على ذكر المصنفات والأصول ، ولم أفرد أحدهما عن الآخر لئلا يطول الكتابان ، لأنّ في المصنفين من له أصل فيحتاج إلى أن يعاد ذكره في كل واحد من الكتابين فيطول.

(6) قال الشيخ في الفهرست : 62 / 249 : له كتب. وعدّ منها : كتاب النوادر ، ثم قال : تعدّ كلّها في الأصول.

(7) معالم العلماء : 3.

٦٨

أقول : لا يخفى أنّ مصنفاتهم أزيد من الأصول(1) ، فلا بد من وجه لتسمية بعضها أصولا دون بعض.

فقيل : إنّ الأصل ما كان مجرد كلام المعصومعليه‌السلام ، والكتاب ما فيه كلام مصنفه أيضا(2) ، وأيّد ذلك بقول الشيخرحمه‌الله في زكريا بن يحيى الواسطي : له كتاب الفضائل ، وله أصل(3) .

وفي التأييد نظر ، إلاّ أنّ ما ذكره لا يخلو عن قرب وظهور.

واعترض : بأنّ الكتاب أعمّ ، وفيه أنّ الغرض بيان الفرق بين الكتاب الذي ليس بأصل ومذكور في مقابله ، والكتاب الذي هو أصل ، وبيان سبب قصر تسميتهم الأصل في الأربعمائة.

ويظهر من كلام الشيخ في أحمد بن محمّد بن نوح أنّ للأصول ترتيبا خاصا(4) .

وقيل ـ في وجه الفرق ـ : أنّ الكتاب ما كان مبوبا(5) ومفصلا ، والأصل‌

__________________

(1) قال الحر العاملي في الفائدة الرابعة من خاتمة الوسائل : 30 / 165 ـ عند تعداده للكتب التي نقل عنها ـ : وأمّا ما نقلوا منه ولم يصرحوا باسمه فكثير جدا ، مذكور في كتب الرجال ، يزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب ، على ما ضبطناه.

بينما ذكر أنّ الأصول أربعمائة.

(2) ذكر ذلك المحقق البحراني في المعراج : 17 ، نقلا عن الفاضل الأمين الأسترآباديقدس‌سره من بعض معلقاته.

وقال المحقق محمّد أمين الكاظمي في هداية المحدثين : 307 : الفرق بين المصنف والكتاب والأصل : أن الأولين كتبا بعد انقضاء زمن الأئمة عليهم‌السلام ، بخلاف الثالث فإنه كتب في زمنهم عليهم‌السلام .

(3) الفهرست : 75 / 314 ، في ترجمة زكار بن يحيى الواسطي.

(4) الفهرست : 37 / 117 ، قال : وله كتب في الفقه على ترتيب الأصول.

(5) ولكنّ يبدو أنّ كثيرا من الكتب غير مبوبة ، كما ورد في قول النجاشي في ترجمة علي بن جعفر : 251 / 662 : له كتاب في الحلال والحرام يروي تارة غير مبوب ، وتارة مبوّبا.

٦٩

مجمع أخبار وآثار(1) .

وردّ : بأنّ كثيرا من الأصول مبوّبة(2) .

ويقرب في نظري : أنّ الأصل هو الكتاب الذي جمع فيه مصنفه الأحاديث التي رواها عن المعصومعليه‌السلام ، أو عن الراوي ، والكتاب والمصنّف لو كان فيهما حديث معتمد معتبر لكان مأخوذا من الأصول غالبا.

وقيّدنا بالغالب ، لأنّه ربما كان بعض الروايات يصل معنعنا ، ولا يؤخذ من أصل ، وبوجود مثل هذا فيه لا يصير أصلا ، فتدبر.

وأمّا النوادر : فالظاهر أنّه ما اجتمع فيه أحاديث لا تنضبط في باب لقلته أو وحدته ، ومن هذا قولهم في الكتب المتداولة : نوادر الصلاة ، نوادر الزكاة وغير ذلك(3) .

وربما يطلق النادر على الشاذ(4) ، ومن هذا قول المفيدرحمه‌الله : إنّ النوادر هي التي لا عمل عليها(5) .

وقال الشيخ في التهذيب : لا يصلح العمل بحديث حذيفة لأنّ متنه لا‌

__________________

وفي ترجمة سعد بن سعد : 179 / 470 : له كتاب مبوب وكتاب غير مبوب.

وقال في ترجمة محمّد بن علي بن بابويه الصدوق : 392 / 1049 : كتاب العلل غير مبوب.

(1) انظر عدّة الرجال : 12.

(2) كما قال الشيخ في الفهرست : 37 / 117 ، في ترجمة أحمد بن محمّد بن نوح : وله كتب في الفقه على ترتيب الأصول.

(3) قال العلامة المجلسي في مرآة العقول : 1 / 154 : النوادر : أي أخبار متفرقة مناسبة للأبواب السابقة ، ولا يمكن إدخالها فيها ، ولا عقد باب لها ، لأنّها لا يجمعها باب ، ولا يمكن عقد باب لكلّ منها.

(4) راجع نهاية الدراية : 63 ، ومقباس الهداية : 1 / 252.

(5) الرسالة العددية : 9 / 19.

٧٠

يوجد في شي‌ء من الأصول المصنّفة ، بل هو موجود في الشواذّ من الأخبار(1) .

والمراد من الشاذ ـ عند أهل الدراية ـ : ما رواه الثقة مخالفا لما رواه الأكثر(2) ، وهو مقابل المشهور(3) .

والشاذّ مردود مطلقا عند بعض ، مقبول كذلك عند بعض(4) .

ومنهم من فصّل : بأنّ المخالف له إن كان أحفظ وأضبط وأعدل فمردود ، دون العكس فيتعارضان(5) .

وعن بعض أنّ النادر ما قلّ روايته وندر العمل به(6) . وادعى أنّه الظاهر من كلام الأصحاب. ولا يخلو من تأمل(7) .

فائدة :

قولهم : أسند عنه ، قيل : معناه سمع عنه الحديث‌ ، ولعل المراد على سبيل الاستناد والاعتماد(8) ، وإلاّ فكثير ممن سمع عنه ليس ممن أسند‌

__________________

(1) التهذيب : 4 / 169.

(2) قال ابن الصلاح في المقدمة : 44 : قال الشافعي : ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره ، إنّما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس. ونظيره في تدريب الراوي : 1 / 232 وغيرهما.

(3) كما في الرعاية : 115 ، والوجيزة للبهائي : 5 ، ونهاية الدراية : 63.

(4) الرعاية : 115.

(5) الرعاية : 115 ، مقدمة ابن الصلاح : 46 ، تدريب الراوي : 1 / 234.

(6) مقباس الهداية : 3 / 31.

وقال الشيخ الطريحي في مجمع البحرين ـ ندر ـ : 3 / 490 : والنادر من الحديث في الاصطلاح : ما ليس له أخ ، أو يكون لكنّه قليل جدا ، ويسلم من المعارض ولا كلام في صحته ، بخلاف الشاذ فإنه غير صحيح ، أو له معارض.

(7) تعليقة الوحيد البهبهاني : 7.

(8) نقل العلياري في بهجة الآمال : 1 / 161 عن القوانين أنّه قال : ومن أسباب الوثاقة قولهم :

٧١

عنه(1) .

وقال جدي : المراد روى عنه الشيوخ ، واعتمدوا عليه ، وهو كالتوثيق ، ولا شك أنّ هذا المدح أحسن من لا بأس به(2) ، انتهى.

قولهرحمه‌الله : وهو كالتوثيق ، لا يخلو من تأمل ، نعم إن أراد التوثيق بالمعنى الأعم فلعلّه لا بأس به ، لكن لعله توثيق من غير معلوم الوثاقة ، أما أنّه روى عنه الشيوخ كذلك حتى يظهر وثاقته لبعد اتفاقهم على الاعتماد على من ليس بثقة ، أو بعد اتفاق كونهم بأجمعهم غير ثقات ، فليس بظاهر.

نعم ربما يستفاد منه قوة ومدح(3) ، لكن ليس بمثابة قولهم : لا بأس به ، بل أضعف منه ، لو لم نقل بإفادة ذلك التوثيق.

وربما يقال : بايمائه الى عدم الوثوق ، ولعله ليس كذلك(4) .

أقول : لم أعثر على هذه الكلمة إلاّ في كلام الشيخرحمه‌الله ، وما ربما يوجد في الخلاصة فإنّما أخذه من رجال الشيخ ، والشيخرحمه‌الله إنّما ذكرها في رجاله دون فهرسته ، وفي أصحاب الصادقعليه‌السلام دون غيره ، إلاّ في أصحاب الباقرعليه‌السلام ندرة غاية الندرة(5) .

__________________

أسند عنه ، يعني سمع منه الحديث على وجه الاسناد.

(1) ذكر هذا القول أيضا الأسترآبادي في لب اللباب : 22 على ما نقل عنه محقق مقباس الهداية : 2 / 228.

(2) روضة المتقين : 14 / 64 ، ذكر ذلك عند شرحه لحال أيوب بن الحر الجعفي.

(3) قال الكاظمي في عدته : 50 : وكثيرا ما يقولون : أسند عنه ـ وهو بالمجهول ـ والمراد أنّ الأصحاب رووا عنه ، وتلك خلة مدح ، فإنه لا يسند ولا يروى إلاّ عمّن يعوّل عليه ويعتمد.

(4) التعليقة : 7.

(5) ذكرت لفظة « أسند عنه » في عدّة من أصحاب الأئمةعليهم‌السلام في رجال الشيخ ، ففي أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام جاوزوا الثلاثمائة شخص.

أما في أصحاب الإمام الباقر عليه‌السلام فذكرت العبارة في حق شخص واحد ، وهو :

٧٢

واختلفت الأفهام في قراءتها :

فمنهم من قرأها بالمجهول كما سبق ، ولعلّ عليه الأكثر ، وقالوا بدلالتها على المدح ، لأنّه لا يسند إلاّ عمن يستند إليه ، ويعوّل عليه.

وفي ترجمة محمّد بن عبد الملك الأنصاري : أسند عنه ، ضعيف(1) .

فتأمل.

وقيل في وجه اختصاصها ببعض دون بعض : أنّها لا تقال إلاّ فيمن لا يعرف بالتناول منه والأخذ عنه(2) .

وقرأ المحقق الشيخ محمّد : أسند بالمعلوم ، وردّ الضمير الى الامامعليه‌السلام ، وكذا الفاضل الشيخ عبد النبي الجزائريرحمه‌الله في‌

__________________

حماد بن راشد الأزدي : 117 / 39.

وذكرت في أصحاب الإمام الكاظم عليه‌السلام مرتين :

موسى بن إبراهيم المروزي : 359 / 7.

يزيد بن الحسن : 364 / 19.

وذكرت في أصحاب الإمام الرضا عليه‌السلام سبع مرات :

إسماعيل بن محمّد بن إسحاق بن جعفر : 367 / 4.

أحمد بن عامر بن سليمان الطائي : 367 / 5.

داود بن سليمان بن يوسف : 375 / 2.

علي بن بلال : 380 / 7.

عبد الله بن علي : 381 / 16.

محمّد بن سهل البجلي الرازي : 389 / 34.

محمّد بن أسلم الطوسي : 390 / 49.

وذكرت في أصحاب الإمام الهادي عليه‌السلام مرة واحدة : محمّد بن أحمد بن عبيد الله ابن المنصور : 422 / 14.

(1) رجال الشيخ : 294 / 223.

(2) قال الكاظمي في عدته : 50 ، بعد كلامه في هامش رقم 3 المتقدم : غير أنّهم إنّما يقولون ذلك فيمن لا يعرف بالتناول منه ، والأخذ عنه.

٧٣

الحاوي(1) كما يأتي عنهما في يحيى بن سعيد الأنصاري(2) ، وعن الثاني في عبد النور أيضا(3) .

وينافيه قول الشيخ في جابر بن يزيد : أسند عنه ، روى عنهما(4) .

وقوله في محمّد بن مسلم : أسند عنه قصير وحداج ، روى عنهما(5) .

وقوله في محمّد بن إسحاق بن يسار : أسند عنه ، يكنى أبا بكر ، صاحب المغازي ، من سبي عين التمر ، وهو أول سبي دخل المدينة ، وقيل : كنيته أبو عبد الله ، روى عنهما(6) .

وقال المحقق الداماد في الرواشح ـ ما ملخصه ـ : إنّ الصحابي ـ على مصطلح الشيخ في رجاله ـ على معان :

منها : أصحاب الرواية عن الإمام بالسماع منه.

ومنها : بإسناد عنه ، بمعنى أنّه روى الخبر عن أصحابهعليه‌السلام

__________________

(1) الحاوي : 344 / 2135.

(2) قال المحقق الشيخ محمّدقدس‌سره : العجب من العلامةرحمه‌الله أنّه أتى بقوله : أسند عنه ، مع عدم تقدم مرجع الضمير ، فكأنّه نقل كلام الشيخرحمه‌الله بصورته ، والضمير فيه عائد إلى الصادقعليه‌السلام ، وهذا من جملة العجلة الواقعة من العلامةرحمه‌الله ، انتهى.

وقال الفاضل عبد النبي الجزائري : لا يخفى أن ضمير عنه في عبارة الخلاصة لا مرجع له بحسب الظاهر ، وكان عليه أن يقول من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، انتهى.

ثم عقب الحائري بقوله : ولا يخفى أنّ ما ذكراه مبني على قراءة « أسند » ، بصيغة المعلوم ، ولم يظهر ذلك من العلامة رحمه‌الله ، فلعلّه رحمه‌الله قرأها بالمجهول ، فلا اعتراض.

منتهى المقال ، ترجمة يحيى بن سعيد الأنصاري.

(3) الحاوي : 306 / 1851.

(4) رجال الشيخ : 163 / 30.

(5) رجال الشيخ : 300 / 317.

(6) رجال الشيخ : 281 / 22.

٧٤

الموثوق بهم ، وأخذ عن أصولهم المعتمد عليها ، فمعنى أسند عنه : أنّه لم يسمع منه ، بل سمع من أصحابه الموثقين وأخذ عنهم من أصولهم المعتمد(1) عليها.

وبالجملة قد أورد الشيخ في أصحاب الصادقعليه‌السلام جماعة جمّة إنّما روايتهم عنه بالسماع من أصحابه الموثوق بهم والأخذ من أصولهم المعوّل عليها ، ذكر كلا منهم وقال : أسند عنه ، انتهى(2) .

وردّ : بأنّ جماعة ممن قيلت فيه ، رووا عنه مشافهة(3) .

وقرأ ولد الأستاذ العلامة دام علاهما أيضا بالمعلوم ، ولكن لا أدري الى من ردّ الضمير.

وقرأ بعض السادة الأزكياء من أهل العصر(4) أيضا كذلك ، قال :

__________________

(1) في نسخة : المعمول.

(2) الرواشح السماوية : 63 ـ 65 ، الراشحة الرابعة عشر.

(3) كما في ترجمة : جابر بن يزيد الجعفي : 163 / 30 ، ومحمّد بن إسحاق بن يسار : 281 / 22 ، ومحمّد بن مسلم بن رباح : 300 / 317 ، فإن الثلاثة من أصحاب الإمام الصادقعليه‌السلام وقال عنهم الشيخ : أسند عنه ، ثم عقبه بقوله : روى عنهماعليهما‌السلام .

وكثير من الذين عدّهم الشيخ في رجاله وقال : أسند عنه ، ذكرهم النجاشي في رجاله وذكر لهم كتاب يرويه عن ذلك الامام ، مثل :

1 ـ محمّد بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام .

2 ـ أبان بن عبد الملك الخثعمي.

3 ـ عبد الله بن علي.

4 ـ أحمد بن عامر بن سليمان الطائي.

5 ـ محمّد بن إبراهيم العباسي الإمام.

6 ـ محمّد بن ميمون التميمي الزعفراني.

7 ـ إبراهيم بن محمّد بن أبي يحيى وغيرهم كثير.

(4) هو النحرير الرباني السيد بشير الجيلانيرحمه‌الله ( منه ).

٧٥

والأشبه كون المراد أنّهم أسندوا عنهعليه‌السلام ولم يسندوا عن غيره من الرواة كما تتبعت ، ولم أجد رواية أحد من هؤلاء عن غيرهعليه‌السلام إلاّ أحمد بن عائذ ، فإنه صحب أبا خديجة وأخذ عنه ، كما نص عليه النجاشي(1) ، والأمر فيه سهل ، فكأنه مستثنى لظهوره. انتهى.

وفيه أيضا تأمل ، فإن غير واحد ممن قيل فيه : أسند عنه ، سوى أحمد ابن عائذ رووا عن غيرهعليه‌السلام أيضا ، منهم : محمّد بن مسلم على ما ذكره ولد الأستاذ العلامة ، والحارث بن المغيرة ، وبسام بن عبد الله الصيرفي.

وربما يقال : انّ الكلمة : أسند بالمعلوم ، والضمير للراوي ، إلاّ أن فاعل أسند ابن عقدة ، لأنّ الشيخرحمه‌الله ذكر في أول رجاله أنّ ابن عقدة ذكر أصحاب الصادقعليه‌السلام وبلغ في ذلك الغاية. قالرحمه‌الله : وإني ذاكر ما ذكره ، وأورد من بعد ذلك ما لم يذكره(2) ، فيكون المراد : أخبر عنه ابن عقدة ، وليس بذلك البعيد.

وربما يظهر منه : وجه عدم وجوده إلاّ في كلام الشيخ. وسبب ذكر الشيخ ذلك في رجاله دون الفهرست ، وفي أصحاب الصادقعليه‌السلام دون غيره(3) . بل وثمرة قولهرحمه‌الله : إني ذاكر ما ذكره ابن عقدة ثم أورد ما لم يذكره. فتأمل جدا(4) .

__________________

(1) رجال النجاشي : 98 / 246.

(2) رجال الشيخ : 2.

(3) ذكرنا فيما سبق المواضع التي وردت الكلمة في حقهم ، من أصحاب باقي الأئمةعليهم‌السلام .

(4) وقد فصّل القول في معنى الكلمة ومدلولها ومواردها ومعناها اللغوي السيد الجلالي في مقالته التي نشرت في مجلة تراثنا ، العدد الثالث ، السنة الأولى ، تحت عنوان : المصطلح الرجالي « أسند عنه » ما هو؟ وما هي قيمته الرجالية؟.

٧٦

فائدة :

لا يخفى أنّ كثيرا من القدماء سيّما القميين وابن الغضائري كانت لهم اعتقادات خاصة في الأئمةعليهم‌السلام ‌ بحسب اجتهادهم ، لا يجوّزون التعدي عنها ، ويسمون التعدي : غلوا وارتفاعا ، حتى أنّهم جعلوا مثل نفي السهو عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غلوا ، بل ربما جعلوا التفويض ـ المختلف فيه ـ إليهم ، أو نقل خوارق العادات عنهم ، أو الإغراق في جلالتهم ، وذكر علمهم بمكنونات السماء والأرض ارتفاعا ، أو مورثا للتهمة.

وذلك لأنّ الغلاة كانوا مختفين في الشيعة ، ومخلوطين بهم ، مدلّسين أنفسهم عليهم ، فبأدنى شبهة كانوا يتّهمون الرجل بالغلوّ والارتفاع ، وربما كان منشأ رميهم بذلك وجدان رواية ظاهرة فيه منهم ، أو ادعاء أرباب ذلك القول كونه منهم ، أو روايتهم عنه ، وربما كان المنشأ روايتهم المناكير ، الى غير ذلك.

وبالجملة الظاهر أنّ القدماء كانوا مختلفين في المسائل الأصولية ، فربما كان شي‌ء عند بعضهم فاسدا أو كفرا أو غلوّا ، وعند آخرين عدمه ، بل مما يجب الاعتقاد به ، فينبغي التّأمل في جرحهم بأمثال الأمور المذكورة.

ومما ينبه على ما ذكرنا ملاحظة ما سيذكر في تراجم كثيرة ، ويأتي في إبراهيم بن عمر ، وغيره ، ضعف تضعيفات ابن الغضائري وفي إبراهيم بن إسحاق وسهل بن زياد ضعف تضعيف أحمد بن محمّد بن عيسى ، مضافا الى غيرهما من التراجم فتأمل(1) .

__________________

(1) التعليقة : 8.

٧٧

فائدة :

للتفويض معان :

أولا : يأتي في آخر الكتاب(1) .

ثانيا : تفويض الخلق والرزق إليهمعليهم‌السلام ، ولعلّه يرجع الى الأول ، وورد فساده عن الصادق(2) والرضا(3) عليهما‌السلام .

ثالثا : تفويض تقسيم الأرزاق ، ولعلّه مما يطلق عليه(4) .

رابعا : تفويض الأحكام والأفعال إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بأن يثبت ما رآه حسنا ، ويرد ما رآه قبيحا ، فيجيز الله تعالى ذلك ، كإطعام الجدّ السدس ، وإضافة الركعتين في الرباعيات ، والركعة في المغرب ، والنوافل‌

__________________

(1) تعليقة الوحيد : 410 عند ذكره للفرق ، وفيه : ومنها المفوّضة ، القائلون بأنّ الله خلق محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله وفوّض إليه أمر العالم ، فهو الخلاّق للدنيا وما فيها ، وقيل : فوّض ذلك الى عليعليه‌السلام ، وربما يقولون بالتفويض إلى سائر الأئمة.

(2) نقل العلامة المجلسي في البحار 25 : 343 / 25 ، عن كتاب اعتقاد الصدوق : عن زرارة أنّه قال : قلت للصادقعليه‌السلام : إنّ رجلا من ولد عبد الله بن سبأ يقول بالتفويض ، فقال : وما التفويض؟ قلت : إنّ الله تبارك وتعالى خلق محمّدا وعليّا صلوات الله عليهما ، ففوّض إليهما ، فخلقا ورزقا وأماتا وأحييا ، فقالعليه‌السلام : كذب عدوّ الله ، إذا انصرفت إليه فاتل عليه هذه الآية التي في سورة الرعد :( « أَمْ جَعَلُوا لِلّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ‌ءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهّارُ ) . الرعد : 16.

(3) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام 1 : 124 / 17 بسنده عن الامام الرضاعليه‌السلام أنّه قال : ومن زعم أن الله عزّ وجل فوّض أمر الخلق والرزق الى حججهعليهم‌السلام فقد قال بالتفويض ،. والقائل بالتفويض مشرك.

(4) بصائر الدرجات : 363 / 11 بسنده عن علي بن الحسينعليه‌السلام أنّه قال :. يا أبا حمزة لا تنامنّ قبل طلوع الشمس فإنّي أكرهها لك ، إنّ الله يقسّم في ذلك الوقت أرزاق العباد ، وعلى أيدينا يجريها.

٧٨

أربعا وثلاثين ، وتحريم كل مسكر عند تحريم الخمر ، الى غير ذلك(1) .

وهذا محل إشكال عندهمرحمهم‌الله ، لمنافاته لظاهر( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) (2) وأمثاله ، والكلينيرحمه‌الله قائل به ، والأخبار الكثيرة واردة فيه(3) .

ووجّه : بأنها تثبت من الوحي إلاّ أن الوحي تابع ومجيز.

خامسا : تفويض الإرادة ، بأن يريد شيئا لحسنه ولا يريد شيئا لقبحه ، كإرادة تغيّر القبلة ، فأوحى الله تعالى إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله بما أراد(4) .

سادسا : تفويض القول بما هو أصلح له وللخلق ، وإن كان الحكم الأصلي خلافه ، كما في صورة التقية(5) .

سابعا : تفويض أمر الخلق ، بمعنى : أنّه أوجب عليهم طاعته في كل ما يأمر وينهى ، سواء علموا وجه الصحة أم لا ، بل وإن كان بحسب ظاهر نظرهم عدم الصحة ، بل الواجب عليهم القبول على وجه التسليم(6) .

وبعد الإحاطة بما ذكر يظهر أنّ القدح بمجرد رميهم بالتفويض لا يخلو أيضا من إشكال ، وفي محمّد بن سنان ما يشير إليه(7) .

__________________

(1) راجع بحار الأنوار : 25 / 328 وما بعدها ، فصل في بيان التفويض ومعانيه ، وتفسير آية 7 من سورة الحشر قوله تعالى :( وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) .

(2) النجم : 53 / 3.

(3) الكافي : 1 / 363 ، باب في معرفتهم أوليائهم والتفويض إليهم.

(4) مجمع البيان : 1 / 227.

(5) راجع مقباس الهداية : 2 / 379 ، الرابع.

(6) راجع تفسير الآية 65 من سورة النساء :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

(7) التعليقة : 8.

٧٩

فائدة :

أبو العباس الذي يذكره النجاشي على الإطلاق‌ ، قيل : مشترك بين ابن نوح ، وابن عقدة(1) ، وليس كذلك ، بل هو الأول ، ويأتي في إبراهيم بن عمر اليماني(2) .

فائدة:

كلمة « مولى » بحسب اللغة لها معان معروفة‌(3) ، وأمّا في المقام :

__________________

(1) اختلفت كلمات الرجاليين في تعيين أبي العباس ، فمنهم من جعله : ابن عقدة ، ومنهم من عيّنه ابن نوح ، والأكثر على أنّه مشترك. فقال الكاظمي في تكملة الرجال : 1 / 350 في ترجمة : حفص بن البختري : فنقل النجاشي عن أبي العباس ـ وهو ابن عقدة ـ توثيقه.

وجاء في الهامش منه أيضا : ويحتمل أن يكون ابن نوح على ضعف ، وإن كان ينقل عن كليهما ، لأنّ الظاهر أنّه عند الإطلاق يراد بأبي العباس : ابن عقدة ، وإذا أراد به ابن نوح قيّده ، كما يظهر من تتبعه ، والشيخ محمّد في الشرح ردده بينهما ، والأظهر ذلك وسيجي‌ء في ترجمة حفص بن سوقة ما يؤيده ، ووافقنا على هذا المجلسي فيما سيجي‌ء ـ إنّ شاء الله ـ في ترجمة الحكم بن حكيم.

وقال الشيخ البهائي في مشرق الشمسين : 313 : لا يقال إنّ النجاشي نقل توثيق حكم ابن حكيم عن أبي العباس ، وهو مشترك بين ابن نوح الإمامي ، وابن عقدة الزيدي ، فكيف عددت حديث حكيم من الصحيح ، والمعدل له مشترك ، قلنا : الاشتراك هنا غير مضر ، وابن عقدة وإن كان زيديا ، إلاّ أنّه ثقة مأمون ، وتعديل غير الإمامي إذا كان ثقة لمن هو إمامي حقيق بالاعتبار والاعتماد ، فان الفضل ما شهدت به الاعداء.

نعم ، جرح غير الإمامي للإمامي لا عبرة به ، وإن كان الجارح ثقة.

(2) في التعليقة : 24 ، في ترجمته : وما قيل من أنّ أبا العباس مشترك ـ والقائل هو الشهيد الثاني في تعليقه على الخلاصة ـ ففيه أنّ الظاهر أنّه ابن نوح ، لأنّه شيخ النجاشي ، مع أنّ ابن عقدة بينه وبينه وسائط ، مضاف إلى أنّ ابن نوح جليل ، والآخر عليل ، والإطلاق ينصرف الى الكامل ، سيّما عند أهل هذا الفن ، خصوصا النجاشي ، فإنّه يعبرون عن الكامل به ، أمّا الناقص فلا ، بل ربما كان عندهم ذلك تدليسا ، فتأمل.

(3) راجع القاموس : 4 / 401 ، والصحاح : 6 / 2529 ، وتاج العروس : 10 / 399 ، ولسان

٨٠

81

82

83

84