المنقذ الأعظم عقيدة ومشروع الكتب السّماوية

المنقذ الأعظم عقيدة ومشروع الكتب السّماوية30%

المنقذ الأعظم عقيدة ومشروع الكتب السّماوية مؤلف:
الناشر: مؤسسة العهد الصادق الثقافية
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 260

المنقذ الأعظم عقيدة ومشروع الكتب السّماوية
  • البداية
  • السابق
  • 260 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 115098 / تحميل: 7493
الحجم الحجم الحجم
المنقذ الأعظم عقيدة ومشروع الكتب السّماوية

المنقذ الأعظم عقيدة ومشروع الكتب السّماوية

مؤلف:
الناشر: مؤسسة العهد الصادق الثقافية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

لأن الرسول لا يناقض القرآن ولا يضيف عليه( مَّا عَلَى الرَّ‌سُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ ) (١) .

وعليه فإنَّ مصادر عقائد الأديان السماوية محصورة في الكتب المنزلة وهي: القرآن الكريم أولاً، والتوراة والإنجيل والزبور وصحف الأنبياء المسمّات بـ (العهدين) ثانياً، كما سيأتي تفصيله.

والمتأمل في القرآن سوف يكتشف أن لغة القرآن خصت العقيدة باسم (الإيمان) وخصت الشريعة باسم (العمل الصالح) أو (الاستقامة). والإيمان لغةً: هو التصديق، واصطلاحاً هو الاعتقادُ بكل ما ثبت بالضرورة؛ وقد رأى العلماء أن الإيمان مركب من فروع هي التصديق بالجنان والإقرار باللسان والعمل بالأركان. وما يطلب الإسلام من المسلم التصديق به كأساس لإيمانه وكمال عقيدته تجمعه كلمة الشهادتين.

ولكن ما هو التصديق؟ وللإجابة نقول، التصديق بالله: أي معرفة الله (الإلهيات)، والتصديق بالرسول: أي معرفة الرسل والملائكة والكتب (النبوات)، والتصديق بالبعث والحساب (السمعيات).

وهذا هو التصديق الذي يلتزم به جميع المسلمين على الإطلاق. وهذا هو التصديق الذي يشكل أركان العقيدة الإسلامية. وهذا هو التصديق الذي يفصل بين الكفر والإيمان والحق والباطل والهداية والضلال. هذا هو

____________________

(١) سورة المائدة: آية ٩٩.

٢١

التصديق الذي يقوم على النصوص القطعية التي حملها جميع الرُّسُلِ (ع) إلى البشرِ في كل زمان ومكان(١) .

المرحلةُ الثانية: عقائد الأديان السماويَّةِ، محاولةُ تعريف:

وعلى ضوءِ ماتقدَّم، يتسنّى لنا تعريف عقائد ألأديان السماوية وعلى النحو التالي:

العقائد: جمعُ عقيدة، ما عقد عليه القلب واطمأنَّ اليه، وما انطوت عليه أساريرُ القلب ورسخَ فيه وانعقدَ عليه، وهو الإذعانُ والتصديقُ والجزمُ والقطعُ بأمرٍ ما أو بالشيء المعتقد بهِ(٢) .

والمرادُ بعقائد الأديان السماوية هنا: هو ما أجمعت عليهِ الأديان السماوية بواسطة الوحي الإلهيّ على التبشير والوعدِ الحتميِّ والقطعيِّ بـ (منقذ العالم ومخلِّصِهِ) في آخر الزمان، والذي يقيمُ الحقَّ بتمامهِ ويدحضَ الباطلَ وأتباعِهِ، ويقيمُ دولة العدل الإلهيّ العظمى الموعودة.

هذا وقد أوجبَ اللهُ تبارك وتعالى في كتبِهِ المقدَّسة - التي أَنزلَها على قلوبِ أنبياءِهِ العظام (صلوات الله عليهم أجمعين) - عِبرَ هذهِ العقيدةِ المباركةِ الإيمانَ بوعدِهِ وعهدِهِ المقطوع بهِ في قضائِهِ الحتميّ بخصوصِ وليِّهِ الأعظم المنقذ، والتصديقَ بهِ وارتقابِ مجيئهِ في يوم اللهِ الأَكبر

____________________

(١) عقائد السنة وعقائد الشيعة التقارب والتباعد، ص ١١-١٢.بايجاز وتصرُّف.

(٢) معجم ألفاظ الفقه الجعفري، ص ١٨٠٢، العقيدة، العقائد: العقيدة: المذهب. المعتقد، ما لا يقبل الشك فيه لدى معتقده. في الدين، ما يقصد به الاعتقاد دون العمل، كعقيدة وجود الله، وبعثة الرسل. العقائد: جمع عقيدة. انظر: عقيدة، معجم ألفاظ الفقه الجعفري، العقيدة: بفتح العين جمعها عقائد...الخ. البليغ في المعاني والبيان البديع، هامش ص٣٧. مقارنة الأديان اليهودية، ص٢٨٤.

٢٢

المنتظر؛ وجعلَ ذلكَ من الإيمانِ بغيبِهِ، وجعلَ التصديقَ بالغيبِ من أشرفِ العبادات ومن سماتِ المتَّقين، حيث قال عزَّ وجلَّ:( هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) (١) .

وبما أنَّ للكتبِ السماويّةِ المُنَزَّلة من الله تبارك وتعالى أهميَّتها العظمى من الناحيةِ الدينيَّةِ والتأريخيَّةِ والأخلاقيةِ، بل ومن جميعِ النواحي، وانحصار العقائد الإلهية الموحات فيها، لذا فهي تُعتبرُ المصادرَ الرئيسية لمثل هكذا بحث، وعليه سيكون بحثنا منصبّاً على القرآن الكريم أولاً، باعتبارهِ الكتاب السماويّ الجامعِ والمُهيمن والمحفوظ بواسطة الله سبحانهُ وتعالى من التحريف والتخريب، وعلى التوراة والإنجيل والزبور وبعضِ صُحُفِ الأنبياءِ (عليهم السلام) ثانياً؛ وتجدرُ بنا الإشارة هنا الى أنَّ هذه الكتب ماعدى القرآن الكريم، قد جُمعت في كتابٍ واحدٍ سمِّيَ بـ (الكتاب المقدَّس) أو (العهدين).

وإن كنّا سنشيرُ أيضاً الى شيءٍ مما ورَدَ في عقائد بعضِ الأديان والفلسفات الأُخرى بخصوصِ مايرتبطُ منها بموضوعنا، ولكن على سبيل الإيجاز والإشارة، وذلكَ لإثباتِ أنَّ هذه العقيدة المباركة ليست دينيَّة فحسب، بل وهي فطريَّة أيضاً، لذا فهي تشمُلُ جميعَ البشر ومستقرَّةٌ في جوانحهم.

____________________

(١) سورة البقرة: آية ٢-٣.

٢٣

وفي هذا الفصلِ أيضاً، سنبدأُ بالتعريفِ بالقرآنِ الكريم للوقوفِ على بعضِ حقائقهِ ومعالمهِ ومميّزاتهِ، ثم التعريفُ بالكتاب المقدَّس (العهدين) ودراستهِ والتّأمّلِ فيهِ وإعطائهِ مايستحقُّهُ من قيمةٍ علميَّةٍ وأخلاقيَّةٍ وتأريخيَّةٍ. وربَّما توسَّعنا شيئاً قليلاً في الحديثِ عن هذهِ الكتبِ السماويّة المقدَّسة وذلكَ لأهميَّتها وباعتبارها أفضل ما يملكهُ عالمُ الإنسانِ على الإطلاق.

٢٤

المبحث الثاني: نظرة في القرآن الكريم

لقد تجلّى الله سبحانهُ وتعالى في كتابه العزيز (القرآن الكريم)، فهو بحقٍّ معجزةُ المعاجز، والمصدِّقُ والمهيمن على كُلِّ ماسبقهُ من كتبٍ سماويَّةٍ مقدسةٍ، فهو كما قالَ فيه النبيُّ الأكرم محمد (ص): (... كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم. هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه. وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا، هو الذي من قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به اجر، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم...)(١) . ولابدَّ لنا هنا من وقفةٍ للتعريفِ بهِ أوَّلاً، ومعرفةُ خصائصهِ وامتيازاته عَمَّن سواه ثانياً.

____________________

(١) البيان في تفسير القرآن، ص ١٨-١٩.وهكذا في سنن الدارمي ج ٢ ص ٤٣٥. كتاب فضائل القرآن ومع اختلاف يسير في ألفاظه في صحيح الترمذي ج ١١ ص ٣٠ أبواب فضائل القرآن. وفي بحار الأنوار ج ٩ ص ٧ عن تفسير العياشي. من حديث أخذنا منه موضع الحاجة: روى الحارث الهمداني،قال: (دخلت المسجد فإذا أناس يخوضون في أحاديث فدخلت على علي فقلت: ألا ترى أن أناساً يخوضون في الأحاديث في المسجد؟ فقال: قد فعلوها؟ قلت: نعم، قال: أما إني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ستكون فتن، قلت: وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله، كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم...).

٢٥

أوَّلاً: تعريفٌ بالقرآن الكريم

نزول القرآن الكريم:

قال تعالى:( شَهْرُ‌ رَ‌مَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْ‌آنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْ‌قَانِ ) (١) . وشهر رمضان هو الشهر التاسع من الشهور القمرية العربية بين شعبان وشوال ولم يذكر اسم شئ من الشهور في القرآن الا شهر رمضان.والنزول هو الورود على المحلّ من العلوّ، والفرق بين الانزال والتنزيل أن الانزال دفعي والتنزيل تدريجي(٢) ، والقرآن اسم للكتاب المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه واله وسلم باعتبار كونه مقرؤاً كما قال تعالى:( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْ‌آنًا عَرَ‌بِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (٣) . ويطلق على مجموع الكتاب وعلى ابعاضه.والآية تدل على نزول القرآن في شهر رمضان... وأمّا قوله تعالى:( وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَ‌كَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِ‌ينَ ) (٤) ، وقوله:( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ‌ ) (٥) ، فإن ظاهر هذه الآيات لا يلائم كون المراد من إنزال القرآن أوّل إنزاله أو إنزال أول بعض من

____________________

(١) سورة لالبقرة: آية ١٨٥.

(٢) الميزان في تفسير القرآن ، ج ٢ ص١٥. انظر:تاج العرو س ، ج ١٥ ص ٧٢٩. تفسير الأمثل، ج ١٤ ص ١٥.

(٣) سورة الزخرف: آية ٣.

(٤) سورة الدخان: آية ٢ و٣.

(٥) سورة القدر: آية ١.

٢٦

أبعاضه ولا قرينة في الكلام تدل على ذلك كما أدّعى البعض. والذي يعطيه التدبر في آيات الكتاب أمر آخر فإن الآيات الناطقة بنزول القرآن في شهر رمضان أو في ليلة منه إنما عبرت عن ذلك بلفظ الانزال الدال على الدفعة دون التنزيل كقوله تعالى:( شَهْرُ‌ رَ‌مَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْ‌آنُ ) (١) ، وقوله تعالى:( حم ﴿١﴾ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَ‌كَةٍ ) (٢) ، وقوله تعالى:( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ‌ ) (٣) ، واعتبار الدفعة أما بلحاظ اعتبار المجموع في الكتاب أو البعض النازل منه كقوله تعالى:( كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ ) (٤) ، فإن المطر إنما ينزل تدريجاً لكن النظر هيهنا معطوف إلى اخذه مجموعاً واحداً، ولذلك عبر عنه بالانزال دون التنزيل، وكقوله تعالى:( كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَ‌كٌ لِّيَدَّبَّرُ‌وا آيَاتِهِ ) (٥) ، وإما لكون الكتاب ذا حقيقة أخرى وراء ما نفهمه بالفهم العادي الذي يقضى فيه بالتفرق والتفصيل والانبساط والتدريج هو المصحح لكونه واحدا غير تدريجي ونازلاً بالانزال دون التنزيل.وهذا الاحتمال الثاني هو اللائح من الآيات الكريمة كقوله تعالى:( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ‌ ) (٦) .

____________________

(١) سورة البقرة: آية ١٨٥.

(٢) سورة الدخان: آية ٣.

(٣) سورة القدر: آية ١.

(٤) سورة يونس: آية ٢٤.

(٥) سورة ص: آية ٢٩.

(٦) انظر: الميزان في تفسير القرآن، ج٢، ص١٤-١٧، بإيجاز وتصرف.

٢٧

وأمّا قوله تعالى:( إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ‌ ) ضمير (أنزلناه) للقرآن وظاهره جملة الكتاب العزيز لا بعض آياته ويؤيده التعبير بالانزال الظاهر في اعتبار الدفعة دون التنزيل الظاهر في التدريج. وفي معنى الآية قوله تعالى:( وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَ‌كَةٍ ) (١) .

وظاهره الاقسام بجملة الكتاب المبين ثم الاخبار عن إنزال ما اقسم به جملة. فمدلول الآيات أن للقرآن نزولاً جمليّاً على النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير نزوله التدريجي الذي تم في مدة ثلاث وعشرين سنة كما يشير إليه قوله:( وَقُرْ‌آنًا فَرَ‌قْنَاهُ لِتَقْرَ‌أَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَىٰ مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا ) (٢) ، وقوله:( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُ‌وا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْ‌آنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَ‌تَّلْنَاهُ تَرْ‌تِيلًا ) (٣) . فلا يعبأ بما قيل: إن معنى قوله:( أَنزَلْنَاهُ ) ابتدأنا بإنزاله والمراد إنزال بعض القرآن.وليس في كلامه تعالى ما يبين ان الليلة أية ليلة هي غير ما في قوله تعالى:( شَهْرُ‌ رَ‌مَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْ‌آنُ ) (٤) فإن الآية بانضمامها إلى آية القدر تدل على أن الليلة من ليالي شهر رمضان. وأما تعيينها أزيد من ذلك فمستفاد من الاخبار...

____________________

(١) سورة الدخان: آية ٣.

(٢) سورة الإسراء: آية ١٠٦.

(٣) سورة الفرقان: آية ٣٢.

(٤) سورة البقرة: آية ١٨٥.

٢٨

وقد سماها الله تعالى ليلة القدر، والظاهر أن المراد بالقدر التقدير فهي ليلة التقدير يقدر الله فيها حوادث السنة من الليلة إلى مثلها من قابل من حياة وموت ورزق وسعادة وشقاء وغير ذلك كما يدل عليه قوله في سورة الدخان في صفة الليلة:( فِيهَا يُفْرَ‌قُ كُلُّ أَمْرٍ‌ حَكِيمٍ ﴿٤﴾ أَمْرً‌ا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْ‌سِلِينَ ﴿٥﴾ رَ‌حْمَةً مِّن رَّ‌بِّكَ ) (١) ، فليس فرق الامر الحكيم إلا إحكام الحادثة الواقعة بخصوصياتها بالتقدير.(٢)

إعجاز القرآن وبلاغته:

قد ذكر للاعجاز في اللغة عدة معان: الفوت. وجدان العجز. إحدائه كالتعجيز. فيقال: أعجزه الامر الفلاني أي فاته، ويقال: أعجزت زيداً أي وجدته عاجزاً، أو جعلته عاجزاً. وهو في الاصطلاح أن يأتي المدعي لمنصب من المناصب الالهية بما يخرق نواميس الطبيعة ويعجز عنه غيره شاهدا على صدق دعواه(٣) . وإنما يكون المعجز شاهداً على صدق ذلك المدعي إذا أمكن أن يكون صادقا في تلك الدعوى. وأما إذا امتنع صدقه في دعواه بحكم العقل، أو بحكم النقل الثابت عن نبي، أو إمام معلوم العصمة، فلا يكون ذلك شاهدا على الصدق، ولا يسمى معجزا في الاصطلاح وإن عجز البشر عن أمثاله: مثال الاول: ما إذا ادعى أحد أنه إله،

____________________

(١) سورة الدخان: آية ٦.

(٢) انظر: الميزان في تفسير القرآن، ج ٢٠، ص٣٣٠-٣٣١بإيجاز وتصرف.

(٣) البيان في تفسير القرآن، ص٣٣.انظر: لسان العرب، ج٥ ص ٣٧. مجمع البحرين، ج٣ ص ١٢٤.

٢٩

فإن هذه الدعوى يستحيل أن تكون صادقة بحكم العقل، للبراهين الصحيحة الدالة على استحالة ذلك.

ومثال الثاني: ما إذا ادعى أحد النبوة بعد نبي الاسلام، فإن هذه الدعوى كاذبة قطعاً بحكم النقل المقطوع بثبوته الوارد عن نبي الاسلام، وعن خلفائه المعصومين بأن نبوته خاتمة النبوات، وإذا كانت الدعوى باطلة قطعاً، فماذا يفيد الشاهد إذا أقامه المدعي؟ ولا يجب على الله جل شأنه أن يبطل ذلك بعدحكم العقل باستحالة دعواه،أو شهادة النقل ببطلانها.(١)

ولذلك اقتضت الحكمة أن يُخَصّ نبي الاسلام بمعجزة البيان، وبلاغة القرآن، فعلم كل عربي أن هذا من كلام الله، وأنه خارج ببلاغته عن طوق البشر، واعترف بذلك كل عربي غير معاند. ويدل على هذه الحقيقة ما روي عن ابن السكيت أنه قال لابي الحسن الرضا عليه السلام: لماذا بعث الله موسى بن عمران عليه السلام بالعصا، ويده البيضاء، وآلة السحر؟ وبعث عيسى بآلة الطب؟ وبعث محمداً - صلى الله عليه واله وسلم وعلى جميع الانبياء - بالكلام والخطب؟. فقال أبو الحسن عليه السلام: «إن الله لما بعث موسى عليه السلام كان الغالب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند الله بما لم يكن في وسعهم مثله، وما أبطل به سحرهم، وأثبت به`الحجة عليهم. وإن الله بعث عيسى عليه السلام في وقت قد ظهرت فيه الزمانات، واحتاج الناس إلى الطب، فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيى لهم الموتى، وأبرأ الاكمه والابرص بإذن الله، وأثبت به الحجة عليهم.وإن الله بعث محمدا صلى الله عليه وآله وسلم في وقت

____________________

(١) البيان في تفسير القرآن، ص ٣٣.

٣٠

كان الغالب على أهل عصره الخطب والكلام - وأظنه قال: الشعر - فأتاهم من عند الله من مواعظه وحكمه ما أبطل به قولهم، وأثبت به الحجة عليهم» (١) .

وقد كانت للنبي معجزات اخرى غير القرآن، كشق القمر، وتكلم الثعبان، وتسبيح الحصى، ولكن القرآن أعظم هذه المعجزات شأناً، وأقومها بالحجة، لان العربي الجاهل بعلوم الطبيعة وأسرار التكوين، قد يشك في هذه المعجزات، وينسبها إلى أسباب علمية يجهلها. وأقرب هذه الاسباب إلى ذهنه هو السحر فهو ينسبها إليه، ولكنه لا يشك في بلاغة القرآن وإعجازه، لانه يحيط بفنون البلاغة، ويدرك أسرارها. على أن تلك المعجزات الاخرى موقتة لا يمكن لها البقاء فسرعان ما تعود خبراً من الاخبار ينقله السابق للاحق، وينفتح فيه باب التشكيك. أما القرآن فهو باقٍ إلى الابد، وإعجازه مستمر مع الاجيال.

ثانياً: خصائصُ القرآن وامتيازاته عَمَّن سواه من الكتب السماويَّة

بلاغة القرآن معجزة إلهية:

قد علم كلُّ عاقل بلغة الدعوة الاسلامية،أن محمداً (ص) بشَّرَ جميع الامم بدعوتهم إلى الاسلام، وأقام الحجة عليهم بالقرآن، وتحدّاهم بإعجازه، وطلب منهم أن يأتوا بمثله وإن كان بعضهم لبعض ظهيراً(٢) ، ثم

____________________

(١) اصول الكافي، كتاب العقل والجهل، الرواية ٢٠.

(١) فقال تعالى:( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْ‌آنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرً‌ا ) سورة الإسراء: آية ٨٨.

٣١

تنزّل عن ذلك فطلب منهم أن يأتوا بعشر سور مثله مُفتريات(١) ، ثم تحدّاهم إلى الاتيان بسورة واحدة. وكان من الجدير بالعرب - وفيهم الفصحاء النابغون في الفصاحة - أن يجيبوه إلى ما يريد، ويسقطوا حجته بالمعارضة، لو كان ذلك ممكناً غير مستحيل.

نعم كان من الجدير بهم أن يعارضوا سورة واحدة من سور القرآن، ويأتوا بنظيرها في البلاغة، فيسقطوا حجة هذا المدعي الذي تحدّاهم في أبرع كمالاتهم، وأظهر ميزاتهم، ويسجلوا لانفسهم ظهور الغلبة وخلود الذكر. ولكن العرب فكرت في بلاغة القرآن فأذعنت لإعجازه، وعلمت أنها مهزومة إذا أرادت المعارضة، فخضعوا لدعوة القرآن، وفازوا بشرف الاسلام، وركب آخرون جادة العناد، فاختاروا المقابلة بالسيوف على المقاومة بالحروف، وآثروا المبارزة بالسنان على المعارضة في البيان، فكان هذا العجز والمقاومة أعظم حجة على أن القرآن وحي إلهي خارج عن طوق البشر. ولو ادَّعى مدَّعٍ: أن العرب قد أتت بمثل القرآن وعارضته بالحجة، وقد اختفت علينا هذه المعارضة لطول الزمان؛ وجواب ذلك:

أن هذه المعارضة لو كانت حاصلة لأعلنتها العرب في أنديتها، وشهرتها في مواسمها وأسواقها. ولاخذ منه أعداء الاسلام نشيداً يوقعونه في كل مجلس، وذكراً يردّدونه في كلّ مناسبة، وللقنه السلف للخلف، وتحفظوا عليه تحفظ المدعي على حجته، وكان ذلك أقرّ لعيونهم من

____________________

(١) فقال تعالى:( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَ‌اهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ‌ سُوَرٍ‌ مِّثْلِهِ مُفْتَرَ‌يَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) سورة هود: آية ١٣.

(١) سورة الإسراء: آية ٨٨.

٣٢

الاحتفاظ بتاريخ السلف، وأشعار الجاهلية التي ملأت كتب التاريخ، وجوامع الادب، مع أنّا لا نرى أثراً لهذه المعارضة، ولا نسمع لها بذكر. على أن القرآن الكريم قد تحدى جميع البشر بذلك، بل جميع الانس والجن، ولم يحصر ذلك بجماعة خاصة. فقال (عزّ من قائل):( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْ‌آنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرً‌ا ) (١) . ونحن نرى أعداء الاسلام، يبذلون الاموال الطائلة في الحط من كرامة هذا الدين، والنيل من نبيه الاعظم، وكتابه المقدس، ويتكرر هذا العمل منهم مراراً. فلو كان من الميسور لهم أن يعارضوا القرآن، ولو بمقدار سورةٍ منه، لكانَ هذا أعظم لهم في الحجة، وأقرب لحصول الامنية، ولما احتاجوا إلى صرف هذه الاموال، وإتعاب النفوس.

القرآن معجزة خالدة:

قد عرفنا أن طريق التصديق بالنبوة والايمان بها، ينحصر بالمعجز الذي يقيمه النبي شاهداً لدعواه، ولما كانت نبوءات الانبياء السابقين مختصة بأزمانهم وأجيالهم، كان مقتضى الحكمة أن تكون معاجزهم مقصورة الأمد، ومحدودة، لانها شواهد على نبوءات محدودة، فكان البعض من أهل تلك الازمنة يشاهد تلك المعجزات فتقوم عليه الحجة، والبعض الاخر تنقل إليه أخبارها من المشاهدين على وجه التواتر، فتقوم عليه الحجة أيضاً. أما الشريعة الخالدة، فيجب أن تكون المعجزة التي تشهد بصدقها خالدة أيضاً،

____________________

(١) سورة الإسراء: آية ٨٨.

٣٣

لان المعجزة إذا كانت محدودة قصيرة الأمد لم يشاهدها البعيد، وقد تنقطع أخبارها المتواترة، فلا يمكن لهذا البعيد أن يحصل له العلم بصدق تلك النبوة،فإذا كلفه الله بالايمان بها كان من التكليف بالممتنع، والتكليف بالممتنع مستحيل على الله تعالى، فلا بد للنبوة الدائمة المستمرة من معجزة دائمة.وهكذا أنزل الله القرآن معجزة خالدة ليكون برهاناً على صدق الرسالة الخالدة، وليكون حجةً على الخلف كما كان حجة على السلف. وقد نتج لنا عما قدمناه أمران:

الاول: تفوق القرآن على جميع المعجزات التي ثبتت للانبياء السابقين، وعلى المعجزات الاخرى التي ثبتت لنبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم لكون القرآن باقياً خالداً، وكون إعجازه مستمراً يُسمِعُ الاجيال ويحتجُّ على القرون.

الثاني: إن الشرائع السابقة منتهية منقطعة، والدليل على انتهائها هو انتهاء أمد حجتها وبرهانها، لأنقطاع زمان المعجزة التى شهدت بصدقها.

ثم ان القرآن يختص بخاصيّة اخرى، وبها يتفوّق على جميع المعجزات التي جاء بها الانبياء السابقون، وهذه الخاصة هي تكفله بهداية البشر، وسوقهم إلى غاية كمالهم. فإن القرآن هو المرشد الذي أرشد العرب المعتنقين أقبح العادات والعاكفين على الاصنام، والمشتغلين بالحروب الداخلية، والمفاخرات الجاهلية، فتكونت منهم أمةٌ ذات عظمةٍ في تاريخها، وذات سموٍ في معارفها وعاداتها. ومن نظر في تاريخ الاسلام وسبر تراجم أصحاب النبي(ص) المستشهدين بين يديه، ظهرت له عظمة القرآن في بليغ

٣٤

هدايته، وكبير أثره، فإنه هو الذي أخرجهم من حضيض الجاهلية إلى أعلى مراتب العلم والكمال، وجعلهم يتفانون في سبيل الدين وإحياء الشريعة.

ولمّا عرفنا أن القرآن معجزة إلهية، في بلاغته وأسلوبه، لذا يجب علينا أن نعلم أيضاً أن اعجازه لا ينحصر في ذلك، بل هو معجزة ربّانيّة، وبرهان صدق على نبوة من انزل إليه من جهات شتى، فيحسن بنا أن نتعرض إلى شيء منها على نحو الاختصار:

القرآن والمعارف:

صرح الكتاب في كثير من آياته الكريمة بأن محمداً (ص) أميٌّ، وقد جهر النبي بهذه الدعوى بين ملأ من قومه وعشيرته الذين نشأ بين أظهرهم، وتربى في أوساطهم، فلم ينكر أحد عليه هذه الدعوى، وفي ذلك دلالة قطعية على صدقه فيما يدعيه. ومع أُميَّته فقد أتى في كتابه من المعارف بما أبهر عقول الفلاسفة، وأدهش مفكري الشرق والغرب منذ ظهور الاسلام إلى هذا اليوم، وسيبقى موضعاً لدهشة المفكرين، وحيرتهم إلى اليوم الأخير، وهذا من أعظم نواحي الاعجاز. ولنتنازل للخصوم عن هذه الدعوى، ولنفرض أن محمدا (ص) لم يكن أميّاً، ولنتصوره قد تلقن المعارف، وأخذ الفنون والتاريخ بالتعليم، أفليس لازم هذا أنه اكتسب معارفه وفنونه من مثقفي عصره الذين نشأ بين أظهرهم؟ ونحن نرى هؤلاء الذين نشأ محمد (ص) بينهم، منهم وثنيون يعتقدون بالاوهام، ويؤمنون بالخرافات،ومنهم كتابيون يأخذون معارفهم وتأريخهم، وأحكامهم من كتب(العهدين) التى ينسبونها إلى الوحي، ويعزونها إلى الانبياء. وإذ فرضنا أن

٣٥

محمداً (ص) أخذ تعاليمه من أهل عصره، أفليس لازم هذا أن ينعكس على أقواله ومعارفه ظلال هذه العقائد التي اكتسبها من معلميه ومرشديه ومن هذه الكتب التي كانت مصدر ثقافته وعلومه؟ ونحن نرى مخالفة القرآن لكتب العهدين في جميع النواحي،وتنزيهه لحقائق المعارف عن الموهومات الخرافية التي ملأت مصادر التعلم في ذلك العصر.

وقد تعرض القرآن الكريم الى صفات الله جل شأنه في آيات كثيرة، فوصفه بما يليق بشأنه من صفات الكمال،ونزهه عن لوازم النقص والحدوث. وهذه نماذج منها:

- ( وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ﴿١١٦﴾ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرً‌ا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ) . (١)

- ( وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّ‌حْمَـٰنُ الرَّ‌حِيمُ) . (٢)

- ( اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ‌ضِ) . (٣)

- ( إِنَّ اللَّـهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْ‌ضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴿٥﴾ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُ‌كُمْ فِي الْأَرْ‌حَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) . (٤)

____________________

(١) سورة البقرة: ١١٦-١١٧.

(٢) سورة البقرة: ١٦٣.

(٣) سورة البقرة: ٢٥٥.

(٤) سورة آل عمران: ٥، ٦.

٣٦

- ( ذَٰلِكُمُ اللَّـهُ رَ‌بُّكُمْ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴿١٠٢﴾ لَّا تُدْرِ‌كُهُ الْأَبْصَارُ‌ وَهُوَ يُدْرِ‌كُ الْأَبْصَارَ‌ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ‌) . (١)

- ( قُلِ اللَّـهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ) . (٢)

- ( اللَّـهُ الَّذِي رَ‌فَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ‌ عَمَدٍ تَرَ‌وْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْ‌شِ وَسَخَّرَ‌ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ‌ كُلٌّ يَجْرِ‌ي لِأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ‌ الْأَمْرَ‌ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَ‌بِّكُمْ تُوقِنُونَ) . (٣)

- ( وَهُوَ اللَّـهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَىٰ وَالْآخِرَ‌ةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْ‌جَعُونَ) . (٤)

هكذا يصف القرآنُ اللهَ إلى العالمين، ويأتي بالمعارف التي تتمشّى مع البرهان الصريح، ويسير مع العقل الصحيح، وهل يمكن لبشر أميّ نشأ في محيط جاهل أن يأتي بمثل هذه المعارف العالية؟.كما ويتعرض القرآن لذكر الانبياء فيصفهم بكل جميل ينبغي أن يوصفوا به، وينسب إليهم كل مأثرة كريمة تلازم قداسة النبوة، ونزاهة السفارة الالهية، وإليك نماذج منها(٥) :

____________________

(١) سورة الأنعام: الآيات ١٠٢، ١٠٣.

(٢) سورة يونس: الآية ٣٤.

(٣) سورة الرعد: الآية ٢.

(٤) سورة القصص: آية ٧٠.

(٥) البيان في تفسير القرآن، ص٤٨، بإيجاز وتصرّف.

٣٧

-( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّ‌سُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَ‌اةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُ‌هُم بِالْمَعْرُ‌وفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ‌ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّ‌مُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) .(١)

-( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَ‌سُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) .(٢)

-( وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرً‌ا غَيْرَ‌ مَمْنُونٍ ﴿٣﴾ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) .(٣)

-( إِنَّ اللَّـهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَ‌اهِيمَ وَآلَ عِمْرَ‌انَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) .(٤)

-( وَإِذْ قَالَ إِبْرَ‌اهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَ‌اءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ ﴿٢٦﴾ إِلَّا الَّذِي فَطَرَ‌نِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ) .(٥)

-( وَكَذَٰلِكَ نُرِ‌ي إِبْرَ‌اهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ) .(٦)

____________________

(١) سورة العراف: ١٥٧.

(٢) سورة الجمعة: ٢.

(٣) سورة القلم: ٣، ٤.

(٤) سورة آل عمران: ٣٣.

(٥) سورة الزخرف: ٢٦، ٢٧.

(٦) سورة الأنعام: ٧٥.

٣٨

-( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّ‌يَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُ‌ونَ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴿٨٤﴾ وَزَكَرِ‌يَّا وَيَحْيَىٰ وَعِيسَىٰ وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ ﴿٨٥﴾ وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ ) (١) .

القرآن والاتقان في المعاني:

تعرض القرآن الكريم لمواضيع كثيرة العدد، متباعدة الاغراض من الآلهيات والمعارف، وبدء الخلق والمعاد، وما وراء الطبيعة من الروح والملك وإبليس والجن، والفلكيات، والارض، والتاريخ، وشؤون فريق من الانبياء الماضين، وما جرى بينهم وبين أممهم، وللامثال والاحتجاجات والاخلاقيات، والحقوق العائلية، والسياسات المدنية، والنظم الاجتماعية والحربية، والقضاء والقدر، والكسب والاختيار، والعبادات والمعاملات، والنكاح والطلاق، والفرائض، والحدود والقصاص وغير ذلك. وقد أتى في جميع ذلك بالحقائق الراهنة، التي لا يتطرق إليها الفساد والنقد في أية جهة من جهاتها، ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وهذا شئ يمتنع وقوعه عادة من البشر - ولا سيما ممن نشأ بين أمة جاهلة لا نصيب لها من المعارف، ولا غيرها من العلوم - ولذلك نجد كل من ألف في علم من العلوم النظرية، لا تمضي على مؤلفه مدة حتى يتضح بطلان كثير من آرائه. فإن العلوم النظرية كلما ازداد البحث فيها وكثر، ازدادت الحقائق فيها

____________________

(١) سورة الأنعام: ألآيات ٨٤، ٨٥، ٨٦.

٣٩

وضوحاً، وظهر للمتأخر خلاف ما أثبته المتقدم، والحقيقة - كما يقولون - بنت البحث، وكم ترك الاول للآخر، ولهذا نرى كتب الفلاسفة الاقدمين، ومن تأخر عنهم من أهل التحقيق والنظر قد صارت عرضة لسهام النقد ممن تأخر، حتى أن بعض ما اعتقده السابقون برهاناً يقينيّاً، أصبح بعد نقده وهماً من الاوهام، وخيالاً من الاخيلة.والقرآن مع تطاول الزمان عليه، وكثرة أغراضه، وسمو معانيه،لم يوجد فيه ما يكون معرضاً للنقد والاعتراض، اللّهمّ إلاّ أوهام من بعض المكابرين، حسبوها من النقد!.

القرآن والاخبار بالغيب:

أخبر القرآن الكريم في عدة من آياته عن امور مهمة، تتعلق بما يأتي من الانباء والحوادث، وقد كان في جميع ما أخبر به صادقاً، لم يخالف الواقع في شئ منها. ولا شك في أن هذا من الاخبار بالغيب، ولا سبيل إليه غير طريق الوحي والنبوة. فمن الايات التي أنبأت عن الغيب قوله تعالى:( وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّـهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ‌ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِ‌يدُ اللَّـهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ‌ الْكَافِرِ‌ينَ ) .(١)

وهذه الاية نزلت في وقعة بدر، وقد وعد الله فيها المؤمنين بالنصر على عدوهم وبقطع دابر الكافرين، والمؤمنون على ما هم عليه من قلة العدد والعدة، حتى أن الفارس فيهم كان هو المقداد، أو هو والزبير بن العوام والكافرون هم الكثيرون الشديدون في القوة، وقد وصفتهم الاية بأنهم ذووا شوكة، وأن

____________________

(١) سورة الأنفال: الآية ٧.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

كتاب الأطعمة والأشربة

١٦١

فهرست أنواع الأبواب اجمالا:

أبواب الأطعمة المحرمة.

أبواب آداب المائدة.

أبواب الأطعمة المباحة.

أبواب الأشربة المباحة.

أبواب الأشربة المحرمة.

تفصيل الأبواب.

١٦٢

أبواب الأطعمة المحرمة

١ -( باب تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير والخمر، واباحتها عند الضرورة بقدر البلغة)

[١٩٤٦٧] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابه قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : لم حرم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ فقال: « إن الله تبارك وتعالى لم يحرم ذلك على عباده، وأحل لهم ما سواه رغبة منه فيما حرم عليهم، ولا رهبة مما أحل لهم، ولكنه خلق الخلق وعلم ما تقوم به أبدانهم ما يصلحهم، فأحله لهم وأباحه تفضلا منه عليهم لمصلحتهم، وعلم ما يضرهم فنهاهم عنه وحرمه عليهم، ثم أباحه للمضطر وأحله له في الوقت الذي لا يقوم بدنه إلا به، فأمر أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك، ثم قال: أما الميتة فإنه لا يدنو منها أحد ولا يأكل منها، إلا ضعف بدنه، ونحل جسمه وذهبت قوته، وانقطع نسله، ولا يموت إلا فجأة، وأما الدم فإنه يورث آكله الماء الأصفر(١) ، ويبخر الفم، وينتن الريح، ويسئ الخلق، ويورث الكلة(٢) والقسوة للقلب، وقلة الرأفة والرحمة، حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه، ولا يؤمن على حميمه وعلى من صحبه، وأما لحم الخنزير فإن الله مسخ قوما

__________________

أبواب الأطعمة المحرمة

الباب ١

١ - الاختصاص ص ١٠٣.

(١) الماء الأصفر: مرض يصيب البطن ( لسان العرب ج ٤ ص ٤٦١ ).

(٢) في نسخة: الكلب.

١٦٣

في صور شتى شبه الخنزير والقر والدب، وما كان من الأمساخ، ثم نهى عن أكل مثله(٣) لكي لا ينتفع بها، ولا يستخف بعقوبته، وأما الخمر فإنه حرمها لفعلها وفسادها، وقال: إن مدمن الخمر كعابد وثن، ويورثه الارتعاش ويذهب بقوته، ويهدم مروءته، ويحمله على أن يجسر على المحارم، من سفك الدماء و، ركوب الزنى ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على محارمه ».

[١٩٤٦٨] ٢ - الإمام أبو محمد العسكريعليه‌السلام في تفسيره: قال: « قال الله عز وجل:( إِنَّمَا حَرَّ‌مَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) التي ماتت حتف أنفها بلا ذباحة، من حيث أذن الله فيها( وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ‌ ) أن يأكلوه( وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ ) ما ذكر اسم غير الله عليه من الذبائح، وهي التي يتقرب بها الكفار بأسامي أندادهم التي اتخذوها من دون الله، ثم قال عز وجل:( فَمَنِ اضْطُرَّ‌ ) إلى شئ من هذه المحرمات( غَيْرَ‌ بَاغٍ ) وهو غير باغ عند ضرورته على امام هدى( وَلَا عَادٍ ) ولا معتد توالى بالباطل في نبوة من ليس بنبي وإمامة من ليس بإمام( فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ) في تناول هذه الأشياء( إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ‌ ) ستار لعيوبكم أيها المؤمنون( رَّ‌حِيمٌ ) (١) بكم حين أباح لكم في الضرورة ما حرمه في الرخاء ».

[١٩٤٦٩] ٣ - محمد بن إبراهيم النعماني في تفسيره: عن أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي، عن إسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد الله، عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام في خبر طويل في أقسام الآيات، - إلى أن قال -: « وأما ما في القرآن تأويله

__________________

(٣) في الحجرية: الميتة، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٥ والآية: ١٧٣ في سورة البقرة: ٢.

(١) البقرة ٢: ١٧٣.

٣ - تفسير النعماني ص ٤٣ وعنه في البحار ج ٩٣ ص ٦٨.

١٦٤

في تنزيله، كل آية محكمة نزلت في تحريم شئ من الأمور المتعارفة، التي كانت في أيا العرب، تأويلها في تنزيلها، فليس يحتاج فيها إلى تفسير أكثر من تأويلها، وذلك مثل قوله تعالى في التحريم:( حُرِّ‌مَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ) (١) إلى آخر الآية، وقوله تعالى:( إِنَّمَا حَرَّ‌مَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ‌ ) (٢) » الآية الخبر.

[١٩٤٧٠] ٤ - علي بن محمد الخزاز في كفاية الأثر: عن محمد بن وهبان، عن داود بن الهيثم، عن جده إسحاق بن بهلول، عن أبيه بن حسان، عن طلحة بن زيد الرقي، عن الزبير بن عطاء، عن عمير بن ماني العبسي، عن جنادة بن أبي أمية، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال في وصيته إليه: « فانزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالا كنت قد زهدت فيها، وإن كان حراما لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة » الخبر.

[١٩٤٧١] ٥ - فقه الرضاعليه‌السلام : « اعلم - يرحمك الله - إن الله تبارك وتعالى، لم يبح أكلا ولا شربا إلا لما فيه المنفعة والصلاح، ولم يحرم إلا ما فيه الضرر والتلف والفساد، فكل نافع مقو للجسم فيه قوة للبدن فحلال، وكل مضر يذهب بالقوة أو قاتل فحرام، مثل السموم والميتة والدم ولحم الخنزير - إلى أن قال - والميتة تورث الكلب، وموت الفجأة، والآكلة، والدم يقسي القلب، ويورث الداء الدبيلة(١) ، والسموم فقاتلة، والخمر تورث فساد القلب، ويسود الأسنان، ويبخر الفم، ويبعد من الله، ويقرب من سخطه، وهو من شراب إبليس » إلى آخره.

__________________

(١) النساء ٤: ٢٣.

(٢) البقرة ٢: ١٧٣.

٤ - كفاية الأثر ص ٢٢٧.

٥ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٤.

(١) الدبلية بتشديد الدال وضمها: الطاعون، ودمل يظهر في الجوف يقتل صاحبه غالبا ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٣٦٩ ).

١٦٥

[١٩٤٧٢] ٦ - العياشي في تفسيره: عن أبي الصباح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال: سألته عن النبيذ والخمر، بمنزلة واحدة هما؟ قال: « لا، إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر، قليلها وكثيرها، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير » الخبر.

[١٩٤٧٣] ٧ - وعن أبي الربيع عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - في الخمر والنبيذ - قال: « إن النبيذ ليس بمنزلة الخمر، إن الله حرم الخمر بعينها فقليلها وكثيرها حرام، كما حرم الميتة والدم ولحم الخنزير » الخبر.

[١٩٤٧٤] ٨ - كتاب سليم بن قيس الهلالي: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في حديث: « ولولا عهد إلي خليليصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتقدم إلي فيه، لفعلت ولكن قال لي: يا أخي، كلما اضطر إليه العبد، فقد أباحه الله له وأحله » الخبر.

[١٩٤٧٥] ٩ - البحار، عن كتاب عيون الحكم والمواعظ لعلي بن محمد الواسطي: بإسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في جملة كلام له في صفات الصالحين: « نزلوا الدنيا من أنفسهم كالميتة، التي لا يحل لاحد أن يشبع منها إلا في حال الضرورة إليها، وأكلوا منها بقدر ما أبقي لهم النفس وأمسك الروح » الخبر.

٢ -( باب تحريم لحوم المسوخ وبيضها من جميع أجناسها، وتحريم لحوم الناس)

[١٩٤٧٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « والعلة في تحريم الجري - وهو

__________________

٦ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٠ ح ١٨٤.

٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٢ ح ١٩٠.

٨ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٥١.

٩ - بحار الأنوار ج ٧٣ ص ١١١.

الباب ٢

١ - فقه الرضاععليه‌السلام ص ٣٤.

١٦٦

السلور(١) وما جرى مجراه في سائر المسوخ البرية والبحرية - ما فيها من الضرر للجسم، لان الله تقدست أسماؤه مثل على صورها مسوخا، فأراد أن لا يستخف بمثله ».

[١٩٤٧٧] ٢ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن الحسن بن علي، عن كرام، عن عبد الله بن طلحة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن الوزغ فقال: « هو رجس وهو مسخ، فإذا قتلته فاغتسل، ثم قال: إن أبي كان قاعدا في الحجر ومعه رجل يحدثه، فإذا وزغ يولول(١) بلسانه، فقال أبي للرجل: أتدري ما يقول هذا الوزغ؟ قال: لا علم لي بما يقول، قال: فإنه يقول: والله لئن ذكرت عثمانا لأسبن عليا أبدا، حتى تقوم من هاهنا ».

ورواه الصفار في البصائر: عن أحمد بن محمد، مثله(٢) .

ورواه الطبري في الدلائل - كما في البحار -: عن علي بن هبة الله، عن الصدوق، تعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، مثله(٣) .

[١٩٤٧٨] ٣ - وعن محمد بن أبي عاتكة الدمشقي، عن الوليد بن سلمة، عن موسى القرشي(١) ، عن حذيفة بن اليمان قال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إذ قال: « إن الله تبارك وتعالى مسخ من بني إسرائيل اثني عشر جزء، فمسخ منهم القردة، والخنازير، والسهيل، والزهرة، والعقرب، والفيل، والجري وهو سمك لا يؤكل

__________________

(١) السلور بتشديد السين وكسرها وتشديد اللام وفتحها وسكون الواو: جنس سمك بحري ونهري، يبلغ طوله ثلاثة أمتار، ومنه نوع كالرعاد ( المعجم الوسيط ج ١ ص ٤٤٧ ).

٢ - الاختصاص ص ٣٠١، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٥ ح ٧.

(١) الولولة: صوت متتابع ( لسان العرب ج ١١ ص ٧٣٦ ).

(٢) بصائر الدرجات ص ٣٧٣.

(٣) دلائل الإمامة ص ٩٩، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٥.

٣ - الاختصاص ص ١٣٦، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٦ ح ٩.

(١) في المصدر: عبد الرحمن القرشي، وفي البحار: موسى بن عبد الرحمن القرشي.

١٦٧

والدعموص(٢) ، والدب، والضب، والعنكبوت، والقنفذ « قال حذيفة: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، فسر لنا هذا كيف مسخوا؟ قال: » نعم.

أما القردة فإنهم مسخوا، لأنهم اصطادوا الحيتان في السبت، على عهد داود النبيعليه‌السلام .

وأما الخنازير فمسخوا، لأنهم كفروا بالمائدة التي نزلت من السماء على عيسى بن مريمعليه‌السلام .

وأما السهيل فمسخ، لأنه كان رجلا عشارا، فمر به عابد من عباد ذلك الزمان، فقال العشار: دلني على اسم الله الذي يمشي به على وجه الماء، ويصعد به إلى السماء، فدله على ذلك، فقال العشار: قد ينبغي لمن عرف هذا الاسم أن لا يكون في الأرض، بل يصعد به إلى السماء، فمسخه الله وجعله آية للعالمين.

وأما الزهرة فمسخت، لأنها هي المرأة التي فتنت هاروت وماروت الملكين.

وأما العقرب فمسخ، لأنه كان رجلا نماما يسعى بين الناس بالنميمة، ويغري بينهم العداوة.

وأما الفيل فإنه كان رجلا جميلا فمسخ، لأنه كان نكح البهائم البقر والغنم شهوة من دون النساء.

وأما الجري فإنه مسخ، لأنه كان رجلا من التجار، وكان يبخس الناس في المكيال والميزان.

وأما الدعموص فإنه مسخ، لأنه كان رجلا إذا جامع النساء لم يغتسل من الجنابة ويترك الصلاة، فجعل الله قراره في الماء إلى يوم القيامة من جزعه عن البرد.

__________________

(٢) الدعموص: دابة صغيرة تكون في مستنقع الماء ( لسان العرب ج ٧ ص ٣٦ ).

١٦٨

وأما الدب فمسخ، لأنه كان رجلا يقطع الطريق، لا يرحم غريبا ولا فقيرا إلا سلبه.

وأما الضب فمسخ، لأنه كان رجلا من الاعراب، وكانت خيمته على ظهر الطريق، وكانت إذا مرت القافلة تقول له: يا عبد الله، كيف يأخذ الطريق إلى كذا وكذا؟ فإن أرادوا القوم المشرق ردهم المغرب، وإن أرادوا المغرب ردهم إلى المشرق، وتركهم يهيمون لم يرشدهم إلى سبيل الخير.

وأما العنكبوت فمسخت، لأنها كانت خائنة للبعل، وكانت تمكن فرجها سواه.

وأما القنفذ فإنه كان رجلا من صناديد العرب فمسخ، لأنه(٣) إذا نزل به الضيف رد الباب في وجهه، ويقول لجاريته: أخرجي إلى الضيف فقولي له: إن مولاي غائب عن المنزل، فيبيت الضيف بالباب جوعا، ويبيت أهل البيت شباعا مخصبين ».

[١٩٤٧٩] ٤ - كتاب محمد بن المثنى: عن عبد السلام بن سالم، عن ابن أبي البلاد، عن عمار بن عاصم السجستاني: قال جئت إلى باب أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فدخلت عليه فقلت: أخبرني عن الحية والعقرب والخنفس وما أشبه ذلك، قال: فقالعليه‌السلام : « أما تقرأ كتاب الله؟ » قال: قلت: وما كل كتاب الله أعرف، فقال: « أو ما تقرأ:( أَلَمْ يَرَ‌وْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُ‌ونِ ) (١) ( يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ ) (٢) قال: فقال: هم أولئك خرجوا من الدار فقيل

__________________

(٣) في المصدر زيادة: كان.

٤ - كتاب محمد بن المثنى ص ٩٢، وعنه في البحار ج ٦٥ ص ٢٢٨ ح ١١.

(١) يس ٣٦: ٣١.

(٢) السجدة ٣٢: ٢٦.

١٦٩

لهم: كونوا شيئا(٣) ».

[١٩٤٨٠] ٥ - الصدوق في المقنع: واعلم أن الضب والفأرة والقردة والخنازير، مسوخ لا يجوز أكلها، وكل مسخ حرام، ولا تأكل الأرنب فإنه مسخ حرام.

[١٩٤٨١] ٦ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه اتي بضب، فلم يأكل منه وقذره

وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه نهى عن الضب والقنفذ، وغيره من حشرات الأرض كالضب وغيره(١) .

[١٩٤٨٢] ٧ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا عباد الله، إن قوم عيسى لما سألوه أن ينزل عليهم مائدة من السماء( قَالَ اللَّـهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ‌ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ) (١) فأنزلها عليهم، فمن كفر منهم بعد مسخه الله إما خنزيرا وإما قردا وإما دبا وإما هرا، وإما على صورة بعض الطيور والدواب التي في البر والبحر، حتى مسخوا على أربعمائة نوع من المسخ ».

[١٩٤٨٣] ٨ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: عن محمد بن إبراهيم، عن جعفر بن زيد القزويني، عن زيد الشحام، عن أبي هارون، عن ميثم التمار، عن سعد الخفاف، عن الأصبغ بن نباتة، قال: جاء نفر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقالوا: إن المعتمد يزعم أنك تقول: هذا

__________________

(٣) في المصدر: نششا.

٥ - المقنع ص ١٤١.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤٢٢.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤٢٣.

٧ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٣٤.

(١) المائدة ٥: ١١٥.

٨ - الهداية للحضيني ص ٣٠ - أ.

١٧٠

الجري مسخ، فقال: « مكانكم حتى أخرج إليكم » فتناول ثوبه ثم خرج إليهم فمضى حتى انتهى إلى الفرات بالكوفة، فصاح: « يا جري » فأجابه: لبيك لبيك، فقال: « من أنا؟ » قال: أنت إمام المتقين وأمير المؤمنين، فقال له أمير المؤمنين: « فمن أنت؟ » فقال: أنا ممن عرضت عليه ولايتك فجحدتها ولم أقبلها، فمسخت جريا، وبعض هؤلاء الذين معك يمسخون جريا، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فبين قصتك، وممن كنت، ومن(١) مسخ معك؟ ».

فقال: نعم، كنا أربع وعشرين طائفة من بني إسرائيل، قد تمردنا وطغينا واستكبرنا، وتركنا المدن لا نسكنها، وسكنا المفاوز رغبة منا في البعد عن المياه والأنهار، فأتانا آت - والله، يا أمير المؤمنين - أنت أعرف به منا، في ضحى النار، فصرخ صرخة فجمعنا في جمع واحد، وكنا منبثين في تلك المفاوز والقفار، فقال لنا: مالكم هربتم من المدن والأنهار وسكنتم في هذه علمت ما في أنفسكم، أفعلى الله تتعززون وتتكبرون؟ فقلنا له: لا، قال: فقال: أفليس أخذ عليكم العهد لتؤمنن بمحمد بن عبد الله المكيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقلنا: بلى، قال: وأخذ عليكم العهد بولاية وصيه وخليفته من بعده علي بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ فسكتنا ولم نجب بألسنتنا وقلوبنا ونياتنا لا نقبلها ولا نقربها، قال لنا: أو لا تقولون بألسنتكم؟ فقلناها جميعا بألسنتنا، فصاح بنا صيحة وقال: بإذن الله كونوا مسوخا، كل طائفة جنسا، أيتها القفار كوني بإذن الله أنهارا تسكنك هذه المسوخ، واتصلي ببحار الدنيا وأنهارها، حتى لا يكون ماء إلا كانوا فيه، فمسخنا ونحن أربع وعشرون طائفة، أربعة وعشرون جنسا، فصاحت اثنتا عشرة طائفة منا: أيها المقتدر علينا بقدرة الله تعالى، بحقه عليك لما أعفيتنا من الماء، وجعلتنا على ظهر الأرض كيف شئت، فقال: قد فعلت.

__________________

(١) في الحجرية: ممن، وما أثبتناه من المصدر.

١٧١

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « هيه يا جري، فبين لنا ما كانت الأجناس الممسوخة البرية والبحرية » فقال: أما البحرية فنحن: الجري، والرق(٢) ، السلاحف، والمار ما هي(٣) ، والزمار(٤) ، والسراطين، وكلاب الماء، والضفادع، ( وبنت يقرض )(٥) والعرضان، والكوسج، والتمساح.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « هيه، والبرية ما هي؟ » قال: نعم يا أمير المؤمنين، هي: الوزع، والخفاش، والكلب، والذر، والقرد، والخنازير، والضب، والحرباء، والورل(٦) ، والخنافس، والأرانب، والضبع.

ثم قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فما فيكم من خلق الانسانية وطبعها؟ » قال الجري: أفواهنا، والبعض لكل صورة وخلق كلنا تحيض منا الإناث.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « صدقت أيها الجري وحفظت ما كان » قال الجري: فهل من توبة؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الاجل هو يوم القيامة، وهو الوقت المعلوم، والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين ».

__________________

(٢) الرق بتشديد الراء وفتحها: نوع من دواب الماء شبه التمساح وقيل: هو العظيم من السلاحف ( لسان العرب ج ١٠ ص ١٢٣ ).

(٣) المارماهي: معرب أصله حية السمك ( مجمع البحرين ج ٣ ص ٤٨٥ ).

(٤) الزمار: سمكة جسمها ممدود شديد الانضغاط من الجانبين، مقدمها طويل أحدب، وجسمها أملس لا تغطيه القشور ( المعجم الوسيط ج ١ ص ٣٩٩ ).

(٥) بنت يقرض: لم نجد فيما بين أيدينا من المعاجم إلا ابن مقرض: دويبة تقتل الحمام ( لسان العرب ج ٧ ص ٢١٦ ) وفي حياة الحيوان ج ٢ ص ٣٢٠ ابن مقرض: دويبة كحلاء اللون طويلة الظهر ذات قوائم أربع أصغر من الفأر تقتل الحمام وتقرض الثياب. فلعله هو المراد في الحديث.

(٦) الورل: دابة أكبر من الضب يكون في الرمال والصحاري ( لسان العرب ج ١١ ص ٧٢٤ ).

١٧٢

قال الأصبغ بن نباتة: فسمعنا والله ما قال ذلك الجري، ووعيناه وكتبناه وعرضناه على أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٣ -( باب تحريم جميع السباع من الطير والوحش من كل ذي ناب أو مخلب وغيرهما، وجملة من المحرمات)

[١٩٤٨٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يؤكل الذئب ولا النمر ولا الفهد ولا الأسد ولا ابن آوى ولا الدب ولا الضبع، ولا شئ له مخلب ».

[١٩٤٨٥] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام ».

[١٩٤٨٦] ٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه ذكر ما يحل أكله وما يحرم بقول مجمل، - إلى أن قال -: « وأما ما يحل من أكل لحم الحيوان، فلحم البقر والغنم والإبل، ومن لحم الوحش كلما ليس له ناب ولا مخلب ».

[١٩٤٨٧] ٤ - الجعفريات: حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن يوسف بن أبي الحارث قال: حدثنا موسى بن داود قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ثعلبة الحبشي قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ينهى عن كل ذي ناب من السباع.

[١٩٤٨٨] ٥ - الصدوق في الهداية: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

الباب ٣

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤٢٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٣ ح ٤١٩.

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٢ ح ٤١٨.

٤ - الجعفريات ص ٢٤٩.

٥ - الهداية ص ٧٨.

١٧٣

« كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير حرام، والحمر الانسية حرام ».

[١٩٤٨٩] ٦ - عوالي اللآلي: عن النبي ( صلى الله عليه آله )، أنه نهى عن لحم كل ذي ناب من السباع.

٤ -( باب كراهة لحوم الحمر الأهلية، وعدم تحريمها)

[١٩٤٩٠] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ، يقول: « إن الناس أكلوا لحوم دوابهم يوم خيبر فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله باكفاء القدور، فنهاهم عن ذلك ولم يحرمها ».

[١٩٤٩١] ٢ - العياشي في تفسيره: عن حريز، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عن أكل لحوم الحمير، وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوه(١) ، وليس الحمير بحرام ».

[١٩٤٩٢] ٣ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الحمر الأهلية(١) حرام ».

ونهى عن أكل لحومها يوم خيبر.

قلت: لا بد [ من ](٢) حمله على النسخ، أو على الكراهة لما تقدم.

__________________

٦ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٣ ح ٢٥١.

الباب ٤

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٣.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٢ ح ١١٨.

(١) ورد في هامش الحجرية ما نصه: كذا في نسختي، ونسخة البحار والبرهان، والظاهر أن الأصل: « ظهورها أن يفنوها » كما في الخبر المروي في الأصل [ راجع الوسائل في الحديث ٦ من الباب ٤ من أبواب الأطعمة المحرمة ج ١٦ ] ( منه، قده ).

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٧.

(١) في المصدر: الانسية.

(٢) ليس في المصدر ولا في الحجرية وما أثبتناه للسياق.

١٧٤

٥ -( باب كراهة لحوم الخيل والبغال، وعدم تحريمها)

[١٩٤٩٣] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « مر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على رجل من الأنصار، وهو قائم على فرس له يكيد بنفسه(١) ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اذبحه يكن لك(٢) أجر بذبحك إياه، وأجر باحتسابك له: فقال يا رسول الله، ألي منه شئ؟ فقال: نعم، كل وأطعمني، فأهدى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله [ منه ](٣) - فخذا [ فأكل ](٤) وأطعمنا ».

[١٩٤٩٤] ٢ - وروينا عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه نهى عن ذبح الخيل، فيشبه - والله أعلم - أن يكون نهيه عن ذلك، إنما هو استهلاك السالم السوي منها، لان الله عز وجل أمر باستعدادها وارتباطها في سبيله، والذي جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنما هو فيما أشفى على الموت وخيف عليه الهلاك منها.

وعن أبي جعفر(١) عليه‌السلام ، أنه قال: « لا يؤكل البغال »(٢) .

[١٩٤٩٥] ٣ - العياشي في تفسيره: عن حريز، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئل عن سباع الطير والوحش، حتى ذكر القنافذ والوطواط والحمير والبغال والخيل، فقال: « ليس الحرام إلا ما حرم الله في

__________________

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٥.

(١) يكيد بنفسه: يجود بها عند نزع روحه ونفسه ( لسان العرب ج ٣ ص ٣٨٣ ).

(٢) في المصدر زيادة: أجران.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٦.

(١) في المصدر: عن جعفر بن محمد.

(٢) نفس المصدر ج ٢ ص ٢٤ ١ ح ٤٢٨.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٢ ح ١١٨.

١٧٥

كتابه، وقال: نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) عن أكل لحوم الحمير، وإنما نهاهم من أجل ظهورهم أن يفنوها(٢) ، وليس الحمير بحرام

وقال: اقرأ هذه الآيات:( قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّ‌مًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ‌ فَإِنَّهُ رِ‌جْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ ) (٣) ».

قلت: ذكر الشيخ وغيره الوجه في هذا الخبر، وهو مذكور في الأصل(٤) فراجع

٦ -( باب حكم أكل الغراب وبيضه، من الزرع وغيره)

[١٩٤٩٦] ١ - عوالي اللآلي: روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه أتي بغراب فسماه فاسقا، وقال: « والله ما هو من الطيبات ».

٧ -( باب تحريم أكل السمك الذي ليس له فلوس، وبيعه، وإباحة ما له فلوس، وحكم الأسقنقور(*) )

[١٩٤٩٧] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا يؤكل من دواب البحر إلا ما كان له قشر ».

[١٩٤٩٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « يؤكل من المسك ما كان له

__________________

(١) في المصدر زيادة: يوم خيبر.

(٢) في الحجرية: يفنوه، وما أثبتناه هو الصواب، وفي المصدر: ظهرهم أن يفنوه.

(٣) الانعام ٦: ١٤٥.

(٤) وسائل الشيعة في الحديث ٦ من الباب ٤ من أبواب الأطعمة المحرمة ج ١٦.

الباب ٦

١ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٤٦٨ ح ٢٧.

الباب ٧

* سقنقور: حيوان من العظاء القصيرات الألسنة يشبه الوزع والضب. ( انظر ملحق لسان العرب ج ٢ ص ٣٤ ومجمع البحرين ج ٣ ص ٣٣٤ ).

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٢ ح ٨ ٤١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

١٧٦

فلوس ».

[١٩٤٩٩] ٣ - الصدوق في المقنع: وكل من السمك ما كان له قشور، ولا تأكل ما ليس له قشور.

[١٩٥٠٠] ٤ - الكشي في رجاله: عن محمد بن مسعود، عن جعفر بن محمد، عن العمركي، عن أحمد بن شيبة، عن يحيى بن المثنى، عن علي بن الحسن بن رباط(١) ، عن حريز قال: دخلت على أبي حنيفة فقال لي: أسألك عن مسألة لا يكون فيها شئ، ما تقول في جمل أخرج من البحر، فقلت: إن شاء فليكن جملا، وإن شاء فليكن بقرة، إن كانت عليه فلوس أكلنا، وإلا فلا.

[١٩٥٠١] ٥ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن جعفر بن الحسين المؤمن، عن حيد بن محمد بن نعيم قال: حدثنا جعفر بن محمد بن قولويه، عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي جميعا، عن محمد بن مسعود، مثله.

٨ -( باب تحريم أكل الجري والمار ما هي والزمير، وبيعها وشرائها)

[١٩٥٠٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يؤكل الجري، ولا المار ما هي، ولا الزمار ».

الصدوق في المقنع مثله: وفيه: « ولا الزمير »(١) .

__________________

٣ - المقنع ص ١٤٢.

٤ - رجال الكشي ج ٢ ص ٦٨١ ح ٧١٨.

(١) في الحجرية: « علي بن الحسن وزياد » وما أثبتناه من المصدر هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ١١ ص ٣٢٧ و ج ٤ ص ٢٥٥ ).

٥ - الاختصاص ص ٢٠٦.

الباب ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) المقنع ص ١٤٢.

١٧٧

[١٩٥٠٣] ٢ - وفي كمال الدين: عن علي بن أحمد الدقاق، عن الكليني، عن علي بن محمد، عن محمد بن إسماعيل بن موسى، عن أحمد بن القاسم العجلي، عن أحمد بن يحيى المعروف ببرد، عن محمد بن خداهي، عن عبد الله بن أيوب، عن عبد الله بن هشام، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعمي(١) ، عن حبابة الوالبية، قالت: رأيت أمير المؤمنينعليه‌السلام في شرطة الخميس ومعه درة يضرب بها بياعي الجري والمار ما هي والزمير والطافي، ويقول لهم: « يا بياعي مسوخ بني إسرائيل وجند بني مروان » فقام إليه فرات بن الأحنف فقال: يا أمير المؤمنين، وما جند بني مروان؟ فقال له: « أقوام حلقوا اللحي وفتلوا الشوارب ».

[١٩٥٠٤] ٣ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: كان أصحاب المغيرة يكتبون إلى، أن أسأله عن الجريث(١) والمار ما هي والزمير وما ليس له قشر من السمك، حرام هو أم لا؟ فسألته عن ذلك، فقال: « اقرأ هذه الآية التي في الانعام » قال: فقرأتها حتى فرغت منها، قال: فقال لي: « إنما الحرام ما حرم الله في كتابه، ولكنهم كانوا يعافون الشئ ونحن نعافه ».

العياشي في تفسيره: عن محمد بن مسلم، عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٩٥٠٥] ٤ - وعن زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن

__________________

٢ - كمال الدين ص ٥٣٦ ح ١.

(١) في الحجرية: « عبد الكريم بن عمر الجعفي » وما أثبتناه هو الصواب ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٠ ص ٦٧ ).

٣ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٥.

(١) الجريث بكسر الجيم وتشديد الراء: نوع من السمك يشبه الحيات ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٤٣ ).

(٢) تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٢ ح ١١٩.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٨٣ ح ١٢٠.

١٧٨

الجري فقال: « وما الجري؟ » فنعته له، فقال:( قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّ‌مًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ) (١) إلى آخر الآية، ثم قال: « لم يحرم الله شيئا من الحيوان في القرآن، إلا الخنزير بعينه، ويكره كل شئ من البحر ليس فيه قشر » قال: قلت: وما القشر؟ قال: « هو الذي مثل الورق، وليس هو بحرام، إنما هو مكروه ».

[١٩٥٠٦] ٥ - الحافظ البرسي في مشارق الأنوار: عن زيد الشحام، بإسناده عن ابن نباتة قال: إن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، جاءه نفر من المنافقين، فقالوا له: أنت الذي تقول: إن هذا الجري مسخ حرام، فقال: « نعم » فقالوا: أرنا برهانه، فجاء بهم إلى الفرات فنادى: « هناس هناس(١) ، فأجابه الجرى: لبيك، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : » من أنت؟ « فقال: ممن عرض عليه ولايتك فأبى ومسخ، وإن فيمن معك لمن يمسخ كما مسخنا، ويصير كما صرنا، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : » بين قصتك، ليسمع من حضر فيعلم فقال: نعم، كنا أربعا وعشرين قبيلة من بني إسرائيل، وكنا قد تمردنا وعصينا، وعرضت ولايتك علينا فأبينا، وفارقنا البلاد واستعملنا الفساد، فجاء نا آت - أنت والله أعلم به منا - فصرخ فينا صرخة، فجمعنا جمعا واحدا، وكنا متفرقين في البراري، وجمعنا لصرخته، ثم صاح صيحة أخرى وقال: كونوا مسوخا بقدرة الله، فمسخنا أجناسا مختلفة، ثم قال: أيها القفار كونوا أنهارا تسكنك هذه المسوخ، واتصلي ببحار الأرض حتى لا يبقى ماء إلا وفيه هذه المسوخ فصرنا مسوخا كما ترى.

وتقدم عن الحضيني: ما يقرب منه(٢) .

__________________

(١) الانعام ٦: ١٤٥.

٥ - مشارق الأنوار ص ٧٧.

(١) في المصدر: مناش مناش.

(٢) تقدم في الحديث ٨ من الباب ٢.

١٧٩

٩ -( باب عدم تحريم الربيثا(*) ، وأنه يكره)

[١٩٥٠٧] ١ - الصدوق في الهداية: وسئل الصادقعليه‌السلام ، عن الربيثا، فقال: « لا تأكلها، فإنا لا نعرفها في السمك ».

قلت: وهو محمول على الكراهة، للاخبار الكثيرة الناصة في تحليلها.

١٠ -( باب تحريم المسك الطافي، وما يلقيه الماء ميتا، وما نضب عنه الماء)

[١٩٥٠٨] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه نهى عن الطافي، وهو ما مات في البحر من صيد قبل أن يؤخذ.

[١٩٥٠٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يؤكل الجري ولا المار ما هي(١) ولا الطافي، وهو الذي يموت في الماء فيطفو على رأس الماء ».

[١٩٥١٠] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل الجري والمار ما هي ولا الزمير، ولا الطافي وهو الذي يموت في الماء فيطفو على وجه الماء.

[١٩٥١٠] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل الجري والمارماهي ولا الزمير، ولا الطافي وهو الذي يموت في الماء فيطفو على وجه الماء.

[١٩٥١١] ٤ - البحار، عن كشف المناقب: عن أبي مطر، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام - في حديث شريف - قال ثم مرعليه‌السلام مجتازا ومعه المسلمون، حتى أتى أصحاب السمك، فقال: « لا يباع في سوقنا طاف » الخبر.

__________________

الباب ٩

* الربيثا، بتشديد الراء وفتحها: نوع من السمك له فلس صغير ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٥٤ ).

١ - الهداية ص ٧٩.

الباب ١٠

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٥ ح ٤٣٣.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

(١) في المصدر زيادة: ولا الزمار.

٣ - المقنع ص ١٤٢.

٤ - بحار الأنوار ج ٤٠ ص ٣٣١ ح ١٤ عن كشف الغمة ج ١ ص ١٦٣، عن المناقب ص ٧٠.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260