تسليك النفس إلى حظيرة القدس

تسليك النفس إلى حظيرة القدس23%

تسليك النفس إلى حظيرة القدس مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 257

تسليك النفس إلى حظيرة القدس
  • البداية
  • السابق
  • 257 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 84750 / تحميل: 6269
الحجم الحجم الحجم
تسليك النفس إلى حظيرة القدس

تسليك النفس إلى حظيرة القدس

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٣ - التوثيق والتعضيد:

وقمنا بتوثيق ما جاء في النص من الآراء والعقائد، بالتوضيح والتخريج، كما أرجعنا إلى مزيد من المصادر تعضيدا لما جاء في النص.

والهدف تقريب المسافة للمراجعين، تمهيدا لسبيل المقارنة والتوسع، واختصارا للوقت والجهد.

والله هو المسؤول أن يبلغ بهذا العمل ما أملناه، وأن يسبغ علينا رضاه ورأفته وبره، وأن يوفقنا لخدمة الحق وأهله، وأن يصلح نياتنا وأعمالنا، ويجعلها في سبيله، وأن يتغمد والدينا وأساتذتنا ومشايخنا بالرحمة والرضوان، إنه قريب مجيب.

والحمد لله رب العالمين.

٤١

٤٢

الحكايات

متن الكتاب

[ بسم الله الرحمن الرحيم ]

فصل من حكايات الشيخ المفيد أبي عبد الله

محمد بن محمد بن النعمان(١)

قال (السيد)(٢) الشريف، أبو القاسم، علي بن الحسين، الموسوي (أيده الله)(٣) :

____________________

(١) أضاف في " ضا " على العنوان: " عليه الرحمة والرضوان ".

(٢) ما بين القوسين ورد في " ن " و " تي ".

(٣) ما بين القوسين ورد في " مط ".

٤٣

٤٤

[ ١ ]

[ ثلاثة أشياء لا تعقل ]

سمعت الشيخ أبا عبد الله (أدام الله عزه)(١) يقول:

ثلاثة أشياء لا تعقل، وقد اجتهد المتكلمون في تحصيل معانيها من معتقديها(٢) بكل حيلة، فلم يظفروا (منهم)(٣) إلا بعبارات يتناقض المعنى فيها(٤) على مفهوم الكلام:.

اتحاد النصرانية(٥) .

____________________

(١) ما بين القوسين من " مط ".

(٢) في " مط ": معتقدها.

(٣) في " ضا ": منهما، وفي " تي ": منها.

(٤) في " مط ": تتناقض في المعنى.

(٥) اتحاد النصرانية:

هو قول النصارى باتحاد الاقانيم الثلاثة: الاب، والابن، والروح القدس. وقد اتفقوا على هذا، واختلفوا في كيفيته: هل هو من جهة الذات ؟ أو من جهة المشيئة ؟ لاحظ بعض توجيهاته في تلبيس إبليس لابن الجوزي (ص ٧١) ومذاهب الاسلاميين، للبدوي (١ / ٦ - ٤٤٨).

واقرأ الرد عليهم في: الهدى إلى دين المصطفى (٢ / ٢٦٥ و ٢٨٠ و ٢٨٥ - ٢٨٨) والتوحيد والتثليث، كلا هما للبلاغي، وكشف المراد شرح تجريد الاعتقاد، للعلامة (ص ٣ - ٢٩٤) وشرح الاصول الخمسة للقاضي عبد الجبار المعتزلي (ص ٥ - ٢٩٨)

٤٥

وكسب النجارية(٦) .

وأحوال البهشمية(٧) .

وقال (الشيخ)(٨) :.

ومن ارتاب بما ذكرناه في هذا الباب، فليتوصل إلى إيراد

____________________

(٦) كسب النجاربة:

النجارية: هم أتباع الحسين بن محمد النجار (ت ٢٣٠) فرقة من المعتزلة، ويقال لهم " الحسينية " أيضا.

والكسب عندهم ما التزموه عند قولهم بأن الله تعالى هو خالق أفعال العباد كلها، وأثبتوا للعبد تأثيرا في الفعل بقدرة حادثة، سموه " كسبا ".

وقرر بعض الاشاعرة - أيضا - هذه الفكرة، مثل: أبي الحسن الاشعري، وأبي بكر الباقلاني.

كما ردها غير النجارية من المعتزلة، كالقاضي عبد الجبار.

أنظر احتمالات الكسب، والرد عليها في: نهج الحق وكشف الصدق، للعلامة (ص ١٢٥ - ١٢٩) وكشف المراد، له (ص ٣٠٨).

وراجع: الشيعة بين الاشاعرة والمعتزلة (ص ٢٠٦) ومذاهب الاسلامنين (ج ا ص ٦١٦ - ٦١٨) وفي (من ٤٥٦ - ٤٦٢) جاء رد القاضي عبد الجبار عليهم.

واقرأ عن النجارية وآرائها: الملل والنحل، للشهرستاني (١ / ٨٨ - ٨٩).

(٧) أحوال البهشمية:

البهشمية: فرقة من المعتزلة، منسوبة إلى أبي هاشم، عبد السلام بن محمد الجبائي (ولد ٢٤٧ ومات ٣٢١) وترجم له الخطيب في تاريخ بغداد (١١ / ٥٥) رقم ٥٧٣٥ وابن خلكان في وفياته (٣ / ١٨٣) رقم ٣٨٣.

واقرأ عن مذهبه: الملل والنحل (١ / ٧٨).

وسيتحدث الشيخ المفيد عن فكرة. " الاحوال " في الفقرة التالية [ ٢ ] فلاحظ مصادر البحث عنها هناك.

(٨). كلمة " الشيخ " من: " مط " و " مج ".

٤٦

معنى - في واحد(٩) منها - معقول، أو(١٠) الفرق بينها في التناقض والفساد، ليعلم(١١) أن خلاف ما حكمنا به هو الصواب ! وهيهات ! ؟.

____________________

(٩) في " مط ": معنى واحد.

(١٠) في " مط ": و (بدل: أو) وفي " ن ": إذا، وفي " تي ": أو للفرق.

(١١) في " ن ": وليعلم.

٤٧

٤٨

[ ٢ ]

[ مفاسد القول بالحال ]

وسمعته يقول:

القول بالاحوال(١) يتضمن من فحش الخطأ والتناقض ما لا يخفى على ذي حجا:

فمن ذلك: أن الحال في اللغة هي: " ما حال الشئ فيها

____________________

(١) الاحوال:

هي ما التزمه ابو هاشم من أن: صفات البارئ - جل وعلا - ليست هي الذات، ولا أشياء تقوم بالذات، بل هي غير الذات منفصلة عنها، وسماها " أحوالا " واحدها: " الحال ". وقالت الشيعة الامامية: إن صفات البارئ هي معان معقولة فقط، وليس لها مصداق غير الذات الالهية الواحدة، ولم يتصور واللاحوال المذكورة معنى، لاحظ " أوائل المقالات " للشيخ المفيد (ص ٦١).

كما أن الاشاعرة لم يوافقوا على الاحوال، بل التزموا بالصفات باعتبارها أمورا مننصلة عن الذات قائمة بها، فلذا سموا بالصفاتية، لاحظ التعليقة التالية بر قم (٣٦) في هذه الفقرة.

وللتفصيل عن الاحوال، والرد عليها، لاحظ: كشف المراد، المقصد (١) الفصل (١) المسألة (١٢) في نفي الحال (ص ٣٥ - ٣٧)، والمسألة (١٣) (ص ٣٧ - ٣٩) والمقصد (٣) الفصل (٢) المسألة (١٩) (ص ٢٩٦). والملل والنحل (١ / ٨٢ - ٨٣). ومذاهب الاسلاميين (١ / ٣٤٢ - ٣٦٤).

وقد قال الجويني المعروف بإمام الحرمين - وهو من كبار الاشاعرة - بفكرة الاحوال، وهو أول أشعري يقول بها، أنظر مذاهب الاسلاميين (١ / ٧٣٠ - ٧٣٢).

٤٩

عن معنى كان عليه، إما موجود، أو معقول " لا نعرف(٢) الحال في حقيقة اللسان إلا ما ذكرناه، ومن ادعى غيره كان كمن ادعى في " التحول " و " التغير " خلاف معقولهما.

ومن زعم: أن الله تعالى يحول(٣) عن صفاته، ويتغير في نفسه، فقد كفر به كفرا ظاهرا(٤) ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.

ثم العجب ممن ينكر على المشبهة(٥) (قولهم)(٦) : " إن لله تعالى(٧) علما به كان عالما، وقدرة بها كان قادرا "(٨) ويزعم أن ذلك شرك ممن يعتقده ! ! وهو يزعم أن لله (عزوجل)(٩) حالا بها كان عالما(١٠) وبها فارق من ليس بعالم، وأن له حالا بها كان(١١) قادرا، وبها فارق من ليس بقادر، وكذلك القول في: حي، وسميع،

____________________

(٢) كذا في " ن " وفي غيره: لا يعرف.

(٣) في " مج ": تحول.

(٤) في " مط ": فقد كفر بربه ظاهرا.

(٥) المشبهة:

السلفية من العامة انذين يجعلون لله أعضاء مثل: الوجه واليد والرجل، استنادا إلى ما جاء في ظاهر النصوص، وقد أثبتنا كلماتهم والرد عليها في بحث مستقل، ولاحظ ما يأتي في التعليقة رقم (٣٦) في هذه الفقرة.

(٦) ما بين القوسين من: " مط " و " مج ".

(٧) في " ن " و " ضا " و " تي ": عزوجل، بدل " تعالى ".

(٨) وهذه عقيدة الصفاتية، وسيأتي ذكرهم في التعليقة رقم (٣٦).

(٩) في " مج ": جل اسمه.

(١٠) في " مط " و " مج ": كان بها عالما. (١١) في " مط ": كان بها.

٥٠

ويصير، ويدعي - مع ذلك - أنه موحدا ! ؟.

كيف(١٢) لا يشعر بموضع مناقضته(١٣) ؟ !.

هذا، وقد نطق القران بأن لله تعالى علما، فقال عز اسمه(١٤) :

( أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) [ من الاية (١٦٦) سورة النساء (٤) ].

و( مَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ ) [ من الاية (١١) سورة فاطر (٣٥) والاية (٤٧) سورة فصلت (٤١) ].

و( لَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ) [ من الآية (٢٥٥) سورة البقرة (٢) ].

وأطلق المسلمون القول بأن لله سبحانه قدرة(١٥) .

ولم يأت القرآن بأن لله(١٦) حالا، ولا أطلق ذلك أحد من أهل العلم والاسلام، بل أجمعوا على تخطئة من تلفظ بذلك في الله سبحانه، ولم يسمع من أحد من أهل القبلة، حتى أحدثه أبو هاشم، وتابعه(١٧) عليه نفر من أهل الاعتزال، خالفوا به الجميع، على ما ذكرناه.

____________________

(١٢) في " ن " و " ضا ": بحيث، بدل " كيف ".

(١٣) كذا في " مج " وفي النسخ: مناقضة.

(١٤) في " ن " و " ضا ": جل اسمه.

(١٥) في " ن ": أطلق المسلمون أن لله قدرة.

(١٦) في " مط " و " مج ": بأن له تعالى.

(١٧) كذا الصواب، وفي النسخ: (تبعه) وفي " تي ": أتبعه.

٥١

هذا، وصاحب هذه(١٨) المقالة يزعم: أن هذه(١٩) الاحوال مختلفة، ولولا اختلافها لما(٢٠) اختلفت الصفات، ولا تباينت في معانيها المعقولات.

فإن قيل له: أفهذه(٢١) الاحوال، هي الله تعالى(٢٢) أم غير الله ؟ !

قال: لا أقول: " إنها هي الله "(٢٣) ولا: " هي غيره " والقول بأحد هذين المعنيين محال !

وهو - مع هذا - جهل المشبهة(٢٤) في قولهم: " إن صفات الله لا هي الله، ولا هي غير الله) وتعجب منهم، ونسبهم(٢٥) بذلك إلى الجنون والهذيان.

وإذا احتفل(٢٦) في الفرق بين الامرين، قال: إنما جهلت المجبرة في نفيهم أن تكون الصفات هي الله (وغير الله)(٢٧) ، لانهم يثبتونها

____________________

(١٨) كلمة " هذه " لم ترد في " مط ".

(١٩) كلمة " هذه " هنا من " مط ".

(٢٠) كذا في " تي " وفي النسخ: ما.

(٢١) في " ن " و " ضا " و " تي ": هذه.

(٢٢) كلمة " تعالى " من " مط ".

(٢٣) في " مط ": لا أقول: " إنها هي هو ".

(٢٤) في " مط ": المعتزلة والمجبرة، وفي " مج ": المعتزلة، وعن نسخة أخرى بدلها: المجبرة، لكن الصواب ما اثبتناه، لان القول المذكور إنما هو للمشبهة الحشوية،، فلا حظ التعليقة (٥) من هذه الفقرة.

(٢٥) كذا في " ضا " و " تي " وفي النسخ: ويعجب منهم وينسبهم.

(٢٦) كذا في " مط " و " مج " وفي " ضا " و " تي ": احتيل، والكلمة مهملة في " ن ".

(٢٧) ما بين القوسين من " مط " وفي " مج ": أو غيره الله.

٥٢

معاني(٢٨) موجودات، وأنا لا أثبت الاحوال معاني موجودات.

ولو علم أنه آزداد مناقضة(٢٩) فيما رام به الفرق، وخرج عن المعقول(٣٠) لاستحيى من ذلك:

لان القوم لما(٣١) أثبتوا الاوصاف التي تختص بالموجود لمعان، أو جبوا (وجودها على تحقيق الكلام، لاستحالة إيجاب الصفة المختصة بالموجود)(٣٢) بالمعدوم الذي ليس له وجود، لما يدخل في ذلك من الخلل والفساد.

وهذا الرجل لم(٣٣) يتأمل ما اجتناه(٣٤) ، فأثبت من الصفات ما لا يصح تعلقه بالمعدوم بحال، وزعم أنه لا وجود لها ولا عدم !

فصارت مناقضته بذلك(٣٥) من جهتين، تنضاف إلى مناقضته في الانكار على أصحاب الصفات(٣٦) على

____________________

(٢٨) في " ضا ": معافي.

(٢٩) كذا في " ن " و " تي " ونسخة من " مج " وفي نسخة أخرى من " مج ": قد أراد مناقضة، وفي " مط ": أنه قد زاد مناقضته، وفي " ضا ": أنه أراد مناقضته.

(٣٠) في " مج ": العقل، وفي " تي ": العقول.

(٣١) في " مط " ونسخة من " مج ": إنما، يدل " لما ".

(٣٢) ما بين القوسين لم يرد في " ن "، وفي " مج " المخصصة، بدل " المختصة ".

(٣٣) في " مط ": لا.

(٣٤) كذا في " مط " وفي النسخ: أجبناه، وفي " مج ": ما اجتباه.

(٣٥) كذا في " مط " وفي " تي ": لذلك، وفي " مج ون وضا ": مناقضة.

(٣٦) أصحاب الصفات:

هم الصناتية القائلون بأن لله تعالى أعضاء هي صفات أزلية، وهي صفات خبرية. ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات - بهذا المعنى - سموهم " معطلة " ولما كان سلف العامة =

٥٣

ما (ذكرناه و)(٣٧) حكيناه.

على أن من مذهبه ومذهب أبيه(٣٨) أن حد الشئ على(٣٩) " ما صح

____________________

= يثبتونها سموهم " صفاتية ".

وقد بالغ بعض السلفية في إثبات الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات - كما يقول الشهرستاني - انحاز أبو الحسن الاشعري إلى هذه الطائفة، فأيد مقالتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهبا لاهل السنة، وانتقلت سمة " الصفاتية " إلى " الاشعرية ".

ولما كانت المشبهة والكرامية من مثبتي الصفات عدوهم فرقتين من جملة الصفاتية، لاحظ الملل والنحل (١ / ٩٢ - ٩٣) و (٩٤ - ٩٥).

وللتفصيل عن القول بالصفات وأنها قائمة بالذات، راجع مذاهب الاسلاميين (١ / ٥٤٥ - ٥٤٨).

وهذا القول يعارض القول بالاحوال. كما عرفنا في التعليقة (١) من هذه الفقرة.

ورد العلامة الحلي على الصفاتية في نهج الحق (ص ٦٤ - ٦٥).

وقد رد ابن حزم على أهل الصفات ردا حازما، فقال: هذا كفر مجرد، ونصرانية محضة، مع أنها دعوى ساقطة بلا دليل أصلا، وما قال بهذا - قط - من أهل الاسلام قبل هذه الفرقة المحدثة بعد الثلاث مائة عام [ يعني على يد أبي الحسن الاشعري، مؤسس الاشعرية ] فهو خروج عن الاسلام، وترك للاجماع المتفق.

ثم قال: وما كنا نصدق أن من ينتمي إلى الاسلام يأتي بهذا، لولا أن شاهدناهم وناظرناهم ورأينا ذلك صراحا في كتبهم، ككتاب السمناني قاضي الموصل في عصرنا هذا، وهو من أكابرهم، وفي كتاب المجالس للاشعري، وكتب أخرى، لاحظ الفصل لابن حزم (٢ / ١٣٥).

وانظر رأي الشيعة الامامية في الصفات، في أوائل المقالات (ص ٥٥ - ٥٦).

(٣٧) مابين القوسين لم يرد في " ضا " و " ن " وفيهما: على ما حكينا.

(٣٨) الجبائي، أبو أبي هاشم:

محمد بن عبد الوهاب، أبو علي، الجبائي (ولد ٢٣٥ ومات ٢٩٥) وهو صاحب مذهب - " الجبائية " من المعتزلة، ترجمه في وفيات الاعيان (٤ / ٧ - ٢٦٩) رقم (٢٠٧).

واقرأ عن مذهبه وآثاره: الملل والنحل (١ / ٧٨) ومذاهب الاسلاميين (١ / ٢٨٠). (٣٩) كلمة " على " لم ترد في " مط " ولا " مج ".

٥٤

العلم به والخبر عنه "(٤٠) .

وهو يزعم: أن الاحوال معلومة له(٤١) وهو دائما(٤٢) يخبر عنها، ويدعو إلى اعتقاد القول بصحتها، ثم لا يثبتها أشياء !

وهذا مما لا يكاد علم(٤٣) المناقضة فيه يخفى على إنسان قد سمع بشئ من النظر والحجاج(٤٤) .

وأظن (أن)(٤٥) الذي أحوجه إلى هذه المناقضة: ما سطره المتكلمون، واتفقوا على صوابه، من " أن الشئ لا يخلو من الوجود أو(٤٦) العدم " فكره أن يثبت الحال شيئا(٤٧) فتكون موجودة أو معدومة:

ومتى كانت موجودة، لزمه - على أصله، وأصولنا جميعا - أنها لا تخلو من القدم(٤٨) والحدوث:

____________________

(٤٠) حد " الشئ ":

نقل هذا الحد عن الجبائي، في مقالات الاسلاميين للاشعري (٢ / ١٨١) وذكره الجرجاني - تعريفا لغويا - في التعريفات (٥٧). واقرأ عن رأي الجبائي في " الشئ " في مذاهب الاسلامتين (١ / ٣٠٩ و ٣٢٣).

(٤١) كذا في " مج " وفي النسخ: لله، بدل " له ".

(٤٢) في " ن " و " ضا " و " تي ": ذاتي، بدل " دائما " ولعله: دائمي.

(٤٣) في " مج " يتيسر علم، وفي " ن، ضا، تي ": على، بدل (علم).

(٤٤) في " ن " و " ضا ": سمع من النظر والحجاج شيئا، وفي " تي ": والمحاج شيئا.

(٤٥) كلمة " أن " من " مط " و " مج ".

(٤٦) في " مط " و " مج ": و، بدل " أو ".

(٤٧) كذا في " ن " وفي " مط ": شيئا ما، وفي " ضا ": أن يثبت شيئا، وفي " مج " و " تي ": وكره.

(٤٨) في " ضا " و " تي ": العدم، بدل " القدم ".

٥٥

وليس يمكنه الاخبار عنها بالقدم، فيخرج(٤٩) بذلك عن التوحيد، ويصير به أسوأ حالا من أصحاب الصفات.

ولا يستجيز القول بأنها محدثة - وهي التي بها لم يزل القديم (تعالى)(٥٠) مستحقا للصفات - فيكون بذلك مناقضا.

وإن قال: إنها شئ معدوم، دخل عليه من المناقضة مثل الذي ذكرناه.

فأنكر - لذلك - أن تكون الحال شيئا.

وهو، لو شعر بما قد جناه(٥١) على نفسه، بنفي الشيئية(٥٢) عنها - مع اعتقاده العلم بها، وصحة الخبر عنها، وإيجابه كون القديم (تعالى)(٥٣) ، فيما لم يزل - مستحقا لصفات(٥٤) أوجبتها أحوال ليست بشئ، ولا موجودة، ولا معدومة، ولا قديمة، ولا محدثة(٥٥) - لما رغب في هذا المقال، ولا نتقل عنه إلى الحق والصواب(٥٦) .

____________________

(٤٩) في " تي " لتخرج.

(٥٠) كلمة " تعالى " من " مط " و " مج ".

(٥١) في " ن " و " تي ": خبأه.

(٥٢) في " مج " و " تي ": التشبيه.

(٥٣) كلمة " تعالى " من " مط " و " مج ".

(٥٤) في " ن " و " تي " و " ضا ": للصفات، وأضاف في " ضا ": أوجبها أحوالا.

(٥٥) لاحظ شبه هذا الكلام في الملل والنحل (١ / ٨٢)

(٥٦) كذا في " مط " و " مج‍ " وفي النسخ: والصفات، إقرأ عن الحق في الصفات، أوائل المقالات (٥٥ - ٥٦)

٥٦

[ ٣ ]

فصل(١)

[ في رأي المعتزلة البصريين في القدرة والارادة ]

قال الشيخ (أدام الله عزة)(٢) :

زعم البصريون - جميعا - أن القدرة لا يصح تعلقها(٣) بالموجود، لانها إنما(٤) تتعلق بالشئ على سبيل الحدوث، وأوجبوا - لذلك - تقدمها [ على ](٥) الفعل.

ثم قالوا - مناقضين -: إن الارادة لا تتعلق بالشئ - أيضا - إلا على سبيل الحدوث، ولذلك(٦) لا يصح أن يراد الماضي، ولا القديم.

____________________

(١) كلمة " فصل " لم ترد في " مط " ولا في " ن ".

(٢) في " ضا ": رحمه الله، وفي " تي ": ره، وفي " ن ": (رحمه) فقط.

(٣) في " مج ": تعقلها.

(٤) في " ن " و " ضا ": إما أن، بدل " إنما ".

(٥) زيادة منا يقتضيها المعنى واللفظ.

(٦) في " ن " و " ضا " و " تي ": وكذلك ما، بدل " فلذلك ".

٥٧

وهي، مع ذلك - عندهم(٧) - توجد مع المراد.

فهل تخفى هذه المناقضة على عاقل ؟ !

____________________

(٧) " عندهم " لم ترد في " ن ".

٥٨

[ ٤ ]

[ قول المعتزلة في الجواهر بما ]

[ يقول أصحاب الهيولى ]

وقالوا - بأجمعهم -: إن جواهر العالم(١) وأعراضه لم تكن(٢) حقائقها بالله تعالى (ولا بفاعل ألبتة)(٣) ، لان الجوهر جوهر في العدم، كما هو جوهر في الوجود، وكذلك العرض(٤) .

ثم قالوا: إن الله خلق الجوهر، وأحدث عينة، وأوجده بعد العدم.

____________________

(١) في " مط ": العلم، بدل (العالم).

(٢) زاد في " ن " و " ضا " كلمة " على " هنا.

(٣) كذا جاء ما بين القوسين في " ن " و " تي " ونسخة من " مط " ولكن في أخرى: " ولا بفاعليته " وفي " مج ": ولا تفاعل.

(٤) القول بقدم الجوهر والعرض:

نسب ابن الجوزي ذلك إلى أبي علي وابنه أبي هاشم الجبائيين ومن تابعهما من البصريين [ المعتزلة ] أنظر: تلبيس إبليس (ص ٨٠).

ونقل نحوه عن الجبائي في مذاهب الاسلاميين (١ / ٣٠٢ و ٤ - ٣٠٥) وأنظر رأي الجبائي في أصالة " الاشياء " في مذاهب الاسلاميين (١ / ٢٩٠) ورأي أبي الهذيل العلاف من المعتزلة في " الجوهر والعرض " في مذاهب الاسلاميين (١ / ١٩١).

٥٩

فقيل لهم: ما معنى " خلقه " (وهو قبل أن يخلقه جوهر كما هو حين خلقه)(٥) ؟ !

قالوا: معنى ذلك " أو جده " !

قيل لهم:(٦) ما معنى قولكم: " أو جده " وهو قبل الوجود جوهر، كما هو في حال الوجود ؟ !

قالوا: معنى ذلك أنه أحدثه وأخرجه من العدم إلى الوجود.

قيل لهم: هذه العبارة مثل الاولتين(٧) ومعناها معناما، فما الفائدة في قولكم(٨) : " أحدثه، وأخرجه (من العدم إلى الوجود)(٩) " ؟ ! وهو قبل(١٠) الاحداث والاخراج جوهر، كما هو في حال الاحداث والاخراج ؟ !

فلم يأتوا بمعنى يعقل في جميع ذلك، ولم يزيدوا على العبارات، والانتقال من (حالة إلى حالة)(١١) أخرى، نزوحا(١٢) من الانقطاع !

ولم يفهم عنهم معنى معقول في " الخلق " و " الاحداث "

____________________

(٥) ما بين القوسين من " مط " و " مج ".

(٦) زاد في " مط " هنا: هذه مغالطة و....

(٧) في " مط ": الاوليين.

(٨) في " ضا " و " تي ": في الفائدة في قولك.

(٩) ما بين القوسين ليس في " مج ".

(١٠) في " ضا " و " تي ": من قبل، وفي " ن ": من قبيل.

(١١) جاء في " مج " بدل ما بين القوسين: واحدة إلى.

(١٢) كذا في " مط " لكن في " مج " و " ن " تروحا، وفي " ضا " و " تى " بروحا.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وأمّا ثالثاً، فلأنّ إمكانَ الحركة لا يستلزمُ وجوبَ الميل، إلاّ إذا تمّ الاستعداد، وهو ممنوعٌ.

وأمّا رابعاً، فلأنَّ الميول لو لم تجتمع لتساوت الحركتان عن ضعيف وقويّ.

وأمّا خامساً، فلم لا يجوزُ وجود ميلين في وقتين عندَ حالتين، كالمتحرّك يوجدُ فيه الميل عندَ مفارقة مكانه وعدمُه عندَ حصوله فيه.

وباقي الاعتراضات ذكرناها في كتاب نهاية المرام (١) .

ي - بسائطُ العناصر أربعةٌ: (الأرض)، وهي في الوسط، مركزها مركزُ العالم، ولها كيفيّتان: فعليّةٌ هي البرودةُ، وانفعاليّةٌ هي اليبوسةُ.

ويحيطُ بها (الماء) إلاّ ربعاً واحداً معموراً، انكشف عن الماء، لحكمةِ نشو الحيوان. وله كيفيّتان: فعليّةٌ هي البرودةُ، وانفعاليّةٌ هي الرّطوبةُ.

و(الهواء) محيطُ بالماء، وله كيفيّتان: فعليّةٌ هي الحرارة، وانفعاليّةٌ هي الرّطوبة بمعنى قبول الأشكال، لا البلّة.

و(النّار) محيطةٌ بالهواء ولها كيفيّتان: فعليّةٌ هي الحرارة وانفعاليّة هي اليبوسةُ.

وهي قابلةُ للكون والفساد، لصيرورةِ النّار هواءً عندَ الانطفاء

____________________

(١) انظر: الجزء الثالث: ٢٤٣ - ٢٤٦.

١٢١

وبالعكس عندَ النّفخ؛ والهواء عندَ تبرّده (١) ماءً، كما يجتمعُ قطرات الماء على طرف الإناء الحاوي للجمد وبالعكس عندَ الإسخان؛ والأرضِ ماءً، كما يفعله أصحاب الإكسير وبالعكس؛ فإنّ كثيراً من مياه العيون ينعقد حجارةً صلدةً.

ومن هذه العناصر تتركّب المركّبات المعدنيّة والنباتيّة والحيوانيّة.

يا - العناصر إذا امتزجت انكسرت صرافة كلّ كيفيّة؛ (٢) فإنّ النّار لا تبقى على صرافة حرارتها، ولا الماءَ على صرافة برودته، ولا الهواءَ على صرافة لطافته، ولا الأرضَ على صرافة يبسها، بل تحدث كيفيّةٌ متوسّطةٌ بين هذه الكيفيّات على النّسبة وهي المزاج.

وفيه إشكالٌ؛ فإنّ الكاسر والمنكسرَ إن اقترن فعلاهما كان المغلوب حال كونه مقهوراً غالباً. وهو محالٌ؛ فإن تقدّم فعل أحدهما كان المغلوبُ بعدَ انكساره غالباً، وهو محالٌ.

أجابوا بأنّ الفاعل، الصّورةُ والمنفعل، الكيفيّةُ.

ويشكلُ: بأنّ الصّورةَ إنّما تفعلُ بواسطة الكيفيّة وينتقَضُ أيضاً بالماء الحارّ الممتزج بالبارد.

____________________

(١) ج، ب: برودة.

(٢) ب: صرافتها إلى كيفيّة.

١٢٢

الفصل الثالث

في أحكام الجواهر المجرّدة

وفيه [عشرةُ] مباحث

ألف - نفاها أكثرُ المتكلّمين وإلاّ لشاركت واجبَ الوجود - تعالى - في ذاته، وهو غلطٌ: فإنّ المساواة في الصّفات الثّبوتيّة لا تقتضي المساواة في الذّات؛ فكيف السّلبيّة؟

نعم أدلّةُ ثبوتها ضعيفةٌ.

أما النّفسُ، فاستدلّوا على ثبوتها بأنّ هنُا معلوماتٍ غيرَ منقسمة، كواجب الوجود والوحدة والنّقطة؛ فالعلم بها غيرُ منقسم، وإلاّ فجزؤه إمّا أن يكونَ علماً بكلّ المعلوم فيتساوى الجزء والكلّ في الحقيقة، أو ببعضه، فينقسمُ البسيط؛ أو لا يكونَ علماً، فعندَ الاجتماع إن لم يحصل زائدٌ، فالعلم غيرُ علم؛ أو يحصل، فيكون هو العلم، فالتّركيبُ في فاعله أو قابله، لا فيه، فمحلّ العلم غيرُ منقسم؛ وإلاّ فإن قام بكلّ جزء منه جزء من العلم انقسم وقد فرضناه غيرَ منقسم وإن قام ببعض الأجزاء نقلنا الكلام فيه، وإن لم يقم بشيء منه لم يكن محلاًّ؛ فكلّ جسم وجسمانيّ منقسمٌ، فمحلّ العلم الّذي هو النّفس شيءٌ مجرّدٌ.

١٢٣

وهو ضعيفٌ، لأنّ التّساوي في المتعلّق (١) بالمعلوم لا يستلزمُ التّساوي في الماهيّة، لأنّها نسبة خارجة عن الماهيّة وإذا حصل زائدٌ عندَ الاجتماع لم يحصل (٢) انتفاء التّركيب عنه، لعوده في كلّ مركّب ولا يلزم من انقسام المحلّ انقسامُ الحالّ، كما يذهبون إليه في الوحدة والنقطة وغيرهما؛ ونمنع انقسامَ الجسم إلى ما لا يتناهى.

وأمّا العقلَ فاستدلّوا عليه: بأنّه - تعالى - بسيطٌ، لا يصدرُ عنه أكثرُ من واحد؛ ولا يجوز أن يكون جسماً، لتركّبه ولا مادّةً، لامتناع كون القابل فاعلاً، ولا صورةً وإلاّ كانت مستغنيةً في فاعليّتها عن المادّة، فتكون مستغنيةً في وجودها عنها. ولا نفساً، وإلاّ لاستغنت عن البدن.

وهو ضعيف لإمكان صدور أكثر من واحد عن البسيط، على ما تقدّم؛ ثمّ هذا في الموجَب، أمّا المختار فلا، ونمنع تركّب الجسم، وقد أبطلنا الهيولى؛ والقابل جاز أن يكونَ فاعلاً، كما تقدّم، سلّمنا، لكن بالاستقبال أو مطلقاً، ممنوعٌ وكذا الصّورة جاز أن تكونَ متوسّطةً بذاتها وكذا النّفسُ.

ب - لمّا أبطلنا دليل النّفس النّاطقة ولم يقم برهانٌ على استحالتها بقي القولُ بالجواز، فإن قلنا بها، فالإنسان المكلّف هو هي، وإلاّ فهو أجزاءٌ أصليّةٌ في هذا البدن، لا يتطرّق إليها التّغيّرُ ولا الفناء، باقية من أوّل العمر إلى آخره. والتّغذية والتّنمية والتحلّل في الأجزاء الفاضلة.

____________________

(١) ج: التعلّق.

(٢) ج: لم يلزم.

١٢٤

ج - اختلف مثبتو النّفس في أنّها واحدة بالنّوع أو لا، فبعضهم على الأوّل، لاتّفاقها في حدّ؛ وهو ضعيفٌ إذ التّحديدُ راجعٌ إلى التّصوّر، وبعضهم على الثّاني لاختلافها في الذّكاء والرّحمة وضدّهما، ولا يلزم من اختلافِ الصّفات اختلاف الماهيّة.

د - النّفسُ إن قلنا بها فهي حادثةٌ. وعليه أكثر الأوائل، لأنَّ الأبدانَ حادثةٌ بالضّرورة، فلو كانت سابقةً عليها لكانت إمّا واحدةً أو كثيرةً، والقسمان باطلان. أمّا الأوّلُ، فلأنّها إن بقيت واحدةً بعدَ التّعلّق اتّحدت الأشخاصُ البشريّةُ بالشّخص، وهو باطلٌ بالضّرورة، وإن تكثّرت كانت جسماً، إذ المنقسم هو الجسمُ. وأمّا الثّاني فلامتناع تكثّرها بالذّاتيات واللّوازم، لاتّحادها في النوّع، وبالعوارض، لأنّ اختصاصَ بعض جزئيّات النّوع بعارضٍ دونَ غيره إنّما هو بسبب المادّة، ومادّةُ النّفس، البدن، فقبله لا مادّة.

هـ - التّناسخ باطلٌ. أمّا عندنا، فظاهرٌ، لحدوث النّفس إن أثبتناها. وأمّا [عند] أكثر الأوائل، فلأنّ الحادث ينتهي إلى مبدأ قديم عامّ الفيض والحدوث إنّما هو بواسط استعداد القابل، وقابل النّفس البدن فحدوثه يوجبُ فيضانَ نفس متعلّقةٍ به؛ فلو انتقلت إليه نفسٌ أُخرى اجتمع نفسان على بدن واحد، وهو محالٌ.

و - عند الأوائل، النّفس لا تفنى بفناء البدن، وإلاّ لكان إمكانُ العدم مفتقراً إلى المحلّ، وليس هو النّفس، لامتناع كون الشّيء محلاًّ لإمكان

١٢٥

عدمه، لوجوب اجتماع القابل والمقبول، فلابدّ من شيء آخر هو المادّة، فتكونُ ماديّةً، فتكون جسماً. ونمنعُ افتقار الإمكان إلى محلّ؛ سلّمنا، لكنّ القبول صفة القابل فلا يحلّ في غيره، وإلاّ لزم نفي الإمكان مطلقاً، ولا يلزمُ من كونها مادّيةً كونها جسماً، خصوصاً، وعندكم، أنّها مندرجةٌ تحتَ جنس الجوهر، فتكون لها فصلٌ، فتكون مركّبةٌ.

ز - النّفس تدرك الكلّيّاتِ بذاتها، أمّا الجزئيّاتُ فمنع الأوائل منه إلاّ بواسطة القوى الجسمانيّة، فإنّا إذا تخيّلنا مُربّعاً مُجنّحاً بمربّعين فلابدّ من مايز بينهما، وليس بالذّاتيّات واللّوازم، لتساويهما نوعاً، ولا بالعوارض وليس في الخارج، لفرضهما ذهنيّتين، فليس إلاّ مغايرةَ المحلّين ذهناً، ونمنعُ الحصر.

ح - أثبت الأوائل قوىً حسّاسةً باطنةً، وهي خمسٌ:

الحسّ المشترك، وهي قوّةٌ مرتبةٌ في مقدّم البطن الأوّل من الدّماغ، يؤدّي إليها جميعُ الحواسّ ما أدركته، للحكم بأنّ صاحبَ هذا اللّون هو صاحبُ هذا الطّعم. فلو لا وحدة القوّة لما أمكن هذا الحكمُ. ويبطلُ: بأنّ الحكمَ للنّفس باعتبار الحواسّ وينتقض بالحكم بالكلّيّ على الجزئيّ.

والخيال، وهو خزانة الحسّ المشترك، وهو حافظ، لا مُدرك، للمغايرة بينَ الحافظ والقابل، كالماء ولا يوجب الكليّةَ. ثمّ الحفظ لابُدّ فيه من القبول فيتّصف بهما القوّة الواحدة.

والمتخيّلةُ، وتسمّى المفكّرةَ، لكن باعتبارين، وشأنها التّركيب

١٢٦

والتّحليل. وليس ذلك للقوى المدركة، لأنّ الواحدَ لا يكونَ علّةً لأمرين. ويبطل: بأنّ التّصرّف (١) يستدعي العلم، والوهميّة وهي مدركةُ المعاني الجزئيّة، كالصّداقة والعداوة الجزئيّتين.

وأكثرُ الأفعال البشريّة مستندةٌ إليها، وهي مغايرةٌ للقوى الّتي لا يدرك المعاني، وللنّفس الّتي لا تدرك الجزئيّات بذاتها. ويبطلُ: بأنّ العداوة المتعلّقة بهذا الشّخص لا تعقل إلاّ متعلّقةً به، فالمدرك لهما واحدٌ.

والحافظةُ، وهي خزانةُ الوهم ويسمّى متذكّرة، لقوّتها على الاسترجاع بعدَ الغيبوبة، والكلام فيه كالخيال.

ط - أثبت الأوائل للنّفس النّباتيّة ثلاثَ قوى:

الغاذيةَ، وهي قوّةٌ حالَة في المغتذي، تحيلُ الغذاء إلى مشابهه ليخلفَ بدلَ ما يتحلّلُ.

والنّامية، وهي الّتي تزيدُ في أقطار الجسم على تناسب طبيعيّ ليبلغَ إلى تمام النّشو.

والمولّدةَ، وهي الّتي تفصلُ جزءاً من فضل الهضم الأخير للمغتذي وتودعه قوّةً من مشيجه. (٢)

فالغاذيةَ تخدمها أربعُ قوى: الجاذبةُ للغذاء، والماسكةُ له حتى تهضمه، الهاضمةُ، والدّافعةُ.

____________________

(١) ج: التصديق.

(٢) ج: شبحه.

١٢٧

وفعلُ الغاذية يتمّ بأمور ثلاثة: تحصيلِ الخلط المشابه للمغتذي بالقوّة وتصييره جزءاً للعضو، وتشبيهه به في قوامه ولونه، فإذا انتقصت الرّطوبةُ الغريزيّةُ بعدَ سنّ الوقوف انحلّت، فانطفت الحرارةُ الغريزيّة وبطل عملُها.

ويشكلُ: بأنّ المحتاجَ إلى البدل ليس مجموعَ الزّائل (١) والباقي، لأنّه غيرُ موجود بعدَ زوال الزّائل، ولا الزّائلَ وحده، ولا مجموع الباقي والآتي، ولا الآتي؛ بل إن كان فالباقي، وهو مساوٍ للآتي، فلا يصحّ احتياجُه إليه، ولأنّ مداخلة الغذاء، توجبُ التّفريقُ الموجب للألم. وأمّا الباقي فلابُدّ من بقاء شيء فيه (٢) وليس الصّورة ولا المادّةَ؛ لأنّ البدنَ دائماً في التّحلّل، وليس البعضُ أولى من الباقي، فيكونُ النّموُّ إحداثاً.

وأمّا المصوّرةُ، فالضّرورة (٣) حاكمة بإسناد التّشكّلات مختلفة (٤) والأعضاء الغريبة إلى فاعل مختار، لا إلى قوّة لا حسَّ لها ولا إدراكَ.

ي - الملائكة والجنُّ والشّياطينُ أجسامٌ قادرةٌ على التّشكّلات المختلفة. وأثبت الأوائل النّفوس الفلكيّةَ مجرّداتٍ هي الملائكة. وأنكر أوائل المعتزلةِ الجنَّ، لأنّها إن كانت لطيفةً لم تكن قادرةً على شيء من الأفعال وإن كانت كثيفةً وجب أن نشاهدَها. ويُحتمل أن تكونَ لطيفةً بمعنى الشّفافيّة.

____________________

(١) ألف: الزائد.

(٢) ج: منه.

(٣) ألف: فالصورة.

(٤) ب، ج: العجيبة.

١٢٨

الفصل الرّابع

في أحكام الأعراض

وهي أربعةُ مباحثٍ:

ألف - الأعراضُ لا يصحّ عليها الانتقالُ عندَ الأوائل والمتكلّمين؛ لأنّ علّة تشخّصه المحلُّ، وإلاّ لكان مستغنياً بموجده ومشخّصه (١) عن المحلّ، فلا يحلّ فيه؛ والملازمةُ ممنوعةٌ.

ب - لا يمكن قيامُ العرض بمثِله المتكلّمين، خلافاً للأوائل ومعمّر، إذ لابدّ من الانتهاء إلى الجوهر، فهو المحلّ. وهو ممنوعٌ، لجواز اشتراط المتوسّط، كالحركة، والسّرعة. والمرادُ من القيام هنا، الاختصاصُ النّاعتُ.

ج - الأعراض منها ما يصحّ عليه البقاء، خلافاً للأشاعرة. وادّعى أبو الحسين الضروةَ في ذلك، فإنّا نعلمُ بالضرّورة بقاء السّواد في القار والبياض في القّطن، كما نعلمُ بقاء الجسم المشاهد زمانين، ولأنّها ممكنةٌ في الزمان الأوّل وإلاّ لما وجدت، فكذا في الثّاني، وإلاّ لزم انتقال الشّيء من الإمكان الذّاتيّ إلى الامتناع الذّاتيّ.

____________________

(١) ب، ج: تشخّصه.

١٢٩

واعترضناه في النّهاية (١) : بأنّ إمكان البقاء مغايرٌ لإمكان الوجود المطلق. (٢) والثّاني ثابتٌ دونَ الأوّل، ولا يلزمُ استحالةُ الممكن. (٣)

احتجّوا: بأنّ البقاء عرض، فلا يقوم بالعرض، وبأنّ بقاءه يستلزمُ امتناع عدمه؛ إذ لا يُعدَم لذاته وإلاّ لصار ممتنعاً؛ ولا لطريان ضدّ، لأنّ شرطَ طريانه عدمُ الأوّل، فلو عُلّل به دار. (٤)

ولا للفاعل المختار؛ لأنّ الإعدامَ نفيُ أثر، لا إيجادٌ، فعندَ ذلك النّفي إن لم يتجدد شيء لم يكن للفاعل أثرٌ (٥) البتة، وإن تجدّد فهو وجوديّ، فيكون إيجاداً، لا إعداماً.

ولا لانتفاء الشّرط، لأنّ شرطه الجوهرُ، وهو باق. والكلامُ في عدمه كالكلام في عدم العرض.

ونمنع كونَ البقاء عرضاً، ويجوز قيامُ العرض بمثله، وجاز استنادُ عدمه إلى ذاته في الزّمن الثّالث، كما تجوّزونه (٦) في الثّاني.

ونمنع اشتراط الطّريان بانتفاء السّابق، ويجوز استناد الإعدام إلى الفاعل، والصّادرُ لا يجبُ أن يكونَ وجوديّاً، ونفيُ الوجود أثرٌ، كما أنّ

____________________

(١) الجزء الأوّل: ٣٠٠ - ٣٠١.

(٢) ج: والنطق.

(٣) ج: التمكن.

(٤) الاحتجاج للأشاعرة كما في النهاية للمصنّف: ١/٣٠١.

(٥) ج: إيراد إليه.

(٦) ج: يجوّزونه.

١٣٠

تحصيله أثرٌ. ونمنع انحصار الشّرط في الجوهر، بل جاز اشتراط الباقية بأعراض لا تبقى. فإذا انقطع إيجادُها عدمت.

د - لا يمكنُ حلول عرض واحد في محلّين، خلافاً لأبي هاشم في التأليف ولبعض الأوائل في الإضافات المتّفقة، وإلاّ لجاز حلولُ الجسم في مكانين.

والنّقضُ بامتناع حلول الجسمين في مكان واحد بخلاف العرضين باطلٌ، لأنّ الامتناع هناك للحجميّة المنفيّة (١) عن العرض.

قيل: حلولُ عرض في محلّين (٢) - بمعنى أنّ الحالّ في محلّ هو بعينه حالّ في آخر - باطلٌ، وإلاّ لاستغنى بكلّ منهما عن الآخر، فيكون محتاجاً إلى كلّ واحد منهما حال غناه عنه؛ وبمعنى حلوله في مجموع شيئين صارا باجتماعهما محلاًّ واحداً له، ممكنٌ، كالعشريّة القائمة بالآحاد لما انضمّت وقامت بها وحده. والكلام في الوحدة كالكلام في العشريّة.

____________________

(١) ب: منتفيّة.

(٢) ج: مجلسين.

١٣١

١٣٢

المرصد الخامس

في إثبات واجب الوجود تعالى وصفاته

وفيه مقاصد

١٣٣

١٣٤

[المقصد] الأوّل

في إثبات واجب الوجود تعالى

ويستدلّ عليه إمّا بالإمكان أو الحدوث، إمّا في الذّات أو الصّفات، فلأقسام أربعة:

ألف - العالمُ ممكنٌ لتغيّره وكثرته، وسيأتي أنّ الواجب واحدٌ، باق، وكلّ ممكن فلابدّ له من مؤثّر، فإن انتهى إلى الواجب فالمطلوب، وإلاّ تسلسل أو دار؛ وهما باطلان بما تقدّم.

ب - الأجسامُ متساوية في الجسميّة على ما مرّ، فاختصاصُ كلّ واحد منها بعرضه القائم به أمرٌ ممكنٌ فلابدّ له من مؤثّر.

ج - الأجسام حادثة، على ما تقدّم، فلابدّ لها من مُحدِث بالضّرورة، وهي طريقة الخليل (عليه السلام) فالمُحدث إن كان قديماً واجباً فالمطلوبُ، وإلاّ تسلسل.

د - النّطفةُ تنقلبُ علقةً ثمّ مضغةً، ثمّ لحماً وعظماً ودماً؛ فلابدّ له من مؤثّر، وليس هو الإنسانَ، ولا أبواه بالضّرورة، فلابدّ من مؤثّر حكيم. ويمتنعُ مؤثّر، وليس هو الإنسانَ، ولا أبواه بالضّرورة، فلابدّ من مؤثّر حكيم. ويمتنعُ استناد هذه الآثار الغريبة إلى القوّة المولّدة، فإنّه لا شعورَ لها ولا اختيارَ،

١٣٥

فكان يصدر عنها شيءٌ واحدٌ ويكونُ شكله الكرةَ.

والطريق الأوّل أقواها، فإنّه كما يدلّ على إثبات الصّانع يدلّ على وجوبه، بخلاف باقي الطرق، لافتقارها في الدّلالة على الوجوب إلى الأوّل.

واعلم أنّ ثبوتَ الواجب قريبٌ من البديهة، لأنّ هنا موجوداً بالضّرورة، فإن كان واجباً فالمطلوبُ، وإلاّ كان ممكناً. فإن تسلسل فمجموعُ الأمور الممكنة ممكنٌ لابدّ له من علّة.

ولا يكفي في وجود الممكن مطلقُ العلّة، بل لابدّ من علّة تامّة يصيرُ معها واجباً، وبدونها ممتنعاً.

فالعلّةُ التّامّةُ لمجموع الممكنات يجبُ أن تكونَ واجبةً، لأنّها لو كانت ممكنةً، فإن كانت علّةً تامّةً لكلّ واحد من الممكنات كانت علّةً لنفسها، لأنّها من جملة الممكنات، وإن كانت علّةً لبعض الممكنات دونَ بعض كانت جزءاً من العلّة التامّة لمجموع الممكنات، وهي بعينها علّةٌ لمجموع الممكنات، فيلزمُ كونُ الشّيء جزءاً من نفسه، ولما تقدّم من إبطال التّسلسل والدّور.

١٣٦

المقصد الثّاني

في صفاته تعالى

وفيه فصلان

[الفصل] الأوّل

في الصّفات الثّبوتيّة

وفيه مطالب

[المطلب] الأوّل: في أنّه - تعالى - موجود

قد تقدّم إثباتُ واجب الوجود تعالى. والثّبوت الوجود بالضّرورة، ولأنّه لو لم يكن موجوداً لكان معدوماً، إذ لا واسطةَ بينُهما، والعدمُ لا يصلحُ للمبدائيّة.

والملاحدةُ قالوا: إنّه - تعالى - مبدأ للمتقابلات، كالوجود والعدم، والوجوب وقسيميه، والوحدة والكثرة؛ ومبدأ المتقابلات لا يتّصفُ بأحدها، فهو ليس بموجودٍ بالمعنى المقابل للعدم، ولا بواحدٍ (١) بالمعنى

____________________

(١) ب: ولا واجب.

١٣٧

المقابل للكثرة، ولا واجب بالمعنى المقابل للإمكان، بل ولا مبدأ بالمعنى المقابل لعدم المبدائيّة، ولا مُبدع بالمعنى المقابل لنقيضه، وهو موجودٌ وواحدٌ ومُبدعٌ من حيثُ كونه مبدأً للوحدة والكثرة، ومبدع للوجود والعدمَ المتصوّر (١) بإزاء الوجود. وهذا الكلام لا فائدةَ فيه محصّلةً.

المطلب الثاني: في أنّه - تعالى - قادرٌ

والمرادُ منه هو أنّه - تعالى - يفعلُ مع جواز ألاّ يفعل، بل إذا شاء أن يفعل فعل، وإذا شاء أن يترك ترك، لأنّه لو لم يكن كذلك لكان موجَباً. والتّالي باطلٌ، وإلاّ لزم قِدَمُ العالم أو حدوثُه تعالى، وهما باطلان.

لا يُقال: العالمُ إن كان صحيحَ الوجود في الأزل التزمنا القِدَمَ، وإلاّ لم يجب القدرةُ، لتوقّف الأثر على القابل كالفاعل، ولإمكان الواسطة، ولأنّ الفاعل إن استجمع جميعَ جهات المؤثريّة امتنع التّرك وإلاّ امتنع الفعل، فلا قدرةَ، ولأنّ التّرك غيرُ مقدور، لأنه عدمٌ، فكذا الفعل.

لأنّا نقول العالمُ صحيحُ الوجود في الأزل إن استند إلى الموجب، مستحيلٌ إن استند إلى القادر. سلّمنا استحالته مطلقاً، لكن وجوده قبل أن وجد لا يُخرجُه عن الحدوث، فكان يجبُ أن يوجد قبل وجوده، لوجود العلّة التّامّة وانتفاء المانع، والواسطة باطلةُ بالإجماع، ولأنّها ممكنةٌ، فتكون من العالم، فلا تعقَلُ واسطة بينَ الواجب والعالم.

____________________

(١) ألف: المتصرر.

١٣٨

وامتناعُ التّرك باعتبار استجماع الشّرائط لا تُخرجُ الفاعلَ عن القدرة، لأنّ المختار إذا أخذ مع قدرته تساوى الطرفان بالنّسبة إليه، وإن ضمّ إليه الدّاعي وجب. ومعنى الاختيار استواء الطرفين بالنّسبة إلى القدرة وحدها. والقادر هو الّذي يصحّ أن يفعل وأن لا يفعل، لا أن يفعل التّرك.

المطلب الثالث: في أنّه - تعالى - عالمٌ

اتّفق العقلاء إلاّ قدماء الفلاسفة عليه؛ لأنّه - تعالى - فعل الأفعال المحكمة المتقنة، وكلّ من كان كذلك فهو عالمٌ. والمقدّمتان ضروريّتان ولأنّه - تعالى - مختارٌ. فيكون عالماً؛ لأنّ المختار هو الّذي يفعل بواسطة القصد.

لا يقالُ: المُحكم قد يصدرُ مرّةً اتفاقاً عن الجاهل، فجاز التّعدد، ولأنّ كثيراً من الحيوانات تفعلُ أفعالاً مُحكمةً، وليست عالمةً، كالزّنبور، والمحتذى ولأنّ العلم نسبة، فتغاير الذات، فيكون الله - تعالى - محلاًّ للأمور الكثيرة.

لأنّا نقول: الضّرورة قاضيةٌ بالفرق بينَ وقوع المحكم ندرةً ودائماً. والحيوانات عالمةٌ بما يفعله من الأُمور المحكمة (١) ، وكذا المحتذى، والنّسب عدميّةٌ والحلول اعتباريٌّ.

____________________

(١) ألف: الأُمور المحكم.

١٣٩

المطلب الرابع: في أنّه - تعالى - حيٌّ

اتّفق العقلاء عليه، واختلفوا في معناه. فعند أبي الحسين والأوائل، أنّ معناه: أنّه لا يستحيلُ أن يقدرَ ويعلمَ، وقد ثبت أنّه - تعالى - قادرٌ عالمٌ، فيكونُ حيّاً بالضّرورة.

وعندَ الأشاعرة وجماعة من المعتزلة أنّه من كان على صفةٍ لأجلها يصحّ أن يعلمَ ويقدرَ لأنه لو لا ذلك لم يكن حصول هذه الصّحة أولى من عدم حصولها؛ وهو باطلٌ، لأنّ المقتضي للصحّة ذاتُه المخالفةُ لغيرها من الذّوات بحقيقتها.

المطلب الخامس: في أنّه - تعالى - مريدٌ

اتّفق العلماء (١) عليه واختلفوا في معناه، فعندَ أبي الحسين أنّه نفسُ الدّاعي، وهو علمُه - تعالى - بما في الفعل من المصلحة الدّاعية إلى الإيجاد أو المفسدة الدّاعية إلى التّرك.

وعند النّجار أنّه عبارةٌ عن كونه غيرَ مغلوب ولا مستكره. وعند الكعبيّ أنّ معناه في أفعال نفسه كونُه عالماً بها، وفي أفعال غيره كونُه آمِراً بها.

وعند الأشاعرة وأبي هاشم أنّه من كان على صفة لأجلها يصحّ منه

____________________

(١) ب، ج: العقلاء.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257