الصحيح من سيرة الإمام علي(عليه السلام)(المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٤

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 342
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 342
راعيها، وفقدت في غابات الجهالات والضلالات حافظها وحاميها.
وسيجعلهم ذلك نهبة لكل ناهب، وطعمة لكل سالب، ولن ينتفعوا بما يقدمه لهم الآخرون، لأن الآخرين لن يكونوا أحسن حالاً منهم، وليس لديهم ضمانة تجعلهم يأمنون من أن يقع من يريدون اللجوء إليه في الزلل، والخطأ، والخطل..
وسيجعلهم غير قادرين على معرفة الكثير الكثير من الحقائق والدقائق، والعلل، والمؤثرات، بل هم قد يفهمون الأمور على غير وجهها، فيقعون في فخ الجهل المركب، الذي لا يرحم، فيفهمون الخاص عاماً والعام خاصاً، والمطلق مقيداً، وعكسه، وتختلط عليهم الأمور، ويضيعون في متاهات الأهواء..
وقد روي عن الإمام الحسن (عليهالسلام ) عن النبي (صلىاللهعليهوآله ) أنه قال: "ما ولت أمة أمرها رجلاً قط، وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوا.."(١) .
____________
١- أمالي الطوسي ج٢ ص١٧٢ و (ط دار الثقافة) ص٥٦٠ و ٥٦٦ والإحتجاج (ط دار النعمان) ج١ ص٢١٩ وج٢ ص٨ وبحار الأنوار ج١٠ ص١٤٣ وج٣٠ ص٣٢٣ وج٣١ ص٤١٨ وج٤٤ ص٢٢ و ٦٣ وج٦٩ ص١٥٥ وجامع أحاديث الشيعة ج١٣ ص٦٦ ومستدرك الوسائل ج٢ ص٢٤٧ وج١١ ص٣٠ والعدد القوية ص٥١ وينابيع المودة ج٣ ص٣٦٩ ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج١ ص٣٣٦ وج٢ ص٢٦٢ والتعجب للكراجكي ص٥٨ وحلية الأبرار ج٢ ص٧٧ و ٨٠ ومدينة المعاجز ج٢ ص٨٧ والغدير ج١ ص١٩٨ ومستدرك سفينة البحار ج١٠ ص٤٦٧ والدر النظيم ص٥٠٠ وصلح الحسن للسيد شرف الدين ص٢٨٧.
والدلائل على ذلك كثيرة ووفيرة.
الدنيا تعير المحاسن وتسلبها:
وهناك أحداث جليلة تُبْذَل محاولات لنسبتها إلى من أثبتت الوقائع، وتضافرت الشواهد على أنه ليس أهلاً لها، وأمور رذيلة تبذل محاولات لنسبتها إلى من هو منزه عنها..
وقد لاحظنا: كيف أنهم ينسبون فضائل علي (عليهالسلام ) إلى غيره، مثل كونه أول من أسلم، وكونه قاتل مرحب، وغير ذلك، كما أنهم يحاولون نسبة بعض النقائص التي ابتلى بها غير علي إلى علي (عليهالسلام )، حتى لقد ادعوا أن آية:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ) (١) نزلت بحقه(٢) .
____________
١- الآية ٢٠٤ من سورة البقرة.
٢- راجع المصادر التالية: النصائح الكافية ص٧٦ وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٤ ص٧٣ والغارات للثقفي ج٢ ص٨٤٠ وفرحة الغري لابن طاووس ص٤٧ وكتاب الأربعين للشيرازي ص٣٨٤ وبحار الأنوار ج٣٣ ص٢١٥ وكتاب الأربعين للماحوزي ص٣٨٦ وخلاصة عبقات الأنوار ج٣ ص٢٦٣ وشجرة طوبى ج١ ص٩٧ والغدير ج١١ ص٣٠ وإكليل المنهج في تحقيق المطلب للكرباسي ص٢٩٠ وإحقاق الحق (الأصل) ص١٩٦ وسفينة النجاة للتنكابني ص٣٠٣ وحياة الإمام الحسين للقرشي ج٢ ص١٥٦.
بل لقد قالوا عنه (عليهالسلام ): إنه لا يصلي(١) .
وهذا مصداق قول أمير المؤمنين (عليهالسلام ): "إذا أقبلت الدنيا على شخص أعارته محاسن غيره.. وإذا أدبرت سلبته محاسن نفسه"(٢) .
وربما يكون الهدف من نسبتها إلى هذا وذاك: تصغير شأن العظيم، وتفخيم شأن الحقير، وذلك بالتشكيك بصدور تلك الفضائل عن فاعلها الحقيقي ونسبتها إلى من يرغبون في تخصيصه بالفضائل والكرامات.. أو يراد إبعاد الشبهة عن المرتكب الحقيقي لبعض الرذائل، فينسبونها إلى من هو برئ منها، تعمداً للإساءة إليه، أو حسداً أو كيداً له، حيث يراد تلويث سمعته تارة، وإثارة الشبهة والريب في انتساب الإنجازات الكبرى التي حققها، إليه تارة أخرى..
وربما تجدهم من أجل هذا الغرض أو ذاك، وحيث لا يمكنهم الإنكار السافر ـ يكتفون بدس كلمة: وقيل: إن فلاناً هو الذي فعل هذا، أو نحو ذلك.
____________
١- المعيار والموازنة ص١٦٠ وتاريـخ الأمم والملـوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج٤ = = ص٣٠ والكامل في التاريخ ج٣ ص٣١٣ وصفين للمنقري ص٣٥٤ وبحار الأنوار ج٣٣ ص٣٦ والغدير ج٩ ص١٢٢ و ٢٩٠ والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص٧٥٢
٢- نهج البلاغة (بشرح عبده) ج٤ ص٤ وبحار الأنوار ج٧٢ ص٣٥٧ ودستور معالم الحكم لابن سلامة ص٢٥ وينابيع المودة ج٢ ص٢٣٣.
ونستطيع أن نورد عشرات الأمثلة على هذا الدس، غير أننا نكتفي بما يلي:
ألف: قالوا عن آية الشراء: نزلت في علي (عليهالسلام ) في مناسبة مبيته على فراش النبي (صلىاللهعليهوآله )، وآية الشراء هي قوله تعالى:( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) (١) .
ثم قالوا: وقيل: نزلت في صهيب(٢) .
____________
١- الآية ٢٠٧ من سورة البقرة.
٢- المعجم الكبير للطبراني ج٨ ص٢٩ والإستيعاب (ط دار الجيل) ج٢ ص٧٢٩ و ٧٣٢ وتفسير القرآن العظيم ج١ ص٢٥٤ ومعاني القرآن للنحاس ج١ ص١٥٢ وتفسير مقاتل ج١ ص١٠٨ وجامع البيان ج٢ ص٤٣٧ والجامع لأحكام القرآن ج٣ ص٢٠ وتفسير البيضاوي ج١ ص٤٩١ وتفسير الثوري ص٦٦ وأسباب نزول الآيات ص٣٩ و ٤٠ وتفسير الواحدي ج١ ص١٦٠ وتفسير البغوي ج١ ص١٨٢ وتفسير السمعاني ج١ ص٢٠٩ وتفسير الثعلبي ج٢ ص١٢٤ وتفسير السمرقندي ج١ ص١٦٣ والمحرر الوجيز ج١ ص٢٨١ وزاد المسير ج١ ص٢٠٣ وتفسير أبي السعود ج١ ص٢١١ والتفسير الكبير ج٥ ص٢٢٣ ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص٤٠ وتفسير العز بن عبد السلام ج١ ص٢٠٤ والتسهيل لعلوم التنزيل ج١ ص٧٦ وتنوير المقباس ص٢٨ وتفسير الجلالين ص٤٣ والإتقان في علوم القرآن ج٢ ص٣٨٥ والعجاب في بيان الأسباب ج١ ص٥٢٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ج٣ ص٢٢٨ وتاريخ مدينة دمشق ج٢٤ ص٢٢٢ و ٢٢٩ وسير أعلام النبلاء ج٢ ص٢٢ وتاريخ المدينة لابن شبة ج٢ ص٤٨٠ وسبل الهدى والرشاد ج٦ ص٤٦ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج٢ ص١٩٢ وج٣ ص١٦١ والوافي بالوفيات ج١٦ ص١٩٥ وبحار الأنوار ج٢٢ ص٣٥٣ وتفسير الميزان ج٢ ص٩٩ وقاموس الرجال ج١٠ ص٣٦٠ وصفين للمنقري ص٣٢٤.
ب: لا شك في أن علياً (عليهالسلام ) هو الذي قتل نوفل بن عبد الله في حرب الخندق أو لحق بهبيرة بن وهب وضربه ففلق هامته.. ولكنهم أضافوا إلى ذلك قولهم: وقيل أن الزبير فعل ذلك.. وقد ذكرنا أننا نشك في صحة ذلك عنه.
ج: ومن ذلك اهتمامهم الشديد بتبرئة أبي لبابة، وادعاء توبته مما صدر منه، أو التخفيف من وقع خيانته لله ولرسوله، حين أشار إلى بني قريظة أن لا ينزلوا على حكم رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، حتى لقد أنزلوا فيه الآيات، وذكروا له الكرامات، بل زعموا أن النبي (صلىاللهعليهوآله ) كان استعمله على قتال بني قريظة، ثم لما صدرت منه الخيانة استبدله بابن حضير.. ونحن نعلم: أن علياً (عليهالسلام ) هو الذي قاتلهم، وقتل فرسانهم، وذوي النجدة منهم..
إلا أن يكون أبو لبابة وأسيد بن حضير كانا في جملة أعيان الصحابة الذين هزمهم بنو قريظة شر هزيمة!!
د: ما ذكروه من مشاركة الزبير وغيره في ضرب أعناق بني قريظة(١) ،
____________
١- راجع: تاريخ اليعقوبي ج٢ ص٥٢ ونهاية الأرب ج١٧ ص١٩٣ وشرح بهجة المحافل ج١ ص٢٧٥ والسيرة النبوية لدحلان ج٢ ص١٨ وتاريخ الخميس ج١ ص٤٩٨ وتاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٢٥٤ والسيرة الحلبية ج٢ ص٢٤٠ والمغازي للواقدي ج٢ ص٥١٣ وسبل الهدى والرشاد ج٥ ص٢٢ وتفسير الثعلبي ج٨ ص٢٨ وتفسير البغوي ج٣ ص٥٢٤.
أو إستقلال سعد بن معاذ في ذلك(١) ، مع أن العديد من العلماء يقولون: إنه (صلىاللهعليهوآله ) تقدم إلى أمير المؤمنين (عليهالسلام ) بضرب أعناقهم في الخندق، فأخرجوا أرسالاً(٢) .
وفي كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلىاللهعليهوآله ) عشرات الموارد التي تدخل في هذا السياق، ولكنها تبقى مجرد رذاذ من قطر، أو نقطة من نهر، أو غَرْفة من بحر.
____________
١- المغازي للواقدي ج٢ ص٥١٦.
٢- المغازي للواقدي ج٢ ص٥١٥ و ٥١٦ والإرشاد (ط دار المفيد) ج١ ص١١١ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٦٣ وكشف الغمة ج١ ص٢٠٨ وكشف اليقين ص١٣٥. وراجع: مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج١ ص٢٥٢ وإعلام الورى ص٩٣ و ٩٤ والدر النظيم ص١٦٩ وإمتاع الأسماع ج١ ص٢٤٧ ومجمع الزوائد ج٦ ص١٤٠ عن الطبراني والسيرة النبوية لدحلان ج٢ ص١٨ وسبل الهدى والرشاد ج٥ ص٢٣ والسيرة الحلبية ج٢ ص٣٤٠ و ٣٤١.
تصحيح خطأ:
قالوا: وكان علي (عليهالسلام ) هو الذي ضرب في بني قريظة "أعناق اليهود، مثل حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف"(١) .
والصحيح: كعب بن أسد، لأن ابن الأشرف كان قد قتل قبل ذلك بزمان، مضافاً إلى أن ابن الأشرف كان من بني النضير، لا من بني قريظة.
إلا أن يكون مراده: أن علياً (عليهالسلام ) هو الذي قتل ابن الأشرف أيضاً، ثم زور المزورون للتاريخ هذه الحقيقة، فنسبوا قتله إلى غير علي (عليهالسلام )، حسداً منهم، وحقداً، وبغياً عليه.
____________
١- مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج٢ ص٩٧ و (ط المكتبة الحيدرية) ج١ ص٣٥٥ وإعلام الورى ج١ ص٣٨٢ وبحار الأنوار ج٤١ ص٦٧.
الفصل السادس :
من المريسيع.. وحتى الحديبية..
بـدايـة:
ومن الأحداث التي جرت بعد غزوة بني قريظة غزوة بني المصطلق في المريسيع، وكان لعلي (عليهالسلام ) فيها أيضاً المقام المشهود، ونذكر هنا ما جرى في هذه الغزوة، فنقول:
أبو بكر وعمر في المريسيع؟!:
قالوا: إن راية المهاجرين كانت في المريسيع مع أبي بكر(١) .
وزعموا: أن عمر بن الخطاب كان على مقدمة الجيش في غزوة المريسيع(٢) .
ونقول:
إن هذا غير صحيح، فلاحظ ما يلي:
١ ـ إن جعل عمر مقدمة الجيش في غزوة المريسيع ربما يكون قد جاء للتشويش على علي (عليهالسلام ) من جهة، وإعطاء شيء من الأوسمة لغيره من جهة أخرى، إذ إن من يكون على مقدمة الجيش هو رمز صمود
____________
١- راجع: عمدة القاري للعيني ج ١٣ ص ١٠٢.
٢- راجع: تاريخ الخميس ج١ ص٢٧٠.
الجيش، ولا بد أن يكون من الفرسان المعروفين، وممن يرهب جانبهم، ولم يكن عمر بن الخطاب كذلك، فقد كانت الخصوصية الظاهرة فيه هي فراره في المواطن، وتحاشيه مواضع الخطر في المعارك، وما جرى في أحد، ونكوصه عن عمرو بن عبد ود في الخندق، وفِراره في بني قريظة. وسيأتي أنه فر في خيبر وحنين وسواها شاهد صدق على ما قلناه.
٢ ـ قلنا أكثر من مرة: إن علياً (عليهالسلام ) كان صاحب راية ولواء رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) في المشاهد كلها، باستثناء تبوك، التي لم يحضرها كما سنرى.
٣ ـ قال خواند أمير: إنه (صلىاللهعليهوآله ) أعطى راية المهاجرين لعلي (عليهالسلام )، وراية الأنصار لسعد بن عبادة، وعمر على المقدمة، وعلى الميمنة زيد بن حارثة، وعلى الميسرة عكاشة بن محصن(١) .
لكن هذا النص غير سليم، فقد تقدم: أن جعل عمر بن الخطاب على المقدمة لا مجال لقبوله..
يضاف إلى ذلك: أن البعض يقول: إنه (صلىاللهعليهوآله ) استخلف زيد بن حارثة على المدينة في هذه الغزوة(٢) .
____________
١- حبيب السير ج١ ص٣٥٧.
٢- أنساب الأشراف ج١ ص٣٤٢ وإمتاع الأسماع ج١ ص٢٠٢ وج٨ ص٣٦٩ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٩٥ و الطبقات الكبرى لابن سعد ج٢ ص٦٣ وج٣ ص٤٥ والوافي بالوفيات ج١٥ ص١٧ وتاريخ مدينة دمشق ج١٩ ص٣٥٨ والمنتخب من ذيل المذيل للطبري ص٥ وعمدة القاري ج١٣ ص١٠٢.
٤ ـ ذكر البعض: أن راية المهاجرين كانت مع عمار بن ياسر(١) . ونحن وإن كنا نرجح ما قاله خواند أمير من أن راية المهاجرين كانت مع علي (عليهالسلام ). إلا أنا نقول: إن القول بأنها كانت مع عمار يضعف ادعاء أنها كانت مع أبي بكر.
أما لواء الجيش ورايته فقد كانتا مع علي أمير المؤمنين، حسبما أثبتناه في غزوتي بدر وأحد.
المقتولون من بني المصطلق:
وأما عن المقتولين من بني المصطلق، فقد:
قالوا: إن علياً (عليهالسلام ) قتل منهم رجلين: مالكاً، وابنه(٢) .
____________
١- السيرة الحلبية ج٢ ص٢٧٩ والمغازي للواقدي ج١ ص٤٠٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٢٩٧ والبداية والنهاية ج٤ ص٩٢ و (ط دار إحياء التراث العربي) ج٤ ص١٧٨ وإمتاع الأسماع ج١ ص٢٠٣ وج٧ ص١٦٧ وسبل الهدى والرشاد ج٤ ص٣٤٥ وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج١ ص٢٦٦ ودلائل النبوة للبيهقي ج٤ ص٤٨.
٢- تاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٢٦٣ وحبيب السير ج١ ص٣٥٨ والمغازي للواقدي ج١ ص٤٠٧ والسيرة النبوية لابن هشام ج٣ ص٣٠٦ والبداية والنهاية ج٤ ص١٥٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج٣ ص٣٠٢ ودلائل النبوة للبيهقي ج٤ ص٤٨ ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج١ ص١٧٣ و ٣٥٥ وج٢ ص٣٣٣ وبحار الأنوار ج٤١ ص٦٧ و ٩٦ ونهج الحق ص٢٥٠.
وقتل أبو قتادة: صاحب لواء المشركين، وكان الفتح(١) .
ونحن لا نستطيع تأكيد ذلك أو نفيه، فالمغرضون يهمهم التلاعب في بعض الأمور، وقد يكون هذا منها. ولعل مالكاً كان هو صاحب لواء المشركين.
على أن ذلك لوصح، لذكروا لنا اسم صاحب لواء المشركين الذي قتله أبو قتادة للتدليل على إنجاز أبي قتادة هذا.
جويرية بنت الحارث:
وفي المريسيع سبا علي (عليهالسلام ) جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية، ثم المصطلقية(٢) وهي التي تزوجها رسول الله "صلىاللهعليهوآله ".
____________
١- حبيب السير ج١ ص٣٥٨ والمغازي للواقدي ج١ ص٤٠٧ ودلائل النبوة للبيهقي ج٤ ص٤٨.
٢- تاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٢٦٣ ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج١ ص١٧٣ وكشف اليقين ص١٣٦ والإرشاد (ط دار المفيد) ج١ ص١١٧ وبحار الأنوار ج٢٠ ص٢٨٩ و ٣٠٧ وراجع ص٢٨١ و ٢٩٠ و ٢٩٦ والمستجاد من كتاب الإرشاد (المجموعة) ص٧٢ والدر النظيم ص١٧٠ وكشف الغمة ج١ ص٢٠٨ ومنهاج الكرامة ص١٦٧ ونهج الحق ص٢٥٠ وإحقاق الحق (الأصل) ص٢٠٦ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج٣٢ ص٣٣٤ والسيرة الحلبية ج٢ ص٢٨٠.
وقتل (عليهالسلام ) مالكاً وابنه(١) .
وَتَعِيَهَا أذُنٌ وَاعِيَةٌ:
وزعموا: أن آية:( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) (٢) نزلت في زيد بن أرقم، في غزوة المريسيع، حيث إنه سمع عبد الله بن أبي يقول: أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، يقصد بالأعز نفسه، وبالأذل رسول الله (صلىاللهعليهوآله ).. فأخبر زيد رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) بما سمع..
وفي الكشاف: ونزل فيه قوله تعالى:( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) وصار يقال لزيد: ذو الأذن الواعية(٣) .
ونقول:
____________
١- تاريخ الأمم والملوك ج٢ ص٢٦٣ وكشف اليقين ص١٣٧ ونهج الحق ص٢٥٠ ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج١ ص١٧٣ و ٣٥٥ وج٢ ص٣٣٣ وبحار الأنوار ج٤١ ص٦٦ و ٩٦ وراجع المصادر المتقدمة.
٢- الآية ١٢ من سورة الحاقة.
٣- السيرة الحلبية ج٢ ص٢٩١ و (ط دار المعرفة) ج٢ ص٦٠٣ وسيرة مغلطاي ص٥٦.
إن ذلك لا يصح:
أولاً: لتناقض الروايات في من أخبر رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) بمقالة ابن أبي، هل هو زيد بن أرقم، أو سفيان بن تيم، أو أوس بن أرقم، أو عمر بن الخطاب، وثمة تناقضات أخرى فلا بأس بمراجعتها(١) .
ثانياً: إن قوله تعالى:( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) قد نزلت قبل الهجرة في ضمن سورة الحاقة، ويقال: كان ذلك قبل أن يسلم عمر بن الخطاب(٢) .
ثالثاً: إن سياق الآيات لا يؤيد نزول الآية في زيد بن أرقم، لأن الآية تذكر ما جرى لقوم عاد وثمود، وفرعون، والمؤتفكات..
إلى أن تقول:( إِنَّا لـَمَّا طَغَى المُاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الجَارِيَةِ، لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) (٣) . أي تعيها أذن تحصي هذه العبر والعظات، والأحداث العظام وتحفظها.. وهذا لا ينسجم ولا ربط له بما حدث مع زيد وابن أبي، لو صح ما يقال أنه جرى بينهما..
____________
١- راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلىاللهعليهوآله ) ج١٢ فصل: "ليخرجن الأعز منها الأذل".
٢- الدر المنثور ج٦ ص٢٥٨ و ٢٦٠ عن البيهقي، وابن الضريس، والنحاس، وابن مردويه، والبيهقي، وأحمد، عن ابن عباس، وابن الزبير، وعمرو. وراجع: تفسير الآلوسي ج٢٩ ص٣٩ والإصابة ج٤ ص٤٨٦ والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج٢ ص١٧.
٣- الآيتان ١١ و ١٢ من سورة الحاقة.
رابعاً: روي عن علي (عليهالسلام ) وعن بريدة، ومكحول، وأبي عمر بن الأشج، وهو عثمان بن عبد الله بن عوام البلوي، وعن ابن عباس، وأنس، والأصبغ بن نباتة، وجابر، وعمر بن علي، وأبي مرة الأسلمي:
أن هذه الآية نزلت في علي (عليهالسلام )، وقد روى ذلك أهل السنة والشيعة على حد سواء، فراجع(١) .
____________
١- راجع هذه الروايات أو بعضها في المصادر التالية: مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص٣١٨ و ٣١٩ و ٣٦٥ وجامع البيان ج٢٩ ص٣٥ و ٣٦ ومناقـب الإمام أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان ج١ ص١٩٦ و ١٤٢ و ١٥٨ وتفسير القرآن العظيم ج٤ ص٤١٣ عن ابن أبي حاتم، والطبري. وفرائد السمطين ج١ ص١٩٨ و ١٩٩ و ٢٠٠ وشواهد التنزيل ج٢ ص٣٦٠ و ٣٨٠ وفي هامشه مصادر كثيرة جداً، وترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج٢ ص٤٢٢ وحلية الأولياء ج١ ص٦٧ وكنز العمال (ط الهند) ج١٥ ص١١٩ و ١٥٧ عن ابن عساكر، وأبي نعيم في المعرفة، وعن الضياء المقدسي في المختارة، وابن مردويه، وأسباب النزول ص٣٣٩ والكشاف ج٤ ص٦٠٠ والعمدة لابن البطريق ص٢٨٩ و ٢٩٠. وراجع: مجمع الزوائد ج١ ص١٣١ وإن كان قد حذف ذيل الحديث. والتفسير الكبير ج٣٠ ص١٠٧ وكفاية الطالب ص١٠٨ و ١٠٩ و ١١٠ ولباب التأويل (مطبوع مع جامع البيان) ج٢٩ ص٣١ والجامع لأحكام القرآن ج١٨ ص٢٦٤ ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج ص٤٨ والبحر المحيط ج٨ ص٣١٧ والفصول المهمة لابن الصباغ ص١٠٧ ولباب النقول ص٢٢٥ وروح المعاني ج٢٩ ص٤٣ ونور الأبصار ج٧٨ وينابيع المودة ص١٢٠. وفتح الملك العلي ص٢٢ و ٢٣ وشرح المقاصد ج٥ ص٢٩٧ والمنـاقب للخوارزمي ص٢٨٢ = = و ٢٨٣ ومحاضرات الأدباء ج١ ص٣٩ وج ٤ ص٤٤٧ ونظم درر السمطين ص٩٢ وأهل البيت لتوفيق أبي علم ص٢٢٥ و ٢٢٦ وخصائص الوحي المبين ص١٥٤ ـ ١٥٧ وكشف الغمة ج١ ص٣٢٢ ومجمع البيان ج١٠ ص٣٤٥ و ٣٤٦ وبحار الأنوار ج٣٥ ص٣٢٦ ـ ٣٣١ وغاية المرام ص٣٣٦ وأنساب الأشراف ج٢ ص١٢١ (بتحقيق المحمودي) وتفسير فرات ص٥٠٠ و ٥٠١ وتفسير البرهان ج٤ ص٣٧٥ و ٣٧٦ وفضائل الخمسة ج١ ص٢٧٢ ـ ٢٧٤ والدر المنثور ج٦ ص٢٦٠ عن ابن عساكر، وابن النجار، وابن جرير، وابن مردويه وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وسعيد بن منصور، والواحدي، وأبي نعيم، وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج٣ ص١٤٧ ـ ١٥٤ ج١٤ ص٢٢٠ و ٢٤١ وج٢٠ ص٩٢ و ٩٧ عن أكثر من تقدم وعن المصادر التالية: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج٤ ص٣١٩ وج٢ ص٢٦٣ وإعراب ثلاثين سورة ص١٠٣ ومناقب مرتضوي ص٣٦ والكواكب الدرية للمناوي ص٣٩ والذريعة (للراغب) ص٩٢ وتوضيح الدلائل (مخطوط) ص١٦٩ و ٢١٠ وتاريخ مدينة دمشق ج٢ ص٤٢٣ وج ٣٦ ص٧٧ وعن لسان الميزان ج٦ ص٣٧٦ وسعد السعود ص١٠٨ وما نزل من القرآن في علي (لأبي نعيم) ص٢٦٦ و ٢٨٦ ومنال الطالب ص٨٥ وغاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام ص٧٢ ونهاية البيان في تفسير البرهان ج٨ ص٤٠ والإمام المهاجر ص١٥٨ ومطالب السؤل ص٢٠ والكشف والبيان (مخطوط) ومفتاح النجا (مخطوط) ص٤٠ و ٤١ وأرجح المطالب ص١٦١ و ١٦٠ و ٦٣ والإربعين للسيد عطاء الله (مخطوط) = = ص٢٧ وطبقات المالكية ج٢ ص٧٢ وشرح ديوان أمير المؤمنين للميبدي (مخطوط) ص١٨٠ والمختار في مناقب الأخيار (مخطوط) ص٣ والروض الأزهر ص١٠٨ والكاف الشاف ص١٧٧ ومعترك الأقران في إعجاز القرآن ج٢ ص٣٦ ووسيلة النجاة ص١٣٦ و ١٥٦ والتعريف والإعلام (مخطوط) ص٦٧ ومناقب علي للعيني ص٥٥ وسمط النجوم ج٢ ص٥٠٤ وزين الفتى (مخطوط) ص٦٠٥ وجمع الجوامع ج٢ ص٣٠٨ وتفسير الثعلبي (مخطوط) ص٢٠١.
بل في شرح المواقف: أكثر المفسرين على أنه علي(١) .
الشانئون والحاقدون:
قال الحلبي الشافعي: "وذكر بعض الرافضة: أن قوله تعالى:( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) جاء في الحديث: أنها نزلت في علي كرم الله وجهه.
قال الإمام ابن تيمية: وهذا حديث موضوع باتفاق أهل العلم. أي
____________
١- شرح المواقف ج٨ ص٣٧٠.
وعلى تقدير صحته لا مانع من التعدد"(١) .
ونقول:
١ ـ تقدم آنفاً: أن حديث نزول هذه الآية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهالسلام ) مروي عند أهل السنة، وبطرقهم، أكثر مما هو مروي عند الشيعة. والمصادر المتقدمة، وشخصيات الرواة توضح ذلك. بل إن بعض الرواة لم يكونوا في خط علي (عليهالسلام )، ولا من أنصاره.
٢ ـ قد عرفنا: أن أصل تصدي زيد لابن أبي مشكوك فيه.
٣ ـ إن سياق الآيات لا ينسجم مع قضية زيد.
٤ ـ إن سورة الحاقة قد نزلت قبل الهجرة.
إلا أن يدَّعى: أن هذه الآية مما تكرر نزوله.
ولكنها دعوى: تحتاج إلى شاهد، بل الشواهد المذكورة آنفاً على خلافها.
٥ ـ أضف إلى ذلك: أن هذه الدعوى لا تتنافى مع حديث نزولها في علي (عليهالسلام ) قبل الهجرة، أو بعدها.
٦ ـ لم يذكر لنا التاريخ أياً من أهل العلم قال: إن هذا الحديث موضوع، فضلاً عن أن يكون أهل العلم قد اتفقوا على ذلك. وهذه هي الكتب والموسوعات متداولة بين أيدي جميع الناس، فليراجعها من أراد.
____________
١- السيرة الحلبية ج٢ ص٢٩١ و (ط دار المعرفة) ج٢ ص٦٠٣.