• البداية
  • السابق
  • 329 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 21859 / تحميل: 7499
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء ٦

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وورد هذا المعنى في روايات أخرى أيضاً(١) .

____________

١- راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم ( صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ج٢٥ ص١٥٧ و١٥٨.

٨١

التشكيك بما قاله النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ):

وأغرب ما قرأناه: أن عمر بن الخطاب حين سمع قول النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) عن علي (عليه‌السلام ): بل الله انتجاه، بادر إلى القول: هذا كما قلت لنا قبل الحديبية لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين، فلم تدخله وصددنا عنه..

فقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): لم أقل إنكم تدخلونه في ذلك العام..

أي أن عمر يريد أن يقول: كما أن ذلك الوعد لم يتحقق، وكنت تتكلم من دون ضابطة، فإن قولك هذا: إن الله انتجى علياً (عليه‌السلام )، ليس بصحيح أيضاً..

فإذا ظهر للناس أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) يخبر عن أشياء لا واقع لها، ثم قُدِّم لهم شاهد على ذلك، فلا بد أن يستقر هذا الأمر في أذهانهم وقلوبهم، وسيصعب اقتلاعه بعد ذلك: وهذا يؤدي إلى محق الإيمان بالنبوة في قلوبهم وعقولهم..

فاجابه النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بما دل على أن ذلك القائل أراد أن يوهم الناس بأمر لا واقع له، فإن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يقل: إن دخولهم مكة سيكون في ذلك العام، بل قال لهم: إنهم سوف يدخلونها من دون تحديد وقت، فلماذا ينسب إليه عمر ما لم يقله؟!

وهي إجابة واضحة، يفهمها كل أحد.. وهي تدين ذلك الرجل الذي اتهم رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بما لم يقله.. وتبقى هذه الإدانة ماثلة أمام أعين الأجيال والأحقاب، وتنبئ عن معان كان الأجدر بهم التسترُّ عليها.

٨٢

إجابات النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أحرجتهم:

وهذه الإجابات النبوية عن أسباب المناجاة، ثم إبطاله التهمة العمرية هو السبب في سعي أتباع أولئك المعترضين على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) إلى التكتم على أسماء المعترضين عليه (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، كما تدل عليه تعابيرهم في رواياتهم، مثل قولهم:

فقال الناس.. فقالوا.. فقال ناس من أصحابه.. فقال رجل.. فقال بعض أصحابه.. فقال قوم.. حتى كره من الصحابة ذلك، فقال قائل منهم..

هذا بالإضافة إلى محاولاتهم إسقاط اعتراض عمر على النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بأنه وعد بدخول مكة وجوابه (صلى‌الله‌عليه‌وآله )..

تهديد أهل الطائف بعلي (عليه‌السلام ):

عن المطلب بن عبد الله، عن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه: أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) حاصر أهل الطائف إلى عشرة أو سبعة عشر يوماً، فلم يفتحها، ثم أوغل روحة أو غدوة، ثم نزل، ثم هجّر، فقال:

(أيها الناس، إني لكم فرط، وإن موعدكم الحوض، وأوصيكم بعترتي خيراً..).

ثم قال: (..والذي نفسي بيده، لتقيمنّ الصلاة، ولتأتنّ الزكاة، أو لأبعثنّ إليكم رجلاً مني، أو كنفسي، فليضربنّ أعناق مقاتليكم، وليسبين ذراريكم).

٨٣

فرأى أناس: أنه يعني أبا بكر أو عمر.

فأخذ بيد علي (عليه‌السلام )، فقال: هو هذا.

قال المطلب بن عبد الله: فقلت لمصعب بن عبد الرحمن بن عوف: فما حمل أباك على ما صنع؟!

قال: أنا ـ والله ـ أعجب من ذلك(١) .

وعن أبي ذر قال: قال رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ـ وقد قدم عليه وفد أهل الطائف ـ: يا أهل الطائف، والله لتقيمنّ الصلاة، ولتؤتنّ الزكاة أو لأبعثنّ إليكم رجلاً كنفسي، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يقصعكم بالسيف.

فتطاول لها أصحاب رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فأخذ بيد علي (عليه‌السلام )، فأشالها، ثم قال: هو هذا.

فقال أبو بكر وعمر: ما رأينا كاليوم في الفضل قط(٢) .

ونقول:

____________

١- بحار الأنوار ج٢١ ص١٥٢ وج٤٠ ص٣٠ والأمالي للطوسي ص٥١٦ و (ط دار الثقافة) ص٥٠٤.

٢- أمالي الطوسي ص٥٩٠ و (ط دار الثقافة) ص٥٧٩ وبحار الأنوار ج٢١ ص١٧٩ و١٨٠ وج٣٨ ص٣٢٤ ومناقب الإمام أمير المؤمنين للكوفي ج١ ص٤٦٣ وج٢ ص٢٤ وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ( عليه‌السلام ) في الكتاب والسنة والتاريخ ج١١ ص٢٢٤.

٨٤

لا بد من ملاحظة الأمور التالية:

أفعال أفصح من الأقوال:

تضمنت النصوص المتقدمة:

١ ـ أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) حاصر الطائف أسبوعين أو ثلاثة أو أكثر..

٢ ـ ثم إنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أوغل روحة، أو غدوة.

٣ ـ ثم نزل.

٤ ـ ثم هجّر.

٥ ـ ثم أطلق تهديداته القوية: بأنه سوف يرميهم بعلي (عليه‌السلام )، ليضرب أعناق مقاتليهم، ويسبي ذراريهم، أو يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة.. فما تفسير ذلك كله؟!

ونقول:

تظهر الإجابة على ذلك بالتأمل فيما يلي من نقاط:

١ ـ إن تحركات النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، على النحو المشار إليه آنفاً، حيث كان يتركهم، ثم يعود إليهم.. روحة أو غدوة، ثم ينزل، ثم يهجر، أمر لم يعرفه الناس في الحروب آنئذٍ.. ولا سيما حين يكون التحرك في وقت الهاجرة.. فإن هذه التحركات كانت مرصودة من قبل أهل الطائف، ولا بد أنها كانت تثير دهشتهم وتساؤلاتهم، وتوقعهم في حيرة بالغة..

ولا بد أن تكون قد أفهمتهم أموراً كثيرة، أهونها أنهم غير متروكين،

٨٥

وأن عليهم أن يتوقعوا مفاجأتهم في كل وقت، وزمان، فلا يمكنهم أن يأمنوا على أنفسهم بالخروج من حصونهم، والتخلي عن أسوارهم.. بل عليهم أن يبقوا في حالة تأهب وحذر.

كما لا بد أن تبقى ماشيتهم معهم، فلا يمكنهم تسريحها، ولا بد لها من أن تجد ما تأكله، ليمكنهم أن يستفيدوا منها في هذا الوقت الذي هم بأمس الحاجة إليها، كما أن عليهم أن يتدبروا أمرهم في إيجاد المؤن لأنفسهم، وربما ينفد منهم كل شيء.. ولا يبقى لهم حتى ماشيتهم.

٢ ـ إنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) هددهم بأنهم إن لم يستجيبوا لنداء العقل، فسيرميهم بأخيه علي (عليه‌السلام )، الذي هزمهم في حنين قبل أيام هزيمة مرة، وذليلة ومخزية، وقد كانوا عشرات الألوف، فهل يمكنهم الصمود الآن بعد أن تفرق ذلك الجمع عنهم؟!

٣ ـ إن قذائف المنجنيق أضرت بهم.. مع علمهم بأن علياً (عليه‌السلام ) لم يشارك بعد في الحرب عليهم، بل هو لم يحضر بعد إلى ساحات النزال، لأنه كان منشغلاً بتطهير بعض الجهات من الجماعات الصغيرة المنتشرة في المنطقة، الأمر الذي يشير إلى أن المنطقة قد خرجت من أيديهم، ولم تعد قادرة على مد يد العون لهم..

٤ ـ إن عليهم أن يتوقعوا أن مصيبتهم الكبرى ستكون حين يأذن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لعلي (عليه‌السلام ) بمناجزتهم.. فإنه لا شيء يصده عن إنزال عقاب الله فيهم، وسوف لا تغني عنهم حصونهم شيئاً، كما لم تفد حصون قريظة وخيبر أهلها شيئاً.

٨٦

ولأجل ذلك هددهم بأن يبعث عليهم رجلاً منه كنفسه، يضرب أعناق مقاتليهم، ويسبى ذراريهم.

٥ ـ وقد اقتصر (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) على هذين الأمرين: قتل المقاتلين، وسبي الذراري.. على قاعدة:( رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً ) (١) ، والمطلوب هو التخلص من الظلم، وقطع دابر الظالمين، وإفساح المجال للناس ـ من غير المصرين على القتال ـ ليمارسوا حريتهم في اختيار معتقداتهم، استناداً إلى الدليل القاطع للعذر، وليختاروا طريقة عيشهم بأنفسهم.

٦ ـ إنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لم يصرح بإسم الذي يريد أن يرميهم به.. ووصفه بأوصاف جليلة وجميلة، ليطلق الناس العنان لخيالهم في التعرف على ذلك الشخص، ويتلمسوا تلك الميزات في هذا، ثم في ذاك، حتى يجدوها بأنفسهم في صاحبها المعهود والمقصود.. بعد أن يكونوا قد استحضروا ميزات هذا وذاك من الطامحين والطامعين..

٧ ـ ولكن هذا الإبهام لم يدم طويلاً حيث جاءت المطالبة بالتصريح بإسمه، فصرح لهم بذلك الإسم الشريف.. الأمر الذي حمل المطلب بن عبد الله على أن يسأل مصعب بن عبد الرحمان بن عوف فقال: فما حمل أباك على ما صنع.

فقال مصعب: وأنا والله أعجب من ذلك.

____________

١- الآيتان ٢٦ و ٢٧ من سورة نوح.

٨٧

أي أنه سأله عن سبب عدم مبايعة عبد الرحمان بن عوف لعلي (عليه‌السلام ) بالخلافة، وتقديم عثمان عليه في يوم الشورى العمرية! إذا كان يعلم أن ذلك جرى له، فإن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد قال فيه ما قال..

فلم يجد عنده جواباً معقولاً، لأن الجواب المعقول لا يسعده، فإن السبب الحقيقي هو الطمع وعدم الورع..

فك الحصار لتسهيل الإستسلام:

وعن الإمام الصادق (عليه‌السلام ) أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لما واقع ـ وربما قال: فزغ(١) ـ رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) من هوازن، سار حتى نزل الطائف، فحصر أهل وجٍ(٢) أياماً، فسأله القوم أن يبرح عنهم ليقدم عليه وفدهم، فيشترط له، ويشترطون لأنفسهم.

فسار حتى نزل مكة، فقدم عليه نفر منهم باسلام قومهم. ولم يبخع القوم له بالصلاة ولا الزكاة.

فقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): إنه لا خير في دين لا ركوع فيه ولا سجود. أما والذي نفسي بيده ليقيمُنّ الصلاة، وليؤتُنّ الزكاة، أو لأبعثنّ إليهم رجلاً هو مني كنفسي، فليضربنّ أعناق مقاتليهم، وليسبينّ ذراريهم، وهو هذا.

____________

١- الصحيح: فرغ.

٢- وجّ: موضع بناحية الطائف. أو اسم جامع حصونها. أو اسم واحد منها.

٨٨

وأخذ بيد علي (عليه‌السلام ) فأشالها.

فلما صار القوم إلى قومهم بالطائف أخبروهم بما سمعوا من رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فأقروا له بالصلاة، وأقروا له بما شرط عليهم.

فقال (صلى‌الله‌عليه‌وآله ): ما استعصى عليّ أهل مملكة، ولا أمة إلا رميتهم بسهم الله عز وجل.

قالوا: يا رسول الله: وما سهم الله؟!

قال: علي بن أبي طالب. ما بعثته في سرية إلا رأيت جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، وملكاً أمامه، وسحابة تظله، حتى يعطي الله عز وجل حبيبي النصر والظفر(١) .

وهذا معناه: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد حقق نصراً عظيماً، يوازي ما حققه في غزوة الخندق وخيبر وسواهما..

ويدل على ذلك أيضاً: ما تقدم من أنه (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد قال لأصحابه حين أرادوا أن يرتحلوا عن الطائف: (قولوا: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب

____________

١- الأمالي للطوسي ص٥١٦ و٥١٧ و (ط دار الثقافة ـ قم) ص٥٠٥ وبحار الأنوار ج٢١ ص١٥٣ وج٣٨ ص٣٠٥ وج٣٩ ص١٠١ وج٤٠ ص٣٢ ومستدرك سفينة البحار ج٥ ص٣١٥ ومناقب أمير المؤمنين ( عليه‌السلام ) ج١ ص٣٥٩ وشرح الأخبار ج٢ ص٤١٤ والثاقب في المناقب ص١٢١ ومناقب آل أبي طالب ج٢ ص٦٧ و ٧٧ ومدينة المعاجز ج٢ ص٣٠٨.

٨٩

وحده)(١) .

فلو لم يكونوا منتصرين كانتصار يوم الأحزاب، لم يكن وجه لأمرهم بأن يقولـوا ذلك، فإن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) لا يطلق الشعـارات جزافاً.

____________

١- سبل الهدى والرشاد ج٥ ص٣٨٨ عن الواقدي، وتاريخ الخميس ج٢ ص١١٢ والسيرة النبوية لدحلان ج٢ ص١١٤ وراجع المصادر المتقدمة.

٩٠

الباب التاسع:

إلى تـبـوك..

٩١

٩٢

الفصل الأول:

آل حاتم الطائي عند رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )..

٩٣

٩٤

هدم صنم طيء: الفُلْس:

قالوا: وفي شهر ربيع الآخر من سنة تسع بعث رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) في خمسين ومائة رجل ـ أو مائتين كما ذكره ابن سعد ـ من الأنصار، على مائة بعير وخمسين فرساً، ومعه راية سوداء، ولواء أبيض إلى الفلس، ليهدمه.

فأغاروا على أحياء من العرب، وشنوا الغارة على محلة آل حاتم مع الفجر، فهدموا الفلس وخربوه، وملأوا أيديهم من السبي، والنعم، والشاء.

وكان في السبي سفانة أخت عدي بن حاتم، وهرب عدي إلى الشام.

ووجد في خزانة الفلس ثلاثة أسياف: رسوب، والمخذم ـ كان الحارث بن أبي شمر قلده إياهما ـ وسيف يقال له: اليماني، وثلاثة أدرع (وكان عليه ثياب يلبسونه إياها).

واستعمل علي (عليه‌السلام ) على السبي أبا قتادة، واستعمل على الماشية والرثة عبد الله بن عتيك.

فلما نزلوا ركك (أحد أجبال طي) اقتسموا الغنائم، وعزلوا للنبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) صفياً: رسوباً والمخذم، ثم صار له بعد السيف الآخر، وعزل الخمس.

٩٥

وعزل آل حاتم، فلم يقسمهم حتى قدم بهم المدينة.

ومرَّ النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بأخت عدي بن حاتم، فقامت إليه وكلمته: أن يمن عليها.

فمنّ عليها، فأسلمت، وخرجت إلى أخيها، فأشارت عليه بالقدوم على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، فقدم عليه(١) .

وذكر ابن سعد في الوفود: أن الذي أغار، وسبى ابنة حاتم هو خالد بن الوليد(٢) .

والفُلْس ـ بضم الفاء، وسكون اللام ـ: صنم لطيء ومن يليها(٣) .

____________

١- راجع: سبل الهدى والرشاد ج٦ ص٢١٨ والمغازي للواقدي ج٣ ص٩٨٤ و ٩٨٥ والسيرة الحلبية ج٣ ص٢٠٥ وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج٤ ص٤٨ و ٤٩ و ٥٠ وتاريخ الخميس ج٢ ص١٢٠ و ١٢١ والإصابة ج٤ ص٣٢٩ وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج٦٩ ص١٩٤ ـ ٢٠٣ وإحقاق الحق (الملحقات) ج٢٣ ص٢٣٤ ـ ٢٣٧ وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج٢ ص١٦٤ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٢ ص٦٢٤ وإمتاع الأسماع ج٢ ص٤٥.

٢- راجع: سبل الهدى والرشاد ج٦ ص٢١٨ والطبقات الكبرى لابن سعد ج١ ص٣٢٢ وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج٦٩ ص١٩٣.

٣- شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج٤ ص٤٨ وراجع: معجم البلدان ج٤ ص٢٧٣ وج٥ ص٢٠٥ وتخريج الأحاديث والآثار ج٢ ص١٩٤ والطبقات الكـبرى = = لابن سعد ج١ ص٣٢٢ وج٢ ص١٦٤ وتاريخ مدينة دمشق ج٦٩ ص١٩٣ وتاريخ الإسلام للذهبي ج٢ ص٦٢٤ وإمتاع الأسماع ج٢ ص٤٥ و ١٤٢.

٩٦

وفي نص آخر ذكره الواقدي:

أن علياً (عليه‌السلام ) دفع رايته إلى سهل بن حنيف، ولواءه إلى جبار بن صخر السلمي، وخرج بدليل من بني أسد يقال له: حريث، فسلك بهم على طريق فيد (جبل)، فلما انتهى بهم إلى موضعٍ قال: بينكم وبين الحيّ الذي تريدون يوم تام، وإن سرناه بالنهار وطئنا أطرافهم ورعاءهم، فأنذروا الحيّ، فتفرقوا، فلم تصيبوا منهم حاجتكم، ولكن نقيم يومنا هذا في موضعنا حتى نمسي، ثم نسري ليلتنا على متون الخيل، فنجعلها غارة حتى نصبحهم في عماية الصبح.

قالوا: هذا الرأي!

فعسكروا، وسرحوا الإبل، واصطنعوا، وبعثوا نفراً منهم يتقصّون ما حولهم، فبعثوا أبا قتادة، والحباب بن المنذر، وأبا نائلة، فخرجوا على متون خيل لهم يطوفون حول المعسكر، فأصابوا غلاماً أسود، فقالوا: ما أنت؟!

قال: أطلب بغيتي.

فأتوا به علياً (عليه‌السلام )، فقال: ما أنت؟!

قال: باغ.

قال: فشدوا عليه.

فقال: أنا غلام لرجل من طيء من بني نبهان، أمروني بهذا الموضع

٩٧

وقالوا: إن رأيت خيل محمد فطر إلينا فأخبرنا، وأنا لا أدرك أسراً(١) (شراً)، فلما رأيتكم أردت الذهاب إليهم، ثم قلت: لا أعجل حتى آتي أصحابي بخبر بيِّن، من عددكم وعدد خيلكم، ورقابكم، ولا أخشى ما أصابني، فلكأني كنت مقيداً حتى أخذتني طلائعكم.

قال علي (عليه‌السلام ): أصدقنا ما وراءك.

قال: أوائل الحيّ على مسيرة ليلة طرادة، تصبحهم الخيل ومغارها حين غدوا.

قال علي (عليه‌السلام ) لأصحابه: ما ترون؟!

قال جبار بن صخر: نرى أن ننطلق على متون الخيل ليلتنا حتى نصبح القوم وهم غارون، فنغير عليهم، ونخرج بالعبد الأسود ليلاً، ونخلف حريثاً مع العسكر حتى يلحقوا إن شاء الله.

قال علي (عليه‌السلام ): هذا الرأي.

فخرجوا بالعبد الأسود، والخيل تعادى، وهو ردف بعضهم عقبة (نوبة)، ثم ينزل فيردف آخر عقبة، وهو مكتوف، فلما انهار الليل كذب العبد، وقال: قد أخطأت الطريق وتركتها ورائي.

قال علي (عليه‌السلام ): فارجع إلى حيث أخطأت.

فرجع ميلا أو أكثر، ثم قال: أنا على خطأ.

____________

١- أي لا أدرك لكي أؤخذ أسيراً.

٩٨

فقال علي (عليه‌السلام ): إنَّا منك على خدعة، ما تريد إلا أن تثنينا عن الحيّ، قدموه، لتصدقنا، أو لنضربن عنقك.

قال: فقدم وسل السيف على رأسه، فلما رأى الشر قال: أرأيت إن صدقتكم أينفعني؟!

قالوا: نعم.

قال: فإني صنعت ما رأيتم، إنه أدركني ما يدرك الناس من الحياء، فقلت: أقبلت بالقوم أدلهم على الحيّ من غير محنة ولاحق فآمنهم، فلما رأيت منكم ما رأيت، وخفت أن تقتلوني كان لي عذر، فأنا أحملكم على الطريق.

قالوا: أصدقنا.

قال: الحيّ منكم قريب.

فخرج معهم حتى انتهى إلى أدنى الحيّ، فسمعوا نباح الكلاب وحركة النعم في المراح والشاء.

فقال: هذه الأصرام (الجماعات) وهي على فرسخ، فينظر بعضهم إلى بعض.

فقالوا: فأين آل حاتم؟!

قال: هم متوسطو الأصرام.

قال القوم بعضهم لبعض: إن أفزعنا الحيّ تصايحوا، وأفزعوا بعضهم بعضاً، فتغيب عنا أحزابهم في سواد الليل، ولكن نمهل القوم حتى يطلع

٩٩

الفجر معترضاً، فقد قرب طلوعه فنغير، فإن أنذر بعضهم بعضاً لم يخفَ علينا أين يأخذون، وليس عند القوم خيل يهربون عليها، ونحن على متون الخيل.

قالوا: الرأي ما أشرت به.

قال: فلما اعترضوا الفجر أغاروا عليها، فقتلوا من قتلوا، وأسروا من أسروا، واستاقوا الذرية والنساء، وجمعوا النعم والشاء، ولم يخف عليهم أحد تغيب، فملأوا أيديهم.

قال: تقول جارية من الحي، وهي ترى العبد الأسود ـ وكان اسمه أسلم ـ وهو موثق: ما له؟! هُبِل(١) . هذا عمل رسولكم أسلم، لا سلم، وهو جلبهم عليكم، ودلهم على عورتكم!

قال يقول الأسود: أقصري يا ابنة الأكارم، ما دللتهم حتى قدّمت ليضرب عنقي.

قال: فعسكر القوم، وعزلوا الأسرى وهم ناحية نفير، وعزلوا الذرية، وأصابوا من آل حاتم أخت عدي، ونسيات معها، فعزلوهن على حدة.

فقال أسلم لعلي (عليه‌السلام ): ما تنتظر بإطلاقي؟!

فقال: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.

قال: أنا على دين قومي هؤلاء الأسرى، ما صنعوا صنعت.

____________

١- أي رماه الله بالهبل.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329