الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سرة المرتضى) الجزء ٨

مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 352
مؤلف: السيد جعفر مرتضى العاملي
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 352
الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليهالسلام )
(المرتضى من سيرة المرتضى)
الجزء الثامن
السيد جعفر مرتضى العاملي
هذا الكتاب
نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف
شبكة الإمامين الحسنين (عليهماالسلام ) للتراث والفكر الإسلامي
بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.
الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليهالسلام )
(المرتضى من سيرة المرتضى)
الجزء الثامن
السيد جعفر مرتضى العاملي
علم.. وقضاء..
قضاء علي.. وقضاء الشيخين:
روى جمع من العامة، عن مصعب بن سلام التميمي، ومن طرق الخاصة بسندهم عن الصادق (عليهالسلام ) وغيره، أنه قال: ثور قتل حماراً على عهد النبي (صلىاللهعليهوآله )، فرفع ذلك إليه، وهو في أناس من أصحابه، منهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، فقال النبي (صلىاللهعليهوآله ): يا أبا بكر، إقض بينهما.
فقال: يا رسول الله، بهيمة قتلت بهيمة، ما عليها شيء.
فقال النبي (صلىاللهعليهوآله ) لعمر: اقض بينهما.
فقال كقول أبي بكر صاحبه.
فالتفت النبي (صلىاللهعليهوآله ) إلى علي (عليهالسلام ) وقال له: يا علي، اقض بينهما.
فقال: حباً وكرامة، إن كان الثور دخل على الحمار فقتله في مستراحه ضمن أصحاب الثور دية الحمار، وإن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان على صاحب الثور.
فرفع رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) يده إلى السماء وقال: الحمد لله
الذي منَّ على العباد بمن يقضي قضاء النبيين(١) .
ونقول:
في هذه الرواية إشارات عديدة، نجملها في ما يلي:
١ ـ إنه (صلىاللهعليهوآله ) اكتفى بقضاء أبي بكر وعمر، ولم يطلب ذلك من عثمان، ربما لأنهما هما الأساس في الخلاف على أمير المؤمنين، فإذا ظهر حالهما في القضاء، وسقط اعتبارهما فيه، لم تصل النوبة إلى الآخرين.
٢ ـ يلاحظ: أنه (صلىاللهعليهوآله ) قد انتدب أبا بكر للقضاء أولاً، وسماه باسمه، ليظهر أنه هو المقصود في هذا الأمر، فلم يعد له مناص منه.
ثم نص على عمر، فكان الأمر كذلك.
____________
١- الأربعين لأبي الفوارس ص١٣ وينابيع المودة ص٧٦ وراجع الفصول المهمة ص٣٤ وإرشاد المفيد ص١٨٥ الفصل ٧٥ من الباب ٢، وكذا في مناقب آل أبي طالب ج٢ ص٢٥٤ وبحار الأنوار ج٤٠ ص٢٤٦ وشرح إحقاق الحق ج٨ ص٤٨ وراجع: الكافي ج٧ ص٣٥٢ وخصائص الأئمة ص٨١ وتهذيب الأحكام ج١٠ ص٢٢٩ و الفضائل لشاذان ص١٦٧ وعوالي اللآلي ج٣ ص٦٢٦ وجامع أحاديث الشيعة ج٢٦ ص٣٥٤ وعجائب أحكام أمير المؤمنين للسيد محسن الأمين ص٤٦ وغاية المرام ج٥ ص٢٥٥ وينابيع المودة ج١ ص٢٢٨ ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج٢٩ ص٢٥٦ و (ط دار الإسلامية) ج١٩ ص١٩١ ومستدرك الوسائل ج١٨ ص٣٢١ والروضة في فضائل أمير المؤمنين لشاذان ص٢٠٨
ولم يطلب من الحاضرين أن يقضوا في القضية، بأن يقول: اقضوا في هذه القضية، فيتقدم كل واحد منهم فيدلي بدلوه، إذ قد لا يتقدم هذان الرجلان لذلك، ليصونا بذلك أنفسهما عن التعرض للمزالق..
٣ ـ يلاحظ: أنه (صلىاللهعليهوآله ) لم يعلق على قضاء أبي بكر ولا على قضاء عمر بنفي أو إثبات، إذ لو صوَّب أو خطَّأ قضاء أبي بكر، أو قضاء عمر، لاتخذ الذي يأتي بعد هذا أو ذاك منحى آخر، يفرضه عليه ما يقوله النبي (صلىاللهعليهوآله ). ولأجل ذلك أبقى (صلىاللهعليهوآله ) الأمر في دائرة الابهام والإحتمال.
٤ ـ والغريب في الأمر ذلك التعليل الذي انقدح في ذهن أبي بكر، فبنى عليه حكمه في المورد، حيث قال: (بهيمة قتلت بهيمة، ما عليها من شيء..) ثم وافقه عمر على ذلك.
وكأنهما ظنا: أن المطلوب هو مجازاة البهيمة القاتلة بالقتل، أو بالسجن، أو بتغريمها ثمن البهيمة المقتولة مع أن الكلام إنما هو في تغريم صاحب البهيمة القاتلة ثمن البهيمة المقتولة لصاحبها.
والنزاع لم يكن بين الثور وأقارب الحمار.. بل كان بين صاحب الثور وصاحب الحمار، الذي يطالبه بثمن حماره، أو تهيئة مثله له.
وكان على عمر وأبي بكر أن يفهما مرجع الضمير في قوله (صلىاللهعليهوآله ): اقض بينهما، وأنه يرجع إلى الرجلين، لا إلى الثور والحمار!!.
٥ ـ والأغرب من هذا وذاك هو هذه العفوية التي ساقها أبو بكر وعمر للتدليل على بداهة حكم المسألة، ووضوحه الذي لا يقاوم، والذي
يغني المتخاصمين عن الترافع، بل وعن التنازع.
٦ ـ وعلينا أن نتأمل كثيراً، ونتوقف طويلاً عند قول رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، فإنه وإن كان قد أعرض عن الحديث عن قضاء عمر وأبي بكر, ولكنه ذكر قضاء علي (عليهالسلام ) بصورة اهتز لها الطامحون والطامعون والمناوئون له من الأعماق.. حيث إنه جعل قضاءه (عليهالسلام ) قضاء النبيين, ليدلل على أنه (عليهالسلام ) هو وارثهم, والأحق بمقامهم, والقادر على مواصلة نهجهم, وتحقيق أهدافهم.
٧ ـ إنه (صلىاللهعليهوآله ) جعل نفس وجود علي (عليهالسلام ) من منن الله تعالى على العباد التي لا بد أن يحمد عليها..
وهذا يشير إلى أن على العباد أن يتعاملوا مع علي (عليهالسلام ) بما يتوافق مع هذا العطاء الإلهي لهم..
وهو يعني: أن وجود علي (عليهالسلام ) له أعظم الأثر على العباد, وليس كوجود أي كان من الناس. فكيف ولماذا يقاس بغيره.
فأين الثريا من الثرى؟! وأين معاوية من علي؟!
٨ ـ ونعود إلى التذكير بأنه (صلىاللهعليهوآله ) قد جسد للناس عدم أهلية غير علي (عليهالسلام ) للمقامات التي يطمحون إليها، وأن وجودهم بالنسبة للعباد لا يختلف عن وجود غيرهم من سائر الناس, فقد يكون نافعاً لهم, وقد لا يكون, بل قد يكون بالغ الضرر لهم.
وجسد لهم أيضاً أهلية علي (عليهالسلام ) بصورة عملية في فعل علي (عليهالسلام ), وفي رفع يديه (صلىاللهعليهوآله ) لحمد الله, والثناء عليه.
وجسده أيضاً: بالكلمة القوية التي أطلقها في حق علي (عليهالسلام )، لتضمنها تصويب قضائه. والإرتفاع بهذا القضاء إلى مستوى قضاء النبيين, ثم اعتبار نفس وجود علي (عليهالسلام ) من المنن الإلهية التي لا بد أن يحمد على عليها.
القرعة لكل أمر مشكل:
عن حريز، عن أحدهما (عليهماالسلام ) قال: قضى أمير المؤمنين (عليهالسلام ) باليمن في قوم انهدمت عليهم دار لهم، فبقي صبيان: أحدهما مملوك، والآخر حر، فأسهم بينهما، فخرج السهم على أحدهما، فجعل المال له وأعتق الآخر(١) .
ونقول:
إن القرعة لكل أمر مشكل, وهي هنا وإن كانت قد حلت مشكلة المال، فصار لأحدهما دون الآخر. لكن موضوع الرقية والعبودية لا يستخرج بالقرعة, لأن الإنسان يمكن أن يُعطى المال وأن يؤخذ منه, وقد يعطيه الإنسان لغيره, وقد يحتفظ به لنفسه. لكن ليس لأحد الحق في أن
____________
١- قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهالسلام " ص١٦٣ عن الكافي، وتهذيب الأحكام، وعن الإرشاد للمفيد. والكافي ج٧ ص١٣٧ وتهذيب الأحكام ج٦ ص٢٣٩ وج٩ ص٣٦٢ و ٣٦٣ ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج٢٦ ص٣١١ وج٢٧ ص٢٥٩ و (ط دار الإسلامية) ج١٧ ص٥٩٢ وج١٨ ص١٧٩ وجامع أحاديث الشيعة ج٢٥ ص٨٥.
يتنازل عن حريته, ويجعل نفسه مملوكاً,كما أنه ليس من حق أحد أن يستعبد من جعله الله حراً، لا بواسطة القرعة، ولا بغيرها.
وإعطاء المال لمن خرجت القرعة باسمه لا يجعله حراً، ولا الطفل الآخر عبداً. ولكن احتمال أن يكون الطرف الآخر عبداً يبقى قائماً. وقد يقوى في ذهن العوام، بل في ذهن الذي أخذ المال أن الشخص الآخر عبد.
وقد حصل التخلص من هذا المحذور كان بمبادرته (عليهالسلام ) إلى إعتاق الطفل الآخر لإزالة أي احتمال في حقه.
حدث في الجاهلية وقضاء في الإسلام:
عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليهالسلام )، قال: قضى علي (عليهالسلام ) في ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر واحد، وذلك في الجاهلية قبل أن يظهر الإسلام، فأقرع بينهم، فجعل الولد لمن (للذي ـ ئل) قرع له، وجعل عليه ثلثي الدية للآخرين.
فضحك رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) حتى بدت نواجذه.
قال: وقال: ما أعلم فيها شيئاً إلا ما قضى علي (عليهالسلام )(١) .
____________
١- قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهالسلام " ص١٦٢ عن الشيخ، وعن المفيد، والكليني مع اختلاف. وعن مناقب آل أبي طالب عن أبي داود، وابن ماجة في سننهما، وابن بطة، وابن حنبل في فضائله، وابن مردويه بطرق كثيرة عن زيد بن أرقم. والحدائق الناضرة ج٢٥ ص٢٥ ورياض المسائل ج١٠ ص٤٩٩= = وعوائد الأيام ص٦٤٩ وجواهر الكلام ج٢٩ ص٢٦٢ ونيل الأوطار ج٧ ص٧٨ والسنن الكبرى للبيهقي ج١٠ ص٢٦٦ وغاية المرام ج٥ ص٢٥٦ وسنن ابن ماجة ج٢ ص٧٨٦ وسنن أبي داود ج١ ص٥٠٦ وسنن النسائي ج٦ ص١٨٢ والمستدرك للحاكم ج٢ ص٢٠٧ وج٣ ص١٣٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج١٠ ص٢٦٧ والمصنف لابن أبي شيبة ج٧ ص٣٨٦ والسنن الكبرى للنسائي ج٣ ص٣٧٩ و ٤٩٦ وشرح معاني الآثار ج٤ ص٣٨٢ والمعجم الكبير للطبراني ج٥ ص١٧٣ ونصب الراية ج٤ ص٤٩ وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج٥ ص٨٤١ والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج٢ ص٨٩ والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج٥ ص١٢٤ والسيرة النبوية لابن كثير ج٤ ص٢٠٨ و ٢٠٩ وينابيع المودة ج١ ص٢٢٧ وتخريج الأحاديث والآثار ج٣ ص١٥ ومعرفة السنن والآثار ج٧ ص٤٧٥ والإستبصار للطوسي ج٣ ص٣٦٨ وتهذيب الأحكام ج٨ ص١٦٩ ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج٢١ ص١٧١ و (ط دار الإسلامية) ج١٤ ص٥٦٦ وجامع أحاديث الشيعة ج٢١ ص١١٦ وج٢٥ ص٩٠.
ونقول:
١ ـ إن القرعة قد عينت من يأخذ الولد, ويكون له.. ويبدو أن الثلاثة قد واقعوا جارية كان يملك كل منهم ثلثها.
فأعطاه (عليهالسلام ) الولد وأسقط عنه حصته وهي الثلث, وضمَّنه الثلثين لرفيقيه المشاركين له في ملكية الجارية, فإن لكل واحد منهما ثلثها
أيضاً.
٢ ـ لعله (عليهالسلام ) قد أسقط الحد عنهم, لأنهم إنما فعلوا ذلك, وحملت بالولد في أيام جاهليتهم وكفرهم, ثم ولدته بعد إسلامهم.. والإسلام يجب ما قبله، فلا يقام الحد بعد الإسلام على من زنى قبل الإسلام.
٣ ـ لقد ضحك رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) حتى بدت نواجذه، إعجاباً وفرحاً بقضاء علي (عليهالسلام ) المصيب للواقع..
القارصة والقامصة والواقصة:
روي: أن جارية حملت جارية أخرى على عاتقها عبثاً ولعباً، فجاءت جارية ثالثة، أخرى فقرصت الحاملة، فقفزت لقرصتها، فوقعت الراكبة، فاندقت عنقها وهلكت.
فقضى (عليهالسلام ) على القارصة بثلث الدية، وعلى القامصة بثلثها، وأسقط الثلث الباقي بقموص الراكبة لركوب الواقصة عبثاً القامصة.
وبلغ الخبر بذلك إلى النبي (صلىاللهعليهوآله )، فأمضاه وشهد له بالصواب به(١) .
____________
١- قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهالسلام " ص٣٧ والإرشاد للمفيد ص١٠٥ و (ط دار المفيد) ج١ ص١٩٦ والمقنعة ص١١٧ ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج٢٩ ص٢٤٠ و٢٤١ و (ط دار الإسلامية) ج١٩ ص١٧٩ = = وجواهر الكلام ج٤٣ ص٧٥ وجامع المدارك ج٦ ص١٩٦ وبحار الأنوار ج٤٠ ص٢٤٥ وجامع أحاديث الشيعة ج٢٦ ص٣٦٠ وعجائب أحكام أمير المؤمنين للسيد محسن الأمين ص٤٠.
قال التستري:
وأما ما رواه الصدوق والشيخ عن الأصبغ قال: قضى أمير المؤمنين (عليهالسلام ) في جارية ركبت جارية، فنخستها جارية أخرى، فقمصت المركوبة، فصرعت الراكبة فماتت، فقضى بديتها نصفين بين الناخسة والمنخوسة(١) .. فمن روايات محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي عبد الله، عن محمد بن عبد الله بن مهران، وقد استثنى ابن الوليد وابن بابويه وابن نوح روايته عنهما. وقررهم على ذلك الشيخ والنجاشي.
وفي طريقه أيضاً: أبو جميلة، وهو المفضل بن صالح، وحكم النجاشي بضعفه، وصرح ابن الغضائري بوضعه الحديث.
ورواية المفيد وإن كانت مرسلة إلا أن إرسال مثله معتبر، وقد ذكره في
____________
١- قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهالسلام " ص٣٧ ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج٢٩ ص٢٤٠ و (ط دار الإسلامية) ج١٩ ص١٧٩ وتهذيب الأحكام ج١٠ ص٢٤١ ومن لا يحضره الفقيه ج٤ ص١٢٥ و (ط مركز النشر الإسلامي) ج٤ ص١٧٠ والنهاية للطوسي ص٧٦٣ والسرائر لابن إدريس ج٣ ص٣٧٣ ومختلف الشيعة ج٩ ص٣٣٧ ومستدرك الوسائل ج١٨ ص٣١٦ و ٣١٧.
الإرشاد والمقنعة.
فإن قيل: خبر التنصيف من روايات الخاصة، والأصل في التثليث العامة، بدليل أن صاحب المناقب رواه عن أبي عبيدة في غريب الحديث، وابن مهدي في نزهة الأبصار، عن الأصبغ هكذا: قضى (عليهالسلام ) في القارصة والقامصة والواقصة، وهن ثلاث جوار كن يلعبن، فركبت إحداهن صاحبتها، فقرصتها الثالثة، فقمصت المركوبة، فوقعت الراكبة فوقصت عنقها، فقضى بالدية أثلاثاً، وأسقط حصة الراكبة لما أعانت على نفسها، فبلغ ذلك النبي (صلىاللهعليهوآله )، فاستصوبه.
قلنا: على تسليم استناد المفيد إلى تلك الرواية، يكون هي أولى بموافقته للإعتبار الصحيح، مع ضعف سند الأول بمن تقدم، وبسعد بن طريف عند الأكثر(١) .
ملاحظة:
قرص لحمه: أخذه ولوى عليه بإصبعه فآلمه.
قمصت الدابة: أي وثبت ونفرت.
وقص عنقه: كسرها ودقها.
والمراد بالواقصة هنا: (التي هي اسم فاعل) معنى اسم المفعول.
____________
١- قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهالسلام )" ص٣٨.
الرسول (صلىاللهعليهوآله ) يمتحن أصحابه:
وروي: جابر وابن عباس: أن أبي بن كعب قرأ عند النبي:( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) (١) . فقال النبي (صلىاللهعليهوآله ) لقوم عنده، وفيهم: أبو بكر، وأبو عبيدة، وعمر، وعثمان، وعبد الرحمن: قولوا الآن: ما أول نعمة غرسكم الله بها، وبلاكم بها.
فخاضوا في المعاش والرياش، والذرية والأزواج، فلما أمسكوا قال: يا أبا الحسن، قل.
فقال (عليهالسلام ): إن الله خلقني ولم أك شيئاً مذكوراً، وأن أحسن بي فجعلني حياً لا مواتاً، وأن أنشأني ـ فله الحمد ـ في أحسن صورة، وأعدل تركيب، وأن جعلني متفكراً واعياً لا أبله ساهياً، وأن جعل لي شواعر أدرك بها ما ابتغيت، وجعل فيَّ سراجاً منيراً، وأن هداني لدينه، ولن يضلني عن سبيله، وأن جعل لي مراداً في حياة لا انقطاع لها، وأن جعلني ملكاً مالكاً لا مملوكاً، وأن سخر لي سمائه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه، وأن جعلنا ذكراناً قواماً على حلائلنا لا إناثاً.
وكان رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) يقول في كل كلمة: صدقت.
ثم قال: فما بعد هذا؟!
فقال علي (عليهالسلام ):( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا ) (٢) .
____________
سورة لقمان.
٢- الآية ٢٠ من سورة لقمان.
فتبسم رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) وقال: ليهنئك الحكمة، ليهنئك العلم يا أبا الحسن، أنت وارث علمي، والمبين لأمتي ما اختلفت فيه من بعدي، الخبر(١) .
ونقول:
لا بأس بالإشارة هنا إلى ما يلي:
قولوا الآن:
إنه (صلىاللهعليهوآله ) حين سأل القوم الذين عنده، حدَّد لهم وقتاً معيناً للإجابة، وزمناً خاصاً، فقال لهم: (قولوا الآن).
فلم يعطهم مهلة، يمكنهم فيها البحث عن إجابة لدى غيرهم. كما أنه ألزمهم بالبقاء في أمكنتهم.. لأن حصر زمان الإجابة بأن تكون (الآن) يجعل الإنتقال إلى مكان آخر، إما غير ذي جدوى، وإما غير مسموح به..
وارث علمي، والمبين لأمتي:
وقد أنتج هذا الإمتحان إعلان حقيقة: أن علم النبي (صلىاللهعليهوآله ) موجود عند علي (عليهالسلام ) أيضاً، وأن غيره ممن سوف يسعى لاستلاب مقامه (عليهالسلام ) فاقد لهذا العلم، الذي يحتاج إليه من يخلفه
____________
١- قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهالسلام " ص٩٨ و٩٩ ومناقب آل أبي طالب ج٢ ص١٧٧ و ١٧٨ وأعيان الشيعة ج١ ص٤١٥ وعجائب أحكام أمير المؤمنين ص١٧٣.
(صلىاللهعليهوآله ) في المرجعية للأمة، حين الإختلاف، وفي كل حين.. لا سيما حين تهجم عليها اللوابس..
ثم إنه (صلىاللهعليهوآله ) حصر المرجعية للأمة كلها بعلي (عليهالسلام ). في كل موارد الإختلاف.
وأعظم مورد اختلاف وخلاف حصل في الأمة هو مقام الخلافة بعده (صلىاللهعليهوآله ).. وهم ليس فقط لم يرجعوا إلى علي (عليهالسلام ) فيه، بل قهروه على التخلي عنه..
لماذا يمتحنهم؟!:
لا شك في أنه (صلىاللهعليهوآله ) كان عالماً بحال أصحابه، وبما عندهم من العلم، ولا يحتاج إلى أن يمتحنهم بهذا السؤال الذي وجهه إليهم، ويكلفهم الخوض في أمور لم يكن لهم أن يخوضوا فيها، لعدم أهليتهم لذلك.
ولكنه (صلىاللهعليهوآله ) أراد بامتحانهم هذا: أن يعرفوا هم، ويعرف الناس عنهم الأمور التالية:
١ ـ إن الذين خاضوا فيما خاضوا فيه بمحضر رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، إنما اقتحموا أموراً لم يكن ينبغي لهم أن يقتحموها. بل كان يجب عليهم الإقرار بعدم المعرفة، والتورع عن القول بغير علم، فإن الظن لا يغني من الحق شيئاً.. لا سيما وأن السؤال هو عن معنى آية قرآنية.. وقد نهى رسول الله (صلىاللهعليهوآله ) عن تفسير القرآن بالرأي..
فمن لا يتورع أن يقول بغير علم بحضرة الرسول، وفي مورد صرح النبي (صلىاللهعليهوآله ) بالنهي عن القول فيه بغير علم.. لا بد أن يكون بعد رحيله (صلىاللهعليهوآله ) عن الدنيا أكثر جرأة على هذا الأمر، ولن يردعه رادع، ويمنعه مانع (إيماني أو وجداني) عن اقتحام جراثيم جهنم، إلا إن رأى أن أموره ستختل، وأن مصلحته الدنيوية تقضي عليه بالتريث أو الإنسحاب..
٢ ـ إن هذا الإمتحان قد هدف إلى كشف حال رواد التمرد على شرع الله، ونقض التدبير الإلهي والنبوي، حين اتلعوا أعناقهم إلى أخطر وأجل وأعظم مقام بعد رسول الله (صلىاللهعليهوآله )، مدَّعين لأنفسهم الأهلية له، ويعدون العدة للإستيلاء عليه.
ولم يكن صاحب الحق قادراً على مواجهتهم بأكثر من الحجة والدليل، لأن في التعدي عن هذا الأسلوب تفريطاً بأمن الناس، وقد يفسح المجال لاختلال الأمور، وحصول الردة.
أما سائر الناس، فلعل الكثيرين منهم لا يملكون الحجة التي تفي بدفع ادعاءات أولئك الطامحين.. أو أنهم يخشون من مواجهتهم ـ ولو بالحجة ـ على مصالحهم أو أمنهم. ولعل بعضهم يغض الطرف عما يجري، لأنه يرى نفسه منتفعاً من هذا الجو الذي أثاروه وأوجدوه..
ليهنئك الحكمة والعلم:
وقد هنأ النبي (صلىاللهعليهوآله ) علياً (عليهالسلام ) بالحكمة أولاً، ثم بالعلم ثانياً. والحكمة تحتاج إلى توفيق وتعليم، وهي هبة إلهية، لا ينالها
(٥٥)
رواية أبي زكريا الغبري
قال الحاكم: « وأما ما ذكر من اعتزال سعد بن أبي وقاص عن القتال فحدثناه أبو زكريا يحيى بن محمد الغبري، ثنا إبراهيم بن أبي طالب، ثنا علي بن المنذر، ثنا ابن فضيل، ثنا مسلم الملائي، عن خيثمة بن عبد الرحمن، قال: سمعت سعد بن مالك - وقال له رجل: إن علياً يقع فيك أنك تخلّفت عنه - فقال سعد: والله إنّه لرأي رأيته، وأخطأ رأيي، إن علي بن أبي طالب أعطي ثلاثا، لئن أكون أعطيت إحداهنَّ أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها. لقد قال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يوم غدير خم - بعد حمد الله والثناء عليه -: هل تعلمون أني أولى بالمؤمنين؟ قلنا: نعم، قال: اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، وال من والاه وعاد من عاداه. وجئ به يوم خيبر وهو أرمد ما يبصر فقال: يا رسول الله إني أرمد، فتفل في عينيه ودعا له، فلم يرمد حتى قتل، وفتح عليه خيبر. وأخرج رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عمّه العباس وغيره من المسجد فقال له العباس: تخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك وتسكن عليّاً؟ فقال: ما أنا أخرجتكم وأسكنته، ولكن الله أخرجكم وأسكنه »(١) .
ترجمته
١ - السمعاني: « أبو زكريا يحيى بن محمد الغبري البغياني، مولى
____________________
(١). المستدرك ٣ / ١١٦ - ١١٧.
أبي خرقاء السّلمي، من أهل نيسابور، كان أديباً فاضلاً، عارفاً بالتفسير واللغة، وكان أبو علي الحافظ يقول: الناس يتعجّبون من حفظنا لهذه الأسانيد، وأبو زكريا الغبري حفظ من العلوم ما لو كلّفنا حفظ شيء منها لعجزنا عنه، وما أعلم أني رأيت مثله توفي أبو زكريا في شوال سنة ٣٤٤، وهو ابن ست وسبعين سنة »(١) .
٢ - الذهبي: « الحافظ الأديب المفسّر »(٢) .
٣ - اليافعي: « وفيها الحافظ الأديب المفسّر أبو زكريا يحيى بن محمد الغبري النيسابوري »(٣) .
(٥٦)
رواية دعلج السجزي
قال الحاكم بعد حديث ( من كنت وليّه فهذا وليّه ):
« حدثناه أبوبكر بن إسحاق ودعلج بن أحمد السجزي قالا: أنبأ محمد بن أيوب، ثنا الأزرق بن علي، ثنا حسّان بن إبراهيم الكرماني، ثنا محمد بن سلمة ابن كهيل، عن أبيه عن أبي الطفيل عامر بن واثلة: أنه سمع زيد بن أرقمرضياللهعنه يقول: نزل رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت الشجرات، ثم راح رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عشيّة فصلّى، ثم قام خطيباً فحمد الله وأثنى عليه، وذكّر ووعظ فقال ما شاء الله أن يقول، ثم قال: أيّها الناس إنّي تارك فيكم أمرين لن تضلّوا إنْ اتبعتموهما، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي، ثم قال: أتعلمون أني أولى
____________________
(١). الأنساب - البغياني.
(٢). العبر - حوادث: ٣٤٤.
(٣). مرآة الجنان - حوادث: ٣٤٤.
بالمؤمنين من أنفسهم، ثلاث مرات؟ قالوا: نعم، فقال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه »(١) .
ترجمته
١ - الذهبي: « قال الحاكم: أخذ عن ابن خزيمة مصنّفاته، وكان يفتي بمذهبه، وقال الدار قطني: لم أر في مشايخنا أثبت من دعلج »(٢) .
٢ - السيوطي: « دعلج بن أحمد بن دعلج، الإِمام الفقيه، محدّث بغداد.
كان من أوعية العلم [ وبحور الرواية ] وشيخ أهل الحديث، صنّف المسند الكبير، ومات في جمادى الآخرة ٣٥١، وخلّف ثلاثمائة ألف دينار »(٣) .
(٥٧)
رواية أبي بكر الشافعي البزاز
سيأتي نص روايته عن أصل كتابه ( الفوائد ).
وقال الحافظ ابن كثير: « وقال أبوبكر الشافعي: ثنا محمد بن سليمان بن الحارث، ثنا عبيدالله بن موسى، ثنا أبو إسرائيل الملّائي عن الحكم عن أبي سليمان المؤذّن عن زيد بن أرقم: أن عليّا استنشد الناس: من سمع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا بذلك وكنت فيهم »(٤) .
____________________
(١). المستدرك ٣ / ١٠٩.
(٢). العبر - حوادث: ٣٥١.
(٣). طبقات الحفاظ ٣٦٠.
(٤). تاريخ ابن كثير ٧ / ٣٤٧.
ترجمته
ستأتي ترجمته إن شاء الله تعالى. ونذكر هنا ترجمته عن الحافظ السيوطي حيث قال: « وأبوبكر الشافعي، الإمام الحجّة المفيد محدّث العراق، محمد بن عبدالله بن إبراهيم بن عبدويه البغدادي البزاز، ولد سنة ٢٦٠ قال الخطيب: ثقة ثبت حسن التصنيف، جمع أبواباً وشيوخاً، وأملى في حياة ابن صاعد. مات في ذي الحجة سنة ٣٥٤ »(١) .
(٥٨)
رواية أبي حاتم ابن حبان البستي
لقد جاء في ( الإِحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ) ما نصّه:
« ذكر دعاء المصطفىصلىاللهعليهوآلهوسلم بالولاية لمن والى علياً والمعاداة لمن عاداه.
أخبرنا عبدالله بن محمد الأزدي، حدثنا إسحاق بن ابراهيم، أخبرنا أبو نعيم ويحيى بن آدم قال: حدثنا فطر بن خليفة، عن أبي الطفيل قال قال علي: أنشد الله كلّ امرئ سمع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: ألستم تعلمون أني أولى بالناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فخرجت وفي نفسي من ذلك شيء، فلقيت زيد بن أرقم فذكرت ذلك له فقال: قد سمعناه من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول ذلك له. قال أبو
____________________
(١). طبقات الحفاظ: ٣٦٠.
نعيم: فقلت لفطر: كم بين هذا القول وبين موته؟ قال: مائة يوم.
قال أبو حاتم: يريد به موت علي بن أبي طالب.رضياللهعنه » ٩ / ٤٢.
قال الحافظ محبّ الدين الطبري: « عن أبي الطفيل قال قال علي: أنشد الله كلّ امرئ سمع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول يوم غدير خم لمـّا قام، فقام ناس فشهدوا أنهم سمعوه يقول: ألستم تعلمون أني أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فإنّ هذا مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فخرجت وفي نفسي من ريبة شيء، فلقيت زيد بن أرقم، فذكرت له ذلك فقال: قد سمعناه من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول له ذلك قال أبو نعيم: قلت لفطر - يعني الذي روى عنه الحديث -: كم بين القول وموته؟ قال: مائة يوم. خرّجه أبو حاتم وقال: يريد موت علي بن أبي طالب. وخرجه أحمد »(١) .
وقال العلامة البدخشاني: « وفي رواية أخرى عند ابن حبان والحاكم والحافظ أبي بشر إسماعيل بن عبدالله الاصبهاني المشهور بسمويه، عن ابن عباس عن بريدة بلفظ: يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ من كنت مولاه فعلي مولاه »(٢) .
ترجمته
قالالذهبي: « وفيها العلّامة أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد بن حبان ابن معاذ، التميمي البستي الحافظ، صاحب التصانيف وكان من أوعية العلم في الحديث والفقه واللغة والوعظ وغير ذلك »(٣) .
____________________
(١). الرياض النضرة ٢ / ٢٢٣.
(٢). مفتاح النجا - مخطوط.
(٣). العبر حوادث سنة ٣٥٤ وتوجد ترجمته في: تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٢٠ وطبقات السبكي ٣ / ١٣١ والوافي بالوفيات ٢ / ٣١٧ وتاريخ ابن كثير ١١ / ٢٩٥ والنجوم الزاهرة ٣ / ٣٤٢ وشذرات الذهب ٣ / ١٦
(٥٩)
رواية الطبراني
قال المتقي: « من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله، وأعن من أعانه. طب عن عمرو مرّة وزيد بن أرقم معاً »(١) .
وقال المتقي: « اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، وأعن أعانه. طب عن حبشي بن جنادة »(٢) .
وقال: « عن عميرة بن سعد قال: شهدت عليّاً على المنبر ناشد أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : من سمع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يوم غدير خم يقول ما قال فيشهد. فقام اثنا عشر رجلاً منهم: أبو هريرة وأبو هريرة وابو سعيد وأنس بن مالك، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، أللهم وال من والاه وعاد من عاداه. طس »(٣) .
ورواه الطبراني في ( المعجم الصغير ) أيضاً حيث قال:
« حدثنا أحمد بن إبراهيم بن عبدالله بن كيسان الثقفي المديني الإِصبهاني سنة ٢٩٠، حدثنا إسماعيل بن عمرو، حدثنا مسعر عن طلحة بن مصرف عن عميرة بن سعد قال: شهدت عليّاًرضياللهعنه على المنبر يناشد أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : من سمع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يوم غدير خم
____________________
(١). كنز العمال ١١ / ٦١٠ و « طب » رمز للطبراني في المعجم الكبير.
(٢). كنز العمال ١١ / ٦٠٩.
(٣). المصدر ١٣ / ١٥٧ و « طس » رمز للطبراني في المعجم الأوسط.
يقول ما قال فليشهد. فقام اثنا عشر رجلاً منهم أبو هريرة وأبو سعيد وأنس بن مالك، فشهدوا أنهم سمعوا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول: [ اللهم ] من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. لم يروه عن مسعر إلّا إسماعيل »(١) .
وقال: « حدثنا أحمد بن إسماعيل بن يوسف العابد الإِصبهاني، حدّث أحمد ابن الفرات الرازي، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بريدة بن الحصيب عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه. لم يروه عن سفيان بن عيينة إلّا عبد الرزّاق، تفرّد به أحمد بن الفرات »(٢) .
وذكر الحافظ ابن كثير روايته لحديث الغدير في مواضع من تاريخه(٣) .
ورواه الطبراني في ( المعجم الكبير ) بألفاظ وأسانيد عديدة، نذكر هنا بعضها:
« حدثنا عبدالله بن محمد بن العباس الإِصبهاني، ثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات، ثنا عبد الرحمن بن مصعب، ثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن زيد ابن أرقم: أن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم قال: من كنت وليّه فعلي وليّه »(٤) .
« حدثنا محمد بن عثمان المازني، حدثنا كثير بن يحيى، ثنا أبو عوانة وسعيد ابن عبد الكريم بن سليط الحنفي عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عمرو ابن واثلة عن زيد بن أرقم قال: لمـّا رجع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم من حجة الوداع، ونزل غدير خم أمر بدوحات فقمّت ثم قام فقال: كأنّي قد دعيت فأجبت، إنّي تارك فيكم ثقلين أحدهما أكبر من الآخر، كتاب الله وعترتي أهل
____________________
(١). المعجم الصغير ١ / ٦٤ - ٦٥.
(٢). المعجم الصغير ١ / ٧١.
(٣). أنظر منها: ٧ / ٣٤٨، و٥ / ٢١٠.
(٤). المعجم الكبير ٥ / ١٨٥
بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما، فإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، ثم قال: إن الله مولاي وأنا مولى كلّ مؤمن، ثم أخذ بيد علي فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فقلت لزيد: أنت سمعته من رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ فقال: ما كان في الدوحات أحد إلاّ قد رآه بعينيه وسمعه بأذنيه »(١) .
« حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، ثنا جعفر بن حميد، وحدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا النضر بن سعيد أبو صهيب، قالا: ثنا عبدالله بن بكير عن حكيم بن جبير عن أبي الطّفيل عن زيد بن أرقم قال: نزل النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم يوم الجحفة، ثم أقبل على الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إني لا أجد لنبي إلّا نصف عمر الذي قبله، وإني أوشك أن أدعى فأجيب ثم أخذ بيد عليرضياللهعنه فقال: من كنت أولى به من نفسه فعلي وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٢) .
« حدثنا محمد بن عبدالله الحضرمي، ثنا إسماعيل بن موسى السدي، ثنا علي بن عابس عن الحسن بن عبيدالله عن أبي الضحى، عن زيد بن أرقم قال: سمعت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه »(٣) .
« حدثنا إبراهيم بن نائلة الإِصبهاني، ثنا إسماعيل بن عمرو البجلي، ثنا يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه عن أبي عبدالله الشيباني، قال: كنت جالسا في مجلس بني الأرقم، فأقبل رجل من مراد يسير على دابّته، حتى وقف على المجلس فسلّم فقال: أفي القوم زيد؟ قالوا: نعم هذا زيد، فقال: أنشدك بالله الذي لا إله إلّا هو يا زيد أسمعت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول لعلي: من كنت
____________________
(١). المصدر نفسه ٥ / ١٨٥ - ١٨٦.
(٢). المعجم الكبير ٥ / ١٨٦ - ١٨٧.
(٣) المصدر نفسه ٥ / ١٩١
مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم. فانصرف الرجل »(١) .
ترجمته
قالاليافعي: « وفيها الحافظ مسند العصر: أبو القاسم سليمان بن أحمد ابن أيوب اللخمي الطبراني، في ذي القعدة بإصبهان، وله مائة سنة وعشرة أشهر، كان ثقة صدوقاً، واسع الحفظ، بصيراً بالعلل والرجال والأبواب، كثير التصانيف »(٢) .
(٦٠)
رواية القطيعي
قال الحاكم: « أخبرنا أبوبكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ببغداد من أصل كتابه، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، ثنا يحيى بن حمّاد، ثنا أبو عوانة، ثنا أبو بلج، ثنا عمرو بن ميمون، قال: اني لجالس عند ابن عباس، إذ أتاه تسعة رهط فقالوا: يا ابن عباس إمّا أنْ تقوم معنا وإمّا أن تخلو بنا من بين هؤلاء. فقال ابن عباس: بل أنا أقوم معكم. قال - وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى - قال: فانتدوا [ فابتدءوا ] فتحدّثوا فلا ندري ما قالوا. قال: فجاء ينفض ثوبه ويقول: أف وتف، وقعوا في رجل له بضع عشر فضائل ليست لأحد غيره. وقعوا في رجل قال له النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : لأبعثّن رجلاً لا يخزيه الله أبداً
____________________
(١). المصدر نفسه ٥ / ٢١٩ - ٢٢٠.
(٢). مرآة الجنان حوادث ٣٦٠ وتوجد ترجمته أيضاً في: وفيات الأعيان ١ / ٢١٥ وتذكرة الحفاظ ٣ / ٩١٢ وتاريخ ابن كثير ١١ / ٢٧٠ والمنتظم ٧ / ٥٤ وتاريخ إصبهان ٢ / ٣٣٥ والنجوم الزاهرة ٤ / ٥٩ وطبقات الحنابلة ٢ / ٤٩ وطبقات المفسرين ١ / ١٩٨
يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، فاستشرف لها مستشرف، فقال: أين علي؟ فقالوا: إنّه في الرحى يطحن، قال: وما كان أحد ليطحن!! قال: فجاء وهو أرمد لا يكاد أن يبصر قال: فنفث في عينه، ثم هزّ الرّاية ثلاثاً فأعطاها إيّاه، فجاء علي بصفيّة بنت حي.
قال ابن عباس: ثم بعث رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فلاناً بسورة التوبة، فبعث عليّاً خلفه فأخذها منه، وقال: لا يذهب بها إلّا رجل هو مني وأنا منه.
فقال ابن عباس: وقال النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم لبني عمّه أيّكم يواليني في الدّنيا والآخرة - قال وعلي جالس معهم - فقال رسول الله - وأقبل على رجل رجل منهم فقال -: أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا. فقال: لعلي: أنت وليّي في الدنيا والآخرة.
قال ابن عباس: وكان علي أوّل من آمن من الناس بعد خديجة رضي الله عنها.
قال: وأخذ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ثوبه فوضعه على علي وفاطمة وحسن وحسين وقال: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً.
قال ابن عباس: وشرى علي نفسه فلبس ثوب النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ثم نام مكانه.
قال ابن عباس: وكان من المشركون يرومون رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم فجاء أبوبكر وعلي نائم قال وأبوبكر يحسب أنه رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قال: فقال: يا نبي الله فقال له علي: إن نبي اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم قد انطلق نحو بير ميمون فأدركه، قال: فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار، قال: وجعل عليرضياللهعنه يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يتضوّر، وقد لفّ رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح، ثم كشف عن رأسه
فقالوا: إنك للئيم وكان صاحبك لا يتضوّر ونحن نرميه وأنت تتضور، وقد استنكرنا ذلك.
فقال ابن عباس: وخرج رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم في غزوة تبوك وخرج الناس معه. قال فقال له علي: أخرج معك؟ قال فقال النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : لا، فبكى علي. فقال له: أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه ليس بعدي نبي، إنّه لا ينبغي أنْ أذهب إلّا وأنت خليفتي.
قال ابن عباس: وقال له رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة.
قال ابن عباس: وسدَّ رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أبواب المسجد غير باب علي، فكان يدخل المسجد جنباً وهو طريقه ليس له طريق غيره.
قال ابن عباس: وقال رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه فان مولاه علي
قال ابن عباس: وقد أخبرنا الله عزّ وجلّ في القرآن أنّه رضي عن أصحاب الشجرة فعلم ما في قلوبهم، فهل أخبرنا أنه سخط عليهم بعد ذلك؟!
قال ابن عباس: وقال نبي اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم لعمر حين قال: ائذن لي فأضرب عنقه قال: وكنت فاعلاً! وما يدريك لعلّ الله قد اطّلع على أهل بدر فقال: إعملوا ما شئتم.
هذا حديث صحيح الإِسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة »(١) .
ترجمته
١ - السمعاني: « المحدث المشهور، أبوبكر أحمد بن جعفر بن حمدان
وكان مكثراً. يروي عنه: أبو عبدالله الحافظ ابن البيّع، وأبو نعيم الحافظ
____________________
(١). المستدرك ٣ / ١٣٣.
الإِصبهاني، في جماعة كثيرة، وآخرهم أبو محمد الحسن بن علي الجوهري، ومات في ذي الحجة سنة ٣٦٨ »(١) .
٢ - الذهبي: « مسند العراق وكان شيخاً صالحاً »(٢) .
(٦١)
رواية ابن بطة
في ( بحار الأنوار ) نقلاً عن المناقب لابن شهرآشوب: « فضائل أحمد، وأحاديث أبي بكر بن مالك، وإبانة ابن بطة، وكشف الثعلبي - عن البراء قال: لمـّا أقبلنا مع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم في حجة الوداع، كنا بغدير خم فنادى أن الصلاة جامعة، وكسح للنبيصلىاللهعليهوآلهوسلم تحت شجرتين، فأخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: أولست أولى من كلّ مؤمن بنفسه؟ قالوا: بلى. قال: هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بن الخطاب فقال له: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة»(٣) .
ترجمته
السمعاني: « أبو عبدالله عبيدالله بن محمد كان إماماً فاضلاً عالماً بالحديث وفقهه، أكثر من الحديث، وسمع جماعةً من أهل العراق، وكان من فقهاء لحنابلة، صنّف التصانيف الحسنة المفيدة »(٤) .
____________________
(١). الأنساب - القطيعي.
(٢). العبر - حوادث: ٣٦٨.
(٣). بحار الأنوار للعلامة المجلسي، والخبر في المناقب ٣ / ٢٥.
(٤). الأنساب - البّطي.
(٦٢)
رواية الدار قطني
لقد جاء في كتاب ( العلل ) ما هذا نصّه:
« وسئل عن حديث عميرة بن سعد عن علي عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه.
فقال: هو حديث يرويه طلحة بن مصرف وزبيد الأيامي عن عميرة بن سعد، فرواه محمد بن طلحة بن مصرف وهاني بن أيّوب عن طلحة عن عميرة بن سعد. وكذلك قال ابن الأجلح عن أبيه عن طلحة. وقال أبوبكر بن عيّاش عن الأجلح عن طلحة عن عميرة بن مهاجر. وقال زبيد الأيامي عن عميرة بن فلان والصواب عميرة بن سعد. وروى هذا الحديث: الزبير بن عدي عن عمير بن سعيد عن علي ولعلّه أراد عميرة بن سعد أو غيره » ٢ /. ١٩
« وسئل عن حديث سعيد بن وهب عن علي عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : من كنت مولاه فعلي مولاه.
فقال: حدّث به الأعمش وشعبة وإسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب عن علي. واختلف عن الأعمش فقال عبد الواحد بن زياد: عنه عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع. وقال عبد الرزاق: عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب وعبد خير. وقال فضيل بن مرزوق: عن أبي إسحاق عن سعيد وعمر وذي مر. وقال يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق: عن أبي إسحاق عن سعيد ابن وهب وزيد بن يثيع وعمر وذي مر. وقال فطر: عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب وعمرو ذي مر وزيد بن يثيع، كقول يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق. وقال شريك: عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب وزيد بن يثيع. وقال عمران
ابن أبان: عن شريك عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع وحده. وقال إسحاق بن محمد العزرمي: عن شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن وهب وزيد بن وهب. وهم، وإنما أراد: زيد بن يثيع. وقال عمرو بن ثابت: عن أبي إسحاق عن سعيد ابن وهب زيد بن يثيع وهبيرة بن بريم وحبة العرني. وقال الجراح بن الضحاك: عن أبي إسحاق عن عبد خير وعمرو ذي مر وحبة العرني. وقال الأجلح: عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مر وحده. وقال أبان بن تغلب: عن أبي إسحاق عن عمرو ذي مر، وآخر لم يسمّه. وقال خالد بن عامر بن عداس: عن فطر عن أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن علي، ولم يتابع على الحارث.
وأشبهها بالصواب قول الأعمش وشعبة وإسرائيل واسحاق بن أبي إسحاق ومن تابعهم. والله اعلم » ٣ / ٢٢٤ - ٢٢٦.
قال المتقي: « عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: خطب علي فقال: أنشد الله امرءاً نشدة الإسلام سمع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يوم غدير خم أخذ بيدي يقول: ألست أولى بكم يا معشر المسلمين من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، إلّا قام فشهد. فقام بضعة عشر رجلاً فشهدوا، وكتم قوم فما فنوا من الدنيا حتى عموا وبرصوا. قط في الأفراد »(١) .
ترجمته
الذهبي: « الدار قطني: أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي، الحافظ المشهور، صاحب التّصانيف، في ذي القعدة وله ثمانون سنة، روى عن البغوي وطبقته. ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ والفهم والورع، وإماماً في القرّاء والنحاة، صادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات يطول ذكرها.
____________________
(١). كنز العمال ١٣ / ١٣١.
وقال الخطيب: كان فريد عصره، وقريع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته، انتهى إليه علم الأثر والمعرفة بالعلل، وأسماء الرجال، مع الصّدق وصحة الاعتقاد، والاضطلاع من علوم سوى علم الحديث منها القراءات وقال القاضي أبو الطّيب الطبري: الدار قطني أمير المؤمنين في الحديث»(١) .
(٦٣)
رواية المخلّص الذهبي
قال الحافظ محب الدين الطبري بعد رواية رباح والبراء « وعن زيد بن أرقم مثله. خرّجهما [ خرّجه ] أحمد في مسنده. وخرج الأول ابن السّمان، و خرج أحمد في كتاب المناقب معناه عن عمر وزاد بعد قوله وعاد من عاداه وانصر من نصره: و أحب من أحبّه. قال شعبة أوقال: أبغض من أبغضه. و خرّج ابن السّمان عن عمر منه: من كنت مولاه فعلي مولاه. وخرّجه المخلّص الذهبي عن حبشي بن جنادة وقال بعد وانصر من نصره، وأعن من أعانه. ولم يذكر ما بعده »(٢) .
ترجمته
١ - السمعاني: « المخلّص اشتهر به: أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن. من أهل بغداد، وكان ثقة صدوقاً صالحاً مكثراً من الحديث »(٣) .
____________________
(١). العبر - حوادث: ٣٨٥، ومن مصادر ترجمة الدارقطني: تاريخ بغداد ١٢ / ٣٤. تاريخ ابن كثير ١١ / ٣١٧ تذكرة الحفاظ ٣ / ٩٩١ طبقات القراء ١ / ٥٥٨ المنتظم ٧ / ١٨٣ النجوم الزاهرة ٤ / ١٧١ طبقات السبكي ٣ / ٤٦٢ شذرات الذهب ٣ / ١١٦ وفيات الأعيان ١ / ٣٣١.
(٢). الرياض النضرة ٢ / ٢٢٣.
(٣). الأنساب - المخلّص.
٢ - الذهبي: « مسند وقته، سمع أبا القاسم البغوي وطبقته. وكان ثقة. توفي في رمضان وله ثمان وثمانون »(١) .
(٦٤)
رواية الحاكم
رواه بأسانيده الصحيحة عن جماعة من الأصحاب، فرواه بإسناده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة الأسلمي وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه(٢) .
وبإسناده عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله. ( قال ): شاهده: حديث سلمة بن كهيل عن أبي الطفيل أيضاً صحيح على شرطهما. ثم ذكر حديث سلمة بن كهيل الذي سبق في ذكر رواية دعلج(٣) .
وباسناد آخر عن حبيب عن يحيى بن جعدة عن زيد بن أرقم. وقال: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه(٤) .
وقال الحاكم: « أخبرني الوليد وأبوبكر بن قريش، ثنا الحسن بن سفيان ثنا محمد بن عبدة، ثنا الحسن بن الحسين، ثنا رفاعة بن أياس الضّبي عن أبيه عن جدّه قال: كنّا مع علي يوم الجمل، فبعث إلى طلحة بن عبيدالله أن ألقني، فأتاه طلحة، فقال: نشدتك الله هل سمعت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقول:
____________________
(١). العبر - حوادث: ٣٩٣.
(٢). المستدرك ٣ / ١١٠.
(٣). المصدر نفسه ٣ / ١٠٩.
(٤). المستدرك ٣ / ١٠٩.
من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه؟ قال: نعم قال فلم تقاتلني؟ قال: لم أذكر، قال: فانصرف طلحة »(١) .
ترجمته
قالاليافعي: « وفيها - الإِمام الكبير الحافظ الشهير أبو عبدالله محمد بن عبدالله، المعروف بالحاكم ابن البيّع النيسابوري، إمام أهل الحديث في وقته، كتب عن نحو ألفي شيخ، وبرع في معرفة الحديث وفنونه، وصنّف التصانيف »(٢) .
(٦٥)
رواية الخركوشي
قال الحافظ ابن شهر آشوب في كتاب ( المناقب ) في ذكر حديث الغدير كما في ( بحار الأنوار ): « الخركوشي في شرف المصطفى عن البراء بن عازب في خبر: فقال النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة »(٣) .
____________________
(١). المصدر نفسه ٣ / ٣٧١.
(٢). مرآة الجنان - حوادث ٤٠٥، وتوجد ترجمته في: تاريخ بغداد ٥ / ٤٧٣ وتذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٣٩ وتاريخ ابن كثير ٧ / ٢٧٤ ووفيات الأعيان ١ / ٤٨٤ وغيرها.
(٣). بحار الأنوار، والخبر في المناقب ٣ / ٣٥.
ترجمته
قالالذهبي: « عبد الملك بن أبي عثمان أبو سعد النيسابوري، الواعظ القدوة المعروف بالخركوشي، صنّف كتاب الزهد وكتاب دلائل النبوة وغير ذلك، قال الحاكم: لم أر أجمع منه علماً وزهداً وتواضعا وإرشاداً إلى الله، زاده الله توفيقاً وأسعدنا بأيّامه »(١) .
(٦٦)
رواية أبي بكر الشيرازي
رواه في كتاب ( الألقاب ) كما سيأتي في قسم دلالة حديث الغدير.
(٦٧)
رواية ابن مردويه
قال الميرزا محمد بن معتمد خان البدخشاني: « أخرج ابن مردويه عن ابن عباس مرفوعاً: اللهمَّ من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، واخذل من خذله وأبغض من أبغضه »(٢) .
____________________
(١). العبر حوادث ٤٠٧.
(٢). مفتاح النجا - مخطوط.
ترجمته
قالالسيوطي: « ابن مردويه الحافظ الكبير العلّامة أبوبكر أحمد بن موسى ابن مردويه الاصبهاني، صاحب التفسير والتاريخ والمستخرج على البخاري، سمع أبا سهل بن زياد القطان وخلقاً. وكان قيّماً [ فهماً ] بهذا الشأن، بصيراً بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف، ولد سنة ٣٢٣، ومات لست بقين من رمضان سنة ٤١٠ »(١) .
(٦٨)
رواية مسكويه
رواه في كتابه ( نديم الفريد ) الذي ذكره الكاتب الجلبي(٢) .
إذ جاء فيه ما كتبه المأمون بجواب بني هاشم « فلم يقم مع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم أحد من المهاجرين كقيام علي بن أبي طالب، فإنه آزره ووقاه بنفسه ونام في مضجعه، ثم لم يزل بعد متمسّكاً بأطراف الثغور، ينازل الأبطال ولا ينكل عن قرن، ولا يولّي عن جيش، منيع القلب، يؤمر على الجميع ولا يؤمر عليه أحد، أشد الناس وطأة على المشركين، وأعظمهم جهاداً في الله، وأفقههم في دين الله، وأقرأهم لكتاب الله وأعرفهم بالحلال والحرام، وهو صاحب الولاية في حديث غدير خم، وصاحب قولهصلىاللهعليهوآلهوسلم : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ».
____________________
(١). طبقات الحفاظ ٤١٢ وتوجد ترجمته في: تذكرة الحفاظ ٣ / ١٠٥٠ والنجوم الزاهرة ٤ / ٢٥٤ وتاريخ إصبهان ١ / ١٦٨ وطبقات الداودي ١ / ٩٣ وشذرات الذهب ٣ / ١٩٠
(٢). كشف الظنون ٢ / ١٩٣٧.
ترجمته
وقد ترجم لابي علي أحمد بن محمد بن يعقوب الملقب بمسكويه، المتوفى سنة ٤٢١، أثنى عليه جماعة من الأعلام، منهم:
١ - أبو حيان التوحيدي في الإمتاع ١ / ٣٥.
٢ - ياقوت الحموي في معجم الأدباء ٥ /٥ - ١٩.
٣ - ابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات ٢ / ٢٦٩.
(٦٩)
رواية الثعلبي
رواه في تفسيره حيث قال: « أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد السري أنا أبوبكر محمد بن عبدالله بن محمد، حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبدالله الكجي، نا حجاج بن منهال، نا حماد عن علي بن زيد عن عدي بن ثابت عن البراء، قال: لمـّا نزلنا مع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم في حجة الوداع كنّا بغدير خم، فنادى أن الصلاة جامعة، وكسح للنبي تحت شجرتين، فأخذ بيد علي فقال: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ألست أولى بكلّ مؤمن من نفسه؟ قالوا: بلى. قال: هذا مولى من أنا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال فلقيه عمر فقال: هنيئاً لك يا ابن أبي طالب، أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة »(١) .
____________________
(١). الكشف والبيان في تفسير القرآن - مخطوط.