• البداية
  • السابق
  • 350 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 19087 / تحميل: 6446
الحجم الحجم الحجم
الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى)

الصحيح من سيرة الإمام عليّ (عليه السلام) (المرتضى من سيرة المرتضى) الجزء 9

مؤلف:
العربية

3 ـ هناك من يقول: أجابها ثلاثة نفر فقط(1) .

4 ـ في كتاب معاوية لعلي (عليه‌السلام ): (فلم يجبك منهم إلا أربعة، أو خمسة. ولعمري لو كنت محقاً لأجابوك، ولكنك ادَّعيت باطلاً، وقلت ما لا يعرف، ورميت ما لا يدرك)(2) .

مضت بيعتنا لأبي بكر:

وعن قولهم: (مضت بيعتنا لهذا الرجل)، نقول:

أليس قد مضت بيعتهم لعلي (عليه‌السلام ) في يوم الغدير، فلماذا ينقضونها الآن؟! وقد احتج علي والزهراء (عليهما‌السلام ) بذلك، كما ذكرناه في موضع آخر من هذا الكتاب!!

وهل بيعة الأمر الواقع تصبح نافذة، حتى لو كانت على خلاف ما قضى الله تعالى ورسوله؟!

وهل تصح بيعة هؤلاء حتى لو كانت متضمنة لنقض بيعة تمت برعاية

____________

1- تاريخ اليعقوبي ج2 ص126 الهداية الكبرى للخصيبي ص412 والعقد النضيد للقمي ص150 وراجع: الدرجات الرفيعة ص213.

2- راجع: شرح نهـج البلاغـة للمعتزلي ج2 ص47 وكتـاب الأربعين للشيرازي ص167 وبحار الأنوار ج28 ص313 وج33 ص151 وغاية المرام ج6 ص18 وسفينة النجاة للتنكابني ص345 وبيت الأحزان ص100 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص505 وكتاب سليم بن قيس ص302.

٣٠١

الله ورسوله، ولم يكن هناك موجب لنقضها؟!

وهل تصح البيعة لكل من سبق، حتى لو كان فاقداً للشروط المطلوب توفرها، لتصح بيعة أبي بكر هنا لسبقها؟!

الكثرة دليل معاوية:

وتقدم: أن معاوية جعل قلة أنصار علي (عليه‌السلام ) دليلاً على أنه (عليه‌السلام ) لم يكن محقاً.

ونقول:

أولاً: لو صح هذا، لكان الأنبياء كلهم على باطل، إذ لم يجبهم إلا أقل القليل من الناس..

ثانياً: إن هذا يعني: أن أبا سفيان حين ناصر علياً (عليه‌السلام ) كان على الباطل أيضاً؛ لأنه ناصر الطرف الذي كان معه أقل القليل، وهذا ما لا يرضاه معاوية لأبيه..

ثالثاً: إن هذا ينتهي إلى الطعن بالقرآن الذي قال:( ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ ) (1) . و( وَمَا آَمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ) (2) .

تشنيع معاوية:

إن تشنيع معاوية على أمير المؤمنين (عليه‌السلام ) بما جرى عليه من

____________

1- الآيتان 13 و 14 من سورة الواقعة.

2- الآية 40 من سورة هود.

٣٠٢

ظلم وحيف في مسألة اغتصاب حقه حتى اضطر إلى طلب النصرة من الأنصار هو من مفردات الظلم والبغي على أهل الحق. فإن علياً (عليه‌السلام ) صبر وكظم غيظه، وأراد بفعله هذا، أعني: طلب النصرة من المهاجرين والأنصار:

أولاً: أن يبطل حجة الغاصبين لحقه، ويثبت للناس بصورة حية، ووجدانية أنه هو، والزهراء، والحسنان عترة الرسول (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، وأهله ولحمه ودمه، وهم أقرب إليه من أبي بكر الذي كان تيمياً، وليس من بني هاشم في شيء..

ثانياً: إنه (عليه‌السلام ) يريد أن يعرفهم على مقام أولئك الذين اعتدى عليهم أولئك الغاصبون، وعلى منزلة الذين تعرضوا للإهانة، وللتهديد بالإحراق، وبالقتل. لكي يرجعوا إلى أنفسهم، ويفكروا في الأمر، وليدركوا من ثم: أن من يفعل كل ذلك بهؤلاء، كيف سيتعامل مع غيرهم، ممن ليس له حرمتهم ولا موقعهم؟!

وليدركوا أيضاً: أن من يفعل ذلك لا يكون متحلياً بأيٍ من الصفات التي تؤهله للمقام الذي سعى إليه، والموقع الذي وضع نفسه فيه، لا سيما أن ثمن ما حصل عليه هو: عدوانه على هذه الصفوة المطهرة.

٣٠٣

٣٠٤

الفصل الرابع:

البيعة.. الإحتجاج..

٣٠٥

٣٠٦

لو صحت روايات بيعة علي (عليه‌السلام ):

قد يقول البعض:

ورد في البخاري وغيره: أن بيعة علي (عليه‌السلام ) قد تأخرت إلى ما بعد ستة أشهر، حيث توفيت السيدة الزهراء (عليها‌السلام )، ورأى علي انصراف الناس عنه، فبادر إلى مبايعة أبي بكر حينئذ، فلماذا يرضى علي بالبيعة، ويبادر إليها، ويصر الشيعة على رفض مشروعية خلافة أبي بكر، ولا يرضون بالقبول بها، والإنضواء تحت لوائه؟!

ونجيب:

إننا نسأل: لماذا تأخر علي (عليه‌السلام ) عن بيعة أبي بكر كل هذه المدة ـ ستة شهور ـ فإن كان مراعاة للزهراء (عليها‌السلام )، لأنها لم تكن ترضى بأن يبايع أبا بكر، خصوصاً وأن البخاري يروي: أنها (عليها‌السلام ) ماتت وهي واجدة على أبي بكر(1) .

فهذا يعني: أنها (عليها‌السلام ) لم تكن ترى أبا بكر إماماً لها، فهل هي

____________

1- راجع: صحيح ج 5 ص 82 باب غزة خيبر، حديث 4240 و4241 قوله:( فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِى بَكْرٍ فِى ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ ..) .

٣٠٧

قد ماتت بغير إمام؟!

وهل يصح أن يقال عنها: إنها ـ على هذا الأساس ـ ماتت ميتة جاهلية؟!

وإن كان تأخره (عليه‌السلام ) لأجل أنه هو نفسه لم يكن يرى أبا بكر إماماً، فلماذا عاد إلى بيعته بعد استشهاد الزهراء (عليها‌السلام )؟!

فهل أوجب استشهادها تغييراً في رأيه، أو في فطرته، وفي فهمه للأمور، أو أن أبا بكر أصبح صالحاً للإمامة؟!

هذا لو فرض: أن بيعته كانت بإرادة واختيار منه..

أما إن كان مجبراً على هذه البيعة، فالأمر يصبح أوضح وأصرح، ويصبح البحث في هذه القضية بلا معنى.

وفي جميع الأحوال نقول:

إن بيعة علي (عليه‌السلام ) لأبي بكر إنما يدَّعيها عليه محبو أبي بكر، وهم غير مأمونين فيما ينقلونه عن علي (عليه‌السلام )..

ولو سلمنا صحة ذلك عنه، فهو أمر لم نحضره، ونشك في ظروفه وحيثياته ودوافعه، ولا سيما مع وجود النصوص التي تبين ما جرى من اكراه، وعسف وظلم. ولا أقل من أن ذلك يوجب أن تدخل فيه الاحتمالات المختلفة، فيما يرتبط بالإكراه تارة، والاضطرار أخرى.

وشواهد الأحوال تؤيد الإكراه والإضطرار على حد سواء.

ولكن نصوص النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، والبيعة لعلي (عليه‌السلام ) في يوم الغدير، وعدم أهلية من تصدى للخلافة لأسباب كثيرة بيَّنها علماؤنا، ومنها جرأتهم على رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )، واتهامه

٣٠٨

بأنه يهجر، ومخالفتهم له وعصيانهم لأوامره، بالإضافة إلى جهلهم بأحكامه تعالى، ثم إهانتهم، وإغضابهم للزهراء (عليها‌السلام ) وضربها، وإسقاط جنينها، واغتصاب فدك، والتخلف عن جيش أسامة إلى عشرات من المخالفات الصادرة عنهم.

إن ذلك كله، أمر يقيني لا شبهة فيه، ولا شك يعتريه، فلابد من الالتزام به، لأن ما يزعمونه من بيعة علي (عليه‌السلام ) لهم بعد ستة أشهر يبقى مشكوك الحصول. ولو كان حاصلاً فهو مشكوك الحيثيات والدوافع، والظروف، حسبما أوضحناه.

متى بايع علي (عليه‌السلام )؟!:

ادَّعوا: أن علياً (عليه‌السلام ) بايع أبا بكر، ثم اختلفوا في وقت بيعته له، فقيل: بعد ستة أشهر(1) .

____________

1- صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص82 وصحيح مسلم ج5 ص154 وشرح أصول الكافي ج7 ص218 والصوارم المهرقة ص71 ومناقب أهل البيت (عليهم‌السلام ) للشيرواني ص413.

وشرح مسلم للنووي ج12 ص77 وفتح الباري ج7 ص378 وعمدة القاري ج17 ص258 وصحيح ابن حبان ج14 ص573 ونصب الراية للزيلعي ج2 ص360 والبداية والنهاية ج5 ص307 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص568 والإكمال في أسماء الرجال ص168.

٣٠٩

وقيل: بعد وفاة الرسول الأكرم (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بأيام قلائل(1) .

وقيل: بعد وفاة الصدّيقة الطاهرة مع الإختلاف في وقت وفاتها.

وقيل: بعد وفاته (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بأربعين، وباثنين وسبعين، أو بخمسة وسبعين، و بثلاثة أشهر، و بثمانية أشهر، إلى غير ذلك من أقوال..

وزعموا: أن سبب بيعته هو: أنه كان لعلي (عليه‌السلام ) وجه من الناس في حياة فاطمة (عليها‌السلام )، فلما توفيت انصرفت وجوه الناس عنه، فبادر إلى البيعة بعد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) بستة أشهر، قيل للزهري: فلم يبايعه علي ستة أشهر؟!

قال: لا والله، ولا أحد من بني هاشم، حتى بايعه علي (عليه‌السلام )(2) .

____________

1- مروج الذهب ج2 ص201 والسيرة الحلبية ج3 ص485 و 489 والكامل في التاريخ ج2 ص325 والإمامة والسياسة ج1 ص14 وقاموس الرجال للتستري ج9 ص154 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص447.

2- راجع: السنن الكبرى للبيهقي ج6 ص300 وفتح الباري ج7 ص379 والمصنف ج5 ص472 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص46 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص448 وعن صحيح البخاري (كتاب المغازي) ج4 ص1549 وعن صحيح مسلم (كتاب الجهاد) ج4 ص30 والطرائف لابن طاووس ص238 وبحار الأنوار ج28 ص353 وج29 ص202 واللمعة البيضاء ص755 و 756 وأعيان الشيعة ج4 ص188 وكشف الغمة للإربلي ج2 ص103 وغاية المرام ج5 ص327 وسفينة النجاة للتنكابني ص126 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج10 ص456.

٣١٠

ونقول:

أولاً: إن بيعة علي (عليه‌السلام ) لها أهمية بالغة لدى جميع الناس آنئذٍ. وقد كانت مرصودة من الكبير والصغير، فلا يعقل خفاؤها إلى هذا الحد.

ثانياً: لقد هتك هؤلاء القوم حرمة علي (عليه‌السلام )، وهددوه بالقتل، وضربوا زوجته، وقتلوا ولده، وباشروا بإحراق بيته عليه وعلى زوجته وأولاده.. ولم يراعوا حرمة لهم. بل لقد كان للسيدة الزهراء (عليها‌السلام ) النصيب الأكبر من هذا الأذى كله..

يضاف إلى ذلك: أنه قد حمل الزهراء وابنيها: الحسن والحسين (عليهم‌السلام )، ودار بهم على بيوت المهاجرين والأنصار، وأهل بدر وغيرهم، يطلبون نصرتهم، فلم يستجيبوا لهم..

فما معنى قولهم بعد ذلك كله: إنه لما توفيت فاطمة رأى انصراف وجوه الناس عنه، فضرع للبيعة؟!

أليس قد ظهر هذا الإنصراف عنه منذ الأيام الأولى، حيث هوجم هو والزهراء، وولدها؟! ثم طلبوا نصرة الناس لهم، فلم يستجب لهم سوى أربعة؟!

وكيف يقول القرطبي في المفهم: (كان الناس يحترمون علياً في حياتها كرامة لها، لأنها بضعة من رسول الله وهو مباشر لها. فلما ماتت وهو لم يبايع أبا بكر انصرف الناس عن ذلك الإحترام، ليدخل فيما دخل فيه الناس، ولا يفرق جماعتهم)(1) .

____________

1- الغدير ج8 ص36 وج10 ص361.

٣١١

ثالثاً: لقد حورب مالك بن نويرة وقتل، وحورب مانعوا الزكاة، لأنهم أرادوا أن يبايعوا علياً (عليه‌السلام )، فلو أن علياً وأهل البيت (عليهم‌السلام ) بايعوا في وقت مبكر، فإن هؤلاء لا يعرِّضون أنفسهم للقتل بتريثهم في إعطاء الزكاة لغير أهل بيت نبيهم.

رابعاً: إن الضغوط التي واجهها علي (عليه‌السلام ) في الأيام الأولى من رحلة الرسول الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد بلغت أقصى مداها.. وقد خفت تلك الضغوط عليه بعد ذلك، فلماذا يصوّرون الأمر بعكس ما هو واقع ومشهود؟!

غاية ما هناك: أن محاولاتهم معه لإجباره على البيعة قد تكررت في البدايات حتى يئسوا منه، فاكتفوا منه بتكاثرهم عليه حتى مسح أبو بكر على يده، ثم صاحوا: بايع، بايع، بايع أبو الحسن.

خامساً: إنه (عليه‌السلام ) لم يبايع، بدليل: ما تقدم من أنه (عليه‌السلام ) أقسم على عدم البيعة، فقال لعمر: إذاً ـ والله ـ لا أقبل قولك، ولا أحفل بمقامك، ولا أبايع(1) . ولم يكن علي (عليه‌السلام ) بالذي يحنث بقسمه..

سادساً: ويمكن أن يقال أيضاً: إن حديث احتجاج طائفة من الصحابة على أبي بكر يدل على أن علياً (عليه‌السلام ) لم يبايع أبا بكر، فبعد أن امتنع

____________

1- الإحتجاج للطبرسي ج1 ص181 ـ 185 و (ط دار النعمان سنة 1386هـ) ج1 ص94 ـ 97 وبحار الأنوار ج28 ص185.

٣١٢

(عليه‌السلام ) عن بيعة أبي بكر في اليوم الأول صعد أبو بكر المنبر في اليوم التالي، فتشاور قوم فيما بينهم.

فقال بعضهم: والله لنأتينه ولننزلنه عن منبر رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

وقال آخرون منهم: والله، لئن فعلتم أعنتم على أنفسكم.. ثم اتفقوا على استشارة علي (عليه‌السلام ) في ذلك، فلما أخبروه بالأمر قال: وأيم الله لو فعلتم ذلك لأتيتموني شاهرين بأسيافكم، ومستعدين للحرب والقتال، وإذن لأتوني. وقالوا لي: بايع وإلا قتلناك. فلا بد لي من أن أدفع القوم عن نفسي(1) .

فدلّ هذا الخبر على أن تصرفهم هذا سوف يؤدي إلى حرب.. ولا يؤدي إلى حرب إلا إذا خير بين البيعة وبين القتل، فإذا اختار عدم البيعة وقعت الحرب، التي تفرض أن يأتي الناس إليه متأهبين للقتال. حيث سيضطر إلى دفع القوم عن نفسه بهذه الطريقة.

كل إمام في عنقه بيعة:

واذا كان (عليه‌السلام ) لم يبايع، فكيف نفسّر ما ورد في بعض النصوص: (..ما منا أحد إلا ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلا

____________

1- الإحتجاج ج1 ص181 ـ 185 و (ط دار النعمان سنة 1386هـ) ج1 ص94 ـ 97 وبحار الأنوار ج28 ص191 وقد ذكرنا هذه الحادثة ومصادرها في فصل: (إحتجاجات ومناشدات).

٣١٣

القائم..)(1) .

ونجيب:

بأنه لا شك في أن المقصود هو البيعة التي تكون بالإكراه. أو ما صورته صورة البيعة بنظر الناس من عهد وعقد. إذ لا شك في بطلان إمامة كل من ادعى الإمامة خارج النص الإلهي..

فلا قيمة للبيعة المبنية على باطل، فإن كان قد جيء بعلي (عليه‌السلام ) ملبباً، ثم مسح أبو بكر على يده، وصاحوا: بايع أبو الحسن.. ولم يعد بالإمكان إنكار هذا الأمر ولا مجال لاقتلاعه من أذهان الناس، كفى ذلك في صدق الأحاديث المشار إليها، على أساس أن المراد: في عنقه بيعة بنظر الناس بصورة عامة..

علي (عليه‌السلام ) يعترف بالبيعة:

يقول البعض: إن علياً (عليه‌السلام ) لم ينكر بيعته لأبي بكر، حتى حين واجهه معاوية بأنه كان يقاد إليها كالجمل المخشوش، وكذلك في

____________

1- كمال الدين ص316 وكفاية الأثر ص225 والإحتجاج ج2 ص9 وبحار الأنوار ج14 ص349 وج44 ص19 وج51 ص132 وج52 ص279 وكشف الغمة للإربلي ج3 ص328 والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص302 وغاية المرام ج2 ص285 وإلزام الناصب ج1 ص194 ومكيال المكارم ج1 ص113 وموسوعة أحاديث أهل البيت (عليه‌السلام ) للنجفي ج8 ص233.

٣١٤

مواقف أخرى، لكنه قال: إنه بايع مكرهاً(1) .

فلماذا إذا ننكر نحن ما يعترف هو به؟!

ونجيب: بأننا ننكر أن يكون قد بايع بيعة شرعية صحيحة، ولم ننكر أنهم جاؤوا به لمجلس البيعة، ومدوا يده فقبضها، فمدوها حتى استطاع أبو بكر أن يمسح عليها، ثم قالوا: بايع، بايع أبو الحسن.

____________

1- راجع: الغارات للثقفي ج1 ص302 والإمامة والسياسة ج1 ص154 وكشف المحجة ص174 عن رسائل الكليني، وبهج الصباغة ج4 ص430 و 432.

وراجع قولهم: كان يقاد كالجمل المخشوش في: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص33 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص262 والصوارم المهرقة ص220 وكتاب الأربعين للشيرازي ص165 وبحار الأنوار ج28 ص368 وج29 ص621 وج33 ص59 و 162 و 108 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص505 والإمام علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) للهمداني ص733 ونهج السعادة للمحمودي ج4 ص197 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج15 ص74 و 183 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي (عليه‌السلام ) لابن الدمشقي ج1 ص374 وتقريب المعارف لأبي الصلاح الحلبي ص237 وغاية المرام ج5 ص329 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج2 ص369 وسفينة النجاة للتنكابني ص327 وصفين للمنقري ص87 والعقد الفريد ج4 ص137 وصبح الأعشى ج1 ص273 ومنهاج البراعة ج19 ص92 و 104 عن العديد من المصادر.

٣١٥

إقتياد علي (عليه‌السلام ):

وثمة سؤال يطرح باستمرار، على سبيل الإستهجان، المستبطن للرفض، وهو:

هل صحيح أن علياً (عليه‌السلام ) ربط بحبل، وسحب، واقتيد إلى أبي بكر، ليبايعه في المسجد، على رؤوس الأشهاد؟!

وأين هي شجاعة علي (عليه‌السلام )، وهو قاتل عمرو بن عبد ود، ومرحب، وقالع باب خيبر، وهازم المشركين في بدر وفي أحد، وحنين، وهازم اليهود في قريظة والنضير، وخيبر و.. و..؟!

ونقول في الجواب ما يلي:

ألف: روي: أن علياً (عليه‌السلام ) أخذ إلى البيعة ملبباً(1) .

____________

1- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص45 وكتاب سليم بن قيس ص388 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص85 والإيضاح لشاذان ص367 و 368 والسقيفة وفدك للجوهري ص71 والإختصاص ص11 و 186 و 275 والشافي لابن حمزة ج4 ص202 وكتاب الأربعين للشيرازي ص162 ومدينة المعاجز ج2 ص279 وج3 ص12 وبحار الأنوار ج28 ص220 و 227 و 228 و 261 و 300 و 393 ونهج السعادة ج1 ص44 وتفسير العياشي ج2 ص67.

وراجع: الجمل للمفيد ص56 ونهج الإيمان ص492 وغاية المرام ج5 ص327 و 338 ونفس الرحمن في فضائل سلمان ص582 وبيت الأحزان ص127 والأسرار الفاطمية ص117.

٣١٦

وفي رواية الإحتجاج: انطلقوا به ملبباً بحبل(1) . أو بثوبه(2) .

وبعض الروايات تذكر: أنهم قادوه في حمائل سيفه(3) .

والملبب: هو الذي جَمَعْتَ ثيابه عند صدره ونحره(4) ، في الخصومة، ثم تجره. أو يجعل في عنقه ثوب أو غيره، ثم يجرُّ به(5) .

ب: الحديث عن الشجاعة في غير محله هنا.. لأن أي عنف يثيره علي

____________

1- الإحتجاج (ط دار النعمان) ج1 ص109 وقواعد آل محمد (مخطوط) ص669 و 270.

2- نوادر الأخبار ص183 وعلم اليقين ص286 و 288 و الإمام علي بن أبي طالب (عليه‌السلام ) للهمداني ص710 وبيت الأحزان ص117 و 118 والأسرار الفاطمية ص121 و 122.

3- شجرة طوبى ج2 ص282.

4- الصحاح ج1 ص216 وراجع: إختيار معرفة الرجال ج1 ص52، ومجمع الفائدة للأردبيلي ج1 ص199 ولسان العرب ج1 ص733 ومجمع البحرين ج4 ص102 وشرح أصول الكافي ج6 ص200 وبحار الأنوار ج28 ص216 وج40 ص306 عن الجوهري، والنهاية لابن الأثير ج1 ص189 و (ط مؤسسة إسماعيليان) ج1 ص193 والقاموس المحيط ج1 ص127 وكشف الغمة ج1 ص304 وغريب الحديث لابن سلام ج3 ص30.

5- النهاية لابن الأثير (ط مؤسسة إسماعيليان) ج1 ص193 ولسان العرب ج1 ص734.

٣١٧

(عليه‌السلام )، أو يعطي مهاجميه مبرراً لإثارته، سوف ينتهي بقتل جميع المؤمنين في المدينة بأسرها.. لأنهم في ليلة دفن رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ملأوها بالمسلحين، حتى تضايقت بهم سككها وطرقاتها..

والمدينة بلد صغير جداً قد لا يصل عدد سكانه إلى ثلاثة أو أربعة آلاف نسمة، بين صغير وكبير، وامرأة ورجل، ومهاجري وأنصاري، وما إلى ذلك.

وقد أفاق الناس ليجدوا في أزقتها أربعة آلاف مقاتل على أقل تقدير.

وقد شكلوا مجموعات لمداهمة البيوت، واستخراج من فيها، وسحبهم بطريقة مهينة للبيعة. ولم يستطع، ولا يستطيع أحد من أصحاب علي (عليه‌السلام ) ومحبيه الوصول إليه (عليه‌السلام ).

فأي عنف ينشأ بين المهاجمين وبينه (عليه‌السلام ) سوف ينتهي باستئصال جميع هؤلاء المؤمنين الذي كانوا بمثابة أسرى بأيدي الفريق المناوئ.

فلا معنى للتفريط بهم في مثل هذه الحال، وعلى من يكون علي (عليه‌السلام ) خليفة بعد الآن إن قتل هؤلاء؟!

ومن الذي يحمي الإسلام ويدافع عنه في مواجهة قوى الطغيان؟

ومن الذي ينشر هذا الإسلام ويبلغه للأجيال اللاحقة؟

ومن الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ومن يربي، ومن يعلم؟! ومن؟! ومن؟!

ج: وهذا يفسر لنا وصية النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) له (عليه‌السلام )

٣١٨

بأن لا يقاتلهم.

د: هذا كله، لو فرض أنه (عليه‌السلام ) بقي حياً، ولم يقتل كما قتل الحسين (عليه‌السلام )؟!

وإذا كان يحق لعلي (عليه‌السلام ) أن يستجيب لدواعي الشجاعة، فليس له أن يفرط بأرواح الناس من دون فائدة تعود على الإسلام وأهله.. وذلك ظاهر لا يخفى.

هل احتج علي (عليه‌السلام ) بالنص؟!:

ويبقى سؤال يلح بطلب الإجابة.. وهو:

هل احتج علي (عليه‌السلام ) بالنص؟!..

فإن كان الجواب بالإيجاب، فأين هو ذلك ما يشير إلى ذلك الاحتجاج؟!..

وإن كان الجواب بالنفي، فلماذا لم يفعل ذلك؟!..

والجواب:

أولاً: إن وضوح هذا الأمر للناس جميعاً يجعل الإحتجاج غير ذي أثر كبير.. لا سيما وأن عامة الناس قد بايعوا علياً (عليه‌السلام ) يوم الغدير، الذي كان قبل سبعين يوماً فقط من استشهاد رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله )..

ثانياً: قد عودنا أولئك الناس على مفاجآتٍ مثيرة فيما يرتبط بالأساليب التي يستفيدون منها للوصول إلى مآربهم.. فقد أطلق أبو بكر مقولته:

٣١٩

(نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة)، لإبطال مطالبة الزهراء (عليها‌السلام ) له بإرث أبيها، الثابت لها بنص القرآن الكريم.. مع أن القرآن أعظم الحجج على هذا الأمر وأبينها..

ومع أنه حتى لو صحت مقولة أبي بكر، فإن الصدقة التي يتركها المتصدق لا يستولي عليها أي كان من الناس، بل تبقى بيد القيّم عليها المنصوب من قِبَلِ من تصدق بها نفسه..

فمن الذي يضمن أن يدعي أبو بكر: أن النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) قد عدل عما قرره في يوم الغدير، ونقضه؟! ولئن تجرأ أحد من الصحابة وأنكر ذلك، فإن هذا الإنكار قد لا يكون كافياً في إزالة الشبهة التي قد تراود أذهان الكثيرين ممن يأتي بعد ذلك من الأجيال..

ثالثاً: إن ما جرى فور وفاة النبي (عليه‌السلام ) لم يترك مجالاً لأي احتجاج نافع، فقد توفي النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) وأبو بكر في السنح كما يدَّعون.. فمنع عمر الناس من إعلان موته، وتهددهم(1) .

ولا ندري لماذا غاب أبو بكر، وهو إنما امتنع من الخروج في جيش أسامة، لأنه لا يريد أن يفارق النبي (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) الذي كان على فراش المرض، ويخشى أبو بكر أن يموت في غيابه!!.

____________

1- وقد تحدثنا عن ذلك في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم (صلى‌الله‌عليه‌وآله ). فراجع ما ذكرناه هناك، حين الحديث عن وفاة رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ).

٣٢٠