الزيارة في الكتاب والسنة

الزيارة في الكتاب والسنة60%

الزيارة في الكتاب والسنة مؤلف:
تصنيف: مفاهيم عقائدية
الصفحات: 87

الزيارة في الكتاب والسنة
  • البداية
  • السابق
  • 87 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 23870 / تحميل: 6759
الحجم الحجم الحجم
الزيارة في الكتاب والسنة

الزيارة في الكتاب والسنة

مؤلف:
العربية

الزيارة في الكتاب والسنة

الشيخ جعفر السبحاني

١

بسم الله الرحمن الرحيم

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تبارك وتعالى:

( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولَ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) . النساء/٦٤

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«زوروا القبور فإنّها تُذكِّر الاخرةَ» . ابن ماجة، السنن، ح١٥٦٩

وقال النبيّ الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«مَن زارَ قبري وجبتْ له شفاعتي» . الدارقطني ٢: ٢٧٨

٤

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه وحده نستعين وعليه وحده نتوكل

والحمد لله ربّ العالمين، والصَّلاة والسلام على سيد رُسُله، وخاتم أنبيائه وآله ومن سار على خطاهم وتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

يهتم المسلمون اهتماماً كبيراً بالعقيدة الصحيحة لانّها تشكّل حجر الزاوية في سلوكهم ومناراً يضيءُ دروبهم وزاداً لمعادهم.

ولهذا كرّسَ رسُولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الفترة المكيّة من حياته الرسالية نفسه لارساء أُسس التوحيد الخالص، ومكافحة الشرك والوثنية، ثم بنى عليها في الفترة المدنية صَرحَ النظامِ الاخلاقي والاجتماعي والاقتصادي والسياسيّ.

ولهذا - ونظراً للحاجةِ المتزايدة - رأينا أن نقدّم للاُمةِ الاسلاميّة الكريمة دراسات عقائدية عابرة مستمدَّة من كتاب اللهِ العزيز، والسُنّةِ الشريفة الصحيحة، والعقل السليم، وما اتَّفق عليه علماءُ الاُمةِ الكرام، والله الموفِّق.

معاونيّة التعليم والبحوث الاسلاميّة

٥

تمهيد

الاسلام دين الفطرة

عندما نقول إنّ الاسلام دين الفطرة فهذا لا يعني أنّ كل حكم جزئيّ منه يوافقها، بل يعني أنّ الاُصول الكلّية في مجالي العقائد والشريعة، تنسجم مع الفطرة وتوحي إليها بشكل واضح، ولذلك كانت تعاليم الانبياء، وفي مقدَّمتهم الشريعة الاسلامية، تثير مكنون الفطرة، لذا فهم قبل أن يكونوا معلِّمين كانوا مذكِّرين بما أودع الله سبحانه في فطرة الانسان من ميولات نحوَ العبودية لله سبحانه، والانشداد إلى ما وراء الطبيعة، والجنوح إلى العدل ومكارم الاخلاق، والنفور عن الظلم ومساوئ العادات. فكأنَّ الفطرة أوّلُ مدرسة يتعلّم فيها الانسان أصولَ المعارف ومكارمَ الاخلاق وآدابها، من دون معلِّم، وهذا لطف وامتنان منه سبحانه لعباده ويعدّ الحجرَ الاساس لسائر الهدايات الالهية الواصلة إليهم عن طريق أنبيائه ورسله.

وإلى ذلك يشير قوله سبحانه:( وَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ

٦

يَعْلَمُونَ ) (الروم/٣٠) فإنّ المراد من الدين في الاية مجموع العقيدة والشريعة، كما فسّره به مشاهير المفسّرين، وكلمة( فِطْرَتَ اللهِ ) التي نصبت على الاختصاص تفسير للدين، فالدين - بتمام معنى الكلمة - يوافق فطرة الانسان، بالمعنى الذي عرفت، أي أنّ أصوله وكلّياته تنسجم مع الفطرة وليست الاية وحيدة في بابها بل لها نظائر في الذكر الحكيم تؤكّد مضمونها، وتثبت بوضوح كون معرفة المحاسن والمساوئ والفجور والتقوى والميل إلى الفضائل، والانزجار عن الرذائل أمراً فطرياً إلى حدّ يقول سبحانه:( وَنَفْس وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ) (الشمس/٨) وفي آية أُخرى:( أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴿٨﴾ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴿٩﴾ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ) (البلد/٨ - ١٠).

فالانسان الطبيعي الذي لم يتأثّر بالمناهج البشرية، يدرك المحاسن والمساوئ، والفجور والتقوى والخير والشر، كرامة من الله سبحانه إليه.

ومن روائع الكلم ما روي عن الامام عليّعليه‌السلام حول تحديد دعوة الانبياء وأنّ دورهم في مجال التربية تذكيرهم بمقتضيات الفطرة. يقولعليه‌السلام :

«فبعثَ الله فيهم رُسُلَه، وواتر إليهم أنبياءه، لِيستَأدوهم ميثاقَ فطرته ويُذكِّروهم منسيَّ نعمتِه، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ، ويُثيروا لهم دفائنَ العقول»(١) .

____________________

(١) نهج البلاغة، الخطبة الاولى.

٧

فالشرائع السماوية كأنّها تستنطِق الفطرة وتُذكِّر بالنعمة المنسية بفعل الاهواء والدعايات الباطلة، وقد أُمر حملتها بإثارة ما دفن في فطرة الانسان من جواهر المعقولات في مجالي العقيدة والشريعة.

وعلى ذلك فالشريعة - وفقَ الفطرة - مصباح ينير الدرب لكلّ ساع في طلب الحقّ. وكلّ فكرة أو ميل، توحي إليهما الفطرة فهو آية كونه حقّاً، وكلّ فكرة أو جنوح، يناقض الفطرة وترفضهما فهو آية كونه باطلاً. ولاجل ذلك تخلينا عن الرهبانية والتعزّب ووأْد البنين والبنات لانها تخالف مقتضى الفطرة.

إنّ البحث في كون الشريعة الالهية شريعة فطرية، يتطلّب مجالاً واسعاً لما يترتّب على البحث من نتائج مشرقة تعين على حل مشاكل أثارها خصوم الاسلام في مجال خاتمية الشريعة الاسلامية، حيث إنّهم يرفضون كون الدين ديناً خاتماً، بزعمهم أنّ الحياة الانسانية حياة متغيّرة ومتحوّلة فكيف يمكن تدبير المجتمع المتغيّر، بقوانين ثابتة جامدة؟

ولكنّهم لعدم معرفتهم بحقيقة الشريعة الاسلامية، غفلوا عن أمر هام، وهو أنّ المتغيّر في الحياة الانسانية هو القشر، لا اللبّ، وإلاّ فالانسان بما له من غرائز وميول علوية وسفلية لم يتغيّر ولن يتغيّر، وبهذه الميزة والخصوصية هو محكوم بالقوانين الثابتة.

فالانسان القديم كان يُحبُّ العدلَ وينفر من الظلم ويميل إلى الزواج والحياة الاجتماعية وهكذا الانسان في العصر الحاضر، إذن فالقانون في حقهما سواء وإن تغيّرت أجواء الحياة وقشورها ولباسها وظواهرها.

٨

الصلة بين الاحياء والاموات

إنّ زيارة الانسان لقبر حبيبه ومن كانت له به صلة روحية أو مادّية، هي ممّا تشتاق إليه النفوس السليمة، فكلّ من يعيش تحت السماء باسم الانسان السويّ اذا فارقَ أحبّته وأقرباءه، لا يقطع علاقته بمن شغف قلبه حبّاً، بل هو على حبّه باق، ويريد أن يُجسِّد محبَّته وشوقه بصور مختلفة، فهو تارةً يأوي إلى آثار حبيبه ورسوم داره وأطلاله فيحتفظ بألبسته وأثاثه وقلمه وخطوطه، ولا يكتفي بذلك بل يحاول أن يزور قبره وتربته حيناً بعد حين. كلّ ذلك بباعث ذاتي من صميم خلقته، فلا يصحّ لدين أُسُّه الفطرة أن يخالفه أو يمنعه من وصل أحبّائه وتعاهدهم.

لكن للاسلام أن يحدّدها ويذكر آدابها ويمنع عن بعض الامور غير الدخيلة في صميمها، لكن ليس في وسعه بما أنّه مناد لدين الفطرة أن يقوم بقطع العلائق مع الاحبّة بتاتاً.

وعلى ضوء ذلك ترى أنّ السنّة حثّت على زيارة القبور وذكرت آثارها البنّاءة، ولو منعت في فترة خاصّة - لو صحّ المنع - فإنّما هو لمانع عن تطبيق الحكم وتنفيذه كما سيظهر لك.

هذا هو أصل الزيارة، وقضاء الفطرة على وفقه.

مضافاً إلى ذلك فلها آثار تربويّة وهي ما يلي:

٩

الاثار التربوية لزيارة القبور

إنّ زيارة القبور تنطوي على آثار تربوية، وأخلاقية وذلك لانّ مشاهدة المقابر التي تضمُّ في طياتها مجموعة كبيرة من الذين عاشوا في

هذه الحياة الدنيا، وكانوا بمكان عال من القدرة والسلطة، ثمّ انتقلوا إلى الاخرة، تؤدّي إلى الحدّ من روحِ الطمع، والحرص على الدنيا، وربّما تُغيّر سلوك الانسان لما يرى أنّ المنزل الاخير لحياته إنّما هو بيت ضيّق ومظلم باق فيه إلى ما شاء الله، فعند ذلك ربما يترك المظالم والمنكرات ويتوجّه إلى القيم والاخلاق.

وإلى هذا الجانب من الاثر التربوي يشير النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ويقول:

«كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها فإنّها ترقُّ القلوب، وتدمعُ العين وتذكِّر الاخرة، ولا تقولوا هجراً»(١) .

وفي لفظ آخر: «كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور فإنّها تزهّد في الدنيا»(٢) . وفي لفظ ثالث: «وتُذكّر الاخرة»(٣) .

وعن أبي هريرة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله زار قبر أُمّه ولم يستغفر لها. قال: «أُمرتُ بالزيارة ونُهيت عن الاستغفار فزوروا القبور، فإنّها تذكّر الموت»(٤) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: «زوروا القبور فإنّها تذكّركم الاخرة»(٥) .

____________________

(١) المتقي الهندي، كنز العمال: ج١٥، الحديث ٤٢٥٥٥ و ٤٢٩٩٨.

(٢) كنز العمال ١٥: الحديث ٤٢٥٥٢.

(٣) ابن ماجة، السنن ١: ٥٠١ ح١٥٧١.

(٤) مسلم، الصحيح ٢: ٦٧١ ح١٠٨ - أحمد بن حنبل، المسند ١: ٤٤٤ - ابن ماجة، السنن ١: ٦٧٦ - أبو داود، السنن ٢: ٧٢ - البيهقي، السنن ٤: ٧٦ - النسائي، السنن ٤: ٩٠ - الحاكم، المستدرك ١: ٣٧٦.

(٥) ابن ماجة، السنن ١: ٥٠٠ ح١٥٦٩.

١٠

ويظهر من بعض الروايات أنّ النبيّ الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى يوماً عن زيارة القبور ثمّ رخّصها وكان النهي والترخيص من الله سبحانه.

ولعلّ النهي كان بملاك أنّ أكثر الاموات يومذاك كانوا من المشركين، فنهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن زيارتهم ولمّا كثر المؤمنون بينهم رخّص بإذن الله.

ولعلّ النهي كان بملاك آخر وهو أنّ زيارة القبور تُذكّر الموتى والقتلى وتورث الجبن عن الجهاد، وإذ قوي الاسلام رخّص الزيارة(١) .

وعن أمّ سلمة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «نَهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنّ لكم فيها عِبرة»(٢) .

الاثار الاجتماعية لزيارة أكابر الدين

قد تعرّفت على الاثار التربوية لزيارة قبور المسلمين، وهنا آثار تختصّ بزيارة أكابر المسلمين ورؤسائهم، وفي طليعتهم زيارة النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وهي: أنّ في زيارتهم نوعاً من الشكر والتقدير على تضحياتهم، وإعلاماً للجيل الحاضر بأنّ هذا هو جزاء الَّذين يسلكون طريقَ الحقّ والهدى والدفاع عن المبدأ والعقيدة.

ولاجل هذا الاثر الممتاز لزيارة صُلحاء الاُمة، نجد أنّ الاُمم الحيّة تتسابق على زيارة مدفن رؤسائهم وشخصيّاتهم، الّذين ضحّوا بأنفسهم

____________________

(١) الجناحي النجفي: منهج الرشاد: ١٤٤.

(٢) المتقي الهندي، كنز العمال ١٥: ٦٤٧ ح٤٢٥٥٨.

١١

وأموالهم في سبيل إحياء الشعب واستقلاله من أيدي المستعمرين والظالمين، ويقيمون الذكريات المئوية لاحياء معالمهم، ويعدّونه تعظيماً وتكريماً لاهدافهم.

وهذا هو العالم بغربه وشرقه، فيه قبور وأضرحة لشخصيّاته وعظمائه وصلحائه من غير فرق بين ديني ودنيوي، لانّ الانسان يرى زيارتهم تكريماً لهم وتأدية لحقوقهم ووفاءً لعهدهم، فكلّ ما يقوم به فهو بوحي الفطرة ودعوتها إلى ذلك.

إنّ القبور التي تحظى باهتمام واحترام المؤمنين بالله في العالم - وخاصة المسلمين - هي في الغالب قبور حملة الرسالات الاصلاحيّين الذين أدّوا مهمّتهم على الوجه المطلوب.

وهؤلاء ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:

١ - الانبياء والقادة الدينيّون الذين حملوا على عاتقهم رسالة السماء وضحّوا - من أجلها - بالنفس والمال والاحباب، وتحمّلوا أنواع المتاعب والمصاعب من أجل هداية الناس.

٢ - العلماء والمفكّرون الذين كانوا كالشّمعة تُحرقُ نفسها لتضيء للاخرين، وقد عاش هؤلاء حياة الزهد والحرمان، وقدّموا للعالم، البحوثَ القيّمة والتحقيقات الرائعة في مجالات العلم والفكر والطبيعة ومفاهيم السماء وعلوم الكون والمخلوقات وغير ذلك.

٣ - المجاهدون الثائرون الذين ضاقوا ذرعاً بما يعيشه المجتمع من الظلم وسحق الحقوق والتمييز العنصري أو القومي، فثاروا ضدّ الظلم والطغيان وطالبوا بحفظ كرامة الانسان وأداء حقوقه، وأقاموا

١٢

صرح العدالة بدمائهم الغالية.

إنّ أيّة ثورة أو تغيير اجتماعي لا يُقدَّر له النجاحُ إلاّ بدفع الثمن، وإنّ ثمن الثورة التي تستهدف تدمير قصور الظالمين، وخنق أنفاسهم هو الدماء الزكية التي يُضحّي بها المقاتلون الابطال لاعادة الحقّ والحرّية إلى الوطن الاسلامي.

إنّ الناس يزورون قبور هؤلاء ويذرفون عندها الدموع، ويتذكّرون بطولاتهم وتضحياتهم، ويُسعدون أرواحهم بتلاوة آيات من القرآن الحكيم هديّة إليهم، وينشدون قصائد في مدحهم وثنائهم وتقدير مواقفهم المشرقة.

إنّ زيارة مراقد هذه الشخصيات هي نوع من الشكر والتقدير على تضحياتهم، وإعلام للجيل الحاضر بأنّ هذا هو جزاء الذين يسلكون طريقَ الحقّ والهدى والفضيلة والدفاع عن المبدأ والعقيدة.

إنّ جزاءهم هو خلود الذكر الحسن والثناء الجميل، بالرغم من مرور الزمان على وفاتهم، وتعريفُ الناس بتلك الشخصيات الراقية وبمعتقداتهم التي ضحّوا من أجلها، واحترام مراقدهم وتجنّب كلّ ما يمسّ بكرامتها، لانّ احترام قبورهم احترام لرسالاتهم وعقائدهم، كما أنّ أيّ نوع من الاهانة والتحقير تجاه مراقدهم هو في الحقيقة إهانة لرسالاتهم وتحقير لشخصيّتهم.

ثمّ إنّ لبعض أهل المعرفة تحليلاً علمياً رائعاً في زيارة النبي الاكرم نذكره بنصّه قال:

إعلم أنّ النفوس القوية القدسية، لا سيّما نفوس الانبياء

١٣

والائمةعليهم‌السلام ، اذا نفضوا أبدانهم الشريفة وتجرّدوا عنها، وصعدوا إلى عالم التجرّد، وكانوا في غاية الاحاطة والاستيلاء على هذا العالم يكون العالم عندهم ظاهراً منكشفاً، فكلّ من يحضر مقابرهم لزيارتهم يطّلعون عليه، لا سيّما ومقابرهم مشاهدُ أرواحهم المقدّسة العلية، ومحالّ حضور أشباحهم البرزخيّة النورية، فإنّهم هناك يشهدون( بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ) (آل عمران/١٦٩)، وبما آتاهم الله من فضله فرحون، فلهم تمامُ العلم والاطّلاع بزائري قبورهم، وحاضري مراقدهم وما يصدر عنهم من السؤال والتوسّل والاستشفاع والتضرّع، فتهبّ عليهم نسماتُ ألطافهم، وتفيض عليهم من رشحات أنوارهم، ويشفعون إلى الله في قضاء حوائجهم، وإنجاح مقاصدهم، وغفران ذنوبهم وكشف كروبهم.

فهذا هو السرفي تأكّد استحباب زيارة النبيّ والائمةعليهم‌السلام مع ما فيه من صلة لهم. وبرّهم وإجابتهم، وإدخال السرور عليهم، وتجدّد عهد ولايتهم، وإحياء أمرهم، وإعلاء كلمتهم، وتنكيت أعدائهم. وكلّ واحد من هذه الاُمور ممّا لا يخفى عظيم أجرُهُ وجزيل ثوابه.

وكيف لا تكون زيارتُهم أقربَ القربات، وأشرفَ الطاعات، ومع أنّ في زيارة المؤمن - من جهة كونه مؤمناً فحسب - عظيم الاجر وجزيل الثواب، وقد ورد به الحثّ والتوكيد والترغيب الشديد من الشريعة الطاهرة، ولذلك كثر تردّد الاحياء إلى قبور أمواتهم للزيارة، وتعارف ذلك بينهم، حتى صارت لهم سنّة طبيعية.

وأيضاً قد ثبت وتقرّر جلالة قدر المؤمن عند الله، وثوابُ صلته

١٤

وبرّه وإدخال السرور عليه. وإذا كان الحال في المؤمن من حيث إنّه مؤمن، فما ظنّك بمن عصمه الله من الخطأ، وطهّره من الرجس، وبعثه الله إلى الخلائق أجمعين، وجعله حجّة على العالمين، وارتضاه إماماً للمؤمنين، وقدوة للمسلمين ولاجله خلق السماوات والارضين، وجعله صراطه وسبيلَه، وعينه ودليله، وبابه الذي يُؤتى منه، ونورَه الذي يستضاء به، وأمينَه على بلاده، وحبله المتّصل بينه وبين عباده، من رسل وأنبياء وأئمة وأولياء(١) .

وفي الختام نقول: ليس الهدف من هذا التقديم تصويبَ بعض ما يقع عند الزيارة من محرّمات الافعال فإنّها أُمور جانبيّة لاتمتّ لاصل الزيارة بصلة، والذي ندّعيه وعليه يشهد عمل العقلاء في العالم دينهم وغيره، أنّ للانسان علاقة بمن كان يعشقه ويحبّه فلا يقطع علاقته به بموته بل يحتفظ بها بشكل خاص بعد الفراق أيضاً، وهذا شيء يلمسه الانسان من صميم ذاته وليس لشريعة سماوية بما أنّها تجاوب الفطرة تمنعه من ذلك، بل لها أن تعدله وتحدّده وتعزل ما ليس منه عنه.

وها نحن نعالج الموضوع بالبحث في الاُمور التالية:

١ - زيارة القبور في الكتاب والسنّة النبوية.

٢ - أعلام الاُمة وزيارة النبي الاكرم.

٣ - زيارة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الكتاب.

٤ - زيارة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في السنّة.

٥ - شدّ الرحال إلى زيارة قبر النبيّ الاعظم.

٦ - شبهات وتشكيكات حول زيارة النبيّ الاكرم.

٧ - خاتمة: تذكرة وإنذار.

____________________

(١) محمد مهدي النراقي، جامع السعادات ٣: ٣٩٨ و ٣٩٩.

١٥

(١) زيارة القبور في الكتاب والسنّة

قد عرفت أنّ زيارة الانسان لمن له به صلة روحية أو مادية، ممّا تشتاق إليه النفوس السليمة، بل هي من وحي الفطرة، ولاجل ذلك نرى أنّ الكتابَ والسنّة يدعمان أصلَ الزيارة بوجه خاص.

أمّا الكتاب فقوله سبحانه:( ولا تُصَلِّ عَلى أحَد مِنْهُمْ ماتَ أبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ إنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ ورَسُولهِ وماتُوا وهَم فاسِقُونَ ) (التوبة/٨٤).

إنّ الاية تسعى لهدم شخصية المنافق، وهزّ العصا في وجوه حزبه ونظرائه. والنهي عن هذين الامرين بالنسبة إلى المنافق، معناه ومفهومه مطلوبية هذين الامرين (الصلاة والقيام على القبر) بالنسبة لغيره أي للمؤمن.

والان يجب أن ننظر في قوله تعالى:( ولا تَقُم عَلى قَبره ) ما

١٦

معناه؟

هل المعنى هو القيام وقت الدفن فقط، حيث لا يجوز ذلك للمنافق ويستحب للمؤمن، أو المعنى أعم من وقت الدفن وغيره؟

إنّ بعض المفسّرين وإن خصّوا القيامَ نفياً وإثباتاً بوقت الدفن لكن البعض الاخر فسروه في كلا المجالين بالاعم من وقت الدفن وغيره.

قال السيوطي في تفسيره: ولا تَقم على قبره لدفن أو زيارة(١) .

وقال الالوسي البغدادي: ويفهم من كلام بعضهم أنّ «على» بمعنى «عند» والمراد: لاتقف عند قبره للدفن أو للزيارة(٢) .

وقال الشيخ إسماعيل حقّي البروسي:( ولاتَقُم على قبره ) أي ولا تقف عند قبره للدفن أو للزيارة والدعاء(٣) .

إلى غير ذلك من المفسرين، وقد سبقهم البيضاوي في تفسيره(٤) .

والحقّ مع من أخذ بإطلاق الاية وإليك توضيحه:

إنّ الاية; تتشكل من جملتين:

الاُولى:

قوله تعالى:( ولا تصلّ على أحد منهم ماتَ أبداً ) .

إنّ لفظة «أحد» بحكم ورودها في سياق النفي تفيد العموم

____________________

(١) السيوطي، تفسير الجلالين: سورة التوبة في تفسيره الاية.

(٢) الالوسي البغدادي، روح المعاني ١٠: ١٥٥.

(٣) البروسي، روح البيان ٣: ٣٧٨.

(٤) البيضاوي، أنوار التنزيل ١: ٤١٦، طبعة دار الكتب العلمية، بيروت.

١٧

والاستغراق لجميع الافراد، ولفظة «أبداً» تفيد الاستغراق الزمني، فيكون معناها: لا تصل على أحد من المنافقين في أيّ وقت كان.

فمع الانتباه إلى هذين اللَّفظين نعرف - بوضوح - أنّ المراد من النهي عن الصلاة على الميّت المنافق ليس خصوص الصلاة على الميت عند الدفن فقط، لانّها ليست قابلة للتكرار في أزمنة متعدّدة، ولو أُريد ذلك لم تكن هناك حاجة إلى لفظة «أبداً»، بل المراد من الصلاة في الاية مطلق الدعاء والترحّم سواء أكان عند الدفن أم غيره.

فإن قال قائل: إنّ لفظة «أبداً» تأكيد للاستغراق الافرادي لا الزماني.

فالجواب بوجهين:

١ - انّ لفظة «أحد» أفادت الاستغراق والشمول لجميع المنافقين بوضوح فلا حاجة للتأكيد.

٢ - انّ لفظة «أبداً» تستعمل في اللّغة العربية للاستغراق الزماني، كما في قوله تعالى:( وَلا أنْ تَنكِحُوا أزواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أبَداً ) (الاحزاب/٥٣).

فالنتيجة أنّ المقصود هو النهي عن الترحّم على المنافق وعن الاستغفار له، سواء أكان بالصلاة عليه عند الدفن أم بغيرها.

الثانية:

( ولاَ تقُمْ عَلى قَبْرِهِ ) إنّ مفهوم هذه الجملة - مع الانتباه إلى أنّها معطوفة على الجملة السابقة - هو: «لا تَقُم على قبر أحد منهم مات أبداً» لانّ كل ما ثبت للمعطوف عليه من القيد - أعني «أبداً» - يثبت للمعطوف أيضاً، ففي هذه الحالة لا يمكن القول بأنّ المقصود من

١٨

القيام على القبر هو وقت الدفن فقط، لانّ المفروض عدم إمكان تكرار القيام على القبر وقت الدفن، كما كان بالنسبة للصلاة، ولفظة «أبداً» المقدّرة في هذه الجملة الثانية تفيد إمكانية تكرار هذا العمل، فهذا يدل على أنّ القيام على القبر لايختصّ بوقت الدفن.

وإن قال قائل: إنّ لفظة «أبداً» المقدّرة في الجملة الثانية معناها الاستغراق الافرادي.

قلنا: قد سبق الجواب عليه، وأنّ لفظة «أحد» للاستغراق الافرادي، لا لفظة «أبداً» فهي للاستغراق الزماني.

فيكون معنى الاية الكريمة: أنّ الله تعالى ينهى نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن مطلق الاستغفار والترحّم على المنافق، سواء كان بالصلاة أو مطلق الدعاء، وينهى عن مطلق القيام على القبر، سواء كان عند الدفن أو بعده.

ومفهوم ذلك هو أنّ هذين الامرين يجوزان للمؤمن.

وبهذا يثبت جواز زيارة قبر المؤمن وجواز قراءة القرآن على روحه، حتى بعد مئات السنين.

هذا بالنسبة إلى المرحلة الاُولى وهي أصل الزيارة من وجهة نظر القرآن، وأمّا بالنسبة إليها من ناحية الاحاديث فإليك بيانها:

زيارة القبور في السنّة النبوية

إنّ النبيّ الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله جسّد بعمله مشروعية زيارة القبور - مضافاً إلى أنّه أمر بها كما مرّ - وعلّم كيفيتها وكيف يتكلّم الانسان مع الموتى، فقد ورد في غير واحد من المصادر، أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله زار البقيع، وإليك

١٩

النصوص:

١ - روى مسلم عن عائشة أنّها قالت: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّما كان ليلتها من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون، غداً مؤجِّلون وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون، اللّهمّ اغفر لاهل بقيع الغرقد»(١) .

٢ - وعن عائشة في حديث طويل أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لها: «أتاني جبرئيل فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم» قالت: قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: «قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ورحم الله المستقدمين منّا والمستأخرين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون»(٢) .

٣ - وروى ابن بريدة عن أبيه قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يُعلِّمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول: - في رواية أبي بكر - «السلام على أهل الديار» وفي رواية زهير: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنّا إن شاء الله للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية»(٣) .

٤ - عن ابن بريدة عن أبيه: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها»(٤) .

٥ - وروي في كنز العمال الروايات التالية: «السلام عليكم دار قوم

____________________

(١) مسلم، الصحيح ٧: ٤١.

(٢) مسلم، الصحيح ٧: ٤٤ - النسائي، السنن ٤: ٩١.

(٣) مسلم، الصحيح ٧: ٤٥.

(٤) مسلم، الصحيح ٧: ٤٦ - الترمذي، السنن ٣: ٣٧٠ ح ١٠٥٤ - النسائي، السنن ٤: ٨٩.

٢٠

الجنابة وكان لوط وآله يتنظفون من الغائط ويتطهرون من الجنابة، وكان لوط ابن خالة إبراهيم وإبراهيم ابن خالة لوط وكانت امرأة إبراهيم سارة أخت لوط، وكان إبراهيم ولوط نبيين مرسلين منذرين، وكان لوط رجلا سخيا كريما يقري الضيف(١) إذا نزل به ويحذره قومه، قال: فلما راى قوم لوط ذلك قالوا: انا ننهاك عن العالمين لا تقرى ضيفا ينزل بك، فانك ان فعلت فضحنا ضيفك وأخزيناك فيه، وكان لوط إذا نزل به الضيف كتم أمره مخافة أن يفضحه قومه، وذلك ان لوطا كان فيهم لا عشيرة له. قال: وان لوطا وإبراهيم لا يتوقعان نزول العذاب على قوم لوط، وكانت لإبراهيم ولوط منزلة من الله شريفة، وان الله تبارك وتعالى كان إذا هم بعذاب قوم لوط أدركته فيهم مودة إبراهيم وخلته ومحبة لوط فيراقبهم فيه فيؤخر عذابهم، قال أبو جعفر: فلما اشتد أسف الله على قوم لوط وقدر عذابهم وقضاه أحب أن يعوض إبراهيم من عذاب قوم لوط بغلام عليم فيسلى به مصابه بهلاك قوم لوط، فبعث الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسماعيل، فدخلوا عليه ليلا ففزع منهم وخاف أن يكونوا سراقا، قال: فلما ان رأته الرسل فزعا وجلا قالوا: سلاما قال سلام( قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ قالَ ) أبو جعفرعليه‌السلام : والغلام العليم هو إسمعيل من هاجر فقال إبراهيم للرسل:( أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ ) فقال إبراهيم للرسل: فما خطبكم بعد البشارة؟( قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ) انهم كانوا قوما فاسقين لننذرهم عذاب رب العالمين، قال أبو جعفرعليه‌السلام : فقال إبراهيم للرسل:( إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ ) ( فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قالُوا بَلْ جِئْناكَ بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ ) يقول: من عذاب الله لننذر قومك العذاب( فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ ) يا لوط إذا مضى من يومك هذا سبعة أيام ولياليها( بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام فقضوا إلى لوط ذلك الأمر

__________________

(١) قرى الضيف: أضافه وأجاره وأكرمه.

٢١

( أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ ) قال أبو جعفرعليه‌السلام : فلما كان يوم الثامن مع طلوع الفجر قدم الله رسلا إلى إبراهيم يبشرونه بإسحاق ويعزونه بهلاك قوم لوط «الحديث» وقد كتبناه بتمامه في هود.

٧٥ ـ في كتاب الخصال عن الصباح مولى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كنت مع أبي عبد الله فلما مررنا بأحد قال: ترى الثقب الذي فيه؟ قلت: نعم، قال اما انا فلست أراه. وعلامة الكبر ثلث: كلال البصر(١) وانحناء الظهر ورقة القدم.

٧٦ ـ في تفسير العيّاشي عن صفوان الجمال قال: صليت خلف أبي عبد اللهعليه‌السلام فأطرق ثم قال: أللهمّ لا تقنطني من رحمتك، ثم جهر فقال:( وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ) .

٧٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى معاذ بن جبل حديث طويل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول فيه: قال الله يا ابن آدم بإحساني إليك قويت على طاعتي وبسوء ظنك بي قنطت من رحمتي.

٧٨ ـ في بصائر الدرجات حدثني السندي بن الربيع عن الحسن بن عليّ بن فضال عن علي بن رئاب عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ليس مخلوق إلّا وبين عينيه مكتوب: مؤمن أو كافر، وذلك محجوب عنكم وليس محجوبا عن الائمة من آل محمد صلوات الله عليهم، ثم ليس يدخل عليهم أحد إلّا عرفوه مؤمن أو كافر، ثم تلا هذه الآية: إنّ في ذلك لآيات للمتوسمين.

٧٩ ـ أحمد بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن البرة عن علي بن حسان عن عبد الكريم بن كثير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ويحك يا أبا سليمان! إنّه ليس من عبد يولد إلّا كتب بين عينيه مؤمن أو كافر، قال اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) نعرف عدونا من ولينا، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٠ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن ابن ابى عمير قال: أخبرنى أسباط بياع الزطي قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فسئله

__________________

(١) كل بصره: أعيا ونبأ ولم يحقق المنظور.

٢٢

رجل عن قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

٨١ ـ محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب عن يحيى بن إبراهيم، قال حدثني أسباط بن سالم قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام فدخل عليه رجل من أهل هيت(١) فقال له: أصلحك الله ما تقول في قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم.

٨٢ ـ محمد بن إسمعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: هم الامة، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور اللهعزوجل في قول الله(٢) عزوجل ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) .

٨٣ ـ محمد بن يحيى عن الحسن بن عليّ الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) فقال: هم الائمة( وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) قال: لا يخرج منا أبدا.

٨٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في قوله:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المتوسم وأنا من بعده، والائمة من ذريتي المتوسمون وفي نسخة اخرى: أحمد بن مهران عن محمد بن عليّ عن محمد بن أسلم عن إبراهيم بن أيوب باسناده مثله.

٨٥ ـ أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى عن الحسن بن عليّ الكوفي عن عبيس بن هشام عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن الامام فوض الله إليه كما فوض إلى سليمان بن داود؟ فقال: نعم وذلك ان رجلا سأله عن مسألة فأجابه فيها، وسأله

__________________

(١) هيت: بلدة على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار ذات نخل كثير وخيرات واسعة واسم قرية في نواحي دمشق أيضا.

(٢) متعلق بقوله: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢٣

آخر عن تلك المسألة فأجابه بغير جواب الاول، ثم سأله آخر فأجابه بغير جواب الأولين ثم قال:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ ) أعط بغير حساب» وهكذا هي في قراءة علىعليه‌السلام ، قال: فقلت: أصلحك الله فحين أجابهم بهذا الجواب يعرفهم الامام؟ قال: سبحان الله أما تسمع الله يقول:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) وهم الائمة( وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) لا تخرج منها أبدا، ثم قال لي: نعم ان الامام إذا أبصر إلى الرجل عرفه وعرف لونه، وان سمع كلامه من خلف حائط عرفه وعرف ما هو، ان الله يقول:( وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ ) وهم العلماء، فليس يسمع شيئا من الأمر ينطق به إلّا عرفه ناج أو هالك، فلذلك يجيبهم بالذي يجيبهم.

٨٦ ـ في روضة الواعظين للمفيد (ره) بعد أن ذكر الصادقعليه‌السلام وروى عنه حديثا وقالعليه‌السلام : إذا قام قائم آل محمدعليه‌السلام حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه. ويخبر كل قوم بما استنبطوه، ويعرف وليه من عدوه بالتوسم قال اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) .

٨٧ ـ في مجمع البيان وقد صح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله، قال: إنّ لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم، ثم قرء هذه الآية.

٨٨ ـ وروي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال: نحن المتوسمون والسبيل فينا مقيم، والسبيل طريق الجنة، ذكره عليّ بن إبراهيم في تفسيره(١) .

٨٩ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضاعليه‌السلام في وجه دلائل الائمة والرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله، حدّثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضى الله عنه قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الأنصاري عن الحسن بن الجهم قال: حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضاعليه‌السلام وقد اجتمع الفقهاء

__________________

(١) «الذي في تفسير عليّ بن إبراهيم الرواية الاخيرة»، وانما لم نأخذها منه لأنها فيه بلفظ «قال» كما هي عادته، فأخذناها من مجمع البيان للتصريح باسمه فيهعليه‌السلام . «منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٢٤

وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم فقال له: يا بن رسول الله بأي شيء تصح الامامة لمدعيها؟ قال: بالنص والدليل، قال له: فدلالة الامام فيما هي؟ قال: في العلم واستجابة الدعوة قال فما وجه أخباركم مما يكون؟ قال ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله، قال: فما وجه أخباركم مما في قلوب الناس؟ قال له: أما بلغك قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله على قدر ايمانه ومبلغ استبصاره وعلمه، وقد جمع الله للائمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين، وقالعزوجل في كتابه العزيز:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) فأول المتوسمين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم أمير المؤمنينعليه‌السلام من بعده، ثم الحسن والحسين والائمة من ولد الحسين إلى يوم القيمة، قال: فنظر إليه المأمون فقال له: يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل البيت، فقال الرضاعليه‌السلام : إنّ الله تعالى قد أيدنا بروح منه مقدسة مطهرة، ليست بملك، لم تكن مع أحد ممن مضى إلّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي مع الائمة منا تسددهم وتوفقهم، وهو عمود من نور بيننا وبين الله تعالى.

٩٠ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إذا قام القائمعليه‌السلام لم يقم بين يديه أحد من خلق الرحمان إلّا عرفه صالح هو أم طالح، ألا وفيه آية للمتوسمين وهو سبيل المقيم.

٩١ ـ في كتاب معاني الأخبار الهلالي أمير المدينة يقول: سألت جعفر بن محمد فقلت له: يا بن رسول الله في نفسي مسألة أريد أن أسئلك عنها، قال: إنْ شئت أخبرتك بمسألتك قبل أن تسألنى، وان شئت فاسئل، قال: فقلت له: يا بن رسول الله وبأي شيء تعرف ما في نفسي قبل سؤالى عنه؟ قال: بالتوسم والتفرس، أما سمعت قول اللهعزوجل :( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) وقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اتقوا فراسة المؤمن فانه ينظر بنور الله.

٩٢ ـ في تفسير العيّاشي عن عبد الرحمن بن سالم الأشل رفعه في قوله:( لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) قال: هم آل محمد الأوصياءعليهم‌السلام .

٢٥

٩٣ ـ عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام [ان] في الامام آية للمتوسمين، وهو السبيل المقيم، ينظر بنور الله وينطق عن الله، لا يعزب عنه شيء مما أراد.

٩٤ ـ عن جابر بن يزيد الجعفي قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : بينما أمير المؤمنينعليه‌السلام جالس بمسجد الكوفة قد احتبى بسيفه والقى برنسه وراء ظهره(١) إذ أتته امرأة مستعدية على زوجها، فقضى للزوج على المرأة، فغضبت فقالت: لا والله ما هو كما قضيت، لا والله ما تقضى ولا تعدل بالرعية، ولا قضيتك عند الله بالمرضية، قال: فنظر إليها أمير المؤمنينعليه‌السلام فتأملها ثم قال لها: كذبت يا جرية يا بذية أيا سلسع أيا سلفع(٢) أيا التي تحيض من حيث لا تحيض النساء، قال: فولت هاربة وهي تولول وتقول: يا ويلي ويلي ويلي ثلثا، قال فلحقها عمرو بن حريث(٣) فقال لها: يا امة الله أسئلك، فقالت: ما للرجال والنساء في الطرقات؟ فقال: انك استقبلت أمير المؤمنين عليّا بكلام سررتينى به ثمّ قرعك أمير المؤمنين بكلمة فوليت مولولة؟ فقالت: إنّ ابن أبى طالب والله استقبلني فأخبرنى بما هو كتمته من بعلى منذ ولى عصمتي، لا والله ما رأيت طمثا من حيث يرينه النساء، قال: فرجع عمرو بن حريث إلى أمير المؤمنين فقال: له يا أمير المؤمنين ما نعرفك بالكهانة فقال له: وما ذلك يا ابن حريث؟ فقال له يا أمير المؤمنين ان هذه المرأة ذكرت انك أخبرتها بما هو فيها وانها لم تر طمثا قط من حيث تراه النساء، فقال له: ويلك يا بن حريث ان الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفى عام، وركب الأرواح في الأبدان، فكتب بين أعينها

__________________

(١) احتبى احتباء: جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها ليستند إذ لم يكن للعرب في البوادي جدران تستند إليها في مجالسها، والبرنس، قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر ـ الإسلام. كل ثوب رأسه ملتزق به.

(٢) البذية: الفحاشة. والسلفع: السليط. وامرأة سلفع يستوي فيه المذكر والمؤنث. يقال: سليطة جريئة. ولم أجد للسلسع معنى في كتب اللغة.

(٣) عمرو بن حريث القرشي المخزومي من أعداء أمير المؤمنينعليه‌السلام وأولياء بني أميّة ويظهر من هذا الحديث خبثه وزندقته وعداوتهعليه‌السلام ، وقد ورد في ذمه روايات كثيرة فراجع تنقيح المقال وغيره.

٢٦

كافر ومؤمن، وما هي مبتلاة به إلى يوم القيمة، ثم أنزل بذلك قرآنا على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال:( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المتوسم ثم انا من بعده، ثم الأوصياء من ذريتي من بعدي، إنّي لما رأيتها تأملتها فأخبرتها بما هو فيها ولم أكذب.

٩٥ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفيه قالعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) قال: العفو من غير عتاب.

٩٦ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيهعليهما‌السلام قال قال علي بن الحسين زين العابدينعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) قال: العفو من غير عتاب.

٩٧ ـ في تهذيب الأحكام محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن محمد بن أبى عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن السبع( الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) هي الفاتحة؟ قال: نعم، قلت: بسم الله الرحمن الرحيم من السبع المثاني؟ قال: نعم هي أفضلهن.

٩٨ ـ في تفسير العيّاشي ابن عبد الرحمن عمن رفعه قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: هي سورة الحمد، وهو سبع آيات: منها( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) وانما سميت المثاني لأنها تثنى في الركعتين.

٩٩ ـ عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: إذا كانت لك حاجة فاقرأ المثاني وسورة اخرى وصل ركعتين وادع الله. قلت: أصلحك الله وما المثاني؟ فقال: فاتحة الكتاب:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) .

١٠٠ ـ عن سورة بن كليب عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: نحن المثاني التي أعطى نبينا.

١٠١ ـ عن يونس بن عبد الرحمن عمن رفعه قال: سألت أبا عبد الله عن قول الله:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: إنّ ظاهرها الحمد، وباطنها

٢٧

ولد الولد، والسابع منها القائمعليه‌السلام (١) .

١٠٢ ـ قال حسان: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: ليس هكذا تنزيلها، إنّما هي:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) [نحن هم] والقرآن العظيم» ولد الولد.

١٠٣ ـ عن القاسم بن عروة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول الله:( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: سبعة أئمة والقائم.

١٠٤ ـ عن السدي عمن سمع عليّاعليه‌السلام يقول:( سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) فاتحة الكتاب.

١٠٥ ـ عن سماعة قال: قال أبو الحسنعليه‌السلام :( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: لم يعط الأنبياء إلّا محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهم السبعة الائمة الذين يدور عليهم الفلك، «والقرآن العظيم» محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠٦ ـ عن محمد بن مسلم عن أحدهماعليه‌السلام قال: سٌّألته عن قوله:( آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال: فاتحة الكتاب يثنى فيها القول.

١٠٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: قال عليٌّعليه‌السلام لبعض أحبار اليهود في أثناء كلام طويل يذكر فيه مناقب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : وزاد الله عز ذكره محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله السبع الطوال، وفاتحة الكتاب، وهي السبع( الْمَثانِي، وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) .

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره): ولعلهم إنّما عدوا سبعا باعتبار اسمائهم فانها سبعة، وعلى هذا فيجوز أن يجعل المثاني من الثناء، وأن يجعل من التثنية باعتبار تثنيتهم مع القرآن، وأن يجعل كناية عن عددهم الاربعة عشر بأن يجعل نفسه واحدا منهم بالتغاير الاعتباري بين المعطى والمعطى له «انتهى».

وقال بعض: إنّ المراد بالسبع المثاني النبي والائمة وفاطمة عليهم‌السلام فهم أربعة عشر سبعة وسبعة، لقوله: المثاني، فكل واحد من السبعة مثنى وللعلامة المجلسي (ره) وكذا المحدث الحر العاملي قدس‌سرهما أيضا بيان في هذا الحديث وما يتلوه في التعبير فراجع البحار ج ٧: ١١٤ وإثبات الهداة ج ٧: ١٠٢.

٢٨

١٠٨ ـ في عيون الاخبار عن الرضاعليه‌السلام حديث طويل وفي آخره: وقيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) هي من فاتحة الكتاب؟ فقال: نعم، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأها ويعدها آية منها، ويقول: فاتحة الكتاب هي السبع المثاني.

١٠٩ ـ وباسناده إلى الحسن بن عليّ عن أبيه علي بن محمد عن أبيه محمد بن عليّ عن أبيه الرضا عن آبائه عن عليٍّعليه‌السلام أنّه قال: إنّ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) آية من فاتحة الكتاب، وهي سبع آيات تمامها( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: إنّ الله تعالى قال لي: يا محمّد( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) فأفرد الامتنان على بفاتحة الكتاب وجعلها بإزاء القرآن العظيم.

١١٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده إلى أبى سلام عن بعض أصحابنا عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونحن وجه الله، نتقلب في الأرض بين أظهر كم عرفنا من عرفنا، ومن جهلنا فامامه اليقين(١) .

وفى أصول الكافي مثله.

١١١ ـ في مجمع البيان السبع المثاني هي فاتحة الكتاب وهو قول عليٍّعليه‌السلام وروى ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام .

١١٢ ـ في أصول الكافي عليّ بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن سعد الإسكاف قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أعطيت السور الطوال مكان التوراة، وأعطيت المئين مكان الإنجيل(٢) وأعطيت المثاني مكان الزبور.

١١٣ ـ أبو على الأشعري عن الحسن بن علي بن عبد الله وحميد بن زياد عن الخشاب جميعا

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في تفسير العيّاشي وتفسير عليّ بن إبراهيم والمنقول عنهما في البحار وغيره «فامامه السعير» وهو الظاهر ويحتمل التصحيف أيضا، ولم أظفر على الحديث في مظانه في أصول الكافي.

(٢) قد مر في المجلد الاول صفحة ٢٥٨ لهذا الحديث بيان عن الطبرسي (ره) في الذيل فراجع.

٢٩

عمرو بن جميع عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ومن أوتى القرآن فظن ان أحدا من الناس أوتى أفضل مما أوتى، فقد عظم ما حقر الله، وحقر ما عظم الله.

١١٤ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن علي بن الحسينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أعطاه الله القرآن فرأى ان رجلا اعطى أفضل مما أعطى فقد صغر عظيما، وعظم صغيرا، والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة.

١١٥ ـ في تفسير العيّاشي عن حماد عن بعض أصحابه عن أحدهماعليهما‌السلام قول الله:( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ ) قال: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نزل به ضيقة، [فاستسلف من يهودي](١) فقال اليهودي: والله ما لمحمد ثاغية ولا راغية(٢) فعلى ما أسلفه؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي لامين الله في سمائه وأرضه ولو ائتمنتني على شيء لأديته إليك، قال: فبعث بدرقة(٣) فرهنها عنده، وأنزلت عليه:( وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) .

١١٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما نزلت هذه الآية( لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لم يتعز بعزاء الله تقطعت نفسه على الدنيا حسرات، ومن رمى ببصره إلى ما في يدي غيره كثر همه ولم يشف غيظه، ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة إلّا في مطعم أو ملبس فقد قصر علمه ودنا عذابه، ومن أصبح على الدنيا حزينا أصبح على الله ساخطا، ومن شكى مصيبة نزلت به فانما يشكو ربه، ومن دخل النار من هذه الامة ممن قرأ القرآن فهو ممن يتخذ آيات الله هزوا، ومن أتى ذا ميسرة فتخشع له طلب ما في يديه ذهب ثلثا دينه.

__________________

(١) استسلف: اقترض.

(٢) الثاغية: الشاة، والراغية: الناقة.

(٣) الدرقة ـ محركة ـ: الترس من الجلود. ليس فيه خشب ولا عقب.

٣٠

١١٧ ـ في مجمع البيان وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا ينظر إلى ما يستحسن من الدنيا.

١١٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قال عليّ بن إبراهيم في قوله:( الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ ) قال: قسموا القرآن ولم يؤلفوه على ما أنزله الله، فقال:( لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ ) .

١١٩ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما قال: قال في الذين أبرزوا القرآن عضين، قال: هم قريش.

١٢٠ ـ في أصول الكافي محمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن الحسن بن عباس بن الحريش عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : سئل رجل أبى فقال: يا ابن رسول الله سآتيك بمسئلة صعبة، أخبرنى عن هذا العلم ما له لا يظهر كما كان يظهر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ قال: فضحك أبىعليه‌السلام وقال: أبى الله أن يطلع على علمه إلّا ممتحنا للايمان، كما قضى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصبر على أذى قومه ولا يجاهدهم إلّا بامره، فكم من اكتتام قد اكتتم به، حتّى قيل له:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) وايم الله إنّه لو صدع قبل ذلك لكان آمنا، ولكنه إنّما نظر في الطاعة وخاف الخلاف، فلذلك كف فوددت أن عينك تكون مع مهدي هذه الامة، والملائكة بسيوف آل داود بين السماء والأرض، تعذب أرواح الكفرة من الأموات، وتلحق بهم أرواح أشباههم من الأحياء، ثم اخرج سيفا ثم قال: ها ان هذا منها قال: فقال أبى: أي والذي اصطفى محمدا على البشر، قال: فرد الرجل اعتجاره(١) وقال: انا إلياس، ما سألتك عن أمرك وبى منه جهالة، غير أنّي أحببت أن يكون هذا الحديث قوة لأصحابك، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى محمد بن عليّ الحلبي

__________________

(١) الاعتجار: لف العمامة على رأسه. والرد هنا في مقابل الفتح المذكور في صدر الحديث في قوله: «ففتح الرجل عجيرته واستوى جالسا وتهلل وجهه اه» وان شئت الوقوف على تمام الحديث راجع الأصول: باب شأن( إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) الحديث الاول.

٣١

عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اكتتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مختفيا خائفا خمس سنين، ليس يظهر أمره وعلىعليه‌السلام معه وخديجة، ثم أمره اللهعزوجل أن يصدع بما أمر، فظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأظهر أمره.

١٢٢ ـ وفي خبر آخر أنّهعليه‌السلام كان مختفيا بمكة ثلث سنين.

١٢٣ ـ وباسناده إلى عبد الله بن عليّ الحلبي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: مكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة بعد ما جاء الوحي عن الله تبارك وتعالى ثلثة عشر سنة، منها ثلث سنين مختفيا خائفا لا يظهر، حتّى أمره اللهعزوجل ان يصدع بما أمر، فأظهر حينئذ الدعوة.

١٢٤ ـ في تفسير العيّاشي عن محمد بن عليّ الحلبي عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: اكتتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكة سنين ليس يظهر وعلى معه وخديجة، ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر وظهر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب، فاذا أتاهم قالوا: كذاب امض عنا.

١٢٥ ـ عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها ) قال: نسختها:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) .

١٢٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) فانها نزلت بمكة بعد أن نبئ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بثلث سنين، وذلك ان النبوة نزلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين وأسلم على يوم الثلثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم دخل أبو طالب إلى النبي وهو يصلى وعلى بجنبه، وكان مع أبي طالب جعفر فقال له أبو طالب: صل جناح ابن عمك، فوقف جعفر على يسار رسول الله فبدر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من بينهما، فكان يصلى رسول الله وعلىعليه‌السلام وجعفر وزيد بن حارثة وخديجة، فلما أتى لذلك ثلث سنين، أنزل الله عليه:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) وكان المستهزؤن برسول الله خمسة الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن المطلب، والأسود بن عبد يغوث، و

٣٢

الحارث بن طلاطلة الخزاعي، فمر الوليد بن المغيرة وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه لما كان بلغه من أذائه واستهزائه، فقال: أللهمّ أعم بصره، واثكله بولده، فعمي بصره وقتل ولده ببدر(١) فمر الوليد بن المغيرة برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه جبرئيلعليه‌السلام ، فقال جبرئيل: يا محمّد هذا الوليد بن المغيرة وهو من المستهزئين بك. قال: نعم، وقد كان مر برجل من خزاعة وهو يريش نبالا له، فوطئ على بعضها فأصاب أسفل عقبه قطعة من ذلك، فدميت فلما مر بجبرئيلعليه‌السلام أشار إلى ذلك، فرجع الوليد إلى منزله ونام على سريره، وكانت ابنته نائمة أسفل منه فانفجر الموضع الذي أشار إليه جبرئيلعليه‌السلام أسفل عقبه فسال منه الدم حتّى صار إلى فراش ابنته، فانتبهت ابنته فقالت: يا جارية أتحل وكاء القربة(٢) ؟ قال الوليد: ما هذا وكاء القربة ولكنه دم أبيك، فاجمعى لي ولدي وولد أخى فانى ميت فجمعتهم فقال لعبد الله بن أبي ربيعة: إنّ عمارة بن الوليد بأرض الحبشة بدار مضيعة، فخذ كتابا من محمد إلى النجاشي ان يرده، ثم قال لابنه هاشم وهو أصغر ولده: يا بنى أوصيك بخمس خصال فاحفظها: أوصيك بقتل أبي دهم الدوسي فانه غلبني على امرأتى وهي بنته، ولو تركها وبعلها كانت تلد لي ابنا مثلك، ودمي في خزاعة وما تعمدوا قتلى، وأخاف ان تفتنوا بعدي، ودمي في بنى خزيمة بن عامر ودياتي(٣) في ثقيف فخذه ولا سقف نجران على مائتا دينار فاقضها، ثم فاضت نفسه، ومر ربيعة بن الأسود برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأشار جبرئيل إلى بصره فعمي ومات، ومر به الأسود بن عبد يغوث، فأشار جبرئيل إلى بطنه فلم يزل يستسقى حتّى شق بطنه، ومر العاص بن وائل فأشار جبرئيل إلى رجله فدخل يداه(٤) في أخمص قدميه وخرجت من ظاهره

__________________

(١) وفي المصدر بعد قوله «ببدر» هكذا: «وكذلك دعا على الأسود بن عبد يغوث والحارث بن طلاطلة الخزاعي، فمر الوليد اه».

(٢) الوكاء ـ ككتاب ـ: رباط القربة.

(٣) وفي السيرة لابن هشام «ربائى». وفي المصدر «دياني».

(٤) كذا في النسخ والظاهر أنّه مصحف وفي المصدر والمنقول عنه في البحار وغيره «فدخل عود في أخمص قدمه اه».

٣٣

ومات، ومر ابن الطلاطلة فأشار جبرئيل إلى وجهه فخرج إلى جبال تهامة فأصابته السمائم(١) واستسقى حتّى انشق بطنه، وهو قول الله:( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقام على الحجر فقال: يا معشر قريش، يا معاشر العرب ادعو كم إلى شهادة ان لا إله إلّا الله، وانى رسول الله، وأمر كم بخلع الأنداد والأصنام فأجيبوني تملكون بها العرب، وتدين لكم العجم، وتكونون ملوكا في الجنة، فاستهزؤا منه وقالوا: جن محمد بن عبد الله، ولم يجسروا عليه لموضع أبي طالب، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب ان ابن أخيك قد سفه أحلامنا وسب آلهتنا، وأفسد شباننا، وفرق جماعتنا، فان كان يحمله على ذلك الغرم جمعنا له مالا فيكون أكثر قريش مالا، ونزوجه أي امرأة شاء من قريش، فقال له أبو طالب: ما هذا يا ابن أخى؟ فقال: يا عم هذا دين الله الذي ارتضاه لأنبيائه ورسله، بعثني الله رسولا إلى الناس، فقال: يا بن أخى ان قومك قد أتونى يسألوني ان أسئلك أن تكف عنهم، فقال: يا عم إنّي لا أستطيع انْ أخالف أمر ربّي، فكفّ عنه أبو طالب، ثمّ اجتمعوا إلى أبي طالب فقالوا: أنت سيد من ساداتنا فادفع إلينا محمدا لنقتله وتملك علينا، فقال أبو طالب قصيدته الطويلة، ويقول فيها: ولما رأيت القول لاود بينهم(٢) وقد قطعوا كل العرى والوسائل كذبتم وبيت الله يبزى محمد ولما نطاعن دونه ونناضل(٣) وننصره حتّى نصرع حوله ونذهل عن أبنائنا والحلائل(٤)

__________________

(١) السمائم جمع السموم: الريح الحارة.

(٢) قوله: «بينهم» في المصدر «عندهم». والعرى جمع العروة: كلما يوثق به ويعول عليه.

(٣) قوله «يبزى» أي يقهر ويغلب، قال في البحار أراد «لا يبزى» فحذف لا من جواب القسم وهي مرادة أي لا يقهر ولم نقاتل وندافع «انتهى» والصحيح كما في الغدير ج ٧: ٣٣٨ «نبزى» أي نقهر، وناضل عنه: حامي وجادل ودافع وتكلم عنه بعذره.

(٤) صرعة: طرحه على الأرض شديدا. وذهل عنه: نسيه. والحلائل جمع الحليلة: الزوجة.

٣٤

قال: فلما اجتمعت [قريش] على قتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وكتبوا الصحيفة القاطعة، جمع أبو طالب بنى هاشم وحلف لهم بالبيت والركن والمقام والمشاعر في الكعبة، لئن شاكت محمدا شوكة لاتين عليكم يا بنى هاشم فأدخله الشعب، وكان يحرسه بالليل والنهار قائما بالسيف على رأسه أربع سنين، فلما خرجوا من الشعب حضرت أبا طالب الوفاة، فدخل عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يجود بنفسه، فقال: يا عم ربيت صغيرا وكفلت يتيما، فجزاك الله عنى خيرا أعطني كلمة اشفع لك بها عند ربي، فروى أنّه لم يخرج من الدنيا حتّى أعطى رسول الله الرضا، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قمت المقام المحمود لشفعت لابي وأمي وعمى وأخ كان لي مواخيا في الجاهلية(١) .

١٢٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن عليّعليهم‌السلام قال: إنّ يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لأمير المؤمنينعليه‌السلام : فان هذا موسى بن عمران قد أرسله الله إلى فرعون وأراه الآية الكبرى؟ قال له علىعليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أرسله الله إلى فراعنة شتى مثل أبي جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة وشيبة وأبي البختري والنضر بن الحرث، وأبي بن خلف، ومنبه ونبيه إبني الحجاج، والى المستهزئين: الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي، والأسود بن عبد يغوث الزهري، والأسود بن المطلب، والحارث بن الطلاطلة فأراهم الآيات في الآفاق وفي أنفسهم حتّى تبين لهم أنّه الحق، قال اليهودي: لقد انتقم الله لموسى من فرعون؟ قال له عليعليه‌السلام : لقد كان كذلك ولقد انتقم الله جل اسمه لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من الفراعنة، فاما المستهزؤن فقد قال اللهعزوجل :( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) فقتل

__________________

(١) غير خفي على المحقق الخبير والمطالع البصير لأخبار أهل بيت العصمة صلوات الله عليه ان أبا طالب كان مؤمنا ينقى قومه ويستر دينه، وعليه الشيعة الامامية، ويعرف ذلك من سيرته وكلماته وأشعاره أيضا، وقد أفرد العلامة الأستاذ الأميني دام ظله في كتابه الغدير لذلك بابا يذكر فيه اشعاره وأحواله، ويدفع الشبهات الواهية المنقولة عن بعض العامة في ايمانه وإسلامه رضى الله عنه فراجع ج ٧ ـ: ٣٣٠ ـ ٤٠٩. فما في هذا الخبر اما هو مأخوذ عن العامة وأورده القمى (ره) على عقيدتهم، أو كان منهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ظاهر حال ابى طالب والله العالم.

٣٥

الله خمستهم كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد، فاما الوليد بن المغيرة فمر بنبل لرجل من خزاعة قد راشه ووضعه في الطريق، فأصابه شظية منه(١) فانقطع أكحله حتّى أدماه فمات، وهو يقول قتلني رب محمد، واما العاص بن وائل السهمي فانه خرج في حاجة له إلى موضع فتدهده(٢) تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات وهو يقول: قتلني رب محمد، واما الأسود بن عبد يغوث فانه خرج يستقبل ابنة زمعة فاستظل بشجرة فأتاه جبرئيلعليه‌السلام فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه: إمنع عنّى هذا فقال: ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلّا نفسك فقتله، وهو يقول: قتلني ربّ محمّد، وأمّا الأسود بن الحارث فان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا عليه أن يعمى بصره وان يثكله ولده، فلمّا كان في ذلك اليوم خرج حتّى صار إلى موضع، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي، وبقي حتّى أثكله اللهعزوجل ولده، وأمّا الحارث بن الطلاطلة فانه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا فرجع إلى أهله فقال: أنا الحارث فغضبوا عليه فقتلوه وهو يقول: قتلني ربّ محمّد، وروى ان الأسود بن الحارث أكل حوتا مالحا فأصابه عليه العطش فلم يزل يشرب الماء حتّى انشق بطنه فمات، وهو يقول: قتلني ربّ محمّد كل ذلك في ساعة واحدة، وذلك انهم كانوا بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا له: يا محمّد ننتظر بك إلى الظهر فان رجعت عن قولك وإلّا قتلناك، فدخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله منزله فأغلق عليه بابه مغتما لقولهم، فأتاه جبرئيلعليه‌السلام عن الله من ساعته فقال: يا محمّد السّلام يقرء عليك السّلام وهو يقول:( فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ) يعنى أظهر أمرك لأهل مكّة وادعهم إلى الايمان قال: يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدونى؟ قال له:( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) قال: يا جبرئيل كانوا الساعة بين يدي! قال: قد كفيتهم فاظهر أمره عند ذلك، واما بقيتهم من الفراعنة فقتلوا يوم بدر بالسيف، وهزم الله الجمع وولّوا الأدبار، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٢٧ ـ في كتاب الخصال عن أبان الأحمر رفعه قال: المستهزؤن بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

__________________

(١) الشظية: كل فلقة من شيء كفلقة العود أو القضبة.

(٢) تدهده الحجر: تدحرج.

٣٦

خمسة الوليد بن المغيرة المخزومي، والعاص بن وائل السهمي والأسود بن عبد يغوث الزهري والأسود بن المطلب، والحارث بن عطية الثقفي.

١٢٨ ـ في أصول الكافي محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه حاكيا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر من فضل وصيه ذكرا، فوقع النفاق في قلوبهم فعلم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك وما يقولون، فقال الله جل ذكره: يا محمّد و( لَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ ) ( فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ ) لكنهم يجحدون بغير حجة لهم وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتّى نزلت هذه السورة، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت إليه نفسه.

١٢٩ ـ عليّ بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : يا حفص ان من صبر صبر قليلا، وان من جزع جزع قليلا، ثم قال: عليك بالصبر في جميع أمورك، فان اللهعزوجل بعث محمدا فأمره بالصبر والرفق فصبرصلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى نالوه بالعظايم ورموه بها فضاق صدره فأنزل اللهعزوجل :( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٣٠ ـ في مجمع البيان: و( كُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ ) أي المصلين عن الضحاك وابن عباس قال: وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا حزنه أمر فرغ إلى الصلوة(١) .

__________________

(١) فرغ إلى الشيء: قصد.

٣٧

بسم الله الرحمن الرحيم

١ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده إلى أبي جعفرعليه‌السلام قال: من قرأ سورة النحل في كل شهر كفى المغرم في الدنيا، وسبعين نوعا من أنواع البلاء أهونه الجنون والجذام والبرص، وكان مسكنه في جنة عدن وهي وسط الجنان.

٢ ـ في مجمع البيان أبي بن كعب عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: من قرءها لم يحاسبه الله تعالى بالنعم التي أنعمها عليه في دار الدنيا، وان مات في يوم تلاها أو ليلته أعطى من الأجر كالذي مات وأحسن الوصية.

٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبان بن تغلب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : أول من يبايع القائمعليه‌السلام جبرئيل، ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ثم يضع رجلا على بيت الله الحرام ورجلا على بيت المقدس، ثم ينادى بصوت ذلق(١) تسمعه الخلايق:( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) .

٤ ـ عن ابن مهزيار عن القائمعليه‌السلام حديث طويل وفيه أنّهعليه‌السلام تلى:( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ) فقلت: يا سيدي يا ابن رسول الله فما الأمر؟ قال: نحن أمر اللهعزوجل وجنوده.

٥ ـ في تفسير العيّاشي عن هشام بن سالم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سئلته عن قول الله:( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) قال: إذا أخبر الله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بشيء إلى وقت فهو قوله:( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) حتّى يأتى ذلك الوقت، وقال: إنّ الله إذا أخبر ان شيئا كائن فكأنه قد كان. وفيه بعد أن نقل أبان بن تغلب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام كما نقلنا عنه سابقا، وفي

__________________

(١) الذلق: الفصيح.

٣٨

رواية أخرى عن أبان عن أبي جعفرعليه‌السلام نحوه.

٦ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم ( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) قال: نزلت لما سألت قريش رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان ينزل عليهم(١) فأنزل الله تبارك وتعالى( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ ) .

٧ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن الحسين بن أبي العلا عن سعد الإسكاف قال: أتى رجل أمير المؤمنينعليه‌السلام يسئله عن الروح أليس هو جبرئيل؟ فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : جبرئيل من الملائكة والروح غير جبرئيل، فكرر ذلك على الرجل، فقال له: لقد قلت عظيما من القول، ما أحد يزعم ان الروح غير جبرئيل، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : انك ضال تروى عن أهل الضلال يقول اللهعزوجل لنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ ) والروح غير الملائكةعليهم‌السلام .

٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إله إلّا أَنَا فَاتَّقُونِ ) يقول: بالكتاب.

وقال عليّ بن إبراهيم في قوله:( خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ) قال: خلقه من قطرة من ماء منتن(٢) فيكون خصيما متكلما بليغا، وقال أبو الجارود في قوله: و( الْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ ) والدفء: حواشي الإبل، ويقال بل هي الادفاء(٣) من البيوت والثياب.

٩ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليٍّعليه‌السلام قال: سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأدى( حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) ، قيل: وأى مال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواقع القطر، يقيم الصلوة ويؤتى الزكاة، قيل: فأى المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير

__________________

(١) وفي المصدر «أن ينزل عليهم العذاب».

(٢) وفي المصدر «من قطرة من ماء مهين».

(٣) ادفأه من الحائط وغيره كنه أي ستره.

٣٩

قيل: فأى المال بعد البقر خير؟ قال: الراسيات(١) في الوحل المطعمات في المحل(٢) نعم المال النخل، من باعه فانما ثمنه بمنزلة رماد على شاهقة( اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ ) ، إلّا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأى المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل: فأين الإبل؟ قال: فيه الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة لا يأتى خيرها إلّا من جانبها الأشأم.

١٠ ـ عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الغنم إذا أقبلت أقبلت، وإذا أدبرت أقبلت، والبقر إذا أقبلت أقبلت، وإذا أدبرت أدبرت، والإبل أعناق الشياطين إذا أقبلت أدبرت، وإذا أدبرت أدبرت، ولا يجيء خيرها إلّا من الجانب الأشأم، قيل: يا رسول الله فمن يتخذها بعد ذا؟ قال: فأين الأشقياء الفجرة؟.

١١ ـ عن الحارث قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالغنم والحرث فإنهما يروحان بخير ويغدوان بخير، قال: فقيل له: يا رسول الله فأين الإبل؟

قال: تلك أعناق الشياطين ويأتى خيرها من الجانب الأشأم، قيل: يا رسول الله ان سمع الناس بذلك تركوها فقال: إذا لا يعدمها الأشقياء الفجرة.

١٢ ـ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل ما يتخذه الرجل في منزله لعياله الشاة، فمن كان في منزلة شاة قدست عليه الملائكة مرتين في كل يوم، وكذلك في الثلاث يقول: بورك فيكم.

١٣ ـ عن الحسن بن مصعب قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : إنّ لله تعالى في كل يوم وليلة ملكا ينادى مهلا مهلا عباد الله عن المعاصي فلو لا بهائم رتع وصبية رضع وشيوخ ركع لصب عليكم العذاب صبا ترضون به رضا.

١٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: و( لَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ) قال: حين ترجع من المرعى، قوله: و( تَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ ) قال: إلى مكة والمدينة وجميع البلدان.

١٥ ـ في الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى

__________________

(١) أي الثابتات في أماكنها لا تزول لعظمها.

(٢) المحل: الشدة والجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض من الكلاء.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87