الغيبة
مؤلف: الشيخ محمد رضا الجعفري
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 46
مؤلف: الشيخ محمد رضا الجعفري
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 46
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يخفى أنّنا لازلنا بحاجة إلى تكريس الجهود ومضاعفتها نحو الفهم الصحيح والافهام المناسب لعقائدنا الحقّة ومفاهيمنا الرفيعة، ممّا يستدعي الالتزام الجادّ بالبرامج والمناهج العلمية التي توجد حالة من المفاعلة الدائمة بين الاُمّة وقيمها الحقّة، بشكل يتناسب مع لغة العصر والتطوّر التقني الحديث.
وانطلاقاً من ذلك، فقد بادر مركز الابحاث العقائدية التابع لمكتب سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني - مدّ ظلّه - إلى اتّخاذ منهج ينتظم على عدّة محاور بهدف طرح الفكر الاسلامي الشيعي على أوسع نطاق ممكن.
ومن هذه المحاور: عقد الندوات العقائديّة المختصّة، باستضافة نخبة من أساتذة الحوزة العلمية ومفكّريها المرموقين، التي تقوم نوعاً على الموضوعات الهامّة، حيث يجري تناولها بالعرض والنقد
والتحليل وطرح الرأي الشيعي المختار فيها، ثم يخضع ذلك الموضوع - بطبيعة الحال - للحوار المفتوح والمناقشات الحرّة لغرض الحصول على أفضل النتائج.
ولاجل تعميم الفائدة فقد أخذت هذه الندوات طريقها إلى شبكة الانترنت العالمية صوتاً وكتابةً.
كما يجري تكثيرها عبر التسجيل الصوتي والمرئي وتوزيعها على المراكز والمؤسسات العلمية والشخصيات الثقافية في شتى أرجاء العالم.
وأخيراً، فإنّ الخطوة الثالثة تكمن في طبعها ونشرها على شكل كراريس تحت عنوان «سلسلة الندوات العقائدية» بعد إجراء مجموعة من الخطوات التحقيقية والفنيّة اللازمة عليها.
وهذا الكرّاس الماثل بين يدي القارئ الكريم واحدٌ من السلسلة المشار إليها.
سائلينه سبحانه وتعالى أن يناله بأحسن قبوله.
مركز الابحاث العقائدية
فارس الحسّون
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلّى الله على سيّد رسله وخاتم أنبيائه محمد وآله الطيبين الطاهرين الائمة الهداة المعصومين، لا سيما أولهم مولانا أمير المؤمنين وسيد الوصيّين، وخاتمهم مولانا الامام الثاني عشر المهدي المنتظر عجّل الله فرجه وجعلنا من أنصاره وأعوانه، ولعنة الله على أعدائهم والموالين لاعدائهم والمعادين لاوليائهم من الاوّلين والاخرين، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله العلي العظيم.
اللّهم صلّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والعن من آذى نبيّك فيها من الاولين والاخرين.
السلام عليكم أيّها الاخوة ورحمة الله وبركاته.
يسعدني أن أكون ممّن أمكنه الله أن يلبّي حاجة في نفوس المعتنقين لولاء أهل البيت سلام الله عليهم أجمعين، في أمسّ مسائل العقيدة التي يواجهها إيمانهم، والتي قد يجد أعداؤهم الثغرة للطّعن في إيمانهم، وهو ما يرجع إلى مولانا الامام الحجّة المهدي المنتظر عجّل الله تعالى فرجه، خاصّة
فيما يرجع إلى غيبته.
يسعدني أن أكون ممّن وفّقهم الله تعالى لكي ألبّي هذه الحاجة في بحث أطرحه وأؤطِّره بإطارين:
الاطار الاوّل: الوقت الذي حدّد لي أن يكون البحث يكتمل إلى حدّ ما، ضمن هذا الوقت.
والثاني: الايجاز الذي تتطلبه مثل هذه البحوث التي تلقى مباشرة على السامعين، فالبحوث إن كانت طويلة وجاءت في كتاب فللقارئ أن يتجاوز صفحات أو أن يغفل صفحات ويكتفي بما يحاول أو يتلذّذ بقراءته، وأما السامع المسكين الذي لا يملك إلاّ أن يعصر أذنيه كي لا يسمع، فهذا من الصعب جداً أن يكون البحث بالنسبة إليه ممتعاً، إلاّ إذا كان إلى حدٍّ لا يجد السامع منه مللاً ولا يرى فيه نقصاً في الاداء أو إيجازاً مخلاً، فلا تكون الاسئلة التي كانت تدور في ذهنه قد بقي منها مالم يجد الاجابة عليه فيما سمعه.
ومن الله سبحانه وتعالى ومن وليّه وحجّة عصره مولانا الامام المهدي المنتظر - الذي يرانا ولا نراه والذي يعلم بحالنا ولا نعلم بحاله إلاّ ما أخبرنا الوحي به - أستمدّ أن يعينني على حسن الاداء وأن يعينكم أو يحقق لكم حسن الاستماع، إنه نعم المولى ونعم النصير.
الموضوع الذي طلب منّي أن يكون بحثي يدور في فلكه: هو ما يرجع إلى الامام المهدي سلام الله عليه في غيبته، وما انتهى إليه هذا العنصر الاعتقادي الهامّ الذي يميّز الشيعة في عددهم المبارك، يعني في العدد الاعتقادي للائمة الذي يعبّر عنه بالشيعة الاثني عشرية.
الكلام حول المهدي سلام الله عليه فيما أنا فهرستُ ووضعتُ المنهج له، وأنا أقرأ نقاط البحث، فإن وفقني الله سبحانه وتعالى كي أكمل هذه النقاط في جلستنا هذه فنعمت النتيجة للمتكلّم والسامع، وإن بقي شيء فأرجوا الله سبحانه وتعالى أن لا يكون الفاصل بين هذه الحلقة والحلقة التي تستدعيها فيما بعد، أن لا يكون الفاصل بحيث يُنسي الاولى أو لا يمكن المستمع إلى الاخرى من استماعها للفاصل الزمني الطويل.
البحث عن غيبة الامام المهدي سلام الله عليه يرتبط بالبحث عن إمامته كأحد الائمة، ولا يمكن أن يستغني عنه الباحث عن إمامة المهدي سلام الله عليه وعن البحث في غيبته، وقبل هذا نقاط أوجزها:
النقطة الاولى:
إن غيبة المهدي سلام الله عليه وظهوره كموت الخليقة وحشرها أمرٌ
قدّره الله سبحانه وتعالى - حسب رأينا نحن الامامية الاثنا عشرية - ولم يستشر فيه أحداً ولم يوكّل أمره إلى أحّد غيره.
يعني أن الله سبحانه وتعالى حينما خلق الخلق قدّر لهم النشأة الاولى هذه، وقدّر لهم النشأة الاخرى، شئنا أم أبينا، كنّا في رضىً من ذلك أم كرهناه، وذلك لحبنا لهذه العاجلة، أو مع الاسف الشديد لاننا أسأنا العمل فنكره المواجهة مع آثام العمل وآثاره.
إنّ الله سبحانه وتعالى قدّر للخلق أن تكون لهم نشأتان: نشأة في حياتهم الدنيا، ونشأة أخرى في حياتهم الاخرى، وهكذا أيضاً قدّر الله سبحانه وتعالى أن يكون عدد أوليائه إثني عشر، لا يزيدون واحداً ولا ينقصون واحداً، وقدّر لهذا الثاني عشر أن يغيب من بيننا وهو حي وأن يظهر في الزمن الذي اختاره الله سبحانه وتعالى بحكمته وقدّره بعلمه، شئنا أم أبينا.
وأعني أنّنا لسنا مختارين، ولم يجعل الله سبحانه خياراً لنا في أن نحيا ونحشر بعد أن نموت، بحيث أننا إذا وجدنا في حياتنا الاخرى تلك منشأ لذّة أحببنا الحياة، وإن وجدنا فيها آثاماً وسوء نتائج لسوء أعمالنا في هذه الحياة اخترنا أن يكون موتنا موتاً دائماً.
والذين قرأوا جداول أبي ماضي يعلمون بأن شبهة المعاد عنده أساسها هذه، هذه الشبهة لو أردنا أن ننظر إليها من ناحية تندّر وظَرَفْ، لابدّ وأنكم سمعتم أن هناك من يتندر فيقول: بأن الجوزة إن كان لابدّ لها من حامل ولا يكون إلاّ شجرة باسقة سامقة كبيرة طويلة العمر، فكيف بالبطيخة، البطيخة لابدّ أن تكون شجرتها أكبر من شجرة الجوزة، مع العلم بأن هذا تندّر أو تغفّل
أو شيء آخر أسوء من هذين، لماذا؟ لاننا واجهنا في الحياة أنّ الله سبحانه وتعالى قدّر للجوزة أن تكون ثمرة لشجرة باسقة، وأن لا يكون للبطيخ إلاّ هرش صغير.
فالعالم هو الذي يأخذ الحقائق كما هي ثم يستعين بها في حياته، يعني بحيث أننا لو أردنا أن نستحصل الجوزة علينا أن نهيء أو نغرس شجرتها وننتظر وقد يكون انتظارنا يستمر سنين إلى أن نحصل على الثمرة، وإذا أردنا أن نحصل على البطيخة، فالبطيخة أهون بكثير في استحصالها من حيث الزمن ومن حيث الغرس ومن حيث العناية بالغرس، وأسهل بكثير من الجوزة وشجرتها.
حقائق الحياة لا نملكها نحن ولا يملكها إلاّ الله سبحانه وهو الذي قدّرها واستمرّ عليها ويستمر عليها لحكمته، ولن تجد لسنة الله تبديلاً.
الامام المهدي سلام الله عليه قدّر الله بحكمته أن يكون آخر الائمة، وأن يكون مهدي هذه الامّة، وأن يكون هو الذي يملا الارض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، أو بعد ما ملئت ظلماً وجوراً، ولا فرق بين العبارتين، إلاّ ما يتخيله الانسان من أنّ كاف التشبيه قد تكون أهون من البعدية، ولا فرق بين الاثنين بحسب الواقع، وأنا أشير إلى مناقشات حصلت في الموضوع.
فالامام المهدي سلام الله عليه إرادة الله في عالم الشريعة، كما أنّ حشره سبحانه وتعالى لخلقه إرادته في عالم الخليقة والتكوين، لا فرق بين الاثنين، لم يستشر أحداً في الاولى أي في الحشر بعد الموت، ولا يستشير أحداً في
الثانية، أي إنّ الله سبحانه وتعالى هو الذي قدّر أن يكون لهذه الامّة مهدي يظهر في آخر الزمان، وأن يكون من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن ولد أمير المؤمنين (عليه السلام) والصديقة الكبرى سلام الله عليها، وأن يكون من ولد الحسين (عليه السلام)، «إنّ الله تعالى عوّض الحسين من قتله أن جعل الامامة في ذريّته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره...»(١) .
وهذه حقيقة هامّة يجب أنْ لا نغفل عنها، وهي أن إيماننا بالمهدي لا يرتبط بأنفسنا من ناحية ذاتية، بحيث أني لو أحببت المهدي أؤمن به، ولو لم أُحبّ لا أؤمن، إيماني بالمهدي خضوع وتسليم لارادة الله كإيماني بكل ما أراه من سنّة الله تبارك وتعالى في هذا الكون وسنّته في الخلق، عليّ أن أنسجم وأن أجعل نفسي وحياتي ملائمة ومنسجمة مع سنّة الله، سنن الله سبحانه وتعالى لا تكون بحيث يرضى بها أحد فتكون سنّة ويكرهها آخر فلا تكون سنّة بالنسبة إليه.
النقطة الثانية:
إنّني حينما أتكلم عن المهدي سلام الله عليه أتكلّم عن موقع المهدي والمهدوية في عقائدنا نحن الشيعة الامامية الاثنا عشرية، وتفسير هذا أنّ المهدي سلام الله عليه قد يختلف عن باقي الائمة، ومنهم أمير المؤمنين سلام الله عليه، فله جانبان: جانب اختصصنا به نحن الامامية، وجانب ثان اشترك
____________________
(١) الامالي للطوسي ٣١٧ ج ٦٤٤.
فيه معنا غيرنا من فرق المسلمين، وحتّى أمير المؤمنين سلام الله عليه له جانبان، جانب أقرّ به غيرنا من فرق المسلمين، وخاصة الفرق التي لها جانب رواية للسنّة وعناية بالحديث.
فلا أتكلم هنا عن المهدي والمهدوية عند المعتزلة، لان المعتزلة أطّروا مذهبهم باطار عقلي لا أقول بأنه صادق كلّه أو لا، مائل عن الحق أو لا، هذا خارج عن بحثي هنا، أما فِرق المسلمين التي جعلت من السنّة أساساً لعقائدها فلا تشترك معنا في الايمان بإمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولكنها تشترك معنا في القول بالمهدي وأنه يخرج في آخر الزمان.
وأنا أملك نصوصاً كثيرة تدلّ بوضوح على أنّ علماءهم في الحديث والمعنيين بالدراسات الحديثية قالوا بأن أحاديث المهدي متواترة، فقد رواها أكثر من ثلاثين صحابي وصحابية، بل وبعض الحديث الذي جاء عن بعض الصحابة كعبد الله بن مسعود، السند إلى عبد الله عندهم متواترة لكثرة مَن يرويه من رواتهم عن عبد الله.
ولكنهم حينما يجمعون أحاديثهم ويفسّرون بعضها ببعض قد يكون منهج التفسير عندهم يختلف عن منهج التفسير عندنا نحن الامامية، وقد تكون النتيجة عندهم تنتهي إلى ما لا تنتهي إليه بحوثنا العقائدية.
مثلاً نجدهم يقولون بأن الاصح أنّ المهدي سلام الله عليه من ولد الحسن (عليه السلام)، وهذا عندنا غير وارد.
أو أنّ المهدي الذي بشّر به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)كيف عرّفه؟ يقولون بأنه
جاء في كثير من الاحاديث: يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي(١) وبهذا يكون اسم أبيه الكريم عبد الله، لا الامام الحسن بن علي العسكري سلام الله عليهما.
أو أنه يخرج من أين؟ في بعض رواياتهم - وإن كانت غريبة عندهم ويستغربونها ويقولون بأنها من غريب الاحاديث - أنه يخرج من المغرب.
أنا حينما أتكلم عن المهدي سلام الله عليه، أتكلم عن موقعه الخاص في عقيدتنا نحن الامامية الاثنا عشرية خاصة، فاذا استعنت بحديث غيرنا أستعين به فيما يؤكد ويقوّي نظرتنا نحن الامامية، لا أنّي أتناول حديث غيرنا تناولاً مباشراً فأحل العقد وأبيّن جهة الاشكال وأشرح جهة النقض وحلّ هذه المشكلة، هذه كلّها اتجنبها في حديثي هذا.
وإن كنت قد ذكرت في كتابي الّذي جمعت فيه أحاديث المهدي (عليه السلام)من طرق غير الامامية كل ما يرجع إليه (عليه السلام)، وهذه الاحاديث لو قدّر أن تطبع لكانت أكثر من أربعمائة أو خمسمائة صفحة بترتيب خاص، والبحوث التي تأتي بعدها قد تفوقه بصفحات وصفحات.
____________________
(١) سنن أبي داود ٤: ١٠٦ - ١٠٧ ح٤٢٨٢.
أصل الدعوى التي عليّ أن أقيم الحجة على صحتها: أنّ المهدي والمهدوية - لا يمكن في حكمة الله سبحانه وتعالى وعلمه بحاجة عباده وأنه اللطيف الخبير يفعل ما يشاء ولكنه لا يفعل إلاّ لحكمة، ويحكم بما يريد ولكنه لا يحكم إلاّ بما كان فيه رأفة ورحمة لعباده والتزام بالعدل الذي ألزم الله به نفسه - لا يمكن أن ينفصل عن الغيبة.
وهذه الحجة أذكرها إن شاء الله بصورة عدّة مسالك، كلّ مسلك ينتهي الى أنّ المهدي سلام الله عليه قدّر الله له أن يكون أحد الائمة، فيستحيل أن لا تكون له غيبة.
فالامام العسكري سلام الله عليه ولد سنة مائتين واثنين وثلاثين من الهجرة، وجاءته الامامة سلام الله عليه بعد استشهاد أبيه الامام الهادي علي ابن محمد (عليهما السلام) سنة مائتين وأربع وخمسين من الهجرة، وفي أشهر الاقوال عند الامامية استشهد في يوم الجمعة الثامن من شوال سنة مائتين وستّين من الهجرة.
فلو حذفنا الجهات الخاصة بالفكرة عن الامام العسكري سلام الله عليه عند الامامية وقلنا: إن الامام سلام الله عليه جاءته الامامة في سنة
٢٥٤ هـ بعد موت أبيه موتاً طبيعياً، وأنه جاءته الوفاة التي قدرها الله لكل أحد بصورة طبيعية، ولم تكن هناك جريمة اشترك في إيجادها بالنسبة إلى الامام العسكري أحد لا بصورة مباشرة ولا غير مباشرة، فكانت إمامته ست سنوات.
قد نقول: بأن الله سبحانه وتعالى وجد من الحكمة أنّ الامامة للامام العسكري كافية لمدة ست سنوات، فالله سبحانه وتعالى جعله إماماً واستوفى حاجة الناس إلى إمامته ضمن ست سنوات، فست سنوات كافية في أننا نملك إماماً وضعه الله إماماً علينا، وبهذا نستفيد ما أراد الله سبحانه وتعالى من نصبه إماماً في ضمن ست سنوات.
أما الامام المهدي سلام الله عليه فلم يملك مدّة الامامة ولا يوماً واحداً، لماذا؟ لانه مادام والده الامام العسكري حي فالامامة خاصة بأبيه، وإن كان هناك إمامان لابدّ وأن يكون أحدهما صامتاً عندما يكون بقضاء الله سبحانه وتعالى غيره ناطقاً بالامامة، ويوم أن مات الامام العسكري سلام الله عليه، غاب، فما هي الحاجة إلى إمامته؟
لا أقول ماهي الحاجة بأن نكون نحن نتدخل في حكمة الله سبحانه وتعالى بفضول لا يرتضيه الله، لا، نحن نستفهم من الله سبحانه وتعالى بأنه حينما قدّر للمهدي سلام الله عليه أن تكون له إمامة آنذاك، قدرها لكي يستفيد الخلق من إمامته، وإلاّ فالله سبحانه وتعالى في غنى عن رسله وأنبيائه وعن أئمته وحججه، وإنما يرسل رسله وينصب حججه لكي يستفيد الخلق منهم، لا لحاجة من الله سبحانه وتعالى في الخلق ولا لهداية للخلق برسول يرسله إليهم أو بحجة ينصبه عليهم، وإنّما الذي يحتاج هو
الخلق والعباد، والله رأفةً بعباده يؤمِّن لهم ما يحتاجون إليه في هدايتهم كما أمّن لهم ما يحتاجون إليه في حياتهم.
أرجو أن تكونوا قد استوعبتم الدعوى، كي أقوم بسلوك الطرق المختلفة لاثبت أنّ هذه الدعوى هي التي لابدّ وأن تكون الصحيحة في المجال الاعتقادي عند الامامية الاثني عشرية، الذين لهم تفسير خاص للامامة لا يتجاوزونه، وعدد خاص للائمة لا يتجاوزونهم، ليس لهم أن يحذفوا واحداً، ولا أن يضيفوا واحداً، ولا أن يؤخروا من قدّمه الله سبحانه وتعالى، ولا أن يقدّموا من أخّره الله سبحانه وتعالى.
فالعقيدة الصحيحة لاستمرار حاجة الناس إلى النبوة وكون النبي مدّة حياته لا تتناسب مع الابدية لشريعته، لابدّ لهذا النبي من أئمة يكونون مثله في العصمة في الاداء، والعصمة في الهداية، والعصمة في قيادة الخلق.
فعقيدة الامام المهدي سلام الله عليه عند الامامية لا يمكن أن تكون بلا غيبة، لماذا؟
لانه في مقتبل عمره لم يتمكن ولا يوماً واحداً من هداية الامة حتى بالقدر الذي كان يتمكن منه آباؤه، ولم يتمكن لغيبته من اتّصال الشيعة به قدر ما كان يتمكن آبائه حتى في أحلك الظروف وأشدّها عليهم، فإذن لابد وأن تكون إمامته المتصرفة في خلقه بعد تلك الفترة، أي بعد الغيبة، فلابدّ لنا وأن نلتزم بأن الانتفاع بالامام المهدي كإمام الذي يكون مشابهاً للانتفاع بآبائه الطاهرين كأئمة لابدّ وأن يأتي في فترة أخرى بعد الغيبة.
هذه خلاصة الدعوى، وأنا إن شاء الله أبدأ بالطرق التي استخلصتها نتيجة بحثي وجمعي لمواد كثيرة من جهات شتى:
المسلك الاول
وعد الله بظهور دينه على الدين كلّه
إن الله سبحانه وتعالى وعد وعداً قاطعاً صريحاً بظهور دينه على الدين كلّه، لا يقصد بذلك دينه الذي بدأ به من أول مَن أرسله رسولاً إلى خلقه وانتهى بمن أرسله رسولاً وسيداً على المرسلين وخاتم النبيين، بل الدين الذي جاء به نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعد الله سبحانه وعداً قاطعاً بأن يظهره على الدين كلّه.
وهذا الوعد جاء ضمن آيات ثلاث، ومن غريب الامر أن آيتين منها متماثلتان، ولا أقول متشابهتان، بل متماثلتان تماماً من أول حرف من الاية إلى آخر حرف منها، وجاءتا في سورتين بينهما فاصل زمني وإن كانت السورتان كلتاهما مدنيتين.
الاولى: قوله تعالى في سورة التوبة(١) :
____________________
(١) سورة التوبة من آخر ما نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم تنزل بعدها سورة سوى المائدة، وهي آخر السور التي نزلت في عرفة في ذي الحجة من السنة العاشرة من هجرته (صلى الله عليه وآله وسلم) من المدينة المنورة، وبعدها لم يعش إلاّ أقل من ثلاثة شهور، إن أقربنا وفاته بالثامن والعشرين من صفر، أم أبعدنا الى الثاني عشر من ربيع الاول، ولكن في تلك السنة التي تلت الشهر الثاني عشر من السنة العاشرة وشهر ذي الحجة لم يعش بعدها.
( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ ) (١) .
مفهوم الاية واضح، ( هُوَ الَّذِي ) ،هذا كلّه تأكيد، ( أَرْسَلَ رَسُولَهُ ) ،فلو قال سبحانه وتعالى: الله أرسل رسوله، كان أوجز، لكن هنا ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ ) ،يعني أن الذي أرسل عليه لحكمته وعلمه وموقع رسوله هذا وموقع شريعته هذه التي جاء بها رسوله هذا، يقتضي أن يكون هو الذي يظهر هذا الدين على الدين كلّه ولو كره المشركون.
وهنا نكتة أشير إليها، وهي قوله تعالى: ( بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ ) ، فالله سبحانه وتعالى أرسل رسله السابقين على رسولنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالهدى ودين الحق، فلماذا سبحانه وتعالى يصف دينه هذا ورسوله هذا أنّه أرسله بالهدى ودين الحق ؟ والموجز في الجواب أن الاديان السابقة لم تكن هادية هداية عامة لجميع الخلق بالقياس إلى الهداية التي جاء بها نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، لا لانها ناقصة، بل لانها تهدي الانسانية في فترة قصيرة جداً من عمرها الطويل، فتلك لا تقاس بالنسبة الى الهداية التي جاء بها نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك
____________________
(١) سورة التوبة: ٣٣.
على ما يقولون: الفرد الاكمل الابرز الاوضح للهدى الذي جاء به نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهكذا دين الحق، لماذا؟ لان هذا الدين دين شرعه الله سبحانه وتعالى للبشرية إلى آخر أيام حياتها على ظهر هذا الكوكب، كم تطول؟ لا نعلم، كم ألوف من السنن؟ لا نعلم، كم عصور تتوالى عليها، لا نعلم، ولكننا نعلم شيئاً واحداً: أنّ البشرية إن كانت قد اكتملت واكتسبت مافيه كمالها، سواء أكان هذا الكمال من ناحية مادية، أم كمالاً من ناحية معنوية، فانها لم تكتسبه إلاّ في عصور حياتها الاخيرة، لا حياتها البدائية، سواء أقلنا: إن الحياة البشرية البدائية بدأت برسول من الله سبحانه وتعالى كما تقوله الاديان السماوية، أو قلنا: إن الانسان قد مرّ بأشواط وأشواط طويلة قد يؤرّخونها بملايين السنين، وقد يؤرّخون أسلاف الانسانية، وأنا أستميحكم عذراً حينما أقول بأسلاف الانسانيّة، سواءاً أكانوا يشبهون مثلاً القردة أو نفس القردة أنفسهم أو موجودات أخر، فقد مرّ على الانسانية شوط طويل إن لخصناه بامكاننا أن نقول كل ما امتدّ بها الزمن تكاملت عندها خصائصها الخاصة بها.
فكما يقولون - لا أقول: بأن هذا صحيح مائة بالمائة، ولكني أحكي ما يقولون - بأن الانسانية بدأت على ظهر هذا الكواكب تعيش من حيث المأكل كما يعيش سائر الاحياء، فقد كانت تشترك مع القردة أو الدببة التي كانت تأتي إلى الساحل المائي، فكان الدبّ يستعين بمخالبه فيصيد سمكة ويأكل كما يقولون، وأن الانسان البدائي كان يأخذ حجراً فيقف راصداً سمكة تمر عليه فيرميها بحجر ويصطادها.
والان حينما نأتي إلى أواخر عصور الانسانيّة حتى في التاريخ
المجمل المبهم لها، نجد أن الانسانيّة تستقبل الكمال ولا تستدبره.
فالتكامل يكون في مستقبل حياة الانسانيّة، والدين الذي يكون لمستقبل حياة الانسانيّة وحتى الشوط الاخير من هذه الحياة التي لا ندري متى يأتي ذلك الشوط الاخير ومتى يكون، ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماوات ومَنْ فِي الارْضِ إلاَّ مَنْ شَاءَ الله ثُمَّ نُفِخَ فِيْهِ اُخْرَى فَإذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ) (١) .
فالدين الذي جاء لتلبية حاجة الانسانية في أكمل صورها وأوفى استكمالها لكمالها الانساني، ولا أدعي بأن هذا الكمال يكون في سنين عديدة ويقابله نقص في ملايين من السنين، إن هذا شيءٌ أنا شخصيّاً أستبعده ولا أطلب الان من غيري أن يؤمن به مائة بالمائة، ولكن من البعيد جداً أن الحكمة الالهيّة تجعل من الشوط الكامل للانسانيّة أقصر أشواطها مدّة، وكيفيةً، وزمناً، ولا يأتي في ذهنكم أنّ الروايات التي تقول بأن الامام المهدي سلام الله عليه إذا خرج يملك سبعاً أو تسعاً، لا أتكلم عن هذا، فهذه كلها إن وردت لا يُقصد بها العدد الخاص من جهة، والجهة الثانية أن رجعة الائمة هي التي تكمل هذا الشوط من حياة الانسانيّة، وهو أعلى أشواطه كمالاً وإنسانيةً وتلالؤاً وامتلاءاً بأحب الصفات الالهية التي يريدها الله سبحانه وتعالى أن تتمثل في خلقه كالرحمة والمحبة و...، ولا أقصد تلك
____________________
(١) سورة الزمر: ٦٨.
الصفات التي يذكرها العارفون بالمعنى المصطلح للعرفان، الذي يرجع إلى أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق على هيأته وأن الله خلق آدم على صورته، لا أقصد هذا.
وإنّما أقول: إنّ من البعيد جداً أن تكون الانسانية لا تكتمل إلاّ في آخر لحظات حياتها، وإذا أردتُ أن أشبّه فكرتي هذه فأقول: بأن الله سبحانه وتعالى إن وعد فرداً معيناً منّا بأني سوف استوفي لك كل حاجة تحتاجها في حياتك الدنيا هذه، وفي هذا الكوكب، وفي هذه الحياة التي تسبق الموت، أستوفي لك كل حاجاتك وأؤمّن وألبّي كل رغباتك، ولكن في ساعة واحدة قبل موتك، أنا واثق بأن أيّ واحد منّا لو أن الله سبحانه وتعالى خيّره بين هذه وبين أن يعيش عيشةً متواضعةً لا أمل فيها ولا ألم، لاختار هذه العيشة المتواضعة دون أن يختار حياة مليئة بالالام تزول آلامها في آخر ساعة من حياته هذه، وأمّا أنها تعوض في الحياة الاخرى، فذاك حديث آخر.
الانسانية أيضاً هكذا، من غير المعقول لحكمة الله سبحانه وتعالى أن يقدّر لخلقه برحمته أن يخلقهم، وبرأفته أن يهديهم، وبحكمته وعلمه أن يفتح أمامهم مسلكاً يبلغون بسلوكه ما يريد الله سبحانه وتعالى منهم حينما خلقهم أن يجعل هذا في أقصر فترات حياتهم.
فأنا واثق من أن الحياة الكريمة التي تأتينا في دولة كريمة يُعزّ بها الاسلام وأهله ويضمحلّ فيها النفاق وأهله، لا أنه يخذل، بل يضمحل فيها النفاق وأهله، وأن نكون سعداء كما أراد الله سبحانه وتعالى، أن يكون دور الانسانية هذا، هي أقصر أدوار حياته على ظهر هذا الكوكب.
السيد عدنان الغريفي
المتوفى ١٣٤٠
استجار بأبي الفضل العباس (ع) يوم مرضه وقال:
ندبت أبا الفضل الذي هو لم يزل |
قديماً حديثاً في النوائب يقصد |
|
يمدّ على جسمي السقيم بكفه |
وإن لم تكن يوم الطفوف له يد |
* * *
السيد عدنان الغريفي : ابن السيد شبر بن السيد علي المشعل الأصغر ابن السيد محمد الغياث بن السيد علي المشعل الأكبر بن السيد احمد المقدس بن السيد هاشم البحراني بن السيد علوي عتيق الحسينعليهالسلام بن السيد حسين الغريفي البحراني.
ولد في البصرة في غرة جمادي الثانية سنة ١٢٨٣ ه. وتوفي في الكاظمية في الخامس من شعبان سنة ١٣٤٠ ه. ونقل إلى النجف الأشرف ودفن في إحدى حجر الصحن العلوي الشريف عن يسار الداخل من الباب السلطاني. وهو العلم الشهير الغني عن التعريف أجيز في الاجتهاد والفتوى ولم يبلغ الثلاثين من عمره وكان آية في الحفظ والذكاء. وله شعر كثير ورائق. وقد ترجمه أرباب المعاجم وكتب الدكتور حسين علي محفوظ رسالة في أحواله سمّاها ( النابغة البحراني ).
ومن شعره قوله مؤرخاً إصلاح مرقد أبي الفضل العباس (ع):
مثوى أبو الفضل العباس ثوى فيه |
مثوى تودّ الثريا أن تدانيه |
|
قصر مشيدٌ وبيت عزّ جانبه |
من أن يساويه بيت أو يضاهيه |
|
عبد المجيد علا سلطانه شرفاً |
وزاده بسطة في الحكم باريه |
|
أرسى على الشرف الأوفى قواعده |
فجازت الفلك الأعلى أعاليه |
|
أنى يضاهى علاً قل يا مؤرخه |
( مثوى أبي الفضل والسلطان بانيه ) |
أقول: زوّدنا بهذه الترجمة صديقنا العلامة الورع السيد محيي الدين الغريفي سلمه الله كما تفضّل بتراجم أعلام الاسرة وستأتي قريباً إن شاء الله، وكتب البحاثة شيخنا الشيخ اغا بزرك الطهراني عن المترجم له وقال: مات أبوه وهو صغير فربّاه خاله السيد سلمان، وكانت دراسته في النجف على عمه السيد علي والد السيد مهدي البحراني، والميرزا حبيب الله، والسيد محمد سعيد الحبوبي. وتلمذ عليه السيد ناصر الاحسائي والخطيب السيد صالح الحلي، وأخصهم به الشيخ عيسى ابن الشيخ ناصر الخاقاني القائم مقامه ووصيه والقيم على أولاده الصغار وهم: علي، حسن، محمد علي وشبير.
مؤلفاته وآثاره: قبسة العجلان، حاشية على العروة، حاشية على القوانين، ارجوزة في الحج، الأنساب المشجرة وهو عند ولده السيد حسن في المحمرة. وترجم له الخاقاني في دليل الآثار المخطوطة، قال: وقد جمعت ديوانه من مختلف المجاميع المخطوطة ويبلغ مائة وستين صفحة، وفرغت من جمعه في النجف ١٠ ذي القعدة سنة ١٣٦١ ه. وترجم له تلميذه وابن عمه السيد مهدي في بعض إحازاته. وذكر لنا الدكتور حسين علي محفوظ أنه جمع أشعاره في مجلد ضخم وأسماه ( النابغة البحراني ) ومؤلفه ( قبسة العجلان ) مطبوع طباعة حجرية وعلى هامشه قصيدته المتضمنة لحديث الكساء الشريف، وأولها:
دع عنك حزواء واترك شعب سعدان |
واستوقف العيس في أكناف كوفان |
وحدثني العلامة الجليل المغفور له السيد عباس شبر عن سيرة المترجم له شيئاً كثيراً، قال: وجاء في تاريخ وفاته على لسان الشيخ جمعة الحائري:
ونعى به الروح الأمين مؤرخاً |
عدنانُ قوّض بعدك الاسلام |
وللحاج عبد المجيد العطار مؤرخاً:
بوركت من تربة ضممت فتى |
كان لعين الزمان انسانا |
|
فما تعدّى الحجا مؤرخها |
جنات عدن مثوى لعدنانا |
ذكره صاحب الحصون المنيعة فقال: هو فاضل معاصر تركه أبوه بسن الطفولة وقد كفلته امه وسعت في تربيته فهاجر إلى النجف ودخلها وهو ابن الأربعة عشرة سنة وكان بهذا السن يحفظ أربعة عشر الف بيت من الشعر، ويحفظ القصيدة طالت أو قصرت بمجرد تلاوتها.
ومن شعره قوله وقد أرسلها للحجة الكبير الشيخ عبد الكريم الجزائري:
على الجزع حيث الجزع بالبيض مونق |
مراح بأطراف الرماح مسردق |
|
نعان لظمياء الوشاحين لم تزل |
حذاراً إذا مرت به الريح تخفق |
|
تعان بعين الشهب حصباء أرضه |
ويفضح طوق البدر بدر مطوق |
|
فكم غاضت الكف الخضيب خضيبة |
وكم دق قاب القوس قوس مفوق |
|
أعاريب لا ذل الحضارة نافق |
لديها ولا عزّ البداوة مخلق |
|
أواسط يحميها عن الضيم خلقها |
وعن شظف الألفاظ منها التخلق |
|
غيارى فلا ذكر النساء بجائز |
لديها ولا يلفى لديها التعشق |
|
إذا عبرت بالغرب زفرة عاشق |
تنفس منها بالظبا البيض مشرق |
|
وماشية مشي النزيف كأنما |
يميل بعطفيها السلاف المروق |
|
مهذبة الأطراف تحسب أنها |
كما تتشهى صوّرت يوم تخلق |
|
منعمة لو لا تورّد خدها |
لأيقنت أن الحسن إذ ماج زيبق |
أتت وجبين الغرب بالشمس أحمر |
لنا وفؤاد الشرق بالنجم أبلق |
|
على حين لا قلب الصبور بواجف |
عليها ولا ظهر الطريق مطرق |
|
فظلت تدير الطرف وهو مقسّم |
وظلت أرم القلب وهو مفرق |
|
وما أنس للأشياء لا أنس قولها |
أفق انما أنت اللبيب الموفق |
|
رويدك ان الأمر قد جدّ جده |
وان فؤاد الدهر بالسر ضيق |
|
تجاوزت مقدار الشهامة فاتئد |
فغير الذي يممته بك ألق |
|
فقلت عداك الشر لم يبق منزع |
لقوس الهوى لولا الحيا والتخلق |
|
طغى الأمر حتى لست أستطيع حمله |
وما بي لولا الحلم أبدا وأخرق |
|
جزتك الجوازي يا بثينة ما الذي |
يضرك لو اعتقت من ليس يعتق |
|
أفي الحق أن أقضي الزمان ولا أرى |
رسولاً يمنى أو كتاباً يشوق |
ومن قوله في الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع):
إمام الهدى وغياث الورى |
وحاكمها السيد المقسط |
|
إمام به هلك المبغضون |
وفي حبّه هلك المفرط |
|
كلا الجانبين عدوٌ له |
وشيعته النمط الأوسط(١) |
* * *
وسئل يوماً عما يحفظ من الشعر فأجاب انه يستحضر ثلاثين الف بيت من الشعر، وكان يحفظ أغلب المتون وشرح ابن الناظم على الألفية متناً وشرحاً، معروف بالذكاء والفطنة وسرعة البديهة.
وترجم له الخاقاني في شعراء الغري فذكر غرائب عن ذكائه وفطنته مما يدل أنه نابغة العصور، قال وكان لا يسمع شيئاً إلا حفظه حتى اللغة الأجنبية من مرة واحدة على الأكثر، ومن مرتين نادراً كاللغة التركية والفارسية والهندية
__________________
١ - ديوان السيد عدنان البحراني المخطوط.
والانجليزية. قال الخاقاني: بهذا أصبحت اصدق ما ذكره التاريخ عن ذكاء أبي العلاء المعري وحماد عجرد وأبي تمام. وقال مقترحاً على الشاعرين: السيد جعفر الحلي والسيد محمد سعيد الحبوبي تشطير هذه الأبيات الثلاثة من نوع لزوم ما لا يلزم قال:
واعجبا منك يا فؤادي |
يسعرك الدمع وهو غيث |
|
وانت يا قلب تختشيه |
وهو غزال وأنت ليث |
|
مرّ يريث الخطى وئيداً |
كذاك مشي القطاة ريث |
وفي مجموع اللغة خمس قوافي من هذا النوع، فعجز كل واحد منهما عن التشطير وسجل الخاقاني مجموعة كبيرة من شعره على الحروف الهجائية(١) .
وفي كتاب ( الرجال ) المخطوط للباحث السيد جودت القزويني:
اجتمع ذات يوم الشاعر المعروف السيد جعفر الحلي، والعلامة الشهير السيد محمد سعيد الحبوبي في الصحن الحيدري الشريف، فجاء المرحوم السيد عدنان، فقال السيد جعفر ( للاتحاد الروحي بينهما ): جاءتنا ريح السمك من البحرين!
فوصل، وسلم وقال: خير من الباقلاء فانها لا رائحة لها!
فقال السيد جعفر له: إن رائحة الشعر لتتنسم من الحلة الفيحاء من مسير خمسة فراسخ!
فقال له السيد عدنان:
إذا سالت دموع في خدود |
تبيّن من بكى ممن تباكا |
فأما ان تنظم ابياتاً، وانا اشطرها في الحال، واما ان انظم ابياتاً وامهلك إلى سنة، فاستغرب قوله، وقال قل: فقال السيد عدنان:
__________________
١ - كما قام الاستاذ هاشم محمد الغريفي البصري يجمع شعره أيضاً، ولا يزال مجموعه مخطوطاً. وفقه الله لنشره.
واعجباً منك يا فؤادي |
يسعرك الدمع وهو غيث |
|
وانت يا قلب تختشيه |
وهو غزال وانت ليث |
|
مرّ يريث الخطى وئيداً |
لذاك مشي القطاة ريث |
فقال المرحوم الحبوبي للسيد جعفر: ولا عمرك تستطيع تشطرها لأن في اللغة العربية خمس كلمات نظم السيد ثلاثاً، وابقى اثنين، وهنّ غيث، وليث، وريث!!
نقل هذه القصة الخطيب المرحوم السيد محمد سعيد العدناني في الترجمة الضافية التي سميتها عن حياة الامام السيد عدنان البحراني، وقد نقلها شفاهاً إلى العلامة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، وعند انتهائه من سردها قال: فكّر الشيخ كاشف الغطاء وقال: لو كنت حاضراً لشطرتها فان هناك كلمة سادسة غابت عن فكرة السيد الحبوبي وهي ( غيث، حيث، ليث، ريث، ميث، جيث ).
فقال له العدناني: مرحباً بك يا سيدي كم ترك الأول للآخر!!
ومن تخميساته التي لم تنشر قوله:
وغيداء بالليل البهيم تسترت |
فلم ترني كفاً ولا هي أُبصرت |
|
فلما برزنا للمصاب وشمّرت |
بدا لي منها معصمٌ حين شمّرت |
وكفٌ خضيبٌ زينت ببنان
جنيتُ على نفسي، وما كنتُ جانيا |
فملكتها بالطوع مني بنانيا |
|
وقمتُ إلى رمي المحصب ساهيا |
فو الله ما أدري، وإن كنتُ داريا |
بسبعٍ رميت الجمر أم بثمانِ
ومن المهم أن أُشير إلى أن الخاقاني اشتبه في نسبة بعض الشعر إلى البحراني المذكور كما في شعراء الغري ج ٦، ومن ذلك أبياته في ( هلال محرم ) صفحة ٢١٣ والتي أولها:
قيل ما بال السما مغبرة |
بعد صفو وهي ذات الحبك |
والصواب أنها للشاعر الكربلائي الحاج محمد علي كمونة وهي مطبوعة في ديوانه الذي حقّقه الاستاذ محمد كاظم الطريحي فراجعه إن أحببت.
كما نسبَ له الخاقاني تخميساً لأبيات أبي نواس الشهيرة في الصفحة (٢٢٨) من كتابه السالف الذكر، وأول التخميس:
هات الصبوح، وسارع فالاخلاءُ |
من شدة السكر أمواتٌ وأحياءُ |
|
ألم أقل لك إذ حارَ الأطباءُ |
دَع عنك لومي فإنّ اللوم إغراءُ |
وداوني بالتي كانت هي الداءُ
والصواب إن هذا التخميس للشاعر العبقري الحاج محمد رضا النحوي، وهو مما لم يُطبع من شعره. وقد وقفتُ على مجموعة تخميساته ( مفردةً في كتاب ) ضمن مخطوطات مكتبة العلامة المرحوم الشيخ محمد حسن كبّة البغدادي المتفرقة ومن ضمنها التخميس المذكور. ولا تخفي عليك قُبح هذه النسبة وبشاعتها(١) !!
__________________
١ - الرجال / مخطوط - الجزء الرابع للسيد جودت القزويني.
الشيخ علي البلادي
المتوفى ١٣٤٠
الشيخ علي بن حسن بن علي بن الشيخ سليمان البلادي البحراني.
من منظومته المسماة ( جامعة الأبواب ) لمن هم لله خير باب(١) :
ومولد السبط شهيد كربلا |
ثالث شعبان على قول علا |
|
وقيل في الخامس منه بعد أن |
مضت من الهجرة ج فافهمن |
|
قد ختم الله له الشهادة |
كما له قد ختم السعادة |
|
بعاشر المحرم المشوم |
بكربلا بالحائر المعلوم |
|
مصابه قد هدّ اركان العلا |
وجلبب الأكوان شجواً وبلا |
|
فلعنة الله على مَن قتله |
ومَن رضي بفعل من قد فعله |
الشيخ علي بن حسن بن علي بن سليمان البلادي البحراني المتوفى سنة ١٣٤٠.
ترجم نفسه في كتابه ( أنوار البدرين في تراجم علماء القطيف والإحساء والبحرين ) قال: توفي والدي الشيخ حسن عند رجوعه من الحج بالمكان المعروف ب ( رابغ ) سنة ١٢٨١ ولي من العمر حينذاك ثمان سنوات، وكان مولدي سنة ١٢٧٤ ه. فدرست مبادئ العلوم في بلاد القطيف من نحو وصرف وبلاغة ثم
__________________
١ - وهي في مكتبتي بخطه.
هاجرت إلى النجف لتحصيل العلوم ودرست على المرحوم الشيخ محمد حسين الكاظمي والسيد مرتضى الكشميري والشيخ محمود ذهب وقد أجازني استاذي الورع الزاهد التقي السيد مرتضى الكشميري إجازة رواية الكتب الأربعة وكتب جميع الأصحاب بل كتب جميع علماء الإسلام من الخاص والعام.
ولي من الكتابات: ١ - منظومة في الاصول الخمسة أسميتها جواهر المنظوم. ٢ - ومنظومة ثانية في معرفة الكبائر. ٣ - منظومة في مواليد النبي والأئمة والزهراء ووفياتهمعليهمالسلام سميتها ( جامعة الأبواب لمن هم لله خير باب ) ومنظومة سميتها ( جامعة البيان في رجعة صاحب الزمان ). ٤ - حواش كثيرة على شرح إبن أبي الحديد. ٥ - كتاب ( رياض الأتقياء الورعين في شرح الأربعين وخاتمة الأربعين ) يشتمل على ٥٢ حديثاً مشروحة مبسوطة في الاصول والفروع والمواعظ والمناقب وغير ذلك من المؤلفات.
توفي قدس سره صبيحة يوم الحادي عشر من شهر جمادى الاولى سنة ١٣٤٠ وجاء تاريخ وفاته:
بدر سماء الدين لما اختفى |
دجا بأفق الحق ديجور |
|
فانبجست عيني دماً عندما |
أرخته غاب لنا نور |
أقول: وقد عثرت على إجازة كتبها بخطه لجدي السيد محمد شبّر قدس الله سره سنة ١٣٢٧ ه. وها هي بختمه وتوقيعه وخط يده، قال: بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين. أما بعد حمد الله الكريم على سبوغ أفضاله وجسيم آلائه والشكر لله على جزيل نواله وعموم نعمائه، والصلاة والسلام على خيرته من بريته محمد وآله خزنة وحيه وامنائه. وبعد فيقول العبد الجاني علي بن المرحوم الشيخ حسن ابن المقدس الشيخ علي ابن المرحوم الشيخ سليمان البلادي البحراني عفى الله عنه وعنهم وعن جميع المؤمنين وأعطاهم بمنّه ولطفه خير الدنيا والدين بحق محمد المصطفى الأمين وآله الطاهرين الميامين صلى الله عليه
وعليهم أجمعين، انه لما وفقني الله الكريم رب العالمين لزيارة مولاي أمير المؤمنين وسيد المسلمين وامام المتقين ويعسوب الدين وقائد الغر المحجلين سهم الله الصائب وسيفه الضارب قمر بني هاشم أبي الحسن علي بن أبي طالب سلام الله عليه وعلى الطاهرين من بنيه الأطائب، وتشرفت بالوقوف على ابوابه ولثم اعتابه ومنّ الله علينا بالاجتماع في أفضل البقاع، الوادي المقدس الغروي والنادي الأقدس المرتضوي بالمولى الإمام صدر جريدة الأماجد الكرام وبيت قصيدة السادات العظام وزبدة العلماء الأعلام الورع اللوذعي التقي النقي العالم الكامل الزكي غصن الدوحة الأحمدية وفرع السلالة العلوية وثمر الجرثومة الفاطمية، المولى والزكي الأنور السيد السند والركن المعتمد سيدنا السيد محمد ابن المرحوم المبرور المقدس العلي السيد علي ابن المرحوم المبرور الزكي السيد حسين ابن المقدس المبرور خدين الولدان والحور السيد الأيّد الأمجد العلامة الفهامة الأوحد، العالم الرباني المجلسي الثاني صاحب التصانيف الكثيرة والعلوم الغزيرة، المعجب ملائكة السماء بتقواه سيدنا السيد عبدالله المعروف ب ( شُبّر ) ابن المرحوم المقدس الرضي السيد محمد رضا ابن السيد محمد ابن السيد محسن ابن السيد أحمد ابن السيد علي ابن السيد محمد ابن السيد ناصر الدين ابن السيد شمس الدين محمد ابن السيد محمد ابن السيد نعيم الدين ابن السيد رجب بن الحسن ابن السيد محمد ابن السيد حمزة ابن السيد احمد ابن السيد أبي علي علي ابن السيد عمر بن برطلّه ابن الحسن الأفطس ابن علي الأصغر بن الإمام زين العابدين بن الإمام السبط السعيد أبي عبد الله الحسين الشهيد ابن الإمام أمير المؤمنين وسيد المسلمين علي بن أبي طالبعليهمالسلام .
نسبٌ كأن عليه من شمس الضحى |
نوراً ومن فلق الصباح عمودا |
الكاظمي النجفي، أمدّه الله بالتوفيقات الربّانية وأيّده بالألطاف السبحانية والعنايات الصمدانية، سألني وأنا احق بسؤاله وأن اكون من جملة تلامذته ورجاله لا من شكله وأمثاله، لكن أمره المطاع واجب الاتباع، أن
اجيزه ما صحت إليّ روايته وثبتت لديّ إجازته من كتب اصحابنا الأبرار ومؤلفات اسلافنا الثقات الأخيار المتصلة اسانيدهم بالأئمة الأطهار، الآخذين علومهم عن جدهم وسيدهم المصطفى المختار، المتلقاة من جبرائيل الأمين من الرب الملك القهار صلى عليه وآله الأكرمين الأبرار، ولا سيما الكتب الأربعة التي عليها المدار المشتهرة في جميع الأزمان والأمصار اشتهار الشمس في رابعة النهار وهي: الكافي الوافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار، للمحمدين الثلاثة الأوائل الثقاة العلماء الأخيار والجوامع الأربعة وهي: الوسائل، والوافي، والحدائق، وبحار الأنوار للمحمدين الثلاثة المتأخرة الأبرار، والمحدث المحقق البحراني جليل المقدار، وغيرها من مؤلفات اصحابنا الأعيان ومصنفات ثقاتنا الأخيار ذوي الايقان والاتقان، بل الله أجداثهم بمياه الرضوان وأحلّهم من الجنان أعلا مكان، بل وجميع كتب علماء الإسلام من العربية واللغوية والأدبية والرياضية والهندسية مما عُلم نسبة الجميع إلى مؤلفيها الأعيان. فأجزتُ له ادام الله ايامه واسبغ عليه أنعامه ان يروي جميع ذلك عني، عن السيد الرضي العالم العابد، العامل الكامل الزاهد، المعرض عن الدنيا وأهلها المقبل على الآخرة وشغلها التقي النقي المتتبع اللوذعي الزكي سيدنا المبرور المحبور السيد مرتضى ابن المرحوم المبرور العالم السيد مهدي الكشميري النجفي تغمده الله برحمته وغفرانه وأحلّه دار كرامته ورضوانه، عن جملة من المشايخ العظام والعلماء الأعلام وأساطين الايمان والإسلام وذوي النقض والابرام. وقد أجازه اكثر علماء زمانه وفضلاء عصره وأوانه عرباً وعجماً وهم كثيرون، فلنذكر منهم المشاهير منهم تبركاً بذكرهم وتشرفاً بنشر فضلهم وفخرهم، فمنهم فخر الشيعة وركن الشريعة حجة الاعلام وعلم الاعلام الذي أذعنت له إجلالاً واعظاماً الملوك والحكام وألقت له فضل الزمام، العلم العلامة الحبر الفهامة المرحوم المبرور الميرزا محمد حسن الشيرازي قدس الله تربته، ومنهم العالم السري والعامل الزكي صاحب المصنفات الكثيرة والتحقيقات
الشهيرة السيد السند السيد محمد مهدي القزويني النجفي المجاور بالحلة السيفية برهة من الزمان قدس الله سره ونور قبره، ومنهم العالم الامين والامام المحقق المكين الزاهد العابد صاحب هداية الانام في شرح شرايع الإسلام الاوحد الامين شيخنا المبرئ من كل شين الشيخ محمد حسين ابن المرحوم الشيخ هاشم الكاظمي النجفي روّح الله روحه وتابع فتوحه، ومنهم العالم العامل الفاضل الكامل ذي الفضل والشرف شيخنا الشيخ محمد طه نجف، ومنهم العالم الرباني والعالم الصمداني الشيخ لطف الله المازندراني قدس الله نفسه وطهر رمسه، ومنهم العالم المحقق المدقق الكامل الأمين المرحوم المبرور الحاج الميرزا محمد حسين ابن المرحوم الحاج ميرزا خليل الطهراني تغمده الله برحمته وحباه بدار كرامته، ومنهم المولى العلامة المحقق المدقق الفهامة الميرزا حبيب الله الرشتي النجفيقدسسره ، ومنهم العالم العامل الرباني المحقق الصمداني الشيخ زين العابدين المازندراني الحائري.
وهؤلاء العلماء الاعلام والاجلاء العظام كلهم ما عدا سيدنا التقي السيد مهدي القزويني وشيخنا ذا الشرف الشيخ محمد طه نجف كلهم يروون عن الإمام العلامة الفقيه المحقق صاحب الجواهر الذي ثبتت له المنّة على علمائنا الأواخر، عن المحقق الأفخر والشيخ الأكبر كاشف الغطاء عن الشريعة العَراء شيخنا الشيخ جعفر النجفي، عن الوحيد المجدد الرباني الاغا باقر البهبهاني عن والده الأفضل الأكمل الشيخ محمد، عن شيخنا غواص بحار الأنوار وراصد أسرار الأئمة الأطهار الشيخ محمد باقر المجلسي عن أبيه التقي النقي المحقق المدقق جامع العلوم والمعارف واليقين الشيخ محمد بهاء الملة والدين عن والده المحقق المدقق عز الدين الشيخ حسين ابن الشيخ عبد الصمد العاملي الجباعي الحارثي عن شيخنا العالم الرباني الشيخ زين الدين الشهيد الثاني - ح - وعن سيدنا العلامة الزكي الصفي السيد محمد مهدي القزويني الحلي النجفي عن عمه العالم العامل ذي الكرامات والمآثر السيد باقر القزويني عن خاله بحر العلوم والمحيي من آثار
آبائه الدروس والرسوم السيد مهدي الطباطبائي، عن جملة من مشايخه الاعلام، منهم المحدث المحقق الرباني الشيخ يوسف العصفوري البحراني صاحب الحدائق الناضرة وغيرها من المصنفات الفاخرة، عن جملة من المشايخ العظام منهم العالم الأفخر والمحقق الأكبر الشيخ حسين إبن الشيخ محمد بن جعفر الماحوزي البحراني، عن شيخه علامة البشر والعقل الحادي عشر العالم الرباني والمحقق الذي ليس له ثاني الشيخ سليمان الماحوزي البحراني عن شيخه الفقيه والحبر النبيه الشيخ سليمان ابن الشيخ علي بن أبي ظبية الشاخوري البحراني، عن العلامة المحدث النبيه الوحيد الفقيه الشيخ علي بن سليمان القدمي البحراني الملقب بأم الحديث، عن شيخنا العلامة البهائي رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم وجعل الجنة مثواهم.
- ح - وعن شيخنا ذي المجد والشرف الشيخ محمد طه نجف عن العالم التقي سلمان زمانه الزاهد العابد الحاج شيخ ملا علي ابن المرحوم الحاج ميرزا خليل الطهراني النجفي قدس الله سره، عن شيخه العلم الظاهر الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر.
- ح - وعن شيخنا الفقيه الأمين الازهد الشيخ محمد حسين الكاظمي النجفي والتقي الشيخ لطف الله المازندراني كلاهما عن شيخنا علم الأعلام الإمام المرتضى المحقق المدقق الشيخ مرتضى الأنصاري ( والنسبة للانصاري لكونه من ذرية جابر بن عبد الله بن حزام الأنصاري ) عن شيخه العالم الأمجد الشيخ أحمد النراقي صاحب المستند وغيره، عن أبيه العالم المحقق الشيخ محمد مهدي النراقي صاحب مشكاة العلوم وتجريد الاصول وجامع السعادات في تهذيب النفس ومكارم الأخلاق ( وهو من ذرية أبي ذرّ الغفاري الصحابي ) عن شيخه المحقق المدقق الشيخ يوسف البحراني رضي الله عنهم.
- ح - وعن شيخنا العلامة الشيخ سليمان الماحوزي البحراني عن السيد السند السيد هاشم ابن المرحوم السيد سليمان التوبلي الكتكتاني البحراني صاحب
البرهان الكبير في التفسير، ومدينة المعاجز، ومعالم الزلفى، وغاية المرام، وغيرها عن جملة من المشايخ الكرام منهم الفقيه النبيه التقي الشيخ فخر الدين ابن طريح النجفي الرماحي صاحب مجمع البحرين والمنتخب.
- ح - وعن شيخنا الشيخ سليمان الماحوزي البحراني عن شيخه طود التحقيق ومركز التدقيق الشيخ احمد ابن الشيخ محمد بن يوسف المقابي المقشاعي البحراني عن أبيه المذكور وعن المولى المجلسي وابيه عن شيخنا البهائي.
- ح - وعن شيخنا العالم الرباني الشهيد الثاني عن جملة من المشايخ منهم المحقق الشيخ علي الميسي العاملي عن المحقق الثاني شمس الدين الشيخ علي بن عبد العال الكركي العاملي عن المحقق الفقيه العابد الزاهد الشيخ علي بن هلال الجزائري عن العالم العامل شمس الدين الشيخ محمد المعروف بابن المؤذن العاملي عن الشيخ الفاضل ضياء الدين علي عن أبيه وشيخه المحقق الأجل شمس الملة والدين أبي عبد الله الشيخ محمد بن مكي الشهيد الأول صاحب الذكرى واللمعة وقواعد الاصول وغيرها عن جملة من المشايخ العلماء الاعلام منهم السيد المحقق السيد عميد الدين صاحب شرح تهذيب الاصول ومنهم فخر المحققين ابو طالب الشيخ محمد عن ابيه العلامة على الاطلاق شيخ مشايخ الدنيا فضلاً عن العراق آية الله في العالمين جمال الملة والدين الشيخ حسن عن والده المحقق الافخر الشيخ يوسف ابن المطهر الحلي عن المحقق شيخ مشايخ العراق نجم الدين الشيخ جعفر بن سعيد الحلي الهذلي صاحب الشرائع والمعتبر والنافع وغيرها.
- ح - وعن العلامة عنه وعن السيدين الجليلين النبيلين الأعلمين الأفضلين رضي الدين ذي الكرامات السيد علي صاحب كتاب الاقبال والطرائف والمهج وغيرها، وأخيه جمال الدين المحقق السيد احمد صاحب المصنفات الكثيرة التي من جملتها بشرى الشيعة في احكام الشريعة، في مجلدات كثيرة ابني آل أبي طاووس قدس الله ارواحهم ونوّر أشباحهم.
- ح - وعن العلامة الحلي عن المحقق الحكيم المتكلم نصير الملة والدين الخواجه محمد بن محمد بن الحسن الطوسي.
- ح - وعن العلامة الحلي قدس الله سره عن الفيلسوف الحكيم العالم الرباني الشيخ ميثم ابن الشيخ علي ابن الشيخ ميثم بن المعلا البحراني الماحوزي صاحب الشروح الثلاثة على نهج البلاغة وكتاب البحر الخضم وقواعد العقائد وغيرها.
- ح - وعن العلامة الحلي عن الفاضل الفقيه التقي الشيخ حسين ابن المحقق المدقق الشيخ علي بن سليمان الستري البحراني، وهو والمحقق الشيخ ميثم كلاهما عن أبيه الشيخ علي المذكور عن العلامة محقق الحقائق الشيخ أحمد بن سعادة البحراني الستري ايضاً صاحب كتاب قواعد العقائد في علم الكلام وقد شرحها المحقق والخواجه شرحاً جيداً.
- ح - وعن المحقق الحلي عن العلامة الفهامة الشيخ بن نما عن الفاضل أبي عبدالله محمد بن ادريس الحلي العجلي صاحب كتاب السرائر.
- ح - وعن المحقق الحلي عن السيد الجليل السيد فخار الدين عن الفقيه الشيخ شاذان بن جبرائيل القمي عن ابي القاسم الشيخ محمد بن جرير الطبري الامامي عن المفيد الثاني ابي علي الحسن عن والده شيخ الطائفة المحقة وعماد الفرقة الحقة الشيخ محمد بن الحسن الطوسي صاحب تهذيب الأحكام والاستبصار والمبسوط والنهاية وغيرها عن الشيخ الامام السعيد أبي عبدالله الشيخ محمد بن النعمان المفيد البغدادي عن الامام أبي القاسم الشيخ جعفر بن قولويه صاحب كامل الزيارات وغيره عن الشيخ الامام رئيس المحدثين الفقيه ابي جعفر محمد ابن علي بن موسى بن بابويه القمي عن أبيه الفقيه علي بن بابويه وعن جملة مشايخه المذكورين في مشيخة من لا يحضره الفقيه أعلى الله درجاتهم وضاعف حسناتهم.
- ح - وعن شيخ الطائفة عن سيدنا الامام المرتضى علم الهدى وعن الشيخ المفيد عن علم الاعلام وحجة الاسلام أبي جعفر الشيخ محمد بن يعقوب الكليني ثقة الاسلام صاحب الكافي الوافي بالأحكام وجميع الطرق التي لأصحابنا ترجع إلى شيخ الطائفة الطوسي وقد ذكرها في الفهرست وغيره وعن شيخنا الشيخ المفيد طاب ثراه عن مشايخه ورجاله الذين ذكرهم ثقة الاسلام في الكافي إلى أن تنتهي أسانيد هؤلاء الثقاة الأعلام عن أئمتنا الطاهرين الكرام المتصلة أخبارهم الى جدهم وسيدهم الرسول المصطفى عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام عن جبرئيل الأمين عن رب العالمين.
ثم ليعلم سيدنا وعمادنا ومولانا وملاذنا ان لهؤلاء المشايخ الكرام المذكورين من المبدأ إلى الختام طرقاً كثيرة وروايات وفيرة لو أردنا استقصاءها لكانت في مجلد ضخم، وفي هذا كفاية والله ولي التوفيق والهداية. وأحسن ما جمعهم على الترتيب الأنيق والاسلوب الرشيق الشيخ الفاضل صاحب الحدائق في لؤلؤته، والمحدث الشيخ عبدالله بن صالح السما هيجي البحراني في اجازته الكبرى التي أجازها الفاضل الشيخ ناصر الجارودي القطيفي والفاضل المتتبع ثقة الاسلام الحاج ميرزا حسين النوري في المجلد الثالث من مستدرك الوسائل وغير ذلك جزاهم الله خير الجزاء وحباهم أفضل الحباء، من أراد ذلك فليرجع إلى ما هنالك.
ولنختم هذه الاجازة الشريفة بحديث متصل الاسناد إلى سادات العباد أئمتنا الأمجاد حتى ينتهي إلى الرسول المصطفى خيرة الملك الجواد وأفضل من برأه الله من جميع الخلق والعباد، فنقول بالسند المتقدم إلى رئيس المحدثين أبي جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي أعلى الله مقامه في دار المقامة قال حدّثنا محمد بن القاسم الجرجاني قال حدثنا محمد بن يوسف بن زياد وعلي بن
محمد بن سنان عن ابويهما عن مولانا وسيدنا أبي محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي ابن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه عن أبيه أمير المؤمنين عليهم الصلاة والسلام قال قال رسول الله (ص) لبعض أصحابه ذات يوم يا عبد الله: أحبب في الله وأبغض في الله ووالِ في الله وعادِ في الله فانه لا تنال ولاية الله إلا بذلك، ولا يجد رجل طعم الايمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكون كذلك، وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا على علاء الدنيا عليها يتواددون وعليها يتباغضون وذلك لا يغنى عنهم عن الله شيئاً، قال الرجل يا رسول الله كيف لي أن أعلم أني واليت في الله وعاديت في الله، ومَن وليّ الله حتى أواليه، ومن عدوّه حتى أعاديه. فأشار رسول الله (ص) الى عليعليهالسلام ، وقال: أترى هذا، قال بلى، قالصلىاللهعليهوآلهوسلم : وليّ هذا وليّ الله وعدوّ هذا عدوّ الله، فوالِ وليّ هذا ولو أنه قاتل أبيك، وعادِ عدوّ هذا ولو أنه أبوك وولدك. انتهى كلامه عليه وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه.
فليرو سيدنا ومولانا أدام الله ظلاله وأصلح أحواله وأزاد في الصالحات والطاعات اقباله وكثر في الفرقة الناجية أمثاله لمن شاء وأحب محتاطاً في ذلك سلك الله به وبنا وباخواننا المؤمنين أحسن المسالك وجنبنا جميعاً جميع المهالك انه وليّ ذلك سائلاً من ذاته السليمة وأخلاقه التي هي على نهج الهداية مستقيمة أن يمدّنا بصالح الدعوات ولا سيما في مظان الاجابات.
وكتب العبد الجاني علي بن حسن بن علي بن سليمان البلادي البحراني عفى الله عن ذنوبهم أجمعين وأعطاهم خير الدنيا والدين بحق محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم كل آن وحين والحمد لله رب العالمين. باليوم ١٨ من شهر
جمادي الثانية من السنة ١٣٢٧ السابعة والعشرين بعد الثلثمائة والألف هجرية على مُهاجرها وآله آلاف الصلوات والتحية.
الختم ظن علي بربه حسن |
وترجم له صديقنا المعاصر الشيخ علي المرهون في ( شعراء القطيف ) وذكر له من المراثي للامام الحسينعليهالسلام قصيدته التي يقول في أولها:
يا لخطب زلزل السبع الشدادا |
ولقد أوهى من الدين العمادا |
|
ورمى الاسلام سهماً صائباً |
فأصاب القلب منه والفؤادا |
واخرى مطلعها:
هلّ المحرم فاخلع حُلّة الطرب |
والبس به حلل الارزاء والكرب |
|
واحرم وطف كعبة الأحزان منتحراً |
هدي السرور مدى الاباد والحقب |
الشيخ عبدالله باش أعيان المتوفى ١٣٤٠ |
|
الشيخ عبدالله ضياء الدين باش أعيان العباسي، قال مشطراً البيتين الشهيرين وهما من نظم عثمان الهيتي المترجم في الأجزاء السابقة من هذه الموسوعة:
رميت الخيزرانة من يميني |
ولو كانت من الدنيا حطامي |
|
سأتركها ولا أصبو اليها |
وأكره أن أُشاهدها أمامي |
|
ولستُ بحامل ما عشتُ عوداً |
مدى الأيام أو يأتي حمامي |
|
أأحمل في يدي عوداً غشوماً |
بها قرعوا ثنايا ابن الامامِ |
* * *
الشيخ عبدالله ضياء الدين باش أعيان: هو ابن الشيخ عبد الواحد باش أعيان البصرة ترجم له الأديب المعاصر حسون كاظم البصري في مؤلفه المسمى ( ذكرى الشيخ صالح باش اعيان العباسي ) فقال: كان سماحته مثال المروءة ودماثة الخلق وكرم النفس واليد، يتفقد الصغير والكبير والغني والفقير، درس على علماء زمانه مثل الشيخ أحمد نور الدين الأنصاري والشيخ عبد
الوهاب الأنصاري والشيخ اسماعيل الكردي والشيخ أحمد الكوهجي والشيخ احمد الحلبي وأجازه أحد العلماء الألوسيين فأصبح عالماً فاضلاً وأديباً وشاعراً ونال رتبة من الحكومة العثمانية، هي رتبة ( بلاد خمس ) وتعيّن في مناصب منها:
١ - عضواً في محكمة التمييز بالبصرة سنة ١٢٩٢ ه.
٢ - عضواً في المحاكم العدلية سنة ١٢٩٧ ه.
٣ - وكيلاً لرئاسة محكمة الجزاء الشرعية والحقوق ومدعي عموم البصرة وعضواً في مجلس المعارف والأوقاف، وعضواً في مجلس إدارة الولاية مدة خمس سنوات.
وكان كثير القراءة والتتبع، فترى معظم كتب الاسرة تحمل تعليقات وهوامش بخطه، وألّف بضعة رسائل منها:
١ - رسالة عن تراجم أعيان البصرة، محفوظة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد.
٢ - رسالة صغيرة عنوانها ( الفتوحات الكوازية في السياحة إلى الأراضي الحجازية ) وقد طبعت.
٣ - بحوث ورسائل في مختلف العلوم.
وأنجب من الاولاد:(١) الشيخ عبد الواحد(٢) الشيخ صالح الذي طبعت له ذكرى بقلم حسون كاظم البصري(٣) الشيخ محمد أمين عالي وتوفي سنة ١٣٤٠ ه.
وهذا ثاني أنجاله وهو الشيخ صالح باش أعيان الذي لمع نجمه واشتهر فضله، وذاع صيته واستوزر اكثر من مرة وتنقل في المناصب العالية. وكان مولده عام ١٢٩١ ه. ووفاته سنة ١٩٤٦ م. ١٣٦٥ ه. وكان من نظمه في مدح الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليهالسلام :
وأقول للساقي فديتك هاتها |
فاذا سكرت من المدام إليّ غن |
|
أيام نلتُ بها المسرة مثل ما |
نلتُ المسرّة في ولاء ابي حسن |
|
قل للذي نظم القريض لغيره |
متمثلاً في الصيف ضيّعتَ اللبن |
|
أجهلتَ حق محمد في حيدر |
قل لي بحقك ( هل أتى ) نزلت لمن |
واسرة آل باش تنحدر من صلب عمود الخلفاء العباسيين الذين تربعوا دست الحكم في بغداد، إذ ان الأمير هاشم بن أبي محمد الحسن المستضيئ بالله العباسي هو رأس هذه الاسرة ومنه اخذت ترتفع بحلقات متينة متصلة بدقة واحكام إلى يومنا هذا. وترجم له الخاقاني فقال:
عبدالله ابن الشيخ عبد الواحد ( باش أعيان ) العباسي الملقب بضياء الدين. ولد في البصرة 1263 ه. ونشأ بها محباً للخير والعلم والأدب، كان مهيب الطلعة جليل القدر سمح النفس يتفقد الفقير. درس العلوم الدينية على جده لأمه الشيخ أحمد نور الأبصاري وعلى فريق من أعلام البصرة، ولازم الحجة السيد ناصر ابن السيد عبد الصمد والعلامة السيد محمد شبّر الكاظمي، وكانت مجالسه لا تخلو من الحوار العلمي والأدبي. اجتمع بالرحالة السيد محمد رشيد بن داود السعدي فكتب عنه في رحلته ( قرة العين في تاريخ الجزيرة والعراق والنهرين ). تقلّد عدة مناصب في الدولة العثمانية، فقد عُيّن في سنة 1297 عضواً في المحاكم العدلية إلى سنة 1320 ه. ووُلي خلالها عدة وظائف منها وكيلاً لرئاسة محكمة الجزاء والشرعية والحقوق ومدعي العموم في البصرة. وعضواً في مجلس المعارف والأوقاف، وعضواً في ادارة الألوية، وتلقى عدة فرامين من السلطان عبد الحميد خان توفي بمسقط رأسه - البصرة - سنة 1340 ه. ودفن بمقبرة الاسرة الخاصة في جامع الكواز. له آثار منها رسالة في تراجم أعيان البصرة - توجد في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، وكتاب ( الفتوحات
الكوازية في السياحة إلى الأراضي الحجازية ) مطبوع، ورسائل اخرى لم تكمل. وله تعليقات كثيرة على مئات الكتب المخطوطة بمكتبة الاسرة الخاصة. خلف أنجالاً ثلاثة: 1 - الشيخ عبد الواحد، 2 - معالي الشيخ صالح المتوفى 1365 ه. والد الشيخ عبد السلام، 3 - معالي الشيخ محمد أمين المتوفى 1340 ه.
وفي ديوان السيد حيدر قصيدة يهنئ بها الشيخ عبد الله بزواج ولده الشيخ عبد الواحد وأولها:
عجل الصب وقد هبّ طروبا |
فتعدّى لتهانيك النسيبا(1) |
__________________
1 - عن ديوان السيد حيدر تحقيق الباحث على الخاقاني.
الملا على الخيري
المتوفى 1340
قال من قصيدة في الامام الحسينعليهالسلام :
وراءك عني حسبي اليوم ما بيا |
وكُفّي ملامي لا عليّ ولا ليا |
|
أمن بعد يوم ابن النبي بكربلا |
يجيب فؤادي للصباية داعيا |
|
غداة ابن هند شبّها نار فتنة |
بها عاد جمر الوجد للحشر ذاكيا |
|
وقاد لحرب ابن النبي جحافلا |
وأوقدها حرباً تشيب النواصيا |
|
فهبّ لها حامي حمى الدين مفردا |
بأهلي وبي أفدي الفريد المحاميا |
|
وما زال للأرواح يخطف سيفه |
إلى أن هوى شلواً على الأرض ثاويا |
|
تظلله سمر الرماح وتارة |
تهيل عليه العاصفات السوافيا |
|
تريب المحيا في الصعيد معفراً |
ثلاثاً على وجه البسيطة عاريا |
|
ومن حوله أشلاء أبناء مجده |
دوام بنفسي أفتديها دواميا |
|
وسارت بأطراف الأسنة والقنا |
رؤوسهم يجلو سناها الدياجيا |
علي بن الملا حمزة الملقب بالخيري، بغدادي الأصل حليّ النشأة والتربية، يقول الشيخ اليعقوبي أن مولده سنة 1270 ه. توفي أبوه وهو لم يبلغ الحلم فهبط الحلة وأقام فيها مرتزقاً من كتابة الصكوك والوثائق الشرعية وما شاكل ذلك، قال وفيه ذكاء غريزي وميل فطري لتحصيل الأدب ومعاشرة الادباء
فاتصل بآل السيد سليمان وطفق يختلف إلى ندوة شاعر الفيحاء السيد حيدر وتأثر بأدبه فكان من ملازمي داره ورواة أشعاره حتى نسخ الكثير من نظمه ثم صحب ولده السيد حسين وابن أخيه السيد عبد المطلب، ولهما معه مسامرات ومراسلات. وسكن في أواسط عمره قرية ( ذي الكفل )(1) واتصل بزعيمها يومذاك وهو الحاج ذرب بن عباس وهو السادن الرسمي لمرقد ذي الكفل فجعله كاتبه الخاص ونائبه على ادارة الأملاك والوقوف التي تحت تصرفه وتوليته.
وكان رحمه الله بطل الرواية في قصة ( منارة الكفل ) التي هي مضرب المثل، فيقال لكل شيء يغتصب علانية ( ما أشبهه بمنارة الكفل ) وخلاصة القصة كما نقلها اليعقوبي في ( البابليات ) عن المترجم له هي: تقدم الحاج ذرب بعريضة إلى السلطان عبد الحميد في سنة 1305 ه. بأن جامع ذي الكفل يعود للمسلمين بدليل وجود منبر ومحراب اسلامي ومنارة للأذان، وأن اليهود تملكوه وبنوا فيه مخازن وبيوتاً وغرفاً يأوى اليها الزائرون منهم في عيد رأس السنة وعيد الكفارة وغيرهما من المواسم، فأنكر اليهود كل ذلك فندبت الحكومة ببغداد رجلاً من موظفيها للكشف عن ذلك فجاء إلى قرية ذل الكفل وجلس في ظل المنارة وكتب تقريراً خلاصته ( أن لا منارة هناك ) فكتب الحاج ذرب إلى الاستانة كراسة صغيرة بحث فيها عن المسجد وحدوده القديمة ومساحته وما فيه الآن من بنايات حديثة لليهود وتاريخ المنارة وموضع المحراب والمنبر وما إلى ذلك ( بخط المترجم له وإملائه ) ورفع ذلك إلى الباب العالي في عهد السلطان عبد الحميد فأوفدت من الاستانة لجنة لحل النزاع واستيضاح الحقيقة ولكنها
__________________
1 - بلدة قائمة على ضفة الفرات اليسرى تقع في منتصف الطريق بين الحلة والكوفة، فيها مدفن نبي الله حزقيال المسمى ب ( ذي الكفل ) وتعرف القرية في المعاجم القديمة ( بئر ملاحة ) ونقل الدكتور مصطفى جواد في مجلة الاعتدال السنة الرابعة عن مزارات السائح الهروي: قبر ذي الكفل وهوحزقيل النبي في موضع يقال له ( برّ ملاحة ) شرقي قرية يقال لها ( قسونات ) وبهذه القرية قبر باروخ استاذ حزقيل ومعلمه، وبها قبر يوسف الربان، واليهود يزورونه، وبها قبر يوشع وليس هذا ابن نون، وبها قبر عزرا وليس هذا عزرا ناقل التوراة الكاتب.
عند وصولها بغداد توصل اليها اليهود بالمال وذلك بتوسط صالح دانيال فأيدت التقرير الأول ونفت وجودالمنارة في الكفل من دون أن تصل اليها وبعثت في تأييد قرارها من أخذ صورة فوتوغرافية للقرية في احدى جهاتها التي لا يظهر فيها شكل المنارة التي لا تزال باقية إلى الآن.
وقد دوّن المترجم له في مجموعة له كتبها بنفسه لنفسه طائفة من أشعار جماعة من أدباء الحلة كان قد عاصرهم كالكوازين والسيد حيدر وابن عوض وبعض منظوماته في صباه وقليلاً من شعر المتقدمين ويصدر كل قصيدة يثبتها لمعاصريه بقوله:
وقال سلمه الله تعالى، مما يؤكد لنا أنها كتبت في أواخر القرن الثالث عشر ولم يزل مقيماً بالكفل إلى أن توفي يوم الثلاثاء 28 رجب من سنة 1340 ه وحمل إلى النجف الأشرف ودفن فيها وعمره قد أناف على السبعين، ذكر له الشيخ اليعقوبي في البابليات بعض منظوماته ومراسلاته وقصيدتين في الإمام الحسينعليهالسلام ذكرنا في صدرالترجمة واحدة أما الثانية فمنها:
قذيت لآل محمد عين الهدى |
والشرك قد أمسى قرير عيون |
|
فمخضب بالسيف عند سجوده |
في كف أشقى العالمين لعين |
|
ومكابد سمّ العدو بمهجة |
تفدى النفوس لسرّها المكنون |
الملا حبيب الكاشانى
المتوفى 1340
قال في مطلع ملحمته التي يرثي بها سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع):
أبسبق القضاء جفّ مدادي |
أم بجمر الغضا أُذيب فؤادي |
|
لا ولا للهوى يرفّ فؤادي |
أو لليلى وزينب وسعاد |
ما تعديت عن طريق السداد
ان قلبي على الحسين قريح |
مدمعي بالبكا عليه جريح |
|
وولائي له صحيح صريح |
وضجيجي مع الأنين فصيح |
رزؤه قد أذاب مني فؤادي
الملا حبيب الله الكاشاني، الفقيه الكبير حبيب الله بن علي مدد الشهير بالكاشاني المتوفى صبيحة يوم الثلاثاء 23 جمادى الآخرة سنة 1340 ه. دفن بكاشان وعمره 87 سنة. قال السيد الأمين في الأعيان: له عدة مؤلفات.
توضيح البيان في تسهيل الأوزان، تفسير سورة الاخلاص، تفسير سورة الفاتحة، تفسير سورة الفتح مطبوع، تسهيل المسالك إلى المدارك في القواعد الفقهية وقد الحق هذه المنظومة المتقدمة بالكتاب المذكور.