إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن الجزء ٢

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن13%

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن مؤلف:
تصنيف: القرءات وفنّ التجويد
الصفحات: 298

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 298 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 114292 / تحميل: 7396
الحجم الحجم الحجم
إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن

إملاء مامن به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات في جميع القرآن الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الطبيعيّ لأحد أنبيائه بعد أن دعا الله تعالى أن يحبسها عليه وهو في حال جهاد، فاستجاب له - وهو ما قرّره الابنان: ابن الجوزيّ، وابن تيميه فيما أنكرا رجوعها! -، وانشقاق القمر يومَ وُلِد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وضربت النّجومُ بعضُها بعضاً، وغيض ماء بُحيرة ساوه، ونبع الماء من بين أصابعهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانفلق البحر لموسىعليه‌السلام ، فسلكه ومن معه، فلمّا جاوزه انطبق على فرعون وجنده فكانوا من المُغرقين.

ومن آيات عيسىعليه‌السلام : إحياء الموتى بإذن الله تعالى، والموت والحياة من شأن الله سبحانه.

وأوتي سليمانعليه‌السلام من الآيات الباهرات وخوارق العادات الكثير وكانت النار التي أوقدها نمرود برداً وسلاماً على إبراهيم الخليلعليه‌السلام «وهو مخالف لما جعله الله تعالى للنار من طبيعة الإحراق.

ومثلما حُبست الشمس ليوشع فتأخّر غروبها وطوّل الله تعالى له النهار، إلى آخر كلامه؛ فنقول: إنّ حبس الشمس عن جريها الطبيعيّ وتأخير الغروب وتطويل النّهار، كلّ ذلك خروج عن سنّة الله تعالى في خلقه، لكنّه واقع في مشيّته كما ذكرنا من قبل، ولا فرق بين حبسها وبين ردّها!

وإضافة إلى ما ذكرناه من معاجز الأنبياء، ومنها ما كان لنبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله نذكر بعضاً آخر من ذلك، مثل: تسبيح الحصى في يده الشريفة، واستجابة النخلة له لمّا طلب منه المشركون فتحوّلت من مكانها وانحنت أمامه وشهدت له بالنبوّة، وهذا خروج للجمادات عمّا هو مألوف منها من حال الجمود. وهذه أمثلة من حرمة الجمادات وشأنها؛ فكيف بسادات الورى؟

١٨١

حرمة الحجر الأسود

للحجر الأسود شأن خاصّ ليس لبقيّة موجودات الله تعالى مثله، حتّى ولا للشمس.

عن أبي الطّفيل: رأيتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يطوف بالبيت ويستلم الركن بمِحْجنٍ معه، ويقبّل المحجن.(1)

وعن ابن عبّاس قال: رأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يسجد على الحجر.(2)

ولقد قيل في الحجر الأسعد أنّه نزل من الجنّة. روي ذلك عن ابن عبّاس، قال: إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «الحَجَرُ الأَسودُ من الجنّة».(3)

وقد استنّ المسلمون بفعلِ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فكانوا يقبّلون الحجر الأسود ويتبرّكون به، إلاّ أنّه قد عرض لبعضهم شبهة للجهلِ بعلّة تقبيل الحجر والسجود عليه!

عن عابس بن ربيعة(4) ، قال: رأيت عمر بن الخطّاب قام عند الحجر وقال: والله إنّي أعلم أنّك حجرٌ لا تضرّ ولا تنفع، ولو لا أنّي رأيتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبّلك ما قبّلتُك. فقال له عليّ: بلى؛ هو يضرّ وينفع، ولو علمت ذلك من كتاب الله لعلمت أنّه كما أقول، قال الله تعالى:« وَإِذْ أَخَذَ رَبّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ

____________________

(1) سُنن أبي داود 2: 176؛ سنن ابن ماجة 2: 983؛ صحيح مسلم 2: 893.

(2) السنن الكبرى للبيهقيّ 5: 75.

(3) سنن النَّسائيّ 5: 226؛ الدّر المنثور 1: 135.

(4) عابس بن ربيعة: كوفيّ، تابعيّ، ثقة (تاريخ الثقات للعجليّ 239 / 734).

١٨٢

وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى‏ أَنْفُسِهِمْ) (1) ، فلمّا اقرّوا أنّه الربّ عزّوجلّ، وأنّهم العبيد، كتب ميثاقهم في رَقّ وألقمه في هذا الحجر، وأنّه يبعث يوم القيامة وله عينان ولسان وشفتان، يشهد لمن وافى بالموافاة، فهو أمين الله في هذا الكتاب. فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لستَ فيهم يا أبا الحسن!(2)

وأخرج عبد الرزّاق عن معمر عن عاصم عن عبد الله بن سَرْجِس قال: رأيتُ عمر بن الخطّاب يقبّل الركن وكان يقول: والله إنّي لأقبّلك وأعلم أنّك حجر، وأعلم أنّ الله ربّي، ولكن رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبّلك فقبّلتك.(3)

وعبد الرزّاق بسنده عن سُوَيد بن غفلة قال: رأيت عمر بن الخطّاب يقبّل الحجر ويقول: والله إنّي لأعلم أنّك حجر، ولكن رأيت أبا القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله بك حفيّاً.(4)

وعبد الرزّاق عن محمّد بن راشد قال: سمعتُ مكحولاً يحدّث أنّ عمر بن الخطّاب استقبل الركن فقال: قد علمت أنّك حجر، وأنّك لا تضرّ ولا تنفع، ولو لا

____________________

(1) الأعراف: 172.

(2) المستدرك على الصحيحين 1: 457، شرح نهج البلاغة للمعتزليّ 3: 122، السيرة الحلبية 1: 188، كنز العمّال 5: 93، وذكره أبو داود في سننه 2: 175 / 1873، واقتصر على شطره الأوّل من غير كلام أميرالمؤمنينعليه‌السلام .

(3) المصنّف لعبد الرزّاق 5: 53 / 9096. وأخرجه مسلم / الحديث (1270) برقم فرعيّ (250). وذكره ابن ماجة بتغيير وإضافة بعض الألفاظ، سنن ابن ماجة 2: 981 / 2943.

(4) المصنّف لعبد الرزّاق 5: 54 / 9097. وأخرجه مسلم / الحديث (1271) من طريق إبراهيم بن عبد الأعلى. وحفيّاً: مبالغاً في إكرامه.

١٨٣

أنّي رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقبّلك ما قبّلتك. قال: ثمّ قبّله.(1)

الحجر يمين الله

فلمّا كان الحجر الأسود من الجنّة، كما في رواية ابن عبّاس التي ذكرناها، فهو بذاته حجر مبارك وجاز التبرّك به لذلك. إلاّ أنّ ما أوضحه أميرالمؤمنين عليعليه‌السلام من أنّ الحجر هو أمينُ الله في أرضه يشهد لمن وافاه بالبيعة! زاد في كرامة الحجر وتعظيمه عند رسول الله وطليعة الصحابة.

عن ابن عبّاس قال: الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن لم يدرك بيعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاستلم الحجر، فقد بايع الله ورسوله!(2)

فما أعظم شأنه؟! وكم تخفى علينا أمور وعلل نجهلها؛ فما علينا إلاّ التسليم بعد ثبوت شرعيّتها والإتيان بها من غير حرج.

عن فاطمة بنت حسين، عن أبيها قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «لمّا أخذ الله ميثاق العباد جُعل في الحجر، فمِن الوفاء بالبيعة استلامُ الحجر»(3) .

حُرمة الكعبة، والتعوّذ بالبيت

عبد الرزّاق عن ابن جُرَيْج قال: حُدّثتُ أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يضع يده على

____________________

(1) المصنّف لعبد الرزّاق 5: 54 / 9098.

(2) الدّر المنثور 1: 134.

(3) الذّرية الطاهرة للدولابيّ 131 / 160.

١٨٤

الركن اليمانيّ.(1)

عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جدّه قال: طفت مع عبد الله بن عمر -، فلمّا فرغنا من السبع ركعنا في دبر الكعبة، فقلت: ألا تتعوّذ، قال أعوذ بالله من النار. ثمّ مشى فاستلم الركن، ثم قام بين الحجر والباب فألصق صدره ويديه وخدّه إليه، ثمّ قال: هكذا رأيت رسول الله يصنع.(2)

عبد الرزّاق، عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه أنّه كان يلصق بالبيت صدره ويده وبطنه.(3)

عن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله يقول: «مَن طافَ بالبيت وصلّى ركعتين، كان كعتقِ رقبةٍ».(4)

سأل ابن هشام عطاء بن أبي رباحٍ عن الركن اليمانيّ، وهو يطوف بالبيت. فقال عطاء: حدّثني أبو هريرة أنّ النبيّ قال: «وُكِل به سبعون ملكاً، فمن قال: اللّهمّ إنّي أسألك العفوَ والعافية في الدنيا والآخرة، ربّنا آتنا في الدّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا عذاب النار؛ قالوا: آمِين».

فلمّا بلغ الرّكن الأَسود قال: يا أبا محمّدٍ، ما بلغك في هذا الرّكن الأسود؟

____________________

(1) المصنّف لعبد الرزّاق 5: 55 / 9102.

(2) المصنّف لعبد الرزّاق 5: 55 / 9106، سنن ابن ماجة 2: 987 / 2962، سُنن أبي داود 1: 181 / 1899.

(3) المصنّف لعبد الرزّاق 5: 56 / 9111.

(4) سنن ابن ماجة 2: 985 / 2956.

١٨٥

فقال عطاء: حدّثني أبو هريرة أنّه سمع رسول الله يقول: «مَن فاوضَه(1) فإنّما يفاوض يدَ الرحمان».

قال له ابن هشام: يا أبا محمّد، فالطّواف؟ قال عطاء: حدّثني أبو هريرة أنّه سمع النبيّ يقول: «من طاف بالبيت سبعاً ولا يتكلّم إلاّ بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ اللهُ، واللهُ أكبر، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله؛ مُحِيَت عنه عشر سيّئات، وكُتبت له عشر حسنات ورُفع له بها عشرةَ درجات. ومن طاف فتكلّم وهو في تلك الحال، خاض في الرحمة برِجْلَيه، كخائض الماء برجلَيه».(2)

عبد الرزّاق عن معمر قال: رأيت أيّوب يلصق بالبيت صدره ويديه.(3)

عن مكحول قال: إذا طفت بين السّادس والسابع فالتزم بالبيت ما بين الركن الأسود والركن اليمانيّ، ثم تعوّذ بالله.(4)

تكريم البيت

اللّيث عن عطاء، وطاووس، ومجاهد؛ قالوا: لا يُدخَل البيت بحذاء ولا بسلاح، ولا خُفَّين، وكان عطاء ومجاهد يريان الحِجر من البيت.(5)

وعن عبد الله بن عبّاس قال: كانت الأنبياء تدخل الحرم مُشاةً حُفاة،

____________________

(1) فاوضه: أي قابله بوجهه.

(2) سنن ابن ماجة 2: 24 / 957.

(3) المصنّف لعبد الرزّاق 5: 55 / 9105.

(4) نفسه / 9109.

(5) نفسه: 61 / 9135.

١٨٦

ويطوفون بالبيت، ويقضون المناسك حفاةً مشاة.(1)

عن سهل بن سعد الساعديّ، عن رسول الله قال: «ما من مُلَبٍّ يُلَبِّي إلاّ لبّى ما عن يمينه وشماله، من حجرٍ أو شجرٍ أو مَدَر، حتّى تنقطع الأرض من ههنا وههنا».(2)

ضيوف الرحمان

و للمنزلة الخاصّة لبيت الله الحرام، فإنّ من قصده من قريب أو بعيد فهو في ضيافة الله تعالى؛ الكريم، ومن كرمه، وقد نزلوا أشرف البقاع وأقربها إليه عزّوجلّ، وأن يستجيب دعاءهم.

بسندٍ عن أبي هريرة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: «الحُجّاج والعُمّار وفدُ اللهِ، إن دَعَوْه أجابهم، وإن استغفروه غَفَرلهم».(3)

و بسندٍ عن ابن عمر، عن النبيّ قال: «الغازي في سبيل الله والحاجُّ والمُعتمر وفدُ الله، دعاهم فأجابوه، وسألوهُ فأعطاهم».(4)

وبسند عن سعيد بن جُبير قال: سمعتُ ابنَ عبّاس يقول: قال رسول الله «ليأتينّ هذا الحجر يوم القيامة، وله عينان يُبصرُ بهما، ولسان ينطق به، يشهد على

____________________

(1) سنن ابن ماجة 2: 980 / 2939.

(2) نفسه: 974 / 2921.

(3) سنن ابن ماجة 2: 966 / 2892.

(4) نفسه / 2893.

١٨٧

من يَستلِمُه بحقّ».(1)

وعن نافع، عن ابن عمر قال: استقبل رسول الله الحجر، ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلاً، ثم التفت فإذا هو بعمر بن الخطّاب يبكي فقال: «يا عمر، ههنا تُسكبُ العَبَراتُ».(2)

عثمان بن أبي شيبة بسنده عن عبد الرحمان بن صفوان قال: لما فتح رسول الله مكّة، انطلقتُ فرأيتُ النبيَّ قد خرج من الكعبة هو وأصحابه، وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد وضعوا خدودهم على البيت.(3)

حرمةُ المؤمن

جرى الكلام عن بيت الله وحُرمته، وأثره في النفوس وفضيلته، والمقام الخاصّ للحجر الأسود وعظمته، إلاّ أنّ النصوص من القرآن والسنّة تقرّر حقيقةً هي عظم حرمة المؤمن، فيذكر القرآن الكريم المنزلة الخاصّة للإنسان بين مخلوقاته:« لَقَدْ كَرّمْنَا بَنِي آدَمَ) (4) الآية.

هذا في عموم بني آدم، إلاّ أنّ الإنسان يستأهل هذا التكريم بقدر قربه من الله وتقواه:« إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ » . (5)

____________________

(1) نفسه: 982 / 2944.

(2) نفسه.

(3) سُنن أبي داود 2: 181 / 1898.

(4) الإسراء: 70.

(5) الحجرات: 13.

١٨٨

ولأجل الإنسان خلقت الجنّة يسعد بها المؤمن في نعيمٍ مقيم خالد، فإذا كانت تلك هي حرمة الحجر الأسعد لأنّه من الجنّة، وتلك هي حرمة الكعبة ومنزلتها إذ هي بيت الله تعالى ومحلّ ضيافته؛ فما هو موقع الإنسان المؤمن المتّقي، وما هي حُرمته؟ بسندٍ عن مكحول: إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لمّا رأى البيت حين دخل مكّة رفع يديه وقال: «اللّهمّ زد هذا البيت تشريفاً وتعظيماً وتكريماً ومهابة، وزد من شرّفه وكرّمه ممّن حجَّه واعتمره تشريفاً وتعظيماً وتكريماً وبِرّاً».(1)

إنّ أشرف بقاع الأرض هي مكّة المكرّمة، فيها أوّلُ بيتٍ وضعه الله تعالى لعبادته« إِنّ أَوّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلّذِي بِبَكّةَ مُبَارَكاً وَهُدىً لِلْعَالَمِينَ) (2) .

والمؤمن أولى بهذا البيت، وكلّما حجّه واعتمره زاد شرفاً إلى شرفه، إذ كما للبيت والحجر وظيفة هي الشّهادة لمن وافاهما، فكذلك المؤمن فهو شاهد على غيره« لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً » (3) ، والآية بيان منه سبحانه لفضل هذه الأمّة على سائر الأمم. ومعنى شهداء على الناس أي: لتشهدوا على النّاس بأعمالهم، أو لتكونوا حُجّةً على الناس فتُبيِّنوا لهم الحقّ والدّين ويكون الرسول عليكم شهيداً بما يكون من أعمالكم، وحجّةً عليكم. (4)

ولسعة أُفق مسؤوليّة المؤمن في هذه الحياة، كانت حُرمته أعظم، فعن ابن

____________________

(1) الدرّ المنثور 1: 132.

(2) آل عمران: 96.

(3) البقرة: 143.

(4) مجمع البيان - تفسير الآية 143 سورة البقرة.

١٨٩

عبّاس قال: لما نظر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الكعبة قال: «مرحباً بكِمن بيتٍ ما أعظمك وأعظمَ حرمتك، لَلْمُؤمنُ أعظمُ عند الله حرمةً منكِ».(1)

تفاوت منازل المؤمنين

تتفاوت منازل المؤمنين عند الله تعالى، وميزان هذا التفاوت هو التقوى:« إِنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ » (2) وأتقى الأمّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو سيّد البشر مطلقاً، وهو خاتم الأنبياء، قد بشّر به مَن كان قبله منهم، ورسالته خاتمة الرسالات؛ فهو أولى بالشرف الباذخ الذي لا تنال ذُراه الكعبة. وهو الذي حرّر البيت الحرام، فطهّر الكعبة من أدران الجاهليّة وحطّم الأصنام التي على سطحها، فكان النظر إلى وجهه الكريم وتعظيمه هو مثلما يكون للكعبة. وكان الذي باشر عمل ذلك هو عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أصعده رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مَنْكِبَيه، فكان ذلك منزلةً له وكرامة.(3)

وللشافعيّ نظم في هذه المكرمة العلويّة:

قيلَ لي: قُل في عليّ مدحاً

ذكرُهث يخمدُ ناراً مُوصَدَهْ

____________________

(1) الدّر المنثور 1: 132.

(2) الحجرات: 13.

(3) مسند أحمد 1: 84، 151، خصائص أمير المؤمنين للنّسائيّ 31، المستدرك على الصحيحين 2: 367 و 3: 5، تاريخ بغداد 13: 2، 3، صفة الصفوة لابن الجوزيّ 1: 119، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام لابن المغازليّ: 202 - 203، المناقب للخوارزميّ: 123، ذخائر العقبى: 85، كفاية الطالب: 257، ينابيع المودّة: 139 الرياض النضرة 2: 200، المواهب اللّدنيّة للقسطلانيّ 1: 204.

١٩٠

قلتُ: لا أقدم في مدح امرئ

ضلّ ذواللُّبّ إلى أن عَبَدهْ

والنبيُّ المصطفى قال لنا

ليلة المعراج لمّا صَعده

وضع اللهُ بظهري يدَهُ

فأحسّ القلبُ أنْ قد بردَهْ

وعليّ واضعٌ أقدامَهُ

في محلٍّ وَضَعَ اللهُ يَدَهْ(1)

فبهذا اللّحاظ، وبلحاظ بقيّة مناقبهعليه‌السلام : من سابقته إلى الإسلام، وأنّه لم يسجد لصنمٍ قطّ ولم يوجّه وجهه في ركوع ولا سجود إلاّ إلى الكعبة التي وُلد فيها، ولم يولد قبله ولا بعده فيها أحد غيره، ولأعلميّته وشرائه النّفسَ في سبيل الله، وغير ذلك من المناقب الخاصّة به ممّا سيأتي الكلام عنها. لكلّ ذلك؛ ولأنّه نَفْسُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما في آية المباهلة(2) ، فكان له ما لرسول الله إلاّ النبوّة، ولذا.. فكما أنّ النظر إلى وجه النبيّ عبادة؛ كذلك النظر إلى وجه عليّعليه‌السلام عبادة.

النظر إلى وجه عليّ عبادة

والأحاديث في هذا المعنى من الكثرة نذكر بعضها: بسندٍ عن عبد الله بن

____________________

(1) ينابيع المودّة للقندوزيّ: 140.

(2) تفسير مقاتل 1: 282، مسند أحمد 1: 185، صحيح مسلم 7: 120، الجامع الصحيح للترمذيّ 4: 293، كتاب الولاية لابن عقدة: 186، دلائل النبوّة لأبي نعيم: 124، المستدرك للحاكم 3: 150، أسباب النزول للواحديّ: 68، تفسير الطبريّ 3: 212، شواهد التنزيل 1: 128، مصابيح البغويّ 2: 277، تفسير الحِبَريّ 248، تفسير فرات: 29، تذكرة الخواصّ: 17؛ تفسير الثعلبيّ 3: 85، تفسير ابن كثير 1: 371، مناقب عليّ لابن مردويه: 226 - 228، أسد الغابة 4: 105، وله مصادر كثيرة نذكرها في موضعها.

١٩١

مسعود قال: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «النظر إلى وجه عليّ عبادة».(1)

وكيع عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنّ النبيّ قال: «النظر إلى وجه عليّ عبادة».(2)

وعن أبي هريرة قال: رأيت مُعاذ بن جبل يُديم النظر إلى عليّ بن أبي طالب، فقلت: ما لكَ تديم النظر إلى عليّ كأنّك لم تره؟! فقال: سمعتُ رسول الله يقول: «النظر إلى وجه عليّ عبادة».(3)

وبطرقٍ عدّة عن عمران بن حصين: «النظر إلى عليّ عبادة».(4)

معمر، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة قالت: رأيت أبا بكر يكثر النظر إلى وجه عليّ، فقلت له: يا أبه، أراك تُكثر النظر إلى وجه عليّ! فقال: يا بُنيّة سمعتُ رسول الله يقول: «النظر إلى وجه عليّ عبادة».(5)

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين 3: 152 / 4682، المناقب للخوارزميّ 361، حلية الأولياء 5: 58، ميزان الاعتدال للذهبيّ 4: 401، لسان الميزان لابن حجر 6: 178، الصواعق المحرقة: 73.

(2) حلية الأولياء 2: 182، مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ: 207، لسان الميزان 1: 242، منتخب كنز العمّال 5: 30.

(3) تاريخ بغداد 2: 51، مناقب الإمام عليّ لابن المغازليّ: 207، ميزان الاعتدال 3: 484.

(4) مناقب الإمام عليّ: 209، المناقب للخوارزمي: 363، كفاية الطّالب: 161، الرياض النضرة 2: 219، البداية والنهاية 7: 357، ينابيع المودّة: 90، تاريخ الخلفاء: 66.

(5) تاريخ بغداد 2: 51، مناقب الإمام عليّ: 211، كفاية الطّالب: 161.

١٩٢

مثَلُ عليّ في الأُمّة

و لكون عليّعليه‌السلام المَثَل الأعلى بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ أنزله النبيّ منزلة الكعبة، فعلى المسلمين أن يشدّوا الرّحال إليه ليستمدّوا منه معالم دينهم، فهم جميعاً محتاجون إليه وعليهم أن يقصدوه كما يقصدون الكعبة.

عن صالح بن ميثم(1) عن يَريم بن العلا(2) ، عن أبي ذرّ قال:

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «مثَلُ عليّ فيكم - أو قال: في هذه الأمّة - كَمثَلِ الكعبة المستورة - أو المشهورة -، النظرُ إليها عبادة، والحجّ إليها فريضة».(3)

عن شريك، عن سَلَمة، عن الصُّنابحي(4) ، عن عليّ قال: قال رسول الله لعليّ:

____________________

(1) صالح بن ميثم. قال له أبو جعفر - الباقرعليه‌السلام - (إنّي أحبّك وأُحبّ أباك حبّاً شديداً) (رجال ابن داود 186 / 760). وذكره البرقيّ في أصحاب الباقرعليه‌السلام (رجال البرقيّ: 15). وذكره هو وابنه عُقبةَ بن صالح في أصحاب الصادقعليه‌السلام (رجال البرقيّ: 16).

(2) لم أعثر له على ترجمة.

(3) مناقب الإمام عليّ 107، كفاية الطالب: 161، الرياض النضرة 2: 219، مجمع الزوائد 19: 119، كنز العمّال 6: 158.

(4) شَرِيك بن عبد الله النّخعيّ القاضي، كوفيّ ثقة. (تاريخ الثقات للعجلي 217 / 644).

وسَلَمة بن كُهَيل الحضرميّ: كوفيّ، ثقةٌ ثبتٌ في الحديث، تابعيّ. قال سفيان الثّوري لحمّاد بن سلمة: رأيتَ سلمة بن كهيل؟ قال: نعم، قال: لقد رأيت شيخاً كيِّساً، قال: وكان فيه تشيّع قليل، وهو من ثقات الكوفيّين (تاريخ الثقات 197 / 591). وذكره الطوسيّ في أصحاب أميرالمؤمنين، وقال تابعيّ. ثمّ ذكره في أصحاب الأئمّة: عليّ بن الحسين، والباقر، والصادقعليهم‌السلام (رجال الطوسيّ: 43، 91، 124، 211). وذكره البرقيّ في خواصّ أصحاب أميرالمؤمنين، وفي أصحاب: =

١٩٣

«أنت بمنزلة الكعبة: تؤتى ولا تأتي، فإن أتاك هؤلاء القوم فسَلَّمُوها إليك - يعني الخلافة - فاقبَلْ منهم، وإن لم يأتوك فلا تأتهم حتّى يأتوك».(1)

فالسعيُ إلى عليّعليه‌السلام كالسعي بين الصفا والمروة، والتزامُه مثل التزام ملتزم الكعبة، فهو وبنوه مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومَن تخلّف عنها غرق.

أخرج الشريف الرضيّ بسندٍ عالٍ، عن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ ابن موسى بن جعفر قال: حدّثني أبي عليّ، قال حدّثني أبي محمّد، قال: حدّثني أبي عليّ، قال: حدّثني أبي موسى، قال: حدّثني أبي جعفر، قال: حدّثني أبي محمّد، قال: حدّثني أبي عليّ، قال: حدّثني الحسين بن عليّ، عن أبيه أميرالمؤمنين عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا عليّ، مَثَلُكُم في الناس مَثَلُ سفينة نوح: من رَكِبَها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، فمن أحبّكم يا عليّ نجا، ومن

____________________

= السجّاد والباقرعليهم‌السلام (رجال البرقيّ: 4، 8، 9). قال ابن سعد: توفّي سلمة بن كهيل الحضرميّ سنة اثنتين وعشرين ومائة حين قُتل زيد بن عليّ بالكوفة. (الطبقات الكبرى 6: 314 / 2415).

والصّنابحي: شاميّ، تابعيّ، ثقة، من خيار التابعين. (تاريخ الثقات 230 / 705). وهو عبد الرحمان بن عسيلة المراديّ الصّنابحي، رحل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فوجده قد مات فنزل الشام، روى عن النبيّ مرسلاً، وعن أبي بكر وعمر وعليّ وغيرهم (تهذيب الكمال 6: 229). ومثله في (طبقات ابن سعد) عبد الرحمان بن عسيلة الصّنابحي، من حِمْيَر، ويكنّى أبا عبد الله، وكان ثقة قليل الحديث، روى عن أبي بكر وعمر وبلال. وذكر بسنده عن الصّنابحي قال: ما فاتني رسول الله إلاّ بخمس ليالٍ، توفّي رسول الله وأنا بالجحفة، فقدمت على أصحابه متوافرين، فسألت بلالاً عن ليلة القدر فقال: ليلة ثلاث وعشرين (الطبقات الكبرى 7: 353 / 4038).

(1) أسد الغابة 4: 112. وبلفظٍ آخر في: كفاية الطالب: 161، ومناقب الإمام عليّعليه‌السلام : 107، كنز العمّال 6: 158، ومجمع الزوائد 9: 119.

١٩٤

أبغضكم ورفض محبّتكم هوى في النار». ومَثَلُكُم يا عليّ مثل بيت الله الحرام: من دخله كان آمناً، فمن أحبّكم ووالاكُم كان آمناً من عذاب النار، ومن أبغضكم ألقي في النار يا عليّ« وَللّهِ‏ِ عَلَى النّاسِ حِجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً » (1) ، ومن كان له عذر فله عذره، ومن كان مريضاً فله عذره، والله لا يعذر غنيّاً ولا فقيراً ولا مريضاً ولا أعمى ولا بصيراً في تفريطه في موالاتكم ومحبّتكم.(2)

وأخرج سفيان الفسويّ، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمانٌ لأمّتي».(3)

وعن قتادة، عن عطاء، عن ابن عبّاس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمانٌ لأمّتي من الاختلاف؛ فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس».(4)

وعن أبي إسحاق - السّبيعيّ -، عن حنش الكنانيّ(5) قال: سمعت أبا ذرّ يقول وهو آخذ بباب الكعبة: «مَن عرفني فأنا مَن عرفني، ومن أنكرني فأنا أبوذرّ، سمعتُ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: ألا إنّ مَثَل أهل بيتي فيكم مَثَلُ سفينة نوح في

____________________

(1) آل عمران: 97.

(2) خصائص أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب للشريف الرضيّ: 48.

(3) المعرفة والتاريخ للفسويّ 1: 296.

(4) المستدرك على الصحيحين للحاكم 3: 162 / 4715.

(5) حنش بن المعتمر الكنانيّ، كوفيّ ثقة تابعيّ (تاريخ الثقات للعجليّ 136 / 347)، ووثّقه ابن داود وأخرج له في سُننه، والترمذيّ في جامعه.

١٩٥

قومه، من رَكِبَها نجا، ومن تخلّف عنها غَرِق».(1)

وعليّ بن زيد، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي ذرّ قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «مَثَلُ أهل بيتي مَثَلُ سفينة نوح، من ركب فيها نجا، ومن تخلّف عنها غرق، ومَن قاتلنا في آخر الزمان فإنّما قاتل مع الدّجال».(2)

وأخرج ابن أبي شيبة في مصنّفه قال: حدّثنا معاوية بن هشام(3) ، قال: حدّثنا عمّار، عن الأعمش، عن المنهال، عن عبد الله بن الحارث، عن عليّ قال: إنّما مثَلُنا في هذه الأمّة كسفينة نوح، وكتاب حِطّة في بني إسرائيل.(4)

هذا هو شأن عليّ ومنزلته، ومن كان كذلك لا يكبر عليه ردّ الشمس إليه كرامةً له من عند الله تعالى.

وأمّا من حيث الوقوع: فيكفي أنّ أميرالمؤمنين عليّاعليه‌السلام ، ذكر ذلك في محاججته القوم يوم الشّورى، فأخبتوا له في كلّ ما احتجّ به من فضائله.

أبو ساسان(5) ، وأبو حمزة، عن أبي إسحاق السبيعيّ، عن عامر بن واثلة قال:

____________________

(1) المستدرك على الصحيحين 3: 163 / 4720، والمعارف لابن قتيبة 252.

(2) المعرفة والتاريخ للفسويّ 1: 296، والكنى والأسماء للدولابيّ 1: 137 / الترجمة 241 ولكن من غير العبارة الأخيرة.

(3) معاوية بن هشام القصّار الأزديّ، أبو الحسن الكوفيّ. قال العجليّ: ثقة (تاريخ الثقات للعجليّ 433 / 1598).

(4) المصنّف لابن أبي شيبة 7: 503 / 52.

(5) حُضين بن المنذر، أبو ساسان السدوسيّ (بصريّ) تابعيّ، ثقة، وكان على راية عليّ يوم صفّين (تاريخ الثقات 123 / 304). =

١٩٦

____________________

= قال خليفة في صفة جيش أميرالمؤمنين يوم صفّين:... وعلى بكر البصرة حُضين بن المنذر (تاريخ خليفة 146).

وذكره الطوسيّ في أصحاب أميرالمؤمنين قال: أبو سنان الأنصاريّ (رجال الطوسيّ: 63).

وذكر البرقيّ أنّ له صحبة (رجال البرقيّ: 1). ثم ذكره في طبقة الأصفياء من أصحاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام (رجال البرقيّ: 3). وذكره كذلك في شرطة الخميس من أصحابهعليه‌السلام (رجال البرقيّ: 4).

وذكره ابن داود في أصحاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام (رجال ابن داود القسم الأوّل 398 / 42). إلاّ أنّ البرقيّ وابن داود سمّياه: الحصين - بصادٍ مهملة غير منقوطة -.

وذكره ابن سعد في الطبقة الثالثة من أهل البصرة (الطبقات الكبرى 7: 155). وأبو حمزة: هو ثابت بن أبي صفيّة واسم أبي صفيّة دينار الأزديّ الكوفيّ، مات سنة خمسين ومائة. ذكره الطوسي في: أصحاب عليّ بن الحسين، وفي أصحاب الباقر، وفي أصحاب الصادقعليهم‌السلام (رجال الطوسيّ 84، 110، 160).

قال النجاشيّ: كوفي ثقة، وأولاده: نوح، ومنصور، وحمزة - قُتلوا مع زيد بن عليّ قال: لَقِيَ عليَّ ابن الحسين وأبا جعفر وأبا عبد الله وأبا الحسنعليهم‌السلام ، وروى عنهم، وكان من خيار أصحابنا وثقاتهم ومعتمديهم في الرواية والحديث. ورُوي عن أبي عبد الله أنّه قال: أبو حمزة في زمانه مثلُ سلمان في زمانه. وروى عنه العامّة. له كتاب تفسير القرآن، وكتاب النوادر ورسالة الحقوق عن عليّ بن الحسين (رجال النجاشي 83 - 84).

وذكره ابن داود فقال: ثقة، له كتاب (رجال ابن داود 76 / 273).

وذكره البرقيّ في أصحاب عليّ بن الحسينعليه‌السلام (رجال البرقيّ 8).

وترجم له المزّيّ ترجمة وافية نذكر منها أسماء من روى عنهم، ومن رَوَوا عنه؛ لنعرف منزلته ووثاقته، قال: روى عن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، وأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن أبي طالب، وعكرمة مولى ابن عبّاس، والأصبغ بن نُباتة، وأنس بن مالك، وسعيد بن جُبير، وعامر الشعبيّ، وسالم بن أبي الجعد الغطفانيّ، وأبي إسحاق السّبيعيّ... وغيرهم. =

١٩٧

____________________

= روى عنه: سفيان الثّوريّ، وشريك بن عبد الله النخعيّ وعمرو بن أبي المقدام ثابت بن هرمز، و عبيدالله بن موسى وأبونعيم الفضل بن دكين، ووكيع بن الجرّاح، وأبوبكر بن عيّاش، وحفص بن غياث، والحسن بن محبوب... وغيرهم. روى له الترمذيّ، والنّسائيّ في (مسند عليّ) (تهذيب الكمال للمزّيّ 4: 357 / 819).

وأبو إسحاق: هو أبو إسحاق السبيعيّ، واسمه عمرو بن عبد الله بن عليّ... بن سبيع... بن هَمْدان، السّبيعيّ الهَمْدانيّ الفقيه (النّسب لابن سلام 337، الطبقات الكبرى 6: 311 / 2411).

قال العجليّ: أبو إسحاق السّبيعيّ (كوفيّ) تابعيّ، ثقة، روى عن ثمانية وثلاثين من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (تاريخ الثقات 366 / 1272).

روى عن: زيد بن أرقم، والبراء بن عازب، عديّ بن حاتم، وعبد الله بن عمرو و أسامة بن زيد، وأنس بن مالك، وحُبْشيّ بن جُنادة وزيد بن يُثيع، وسعيد بن جبير، وسليمان بن صرد الخزاعيّ، وجرير بن عبد الله البجلي، وعامر بن شراحيل الشّعبي، وعبد الله بن الحارث بن نوفل، وعبد الله بن الزبير بن العوّام، وعبد الله بن عبّاس والحارث بن عبد الله الأعور، وعبد الرحمان بن أبي ليلى، وعبد خير الهمدانيّ وعكرمة مولى ابن عباس، وكميل بن زياد، ومجاهد بن جبر المكّيّ، وأبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين... وخلقٍ كثير.

روى عنه: أبان بن تغلب، وأبو شيبة إبراهيم بن عثمان العبسيّ، وسفيان الثّوريّ وهو أثبت الناس فيه، وسفيان بن عيينة، وسليمان الأعمش، وشريك بن عبد الله وشعبة بن الحجّاج، وفضيل بن مرزوق، وفِطْر بن خليفة، وأبو حمزة الثّماليّ، وموسى بن عقبة، ومنصور بن المعتمر، ومِسعَر بن كِدام، وعبد الله بن المختار، وحمزة بن حبيب الزّيّات، ومالك بن مِغْول... وكثيرون.

مات سنة سبع وعشرين ومائة (الطبقات الكبرى 6: 311، الكنى والأسماء للدولابيّ 1: 100، التاريخ الكبير للبخاريّ: 6 / الترجمة 2594، الجرح والتعديل: 6 / الترجمة 1347، طبقات خليفة 275 / 1210، وقد ذكره في الطبقة الرابعة من أهل الكوفة ن من مُضَر اليمن).

قال أحمد بن حنبل: أبو إسحاق ثقة، وكذلك يحيى بن معين والنّسائي (الجرح والتعديل: 6 / الترجمة 1347). =

١٩٨

كنت مع عليّعليه‌السلام في البيت يوم الشورى، فسمعت عليّاً يقول لهم: لأحتجّنّ عليكم بما لا يستطيع عربيّكم ولا عجميّكم يُغيّر ذلك. ثمّ قال: أنشدكم بالله أيّها النّفر جميعاً! هل فيكم أحد ردّت عليه الشّمس حتّى صلّى العصر في وقتها، غيري؟

____________________

= قال أبو داود الطّيالسيّ: قال رجل لشعبة: سمع أبو إسحاق من مجاهد؟ قال: وما كان يصنع بمجاهد، كان هو أحسنَ حديثاً من مجاهد، ومن الحسن وابن سيرين (الجرح والتعديل: 6: الترجمة 1347).

وسبق أن ذكرنا قول العجليّ فيه وتوثيقه له.

وعامر بن واثلة بن عبد الله بن عمرو، أبو الطّفيل اللّيثيّ الكنانيّ، آخر الصحابة موتاً. ولد عام اُحدٍ، وأدرك ثماني سنين من حياة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله . روى عن: النبيّ، وعليّ، وأبي بكر، وعمر، ومعاذ، وابن مسعود، وحذيفة بن أسيد الغفاريّ، وحذيفة بن اليمان، وزيد بن أرقم، وأبي سعيد الخدريّ، وسلمان الفارسيّ، وابن عبّاس... وغيرهم.

روى عنه: جابر بن يزيد الجعفيّ، والزهريّ، وحبيب بن أبي ثابت، وفطر بن خليفة، وعليّ بن زيد ابن جدعان، وحمران بن أعين، وعمرو بن دينار، وقتادة، وإسماعيل بن مسلم المكّيّ.. وخلق كثير (الطبقات الكبرى 5: 457، طبقات خليفة 68 / 176، 216 / 841، 488 / 2519، الجرح والتعديل: 6 / الترجمة 1829، جمهرة أنساب العرب 183، جمهرة النسب 145).

وذكره ابن داود في خواصّ أميرالمؤمنينعليه‌السلام (رجال ابن داود) 194 / 194).

وكذلك البرقيّ (رجال البرقيّ: 4)، وذكر الطوسيّ في أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وفي أصحاب أميرالمؤمنين، وفي أصحاب الحسن (رجال الطوسيّ: 25، 47، 69).

قال العجليّ: عامر بن واثلة، أبو الطفيل (مكّيذ) ثقة، سكن الكوفة مع عليّ، وكان من كبار التابعين، وقد رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (تاريخ الثقات 245 / 757).

١٩٩

قالوا: اللّهمّ لا.(1)

____________________

(1) كتاب الولاية لابن عقدة: 174، وهي واحدة من (29) فقرة احتجّ بها أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فشهدوا له بتصديقها. والسند الذي ذكرناه من القوّة والوثاقة ممّا يقطع بصحّة المناشدة وإخبات القوم وتصديقهم لأميرالمؤمنين فيما احتجّ به ومنه ردّ الشمس. وذكرها ابن المغازليّ الشافعيّ المتوفّى سنة (542 هـ) في كتابه (مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب: 112 / 155)، والجوينيّ في كتابه (فرائد السمطين 1: 319 / 215)؛ والخوارزميّ الحنفيّ المتوفّى سنة (568 هـ) في كتابه (المناقب: 313 / 314) بسنده عن زافر بن سليمان بن الحارث [ زافر بن سليمان، ثقه (تاريخ يحيى بن معين 2: 273 / 4751، الجرح والتعديل للرازيّ 1: 2 / 625) ]، عن عامر ابن واثلة؛ وذكر من المناشدة (24) فقرة.

وذكرها الگنجي الشافعيّ (المقتول سنة 658 هـ) في كتابه (كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب: 386) بسنده عن أبان بن تغلب [ أبان بن تغلب بن رياح القاري الربعيّ، أبو سعد الكوفيّ. مات سنة إحدى وأربعين ومائة. روى عن أبي إسحاق السبيعيّ والحَكَم، روى عنه شعبة بن الحجّاج، وحمّاد بن زيد (كتاب الثّقات لابن حبّان 3: 215 / 290). وفي (تاريخ أسماء الثقات لابن شاهين 67 / 75): قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: أبان بن تغلب ثقة، كان شعبة يحدّث عنه. قيل له: أبان، وإدريس الأوديّ؟ فقال: أبان أكبر.

ووثّقه أبو حاتم الرازيّ، حيث قال عن أحمد أنّه سُئل فقال: ثقة، وكذا ابن معين (الجرح والتعديل للرازيّ 1: 1 / 296).

ذكره الطوسيّ في أصحاب عليّ بن الحسين، وفي أصحاب الباقر أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام (رجال الطوسيّ 82، 106).

وذكره البرقيّ في أصحاب الباقر، وأصحاب الصادقعليهما‌السلام (رجال البرقيّ 9، 16).

وترجم له النجاشيّ: أبان بن تغلب بن رباح، أبو سعيد البكريّ الجُريريّ، ثقة جليل القدر عظيم المنزلة في أصحابنا، لقي عليّ بن الحسين، وأبا جعفر - الباقر - وأبا عبد الله - الصادق -عليهم‌السلام ، روى عنهم، وكانت له عندهم منزلة وقَدَم. وذكره البلاذريّ قال: روى عن عطية العوفيّ [ عطيّة بن =

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

قوله تعالى (كتاب) أى هو محل كتاب لان السجين مكان، وقيل التقدير: هو كتاب من غير حذف، والتقدير: وما أدراك ما كتاب سجين.

قوله تعالى (ثم يقال) القائم مقام الفاعل مضمر تفسره الجملة بعده، وقيل هو الجملة نفسها، وأما (عليون) فواحدها على وهو الملك، وقيل هو صيغة للجمع مثل عشرين، وليس له واحد، والتقدير: عليون محل كتاب، وقيل التقدير: ما كتاب عليين، و (ينظرون) صفة للابرار ويجوز أن يكون حالا، وأن يكون مستأنفا، وعلى يتعلق به، ويجوز أن يكون حالا إما من الضمير في المجرور قبلها، أو من الفاعل في ينظرون.

قوله تعالى (عينا) أى أعنى عينا، وقيل التقدير: يسقون عينا: أى ماء عين وقيل هو حال من تسنيم، وتسنيم علم، وقيل تسنيم مصدر، وهو الناصب عينا، و (يشرب بها) قد ذكر في الانسان.

قوله تعالى (هل ثوب) موضع الجملة نصب بينظرون، وقيل لاموضع له، وقيل التقدير: يقال لهم هل ثوب، والله أعلم.

سورة الانشقاق

بسم اللّه الرحمن الرحيم

جواب (إذا) فيه أقوال: أحدها أذنت والواو زائدة. والثانى هو محذوف تقديره: يقال ياأيها الانسان إنك كادح، وقيل التقدير: بعثتم أو جوزيتم، ونحو ذلك مما دلت عليه السورة. والثالث أن " إذا " مبتدأ، وإذا الارض خبره، والواو زائدة حكى عن الاخفش. والرابع أنها لاجواب لها، والتقدير: اذكر إذا السماء، والهاء في " ملاقيه " ضمير ربك، وقيل هو ضمير الكدح: أى ملاقى جزائه، و (مسرورا) حال، و (ثبورا) مثل التى في الفرقان (وماوسق) " ما " بمعنى الذى، أو نكرة موصوفة، أو مصدرية.

قوله تعالى (لتركبن) على خطاب الجماعة، ويقرأ على خطاب الواحد، وهو النبى صلى الله عليه وسلم، وقيل الانسان المخاطب، و (طبقا) مفعول، و (عن) بمعنى بعد، والصحيح أنها على بابها وهى صفة: أى طبقا حاصلا عن طبق: أى حالا عن حال، وقيل جيلا عن جيل، و (لا يؤمنون) حال، و (إلا الذين آمنوا) استثناء، ويجوز أن يكون متصلا، وأن يكون منقطعا، والله أعلم.

٢٨١

سورة البروج

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الواو للقسم، وجوابه محذوف: أى لتبعثن ونحوه، وقيل جوابه قتل: أى لقد قتل، وقيل جوابه: إن بطش ربك (واليوم الموعود) أى الموعود به، و (النار) بدل من الاخدود، وقيل التقدير: ذى النار لان الاخدود هو الشق في الارض، وقرئ شاذا بالرفع: أى هو النار، و (إذ هم) ظرف لقتل، وقيل التقدير: اذكر (فلهم عذاب جهنم) قيل هو مثل قوله تعالى " فإنه ملاقيكم " (فرعون وثمود) قيل هما بدلان من الجنود، وقيل التقدير: أعنى، والمجيد بالرفع نعت لله عزوجل، وبالجر للعرش، و (محفوظ) بالرفع نعت للقرآن العظيم، وبالجر للوح.

سورة الطارق

بسم اللّه الرحمن الرحيم

جواب القسم (إن كل نفس) وإن بمعنى " ما " و (لما) بالتشديد بمعنى إلا، وبالتخفيف مافيه زائدة، وإن هى المخففة من الثقيلة: أى إن كل نفس لعليها حافظ وحافظ مبتدأ، وعليها الخبر، ويجوز أن يرتفع حافظ بالظرف، و (دافق) على النسب: أى ذو اندفاق، وقيل هو بمعنى مدفوق، وقيل هو على المعنى، لان اندفق الماء بمعنى نزل، والهاء في (رجعه) تعود على الانسان، فالمصدر مضاف إلى المفعول: أى الله قادر على بعثه، فعلى هذا في قوله تعالى (يوم تبلى السرائر) أوجه: أحدها هو معمول قادر. والثانى على التبيين: أى يرجع يوم تبلى. والثالث تقديره اذكر، ولا يجوز أن يعمل فيه رجعه للفصل بينهما بالخبر، وقيل الهاء في رجعه للماء: أى قادر على رد الماء في الاحليل أو في الصلب، فعلى هذا يكون منقطعا عن قوله تعالى " يوم تبلى السرائر " فيعمل فيه اذكر، و (رويدا) نعت لمصدر محذوف: أى إمهالا رويدا، ورويدا تصغير رود، وقيل هو مصدر محذوف الزيادة، والاصل إروادا، والله أعلم.

سورة الاعلى جل وعلا

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (سبح اسم ربك) قيل لفظة اسم زائدة، وقيل في الكلام حذف مضاف: أى سبح مسمى ربك ذكرهما أبوعلى في كتاب الشعر، وقيل هو على ظاهره: أى نزه اسمه

٢٨٢

عن الابتذال والكذب إذا أقسمت به.

قوله تعالى (أحوى) قيل هو نعت لغثاء، وقيل هو حال من المرعى: أى أخرج المرعى أخضر ثم صيره غثاء، فقدم بعض الصلة.

قوله تعالى (فلا تنسى) لا نافية أى فما تنسى، وقيل هى للنهى ولم تجزم لتوافق رء‌وس الآى، وقيل الالف ناشئة عن إشباع الفتحة، و (يؤثرون) بالياء على الغيبة، وبالتاء على الخطاب: أى قل لهم ذلك.

سورة الغاشية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (وجوه) هو مبتدأ، و (خاشعة) خبره، ويومئذ ظرف للخبر، و (عاملة) وصف لها بما كانت عليه في الدنيا (إلا من ضريع) يجوز أن يكون في موضع نصب على أصل الباب، وأن يكون رفعا على البدل.

قوله تعالى (إلا من تولى) هو استثناء منقطع، والاياب مصدر آب يؤوب مثل القيام والصيام، أبدلت الواو ياء لانكسار ماقبلها واعتلالها في الفعل، ويقرأ بتشديد الياء وأصله إيواب على فيعال فاجتمعت الواو والياء وسبقت الاولى بالسكون فأبدلت الواو ياء وأدغم.

سورة الفجر

بسم اللّه الرحمن الرحيم

جواب القسم: إن ربك لبالمرصاد (والوتر) بالفتح والكسر لغتان، و (إذا) ظرف، والعامل فيه محذوف: أى أقسم به إذا يسر، والجيد إثبات الياء، ومن حذفها فلتوافق رء‌وس الآى، و (إرم) لاينصرف للتعريف والتأنيث، قيل هو اسم قبيلة فعلى هذا يكون التقدير: إرم صاحب ذات العماد، لان ذات العماد مدينة، وقيل ذات العماد وصف، كما تقول القبيلة ذات الملك، وقيل " إرم " مدينة، فعلى هذا يكون التقدير: بعاد صاحب إرم، ويقرأ " بعاد إرم " بالاضافة فلا يحتاج إلى تقدير، ويقرأ " إرم ذات العماد " بالجر على الاضافة (وثمود) معطوف على عاد وكذلك (فرعون).

قوله تعالى (الذين طغوا) في الجمع وجهان: أحدهما أنه صفة للجمع. والثانى هو صفة لفرعون وأتباعه، واكتفى بذكره عن ذكرهم.

٢٨٣

قوله تعالى (فأكرمه) هو معطوف على ابتلاه، وأما (فيقول) فجواب إذا وإذا وجوابها خبر عن الانسان.

قوله تعالى (ولا يحضون) المفعول محذوف: أى لا يحضون أحدا أى لا يحضون أنفسهم، ويقرأ " ولا تحاضون " وهو فعل لازم بمعنى تتحاضون.

قوله تعالى (يومئذ) هو بدل من إذا في قوله تعالى " إذا دكت " والعامل فيه (يتذكر) و (يقول) تفسير ليتذكر، ويجوز أن يكون العامل في إذا يقول، وفى يومئذ يتذكر، و (صفا) حال. قوله تعالى (لا يعذب) و (لا يوثق) يقرآن بكسر الذال والثاء، والفاعل (أحد) والهاء تعود على الله عزوجل، ويقرآن بالفتح على مالم يسم فاعله، والهاء للمفعول، والتقدير: مثل عذابه، ومثل وثاقه، والعذاب والوثاق اسمان للتعذيب والايثاق (راضية) حال، والله أعلم.

سورة البلد

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (لا أقسم بهذا البلد) مثل " لا أقسم بيوم القيامة " وقيل لا أقسم به وأنت حل فيه، بل أقسم بك (ووالد) معطوف على البلد، و (ما) بمعنى من وجواب القسم (لقد خلقنا) و (في كبد) حال: أى مكابدا.

قوله تعالى (فلا اقتحم) لا بمعنى " ما " وأكثر ما يجئ مثل هذا مكررا مثل " فلا صدق ولا صلى ".

قوله تعالى (ما العقبة) أى ما اقتحام العقبة لانه فسره بقوله تعالى (فك رقبة) وهو فعل سواء كان بلفظ الفعل أو بلفظ المصدر، والعقبة عين فلا تفسر بالفعل، فمن قرأ فك وأطعم فسر المصدر بالجملة الفعلية لدلالتهما عليه، ومن قرأ فك رقبة أو إطعام كان التقدير: هو فك رقبة، والمصدر مضاف إلى المفعول، وإطعام غير مضاف، ولا ضمير فيهما لان المصدر لا يتحمل الضمير.

وذهب بعض البصريين إلى أن المصدر إذا عمل في المفعول كان فيه ضمير كالضمير في اسم الفاعل، و (يتيما) مفعول إطعام، و (ثم) هنا لترتيب الاخبار لا لترتيب المخبر عنه، ومن همز (مؤصدة) أخذه من آصد الباب، ومن لم يهمز جاز أن يكون خفف الهمز، وأن يكون من أوصده، والله أعلم.

٢٨٤

سورة الشمس

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الواو الاولى للقسم، وما بعدها عطف، و (إذ) معمول للقسم، وجواب القسم (قد أفلح) وحذف اللام لطول الكلام، و " ما " في المواضع الثلاثة بمعنى من، وقيل مصدرية، و (دساها) أصله دسسها فأبدلت السين الاخيرة ألفا لكثرة الامثال. والطغوى فعلى من الطغيان، والواو مبدلة من ياء مثل التقوى، ومن قال طغوت كانت الواو أصلا عنده، و (إذ) ظرف لكذبت أو لطغوى، و (ناقة الله) منصوب بمعنى احذروا (ولا يخاف) بالواو والجملة حال: أى فعلى ذلك وهو لا يخاف، وقرئ بالفاء على أنها للعطف من غير مهلة، والضمير في سواها وعقباها للعقوبة، والله أعلم.

سورة الليل

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (وماخلق) " ما " بمعنى من أو مصدرية، فعلى الاول من كنى به عن الله عزوجل، و (الذكر) مفعول أو يكون عن المخلوق، فيكون الذكر بدلا من " من " والعائد محذوف (وما يغنى) يجوز أن يكون نفيا: وأن يكون استفهاما، و (نارا تلظى) يقرأ بكسر التنوين وتشديد التاء، وقد ذكر وجهه في قوله تعالى " ولا تيمموا الخبيث ".

قوله تعالى (إلا ابتغاء) هو استثناء من غير الجنس، والتقدير: لكن فعل ذلك ابتغاء وجه ربه.

سورة الضحى

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (ودعك) بالتشديد، وقد قرئ بالتخفيف، وهى لغة قليلة قال أبوالاسود الدؤلى:

ليت شعرى عن خليلى ما الذى * غاله في الحب حتى ودعه أى ترك الحب.

قوله تعالى (وما قلى) الالف مبدلة عن ياء لقولهم قليته، والمفعول محذوف: أى وما قلاك، وكذلك فآواك وفهداك وفأغناك، و (اليتيم) منصوب، بعده، وكذلك (السائل) و (بنعمة ربك) متعلق ب‍ (حدث) ولا تمنع الفاء من ذلك لانها كالزائدة.

٢٨٥

سورة ألم نشرح

بسم اللّه الرحمن الرحيم

(العسر) في الموضعين واحد، لان الالف واللام توجب تكرير الاول، وأما يسرا في الموضعين فاثنان، لان النكرة إذا أريد تكريرها جئ بضميرها أو بالالف واللام، ومن هنا قيل " لن يغلب عسر يسرين " والله أعلم.

سورة التين

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (سنين) هو لغة في سيناء، وقد ذكر في المؤمنين.

قوله تعالى (في أحسن تقويم) هو في موضع الحال من الانسان، وأراد بالتقويم القوام، لان التقويم فعل وذاك وصف للخالق لا للمخلوق، ويجوز أن يكون التقدير في أحسن قوام التقويم فحذف المضاف، ويجوز أن تكون " في " زائدة أى قومناه أحسن تقويم.

قوله تعالى (أسفل) هو حال من المفعول، ويجوز أن يكون نعتا لمكان محذوف.

قوله تعالى (فما يكذبك) " ما " استفهام على معنى الانكار: أى ما الذى يحملك أيها الانسان على التكذيب بالبعث.

قوله تعالى (أليس الله بأحكم الحاكمين) أى هو أحكم الحاكمين سبحانه، والله أعلم.

سورة العلق

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (اقرأ باسم ربك) قيل الباء زائدة كقول الشاعر * لايقرآن السور * وقيل دخلت لتنبه على البداية باسمه في كل شئ كما قال تعالى " بسم اللّه الرحمن الرحيم " فعلى هذا يجوز أن يكون حالا: أى اقرأ مبتدئا باسم ربك.

قوله تعالى (أن رآه) هو مفعول له: أى يطغى لذلك، والرؤية هنا بمعنى العلم ف‍ (استغنى) مفعول ثان.

قوله تعالى (لنسفعا) إذا وقف على هذه النون أبدل منها ألف لسكونها وانفتاح ما قبلها، و (ناصية) بدل من الناصية، وحسن إبدال النكرة من المعرفة لما نعتت النكرة.

قوله تعالى (فليدع ناديه) أى أهل ناديه. وزبانية فعالية من الزبن: وهو الدفع.

٢٨٦

سورة القدر

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الهاء في (أنزلناه) للقرآن العظيم، ولم يجر له ذكر هنا.

قوله تعالى (والروح) يجوز أن يكون مبتدأ، و (فيها) الخبر، وأن يكون معطوفا على الفاعل، وفيها ظرف أو حال.

قوله تعالى (بإذن ربهم) يجوز أن تتعلق الباء بتنزل، وأن يكون حالا، قوله تعالى (سلام هى) في سلام وجهان: أحدهما هى بمعنى مسلمة: أى تسلم الملائكة على المؤمنين، أو يسلم بعضهم على بعض.

والثانى هى بمعنى سلامة أو تسليم، فعلى الاول هى مبتدأ، وسلام خبر مقدم، و (حتى) متعلقة بسلام: أى الملائكة مسلمة إلى مطلع الفجر، ويجوز أن يرتفع هى بسلام على قول الاخفش، وعلى القول الثانى ليلة القدر ذات تسليم: أى ذات سلامة إلى طلوع الفجر، وفيه التقديران

الاولان، ويجوز أن يتعلق حتى بتنزل، ومطلع الفجر بكسر اللام وفتحها لغتان وقيل الفتح أقيس.

سورة البرية

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (والمشركين) هو معطوف على أهل، و (منفكين) خبر كان ومن أهل حال من الفاعل في كفروا.

قوله تعالى (رسول) هو بدل من البينة أو خبر مبتدأ محذوف، و (من الله) يجوز أن يكون صفة لرسول أو متعلقا به، و (يتلو) حال من الضمير في الجار أو صفة لرسول، ويجوز أن يكون من الله حالا من صحف: أى يتلو صحفا مطهرة منزلة من الله، و (فيها كتب) الجملة نعت لصحف، و (مخلصين) حال من الضمير في يعبدوا، و (حنفاء) حال أخرى، أو حال من الضمير في مخلصين.

قوله تعالى (دين القيمة) أى الملة أو الامة القيمة.

قوله تعالى (في نار جهنم) هو خبر إن، و (خالدين فيها) حال من الضمير في الخبر، و (البرية) غير مهموز في اللغة الشائعة، وأصلها الهمز من برأ الله الخلق: أى ابتدأه، وهى

٢٨٧

فعلية بمعنى مفعولة، وهى صفة غالبة لانها لا يذكر معها الموصوف، وقيل من لم يهمزها أخذها من البرى وهو التراب، وقد همزها قوم على الاصل.

قوله تعالى (خالدين فيها) هو حال، والعامل فيه محذوف تقديره: ادخلوها خالدين، أو أعطوها، ولا يكون حالا من الضمير المجرور في " جزاؤهم " لانك لو قلت ذلك لفصلت بين المصدر ومعموله بالخبر، وقد أجازه قوم واعتلوا له بأن المصدر هنا ليس في تقدير أن والفعل: وفيه بعد. فأما عند ربهم، فيجوز أن يكون ظرفا لجزاؤهم، وأن يكون حالا منه، و (أبدا) ظرف زمان، والله أعلم.

سورة الزلزلة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (إذا زلزلت الارض) العامل في إذا جوابها وهو قوله تعالى " تحدث " أو يصدر، و (يومئذ) بدل من إذا، وقيل التقدير: اذكر إذا زلزلت، فعلى هذا يجوز أن يكون تحدث عاملا في يومئذ، وأن يكون بدلا. والزلزال بالكسر المصدر وبالفتح الاسم.

قوله تعالى (بأن ربك) الباء تتعلق بتحدث: أى تحدث الارض بما أوحى إليها وقيل هى زائدة، وإن بدل من أخبارها، و (لها) بمعنى إليها، وقيل أوحى يتعدى باللام تارة وبعلى أخرى(١) ، و (يومئذ) الثانى بدل، أو على تقدير اذكر أو ظرف ل‍ (يصدر) و (أشتاتا) حال، والواحد شت، واللام في (ليروا) يتعلق بيصدر، ويقرأ بتسمية الفاعل وبترك التسمية، وهو من رؤية العين: أى جزاء أعمالهم، و (خيرا) و (شرا) بدلان من مثقال ذرة، ويجوز أن يكون تمييزا، والله أعلم.

________________________

(١) (قوله وبعلى أخرى) كذا بالنسخ، ولعل المناسب: وبإلى أخرى كما هو واضح اه‍.

٢٨٨

سورة العاديات

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (ضبحا) مصدر في موضع الحال: أى والعاديات ضابحة، و (قدحا) مصدر مؤكد لان المورى القادح، و (صبحا) ظرف، والهاء ضمير الوادى، ولم يجر له ذكر هنا، و (جمعا) حال، وبه حال أيضا، وقيل الباء زائدة: أى وسطنه، و (لربه) تتعلق بكنود: أى كفور لنعم ربه، و (لحب الخير) يتعلق بشديد: أى يتشدد لحب جمع المال، وقيل هى بمعنى على.

قوله تعالى (إذا بعثر) العامل في إذا يعلم، وقيل العامل فيه مادل عليه خبر إن.

والمعنى: إذا بعثر جوزوا، و (يومئذ) يتعلق بخبير، والله أعلم.

سورة القارعة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الكلام في أولها مثل الكلام في أول الحاقة.

قوله تعالى (يوم يكون) العامل فيه القارعة، أو مادلت عليه، وقيل التقدير اذكروا، و (راضية) قد ذكر في الحاقة، والهاء في (هيه) هاء السكت، ومن أثبتها في الوصل أجرى الوصل مجرى الوقف لئلا تختلف رء‌وس الآى، و (نار) خبر مبتدأ محذوف: أى هى نار (حاميه).

سورة التكاثر

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (لو تعلمون) جواب لو محذوف: أى لو علمتم لرجعتم عن كفركم و (علم اليقين) مصدر.

قوله تعالى (لترون) هو مثل لتبلون، وقد ذكر، ويقرأ بضم التاء على مايسم فاعله، وهو من رؤية العين، نقل بالهمزة فتعدى إلى اثنين، ولا يجوز همز الواو لان ضمها غير لازم، وقد همزها قوم كما همزوا واو اشتروا الضلالة، وقد ذكر، و (عين اليقين) مصدر على المعنى، لان رأى وعاين بمعنى واحد، والله أعلم.

٢٨٩

سورة العصر

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الجمهور على إسكان باء (الصبر) وكسرها قوم، وهو على لغة من ينقل الضمة والكسرة في الوقف إلى الساكن قبلها حرصا على بيان الاعراب.

سورة الحطمة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الهاء في الهمزة واللمزة للمبالغة، و (الذى) يحتمل الجر على البدل، والنصب على إضمار أعنى، والرفع على هو، و (عدده) بالتشديد على أنه فعل إما من العدد أو الاعداد، و (يحسب) حال من الضمير في جمع، و (أخلده) بمعنى يخلده، وقيل هو على بابه: أى أطال عمره.

قوله تعالى (لينبذن) أى الجامع، وينبذان: أى هو وماله، وينبذن بضم الذال: أى هو وماله أيضا وعدده، ويجوز أن يكون المعنى هو وأمواله لانها مختلفة.

قوله تعالى (نار الله) أى هى نار الله، و (التى) رفع على النعت، أو خبر مبتدأ محذوف، أو في موضع نصب بأعنى، و (الافئدة) جمع قلة استعمل في موضع الكثرة. والعمد بالفتح جمع عمود أو عماد وهو جمع، قيل ويقرأ بضمتين مثل كتاب وكتب ورسول ورسل، والتقدير: هم في عمد، ويجوز أن يكون حالا من المجرور أى موثقين، ويجوز أن يكون صفة لمؤصدة، والله أعلم.

سورة الفيل

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (أبابيل) قيل هو جمع لا واحد له من لفظه، وقيل واحده أبول كعجول، وقيل واحده أبيل، وقيل أبال، و (ترميهم) نعت الطير، والكاف مفعول ثان، والله أعلم.

سورة قريش

بسم اللّه الرحمن الرحيم

هو تصغير الترخيم، لان القرش الجمع، والفاعل على قارش، فقياسه قويرش فرخم وصغر، واللام متعلقة بقوله تعالى " فليعبدوا " أى ليعبدوا الله تعالى من أجل الفهم، ولا

٢٩٠

تمنع الفاء من ذلك، وقيل تتعلق بجعلهم من السورة قبلها لانهما كالسورة الواحدة، وقيل التقدير: اعجبوا لايلاف، وفيه قراء‌ات: إحداها إلف وهو مصدر ألف يألف.

والثانية إلاف مثل كتاب وقيام.

والثالثة إيلاف، والفعل منه آلف ممدودا.

والرابعة إئلاف بهمزتين خرج على الاصل، وهو شاذ في الاستعمال والقياس.

والخامسة بهمزة مكسورة بعدها ياء ساكنة بعدها همزة مكسورة وهو بعيد، ووجهه أنه أشبع الكسرة فنشأت الياء، وقصد بذلك الفصل بين الهمزتين كالالف في أنذرتهم، وإيلاف بدل من الاولى، و (رحلة) معمول المصدر.

قوله تعالى (من جوع) و (من خوف) أى من أجل جوع، ويجوز أن يكون حالا: أى أطعمهم جائعين، والله أعلم.

سورة اليتيم

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (فذلك) الفاء جواب شرط مقدر، تقديره: إن تأملته، أو إن طلبت علمه، و (يدع) بالتشديد: يدفع، وقرئ بفتح الدال وتخفيف العين: أى يهمله، والله أعلم.

سورة الكوثر

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (فصل) الفاء للتعقيب: أى عقب انقضاء الصلاة، و (هو) مبتدأ أو توكيد أو فصل، والله أعلم.

سورة الكافرون

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (ما تعبدون) يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذى، والعائد محذوف وأن تكون مصدرية ولا حذف، والتقدير: لا أعبد مثل عبادتكم، والله أعلم.

سورة النصر

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (يدخلون) حال من الناس، و (أفواجا) حال من الفاعل في يدخلون.

٢٩١

سورة تبت

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (أبى لهب) يقرأ بفتح الهاء وإسكانها، وهما لغتان.

قوله تعالى (ماأغنى) يجوز أن يكون نفيا وأن يكون استفهاما، ولا يكون بمعنى الذى.

قوله تعالى (وامرأته) فيه وجهان: أحدهما هو معطوف على الضمير في يصلى، فعلى هذا في (حمالة) وجهان: أحدهما هو نعت لما قبله. والثانى تقديره: هى حمالة و (في جيدها حبل) مبتدأ وخبر في موضع الحال من الضمير في حمالة، ويقرأ " حمالة " بالنصب على الحال: أى تصلى النار مقولا لها ذلك، والجيد أن ينتصب على الذم: أى أذم أو أعنى. والوجه الآخر أن تكون امرأته مبتدأ، وحمالة خبره، وفى جيدها حبل حال من الضمير في حمالة أو خبر آخر، ويجوز أن يرتفع حبل بالظرف لانه قد اعتمد، ومن نصب حمالة جعل الجملة بعده خبرا.

سورة الاخلاص

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (هو) فيه وجهان: أحدهما هو ضمير الشأن، و (الله أحد)، مبتدأ وخبر في موضع خبر هو والثانى هو مبتدأ بمعنى المسئول عنه، لانهم قالوا: أربك من نحاس أم من ذهب؟ فعلى هذا يجوز أن يكون الله خبر المبتدأ، وأحد بدل أو خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون الله بدلا وأحد الخبر، وهمزة أحد بدل من واو لانه بمعنى الواحد، وإبدال الواو المفتوحة همزة قليل جاء منه أمرأة أناة: أى وناة لانه من الونى، وقيل الهمزة أصل كالهمزة في أحد المستعمل للعموم ومن حذف التنوين من أحد فلالتقاء الساكنين.

قوله تعالى (كفوا أحد) اسم كان. وفى خبرها وجهان: أحدهما كفوا، فعلى هذا يجوز أن يكون له حالا من كفوا لان التقدير: ولم يكن أحد كفوا له، وأن يتعلق بيكن، والوجه الثانى أن يكون الخبر له، وكفوا حال من أحد: أى ولم يكن له أحد كفوا، فلما قدم النكرة نصبها على الحال، والله أعلم.

سورة الفلق

بسم اللّه الرحمن الرحيم

قوله تعالى (من شر ما خلق) يجوز أن تكون " ما " بمعنى الذى والعائد محذوف، وأن

٢٩٢

تكون مصدرية، والخلق بمعنى المخلوق، وإن شئت كان على بابه: أى من شر خلقه: أى ابتداعه، وقرئ من شر بالتنوين: وما على هذا بدل من شر أو زائدة، ولا يجوز أن تكون نافية، لان النافية لا يتقدم عليها ما في حيزها، فلذلك لم يجز أن يكون التقدير: ما خلق من شر ثم هو فاسد في المعنى، و (النفاثات) والنافثات بمعنى واحد، والله أعلم.

سورة الناس

بسم اللّه الرحمن الرحيم

لقد ذكرنا في أول سورة البقرة أن أصل ناس عند سيبويه أناس فحذفت فاؤه: وعند غيره لم يحذف منه شئ، وأصله نوس لقولهم في التصغير نويس.

وقال قوم: أصله نيس مقلوب عن نسى أخذوه من النسيان وفيه بعد، و (الوسواس) بالفتح اسم، وبالكسر المصدر، والتقدير: من شر ذى الوسواس، وقيل سمى الشيطان بالفعل مبالغة، و (الخناس) نعت له، و (الذى يوسوس) يحتمل الرفع والنصب والجر.

قوله تعالى (من الجنة) هو بدل من شر بإعادة العامل: أى من شر الجنة، وقيل هو بدل من ذى الوسواس لان الموسوس من الجن، وقيل هو حال من الضمير في يوسوس: أى يوسوس وهو من الجن، وقيل هو بدل من الناس: أى في صدور الجنة، وجعل " من " تبيينا وأطلق على الجن اسم الناس لانهم يتحركون في مراداتهم، والجن والجنة بمعنى، وقيل من الجنة حال من الناس: أى كائنين من القبيلين، وأما (الناس) الاخير فقيل هو معطوف على ذى الوسواس: أى من شر القبيلين، وقيل هو معطوف على الجنة، والله أعلم.

تم الكتاب والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمدا وآل سيدنا محمد أجمعين.

وهذا آخر ماتيسر من إملاء الكتاب [ التبيان في إعراب القرآن ] ونسأل الله أن يوفقنا لشكر آلائه، وللعمل بما علمنا، والعصمة من الزلل في القول والعمل، بمنه وكرمه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.

٢٩٣

الفهرست

سورة الانفال. ٢

سورة التوبة ١١

سورة يونس عليه‌السلام.... ٢٥

سورة هود عليه‌السلام.... ٣٥

سورة يوسف عليه‌السلام.... ٤٩

سورة الرعد. ٦٢

سورة إبراهيم عليه‌السلام.... ٦٨

سورة الحجر ٧٤

سورة النحل. ٨٠

سورة الاسراء ٩٠

سورة الكهف.. ١٠١

سورة مريم عليها‌السلام.... ١١٣

سورة طه ١٢٢

سورة الانبياء عليهم‌السلام.... ١٣٤

سورة الحج. ١٤٢

سورة المؤمنون. ١٥٠

سورة النور ١٥٦

سورة الفرقان. ١٦٣

سورة الشعراء ١٦٩

سورة النمل. ١٧٣

سورة القصص.. ١٧٩

سورة العنكبوت.. ١٨٤

سورة الروم ١٨٦

سورة لقمان. ١٨٩

٢٩٤

سورة السجدة ١٩١

سورة الاحزاب.. ١٩٢

سورة سبأ ١٩٧

سورة فاطر ٢٠٠

سورة يس.. ٢٠٣

سورة الصافات.. ٢٠٦

سورة ص.. ٢٠٩

سورة الزمر ٢١٥

سورة المؤمن. ٢١٧

سورة حم السجدة ٢٢١

سورة الشورى. ٢٢٣

سورة الزخرف.. ٢٢٦

سورة الدخان. ٢٢٩

سورة الجاثية ٢٣٢

سورة الاحقاف.. ٢٣٣

سورة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم...... ٢٣٥

سورة الفتح. ٢٣٧

سورة الحجرات.. ٢٣٩

سورة ق. ٢٤٠

سورة والذاريات.. ٢٤٢

سورة والطور ٢٤٤

سورة النجم. ٢٤٥

سورة القمر ٢٤٧

سورة الرحمن عزوجل. ٢٤٩

سورة الواقعة ٢٥١

٢٩٥

سورة الحديد. ٢٥٤

سورة المجادلة ٢٥٦

سورة الحشر ٢٥٧

سورة الممتحنة ٢٥٨

سورة الصف.. ٢٥٩

سورة الجمعة ٢٥٩

سورة المنافقون. ٢٦٠

سورة التغابن. ٢٦١

سورة الطلاق. ٢٦١

سورة التحريم. ٢٦٢

سورة الملك.. ٢٦٣

سورة ن. ٢٦٤

سورة الحاقة ٢٦٥

سورة المعارج. ٢٦٦

سورة نوح عليه‌السلام.... ٢٦٧

سورة الجن. ٢٦٨

سورة المزمل. ٢٦٩

سورة المدثر ٢٧٠

سورة القيامة ٢٧٢

سورة الانسان. ٢٧٣

سورة المرسلات.. ٢٧٥

سورة التساؤل (عم) ٢٧٧

سورة والنازعات.. ٢٧٨

سورة عبس.. ٢٧٩

سورة التكوير ٢٧٩

٢٩٦

سورة الانفطار ٢٨٠

سورة التطفيف.. ٢٨٠

سورة الانشقاق. ٢٨١

سورة البروج. ٢٨٢

سورة الطارق. ٢٨٢

سورة الاعلى جل وعلا. ٢٨٢

سورة الغاشية ٢٨٣

سورة الفجر ٢٨٣

سورة البلد. ٢٨٤

سورة الشمس.. ٢٨٥

سورة الليل. ٢٨٥

سورة الضحى. ٢٨٥

سورة ألم نشرح. ٢٨٦

سورة التين. ٢٨٦

سورة العلق. ٢٨٦

سورة القدر ٢٨٧

سورة البرية ٢٨٧

سورة الزلزلة ٢٨٨

سورة العاديات.. ٢٨٩

سورة القارعة ٢٨٩

سورة التكاثر ٢٨٩

سورة العصر ٢٩٠

سورة الحطمة ٢٩٠

سورة الفيل. ٢٩٠

سورة قريش.. ٢٩٠

٢٩٧

سورة اليتيم. ٢٩١

سورة الكوثر ٢٩١

سورة الكافرون. ٢٩١

سورة النصر ٢٩١

سورة تبت.. ٢٩٢

سورة الاخلاص.. ٢٩٢

سورة الفلق. ٢٩٢

سورة الناس.. ٢٩٣

٢٩٨