الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)

الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)19%

الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام) مؤلف:
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 409

الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)
  • البداية
  • السابق
  • 409 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 206996 / تحميل: 8918
الحجم الحجم الحجم
الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)

الحياة السياسية للإمام الرضا (عليه السلام)

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

مدى سرية الدعوة:

والظاهر.. أن عبد الله بن معاوية كان من جملة أولئك المخدوعين بهذه الشعارات، إذ قد ذكر المؤرخون، ومنهم أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص ١٦٨، وغيره: أنه بعد أن استظهر ابن ضبارة على عبد الله ابن معاوية توجه عبد الله إلى خراسان، وكان أبو مسلم قد ظهر بها، فخرج إلى أبي مسلم طمعاً في نصرته! فأخذه أبو مسلم، فحبسه، ثم قتله..

وهذا يدل دلالة واضحة على أن عبد الله بن معاوية كان يظن أن أبا مسلم سوف ينصره، وأنه ـ يعني أبا مسلم ـ كان يدعو إلى أهل البيت، والرضا من آل محمد على الحقيقة، ولم يخطر في باله: أن الدعوة كانت للعباسيين، وبتدبير من أعظم داهية فيهم!!..

بل لعلنا نستطيع أن نقول: إن محمد بن علي قد استطاع أن يخفي هذا الأمر حتى عن ولديه: السفاح، والمنصور، ولذا نراهما قد التحقا مع جميع بني هاشم العباسيين والعلويين على حد سواء، وبعض الأمويين(١) ووجوه قريش بعبد الله بن معاوية الخارج سنة ١٢٧ ه‍. في الكوفة، ثم في شيراز، حيث تغلب على: فارس، وكورها، وعلى حلوان، وقومس، وأصبهان، والري وعلى مياه الكوفة، وعلى مياه البصرة، وعلى همدان، وقم، وإصطخر، وعظم أمره جداً(٢) .

وقد تولى المنصور من قبل عبد الله بن معاوية هذا على (إيذج)(٣) كما تولى غيره غير ذلك من الأمصار. فقبول المنصور لولاية (إيذج) من قبله، باعتباره من الهاشميين يكشف عن أنه لم يكن يعلم: أن والده كان ابتداءاً من سنة مئة، أي قبل خروج عبد الله بن معاوية بـ (٢٨) سنة يسعى جاهداً، ويشقى ويتعب في تدبير الأمر للعباسيين، وتركيز الدعوة لهم.. وإنما كان يعلم أن الدعوة كانت لأهل البيت، والرضا من

____________

(١) الأغاني ج ١١ ص ٧٤، ومقاتل الطالبيين ص ١٦٧، والوزراء والكتاب ص ٩٨.

(٢) راجع أنساب الأشراف ص ٦٣، والأغاني ج ١١ ص ٧٤، ومقاتل الطالبيين ص ١٦٧، والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٢٥، ٢٦، و ص ٣، وعمدة الطالب، وزاد في تاريخ الجنس العربي: المدائن، ونيسابور.

(٣) أنساب الأشراف للبلاذري ص ٦٣، وعمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب طبع بمبئي ص ٢٢، والوزراء والكتاب ص ٩٨ و ٩٩، وفرج المهموم في تاريخ علماء النجوم ص ٢١٠، وفيه: أن سليمان بن حبيب بن المهلب أخذه، فحبسه، وأراد قتله، فسلم المنصور منه بعد أن أشرف على القتل.. وليراجع الجهشياري أيضاً.

٢١

آل محمد المنطبق ـ بالطبع ـ على العلويين أكثر من غيرهم على الإطلاق.

وإلا فلو كان لمحمد بن علي دعوة واضحة، ومشهورة، ومتميزة، وكان المنصور يعلم بها لكان توليه لايذج من قبل عبد الله بن معاوية مضراً جداً في دعوة أبيه، وضربة قاضية لها..

اللهم إلا أن يكون ثمة غرض آخر أهم، فيكون ذلك منهم حنكة ودهاء ـ كأن يكون نظرهم إلى أنه: لو نجحت دعوتهم، فبها. وإلا.. فلو نجحت دعوة عبد الله بن معاوية، فباستطاعتهم أن يحتفظوا فيها بمراكزهم، ونفوذهم، إذ لهم أن يقولوا: إننا كنا من المعاونين والمساهمين في هذه الدعوة.. كما أن بذلك تنصرف أنظار الحكام عنهم، ويأمن العلويون جانبهم، فلا يناهضون دعوتهم ولا يقفون في وجهها. وبهذه الأسباب نستطيع أن نفسر بيعة العباسيين جميعاً، أكثر من مرة لمحمد بن عبد الله العلوي، وبه أيضاً نفسر جواب المنصور لسائله عن محمد بن عبد الله هذا، حيث قال: (هذا محمد بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن، مهدينا أهل البيت) ويأخذ بركابه. ويسوي عليه ثيابه(١) . وأيضاً قوله في مجلس البيعة لمحمد هذا: (ما الناس أصور أعناقاً، ولا أسرع إجابة منهم لهذا الفتى) كما سيأتي.

ومما يوضح أيضاً مدى تكتم العباسيين بأمر دعوتهم، أن: إبراهيم الإمام قد بشر بأنه قد أخذت له البيعة بخراسان ـ وهو في نفس الاجتماع الذي كان قد عقد ليجددوا فيه البيعة لمحمد بن عبد الله بن الحسن. وسيأتي المزيد من الشواهد لهذا أيضاً إن شاء الله تعالى. وهكذا. فإن النتيجة تكون هي: أن العباسيين ظلوا يتسترون بالعلويين، ويخدعونهم، على اعتبار أنهم لو نجحوا في دعوتهم السرية، فإن بيعتهم للعلويين، ودعوتهم، لهم لا تضرهم، وإذ ما فشلوا فإنهم سوف يحتفظون بنفوذهم ومراكزهم في دولة أبناء عمهم. هذا مجمل الكلام بالنسبة للدعوة العباسية، ولكن طبيعة البحث تفرض علينا التوسع في بيان المراحل التي مرت بها هذه الدعوة، ولاسيما فيما يتعلق بربطها بأهل البيتعليهم‌السلام ، والعلويين، ومدى اعتمادهم على هذا الربط. فنقول:

____________

(١) مقاتل الطالبيين ص ٢٣٩، ٢٤٠.

٢٢

لا بد من ربط الثورة بأهل البيت..

إن كان لا بد للعباسيين من ربط الثورة والدعوة بأهل البيتعليهم‌السلام ، حيث إنهم كانوا بحاجة إلى:

أولاً: صرف أنظار الحكام عنهم.

ثانياً: كسب ثقة الناس بهم، والحصول على تأييدهم لهم.

ثالثاً: أن لا تقابل دعوتهم بالاستغراب، والإستهجان، حيث إنهم لم يكونوا معروفين في أقطار، وأنحاء الدولة الإسلامية المترامية الأطراف، ولا كان يعرف أحد لهم حقاً في الدعوة لأنفسهم، كما هو الحال بالنسبة إلى العلويين، مما يجعل الدعوة لهم مع وجود العلويين مستغربة ومستهجنة إلى حد ما.

رابعاً: ـ وهو أهم ما في الأمر ـ أن يطمئن إليهم العلويون، ويثقوا بهم. حتى لا تكون لهم دعوة في مقابل دعوتهم، لأن ذلك بلا شك سوف يضعفهم، ويوهن قوتهم، لما يتمتع به العلويون من نفوذ ومكانة في نفوس الناس بشكل عام.

ولهذا نرى أبا سلمة الخلال، يعتذر لأبي العباس السفاح، عن كتابته

للإمام الصادقعليه‌السلام ، بأن يجعل الدعوة باسمه، ويبايعه ـ يعتذر ـ بأنه: (كان يدبر استقامة الأمر(١) ).

نعم.. لقد كان لربطهم الثورة بأهل البيتعليهم‌السلام أثر كبير في نجاح ثورتهم، وظهور دعوتهم. وقد أكسبها ذلك قوة ومنعة، وجعلها في منأى ومأمن من طمع الطامعين، وتطلع المتطلعين، الذين كانوا يرجون لأنفسهم حظا من الحياة الدنيا، وما أكثرهم. كما وأن ذلك قد أثر أثراً بالغاً في اكتسابهم عطف الأمة، وتأييدها، وخصوصاً الخراسانيين، الذين كانوا لا يزالون يعيشون الإسلام بعيداً عن أهواء المبتدعين، وتلاعب المتلاعبين، والذين: (وإن كانوا أقل غلواً -أي من أهل الكوفة- فقد كانوا أكثر حماسة للدعوة لأهل البيت)(٢) ، وذلك لأنهم لم يعاملوا معاملة حسنة في الواقع، ولم يسر فيهم بسيرة محمد والقرآن إلا علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٣) .

____________

(١) تاريخ اليعقوبي ج ٣ ص ٨٧.

(٢) السيادة العربية، والشيعة، والإسرائيليات ص ١٠٦.

(٣) نفس المصدر ص ٣٩.

٢٣

كما أنهم لم ينسوا بعد ما لاقوه في الدولة الأموية من العسف والتنكيل، ولذا فمن الطبيعي أن نراهم مستعدين لتقبل أية دعوة لأهل البيتعليهم‌السلام ، والتفاعل معها، بل والتفاني في سبيلها. كما أن بلدهم كان بعيداً من مركز الخلافة بالشام ولم يكن فيه فرق وأحزاب متناحرة كالعراق الذي كان فيه شيعة وخوارج ومرجئة وغير ذلك، وكانت وطأة الحكم العباسي على العراق ومراقبتهم لكل حركة فيه أشد منها في خراسان.

وبالفعل لقد شيد الخراسانيون، الذين كانوا يحبون أهل البيتعليهم‌السلام أركان دولة بني العباس، وقامت خلافتهم على أكتافهم، واستقامت لهم الأمور بفضل سواعدهم، وأسيافهم، وسيأتي إن شاء الله المزيد من الكلام عن الإيرانيين، وعن سر تشيعهم، وخاصة الخراسانيين منهم في فصل: ظروف المأمون الخ. وغيره من الفصول..

المراحل التي مرت بها عملية الربط:

ولقد مرت عملية الربط هذه بثلاث مراحل أو أربع، طبقاً للظروف التي كانت قائمة آنذاك. وإن كانت هذه المراحل قد تبدو متداخلة. وغير مميزة في أحيان كثيرة(١) . إلا أن ذلك كان تبعاً للظروف المكانية، والزمانية، والاجتماعية، التي كانت تتفاوت وتختلف باستمرار إلى حد كبير.. وهذه المراحل هي:

الأولى: دعوتهم في بادئ الأمر (للعلويين) الثانية: دعوتهم إلى: (أهل البيت)، و(العترة).

الثالثة: دعوتهم إلى (الرضا من آل محمد).

الرابعة: ادعاؤهم الخلافة بالإرث، مع حرصهم على ربط الثورة بأهل البيت، بدعوى: أنهم إنما خرجوا للأخذ بثارات العلويين. وليرفعوا عنهم الظلم الذي حاق بهم.

____________

(١) قال في العيون والحدائق ص ١٨٠: (وكان قد انتشر في خراسان دعاة من الشيعة، قد انقسموا قسمين: قسم منهم يدعو إلى آل محمد على الإطلاق، والقسم الثاني يدعو إلى أبي هاشم بن محمد بن الحنفية، وكان المتولي لهذه الدعوة إلى آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن كثير، وكان الدعاة يرجعون في الرأي والفقه إلى أبي سلمة الخ..).

٢٤

المرحلة الأولى:

وإذ قد عرفنا أن الدعوة كانت في بدء أمرها للعلويين، فلا يجب أن نستغرب كثيراً، إذا قيل لنا: إن جلة العباسيين، حتى إبراهيم الإمام، والسفاح، والمنصور كانوا قد بايعوا للعلويين أكثر من مرة، وفي أكثر من مناسبة، فإن ذلك ما كان إلا ضمن خطة مرسومة، وضعت بعناية فائقة، بعد دراسة معمقة لظروفهم مع العلويين خاصة، ومع الناس بشكل عام..

ويمكن أن نعتبر بيعتهم هذه هي المرحلة الأولى من تلك المراحل المشار إليها آنفاً..

فنراهم عدا تعاونهم الواضح مع عبد الله بن معاوية، قد بايعوا محمد بن عبد الله بن الحسن أكثر من مرة أيضاً، فقد:

(اجتمع آل عباس، وآل عليعليه‌السلام بالأبواء، على طريق مكة، وهناك قال صالح بن علي): إنكم القوم الذين تمتد إليهم أعين الناس، فقد جمعكم الله في هذا الموضع، فاجتمعوا على بيعة أحدكم، فتفرقوا في الآفاق، فادعوا الله، لعل أن يفتح عليكم، وينصركم ، فقال أبو جعفر، أي المنصور: (لأي شيء تخدعون أنفسكم؟ والله، لقد علمتم: ما الناس أصور- أي أميل - أعناقاً، ولا أسرع إجابة منهم إلى هذا الفتى)، يريد محمد بن عبد الله العلوي. قالوا: (قد والله صدقت، إنا لنعلم هذا)، فبايعوا جميعاً محمداً، وبايعه إبراهيم الإمام، والسفاح، والمنصور، وصالح بن علي، وسائر من حضر (طبعاً ما عدا الإمام الصادقعليه‌السلام ..).

وخرج دعاة بني هاشم عند مقتل الوليد بن يزيد، فكان أول ما يظهرونه فضل علي بن أبي طالب وولده، وما لحقهم من القتل، والخوف، والتشريد، فإذا استتب لهم الأمر ادعى كل فريق الوصية إلى من يدعو إليه..

ولم يجتمعوا (أي المتبايعون الآنف ذكرهم) إلى أيام مروان بن محمد، ثم اجتمعوا يتشاورون، إذ جاء رجل إلى إبراهيم الإمام، فشاوره بشيء، فقام وتبعه العباسيون، فسأل العلويون عن ذلك، فإذا الرجل قد قال لإبراهيم: (قد أخذت لك البيعة بخراسان، واجتمعت لك الجيوش..).

بل لقد بايع المنصور محمد بن عبد الله العلوي مرتين:

إحداهما: بالأبواء على طريق مكة.

والأخرى: بالمدينة.

٢٥

وبايعه مرة ثالثة أيضاً: في نفس مكة، وفي المسجد الحرام بالذات.

ومن هنا نعرف السبب في حرص السفاح والمنصور على الظفر بمحمد ابن عبد الله العلوي، فإن ذلك لم يكن إلا بسبب ما كان له في أعناقهما من البيعة(١) .

____________

(١) قد اقتبسنا هذه النصوص كلها من كثير من المراجع، وخصوصاً: مقاتل الطالبيين، لأبي الفرج الأصفهاني، صاحب الأغاني ص ٢٣٣، ٢٣٤. ٢٥٦، ٢٥٧، ٢٩٥، وغيرها. وعلى كل فإن كون الدعوة العباسية كانت في بدء أمرها باسم العلويين، يبدو مما لا شك فيه، ومما اتفقت عليه كلمات المؤرخين، والنصوص التاريخية، التي سوف نشير إلى شطر منها في هذا الفصل..

ولا بأس أن يراجع بالإضافة إلى مقاتل الطالبيين في الصفحات المشار إليها: النصوص التي وردت في: النزاع والتخاصم للمقريزي ص ٥٠، وتاريخ ابن خلدون ج ٤ ص ٣، و ج ٣، ص ١٨٧، والفخري في الآداب السلطانية ص ١٦٤، ١٦٥، وتاريخ التمدن الإسلامي ج ٤ ص ٣٩٧، ٣٩٨، والبحار ج ٤٧ ص ١٢٠ و ص ٢٧٧، وعمدة الطالب، طبع بيروت ص ٨٤، والخرائج والجرائح ص ٢٤٤، وجعفر ابن محمد، لعبد العزيز سيد الأهل ص ١١٥، فما بعدها، وغاية الاختصار ص ٢٢، وإعلام الورى ص ٢٧١، ٢٧٢، وإرشاد المفيد ص ٢٩٤، ٢٩٦، وكشف الغمة ج ٢ ص ٣٨٣، ٣٨٤، وابن أعثم الكوفي في كتابه: الفتوح على ما نقله في طبيعة الدعوة العباسية،. وأشار الطبري إلى ذلك في تاريخه ج ١٠ ص ١٤٣، فقال: قد ذكروا أن محمداً كان يذكر أبا جعفر ممن بايعه ليلة تشاور بنو هاشم بمكة فيمن يعقدون له الخلافة، حين اضطرب أمر بني مروان.. وأشار إلى ذلك أيضاً ابن الأثير ج ٤ ص ٢٧٠، ويراجع أيضاً شرح ميمية أبي فراس ص ١١٤، و ص ١٠٤. ١٠٥، وغير هؤلاء كثير.

٢٦

وقد ذكر أبو فراس الحمداني هذه البيعة في قصيدته المشهورة، المعروفة بـ (الشافية) فقال:

بئس الجزاء جزيتم في بني حسن

أبـاهم الـعلم الـهادي وأمـهم

لا بـيعة ردعـتكم عـن دمائهم

ولا يـمين، ولا قـربى، ولا ذمم

وذكر ابن الأثير: أن عثمان بن محمد، بن خالد بن الزبير، هرب بعد مقتل محمد إلى البصرة، فأخذ وأتي به إلى المنصور، فقال له المنصور: يا عثمان، أنت الخارج علي مع محمد؟!. قال له عثمان: بايعته أنا وأنت بمكة، فوفيت ببيعتي، وغدرت ببيعتك. فشتمه المنصور، فأجابه، فأمر به فقتل(١) .

وذكر البيهقي: أنه لما حمل رأس محمد بن عبد الله بن الحسن إلى المنصور، من مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال لمطير بن عبد الله: (أما تشهد أن محمداً بايعني؟) قال: (أشهد بالله، لقد أخبرتني أن محمداً خير بني هاشم، وأنك بايعت له) قال: يا ابن الزانية الخ: وكانت النتيجة: أن المنصور أمر به، فوتد في عينيه، فما نطق!.(٢) إلى آخر ما هنالك من النصوص الكثيرة، التي يتضح معها بما لا مجال معه للشك: أن الدعوة كانت في بدء أمرها لخصوص العلويين، وباسمهم، ثم استغلت بعد ذلك لمصلحة العباسيين.

المرحلة الثانية:

ثم رأينا بعد ذلك: كيف أن الدعوة العباسية تستبعد العلويين.

____________

(١) الكامل لابن الأثير ج ٥ ص ١٢.

(٢) المحاسن والمساوي للبيهقي ص ٤٨٢.

٢٧

وتتحاشى التصريح باسمهم، بطريقة فيها الكثير من الدهاء، والسياسة، حيث اقتصروا في دعوتهم ـ بعد ذلك ـ على أنها لـ‍ (أهل البيت)، و (العترة) وهذه هي المرحلة الثانية من المراحل الأربع التي أشرنا إليها.

وكان الناس لا يفهمون من كلمة:(أهل البيت) إلا العلويين، لانصراف الأذهان إليهم عند إطلاق هذه العبارة، وذلك بسبب الآيات والروايات الكثيرة، التي استخدمت هذا التعبير للدلالة عليهم، دون غيرهم.

فهذا أبو داود يقول للنقباء: (.. أفتظنونه ـ أي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ خلفه ـ أي العلم ـ عند غير عترته، وأهل بيته، الأقرب، فالأقرب؟!. إلى أن قال: أفتشكون أنهم معدن العلم، وأصحاب ميراث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!..)(١) .

وهذا أبو مسلم الخراساني القائم بالدولة العباسية، يكتب إلى الإمام الصادقعليه‌السلام ، ويقول: (إني دعوت الناس إلى موالاة أهل البيت، فإن رغبت فيه، فأنا أبايعك؟).

فأجابه الإمامعليه‌السلام :((.. ما أنت من رجالي، ولا الزمان زماني)) ، ثم جاء أبو مسلم، وبايع السفاح، وقلده الخلافة(٢) .

وقال السيد أمير علي بعد أن ذكر ادعاء العباسيين للوصاية من أبي هاشم: (.. وقد لاقت هذه القصة بعض القبول في بعض المناطق الإسلامية. أما عند عامة المسلمين، الذين كانوا يتعلقون بأحفاد محمد،

____________

(١) الطبري، طبع ليدن ج ٩ ص ١٩٦١.

(٢) الملل والنحل للشهرستاني، طبع مؤسسة الحلبي في القاهرة ج ١ ص ١٥٤، وطبع العنانية ص ٨٧، وينابيع المودة للحنفي ص ٣٨١، نقلاً عن: فصل الخطاب، لمحمد بارسا البخاري.

٢٨

فقد ظل دعاة العباسيين يؤكدون لهم أنهم يعملون لحساب: أهل البيت، وحتى ذلك الوقت كان العباسيون يظهرون الولاء التام لبني فاطمة، ويخلعون على حركتهم، وعلى سياساتهم مظهر الوصول إلى هدف ضمان العدالة، والحق لأحفاد محمد. وكان ممثلوا أهل البيت، ومحبوهم، ولا يخامرهم الشك في الغدر، الذي تبطنه هذه الاعترافات من العباسيين، فشملوا محمد بن علي، وجماعته بعطفهم وحمايتهم، الذين كانوا في حاجة إليهما)(١) .

ويقول: (.. وكانت كلمة: (أهل البيت) هي السحر الذي يؤلف بين قلوب مختلف طبقات الشعب، ويجمعهم حول الراية السوداء)(٢) .

المرحلة الثالثة:

ثم تأتي المرحلة الثالثة، ويتقلص ظل العلويين، وأهل البيت عن هذه الدعوة، أكثر فأكثر، كلما ازدادت قوتها، واتسع نفوذها، حيث رأينا أخيراً إنها اتسعت بحيث تستطيع أن تشمل العباسيين أيضاً مع العلويين. حيث أصبحت إلى: (الرضا من آل محمد)، وإن كانوا لا يزالون يذكرون فضل علي، وما لحق ولده من القتل والتشريد، كما يتضح بأدنى مراجعة لكتب التاريخ.

وهذه العبارة، وإن كانت لا تختلف كثيراً عن عبارة: (العترة، وأهل البيت)، ونحوها. (إلا أنها كانت في أذهان العامة أبعد من أن يراد بها العلويون على الخصوص. ولكن مع ذلك بقيت الجماهير

____________

(١) و(٢) روح الإسلام ص ٣٠٦ و ٣٠٨. ولا بأس بمراجعة ما ورد في كتاب الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج ١ جزء ٢ ص ٥٣٢. والسيادة العربية والشيعة والإسرائيليات ص ٩٤. وإمبراطورية العرب ص ٤٠٦، وطبيعة الدعوة العباسية، وغير ذلك.

٢٩

تعتقد أن الخليفة سيكون علوياً، كما كان العلويون يعتقدون ذلك..)(١) على حد تعبير أحمد شلبي. وإذا صح هذا، وفرض ـ ولو بعيداً ـ أن شعار: الرضا من آل محمد لا يختلف عن شعار: العترة، وأهل البيت في أذهان عامة الناس، فلسنا نصر على جعل هذا مرحلة مستقلة، بل يكون داخلاً فيما سبقه، وتكون المراحل حينئذٍ ثلاثة، لا أربعة..

ملاحظات لا بد منها في المرحلة الثالثة:

وقبل الانتقال إلى الكلام على المرحلة الرابعة، والأخيرة، لا بد من ملاحظة أمور:

أ: إنهم في نفس الوقت الذي نراهم فيه يبعدون الدعوة عن أهل البيت، كما يدلنا عليه قول محمد بن علي العباسي لبكير بن ماهان: (وحذر شيعتنا التحرك في شيء مما تتحرك فيه بنو عمنا آل أبي طالب، فإن خارجهم مقتول، وقايمهم مخذول، وليس لهم من الأمر نصيب (وسنأخذ بثأرهم..)(٢) .

وكما يدلنا عليه ما رواه الطبري من أن محمد بن علي نهى دعاته عن رجل اسمه: غالب، لأنه كان مفرطاً في حب بني فاطمة(٣) .

نراهم من جهة ثانية: وحتى لا يصطدموا بالعلويين وجهاً لوجه. كانوا في جميع مراحل دعوتهم يتكتمون جداً باسم الخليفة، الذي يدعون الناس إليه، وإلى بيعته، بل إن الشخص الذي كانوا يدعون

____________

(١) التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية لأحمد شلبي ج ٣ ص ٢٠.

(٢) طبيعة الدعوة العباسية ١٥٢، نقلاً عن: مخطوطة العباسي ص ٩٣ أ، ٩٣ ب.

(٣) راجع: تاريخ الجنس العربي ج ٨ ص ٤١١.

٣٠

الناس إليه، وإلى بيعته.. بل وكان الناس يبايعونه ما كانوا يعرفونه، بل يعرفه الدعاة فقط، وعلى الناس أن يبايعوا إلى (الرضا من آل محمد) ولا بأس بمراجعة نص البيعة في تاريخ التمدن الإسلامي، المجلد الأول، الجزء الأول ص ١٢٥.

ولعل هدفهم من ذلك كان أيضاً: هو أن لا يربطوا الدعوة بفرد معين، حتى لا تضعف إذا ما مات، أو اغتيل..

وعلى كل فقد نص ابن الأثير في الكامل ج ٤ ص ٣١٠، حوادث سنة ١٣٠ على أن أبا مسلم كان يأخذ البيعة إلى (الرضا من آل محمد). ومثل ذلك كثير في كلمات المؤرخين، وإليك بعض النصوص التاريخية، التي تدل على ذلك:

ففي الكامل، ج ٤ ص ٣٢٣ نص على أن محمد بن علي بعث داعياً إلى خراسان يدعو إلى (الرضا من آل محمد) ولا يسمي أحداً، ولعل الذي أرسله هو أبو عكرمة الآتي ذكره.

وقد قال محمد بن علي العباسي لأبي عكرمة: فلتكن دعوتك إلى: (الرضا من آل محمد)، فإذا وثقت بالرجل، في عقله، وبصيرته، فاشرح له أمركم.

وليكن اسمي مستوراً من كل أحد، إلا عن رجل عدلك في نفسك، وتوثقت منه، وأخذت بيعته.

ثم أمره بالتحاشي عن الفاطميين(١) .

ويقول أحمد شلبي: (.. كانوا - أي العباسيون - يوهمون العلويين بأنهم يعملون لهم. ولكنهم في الواقع كانوا يعملون لأنفسهم)(٢) .

____________

(١) طبيعة الدعوة العباسية ص ١٥٥، نقلاً عن: CID. OP ص ٩٥ أ / ٩٥ ب.

(٢) التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ج ٣ ص ٢٠.

٣١

ويقول أحمد أمين: (.. ومع هذا فكان من إحكام أمرهم أنهم لم يكونوا يصرحون عند دعوتهم في كثير من المواقف باسم الإمام، ليتجنبوا انشقاق الهاشميين بعضهم على بعض)(١) .

ولو كان الخليفة معينا ومعروفاً عند الناس، لما استطاع أبو مسلم، وأبو سلمة، وسليمان الخزاعي، أن يكاتبوا الإمام الصادقعليه‌السلام ، وغيره من العلويين، أنهم يبايعونهم، ويجعلون الدعوة لهم. وباسمهم.

وقد تقدمت رسالة أبي مسلم للإمام الصادقعليه‌السلام ، التي يصرح فيها بأنه، إنما دعا الناس إلى موالاة أهل البيت فقط، أي من دون تصريح باسم أحد.

وقد قال أحدهم: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فأتاه كتاب أبي مسلم، فقال: ( ليس لكتابك جواب. أخرج عنا)(٢) .

وقال السيد أمير علي عن أبي مسلم: (وقد ظل إلى هذا الوقت موالياً، بل مخلصاً، بل متحمسا لأبناء علي)(٣) .

وقال صاحب قاموس الأعلام: (وعرض أبو مسلم الخراساني الخلافة ابتداءاً على الإمام الصادق، فلم يقبلها)(٤) .

____________

(١) ضحى الإسلام ج ٣ ص ٣٨٠، ٣٨١.

(٢) روضة الكافي ص ٢٧٤، والبحار ج ٤٧ ص ٢٩٧.

(٣) روح الإسلام ص ٣٠٦.

(٤) راجع المجلد الأول، الجزء الأول من كتاب: الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ص ٥٧، نقلاً عن: قاموس الأعلام ج ٣ ص ١٨٢١ طبع استانبول تأليف: ش. سامي.

ورغم أن أبا مسلم قد قضى على عدة ثورات قامت باسم العلويين، على ما في كتاب: طبيعة الدعوة العباسية ص ٢٥١، ٢٥٣، فإننا نعتقد أن رسائله هذه، ورسائله التي أرسلها إلى المنصور يظهر فيها الندم على أنه زوى الأمر عن أهله، ووضعه في غير محله. هي السر، والسبب الحقيقي الكامن وراء قتله، مع أنه مؤسس الدولة العباسية (ومن سل سيف البغي قتل به)، ومشيد أركانها. وقد استظهر ذلك أيضاً المستشرق العلامة (بلوشيه) على ما في كتاب طبيعة الدعوة العباسية ص ٢٥١، وأشار إليه أيضاً السيد أمير علي في كتابه: روح الإسلام ص ٣١١.

٣٢

وأما أبو سلمة: فإنه عندما خاف من انتقاض الأمر عليه، بسبب موت إبراهيم الإمام، أرسل ـ والسفاح في بيته ـ إلى الإمام الصادقعليه‌السلام يطلب منه القدوم عليه ليبايعه، وتكون الدعوة باسمه، كما أنه كتب بمثل ذلك إلى عبد الله بن الحسن. لكن الإمامعليه‌السلام ، الذي كان في منتهى اليقظة والحزم. رفض الطلب، وأحرق الكتاب، وطرد الرسول(١) .

وقد نظم أبو هريرة الآبار، صاحب الإمام الصادقعليه‌السلام هذه الحادثة شعراً، فقال:

ولما دعا الداعون مولاي لم يكن

لـيثني إلـيه عـزمه بصواب

ولـما دعـوه بـالكتاب أجابهم

بـحرق الكتاب دون رد جواب

____________

(١) مروج الذهب ج ٣ ص ٢٥٣، ٢٥٤، وينابيع المودة ص ٣٨١، وتاريخ اليعقوبي ج ٣ ص ٨٦، والوزراء والكتاب ص ٨٦، وهامش ص ٤٢١ من إمبراطورية العرب، والفخري في الآداب السلطانية ص ١٥٤، ١٥٥ وروح الإسلام ص ٣٠٨، وعمدة الطالب، طبع بيروت ص ٨٢، ٨٣، والكامل لابن الأثير.

ونقله في المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٢٢٩، والبحار ج ٤٧، ص ١٣٢ عن ابن كادش العكبري في: مقاتل العصابة. لكنهما (أعني المناقب والبحار) ذكرا أن الذي كتب للإمام هو أبو مسلم.. وفي المناقب ج ٤ آخر ص ٢٢٩، والبحار ج ٤٧ ص ١٣٣ نقلاً عن رامش الأفزاري أن الذي كتب إلى الإمام هو أبو مسلم الخلال!!.

وواضح أن هذا هو السبب الحقيقي لقتل أبي سلمة، وقد صرح بذلك جمع من المؤرخين والباحثين.

٣٣

وما كان مولاي كمشري ضلالة

ولا مـلبساً منها الردى بثواب

ولـكنه لـله في الأرض حجة

دليل إلى خير، وحسن مآب(١)

وكتب إليه أبو سلمة أيضاً مرة ثانية، عندما أقبلت الرايات: (إن سبعين ألف مقاتل وصل إلينا، فانظر أمرك). فأجابه الإمام بالرفض أيضاً(٢) .

وأما سليمان الخزاعي: المدبر الحقيقي للثورة في خراسان، فإنه اتصل بعبد الله بن الحسين الأعرج، وهما يسايران أبا جعفر المنصور في خراسان، عندما أرسله السفاح إليها، قال سليمان لعبد الله: (إنا كنا نرجو أن يتم أمركم، فإذا شئتم فادعونا إلى ما تريدون!!)، فعلم أبو مسلم بالأمر، فقتل سليمان هذا(٣) .

بل إن هذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن كثيراً من الدعاة ما كانوا يعرفون: أن الخليفة سيكون عباسياً، فضلاً عن أن يكونوا يعرفونه باسمه الصريح.

قال الدكتور فاروق عمر: (على أننا نستطيع القول: إن اسم الإمام كان معروفا لدى الحلقات الخاصة من الشيعة الهاشمية، أو العباسية، وأن الكثير من الأنصار، الذين ساندوا الثورة، ومنهم ابن الكرماني نفسه، لم يكن يعرف أن (الرضا من آل البيت) سيكون عباسياً، مع أن ابن الكرماني كان قائداً كبيراً، وكان يطمع إلى الاستيلاء على

____________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ج ٤ ص ٢٣٠، والبحار ج ٤٧، ص ١٣٣.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب ج ٤ ص ٢٢٩، والبحار ج ٤٧ ص ١٣٣، والإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج ١ ص ٤٧.

(٣) الطبري ج ١٠ ص ١٣٢، والإمامة والسياسة ج ٢ ص ١٢٥.

٣٤

خراسان..)(١) .

ب: يلاحظ أن العباسيين قد موهوا على الناس، واستطاعوا أن يخدعوهم. حيث خيلوا لهم في بادئ الأمر أن الثورة كانت للعلويين. ثم بدءوا يعدون العدة لما سوف يقولون للناس عند اكتشافهم لحقيقة الأمر، فصنعوا سلسلة الوصاية المعروفة عنهم من علي بن أبي طالب، إلى محمد ابن الحنفية، وإلى أبي هاشم، فإلى علي بن عبد الله بن العباس.

وهكذا.. وهي في الحقيقة نفس عقيدة الكيسانية، كما سنشير إليها في بعض الهوامش الآتية. وقد جازت حيلتهم هذه على الناس، الذين كانوا يظنون أنهم يعملون للعلويين(٢) ، حتى لقد خفي أمرهم عن عبد الله بن معاوية حسبما قدمنا، بل لقد كان من جملة المخدوعين، الذين اكتشفوا الحقيقة بعد فوات الأوان، سليمان الخزاعي، الذي تقدم أنه ـ باعترافه ـ كان يرجو هذا الأمر للعلويين، وأبو مسلم الخراساني الذي صارح المنصور بأن السفاح كان قد خدعه. وأنه خدع أيضاً من قبل إبراهيم الإمام، حيث ادعيا الوصاية والإمامة، وحرفا الآيات الواردة في أهل البيت لتنطبق عليهم، مما كان من نتيجته أن زوى الأمر عن أهله، ووضعه

____________

(١) طبيعة الدعوة العباسية ص ٢٠٩. ولقد اشتبه الأمر على الدكتور فاروق عمر، فإن ابن الكرماني كان من عمال الأمويين، ولم يكن من الشيعة في أي وقت من الأوقات، وإنما استماله أبو مسلم توطئة للغدر به.. ولم يكن أبو مسلم ولا غيره من الدعاة والنقباء ليصرحوا لعدوهم بمثل هذا الأمر الذي يخفونه عن أخص الناس بهم، بل حتى عمن هم مثل المنصور.

(٢) إمبراطورية العرب ص ٢٠٦، وغير ذلك كثير.

٣٥

في غير محله(١) .

أما انخداع ابن الكرماني فهو من الأمور الواضحة والمعروفة. بل لقد رأينا البعض يذكر أن أبا سلمة الخلال كان أيضاً من جملة المخدوعين، حيث كان يتوهم: أن الخليفة سيكون علوياً لا عباسياً(٢) .

ج: ومما تجدر الإشارة إليه هنا، هو ما تقدم: من رفض الإمام القاطع لعرض كل من أبي سلمة، وأبي مسلم في جعل الدعوة له، وباسمه.

وما ذلك إلا لعلمهعليه‌السلام : بأن هؤلاء ليس لهم من هدف، إلا الوصول إلى مآربهم من الحكم والسلطان، ثم يتخلصون من كل من لا يعودون بحاجة إليه، إذا اعتبروه عقبة في طريقهم. كما كان الحال في قتلهم أبا مسلم، وسليمان بن كثير، وأبا سلمة. وغيرهم. شاهدنا على ذلك جواب الإمامعليه‌السلام لأبي مسلم:((ما أنت من رجالي، ولا الزمان زماني)) . وكذلك المحاورة التي جرت بينه عليه‌السلام ، وبين عبد الله بن الحسن، عندما جاءه كتاب من أبي سلمة مثل كتابه.

وأيضاً قولهعليه‌السلام : ما لي ولأبي سلمة، وهو شيعة لغيري. بل ومما يدل على ذلك دلالة قاطعة. ما قدمناه من اعتذار أبي سلمة للسفاح، عن مراسلته للصادق، وغيره من العلويين، بأنه: (كان يدبر استقامة الأمر) بل يذكر الطبري ج ٦ ص ١٠٢ وابن الأثير ج ٥

____________

(١) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة المجلد الأول، جزء ٢ ص ٥٣٣، وسنشير إلى مصادر أخرى لذلك فيما يأتي إن شاء الله.

(٢) التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية ج ٣ ص ٢٥٤، وفي كتاب: السيادة العربية لفان فلوتن ص ٩٧: أن النقباء أمروا بعض الدعاة بستر اسم المدعو له، وأخفوا اسم المدعو له عن البعض الآخر..

٣٦

ص ٤٣٧: أنه عندما جمع السفاح خاصته ليستشيرهم بقتل أبي سلمة وأخبرهم بمكاتبته للعلويين. نجد أن بعض خاصته انبرى ليقول: ما يدريكم لعل ما صنع أبو سلمة كان من رأي أبي مسلم(١) . وعليه فلا يصح قول صاحب العيون والحدائق ص ١٨١: (ولم يكن هوى أبي سلمة معهم، وإنما كان هواه مع الصادق جعفر الخ) فإن لجوءه إلى الصادق إنما كان لأجل استقامة الأمر. بل إن بعض المحققين لا يستبعد أن يكون من جملة أهدافهم من رسائلهم تلك، إلى الصادق، و عبد الله ابن الحسن، وغيرهما من العلويين. هو معرفة إن كان هؤلاء يطمحون إلى الحكم، ويرغبون فيه أولاً. وذلك ليستعد العباسيون ـ من ثم ـ لمواجهة دعوتهم، ورصد كل حركاتهم، وسكناتهم، ومن ثم شل حركتهم، والقضاء عليهم. وهذا أسلوب استعمله المنصور من بعد، لكن الإمام الصادقعليه‌السلام تنبه للمكيدة، وعمل على إحباطها..

د: وتصريح أبي سلمة هذا وموقف الإمام منه، وقوله: إنه شيعة لغيره يلقي لنا ضوءاً على الروايات التي تتهمه، وتتهم أبا مسلم بميول علوية. وأن أبا مسلم أراد أن يعلن خلافة علوية، بمجرد وصوله إلى خراسان، كما عن الذهبي، وشارح شافية أبي فراس، وتاريخ الخميس. فإن ذلك لا شاهد له إلا رسائلهما التي أشرنا إليها. مع أنها لم يكن الهدف منها إلا استقامة الأمر للعباسيين. خصوصاً إذا لاحظنا أن أبا مسلم قد قضى على عدة ثورات للعلويين، وباسمهم ـ كما أشرنا إليه ـ

____________

(١) وأما كتابه للصادق فهو لا يدل على إخلاصه له، بل هو فقط ـ كان يدبر استقامة الأمر، وقتله من قبل العباسيين بهذا الجرم ليس إلا تغاضيا عن حقيقة الأمر بهدف الوصول إلى أهدافهم في التخلص بطريقة مشروعة.

٣٧

وأنه كان يلاحقهم تحت كل حجر ومدر، وفي كل سهل وجبل، على حد تعبير الخوارزمي(١) .

المرحلة الرابعة:

ثم تأتي المرحلة الرابعة والأخيرة، وهي: ادعاؤهم الخلافة بالإرث، كما أشرنا إليه. ولكنهم استمروا يربطون الثورة بأهل البيتعليهم‌السلام من ناحيتين:

الأولى: ادعاؤهم الخلافة بالإرث عن طريق علي بن أبي طالب، ومحمد بن الحنفية، كما سيأتي بيانه.

الثانية: ادعاؤهم أنهم إنما خرجوا للأخذ بثارات العلويين. فأما ادعاؤهم استحقاقهم الخلافة بالإرث، عن طريق علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، واحتجاجهم بقرباهم النسبية من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإننا نلمحها في كثير من مواقفهم، حيث كانوا يستطيلون على الناس بهذه القربى، ويحتجون بها في مختلف المناسبات(٢) .

____________

(١) ولكننا لا نجد فيما بأيدينا من الشواهد التاريخية، ما يؤيد دعوى الخوارزمي هذه عدا ما ذكروه من أنه: قتل عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر، وعبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين.

(٢) حيث قد ظلوا بحاجة لأن يصلوا حقهم الذي كانوا يدعونه. بحق علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، ووصايتهم بالوصاية التي له، والتي لا يجهلها أحد، وليصححوا بهذه الوسيلة خلافتهم، ويتقبلها الناس. فكانت السلسلة التي سيأتي بيانها هي معتمدهم، مضيفين إليها تبرأهم من أبي بكر وعمر وعثمان.

وفي الحقيقة أن تلك هي عقيدة الكيسانية انتحلوها لأنفسهم بوحي من مصالحهم الخاصة. حتى إذا ما وصلوا إلى الحكم نراهم قد قطعوا حبل صلتهم بعلي، وولده، وجعلوا الخلافة حقاً للعباس وولده.. ثم تخلوا عن ذلك كله فيما بعد، ورجعوا إلى العقيدة التي أسسها معاوية، ولكنهم اختلفوا عنه بأنهم أدخلوا علياً، وجعلوه في المرتبة الرابعة، وكان ذلك بداية وجود أهل السنة بخصائصهم، ومميزاتهم المذهبية، ولهذا البحث مجال آخر، والله هو الموفق والمستعان.

٣٨

فقد قال داوود بن علي، أول خطيب لهم على منبر الكوفة، في أول كلام له أمام السفاح: (.. وإنما أخرجنا الآنفة من ابتزازهم حقنا، والغضب لبني عمنا..)(١) .

ونرى السفاح في خطبته الأولى أيضاً في مسجد الكوفة، بعد أن ذكر عظمة الرب تبارك وتعالى، وفضل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (قد قاد الولاية والوراثة، حتى انتهيا إليه، ووعد الناس خيراً..)(٢) .

ويقال: إن من جملة ما قاله السفاح في خطبته الأولى: (.. فأعلمهم جل ثناؤه فضلنا، وأوجب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفيء، والغنيمة نصيبنا، تكرمة لنا وفضلاً علينا.

وزعمت السبائية الضلال: أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة. إلى أن قال: ورد علينا حقنا..)(٣) .

____________

(١) الطبري، طبع ليدن ج ١٠ ص ٣١، والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٤١، وشرح النهج للمعتزلي ج ٧ ص ١٥٤، والكامل لابن الأثير ج ٤ ص ٣٢٥.

(٢) تاريخ ابن خلدون ج ٣ ص ١٢٩، ومروج الذهب ج ٣ ص ٢٥٦، والطبري ج ١٠ ص ٣٧، طبع ليدن.

(٣) الطبري ج ١٠ ص ٣٩، ٤٠، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٢٥٧، والبداية والنهاية ج ١٠ ص ٤١، والكامل لابن الأثير ج ٤ ص ٣٢٤، ٣٢٥.

لكن الظاهر أن لعن السبائية (وهم الشيعة الإمامية حسب مصطلحهم) مفتعل على لسان السفاح. لأن كلمة داوود بن علي المتقدمة تدل على إنكار العباسيين ـ في بدء أمرهم ـ خلافة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وتمسكهم بخلافة عليعليه‌السلام ، حيث يصلون حبل وصايتهم بها.. وإن كانوا قد رجعوا عن هذه العقيدة بعد ذلك حسبما أشرنا إليه إلى العقيدة التي كان قد روجها معاوية.. ولكن من المؤكد أنهم استمروا على عقيدتهم تلك، أعني إنكار خلافة الثلاثة، ووصلهم حبل وصايتهم بعليعليه‌السلام ، إلى زمن المنصور، الذي كان أول من أوقع الفتنة بين العباسيين والعلويين كما سيأتي..

٣٩

ويقول داوود بن علي في خطبته الأولى في مسجد الكوفة أيضاً: (.. وأحيا شرفنا وعزنا، ورد إلينا حقنا وإرثنا)(١) .

____________

(١) الطبري ج ١٠ ص ٣٢، طبع ليدن، والكامل لابن الأثير ج ٤ ص ٣٢٥.

أمر هام لا بد من التنبيه عليه إننا إذا تتبعنا الأحداث التاريخية، نجد: أن كل مطالب بالخلافة كان يدعي أول ما يدعي الرحمية والقربى من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وأول من بدأ ذلك أبو بكر في يوم السقيفة، وتبعه على ذلك عمر، حيث قررا أن ليس لأحد الحق في أن ينازعهم سلطان محمد، إذ أنهم أمس برسول الله رحماً (على ما في نهاية الإرب ج ٨ ص ١٦٨، وعيون أخبار ابن قتيبة ج ٢ ص ٢٣٣، والعقد الفريد ج ٤ ص ٢٥٨، طبع دار الكتاب العربي، والأدب في ظل التشيع ص ٢٤، نقلاً عن البيان والتبيين للجاحظ)، ولأنهم هم أولياؤه وعشيرته، على ما ذكره الطبري ج ٣ ص ٢٢٠، طبع دار المعارف بمصر، والإمامة والسياسة ص ١٤، ١٥ طبع الحلبي بمصر، وشرح النهج للمعتزلي ج ٦ ص ٧، ٨، ٩، ١١، والإمام الحسين للعلا يلي ص ١٨٦، و ص ١٩٠، وغيرهم. أو لأنهم عترة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصله والبيضة التي تفقأت عنه كما في العثمانية للجاحظ ص ٢٠٠. فأسقطا بذلك دعوى الأنصار عن الاعتبار.

كما أن أبا بكر قد استدل على الأنصار بالحديث الذي صرح باستفاضته جهابذة أهل السنة (على ما في ينابيع المودة للحنفي)، وهو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مشيراً إلى خلفائه الاثني عشر: (يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلهم تجتمع عليه الأمة، كلهم من قريش). ـ استدل به ـ بعد أن تصرف فيه، بأن حذف صدره، واكتفى بذكر: أن الأئمة من قريش على ما في صواعق ابن حجر ص ٦، وغيره..

وأصبح كون الأئمة من قريش تقليداً متبعاً، بل ومن عقائد أهل السنة المعترف بها، وقد استدل ابن خلدون على ذلك بالإجماع.

ولكن قول عمر: لو كان سالم مولى حذيفة حيا لوليته، قد أوقع ابن خلدون. كما أوقع غيره من جهابذة أهل السنة في حيص بيص، لعدم كون سالم قرشيا، فضلاً عن أن يكون أمس رحما برسول الله من غيره، فراجع مقدمة ابن خلدون ص ١٩٤، وغيره من كتبهم.

أما ابن كثير فإنه قد استشكل بالأمر من ناحية أخرى، حيث قال ـ وهو يتحدث عن فتنة محمد بن الأشعث الكندي ـ: (.. والعجب كل العجب من هؤلاء الذين بايعوه بالإمارة، وليس هو من قريش، وإنما هو كندي من اليمن، وقد اجتمع الصحابة يوم السقيفة على أن الإمارة لا تكون إلا في قريش، واحتج عليهم الصديق بالحديث في ذلك، حتى أن الأنصار سألوا أن يكون منهم أمير مع أمير المهاجرين، فأبى الصديق عليهم ذلك.. ثم مع هذا كله ضرب سعد بن عبادة، الذي دعا إلى ذلك أولاً، ثم رجع عنه).. انتهى. راجع البداية والنهاية ج ٩ ص ٥٤.=

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

في الحرم فعليك دم، وقيمة الطير درهم، وإن كان فرخاً فعليك دم ونصف درهم ».

وفي بعض(٣) نسخه: « ومتى أصبته وأنت حرام في الحرم، فالفداء عليك مضاعف ».

١٢ -( باب انّ الحمام ونحوه حتى الأهلي إذا أدخل الحرم وجب على من هو معه اطلاقه، وإن كان مقصوص الجناح وجب حفظه ولو بالإيداع، حتى يستوي ريشه ثم يخلّى سبيله، فإن لم يفعل وتلف لزمه فداؤه)

[١٠٨٥٧] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من صاد صيداً فدخل به الحرم وهو حيّ، فقد حرم عليه إمساكه، وعليه أن يرسله » الخبر.

[١٠٨٥٨] ٢ - وعنهعليه‌السلام : أنه سئل عن رجل دخل إلى الحرم ومعه صيد له، أن يخرج به؟ قال: « لا قد حرم عليه إمساكه إذا دخل الحرم ».

[١٠٨٥٩] ٣ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ومن أهدي إليه حمام أهلي في الحرم، فإن كان مستوياً خلّى عنه، وإن كان غير مستو أحسن القيام عليه حتى يستوي، ثم يخلّي عنه ».

__________________

(٣) في بعض نسخه ص ٧٢.

الباب ١٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٦ ح ٢١.

٢٦١

١٣ -( باب تحريم صيد الحرم وحمامه ولو في الحلّ، وتحريم أكله، وإن من نتف ريشة من حمام الحرم، لزمه صدقة باليد الجانية)

[١٠٨٦٠] ١ - بعض نسخ الرضوي: « وطير مكّة الأهلي لا يذبح)(١) قال: ومن أهدي له حمام أهلي في الحرم، فأصاب منه شيئاً فليتصدق بثمنه نحو ما كان يسوى في القيمة ».

[١٠٨٦١] ٢ - دعائم الإسلام: بإسناده عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أنه نظر إلى حمام مكّة فقال: « هل تدرون ما أصل كون هذا الحمام بالحرم؟ فقالوا: أنت أعلم يا ابن رسول الله، فأخبرنا، فقال: كان فيما مضى رجل آوى إلى داره حمام فاتخذ عشاً - إلى أن قال -عليه‌السلام فألهمه عزّوجلّ المصير إلى هذا الحرم، وحرّم صيده فأكثر ما ترون من نسله، وهو أوّل حمام سكن الحرم ».

١٤ -( باب تحريم اخراج حمام الحرم، وسائر الطير والصيد منه، ووجوب ردّه إلى الحرم، ولزوم ثمنه أو فداؤه لو تلف قبله)

[١٠٨٦٢] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال فيمن خرج بطير من مكّة فانتهى به إلى

__________________

الباب ١٣

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٠.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٦ ح ١٢٦٧.

الباب ١٤

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٢٦٢

الكوفة: « عليه أن يردّه إلى الحرم ».

[١٠٨٦٣] ٢ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث في بدء نسل حمام الحرم: « أنه قيل لحمام شكا إليه تعالى: وأنت فسوف يكثر الله في نسلك، ويجعلك وإيّاهم بموضع لا يهاج منهم شئ إلى أن تقوم الساعة، وأتى به إلى الحرم فجعل فيه ».

١٥ -( باب انّ من أغلق باباً على حمام وفراخ وبيض في الحرم، أو محرماً، لزمه الكفّارات مع التلف)

[١٠٨٦٤] ١ - الشيخ أبو الحسن محمّد بن الحسين القطب البيهقي الكيدري في شرح نهج البلاغة: عند قوله في خطبة الشقشقيّة: فقام رجل من أهل السواد. إلى آخره.

قال صاحب المعارج: وجدت في الكتب القديمة: أن الكتاب الذي رفعه إليه رجل من أهل السواد كان فيه مسائل - إلى أن قال - ومنها حجّ جماعة ونزلوا في دار من دور مكّة، وأغلق واحد منهم باب الدار وفي الدار حمامات، فمتن من العطش قبل عودهم إلى الدار، فالجزاء على أيّهم يجب؟

فقالعليه‌السلام : « على الذي أغلق الباب، ولم يخرج الحمامات، ولم يضع لهنّ ماء ».

__________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٣ باختلاف يسير.

الباب ١٥

١ - شرح نهج البلاغة للكيدري:

٢٦٣

١٦ -( باب انه إذا اشترك اثنان، أو جماعة محرمون، ولو رجالاً ونساء في قتل صيد عمداً والأكل منه، لزم كلّ واحد منهم فداء كامل)

[١٠٨٦٥] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ومتى اجتمع قوم على صيد وهم محرمون، فعلى كلّ واحد منهم قيمته ».

[١٠٨٦٦] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام : أنه سئل عن فراخ نعام أصابها قوم محرمون؟ قال: « عليهم مكان كلّ فرخ أكلوه بدنة ».

[١٠٨٦٧] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في الصيد تصيبه الجماعة: « على كلّ واحد منهم الجزاء منفرداً ».

١٧ -( باب ان المحرم إذا كسر بيض نعام ولم يتحرّك فيه الفرخ، وجب أن يرسل فحولة في إناث من الإبل بعدد البيض، فما نتج كان هدياً بالغ الكعبة، فإن عجز فلكلّ بيض شاة، فإن عجز فإطعام عشرة مساكين مدّاً مدّاً، فإن عجز فصيام ثلاثة أيام)

[١٠٨٦٨] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في محرم

__________________

الباب ١٦

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥١.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٨.

باب ١٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧.

٢٦٤

أصاب بيض نعامة، قال: « يرسل الفحل من الإبل في أبكار(١) منها بعدة البيض، فما نتج ممّا أصاب كان هدياً، وما لم ينتج فليس عليه فيه شئء، لأن البيض كذلك منه ما يصحّ ومنه ما يفسد، فإن أصابوا في البيض فراخاً لم يجر فيه الأرواح، فعليهم أن يرسلوا الفحل في الإبل حتى يعلموا أنّها لقحت، فما نتج منها بعد أن علموا أنها لقحت كان هدياً، وما أسقطت بعد اللقاح فلا شئ فيه، لأن الفراخ في البيض كذلك منها ما يتمّ، ومنها ما لا يتمّ ».

[١٠٨٦٩] ٢ - محمّد بن علي بن شهرآشوب في المناقب: قال: في أحاديث البصريين عن أحمد(١) قال معاوية بن قرّة عن رجل من الأنصار: إن رجلاً أوطأ بعيره أدحى(٢) نعام فكسر بيضها، فانطلق إلى عليعليه‌السلام فسأله عن ذلك، فقال له عليعليه‌السلام : « عليك بكلّ بيضة جنين ناقة، أو ضراب ناقة » فانطلق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فذكر ذلك له، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « قد قال عليعليه‌السلام بما سمعت، ولكن هلّم إلى الرخصة عليك بكلّ بيضة صوم يوم، أو إطعام مسكين ».

[١٠٨٧٠] ٣ - وعن أبي القاسم الكوفي، والقاضي نعمان في كتابيهما: عن عمر بن حمّاد بإسناده، عن عبادة بن الصامت، قال: قدم قوم من الشام حجاجاً فأصابوا أدحى نعامة فيه خمس بيضات وهم محرمون،

__________________

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: البكار.

٢ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ٣٥٤.

(١) في المصدر زيادة: عن جابر.

(٢) أدحى: هو الموضع تفرخ فيه النعامة (مجمع البحرين ج ١ ص ١٣٥).

٣ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ٣٦٤.

٢٦٥

فشووهن وأكلوهن، ثم قالوا: ما أرانا إلّا وقد أخطأنا وأصبنا الصيد ونحن محرمون، فأتوا المدينة، وقصّوا على عمر القصّة، فقال: انظروا إلى قوم من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاسألوهم عن ذلك ليحكموا فيه، فسألوا جماعة من الصحابة فاختلفوا في الحكم في ذلك، فقال عمر: إذا اختلفتم فها هنا رجل كنّا أمرنا إذا اختلفنا في شئ فيحكم فيه، فأرسل إلى امرأة يقال لها عطيّة، فاستعار منها أتاناً فركبها وانطلق بالقوم معه حتى أتى علياًعليه‌السلام ، وهو بينبع، فخرج إليه عليعليه‌السلام فتلقاهم ثم قال له: « هلا أرسلت إلينا فنأتيك » فقال عمر: الحكم يؤتى في بيته، فقصّ عليه القوم، فقال عليعليه‌السلام لعمر: « مرهم فليعمدوا إلى خمس قلائص من الإبل فليطرقوها للفحل، فإذا نتجت اهدوا ما نتج منها جزاء عمّا أصابوا » فقال عمر: يا أبا الحسن إن الناقة قد تجهض، فقال عليعليه‌السلام : « وكذلك البيضة قد تمرق(١) ».

فقال عمر: فلهذا أمرنا [ أن ](٢) نسألك.

[١٠٨٧١] ٤ - الحسين بن حمدان الحضيني في كتاب الهداية: عن جعفر بن أحمد القصير البصري، عن محمّد بن عبد الله بن مهران الكرخي، عن محمّد بن صدقة العنبري، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أن أعرابيًا بدوياً خرج من قومه حاجّاً محرماً، فورد على أدحى نعام فيه بيض فأخذه واشتواه، وأكل منه،

__________________

(١) وفي حديث علي عليه‌السلام (أن من البيض ما يكون مارقاً) أي فاسدا ً وقد مَرِقت البيضة إذا فسدت (النهاية ج ٤ ص ٣٢١).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤ - الهداية ص ٣٨ ب باختلاف في اللفظ.

٢٦٦

وذكر أن الصيد حرام في الإحرام.

فورد المدينة فقال الاعرابي: أين خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقد جنيت جناية عظيمة، فأرشد إلى أبي بكر، فورد عليه الاعرابي وعنده ملأ من قريش فيهم عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وخالد بن الوليد، والمغيرة بن شعبة، فسلّم الأعرابي عليهم، فقال: يا قوم أين خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقالوا: هذا خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال: أفتني؟ فقال له أبو بكر: قل يا أعرابي، فقال: إنّي خرجت من قومي حاجّاً(١) ، فأتيت على أدحى فيه بيض نعام فأخذته فاشتويته، وأكلته، فماذا لي من الحجّ، وما علي فيه، أحلالاً ما حرم عليّ من الصيد أم حراماً؟ فأقبل أبو بكر على من حوله فقال: حواري رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه، أجيبوا الأعرابي(٢) .

قال له الزبير من بين الجماعة: أنت خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنت أحقّ بإجابته.

فقال أبو بكر: يا زبير، حبّ بني هاشم في صدرك.

قال: وكيف لا! وأمّي صفية بنت عبد المطلب، عمّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال الاعرابي: إنّا لله ذهبت فتياي، فتنازع القوم فيما لا جواب

__________________

(١) في المصدر: محرماً.

(٢) كذا في المصدر، وفي المخطوط: إلى الاعرابي.

٢٦٧

فيه، فقال: يا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، استرجع بعد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله دينه فنرجع عنه، فسكت القوم، فقال الزبير: يا اعرابي ما في القوم إلّا من يجهل ما جهلت، قال الأعرابي: ما أصنع؟ قال (له الزبير: لم يبق في المدينة من تسأله بعد من ضمّه هذا المجلس، إلّا صاحب الحقّ الذي هو أولى بهذا المجلس منهم، قال الاعرابي: فترشدني إليه؟ قال له الزبير)(٣) : إن اخباري يسرّ قوماً، ويسخط قوماً آخرين.

قال الاعرابي: وقد ذهب الحقّ وصرتم تكرهونه، فقال عمر: إلى كم تطيل الخطاب يا ابن العوام؟ قوموا بنا والأعرابي إلى عليعليه‌السلام ، فلا تسمع جواب هذه المسألة إلّا منه، فقاموا بأجمعهم والأعرابي معهم، حتى صاروا إلى منزل أمير المؤمنينعليه‌السلام فاستخرجوه من بيته، وقالوا: يا إعرابي(٤) أقصص قصّتك على أبي الحسنعليه‌السلام ، فقال الاعرابي: فلم أرشدتموني إلى غير خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقالوا: يا أعرابي خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبوبكر، وهذا وصيّه في أهل بيته، وخليفته عليهم، وقاضي دينه، ومنجز عداته، ووارث علمه.

قال: ويحكم يا أصحاب رسول الله، والذي أشرتم إليه بالخلافة ليس فيه من هذه الخلال خلّة!

فقالوا: يا اعرابي سلّ عمّا بدا لك، ودع ما ليس من شأنك

قال الاعرابي: يا أبا الحسن، يا خليفة رسول الله، إنّي خرجت

__________________

(٣) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٤) في نسخة: للأعرابي، (منه قدّه).

٢٦٨

من قومي محرماً، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : « تريد الحج، فوردت على أدحى وفيه بيض نعام، فأخذته واشتويته وأكلته » فقال الاعرابي: نعم يا مولاي.

فقال له: « وأتيت تسأل عن خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأرشدت إلى مجلس أبي بكر وعمر، فأبديت بمسألتك فاختصم القوم ولم يكن فيهم من يجيبك على مسألتك » فقال: نعم، يا مولاي.

فقال له: « يا اعرابي الصبي - الذي بين يدي مؤدبه - صاحب الذؤابه، فإنه ابني الحسنعليه‌السلام ، فسله فإنه يفتيك ».

قال الاعرابي: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مات دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد موته، وتنازع القوم وارتدوا.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « حاش لله يا أعرابي ما مات دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولن يموت ».

قال الاعرابي: أفمن الحقّ أن أسأل خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحواريه وأصحابه، فلا يفتوني، ويحيلوني(٥) عليك فلا تجيبني، وتأمرني أن أسأل صبيّاً بين يدي المعلم، ولعلّه لا يفصل بين الخير والشرّ.

فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا أعرابي لا تقف ما ليس لك به علم، فاسأل الصبي فإنّه ينبئك ».

فمال الاعرابي إلى الحسنعليه‌السلام وقلمه في يده، ويخطّ في صحيفته خطّاً، ويقول مؤدّبه: أحسنت أحسنت، أحسن الله إليك، فقال الاعرابي: يا مؤدّب الحسن الصبي فتعجب من إحسانه، وما

__________________

(٥) في المخطوط: ويخلوني، وما أثبتناه من المصدر.

٢٦٩

أسمعك تقول له شيئاً حتى كأنّه مؤدّبك، فضحك القوم من الاعرابي وصاحوا به: ويحك يا أعرابي سل وأوجز.

قال الاعرابي: فديتك يا حسن، إنّي خرجت حاجّاً محرماً فوردت على أدحى فيه بيض نعام، فشويته وأكلته عامداً وناسياً.

قال الحسنعليه‌السلام : « زدت في القول يا أعرابي قولك عامداً، لم يكن هذا من مسألتك، هذا عبث ».

قال الاعرابي: صدقت ما كنت إلّا ناسياً، فقال له الحسنعليه‌السلام ، وهو يخطّ في صحيفته: « يا أعرابي خذ بعدد البيض نوقاً فاحمل عليها فنيقا(٦) ، فما نتجت من قابل فاجعله هدياً بالغ الكعبة، فإنه كفّارة فعلك ».

فقال الاعرابي: فديتك يا حسن إنّ من النيق ما يزلقن، فقال الحسنعليه‌السلام : « يا أعرابي، إنّ من البيض ما يمرقن » فقال الاعرابي: أنت صبي محدق محرّر في علم الله مغرق، ولو جاز أن يكون ما أقوله قلته إنّك خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال له الحسنعليه‌السلام : « يا أعرابي أنا الخلف من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبي أمير المؤمنينعليه‌السلام الخليفة ».

فقال الاعرابي: وأبو بكر ماذا؟ قال الحسنعليه‌السلام : « سلهم يا أعرابي » فكبّر القوم، وعجبوا ممّا سمعوا من الحسنعليه‌السلام ، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الحمد لله الذي جعل فيّ وفي ابني هذا، ما جعله في داود وسليمان، إذ يقول الله

__________________

(٦) الفنيق هو الفحل المكرم من الإبل. (النهاية ج ٣ ص ٤٧٦).

٢٧٠

عزّ من قائل:( فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ) (٧) ».

[١٠٨٧٢] ٥ - الصدوق في المقنع: وإذا وطئ بيض نعام ففدغها(١) وهو محرم، فعليه أن يرسل الفحل من الإبل على قدر عدد البيض، فما لقح وسلم حتى ينتج كان النتاج هدياً بالغ الكعبة.

١٨ -( باب انّ المحرم إذا كسر بيض النعام وقد تحرّك الفرخ فيه، وجب عليه لكلّ بيضة بكارة من الإبل، وفي بيضة القطاة بكارة من الغنم)

[١٠٨٧٣] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، « أن عليّاًعليهم‌السلام : حكم في بيض النعام، في كلّ بيضة بجنين ناقة إذا هو تبيّن خلقه ».

[١٠٨٧٤] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في محرم أصاب بيض نعامة - إلى أن قال -: « وإن أصابوا(١) فراخاً قد نشأت فيها الأرواح (في البيض)(٢) ، أرسل(٣) الفحل في الإبل بعدتها(٤) حتى

__________________

(٧) الأنبياء ٢١: ٧٩.

٥ - المقنع ص ٧٨.

(١) الفدغ: الشدخ والشق اليسير (النهاية ج ٣ ص ٤٢٠).

الباب ١٨

١ - الجعفريات ص ٧٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧.

(١) في المصدر زيادة: فيها.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه: أرسلوا.

(٤) وفيه: بعددها.

٢٧١

تلقح، وتتحرك أجنّتها في بطونها، في نتج منها كان هدياً، وما مات بعد ذلك فلا شئ فيه، لأن الفراخ في البيض كذلك، منها ما تنشق عنه فيخرج حيّاً، ومنها ما يموت في البيض ».

[١٠٩٧٥] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : في صيد النعامة، قال: « فإن أكلت بيضها فعليك دم، وكذلك إن وطأتها(١) وكان فيها أفراخ تتحرك، فعليك أن ترسل فحولة من البدن على عددها من الإناث بقدر عدد البيض، فما نتج منها فهو هدي لبيت الله ».

[١٠٨٧٦] ٤ - المقنع: وإذا أصاب المحرم بيض نعام، ذبح عن كلّ بيضة شاة بقدر عدد البيض، فإن لم يجد شاة فعليه صيام ثلاثة أيام، فإن لم يقدر فإطعام عشرة مساكين.

١٩ -( باب ان للمحرم إذا كسر بيض قطاة لم يتحرّك فرخه، وجب عليه إرسال فحولة الغنم في إناث منها بعدد البيض، فما نتج كان هدياً بالغ الكعبة)

[١٠٨٧٧] ١ - الصدوق في المقنع: وإن وطئ بيض قطاة فشدخه، فعليه أن يرسل الفحل من الغنم في مثل عدّة البيض، كما يرسل الحفل في عدّة البيض من الإبل.

[١٠٨٧٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وفي القطاة حمل - إلى أن قال -

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

(١) في المصدر: وطئها.

٤ - المقنع ص ٧٨.

الباب ١٩

١ - المقنع ص ٧٨.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

٢٧٢

وفي بيضه إذا أصبته قيمته، فإن وطأتها وفيها فراخ تتحرك، فعليك أن ترسل الذكران من المعز على عددها من الإناث على قدر عدد البيض، فما نتج فهو هدي لبيت الله ».

٢٠ -( باب انّ من كسر من بيض حمام الحرم ولو جاهلاً، لزم قيمته إن لم يكن تحرّك الفرخ، وإلا ففي كلّ بيضة شاة أو حمل أو جدي، وعلى المحلّ في الحرم القيمة)

[١٠٨٧٩] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه كان يصنع في بيض الحمام وأشباهها من الطير [ في الغنم ](١) ، مثل ما يصنع في بيض النعام في الإبل.

٢١ -( باب أنّ المحرم إذا رمى صيداً ثم رآه سويّاً لم يلزمه شئ، فإن مضى ولم يدر ما أصابه لزمه الفداء كاملاً)

[١٠٨٨٠] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا رمى المحرم الصيد - إلى أن قال - وإن مضى على وجهه فلم يدر ما فعل، فعليه الجزاء كاملاً ».

[١٠٨٨١] ٢ - الصدوق في المقنع: فإن رمى محرم ظبياً فأصاب يده فعرج منها، فإن كان مشى عليها ورعى فليس عليه شئ، وإن كان ذهب على وجهه لا يدري ما صنع فعليه فداؤه، لأنه لا يدري ما صنع لعلّه

__________________

الباب ٢٠

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

٢ - المقنع ص ٧٨.

٢٧٣

هلك، فإن تعمّد ذلك فعليه فداؤه وإثمه.

فقه الرضاعليه‌السلام (١) : « فإن رميت ظبياً » إلى آخر ما يأتي.

٢٢ -( باب ما يجب في أعضاء الصيد)

[١٠٨٨٢] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا رمى المحرم الصيد فكسر يده، أو رجله، فإن(١) تركه قائماً يرعى فعليه ربع الجزاء ».

[١٠٨٨٣] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن رميت ظبياً فكسرت يده، أو رجله، فذهب على وجهه لا تدري ما صنع فعليك فداؤه، فإن رأيت بعد ذلك يرعى ويمشي فعليك ربع قيمته، وإن كسرت قرنه، أو جرحته تصدقت بشئ من الطعام ».

٢٣ -( باب أن من رمى صيداً وهو يؤمّ الحرم فقتله لزمه الفداء، ومن رمى صيداً في الحلّ فتحامل (* ) ودخل الحرم لم يلزمه الفداء)

[١٠٨٨٤] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام ص ٢٩.

الباب ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

(١) في المصدر: قال أن.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

الباب ٢٣

(* ) في نسخة: وتحامل، (منه قدّه).

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٢٧٤

قال: « من رمى صيداً في الحلّ فأصابه، فتحامل الصيد حتى دخل الحرم فمات فيه من رميته، فلا شئ عليه فيه ».

٢٤ -( باب لزوم الكفّارة في الصيد للمحرم عمداً كان، أو خطأ، أو جهلاً، وكذا لو رمى صيداً فأصاب اثنين، وعدم لزوم الكفّارة للجاهل في غير الصيد، وجملة من أحكام الصيد)

[١٠٨٨٥] ١ - دعائم الإسلام: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « يحكم على المحرم إذا قتل الصيد، كان قتله إيّاه عن عمد أو عن خطأ ».

[١٠٨٨٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « كلّ شئ أتيته في الحرم بجهالة وأنت محل أو محرم، أو أتيت في الحلّ وأنت محرم، فليس عليك شئ إلّا الصيد فإنّ عليك فداؤه، فإن تعمّدته كان عليك فداؤه وإثمه، وإن علمت أو لم تعلم فعليك فداؤه ».

وفي بعض نسخه(١) : « واعلم أنه ليس عليك فداء لشئ أتيته وأنت جاهل، وأنت محرم في حجّتك، إلّا الصيد فإنّ عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد ».

الصدوق في المقنع(٢) : مثله، وزاد بعد (حجّتك) و « لا في عمرتك ».

__________________

الباب ٢٤

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

(١) في بعض نسخه (المطبوع ضمن نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى) ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٩.

(٢) المقنع ص ٧٨.

٢٧٥

٢٥ -( باب أنّ من أحرم وفي منزله صيد مملوك لم يخرج عن ملكه، فإن كان معه خرج عن ملكه)

[١٠٨٨٧] ١ - دعائم الإسلام: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : أنه سئل عن المحرم، يحرم وعنده في منزله صيد؟ قال: « لا يضرّه ذلك ».

٢٦ -( باب أنّ من دخل الحرم بصيد وجب عليه إطلاقه، وحرم إمساكه، فإن أمسكه حتى مات لزمه فداؤه)

[١٠٨٨٨] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن رجل دخل إلى الحرم ومعه صيد، أله أن يخرج به؟ قال: « لا قد حرم عليه إمساكه إذا دخل [ به ](١) الحرم ».

٢٧ -( باب تحريم الجراد على المحرم، وكذا ما يكون من الصيد في البرّ والبحر، ولزوم الفدية، فيجب تمرة عن كلّ جرادة، أو كفّ من طعام، وإن كان كثيراً لزمه دم شاة)

[١٠٨٨٩] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : « أنه نهى المحرم عن صيد الجراد وأكله - إلى أن قال - وما تعمّد قتله منه

__________________

الباب ٢٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

الباب ٢٦

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

٢٧٦

جزى [ عنه ](١) بكفّ من طعام ».

[١٠٨٩٠] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ومن قتل جرادة تصدق بتمرة، لأن تمرة خير من جرادة، وهي من البحر، وكلّ شئ أصله من البحر فهو في البرّ والبحر، فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله فعليه فداء كما قال الله تعالى ».

[١٠٨٩٠] ٣ - المقنع: وإنّ قتل جرادة فعليه تمرة، وتمرة خير من جرادة.

[١٠٨٩٢] ٤ - أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره: عن صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله عزّوجلّ:( لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّـهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ) (١) ، قال: « كان ذلك في عمرة الحديبية، وقال(٢) : المحرم متى قتل جرادة فعليه كفّ من(٣) طعام، وإن كان كثيراً فعليه دم(٤) شاة ».

٢٨ -( باب أنّ المحرم إذا قتل أسداً لزمه كبش)

[١٠٨٩٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن كان الصيد أسداً ذبحت كبشاً ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧ ح ٢٣.

٣ - المقنع ص ٧٩.

٤ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٧١.

(١) المائدة ٥: ٩٤.

(٢) نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٧٢.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) ليس في المصدر.

الباب ٢٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ١٤٦.

٢٧٧

٢٩ -( باب إباحة الدجاج ونحوه ممّا لا يطير ولا يصفّ للمحرم، ولو في الحرم، وجواز اخراجه ولو في الحرم)

[١٠٨٩٤] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن الدجاج السندية، قال: « ليست من الصيد، لأنّ(١) الصيد من الطير ما استقل بالطيران ».

[١٠٨٩٥] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ودجاج الحبش ليس من الصيد، إنّما الصيد ما طار بين السماء والأرض وصفّ ».

٣٠ -( باب أنّ المحرم إذا اضطر إلى الصيد أو الميتة وجب عليه اختيار الصيد، فيتناول منه ويلزمه الفداء، فإن لم يقدر فدى إذا قدر)

[١٠٨٩٦] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن المحرم يضطرّ فيجد الصيد، والميتة أيّهما يأكل؟ قال: « يأكل الصيد، ويجزئ عنه إذا قدر ».

[١٠٨٩٧] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « وإذا اضطر المحرم فوجد صيداً وميتة أكل من الصيد، لأنّ فداءه في ماله قائم فإنّما يأكل من ماله ».

__________________

الباب ٢٩

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٠.

(١) في المصدر: إنما.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧ ح ٢٢.

الباب ٣٠

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٨.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٠.

٢٧٨

[١٠٨٩٨] ٣ - الصدوق في المقنع: وإذا اضطر المحرم إلى صيد وميتة، فإنّه يأكل الصيد ويفدي

٣١ -( باب أن المحرم إذا صاد في الحلّ، أو أكل بيض صيد لزمه الفداء وإن صاد في الحرم لزمه الفداء والقيمة، وإن صاد المحل في الحرم فعليه القيمة، وإن صاد في مكّة أو الكعبة لزمه مع ذلك التعزير، وحكم القمري ونحوه)

[١٠٨٩٩] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ومتى أصبته وأنت حرام في الحرم فالفداء عليك مضاعف، وإن أصبته وأنت حلال في الحرم (فعليك قيمته)(١) ، وإن أصبته وأنت حرام في الحلّ فعليك قيمة واحدة ».

[١٠٩٠٠] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا أصاب الحلال صيداً في الحرم فعليه قيمته ».

[١٠٩٠١] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومتى أصبت شيئاً من الصيد، في الحلّ وأنت محرم فعليك دم على ما وصفناه، ومتى ما أصبته في الحرم وأنت حلّ فعليك قيمة الصيد، فإن أصبته وأنت محرم في الحرم فعليك [ الفداء والقيمة فإن كان الصيد طيراً اشتريت بقيمته علفاً علفت به

__________________

٣ - المقنع ص ٧٩.

باب ٣١

١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٩.

(١) في المصدر: فقيمة واحدة.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٣ - فقه الرضا ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ١٤٦.

٢٧٩

حمام الحرم وإن كنت محرماً وأصبته وأنت محرم في الحرم فعليك ](١) دم وقيمة الطير درهم، إلى آخر ما تقدّم ».

٣٢ -( باب أنّ المحرم إذا تكرّر منه الصيد عمداً، لم تلزمه الكفّارة إلّا في أوّل مرّة)

[١٠٩٠٢] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّـهُ مِنْهُ ) (١) قال: « من قتل صيداً وهو محرم حكم عليه أن يجزى بمثله، فإن عاد فقتل آخر لم يحكم عليه وينتقم الله منه ».

[١٠٩٠٣] ٢ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « المحرم إذا قتل الصيد في الحلّ فعليه جزاؤه، يتصدّق بالصيد على مسكين، فإن عاد وقتل صيداً لم يكن عليه جزاؤه فينتقم الله منه ».

[١٠٩٠٤] ٣ - وفي رواية أخرى: عن الحلبي، عنهعليه‌السلام ، في محرم أصاب صيداً، قال: « عليه الكفّارة، فإن عاد فهو ممّن قال الله:( فَيَنتَقِمُ اللَّـهُ مِنْهُ ) وليس عليه كفّارة ».

المقنع(١) : وإذا قتل المحرم الصيد، وذكر مثل الخبر الأول.

__________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر والبحار.

باب ٣٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧ (عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ).

(١) المائدة ٥: ٩٥.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٦ ح ٢٠٧.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٦ ح ٢٠٨.

(١) المقنع ص ٧٩.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409