نظرة عابرة الى الصحاح الستة

نظرة عابرة الى الصحاح الستة10%

نظرة عابرة الى الصحاح الستة مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 561

نظرة عابرة الى الصحاح الستة
  • البداية
  • السابق
  • 561 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 268347 / تحميل: 8679
الحجم الحجم الحجم
نظرة عابرة الى الصحاح الستة

نظرة عابرة الى الصحاح الستة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الأمّة تجربة ، وأكبر منك سنا ، فأنت أحق أن تجيبني الى هذه المنزلة التي سألتني ، فادخل في طاعتي ، ولك الأمر من بعدي ، ولك ما في بيت مال العراق من مال بالغا ما بلغ ، تحمله الى حيث أحببت ، ولك خراج أي كور العراق شئت معونة لك على نفقتك يجبيها أمينك ويحملها لك في كل سنة ، ولك أن لا يستولى عليك بالإساءة ، ولا تقضى دونك الأمور ، ولا تعصى في أمر أردت به طاعة الله ، أعاننا الله وإياك على طاعته إنه سميع مجيب الدعاء والسلام »(1) .

واشتملت هذه الرسالة ـ بكلتا الروايتين ـ على دجل معاوية ومراوغته ، وأغاليطه كما يقول الدكتور « أحمد رفاعي »(2) ولا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر فى محتوياتها وهي :

1 ـ جاء فيها « أن هذه الأمّة لما اختلفت بينها لم تجهل فضلكم ، ولا سابقتكم للإسلام ، ولا قرابتكم من نبيكم. الخ » إن من تتبع الأحداث التي وقعت بعد وفاة النبي (ص) عرف زيف هذا الكلام ومجافته للواقع ، فان العترة الطاهرة واجهت بعد النبي (ص) أشق المحن والخطوب ، فان الجرح لما يندمل والرسول لما يقبر استبد القوم بالأمر ، وعقدوا سقيفتهم متهالكين على الحكم ، وتغافلوا عترة نبيهم فلم يأخذوا رأيهم ولم يعتنوا بهم ولما تم انتخاب أبي بكر خفوا مسرعين الى بيت بضعته وريحانته وهم يحملون مشاعل النار لإحراقه ، وسحبوا أخا النبي ووصيه أمير المؤمنين مقادا بحمائل سيفه ليبايع قسرا ، وهو يستجير فلا يجار ، وخلد بعد ذلك الى العزلة يسامر همومه وشجونه ، وتتابعت عليهم منذ ذلك اليوم المصائب والخطوب فلم يمض على انتقال النبي (ص) الى دار الخلد خمسون عاما وإذا بالمسلمين

__________________

(1) شرح ابن أبي الحديد 4 / 13.

(2) عصر المأمون 1 / 17.

٦١

في موكب جهير يجوب البيداء من بلد الى بلد وهم يحملون رءوس أبنائه على أطراف الرماح ، وبناته سبايا « يتصفح وجوههن القريب والبعيد ، ويستشرفهن أهل المناهل والمناقل ». وبعد هذه المحن التي ألمّت بهم هل أدت الأمّة حقهم وعرفت مكانتهم ولم تجهل فضلهم.

2 ـ ومن محتوياتها : « ورأى صالحاء الناس من قريش والأنصار وغيرهم أن يولوا الأمر من قريش الخ ». إن صالحاء المسلمين وخيارهم كانوا مع أمير المؤمنين ولم يرتضوا بيعة أبي بكر ، وأقاموا على ذلك سيلا من الاحتجاج والإنكار ذكرناه بالتفصيل فى الجزء الأول من هذا الكتاب.

لقد كانت مغبة اختيار قريش أن يحكم رقاب المسلمين معاوية ويزيد ومروان والوليد وأمثالهم من أئمة الظلم والجور الذين أغرقوا البلاد في الماسي والشجون وأمعنوا فى إذلال المسلمين وإرهاقهم حتى بايعوا في عهد يزيد انهم خول وعبيد له هذا ما رآه صالحاء الناس من قريش في صرف الأمر عن عترة نبيهم كما قال معاوية وقد وفقت فى اختيارها ـ كما يقولون ـ فانا لله وإنا إليه راجعون.

3 ـ ومن غريب هذه الرسالة قوله : « فلو علمت أنك أضبط للرعية مني وأحوط على هذه الأمّة ، وأحسن سياسة. الخ » نعم تجلت حيطته على الإسلام وحسن سياسته حينما تم له الأمر ، وصفا له الملك ، فانه أخذ يتتبع صالحاء المسلمين وأبرارهم فيمعن في قتلهم ومطاردتهم وزجهم في السجون. ومن حيطته على الإسلام استلحاقه لزياد بن أبيه ، وسبه لأمير المؤمنين على المنابر ، وفي قنوت الصلاة ، ونصبه ليزيد حاكما على المسلمين وأمثال هذه الموبقات والجرائم التي سودت وجه التاريخ.

٦٢

مذكرة معاوية :

وأرسل معاوية الى الإمام مذكرة يحذره فيها من الخلاف عليه ، ويمنيه بالخلافة من بعده إن تنازل له عن الأمر وهذا نصها :

« أما بعد : فان الله يفعل في عباده ما يشاء لا معقب لحكمه ، وهو سريع الحساب ، فاحذر أن تكون منيتك على أيدي رعاع من الناس وأيس من أن تجد فينا غميزة ، وإن أنت أعرضت عما أنت فيه ، وبايعتني وفيت لك بما وعدت ، وأجريت لك ما شرطت وأكون في ذلك كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة :

وإن أحد أسدى إليك أمانة

فأوف بها تدعى إذا مت وافيا

ولا تحسد المولى إذا كان ذا غنى

ولا تجفه إن كان في المال فانيا

ثم الخلافة لك من بعدي ، فأنت أولى الناس بها والسلام ».

وأكبر الظن ان هذه الرسالة المشتملة على مثل هذا اللون من التهديد والتوعيد إنما بعثها معاوية الى الإمام بعد ما اتصل اتصالا وثيقا بزعماء الجيش العراقي وقادته فضمنوا له تنفيذ مخططاته ، فانه لم يكتب ذلك إلا بعد الاتصال بزعماء العراق وانقطاع أمله من إجابة الحسن له.

جواب الامام :

ولم يعتن الإمام بتهديد معاوية ، وأجابه بجواب يلمس فيه الحزم والإصرار منه على الحرب وهذا نصه :

« أما بعد : فقد وصل إليّ كتابك ، تذكر فيه ما ذكرت ، وتركت جوابك خشية البغي عليك ، وبالله أعوذ من ذلك ، فاتبع الحق تعلم أني

٦٣

من أهله ، وعليّ أثم أن أقول فأكذب والسلام ».

وكانت هذه الرسالة هي آخر الرسائل التي دارت بين الإمام ومعاوية وعلى أثرها علم معاوية أنه لا يجديه خداعه وأباطيله ، ولا تنفع مغالطاته السياسية ، وعرف أن الإمام مصمم على حربه فاتجه بعد ذلك الى الحرب وتهيئة أسبابه ومقتضياته.

٦٤

اعلان الحرب

٦٥
٦٦

وبعد ما فشلت أغاليط معاوية ومخططاته السياسية رأى أن خير وسيلة له للتغلب على الأحداث أن يبادر الى اعلان الحرب لئلا يتبلور الموقف ، وتفوت الفرصة وأكبر الظن ـ انه بالإضافة الى ذلك ـ إنما استعجل الحرب لأمور وهي :

1 ـ إنه اتصل اتصالا وثيقا بزعماء العراق ، وقادة الجيش ، ورؤساء القبائل فاشترى ضمائرهم الرخيصة بالأموال ومنّاهم بالوظائف ، فأجابوه سرا الى خيانة الإمام وتنفيذ أغراضه ، ويدل على ذلك مذكرته التي بعثها الى عماله وولاته يطلب منهم النجدة والالتحاق به فانه أعرب فيها عن اتصالهم به.

2 ـ علمه بتفكك الجيش العراقي وتفلله وعدم طاعته للإمام وذلك مسبب عن أمور نذكرها مشفوعة بالتفصيل عند عرض علل الصلح وأسبابه

3 ـ علمه بوجود الخطر الداخلي الذي مني به العراق ، وسلمت منه الشام ، وهي فكرة الخوارج التي انتشرت مبادئها بين الأوساط العراقية ومن أوليات مبادئهم اعلان التمرد والعصيان على الحكم القائم ، ونشر الفوضى في البلاد ليتسنى لهم الإطاحة به واستلام قيادة الأمّة.

4 ـ مقتل الإمام أمير المؤمنين (ع) الذي فقد به العراق قائدا وموجها وخطيبا ، يحملهم على الحق ويثيبهم الى الصواب ، وقد أصبح العراقيون بعد فقده يسيرون فى ظلام قاتم ، ويتخبطون خبط عشواء قد فقدوا الرائد والدليل.

هذه الأمور ـ فيما نعلم ـ هي التي حفزت معاوية الى اعلان الحرب واستعجاله ، فان العراق لو لم يمن بمثل هذه الكوارث والفتن لما وجد معاوية الى الحرب سبيلا ، ولبذل جميع طاقاته في تأخير الحرب ، وعقد

٦٧

الهدنة المؤقتة ـ كما فعل ذلك مع ملك الروم ـ حتى يتبين له الأمر فانا لا ننسى كلماته التي تنم عن خوفه وفزعه من العراقيين حينما كانوا صفا واحدا غير مبتلين بالتفكك والانحلال فقد قال : « ما ذكرت عيونهم تحت المغافر(1) بصفين إلا لبس على عقلي » ووصف اتحادهم بقوله : « إن قلوبهم كقلب رجل واحد » فلولا اختلافهم وتشتتهم لما بادر معاوية الى اعلان الحرب واستعجاله.

مذكرة معاوية لعماله :

ورفع معاوية مذكرة ذات مضمون واحد الى جميع عماله وولاته ، يحثهم فيها على الخروج الى حرب الإمام ويأمرهم بالالتحاق به سريعا بأحسن هيئة ، وأتم استعداد وهذا نصها :

« من عبد الله معاوية أمير المؤمنين ، الى فلان ابن فلان ، ومن قبله من المسلمين ، سلام عليكم ، فاني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد : فالحمد لله الذي كفاكم مئونة عدوكم ، وقتلة خليفتكم ، إن الله بلطفه أتاح لعلي بن أبي طالب رجلا من عباده فاغتاله فقتله فترك أصحابه متفرقين مختلفين ، وقد جاءتنا كتب أشرافهم وقادتهم يلتمسون الأمان لأنفسهم وعشائرهم ، فأقبلوا الي حين يأتيكم كتابي هذا بجاهدكم وجندكم ، وحسن عدتكم ، فقد أصبتم بحمد الله الثأر ، وبلغتم الأمل ، وأهلك الله أهل البغي والعدوان ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته »(2) .

__________________

(1) المغافر : جمع ، مفرده : مغفر ومغفرة ، وهو زرد يلبسه المحارب تحت القلنسوة.

(2) شرح ابن أبي الحديد 4 / 13.

٦٨

ولما وصلت هذه الرسالة الى عماله وولاته قاموا بتحريض الناس وحثهم على الخروج والاستعداد لحرب ريحانة رسول الله وسبطه وفي أقرب وقت التحقت به قوى هائلة منظمة لا ينقصها شيء من حيث الكراع والسلاح ، والعدد والعدة.

ولما توفرت له القوة الهائلة من الجند والعسكر وأصحاب المطامع الذين لا يقدسون سوى المادة زحف بهم نحو العراق وتولى بنفسه القيادة العامة للجيش ، وأناب عنه في عاصمته الضحاك بن قيس الفهري ، وقد كان عدد الجيش الذي نزح معه ستين ألفا ، وقيل أكثر من ذلك ، ومهما كان عدده فقد كان مطيعا لقوله ، ممتثلا لأمره ، منفذا لرغباته ، مذعنا له لا يخالفه ولا يعصيه.

وطوى معاوية البيداء بجيشه الجرار فلما انتهى الى جسر منبج(1) .

__________________

(1) جسر منبج : بفتح الميم وسكون النون وكسر الباء بلد قديم ، المسافة بينه وبين حلب يومان ، أول من بناه كسرى ، وقد أنجب جماعة من الشعراء يعد فى طليعتهم البحتري ، وقد عناها المتنبي بقوله :

قيل بمنبج مثواه ونائله

فى الأفق يسأل عمن غيره سألا

ولها يتشوق ابراهيم بن المدبر ، وكان يهوى جارية بها في قوله :

وليلة عين المرج زار خياله

فهيّج لي شوقا وجدد أحزاني

فأشرقت أعلى الدير أنظر طامحا

بألمح آماقي وأنظر انساني

لعلي أرى أبيات منبج رؤية

تسكن من وجدي وتكشف أشجاني

جاء ذلك في معجم البلدان 8 / 169.

٦٩

فزع العراقيين :

وحينما أذيع خبر توجهه وبلوغه الى هذا المحل عم العراقيين الذعر والخوف ، ولما علم الإمام بتوجهه أمر بعض أصحابه أن ينادى فى العاصمة « الصلاة جامعة » ويقصد بذلك جمع الناس فى جامع البلد ، فنودي بذلك وما هي إلا فترة يسيرة من الزمن حتى اكتظ الجامع بالجماهير الحاشدة فخرج (ع) فاعتلى المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :

« أما بعد : فان الله كتب الجهاد على خلقه وسماه كرها ، ثم قال لأهل الجهاد : اصبروا إن الله مع الصابرين ، فلستم أيها الناس نائلين ما تحبون إلا بالصبر على ما تكرهون ، انه بلغنى أن معاوية بلغه أنا كنا أزمعنا على المسير إليه فتحرك لذلك ، اخرجوا رحمكم الله الى معسكركم في النخيلة(1) حتى ننظر وتنظرون ، ونرى وترون »(2) .

ولما أنهى (ع) خطابه وجم الحاضرون ، وأخرست ألسنتهم ، واصفرّت ألوانهم كأنهم قد سيقوا الى الموت ، فلم يجب الإمام أحد منهم كل ذلك لخوفهم من أهل الشام ، وحبهم للسلم ، وإيثارهم للعافية ، وكان هذا التخاذل في بداية الدعوة الى جهاد العدو ينذر بالخطر ويدعو الى التشاؤم واليأس من صلاحهم.

__________________

(1) النخيلة : تصغير نخلة موضع قريب من الكوفة على سمت الشام وبه قتل معاوية الخوارج لما ورد الى الكوفة وفيهم يقول ابن الأصم راثيا :

إني أدين بما دان الشراة به

يوم النخيلة عند الجوسق الحرب

جاء ذلك فى معجم البلدان 8 / 276.

(2) شرح النهج ابن أبي الحديد 4 / 13.

٧٠

ولما رأى الصحابي العظيم والحازم اليقظ عدي بن حاتم(1) سكوت الجماهير وعدم اجابتهم للإمام غاظه ذلك والتاع أشد اللوعة ، فانبرى إليهم

__________________

(1) عدي بن حاتم الطائي كان أبوه حاتم مضرب المثل في الجود والسخاء ، يكنى عدي بأبي طريف ، وفد على النبي (ص) فى السنة التاسعة من الهجرة وكان نصرانيا فاسلم ، ولإسلامه حديث طريف طويل ، ذكره ابن الأثير في أسد الغابة ، روى عن النبي (ص) أحاديث كثيرة ، كان جوادا شريفا في قومه عظيما عندهم ، وعند غيرهم ، وكان حاظر الجواب ، ومن أهل الدين والتقى ، وهو القائل : ما دخل عليّ وقت الصلاة إلا وأنا مشتاق إليها ، ودخل يوما على عمر بن الخطاب فرأى منه تكبرا واستخفافا بحقه ، فالتفت إليه قائلا : أتعرفني؟ فأجابه عمر ، بلى والله أعرفك ، أكرمك الله بأحسن المعرفة ، أعرفك والله أسلمت إذ كفروا ، وعرفت إذ أنكروا ، ووفيت إذ غدروا ، وأقبلت إذ أدبروا فقال عدي : حسبي حسبي. شهد فتوح العراق ، ووقعة القادسية ، ووقعة النهروان ، ويوم الجسر مع أبي عبيدة وغير ذلك ، ومن كرمه ونبله أن الأشعث ابن قيس أرسل إليه شخصا يستعير منه قدور حاتم ، فملأها عدي طعاما وحملها إليه فأرسل إليه الأشعث إنما أردناها فارغة ، فأجابه عدي ، إنا لا نعيرها فارغة ، وكان يفت الخبز للنمل ويقول : إنهن جارات ولهن حق ، كان من المنحرفين عن عثمان ، وشهد مع الامام وقعة الجمل ففقئت عينه بها ، وله ولدان ، قتل أحدهما مع الامام علي ، والآخر مع الخوارج ، وشهد صفين أيضا وكان له بها مواقف مشهورة توفي سنة سبع وستين من الهجرة ، وقيل غير ذلك ، كان له من العمر مائة وعشرون سنة ، قيل توفى بالكوفة ، وقيل بقرقيسيا والأول أصح ، جاء ذلك فى أسد الغابة 3 / 392 ، وقريب منه جاء فى كل من الاصابة والاستيعاب وتهذيب التهذيب.

٧١

منكرا سكوتهم وتخاذلهم المفضوح قائلا بنبرات تقطر حماسا وعزما :

« أنا عدي بن حاتم ، سبحان الله ما أقبح هذا المقام!!! ألا تجيبون إمامكم ، وابن بنت نبيكم؟ أين خطباء المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة ، فاذا جد الجد راوغوا كالثعالب ، أما تخافون مقت الله ، ولا عيبها وعارها ».

ثم التفت الى الإمام مظهرا له الطاعة والامتثال قائلا :

« أصاب الله بك المراشد ، وجنبك المكاره ، ووفقك لما يحمد ورده وصدره ، قد سمعنا مقالتك ، وانتهينا الى أمرك ، وسمعنا لك ، وأطعنا فيما قلت ورأيت ».

ثم أظهر الى المجتمع عزمه على الخروج لحرب معاوية فورا قائلا :

« وهذا وجهي الى معسكرنا ، فمن أحب أن يوافي فليواف ».

ثم خرج من المسجد وكانت دابته بالباب فركبها وخرج وحده من دون أن يلتحق به أحد وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه ، فانتهى الى النخيلة فعسكر بها وحده(1) .

وهكذا اضطرب غيظا وموجدة كل من الزعيم قيس بن سعد بن عبادة ، ومعقل بن قيس الرياحي(2) ، وزياد بن صعصعة التميمي لما رأوا

__________________

(1) شرح النهج ابن أبي الحديد 4 / 14.

(2) معقل بن قيس الرياحي : أدرك النبي (ص) ، قال ابن عساكر : أوفد عمار معقلا على عمر يخبره بفتح تستر ، كما وجهه الى بني ناجية حين ارتدوا وكان من امراء الإمام علي (ع) يوم الجمل ومدير شرطته ، وذكر خليفة بن الخياط أن المستورد بن علقمة اليربوعي الخارجي بارزه لما خرج بعد علي فقتل كل منهما الآخر وكان ذلك سنة 42 هجرية في خلافة معاوية وقيل سنة 39 في خلافة علي جاء ذلك في الاصابة 3 / 475 ،

٧٢

سكوت الجماهير وعدم إجابتهم بشيء ، فلاموهم على هذا التخاذل وبعثوا فيهم روح النشاط الى حرب عدوهم ومناجزته ثم التفتوا الى الامام وكلموه بمثل كلام عدي فى الانقياد والطاعة والامتثال لأمره فشكرهم الامام على موقفهم المشرف ، وأثنى على شعورهم الطيب قائلا :

« ما زلت أعرفكم بصدق النية والوفاء والنصيحة فجزاكم الله خيرا ».

وخرج الامام (ع) من فوره لرد العدوان الأموي ، واستخلف فى عاصمته المغيرة بن نوفل بن الحرث(1) وأمره بحثّ الناس الى الجهاد واشخاصهم إليه فى النخيلة ، وطوى (ع) البيداء بجيشه الجرار المتخاذل ـ وسيأتي وصفه بعد قليل ـ حتى انتهى الى النخيلة فاستقام فيها فنظم جيشه(2) ثم ارتحل عنها وسار حتى انتهى الى ( دير عبد الرحمن ) فأقام

__________________

(1) المغيرة بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب الهاشمي ولد على عهد الرسول (ص) بمكة قبل الهجرة ، وقيل لم يدرك من حياة رسول الله (ص) إلا ست سنين يكنى بأبي يحيى تزوج بامامة بنت أبي العاص بن الربيع ، وكانت امامة زوجا للإمام علي ، فلما قتل أوصى (ع) أن يتزوجها المغيرة من بعده ، فلما مات (ع) تزوج بها المغيرة. وهو ممن شهد مع الامام صفين ، وكان في أيام عثمان قاضيا ، وقد روى عن النبي (ص) حديثا واحدا وهو قوله (ص) : « من لم يحمد عدلا ولم يذم جورا ، فقد بات لله بالمحاربة » جاء ذلك في أسد الغابة 4 / 407.

(2) جاء في الخرائج والجرائح ص 228 أنه نزح مع الامام من أراد الخروج وتخلف عنه خلق كثير لم يفوا بما قالوا وبما وعدوا ، وغرّوه كما غرّوا الامام عليا من قبل وعسكر (ع) في النخيلة عشرة أيام فلم يحضر معه إلا أربعة آلاف فرجع الى الكوفة ليستنفر الناس وخطب خطبته التي يقول فيها : « قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي ».

٧٣

به ثلاثة أيام ليلتحق به المتخلفون من جنده ، وعنّ له أن يرسل مقدمة جيشه للاستطلاع على حال العدو وإيقافه فى محله لا يتجاوزه الى آخر ، واختار الى مقدمته خلّص أصحابه من الباسلين والماهرين ، وكان عددهم اثنى عشر الفا ، واعطى القيادة العامة الى ابن عمه عبيد الله بن العباس ، وقبل أن تتحرك هذه الفصيلة من الجيش دعا الامام قائدها العام عبيد الله فزوده بهذه الوصية القيّمة وهي :

« يا ابن العم! إني باعث معك اثنى عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر ، الرجل منهم يزيد الكتيبة ، فسر بهم ، وألن لهم جانبك ، وابسط لهم وجهك ، وافرش لهم جناحك ، وادنهم من مجلسك ، فانهم بقية ثقات أمير المؤمنين ، وسر بهم على شط الفرات ، ثم امضي حتى تستقبل بهم معاوية ، فان أنت لقيته فاحتبسه حتى آتيك ، فاني على أثرك وشيكا ، وليكن خبرك عندي كل يوم ، وشاور هذين ـ قيس بن سعد وسعيد بن قيس ـ وإذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك فان فعل فقاتله ، وإن أصبت ، فقيس بن سعد على الناس ، فان اصيب ، فسعيد بن قيس على الناس ». وحفلت هذه الوصية بما يلي :

1 ـ إنها دلت على اطلاعه الوافر في تدبير شئون الدولة ، فان التوصية بالجيش بهذا اللون المشتمل على العطف والحنان ، والاطراء عليه بمثل هذا الثناء ، من أنهم بقية ثقات أمير المؤمنين ، والزام القيادة العامة باللين والبسط مما يزيد الجيش اخلاصا وإيمانا بدولته ، ومن الطبيعى ان الجيش إذا أخلص لحكومته ، وآمن بسياستها ثبتت قواعدها ، وظفرت بسياج حصين يمنع عنها العدوان الخارجي ، ويقيها من الشر والفتن الداخلية ، ويوجب لها المزيد من الهدوء والاستقرار.

٧٤

2 ـ وأما أمره أن لا يعتدي عبيد الله على معاوية ، ولا يناجزه الحرب حتى يكون هو المبتدي فليس ذلك لأن معاوية من مصاديق قوله تعالى : « وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين »(1) فان معاوية لم يبق وليجة للاعتداء إلا سلكها ، فقد اعتدى في تخلفه عن بيعة أمير المؤمنين ، ومحاربته له في صفين ، وفي بعثه السفاح بسر بن أبي أرطاة وفعله بأمره ما فعل من المنكرات ، ولم يزل معتديا وخارجا على الاسلام الى حين وفاة أمير المؤمنين ، ولكن إنما أمر الحسن (ع) أن لا يبتدي عبيد الله بحربه لسد مراوغاته حتى لا يستطيع أن يدعي أنه ما جاء للحرب وإنما جاء للتداول في اصلاح أمر المسلمين.

3 ـ ونصت وصية الامام على الزام عبيد الله بمشاورة قيس بن سعد وسعيد بن قيس وترشيحهما للقيادة من بعده ، وفي ذلك الفات منه الى الجيش ان أمره المتبع هو المقرون بمشاورة الرجلين ، كما فيه توثيق لهما ، والحق انه لم يكن في جيش الامام من يضارعهما في نزعاتهما الخيرة وفي ولائهما لأهل البيت (ع) ، وأعظم بهما شأنا أنهما نالا ثقة الامام واهتمامه.

وقبل أن نطوي الحديث على هذا الموضوع نعرض بعض الجهات التي ترتبط فيه وهي :

1 ـ اختيار عبيد الله :

ويتساءل الكثير عن الحكمة التي رشح الامام من أجلها عبيد الله لقيادة مقدمة جيشه مع أنه كان في ذلك الجيش من هو أصلب منه إيمانا وأقوى عقيدة ، وأعظم اخلاصا كالزعيم قيس بن سعد ، وسعيد بن قيس

__________________

(1) سورة البقرة آية 189.

٧٥

واضرابهما من الثقات والمؤمنين. « والجواب عن ذلك » ـ أولا ـ ان الامام (ع) أراد بذلك تشجيعه واخلاصه باسناد القيادة العامة إليه ـ وثانيا ـ ان له من الكفاءة والقدرة والحزم ما يجعله أهلا لهذا المنصب الرفيع ، فهو قد تربى فى مدرسة الامام أمير المؤمنين (ع) ولكفاءته وقدرته نصبه الامام (ع) واليا على اليمن. ـ وثالثا ـ إنه حري بأن يخلص ويبذل قصارى جهوده في المعركة لأنه موتور من قبل معاوية ، فلقد قتل ولديه بسر بن ارطاة. ـ ورابعا ـ ان الامام (ع) لم يجعل القيادة العامة بيده بل جعلها ثلاثية بينه وبين قيس بن سعد ، وسعيد بن قيس ، وقد أوفى المسألة حقها من جميع الوجوه سماحة المغفور له آل ياسين(1) .

2 ـ عدد الجيش :

واضطربت كلمة المؤرخين في تحديد الجيش الذي نزح مع الامام الى مظلم ساباط ، فابن أبي الحديد ذكر أنه نزح مع الامام جيش عظيم ولم يحدده إلا أنه حدد المقدمة التي تولى قيادتها عبيد الله فقال : « إن عددها كان اثنى عشر ألفا من فرسان العرب وقراء المصر(2) . وذكر الطبري وغيره انه كان اربعين ألفا(3) ، ويستفاد من مطاوي بعض الأحاديث التي دارت بين الامام وبعض أصحابه في أمر الصلح أن عدد الجيش كان مائة ألف كقول سليمان بن صرد للامام (ع) وهو في مقام التقريع له

__________________

(1) صلح الحسن ص 96.

(2) شرح ابن أبي الحديد 4 / 14.

(3) تأريخ الطبري 6 / 94.

٧٦

على امضائه وقبوله الصلح « أما بعد : فان تعجبنا لا ينقضي من بيعتك معاوية ومعك مائة ألف مقاتل من أهل العراق »(1) ، كما يستفاد أيضا أنه كان تسعين ألفا(2) ، وقيل أنه سبعون ألفا(3) الى غير ذلك ، والذي نذهب إليه أن عدد الجيش كان يربو على أربعين ألفا ، ويدل على ذلك ما حدث به نوف البكالي(4) قال : لما عزم الامام على العودة الى حرب معاوية قبيل وفاته باسبوع عقد للحسين على عشرة آلاف ، ولأبي أيوب على عشرة آلاف ، ولقيس بن سعد على عشرة آلاف ، ولغيرهم على أعداد أخر

__________________

(1) الإمامة والسياسة 1 / 151.

(2) تاريخ اليعقوبي 2 / 194 ذكر ذلك في جواب زياد الى معاوية حينما هدده وذلك قبل أن يستلحقه به ، فقال زياد : إن ابن آكلة الأكباد ، وكهف النفاق ، وبقية الأحزاب ، كتب يتوعدني ويتهددني وبيني وبينه ابنا رسول الله فى تسعين ألفا.

(3) البداية والنهاية 8 / 42 وجاء فيه أن رجلا دخل على الحسن بن علي وبيده صحيفة فقال له الرجل : ما هذه؟ فأجابه الامام ان معاوية يعدنيها ويتوعد ، فقال الرجل : قد كنت على النصف منه ، فأجابه الامام : إني خشيت أن يجيء يوم القيامة سبعون ألفا أو ثمانون أو أكثر أو أقل تنضح أوداجهم دما كلهم يستعدي الله فيم اهريق دمه ، وقريب من هذا ذكره ابن أبي الحديد فى شرح النهج 4 / 7.

(4) نوف البكالي : بفتح الباء وتخفيف الكاف ، كان من أصحاب أمير المؤمنين (ع) ، ونقل عن تغلب انه منسوب الى بكال قبيلة من همدان ، ويقال : بكيل وهو أكثر ، وقال ابن أبي الحديد : انه بكال بكسر الباء وهي قبيلة من حمير منهم هذا الشخص وهو نوف بن فضالة صاحب الامام علي (ع) جاء ذلك في التعليقات ص 354.

٧٧

وهو يريد الرجعة الى صفين ، فما دارت عليه الجمعة حتى ضربه ابن ملجم بالسيف(1) ، فهذا القول يروي لنا جيشا مسلحا كان متهيئا للحرب قد عدّ اسماء جماعة من قادته لهم السلطة على ثلاثين ألف جندي مسلح ولم يذكر لنا أسماء القادة الآخر الذين نصبهم الإمام على كتائب جيشه ولا كمية عدد الجيش الآخر ولا شك بأنهم كانوا يربون على عشرة آلاف ، هؤلاء جميعا قد بايعوا الحسن ونفروا معه الى حرب عدوه ، ويدل على ذلك ما رواه ( أبو الفداء ) ان الحسن تجهز الى حرب معاوية بالجيش الذي بايع أباه(2) ويؤيده أيضا ما ذكره ( ابن الأثير ) قال :

« كان أمير المؤمنين علي قد بايعه أربعون ألفا من عسكره على الموت لما ظهر ما كان يخبرهم به عن أهل الشام ، فبينما هو يتجهز للمسير قتلعليه‌السلام ، وإذا أراد الله أمرا فلا مرد له ، فلما قتل وبايع الناس ولده الحسن بلغه مسير معاوية في أهل الشام إليه فتجهز هو والجيش الذين كانوا بايعوا عليا وسار عن الكوفة الى لقاء معاوية »(3) .

ويؤكد ذلك حديث المسيب بن نجبة مع الامام في أمر الصلح قال له « ما ينقضي عجبي منك صالحت معاوية ومعك أربعون ألفا »(4) .

فعدد الجيش على هذه الروايات المتوافرة كان أربعين الفا ، وهو الذي يذهب إليه ، وقد ناقش سماحة الحجة المغفور له آل ياسين الروايات

__________________

(1) شرح النهج محمد عبده 2 / 132.

(2) تاريخ أبي الفداء 1 / 193.

(3) الكامل 3 / 61.

(4) شرح ابن أبي الحديد 4 / 6.

٧٨

المتقدمة واختار بعد التصفية والمناقشة ان عدده كان عشرين ألفا أو يزيد قليلا(1) .

ومهما كان الأمر فان الاختلاف في عدده ليس بذي خطر لأن الجيش مهما كان عدده كثيرا وخطيرا إذا كان مختلف الأهواء والنزعات لا بد وأن ينخذل ولا يحرز فتحا ونصرا ، لأن الاعتبار في النصر والظفر دائما إنما هو بالإخلاص والإيمان والعقيدة ووحدة الكلمة ، لا بالكثرة وضخامة العدد فكم فئة قليلة تضامنت فيما بينها ، واتحدت وتعاونت ، قد حازت النصر وفتحت فتحا مبينا ، وسحقت القوى المقابلة لها وإن كانت أكثر منها عدة وأعظم استعدادا أوفر قوة ، والجيش العراقي مهما بلغ عدده وبولغ في كثرته فانه مصاب بالاختلاف والتفكك والانحلال ومع ذلك فكيف يظفر بالنجاح وما ذا تفيده الكثرة؟ وضخامة العدد؟.

3 ـ وصف الجيش :

لا شك أن الجيش هو العماد الذي يقوم عليه عرش الدولة ، ويبتنى عليه كيانها ، وهو السياج الواقي للحكومة والشعب من الاعتداء ، وعليه المعول فى حفظ النظام وسيادة الأمن ، لكن فيما إذا كان مخلصا فى دفاعه ومؤمنا بحكومته ، وأما إذا كان خائنا أو لا ينظر لدولته إلا بنظر العداء والانتقام ويترقب الفرص للفتك بها وتمكين العدو منها ، فانها حتما لا تنجح في أي ميدان من ميادين الصراع الداخلي والخارجي ولا تفوز بالنجاح حينما يتلبد جوّها السياسى بالغيوم القاتمة والأخطار الفاتكة ، وكان الجيش العراقي الذي زحف مع الإمام لمحاربة معاوية قد ركس فى الفتنة وماج في الشقاء

__________________

(1) صلح الحسن ص 106.

٧٩

فكان خطره على الدولة أعظم من خطر معاوية ، وقد وصفه الشيخ المفيدرحمه‌الله وقسمه الى عناصر وقد أجاد فى وصفه وأبدع في تقسيمه ، قال طيب الله مثواه :

« واستنفر الناس للجهاد فتثاقلوا عنه ، ثم خفوا وخف معه أخلاط من الناس بعضهم شيعة له ولأبيه ، وبعضهم محكمة يؤثرون قتال معاوية بكل حيلة ، وبعضهم أصحاب فتن وطمع بالغنائم ، وبعضهم شكاك ، وبعضهم أصحاب عصبية اتبعوا رؤساء قبائلهم لا يرجعون الى دين »(1) .

وأعرب الشيخ المفيد نضّر الله مثواه في كلامه ـ أولا ـ عن كراهة الجيش للحرب ، وإيثاره للعافية ، ورغبته في السلم ، وأفاد ـ ثانيا ـ في تقسيمه ان الجيش ينقسم الى عناصر متباينة فى أفكارها ، مختلفة في عقائدها وهي كما يلي :

1 ـ الشيعة :

وهؤلاء فيما يظهر عدد قليل في الجيش العراقي ولو كانوا عددا كثيرا فيه ، لما أجبر أمير المؤمنين (ع) على التحكيم في صفين ولما صالح الحسن معاوية وهذا العنصر يخالف بقية العناصر في تفكيره وشعوره وإيمانه فهو يرى أن الخلافة من حقوق أهل البيت وانهم أوصياء النبي وحضنة الإسلام وحماته ، وطاعتهم مفروضة على جميع المسلمين.

__________________

(1) الارشاد ص 169 ، وذكر هذا المعنى بعينه علي بن محمد الشهير بابن الصباغ في الفصول المهمة ص 143 ، والأربلي فى كشف الغمة ص 161 ، والمجلسي في البحار 10 / 110.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

عظيمة لفاطمةعليها‌السلام .

( ٣٢٣ ) عن أبي هريرة : انّ الاقرع بن حابس أبصر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقبّل حسيناً ، فقال انّ لي عشرة من الولد ما فعلت هذا بواحد منهم ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من لا يَرحم لا يُرحم » المصدر.

( ٣٢٤ ) عن عائشة وأُمّ سلمة قالتا : أمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن نجهزّ فاطمة حتى ندخلها على علي ، فعمدنا الى البيت ففرشناه تراباً ليّناً من اعراض البطحاء ، ثم حشونا مرفقتين ليفاً فنفشناه بايدينا ، ثم اطعمنا تمراً وزبيباً ، وسقينا ماءً عذباً الى عود فعرضنا في جانب البيت ليلقى عليه الثوب ويعلقّ عليه السقاء ، فما رأينا عرساً أحسن من عرس فاطمة(١) .

الاعراض : الجوانب. مرفقتين : مخدتين.

( ٣٢٥ ) عن أبي رافع قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أذّن في أُذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة(٢) .

( ٣٢٦ ) عن عمر بن أبي سلمة : لما نزلت هذه الآية على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله :( انّما يُريدُ اللهُ ليذهبَ عنكم الرجسَ أهل البيتِ ويُطهّركم تطهيراً ) في بيت أُمّ سلمة ، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً فجللهم بكساء ، وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ، ثم قال : « اللهم هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ».

قالت أُمّ سلمة : وانا معهم يا نبي الله؟

قال : « انت على مكانك ، وانت على خير »(٣) .

__________________

(١) سنن ابن ماجه رقم ١٩١١ كتاب النكاح.

(٢) جامع الترمذي ٢ : ٩٣.

(٣) جامع الترمذي ٣ : ٩٢.

١٨١

 ( ٣٢٧ ) عن حبشي بن جنادة : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « علي منّي وأنا من علي ، ولا يؤدي عني إلاّ أنا أو علي »(١) .

( ٣٢٨ ) عن جابر بن عبدالله : انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي : « انت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ انّه لا نبي بعدي »(٢) .

( ٣٢٩ ) عن ابن عباس : انّ النبي أمر بسد الابواب إلاّ باب علي. المصدر.

( ٣٣٠ ) وعنه : أول من صلّى علي. المصدر.

( ٣٣١ ) وعن زيد بن ارقم : أول من أسلم علي. المصدر.

( ٣٣٢ ) عن حذيفة : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّ هذا ملك لم ينزل الارض قط قبل الليلة ، استاذن ربّه ان يسلّم عليَّ ويبشرني بانّ فاطمة سيدة نساء أهل الجنة ، وان الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة »(٣) .

( ٣٣٣ ) عن جابر : رأيت رسول الله في حجّة يوم عرفة وهو على ناقته القصوى يخطب فسمعته يقول : « يا أيّها الناس أنّي تركت فيكم ما ان أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي »(٤) .

( ٣٣٤ ) عن زيد بن ارقم : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّي تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا بعدي احدهما اعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء الى الارض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما »(٥) .

( ٣٣٥ ) حدثنا سهل بن أبي سهل ومحمّد بن إسماعيل قالا : حدثنا

__________________

(١) المصدر ٢١٤.

(٢) المصدر ٣ : ٢١٥.

(٣) المصدر ٣ : ٢٢٦.

(٤) المصدر ٣ : ٢٢٦.

(٥) المصدر ٣ : ٢٢٧.

١٨٢

عبدالسلام بن صالح أبو الصلت الهروي ، ثنا علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الايمان معرفة بالقلب ، وقول باللسان ، وعمل بالاركان ».

قال أبو الصلت : لو قرِىء هذا الاسناد على مجنون لبرأ(١) .

ولاية علي

( ٣٣٦ ) عن البراء بن عازب قال : اقبلنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّته التي حجّ ، فنزل في بعض الطريق ، فأمر الصلاة جامعة ، فأخذ بيد علي فقال : « ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ ».

قالوا : بلى.

قال : « ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ».

قالوا : بلى.

قال : « فهذا ولي من أنا مولاه ، أللّهمّ وال من والاه ، أللّهم عاد من عاداه »(٢) .

( ٣٣٧ ) عن عمران بن حصين قال : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جيشاً فاقبل اليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والغضب يعرف في وجهه فقال : « ما تريدون من علي ، ما تريدون من علي ، ما تريدون من علي ، انّ عليّاً مني وانا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن من بعدي »(٣) .

( ٣٣٨ ) عن أبي الطفيل يحدّث عن أبي سريحة أو زيد بن ارقم ـ شك شعبة ـ عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « من كنت مولاه فعليّ مولاه »(٤) .

__________________

(١) مقدمة المصدر : ٦٥.

(٢) مقدمة المصدر ١١٦.

(٣) جامع الترمذي ٣ : ٢١٣.

(٤) المصدر.

١٨٣

 ( ٣٣٩ ) عن سعد بن أبي وقاص قال : قدم معاوية في بعض حجّاته ، فدخل عليه سعد ، فذكروا علياً فنال منه ، فغضب سعد وقال : تقول هذا لرجل سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » وسمعته يقول : « انت مني بمنزلة هارون من موسى ، إلاّ انّه لا نبي بعدي » وسمعته يقول : « لاَُعطين الراية اليوم رجلاً يُحبّ الله ورسوله »(١) .

مزاج علي

( ٣٤٠ ) كان أبو ليلى يسمر مع عليٍّ ، فكان يلبس ثياب الصيف في الشتاء ، وثياب الشتاء في الصيف ، فقلنا لو سألته؟ فقال : انّ رسول الله بعث اليَّ وأنا أرمد العين يوم خيبر فتفل في عيني ثم قال : « اللّهم اذهب عنه الحر والبرد » قال : فما وجدت حرّاً ولا برداً بعد يومئذ ، وقال : « لاَبعثنَّ رجلاً يُحبّ الله ورسوله ويُحبُّه الله ورسوله ليس بفرار » فتشرَّف له الناس فبعث الى عليٍّ فأعطاه إياه(٢) .

( ٣٤١ ) عن ابن عمر : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة ، وأبوهما خير منهما »(٣) .

( ٣٤٢ ) عن حبشي بن جنادة قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « علي مني وأنا منه ، ولا يؤدّي عني إلاّ علي »(٤) .

( ٣٤٣ ) وعن علي : « انا عبدالله ، وأخو رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وانا الصدّيق الاَكبر ، لا يقولها بعدي إلاّ كذّاب ، صلّيت قبل الناس لسبع سنين »(٥) .

__________________

(١) مقدمة سنن ابن ماجة رقم ١٢١.

(٢) ( أي اعطى الراية اياه ) مقدمة سنن ابن ماجة رقم ١١٧.

(٣) مقدمة سنن ابن ماجة رقم ١٤٤.

(٤) المصدر.

(٥) المصدر رقم ١٢٠.

١٨٤

وعن الزوائد : هذا اسناد صحيح رجاله ثقات ، رواه الحاكم في المستدرك عن المنهال وقال : صحيح على شرط الشيخين.

( ٣٤٤ ) عن العباس بن عبد المطلب : كنّا نلقى النفر من قريش وهم يتحدّثون ، فيقطعون حديثهم ، فذكرنا ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « ما بال اقوام يتحدّثون ، فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم ، والله لا يدخل قلب رجل الايمان حتى يحبّهم لله ولقرابتهم مني »(١) .

( ٣٤٥ ) عن أبي هريرة : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من أحبَّ الحسن والحسين فقد أحبّني ، ومن ابغضهما فقد ابغضني »(٢) .

( ٣٤٦ ) عن يعلى بن مرّة : انّهم خرجوا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الى طعام دعوا له ، فإذا حسين يلعب في السكة ، فتقدّم النبي ، أمام القوم وبسط يديه ، فجعل الغلام يفرّ ههنا وههنا ويضاحكه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى أخذه ، فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والاُخرى في فأس رأسه فقبّله وقال : « حسين منّي وأنا من حسين ، اُحبَّ الله من أحبَّ حسيناً ، حسين سبط من الاَسباط »(٣) .

( ٣٤٧ ) عن زيد بن ارقم : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي وفاطمة والحسن والحسين : أنا سلم لمن سالمتم ، وحرب لمن حاربتم »(٤) .

( ٣٤٨ ) عن بريدة : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّ الله أمرني بحبّ أربعة ، وأخبرني انّه يحبّهم ».

قيل : يا رسول الله من هم؟

__________________

(١) مقدمة سنن ابن ماجة رقم ١٤٠.

(٢) المصدر رقم ١٤٣.

(٣) مقدمة سنن ابن ماجة رقم ١٤٤.

(٤) مقدمة سنن ابن ماجة رقم ١٤٥.

١٨٥

قال : « عليّ منهم ـ يقول ذلك ثلاثاً ـ وأبو ذر وسلمان والمقداد »(١) .

( ٣٤٩ ) عن بريدة : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يخطب ، فاقبل حسن وحسين عليهما قميصان احمران يعثران ويقومان ، فنزل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذهما فوضعهما في حجره ، فقال : « صدق الله ورسوله( انّما أموالكم وأولادكم فتنة ) رايت هذين فلم أصبر » ثم أخذ في خطبته(٢) .

( ٣٥٠ ) عن العامري : جاء الحسن والحسين يسعيان الى النبي ، فضمّهما اليه وقال : « انّ الولد مبخلة مجبنة »(٣) .

( ٣٥١ ) عن أُمّ الفضل : يا رسول الله رأيت كأن في بيتي عضواً من اعضائك ، قال : « خيراً رأيت ، تلد فاطمة غلاماً فترضعيه فولدت حسيناً أو حسناً فارضعته بلبن قثم »(٤) .

عدالةُ الصحابة

( ٣٥٢ ) عن عقبة بن عامر فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّي فرط لكم ، وانا شهيد عليكم ، وانّي والله انظر الى حوضي الآن وانّي اعطيت مفاتيح خزائن الارض أو مفاتيح الارض ، وأنّي والله ما اخاف عليكم ان تشركوا بعدي ، ولكن اخاف عليكم أن تنافسوا فيها »(٥) .

( ٣٥٣ ) عن مروان بن الحكم : شهدت عثمان وعلياً ، وعثمان ينهى عن المتعة وان يجمع بينهما ، فلمّا رأي عليٌّ أهل بهما : « لبيك بعمرة وحجة » ، قال : ما كنت لادع سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لقول أحد(٦) .

__________________

(١) المصدر رقم ١٤٩.

(٢) سنن ابن ماجة رقم ٣٦٠٠ كتاب اللباس.

(٣) سنن ابن ماجة رقم ٣٦٦٦.

(٤) سنن ابن ماجة رقم ٣٩٢٣ كتاب تعبير الرؤيا.

(٥) صحيح البخاري رقم ١٢٧٩ كتاب الجنائز.

(٦) صحيح البخاري رقم ١٤٨٨.

١٨٦

 ( ٣٥٤ ) عن سعيد بن المسيب قال : اختلف عليٌّ وعثمان ـ وهما بعسفان ـ في المتعة ، فقال عليٌّ : ما تريد إلاّ أن تنهى عن أمر فعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا راى ذلك عليٌّ أهلَّ بهما جميعاً(١) .

( ٣٥٥ ) عن اُسامة : اشرف النبي على اُطم من آطام المدينة فقال : « هل ترون ما أرى ، انّى لاَرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر »(٢) .

أقول : التشبيه بمواقع القطر يدلّ على عمومية الفتنة وشمولها. ثم الاطم : الحصون التي تبنى بالحجارة ، أو هو كلّ بيت مربع مسطح كما قيل.

( ٣٥٦ ) عن جابر : بينما نحن نصلّي مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ اقبلت من الشام عير تحمل طعاماً ، فالتفتوا اليها حتى ما بقي مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ اثنا عشر رجلاً ، فنزلت :( وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا اليها ) (٣) .

( ٣٥٧ ) وعن عبيد الله بن عمير : انّ أبا موسى الاشعري استاذن على عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فلم يؤذن له ـ وكأنّه كان مشغولاً ـ فرجع أبو موسى ، ففرغ عمر فقال : ألم اسمع صوت عبدالله بن قيس ائذنوا له.

قيل : قد رجع.

فدعاه ، فقال : كنّا نؤمر بذلك.

فقال تأتيني على ذلك بالبيّنة فانطلق الى مجلس الانصار فسألهم فقالوا : لا يشهد لك على هذا إلاّ اصغرنا أبو سعيد الخدري ، فذهب بأبي سعيد الخدري ، فقال عمر : أخفي هذا عليّ من أمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ألهاني الصفق بالاسواق. يعني الخروج الى تجارة(٤) .

__________________

(١) صحيح البخاري رقم ١٤٩٤ كتاب الحج.

(٢) صحيح البخاري رقم ١٧٧٩ كتاب فضائل المدينة.

(٣) صحيح البخاري رقم ١٩٥٣ ، وصحيح مسلم ٦ : ١٥٠.

(٤) صحيح البخاري رقم ١٩٥٦ ، وانظر صحيح مسلم ١٤ : ١٣٠ و١٣٤.

١٨٧

وفي بعض الروايات : وإلاّ أوجعتك ، وفي بعضها : فوالله لاُوجعنَّ ظهرك وبطنك أو لتأتين بمن يشهد لك. يستفاد منها أمران.

١ ـ انّ عمر لا يعتمد على قول الاشعري ، ولا يراه صادقاً ، فيطلب منه البيّنة عملاً بقوله تعالى :( ان جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا ).

٢ ـ قلّة علم عمر بالسنة القولية حتى عمّا يعلمه الصغار ، اشتغالاً بالمعاملة في السوق ، فهو رجل عمل لا رجل علم.

( ٣٥٨ ) عائشة في قصة الافك فقام سعد بن معاذ فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج ، وكان قبل ذلك رجلاً صالحاً ، ولكن احتملته الحمية ، فقال : كذبت لعمر الله لا تقتله ـ أي ابن أبي بن سلول ـ ولا تقدر على ذلك ، فقام اسيد بن الحضير فقال : كذبت لعمر الله ، والله لنقتلنه ، فانك منافق تجادل عن المنافقين ، فثار الحيان ( الاوس والخزرج ) حتى هموا ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على المنبر ، فنزل فخفّفهم حتى سكتوا وسكت(١) .

( ٣٥٩ ) قال عروة أيضاً : لم يسم من أهل الافك أيضاً إلاّ حسان بن ثابت ، ومسطح بن اثاثة ، وحمنة بنت جحش في ناس آخرين(٢) .

ومسطح بدري.

( ٣٦٠ ) عن انس فلما اتاه ـ أي عبدالله بن أُبي ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : اليك عنّي ، والله لقد آذاني نتن حمارك ، فقال رجل من الانصار منهم : والله لحمار رسول الله أطيب ريحاً منك ، فغضب لعبدالله رجل من قومه فشتمه ، فغضب لكلّ واحد منهما اصحابه ، فكان بينهما ضرب بالجريد والاَيدي والنعال ، فبلغنا انّها اُنزلت :( وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا

__________________

(١) صحيح البخاري رقم ٢٥١٨ كتاب الشهادات ، وانظر صحيح مسلم ١٧ : ١٠٩.

(٢) صحيح البخاري رقم ٣٩١٠ كتاب المغازي.

١٨٨

بينهما ) (١) .

انظر ثم تفكّر هل يصح أن يقال بانّ الصحابة كلّهم عدول؟! لعن الله العصبية الحمقاء(٢) .

( ٣٦١ ) عن المسور ومروان ـ في قصة الحديبية ـ : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لاصحابه : « قوموا فانحروا ثم احلقوا ».

قال : فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات ، فلمّا لم يقم منهم أحد دخل على اُمّ سلمة فذكر لها ما لقي من الناس(٣)

( ٣٦٢ ) عن عبيد الله بن أبي رافع قال : سمعت علياً فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقينّ الثياب ، فاخرجته من عقاصها ، فاتينا به رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإذا فيه : من حاطب بن أبي بلتعة الى اناس من مشركين ولا رضاً بالكفر بعد الاسلام ، فقال رسول الله : « لقد صدقكم » قال عمر : يا رسول الله دعني اضرب عنق هذا المنافق(٤) .

الحديث يدلّ أوّلاً : على انّ حاطباً اخبر الكفار ببعض أمر رسول الله ، وهو حرام بلا شك ، وثانياً : على انّ عمر سبّه واستدعى قتله بعد تصديق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله باسلامه.

( ٣٦٣ ) وعن البراء : جعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على الرجالة يوم اُحد ـ وكانوا خمسين رجلاً ـ عبدالله بن جبير ، فقال : « ان رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى ارسل اليكم ، وان رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم

__________________

(١) صحيح البخاري رقم ٢٥٤٥.

(٢) انظر صحيح مسلم ١٢ : ١٥٩.

(٣) صحيح البخاري رقم ٢٥٨١ كتاب المشروط.

(٤) صحيح البخاري رقم ٢٨٤٥ كتاب الجهاد.

١٨٩

فلا تبرحوا حتى ارسل اليكم » قالوا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة فنهاهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان يجيبوه فما ملك عمر نفسه فقال(١)

( ٣٦٤ ) عن ابن عباس : فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : هجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢)

أقول : نسبة الهجر الى النبي المعصوم الذي لا ينطق إلاّ عن الوحي ليست منافية للعدالة وحدها ، بل ربّما للايمان أيضاً ، والله العاصم الغفور.

( ٣٦٥ ) ما يأتي في منازعة العباس وعلي وانّهما استبّا ، أي سب كلّ واحد صاحبه(٣) ، ويأتي فيها اعتقاد علي في الخليفتين ، وكذا اعتقاد العباس في حقهم(٤) ، وما قيل في تأويله ضعيف ولا يعتدّ به(٥) .

( ٣٦٦ ) عن انس : انّ اناساً من الانصار فقال لهم ( رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ) : « انكم سترون بعدي اثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله تعالى ورسوله على الحوض ».

قال انس : فلم نصبر(٦) .

قوله : اثرة ، اي استبداد بالاموال وحرمانكم منها.

أقول : المستبدون هم المهاجرون لا محالة.

( ٣٦٧ ) عن عاصم : سألت أنساً عن القنوت ، قال : قبل الركوع.

__________________

(١) صحيح البخاري رقم ٢٨٧٤ كتاب الجهاد ، وانظر سنن أبي داود ٣ : ٥٣.

(٢) صحيح البخاري رقم ٢٨٨٨ كتاب الجهاد.

(٣) صحيح البخاري رقم ٦٨٧٥ الاعتصام بالكتاب والسنة.

(٤) وهذا التساب وسب الخليفتين وقع في محضر جمع من الصحابة كعثمان وابن عوف والزبير وسعد وغيرهم ، ولم يقل أحد بأنّه مخالف لعدالة الصحابة ، والواقع انّهم لا يرونها في حق انفسهم وانّما هي اختراع الغلاة في حقهم.

(٥) انظر صحيح مسلم ١٢ : ٧٢ كتاب الجهاد.

(٦) صحيح البخاري رقم ٢٩٧٨ كتاب الخمس.

١٩٠

فقلت : انّ فلاناً يزعم انك قلت بعد الركوع.

فقال : كذب(١) .

( ٣٦٨ ) عن ابن عباس : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « تمشون حفاة ثم يؤخذ برجال من اصحابي ذات اليمين وذات الشمال فأقول : اصحابي ، فيقال : انّهم لم يزالوا مرتدّين على اعقابهم منذ فارقتهم ، فأقول : كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم( وكنت عليهم شهيداً ) (٢) .

وفي حديث آخر فأقول : يا رب اصحابي ، فيقول انك لا تدري ما أحدثوا بعدك( وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ـ الى قوله ـالحكيم ) قال : فيقال : انّهم لم يزالوا مرتدّين على اعقابهم(٣) .

( ٣٦٩ ) عن ابن ميمون : فقال ( العباس لعمر ) : ان شئت فعلت ، قال ( عمر ) : كذبت(٤) .

( ٣٧٠ ) وعنه : فقالوا اوص : يا أمير المؤمنين استخلف ، قال : ما أجد أحداً أحقّ بهذا الاَمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو عنهم راض ، فسمّى علياً وعثمان والزبير وطلحة وسعد وعبدالرحمن(٥) أقول : فلو كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله راضياً عن جميع اصحابه لبطل قول عمر هذا ، فلو كان كلّهم عدولاً لكانصلى‌الله‌عليه‌وآله عنهم راضياً لا محالة.

( ٣٧١ ) فقال ابن عباس : كذب عدو الله(٦) يريد به نوفاً البكالي

__________________

(١) صحيح البخاري رقم ٢٩٩٩ كتاب الجزية.

(٢) صحيح البخاري رقم ٣٢٦٣ كتاب الانبياء ، وانظر ٤٣٤٩ كتاب المغازي.

(٣) صحيح البخاري رقم ٦١٦١ كتاب الرقاق ، وانظر صحيح مسلم ١٧ : ١٩٤.

(٤) صحيح البخاري رقم ٣٤٩٧ كتاب المناقب.

(٥) صحيح البخاري رقم ٣٤٩٧ كتاب المناقب.

(٦) صحيح البخاري رقم ٤٤٤٨ كتاب التفسير.

١٩١

المؤمن ، لكنّ الظاهر انّ ابن عباس لم يقله ، وانّما وضعه عليه بعض الفاسقين.

( ٣٧٢ ) عن ابن عباس : أود أن اسأل عمر ، فقلت : يا أمير المؤمنين من المرأتان اللتان تظاهرتا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فما اتممت كلامي حتى قال : عائشة وحفصة(١) .

( ٣٧٣ ) عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : ذهبت اسّب حسان(٢)

أقول : إذاكان عروة يسبّ حسان الصحابي ـ مع أنّ سبّ المؤمن فسوق(٣) ـ فكيف يعتمد على رواياته؟ والله يعلم انّ كم افترى من لسان خالته.

( ٣٧٤ ) عن عبدالله ـ في تقسيم غنائم حنين ـ : فقال رجل : والله انّ هذه القسمة ما عدل فيها ، وما اريد فيها وجه الله(٤) .

( ٣٧٥ ) عن سالم : كان عبدالله بن عمر إذا قيل له الاحرام من البيداء ، قال : البيداء تكذبون فيها على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما أهلَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ من عند الشجرة حين قام به بغيره(٥) .

فعبدالله يرى انّ الصحابة يكذبون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومن جملة هؤلاء جابر بن عبدالله حيث نقل انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أهلَّ من البيداء(٦) .

( ٣٧٦ ) عن عائشة : فدخل عليَّ وهو غضبان ، فقلت : من اغضبك يا رسول الله ادخله النار ، قال : « أَوَما شعرت انّي أمرت الناس بأمر فإذا هم

__________________

(١) صحيح البخاري رقم ٤٦٣٠.

(٢) صحيح البخاري رقم ٥٧٩٨ كتاب الادب.

(٣) لا يقال ان حسان تلوث في قصة الاِفك؟ فانه يقال لاحق لعروة في سبّه حتى وان لم يتب حسان ولم يغفر الله ذنبه ولم تغفره عائشة. وهذا واضح. وعنه :صلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تسبوا أصحابي. وعنه : سباب المؤمن فسوق كما في البخاري برقم٦٦٥٦ كتاب الفتن.

(٤) صحيح مسلم ٧ : ١٥٨ كتاب الزكاة.

(٥) صحيح مسلم ٨ : ٩٢.

(٦) صحيح مسلم ٨ : ١٧٣.

١٩٢

يتردّدون »(١) .

أقول : لم يقبلوا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الاحلال من العمرة ، فانّه كان على خلاف عادتهم في الجاهلية كما يظهر من الاحاديث ، ومن اشد المنكرين في ذلك عمر كما هو معروف ومنصوص في الصحاح ، فعن أبي نضرة قال : كان ابن عباس يأمر بالمتعة ، وكان ابن الزبير ينهى عنها ، قال : فذكرت ذلك لجابر بن عبدالله ، فقال : على يديَّ دار الحديث ، تمتّعنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا قام عمر قال : انّ الله كان يحلّ لرسوله ما شاء بما شاء وإنّ القرآن قد نزل منازله ، فاتمّوا الحجّ والعمرة لله كما أمركم لله وأبتّوا نكاح هذه النساء ، فلن أُوتى برجل نكح امرأة الى أجل إلاّ رجمته بالحجارة(٢) .

وسيأتي في المقصد الثاني بعض الكلام في متعة الحج.

( ٣٧٧ ) عن ابن عباس : انّ سمرة باع خمراً فقال عمر : قاتل الله سمرة ، ألم يعلم انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال :« لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها »(٣) .

( ٣٧٨ ) عن أبي عبد الرحمن قال : خطب علي فقال : ايّها الناس اقيموا على ارقّائكم الحد من احصن منهم ومن لم يحصن ، فان أمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله زنت فامرني أن اجلدها(٤) .

( ٣٧٩ ) عن أبي اسحاق قال : سمعت البراء وسأله رجل من قيس أفررتم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم حنين؟ فقال البراء : ولكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم

__________________

(١) صحيح مسلم ٨ : ١٥٥.

(٢) صحيح مسلم ٨ : ١٦٨.

(٣) صحيح مسلم ١١ : ٧ ، وانظر سنن النسائي ٧ : ١٧٧. ( اجمل الشحم وجمله أي اذابه ).

(٤) صحيح مسلم ١١ : ٢١٤.

١٩٣

يفر ...

أقول : الفرار من الجهاد كبيرة تنافي العدالة وان لحقه العفو ، فانّ العفو عن العقاب شيء وبقاء العدالة شيء آخر.

( ٣٨٠ ) عن علي بن أبي طالب : فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال : « ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا...»(١) .

( ٣٨١ ) عن زيد بن خالد : انّ رجلاً من اصحاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله توفّي يوم خيبر ، فذكروا ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : « صلّوا على صاحبكم » فتغيّر وجوه الناس لذلك ، فقال : « انّ صاحبكم غلّ في سبيل الله » ففتّشنا متاعه فوجدنا خرزاً من خرز اليهود لا يساوي درهمين(٢) .

( ٣٨٢ ) عن عبدالله وحذيفة ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعنَّ رجال منكم ثم ليختلجنَّ دوني فاقول : يا رب اصحابي! فيقال : انّك لا تدري ما أحدثوا بعدك! »(٣) .

أقول : الخطاب في قوله ( منكم ) متوجّه الى الحاضرين ، فلا يشمل من خالف أبا بكر في اداء الزكاة(٤) .

( ٣٨٣ ) عن انس ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ليردنَّ عليَّ ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اختلجوا دوني ، فاقول : اصحابي! فيقول : لا تدري ما أحدثوا بعدك »(٥) .

__________________

(١) سنن أبي داود ٣ : ٦٥ كتاب الجهاد.

(٢) المصدر ص٦٨.

(٣) صحيح البخاري رقم ٦٢٠٥ كتاب الرقاق ورقم ٦٦٤٢ كتاب الفتن.

(٤) انظر صحيح مسلم ١٤ : ٥٩.

(٥) صحيح البخاري رقم ٦٢١١ كتاب الرقاق.

١٩٤

 ( ٣٨٤ ) عن سهل بن سعد : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّي فرطكم على الحوض ، من مرَّ عليَّ شرب ، ومن شرب لم يظمأ أبداً ليردنَّ عليَّ أقوام اعرفهم ويعرفونني ، ثم يحال بيني وبينهم فقال ( النعمان ) : اشهد على أبي سعيد الخدري لسمعته وهو يزيد فيها : « فاقول : انّهم منّي ، فيقال : انّك لا تدري ما احدثوا بعدك ، فاقول : سحقاً سحقاً لمن غير بعدي »(١) .

( ٣٨٥ ) عن أبي هريرة ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يرد عليَّ يوم القيامة رهط من أصحابي ، فيجلون عن الحوض فأقول : « يا رب أصحابي! فيقول : انّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، انّهم ارتدّوا على ادبارهم القهقرى »(٢) .

( ٣٨٦ ) عن ابن المسيب ، انّه كان يحدّث عن اصحاب النبي : انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « يرد عليَّ الحوض رجال من اصحابي فَيُحَلَّؤن عنه ، فأقول : يا رب اصحابي ، فيقول : انّك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، انّهم ارتدّوا على أدبارهم القهقرى(٣) . ورواه أبو هريرة أيضاً.

( ٣٨٧ ) عن اسماء بنت أبي بكر : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّي على الحوض حتى انظر من يرد عليَّ منكم ، وسيؤخذ ناس دوني ، فاقول : يا رب منّي ومن اُمتّي ، فيقال : هل شعرت ما عملوا بعدك؟ والله ما برحوا يرجعون على اعقابهم ».

فكان ابن أبي مليكة يقول : اللّهم انّا نعوذ بك أن نرجع على اعقابنا أو نفتن عن ديننا »(٤) .

__________________

(١) صحيح البخاري رقم ٦٢١٢ كتاب الرقاق ، وصحيح مسلم ١٤ : ٥٣ و٥٤. ( سحقا أي بعدا ).

(٢) صحيح البخاري رقم ٦٢١٣ كتاب الرقاق.

(٣) صحيح البخاري رقم ٦٢١٤.

(٤) صحيح البخاري رقم ٦٢٢٠ كتاب الرقاق ، صحيح مسلم ١٤ : ٥٥.

١٩٥

 ( ٣٨٨ ) وعن أبي هريرة ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « بينا أنا نائم إذا زمرة حتى عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمَّ.

فقلت : أين؟

قال : الى النار والله.

قلت : وما شأنهم؟

قال : انّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى.

ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم ، فقال : هلمَّ.

قلت : أين.

قال : الى النار.

قلت : ما شأنهم.

قال : انّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، فلا أراه يخلص منهم ، إلاّ همل(١) النعم »(٢) .

( ٣٨٩ ) وعن أبي هريرة : انّ سعد بن عبادة الانصاري قال : يا رسول الله أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلاً أيقتله؟

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا ».

قال سعد : بلى ، والذي كرمك بالحق.

فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اسمعوا الى ما يقول سيدكم »(٣) .

__________________

(١) الهمل : ضوال الاِبل ، واحدها : هامل. اي انّ الناجي منهم قليل في قلة النّعم الطالة « النهاية لابن الاثير ٥ : ٢٧٤ ».

(٢) صحيح البخاري رقم ٦٢١٥ كتاب الرقاق.

(٣) صحيح مسلم ١٠ : ١٣١.

١٩٦

 ( ٣٩٠ ) وعن ابن عباس : قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالموعظة فقال : « أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم ، وانّه سيؤتى برجال من اُمّتي فيؤخذ بهم ذات الشمال ، فاقول : ربّ أصحابي ، فيقال : انّك لا تدري ما احدثوا بعدك فيقال : هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم »(١) .

( ٣٩١ ) عن عائشة : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول وهو بين ظهراني اصحابه : « انّي على الحوض انتظر من يرد عليَّ منكم ، فوالله ليقتطعنَّ دوني رجال ، فلاَقولنّ أي ربّ منّي ومن اُمتّي ، فيقول : انّك لا تدري ما عملوا بعدك ، ما زالوا يرجعون على اعقابهم »(٢) .

( ٣٩٢ ) عن اُم سلمة فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّي لكم فرط على الحوض ، فإيّاي لا يأتينَّ أحدكم فيُذَبّ عنّي كما يذبُّ البعير الضّال ، فاقول : فيم هذا؟ فيقال : انّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول : سحقاً »(٣) .

( ٣٩٣ ) عن عقبة بن عامر : انّ رسول الله فقال : « انّي فرط لكم وانّي والله لاَنظر إلى حوضي الآن وانّي والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكن أخاف عليكم أن تتنافسوا فيها »(٤) .

أقول : ربّما يدلّ الحديث على انّ سبب الارتداد والمنع عن الحوض هو التنافس في الدنيا.

وفي رواية أُخرى : ان تتنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا فكانت آخر ما رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على المنبر.

__________________

(١) جامع الترمذي ٣ : ٧٨.

(٢) صحيح مسلم ١٥ : ٥٦.

(٣) صحيح مسلم ١٥ : ٥٦.

(٤) صحيح مسلم ١٥ : ٥٧.

١٩٧

 ( ٣٩٤ ) عن قيس : قلت لعمار ولكن حذيفة أخبرني عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في أصحابي اثنا عشر منافقاً، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط...(١) .

( ٣٩٥ ) عن حذيفة كنّا نخبر انّهم ( اصحاب العقبة ، وهي عقبة في طريق تبوك ) أربعة عشر واشهد بالله انّ اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد فقال : « انّ الماء قليل فلا يسبقني اليه أحد » فوجد قوماً قد سبقوه فلعنهم يومئذ(٢) .

( ٣٩٦ ) عن عائشة ـ كما في صحيح مسلم ـ : صنع رسول الله أمراً فترخص فيه ، فبلغ ذلك ناساً من اصحابه فكأنهم كرهوه وتنزّهوا عنه ، فبلغه ذلك فقام خطيباً فقال : « ما بال رجال بلغهم عنّي أمر ».

وفي رواية : فغضب حتى بان الغضب في وجهه.

( ٣٩٧ ) عن أبي هريرة ـ في قصة رجم الاسلمي ـ : فسمع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رجلين من اصحابه حتى رجم رجم الكلب فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار ».

فقال يا نبي الله من يأكل من هذا؟

قال : « فما نلتما من عرض اخيكما آنفاً اشدّ من أكل منه »(٣) .

أقول : فراجع كتاب حدود السنن لاَبي داود ففيه ذكر من زنى أو زنت أو شرب الخمر من الصحابة.

( ٣٩٨ ) عن عائشة : لمّا نزل عذري قام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بالرجلين

__________________

(١) صحيح مسلم ١٧ : ١٢٤.

(٢) صحيح مسلم ١٧ : ١٢٦.

(٣) سنن أبي داود ٤ : ١٤٦ كتاب الحدود.

١٩٨

والمرأة فضربوا حدّهم(١) .

أي حسان بن ثابت ، ومسطح بن اثاثة ، وحمنة بنت جحش.

( ٣٩٩ ) عن قيس قال : قلت لعمار : أرأيتم صنيعكم هذا الذي صنعتم في أمر علي ، أرأياً رأيتموه أو شيئاً عهده اليكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ما عهد الينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً لم يعهده الى الناس كافة ، ولكن حذيفة أخبرني عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « في اصحابي اثنا عشر منافقاً ، فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سمّ الخياط ، تكفيكهم الدبيلة » وأربعة لم احفظ ما قال شعبة فيهم(٢) !

أقول : فسر الدبيلة في حديث آخر : بسراج من النار ، وزاد : يظهر في اكتافهم حتى ينجم من صدروهم. وانت إذا دقّقت في هذا الكلام تعرف انّ عماراً طبّق هؤلاء على مقاتلي علي ، ويؤيده انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له : « تقتلك الفئة الباغية الداعية الى النار ». وقد أخرج الحاكم عن أبي سعيد الخدري وصحّحه انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعلي : « انّك تقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ».

( ٤٠٠ ) عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : سورة التوبة ، قال : التوبة؟ قال : بل الفاضحة ، ما زالت تنزل ومنهم ومنهم حتى ظنوا ان لا يبقى منّا أحد إلاّ ذكر فيها(٣) .

( ٤٠١ ) عن المسور بن مخرمة : انّ عمر فقال المغيرة بن شعبة : شهدت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ( عمر ) : ائتني بمن يشهد معك ، فاتاه

__________________

(١) المصدر ص١٦٠.

(٢) صحيح مسلم ١٧ : ١٢٤.

(٣) صحيح مسلم ١٨ : ١٦٥.

١٩٩

بمحمد بن مسلمة(١) .

( ٤٠٢ ) عن علي بن أبي طالب قال : « كنت إذا سمعت من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حديثاً وإذا حدّثني عنه غيره استحلفته ، فإذا حلف صدّقته »(٢) .

( ٤٠٣ ) عن عبدالله بن عمرو : كان على ثقل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رجل يقال له كركرة فمات ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « هو في النار » فذهبوا ينظرون ، فوجدوا عليه كساء أو عباءة قد غلّها(٣) .

( ٤٠٤ ) عن ابن مسعود بعرفات : « ألا وانّي فرطكم على الحوض وأكاثر بكم الاُمم ، فلا تسوّدوا وجهي! ألا وانّي مستنقذ اُناساً ومستنقذ منّي اُناس ، فاقول : يا ربي اصحابي؟ فيقول : انّك لا تدري ما أحدثوا بعدك »(٤) .

( ٤٠٥ ) عن ابن عباس : كانت امرأة تصلّي خلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حسناء من أحسن الناس ، قال : وكان بعض القوم يتقدم في الصف الاَول لئلا يراها ، ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخّر إذا ركع ، يعني نظر من تحت ابطه ، فانزل الله عزّ وجلّ :( ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين ) (٥) .

أقول ولو كان للمسلم ذرة عقل وحياء لم يقل بعدالة جميع الصحابة مع هذه الاحاديث وغيرها.

__________________

(١) سنن أبي داود ٤ : ١٩٠ كتاب الديات ، وفي سنن ابن ماجه ـ كتاب الفرائض برقم ٢٧٢٤ فقال المغيرة بن شعبة : حضرت رسول الله ( ص ) فقال أبو بكر : هل معك غيرك؟ فقام محمّد بن مسلمة...

(٢) سنن ابن ماجه رقم ٣٩٥ اقامة الصلاة.

(٣) سنن ابن ماجه رقم ٢٨٤٩ الجهاد.

(٤) المصدر ٣٠٥٧ المناسك.

(٥) انظر سنن النسائي ٣ : ٦٦ ، وجامع الترمذي أيضاً.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561