نظرة عابرة الى الصحاح الستة

نظرة عابرة الى الصحاح الستة10%

نظرة عابرة الى الصحاح الستة مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 561

نظرة عابرة الى الصحاح الستة
  • البداية
  • السابق
  • 561 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 268348 / تحميل: 8680
الحجم الحجم الحجم
نظرة عابرة الى الصحاح الستة

نظرة عابرة الى الصحاح الستة

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وقال الميرزا عبد الله الأفندي ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) ـ بعد أن نقل قول المجلسي ـ : وأقول : فعلى قول النجاشي ، فالطبرسي من رواة هذه الرسالة لا أنّه جامعها ، فتأمّل.

ثمّ ذكر ما في أوّل نسخة الطبرسي ، ثمّ قال : ثمّ ليعلم أنّ لكتاب صحيفة الرضا ( عليه السلام ) طرقاً عديدة سوى طريق الشيخ الطبرسي من طرق الخاصّة والعامّة ، ولنذكر في هذا المقام طائفة من طرقها التي وصلت إلينا ممّا يتمّ به في المرام ، ثمّ ذكر أربع طرق أُخرى للصحيفة ، وقال : والظاهر أنّ هؤلاء الرجال كلّهم من طرق العامّة اللهم إلاّ نادراً فليلاحظ. بعدها ذكر طريقين آخرين(١) .

وهذه الأسانيد تنتهي كلّها إلى أبي القاسم عبد الله بن أحمد الطائي ، عن أبيه ، عن الرضا ( عليه السلام )(٢) .

وقال الميرزا النوري ( ت ١٣٢٠ هـ ) : ويعبّر عنه أيضاً بمسند الرضا ( عليه السلام ) كما في مجمع البيان ، وبالرضويّات كما في كشف الغمّة ، وهو من الكتب المعروفة المعتمدة الذي لا يدانيه في الاعتبار والاعتماد كتاب صنّف قبله أو بعده ، وهو داخل في فهرست كتاب الوسائل ، إلاّ أنّ له نسخاً متعدّدة وأسانيد مختلفة ، ويزيد متن بعضها على بعض ، واقتصر صاحب الوسائل على نسخة الشيخ الطبرسي ( قدس سره ) وروايته ، وكأنّه لم يلتفت إلى اختلافها أو لم يعثر على باقيها ، وقد عثرنا على بعضها وأخرجنا منها ما ليس في نسخة الطبرسي ، فرأيت أن أُشير إلى الاختلاف وأذكر الطرق ، فلربّما وقف الناظر على خبر نقلته أو نقل منها ولا يوجد في النسخة المعروفة ، فلا يبادر إلى التخطئة ، وقد جمعها الفاضل الميرزا عبد الله في

____________

١ ـ رياض العلماء ٤ : ٣٤٦ ، ٣٥٠.

٢ ـ الذريعة ١٥ : ١٧ [ ٩٢ ].

٨١

رياض العلماء ، ونحن نسوقها بألفاظه ، ثمّ أورد ما ذكره صاحب الرياض.

ثمّ ذكر أنّه عثر على نسخة السند الأخير الذي ذكره صاحب الرياض ، وأنّ فيها ما ليس في مسند الشيخ الطبرسي ( قدس سره ) ، ثمّ قال : ويأتي في الفائدة الثالثة في ذكر مشايخ عماد الدين الطبري سند آخر إليها ذكره في كتابه بشارة المصطفى(١) .

ثمّ ذكر طريق الطبرسي ( قدس سره ) ، وقال بعده : ولا يخفى أنّ من راجع كتب الصدوق سيّما عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، وأمالي المفيد ، وترجمة عبد الله وأبيه أحمد الطائي ، وغيرها ، علم أنّ هذه الصحيفة المباركة من الأُصول المشهورة المتداولة بين الأصحاب ، ثمّ أورد ما قاله النجاشي(٢) .

وقال الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الذريعة : صحيفة الرضا ، المعبّر عنها بمسند الرضا ، وبالرضويّات أيضاً ، وصحيفة أهل البيت كما يظهر من بعض أسانيده ، وقد أحصى بعض الأصحاب أحاديثها فوجدها ٢٤٠ حديثاً ، وهي منسوبة إلى الإمام على بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، مرويّة عنه بأسانيد متعدّدة(٣) .

وقال المير حامد حسين ( ت ١٣٠٦ هـ ) صاحب عبقات الأنوار : ولا يخفى أنّ كتاب صحيفة الرضا ( عليه السلام ) من الكتب المعروفة المعتمدة ، والأُصول المشهورة المستندة ، وصحّة انتسابها إلى الإمام الرضا ـ عليه أزكى السلام والتحيّة والثناء ـ من خلال أقوال أكابر أعلام وأجلّة عظماء أهل السنّة ظاهر وواضح ، ثمّ أورد بعض أقوال أهل السنّة فيها(٤) .

____________

١ ـ بشارة المصطفى : ٢١٥ ، وذكره في خاتمة المستدرك ٣ : ١٧.

٢ ـ خاتمة المستدرك ١ : ٢١٧.

٣ ـ الذريعة ١٥ : ١٧ [ ٩٢ ].

٤ ـ عبقات الأنوار ( حديث مدينة العلم ، قسم السند ) ٥ : ٢٠ مترجم من الفارسية.

٨٢

والنسخة المطبوعة المحقّقة من قبل الشيخ محمّد مهدي نجف ، هي النسخة المعروفة المشهورة في الأوساط العلميّة بنسخة الطبرسي ( رحمه الله ) ، وسندها : أخبرنا الشيخ الإمام الأجلّ العالم الزاهد الراشد ، أمين الدين ، ثقة الإسلام ، أمين الرؤساء ، أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي أطال الله بقاءه ، في يوم الخميس غرّة شهر الله الأصمّ رجب سنة تسع وعشرين وخمسمائة ، قال : أخبرنا الشيخ الإمام السعيد الزاهد أبو الفتح عبيد الله بن عبد الكريم بن هوازن القشيري أدام الله عِزّه ، قراءة عليه داخل القبّة التي فيها قبر الرضا ( عليه السلام ) غرّة شهر الله المبارك رمضان سنة إحدى وخمسمائة ، قال : حدّثني الشيخ الجليل العالم أبو الحسن علي بن محمّد بن علي الحاتمي الزوزني ، قراءة عليه سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن هارون الزوزني بها ، قال : أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الله بن محمّد ، حفدة العباس بن حمزة النيشابوري ، سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة ، قال : حدَّثني أبي سنة ستّين ومائتين ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر(١) .

وهذه النسخة محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة المسجد الأعظم العامرة بقم المشرّفة ضمن المجموعة المرقّمة [ ٢٧٤٥ ](٢) .

وقال المحقّق : امتازت هذه النسخة ، إضافة إلى كونها أقدم نسخة وصلت إلينا من الصحيفة ، برواية الشيخ الطبرسي ( قدس سره ) ، بسنده عن أبي القاسم عبد الله بن أحمد الطائي ، وبقراءة المولى عبد الخالق بن المولى عبد

____________

١ ـ صحيفة الرضا : ٣٩.

٢ ـ صحيفة الرضا : ٢٧ ، وصف الأُصول المعتمدة.

٨٣

العلي البيهقي على العالم الفاضل المولى حسين بن علي البيهقي السبزواري المشتهر بالكاشفي ، في أواخر شعبان سنة ( ٨٧٢ هـ ) ، وبيان طريقه لرواية هذه الصحيفة ، نصّه :

« بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله الذي نوّر شجرة النبوّة بأنوار الهداة ، وزيّن حدائق الولاية بأزهار أسرار الكُمَّل الثقات ، والصلاة على مظهر جوامع الكلم المسلسلات محمّد وآله وعترته عيون المعارف العينيّة المخصّصات.

أما بعد ، فقد قرأ الصحيفة الرضويّة بتمامها المولى المعظّم ، افتخار الصلحاء ، زين الأتقياء ، جامع الصفات الرضويّة ، ومجمع الخلال المرضيّة ، مولانا نظام الملّة والدين عبد الخالق بن المولى الرفيع ، والعارف المنيع ، أُسوة العرفاء ، قدوة الطرفاء ، مولانا تاج الملّة والدين عبد العلي البيهقي أدام الله ظلّهما ، على الفقير الكسير الكثير التقصير حسين بن علي الواعظ المشتهر بالكاشفي ، غفر الله ذنوبه ، وستر عيوبه ، وأنا أرويها عن والدي روّح الله روحه ، وهو يرويه عن الفاضل العلاّمة محمّد بن عبد الله ، وهو عن شيخه الكامل تاج الدين إبراهيم بن القصاع الطبسي ، وهو عن شيخه الكامل مولانا تاج الدين علي تركة الكرماني ، وهو عن شيخه شيخ الإسلام غياث الدين هبة الله بن يوسف ، عن جدّه صدر الدين إبراهيم بن محمّد بن المؤيّد الحموي ، عن ابن عساكر ، عن أبي روح الصوفي الهروي ، عن زاهر بن طاهر ، قال : أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد السكّاكي ، قال : أخبرنا أبوالقاسم بن حبيب ، قال : أخبرنا محمّد بن عبد الله ابن محمّد النيسابوري ، قال : أخبرنا ، أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثني الإمام أبو الحسن علي بن موسى الرضا ، عن آبائه إلى حضرة الرسالة ( صلى الله عليه وآله ) ، وأنا أجزته أن يرويها

٨٤

عنّي بالشرائط المعتبرة ، وكان ذلك في أواخر شعبان سنة اثني وسبعين وثمانمائة »(١) .

وقد ذكر المحقّق في مقدّمته أحد عشر طريقاً آخر غير هذين الطريقين ، منها طريق الشيخ الصدوق ( رضي الله عنه ) في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، وهو : حدَّثنا أبو الحسن محمّد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمرو الرود في داره ، قال : حدَّثنا أبو بكر بن محمّد بن عبد الله النيسابوري ، قال : حدَّثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر بن سُليمان الطائي بالبصرة ، قال : حدَّثنا أبي في سنة ستّين ومائتين ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة(٢) .

ولكنّه لم يذكر الطريقين الآخرين للصدوق ، وهي : وحدَّثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور ، قال : حدَّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمّد الخوري ، قال : حدَّثنا جعفر بن محمّد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور ، قال : حدَّثنا أحمد بن عبد الله الهروي الشيباني ، عن الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ).

وحدَّثني أبو عبد الله الحسين بن محمّد الأشناني الرازي العدل ببلخ ، قال : حدَّثنا علي بن محمّد بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سُليمان الفرّاء ، عن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، قال : حدّثني أبي موسى بن جعفر(٣) .

وقال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) في ترجمة أحمد بن عامر بن سُليمان

____________

١ ـ صحيفة الرضا ( عليه السلام ) : ٢٧ ، وصف الأُصول المعتمدة.

٢ ـ عيون أخبار الرضا ٢ : ٢٨ ح ٤ ، وصحيفة الرضا ( عليه السلام ) : ١٤ ، نحن وأسانيد الصحيفة.

٣ ـ عيون أخبار الرضا ٢ : ٢٨ ح ٤.

٨٥

الطائي : قال عبد الله ابنه ـ في ما أجازنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم ـ حدَّثنا أبي ، قال : حدَّثنا عبد الله ، قال : ولد أبي سنة سبع وخمسين ومائة ، ولقي الرضا ( عليه السلام ) سنة أربع وتسعين ومائة ، رفع(١) إليّ هذه النسخة ( نسخة عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي ) أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسى الجندي ، شيخنا ( رحمه الله ) ، قرأتها عليه ، حدّثكم أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن عامر ، قال : حدَّثنا أبي ، قال : حدَّثنا الرضا علي بن موسى ( عليه السلام ) ، والنسخة حسنة(٢) .

وكذا قال في ترجمة عبد الله بن أحمد بن عامر : روى عن أبيه ، عن الرضا ( عليه السلام ) نسخة ، قرأت هذه النسخة على أبي الحسن أحمد بن محمّد بن موسى ، أخبركم أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر عن أبيه ، عن الرضا ( عليه السلام )(٣) .

وهذا أبو القاسم عبد الله بن عامر هو الذي تنتهي إليه طرق معظم النسخ.

وقد عرّف المحقّق في مقدّمته عدّة نسخ خطيّة للصحيفة :

منها : ما في خزانة مخطوطات مكتبة البحّاثة المحقّق الأُستاذ فخر الدين نصيري أميني ، وهي بتاريخ ( ٧٦١ هـ ).

ومنها : ما في مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي بقم وتاريخها ( ٨٥١ هـ ).

ومنها : في المكتبة الرضويّة وهي بتاريخ ( ٨٨١ هـ ).

ومنها : النسخة المار ذكرها سابقاً في مكتبة المسجد الأعظم بقم(٤) .

____________

١ ـ في طبعة أُخرى دفع.

٢ ـ رجال النجاشي : ١٠٠ [ ٢٥٠ ].

٣ ـ رجال النجاشي : ٢٢٩ [ ٦٠٦ ].

٤ ـ صحيفة الرضا ( عليه السلام ) : ٢٦ ، وصف الأُصول المعتمدة.

٨٦

وقد طبعت الصحيفة مرّة أُخرى بتحقيق مدرسة الإمام المهدي ( عليه السلام ) على نسخ خطيّة أُخرى إضافة إلى ما اعتمده الشيخ محمّد مهدي نجف ، وزادوا في أسانيد الصحيفة ، وأوصلوها إلى ( ٨٠ ) سنداً(١) .

ولصحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) أسانيد أُخرى تنتهي إلى داود بن سُليمان الغازي ، عن الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، أفردناها تحت عنوان مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، تمييزاً لها عمّا جاء برواية أحمد بن عامر الطائي.

____________

١ ـ صحيفة الإمام الرضا ( عليه السلام ) ( بتحقيق مدرسة الإمام المهدي ( عج ) ) ، مقدّمة التحقيق.

٨٧
٨٨

(٥) مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) ( ت ٢٠٣ هـ )

برواية داود بن سليمان الغازي

الحديث :

يقول الشيخ المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في سند هذا المسند(١) : وجدتُ بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي ، نقلا من خطّ الشيخ الشهيد محمّد بن مكّي ـ قدس الله روحهما ـ ما هذه صورته : يروي السيّد الفقيه الأديب النسّابة شمس الدين أبو علي فخّار بن معد جزءاً فيه أحاديث مسندة عن علي بن موسى الرضا الإمام المعصوم ـ عليه الصلاة والسلام ـ قراءة على الشيخ أبي طالب عبد الرحمن بن محمّد بن عبد السميع الهاشمي الواسطي ، وأنّهاه في ذي الحجّة سنة أربع عشرة وستمائة في منزل الشيخ بقرى واسط ، ورأيتُ خطّه له بالإجازة ، وإسناد الشيخ عن أبي الحسن علي بن أبي سعد محمّد بن إبراهيم الخبّاز الأزجي ، بقراءته عليه عاشر صفر سنة سبع وخمسين وخمسمائة ، عن الشيخ أبي عبد الله الحسين ابن عبد الملك بن الحسين الخلاّل ، بقراءة غيره عليه ، وهو يسمع ، في يوم الجمعة رابع صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، عن الشيخ أبي أحمد حمزة بن فضالة بن محمّد الهروي بهراة ، عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم

____________

١ ـ هذا الحديث منقول من جزء فيه أحاديث وصل إلى العلاّمة المجلسي بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي ( الجباعي ).

٨٩

ابن محمّد بن عبد الله بن يزداد بن علي بن عبد الله الرازي ثمّ البخاري ببخارى ، قرئ عليه في داره في صفر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني بقزوين ، قال : حدّثنا داود بن سليمان بن يوسف بن أحمد الغازي ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبيه عن آبائه بأسمائهم في كلّ سند إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله )

وبهذا الإسناد ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « كأنّي قد دعيت فأجبت ، وإنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما »(١) .

داود بن سليمان الغازي :

قال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : داود بن سليمان بن جعفر أبو أحمد القزويني ، ذكره ابن نوح في رجاله ، له كتاب عن الرضا ( عليه السلام )(٢) .

وذكره الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في أصحاب الرضا ( عليه السلام ) ، وقال : داود ابن سليمان بن يونس بن أحمد الغازي ، أسند عنه ( عليه السلام ) ، روى عنه ابن مهرويه(٣) .

وذكره ابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) في قسم الثقات من كتابه ، ونقل قول النجاشي(٤) .

وقال الكاظمي ( القرن الحادي عشر ) : ابن جعفر القزويني

____________

١ ـ البحار ١٠ : ٣٦٦ ح ١٨ ، كتاب الاحتجاج.

٢ ـ رجال النجاشي : ١٦١ [ ٤٢٦ ] ، وانظر : جامع الرواة ١ : ٣٠٤ ، مجمع الرجال ٢ : ٢٨٤ ، معجم رجال الحديث ، ٨ : ١١٣ [ ٤٤٠٧ ] ، منهج المقال : ١٣٥.

٣ ـ رجال الطوسي : ٣٥٧ [ ٥٢٩٢ ] ، في أصحاب الرضا ( عليه السلام ).

٤ ـ رجال ابن داود : ٩٠ [ ٥٨٨ ] ، القسم الأوّل.

٩٠

الممدوح(١) ، وعدّه في الحاوي في الضعفاء(٢) .

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) ـ بعد أن نقل عبارة النجاشي ـ : وظاهره كونه إماميّاً ، واستظهر الوحيد من عبارة الجنابذي(٣) كونه عاميّاً ، واستشهد لذلك بكون عادته وصل سنده إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، يعني أنّه يروي عن الرضا ( عليه السلام ) ، عن آبائه ، عن علي ، عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله )(٤) وأنت خبير بأنّ مجرّد نقل الجنابذي كونه ممّن يروي عن الرضا ( عليه السلام ) لا يدلّ على كونه عاميّاً ، مع أنّ الموجود في عبارة الجنابذي كما تسمعها في ترجمة عبد الله بن العبّاس القزويني(٥) إنّما هو سليمان بن داود لا داود بن سليمان ، فسهى قلم الوحيد ( رحمه الله ) في النسبة(٦) ، وأمّا وصله السند إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلا يدلّ على كونه عاميّاً ، إذ لعلّه لإلقاء الحجّة على الخصم ، وإلاّ فالعامّي

____________

١ ـ هداية المحدّثين : ١٩٩.

٢ ـ حاوي الأقوال ٣ : ٤٥٥ [ ١٥٤٨ ].

٣ ـ انظر عبارة الجنابذي في كشف الغمّة ٣ : ٥٨ ، قال بعد أن ترجم للرضا ( عليه السلام ) روى عنه عبد السلام بن صالح الهروي ، وداود بن سليمان ، وعبدالله بن العبّاس القزويني وطبقتهم.

٤ ـ منهج المقال ( مع تعليقة البهبهاني ) : ١٣٥ ، ولكنّه قال بعده : مع احتمال كون حاله مثل حال عبد السلام بن صالح.

وقال في ترجمة عبد السلام بن صالح الهروي أبو الصلت ( ص ١٩٣ ) ـ بعد أن نقل قول الجنابذي أيضاً ـ : ربّما يتوهّم كونه عاميّاً من أمثال هذا ، وذكرنا مراراً أنّ أمثال هؤلاء ظهر من الخارج تشيّعهم ، نعم ، يشعر بأنّه مخالط للعامّة وراو لأحاديثهم كما ذكره ( رحمه الله ) ، أي الاسترابادي.

٥ ـ تنقيح المقال ٢ : ١٩٥ ، منهج المقال ( التعليقة ) : ٢٠٤.

٦ ـ الموجود في كشف الغمّة داود بن سليمان ، وكذا في ترجمة عبد السلام بن صالح أبو الصلت في تعليقة الوحيد ( ص ١٩٣ ) ، فالظاهر أنّه ( رحمه الله ) سهى قلمه في ترجمة عبدالله بن العبّاس القزويني ( ص ٢٠٤ ) وقلب الاسم ، ولم يكن السهو منه في أنّ من ترجم له هو ما ذكره الجنابذي ، فتأمّل.

٩١

الذي لا يقول بإمامتهم لا يعتمد غالباً على روايتهم ( عليهم السلام ) أيضاً. وبالجملة : فلا يرفع اليد عن ظاهر كلام النجاشي الذي أصّلنا في الفائدة التاسعة عشرة دلالة عنوانه للرجل من دون غمز في مذهبه على كونه إماميّاً ، بمثل هذه الأوهام نعم ، لم يرد في الرجل ما يلحقه بالحسان نعم ، في المشتركات أنّه ممدوح ، انتهى(١) .

ولكن المفيد ( ت ٤١٣ هـ ) قال في الإرشاد : فصل : فممّن روى النصّ على الرضا علي بن موسى ( عليهما السلام ) بالإمامة من أبيه ، والإشارة إليه منه بذلك ، من خاصّته وثقاته وأهل الورع والعلم والفقه من شيعته : وداود ابن سليمان(٢) .

ثمّ روى عنه وقال : بهذا الإسناد ، عن محمّد بن علي ، عن أبي علي الخزّاز ، عن داود بن سيلمان ، قال : قلت لأبي إبراهيم ( عليه السلام ) : إنّي أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك ، فأخبرني من الإمام بعدك؟ فقال : « ابني فلان » ، يعني أبا الحسن ( عليه السلام )(٣) .

والظاهر أنّه نقلها من الكافي(٤) .

فقال التفرشي ( القرن الحادي عشر ) في ترجمة داود بن سليمان بن جعفر أبي أحمد القزويني : ويحتمل أن يكون هذا هو الذي ذكره المفيد ( رحمه الله ) في إرشاده ، حيث قال : ، ونقل ما في كلام المفيد(٥) .

____________

١ ـ تنقيح المقال ١ : ٤١٠ ، وانظر : أعيان الشيعة ٦ : ٣٧٢.

٢ ـ إرشاد المفيد ( ضمن مصنّفات الشيخ المفيد المجلّد ١١ ) ٢ : ٢٤٨.

٣ ـ إرشاد المفيد ( ضمن مصنّفات الشيخ المفيد المجلّد ١١ ) ٢ : ٢٥١.

٤ ـ الكافي ١ : ٣١٣ ح ٨ ، كتاب الحجّة ، باب : الإشارة والنص على أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ). وعن الكليني ، الطوسي في الغيبة : ٣٨ ، وأيضاً أعلام الهدى ٢ : ٤٦.

٥ ـ نقد الرجال ٢ : ٢١٣ [ ١٨٨٢ ].

٩٢

وعلّق عليه البهبهاني ( ت ١٢٠٥ هـ ) بقوله : واحتمل في نقد الرجال كونه هو الذي وثّقه المفيد ، ولعلّه لا يخلو عن بعد ، فتأمّل(١) .

ونقل الشيخ أبو علي ( ت ١٢١٦ هـ ) عن تعليقة البهبهاني ، قوله : إلاّ أنّ اتّحاد الذي وثّقه المفيد مع المذكور عن النجاشي محلّ نظر ، وإن احتمله فى النقد أيضاً(٢) . وهذه العبارة غير موجودة في التعليقة ، فلعلّها من كلام أبي علي نفسه.

وقال المامقاني ( ت ١٣٥١ هـ ) في ترجمة القزويني في نهاية كلامه الذي أوردناه آنفاً : وأمّا احتمال كون الرجل هو الآتي الذي وثّقه المفيد ( رحمه الله ) ، فهو كما ترى ، فتدبّر.

ثمّ ترجم مباشرة لداود بن سليمان الذي ذكره المفيد ، وساق كلام المفيد وما رواه عنه في النصّ على الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، والرواية التي بعدها عن نصر بن قابوس ، ثمّ قال : فإنّ خبر داود نصّ في كونه إماميّاً ، وقال أيضاً : وعلى كل حال فوثاقة داود بن سليمان ينبغي الإذعان بها بشهادة المفيد ( رحمه الله ) ، واتّحاده مع سابقه غير بعيد ، والله العالم(٣) .

وعلّق في القاموس ، أقول : الأصل في روايته ، الكافي في النصّ عليه ( عليه السلام ) ، وقد نقل الجامع(٤) خبر الكافي في داود بن سليمان الحمّار الكوفي لا القزويني.

فإن قيل : إنّ الحمّار لم ينقل روايته عن غير الصادق ( عليه السلام ).

قلت : القزويني أيضاً لم ينقل روايته عن غير الرضا ( عليه السلام ) أيضاً ، وهذا

____________

١ ـ تعليقة البهبهاني : ١٣٥.

٢ ـ منتهى المقال ٣ : ٢٠١ ، وانظر : خاتمة المستدرك ٧ : ٣٥٨ [ ٨٧٢ ].

٣ ـ تنقيح المقال ١ : ٤١٠.

٤ ـ جامع الرواة ١ : ٣٠٤.

٩٣

روى عن الكاظم ( عليه السلام )(١) .

وقال أيضاً في ترجمة داود بن سليمان الحمّار : بل يتّحد معه أيضاً داود ابن سليمان الآتي عن الإرشاد(٢) .

أقول : هذه الرواية التي رواها الكليني والمفيد ، رواها الصدوق في عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبي علي الخزاز ، عن داود الرقي ، لا داود بن سليمان ، قال : نصّ آخر : حدَّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ( رضي الله عنه ) ، قال : حدَّثنا محمّد ابن الحسن الصفّار ، قال : حدَّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبد الله بن محمّد الحجال وأحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن أبي علي الخزّاز ، عن داود الرقي ، قال : قلت لأبي إبراهيم ـ يعني موسى الكاظم ( عليه السلام ) ـ : فداك أبي ، إنّي كبرت وخفت أن يحدث بي حدث ولا ألقاك فأخبرني من الإمام من بعدك؟ فقال : « ابني علي ( عليه السلام ) »(٣) .

ولا يخفى أتمّية عبارة هذه الرواية ممّا موجود في الكافي ، ولكن الكافي مقدّم عند الكلّ ، فتأمّل.

وعلى كلّ ، قد دار الاحتمال بين ثلاثة :

فإمّا على كونه داود الرقي ، فلا يكون له علاقة بالمترجم له.

وإمّا على كونه الحمّار ، فإنّ في الرواية : « إنّي أخاف أن يحدث حدث ولا ألقاك » ، ويوضّح ذلك في الرواية الثانية ـ على فرض أنّهما رواية واحدة ـ فإنّ فيها : « إنّي كبرت وخفت أن يحدث بي حدث ولا ألقاك »

____________

١ ـ قاموس الرجال ٤ : ٢٤٤ [ ٢٧٢٩ ].

٢ ـ قاموس الرجال ٤ : ٢٤٣ [ ٢٧٢٧ ].

٣ ـ عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) ١ : ٣٣ ح ٨ ، الباب : (٤).

٩٤

فيظهر منه أنّه كان كبير السن ، وخاف الحدث في وقت سؤاله للإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، وكبر سنّه يرجّح كونه قد صحب الإمام الصادق ( عليه السلام ) قبل ذلك ، ثمّ صحب الإمام الكاظم ( عليه السلام ) وسأله عن الإمام بعده.

ومن خلال هذا يتّضح الأمر في الاحتمال الثالث وبُعد كونه الغازي القزويني ، خاصّة وقد عدّه صاحب الجامع الحمّار ، وهو خرّيت الصناعة.

وقد ترجم للغازي الرافعي ( ت ٦٢٣ هـ ) في التدوين ، قال : داود بن سليمان بن يوسف الغازي أبو أحمد القزويني ، شيخ اشتهر بالرواية عن علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، ويقال : إنّ علياً كان مستخفياً في داره مدّة مكثه بقزوين ، وله نسخة عنه يرويها أهل قزوين عن داود ، كإسحاق بن محمّد ، وعلي بن محمّد بن مهروية ، وغيرهما(١) .

وقال أيضا في ترجمة الرضا ( عليه السلام ) : قد اشتهر اجتياز علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) بقزوين ، ويقال : إنّه كان مستخفياً في دار داود بن سليمان الغازي ، روى عنه النسخة المعروفة ، روى عنه إسحاق بن محمّد ، وعلي ابن محمّد بن مهرويه ، وغيرهما(٢) .

وقد ضعّفه العامّة وكذّبه الذهبي ، كما ذكر ذلك صاحب الأعيان ، وأجاب عليه : ويظهر ممّا مرّ أنّ تكذيب الذهبي له المعلوم حاله ، إنّما هو لروايته من الفضائل ما لا تقبله عقولهم ، مع أنّه ليس فيما نقلوه من الروايات عنه نكارة ، ولا ما يوجب الجزم بكذبه. وقول ابن حجر عن بعضها : إنّه ركيك اللفظ ، لعلّه من هذا القبيل ، والأحاديث لم تنقل لبيان الفصاحة والبلاغة ، ولو جاءت هذه الأحاديث لبيان ما يوافق الهوى لم

____________

١ ـ التدوين في أخبار قزوين ٣ : ٣

٢ ـ التدوين في أخبار قزوين ٣ : ٤٢٨.

٩٥

يلتفت إلى أنّها ركيكة أو قويّة(١) .

وعلى كلّ حال فالرجل مسكوت عنه في كتبنا لم يذكر بمدح أو قدح ، سوى أنّه من أصحاب الرضا ( عليه السلام ).

مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) برواية داود بن سليمان الغازي :

ذكر النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) أنّ له كتاباً ، قال : له كتاب عن الرضا ( عليه السلام ) ، أخبرني محمّد بن جعفر النحوي ، قال : حدَّثنا الحسين بن محمّد الفرزدق القطعي ، قال : حدَّثنا أبو حمزة بن سليمان ، قال : نزل أخي داود بن سليمان ، وذكر النسخة(٢) .

وقد مرّ عن رجال الطوسي أنّه أسند عن الرضا ( عليه السلام ) ، وروى عنه ابن مهرويه(٣) .

وهناك نسخة مطبوعة برواية ابن مهرويه ، حققّها السيّد محمّد جواد الجلالي ، وقدّم لها السيّد محمّد حسين الجلاّلي مقدّمة ضافية ترجم فيها للغازي القزويني ، وذكر عدّة طرق للنسخة ، وطريقه إليها أيضاً ، ومواصفات وسند النسخة المعتمدة الموجودة في مكتبة آية الله المرعشي النجفي بقم برقم ( ٥٣٥٨ )(٤) .

____________

١ ـ أعيان الشيعة ٦ : ٣٧٣.

٢ ـ رجال النجاشي : ١٦١ [ ٤٢٦ ].

٣ ـ رجال الطوسي : ٣٥٧ [ ٥٢٩٢ ].

٤ ـ انظر مسند الإمام الرضا ( عليه السلام ) برواية داود بن سليمان الغازي ، تحقيق السيّد محمّد جواد الحسيني الجلالي ، المقدّمة التي كتبها السيّد محمّد حسين الحسيني الجلالي للكتاب.

٩٦

أمّا النسخة التي أوردنا منها حديث الثقلين ، فهي جزء فيه أحاديث بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي ( الجباعي ) وصلت إلى العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) ، وأوردها في البحار ، قال : وجدت بخطّ الشيخ محمّد بن علي الجبائي نقلاً عن خطّ الشيخ الشهيد محمّد بن مكي ( قدس سرهما ) ما هذه صورته :

يروي السيّد الفقيه الأديب النسّابة شمس الدين أبو علي فخار بن معد ، جزءاً فيه أحاديث مسندة ، عن علي بن موسى الرضا الإمام المعصوم عليه الصلاة والسلام ، قراءة على الشيخ أبي طالب عبد الرحمن بن محمّد ابن عبد السميع الهاشمي الواسطي ، وأنهاه في ذي الحجّة سنة أربع عشرة وستمائة في منزل الشيخ بقرى واسط ، ورأيت خطّه له بالإجازة ، وإسناد الشيخ عن أبي الحسن علي بن أبي سعد محمّد بن إبراهيم الخبّاز الأزجي ، بقراءته عليه عاشر صفر سنة سبع وخمسين وخمسمائة ، عن الشيخ أبي عبد الله الحسين بن عبد الملك بن الحسين الخلاّل ، بقراءة غيره عليه ، وهو يسمع ، في يوم الجمعة رابع صفر سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، عن الشيخ أبي أحمد حمزة بن فضالة بن محمّد الهروي بهراة ، عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن يزداد بن علي بن عبد الله الرازي ثمّ البخاري ببخارى ، قرئ عليه في داره في صفر سنة سبع وتسعين وثلاثمائة ، قال : حدَّثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني بقزوين ، قال : حدَّثنا داود بن سليمان بن يوسف بن أحمد الغازي ، قال : حدَّثني علي بن موسى الرضا ( عليه السلام ) ، عن أبيه ، عن آبائه ( عليهم السلام ) بأسمائهم في كلّ سند إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) « الإيمان إقرار باللسان ، ومعرفة بالقلب ، وعمل بالأركان ».

٩٧

قال علي بن مهرويه : قال أبو حاتم محمّد بن إدريس الرازي : قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي : لو قرئ هذا الإسناد على مجنون لأفاق ، قال الشيخ أبو إسحاق : سمعت عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي ، يقول : كنت مع أبي بالشام ، فرأيت رجلا مصروعاً ، فذكرت هذا الإسناد ، فقلت : أُجرب هذا ، فقرأت عليه هذا الإسناد ، فقام الرجل ينفض ثيابه ، ومرّ(١) .

____________

١ ـ البحار ١٠ : ٣٦٦.

٩٨

(٦) أصل ( كتاب ) محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ( القرن الثالث )

الحديث :

حدَّثنا الشيخ أبو محمّد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبري ـ أيّده الله ـ قال : حدَّثنا محمّد بن همام ، قال : حدَّثنا حميد بن زياد الدهقان ، قال : حدَّثنا أبو جعفر أحمد بن زيد بن جعفر الأزدي البزّاز(١) :

قال : حدَّثنا محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي ، قال : حدَّثنا جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي ، ثمّ أورد عدّة روايات(٢) ، ثمّ بعده :

جعفر بن محمّد ، عن ذريح ، قال : حدَّثني عمر بن حنظلة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) « إنّ رسول الله مرّ على قبر قيس بن فهد الأنصاري

قال : وقال : « نحن ورثة الأنبياء ».

قال : « وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : تركت فيكم الثقلين : كتاب الله وأهل بيتي ، فنحن أهل بيته »(٣) .

____________

١ ـ إلى هنا سند رواية أصل الحضرمي ، بطريق هارون بن موسى التلعكبري.

٢ ـ الأُصول الستّة عشر : ٨٣ ، أصل محمّد بن المثنى الحضرمي.

٣ ـ الأُصول الستّة عشر : ٨٧ ـ ٨٨ ، أصل محمّد بن المثنى الحضرمي.

٩٩

محمّد بن المثنى بن القاسم الحضرمي :

قال النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) : محمّد بن مثنى بن القاسم ، كوفي ، ثقة له كتاب(١) .

وقال العلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) : محمّد بن مثنى بن القاسم ، كوفي ثقة(٢) . ومثله ابن داود ( ت ٧٠٧ هـ ) ، ورمز له : لم ( جش )(٣) ، أيّ رجال الشيخ فيمن لم يرو عنهم ( عليهم السلام ) ، والنجاشي.

ولكن الشيخ ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست عنونه : محمّد بن القاسم بن المثنى ، له كتاب(٤) ، ولم يذكره في رجاله بأيّ من العنوانين.

وعلّق على ذلك التفرشي ( القرن الحادي عشر ) في النقد بقوله : ويحتمل أن يكون هذا والذي سيجيء بعنوان : محمّد بن المثنى بن القاسم واحد(٥) ، ونقله البهبهاني في التعليقة ، وأضاف : وهو الظاهر بقرينة الرواة(٦) .

فإنّ طريق النجاشي للكتاب نفس طريق الطوسي ، كما سيأتي.

وأضاف أبو علي الحائري ( ت ١٢١٦ هـ ) : ويؤيّده عدم وجود ابن القاسم بن المثنى في غير الفهرست ، ويعضده وجود مثنى بن القاسم دون القاسم بن المثنى ، فتدبّر(٧) .

____________

١ ـ رجال النجاشي : ٣٧١ [ ١٠١٢ ].

٢ ـ خلاصة الأقوال : ٢٦٤ [ ٩٤١ ] ، القسم الأوّل ، وانظر : حاوي الأقوال ٢ : ٢٧٦ [ ٦٤٠ ] ، منتهى المقال ٦ : ١٧٥ [ ٢٨٤٨ ].

٣ ـ رجال ابن داود : ١٨٢ [ ١٤٩١ ] ، القسم الأوّل ، وانظر : معالم العلماء : ١٠٩ [ ٧٣٤ ] ، وعنونه : محمّد بن القاسم المثنى ، والبلغة : ٤١٤.

٤ ـ فهرست الطوسي : ٤٣١ [ ٦٧٥ ].

٥ ـ نقد الرجال ٤ : ٣٠١ [ ٥٠١٣ ] ، وانظر : تنقيح المقال ٣ : ١٧٥ [ ١١٢٦٩ ].

٦ ـ منهج المقال ( مع تعليقة البهبهاني ) : ٣١٦.

٧ ـ منتهى المقال ٦ : ١٦٣ [ ٢٨٢٩ ].

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

كيف ومرّ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أسرّ إلى أبي هريرة وعائين من العلم ، وانّه لم يبث إلاّ وعاء واحداً ولو بث الوعاء الثاني لقطع حلقومه ، وكذا مرّ اخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بما يكون إلى يوم القيامة لجمع من الاصحاب ، فكيف يقبل هذا ولا يقبل ذاك؟ وما هو الفارق بينهما سوى العصبية البغيضة ، فهل يحصل الائتلاف والاتحاد بين المسلمين بهذا التفريق ، وهل يرضى به نبينا الخاتمصلى‌الله‌عليه‌وآله أو ربّنا جلّ جلاله؟ وهل يرضى مسلم عاقل أن نقبل كلّ ما يقول أبو هريرة ولا نقبل ما ينقل عن علي وأولاده العلماء الصالحين؟

( الثالث ) : نفرض الرجعة باطلة لكنّها لا علاقة لها بردّ الاَحاديث الكثيرة المروية عن أبي جعفر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فان بطلان الآراء لا يضر بصحة الروايات إذا كان الراوي مسلماً صادقاً ، وهل يمكن لاَحد أن يدعي أنّ رواة الكتابين وغيرهما كلّهم بريئون عن الآراء الباطلة مطلقاً؟ أليس عمران بن الحطان الخارجي يروي عنه البخاري مع انّه يمدح قاتل علي بن أبي طالب بقوله :

ياضـربة من تقـي ما أراد بها

إلاّ ليبلغ من ذي العرش رضوانا

انّي لاَذكره يــوماً فأحســبه

أوفى البـرية عنــد الله ميزانا

 هل الحارث وجابر أسوأ من مروان بن الحكم؟ وقال العجلي في حق عمر بن سعد الذي قاد الجيش إلى كربلاء وباشر قتال الحسين سيد شباب أهل الجنة وأهله وأصحابه : تابعي ثقة ، روى عنه الناس!! ولو دخلنا في هذا الباب لطال بنا الكلام ، لعن الله العصبية الحمقاء ورزقنا الله الانصاف وحب الحقّ واتباعه وان يصلح أمر هذه الامّة باصلاح علمائها أولاً وبتبدل اُمرائها ثانياً.

وعلى كلّ ، فقد اعتمد على جابر ابن ماجة في السنن فروى عنه في

٣٠١

عدة موارد ، منها في كتاب التجارات رقم ٢٢٤١ ، وفي الديات برقم ٢٤٤٧ ، وفي تعبير الرؤيا برقم ٣٩٠٥ ، وفي كتاب النكاح برقم ١٩١١ ، وغير ذلك.

( الرابع ) : انّ ما نقله سفيان عن الرافضة ( الشيعة ) : انّ عليّاً في السحاب ، ونقله النووي في شرحه عن القاضي عياض شيء يبرأ منه الشيعة ويقولون انّه من مفتريات أعدائهم عليهم ، وأنا اُكذب أيضاً هذا النقل عنهم ، فانّي بعد تتبّعي الشديد في كتبهم الكلامية والاعتقادية وكتب أحاديثهم لم أجده ، بل وجدت في بحار الاَنوار انّه كانت للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عمامة يعتم بها يقال لها السحاب : فكساها عليّاً ، وكان ربّما طلع فيها فيقول : « أتاكم علي في السحاب » يعني عمامته التي وهبها له(١) . ولم أجد شيعياً يعتقد انّه في السحاب على ما نسب اليهم سفيان والقاضي سامحهما الله.

وبهذه المناسبة أريد أنّ أنصح المحقّقين والمتتبعين في عقائد أهل المذاهب أن لا يكتفوا بما نقل في كتب غيرهم فانّ كثيراً من أهل المذاهب لا يتورعون عن الكذب والمغالطة والمبالغة في ابطال سائر المذاهب وتقبيحها بكل وجه أمكنهم وعليه شواهد كثيرة ولو أراد أحد استيفائها لاحتاج إلى تأليف ، فلابدّ لفهم آراء أهل المذاهب ـ بل الاَديان ـ من مراجعة كتبهم نفسها ولا يعتمد على ما ينقل عنهم غيرهم.

بناء الاسلام على الخمس

( ٥٥٤ ) عن عبدالله بن عمر : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « بني الاِسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، واقام الصلاة ، وايتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان »(٢) .

__________________

(١) بحار الانوار ١٦ : ٢٥١.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ١ : ١٨٣.

٣٠٢

 ( ٥٥٥ ) وعن ابن عباس قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « آمركم بأربع الايمان بالله » ثم فسّرها لهم فقال : « شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله ، واقام الصلاة ، وايتاء الزكاة ، وأن تؤدّوا خمس ما غنمتم »(١) .

أقول : الشهادة إسلام ، والاِيمان اعتقاد.

( ٥٥٦ ) وعن أبي ذر : قلت يا رسول الله أي الاَعمال أفضل؟ قال : « الايمان بالله ، والجهاد في سبيله »(٢) .

ولاحظ المصدر تجد بقية الاحاديث فيه باختلاف في ترتيب تفاضل الاعمال.

تنقيص النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله

( ٥٥٧ ) وعن أبي هريرة فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة ، والربيع الجدول فاحتفزت(٣) كما يحتفز الثعلب! ، فدخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « يا أبا هريرة اذهب بنعليّ هاتين ممّن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلاّ الله مستيقناً بها قلبه فبشره بالجنة ، فكان أول من لقيت عمر فضرب عمر بيده بين ثديي فخررت لاَستي!! ، فقال : ارجع يا ابا هريرة ، فرجعت إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأجهشت بكاء قال عمر : يا رسول الله أبعثت أبا هريرة بنعليك قال : « نعم » قال : فلا تفعل فانّي اخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فخلهم »(٤) .

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ١ : ١٨٣.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ٧٣.

(٣) أي تضاممت وجمعت بدني.

(٤) صحيح مسلم بشرح النووي ١ : ٢٣٤ ـ ٢٤٠.

٣٠٣

أقول : المستفاد من هذه الرواية امور :

١ ـ انهيار شخصية أبي هريرة عند نفسه حيث يشبه نفسه بالثعلب ويذكر استه واجهاشه بالبكاء ، ومن يحقّر نفسه هكذا فلا يسلم من الكذب والدناءة لا محالة.

٢ ـ اعطاء النعلين له للعلامة على صدقه ، وهذه اهانة اخرى له كما لا يخفى ، إنْ لم يكن قد كذب في خبره.

٣ ـ كثرة اشفاق عمر على الدين والموحدين من اشفاق النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على الدين والاُمّة.

٤ ـ انّ عمر أعلم من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بتدبير الموحدين واصلاح حالهم.

أليس هذا منافيّاً لتوقير النبي الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله واهانة له؟ وجعله محكوماً وجعل عمر حاكماً.

ثم انّ مضمون الحديث رواه غيره أيضاً ، ولم ينقل عن السامعين أنّ أحداً منهم ترك العمل الصالح اتكالاً عليه ، وقد خفي على الواضع انّ الشهادة بالتوحيد مستيقناً يمكن انفكاكها عن العمل الصالح والاجتناب عن المحرمات ، فانّ اليقين بالله أعظم حاجز عن المعصية واكبر داع إلى الطاعة ، وانّ منشأ العصيان هو الشكّ والنبي الاَكرم قيّد الشهادة باليقين ، فكيف يعقل انصرافه عن أمره بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فخلهم؟! » على انّ النبي الاَكرم ـ كما في قوله تعالى ـ :( وما ينطق عن الهوى إن هو إلاّ وحي يوحى ) (١) ، فيجب على كلّ مسلم الطاعة والقبول ، فكيف صحّ لمسلم أن يقبل كون عمر آمراً والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مأموراً مثلاً(٢) .

__________________

(١) النجم ٥٣ : ٣.

(٢) وحديث أبي ذر أوسع من هذه الرواية ، وقد أفشاه أبو ذر وحدّث به ولم يضل به الناس وفيه : « ما من عبد قال لا إله إلاّ الله ثم مات على ذلك إلاّ دخل الجنة ».

٣٠٤

٥ ـ انّ عمر ضرب أبا هريرة ، وضرب المسلم بلا وجه حرام ، فإمّا أن يكون عمر ارتكب محرّماً ، وإمّا انّه يعرف انّ أبا هريرة مستحقاً للضرب. والثاني أولى عند أهل الخبرة!

وجوب الاَمر بالمعروف

( ٥٥٨ ) أوّل من بدأ بالخطبة قبل الصلاة مروان ، فقام اليه رجل فقال : الصلاة قبل الخطبة ، فقال : قد ترك ما هنالك ، فقال أبو سعيد سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده ، فان لم يستطع فبلسانه ، فان لم يستطع فبقلبه ، وذلك اضعف الايمان »(١) .

أقول : وفي شرح النووي : وقيل أوّل من بدأ بالخطبة قبل الصلاة عثمان رضي الله عنه ، وقيل عمر رضي الله عنه لما رأى الناس يذهبون عند تمام الصلاة ولا ينتطر الخطبة وقيل أوّل من فعله معاوية ، وقيل فعله ابن الزبير.

وأمّا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « فليغيّره » فهو أمر ايجاب باجماع الاُمّة ولم يخالف في ذلك إلاّ بعض الرافضة ولا يعتد بخلافهم كما قال الامام أبو المعالي امام الحرمين : لا يكترث بخلافهم(٢) .

__________________

قلت : وإن زنى وسرق.

قال : « وإن زنى وسرق ».

قلت : وإن زنى وسرق.

قال : « وإن زنى وسرق ».

قلت : وإن زنى وسرق.

قال : « وان زنى وسرق » ثلاثاً ثم قال في الرابعة : « على رغم أنف أبي ذر ». صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ٩٤. فما هو موقف عمر وأبي هريرة تجاه هذا الحديث؟

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ٢١ ـ ٢٥.

(٢) شرح النووي ٢ : ٢١ و ٢٢.

٣٠٥

أقول : أمّا بدعة مروان الاموي فلا كلام لنا عليها فلمروان افعال أكبر منها ، وقد ادّعى بعضهم الاجماع على تقديم الصلاة عليها كما نقله النووي ، وهو كذلك.

وأمّا نسبة عدم وجوب الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلى بعض الرافضة فلم افهم مراده من هذا البعض ، فان الشيعة الامامية ـ كما يظهر من كتب احاديثهم وفقههم ـ متفقون على وجوبها بلا خلاف ، بل عدّوهما من أعظم الواجبات العشرة ( الصلاة ، والزكاة ، والحج ، والجهاد ، والخمس ، والصوم ، والامر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، والتولي ، والتبري ) فأي فائدة في هذه الافتراءات بين الطائفتين المسلمتين. واكبر من هذا ادعائه وادعاء امامه بعدم الاعتداد في اجماع الاُمّة بمخالفة الرافضة ( الشيعة ) وهم ما يقرب من مائة مليون مسلم في البلاد الاسلامية؟! ولهم علماء مجتهدون وافاضل محققون ، وربما أفرط بعض كتاب الشيعة أيضاً فيدعون الاجماع ولا يعتدون بمخالفة علماء أهل السنة ، وانا أقول أي منفعة للاسلام والمسلمين في هذا التحقير المتبادل؟ فهل اصبحنا رحماء على الكفّار أشدّاء بيننا؟ نعوذ بالله منه.

وعلى كلّ ، لا يفهم معنى القول المنسوب اليهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « وذلك اضعف الايمان » بعد فرض كونه غير مستطيع باليد واللسان ، ولذا أوّله بعضهم بأقله ثمرة!

هل الايمان يمان؟

( ٥٥٩ ) عن أبي هريرة : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « جاء أهل اليمن هم أرق

٣٠٦

أفئدة ، الايمان يمان ، والفقه يمان ، والحكمة يمانية »(١) .

أقول : ورواه البخاري أيضاً ( برقم ٣٣٠٨ فضائل الصحابة ) بحذف الجملة الوسطى ، فالحديث متفق عليه بين الشيخين ، لكنّه كذب لفقّه أبو هريرة لمدح أهل اليمن فانّه يمني ، والعجب منهما كيف ابتليا بالغلو في حق من يسمّى بالصحابي ، وكلّ عاقل يعرف انّ الايمان مكي ومدني والفقه مدني وكذا الحكمة ان اريد بها ما أراده الله منها في كتابه ، وان اريد بها الفلسفة فهي يونانية ، نعم ايمان أبي هريرة يمان.

ومن بدائع الغلو تفسير اليمن بمكة أو بها وبالمدينة صوناً لكذب شيخ المضيرة! ولكن للشيخ انتاج آخر حول يمنه اسمع له : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « انّ الله يبعث ريحاً من اليمن ألين من الحرير، فلا تدع أحداً في قلبه مثقال ذرة ( حبة ) من ايمان إلاّ قبضته »(٢) .

أقول : وعلى هذا فالموت أيضاً يمان! لكن عبدالله بن عمرو يحدّث في حديث طويل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام ، فلا يبقى على وجه الاَرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو ايمان إلاّ قبضته »(٣) .

أقول : فاختر كذب أحد النقلين ولا تكن من المقلّدة المتأوّلين الذين يبنون على الاَوهام.

اثر التكفير

( ٥٦٠ ) عن ابن عمر : انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « إذا كفّر الرجل أخاه فقد باء

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ٤٠.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ١٣٢.

(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ١٨ : ٧٦.

٣٠٧

بها أحدهما »(١) .

لا ترجعوا بعدي كفاراً

( ٥٦١ ) عن جرير : قال لي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع : « استنصت الناس » ثم قال : « لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض »(٢) .

كذبة اُخرى

( ٥٦٢ ) عن أبي هريرة قال : لمّا انزلت هذه الآية :( وانذر عشيرتك الأَقربين ) (٣) دعا رسول الله قريشاً يا بني هاشم انقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة انقذي نفسك من النار فاني لا أملك لك من الله شيئاً غير أن لكم رحماً سأبلها ببلالها(٤) .

ورواه عن عائشة بتفاوت وفيه : قام على الصفا فقال : « يا فاطمة بنت محمّد ويا ».

أقول : أبو هريرة لم يكن في مكة وعائشة لم تكن قد ولدت ، فانّى لهما نقل هذه الروايات جازماً؟ والذي يدل على انّ هذا الحديث بتمام اسانيده موضوع ، انّ فاطمة لم تولد في أوائل البعثة ، وحاشا النبي الحكيم أن يخاطب المعدوم! ولو فرض ـ فرضاً بعيداً جداً ـ ولادتها انذاك فقد كانت طفلة لا تصلح للخطاب المذكور.

هل يؤاخذ باعمال الجاهلية؟

( ٥٦٣ ) عن عبدالله : قال اناس لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يا رسول الله أنؤاخذ بما

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ٤٩.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ٥٥.

(٣) الشعراء ٢٦ : ٢١٤.

(٤) صحيح مسلم بشرح النووي ٣ : ٨٠.

٣٠٨

عملنا في الجاهلية؟ قال : « أما من احسن منكم في الاسلام فلا يؤاخذ بها ، ومن أساء أُخذ بعمله في الجاهلية والاسلام »(١) .

وفي شرح النووي نقلاً عن جماعة من المحققّين : انّ المراد بالاحسان هنا الدخول في الاسلام بالظاهر والباطن جميعاً ، وان يكون مسلماً حقيقياً ، فهذا يغفر له ما سلف في الكفر بنص القرآن العزيز ، والحديث الصحيح : « الاسلام يهدم ما قبله » وباجماع المسلمين ، والمراد بالاساءة عدم الدخول في الاسلام بقلبه فهذا منافق باق على كفره فيؤخذ بما عمل في الجاهلية.

أقول الحديث ورد من طريق الشيعة أيضاً فقد أخرجه البرقي في محاسنه بسند صحيح عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفر ( الباقر ) قال : انّ اناساً أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما أسلموا فقالوا : يا رسول الله أيؤخذ الرجل منّا بما عمل في الجاهلية بعد اسلامه؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من حسن اسلامه وصح يقين ايمانه لم يأخذه الله بما عمل في الجاهلية ، ومن سخف اسلامه ولم يصح يقين إيمانه أخذه الله بالاَول والآخر »(٢) . وفي المقام بحث.

الهم بالسيئة

( ٥٦٤ ) عن أبي هريرة : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من همَّ بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة ، ومن همَّ بحسنة فعملها كتبت له عشراً إلى سبعمائة ضعف ، ومن همَّ بسيئة فلم يعملها لم تكتب ، وان عملها كتبت »(٣) .

أقول : وللحديث ألفاظ مختلفة رواها أبو هريرة ، ورواه عبدالله بن

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ١٣٥.

(٢) بحار الانوار ٧٠ : ١٧٧.

(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ١٤٩.

٣٠٩

عباس أيضاً ولفظه : « وإن همَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ».

ورواه الشيعة أيضاً بالفاظ واسانيد ، ولا كلام في الحديث إلاّ في الهمّ بالسيئة إذا لم يعملها ، فقد اختلف فيه الباحثون من الشيعة والسنة ، فقيل : انّ من عزم على المعصية بقلبه ووطن نفسه عليها أثم في اعتقاده وعزمه ، ويحمل ما في الاَحاديث على مجرد الخطور والمرور في الفكر.

ويقول النووي : وخالفه كثير من الفقهاء والمحدثين واخذوا بظاهر الحديث.

وقال القاضي عياض : عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين على الاَول للاحاديث الدالة على المؤاخذة باعمال القلوب ، وقالوا : انّ هذا العزم يكتب سيئة وليست السيئة التي همّ بها لكونه لم يعملها.

أقول : العقل يحكم بقبح التجري على الله تعالى وحسن الانقياد له ، فقصد المعصية والهم بها يستحق به العقاب عقلاً ، ويؤيده أو يدلّ عليه قوله تعالى :( انّ الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم ) (١) وقوله تعالى :( ان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ) (٢) لكن مقتضى هذه الاَحاديث العفو وحمل الهمّ على مجرد التفكر والتصور خلاف الظاهر ، وأما حرمة الحسد وسوء الظن وتحقير المسلمين وسائر أعمال القلب فلا تدلّ على حرمة الهمّ المذكور كما تخيّله النووي وغيره ، ومن اراد تحقيق المقام فعليه أن يراجع مظانه ، وليس كتابنا معداً المثل هذه المباحث.

نزول عيسىعليه‌السلام واقتداؤه بإمامنا

( ٥٦٥ ) عن أبي هريرة : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كيف انتم إذا نزل ابن

__________________

(١) النور ٢٤ : ١٩.

(٢) البقرة ٢ : ٢٨٤.

٣١٠

مريم فيكم وامامكم منكم »(١) .

أقول : لاَبي هريرة في ذلك ألفاظ مختلفة كعادته في سائر الاَحاديث ، وروى انّهعليه‌السلام ينزل حكماً وعادلاً ومقسطاً ، يكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد!

( ٥٦٦ ) وعن جابر بن عبدالله يقول : سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : « لا تزال طائفة من اُمّتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ».

قال : « فينزل عيسى بن مريمصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقول أميرهم : تعال صلّ لنا ، فيقول : لا ، انّ بعضكم على بعض اُمراء تكرمة الله هذه الاُمّة »(٢) .

الردّ على الوهابية

( ٥٦٧ ) عن أبي هريرة : انّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إلى المقبرة فقال : « السلام عليكم دار قوم مؤمنين وانا ان شاء الله بكم لاحقون »(٣) .

أقول : في خطاب الاَموات بصيغة التخاطب ( عليكم ـ بكم ) ردّ على ما تفوه به الوهابية.

المسح على الخفين

( ٥٦٨ ) عن شريح بن هانئ قال : أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفّين ، فقالت : عليك بعلي بن أبي طالب فانّه كان يسافر مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسألناه فقال : جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، ويوماً وليلة للمقيم(٤) .

وفي رواية اخرى : فقالت : ائت علياً فانّه أعلم بذلك مني(٥) .

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ١٩٣.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٢ : ١٩٤.

(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٣ : ١٤٠.

( ٤ و ٥ ) صحيح مسلم بشرح النووي ٣ : ١٧٥.

٣١١

أقول : كل من تعمق في حال عائشة يعلم بانّها لا ترضى بذكر علي فضلاً عن اعترافها بأعلميّته منها ، والذين سافروا مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خلق كثير منهم أبوها فأيّ وجه للتخصيص بعلي ، فالمظنون قوياً انّ الحديث موضوع ، وانّما وضعه من وضعه للرد على الشيعة الناقلين عن علي انّه يرى بطلان الوضوء والصلاة بالمسح على الخفين ، وانّه أوجب المسح على الرجلين مستدلاً بانّه سبق الكتاب الخفّين ، يريد به انّ آية الوضوء في سورة المائدة نسخت المسح على الخفين ، والشيعة أعلم بمذهب علي.

عدم وجوب الغسل بالدخول

( ٥٦٩ ) عن اُبيّ ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انّه قال في الرجل يأتي أهله ثم لا ينزل ، قال : « يغسل ذكره ويتوضّأ »(١) .

ورواه عن أبي سعيد الخدري بهذا المعنى بألفاظ اُخر وفيه : « إذا اعجلت أو اقحطت فلا غسل عليك وعليك الوضوء »(٢) .

وعليه ، فلا يجب الغسل بالدخول المجرد عن الاِمناء ولا معه في فرض العجلة ويكفيه الوضوء ، ويدل على الاول ما رواه عثمان عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبو أيوب ، وهذا مخالف للقرآن ، ولما رواه أبو هريرة وعائشة(٣) ، وما نقل عن المهاجرين ، وللاجماع المذكور في كلام النووي.

أقول : ومن يدّعي انّ احاديث الصحيحين مقطوعة الصحة فهو متهم في عقله!

ثم تحكي عائشة : انّ رجلاً سأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الرجل يجامع أهله

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ٣٩.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ٣٧.

(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ٤٠ ـ ٤١.

٣١٢

ثم يكسل هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّي لاَفعل ذلك أنا وهذه ثم نغتسل »(١) .

أقول : من يعتقد وقار النبي الخاتم يعتقد كذب هذه القصة وانّها من تخيل عائشة التي افتقدت زوجها في شبابها ، فانّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أجل من أن يتكلّم بهذه الكلمات ، على انّه مخالف لما مرّ عن أنس من انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أعطى قوة ثلاثين ، وانّه يدور على نسائه في الساعة الواحدة كما قصه رواة البخاري.

الاَذان

لاحظ الاَحاديث الواردة في صفة الاَذان(٢) فانّها متعارضة ومتضاربة أولاً وليس فيها الجملة المخترعة ( الصلاة خير من النوم ) ثانياً ويقول أبو هريرة على ذوقه العام : انّ الشيطان إذا سمع صوت النداء بالصلاة أحال له ضراط حتى لا يسمع صوته ولكنه لا ينسبه إلى كيسه بل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

حول البسملة وموقف علي

( ٥٧٠ ) عن أنس بن مالك : صلّيت خلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين ، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءتها ولا في آخرها.

أقول : لا نبحث عن البسملة وهل تجب قراءتها في الصلاة أم لا ـ وإن كان الحق عندي انّها آية قرآنية في كل سورة قرآنية ، وتجب قراءتها على المصلّي ، وتركها عمداً يوجب بطلان الصلاة ـ وانّما نبحث عن سيرة جمع من الصحابة والرواة وأرباب الصحاح في ترك ذكر علي في عداد الخلفاء ، وهذا الترك عمدي ، وكلّ من تعمّق في الصحاح يعلم انّه لا شأن

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ٤٢.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ٧٩ في أول كتاب الصلاة.

٣١٣

لعلي عندهم ، وان انظار الصحابة والرواة إلى الخلفاء الثلاثة فقط! وهل لم يصلّ انس خلف علي حتى لا يحكي عنه؟! وهكذا عبدالله بن عمر وعبدالله بن عباس(١) ـ لو صح ما نسب اليه في الصحاح ـ وغيرهما حيث يقتصرون على ذكر أفعال الثلاثة فقط ، وتصدق الشيعة حيث تقول انّ أهل السنة انّما يرون عليّاً خليفة بالقول فقط.

وأقول انا : لولا مخافة عبدالله بن عمر وأبي هريرة وأنس وابن الزبير وغيرهم من تكذيب الناس لهم لقالوا بأفضلية معاوية ويزيد من علي ، وهذه السيدة عائشة تبغض عليّاً إلى حدّ لا ترضى بأن تذكر اسمه ، بل حاربته وكانت تحرض العسكر على قتل علي ومن معه من الاَصحاب وأهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنا ُأقسم صادقاً لو فوض عثمان أمر الخلافة إلى مائة من الصحابة من بعده لم يختاروا عليّاً للخلافة أصلاً لا في المرة الرابعة ولا في المرة الرابعة والاربعين ، وانّما بلغت الخلافة اليه في ظروف تهدّمَ فيها النظام السائد وقام الناس غضباً وغيضاً على اللاعبين فبايعوه ، وان شئت فقل ان خلافته جاءت بثورة جماهيرية اسلامية حطّمت كلّ ما تواطأ عليه مخالفوه من الصحابة ، وحينما نجحت الثورة الاسلامية تجدّدت الحركة الرجعية في البصرة والشام. ومن يدّعي انّه لم يكن بين علي وحزبه وبين مخالفيه عداوة ولا مخالفة سوى المخالفات الاجتهادية فهو مجنون لا يعقل التأريخ المتواتر المقطوع. ومن يدّعي براءة ذمّة الطرفين المتخاصمين لاَجل انّ كلاً منهما اجتهدوا فالمصيب له أجران والمخطيء له أجر واحد فهو يريد تحقير الاسلام والعقل ، نعوذ بالله من الغواية والعصبية والجهالة.

__________________

(١) وعن ابن عباس : شهدت صلاة الفطر مع النبي وأبي بكر وعمر وعثمان صحيح مسلم بشرح النووي ٦ : ١٧٠ كتاب العيدين.

٣١٤

اعتقاد مسلم في كتابه

يقول مسلم في باب التشّهد حول حديث : فقال هو عندي صحيح ، فقال ( أبو بكر ) : لِمَ لم تضعه ههنا؟ قال : ليس كلّ شيء عندي صحيح وضعته ههنا ، انّما وضعت ههنا ما اجمعوا عليه(١) .

أقول : فيعتقد مسلم انّ أحاديث كتابه ليست بصحيحة فقط بل هي ممّا أجمع العلماء أو المحدثون عليها.

يقول النووي في شرحه : ثم قد يكسر هذا الكلام ويقال قد وضع أحاديث كثيرة غير مجمع عليها ، وجوابه انّها عند مسلم بصفة المجمع عليه ، ولا يلزم تقليد غيره في ذلك(٢) .

هل أمَّ أبو بكر الناس في مرضهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

روايات الصحاح في هذا البحث مختلفة ، ففي بعضها : انّ أبا بكر صلّى بالناس.

وفي بعضها : انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجد خفة فجاء حتى جلس عن يسار أبي بكر ، فكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي بالناس جالساً وأبو بكر قائماً ، يقتدي أبو بكر بصلاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر.

وفي بعضها : فاُتي برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى اُجلس إلى جنبه ( أي جنب أبي بكر ) وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي بالناس وأبو بكر يسمعهم التكبير.

وفي حديث آخر : فجلس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي وأبو بكر إلى جنبه وأبو بكر يسمع الناس(٣) .

أقول : وللسيدة عائشة ان تقول كيف تشاء في خلافة أبيها ومن بعده

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ١٢٢.

(٢) شرح النووي ٤ : ١٢٣.

(٣) انظر صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ١٤٠ وما بعدها.

٣١٥

والناس يقبلون منها ولا يلتفتون إلى متناقض كلامها ولا يسألونها من أين علمت قصد الناس وقصد أبيها انّهم اقتدوا بأبيها وأبوها بالنبي؟ ولم يقولوا لها انّ مثل هذه الجماعة التي يكون الامام فيها مأموماً لاِمام آخر غير مشروعة ، على انّ قصتها معارضة بما ورد من لزوم جلوس المأمومين إذا كان الاِمام جالساً(١) وإذا كان أبو بكر مسمعاً فهل هو بقى على صلاته أو أبطلها لاِسماع الناس بصلاة النبي؟ فيه وجهان ، والمراد بالاسماع ظاهراً هو اسماع تكبيرهصلى‌الله‌عليه‌وآله عند الركوع ورفع الرأس عنه والهوي إلى السجود وعند رفع الرأس عنه كما هو المعتاد اليوم في الجماعات الكبيرة ، فأبو بكر أول مسمع وأول مكبّر في الاسلام.

ثم انّ ما تدعيه عائشة من قولها لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( انّ أبا بكر رقيق إذا قرأ القرآن لا يملك دمعه ). ضعيف ، إذ لم ينقل أحد انّه بكى في صلاته وعند مشاهدة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في ضعفه ومرضه! والعجيب انّها تكذب نفسها وتقول : والله ما بي إلاّ كراهية أن يتشاءم الناس بأول من يقوم مقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله . فحقاً انّها كصواحب يوسف كما نقلتها نفسها « فانكن صواحب يوسف »(٢) .

وللسيدة اختلاف آخر في كلامها فتارة تقول : انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج بين عباس ورجل آخر ، وأخرى تقول : ويد له على الفضل بن عباس ويد له على رجل آخر(٣) .

وتأويلات المتأوّلين لا تقل عن سذاجة الجهال في قبول هذه الاَقاويل.

__________________

(١) انظر صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ١٣٥.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ١٤٠.

(٣) أي علي كرم الله وجهه كما صرّح به عبدالله بن عباس ، لكنّ عائشة لا تسميه بغضاً وعداء. وفي حديث آخر لها : بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلاً على سرية فيختم بقل هو الله أحد صحيح مسلم ٦ : ٩٥ والظاهر انّه أيضاً علي!

٣١٦

والحق انّ كثرة رواية الصحاح عن امرأة تعترف بما عرفت في هذا الكتاب ـ وان كانت زوجة الرسول الاكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله وبنت الخليفة ـ قلّلت من قيمة الصحاح واعتبارها بل أساءت إلى عظمة الاسلام ، إذ يقول المحللون غير المسلمين انّ عمدة السنّة القولية ترجع إلى امرأة وخادم كأنس وتاجر لبطنه كأبي هريرة وأمثالهم!! ثم انّ لعبدالله بن زمعة كلاماً آخر يخالف حديث عائشة ، واليك نصه :

( ٥٧١ ) عن عبدالله بن زمعة : لما استعزّ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنا عنده في نفر من المسلمين دعاه بلال إلى الصلاة فقال : « مروا من يصلّي للناس » ، فخرج عبدالله بن زمعة فاذا عمر في الناس ـ وكان أبو بكر غائباً ـ فقلت : يا عمر قم فصلّ بالناس ، فتقدم فكبّر ، فلمّا سمع رسول الله صوته قال : « فأين أبو بكر؟! يأبى الله ذلك والمسلمون...» وبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلّى عمر تلك الصلاة، فصلّى بالناس(١) .

وفي سند آخر : لمّا سمع النبي صوت عمر خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى اطلع رأسه من حجرته ثم قال : « لا ، لا ، لا ، ليصلّ للناس ابن أبي قحافة » قال ذلك مغضباً(٢) .

ومن يتعمق في هذه الاَحاديث يرى يد الجعل والوضع جلية.

أقول : واليك أحاديث متغايرة اُخرى حتى تعلم جديدة بعد جديدة :

( ٥٧٢ ) عن ابن عباس : لمّا مرض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « ادعوا عليّاً » قالت عائشة : يا رسول الله ندعو لك أبا بكر؟ قال : « ادعوه ».

قالت حفصة : يا رسول الله ندعو لك عمر؟ قال : « ادعوه ».

__________________

(١) سنن أبي داود ٤ : ٢١٥ حديث ٤٦٦٠.

(١) سنن أبي داود : ٤ : ٢١٦ حديث ٤٦٦١.

٣١٧

قالت اُم الفضل : يا رسول الله ندعو لك العباس؟ قال : « نعم ».

فلمّا اجتمعوا رفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رأسه فنظر فسكت؟! فقال عمر : قوموا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال : ثم جاء بلال يؤذنه بالصلاة...

قال ابن عباس : واخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من القراءة من حيث كان بلغ أبو بكر(١) .

أقول : في الحديث بحث يطول بنا المقام بتفصيله. واليك نموذج آخر من هذه القصة في سنن النسائي :

( ٥٧٣ ) عن أنس : آخر صلاة صلاّها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع القوم صلّى في ثوب متوشّحاً خلف أبي بكر(٢) .

( ٥٧٤ ) وعن عائشة : انّ أبا بكر صلّى للناس ورسول الله في الصف(٣) .

( ٥٧٥ ) عن جابر : صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر وأبو بكر خلفه ، فاذا كبّر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كبّر أبو بكر ليسمعنا(٤) .

( ٥٧٦ ) عن عائشة : وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بين يدي أبي بكر فصلّى قاعداً وأبو بكر يصلّي بالناس والناس خلف أبي بكر(٥) .

( ٥٧٧ ) وعن جابر : اشتكى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فصلّينا وراءه وهو قاعد ، وأبو بكر يكبّر ليسمع الناس تكبيره(٦) .

( ٥٧٨ ) وعنه : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا صلّى الامام جالساً فصلوا جلوساً ، وإذا

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ح ١٢٣٥.

( ٢ و ٣ ) سنن النسائي ٢ : ٧٩.

(٤) سنن النسائي ٢ : ٨٤.

(٥) سنن النسائي ٢ : ٨٤. وانظر ص ١٠٠ و١٠١ أيضاً.

(٦) سنن أبي داود ١ : ١٦٥.

٣١٨

صلّى الامام قائماً فصلوا قياماً »(١) .

ورواه أنس وأبو هريرة أيضاً.

قراءة السورة في الصلاة

( ٥٧٩ ) عن أبي قتادة : انّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقرأ في الركعتين الاَوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة ، ويسمعنا أحياناً(٢)

يدلّ الحديث لمكان لفظ ( كان ) على عادتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقراءة السورة التامة في الركعتين الاَوليين في الظهرين وعلى جواز الاجهار ببعض الآيات فيهما.

عائشة وغيرها في ما يقطع الصلاة

( ٥٨٠ ) عن أبي هريرة : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ، ويقي ذلك مثل مؤخرة الرجل »(٣) .

ويظهر من كلام عروة انّ القائل به جماعة ، لكن عائشة لا تقبله وتقص عن اعتراضها بين النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والقبلة في وتره ، والمظنون صحة قطع الصلاة ، ويشكل الاَعتماد على قصص عائشة وغيرها.

عرض الاَعمال عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله

( ٥٨١ ) عن أبي ذر ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « عرضت عليَّ أعمال اُمتي حسنها وسيئها فوجدت »(٤) .

بعض كلام عمر

( ٥٨٢ ) عن معدان فان عجل بي أمر فالخلافة شورى بين هؤلاء

__________________

(١) سنن أبي داود ١ : ١٦٢.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ١٧٢.

(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٤ : ٢٢٨.

(٤) صحيح مسلم بشرح النووي ٥ : ٤٢.

٣١٩

الستة الذين توفّي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو عنهم راض ، واني قد علمت انّ أقواماً يطعنون في هذا الامر انا ضربتهم بيدي هذه على الاسلام ، فان فعلوا ذلك فاولئك أعداء الله الكفرة الضلال. ثم انّي لا أدع بعدي شيئاً أهم عندي من الكلالة ، ما راجعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في شيء ما راجعته في الكلالة ، وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ فيه حتى طعن باصبعه في صدري فقال :صلى‌الله‌عليه‌وآله ياعمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء »(١) .

هل كذب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله

( ٥٨٣ ) عن أبي هريرة فقام ذو اليدين فقال : أقصرت الصلاة يارسول الله أم نسيت؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « كلّ ذلك لم يكن » فقالوا : نعم ، فأتمَّ رسول الله ما بقي من الصلاة(٢) .

أقول : فنفيهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان مخالفاً للواقع وان صدر عن سهو ، والكذب السهوي لا يستحق به العقاب لكنّه كذب ، وإذا جاز عليه الكذب السهوي في أقواله وافعاله يرتفع الاَمان عنها ، وهذا يوهن مقام النبوة حتى إذا منعنا سهوه في أفعاله الابلاغية عن ربّه.

فضل تسبيح الزهراء

( ٥٨٤ ) عن أبي هريرة ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سبّح في دبر كلّ صلاة ٣٣ ، وحمد الله ٣٣ ، وكبّر الله ٣٣ ، فتلك ٩٩ » وقال : « تمام المائة : لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كلّ شيء قدير ، غفرت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر »(٣) .

__________________

(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٥ : ٥٣.

(٢) صحيح مسلم بشرح النووي ٥ : ٦٩.

(٣) صحيح مسلم بشرح النووي ٥ : ٩٥.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561