إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ١

إعلام الورى بأعلام الهدى0%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: 555

إعلام الورى بأعلام الهدى

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي (أمين الإسلام)
تصنيف: ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: 555
المشاهدات: 128703
تحميل: 10077


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 555 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 128703 / تحميل: 10077
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء 1

مؤلف:
ISBN: 964-319-010-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

على أنّهعليه‌السلام أحقّ بمقام الرسول عليه وآله السلام ، وأولى بالإمامة والخلافة من جهة أنّها إذا دلّت على الفضل الأكيد ، والاختصاص الشديد ، وعلوّ الدرجة ، وكمال المرتبة ، علم ضرورة أنّها أقوى الأسباب والوصلات إلى أشرف الولايات. لأنّ الظاهر في العقل أن من كان أبهر فضلاً ، وأجلّشأناً ، وأعلى في الدين مكاناً ، فهو أولى بالتقديم ، وأحقّ بالتعظيم ، والإمامة ، وخلافة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هي أعلا منازل الدين بعد النبوّة ، فمن كان أجلّ قدراً في الدين ، وأفضل وأشرف على اليقين ، وأثبت قدماً ، وأوفر حظّاً فيه ، فهو أولى بها ، ومن دلّ على ذلك من حاله دل على إمامته.

ولأنّ العادة قد جرت فيمن يرشّح لجليل الولايات ، ويؤهّل لعظيم الدرجات ، أن يصنع به بعض ما تقدّم ذكره ، يبيّن ذلك أنّ بعض الملوك لو تابع بين أفعال وأقوال في بعض أصحابه طول عمره وولايته يدل على فضل شديد ، وقرب منه في المودّة والمخالصة والاتحاد ، لكان عند أرباب العادات بهذه الأفعال مرشّحاً له لأفضل المنازل ، وأعلى المراتب بعده ، ودالاً على استحقاقه لذلك. وقد قال قوم من أصحابنا : إن دلالة العقل ربما كانت آكد من دلالة القول ؛ لأنها أبعد من الشبهة ، وأوضح في الحجة ، من حيث إنّ مايختصَ بالفعل لا يدخله المجاز ولا يتحمل التأويل ، وأمّا القول فيحتمل ضروباً من التأويل ويدخله المجاز وبالله التوفيق.

فصل :

وأمّا النص المختص بالقول فينقسم قسمين : النص الجلي ، والنصّ الخفيّ. فالنص الجليّ : هو ما علم سامعوه من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله مراده منه ضرورة وإن كنَا نعلم الآن ثبوته.

٣٢١

والمراد به إستدلالاً : وهو النصّ الذي فيه التصريح بالإمامة والخلافة مثل ، قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « سلّموا على عليً بإمرة المؤمنين »(1)

وقوله صلوات الله عليه وآله مشيرا إليه وآخذا بيده : « هذا خليفتي فيكم من بعدي فاسمعوا له وأطيعوه »(2) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأمّ سلمة : «اسمعي واشهدي هذا علي أمير المؤمنين وسيّد المسلمين »(3) .

وقوله عليه وآله السلام حين جمع بني عبدالمطّلب في دار أبي طالبوهم أربعون رجلاً يومئذ يزيدون رجلاً أو ينقصون رجلاً ـ فيما ذكره الرواة ـ وقد صنع لهم فخذ شاة مع مدّ من البرّ ، وأعدّ لهم صاعاً من اللبن ، وقد كان الرجال منهم يأكل الجذعة في مقام واحد ويشرب الفرق من الشراب ، ثمّ أمر بتقديمه لهم ، فأكلت الجماعة من ذلك اليسير حتّى تملّوا منه ولم يبيّن ما أكلوه وشربوه فيه.

ثمّ قال لهم بعدأن شبعوا ورووا : يابني عبد المطّلب ، إنّ الله قد بعثني إلى الخلق كافّة ، وبعثني إليكم خاصّة فقال :( وَاَنذِر عَشِيرَتَكَ الأقرَبينَ ) (4) وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان ، ثقيلتين في الميزان ، تَملكون بهما العرب والعجم ، وتنقاد لكم بهما الأمم ، وتدخلون بهما الجنَة ، وتنجون بهما من النار : شهادة أن لا إله إلاّ الله وأنّي رسول الله ، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووصيّي ووزيري ووارثي وخليفتي من

____________

(1) ارشاد المفيد 1 : 48 ، أمالي الطوسي 1 : 340 ، بشارة المصطفى : 185 ، اليقين : 54 و 95 و 96.

(2) احقاق الحق 4 : 297 عن نهاية العقول للفخر الرازي.

(3) ارشاد المفيد 1 : 47 ، مناقب ابن شهرآشوب 3 : 54 ، اليقين : 29 و 35.

(4) الشعراء 26 : 214.

٣٢٢

بعدي »؟ فلم يجب أحد منهم.

فقام عليّعليه‌السلام فقال : « أنا يا رسول الله اُؤازرك على هذا الأمر».

فقال : « اجلس ».

ثم أعاد القول على القوم ثانية فاصمتوا وقام علي فقال مثل مقالته الاُولى ، فقال : « اجلس ».

فاعاد القول ثالثة فلم ينطق أحد منهم بحرف ، فقام علي فقال : «أنا اُؤازرك يا رسول الله على هذا الأمر». فقال : «اجلس فأنت أخي ووصيّي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي ».

فنهض القوم وهم يقولون لأبي طالب : ليهنك اليوم إن دخلت في دين ابن أخيك ، فقد جعل ابنك أميراً عليك(1) .

وقد أورد هذا الخبر الاُستاذ أبو سعيد الخركوشي إمام أصحابالحديث بنيشابور في تفسيره(2) .

وهذا الضرب من النص قد تفرّد بنقله الشيعة الإمامية خاصّة ، وإن كانبعض من لم يفطن لما عليه فيه من أصحاب الحديث قد روى شيئاً منه.

وأمّا الدلالة على تصحيح هذا النصّ فقد سطرها أصحابنا في كتبهم ، وذكروا من الكلام في إثباته وإبطال ما خرج المخالفون فيه ما ربّما بلغ حجم

____________

(1) انظر : علل الشرائع 1 : 69 1 | 1 و. 7 2 | 1 ، مسند احمد1 : 111 و 195 فضائل أحمد : 161 | 230 ، خصائص النسائي : 83 | 66 ، تاربخ الطبري 2 : 319 ، تفسير الطبري 19 : 74 ، شواهد التنزيل للحسكاني 1 : 371 | 514 و 42 | 580 ، تاريخ ابنعساكر ـ ترجمة الاٍمام عليعليه‌السلام ـ 1 : 99 | 137 ، شرح نهح البلاغة لابن أبي الحديد 13 : 244 تفسير ابن كثير مجمع الزوائد 9 | 13.

(2) تفسير الخركوشي...

٣٢٣

كتابنا هذا أو أكثر ، فمن أراد تحقيق أبوابه والتغلغل في شعابه فعليه بالكتابالشافي ، فإنّه يشرف منه على ما لا يمكن المزيد عليه.

فصل:

وأمّا النصّ الذي يسمِّيه أصحابنا النصّ الخفيّ فهو ما لا يقطع علىأنِّ سامعيه علموا النصّ عليه بالإمامة منه ضرورة ، وإن كان لا يمتنع أن يكونوا يعلمونه كذلك أو علموه استدلالاً ، من حيث اعتبار دلالة اللفظ ، وأمّا نحن فلا نعلم ثبوته ، والمراد به إلاّ استدلالاً ، وهذا الضرب سن النصّ على ضربين : قرانيٌّ ، وأخباريٌّ.

فأمّا النصّ من القرآن : فقوله سبحانه وتعالى :( إنّما وَلِيكم الله وَرَسوله وَالَّذِينَ آمَنوا الَذِينَ يُقِيمُونَ الصلوةَ وَيُؤتونَ الزَّكوةَ وَهْم راكِعونَ ) (1) .

ووجه الاستدلال من هذه الاية : أنه قد ثبت أن المراد بلفظة ( وليكم ) المذكورة في ألآية : من كان المتحقق بتدبيركم والقيام باُموركم وتجب طاعته عليكم ، بدلالة أنّهم يقولون في السلطان : أنَه ولي أمر الرعية ، وفيمن ترشح للخلافة : أنه وليّ عهد المسلمين ، وفي من يملك تدبير انكاح المرأة : أنَة وليّها ، وفي عصبة المقتول : أنّهم أولياء الدم ، من حيث كانت إليهم المطالبة بالدم والعفو.

وقال المبرد في كتابه : الولي هو الأولى والأحق ، ومثله المولى(2) .

فإذا كان حقيقته في اللغة ذلك فالذي يدل على أنّه المراد في الاية : أنَه قد ثبت أنّ المراد بـ ( الذين امنوا ) ليس هو جميعهم بل بعضهم ، وهو منكانت له الصفة المخصوصة التي هي إيتاء الزكاة في حال الركوع.

____________

(1) المائدة 5 : 55.

(2) الكامل في اللغة والأدب : 348.

٣٢٤

وقد علمنا أنّ هذه الصفة لم تثبت لغير أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإذا ثبت توجّه الآية إلى بعض المؤمنين دون جميعهم ، ونفى سبحانه ما أثبته عمّن عدا المذكور بلفظة (إنّما) لأنها محققة لما ذكرنا فيه لما لم يذكره ـ يبينه قولهم : إنّما الفصاحة في الشعر للجاهلية ، يريدون نفي الفصاحة عن غيرهم ، وإنّما النحاة المدققون البصريّون يريدون نفي التدقيق عن غيرهم ، وإنّما اكلت رغيفاً يريدون نفي أكل أكثر من رغيف - فيجب أن يكون المراد بلفظة ( وليّ ) في الآية ما يرجع إلى معنى الإمامة والاختصاص بالتدبير ، لأنما تحمله هذه اللفظة من الموالاة في الدين والمحبّة لا تخصص في ذلك ، والمؤمنون كلهم مشتركون في معناه ، فقد قال الله سبحانه :( والمؤمنونَ وَالمؤمِناتُ بَعضُهم أَولِياءُ بَعضٍ ) (1) فإذا ثبت ذلك فالذي يدلّ على توجه لفظة ( الذين امنوا ) إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام أشياء :

منها : قد ورد الخبر في ذلك بنقل طائفتين مختلفتين ومن طريق العامّة والخاصة نزول الأية في أمير المؤمنين عند تصدقه بخاتمه في حال ركوعه ، والقصة في ذلك مشهورة(2) .

ومنها : أن الاُمة قد اجمعت على توجهها إليهعليه‌السلام ، لأنها بين قائلين : قائل يقول : ان المراد بها جميع المؤمنين الذين هو أحدهم ، وقائل يقول : إنه المختص بها.

ومنها : أن كلّ من ذهب إلى أن المراد بالأية ما ذكرناه من معنى الإمامة

____________

(1) التوبة 9 : 71.

(2) انظر : تفسير فرات : 40 أمالي الصدوق : 107 | 4 ، تفسير التبيان للطوسي 3 : 559 ، الاحتجاج للطبرسي : 450 ، تفسير الطبري 6 : 186 ، أسباب النزول للواحدي : 148 ، مناقب ابن المغازلي : 312/ 356 و 313 / 357 ، مناقب الخوارزمي : 186 ، تذكرة الخواص : 24 ، تفسير الرازي12 : 26 ، كفاية الطالب : 250 ، الفصول المهمة : 124.

٣٢٥

يذهب إلى أنهعليه‌السلام هو المراد بها والمقصود ، ويدل على أنهعليه‌السلام المختصّ بالآية هو دون غيره ، أن الإمامة إذا بطل ثبوتها لأكثر من واحد في الزمان ، واقتضت اللفظة الإمامة ، وتوجّهت إليهعليه‌السلام بما قدّمناه ثبت أنّهعليه‌السلام المنفرد بها ، ولأنّ كلّ من ذهب إلى أن اللفظة مقتضية للإمامة افردهعليه‌السلام بموجبها ، وما يورد في هذا الدليل من الأسئلة والجوابات فموضعها الكتب الكبار.

فصل:

وأما النص من طريق الأخبار : فمثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خمّ : «من كنت مولاه فعلي مولاه »(1) .

وقوله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى »(2) .

____________

(1) مصنف عبدالرزاق الصنعاني 11 : 225 ، المصنف لابن آبي شيبة 12 : 59 | 12121 و 60 | 12122 ، سنن ابن ماجة 1 : 45 | 121 ، السنة لابن أبي عاصم ذكره بأسانيده من حديث رقم 1354 ـ 1376 ، مسند أحمد1 : 84 و 5 : 347 و 366 ، صحيح الترمذي 5 : 633 | 3713 ، خصائص النسائي : 99 | 81 ـ 83 ، و 100 | 84 و 101 | 86 ، حلية الأولياء4 : 23 و 5 : 364 ، أخبار اصفهان 1 : 126 ، الطبراني في المعجم الكبير 3 : 199 | 4903 و 4 : 173 | 4052 و 12 : 97 | 12593 و 19 : 291 | 646 والأوسط 2 : 126 ، والصغير 1 : 65 و 71 ، مستدرك الحاكم 3 : 110 ، تاريخ بغداد 8 : 290 ، شواهد التنزيل للحسكاني 1 : 156 | 210 و 157 |212 و 158 | 213 ، مناقب ابن المغازلي : 20 | 26 و 21 | 29 ، مناقب الخوارزمي : 79 و 94 ، وانظر : طرق الحديث عن الصحابة في تاريخ ابن عساكرـ ترجمة الإمام عليعليه‌السلام ـ 2 : 35 ـ 90 ، مجمع الزوائد 9 : 104 و 106.

(2) المصنف لابن أبي شيبة 12 : 60 | 12125 و 61 | 12126 ، التاريخ الكبير للبخاري 1 : 115 | 333 و 7 : 301 | 1284 ، صحيح مسلم 4 : 1870 | 2404 ، السنة لابن أبي عاصم ذكره باسانيده من حديث رقم13333ـ 1348 ، مسند أحمد 1 : 179 و 3 : 32 و 6 :

=

٣٢٦

فهذان الخبران ممّا رواهما الشيعي والناصبي ، وتلقّته الاُمّة بالقبول على اختلافها في النِحَل وتباينها في المذاهب ، وإن كانوا قد اختلفوا في تأويله واعتقاد المراد به.

فامّا وجه الاستدلال بخبر الغدير ففيه طريقتان : أحدهما : أن نقول : إنّ النبىّصلى‌الله‌عليه‌وآله قرّر اُمّته في ذلك المقام على فرض طاعته فقال : « ألست اولى بكم من أنفسكم » فلمّا أجابوه بالاعتراف وقالوا : بلى ، رفع بيد أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام وقال عاطفاً على ما تقدّم : «فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه(1) - وفي روايات اُخر : فعليّ مولاه - اللهمّ وال من

____________

=

438 ، صحيح الترمذي 5 : 640 | 3730 ، خصائص النسائي : 68 ـ 79 | 45 و 48 و 50 و 51 و 62 و 63 و 64 ، حلية الاولياء 4 : 345 و 7 : 195 و 196 ، تاريخ ابن اصبهان 2 : 281 و 328 ، الطبراني في المعجم الكبير 1 : 146 | 328 و 148 | 333 و 334 و 2 : 247 | 2035 و 4 : 17 | 3515 و 11 : 74 | 11087 و 24 : 146 | 384 ـ 389 ، والصغير 2 : 53 ـ 54 ، تاريخ بغداد 1 : 325 و 3 : 406 و 4 : 305 و 8 : 53 و 9 : 365 و 10 : 43 و 12 : 323 ، الاستيعاب 3 : 34 ، المناقب لابن المغازلي : 27 ـ 36 | 40ـ 56. انظر طرق الحديث عن الصحابة في تاريخ أبن عساكرـ ترجمة الإمام علي (ع) ـ 1 : 306 ـ390 ، مجمع الزوائد 9 : 109.

وغير ذلك من مصادر العامة المختلفة التي يصعب حصرها هنا ، حيت تتكفل في ذلك المراجع المختصة بهذا الباب ، ولعل من أوضح التعليقات المؤيدة لهذا الأمر ما ذكره الحسكاني في كتابه شواهد التنزيل (1 : 152) عن أحد المشايخ وهو عمر بن أحمد بن إبراهيم العبدوي (ت 417 هـ) والذيَ يُترجم له بأنه كان صادقاً عارفاً حافظاً وغير ذلك من عبارات الثناء والتقدير كما يذكر ذلك الخطيب البغدادي في تاريخه (11 : 272) والذهبي في تذكرة الحفاظ ( 4 : 1272 | 1072 ).

فذكر الحسكاني عنه قوله : خرجته ـ أي حديث المنزلة ـ بخمسة آلاف إسناد.فتأمل.

(1) السنة لابن أبي عاصم : 1361 ، مسند أحمد4 : 370 ، خصائص النسائي : 100 | 84 ،

=

٣٢٧

والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله »(1).

فأتى عليه الصلاة والسلام بجملة يحتمل لفظها معنى الجملة الأولى التي قدّمها ، وهو أنّ لفظة (مولى) تحتمل معنى أولى ، وإن كانت تحتمل غيره ، فيحب أن يكون أراد بها المعنى المتقدّم على مقتضى استعمال أهل اللغة ، وإذا كانت هذه اللّفظة تفيد معنى الإمامة بدلالة أنّهم يقولون : السلطان أولى بإقامة الحدود من الرعيّة ، والمولى أولى بعبده ، وولد الميّت أولى بميراثه منغيره ، وقوله سبحانه :( النبي أولى بِالمُؤمِنِينَ مِن أنفُسِهِم ) (2) لا خلاف بين المفسّرين أنّ المراد به أنّه أولى بتدبير المؤمنين والأمر والنهي فيهم من كل أحد منهم. وإذا كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أولى بالخلق من أنفسهم من حيث كان مفترض الطاعة عليهم ، وأحق بتدبيرهم وأمرهم ونهيهم وتصريفهم بلا خلاف ، وجب أن يكون ما أوجبه لأمير المؤمنينعليه‌السلام فيكون أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، من حيث أنّ طاعته مفترضة عليهم ،

____________

=

المعجم الكبير للطبراني 3 : 200 | 3052 ، المناقب لابن المغازلي : 18 | 24 و 23 | 34.تاريخ ابن عساكرـ ترجمة الإمام علي (ع ) ـ 2 : 74 | 571.

(1) المصنف لابن أبي شيبة 12 : 67 | 12140 و 68 | 12141 ، سنن ابن ماجة 1 : 43 | 116 ، انساب الأشراف للبلاذري 2 : 156 | 169 ، مسند أحمد 1 : 118 و 119 و 4 : 281 و 368 و 370 و 372 ، خصائص النسائي : 102 | 88 ، كشف الأستار للبزار 3 : 190 و 191 ، والطبراني في المعجم الكبير 3 : 201 | 3052 و 4 : 173 | 4053 ، والصغير 1 : 65 ، مستدرك الحاكم 3 : 109 ، أخبار اصفهان 1 : 107 و 2 : 227 ، تاريخ بغداد 7 : 377 و 14 : 236 ، المناقب لابن المغازلي : 16ـ 27 | 23 و 26 و 27 و 29 و 33 و 37 و 38 ، شواهد التنزيل للحسكاني 1 : 157 | 211 ، وانظر ابن عساكر في تاريخه ـ ترجمة الامام علي (ع) ـ 2 : 38 ـ 84 ، تذكرة الخواص : 36 ، اُسد الغابة 1 : 367 و 4 : 28 ، ذخائر العقبى : 67.

(2) الأحزاب 33 : 6.

٣٢٨

وأمره ونهيه ممّا يجب نفوذه فيهم ، وفرض الطاعة والتحقق بالتدبير من هذا الوجه لا يكون الآ لنبي أوامام ، فاذا لم يكنعليه‌السلام نبياً وجب أن يكون إماماً.

وأمّا الطريقة الاُخرى في الاستدلال بهذا الخبر فهي : أن لا نبني الكلام على المقدّمة ونستدلّ بقوله : « من كنت مولاه فعلي مولاه » من غيراعتبار لما قبله ، فنقول : معلومِ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أوجب لأميرالمؤمنينعليه‌السلام أمراً كان واجباً له لا محالة ، فيجب أن يعتبر ما تحتمله لفظة (مولى) من الأقسام ، وما يصحّ كون النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مختصاً به منها وما لا يصحّ ، وما يجوز أن توجبه لغيره في تلك الحال وما لا يجوز ، وجميع ما تحتمله لفظه (مولى) ينقسم إلى أقسام :

منها : ما لم يكن ـ عليه واله السلام ـ عليه ، وهو المعتق والحليف لأنه لم يكن حاجفا لأحد ، والحليف الذي يحالف قبيلة وينتسب إليهم ليتعزز بهم.

ومنها : ما كان عليه ، ومعلوم لكلّ أحد أنّه لم يرده وهو المعتق والجار والصهر والحليف الإمام إذا عد من أقسام المولى وابن العمّ.

ومنها : ما كان عليه ، ومعلوم بالدليل أنَه لم يرده ، وهو ولاية الديات والنصرة فيه والمحبّة أو ولاء العتق. ومما يدلّ على أنّه لم يرده ذلك أنّ كلّ عاقل يعلم من دينهصلى‌الله‌عليه‌وآله وجوب موالاة المؤمنين بعضهم بعضاً ونطق القران بذلك ، وكيف يجوز أن يجمع عليه وآله السلام ذلك الجمع العظيم في مثل تلك الحال ويخطب على المنبر المعمول من الرحال ليعلم الناس من دينه ما يعلمونه هم ضرورة.

وكذلك ولاء العتق ، فإنهم يعلمون أن ولاء العتق لبني العمّ قبل الشريعة وبعدها.

ويبطل ذلك أيضاً ما جاء في الرواية من مقال عمر بن الخطاب له عليه

٣٢٩

السلام : بخّ بخّ يا عليّ أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة(1) .

ومنها : ما كان حاصلاً له ويجب أن يريده ، وهو الأولى بتدبير الاُمّة وأمرهم ونهيهم ، لأنّا إذا أبطلنا جميع الأقسام وعلمنا أنّه يستحيل أن يخلو كلامه من معنى وفائدة ، ولم يبق إلاّ هذا القسم ، وجب أن يريده ، وقد بيّنا أنّ كلّمن كان بهذه الصفة فهو الإمام المفترض الطاعة ، وأمّا استيفاء الكلام فيه ففي الكتب الكبار(2).

____________

(1) مسند أحمد 4 : 281 تاريخ بغداد 8 : 290 ، مناقب ابن المغازلي : 18 | 24 ، مناقب الخوارزمي : 4 9 ، تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الإمام عليعليه‌السلام ـ 2 : 47 ـ52؟ 546 و 547 و 549 و 550 تذكرة الخواص : 36 ، ذخائر العقبى : 67‎.

(2) لقد أفرد علماء الاماميةرحمهم‌الله في إثبات الاستدلال بهذا الحديث على إمامة أميرالمؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، جملة واسعة من المؤلفات القيمة التي لم تترك جانباً إلا وناقشته وتعرضت له سواء بالاثبات أو التفنيد ، وبحجج متينة لا يرقى لها الشك والتأويل.

وقد وافقهم على ذلك جملة من علماء العامة ممن هداهم الله تعالى الى ادراك هذه الحقيقة الناصعة والثابتة ، مثل الحافظ أبي الفرج يحيى بن السعيد الثقفي الاصبهاني في كتابه الموسوم بكتاب «مرج البحرين» والعلامة سبط ابن الجوزي في كتابه «تذكرة الخواص : 37» ، حيث ذكر سبل الاستدلال للوصول إلى ما ذهب إليه الشيعة الامامية من تفسيرهم لكلمة «المولى» ، سنحاول أن نورده مختصراً ، قال :

اتفق علماء السير على أن قصة الغدير كانت بعد رجوع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من حجة الوداع في الثامن عشر من ذي الحجة حيث جمع الصحابة ـ وكانوا مائة وعشرين ألفاً ـ وقال : «من كنت مولاه فعلي مولاه الحديث» حيث نصصلى‌الله‌عليه‌وآله على ذلك بصريح العبارة دون الاشارة.

ثم ذكر بعد ذلك قصة الحرث بن النعمان الفهري عند سماعه الخبر حيث جاء إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : هذا منك أو من الله؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ وقد احمرت عيناه ـ والله الذي لا إله إلا هو أنه من الله وليس مني». قالها ثلاثاً. وبعد ان ذكر ابن الجوزي هذه القصة عرج فذكر أقوال علماء العربية في تفسيرهم للفظة «المولى» وانها ترد على عشرة وجوه ، وناقش هذه الوجوه المذكورة وبيّن بطلان الذهاب الى تفسيرها بالوجوه التسعة الاولى ، والتي

=

٣٣٠

فصل:

وأمّا الاستدلال بالخبر الآخر وهو قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لانبي بعدي»(1) فإنه يدل على النصّ من وجهين : أحدهما : أنّ هذا القول يقتضي حصول جميع منازل هارون من موسى لأمير المؤمنين من النبيّعليه‌السلام إلآ ما خصّه الاستثناء المنطوق به في الخبر من النبوة ، وما جرى مجرى الاستثناء وهو العرف من اُخوّة النسب ، وقد علمنا أن من منازل هارون من موسىعليهما‌السلام هي : الشركة في النبوّة ، واُخوّة النسب ، والتقدّم عنده في الفضل والمحبّة والاختصاص على جميع قومه ، والخلافة له في حال غيبته على اُمّته ، وأنّه لو بقي بعده لخلفه فيهم. وإذا خرج الاستثناء بمنزلة النبوة ، وخص العرف منزلة الاُخوّة ـ لأن كل من عرفهما علم أنهما لم يكونا ابني أب واحد ـ وجب القطع على ثبوت ما عدا هاتين المنزلتين من المنازل الاُخر. وإذا كان في جملة

____________

=

تفسرها بانها تعني المالك أو المعتق أو الناصية إلخ ، وذهب إلى إثبات حتمية تفسيرها بالوجه العاشر دون غيره من الوجوه ، وهو «الاولى» ، حيث قال :

فتعين الوجه العاشر وهو «الاولى» ومعناه : من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به ، وقد صرح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحيى بن السعيد الثقفي الاصبهاني في كتابه المسمى«مرج البحرين» ، فبعد ان ذكر الحديث قال.

فعلم ان جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر ـ الأولى ـ ودل عليه أيضاً قولهعليه‌السلام «الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم» وهذا نص صريح في إثبات امامته وقبول طاعته ، وكذا قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله «وأدر الحق معه حيث ما دار وكيف ما دار» فيه دليل على أنه ما جرى خلاف بين عليعليه‌السلام وبين أحد من الصحابة إلا والحق مع علي وهذا باجماع الاُمة الا ترى أن العلماء إنما استنبطوا أحكام البغاة من وقعة الجمل وصفين.

(1)تقدم في صفحة : 326.

٣٣١

تلك المنازل أنه لو بقي لخلفه ودبرّ أمر اُمَته ، وقام فيهم مقامه ، وعلمنا بقاء أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد وفاة الرسولعليه‌السلام وجبت له الإمامة بعده بلا شبهة ، وإنما قلنا إنّ هارون لو بقي بعد موسىعليه‌السلام لحلفه في اُمته ، لأنه قد ثبتت خلافته له في حال حياته ، وقد نطق به القران في قوله تعالى :.( وَقال مُوسى لأخِيهِ هارونَ آخلُفنِي فِي قومِي ) (1) وإذا ثبتت له الخلافة في حال الحياة وجب حصولها له بعد الوفاة لو بقي إليها ، لأنخروجها عنه في حال من الأحوال مع بقائه حطّ له عن مرتبة سنية كانت له ، وصرف عن ولاية فوضت إليه ، وذلك يقتضي التنفير ، وقد يجنب الله تعالى أنبياءه من موجبات التنفير ما هو أقل ممّا ذكرناه بلا خلاف فيه بيننا وبين المعتزلة ، وهو الدمامة المفرطة ، والخلق المشينة ، والصغائر المستخفة ، وانلا يجبهم فيما يسألونه لاُمتهم من حيث يظهر لهم.

وأما الوجه الآخر من الاستدلال بالخبر على النص فهو : أن تقول : قد ثبت كون هارونعليه‌السلام خليفة لموسىعليه‌السلام على أمَته في حياته ومفترض الطاعة عليهم ، وإن هذه المنزلة من جملة منازله منه ، ووجدنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله استثنى ما لم يرده من المنازل بعده بقوله : «إلآ أنَه لا نبيَ بعدي» فدل هذا الاستثناء على أن ما لم يستثنه حاصل لأمير المؤمنينعليه‌السلام بعده ، وإذا كان من جملة المنازل الخلافة في الحياة وثبتت بعده فقد تبين صحة النصّ عليه بالإمامة.

وإنما قلنا : إن الاستثناء في الخبر يدل على بقاء ما لم يستثن من المنازل بعده ؛ لأنّ الاستثناء كما أن من شأنه إذا كان مطلقاً أن يوجب ثبوت ما لم يستثن مطلقاً ، فكذلك إذا قيد بحال أو وقت أن يوجب ثبوت ما لم

____________

(1) الأعراف 7 : 142.

٣٣٢

يستثن في ذلك الوقت ، وفي تلك الحال ألا ترى أنّ قول القائل : ضربت أصحابي إلاّ أنّ زيداً في الدار يدلّ على أنّ ضربه أصحابه كان في الدار لتعلّق الاستثناء بذلك ، والأسئلة والجوابات في الدليل كثيرة ، وفيما ذكرناه هنا كفاية لمن تدبره.

وأمّا ما تختصّ الشيعة بنقله من ألفاظ النصوص الصريحة علىأمير المؤمنينعليه‌السلام وعلى الأئمّة من أبنائهعليهم‌السلام بما لم يشاركها فيه مخالفوها فممّا لا يُحصى ، أوَ يُحصى الحصى؟! ولا يمكن له الحصر والعدّ ، أوَ يُحصر رملٌ عالج ويعد؟

ونحن نذكر جملة كافية من الأخبار في هذا الباب شافية في معناها لأولي الألباب إذا انتهينا إلى الركن الرابع من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

٣٣٣

٣٣٤

( الباب الثالث )

في ذكر طرف من آيات الله سبحانه

الظاهرة على أمير المؤمنين عليه السلام

والمعجزات الخارقة للعادة المؤيّدة لإمامته

الدالة على مكانه من الله عزّ وجلّ ومنزلته

٣٣٥

وهذا الباب يشتمل على فنّين من الايات الدلالات ، أحدهما ما يختصرّ بالإِخبار عن الغائبات ، والفنّ الاخر : غيرها من المعجزات الخارقة للعادات.

فأما الفن الأول : وهو إخباره بالغائبات والكائنات قبل كونها ، فيوافق الخبر المخبر عنه ، فإنه أحد معجزات المسيحعليه‌السلام الدالة على ثبوته كما نطق به التنزيل من قوله :( وَاُنَبِّئُكُم بما تأكلون وما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُم ) (1) وكان ذلك من آيات نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً مثل ، ما جاء في القرآن من قوله تعالى :( لَتَدخُلنَّ المَسجدَ الحَرامَ اِن شاءَ الله امِنِينَمُحَلّقِينَ رُؤُسكُم وَمُقَصِّرِينَ لأ تَخافُون ) (2) وَقوله تعالى في يوم بدر قبل الواقعة :( سَيُهزَمُ الجَمعُ وَيُوَلًّونَ الدُّبُر ) (3) وقوله تعالى في غلبة فارس الروم :( الم غلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدنَى الأرض وَهُم مِن بَعدِ غَلَبهِم سَيَغلِبُونَ ) (4) فيأمثال لذلك (لا نطوّل به )(5) .

فكان جميع ذلك على ما قال.

وما كان من هذا الفنّ منقولاً عن أمير المؤمنينعليه‌السلام فهو أكثر من أن يحصى ولا يمكن إنكاره ، إذ ظهر للخلق اشتهاره ، فلا يخفى على العامّ والخاصّ ما حفظ عنهعليه‌السلام من الملاحم والحوادث في خطبه وكلامه وحديثه بالكائنات قبل كونها :

فمنه : قوله قبل قتاله الفرق الثلاثة بعد بيعته : «اُمرت بقتال الناكثين

____________

(1) آل عمران 3 : 49.

(2) الفتح 48 : 27.

(3) القمر 54 : 45.

(4) الروم 30 : 1 ـ3.

(5) في نسخة «ق» : قد مر ذكر بعضها في بيان معجزات النبي (ص ).

٣٣٦

والقاسطين والمارقين»(1) .

فما مضت الأيّام حتّى قاتلهم.ومنه : قوله لطلحة والزبير لمّا استأذناه في الخروج إلى العمرة : «واللهما تريدان العمرة وإنّما تريدان البصرة»(2) .

فكان كما قال.

ومنه : قوله بذي قار وهو جالس لأخذ البيعة : «يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلاً ولا ينقصون رجلاً يبايعوني على الموت ».

قال ابن عبّاس : فجعلت اُحصيهم فاستوفيت عددهم تسعمائة رجل وتسعة وتسعين رجلاً ثمّ انقطع مجيء القوم فقلت : إنّا للّه وإنّا إليه راجعون ماذا حمله على ما قال ! فبينا أنا متفكّر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل حتّى دنا ، وإذا هو رجل عليه قباء صوف ، معه سيفه وترسه وأدواته ، فقرب من أمير المؤمنينعليه‌السلام فقال : امدد يدك أبايعك ، فقالعليه‌السلام : «وعلى متبايعني؟» قال : على السمع والطاعة والقتال بين يديك حتّى أموت أو يفتح الله عليك ، فقال : «ما اسمك» قال : اُويس قال : «أنت اُويس القرني؟» قال : نعم. قال : قال : «الله أكبر ، أخبرني حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّي أدرك رجلاً من اُمّته يقال له : اُويس القرني يكون من حزب الله ورسوله ، يموت على الشهادة ، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر».

____________

(1) الخصال : 145 ، ارشاد المفيد ا : 315 ، بشارة المصطفى : 142 و 167 ، مناقب ابن شهرآشوب : 66 ، مسند ابي يعلى الموصلي 1 : 397 | 519 ، انساب الاشراف للبلاذري2 : 137 | 129 ، وفي المعجم الكبير للطبراني 10 : 112 | 10053 ، ومجمع الزوائد 6 : 235.

(2) ارشاد المفيد 1 : 315 ، الجمل : 166 ، الخرائج والجرائح 1 : 199 | 39 ، مناقب ابن شهرآشوب 2 : 262 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 : 232 ، وفي بعضها : تريدان الغدرة أو الفتنة.

٣٣٧

قال ابن عبّاس : فسرى عنّي(1).

ومنه : إخباره بالمُخْدَج(2) وقوله : «إنّ فيهم لرجلاً موذون اليد ، له ثدي كثدي المرآة وهو شرّ الخلق والخليقة ، قاتلهم أقرب الخلق إلى الله وسيلة».

ولم يكن المخدج معروفاً في القوم ، فلمّا قتل الخوارج جعل يطلبه في القتلى ويقول : «والله ما كذبت ولا كذبت» ويحض أصحابه على طلبه لمّا أجلت الوقعة ، وكان يرفع رأسه إلى السماء تارة ويحطّه أخرى ، حتى وجِدَ في القوم فشقً عن قميصه ، فكان على كتفه سلعة كثدي المرأة عليها شعرات إذا جذبت انجذب كتفه معها وإذا تركت رجع كتفه إلى موضعها ، فلمّا وجده كبّر ثمّ قال : «إنّ في هذه لعبرة لمن استبصر»(3).

ومنه : قوله في الخوارج مخاطباً لأصحابه : «والله لا يفلت منهم عشرة

____________

(1) ارشاد المفيد 1 : 315 ، الخرائج والجرائح 1 : 200 | 39 ، الثاقب في المناقب : 266 | 5 ، وباختلاف في رجال الكشي 1 : 315 | 156 ، وباختصار في إرشاد القلوب : 224.

(2) المُخْدَج : الناقص الخلق ، ويراد به هنا مُخْدَج اليد أي ناقصها.

(3) ارشاد المفيد1 : 316 ـ 317 ، ونحوه في مسند الطيالسي : 24 / 66 و 69 ، ومصنف عبد الرزاق الصنعاني 10 : 147 | 18650 و 149 | 18652 و 18653 ، والمصنف لابن أبي شيبة 15 : 303 | 19727 و 311 | 19744 ، صحيح مسلم 2 : 749 | 1066 ، وسنن أبي داود 4 : 242 | 4763 و 244 | 4768 و 245 | 4769 ، سنن ابن ماجة 1 : 59 | 167 ، والسنة لابن أبي عاصم : 428 | 912 و 430 | 916 و 432 | 917 ، ومسند أحمد 1 : 83 و 95 و 144 و 147 و 155 ، وخصائص النسائي : 184 | 177 و 189 | 183 و 190 | 184 و 191 | 186 و 193 | 188 ، مسند أبي يعلى الموصلي 1 : 281 | 337 و 371 | 476 و 477 و 372 | 478 ـ 481 و 421 | 555 ، المعجم الصغير للطبراني 2 : 85 ، وسنن البيهقي 8 : 188 ، وتاريخ بغداد 11 : 118 و 12 : 390 ، ومناقب الخوارزمي : 185 ، وجامع الاصول لابن الأثير 1 : 79 | 7550 ، والكامل في التاريخ 3 : 347 و 348 ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 : 275 و 276.

٣٣٨

ولايهلك منكم عشرة »(1).

فكان كما قال.

ومنه : ما رواه جندب بن عبداللهّ الأزدي قال : شهدت مع عليّعليه‌السلام الجمل وصفين لا أشكّ في قتال من قاتله ، حتّى نزلت النهروان فدخلني شكّ فقلت : قرّاؤنا وخيارنا نقتلهم ! إنّ هذا الأمر عظيم ، فخرجت غدوة أمشي ومعي أداوة ماء حتّى برزت من الصفوف ، فركزت رمحي ووضعت ترسي عليه واستترت من الشمس ، فإنّي لجالس إذ ورد عليّ أميرالمؤمنينعليه‌السلام فقال : «يا أخا الأزد أمعك طهور؟» قلت : نعم.

فناولته الأداوة ، فمضى حتّى لم أره ، ثمّ أقبل فتطهّر فجلس في ظلّ الترس ، فإذا فارس يسأل عنه ، فقلت : يا أمير المؤمنين هذا فارس يريدك ، قال : «فأشر إليه» فأشرت إليه فجاء فقال : يا أمير المؤمنين قد عبر القوم وقطع النهر ، فقال : « كلاّ ما عبروا » ، فقال : بلى والله لقد فعلوا ، قال : «كلاّ ما فعلوا».

قال : فإنّه لكذلك إذ جاء رجلٌ آخر فقال : يا أمير المؤمنين قد عبر القوم ، قال : «كلاّ ما عبر القوم» قال : والله ما جئتك حتّى رأيت الرايات في ذلك الجانب والأثقال ، قال : « والله ما فعلوأ ، وإنّه لمصرعهم ومهراق دمائهم ».

ثمّ نهض ونهضت معه ، فقلت في نفسي : الحمد للهّ الذي بصّرني بهذا الرجل وعرّفني أمره ، هذا أحد رجلين : إمّا رجل كذّاب جريء ، أوعلى بيّنة من ربه وعهد من نبيّه ، اللهمّ إنّي أعطيك عهداً تسألني عنه يوم القيامة : إنأنا وجدت القوم قد عبروا أن أكون أوّل من يقاتله وأوّل من يطعن بالرمح فيعينه ، وإن كانوا لم يعبروا أن أقيم على المناجزة والقتال.

____________

(1) الخرائج والجرائح 1 : 227 | ضمن حديث 71 ، كشف الغمة 1 : 274 ، مناقب ابن المغازلي : 59 | ضمن حديث 86 ، الكامل في التاريخ 3 : 5 34 ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 : 273.

٣٣٩

فدفعنا إلى الصفوف ، فوجدنا الرايات والأثقال كما هي ، قال : فأخذ بقفاي ودفعني ثم قال : «يا أخا الأزد ، أتبيّن لك الأمر؟» فقلت : أجليا أمير المؤمنين ، قال : « فشأنّك بعدوّك » فقتلت رجلاً ، ثمّ قتلت آخراَ ، ثمّ اختلفت أنا ورجل آخر أضربه ويضربني فوقعنا جميعاً ، فاحتملني أصحابي ، فأفقت حين أفقت وقد فرغ القوم(1).

فكان كما قالعليه‌السلام .

وأمّا إخبارهعليه‌السلام بما يكون بعد وفاته من الحوادث والملاحم والوقائع ، وما ينزل بشيعته من الفجائع ، وما يحدث من الفتن في دولة بني اُميّة والدولة العبّاسيّة وغيرها فأكثر من أن تحصى :

فمن ذلك : قولهعليه‌السلام لأهل الكوفة : «أما إنّه سيظهر عليكم بعدي رجلٌ رحب البلعوم ، مندحق(2) البطن ، يأكل ما يجد ، ويطلب ما لا يجد ، فاقتلوه ولن تقتلوه ، ألا وإنّه سيأمركم بسبّي والبراءة منّي ، فأمّا السبّ فسبّوني فإنّه لي زكاة ولكم نجاة ، وأمّا البراءة فلا تتبرّؤوا منّي ، فإنّي ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإسلام والهجرة»(3).

فكان كما قالعليه‌السلام .

ومن ذلك : أنّه لمّا اخذ مروان بن الحكم أسيراً يوم الجمل فتكلّم فيه الحسن والحسينعليهما‌السلام فخلّى سبيله فقالا له : «يبايعك يا أمير المؤمنين» فقال : «ألم يبايعني بعد قتل عثمان ، لا حاجة لي في بيعته ،

____________

(1) ارشاد المفيد 1 : 317 ، كشف الغمة 1 : 277 ، ونحوه في الكافي 1 : 2 |280 ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 : 217 ، وكنز العمال 11 : 289.

(2) قال ابن الأثير في نهايته (2 : 105 ) : وفي حديث علي [عليه‌السلام ] «سيظهر بعدي عليكم رجل مندحق البطن» أي واسعها ، كأن جوانبها قد بعد بعضها من بعض فاتسعت.

(3)نهج البلاغة 1 : 101 | خطبة 56.

٣٤٠