إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ١

إعلام الورى بأعلام الهدى10%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: 555

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 555 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135037 / تحميل: 11161
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠١٠-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

(الباب الاَول)

في ذكر نسبه ومولده

وذكر أسمائه ومدة حياته ووقت وفاته

يشتمل على ثلاثة فصول :

٤١

(الفصل الاَول)

في ذكر مولده ونسبه إلى آدم عليه السلام ووقت وفاته

ولدصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الجمعة عند طلوع الشمس السابع عشر من شهر ربيع الاَول من عام الفيل(١) .

(وفي رواية العامّة : ولدصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين ، ثمّ اختلفوا فمن قائل يقول لليلتين من شهر ربيع الاَوّل(٢) ، ومن قائل يقول : لعشر ليال خلون منه(٣) ، وذلك لاَربع وثلاثين سنة وثمانية أشهر مضت من ملك كسرى)(٤) أنوشيروان بن قباد وهو قاتل مزدك والزنادقة ومبيرهم(٥) وهو الذي عنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ما يزعمون : ولدت في زمان الملك العادل الصالح(٦) . ولثمان سنين وثمانية

__________________

(١) مساّر الشيعة : ٢٩ ، التهذيب للطوسي ٦ : ٢ ، مصباح المتهجد : ٧٣٢ ، قصص الاَنبياء للراوندي : ٣١٦ |٣٩٣ ، مناقب ابن شهرآشوب ١ : ١٧٢ ، روضة الواعظين : ٧٠ ، اقبال الاَعمال : ٦٠٣ ، العدد القوية : ١١٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩ | ٢٥ ، وفي بعض المصادر : طلوع الفجر بدل طلوع الشمس.

(٢) الطبقات الكبرى ١ : ١٠١ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٧ ، صفة الصفوة ١ : ٥٢ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ٩٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩ | ٢٥.

(٣) الطبقات الكبرى ١ : ١٠٠ ، صفة الصفوة ١ : ٥٢ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ٩٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩|٢٥.

(٤) ما بين القوسين لم يرد في نسخة «ق» ، وفي نسخة «ط» إلى آخر المقطع ، واثبتناه من نسخة «م» ونسخة المجلسي.

(٥) مبيرهم : مهلكهم. «لسان العرب ٤ : ٨٦».

(٦) قصص الاَنبياء للراوندي : ٣١٦| ذيل الحديث ٣٩٣ قطعة منه ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩ | ٢٥.

٤٢

أشهر من ملك عمرو بن هند ملك العرب(١) .

وكنيته : أبو القاسم.

وروى أنس بن مالك قال : لمّا ولد إبراهيم ابن النبيّ من مارية أتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال : «السلام عليك أبا إبراهيم» ، أو : «يا أبا إبراهيم»(٢)

ونسبه : محمّد بن عبدالله بن عبد المطلب ـ واسمه شيبة الحمد ـ بن هاشم ـ واسمه عمرو ـ بن عبد مناف ـ واسمه المغيرة ـ بن قصي ـ واسمه زيد ـ ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان(٣) .

وروي عنهعليه‌السلام أنّه قال : «إذا بلغ نسبي عدنان فأمسكوا»(٤) .

وروي عن اُمّ سلمة زوج النبيّعليه‌السلام قالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «معد بن عدنان بن اُدد بن زيد بن ثرا بن أعراق الثرى ، قالت اُمّ سلمة : زيد هميسع وثرانبت وأعراق الثرى إسماعيل بن إبراهيمعليه‌السلام ؛ قالت : ثمّ قرأ رسول الله وصلّى الله عليه

__________________

(١) مناقب ابن شهرآشوب ١ : ١٧٢ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٢) الطبقات الكبرى ١ : ١٣٥ ، مستدرك الحاكم ٢ : ٦٠٤ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٦٤ الوفا بأحوال المصطفى ١ : ١٠٥ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٣) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٤ ، سيرة ابن هشام ١ : ١ ، الطبقات الكبرى ١ : ٥٥ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢٧١ ، مروج الذهب ٣ : ٥|١٤٤٢ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٧٩ ، الاستيعاب ١ : ١٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٤) قصص الاَنبياء للراوندي : ٣١٦|٣٩٤ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، الطبقات الكبرى ١ : ٥٦ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

٤٣

وآله وسلّم :( وَعاداً وثَمَودَ وأصْحابَ الرَّسِّ وَقُروناً بَينَ ذلِك كَثيراً ) (١) لا يعلمهم إلاّ الله»(٢) .

وذكر الشيخ أبو جعفر بن بابويه رضوان الله عليه : عدنان بن أدّ بن اُدد بن يامين بن يشجب بن منحر بن صابوغ بن الهميسع(٣) .

وفي رواية اُخرى : عدنان بن اُدد بن زيد بن يقدد بن يقدم الهميسع بن نبت بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيمعليه‌السلام (٤) .

وقيل : الاَصحّ الذي اعتمد عليه أكثر النسّاب وأصحاب التواريخ : أنّ عدنان هو اُدّ بن اُدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيمعليهما‌السلام ابن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن ارغوا بن فالغ بن عابر(٥) وهو هودعليه‌السلام ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوحعليه‌السلام بن لمك بن متّوشلخ بن أخنوخ(٦) وهو إدريسعليه‌السلام (ابن يارد)(٧) بن (مهلائيل)(٨) يارد بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم

__________________

(١) الفرقان ٢٥ : : ٣٨.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٧٨ـ ١٧٩ ، وذكر صدره الطبري في تاريخه ٢ : ٢٧١ ، وابن الجوزي في الوفا بأحوال المصطفى ١ : ١٦ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٣) نقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٤) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، الطبقات الكبرى١ : ٥٧ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٧٤ ، وباختلاف يسير في الاَخرين ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٥) في نسخة «ط» : غابر.

(٦) في نسخة «م» زيادة : ويقال : اُخنوخ.

(٧) ليس في نسختي «ط ، ق».

(٨) في نسخة «ط» : مهلائل.

٤٤

عليه‌السلام أبي البشر(١) .

واُمّه : آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب.

وأرضعته حتّى شبّ حليمة بنت عبدالله بن الحارث بن شجنة السعديّة من بني سعد بن بكر بن هوازن ، وكانت ثويبة مولاة أبي لهب بن عبد المطّلب أرضعته أيضاً بلبن ابنها مسروح وذلك قبل أن تقدم حليمة ، وتوفيّت ثويبةمسلمة سنة سبع من الهجرة ، ومات ابنها قبلها ، وكانت قد أرضعت ثويبة قبله حمزة بن عبد المطلب عمّه ، فلذلك قال رسول اللهعليه‌السلام لابنة حمزة : «إنّها ابنة أخي من الرضاعة» وكان حمزة أسنّ من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأربع سنين(٢) .

وأمّا جدّته اُمّ أبيه عبدالله : فهي فاطمة بنت عمر [و] بن عائذ بن عمران بن مخزوم.

واُمّ عبدالمطلب : سلمى بنت عمرو من بني النجّار.

واُمّ هاشم : عاتكة بنت مرّة بن هلال من بني سليم.

واُمّ قصي وزهرة : فاطمة بنت سعد من أزد السراة(٣) .

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، مروج الذهب ٣ : ٥|١٤٤٢ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٢) انظر : المقنعة : ٤٥٦ ، التهذيب للطوسي ٦ : ٢ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ و ١٧٣ ، سيرة ابن هشام ١ : ١٦٤ ، و ١٦٥ و ١٦٩ ، الطبقات الكبرى ١ : ٥٩ و ١٠٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٠ ، مروج الذهب ٣ : ١٣ | ١٤٥٩ ، دلائل النبوة للاصبهاني ١ : ١٩٦ و ١٩٧ | ٩٥ و ٩٦ ، صفة الصفوة ١ : ٥٦ و ٦١ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨١|٢٥.

(٣) انظر : سيرة ابن هشام ١ : ١٠٩ ، و ١١١ و ١١٤ ، الطبقات الكبرى ١ : ٦٢ و ٦٤ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١١ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢٤٧ و ٢٥٢ و ٢٥٤ ، الكامل في التاريخ ٢ : ١٠

=

٤٥

وصدعصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة يوم السابع والعشرين من رجب وله يومئذ أربعون سنة.

وقبض صلوات الله عليه وآله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشر من الهجرة ، وهو ابن ثلاث وستّين سنة(١) .

__________________

=

و ١٦ و ١٨ و ٣٣ ، البداية والنهاية ٢ : ٢١٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨١|٢٥.

(١) انظر : الكافي ٤ : ١٤٩|٢ ، المقنعة : ٤٥٦ ، الارشاد ١ : ١٨٩ ، التهذيب للطوسي ٦ : ٢ ، مصباح المتهجد : ٧٣٢ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٧٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨١|٢٥.

٤٦

(الفصل الثاني)

في ذكر أسمائه صلوات الله عليه وشرف أصله ونسبه

وأمّا أسماؤه وصفاته صلوات الله عليه وآله :

فمنها : ما جاء به التنزيل وهو :

الرسول ، النبيّ ، الاُمي : في قوله :( الّذين يتّبعون الرّسول النبيّ الامي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التَّوراة والاِِنجيل ) (١) .

والمزّمل والمدّثّر : في قوله تعالى :( يا أيّها المُزّمّل ) (٢) ( يا أيّها المدّثّرُ ) (٣) .

والنذير المبين : في قوله تعالى :( قُل اِنّي اَنا النَّذيرُ المُبينُ ) (٤)

وأحمد : في قوله تعالى :( وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يأتي مِنْ بَعدي اسمُه أحمد ) (٥) .

ومحمّد : في قوله تعالى :( محمّد رَسولُ اللهِ ) (٦) .

والمصطفى : في قوله تعالى :( اللهُ يَصطفي مِنَ الملائكةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاس ) (٧) .

__________________

(١) الاَعراف ٧ : ١٥٧.

(٢) المزمل ٧٣ : ١.

(٣) المدثر ٧٤ : ١.

(٤) الحجر ١٥ : ٨٩.

(٥) الصف ٦١ : ٦.

(٦) الفتح ٤٨ : ٢٩.

(٧) الحج ٢٢ : ٧٥.

٤٧

والكريم : في قوله تعالى :( إنّهُ لقَولُ رسولٍ كَريمٍ ) (١) .

وسمّاه سبحانه نوراً : في قوله :( قَد جاءَكُم مِنَ اللهِ نورٌ وكِتابٌ مُبينٌ ) (٢) .

ونعمة : في قوله تعالى :( يَعرِفُونَ نِعمَةَ اللهِ ثُمّ ينكرُونَها ) (٣) .

ورحمة : في قوله تعالى :( وَما اَرسلنَكَ إلاّ رَحمةً لِلعالَمينَ ) (٤) .

وعبداً : في قوله تعالى :( نَزَّل الفُرقان على عَبِدِه ) (٥) .

ورؤوفاً رحيماً : في قوله :( بالمُؤمنينَ رَؤفٌ رَحيمٌ ) (٦) .

وشاهداً ، ومبشراً ، ونذيراً ، وداعياً : في قوله تعالى :( اِنّا اَرسلناكَ شَاهداً ومَبُشَراً ونَذيراً *وَداعياً اِلى الله باذِنِه وَسِراجاً مُنيراً ) (٧) .

وسمّاه منذراً : في قوله تعالى :( انما أنت منذر ) (٨) .

وسماه عبدالله : في قوله تعالى :( وَانّه لمّا قام عَبدُ الله يَدعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَدا ) (٩) .

وسمّاه مذكرّاً : في قوله تعالى :( اِنّما اَنتَ مُذكِّر ) (١٠) .

وسمّاه طه ، ويس.

__________________

(١) التكوير ٨١ : ١٩.

(٢) المائدة ٥ : ١٥.

(٣) النحل ١٦ : ٨٣.

(٤) الاَنبياء ٢١ : ١٠٧.

(٥) الفرقان ٢٥ : ١.

(٦) التوبة ٩ : ١٢٨.

(٧) الاَحزاب ٣٣ : ٤٥ ـ ٤٦.

(٨) الرعد ١٣ : ٧.

(٩) الجن ٧٢ : ١٩.

(١٠) الغاشية ٨٨ : ٢١.

٤٨

ومنها : ما جاءت به الاَخبار : ذكر محمّد بن إسماعيل البخاري في الصحيح عن جبير عن مطعم قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إنّ لي أسماء : أنا محمّد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد»(١) .

وقيل : أن الماحي الذي يمحى به سيّئات من اتّبعه.

وفي خبر آخر : المقفّي ، ونبيّ التوبة ، ونبيّ الملحمة ، والخاتم ، والغيث ، والمتوكّل(٢) .

وأسماؤه في كتب الله السالفة كثيرة منها : مؤذ مؤذ بالعبرانيّة في التوراة ، وفارق في الزّبور(٣) .

وروى أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب دلائل النبوّة : بإسناده عن الاَعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ الله عزّ وجل قسّم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً ، وذلك قوله في :( وَاَصحابُ اليمين ) (٤) ( وَاَصحابُ الشّمالِ ) (٥) فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين. ثمّ جعل

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ : ٢٢٥ ، وكذا في : الموطأ ٢ : ١٠٠٤ ، سنن الدارمي٢ : ٢١٧ : صحيح مسلم ٤ : ١٨٢٨ | ٢٣٥٤ ، مسند أحمد ٤ : ٨٠ ، صحيح الترمذي ٥ : ١٣٥ | ٢٨٤٠ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٥٢ ، ونقله المجلسي في بحار الانوار ١٦ : ١١٤ | ٤٣.

(٢) مسند أحمد ٤ : ٤٠٤ ، صفة الصفوة ١ : ٥٥ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ١٠٤ ، البداية والنهاية ٢ : ٢٥٢ بزيادة ونقصان ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١١٤|٤٣.

(٣) أنظر : مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥١ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١١٤ | ٤٣.

(٤) الواقعة ٥٦ : ٢٧.

(٥) الواقعة ٥٦ : ٤١.

٤٩

القسمين أثلاثاً ، فجعلني في خيرها ثلثاً فذلك قوله :( فَاَصحابُ الميمنة ) (١) ( وَاَصحابُ المَشئمَة ) (٢) ( السّابقونَ السّابِقُون ) (٣) فأنا من السابقين وأنا خير السابقين ، ثمّ جعل الاَثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله :( وَجَعلناكُم شُعُوباً وَقَبائِلَ ) (٤) الآية ، فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر ، ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً وذلك قوله عزّ وجل :( اِنّما يُريدُ الله ليُذهبَ عَنكُم الرّجس اَهلَ البَيتِ وَيُطّرِكُم تَطهِيراً ) (٥) فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب»(٦) .

وروى الشيخ أبو عبدالله الحافظ بإسناده ، عن سفيان بن عيينة أنه قال : أحسن بيت قالته العرب قول أبي طالب للنبّيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

وشقّ له من اسمه كي يُجلّهُ

فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمد(٧)

وقال غيره : إنّ هذا البيت لحسّان بن ثابت في قطعة له أوّلها :

ألم تر أنّ الله أرسل عبده

ببرهانه والله أعلى وأمجد(٨)

ومن صفاته التي جاءت في الحديث : راكب الجمل ، وآكل الذراع ، ومحرّم الميتة ، وقابل الهديّة ، وخاتم النبوّة ، وحامل الهراوة ، ورسول

__________________

(١) الواقعة ٥٦ : ٨.

(٢) الواقعة ٥٦ : ٩.

(٣) الواقعة ٥٦ : ١٠.

(٤) الحجرات ٤٩ : ١٣.

(٥) الاَحزاب ٣٣ : ٣٣.

(٦) دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٧٠ ، نقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

(٧) رواره عنه البيهقي في دلائله ١ : ١٦١ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

(٨) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٦٥ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

٥٠

الرحمة.

ويقال : إنّ كنيته في التوراة أبو الاَرامل ، واسمه صاحب الملحمة(١) .

وروي أنّه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا الاَول والآخر ، أوّل في النبوّة وآخر في البعثة»(٢) .

__________________

(١) انظر : مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٤ ، وكشف الغمة ١ : ١٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

(٢) كشف الغمة ١ : ١٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

٥١

(الفصل الثالث)

في ذكر مدة حياته صلى الله عليه وآله وسلّم

عاشصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثاً وستين سنة ، منها مع أبيه سنتين وأربعة أشهر ، ومع جدّه عبدالمطلب ثمان سنين ، ثمّ كفّله عمّه أبو طالب بعد وفاة جدّه عبدالمطّلب فكان يكرمه ويحميه وينصره أيّام حياته(١) .

وذكر محمّد بن إسحقاق بن يسار : أنّ أباه عبدالله مات واُمّه حبلى ، وقيل أيضاً : إنّه مات والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ابن سبعة أشهر(٢)

وذكر ابن إسحقاق قال : قدمت آمنة بنت وهب اُمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله به على أخواله من بني عديّ بن النجّار بالمدينة ثمّ رجعت به حتّى إذا كانت بالاَبواء هلكت بها ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ابن ستّ سنين(٣) .

وروي عن بريدة قال : انتهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى رسم قبر فجلس وجلس الناس حوله فجعل يحرّك رأسه كالمخاطب ثمّ بكى ، فقيل : ما يبكيك يا رسول الله؟ قال : «هذا قبر آمنة بنت وهب استأذنت ربّي في أن أزور قبرها فأذن لي فأدركتني رقّتها فبكيت» فما رأيته ساعة أكثر باكياً من تلك الساعة(٤) .

__________________

(١) أنظر : كشف الغمة ١ : ١٦ ، والطبقات الكبرى ١ : ١١٩ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ١٣ و ١٤ ، ومروج الذهب ٣ : ١٤ | ١٤٦٠ ، ودلائل النبوة للاصبهاني ١ : ٢٠٩ | ١٠٣ و ١٠٤ ، ودلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٨ ، وصفة الصفوة ١ : ٦٥.

(٢) انظر : دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٧ ـ ١٨٨.

(٣) سيرة ابن اسحقاق : ٦٥ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٨.

(٤) الطبقات الكبرى ١ : ١١٧ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٩.

٥٢

وفي خبر آخر : «استأذنت ربي في زيارة قبر اُمّي فأذن لي ، فزوروا القبور تذكّركم الموت» رواه مسلم في الصحيح(١) .

وتزوّج بخديجة بنت خوليد وهو ابن خمس وعشرين سنة. وتوفّي عمّه أبو طالب وله ستّ وأربعون سنة وثمانية أشهر وأربعة وعشرون يوماً. وتوفّيت خديجة بعده بثلاثة أيّام ، وسمّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك العام عام الحزن(٢) .

وروى هشام بن عروة ، عن أبيه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما زالت قريش كاعّة(٣) عنّي حتّى مات أبو طالب»(٤)(٥) ‌.

وأقامصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكّة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة ، ثمّ هاجر منها إلى المدينة بعد أن استتر في الغار ثلاثة أيّام وقيل : ستّة أيّام ، ودخل المدينة يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الاَول وبقي بها عشر سنين.

ثمّ قبضصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاَثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة(٦) .

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٦٧١ | ٩٧٦.

(٢) انظر : كشف الغمة ١ : ١٦ ، وسيرة ابن هشام ١ : ١٩٨ ، والطبقات الكبرى ١ : ١٣٢ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٠ ، ومروج الذهب ٣ : ١٥ | ١٤٦١ ، وصفة الصفوة ١ : ٧٤ ، والكامل في التاريخ ٢ : ٣٩.

(٣) كاعّة : خائفة وجبانة.

(٤) لم ترد الرواية في نسخة «ط».

(٥) كشف الغمة ١ : ١٦ ، دلائل النبوة للبيهقي ٢ : ٣٥٠.

(٦) انظر : الكافي ١ : ٣٤٦ ، كشف الغمة ١ : ١٦ ، وسيرة ابن هشام ٢ : ١٣٠ ، وصحيح البخاري ٥ : ٧٣ ، وصحيح مسلم ٤ : ١٨٢٦ | ٢٣٥١ ، وتاريخ الطبري ٢ : ٣٧٩ ، ومروج الذهب ٣ : ١٨|١٤٦٧ ، وصفة الصفوة ١ : ١١٧ و ١٢٩ ، والكامل في التاريخ ٢ : ١٠٤

=

٥٣

واختلف أهل بيته وأصحابه في موضع دفنه فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «إنّ الله تعالى لم يقبض روح نبيّه إلاّ في أطهر البقاع فينبغي أن يدفن هناك». فأخذوا بقوله ودفنوه في حجرته التي قبض فيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

__________________

=و ١٠٦ و ١٠٧.

(١) روضة الواعظين : ٧١ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ٢٤٠ ، كشف الغمة ١ : ١٩.

٥٤

(الباب الثاني)

في ذكر آياته الباهرات

ومعجزاته الخارقة للعادات

وهذه الآيات : قسمان أحدهما : ما ظهر قبل مبعثه. والآخر : ما ظهر بعد ذلك.

فأمّا ما ظهر قبل الدعوة والمبعث : فمن ذلك ما استفاض في الحديث : أنّ اُمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما وضعته رأت نواراً أضاءت له قصور الشام.

وحدّثت هي : أنّها اُتيت حين حملت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل لها : إنّك حملت بسيد هذه الاُمة فإذا وقع على الاَرض فقولي :

اُعيذه بالواحد

شرّ كلّ حاسد

فإنّ آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بُصرى من أرض الشام ، فإذا وقع فسمّيه محمّداً ، فإنّ اسمه في التوراة أحمد ، يحمده أهل السماء والاَرض ، واسمه في الاِنجيل أحمد ، يحمده أهل السماء والاَرض ، واسمه في الفرقان محمّد. قالت : فسمّيته بذلك(١) .

____________

(١) انظر : كشف الغمة ١ : ٢٠ ، وسيرة ابن هشام ١ : ١٦٦ ، وتاريخ الطبري ٢ : ١٥٦ ، ودلائل

=

٥٥

وروى أبو اُمامة قال : قيل : يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟ قال : «دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ، ورأت اُمّي أنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام»(١) .

ومن ذلك : ما رواه الاُستاذ أبو سعد الواعظ الزاهد الخركوشي(٢) بإسناده عن مخزوم بن أبي المخزومي ، عن أبيه وقد أتت عليه مائة وخمسون سنة قال : لمّا كانت الليلة التي ولد فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ارتجس(٣) أيوان كسرى فسقطت منهأربع عشرة شرفة ، وخمدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، وغاضت بحيرة ساوة ، ورأى المؤبذان(٤) أنّ إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة فانتشرت في بلادها.

__________________

=النبوة للبيهقي ١ : ٨٢ و ٨٣ ، والكامل في التاريخ ١ : ٤٥٨.

(١) مسند الطيالسي : ١٥٥|١١٤٠ ، الطبقات الكبرى ١ : ١٠٢ ، مسند أحمد ٥ : ٢٦٢ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٦٥ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ٨٤.

(٢) الخركوشي : هو أبو سعد عبدالملك بن محمّد النيشابوري الحافظ الواعظ صاحب كتاب «شرف المصطفى». قال عنه السمعاني في الانساب : الخركوشي بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء وضم الكاف وفي آخرها الشين ، هذه النسبة إلى خركوش وهي سكة بنيسابور كبيرة كان بها جماعة من المشاهير مثل أبي سعد عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم الخركوشي ، الزاهد الواعظ ، أحد المشهورين بأعمال البر والخير ، وكان عالماً زاهداً فاضلاً ، رحل إلى العراق والحجاز وديار مصر ، وأدرك العلماء والشيوخ ، وصنّف التصانيف المفيدة ـ إلى أن قال ـ : وجاور حرم الله مكة ، ثم عاد إلى وطنه نيشابور ، ولزم منزله ، وبذل النفس والمال للمستورين من الغرباء والفقراء المنقطعين منهم ، وبنى داراً للمرضى بعد أن خربت الدور القديمة لهم ، ووكَّل جماعة من أصحابه لتمريضهم وحمل مياههم ، وكانت وفاته في سنة ٤٠٦ هـ بنيشابور.

انظر : الكنى والاَلقاب ٢ : ١٨٣ ، الانساب ٥ : ٩٣.

(٣) ارتجس : اضطرب وتحرك حركة سُمع لها صوت «لسان العرب ٦ : ٩٥».

(٤) المؤبذان (بضم الميم وفتح الباء) : فقيه الفرس وحاكم المجوس. «القاموس المحيط ١ : ٣٦٠».

٥٦

فلمّا أصبح كسرى راعه ذلك وأفزعه وتصبّر عليه تشجّعاً ، ثمّ رأى أن لا يدّخر ذلك عن وزرائه ومرازبته(١) ، فجمعهم وأخبرهم بما هاله ، فبينا هم كذلك إذ أتاه كتاب بخمود نار فارس ، فقال المؤبذان : وأنا رأيت رؤيا ، وقصّ عليه رؤياه في الاِبل ، فقال : أيّ شيء يكون هذا يا مؤبذان ، قال : حدث يكون من ناحية العرب.

فكتب كسرى عند ذلك إلى ملك العرب النعمان بن المنذر :

أمّا بعد : فوجّه إليّ برجل عالم بما اُريد أن أسأله عنه.

فوجّه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن بقيلة الغسّاني ، فلمّا قدم عليه أخبره بما رأى ، فقال : علم ذلك عند خال يسكن مشارق الشام ، يقال له : سطيح ، قال : فاذهب إليه فسله وائتني بتأويل ما عنده.

فنهض عبد المسيح حتّى قدم على سطيح وقد أشفى على الموت ، فسلّم فلم يحر جواباً ، فأنشأ عبد المسيح أبياتاً فيها ما أراده منه ، ففتح سطيح عينيه ثمّ قال : عبد المسيح على جمل مسيح إلى سطيح وقد أوفى على الضريح ، بعثك ملك بني ساسان : لارتجاس الاَيوان ، وخمود النيران ، ورؤيا المؤبذان ، رأى إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.

يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة ، وظهر صاحب الهراوة ، وفاض وادي السماوة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وخمدت نار فارس ، فليس الشام لسطيح شاماً ، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات ، وكلّ ما هو آت آت ، ثمّ قضى سطيح مكانه.

__________________

(١) المرزبة : كمرحلة ، رئاسة الفُرس ، وهو مرزبانهم أي أميرهم ورئيسهم. «انظر : القاموس المحيط ١ : ٧٣».

٥٧

فنهض عبد المسيح وقدم على كسرى وأخبره بما قال سطيح ، فقال : إلى أن يملك منّا أربعة عشر ملكاً كانت اُمور ، فملك منهم عشرة في أربع سنين والباقون إلى أمارة عثمان(١) .

ومن ذلك : ما رواه عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن رجاله قال : كان بمكّة يهوديّ يقال له يوسف ، فلمّا رأى النجوم تقذف وتتحرّك ليلة ولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : هذا نبيّ قد ولد في هذه الليلة ، لاَنّا نجد في كتبنا أنه إذا ولد آخر الاَنبياء رجمت الشاطين وحجبوا عن السماء.

فلمّا أصبح جاء إلى نادي قريش فقال : هل ولد فيكم الليلة مولود؟

قالوا : قد ولد لعبدالله بن عبد المطّلب ابنٌ في هذه الليلة.

قال : فاعرضوه عليّ.

فمشوا إلى باب آمنة ، فقالوا لها : اخرجي ابنك ، فأخرجته في قماطه ، فنظر في عينه ، وكشف عن كتفيه فرأى شامة سوداء وعليها شعيرات ، فلمّا نظر إليه اليهوديّ وقع إلى الاَرض مغشيّاً عليه ، فتعجّبت منه قريش وضحكوا منه ، فقال : أتضحكون يا معشر قريش هذا نبيّ السيف ليبيرنّكم ، وذهب النبوة عن بني إسرائيل إلى آخر الاَبد ، وتفرّق الناس يتحدّثون بخبر اليهودي(٢) .

ومن ذلك : بشارة موسى بن عمرانعليه‌السلام به في التوراة ، فلقد حدّثني من أثق به قال : مكتوب في خروج النبي من ولد إسماعيل ، وصفته

__________________

(١) كمال الدين : ١٩١|٣٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٨ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٦٦ ـ ١٦٨ ، دلائل النبوة للاصبهاني ١ : ١٧٤ ـ ١٧٧ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٢٦ ـ ١٢٩ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ٩٧ ـ ١٠٠ ، وفيها باختلاف يسير.

(٢) تفسير القمي ١ : ٣٧٣ و ٣٧٤ ، كمال الدين : ٩٧ ، وفيه باختلاف يسير.

٥٨

هذه الاَلفاظ : لاشموعيل شمعشخوا هني بيراخت اُوثو هربيث ، اُتو هربتي واُتو بمادماد شينم آسور نسيئم وأنا تيتو الكوى كادل.

وتفسيره : إسماعيل قبلت صلاته ، وباركت فيه ، وأنميته ، وكثّرت عدده بولد له اسمه محمّد ، يكون اثنين وتسعين في الحساب ، ساُخرج اثنا عشر إماماً ملكاً من نسله ، واُعطيه قوماً كثير العدد.

ومن ذلك : ما أخبر به الثقة أنه قرأ في الاِنجيل ـ ذكره الشيخ أبو جعفر ابن بابويهرحمه‌الله في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ـ : «إنّي أنا الله الدائم الذي لا أزول ، صدّقوا النبيّ الاُميّ صاحب الجمل والمدرعة والتاج ـ وهي العمامة ـ والنعلين والهراوة ـ وهي القضيب ـ الاَكحل العينين ، الصلت(١) الجبين ، الواضح الخدّين ، الاَقنى(٢) الاَنف ، المفلّج(٣) الثنايا ، كأنّ عنقه إبريق فضّة ، كأنّ الذهب يجري في تراقيه ، له شعرات من صدره إلى سرّته ، ليس على بطنه وصدره شعر ، أسمر اللون ، دقيق المسربة(٤) ، شثن الكفّ والقدم ، إذا التفت التفت جميعاً ، وإذا مشى كأنّما ينقلع من صخر وينحدر من صبب ، وإذا جاء مع القوم بذّهم ، عرقه في وجهه كاللؤلؤ ، وريح المسك تنفح منه ، لم ير قبله مثله ولا بعده ، طيّب الريح ، نكّاح للنساء ، ذو النسل القليل ، إنّما نسله من مباركة لها بيت في الجنّة ، لا صخب فيه ولا نصب ، يكفّلها في آخر الزمان كما كفّل زكريّا اُمّك ، له فرخان مستشهدان ، كلامه القرآن ، ودينه الاِسلام وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه ، وشهد أيّامه

__________________

(١) الصلت : الواضح. «لسان العرب ٢ : ٥٣».

(٢) القنا : احديداب في الاَنف ، يقال رجل أقنى الاَنف وامرأة قنواء. «الصحاح ـ قنا ـ ٦ : ٢٤٦٩».

(٣) المفلّج : الفلج في الأسنان : تباعد ما بين الثنايا والرباعيات. «العين ٦ : ١٢٧».

(٤) المسربة : شعرات تنبت في وسط الصدر إلى أصل السرة. «العين ٧ : ٢٤٩».

٥٩

وسمع كلامه».

فقال عيسىعليه‌السلام : «يا ربّ وما طوبى؟».

قال : «شجرة في الجنّة إنّما غرستها بيدي ، تظّل الجنان ، أصلها من رضوان ، ماؤها من تسنيم ، برده برد الكافور ، وطعمه طعم الزّنجبيل ، من يشرب من تلك العين شربة لم يظمأ بعدها أبداً».

فقال عيسىعليه‌السلام : «اللّهم اسقني منها».

قال : «حرام يا عيسى على النبيّين أن يشربوا منها حتّى يشرب ذلك النّبي ، وحرامٌ على الاُمم أن يشربوا منها حتّى تشرب اُمّة ذلك النبيّ ، أرفعك إليّ ثم اُهبطك في آخر الزمان لترى من اُمّة ذلك النبيّ العجائب ، ولتعينهم على اللعين الدجّال ، اُهبطك في وقت الصلاة لتصلّي معهم إنّهم اُمّة مرحومة»(١) .

ومن ذلك : حديث سلمان الفارسي وأنّه لم يزل ينتقل من عالم إلى عالم ومن فقيه إلى فقيه ، ويبحث عن الاَسرار ، ويستدلّ بالاَخبار ، وينتظر قيام سيّد الاَولين والآخرين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعمائة سنة حتّى بُشّر بولادته ، فلمّا أيقن بالفرج خرج يريد تهامة فسبي. والخبر في ذلك طويل مذكور في كتاب كمال الدين(٢) .

ومن ذلك : حديث تّبع الملك وقوله : سيخرج من هذه ـ يعني مكة ـ نبي يكون مهاجره يثرب ، وأخذ قوماً من اليمن فأنزلهم مع اليهود بيثرب لينصروه إذا خرج ، فهم الاَوس والخزرج.

وفي ذلك يقول تبع :

__________________

(١) كمال الدين : ١٥٩|١٨.

(٢) كمال الدين : ١٦١|٢١.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الصالح الفهامة، الثقة المطلع والحافظ المتتبع، الشيخ محمد الشامي الدمشقي ثم المصري ».

٣ - وقال المفتيصدر الدين خان في ( منتهى المقال ): « قال الشيخ الامام العالم العلامة، أفضل المحققين والمحدّثين محمد الشامي، في باب الدليل على مشروعية السفر، وشدّ الرحال لزيارة سيّدنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والرد على من زعم أن شدّ الرحل لزيارتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معصية: قد تقدم أنه انعقد الإجماع على تأكّد زيارته ».

٤ - وقال المولويحسن زمان: « وقال العلامة الحافظ الشامي صاحب السيوطي، في السيرة المسماة بسبل الهدى والرشاد في سيرة خير العبادصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومشروعية السفر لزيارة قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأمجاد قد ألّف فيها الشيخ تقي الدين السبكي، والشيخ كمال الدين ابن الزملكاني، والشيخ أبو داود سليمان كتاب الانتصار، وابن جملة، وغيرهم من الأئمة »(١) .

(٩٨)

تحسين أبي الحسن ابن عرّاق الكناني

وقد حكم بحسنه أبو الحسن علي بن محمد بن عراق الكناني قال: « حديث أنا دار الحكمة وعلي بابها. ابن بطة نع مرطب حب عد خط. و في لفظ: أنا مدينة الفقه، و آخر: أنا مدينة العلم. وفيه جماعة كثيرة مجروحون ومجاهيل، تعقب بأنه أخرجه الحاكم والترمذي، وقال الحافظ ابن حجر: أخرجه الحاكم وصحّحه، وخالف أبو الفرج ابن الجوزي فذكره في الموضوعات.

والصواب خلاف قوليهما معاً، وأن الحديث من قسم الحسن، لا يرتقي إلى

____________________

(١). القول المستحسن في فخر الحسن. وله ترجمة في شذرات الذهب ٨ / ٢٥٠.

٢٤١

الصحة ولا ينحط إلى الكذب، وبيان ذلك يستدعي طولاً، لكن هذا هو المعتمد. وكذا حسّنه العلائي »(١) .

ترجمته:

١ - رحمة الله السندي في خطبة ( مختصر تنزيه الشريعة ): « شيخنا الامام الحافظ العلامة، عالم المدينة النبوية في زمانه، الشيخ علي بن محمد بن العراق، ولي الخلّاق المشهور في الآفاق ».

٢ - العيدروس: « اعلم أن في قلبي حسرة عظيمة، إذ لم يتيسر لي الوقوف على تواريخ جماعة من الأعيان المشهورين، كطائفة من الأولياء الكرام، وجملة من العلماء الأعلام، مثل شيخ الشيوخ على الاطلاق الشيخ محمد بن عراق وولديه الشيخ الامام العلامة علي والشيخ الفاضل عبد النافع »(١) .

قال: « فكان من كبار أهل العلم وله جملة مصنفات »(٢) .

٣ - الصديق حسن خان القنوجي: في ( أبجد العلوم ): « الشيخ علي بن محمد ابن عراق عالم المدينة المنورة، وخطيب مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان نائباً مناب أبيه في العلم والعمل والتقوى، له تصانيف مفيدة، منها كتاب: تنزيه الشريعة عن الأحاديث الموضوعة، لخصه تلميذه الشيخ رحمة الله السندي، وهو في غاية اللطف من الاختصار ».

وله ترجمة في: شذرات الذهب ٨ / ٣٣٧، الكواكب السائرة ٢ / ١٩٧.

____________________

(١). تنزيه الشريعة ١ / ٣٧٧.

(٢). النور السافر في أعيان القرن العاشر: ٨٤.

٢٤٢

(٩٩)

تحسين ابن حجر المكّي

وحكم بحسنه شهاب الدين أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي المكي في عدة من مصنفاته:

قال في ( الصواعق ) في أحاديث فضائل عليعليه‌السلام : « التاسع - أخرج البزار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله، والطبراني والحاكم والعقيلي في الضعفاء وابن عدي عن ابن عمر، والترمذي والحاكم عن عليرضي‌الله‌عنه ، قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها. وفي رواية: فمن أراد العلم فليأت الباب. و في أخرى عند الترمذي عن علي قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها و في أخرى عند ابن عدي: علي باب علمي

وصوّب بعض محققي المتأخرين المطّلعين من المحدثين أنه حديث حسن ومر الكلام عليه »(١) .

وقال في ( المنح المكية شرح القصيدة الهمزية ) -: « وكعليرضي‌الله‌عنه لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - في الحديث الحسن - خلافاً لمن زعم وضعه - أنا مدينة العلم وعلي بابها، ومن ثمّ قال ابن عباسرضي‌الله‌عنه : جميع ما آثرته لكم من التفسير فإنما هو من علي كرّم الله وجهه ».

وقال « إن لهم فيه أربعة آراء: صحيح وهو ما ذهب إليه الحاكم ويوافقه قول الحافظ العلائي وحسن وهو التحقيق، ويوافقه قول شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر: رجاله رجال الصحيح إلّا عبد السلام الهروي فإنه

____________________

(١). الصواعق المحرقة: ٧٣.

٢٤٣

ضعيف عندهم انتهى وسبقه الى آخر كلامه الحافظ العلائي فقال: الهروي هذا تكلّموا فيه كثيراً انتهى.

ويعارض ذلك تعقيب أبي زرعة على حديثه، ونقل الحاكم عن يحيى بن معين: أنه وثقه، فثبت أنه حسن مقارب للصحيح بما علمت من قول ابن حجر أنّ رواته كلهم رواة الصحيح إلّا الهروي، وأن الهروي وثّقه جماعة وضعّفه آخرون.

وضعيف أي بناء على رأى من ضعف الهروي.

وموضوع وعليه كثيرون أئمة حفاظ كالقزويني وابن الجوزي، وجزم ببطلان جميع طرقه الذهبي في ميزانه وغيره.

وهؤلاء - وإن كانوا أئمة أجلّاء، لكنهم - تساهلوا تساهلاً كثيراً كما علم مما قررته، وكيف ساغ الحكم بالوضع مع ما تقرر أن رجاله كلّهم رجال الصحيح إلّا واحداً فمختلف فيه، ويجب فيه تأويل كلام القائلين بالوضع، بأنّ ذلك لبعض طرقه لا كلّها، وما أحسن قول بعض الحفاظ في أبي معاوية أحد رواته المتكلم فيهم بما لا يسمع: هو ثقة مأمون من كبار المشايخ وحفاظهم، وقد تفرد به عن الأعمش فكان ما ذا؟ وأي استحالة في أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يقول مثل هذا في حق علي ...».

وقال في ( تطهير الجنان ) مدافعاً عن معاوية « السادس - خروجه على علي كرّم الله وجهه ومحاربته له، مع أنه الامام الحق بإجماع أهل الحل والعقد والأفضل والأعدل والأعلم بنص الحديث الحسن - لكثرة طرقه، خلافاً لمن زعم وضعه، ولمن زعم صحته، ولمن أطلق حسنه -: أنا مدينة العلم وعلي بابها. قال الأئمة الحفاظ: لم يرد لأحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم من الفضائل والمناقب والمزايا ما ورد لعلي كرّم الله وجهه »(١) .

____________________

(١). تطهير الجنان: ٧٤ هامش الصواعق.

٢٤٤

قال: « قال ابن عباس: « وهذا - أي كون عليرضي‌الله‌عنه يخبر بالأشياء المغيبة فيقع كما أخبر - لما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخبره - أي بالمغيبات - فيخبر بها علي كرّم الله وجهه كما أخبرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ومن استند إخباره إلى إخبار الصادق لا يكون إلّا صادقاً، وفي هذه منقبة علية جدّاً لعلي كرّم الله وجهه لما أتحفهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم به من العلوم الغيبية، ولذا كان باب مدينة العلم النبوي وأمين السرّ العلوي ».

وفي ( فتاواه ): « وسئلرضي‌الله‌عنه : أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وأبوبكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي بابها. هل الحديث صحيح أم لا؟

فأجاب بقوله: الحديث رواه صاحب مسند الفردوس وتبعه ابنه بلا اسناد، عن ابن مسعودرضي‌الله‌عنه مرفوعاً، وهو حديث ضعيف، كحديث أنا مدينة العلم وعلي بابها ومعاوية حلقتها، وهو ضعيف أيضاً.

وأما حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فهو حديث حسن، بل قال الحاكم: صحيح - وقول البخاري: ليس له وجه صحيح والترمذي: منكر، وابن معين: كذب، معترض - وان ذكره ابن الجوزي في الموضوعات، وتبعه الذهبي وغيره على ذلك ».

ترجمته:

١ - الشعراني في ( لواقح الأنوار في طبقات الأخيار ).

٢ - الخفاجي في ( ريحانة الألباء ٢١١ - ٢١٢ ).

٣ - العيدروس في ( النور السافر ٢٨٧ - ٢٩٨ ).

٤ - الشرقاوي في ( التحفة البهية في طبقات الشافعية ).

٥ - القاري في ( المرقاة في شرح المشكاة ).

٦ - عبد الحق الدهلوي في ( ما ثبت بالسنة ).

٢٤٥

٧ - الدهان المكي في ( كفاية المتطلع ).

٨ - ابن سالم البصري في ( الإِمداد في علوّ الاسناد ).

٩ - الشنواني في ( الدرر السنية في الأسانيد الشنوانية ).

١٠ - ( الدهلوي ) في ( رسالة أصول الحديث ).

ولعبد القادر بن أحمد الفاكهي: ( كتاب في فضائل شيخه ابن حجر الهيتمي ) كما في ( البدر الطالع ١ / ١٠٩ ) بترجمته.

(١٠٠)

رواية المتقي الهندي

وقال علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي: « أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. عق، عد، طب، ك، عن ابن عباس، عد، ك عن جابر »(١) .

« أنا مدينة العلم وعلي بابها. أبو نعيم في المعرفة، عن علي.

« أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأته من بابه. طب، عن ابن عباس »(٢) .

وقال المتقي: « قال الترمذي وابن جرير معاً: ثنا إسماعيل بن موسى السري أنبأ محمد بن عمر الرومي عن شريك عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن الصنابحي عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها. حل. قال الترمذي: هذا حديث غريب، وفي نسخة: منكر، وروى بعضهم هذا الحديث عن شريك ولم يذكروا فيه الصنابحي ولم يعرف هذا الحديث

____________________

(١). كنز العمال ١٢ / ٢٠١.

(٢). كنز العمال ١٢ / ٢١٢.

٢٤٦

عن أحد من الثقات غير شريك، وفي الباب عن ابن عباس. إنتهى.

وقال ابن جرير: هذا خبر صحيح سنده، وقد يجب أن يكون هذا على مذهب الآخرين سقيماً غير صحيح لعلتين، إحداهما: أنه خبر لا يعرف له مخرج عن علي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا من هذا الوجه. والأخرى: أن سلمة ابن كهيل عندهم ممن لا يثبت بنقله حجة.

وقد وافق علياً في هذا الخبر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيره: ثنا محمد ابن إبراهيم الفزاري، ثنا عبد السلام بن صالح الهروي، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها. ثنا إبراهيم بن موسى الرازي - وليس بالفرا - ثنا أبو معاوية بإسناده مثله. هذا الشيخ لا أعرفه ولا سمعت منه غير هذا الحديث. إنتهى كلام ابن جرير.

وقد أورد ابن الجوزي في الموضوعات حديث علي وابن عباس. وأخرج ك حديث ابن عباس وقال: صحيح الإِسناد، وروى خط في تاريخه عن يحيى بن معين: أنه سئل عن حديث ابن عباس فقال: هو صحيح، وقال عد في حديث ابن عباس: إنه موضوع، وقال الحافظ صلاح الدين العلائي: قد قال ببطلانه أيضاً الذهبي في الميزان وغيره، ولم يأتوا في ذلك بعلّة قادحة سوى دعوى الوضع دفعاً بالصّدر.

وقال الحافظ ابن حجر في لسانه: هذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم، أقلّ أحوالها أن يكون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع. وقال في فتوى: هذا الحديث أخرجه ك في المستدرك وقال: إنه صحيح، وخالفه ابن الجوزي فذكره في الموضوعات وقال: إنه كذب.

والصّواب خلاف قولهما معاً وأن الحديث من قسم الحسن، لا يرتقي إلى الصحة ولا ينحط إلى الكذب، وبيان ذلك يستدعي طولاً، ولكنْ هذا هو المعتمد في ذلك. إنتهى.

٢٤٧

وقد كنت أجيب بهذا الجواب دهراً، إلى أن وقفت على تصحيح ابن جرير لحديث علي في تهذيب الآثار مع تصحيح ك‍ لحديث ابن عباس فاستخرت الله وجزمت بارتقاء الحديث عن مرتبة الحسن إلى مرتبة الصحة. والله أعلم »(١) .

ترجمته:

ذكر جماعة ترجمة المتقي وآيات علوّ درجته ومقامه، ومنهم:

١ - عبد الحق الدهلوي في ( أخبار الأخيار ٢٤٥ ).

٢ - العيدروس اليمني في ( النور السافر ٣١٥ ).

٣ - غلام علي آزاد في ( سبحة المرجان ٤٣ ).

٤ - حاجي خليفة في ( كشف الظنون ٢ / ١٥١٨ ).

وللشيخ عبد القادر الفاكهي كتاب ( القول النقي في مناقب المتقي ).

كما للشيخ عبد الوهاب المتقي القادري كتاب ( إتحاف التقي في فضل الشيخ علي المتقي ).

(١٠١)

رواية الوصّابي الشافعي

ورواه إبراهيم بن عبد الله الوصابي اليمني الشافعي في كتاب فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال: « الباب التاسع في فضل علمهرضي‌الله‌عنه وعنه - أي عن عليرضي‌الله‌عنه - إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. أخرجه أبو نعيم في المعرفة »(٢) .

____________________

(١). كنز العمال ١٥ / ١٢٩ - ١٣٠.

(٢). الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء - مخطوط.

٢٤٨

قال: « وعنه - أي عن ابن عباسرضي‌الله‌عنه - قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب، أخرجه الحاكم في المستدرك، والخطيب في المفترق والمتفق »(١)

(١٠٢)

تحسين محمد طاهر الفتني

وقال محمد طاهر الفتني: « أنا مدينة العلم وعلي بابها. أورده من حديث علي وابن عباس وجابر: قلت: قد تعقّب العلائي على ابن الجوزي في حكمه بوضعه، فإنه ينتهي طرقه إلى درجة الحسن، فلا يكون ضعيفاً فضلاً عن أن يكون موضوعاً. وقال ابن حجر: صحّحه الحاكم وخالفه ابن الجوزي فكذّبه، والصواب خلاف قولهما، والحديث حسن لا صحيح ولا كذب »(٢) .

قال: « له متابعات، فمن حكم بكذبه فقد أخطأ »(٣) .

ترجمته:

١ - العيدروس في حوادث سنة ٩٨٦: « وفيها استشهد الرجل الصالح العلامة جمال الدين محمد طاهر الملقّب بملك المحدثين الهنديرحمه‌الله آمين، على يد المبتدعة من فرقتي الرافضة السبّابة والمهدويّة القتّاله، وسبب ذلك أنه كان يناقرهم ويناظرهم ويريدهم يرجعون إلى الحق، ويتركون ما هم عليه من الضلالة والزندقة، وكان هذا دأبه أبداً، وجرى له معهم وقائع كثيرة وقهرهم في مجالس عديدة، وأظهر فضائحهم وكشف خزعبلاتهم وردعهم، وأدحض حجتهم

____________________

(١). نفس المصدر - مخطوط.

(٢). تذكرة الموضوعات: ٩٥.

(٣). نفس المصدر: ٩٦.

٢٤٩

وأبطلها وبالغ في الرد عليهم والتحذير عنهم، حتى قال بكفرهم وجزم بخروجهم من الدين والمنهج القويم وضلالهم عن الصراط المستقيم، وأراد إعدام هذا المذهب القبيح رأساً، وسعى في ذلك سعياً بليغاً، وأراد التوصّل إلى سلطان الزمان لذلك، فاحتالوا عليه حتى قتلوه قبل أن يصل إلى ذلك، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله.

وهو الذي أشار إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمزيّة في الرؤيا التي رآها الشيخ المتقي السابقة، وناهيك بها من منقبة عليّة، وكان على قدمٍ من الصلاح والورع والتبحّر في العلم »(١) .

٢ - عبد الحق الدهلوي بمثل ما تقدم(٢) .

٣ - غلام علي آزاد بقوله: « مولانا الشيخ محمد طاهر الفتني هو خادم الأحاديث المقدسة وناصر السنن المؤسسة »(٣) .

٤ - صديق حسن خان القنوجي بقوله: « صار رأساً في العلوم الحديثية والأدبية، ورحل إلى الحرمين الشريفين وأدرك علماءهما ومشايخهما سيما الشيخ علي المتقي وقد ذكر الشيخ عبد الحق الدهلوي ترجمته في أخبار الأخيار، وذكرتها أنا في إتحاف النبلاء، وأيضاً أفردت ترجمته في رسالة مستقلة »(٤) .

(١٠٣)

رواية ميرزا مخدوم الشيرازي

وقد ذكره عباس بن معين الدين الشهير بميرزا مخدوم الجرجاني ثم

____________________

(١). النور السافر ٣٦١.

(٢). أخبار الاخيار: ٢٦٨.

(٣). سبحة المرجان ٤٣ - ٤٤.

(٤). أبجد العلوم ٨٩٥.

٢٥٠

الشيرازي في ( نواقض الروافض ) في الفصل الثاني « في فضائل علي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه » حديث أورد طائفة من أحاديث فضائله ومناقبهعليه‌السلام ، قائلاً: « و عن علي: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها. أخرجه الترمذي ».

(١٠٤)

رواية العيدروس اليمني

وروى شيخ بن عبد الله العيدروس اليمني حديث مدينة العلم حيث قال:

« وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله، والطبراني والحاكم والعقيلي في الضعفاء وابن عدي عن ابن عمر، والترمذي والحاكم عن علي قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها. وفي رواية: فمن أراد العلم فليأت الباب، و في أخرى عند الترمذي عن علي: أنا دار الحكمة وعلي بابها و في أخرى عند ابن عدي: علي باب علمي »(١) .

وقد ذكر العيدروس قصيدة ابن جابر الأندلسي مستحسناً إياها بقوله: « ولله درّ ابن جابر الأندلسي حيث قال:

وإن علياً كان سيف رسوله

وصاحبه السامي لمجد مشيّد

وصهر النبي المجتبى وابن عمه

أبا الحسنين المحتوي كلَّ سؤدد

وخير نساء الغر زوجته غدت

وحسبك هذا سؤدد المسوّد

وزوّجه رب السماء من سمائه

وناهيك تزويجاً من العرش قد بري

فباتا وحلي الزهد خير حلاهما

وقد آثرا بالزاد من جاء يجتدي

فأثمرت الجنات من حلل ومن

حلاهما رعيا لذاك التزهد

____________________

(١). العقد النبوي والسر المصطفوي - مخطوط.

٢٥١

وما ضرّ من قد بات والصوف لبسه

وفي السندس الغالي سوف يغتدي

وقال رسول الله إني مدينة

من العلم وهو الباب والباب فاقصد»(١)

كما أورد قصيدة أبي الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الرحمن السقاف، وقد نظم في أحد أبياتها حديث مدينة العلم وهو ذا:

« ومن سرّ باب العلم أكرم حلة

علي العلى أكرم بذاك المهذّب »(٢)

ترجمته:

١ - عبد القادر بن شيخ العيدروس ترجمة مطولة هذا ملخّصها: « وفي ليلة السبت لخمس وعشرين خلت من رمضان سنة تسعين: توفي الشيخ الكبير والعلم الشهير القطب العارف بالله شيخ بن عبد الله العيدروس بأحمدآباد، ودفن بها في صحن داره، وعليه قبة عظيمة، وكان مولده سنة تسع عشرة وتسعمائة ولقد صار بحمد الله شيخ زمانه باتفاق عارفي وقته، وقد ألهم الله أهله حيث سموه شيخاً قبل أوانه ووقته ومن شيوخه شيخ الإسلام الحافظ شهاب الدين ابن حجر الهيثمي المصري، والفقيه الصالح العلّامة عبد الله بن أحمد باقشير الحضرمي، وله من كلٍ منهما إجازة، في جماعة آخرين يكثر عددهم، واجتمع بالعلامة الديبع بزبيد، وأما مقروّاته فكثيرة جداً، ومن تصانيفه العقد النبوي والسر المصطفوي ومناقبه وكراماته ليس هذا محلّها، وقد أفردها غير واحد من العلماء بالتصنيف »(٣) .

٢ - ووصفه الشيخاني القادري لدى النقل عن كتابه بـ « الشيخ الامام والغوث الهمام، بحر الحقائق والمعارف السيد السند والفرد الأمجد الشريف الحسيني »(٤) .

____________________

(١). العقد النبوي والسر المصطفوي - مخطوط.

(٢). نفس المصدر.

(٣). النور السافر ٣٧٢.

(٤). الصراط السوى - مخطوط.

٢٥٢

(١٠٥)

رواية جمال الدين المحدّث الشيرازي

وقال جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي المعروف بجمال الدين المحدّث: « الحديث السادس عشر عن جابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم - وفي رواية: أنا دار الحكمة - وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

وقال المحدّث الشيرازي في مقدمة كتابه: « وبعد: فيقول العبد الفقير إلى الله الغني، عطاء الله بن فضل الله المشتهر بجمال الدين المحدّث الحسيني، أحسن الله أحواله وحقق بجوده العميم آماله: هذه أربعون حديثاً في مناقب أمير المؤمنين وإمام المتقين، ويعسوب المسلمين ورأس الأولياء والصدّيقين، ومبيّن مناهج الحق واليقين، كاسر الأنصاب وهازم الأحزاب، المتصدّق بخاتمه في المحراب، فارس ميدان الطعان والضراب، المخصوص بكرامة الأخوة والانتجاب، المنصوص عليه بأنه لدار الحكمة ومدينة العلم باب، وبفضله واصطفائه نزل الوحي ونطق الكتاب ».

وقد وصفه عليه الصلاة والسلام بمثل هذه العبارات في صدر كتابه الآخر ( تحفة الأحباء من مناقب آل العبا ).

كما أثبته في كتاب ( روضة الاحباب ) عند بيان مقام أمير المؤمنينعليه‌السلام ومنزلته العلمية

____________________

(١). الاربعين في فضائل أمير المؤمنين - مخطوط.

٢٥٣

روضة الأحباب

وكتابه ( روضة الأحباب في سيرة النبي والآل والأصحاب ) من الكتب المشتهرة في الآفاق في التاريخ والسيرة، وقد اعتمد عليه المؤرّخون وصرحوا باعتباره واستندوا إلى رواياته، منهم غياث الدين خواند أمير في ( حبيب السير ) والديار بكري في ( الخميس ) وعبد الحق الدهلوي في ( مدارج النبوة ) وشاه ولي الله والد ( الدهلوي ) في ( إزالة الخفا )، وقد ذكره حاجي خليفة في ( كشف الظنون )(١) .

(١٠٦)

إثبات أبي العصمة محمد معصوم السمرقندي

وقد أثبت أبو العصمة محمد معصوم بابا السمرقندي في رسالته ( الفصول الأربعة ) حديث مدينة العلم واحتج به، حيث قال في الفصل الثاني في الجواب على قضية غصب فدك: « وبعد التسليم بصحة ما قيل من شهادة الأمير بذلك، فإنه لا يلزم على القاضي قبول تلك الشهادة، مع أن الشريعة المطهّرة صريحة في عدم قبولها، وهذا من الأدلة على كذب هذه الرواية، إذ لا يتصور من حضرة الأمير كرّم الله وجهه مع اختصاص شرف « أنا مدينة العلم وعلي بابها » به أن يقدم على مثل هذه الشهادة، ومن هذا القبيل شهادة الحسنين رضي الله عنهما ».

(١٠٧)

رواية علي القاري

وقال علي بن سلطان محمد الهروي المعروف بالقاري في ( شرح الفقه

____________________

(١). كشف الظنون ١ / ٩٢٢.

٢٥٤

الأكبر ) بشرح قول الماتن « ثم علي بن أبي طالب » ما نصه:

« أي ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي القرشي الهاشمي، وهو المرتضى زوج فاطمة الزهرا وابن عم المصطفى، والعالم في الدرجة العليا، والمعضلات التي سأله كبار الصحابة ورجعوا إلى فتواه فيها فضائل كثيرة شهيرة، تحقّق قولهعليه‌السلام : أنا مدينة العلم وعلي بابها، و قولهعليه‌السلام : أقضاكم علي »(١) .

وقال في ( المرقاة ): « ثم اعلم أن حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها رواه الحاكم في المناقب من مستدركه من حديث ابن عباس وقال: صحيح. وتعقّبه الذهبي فقال: بل هو موضوع، وقال أبو زرعة: كم خلق افتضحوا فيه، وقال يحيى بن معين: لا أصل له، وكذا قال أبو حاتم ويحيى بن سعيد، وقال الدارقطني: ثابت، ورواه الترمذي في المناقب من جامعه وقال: إِنه منكر، وكذا قال البخاري وقال: إنه ليس له وجه صحيح، وأورده ابن الجوري في الموضوعات، وقال ابن دقيق العيد: هذا الحديث لم يثبتوه، وقيل: إنه باطل.

لكن قال الحافظ أبو سعيد العلائي: الصّواب إنه حسن باعتبار طرقه لا صحيح ولا ضعيف، فضلاً عن أن يكون موضوعاً. ذكره الزركشي، وسئل الحافظ العسقلاني عنه فقال: إنه حسن لا صحيح كما قال الحاكم ولا موضوع كما قال ابن الجوزي. وقال السيوطي: وقد بسطت كلام العلائي والعسقلاني في التعقبات التي على الموضوعات »(٢) .

ترجمته:

١ - المحبي: « علي بن محمد السلطان الهروي المعروف بالقاري الحنفي نزيل مكة، وأحد صدور العلم، فرد عصره، الباهر السمت في التحقيق وتنقيح

____________________

(١). شرح الفقه الأكبر: ١١٣.

(٢). المرقاة في شرح المشكاة ٥ / ٥٧١.

٢٥٥

العبارات، وشهرته كافية عن الإطراء في وصفه إشتهر ذكره وطار صيته، وألّف التآليف الكثيرة اللطيفة التأدية، المحتوية على الفضائل الجليلة »(١) .

٢ - الشوكاني: « قال العصامي في وصفه: الجامع للعلوم العقلية والنقلية والمتضلّع في السنّة النبوية، أحد جماهير الأعلام ومشاهير أولي الحفظ والأفهام - ثم قال - لكنه امتحن بالاعتراض على الأئمة لا سيّما الشافعي وأصحابه، واعترض على الامام مالك بن أنس في إرساله يديه، ولهذا تجد مؤلَّفاته ليس عليها نور العلم، ولهذا نهى عن مطالعتها كثير من العلماء والأولياء إنتهى.

وأقول: هذا دليل على علوّ منزلته، فإن المجتهد شأنه أن يبيّن ما يخالف الأدلة الصحيحة ويعترضه، سواء كان قائله عظيماً أو حقيراً، فتلك شكاة ظاهر عنك عارها. وكان وفاة صاحب الترجمة سنة ١٠١٤ »(٢) .

٣ - صديق حسن خان القنوجي في ( اتحاف النبلاء ) وقال: « تآليفه مقبولة ومتداولة بين أهل العلم، فما معنى ليس عليها نور العلم؟ ».

وقد اعتمد أقواله واستند إليها كبار العلماء المتأخرين عنه، كالفاضل الرشيد، وشاه سلامة الله، والمولوي حيدر علي. كما أن جماعة رووا كتبه بالأسانيد المتصلة إلى مؤلّفها القاري، كتاج الدين الدّهان، ومحمد عابد السندي

(١٠٨)

رواية عبد الرؤف المناوي

ورواه عبد الرؤف بن تاج العارفين المناوي الشافعي في كتبه ففي

____________________

(١). خلاصة الأثر ٣ / ١٨٥.

(٢). البدر الطالع ١ / ٤٤٥.

٢٥٦

( كنوز الحقائق ): « أنا مدينة العلم وعلي بابها. ط »(١) .

وفي ( فيض القدير ) بشرح حديثٍ: « عن باب مدينة العلم وربان سفينة الفهم، سيّد الحنفاء زين الخلفاء، ذي القلب العقول واللسان السؤل بشهادة الرسول، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب القائل فيه المصطفى: من كنت مولاه فعلي مولاه والقائل هو: لو شئت لأوقرت لكم من تفسير الفاتحة سبعين وقراً، والقائل: أنا عبد الله وأخو رسوله والصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلّا كاذب »(٢) .

وقال شارحاً حديث مدينة العلم: « فإن المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة الجامعة لمعاني الديانات كلّها، ولا بدّ للمدينة من باب، فأخبر أن بابها هو علي كرّم الله وجهه، فمن أخذ طريقه دخل المدينة ومن أخطأه أخطأ طريق الهدى، وقد شهد له بالأعلمية الموافق والمؤالف والمعادي والمخالف، وخرّج الكلاباذي: إن رجلاً سأل معاوية عن مسألة فقال: سل علياً هو أعلم مني، فقال: أريد جوابك فقال: ويحك كرهت رجلاً كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغره بالعلم غراً، وكان أكابر الصحب يعترفون له بذلك، وكان عمررضي‌الله‌عنه يسأله عما أشكل عليه، جاءه رجل فسأله فقال: ههنا علي فاسأله، فقال: أريد أن أسمع منك يا أمير المؤمنين فقال: قم لا أقم الله رجليك، ومحا اسمه من الديوان، وصح عنه من طرق أنه كان يتعوّذ من قوم ليس هو فيهم، حتى أمسكه عنده ولم يولّه شيئا من البعوث لمشاورته في المشكل. وأخرج الحافظ عبد الملك بن سليمان قال: ذكر لعطاء أكان أحد من الصحب أفقه من علي؟ فقال: لا والله. وقال الحرالي: قد علم الأولون والآخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي، ومن جهل ذلك فقد ضل عن الباب الذي من ورائه، يرفع الله من القلوب

____________________

(١). كنوز الحقائق - هامش الجامع الصغير ١ / ٨٠.

(٢). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ١ / ٥١ - ٥٢.

٢٥٧

الحجاب حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء. إلى هنا كلامه »(١) .

وقد أفتى بحسن الحديث في ( التيسير ) حيث قال بعد شرحه إياه « وهو حسن باعتبار طرقه لا صحيح ولا ضعيف، فضلاً عن كونه موضوعاً، ووهم ابن الجوزي »(٢) .

ترجمته:

ترجم له المحبي ترجمةً حافلةً هذا ملخّصها: « الامام الكبير، الحجة الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجل أهل عصره من غير ارتياب، وكان إماماً فاضلاً زاهداً عابداً، قانتاً خاشعاً له، كثير النفع، وكان متقرباً بحسن العمل مثابراً على التسبيح والأذكار، صابراً صادقاً، وقد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحدٍ ممّن عاصره. ولّي تدريس المدرسة الصالحية فحسده أهل عصره، وكانوا لا يعرفون مزية علمه لانزوائه عنهم، ولما حضر الدّرس فيها ورد عليه من كلّ مذهب فضلاؤه منتقدين عليه، وشرع في إقراء مختصر المزني، ونصب الجدل في المذاهب، وأتى في تقريره بما لم يسمع من غيره، فأذعنوا لفضله وصار أجلاء العلماء يبادرون لحضوره، وأخذ عنه منهم خلق كثير، وتآليفه كثيرة. وبالجملة، فهو أعظم علماء هذا التاريخ آثاراً، ومؤلفاته غالباً متداولة كثيرة النفع، وللناس عليها تهافت زائد ويتغالون في أثمانها، وأشهرها شرحاه على الجامع الصغير، وشرح السيرة المنظومة للعراقي.

وكانت ولادته في سنة ٩٥٢، وتوفي ١٠٣١ »(٣) .

وقد روى كتبه ونقل عنها كبار العلماء كما في ( مقاليد الأسانيد ) و ( الامداد

____________________

(١). فيض القدير ٣ / ٤٦.

(٢). التيسير في شرح الجامع الصغير ١ / ٣٧٧.

(٣). خلاصة الاثر ٢ / ٤١٢ - ٤١٦.

٢٥٨

بمعرفة علوّ الأسناد ) و ( أسانيد أحمد النخلي المكي ) و ( غرة الراشدين ) و ( ازالة الغين ). وقد مدح ( الدهلوي ) كتابه ( فيض القدير ) في ( أصول الحديث ).

(١٠٩)

إثبات الملّا يعقوب البنباني

وقد سلّم الملّا يعقوب البنباني اللّاهوري ثبوت هذا الحديث في ( عقائده ) وان ناقش في مدلوله وسيأتي نص كلامه في محله.

ترجمته:

ترجم له صاحب ( نزهة الخواطر )(١) ووصفه بالشيخ العالم المحدث، أحد الرجال المشهورين في الفقه والحديث والفنون الحكمية، ثم نقل الثناء عليه عن ( الأفق المبين في أحوال المقربين ) و ( مرآة آفتاب نما ) وذكر مؤلفاته وأرخّ وفاته بسنة ١٠٩٨.

وقد نقل ( الدهلوي ) مناقشته في دلالة حديث الثقلين معتمداً عليها في حاشية ( التحفة الاثنا عشرية ). وقد ذكرناها وبيّنا ما فيها في مجلَّد ( حديث الثقلين ).

(١١٠)

إثبات المقري الأندلسي

وقد أثبت أبو العباس أحمد بن محمد المقري الأندلسي حديث مدينة

____________________

(١). نزهة الخواطر ٤ / ٢٨٥.

٢٥٩

العلم، إذ نقل الأبيات المذكورة في الوجه (١٠٤) من قصيدة ابن جابر الأندلسي ثم قال « وهذا ما وقفت عليه من هذه القصيدة الفريدة، وليس بيدي الآن ديوان شعره حتى أكتبها بكمالها، فإنها مناسبة لهذا الباب الذي جعلناه ختماً للكتاب، كما لا يخفى »(١) .

ترجمته:

١ - الشهاب الخفاجي: « العلامة شهاب الدين أحمد بن محمد المقري المغربي المالكي نزيل مصر، فاضل لغر المناقب مشرق، وبدر لعلو همته سار من المغرب للمشرق، وهو رفيق السداد وبيت مجده منتظم الأسباب ثابت الأوتاد، وهو - كما قيل - فيه دمث من غير خفر، ولين جانب من غير خور، ذو رأي يرد اللبن في الضرع والنار في الزند، وله آثار يثنى عليها ثناء النسيم على الند، وأدب امتزج باللطف امتزاج الماء بالخمر، وفيصل حكم رفع به التنازع بين زيد وعمرو، وهو لفقه مالك أكرم سيد مالك، وقد بوّاه الله في الحديث تكرمة بين العلياء والسند، وجدٌّ في إرث المجد بغير كلالة عن أكرم أب وجد »(٢) .

٢ - المحيي: « حافظ المغرب جاحظ البيان، ومن لم ير نظيره في جودة القريحة وصفاء الذهن وقوة البديهة، وكان آية باهرة في علم الكلام والتفسير والحديث، ومعجزاً باهراً في الأدب والمحاضرات، وله المؤلفات الشائعة »(٣) .

٣ - رضي الدين الشامي في ( تنضيد العقود السنية ) بترجمة الشريف المبارك ابن الشريف نامي: « فصل في الحوادث المتعلقة بدولة صاحب الترجمةرحمه‌الله إلى عام وفاته: ففي سنة ثنتين وأربعين بعد الألف توفي العالم العلامة الشيخ أحمد المقري المالكي صاحب التصانيف الجمة والعلوم الكثيرة، ولد بتلمسان وسكن

____________________

(١). نفح الطيب ٤ / ٦٠٣.

(٢). ريحانة الألبا ٢٩٣ - ٢٩٧.

(٣). خلاصة الأثر ١ / ٣٠٢ - ٣١١.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555