إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ١

إعلام الورى بأعلام الهدى10%

إعلام الورى بأعلام الهدى مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
ISBN: 964-319-010-2
الصفحات: 555

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 555 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135101 / تحميل: 11180
الحجم الحجم الحجم
إعلام الورى بأعلام الهدى

إعلام الورى بأعلام الهدى الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٣١٩-٠١٠-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

(الباب الاَول)

في ذكر نسبه ومولده

وذكر أسمائه ومدة حياته ووقت وفاته

يشتمل على ثلاثة فصول :

٤١

(الفصل الاَول)

في ذكر مولده ونسبه إلى آدم عليه السلام ووقت وفاته

ولدصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الجمعة عند طلوع الشمس السابع عشر من شهر ربيع الاَول من عام الفيل(١) .

(وفي رواية العامّة : ولدصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاثنين ، ثمّ اختلفوا فمن قائل يقول لليلتين من شهر ربيع الاَوّل(٢) ، ومن قائل يقول : لعشر ليال خلون منه(٣) ، وذلك لاَربع وثلاثين سنة وثمانية أشهر مضت من ملك كسرى)(٤) أنوشيروان بن قباد وهو قاتل مزدك والزنادقة ومبيرهم(٥) وهو الذي عنى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على ما يزعمون : ولدت في زمان الملك العادل الصالح(٦) . ولثمان سنين وثمانية

__________________

(١) مساّر الشيعة : ٢٩ ، التهذيب للطوسي ٦ : ٢ ، مصباح المتهجد : ٧٣٢ ، قصص الاَنبياء للراوندي : ٣١٦ |٣٩٣ ، مناقب ابن شهرآشوب ١ : ١٧٢ ، روضة الواعظين : ٧٠ ، اقبال الاَعمال : ٦٠٣ ، العدد القوية : ١١٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩ | ٢٥ ، وفي بعض المصادر : طلوع الفجر بدل طلوع الشمس.

(٢) الطبقات الكبرى ١ : ١٠١ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٧ ، صفة الصفوة ١ : ٥٢ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ٩٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩ | ٢٥.

(٣) الطبقات الكبرى ١ : ١٠٠ ، صفة الصفوة ١ : ٥٢ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ٩٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩|٢٥.

(٤) ما بين القوسين لم يرد في نسخة «ق» ، وفي نسخة «ط» إلى آخر المقطع ، واثبتناه من نسخة «م» ونسخة المجلسي.

(٥) مبيرهم : مهلكهم. «لسان العرب ٤ : ٨٦».

(٦) قصص الاَنبياء للراوندي : ٣١٦| ذيل الحديث ٣٩٣ قطعة منه ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٧٩ | ٢٥.

٤٢

أشهر من ملك عمرو بن هند ملك العرب(١) .

وكنيته : أبو القاسم.

وروى أنس بن مالك قال : لمّا ولد إبراهيم ابن النبيّ من مارية أتاه جبرئيلعليه‌السلام فقال : «السلام عليك أبا إبراهيم» ، أو : «يا أبا إبراهيم»(٢)

ونسبه : محمّد بن عبدالله بن عبد المطلب ـ واسمه شيبة الحمد ـ بن هاشم ـ واسمه عمرو ـ بن عبد مناف ـ واسمه المغيرة ـ بن قصي ـ واسمه زيد ـ ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان(٣) .

وروي عنهعليه‌السلام أنّه قال : «إذا بلغ نسبي عدنان فأمسكوا»(٤) .

وروي عن اُمّ سلمة زوج النبيّعليه‌السلام قالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «معد بن عدنان بن اُدد بن زيد بن ثرا بن أعراق الثرى ، قالت اُمّ سلمة : زيد هميسع وثرانبت وأعراق الثرى إسماعيل بن إبراهيمعليه‌السلام ؛ قالت : ثمّ قرأ رسول الله وصلّى الله عليه

__________________

(١) مناقب ابن شهرآشوب ١ : ١٧٢ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٢) الطبقات الكبرى ١ : ١٣٥ ، مستدرك الحاكم ٢ : ٦٠٤ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٦٤ الوفا بأحوال المصطفى ١ : ١٠٥ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٣) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٤ ، سيرة ابن هشام ١ : ١ ، الطبقات الكبرى ١ : ٥٥ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢٧١ ، مروج الذهب ٣ : ٥|١٤٤٢ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٧٩ ، الاستيعاب ١ : ١٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٤) قصص الاَنبياء للراوندي : ٣١٦|٣٩٤ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، الطبقات الكبرى ١ : ٥٦ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

٤٣

وآله وسلّم :( وَعاداً وثَمَودَ وأصْحابَ الرَّسِّ وَقُروناً بَينَ ذلِك كَثيراً ) (١) لا يعلمهم إلاّ الله»(٢) .

وذكر الشيخ أبو جعفر بن بابويه رضوان الله عليه : عدنان بن أدّ بن اُدد بن يامين بن يشجب بن منحر بن صابوغ بن الهميسع(٣) .

وفي رواية اُخرى : عدنان بن اُدد بن زيد بن يقدد بن يقدم الهميسع بن نبت بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيمعليه‌السلام (٤) .

وقيل : الاَصحّ الذي اعتمد عليه أكثر النسّاب وأصحاب التواريخ : أنّ عدنان هو اُدّ بن اُدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيمعليهما‌السلام ابن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن ارغوا بن فالغ بن عابر(٥) وهو هودعليه‌السلام ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوحعليه‌السلام بن لمك بن متّوشلخ بن أخنوخ(٦) وهو إدريسعليه‌السلام (ابن يارد)(٧) بن (مهلائيل)(٨) يارد بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم

__________________

(١) الفرقان ٢٥ : : ٣٨.

(٢) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٧٨ـ ١٧٩ ، وذكر صدره الطبري في تاريخه ٢ : ٢٧١ ، وابن الجوزي في الوفا بأحوال المصطفى ١ : ١٦ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٣) نقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٤) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، الطبقات الكبرى١ : ٥٧ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٧٤ ، وباختلاف يسير في الاَخرين ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٥) في نسخة «ط» : غابر.

(٦) في نسخة «م» زيادة : ويقال : اُخنوخ.

(٧) ليس في نسختي «ط ، ق».

(٨) في نسخة «ط» : مهلائل.

٤٤

عليه‌السلام أبي البشر(١) .

واُمّه : آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب.

وأرضعته حتّى شبّ حليمة بنت عبدالله بن الحارث بن شجنة السعديّة من بني سعد بن بكر بن هوازن ، وكانت ثويبة مولاة أبي لهب بن عبد المطّلب أرضعته أيضاً بلبن ابنها مسروح وذلك قبل أن تقدم حليمة ، وتوفيّت ثويبةمسلمة سنة سبع من الهجرة ، ومات ابنها قبلها ، وكانت قد أرضعت ثويبة قبله حمزة بن عبد المطلب عمّه ، فلذلك قال رسول اللهعليه‌السلام لابنة حمزة : «إنّها ابنة أخي من الرضاعة» وكان حمزة أسنّ من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأربع سنين(٢) .

وأمّا جدّته اُمّ أبيه عبدالله : فهي فاطمة بنت عمر [و] بن عائذ بن عمران بن مخزوم.

واُمّ عبدالمطلب : سلمى بنت عمرو من بني النجّار.

واُمّ هاشم : عاتكة بنت مرّة بن هلال من بني سليم.

واُمّ قصي وزهرة : فاطمة بنت سعد من أزد السراة(٣) .

__________________

(١) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ ، مروج الذهب ٣ : ٥|١٤٤٢ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨٠|٢٥.

(٢) انظر : المقنعة : ٤٥٦ ، التهذيب للطوسي ٦ : ٢ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٥ و ١٧٣ ، سيرة ابن هشام ١ : ١٦٤ ، و ١٦٥ و ١٦٩ ، الطبقات الكبرى ١ : ٥٩ و ١٠٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٠ ، مروج الذهب ٣ : ١٣ | ١٤٥٩ ، دلائل النبوة للاصبهاني ١ : ١٩٦ و ١٩٧ | ٩٥ و ٩٦ ، صفة الصفوة ١ : ٥٦ و ٦١ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨١|٢٥.

(٣) انظر : سيرة ابن هشام ١ : ١٠٩ ، و ١١١ و ١١٤ ، الطبقات الكبرى ١ : ٦٢ و ٦٤ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١١ ، تاريخ الطبري ٢ : ٢٤٧ و ٢٥٢ و ٢٥٤ ، الكامل في التاريخ ٢ : ١٠

=

٤٥

وصدعصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة يوم السابع والعشرين من رجب وله يومئذ أربعون سنة.

وقبض صلوات الله عليه وآله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشر من الهجرة ، وهو ابن ثلاث وستّين سنة(١) .

__________________

=

و ١٦ و ١٨ و ٣٣ ، البداية والنهاية ٢ : ٢١٠ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨١|٢٥.

(١) انظر : الكافي ٤ : ١٤٩|٢ ، المقنعة : ٤٥٦ ، الارشاد ١ : ١٨٩ ، التهذيب للطوسي ٦ : ٢ ، مصباح المتهجد : ٧٣٢ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٧٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٥ : ٢٨١|٢٥.

٤٦

(الفصل الثاني)

في ذكر أسمائه صلوات الله عليه وشرف أصله ونسبه

وأمّا أسماؤه وصفاته صلوات الله عليه وآله :

فمنها : ما جاء به التنزيل وهو :

الرسول ، النبيّ ، الاُمي : في قوله :( الّذين يتّبعون الرّسول النبيّ الامي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التَّوراة والاِِنجيل ) (١) .

والمزّمل والمدّثّر : في قوله تعالى :( يا أيّها المُزّمّل ) (٢) ( يا أيّها المدّثّرُ ) (٣) .

والنذير المبين : في قوله تعالى :( قُل اِنّي اَنا النَّذيرُ المُبينُ ) (٤)

وأحمد : في قوله تعالى :( وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يأتي مِنْ بَعدي اسمُه أحمد ) (٥) .

ومحمّد : في قوله تعالى :( محمّد رَسولُ اللهِ ) (٦) .

والمصطفى : في قوله تعالى :( اللهُ يَصطفي مِنَ الملائكةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاس ) (٧) .

__________________

(١) الاَعراف ٧ : ١٥٧.

(٢) المزمل ٧٣ : ١.

(٣) المدثر ٧٤ : ١.

(٤) الحجر ١٥ : ٨٩.

(٥) الصف ٦١ : ٦.

(٦) الفتح ٤٨ : ٢٩.

(٧) الحج ٢٢ : ٧٥.

٤٧

والكريم : في قوله تعالى :( إنّهُ لقَولُ رسولٍ كَريمٍ ) (١) .

وسمّاه سبحانه نوراً : في قوله :( قَد جاءَكُم مِنَ اللهِ نورٌ وكِتابٌ مُبينٌ ) (٢) .

ونعمة : في قوله تعالى :( يَعرِفُونَ نِعمَةَ اللهِ ثُمّ ينكرُونَها ) (٣) .

ورحمة : في قوله تعالى :( وَما اَرسلنَكَ إلاّ رَحمةً لِلعالَمينَ ) (٤) .

وعبداً : في قوله تعالى :( نَزَّل الفُرقان على عَبِدِه ) (٥) .

ورؤوفاً رحيماً : في قوله :( بالمُؤمنينَ رَؤفٌ رَحيمٌ ) (٦) .

وشاهداً ، ومبشراً ، ونذيراً ، وداعياً : في قوله تعالى :( اِنّا اَرسلناكَ شَاهداً ومَبُشَراً ونَذيراً *وَداعياً اِلى الله باذِنِه وَسِراجاً مُنيراً ) (٧) .

وسمّاه منذراً : في قوله تعالى :( انما أنت منذر ) (٨) .

وسماه عبدالله : في قوله تعالى :( وَانّه لمّا قام عَبدُ الله يَدعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَدا ) (٩) .

وسمّاه مذكرّاً : في قوله تعالى :( اِنّما اَنتَ مُذكِّر ) (١٠) .

وسمّاه طه ، ويس.

__________________

(١) التكوير ٨١ : ١٩.

(٢) المائدة ٥ : ١٥.

(٣) النحل ١٦ : ٨٣.

(٤) الاَنبياء ٢١ : ١٠٧.

(٥) الفرقان ٢٥ : ١.

(٦) التوبة ٩ : ١٢٨.

(٧) الاَحزاب ٣٣ : ٤٥ ـ ٤٦.

(٨) الرعد ١٣ : ٧.

(٩) الجن ٧٢ : ١٩.

(١٠) الغاشية ٨٨ : ٢١.

٤٨

ومنها : ما جاءت به الاَخبار : ذكر محمّد بن إسماعيل البخاري في الصحيح عن جبير عن مطعم قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «إنّ لي أسماء : أنا محمّد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد»(١) .

وقيل : أن الماحي الذي يمحى به سيّئات من اتّبعه.

وفي خبر آخر : المقفّي ، ونبيّ التوبة ، ونبيّ الملحمة ، والخاتم ، والغيث ، والمتوكّل(٢) .

وأسماؤه في كتب الله السالفة كثيرة منها : مؤذ مؤذ بالعبرانيّة في التوراة ، وفارق في الزّبور(٣) .

وروى أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب دلائل النبوّة : بإسناده عن الاَعمش ، عن عباية بن ربعي ، عن ابن عبّاس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّ الله عزّ وجل قسّم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً ، وذلك قوله في :( وَاَصحابُ اليمين ) (٤) ( وَاَصحابُ الشّمالِ ) (٥) فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين. ثمّ جعل

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ : ٢٢٥ ، وكذا في : الموطأ ٢ : ١٠٠٤ ، سنن الدارمي٢ : ٢١٧ : صحيح مسلم ٤ : ١٨٢٨ | ٢٣٥٤ ، مسند أحمد ٤ : ٨٠ ، صحيح الترمذي ٥ : ١٣٥ | ٢٨٤٠ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٥٢ ، ونقله المجلسي في بحار الانوار ١٦ : ١١٤ | ٤٣.

(٢) مسند أحمد ٤ : ٤٠٤ ، صفة الصفوة ١ : ٥٥ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ١٠٤ ، البداية والنهاية ٢ : ٢٥٢ بزيادة ونقصان ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١١٤|٤٣.

(٣) أنظر : مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥١ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١١٤ | ٤٣.

(٤) الواقعة ٥٦ : ٢٧.

(٥) الواقعة ٥٦ : ٤١.

٤٩

القسمين أثلاثاً ، فجعلني في خيرها ثلثاً فذلك قوله :( فَاَصحابُ الميمنة ) (١) ( وَاَصحابُ المَشئمَة ) (٢) ( السّابقونَ السّابِقُون ) (٣) فأنا من السابقين وأنا خير السابقين ، ثمّ جعل الاَثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله :( وَجَعلناكُم شُعُوباً وَقَبائِلَ ) (٤) الآية ، فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر ، ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً وذلك قوله عزّ وجل :( اِنّما يُريدُ الله ليُذهبَ عَنكُم الرّجس اَهلَ البَيتِ وَيُطّرِكُم تَطهِيراً ) (٥) فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب»(٦) .

وروى الشيخ أبو عبدالله الحافظ بإسناده ، عن سفيان بن عيينة أنه قال : أحسن بيت قالته العرب قول أبي طالب للنبّيصلى‌الله‌عليه‌وآله :

وشقّ له من اسمه كي يُجلّهُ

فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمد(٧)

وقال غيره : إنّ هذا البيت لحسّان بن ثابت في قطعة له أوّلها :

ألم تر أنّ الله أرسل عبده

ببرهانه والله أعلى وأمجد(٨)

ومن صفاته التي جاءت في الحديث : راكب الجمل ، وآكل الذراع ، ومحرّم الميتة ، وقابل الهديّة ، وخاتم النبوّة ، وحامل الهراوة ، ورسول

__________________

(١) الواقعة ٥٦ : ٨.

(٢) الواقعة ٥٦ : ٩.

(٣) الواقعة ٥٦ : ١٠.

(٤) الحجرات ٤٩ : ١٣.

(٥) الاَحزاب ٣٣ : ٣٣.

(٦) دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٧٠ ، نقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

(٧) رواره عنه البيهقي في دلائله ١ : ١٦١ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

(٨) مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٦٥ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

٥٠

الرحمة.

ويقال : إنّ كنيته في التوراة أبو الاَرامل ، واسمه صاحب الملحمة(١) .

وروي أنّه قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : «أنا الاَول والآخر ، أوّل في النبوّة وآخر في البعثة»(٢) .

__________________

(١) انظر : مناقب ابن شهر آشوب ١ : ١٥٤ ، وكشف الغمة ١ : ١٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

(٢) كشف الغمة ١ : ١٣ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٦ : ١٢٠.

٥١

(الفصل الثالث)

في ذكر مدة حياته صلى الله عليه وآله وسلّم

عاشصلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثاً وستين سنة ، منها مع أبيه سنتين وأربعة أشهر ، ومع جدّه عبدالمطلب ثمان سنين ، ثمّ كفّله عمّه أبو طالب بعد وفاة جدّه عبدالمطّلب فكان يكرمه ويحميه وينصره أيّام حياته(١) .

وذكر محمّد بن إسحقاق بن يسار : أنّ أباه عبدالله مات واُمّه حبلى ، وقيل أيضاً : إنّه مات والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ابن سبعة أشهر(٢)

وذكر ابن إسحقاق قال : قدمت آمنة بنت وهب اُمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله به على أخواله من بني عديّ بن النجّار بالمدينة ثمّ رجعت به حتّى إذا كانت بالاَبواء هلكت بها ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ابن ستّ سنين(٣) .

وروي عن بريدة قال : انتهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى رسم قبر فجلس وجلس الناس حوله فجعل يحرّك رأسه كالمخاطب ثمّ بكى ، فقيل : ما يبكيك يا رسول الله؟ قال : «هذا قبر آمنة بنت وهب استأذنت ربّي في أن أزور قبرها فأذن لي فأدركتني رقّتها فبكيت» فما رأيته ساعة أكثر باكياً من تلك الساعة(٤) .

__________________

(١) أنظر : كشف الغمة ١ : ١٦ ، والطبقات الكبرى ١ : ١١٩ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ١٣ و ١٤ ، ومروج الذهب ٣ : ١٤ | ١٤٦٠ ، ودلائل النبوة للاصبهاني ١ : ٢٠٩ | ١٠٣ و ١٠٤ ، ودلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٨ ، وصفة الصفوة ١ : ٦٥.

(٢) انظر : دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٧ ـ ١٨٨.

(٣) سيرة ابن اسحقاق : ٦٥ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٨.

(٤) الطبقات الكبرى ١ : ١١٧ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٨٩.

٥٢

وفي خبر آخر : «استأذنت ربي في زيارة قبر اُمّي فأذن لي ، فزوروا القبور تذكّركم الموت» رواه مسلم في الصحيح(١) .

وتزوّج بخديجة بنت خوليد وهو ابن خمس وعشرين سنة. وتوفّي عمّه أبو طالب وله ستّ وأربعون سنة وثمانية أشهر وأربعة وعشرون يوماً. وتوفّيت خديجة بعده بثلاثة أيّام ، وسمّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك العام عام الحزن(٢) .

وروى هشام بن عروة ، عن أبيه قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما زالت قريش كاعّة(٣) عنّي حتّى مات أبو طالب»(٤)(٥) ‌.

وأقامصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكّة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة ، ثمّ هاجر منها إلى المدينة بعد أن استتر في الغار ثلاثة أيّام وقيل : ستّة أيّام ، ودخل المدينة يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الاَول وبقي بها عشر سنين.

ثمّ قبضصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم الاَثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة(٦) .

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٦٧١ | ٩٧٦.

(٢) انظر : كشف الغمة ١ : ١٦ ، وسيرة ابن هشام ١ : ١٩٨ ، والطبقات الكبرى ١ : ١٣٢ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٠ ، ومروج الذهب ٣ : ١٥ | ١٤٦١ ، وصفة الصفوة ١ : ٧٤ ، والكامل في التاريخ ٢ : ٣٩.

(٣) كاعّة : خائفة وجبانة.

(٤) لم ترد الرواية في نسخة «ط».

(٥) كشف الغمة ١ : ١٦ ، دلائل النبوة للبيهقي ٢ : ٣٥٠.

(٦) انظر : الكافي ١ : ٣٤٦ ، كشف الغمة ١ : ١٦ ، وسيرة ابن هشام ٢ : ١٣٠ ، وصحيح البخاري ٥ : ٧٣ ، وصحيح مسلم ٤ : ١٨٢٦ | ٢٣٥١ ، وتاريخ الطبري ٢ : ٣٧٩ ، ومروج الذهب ٣ : ١٨|١٤٦٧ ، وصفة الصفوة ١ : ١١٧ و ١٢٩ ، والكامل في التاريخ ٢ : ١٠٤

=

٥٣

واختلف أهل بيته وأصحابه في موضع دفنه فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «إنّ الله تعالى لم يقبض روح نبيّه إلاّ في أطهر البقاع فينبغي أن يدفن هناك». فأخذوا بقوله ودفنوه في حجرته التي قبض فيهاصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

__________________

=و ١٠٦ و ١٠٧.

(١) روضة الواعظين : ٧١ ، مناقب ابن شهر آشوب ١ : ٢٤٠ ، كشف الغمة ١ : ١٩.

٥٤

(الباب الثاني)

في ذكر آياته الباهرات

ومعجزاته الخارقة للعادات

وهذه الآيات : قسمان أحدهما : ما ظهر قبل مبعثه. والآخر : ما ظهر بعد ذلك.

فأمّا ما ظهر قبل الدعوة والمبعث : فمن ذلك ما استفاض في الحديث : أنّ اُمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما وضعته رأت نواراً أضاءت له قصور الشام.

وحدّثت هي : أنّها اُتيت حين حملت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل لها : إنّك حملت بسيد هذه الاُمة فإذا وقع على الاَرض فقولي :

اُعيذه بالواحد

شرّ كلّ حاسد

فإنّ آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بُصرى من أرض الشام ، فإذا وقع فسمّيه محمّداً ، فإنّ اسمه في التوراة أحمد ، يحمده أهل السماء والاَرض ، واسمه في الاِنجيل أحمد ، يحمده أهل السماء والاَرض ، واسمه في الفرقان محمّد. قالت : فسمّيته بذلك(١) .

____________

(١) انظر : كشف الغمة ١ : ٢٠ ، وسيرة ابن هشام ١ : ١٦٦ ، وتاريخ الطبري ٢ : ١٥٦ ، ودلائل

=

٥٥

وروى أبو اُمامة قال : قيل : يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟ قال : «دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ، ورأت اُمّي أنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام»(١) .

ومن ذلك : ما رواه الاُستاذ أبو سعد الواعظ الزاهد الخركوشي(٢) بإسناده عن مخزوم بن أبي المخزومي ، عن أبيه وقد أتت عليه مائة وخمسون سنة قال : لمّا كانت الليلة التي ولد فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ارتجس(٣) أيوان كسرى فسقطت منهأربع عشرة شرفة ، وخمدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، وغاضت بحيرة ساوة ، ورأى المؤبذان(٤) أنّ إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة فانتشرت في بلادها.

__________________

=النبوة للبيهقي ١ : ٨٢ و ٨٣ ، والكامل في التاريخ ١ : ٤٥٨.

(١) مسند الطيالسي : ١٥٥|١١٤٠ ، الطبقات الكبرى ١ : ١٠٢ ، مسند أحمد ٥ : ٢٦٢ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٦٥ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ٨٤.

(٢) الخركوشي : هو أبو سعد عبدالملك بن محمّد النيشابوري الحافظ الواعظ صاحب كتاب «شرف المصطفى». قال عنه السمعاني في الانساب : الخركوشي بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء وضم الكاف وفي آخرها الشين ، هذه النسبة إلى خركوش وهي سكة بنيسابور كبيرة كان بها جماعة من المشاهير مثل أبي سعد عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم الخركوشي ، الزاهد الواعظ ، أحد المشهورين بأعمال البر والخير ، وكان عالماً زاهداً فاضلاً ، رحل إلى العراق والحجاز وديار مصر ، وأدرك العلماء والشيوخ ، وصنّف التصانيف المفيدة ـ إلى أن قال ـ : وجاور حرم الله مكة ، ثم عاد إلى وطنه نيشابور ، ولزم منزله ، وبذل النفس والمال للمستورين من الغرباء والفقراء المنقطعين منهم ، وبنى داراً للمرضى بعد أن خربت الدور القديمة لهم ، ووكَّل جماعة من أصحابه لتمريضهم وحمل مياههم ، وكانت وفاته في سنة ٤٠٦ هـ بنيشابور.

انظر : الكنى والاَلقاب ٢ : ١٨٣ ، الانساب ٥ : ٩٣.

(٣) ارتجس : اضطرب وتحرك حركة سُمع لها صوت «لسان العرب ٦ : ٩٥».

(٤) المؤبذان (بضم الميم وفتح الباء) : فقيه الفرس وحاكم المجوس. «القاموس المحيط ١ : ٣٦٠».

٥٦

فلمّا أصبح كسرى راعه ذلك وأفزعه وتصبّر عليه تشجّعاً ، ثمّ رأى أن لا يدّخر ذلك عن وزرائه ومرازبته(١) ، فجمعهم وأخبرهم بما هاله ، فبينا هم كذلك إذ أتاه كتاب بخمود نار فارس ، فقال المؤبذان : وأنا رأيت رؤيا ، وقصّ عليه رؤياه في الاِبل ، فقال : أيّ شيء يكون هذا يا مؤبذان ، قال : حدث يكون من ناحية العرب.

فكتب كسرى عند ذلك إلى ملك العرب النعمان بن المنذر :

أمّا بعد : فوجّه إليّ برجل عالم بما اُريد أن أسأله عنه.

فوجّه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن بقيلة الغسّاني ، فلمّا قدم عليه أخبره بما رأى ، فقال : علم ذلك عند خال يسكن مشارق الشام ، يقال له : سطيح ، قال : فاذهب إليه فسله وائتني بتأويل ما عنده.

فنهض عبد المسيح حتّى قدم على سطيح وقد أشفى على الموت ، فسلّم فلم يحر جواباً ، فأنشأ عبد المسيح أبياتاً فيها ما أراده منه ، ففتح سطيح عينيه ثمّ قال : عبد المسيح على جمل مسيح إلى سطيح وقد أوفى على الضريح ، بعثك ملك بني ساسان : لارتجاس الاَيوان ، وخمود النيران ، ورؤيا المؤبذان ، رأى إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.

يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة ، وظهر صاحب الهراوة ، وفاض وادي السماوة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وخمدت نار فارس ، فليس الشام لسطيح شاماً ، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات ، وكلّ ما هو آت آت ، ثمّ قضى سطيح مكانه.

__________________

(١) المرزبة : كمرحلة ، رئاسة الفُرس ، وهو مرزبانهم أي أميرهم ورئيسهم. «انظر : القاموس المحيط ١ : ٧٣».

٥٧

فنهض عبد المسيح وقدم على كسرى وأخبره بما قال سطيح ، فقال : إلى أن يملك منّا أربعة عشر ملكاً كانت اُمور ، فملك منهم عشرة في أربع سنين والباقون إلى أمارة عثمان(١) .

ومن ذلك : ما رواه عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن رجاله قال : كان بمكّة يهوديّ يقال له يوسف ، فلمّا رأى النجوم تقذف وتتحرّك ليلة ولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : هذا نبيّ قد ولد في هذه الليلة ، لاَنّا نجد في كتبنا أنه إذا ولد آخر الاَنبياء رجمت الشاطين وحجبوا عن السماء.

فلمّا أصبح جاء إلى نادي قريش فقال : هل ولد فيكم الليلة مولود؟

قالوا : قد ولد لعبدالله بن عبد المطّلب ابنٌ في هذه الليلة.

قال : فاعرضوه عليّ.

فمشوا إلى باب آمنة ، فقالوا لها : اخرجي ابنك ، فأخرجته في قماطه ، فنظر في عينه ، وكشف عن كتفيه فرأى شامة سوداء وعليها شعيرات ، فلمّا نظر إليه اليهوديّ وقع إلى الاَرض مغشيّاً عليه ، فتعجّبت منه قريش وضحكوا منه ، فقال : أتضحكون يا معشر قريش هذا نبيّ السيف ليبيرنّكم ، وذهب النبوة عن بني إسرائيل إلى آخر الاَبد ، وتفرّق الناس يتحدّثون بخبر اليهودي(٢) .

ومن ذلك : بشارة موسى بن عمرانعليه‌السلام به في التوراة ، فلقد حدّثني من أثق به قال : مكتوب في خروج النبي من ولد إسماعيل ، وصفته

__________________

(١) كمال الدين : ١٩١|٣٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٨ ، تاريخ الطبري ٢ : ١٦٦ ـ ١٦٨ ، دلائل النبوة للاصبهاني ١ : ١٧٤ ـ ١٧٧ ، دلائل النبوة للبيهقي ١ : ١٢٦ ـ ١٢٩ ، الوفا بأحوال المصطفى ١ : ٩٧ ـ ١٠٠ ، وفيها باختلاف يسير.

(٢) تفسير القمي ١ : ٣٧٣ و ٣٧٤ ، كمال الدين : ٩٧ ، وفيه باختلاف يسير.

٥٨

هذه الاَلفاظ : لاشموعيل شمعشخوا هني بيراخت اُوثو هربيث ، اُتو هربتي واُتو بمادماد شينم آسور نسيئم وأنا تيتو الكوى كادل.

وتفسيره : إسماعيل قبلت صلاته ، وباركت فيه ، وأنميته ، وكثّرت عدده بولد له اسمه محمّد ، يكون اثنين وتسعين في الحساب ، ساُخرج اثنا عشر إماماً ملكاً من نسله ، واُعطيه قوماً كثير العدد.

ومن ذلك : ما أخبر به الثقة أنه قرأ في الاِنجيل ـ ذكره الشيخ أبو جعفر ابن بابويهرحمه‌الله في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ـ : «إنّي أنا الله الدائم الذي لا أزول ، صدّقوا النبيّ الاُميّ صاحب الجمل والمدرعة والتاج ـ وهي العمامة ـ والنعلين والهراوة ـ وهي القضيب ـ الاَكحل العينين ، الصلت(١) الجبين ، الواضح الخدّين ، الاَقنى(٢) الاَنف ، المفلّج(٣) الثنايا ، كأنّ عنقه إبريق فضّة ، كأنّ الذهب يجري في تراقيه ، له شعرات من صدره إلى سرّته ، ليس على بطنه وصدره شعر ، أسمر اللون ، دقيق المسربة(٤) ، شثن الكفّ والقدم ، إذا التفت التفت جميعاً ، وإذا مشى كأنّما ينقلع من صخر وينحدر من صبب ، وإذا جاء مع القوم بذّهم ، عرقه في وجهه كاللؤلؤ ، وريح المسك تنفح منه ، لم ير قبله مثله ولا بعده ، طيّب الريح ، نكّاح للنساء ، ذو النسل القليل ، إنّما نسله من مباركة لها بيت في الجنّة ، لا صخب فيه ولا نصب ، يكفّلها في آخر الزمان كما كفّل زكريّا اُمّك ، له فرخان مستشهدان ، كلامه القرآن ، ودينه الاِسلام وأنا السلام ، طوبى لمن أدرك زمانه ، وشهد أيّامه

__________________

(١) الصلت : الواضح. «لسان العرب ٢ : ٥٣».

(٢) القنا : احديداب في الاَنف ، يقال رجل أقنى الاَنف وامرأة قنواء. «الصحاح ـ قنا ـ ٦ : ٢٤٦٩».

(٣) المفلّج : الفلج في الأسنان : تباعد ما بين الثنايا والرباعيات. «العين ٦ : ١٢٧».

(٤) المسربة : شعرات تنبت في وسط الصدر إلى أصل السرة. «العين ٧ : ٢٤٩».

٥٩

وسمع كلامه».

فقال عيسىعليه‌السلام : «يا ربّ وما طوبى؟».

قال : «شجرة في الجنّة إنّما غرستها بيدي ، تظّل الجنان ، أصلها من رضوان ، ماؤها من تسنيم ، برده برد الكافور ، وطعمه طعم الزّنجبيل ، من يشرب من تلك العين شربة لم يظمأ بعدها أبداً».

فقال عيسىعليه‌السلام : «اللّهم اسقني منها».

قال : «حرام يا عيسى على النبيّين أن يشربوا منها حتّى يشرب ذلك النّبي ، وحرامٌ على الاُمم أن يشربوا منها حتّى تشرب اُمّة ذلك النبيّ ، أرفعك إليّ ثم اُهبطك في آخر الزمان لترى من اُمّة ذلك النبيّ العجائب ، ولتعينهم على اللعين الدجّال ، اُهبطك في وقت الصلاة لتصلّي معهم إنّهم اُمّة مرحومة»(١) .

ومن ذلك : حديث سلمان الفارسي وأنّه لم يزل ينتقل من عالم إلى عالم ومن فقيه إلى فقيه ، ويبحث عن الاَسرار ، ويستدلّ بالاَخبار ، وينتظر قيام سيّد الاَولين والآخرين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أربعمائة سنة حتّى بُشّر بولادته ، فلمّا أيقن بالفرج خرج يريد تهامة فسبي. والخبر في ذلك طويل مذكور في كتاب كمال الدين(٢) .

ومن ذلك : حديث تّبع الملك وقوله : سيخرج من هذه ـ يعني مكة ـ نبي يكون مهاجره يثرب ، وأخذ قوماً من اليمن فأنزلهم مع اليهود بيثرب لينصروه إذا خرج ، فهم الاَوس والخزرج.

وفي ذلك يقول تبع :

__________________

(١) كمال الدين : ١٥٩|١٨.

(٢) كمال الدين : ١٦١|٢١.

٦٠

من لحم وعظم وعصب، واللحم والعظم والعصب جسم مخصوص وصفات مخصوصة، أعني بالجسم عبارة عن مقدار له طول وعرض وعمق يمنع غيره من أن يوجد بحيث هو إلا بأن يتنحى عن ذلك المكان. وقد يستعار هذا اللفظ أعني اليد لمعنى آخر ليس ذلك المعنى بجسم أصلاً كما يقال البلدة في يد الأمير فإن ذلك مفهوم وإن كان الأمير مقطوع اليد مثلاً.

فعلى العامي وغير العامي أن يتحقق قطعاً ويقيناً أن الرسولعليه‌السلام لم يرد بذلك جسماً هو عضو مركب من لحم ودم وعظم وأن ذلك في حق الله تعالى محال وهو عنه مقدس، فإن خطر بباله أن الله جسم مركب من أعضاء فهو عابد صنم! فإن كل جسم فهو مخلوق وعبادة المخلوق كفر وعبادة الصنم كان كفراً لأنه مخلوق وكان مخلوقاً لأنه جسم، فمن عبد جسماً فهو كافر بإجماع الأئمة، السلف منهم والخلف، سواء كان ذلك الجسم كثيفاً كالجبال الصم الصلاب أو لطيفاً كالهواء والماء، وسواء كان مظلماً كالأرض أو مشرقاً كالشمس والقمر والكواكب، أو مشفاً لا لون له كالهواء، أو عظيماً كالعرش والكرسي والسماء، أو صغيراً كالذرة والهباء، أو جماداً كالحجارة، أو حيواناً كالإنسان.

فالجسم صنم، فبأن يقدر حسنه وجماله أو عظمه أو صغره أو صلابته وبقاؤه لا يخرج عن كونه صنماً.

ومن نفى الجسمية عنه وعن يده وإصبعه، فقد نفى العضوية واللحم والعصب وقدس الرب جل جلاله عما يوجب الحدوث ليعتقد بعده أنه عبارة عن معنى من المعاني ليس بجسم ولا عرض في جسم يليق ذلك المعنى بالله تعالى، فإن كان لا يدري ذلك المعنى ولا يفهم كنه حقيقته فليس عليه في ذلك تكليف أصلاً، فمعرفة تأويله ومعناه ليس بواجب عليه، بل واجب عليه أن لا يخوض فيه. انتهى. وبذلك وافق الغزالي ورشيد رضا مذهبنا ومذهب المتأولين، وخالف المفوضة وأهل الظاهر!

٦١

وكل علماء السنّة حتى المجسّمة يصيرون متأوّلة عند الحاجة

كل المجسمة من الأشاعرة والحنابلة والوهابيين الذين حرموا التأويل، وأنكروا وجود المجاز في القرآن، وأوجبوا حمل ألفاظه وألفاظ أحاديث الصفات على معانيها الظاهرة الحقيقية، بل حتى أولئك الذين حكموا بأن المتأولة أهل ضلالة وبدعة وكفر وحذروا منهم.. كلهم يصيرون متأولة من الدرجة الأولى عندما يقعون في مأزق الآيات والأحاديث التي تخالف مذهبهم وتنفي إمكان الرؤية بالعين والتشبيه والتجسيم كقوله تعالى:لا تدركه الأبصار ...ليس كمثله شيء ...لا يحيطون به علماً ...لن تراني .. إلخ.

وهكذا نجد أن إخواننا الذين نبزونا بألفاظ (متاولة، متوالي، بني متوال) يقومون هم بتأويل جميع الآيات والأحاديث المخالفة لمذهبهم جهاراً نهاراً، وجوباً قربة إلى الله تعالى، من أجل الدفاع عن أحاديث الرؤية بالعين وظاهر الآيات المتشابهة فيها!

وهكذا يسقط منهجهم العلمي بتحريمهم التأويل في بعض الآيات والأحاديث وتحليله في بعضها! وكان الأولى بهم أن لا يلقوا أنفسهم في هذا المأزق ويتأولوا الآيات التي يوهم ظاهرها الرؤية من أول الأمر من أجل الجمع المنطقي بينها وبين الآيات النافية للرؤية.

وإذا سألتهم: لماذا أوجبتم الأخذ بظاهر هذه المجموعة من الآيات والأحاديث وحرمتم تأويلها، وأوجبتم تأويل تلك المجموعة وحرمتم الأخذ بظاهرها! فليس عندهم جواب، إلا أنهم أرادوا المحافظة على ظواهر آيات الرؤية بالعين وأحاديث الآحاد، مهما كلفهم ذلك من تناقض في المنهج العلمي، فالمهم عندهم أن لا تنخدش روايات الرؤية بالعين عن كعب الأحبار ومن قلده من الخلفاء!

٦٢

- قال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص ١٤٨

ومن ذلك قول الحافظ ابن حجر في الفتح ١٣ - ٤٣٢: فمن أجرى الكلام على ظاهره أفضى به الأمر إلى التجسيم، ومن لم يتضح له وعلم أن الله منزه عن الذي يقتضيه ظاهرها إما أن يكذب نقلتها وإما أن يؤولها. انتهى.

وقد تبنى ابن تيمية والوهابيون هذا الحل (الشرعي) فحكموا بوجوب تصديق هذه الروايات وتحريم تأويلها حتى لو أدت إلى التجسيم، ثم هجموا على روايات التنزيه ونفي التجسيم بمعول التأويل!

- وقال السقاف في شرح العقيدة الطحاوية ص ١٥٦ - ١٥٩

وقد نقل الحافظ ابن جرير في تفسيره ٢٧ - ٧ تأويل لفظة (أيد) الواردة في قوله تعالى:وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ، بالقوة أيضاً عن جماعة من أئمة السلف منهم: مجاهد وقتادة ومنصور وابن زيد وسفيان... ومما يجدر التنبيه عليه هنا ولا يجوز إغفاله أن هؤلاء القوم الذين يحاربون التأويل ويزعمون أنه ضلال وبدعة وتحريف للقرآن والسنة هم أنفسهم يؤولون ما لا يوافق آراءهم من نصوص الكتاب والسنة في مسائل الصفات! فنراهم يؤولون مثل قوله تعالى: وهو معكم وقوله تعالى: ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون، وقوله تعالى: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم، وقوله تعالى: إنني معكما أسمع وأرى، وقوله تعالى:وهو معكم ، إلى غير ذلك من نصوص واضحة!

فإذا كان هذا قرآن وذاك قرآن فما الذي أوجب اعتقاد ظاهر هذا دون ظاهر ذاك وكله قرآن! ولماذا جوزوا تأويل ظاهر هذا دون ذلك!

... روى الخلال بسنده عن حنبل عن عمه الإمام أحمد بن حنبل أنه سمعه يقول: احتجوا عليّ يوم المناظرة فقالوا: تجيء يوم القيامة سورة البقرة... الحديث قال فقلت لهم: إنما هو الثواب. اهـ. فتأمل في هذا التأويل الصريح... نقل الحافظ

٦٣

البيهقي في الأسماء والصفات ص ٤٧٠ عن البخاري أنه قال: معنى الضحك: الرحمة اهـ. وقال الحافظ البيهقي ص ٢٩٨: روى الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري أنه قال: معنى الضحك فيه - أي الحديث - الرحمة اه- فتأمل. وقد نقل هذا التأويل أيضاً الحافظ ابن حجر في فتح الباري ٦ - ٤٠.

- وقال التلمساني في نفح الطيب ج ٨ ص ٣٤

حكاية أبي بكر بن الطيب مع رؤساء بعض المعتزله. وذلك أنه اجتمع معه في مجلس الخليفه فناظره في مسألة رؤية الباري فقال رئيسهم: ما الدليل أيها القاضي على جواز رؤية الله تعالى قال قوله تعالى:لا تدركه الأبصار فنظر بعض المعتزله إلى بعض وقالوا: جن القاضي! وذلك أن هذه الآية هي معظم ما احتجوا على مذهبهم وهو ساكت ثم قال لهم: أتقولون إن من لسان العرب قولك الحائط لا يبصر قالوا: لا... قال فلا يصح إذا نفي الصفة عما من شأنه صحة إثباتها له؟ قالوا: نعم، قال فكذلك قوله تعالى:لا تدركه الأبصار ، لو لا جواز إدراك الأبصار له لم يصح نفيه عنه! انتهى.

وهكذا نرى أن الذين حرموا التأويل وكفروا المسلمين بسببه، أفرطوا في ارتكابه ووصلوا به إلى حد السفسطة، فأولوا النفي الصريح بالإثبات، ولم يبق عليهم إلا أن يؤلوا(لا إله إلا الله) بوجود عدة آلهة مع الله سبحانه وتعالى عما يصفون. وسوف ترى مزيداً من فنونهم في تأويل آيات نفي الرؤية والتنزيه، عند استعراض تفسيرها، إن شاء الله تعالى.

- ونختم بما قاله الشيخ محمد رضا جعفري في بحث الكلام عند الإمامية ص ١٥١ من مجلة تراثنا عدد ٣٠

قال أبو الفرج ابن الجوزي: «واعلم أن عموم المحدثين حملوا ظاهر ما تعلق من صفات الباري سبحانه على مقتضى الحس فشبهوا، لأنهم لم يخالطوا الفقهاء فيعرفوا حمل المتشابه على مقتضى الحكم..» (١)

وقال أيضاً: «واعلم أن الناس في أخبار الصفات على ثلاث مراتب: إحداها،

٦٤

إمرارها على ما جاءت من غير تفسير ولا تأويل، إلا أن تقع ضرورة كقوله تعالى(وجاء ربّك) (٢) أي: جاء أمره، وهذا مذهب السلف.

والمرتبة الثانية، التأويل، وهو مقام خطر.

والمرتبة الثالثة، القول فيها بمقتضى الحس، وقد عمَّ جهلة الناقلين(٣)، إذ ليس لهم حظ من علوم المعقولات التي يعرف بها ما يجوز على الله تعالى وما يستحيل، فإن علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه، فإذا عدموا تصرفوا في النقل بمقتضى الحس» (٤).

وقال تقي الدين ابن تيمية، راداً على من قال: إن أكثر الحنابلة مجسمة ومشبهة:

«المشبهة والمجسمة في غير أصحاب الإمام أحمد أكثر منهم فيهم، فهؤلاء أصناف الأكراد، كلهم شافعية، وفيهم من التشبيه والتجسيم ما لا يوجد في صنف آخر، وأهل جيلان فيهم شافعية وحنبلية، وأما الحنبلية المحضة فليس فيهم من ذلك ما في غيرهم، والكرامية كلهم حنفية»(٥).  ولست أقر ابن تيمية على دفاعه عن أهل مذهبه ولكني أسكت عنه....

٤ - نماذج مختارة: وكنموذج لما أشار إليه ابن الجوزي في كلامه عن المحدثين أختار ثلاثة لم يكونوا من الحنابلة الصرحاء، وأقدم لكل منهم بعض الترجمة كي لا يتهمني متهم بأني عثرت على مغمورين خاملين لم يكونوا ذوي شأن عند المحدثين:

١ - إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم، أبو يعقوب الحنظلي المروزي، ابن راهويه النيسابوري (١٦١/٧٧٨ ت ٢٣٨/٨٥٣.

قال الخطيب: كان أحد أئمة المسلمين، وعلماً من أعلام الدين، اجتمع له الحديث والفقه، والحفظ والصدق، والورع والزهد، ورحل إلى العراق، والحجاز، واليمن، والشام... وورد بغداد وجالس حفاظ أهلها، وذاكرهم، وعاد إلى خراسان فاستوطن نيسابور إلى أن توفي بها، وانتشر علمه عند الخراسانيين. وهكذا قال المزي والسبكي. وهو شيخ البخاري، ومسلم، والترمذي، وأبوداود، والنسائي، وبقية بن الوليد، ويحيى بن آدم - وهما من شيوخه - وأحمد بن حنبل، وإسحاق

٦٥

الكوسج، ومحمد بن رافع، ويحيى بن معين - هؤلاء من أقرانه - وجماعة.

قال نعيم بن حماد: إذا رأيت العراقي يتكلم في أحمد بن حنبل فاتهمه في دينه، وإذا رأيت الخراساني يتكلم في إسحاق بن راهويه فاتهمه في دينه.

وقال النسائي: أحد الأئمة، ثقة مأمون. وقال أحمد بن حنبل: إذا حدثك أبو يعقوب أمير المؤمنين فتمسك به. وقال أبو حاتم: إمام من أئمة المسلمين. وقال ابن حبان: وكان إسحاق من سادات زمانه فقهاً، وعلماً، وحفظاً، ونظراً، ممن صنف الكتب، وفرع السنن، وذب عنها، وقمع من خالفها، وقبره مشهور يزار. وقال أبو عبد الله الحاكم: إمام عصره في الحفظ والفتوى. وقال أبو نعيم الأصبهاني: كان إسحاق قرين أحمد [ بن حنبل ] وكان للآثار مثيراً، ولأهل الزيغ مبيراً.

وقال الذهبي: الإمام الكبير، شيخ المشرق، سيد الحفاظ، قد كان مع حفظه إماماً في التفسير، رأساً في الفقه، من أئمة الإجتهاد(٦).

أبو عيسى الترمذي - بعد أن أخرج الروايات التي تقول: إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه... الحديث - قال: وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات، ونزول الرب تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد تثبت الروايات في هذا ويؤمن بها ولا يتوهم، ولا يقال: كيف؟

هكذا روي عن مالك، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف. وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة. وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات، وقالوا: هذا تشبيه. وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه: اليد، والسمع، والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده، وقالوا: إن معنى اليد ها هنا القوة.

وقال إسحاق بن إبراهيم(٧): إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد، أو مثل يد، أو سمع كسمع، أو مثل سمع، فإذا قال: سمع كسمع أو مثل سمع، فهذا التشبيه. وأما

٦٦

إذا قال - كما قال الله تعالى -: يد، وسمع، وبصر، ولا يقول: كيف، ولا يقول مثل سمع، ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيهاً، وهو كما قال الله تعالى:(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (٨).

٢ - أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة السلمي النيسابوري (٢٢٣/٨٣٨ - ٣١١/٩٢٤) قالوا عنه: إنه كان إمام نيسابور في عصره، فقيهاً، مجتهداً، بحراً من بحور العلم، اتفق أهل عصره على تقدمه في العلم، ولقبه الصفدي، واليافعي، والذهبي، والسبكي، وابن الجزري، والسيوطي، وابن عبدالحي بإمام الأئمة. وقال الدار قطني: كان إماماً معدوم النظير. وقال ابن كثير: هو من المجتهدين في دين الإسلام. وذكروا له الكرامات. وقال السمعاني: وجماعة [ من المحدثين ] ينسبون إليه، يقال لكل واحد منهم خزيمي [ فهو إمام مدرسة حدثية ]. وهذا بعض ما قيل فيه(٩):

أثبت ابن خزيمة الوجه لله سبحانه، وقال: (ليس معناه أن يشبه وجهه وجه الآدميين، وإلا لكان كل قائل إن لبني آدم وجهاً، وللخنازير، والقردة، والكلاب... - إلى آخر ما عدد من الحيوانات - وجوهاً، قد شبه وجوه بني آدم بوجوه الخنازير والقردة والكلاب...)(١٠).

وذكر مثل هذا في العين، واليد، والكف، واليمين، وقال: إن عيني الله لا تشبهان أي عين لغيره، وأضاف: نحن نقول: لربنا الخالق عينان يبصر بهما ما تحت الثرى وتحت الأرض السابعة السفلى وما في السماوات العلى وما بينهما ونزيد شرحاً وبياناً ونقول: عين الله عز وجل قديمة لم تزل باقية، ولا يزال محكوم لها بالبقاء منفي عنها الهلاك والفناء، وعيون بني آدم محدثة، كانت عدماً غير مكونة فكونها الله وخلقها بكلامه الذي هو صفة من صفات ذاته...»(١١).

وقال: إن لله يدين ويداه قديمتان لم تزالا باقيتين، وأيدي المخلوقين محدثة فأي تشبيه!...(١٢) ونفى التأويل عن كل هذا، خاصة تأويل اليد بالنعمة أو القوة(١٣).

وذكر «أن كلام ربنا عز وجل لا يشبه كلام المخلوقين، لأن كلام الله كلام متواصل

٦٧

لا سكت بينه ولا سمت، لا ككلام الآدميين الذي يكون بين كلامه سكت وسمت لانقطاع النفس، أو التذاكر، أو العي...»(١٤).

٣ - عثمان بن سعيد، أبو سعيد الدارمي، التميمي، السجستاني (ح ١٩٩/٨١٥ - ٢٨٠/٨٩٤) الإمام العلامة الحافظ، الناقد الحجة، وكان جذعاً وقذئ في أعين المبتدعة، قائماً بالسنة، ثقة، حجة، ثبتاً. وقيل فيه: كان إماماً يقتدى به في حياته وبعد مماته. ذكره الشافعية في طبقاتهم، وعده الحنابلة من أصحاب ابن حنبل(١٥).

قال الدارمي بأن لله مكاناً حده، وهو العرش(١٦) و(هو بائن من خلقه فوق عرشه بفرجة بينه في هواء الآخرة، حيث لا خلق معه هناك غيره، ولا فوقه سماء)(١٧) وقال (قد أيّنّا له مكاناً واحداً، أعلى مكان، وأطهر مكان، وأشرف مكان: عرشه العظيم فوق السماء السابعة العليا، حيث ليس معه هناك إنس ولا جان، ولا بجنبه حش، ولا مرحاض، ولا شيطان. وزعمت أنت(١٨) والمضلون من زعمائك أنه في كل مكان، وكل حش ومرحاض، وبجنب كل إنسان وجان! أفأنتم تشبهونه إذ قلتم بالحلول في الأماكن أم نحن؟!)(١٩)

وقال (ولو لم يكن لله يدان بهما خلق آدم ومسه مسيساً كما ادعيت، لم يجز أن يقال (لله): بيدك الخير...)(٢٠) وأحال في ذلك كل معنى أو تأويل من نعمة أو قوة إلا اليدين(٢١) (بما لهما من المعنى، وهو العضو الخاص المحسوس)، (وأن لله إصبعين، من غير تأويل بمعنى آخر)(٢٢) (والقدمان قدمان من غير تأويل)(٢٣) (غير أنا نقول، كما قال الله(ويبقى وجه ربّك) (٢٤) إنه عنى به الوجه الذي هو الوجه عند المؤمنين، لا الأعمال الصالحة، ولا القبلة...)(٢٥) وإن نفي التشبيه إنما هو بأن يكون لله كل هذا، ولكن لا يشبه شيء منه شيئاً مما في المخلوقين)(٢٦).

وقال الجعفري في هوامشه:

(١) تلبيس إبليس: ط ادارة الطباعة المنيرية، القاهرة: ١٣٦٨/١١٦.

(٢) الفجر ٨٩: ٢٢.

(٣) ويقصد بهم المحدثين.

٦٨

(٤) دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه، المكتبة التوفيقية، القاهرة: ١٩٧٦/٧٣ - ٧٤.

(٥) المناظرة في العقيدة الواسطية، مجموعة الرسائل الكبرى، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ط ٢:١٣٩٢/١٩٧٢، ١/٤١٨.

(٦) التاريخ الكبير ١ - ٣٧٩ - ٣٨٠ = ١٢٠٩، التاريخ الصغير ٢/٣٦٨، الجرح والتعديل ١ - ١ (٢) ٢٠٩ - ٢١٠= ٧١٤، ابن حبان، الثقات ٨/١١٥ - ١١٦، طبقات الحنابلة ١/١٠٩ = ١٢٢، المنهج الأحمد ١/١٠٨ - ١٠٩ = ٤٣،تاريخ بغداد ٦/٣٤٥ - ٣٣٥ = ٣٣٨١، حلية الأولياء ٩/٢٣٤ - ٢٣٨ ابن خلكان ١/١٩٩ - ٢٠١، الأنساب ٦/٥٦ -٥٧، السبكي، طبقات الشافعية ٢/٨٣ - ٩٣، ميزان الإعتدال ١/١٨٢ - ١٨٣ = ٧٣٣، سير أعلام النبلاء ١١/٣٥٨ -٣٨٢، تذكرة الحفّاظ ٢/٤٣٣ - ٤٣٥، العبر ١/٤٢٦، الوافي بالوفيات ٨/٣٨٦ - ٣٨٨ = ٣٨٢٥، طبقات الحفاظ /١٨٨ - ١٨٩ = ٤١٩، ابن كثير ١٠/٣١٧، تهذيب التهذيب ١/٢١٦ - ٢١٩ = ٤٠٨ ، تهذيب الكمال ٢/٣٧٣ - ٣٨٨ -٣٣٢، طبقات المفسرين ١/١٠٢ - ١٠٣، شذرات الذهب ٢/٨٩.

(٧) هو إسحاق بن راهويه - عارضة الأحوذي: ٣/٣٣٢.

(٨) الجامع الصحيح، الزكاة (ما جاء في فضل الصدقة) ٣/٥٠ - ٥١ أي ٦٦٢.

(٩) الذهبي سير أعلام النبلاء: ١٤/٣٦٥ - ٣٨٢، تذكرة الحفاظ: ٢/٧٢٠ - ٧٣١، العبر: ٢/١٤٩، السمعاني، الأنساب: ٥/١٢٤، ابن الأثير، اللباب: ١/٤٤٢، ابن الجوزي، المنتظم: ٦/١٨٤ - ١٨٦، ابن كثير، البداية والنهاية،١١/١٤٩، السبكي، طبقات الشافعية: ٣/١٠٩ - ١١٩، الصفدي، الوافي بالوفيات: ٢/١٩٦، اليافعي، مرآة الجنان:٢/٢٦٤، ابن عبد الحي، شذرات الذهب: ٢/٢٦٢ - ٢٦٣، السيوطي، طبقات الحفاظ: ٣١٠ - ٣١١، ابن الجزري،طبقات القراء: ٢/٩٧ - ٩٨.

(١٠) التوحيد واثبات صفات الرب، راجعه وعلق عليه محمد خليل هراس، المدرس بكلية أصول الدين (بالأزهر)، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة: ١٣٨٧/١٩٦٨، /٢٣.

(١١) المصدر / ٥٠ -٥٢.

(١٢) المصدر / ٨٢ - ٨٥.

(١٣) المصدر / ٨٥ - ٨٧.

(١٤) المصدر / ١٤٥.

(١٥) سير أعلام النبلاء: ١٣/٣١٩ - ٣٢٦، تذكرة الحفاظ: ٢/٦٢١ - ٦٢٢، العبر: ٢/٦٤، مرآة الجنان:

٦٩

٢/١٩٣، ابن كثير ١١/٦٩، طبقات الشافعية: ٢/٣٠٢ - ٣٠٦، طبقات الحفاظ: ٢٧٤، طبقات الحنابلة: ١/٢٢١، شذرات الذهب: ٢/١٧٦.

(١٦) الرد على بشر المريسي، عقائد السلف، نشر: دكتور علي سامي النشار، عمار جمعي الطالبي، منشأة المعارف الإسكندرية، مصر: ١٩٧١/٣٨٢.

(١٧) المصدر / ٤٣٩.

(١٨) يخاطب به بشر المريسي، الذي يرد عليه الدارمي، وهو بشر بن غياب المريسي، البغدادي، الحنفي (ح ١٣٨/٧٥٥ - ٢١٨ / ٨٣٣) من أعلام الحنيفة، وممن نادى بخلق القرآن ودافع عنه، وعن كثير من آراء المعتزلة.

(١٩) المصدر/ ٤٥٤

(٢٠) المصدر/ ٣٨٧

(٢١) (بما لهما من المعنى، وهو العضو الخاص المحسوس) المصدر / ٣٩٨.

(٢٢) المصدر / ٤٢٠.

(٢٣) المصدر / ٤٢٣ - ٤٢٤، ٤٢٧ - ٤٢٨.

(٢٤) الرحمن ٥٥/٢٧.

(٢٥) المصدر / ٥١٦.

(٢٦) المصدر / ٤٣٢ - ٤٣٣، ٥٠٨.. انتهى.

٧٠

الفصل الثالث

بازار الأحاديث في الرؤية والتشبيه والتجسيم

قالوا إن الله تعالى على صورة بشر!

- صحيح مسلم ج ٨ ص ٣٢

- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص) إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته..

- فردوس الأخبار للديلمي ج ٢ ص ٢٩٩

أبو هريرة: خلق الله عز وجل آدم على صورته وطوله ستون ذراعاً... فكل من يدخل الجنة على صورة آدم ستون ذراعاً فلم تزل تنقص بعده حتى الآن. انتهى. ونحوه في ج ٥ ص ١٦٥ ونحوه في مصابيحه ج ٣ ص ٢٦٦

- مختصر تاريخ دمشق ج ٣ جزء ٥ ص ١٢٥

عن أبي هريرة، عن النبي (ص) قال: خلق الله آدم على صورته طوله سبعون ذراعاً... الى آخره. وقد تقدم تكذيب الإمام مالك لهذا الحديث وغيره من أحاديث رؤية الله تعالى بالعين، من سير أعلام النبلاء ج ٨ ص ١٠٣

٧١

- وروى ابن حجر في لسان الميزان ج ٣ ص ٢٩٩ صيغة معقولة لهذا الحديث قال:... العلاء بن مسلمة، حدثنا عبد الله بن سيف، ثنا إسماعيل بن رافع، عن المقبري، عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه مرفوعاً: لا يضربن أحدكم وجه خادمه ولا يقول لعن الله من أشبه وجهك، فإن الله خلق آدم على صورة وجهه. انتهى. فهل يقبلها اخواننا ويخلصون أنفسهم من ورطة التجسيم.

- لجنة الإفتاء الوهابية ج ٤ ص ٣٦٨ فتوى رقم ٢٣٣١

س ١: عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: خلق الله آدم على صورته ستون ذراعاً، فهل هذا الحديث صحيح؟

ج: نص الحديث: خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعاً ثم قال: إذهب فسلم على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع فما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعاً، فلم يزل الخلق تنقص بعده إلى الآن. رواه الإمام أحمد والبخاري ومسلم. وهو حديث صحيح ولا غرابة في متنه فإن له معنيان:

الأول: أن الله لم يخلف آدم صغيراً قصيراً كالأطفال من ذريته ثم نما وطال حتى بلغ ستين ذراعاً، بل جعله يوم خلقه طويلاً على صورة نفسه النهائية طوله ستون ذراعاً.

والثاني: أن الضمير في قوله (على صورته) يعود على الله بدليل ما جاء في رواية أخرى صحيحة: على صورة الرحمن وهو ظاهر السياق ولا يلزم على ذلك التشبيه، فإن الله سمى نفسه بأسماء سمى بها خلقه، ووصف نفسه بصفات وصف بها خلقه، ولم يلزم من ذلك التشبيه وكذا الصورة، ولا يلزم من إتيانها لله تشبيهه بخلقه لأن الاشتراك في الإسم وفي المعنى الكلي لا يلزم منه التشبيه فيما يخص كلا منهما، لقوله تعالى:لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ .

٧٢

وقالوا له سمع وبصر كسمع الإنسان وبصره

- سنن أبي داود ج ٢ ص ٤١٩

... مولى أبي هريرة قال سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية:إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها .. إلى قوله تعالى سميعاً بصيراً، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه، قال أبو هريرة: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعيه، قال ابن يونس قال المقرىء: يعني أن الله سميع بصير، يعني أن لله سمعاً وبصراً، قال أبو داود: وهذا رد على الجهمية. انتهى. ورواه في ج ٢ ص ٢٣٣، وكأن قصد أبي داود أن الجهمية أفرطوا في التنزيه، فيجب أن نرد عليهم بالتجسيم!

وقالوا له عينان مثل الإنسان وهما سالمتان

- صحيح البخاري ج ٢ جزء ٤ ص ١٤١

قال عبد الله (يعني ابن عمر) ذكر النبي (ص) يوماً بين ظهري الناس المسيح الدجال فقال: إن الله ليس بأعور، إلا أن المسيح الدجال أعور العين. انتهى. وقد فسرها الوهابيون وأسلافهم، بأن الله تعالى له عينان سالمتان! ورواه البغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٤٩٧، ٥٠٧ عن ابن عمر أنه قال: قام رسول الله (ص) ثم ذكر الدجال: تعلمون أنه أعور، وأن الله ليس بأعور. عن عباده ابن الصامت عن رسول الله (ص): إن المسيح الدجال رجلٌ قصير أفجح جعد أعور، وإن ربكم ليس بأعور.

وقالوا له أيدي وأعين ورجلان

- قال ابن حزم في المحلى ج ١ ص ٣٣

مسألة: وإن لله عز وجل عزاً وعزة وجلالاً وإكراماً، ويداً ويدين وأيدياً (كذا) ووجهاً وعيناً وأعيناً، وكبرياء، وكل ذلك حق لا يرجع منه ولا من علمه تعالى وقدره وقوته إلا إلى الله تعالى لا إلى شيء غير الله عز وجل أصلاً، نقر من ذلك مما في القرآن

٧٣

وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يحل أن يزاد في ذلك ما لم يأت به نص من قرآن أو سنة صحيحة.

قال عز وجل:ذو الجلال والإكرام وقال تعالى:يد الله فوق أيديهم ، لما خلقت بيدي، ومما عملت أيدينا أنعاماً، إنما نطعمكم لوجه الله، ولتصنع على عيني، إنك بأعيننا. ولا يحل أن يقال عينين لأنه لم يأت بذلك نص، ولا أن يقال سمع وبصر ولا حياة، لأنه لم يأت بذلك نص لكنه تعالى سميع بصير حي قيوم. انتهى.

ولعل ابن حزم لم يطلع على نص العينين وحديث السمع والبصر وغيرها، وإلا لقال بها!

وقالوا قد يكون له أُذن وقد يكون بلا أُذن

- فتاوى الألباني ص ٣٤٤

- سؤال السائل: صفة الأذن لله، موقف أهل السنة والجماعة منها؟

جواب: لا يثبتون ولا ينفون بالرأي، أما ما أثبته النص فهم يثبتونه بدون تكييف السلفيون مستريحون من هذه الكيفية يعني استراحوا من التشبيه عملاً بالتنزيه... وأن العين: صفة من صفاته تليق بعظمته وجلاله.

وقالوا له جنب وحقو

- تفسير الطبري ج ٢٦ ص ٣٦

- عن أبي هريرة عن رسول الله (ص) أنه قال خلق الله الخلق فلما فرغ منهم تعلقت الرحم بحقو الرحمن فقال مه! فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة... ورواه البغوي في مصابيحه ج ٣ ص ٣٥٠

- وقال الشاطبي في الإعتصام ج ٢ ص ٣٠٣

قول من زعم: أن لله سبحانه وتعالى جنباً مستدلاً بقوله: أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت من جنب الله.

٧٤

وقالوا إنّه يمشي وقد يركض ويهرول

- فتاوى الألباني ص ٥٠٦

سؤال: حول الهرولة، وهل أنكم تثبتون صفة الهرولة لله تعالى؟

جواب: الهرولة كالمجيء والنزول صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها.

- فتاوى ابن باز ج ٥ ص ٣٧٤

... ومن ذلك الحديث القدسي وهو قول الله سبحانه: من تقرب إليّ شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إليّ ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة... أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية والمعتزلة... انتهى.

وقالوا إنّه تعالى يرى بالعين في الدنيا

- الفرق بين الفرق للنوبختي ص ٢٩٤

وأجمع أهل السنة على أن الله تعالى يكون مرئياً للمؤمنين في الآخرة، وقالوا بجواز رؤيته في كل حال ولكل حي من طريق العقل ووجوب رؤيته للمؤمنين خاصة في الآخرة، من طريق الخبر..

- مسند أحمد ج ٤ ص ٦٦

... عن خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات غداة وهو طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فقلنا: يا رسول الله إنا نراك طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه، فقال: وما يمنعي وأتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة، قال يا محمد، قلت لبيك ربي وسعديك، قال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا أدري أي رب! قال ذلك مرتين أو ثلاثاً، قال فوضع كفيه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السموات وما في الأرض، ثم تلا هذه

٧٥

الآية:وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ . انتهى. ورواه في ج ٥ ص ٣٧٨، وستأتي بقية رواياته في تفسير قوله تعالى(ما كذب الفؤاد ما رأى) .

وقالوا إنه يلبس قباء وجبة ويركب على جمل

- لسان الميزان ج ٢ ص ٢٣٨

ومما في الصفات له (حدثنا) أبو حفص بن سلمون ثنا عمرو بن عثمان ثنا أحمد بن محمد بن يوسف الإصبهاني ثنا شعيب بن بيان الصفار ثنا عمران القطان عن قتادة عن أنسرضي‌الله‌عنه مرفوعاً: إذا كان يوم الجمعة ينزل الله بين الأذان والإقامة عليه رداء مكتوب عليه إنني أنا الله لا إله إلا أنا، يقف في قبلة كل مؤمن مقبلاً عليه، فإذا سلم الإمام صعد إلى السماء. وروى عن ابن سلمون بإسناد له: رأيت ربي بعرفات على جمل أحمر عليه إزار! انتهى. ورواه في ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥١٢

وقالوا إنّه فتى أمرد جعد الشعر

- ميزان الإعتدال ج ١ ص ٥٩٣

... عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: فلما تجلى ربه للجبل، قال: أخرج طرف خنصره وضرب على إبهامه فساخ الجبل، فقال حميد الطويل لثابت: تحدث بمثل هذا! قال فضرب في صدر حميد وقال: يقوله أنس ويقوله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكتمه أنا! رواه جماعة عن حماد وصححه الترمذي. إبراهيم بن أبي سويد وأسود بن عامر، حدثنا حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً: رأيت ربي جعداً أمرد، عليه حلة خضراء.

وقال ابن عدي: حدثنا عبد الله بن عبد الحميد الواسطي، حدثنا النضر بن سلمة شاذان، حدثنا الأسود بن عامر، عن حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر من لؤلؤ قدميه أو رجليه في خضرة.

٧٦

... قال المرودي: قلت لأحمد: يقولون لم يسمع قتادة عن عكرمة فغضب وأخرج كتابه بسماع قتادة عن عكرمة في ستة أحاديث. ورواه الحكم بن أبان عن زيرك عن عكرمة. وهو غريب جداً.

وقالوا إنّه يضحك في الدنيا والآخرة

- صحيح البخاري ج ٢ جزء ٣ ص ٢١٠

عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيستشهد.

- صحيح البخاري ج ٤ ص ٢٢٦

... فباتا طاويين، فلما أصبح غد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما، فأنزل الله:وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .

- سنن النسائي ج ٦ ص ٣٨

... عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل يعجب من رجلين يقتل أحدهما صاحبه، وقال مرة أخرى: ليضحك من رجلين يقتل أحدهما صاحبه ثم يدخلان الجنة. تفسير ذلك أخبرنا محمد بن سلمة... عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ثم يتوب الله على القاتل فيقاتل فيستشهد. انتهى. ورواه ابن ماجة في ج ١ ص ٦٨

- وروى أحمد في مسنده ج ١ ص ٣٩٢

عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط فينكب مرة ويمشي مرة وتسفعه النار مرة، فإذا جاوز

٧٧

الصراط التفت إليها فقال: تبارك الذي نجاني منك لقد أعطاني الله ما لم يعط أحداً من الأولين والآخرين، قال فترفع له شجرة فينظر إليها فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها، فيقول: أي عبدي فلعلي إن أدنيتك منها سألتني غيرها، فيقول: لا يا رب، ويعاهد الله أن لا يسأله غيرها والرب عز وجل يعلم أنه سيسأله لأنه يرى ما لا صبر له يعني عليه، فيدنيه منها ثم ترفع له شجرة وهي أحسن منها فيقول: يا رب أدنني من هذه الشجرة فأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول: أي عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها، فيقول: يا رب هذه لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها فيدنيه منها، فترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن منها فيقول: رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول: أي عبدي ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها، فيقول: يا رب هذه الشجرة لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها لأنه يرى ما لا صبر له عليها فيدنيه منها فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول: يا رب الجنة الجنة، فيقول: عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها، فيقول: يا رب أدخلني الجنة.

قال فيقول عز وجل: ما يصريني منك أي عبدي أيرضيك أن أعطيك من الجنة الدنيا ومثلها معها؟

قال فيقول: أتهزؤ بي وأنت رب العزة!

قال فضحك عبد الله حتى بدت نواجذه ثم قال: ألا تسألوني لم ضحكت؟

قالوا له لم ضحكت؟

قال: لضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تسألوني لم ضحكت؟

قالوا: لم ضحكت يا رسول الله؟

قال: لضحك الرب حين قال أتهزأ بي وأنت رب العزة!! انتهى. ورواه في ج ١ ص٤١١ وج ٢ ص ٣١٨ وص ٤٦٤ وص ٥١١ وروى نحوه في ج ٢ ص ٢٧٦ وص ٢٩٤

٧٨

وص٥٣٤ وج ٣ ص ٨٠ وابن ماجة في سننه ج ١ ص ٦٤ والديلمي في فردوس الأخبار ج ٣ ص ٩ ح ٣٧٠٣ والبغوي في مصابيحه ج ١ ص ٤٣٣ وص ٥٤٤ وج ٣ ص ٥٤٦ والبيهقي في شعب الإيمان ج ١ ص ٢٤٩ وفي دلائل النبوة ج ٦ ص ١٤٣ والهيثمي في مجمع الزوائد ج ١٠ ص ٦١٥ والشوكاني في نيل الأوطار ج ٣ ص ٥٧ وغيرهم.. وغيرهم..

وسيأتي عدد آخر من روايات ضحك الله المزعوم على هذا الرجل في روايات رؤيته بالعين في الآخرة.

- وقال ابن تيمية في الإيمان ص ٤٢٤

وفي الصحيحين في حديث الشفاعة يقول كل من الرسل إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله... وكذلك ضحكه إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة وضحكه إلى الذي يدخل الجنة آخر الناس ويقول: أتسخر بي وأنت رب العالمين! وكل هذا في الصحيح.

وقالوا إنه يضحك لمن يستلقي على دابّته

- وروى أحمد في ج ١ ص ٣٣٠ رواية غريبة نسب فيها تصرفاً غير معقول للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونسب فيها إلى الله تعالى أنه يضحك لمن يذكره على دابته ثم يستلقي! قال الإمام أحمد:

عن عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابته فلما استوى عليها كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، وحمد الله ثلاثاً، وسبح الله ثلاثاً، وهلل الله واحدة ثم استلقى عليه فضحك، ثم أقبل عليَّ فقال: ما من إمريء يركب دابته فيصنع كما صنعت إلا أقبل الله تبارك وتعالى فضحك إليه كما ضحكت إليك!

وقالوا مادام الله يضحك فأملنا فيه كبير

- روى أحمد في مسنده ج ٤ ص ١١ وص ١٢ وص ١٣ رواية تعطي الناس الأمل بالله

٧٩

تعالى لأنه يضحك! قال:... عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، قال قلت: يا رسول الله أو يضحك الرب عز وجل! قال نعم، قال: لن نعدم من رب يضحك خيراً!

- وروى الديلمي في فردوس الأخبار ج ٣ ص ١٠

أبوذر الغفاري: ضحك الله ربنا عز وجل من قنوط عباده وقرب غيره ولن نعدم من رب يضحك خيراً. وستأتي روايته عن النويري وغيره.

وقالوا إنّه يضحك.. ويظل يضحك

- قال ابن قيم الجوزية في زاد المعاد ج ٣ ص ٥٦٦ - ٥٦٧

- قوله (ص): فيضل يضحك، هو من صفات أفعاله سبحانه وتعالى التي لا يشبهه فيها شيء من مخلوقاته كصفات ذاته.. وكذلك: فأصبح ربك يطوف في الأرض، هو من صفات فعله كقوله تعالى:وجاء ربّك والملك ، وينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا، ويدنو عشية عرفة فيباهي بأهل الموقف الملائكة. والكلام في الجميع صراط واحد مستقيم إثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تحريف ولا تعطيل.

- وقال النويري في نهاية الإرب ج ٧ جزء ١٤ ص ٢٩٢

عن لقيط بن عامر العقيلي قال... أتينا رسول الله (ص) حين انصرف من صلاة الغداة فقام خطيباً فقال أيها الناس... يشرف عليكم أزلين فيظل يضحك، قد علم أن غوثكم قريب. قال لقيط له: لن نعدم من رب يضحك خيراً.. انتهى. وروى نحوه المنذري في الترغيب والترهيب ج ١ ص ٤٣٤ وص ٤٣٦ وج ٤ ص ٥٠٣

وقالوا إنّه ضحك لطلحة وسعد

- أُسد الغابة ج ٣ ص ٨٣

روي أنه (طلحة بن البراء) توفي ليلاً فقال أدفنوني.. ولا تدعوا رسول الله (ص)

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555