النظام المالي وتداول الثروة في الإسلام

النظام المالي وتداول الثروة في الإسلام25%

النظام المالي وتداول الثروة في الإسلام مؤلف:
تصنيف: دراسات
الصفحات: 153

  • البداية
  • السابق
  • 153 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 36409 / تحميل: 5762
الحجم الحجم الحجم
النظام المالي وتداول الثروة في الإسلام

النظام المالي وتداول الثروة في الإسلام

مؤلف:
العربية

النِظام المَالي وتداول الثّروة في الإسْلام

محمَد مهدي الآصفي

١

هذا الكتاب

نشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) للتراث والفكر الإسلامي

بانتظار أن يوفقنا الله تعالى لتصحيح نصه وتقديمه بصورة أفضل في فرصة أخرى قريبة إنشاء الله تعالى.

٢

دراسة موجزة للتخطيط الإسلامي

في تنظيم سير المال وتداول الثروة داخل جهاز الدولة.

وفي مجالي الانتاج والتوزيع.

٣

بِسَم اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

( اَلْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعالَمِينَ* الرَّحمنِ الرَّحِيم* مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ* اهدِنَا الصِّراطَ الْمُستْقِيمَ* صِراطَ الَّذِينَ أْنعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَالِّينَ .)

(صدق الله العلي العظيم)

٤

مقدمة الطبعة الثالثة

بعد أن تم للاستعمار إزالة السلطان الإسلامي عن بلاد المسلمين، وإقصاء شريعة الله وحكمه عن حياة المسلمين بصورة كاملة - تقريباً -... حاول أعداء الإسلام تشويه معالم هذا الدين، وإسباغ طابع روحي محض على تعاليم هذا الدين، وفصل الدولة عن الدين على الصعيد النظري أيضاً، بعد ما تمت لهم هذه المهمة على الصعيد العلمي.

فقد كان الفكر الإسلامي، الذي أُقصي بقوة عن الحكم، يشكل خطراً على كيان الإستعمار، فهو في كل وقت يمكن أن يصنع أُمة من الناس ينقضّون على أعداء الإسلام، ويستعيدون حق هذا الدين في الحاكمية في حياة الإنسان.

ولذلك فقد كان لا بد لهؤلاء أن يقضوا هذه المرة على فاعلية هذا الدين، لكي لا يكون هناك خطر على مصالح هؤلاء الطامعين في بلاد المسلمين من ناحية هذا الدين.

ومن هنا بدأ الاستعمار في تنفيذ مخططه الرامي إلى تشويه معالم هذه الشريعة، وإسباغ طابع روحي محض على هذا الدين، وتبني فكرة فصل الدولة عن الدين.

٥

فلكل من الدين والدولة - في حسبان هؤلاء - مهمته الخاصة، التي تختلف عن الأُخرى.

فهذا يهتم بشؤون الدنيا، وما يتعلق بها، وذاك يعني بشؤون الآخرة، وما يتعلق بها... رغم تصريح النصوص الإسلامية بعدم إمكان التجزيء في شؤون الروح والجسد، واعتبارهما وحدة كلية، لا يمكن فصل بعضها عن بعض.

وقد لعب أعداء الإسلام هنا دوراً كبيراً في تشويه معالم الإسلام، وعزل التفكير الإسلامي عن مجاري الحياة، وتقليص مهماته في حدود الروح والآخرة.

ولم يخل الميدان من كتّاب يكتبون باسم الإسلام، ويعملون في تنفيذ هذا المخطط، عن وعي أو عن غير وعي.

وكان ذلك مرحلة من عمل الاستعمار في بلاد المسلمين.

وتعقب هذه المرحلة تعدداً في الجبهات الطامعة في بلاد المسلمين، فكانت تتدافع فيما بينها على فرض سلطانها و(صداقتها!) على المسلمين.

وبطبيعة الأمر أدّى هذا التنافس إلى تعدد ميدان الصراع أمام الاستعمار. فهو يصارع الإسلام في جبهة، ويصارع منافسيه الأقوياء على السيطرة على بلاد المسلمين في جبهة أُخرى.

فاليسار الإستعماري يصارع اليمين على فرض سلطانه على بلاد المسلمين، واليمين يصارع اليسار على ذلك أيضاً. وفي نفس الوقت كانا يعملان معاً للقضاء على فاعلية هذا الدين، وإلغاء

٦

حقه في الحاكمية على حياة الإنسان.

وطبيعة هذا الصراع المزدوج - في جبهتين - كانت تقتضي الاستعمار أن يغير من خطته التقليدية المعروفة في فصل الدين عن الدولة، ومزاولة مخطط آخر في هذا الصراع.

وقد كان الإسلام رغم كل محاولات العدو أمضى سلاح في بلاد المسلمين كان من الممكن أن تستعمله الجبهات المعادية للإسلام بعضها ضد بعض.

فالتجأ أعداء الإسلام هذه المرة إلى الإسلام، ليستعينوا به في دفع منافسيهم عن مجال هذه المنافسة المحمومة التي كانت تجري بين هذه الجبهات.

فاستعان اليسار على اليمين بالإسلام واستعان اليمين على اليسار بالإسلام، وكان الإسلام سلاحاً بيد اليمين واليسار معاً لضرب الإتجاه الآخر، ودفعه عن ميدان المنافسة.

فليس هناك سلاح أمضى من الإسلام في مكافحة الشيوعية المتغلغلة في بلاد المسلمين، وليست هناك أداة أفضل من الإسلام في مواجهة الإستعمار الغربي ومكافحته.

فلم لا يستعين كل منهما بهذا الدين في ضرب الآخر ودفعه عن مجال المنافسة.

وفي هذه المرحلة من عمل الاستعمار رأينا أقلاماً تسعى لإعادة (الاعتبار) إلى الإسلام، والحديث عنه، ولكن من زاوية خاصة تخدم غرضاً محدداً بالذات، يريده أعداء هذا الدين.

٧

فلم يكن من قصد خصوم الإسلام أن يعود الإسلام مرة ثانية إلى حياة الإنسان - ليزاول مهامه في الحاكمية في المجتمع البشري - وليستعيد حقه في تنظيم حياة الإنسان.

وأعداء الإسلام أخبث من أن يقدموا على هذا العمل الذي يصادر نتائج جهودهم طوال فترة طويلة من الزمن.

فإن هذا الدين لو استعاد مكانته في قلوب المسلمين وعقولهم قضى على كل هذه الجبهات على شكل سواء، وقضى في حق هؤلاء جميعاً: إن (الكفر ملة واحدة).

فلم يكن من الغريب إذن أن يعود الإسلام في هذه المرحلة على ألسنة هؤلاء وأقلامهم فاقداً لهذه الأصالة التي تمتاز بها شريعة الله وحكمه عن قوانين الأرض وأنظمتها.

فكان الإسلام على لسان اليسار صورة باهتة عن الاشتراكية وسلاح ماضٍ ضد الرأسمالية، وعلى ألسنة اليمين صورة باهتة عن الرأسمالية وسلاح ماضٍ لمكافحة الشيوعية.

وهكذا فقد الإسلام في هذا العرض الخائن كل خصائصه واستقلاليته وأصالته، الذي هو كل ما يمتاز به التشريع الإلهي عن القانون الوضعي.

فكانت مأساة أكبر من المأساة الأولى في حياة المسلمين.

ونحن نواجه في الوقت الحاضر هذين الاتجاهين من التفكير في كثير من أوساط المسلمين.

فهناك من يرى أن (الدين) لا ينبغي أن يكون له شأن من

٨

الشأن في حياة الإنسان، وإنما تقتصر مهمة الدين على طقوس روتينية وتقاليد اجتماعية، وقضايا روحية تتعلق بالحياة الآخرة.

وهناك آخرون من المسلمين يرون أن الدين يعالج قضايا في الحياة والمجتمع (أحياناً)، ولكن على أسلوب رأسمالي أو اشتراكي، وتبعاً لهذا المنهج أو ذاك.

ولكي نستعيد حاكمية شريعة الله على وجه الأرض لابد من عمل دائب في إعادة الإسلام، في صورته الحقيقية الأصيلة، إلى وعي المسلمين على الصعيد النظري، تمهيداً لهذه المهمة.

ولابد من جهد متصل لتبيان أن للإسلام رأياً ومنهجاً محدداً في الحياة، وفي كل شؤون الإنسان، وأن هذا المنهج يمتاز قبل كل شيء بالأصالة والاستقلال الذي يفصله ويميزه عن أي منهج آخر، يضعه أحد من الناس على وجه الأرض.

وما لم نحقق هذه المهمة المزدوجة في حياة المسلمين العقلية، وعلى الصعيد النظري، أولاً، لا يتأتى للمسلمين، وللطلائع الواعية منهم أن يستعيدوا للإسلام فاعليته في حياة الإنسان، ويعيدوا الإسلام من جديد إلى مزاولة حقه في الحاكمية في حياة الإنسان.

والكتاب الحاضر جهد متواضع في هذا السبيل، في مجال البحث عن رأي الإسلام في مسألة سير المال في أجهزة الدولة وتداول الثروة، توخّيت منه تبيان أن للإسلام رأياً صريحاً ومنهجاً محدّداً في كل من النظام المالي وتداول الثروة، وأن هذا المنهج لا ينتمي الى أحد من المعسكرين المعاصرين في شيء،

٩

وإنما يمتاز بما فيه من الأصالة والاستقلالية التي تميزه عن المذاهب البشرية الموضوعة.

وليس من حاجة تستدعي أن نلصق شريعة الله بهذا الاتجاه أو ذاك كي نكسبه اعتباراً وقيمة، فهو شيء غير هذا وذاك، وقد يلتقي به هذا أو ذاك في بعض خطوطه، ولكن ذلك لا يعني انهما منه في شيء أو أنه منهما في شيء.

وقد سبق أن أعددت هذا الحديث قبل حين من الزمن، ونشر في وقته في النجف الأشرف، ونفدت نسخه من الطبعتين الأوليين، وانشغلت عن التفكير في تقديمه لطبعة ثالثة.

حتى وافتني مؤسسة دار التعارف الإسلامية الموقرة بطلب في إعادة طبعه لمرة ثالثة، فشرح الله تعالى نفسي لهذا الطلب فأعدت النظر في الكتاب من جديد، ولم تخل هذه النظرة الجديدة في الكتاب من بعض التعديل والتغيير، وتمّ إنجاز الكتاب على الشكل الذي يجده القارئ الكريم، والله تعالى أسأل أن يأخذ بأيدينا ويوفقنا إنه سميع مجيب.

محمد مهدي الآصفي

ايران - قم ٢٦ محرم الحرام ١٣٩٣

١٠

مقدمة الطبعة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الميامين.

وبعد: فهذا عرض موجز لنظام المال وتداول الثروة في الإسلام...

رغبت أن أُقدمهما إلى القرّاء، إجابة على سؤال بعضهم... وتمهيداً لدراسة أوسع في الموضوعين، أرجو أن أُوفق لتقديمهما في وقت قريب؛ إن شاء الله.

وقد حاولت في هذا البحث أن أُلخص النظرية الإسلامية في تنظيم سير المال وتداول الثروة داخل جهاز الدولة، وفي مجالي الإنتاج والتوزيع، وأن أستعرض ملامح هذين النظامين بشكل مقتضب، من غير تفصيل وإسهاب؛ لإعداد ذهن القارئ للدخول في دراسة أوسع ولكي يتوفر له بعض المعرفة والإلمام بالنظرية الإسلامية في هذا الحقل بصورة مسبقة، قبل أن يدخل تفاصيل هذه الدراسة. والله ولي التوفيق

النجف الأشرف ١٥ - ٨ - ١٣٨٥ هجري

٩ - ١٢ - ١٩٦٥ م

محمد مهدي الآصفي

١١

١٢

١٣

١٤

النِّظام المَالي في الإسِلام

تمهيد

تختلف الحياة الإجتماعية عن الحياة الفردية بما تحتاج إليه من المرافق الحياتية العامة.

وما لم تتيسر هذه المرافق العامة في المجتمع، لا يمكن أن تعيش أُمة من الناس في ظلال حياة اجتماعية، مهما كانت بدائية.

وإدارة هذه المرافق تقع بطبيعة الحال على عاتق المجتمع نفسه. والحكومة تمثل المجتمع في القيام بإدارة شؤون المرافق العامة للحياة.

ولا يتمّ هذا العمل من دون أن توجد هناك موارد مالية تستعين بها الدولة على إدارة الحياة الاجتماعية.

والنظام المالي في الفقه الإسلامي يعنى بتنظيم موارد الدولة المالية، وتوزيع هذا المال على المرافق العامة للحياة.

ويظهر من ذلك: أن البحث عن النظام المالي يشتمل على جانبين:

الجانب الأول: البحث عن الموارد المالية التي ترد الدولة.

الجانب الثاني: البحث عن النفقات العامة والأشخاص التي تنفق الدولة عليها هذا المال.

١٥

وتفادياً لما قد يحصل من أخطاء ومضاعفات خلال هذا البحث... يجب أن ننبه هنا، مسبقاً، إن دراستنا للنظام المالي دراسة نظرية خالصة لا تنطبق على الأوضاع الحاضرة... وتطبيق هذا النظام بالشكل المعروض في هذا البحث يتوقف على وجود جهاز إسلامي حاكم وحاكم أعلى يقره الإسلام.

ولن يأخذ النظام - حتى وإن طبق بجميع خطوطه التفصيلية والإجمالية - طابعاً شرعياً إلهياً... ما لم تتوفر في الهيئة الحاكمة القائمة بالتنفيذ الشروط والمقومات التي يذكرها الفقهاء -رحمهم‌الله - في الفقه.

١٦

موارد الدولة

١٧

١٨

١٩

٢٠

موارد الدولة المالية

يمتاز النظام المالي في الإسلام - كما سنستعرض جانباً منه في هذا الحديث - عن غيره من النظم المالية بصلاحيته الواسعة لموازنة مواردها المالية بنفقاتها العامة.

والدول الحديثة تنظم نفقاتها عادة على ضوء من رصيدها المالي. وعلى العكس تماماً، نجد أن الدولة الإسلامية تنظم مواردها المالية في حدود نفقاتها العامة ومصروفاتها.

وهذه الظاهرة تدل على وجود صلاحية فائقة في النظام المالي للفقه الإسلامي، لمسايرة الحاجات المادية في المجتمع وتسيير المرافق العامة.. من دون أن يقع عبء هذه «المرونة» على كاهل الطبقة الفقيرة في المجتمع.

وسوف نعرض على القارئ ملامح من التخطيط الشرعي لموارد الدولة؛ ليلمس القارئ بنفسه هذه الصلاحية المالية مقرونة بالعدالة الاجتماعية.

ويمكننا هنا أن نقسّم الموارد المالية للدولة الإسلامية إلى أقسام خمسة:

١ - الدخل المالي الذي يرد الحكومة عن طريق الضرائب.

٢ - الدخل المالي الذي يرد الحكومة عن طريق العقارات.

٢١

٣ - الدخل المالي الذي يرد الحكومة عن طريق قيامها بنشاطات اقتصادية.

٤ - الدخل المالي الذي يرد الحكومة عن طريق القرض.

٥ - الدخل المالي الذي يرد الحكومة عن طريق ولايتها العامة على المواطنين.

٢٢

١ - الضرائب المالية

وأهم الضرائب المالية في الإسلام: الزكاة، والخمس، والجزية، والضرائب المالية الأُخرى التي تفرضها الدولة على المسلمين، فيما إذا اقتضت ذلك الضرورة الاجتماعية(١) .

الهدف من تشريع الضريبة في الإسلام:

والمهم في تشريع الضرائب المالية في الإسلام أن الغرض منها ليس فقط تهيئة المال الكافي لتسيير المرافق الاجتماعية وتغطية نفقات الدولة الإسلامية، وإن كان ذلك جزءً كبيراً من الغرض في التشريع الضريبي على كل حال.. بل المهم من تشريع الضرائب المالية امتصاص الثروات الفائضة عن دخول الطبقات الغنية وإعادتها إلى الطبقات الفقيرة أو إلى المرافق الاجتماعية التي تنشأ لصالح الفقراء.وتؤدي هذه العملية إلى توزيع الثروة في البلاد بصورة عادلة وتحقيق العدالة الاجتماعية في التوزيع، كما تحول دون حصول التضخم المالي في المجتمع.

____________________

(١) قد تتم جباية وتوزيع الضرائب المالية بمباشرة واشراف الحاكم الشرعي الأعلى عند وجود الحاكم الشرعي، كما قد يقوم المسلمون أنفسهم بتوزيع الحقوق المالية المفروضة عليهم على المستحقين مباشرة، مع احراز الاستحقاق، حال عدم وجود حكومة شرعية والنتيجة سواء. فالمهم توزيع هذا الفائض المالي على فئات الفقراء وعلى المرافق الاجتماعية، مهما يكن شكل ذلك.

٢٣

وإلى هذا الأصل التشريعي تشير الآية الكريمة:

( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبَى وَ الْيَتَامَى وَ الْمَسَاکِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ کَيْ لاَ يَکُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْکُمْ وَ مَا آتَاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ مَا نَهَاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا... ) (١) .

فالتشريع الضريبي، إذن، يؤدي دوراً مزدوجاً في حياة الأمة، فهو من جانب يؤدي إلى توفير المال الكافي لحاجات الفئات الفقيرة في المجتمع وإدارة المرافق الاجتماعية، ومن جانب آخر يهدف إلى القضاء على التورّم المالي في طبقات أُخرى من المجتمع.

____________________

(١) سورة الحشر: ٨.

٢٤

أقسام الضرائب المالية

تنقسم الضرائب في الإسلام إلى قسمين رئيسيين:

١ - الضرائب المالية المحددة من حيث الكمية والمتعلق والوقت، وهي التي حدد الشارع كميتها ومتعلقها وزمان تعلقها.

٢ - الضرائب المالية غير المحددة من حيث الكمية والمتعلق والوقت، وهي التي لم يحددها الشارع، وإنما ترك أمرها إلى نظر الحاكم فيما تقتضيه الظروف الاجتماعية والاقتصادية الطارئة.

* * *

والضرائب المالية المحددة تنقسم بدورها إلى قسمين هما:

(أ) الضرائب المالية التي تتعلق بالثروات بغضّ النظر عن أصحابها.

(ب) الضرائب المالية التي تتعلق برؤوس الأشخاص، بغضّ النظر عما يملكون من ثروة.

* * *

وعليه فإن الضرائب المالية في الإسلام تنقسم إلى ثلاثة أقسام بالتفصيل كالآتي:

١ - الضرائب المالية المحددة التي تتعلق بالثروات:

٢٥

وهذا النوع من الضرائب يشكّل الجانب الأكبر والأهم من الضرائب المالية في الإسلام.

ومما يلفت النظر أن الثروات التي يتعلق بها هذا النوع من الضريبة المالية هي من الثروات التي لا تنقطع حاجة الإنسان اليها وإلى تداولها، وطبيعي إن استمرارية تداول هذه الثروات بين أيدي الناس تضمن استمرارية تحصيل هذه الضرائب في المجتمع الإسلامي.

ويجد القارئ - فيما يلي - عرضاً موجزاً لأهم الثروات التي تتعلق بها الضرائب المالية في الإسلام:

(أ) الثروة النقدية:

وهي تتكون من الذهب والفضة المسكوكين بسكة المعاملة، وتجب عليهما الزكاة بشرط النصاب ومرور حول كامل على تملكها.

(ب) الثروة الحيوانية:

وتتكون من الإبل والبقر والغنم، وتجب فيها الزكاة بعد بلوغها النصاب ومرور حول كامل، لو كانت سائمة وغير عاملة، أما المعلوفة والعاملة - ولو في بعض الحول - فلا يجب فيها شيء.

(ج) الثروة النباتية:

وتتكون من الحنطة والشعير والتمر والزبيب، وتجب فيها الزكاة بعد بلوغ النصاب، لو تمت في ملك مالكها.

٢٦

(د) الثروة المعدنية:

والمعادن على ثلاثة أقسام: منها ما يقبل الانطباع، كالذهب والفضة والنحاس والحديد، ومنها ما لا يقبل الانطباع، كالياقوت والزبرجد وغيرهما من الأحجار الكريمة، ومنها المايع، كالنفط والزئبق... ويجب فيها الخمس بعد إخراج المؤن.

(ه) الثروة البحرية:

وهي كل ما يستخرج من البحار بالغوص، ويجب فيها الخمس.

(و) الثروة الحربية:

وهي كل ما يستولي عليه المسلمون في الحرب من أموال الكفار، من أموال ثابتة وصالحة للنقل، كالأسلحة والنقود وغير ذلك، ويجب فيها الخمس إذا كانت الحرب والحيازة بإذن النبي أو الإمام -عليهما‌السلام - هذا في غير الأراضي، أما في الأراضي فالمفتوحة العامرة منها تبقى موقوفة لمصالح المسلمين على استمرار العصور، دون أن يحق لأحد من المسلمين تملكها، وغير العامرة منها ملك للإمام.

(ز) الثروة التجارية:

وهي كل ما يفضل للتاجر عن مؤونة عياله سنة كاملة من أرباح التجارة، ويتعلق بها الخمس، ويميل بعض الفقهاء إلى اعتبار الزكاة فيها.

٢٧

(ح) الثروة الصناعية:

وهي كل ما يفضل لذوي الصناعات من أرباح الصناعة بعد وضع المؤونة ومرور سنة كاملة، ويتعلق بها الخمس.

(ط) الثروة الزراعية:

وهي كل ما يفضل للزارع عن مؤونة عياله سنة كاملة من أرباح الزراعة، ويتعلق بها الخمس.

(ي) الثروة الأرضية:

وهي الأراضي التي يشتريها المواطن الذمي من المواطن المسلم، سواءً كانت من الأراضي المفتوحة أو من الأراضي التي أسلم عليها أهلها، ويجب فيها الخمس.

(ك) الثروة المدخرة:

وهو المال المدخر في الأرض الذي يعثر عليه المسلم في دار الحرب أو في الوطن الإسلامي، من غير أن يعرف مالكه الشرعي، ويتعلق بها الخمس.

(ل) ضريبة الأموال المختلطة:

المال المختلط يفرز منه المال الحرام، ويرد إلى أصحابه الشرعيين إذا عرف قدره، ويفرز منه الخمس لحساب الدولة إذا لم يعرف قدره وصاحبه.

... ذلك كله في الضرائب التي تتعلق بالثروات والأموال.

٢٨

٢ - الضرائب المالية التي تتعلق بالرؤوس بغضّ النظر عن نوع الثروة وكمية الثروة التي يملكها أولئك:

وأهم هذه الضرائب هي:

(أ) زكاة الفطرة:

وتجب بحلول شهر شوّال على كل مكلف بالغ متمكن عن نفسه وعمن يعيله، وهي صاع من القوت الذي يتناوله عادة من الحنطة والشعير والأرز والتمر أو غير ذلك.

(ب) ضريبة الفداء:

وهي ضريبة مالية، تضرب على الأسرى المحاربين ليطلق سراحهم بعد انتهاء فترة الحرب.

(ج) ضريبة الجزية:

وهي ضريبة مالية يقررها الإمام حسب ما يراه من المصلحة على الرؤوس أو الأراضي على الذميين المسالمين، الذين يعيشون في الوطن الإسلامي أو في الأقطار المحمية من قبل الدولة الإسلامية عوضاً عما تقوم به الدولة الإسلامية في هذه الأقطار من الخدمات العامة.

(د) الأضحية التي تجب على كل حاجّ في منى من مكة وقد تتعدد الأضحية حسب ما يرتكبه الحاج من مخالفات في وقت الحج والاحرام.

ذلك كله فيما يخصّ الضرائب المالية المحددة وشبه المحددة.

٢٩

٣ - الضرائب المالية غير المحددة:

وقد تطرأ على الحياة الاجتماعية أوضاع طارئة غير عادية، أو تحدث ثغرات مالية كبيِرة، تتطلب نفقات كثيرة لا تغطيها الموارد المالية التي شرعت للحالات الاعتيادية، كما يحدث ذلك في أوقات الحرب... ففي مثل هذه الأحوال تلتجئ الدولة الإسلامية إلى فرض ضرائب مالية جديدة في حدود حاجة البلاد وإمكانيات الأُمة المادية، لملء هذه الثغرات.

ونجد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إشارات واضحة إلى تشريع هذا النوع من الضرائب:

قال - تعالى -:( وَأَعِدُّوا لَهُم مَا استَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الخيلِ تُرهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ... ) (١) .

وقال - تعالى -:( .. وَجاهِدوُا بِأَموالِكُمْ وَأَنفُسِكُم.. ) (٢) .

قال - تعالى -:( .. وَكرِهُوا أَنْ يُجاهِدوُا بِأموالِهِمْ وَأنفْسِهِمُ.. ) (٣) .

والآية الأُولى صريحة في الأمر بإعداد العدة الحربية الكافية، والآيتان الأخيرتان قرنتا الجهاد بالنفس بالجهاد بالمال، ولما كان الجهاد بالنفس لا حدّ له في الشريعة الإسلامية، كان الجهاد بالمال

____________________

(١) سورة الأنفال: ٦٢.

(٢) سورة التوبة: ٤١.

(٣) سورة التوبة: ٨٢.

٣٠

بحكمه لا يحده شيء غير الحاجة.

كل ذلك فيما إذا اقتضت الضرورة الحربية ذلك.

وهناك حقوق خاصة للفقراء والضعفاء والمساكين والمحرومين غير الزكاة والخمس، يقررها التشريع الإسلامي لصالح هؤلاء في حالات الضرورة المعاشية، ويندب إليه في غير حالات الضرورة.

يقول السيد الطباطبائي في «الميزان»:

«وسبيل الله، على ما يستفاد من كلامه - تعالى - هو ما توقف عليه قيام دين الله على ساقه، وأن يسلم من انهدام بنيانه، كالجهاد وجميع مصالح الدين الواجب حفظها، وشؤون مجتمع المسلمين التي ينفسخ عقد المجتمع لو انفسخت، والحقوق المالية الواجبة التي أقام الدين بها صلب المجتمع الديني. فمن كنز ذهباً أو فضة والحاجة قائمة والضرورة عاكفة فقد كنز الذهب والفضة ولم ينفقها في سبيل الله، فليبشر بعذاب أليم؛ فإنه آثر نفسه على ربّه، وقدم حاجة نفسه أو ولده الاحتمالية على حاجة المجتمع الديني القطعية...

ولا يتم هذا كله إلاّ بنشر المبراّت، وفتح باب الخيرات، والعمل بالواجبات على ما يليق بها، والمندوبات على ما يليق بها وأما القصر على القدر الواجب وترك الإنفاق المندوب من الرأس، فإن فيها هدماً لأساس الحياة الدينية، وإبطالاً لغرض الشارع،

٣١

وسيراً حثيثاً إلى نظام مختل، وهرج ومرج، وفساد عريق لا يصلحه شيء، كل ذلك عن المسامحة في إحياء غرض الدين والمداهنة مع الظالمين..( إلا تَفْعَلوُهُ تَكُنْ فِتنةٌ في الأرْضِ وَفَسادٌ كَبيرٌ ) (١) .

وفي الحديث عن الإمام الصادق -عليه‌السلام - : «ولكن الله - عزّ وجلّ - فرض في أموال الأغنياء حقوقاً غير الزكاة، فقال - عزّ من قائل -:( وَالَّذينَ في أموالهِم حقٌ معلوُمٌ، للسائِلِ وَالمحروَمُ ) . فالحق المعلوم غير الزكاة، وهو شيء يفرضه الرجلَ على نفسه في ماله، يجب عليه أن يفرضه على قدر طاقته وسعة ماله، فيؤدي الذي فرض على نفسه»(٢) .

وعن سماعة قال: «سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، قلت: قوم عندهم فضول وبإخوانهم حاجة شديدة، وليس تسعهم الزكاة،أيسعهم أن يشبعوا ويجوع إخوانهم، فإن الزمان شديد؟».

فقالعليه‌السلام : «المسلم اخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحرمه؛ فيحق على المسلمين الاجتهاد فيه، والتواصل والتعاون والمواساة لأهل الحاجة، والعطف منكم... تكونون على ما أمر الله فيهم: رحماء بينكم، متراحمين»(٣) .

____________________

(١) الميزان في تفسير القرآن: ٩ / ٢٦١ - ٢٧٦.

(٢) وسائل الشيعة: ٦ / ٢٧٠.

(٣) رسائل الشيعة: ٢: ٦ / ٥٩٧.

٣٢

وعن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: «أيّما مؤمن حبس مؤمناً عن ماله، وهو محتاج اليه، لم يذقه الله من طعام الجنة ولا يشرب من الرحيق المختوم»(١) .

وأخرج مسلم من طريق أبي سعيد الخدري مرفوعاً: «من كان له فضل من ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان عنده فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له»(٢) .

____________________

(١) محاسن البرقي: ١٠٠.

(٢) سنن البيهقي: ٤ / ١٨٢.

٣٣

٢ - الدومين العقاري

ونعني به الدخل الذي يرد الدولة عن طريق وارداتها العقارية، والعقارات التي تملكها الدولة أو تملك التصرف فيها، هي: الأراضي الزراعية المحياة المفتوحة، والأراضي الموات، والغابات، والأجمات، والمعادن، ورؤوس الجبال، والبحار، وبطون الأودية، وسواحل البحار. بتفصيل ما يأتي.

ويرد الدولة عن طرق هذه العقارات وارد مالي كبير، تسدد به كثيراً من نفقاتها، وتغطي بها على كثير من مصارفها.

ملكية العقارات العامة:

العقارات العامة التي يملك الحاكم أمر التصرف فيها، ولا يجوز حيازتها وتملكها بصورة فردية ومن قبل الأفراد... على أقسام من حيث الملكية.

فقد تكون الأُمة بجميع فئاتها، حكاماً ورعايا، وبصفتها الجمعيّة، هي المالكة، وقد تكون هذه العقارات ملكاً للهيئة الحاكمة التي تمثل مجموعة الأُمة في الحكم.

وبناءاً على تسمية الأمة بمجموعة فئاتها حكاماً ورعاياً (بالدولة)(١) ، وتسمية الهيئة التي تمثل هذه المجموعة في الحكم

____________________

(١) تطلق الدولة على مجموعة من العناصر من أهمها العنصر البشري، وهو -

٣٤

ب (الحكومة) يمكن تصنيف ملكية العقارات العامة التي تشرف عليها السلطة الحاكمة في المجتمع الإسلامي إلى قسمين رئيسيين(٢) .

١ - ملكية الدولة:

وهي تشتمل على العقارات التي تملكها مجموعة الأُمة حكاماً ورعايا وتعتبر هذه العقارات وقفاً على المسلمين جميعاً، يجوز لهم الإنتفاع بها واستثمارها بإشراف من الحاكم الإسلامي في قبال بدل مالي خاص تحدده الحكومة، ولا يجوز تملك رقبة هذه العقارات ولا بيعها ولا شراؤها، ولا تخص جيلاً خاصاً من المسلمين، وإنما تعمهم جميعاً على امتداد العصور والأجيال، ومن أهم هذه العقارات أراضي الفتح الإسلامي فيما إذا كان الفتح بإذن الإمام الحاكم.

وطبيعي إن أمر الإشراف في هذه العقارات يكون للحاكم الإسلامي بصفته حاكماً على المسلمين وممثلاً عن مجموعة الأُمة ووالياً عليهم. ويعود ربح هذه الأراضي ووارداتها التي تستلمها السلطة

____________________

- مجموعة من الناس الذين يسكنون قطراً من الأرض. وقد تطلق (الدولة) على هذه المجموعة البشرية فحسب في قبال (الحكومة) التي تطلق على الهيئة الحاكمة فحسب من المجتمع، وهذه التسمية جديدة اقتبسناها من «ح هارولد لاسكي» في كتابه «الحرية» وإن كان واقع هذا التقسيم قديماً في التشريع الإسلامي.

(٢) تحدثت بتفصيل عن أقسام الملكية وأقسام العقارات في الإسلام في كتاب (ملكية الأرض في الإسلام).

٣٥

من المنتفعين بها إلى بيت المال الذي يصرف على حاجات المسلمين والمرافق الاجتماعية.

٢ - ملكية الحكومة:

وهي تشتمل على مجموعة العقارات التي تملكها السلطة الحاكمة أو الحاكم الشرعي بصفته حاكماً على المسلمين. وتعرف هذه العقارات عادة في الفقه الإسلامي ب (الأنفال)، وتشتمل على امهات الثروات العقارية والطبيعية.

ومن الواضح أن اعتبار هذه الثروات الطبيعية والعقارات من ملك السلطة الحاكمة يؤدي إلى تحديد الملكية الفردية وانعدام الملكيات الفردية الواسعة التي تنجم عن السيطرة غير المحدودة على المصادر الطبيعية للانتاج.

٣٦

عقارات الدولة

وفيما يلي نعرض على القارئ أهم العقارات العائدة إلى الدولة سواءً منها ما تملك السلطة رقبتها أم تملك أمر الإشراف عليها.

١ - الأراضي:

تعتبر الأراضي من أهم موارد الدولة الإسلامية.

وليس الغرض من استيلاء الدولة على الأراضي تغطية نفقاتها عن طريق الريع الذي تدره هذه الأراضي على الدولة وحسب.. بل الغرض من ذلك - قبل ذلك كله - المنع من حدوث أي توسع في ملكية الأراضي يؤدي إلى «الاقطاع» وثمّ توزيع هذه الأراضي بين الفلاحين والمنتفعين توزيعاً عادلاً، يتماشى مع حاجاتهم الخاصة وإمكانياتهم على الاحياء.

والأراضي التي تملكها الدولة الإسلامية، أو تملك الإشراف عليها هي كما يلي:

(أ) الأراضي التي استولى عليها المسلمون من بلاد الكفار من دون قتال، سواءً كانت أراضي محياة أو ممات، وهي من الأنفال(١) .

(ب) أراضي الفتح الإسلامي العامرة: وهي ملك للمسلمين

____________________

(١) راجع «مستمسك العروة الوثقى» ٩ / ٥٢٠.

٣٧

يشرف عليها الإمام، ويؤجرها أو يستثمرها، ويصرف حاصلها على المسلمين. وهي لا تخص جيلا دون جيل، وإنما هي للأجيال جميعاً(١) .

(ج) أراضي الفتح الإسلامي (البائرة): وهي ملك للإمام الممثل لجهاز الحكم يجعل عليها من يعمرها، أو يودعها من يعمرها؛ ويصرف طسقها على المرافق العامة.

(د) أراضي دار الإسلام (البائرة): الأراضي الموات ملك للإمام، يصرف طسقها في شؤون الأمة والحكومة، سواءً كانت مملوكة وباد أهلها، أم كانت غير مملوكة من أول الأمر كالمفاوز والصحاري النائية. فإذا أحياها أحد بإذن الإمام، جاز له أن يتصرف فيها إزاء خراج يدفعه للدولة عن الأرض، وإن كانت الأرض لغيره قبل ذلك؛ لقوله -عليه‌السلام -: «من احيى أرضاً ميتة فهي له»(٢) . وقد قال الإمام أمير المؤمنين -عليه‌السلام -: «إن الأرض لله، يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين. أنا وأهل البيت الذين أُورثنا الأرض، ونحن المتقون، والأرض كلها لنا؛ فمن أحيى أرضاً ميتة من المسلمين فليعمرها، وليؤد خراجها إلى الإمام»(٣) .

____________________

(١) راجع «رياض المسائل» كتاب الجهاد. وتذكرة الفقهاء: كتاب الجهاد.

(٢) وسائل الشيعة: إحياء الموات.

(٣) وسائل الشيعة - ط ١: ٣ / ٣٢٦.

٣٨

وفي صحيحة عمر بن يزيد عن الصادقعليه‌السلام : «إن الأرض كلها لنا فما أخرج الله تعالى منها من شيء فهو لنا»(١) .

(ه) الأراضي الموقوفة، التي يتولى شأنها الإمام: ويكثر مثل هذه الأراضي في بلاد المسلمين. وقد حث الشارع الإسلامي المسلمين على الوقف وإخراج الأرض عن حيِّز الملكية الخاصة، واعتبارها وقفاً على المسلمين، واعتبر ذلك صدقة جارية لأصحابها ويتولى الإمام شؤونها فيما إذا لم يعّين الواقف عليها أحداً.

* * *

فالتشريع الإسلامي في الأراضي يذهب، بصورة مبدئية، إلى تجريد القطاع الخاص من ملكية الأرض تقريباً، وتمليك الأرض للقطاع العام والدولة.

وبذلك فالدولة(٢) تملك الكثرة الغالبة من الأراضي الموات والأراضي المحياة بصورة طبيعية، فتوزع هذه الأراضي بين المستثمرين والمنتفعين بصورة عادلة، وبشكل لا يؤدي إلى ظهور الملكيات الواسعة.

كما تسحب ملكية أصحاب الأرض عند إهمال إحيائها، وتدفع الأرض إلى غيرهم ممن يعملون في إحيائها.

____________________

(١) الحدائق الناضرة ٥: ٥٦.

(٢) نعود فتؤكد بأننا نقصد من الدولة الدولة الإسلامية التي تتسلم زمام السلطة بصورة مشروعة.

٣٩

فالتشريع الإسلامي إذن يحقق في هذا المجال مطلبين رئيسيين.

فهو من ناحية يحد من توسع الملكيات الأرضية، إذ أن الأراضي في حال الموات، ملك للحكومة ويتم توزيعها على الفلاحين والمنتفعين بإشراف من السلطة.

ومن ناحية أُخرى فإن حق السلطة في سحب ملكية أصحاب الأراضي الذين أهملوا إحياء أراضيهم وإعادة الأراضي إلى من يمارس إحياءها يضمن استمرار عملية الإحياء والإعمار في الأراضي في بلاد الإسلام.

هذا بالإضافة إلى ما تدر هذه الأراضي من وارد مالي كبير على بيت المال.

٢ - سواحل البحار:

وهي ملك الإمام (من الأنفال)، كما ذكره المحقق في «الشرايع»(١) .

وهي ذات أهمية كبرى في التجارة والصيد البحري والحروب والرحلات البحرية وغير ذلك.

٣ - الغابات والأحراش:

تعتبر الغابات من أهم موارد الثروة الطبيعية في البلاد، فهي

____________________

(١) راجع «شرايع الإسلام»: الأنفال.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153