صلح الحسن (عليه السلام)

صلح الحسن (عليه السلام)15%

صلح الحسن (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف: الإمام الحسن عليه السلام
الصفحات: 400

  • البداية
  • السابق
  • 400 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 48121 / تحميل: 8397
الحجم الحجم الحجم
صلح الحسن (عليه السلام)

صلح الحسن (عليه السلام)

مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

كفى تقصيره بشفاعته وإن كان من الكافرين خفف من عذابه بقدر إحسانه إليه.

وكأني بشيعتنا هؤلاء يطيرون في تلك العرصات كالصقورة والبزاة فينقضون على من أحسن في الدنيا إليهم انقضاض البزاة والصقورة على اللحوم تتلقفها وتحفظها، فكذلك يلتقطون من شدائد العرصات من كان أحسن إليهم في الدنيا فيرفعونهم إلى جنات النعيم.

قال رجل لعلي بن الحسينعليهما‌السلام : يا ابن رسول الله إنا إذا وقفنا بعرفات وبمنى ذكرنا الله ومجدناه، وصلينا على محمد وآله الطيبين، وذكرنا آباءنا أيضا بمآثرهم ومناقبهم وشريف أعمالهم، نريد بذلك قضاء حقوقهم، فقال علي بن الحسينعليهما‌السلام : أولا أنبئكم بما هو أبلغ في قضاء الحقوق من ذلك؟ قالوا: بلى يا ابن رسول الله، قال: أفضل من ذلك أن تجددوا على أنفسكم ذكر توحيد الله، والشهادة به، وذكر محمد رسول الله والشهادة له(٣) بأنه سيد المرسلين، وذكر(٤) علي ولي الله، والشهادة له بأنه سيد الوصيين، وذكر الأئمة الطاهرين من آل محمد الطيبين بأنهم عباد الله المخلصين، إن الله عز وجل إذا كان عشية عرفة وضحوة يوم منى، باهى كرام ملائكته بالواقفين بعرفات ومنى، وقال لهم: هؤلاء عبادي وإمائي حضروني هاهنا من البلاد السحيقة البعيدة، شعثا غبرا قد فارقوا شهواتهم، وبلادهم، وأوطانهم، وأخدانهم، ابتغاء مرضاتي، ألا فانظروا إلى قلوبهم وما فيها، فقد قويت أبصاركم يا ملائكتي على الاطلاع عليها.

قال: فيطلع الملائكة على القلوب فيقولون: يا ربنا اطلعنا عليها وبعضها سود مدلهمة يرتفع عنها دخان كدخان جهنم، فيقول الله:

__________________

(٣، ٤) أثبتناه من المصدر.

٤١

أولئك الأشقياء الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، تلك قلوب خاوية من الخيرات، خالية من الطاعات، مصرة على المريديات المحرمات، تعتقد تعظيم من أهناه، وتصغير من فخمناه وبجلناه؟، لئن وافوني كذلك لأشددن عليهم عذابهم، ولأطيلن حسابهم، تلك قلوب اعتقدت أن محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كذب على الله أو غلط عن الله، في تقليده أخاه ووصيه إقامة أود(٥) عباده، والقيام بسياساتهم، حتى يروا الامن في إقامة الدين في إنقاذ الهالكين، وتعليم الجاهلين، وتنبيه الغافلين، الذين بئس المطايا إلى جهنم مطاياهم.

ثم يقول الله: يا ملائكتي انظروا فينظرون، فيقولون: يا ربنا وقد اطلعنا معلى قلوب هؤلاء الآخرين، وهي بيض مضيئة ترفع عنها الأنوار إلى السماوات والحجب، وتخرقها إلى أن تستقر عند ساق عرشك يا رحمان، يقول الله عز وجل: أولئك السعداء الذين تقبل الله أعمالهم، وشكر سعيهم في الحياة، الدنيا فإنهم قد أحسنوا فيها صنعا، تلك قلوب حاوية للخيرات، مشتملة على الطاعات؟، مدمنة على المنجيات المشرفات، تعتقد تعظيم من عظمناه، وإهانة من أرذلناه، لئن وافوني كذلك لأثقلن من جهة الحسنات موازينهم، ولأخففن من جهة السيئات موازينهم، ولأعظمن أنوارهم، لأجعلن في دار كرامتي، ومستقر رحمتي محلهم وقرارهم، تلك قلوب اعتقدت أن محمدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هو الصادق في كلّ أحواله(١) المحق في كلّ أفعاله، الشريف في كلّ خلاله، المبرز بالفضل في جميع خصاله، وأنه قد أصاب في نصبه

__________________

(٥) الأود: العوج ( النهاية ج ١ ص ٧٩ ).

(٦) في المصدر: أقواله.

٤٢

أمير المؤمنين عليا إماما وعلما على دين الله واضحا، واتخذوا أمير المؤمنين إمام هدى واقيا من الردى، الحق ما دعا إليه، والصواب والحكمة ما دل عليه، والسعيد من وصل حبله بحبله، والشقي الهالك من خرج عن جهة المؤمنين ( به )(٧) والمطيعين له، نعم المطايا إلى الجنان مطاياهم سوف ننزلهم منها أشرف غرف الجنان، ونسقيهم من الرحيق المختوم من أيدي الوصائف والولدان، وسوف نجعلهم في دار السلام من رفقاء محمد نبيه زين أهل الاسلام وسوف يضمهم الله ثم إلى جملة شيعة علي القرم الهمام، فنجعلهم بذلك ملوك جنات النعيم، الخالدين في العيش السليم، والنعيم المقيم، هنيئا لهم جزاء بما اعتقدوا وقالوا بفضل الله الكريم الرحيم نالوا ما نالوا ».

[١١٤٠٦] ٣ الصدوق في كمال الدين: عن المظفر العلوي، عن جعفر بن محمد بن مسعود العياشي، عن أبيه، عن جعفر بن أحمد، عن ابن فضال، عن الرضاعليه‌السلام قال: « إن الخضر شرب من ماء الحياة - إلى أن قال - وأنه ليحضر الموسم(١) ويقف بعرفة، فيؤمن على دعاء المؤمنين » الخبر.

[١١٤٠٧] ٤ - الشيخ الجليل ابن ميثم في شرح نهج البلاغة: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ما رئي الشيطان في يوم هو أصغر، ( ولا أدحر )(١) ولا أحقر، ولا أغيظ منه ( في )(٢) يوم عرفة ».

__________________

(٧) أثبتناه من المصدر.

٣ - كمال الدين ص ٣٩٠.

(١) في المصدر زيادة: كلّ سنة فيقضي جميع المناسك.

٤ - شرح نهج البلاغة للبحراني ج ١ ص ٢٢٤.

(١، ٢) ليس في المصدر.

٤٣

[١١٤٠٨] ٥ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن عبد الله بن ضمره، عن كعب، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال في حديث: « ومن وافى بعرفة فسلم من ثلاث: أذنه لا تسمع إلا إلى حق، وعيناه أن تنظر إلا إلى حلال، ولسانه أن ينطق إلا بحق، غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر ».

__________________

٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٩.

٤٤

( أبواب الوقوف بالمشعر)

١ -( باب استحباب الإفاضة من عرفة علي سكينة ووقار، مستغفرا داعيا بالمأثور عند بلوغ الكثيب الأحمر، مقتصدا في السير، مجتنبا لأذى الناس)

[١١٤٠٩] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا أفضت من عرفات فأفض وعليك السكينة والوقار، وأفض بالاستغفار فإن الله يقول:( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (١) واقصد في السير، وعليك بالدعة وترك الوجيف(٢) الذي يصنعه كثير من الناس، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما دفع من عرفة شنق(٣) القصوى(٤) بالزمام حتى أن رأسها ليصيب رحله، وهو يقول، ويشير بيده اليمنى ( إلى الناس )(٥) : أيها الناس السكينة السكينة، وكلما أتى جبلا أرخى لها قليلا حتى

__________________

أبواب الوقوف بالمشعر

الباب ١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢١.

(١) البقرة ٢: ١٩٩.

(٢) الوجيف: سرعة السير ( مجمع البحرين ج ٥ ص ١٢٨ ).

(٣) شنقت البعير: رفعت رأسه بزمانه ( مجمع البحرين ج ٥ ص ١٩٧ ).

(٤) القصوى: بضم القاف: هي ناقة لرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله سميت بذلك لسبقها ( مجمع البحرين ج ١ ص ٣٤١ ).

(٥) أثبتناه من المصدر.

٤٥

تصعد حتى أتى المزدلفة، وسنتهصلى‌الله‌عليه‌وآله تتبع ».

[١١٤١٠] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « فإذا سقطت القرصة فامض إلى المزدلفة وعليك السكينة والوقار، وأكثر(١) الاستغفار والتلبية، فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمنة الطريق فقل: اللهم ارحم موقفي، وزد في علمي ».

[١١٤١١] ٣ - الصدوق في الفقيه: فإذا غربت الشمس يوم عرفة فأفض وعليك السكينة والوقار، وأفض بالاستغفار، فإن الله يقول:( ثُمَّ أَفِيضُوا ) الآية - إلى أن قال - فإذا أفضت فاقتصد في السير، وعليك بالدعة، واترك الوجيف الذي يصنعه كثير من الناس في الجبال والأودية، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكف ناقته حتى يبلغ رأسها الورك، ويأمر بالدعة، وسنته السنة التي تتبع، فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر وهو ( عن )(١) يمين الطريق، فقل: اللهم ارحم موقفي، وبارك لي في عملي، وسلم ( لي )(٢) ديني، وتقبل مناسكي.

[١١٤١٢] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه دفع يوم عرفة فسمع وراءه زجرا شديدا، وضربا للإبل، فأشار بسوطه إليهم، قال: « يا أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالايضاع(١) إن البر

__________________

٢ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام ، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٦.

(١) في المصدر: وكثرة.

٣ - الفقيه ج ٢ ص ٣٢٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٣٢.

(١) الايضاع: الاسراع ( مجمع البحرين ج ٤ ص ٤٠٥ ).

٤٦

ليس بإيجاف الخيل والإبل، فعليكم بالسكينة. قال: فما رأيتها رافعة(٢) يديها حتى أتى منى.

٢ -( باب كراهة الزحام في الإفاضة من عرفات، خصوصا بين المأزمين)

[١١٤١٣] ١ - أحمد بن محمد بن خلاد البرقي في المحاسن: عن يحيى بن إبراهيم، عن أبيه، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال علي بن الحسينعليهما‌السلام : أما علمت أنه إذا كان عشية عرفة برز الله في ملائكته إلى سماء الدنيا، ثم يقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا أرسلت إليهم رسولا من وراء وراء فسألوني ودعوني، أشهدكم أنه حق علي أن أجيبهم، اليوم قد شفعت محسنهم في مسيئهم، وقد تقبلت من محسنهم، فأفيضوا مغفورا لكم، ثم يأمر ملكين فيقومان بالمأزمين هذا من هذا الجانب، وهذا من هذا الجانب فيقولان: اللهم سلم سلم فما يكاد يرى من صريع ولا كسير ».

وعن صفوان، عن معاوية بن عمار، مثله.

[١١٤١٤] ٢ زيد النرسي في أصله: عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إن الله ينظر إلى أهل عرفة من أول الزوال حتى إذا كان عند المغرب، ونفر الناس وكل الله ملكين بجبال المأزمين يناديان عند المضيق الذي رأيت: يا رب سلم سلم، والرب

__________________

(٢) في المخطوط: دافعة وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٢

١ - المحاسن ص ٦٥.

٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٢٦٢ ح ٤٣.

٤٧

يصعد إلى السماء يقول الله جل جلاله: آمين آمين رب العالمين، فلذلك لا تكاد ترى صريعا، ولا كسيرا ».

قلت: كذا هذا الخبر في نسخة المجلسي نقلا من الأصل المذكور، وفي نسختي(١) فيه بعض الكلمات التي لا يليق بعظمة جلاله(٢) .

٣ -( باب وجوب الوقوف بالمعشر)

[١١٤١٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فأدنى ما يتم به فرض الحج الاحرام - إلى أن قال - والموقفين ».

[١١٤١٦] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال(١) : « من ترك المبيت بالمزدلفة فلا حج له ».

__________________

(١) كتاب زيد النرسي ص ٥٤.

(٢) هذا الحديث من الأحاديث المدسوسة في كتب أصحابنا القدماء وهو مردود لمخالفته القران والسنة النبوية، وقد روى الكشي في رجاله ج ٢ ص ٤٨٩ ح ٣٩٩ عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنه قال:

« لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها، فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنا إذا حدثنا قلنا: قال الله وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله »ومن أراد التفصيل فليراجع تعليقة محقق البحار على هذا الحديث.

الباب ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٥ ح ٧٤.

(١) في المصدر: وقال عليه‌السلام .

٤٨

٤ -( باب استحباب تأخير المغرب والعشاء حتى يصل إلىجمع، وإن مضى ثلث الليل، وعدم وجوب التأخير)

[١١٤١٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن صلاة المغرب والعشاء ليلة المزدلفة، قبل أن يأتي المزدلفة، فقال: « لا، وإن ذهب ثلث الليل، ومن فعل ذلك متعمدا فعليه دم ».

[١١٤١٨] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ولا تصل المغرب حتى تأتي الجمع ».

[١١٤١٩] ٣ - الصدوق في المقنع: فإذا أتيت المزدلفة وهي الجمع، فصل بها المغرب والعشاء الآخرة بأذان وإقامتين، ولا تصلهما إلا بها، وإن ذهب ربع الليل.

٥ -( باب استحباب الجمع بين المغرب والعشاء بجمع بأذانوإقامتين وتأخير نوافل المغرب فيصليهما بعد العشاء، وعدم وجوب ذلك)

[١١٤٢٠] ١ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لما دفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من عرفات، مر حتى أتى المزدلفة، فجمع بها بين الصلاتين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ».

__________________

الباب ٤

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢١.

٢ - عنه في البحار ج ١ ص ٨٧.

٣ - المقنع ج ١ ص ٨٧.

الباب ٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢١.

٤٩

[١١٤٢١] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « لما صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( فجمع )(١) المغرب والعشاء اضطجع، ولم يصل من الليل شيئا، ونام، ثم قام حين طلع الفجر ».

[١١٤٢٢] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا أتيت المزدلفة - وهي الجمع - صليت بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين، ثم تصلي نوافلك للمغرب بعد العشاء، وإنما سميت الجمع المزدلفة لأنه يجمع بها(١) المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ».

وفي بعض نسخه(٢) في موضع آخر: » وصل بها المغرب والعتمة، تجمع بها بأذان وإقامتين مع الامام إن أدركت، أو وحدك ».

[١١٤٢٣] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه صلى المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامتين.

٦ -( باب استحباب النزول ببطن الوادي عن يمين الطريق، وأن يطأ الصرورة المشعر برجله)

[١١٤٢٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢١.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

(١) في نسخه: فيها، ( منه قده ).

(٢) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٦.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٣٣ ج ١٩.

الباب ٦

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢١.

٥٠

قال: « وانزل بالمزدلفة ببطن الوادي ( بقرب المشعر )(١) الحرام ولا تجاوز الجبل ولا الحياض ».

[١١٤٢٥] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ولا تصل المغرب(١) حتى تأتي الجمع فانزل ببطن الوادي عن يمنى الطريق، ولا تجاوز الجبل، ولا الحياض، تكون قريبا من المشعر ».

٧ -( باب حدود المشعر الذي يجب الوقوف به)

[١١٤٢٦] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « حد ما بين منى والمزدلفة محسر ».

وفي الخبر المتقدم: « ولا تجاوز الجبل والحياض ».

[١١٤٢٧] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « وليس الموقف هو الجبل فقط، وكان أبي يقف حيث يبيت ».

٨ -( باب جواز الارتفاع في الضرورة، إلى المأزمين أو الجبل)

[١١٤٢٨] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ،

__________________

(١) في المصدر: قريبا من المشعر.

٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٦.

(١) في المخطوط: العتمة، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٧

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

٢ - عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥١.

الباب ٨

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

٥١

قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلّ عرفة موقف، وكل مزدلفة موقف وكل منى منحر، ووقف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على قزح: وهو الجبل الذي عليه البناء ».

٩ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور ليلة المشعر، والاجتهاد فيالدعاء والعبادة والذكر، وإحياء تلك الليلة)

[١١٤٢٩] ١ - الصدوق في الفقيه: وبت بمزدلفة، وليكن من دعائك فيها: اللهم هذه جمع فاجمع لي فيها جوامع الخير كله، اللهم لا تؤيسني من الخير الذي سألتك أن تجمعه لي في قلبي، وعرفني ما عرفت أولياءك في منزلي هذا، وهب لي جوامع الخير واليسر كله.

وإن استطعت أن لا تنام تلك الليلة فافعل، فإن أبواب السماء لا تغلق، لأصوات المؤمنين لها دوي كدوي النحل، يقول الله تبارك وتعالى: أنا ربكم، وأنتم عبادي، يا عبادي أديتم حقي وحق علي أن أستجيب لكم، فيحط تلك الليلة عمن أراد أن يحط عنه ذنوبه ويغفر لمن أراد أن يغفر له.

١٠ -( باب وجوب الوقوف بالمشعر بعد الفجر، واستحبابالوقوف على طهارة، والاكثار من الذكر والدعاء بالمأثور)

[١١٤٣٠] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا أصبحت فصل الغداة، وقف بها كوقوفك بعرفة، وادع الله كثيرا ».

__________________

الباب ٩

١ - الفقيه ج ٢ ص ٣٢٥.

الباب ١٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٥٢

[١١٤٣١] ٢ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قال الله تعالى للحجاج: إذا أفضتم من عرفات، ومضيتم إلى المزدلفة، فاذكروا الله عند المشعر الحرام بآلائه ونعمائه، والصلاة على سيد أنبيائه، وعلى علي سيد أصفيائه، واذكروا الله كما هداكم لدينه، والايمان برسوله، وإن كنتم من قبله لمن الضالين عن دينه، قبل أن يهديكم لدينه ».(١)

[١١٤٣٢] ٣ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما صلى الفجر ( بجمع )(١) يوم النحر ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام فرقى عليه، واستقبل القبلة فكبر الله وهلله ووحده، ولم يزل واقفا حتى أسفر الصبح جدا » الخبر.

[١١٤٣٣] ٤ - الصدوق في الفقيه: وليكن وقوفك على غسل، وقل: اللهم رب المشعر الحرام، ورب الركن والمقام، ورب الحجر الأسود وزمزم، ورب الأيام المعلومات، فك رقبتي من النار، وأوسع علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس، وشر فسقة العرب والعجم، اللهم أنت خير مطلوب إليه، وخير مدعو، وخير مسؤول، ولكل وافد جائزة، فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي، وتقبل معذرتي، وتجاوز عن خطيئتي، وتجعل التقوى من الدنيا زادي، وتقبلني مفلحا منجحا مستجابا لي، بأفضل ما يرجع به أحد من وفدك، وحجاج بيتك الحرام. وادع الله عز وجل(١) لنفسك،

__________________

٢ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٥٦.

(١) في المصدر: إلى دينه.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - الفقيه ج ٢ ص ٣٢٦.

(١) في المصدر زيادة: كثيرا.

٥٣

ولوالديك وولدك وأهلك ومالك، وإخوانك المؤمنين والمؤمنات، فإنه موطن شريف عظيم، والوقوف فيه فريضة، فإذا طلعت الشمس فاعترف لله تعالى بذنوبك سبع مرات، واسأله التوبة سبع مرات.

١١ -( باب استحباب السعي في وادي محسر حتى يقطعه إذاأفاض من المشعر، وأقله مائة خطوة أو مائة ذراع، ماشيا كان أو راكبا، ويدعو بالمأثور)

[١١٤٣٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما أفاض من المزدلفة إلى أن قال - حتى وقف على بطن محسر قال: فقرع ناقته فخبت(١) حتى خرج، ثم عاد إلى مسيره الأول، قال: والسعي واجب ببطن محسر ».

[١١٤٣٥] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا بلغت طرف وادي محسر، فاسع فيه مقدار مائة خطوة، فإن كنت راكبا فحرك راحلتك قليلا ».

وفي بعض نسخه في موضع آخر(١) : « ثم امش على هينتك حتى تأتي وادي محسر، وهو(٢) ما بين المزدلفة ومنى، وهو إلى منى أقرب، فاسع فيه إلى منى فتجاوزها ».

[١١٤٣٦] ٣ - الصدوق في الفقيه: فإذا انتهيت إلى وادي محسر، وهو واد

__________________

الباب ١١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

(١) خبت: أسرعت ( لسان العرب ج ١ ص ٣٤١ ). وكان في المخطوط.

فخبب. وما أثبتناه من المصدر.

(١) بعض نسخه، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٧.

(٢) في البحار زيادة: حد.

٣ - الفقيه ج ٢ ص ٣٢٧.

٥٤

عظيم بين جمع ومنى وهو وهو إلى منى أقرب، فاسع فيه مقدار مائة وخطوة، وإن كنت راكبا فحرك راحلتك قليلا وقل رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم أنك أنت الأعز الأكرم، كما قلت في المسعى(١) بمكة.

وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يحرك ناقته فيه، ويقول: اللهم سلم عهدي، واقبل توبتي، وأجب دعوتي، واخلفني فيمن تركت بعدي.

وفي الهداية(٢) : فإذا طلعت الشمس، ورأت الإبل مواضع أخفافها في الحرم، فامض حتى تأتي وادي(٣) محسر فارمل فيه مقدار(٤) مائة خطوة، وقل كما قلت ( بالمسعى )(٥) بمكة.

١٢ -( باب استحباب كون الإفاضة من المشعر قبل طلوعالشمس بقليل، ذاكرا داعيا مستغفرا على سكينة ووقار، ولا يتجاوز وادي محسر قبل طلوعها، وجواز الإفاضة بعده، واستحبابه للامام)

[١١٤٣٧] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا طلعت الشمس على جبل ثبير فأفض منها إلى منى.

__________________

(١) في المصدر: السعي.

(٢) الهداية ص ٦١.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) في المصدر: قدر.

(٥) في المصدر: في السعي.

الباب ١٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٥٥

وروي أنه يفيض من المشعر إذا انفجر الصبح، وبان في الأرض خفاف البعير وآثار الحوافر ».

[١١٤٣٨] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما صلى الفجر ( بجمع )(١) يوم النحر - إلى أن قال ولم يزل واقفا حتى أسفر الصبح جدا، ثم دفع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قبل أن تطلع الشمس ».

[١١٤٣٩] ٣ - وعنهعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما أفاض من المزدلفة، جعل يسير العنق و ( هو )(١) يقول: أيها الناس السكينة السكينة » الخبر.

[١١٤٤٠] ٤ - بعض نسخ الرضوي: « ولا تبرح حتى تصلي بها الصبح، ولا تدفع حتى يدفع الامام، وذلك قبل طلوع الشمس حين يسفر الصبح ويتبين ضوء النهار، فإن الجاهلية كانوا لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير، فخالفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدفع قبل طلوع الشمس، ثم امش على هينتك ».

[١١٤٤١] ٥ - الصدوق في الفقيه: فإذا طلعت الشمس على جبل ثبير، ورأت الإبل موضع أخفافها فأفض إلى أن قال - وأفض وعليك السكينة والوقار، واقصد في مشيك إن كنت راجلا، وفي مسيرك إن

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام :، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٧.

٥ - الفقيه ج ٢ ص ٣٢٧.

٥٦

كنت راكبا، وعليك بالاستغفار فإن الله تعالى يقول:( ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (١) .

١٣ -( باب عدم جواز الإفاضة من المشعر قبل الفجر للمختار، فإن فعل لزمه دم شاة)

[١١٤٤٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تفيض منها قبل طلوع الشمس، ولا من عرفات قبل غروبها، فليزمك الدم ».

[١١٤٤٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من أفاض من جمع قبل أن تفيض الناس، غير الضعفاء وأصحاب الأثقال والنساء، الذين رخص لهم في ذلك، فعليه دم إن هو تعمد ذلك وإن جهله فلا شئ عليه ».

١٤ -( باب جواز الإفاضة من المشعر قبل الفجر بعد الوقوف به، للمضطر كالخائف ونحوه)

[١١٤٤٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « رخص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في تقديم الثقل والنساء والضعفاء، من المزدلفة إلى منى بالليل(١) ».

__________________

(١) البقرة ٢: ١٩٩.

الباب ١٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

(١) في المصدر: بليل.

٥٧

١٥ -( باب استحباب التقاط حصى الجمار من جمع، وجواز أخذها من منى)

[١١٤٤٥] ١ - ( دعائم الاسلام: روينا عن أبي جعفرعليه‌السلام : أنه كان يستحب أن يأخذ حصى الجمار من المزدلفة.

[١١٤٤٦] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « خذ حصى الجمار من المزدلفة، فإن أخذتها من منى أجزأك ».

[١١٤٤٧] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام :. خذ حصيات الجمار ( من )(١) حيث شئت.

وقد روي أن أفضل ما يؤخذ الجمار من المزدلفة ».

[١١٤٤٨] ٤ - الصدوق في المقنع: وإن أحببت أن تأخذ حصاك الذي ترمي به من مزدلفة فعلت، وإن أحببت أن تكون من رحلك بمنى فأنت في سعة.

__________________

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٣.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٣.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - المقنع ص ٨٧.

٥٨

١٦ -( باب جواز أخذ حصى الجمار من جميع الحرم، إلا من المسجد الحرام ومسجد الخيف، ومما رمي به، ولا يجزئ من غير الحرم)

[١١٤٤٩] ١ - الصدوق في الفقيه: خذ حصى الجمار من جمع، وإن شئت أخذتها من رحلك(١) ولا تأخذ من حصى الجمار الذي قد رمي، ولا تكسر الأحجار كما يفعل عوام الناس،. ولا بأس أن تأخذ حصى الجمار من حيث شئت من الحرم، إلا من المسجد الحرام، ومسجد الخيف.

[١١٤٥٠] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تأخذ من الذي رمي به ».

وقالعليه‌السلام : « وإن سقطت منك حصاة، فخذ من حيث شئت من الحرم، ولا تأخذ من الذي قد رمي ».

١٧ -( باب كراهة كون حصى الجمار صماء، أو سوداء، أوبيضاء، أو حمراء، واستحباب كونها برشاء كحلية بقدر الأنملة، منقطة، ملتقطة، غير مكسرة)

[١١٤٥١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « يلتقط(١) حصى الجمار التقاطا، كلّ حصاة منها بقدر الأنملة،

__________________

الباب ١٦

١ - الفقيه ج ٢ ص ٣٢٦.

(١) في المصدر زيادة: بمنى.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

الباب ١٧

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٣.

(١) في المصدر: تلتقط.

٥٩

ويستحب أن ( تكون زرقا )(٢) أو كحلية منقطة، ويكره أن يكسر(٣) من الحجارة كما يفعل كثير من الناس.

[١١٤٥٢] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ( وتكون منقطة كحلية )(١) مثل رأس الأنملة ».

١٨ -( باب أن من فاته الوقوف، بالمشعر حتى أتى منى ولو جهلاوجب عليه العود والوقوف، ولو بعد طلوع الشمس، وأنه يجزئ اختياري عرفة، واضطراري المشعر، وإن كان رمى لزمه إعادة الرمي بعد الوقوف)

[١١٤٥٣] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من جهل ولم يقف بالمزدلفة، ومضى(١) إلى مني، فليرجع، فليقف بها ».

[١١٤٥٤] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « قال أبي: رجل أفاض من عرفات فأتى منى، رجع حتى يفيض من جمع، ويقف به، وإن كان الناس قد أفاضوا من جمع ».

__________________

(٢) في المخطوط: يكون زرقاء، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: تكسر.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

(١) في المصدر: ويكون بنقطة.

الباب ١٨

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٢٢.

(١) في المصدر زيادة: من عرفة.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

بنت نبيكم؟. أين خطباء المصر الذين ألسنتهم كالمخاريق في الدعة، فاذا جدّ الجد، راوغوا كالثعالب؟. أما تخافون مقت اللّه ولاعيبها وعارها؟ ».

ثم استقبل الحسن بوجهه فقال:

« أصاب اللّه بك المراشد، وجنّبك المكاره، ووفقك لما يحمد ورده وصدره. وقد سمعنا مقالتك، وانتهينا الى أمرك، وسمعنا لك، وأطعنا فيما قلت ورأيت ».

قال: « وهذا وجهي الى معسكرنا، فمن أحب أن يوافي فليواف ».

ثم خرج من المسجد، ودابته بالباب، فركبها ومضى الى النخيلة، وأمر غلامه أن يلحقه بما يصلحه. وكان المثل الاول للمجاهد المطيع، وهو اذ ذاك أول الناس عسكراً(١) . وفي طيء الف مقاتل لا يعصون لعديّ أمراً(٢) .

ونشط - بعده - خطباء آخرون، فكلّموا الحسن بمثل كلام عديّ بن حاتم، فقال لهم الحسنعليه‌السلام : « رحمكم اللّه مازلت أعرفكم بصدق النية، والوفاء، والمودة. فجزاكم اللّه خيراً ».

واستخلف الحسن على الكوفة - ابن عمه - المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وأمره باستحثاث الناس للشخوص اليه في النخيلة.

وخرج هو بمن معه، وكان خروجه لاول يوم من اعلانه الجهاد أبلغ حجة على الناس في سبيل استنفارهم.

وانتظمت كتائب النخيلة خيار الاصحاب من شيعته وشيعة أبيه وآخرين من غيرهم. ونشط المغيرة بن نوفل لاستحثاث الناس الى الجهاد وكان من المنتظر للعهد الجديد - الذي قوبل بالمهرجانات القوية في اسبوع البيعة، أن لا يتأخر أحد بالكوفة عن النشاط المتحمس لاجابة دعوة الامام. ولكن شيئاً من ذلك لم يقع!. وحتى السرايا الجاهزة التي كان امير المؤمنين

__________________

١ - شرح النهج ( ج ٤ ص ١٤ ).

٢ - اليعقوبي ( ج ٢ ص ١٧١ ).

١٠١

عليه‌السلام قد أعدها للكرة على جنود الشام قبيل وفاته - وكانت تعد اربعين الف مقاتل - قد انفرط عقدها وتمرد أكثرها، وتثاقل معها اكثر حملة السلاح في الكوفة عن الانصياع للامر.

وكان المذبذبون من رؤساء الكوفة، أشدهم نشاطاً في اللحظة الدقيقة التي أزفت فيها ساعة الجدّ.

قالت النصوص التاريخية فيما ترفعه الى الحارث الهمداني كشاهد عيان: « وركب معه - أي مع الحسن - من أراد الخروج وتخلّف عنه خلق كثير لم يفوا بما قالوا وبما وعدوا، وغرّوه كما غرّوا أمير المؤمنين من قبله وعسكر في النخيلة عشرة أيام فلم يحضره الا أربعة آلاف. فرجع الى الكوفة، ليستنفر الناس، وخطب خطبته التي يقول فيها: قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي(١) ».

أقول: ثم لا ندري على التحقيق عدد من انضوى اليه - بعد ذلك - ولكنا علمنا أنه « سار من الكوفة في عسكر عظيم » على حد تعبير ابن ابي الحديد في شرح النهج.

وسنأتي في فصل « عدد الجيش » على غربلة أقوال المؤرخين لاختيار القول الفصل في عدد جنود الحسنعليه‌السلام .

وغادر النخيلة وبلغ « دير عبد الرحمن » فاقام ثلاثاً، والتحق به عند هذا الموضع مجاهدون آخرون لا نعلم عددهم.

وكان دير عبد الرحمن هذا مفرق الطريق بين معسكري الامام في المدائن(٢) .

__________________

١ - الخرايج والجرايح ( ص ٢٢٨ - طبع ايران ).

٢ - وهي العاصمة الساسانية التي بلغت من العمر الف سنة. وكانت وريثة بابل في عظمتها ولم يبق من آثارها اليوم الا طاق كسرى، ومرقد الصحابي العظيم ( سلمان الفارسي ) رضي اللّه تعالى عنه. وكانت سبع مدن متقاربة تتقابل على ضفاف دجلة. فتحها المسلمون سنة ١٥ هجري

١٠٢

ومَسكِن(١) .

وللامام الحسن خطته من هذين المعسكرين.

- اما « المدائن » فكانت رأس الجسر صوب فارس والبلاد المتاخمة لها. وهي بموقعها الجغرافي، النقطة الوحيدة التي تحمي الخطوط الثلاث التي تصل كلاً من الكوفة والبصرة وفارس، بالاخرى. وتقف بقيمتها العسكرية درءاً في وجه الاحداث التي تنذر بها ظروف الحرب. وكانت

__________________

وكانت اذ ذاك عاصمة الشرق الفارسي كله، ففي الجانب الغربي سلوقية، ودرزجان وبهرسير، وجند يسابور « كوكه » في ناحية ( مظلم ساباط ) المتصلة بنهر الملك. وفي الجانب الشرقي اسفانبر، ورومية، وطيشفون ( وهي ام الطاق ).

وكان لابد من مرور اكثر من مائة عام قبل ان تندثر المدائن نتيجة لانشاء بغداد سنة ١٥٠ هجري. وفي خلال تلك الفترة كانت تغذي الكوفة بصناعاتها وكنوزها ومحصولاتها، وذلك بارسالها الموالي من الفرس اليها وقد صاروا مسلمين.

وكانت المدائن منذ العهد الذي وليها فيه سلمان الفارسي تتشيع لآل محمد (ص) وكانت لا تزال في القرن السابع الهجري قرية لا يسكنها الا شيعة متحمسون.

وذكرها المسعودي عند ذكره العراق فقال: « ومدنه: المدائن وما والاها ولاهلها أعدل الالوان وانقى الروائح وافضل الامزجة واطوع القرائح وفيهم جوامع الفضائل وفرائد المبرات ».

١ - بفتح اوله وكسر ثالثه، اسم الطسوج الذي منه « أوانا » على نهر دجيل - القرية الكثيرة البساتين والشجر - التي عناها ابو الفرج السوادي ( من شعراء القرن السادس ) بقوله.

واجتلوها بكراً نشت « بأوانا »

حجبت عن خطابها بالاواني

وفي « مسكن » هذه، كانت الوقعة بين عبد الملك بن مروان ومصعب بن الزبير سنة ٧٢ هجري وفيها قتل مصعب، وقتل معه ابراهيم بن مالك « الاشتر » النخعي، ودفنا حيث قتلا. ولا يزال القبران ظاهرين وعليهما قبة متواضعة تعرف عند أعراب سميكة « بقبر الشيخ ابراهيم » وبينه وبين بغداد نحو من ستين كيلو متراً. وبينه وبين دجلة عشرة كيلو مترات، فمسكن هي المنطقة التي تترامى حوالي هذا القبر بما في ذلك نهر دجيل وهنالك كانت « اوانا » ايضاً.

١٠٣

فارس معرض الانتفاضات الخطرة على الدولة. وكان عليها من قبل الامام « زياد بن عبيد » ولما يطبع - بعدُ - على صفحته المقلوبة التي غيّرت منه كل شيء.

واما « مسكِن » فقد كانت النقطة الحساسة في تاريخ جهاد الحسن (ع) لانها الميدان الذي قدّر له ان يقابل العدوّ وجهاً لوجه. وهي اذ ذاك أقصى الحدود الشمالية للعراق الهاشمي، أو المناطق الخاضعة لحكومة الكوفة من هذه الجهة. وكان في اراضي مسكن مواطن معمورة بالمزارع والسكان وقرى كثيرة مشهورة - منها « أوانا » و « عكبرا » ومنها « العلث » وهي آخر(١) قراها الشمالية، وكان بازائها قرية « الجنوبية » وهي التي انحدر اليها معاوية بجيوشه منذ غادر « جسر منبج ». والتقى عندها الجمعان.

والمفهوم ان موقع مسكن اليوم لا يعدو هذه السهول الواسعة الواقعة بين قرية « سميكة » وقرية « بلد » دون سامراء.

ولمسكن طبيعتها الغنية بخيراتها الكثيرة ومشارعها القريبة وسهولها الواسعة، فكانت - على هذا - الموقع المفضّل للنزال والحروب، وكانت لاول مرة في تاريخها ميدان الحسن ومعاوية في زحفهما هذا، ثم تبودلت فيها بعد ذلك وقائع كثيرة بين العراق والشام.

ورأى الحسنعليه‌السلام أن يتخذ من المدائن - بما لموقعها من الاهمية العسكرية - مقراً لقيادته العليا. ليستقبل عندها نجدات جيوشه من الاقطار الثلاث القريبة منه، ثم ليكون من وراء ميدانه الذي ينازل به معاوية وأهل الشام في « مَسكِن ». وليس بين المعسكرين الهاشميين في - المدائن ومسكن - أكثر من خسمة عشر فرسخاً.

__________________

١ - قال الماوردي في الاحكام السلطانية - على رواية الحموي -: « والعلث هو أول العراق من هذه الجهة ». أقول: ويقع العلث بين عكبرا وسامراء. وعكبرا قرية من نواحي دجيل قرب « أوانا ».

١٠٤

وكانت الخطة المثلى التي لا بدل عنها للوضع الحربي الراهن. وهكذا انكشف الحسن في رسم خططه الحربية، عن القائد الملهم الذي يحسن فنون الحرب كما كان يصطلح عليها عصره أفضل احسان. ودلّت خطواته المتدرجة في سبيل مقاومته لعدوه سواء في اختيار الوقت أو في اختيار المواقع أو في تسيير الجيوش، على مواهب عسكرية ممتازة، كانت كفاء ما رزق من مواهب في سياسته وفي اخلاصه وفي تضحيته.

ونظر عن يمينه وعن شماله، وتصفّح - ملياً - الوجوه التي كانت تدور حوله من زعماء شيعته ومن سراة أهل بيته، ليختار منهم قائد « مقدمته » التي صمم على ارسالها الى مسكن، فلم ير في بقية السيوف من كرام العشيرة وخلاصة الانصار، أكثر اندفاعاً للنصرة ولا اشدَّ تظاهراً بالاخلاص للموقف من ابن عمه ( عبيد اللّه(١) بن عباس بن عبد المطلب ) و ( قيس بن سعد بن عبادة الانصاري ) و ( سعيد بن قيس الهمداني ) - رئيس

__________________

١ - الارشاد للشيخ المفيد ( ص ١٧٠ )، وابن ابي الحديد ( ج ٤ ص ١٤ ) واليعقوبي ( ج ٢ ص ١٩١ ).

وذكر مؤرخ آخر انه ( عبد اللّه بن عباس اخوه ) ولا يصح ذلك، لان عبد اللّه لم يكن في الكوفة أيام خلافة الحسن، وانما كان في مكة، وكتب الى الحسن كتابه الذي يشير فيه بالحرب وتجد صورته في شرح النهج ( ج ٤ ص ٨ - ٩ ) ولم يكن عبد اللّه بالذي يختفي ذكره في احداث هذا العهد لو أنه كان موجوداً فيالكوفه. قال الطبري في تاريخه ( ج ٦ ص ٨١ ): « وفيها - يعني في سنة ٤٠ - خرج عبد اللّه بن العباس من البصرة ولحق بمكة في قول عامة اهل السير. وقد انكر بعضهم وزعم انه لم يزل في البصرة عاملاً عليها من قبل امير المؤمنين عليعليه‌السلام حتى قتل وبعد مقتل علي حتى صالح الحسن ثم خرج حينئذ الى مكة ». أقول: ولا في البصرة والا لما تأخر جيش البصرة عن الحسن أحوج ما كان اليه في المدائن. وأيد ابن الاثير ( ج ٣: ص ١٦٦ ) ان عبد اللّه بن عباس فارق علياً في حياته.

والمظنون ان اتحاد الاخوين اباً وتشابه اسميهما كتابة هو الذي اثار الخطأ في نسبة القيادة لعبد اللّه. ووهم آخر فذكر قيادة المقدمة لقيس بن سعد. وكان قيس على الطلائع من هذه المقدمة، كما نص عليه ابن الاثير، ولعل ذلك هو سبب هذا الوهم فلاحظ.

١٠٥

اليمانية في الكوفة -. فعهد الى هؤلاء الثلاثة بالقيادة مرتبين.

وكان عبيد اللّه بن عباس احد اولئك المرتجزين للحرب، المستهترين بالحياة، تحفزه الغيرة الدينية، وتلهبه العنعنات القبلية، فاذا هو الفولاذ المصهور في تعصّبه للعرش الهاشمي، وهل هو الا احد سراة الهاشميين، وقديماً قيل: « ليست الثكلى كالمستأجرة ». وهو في سوابقه امير الحج سنة ٣٦ ( على رواية الاصابة ) أو سنة ٣٩ ( على رواية الطبري ) أو هو امير الحج في السنتين معاً، وهو والي البحرين، وعامل اليمن(١) وتوابعها على عهد امير المؤمنينعليه‌السلام ، والجواد المطعام الذي شهد له الحجيج في مكة، ثم هو أسبق الناس دعوة الى بيعة الحسن يوم بايعه الناس.

فكان - على ذلك - حرياً بهذه الثقة الغالية التي وضعها فيه ابن عمه الامامعليه‌السلام (٢) .

____________

١ - وحاول بعضهم الارتياب في سوابق عبيد اللّه هذا، بحادثة خروجه من اليمن. ومن الحق ان نعترف بضعف حامية اليمن - يومئذ - عن الصمود لحملة بسر بن ارطأة، وكان من انشقاق بعض اليمانيين على الحكم الهاشمي ومكاتبتهم معاوية واخراجهم اميرهم ( سعيد بن نمران ) من الجند ومواقفتهم عاملهم ( عبيد اللّه ) ما يشهد لعبيد اللّه بالبراءة من موجبات الريب. ولو أن عبيد اللّه كان قد حاول مواقفة بسر لكان له من عثمانية اليمن من يكفي بسراً أمره، على ان الرجل لم يفعل بخروجه من اليمن أكثر مما فعله نظراؤه في مكة والمدينة، حيث فر عاملاها من وجه بسر، وأغار عامل معاوية على العواصم الثلاث فقتل فيهن زهاء ثلاثين الفاً من الآمنين. وعلمنا ان عبيد اللّه قصد في خروجه من اليمن الى الكوفة، ولو كان مريباً لما قصد الكوفة وعلمنا ان سعيد بن نمران اعتذر لامير المؤمنينعليه‌السلام بقوله: « اني دعوت الناس - يعني اهل اليمن - للحرب وأجابني منهم عصابة فقاتلت قتالاً ضعيفاً وتفرق الناس عني وانصرفت ». اقول: افلا تكون تجربة ابن نمران تصحيحاً لمعذرة ابن عباس، فالرجل - في سوابقه - لا غمز فيه، ولا غرو اذا رضيه الحسن ثقة بسوابقه.

٢ - يراجع عما ذكرناه من القيادة والحركات السوقية ابن ابي الحديد ( ج ٤ ص ١٤ ) والارشاد ( ص ١٦٨ - ١٦٩ ) واليعقوبي ( ج ٢ ص ١٩١ ).

وانفرد اليعقوبي عنهما بعدم ذكر القائد الثالث من قواد المقدمة، ثم قال: « وأمر الحسن عبيد اللّه بان يعمل بامر قيس بن سعد ورأيه، فسار

١٠٦

ودعاه، فعهد اليه عهده الذي لم يروَ لنا بتمامه، وانما حملت بعض المصادر صورة مختزلة منه. قال فيه:

« يا ابن عم! اني باعث معك اثني عشر الفاً من فرسان العرب وقراء المصر، الرجل منهم يزيد الكتيبة، فسر بهم، وألن لهم جانبك، وابسط لهم وجهك، وافرش لهم جناحك، وأدنهم من مجلسك، فانهم بقية ثقات امير المؤمنين. وسر بهم على شط الفرات، ثم امض، حتى تستقبل بهم معاوية، فان أنت لقيته، فاحتبسه حتى آتيك، فاني على أثرك وشيكاً. وليكن خبرك عندي كل يوم، وشاور هذين - يعني قيس بن سعد وسعيد بن قيس -. واذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك، فان فعل، فقاتله. وإن أُصبت، فقيس بن سعد على الناس، فان اصيب فسعيد بن قيس على الناس ».

ولقد ترى أن الامام الحسنعليه‌السلام ، لم يعن في عهده الى عبيد اللّه بشيء، عنايته بأصحابه، فمدحهم، وأطرى بسالتهم، وأضافهم الى أبيه امير المؤمنينعليه‌السلام . واراد بكل ذلك تغذية معنوياتهم والهاب حماستهم والتأثير على عواطفهم. ثم أمر قائده بأن يلين لهم جانبه ويبسط لهم وجهه ويفرش لهم جناحه ويدنيهم من مجلسه. وحرصت هذه التعاليم على ايثار الثقة المتبادلة بين القائد والجيش. وأحر بهذه الثقة - في حرب

__________________

الى ناحية الجزيرة - يعني بين النهرين - واقبل معاوية لما انتهى اليه الخبر بقتل علي (ع) فسار الى « الموصل » بعد قتل علي بثمانية عشر يوماً والتقى العسكران ». - اقول: والموصل هذه قرية من قرى « مسكن » دفن بالقرب منها سيدنا ( محمد ابن الامام علي الهادي ) كما اشار اليه الحموي في معجمه وهي غير مدينة الموصل المعروفة. ولا تنافي بين ما رواه اليعقوبي وما رواه الآخرون من تعيين الموقع الذي نزل فيه جيش معاوية في حربه للحسنعليه‌السلام ، فالموصل والحيوضة والجنوبية كلها من قرى « مسكن » يومئذ ولعل الجيش أشغل هذه القرى كلها فوردت اسماؤها في مختلف الروايات واقتصرت بعضها على اسم دون اسم كما ترى. ونحن انما اخترنا ذكر « الجنوبية » دون غيرها نزولاً على تصريح قيس بن سعد فيما كتب به الى الحسن كما سيأتي في محله.

١٠٧

تعوزها النظم العسكرية التي نعرفها اليوم - أن تكون أهم عناصر القوّة المرجوّة للايام السود. وجاءت جملاً متعاطفة أربعاً يؤكد بعضها بعضاً، ثم هي لا تعني الا معنى واحداً. ترى فهل لنا أن نستفيد، من هذا القصد العامد الى التأكيد، أنها كانت تحاول بتكرارها « المؤكد »، استئصال خلق خاص في عبيد اللّه [ القائد الجديد ]؟. وفي الجيش - معه - أعلام من سراة الناس، ومن ذوي السوابق والذكريات المجيدة، الذين لا يهضمون الخلق المزهوَّ ولا الخشونة الآمرة الناهية في الفتى الهاشمي الذي لا يزيدهم كفاءة، ولا يسبقهم جهاداً، ولا يفضلهم تقوى، ولا يكبرهم سنّاً(١) .

وقوله له - بعد ذلك -: « وشاور هذين » دليل آخر على القصد على تذليل خلق صعب، ربما كان يعهده الامام في ابن عمه، وربما كان يخافه كعائق عن النجاح.

أقول: وليس من وجود الخلق المخشوشن في عبيد اللّه - اذا صدق الظن - ما يعيقه عن استحقاق القيادة، وقد استدعته اليها ظروف كثيرة أخرى، على أن بين الخشونة والحياة العسكرية أواصر رحمٍ متينة الحلقات في القديم والحديث.

وفي هذه المناسبة ما يفسح المجال للتساؤل عن الحيثيات التي آثر بها الامام الحسنعليه‌السلام عبيد اللّه بن عباس للقيادة على مقدمته، وفي الجيش مثل ( قيس بن سعد بن عبادة الانصاري ) الرجل المعترف بكفاءاته العسكرية وباخلاصه الصحيح لاهل البيتعليهم‌السلام وبأمانته.

وللجواب على هذا السؤال، وجوه:

أولها:

أن الحسن حين أراد عبيد اللّه للقيادة على « المقدمة » فرض عليه استشارة كلٍّ من قيس بن سعد وسعيد بن قيس - كما هو صريح عهده

__________________

١ - كان عبيد اللّه بن عباس يوم قيادته لهذا الجيش في التاسعة والثلاثين من عمره.

١٠٨

اليه - فخرج بذلك من الايثار الذي يؤخذ عليه، اذا كان في هذا الايثار تبعة يخاف منها على مصلحة الموقف. وأصبحت القيادة - على هذا الاسلوب - شورى بين ثلاثة، هم اليق رجاله لها. اما تقديم قيس على صاحبيه وعلى غيرهما من صحابة وزعماء، وايثاره بالقيادة وحده فقد كان - في حينه - مظنّةً لتنافس الاكفاء الآخرين الذين كان يلفهم جناح هذا الجيش. وفي هؤلاء الشخصيات المعروفة في قيادتها الميادين وفي اخلاصها وجهادها وسوابقها، أمثال أبي أيوب الانصاري وحجر بن عديّ الكندي وعدي بن حاتم الطائي وأضرابهم، ممن مرَّ ذكرهم.

لذلك كان تقديم ابن عم الامام، بل ابن عم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وتعيينه « اسماً » ثم الاستفادة من رأي قيس وصاحبه على الاسلوب الذي ذكرنا، تخلصاً لبقاً، لا ينبغي الخلاف فيه، ولا التنافس عليه.

وثانيها:

انه كان من الاحتياطات الرائعة للوضع العام يوم ذاك، أن لا يكون القائد في جبهة الحسن الا هاشمياً.

وتفسير ذلك، أن سورة التخاذل التي دارت مع قضية الحسن في الكوفة، كانت لا تزال نذيرة تشاؤم كثير في حساب الحسن (ع)، وكان عليه أن يتخذ من التدابير الممكنة كل ما يدفع عنه - في حاضره وفي مستقبله - لوم الناس وتخطئتهم ونقدهم. ومن السهل على الناس أن يتسرعوا الى التخطئة والنقد متى وجدوا موضعاً للضعف أو منفذاً الى الفشل والحرمان. وكان من المنتظر ان يقولوا فيما لو فشلت قضية الحسن في مسكن أنه لو كان القائد من أهله لكان أولى من غيره بالصبر على المكاره وتحمل العظائم، ولما آل الامر الى هذا المآل.

فكان الاستعداد لغوائل الوضع الراهن بتعيين القائد الهاشمي، تدبيراً دقيق الملاحظة.

وثالثها:

١٠٩

أنه لن يكون انسان آخر غير عبيد اللّه بن عباس - لا قيس ولا ابن قيس ولا غيرهما - أشد حنقاً ولا اعنف تألباً على معاوية منه كأبٍ قتل ولداه ( الصبيّان ) صبراً، فيما أملته فاجعة بسر بن ارطأة يوم غارته على اليمن [ والقضية من مشهورات التاريخ ].

فكان من الاستغلال المناسب جداً، اختيار هذا القائد الحانق لقتال قاتل ولديه.

ورابعها:

أن جيش « المقدمة » الذي ولي قيادته عبيد اللّه هذا، كان أكثره من بقايا الجيش الذي أعدّه أمير المؤمنينعليه‌السلام في الكوفة لحرب أجناد الشام، ثم توفي عنه. وكان قيس بن سعد بن عبادة هو قائد(١) ذلك الجيش في زمن أمير المؤمنين (ع) والقائم على مداراته. ولهذه السوابق أثرها في تونيق الروابط الشخصية بين القائد والمقود. وكان من السهل على القائد النافذ في جنوده، أن يجنح - متى شاء - الى حرية التصرف التي لا تعبّر عن اتصال ايجابي بالمركز الاعلى، وهو ما كان يجب التحفظ منه، كأهم عنصر في الموقف.

وعلى أننا نحترم سيدنا قيساً كما يجب له الاحترام، ولكننا لا ننكر قابلياته الشخصية التي تجوّز عليه هذا اللون من حرية التصرف.

ولا ننسى أنه وقف بين صفوفه - يوم رجعت له قيادة هذا الجيش في مسكن - يخيّرهم بين الالتحاق بالامام على الصلح، وبين الاستمرار على حرب معاوية بلا امام!!

فأي احتياط كان أحسن من جعل القيادة في غير هذا الرجل وجعله - مع ذلك - المستشار العسكري للاستفادة من كفاءاته ودهائه، وهو ما فعله الامام الحسن تنفيذاً لافضل الرأيين.

أقول: ولا يضير هذه السياسة، تعيين قيس للخلافة على القيادة بعد

__________________

١ - تاريخ ابن كثير ( ج ٨ ص ١٤ ) وغيره.

١١٠

عبيد اللّه بن عباس، لانه لن يكون بعد مقتل سلفه في ميادين مَسكِن - كما كان هو المفروض في نصوص العهد - الا رهن التصميم الذي سار عليه سلفه، والذي لا تسمح بتغييره ظروف الحرب القائمة بين الفريقين، ولعله لن يكون - يومئذ - الا رهن توجيه الامام ( القائد الاعلى ) مباشرة، وقد علمنا - مما سبق - أن الامام وعدَ مقدمته بالالتحاق بها وشيكاً.

وأيّ محذور - بعد هذا - من تعيينه للخلالة على القيادة ما دام مقيداً بتصميم خاص، أو مرتهناً بتسيير الامام واشرافه المباشر.

١١١

١١٢

عدد الجيش

١١٣

كان في الكوفة من الجيش العامل في أواسط القرن الاول أربعون الفاً، يغزو كلَّ عام منهم عشرة آلاف ( وهو ما تنص على ذكره المصادر الموثوقة ).

وعلمنا ان أمير المؤمنين علياًعليه‌السلام كان قد أعدّ للكرّة على جنود الشام أربعين الفاً أو خمسين الفاً - على اختلاف الروايتين - ثم توفي قبل الزحف بها. والمظنون أن الحصة المدورة من الجيش العامل، كانت بعض هذه العدة التي كان أمير المؤمنين قد أعدّها لحرب معاوية.

ثم انقطع بنا العلم عن موقف هذا الجيش أو ذاك من الحسن بن عليعليهما‌السلام ، ابان دعوته الى الجهاد. وعلمنا من أكثر من مصدر أن المقدمة التي بعث بها الحسن الى لقاء معاوية في « مسكن » كانت تعدّ اثني عشر الفاً، والمرجّح أنها فلول الجيش الذي مات عنه أمير المؤمنين (ع)، فأجاب الحسن منهم من أجاب وتخلّف الباقي.

ثم علمنا من مصدر آخر أن الكوفة جاشت في صميم تثاقلها يوم الحسن فجنّدت أربعة آلاف(١) اخرى.

فهذه ستة عشر الفاً، قام على اثباتها النص الذي لا يقبل النقاش.

وهناك أرقام اخرى لعدد الجيش، مرّ عليها المؤرخون وتضمنّتها بعض التصريحات ذات الشأن. ولكنها خاضعة في ثبوتها للتمحيص والمناقشة.

وفيما يلي نصوص المصادر التي تشير الى تلك الارقام على اختلافها نعرضها اولاً بحرفها، ثم نعود أخيراً الى تدقيقها كما يجب.

__________________

١ - الخرايج والجرايح للراوندي ( ص ٢٢٨ ).

١١٤

١ - قال في البحار ( ج ١٠ ص ١١٠ ):

« ثم وجه ( يعني الحسن ) اليه ( يعني الى معاوية ) قائداً في اربعة آلاف، وكان من كندة، وأمره أن يعسكر بالانبار(١) ، ولا يحدث شيئاً حتى يأتيه أمره. فلما توجه الى الانبار، ونزل بها، وعلم معاوية بذلك، بعث اليه رسلاً، وكتب اليه معهم: انك ان أقبلت اليَّ، اُولّيك بعض كور الشام والجزيرة، غير منفس عليك. وأرسل اليه بخمسمائة الف درهم. فقبض الكندي المال، وقلب على الحسن، وصار الى معاوية في مائتي رجل من خاصته وأهل بيته. فبلغ ذلك الحسن فقام خطيباً وقال: هذا الكندي توجه الى معاوية، وغدر بي وبكم، وقد أخبرتكم مرة بعد مرة، انه لا وفاء لكم، أنتم عبيد الدنيا، وأنا موجّه رجلاً آخر مكانه، واني أعلم انه سيفعل بي وبكم، ما فعل صاحبكم، ولا يراقب اللّه فيّ ولا فيكم. فبعث اليه رجلاً من مراد في أربعة آلاف. وتقدم اليه بمشهد من الناس وتوكد عليه، وأخبره أنه سيغدر كما غدر الكندي. فحلف له بالايمان التي لا تقوم لها الجبال انه لا يفعل. فقال الحسن: انه سيغدر. فلما توجه الى الأنبار، ارسل اليه معاوية رسلاً وكتب اليه بمثل ما كتب الى صاحبه وبعث اليه بخمسة آلاف ( ولعله يريد خمسمائة الف ) درهم، ومنّاه أيّ ولاية أحب من كور الشام والجزيرة، فقلب على الحسن، وأخذ طريقه الى معاوية، ولم يحفظ ما اخذ عليه من عهود ».

ثم ذكر بعد هذا العرض، اتخاذ الحسن النخيلة معسكراً له، ثم خروجه اليها.

__________________

١ - مدينة كانت على الفرات ( غربي بغداد ) تبعد عنها عشرة فراسخ سميت بذلك لانها كانت تجمع بها انابير الحنطة والشعير منذ أيام الفرس، وأقام بها أبو العباس السفاح العباسي الى أن مات، وجدد بها قصوراً وأبنية، ثم اندثرت عمارتها.

١١٥

٢ - قال ابن أبي الحديد ( ج ٤ ص ١٤ ):

« وخرج الناس، فعسكروا ونشطوا للخروج، وخرج الحسن الى المعسكر، واستخلف على الكوفة المغيرة بن نوفل بن الحرث بن عبد المطلب وأمره باستحثاث الناس واشخاصهم اليه. فجعل يستحثهم ويخرجهم حتى يلتئم المعسكر. وسار الحسن في عسكر عظيم وعدة حسنة، حتى نزل دير عبد الرحمن، فأقام به ثلاثاً حتى اجتمع الناس. ثم دعا عبيد اللّه بن العباس بن عبد المطلب، فقال له: يا ابن عم اني باعث معك اثني عشر الفاً من فرسان العرب وقراء المصر ».

٣ - روى الزهري فيما ينقله عنه ابن جرير الطبري ( ج ٦ ص ٩٤ ) قال:

« فخلص معاوية حين فرغ من عبيد اللّه بن عباس والحسنعليه‌السلام الى مكايدة رجل هو أهم الناس عنده مكايدة، ومعه أربعون الفاً. وقد نزل معاوية بهم وعمرو وأهل الشام ».

٤ - وجاء في كلام المسيب بن نجية فيما عاتب به الامام الحسن على صلحه مع معاوية ( على رواية غير واحد من المؤرخين ) - والنص للمدائني(١) كما يحدثنا عنه في شرح النهج ( ج ٤ ص ٦ ) - قال:

« فقال المسيب بن نجية للحسنعليه‌السلام : ما ينقضي عجبي منك صالحت معاوية ومعك أربعون الفاً!. أو قال: « بايعت » على اختلاف النقول.

__________________

١ - هو ابو الحسن بن محمد بن عبد اللّه بن أبي سيف البصري الاصل. سكن المدائن ثم انتقل الى بغداد وتوفي بها سنة ٢١٥ وهو الذي يكثر ابن ابي الحديد النقل عنه في شرح النهج. وله ما يقرب من مائتي كتاب في مختلف الموضوعاترحمه‌الله .

١١٦

٥ - قال ابن الاثير في كامله ( ج ٣ ص ٦١ ):

« كان أمير المؤمنين عليّ قد بايعه اربعون الفاً من عسكره على الموت، لما ظهر ما كان يخبرهم به عن أهل السام. فبينما هو يتجهز للمسير قتلعليه‌السلام واذا أراد اللّه أمراً فلا مردّ له. فلما قتل وبايع الناس ولده الحسن بلغه مسير معاوية في أهل الشام اليه، فتجهز هو والجيش الذين كانوا بايعوا علياً، وسار عن الكوفة الى لقاء معاوية - وكان قد نزل مسكن - فوصل الحسن الى المدائن، وجعل قيس بن عبادة الانصاري على مقدمته في اثني عشر الفاً، وقيل بل كان الحسن قد جعل على مقدمته عبد اللّه(١) بن عباس، فجعل عبد اللّه بن عباس على مقدمته في الطلائع قيس بن سعد بن عبادة ».

اقول: وجرى على مثل هذا الحديث « ابن كثير » والظاهر انه اخذه من الكامل حرفياً.

٦ - كلمة الحسنعليه‌السلام فيما يرويه عنه المدائني(٢) في جواب الرجل الذي قال له: « لقد كنت على النصف فما فعلت؟ »، فقال: « أجل ولكني خشيت أن تأتي يوم القيامة سبعون الفاً أو ثمانون الفاً تشخب أوداجهم، كلهم يستعدي اللّه، فيم هريق دمه ».

٧ - ما رواه ابن قتيبة الدينوري في الامامة والسياسة ( ص ١٥١ ) قال:

وذكروا انه لما تمت البيعة لمعاوية، وانصرف راجعاً الى الشام أتاه

__________________

١ - هو عبيد اللّه لا عبد اللّه ولا قيس كما ذكرنا آنفاً ونبهنا على بواعث الخطأ في ذكر كل منهما.

٢ - شرح النهج ( ج ٤ ص ٧ )، وابن كثير ( ج ٨ ص ٤٢ ).

١١٧

- يعني أتى الحسن - سليمان بن صرد، وكان غائباً عن الكوفة، وكان سيد اهل العراق ورأسهم، فدخل على الحسن فقال: السلام عليك يا مذلّ المؤمنين! فقال الحسن: وعليك السلام، اجلس للّه ابوك. قال: فجلس سليمان وقال: أما بعد فان تعجّبنا لا ينقضي من بيعتك معاوية، ومعك مائة الف مقاتل من أهل العراق، وكلهم يأخذ العطاء، مع مثلهم من أبنائهم ومواليهم، سوى شيعتك من اهل البصرة واهل الحجاز!! ».

أقول: وروى كل من المرتضى في « تنزيه الانبياء »، وابن شهراشوب في « مناقبه » والمجلسي في « البحار » النص الكامل لما دار بين سليمان بن صرد ورفاقه، وبين الحسنعليه‌السلام . ولم يروِ أحد منهم عن سليمان أو اصحابه فيما عرضوا له من عدد الجيش، أكثر من اربعين الفاً.

فابن قتيبة ينفرد برواية المائة الف عن سليمان، كما ينفرد بالتعبير عن الصلح بلفظ « البيعة »!.

٨ - التصريح الذي فاه به زياد ابن أبيه، يوم كان لا يزال عاملاً للحسن بن علي على فارس، وذلك فيما أجاب به على تهديد معاوية اياه، قال:

« ان ابن آكلة الاكباد، وكهف النفاق، وبقية الاحزاب، كتب يتوعدني ويتهددني، وبيني وبينه، ابنا رسول اللّه في تسعين الفاً ( وعلى رواية في سبعين الفاً ) واضعي قبائع سيوفهم تحت أذقانهم، لا يلتفت أحدهم حتى يموت. أما واللّه لئن وصل اليَّ ليجدني أحمز ضراباً بالسيف(١) ».

المناقشة:

وهكذا توفرت هذه النصوص بمختلف صيغها، على أرقام فرضتها في

__________________

١ - اليعقوبي ( ج ٢ ص ١٩٤ )، وابن الاثير ( ج ٣ ص ١٦٦ ). ورواه الاول بتسعين الفاً، والثاني بسبعين الفاً.

١١٨

موضوع عدد الجيش، وتدرّج العدد الكبير فيها من أربعين الفاً الى ثمانين الفاً فمائة الف.

والواقع أن المراتب الثلاث بجملتها، معرضة للشك وخاضعة للتمحيص، وحتى أدناها. واليك البيان:

اما اولاً:

فالعدد الاعلى ( وهو مائة الف أو اكثر، أو تسعون الفاً ) فيما يشير اليه زياد ابن أبيه ( على رواية اليعقوبي )، أو فيما ينسب الى سليمان بن صرد ( برواية ينفرد بها الدينوري خلافاً لمؤرخين كثيرين ) مشكوك فيه من جهات:

أهمها أن كلاً من هذين الزعيمين - سليمان وزياد - كانا غائبين عن بيعة الحسن وجهاد الحسن وكوفة الحسن، طيلة خلافته في الكوفة وكانا قد غادرا مواطنهما في العراق منذ سنتين(١) . وأيّ قيمة لتصريح غائبٍ لم يشهد الوضع السائد في الكوفة، بما كان يجتاح هذه الحاضرة من تحزّب قويّ وتثاقل لئيم فيما واجهت به امامها وصاحب بيعتها.

وان زياداً وسليمان اذ يفرضان هذه الاعداد من الجيش فانما يقيسان حاضر الكوفة على ماضيها، ويظنان أنها جنّدت مع الحسن ما كانت تجنده مع أبيه امير المؤمنين سنة ٣٧ و٣٨ يوم كان كل منهما لا يزال في الكوفة يساهم بنصيبه من تلك الصفوف. هذا اولاً. واما ثانياً، فقد كان من موقف الرجلين كليهما في اللحظة العاطفية التي اندفعا بها الى هذا التصريح، ما يبرر لهما الجنوح الى اسلوب المبالغات، وكانت المبالغة في عدد الجيش تهويلاً قريب التناول من جموح العاطفة الناقمة في سليمان، وهو ينكر على

__________________

١ - صرح بغياب سليمان بن صرد عن الكوفة كل من ابن قتيبة في الامامة والسياسة، والمرتضى في تنزيه الانبياء ونص فيه على غيبته سنتين. واما زياد فكان والي فارس من سنة ٣٩ بعثه اليها عبد اللّه بن عباس وهو اذ ذاك والي البصرة. وكان زياد قبل سنة ٣٩ في البصرة كما صرح به الطبري في حوادث ٣٩.

١١٩

الامام الحسنعليه‌السلام الرضا بالصلح، وقريب التناول - كذلك - من سياق التهديد والوعيد في زياد وهو يرد في خطابه على تهديد معاوية.

وبعد هذا كله، فليس في هذين التصريحين ما يصح الركون اليه من احصاء أو تعيين أعداد.

وعلمنا ان سليمان هذا، كان صديق المسيب بن نجية وصاحبه الذي تربطه به وشائج أخرى هي أبعد اثراً من الصداقات الشخصية. وقد مرَّ عليك في النص [ رقم ٤ ] قول المسيّب للحسن في معرض العتاب على الصلح: « ومعك اربعون الفاً ». ومن المقطوع عليه أن مثل هذين الصديقين لا يختلفان في قضايا أهل البيت (ع) اختلافهما في هذا التقدير.

اذاً، فما من سبب لشذوذ كلمة ابن صرد، الا كون راويها الدينوري الذي انفرد في قضية الحسن بعدة روايات لم يهضمها التمحيص الصحيح!.

وشاءت المقادير أن لا يفارق الزعيمان الصديقان الدنيا، حتى يأخذا جوابهما - عمليَّاً - عن عتابهما الطائش الذي قابلا به امامهما أبا محمدعليه‌السلام ، فيما أنكرا عليه من الصلح.

فبايعهما على الاخذ بثأر الحسينعليه‌السلام سنة ٦٥ هجري ثمانية عشر الفاً من أهل الكوفة، ثم لم يكن معهما حين جدّ الجد في ساحة « عين الوردة » غير ثلاثة آلاف ومائة. ومنيا من خذلان الناس بما ذكّرهما بالصميم من قضايا أهل البيتعليهم‌السلام .

ثم استشهد سليمان والمسيب وهما زعيما حركة التوّابين في عين الوردة، واستشهد معهما - يوم ذاك - أكثر من كان قد انضوى اليها.

واما ثانياً:

فالعدد ثمانون الفاً أو سبعون الفاً، وهو ما تضمنه كلام الحسن في جواب الرجل الذي قال له: « لقد كنت على النصف فما فعلت؟ ».

وكلام الحسن - في حقيقته - لا يدل على أكثر من عشرين الفاً على

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400