قاعدة لا ضرر ولا ضرار

قاعدة لا ضرر ولا ضرار22%

قاعدة لا ضرر ولا ضرار مؤلف:
تصنيف: علم أصول الفقه
الصفحات: 360

قاعدة لا ضرر ولا ضرار
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 190856 / تحميل: 7568
الحجم الحجم الحجم
قاعدة لا ضرر ولا ضرار

قاعدة لا ضرر ولا ضرار

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

نبيه؟ قال : يا روح الله وکلمته قد کان والله ما قلته فاسأل الله أن يذهب به عني فدعا له عيسی عليه السلام فتفضل الله عليه وصار فيط أهل بيته، کذلک نحن أهل البيت لا يقبل الله عمل عبد وهو يشک في ولايتنا(١) .

وجری في ظلمه أي استمر، وفي الکامل(٢) وأجری ظلمه، والمراد بالمؤسس هو يزيد بن معاوية(٣) خاصة أو من سبقه ممن ابتدأ بغصب الخلافة عن أهل بيت النبوة.

__________________

١ ـ راجع البحار ج ٢٧، ص ١٩١، ح ٤٨، وأمالي المفيد ص ٢، ح٢، وروی مثله الشيخ الصدوق في العلل ج٢، ص٣٣٢، باب النوادر.

وروي في کتاب صحيفة الأبرار ص ٧٠ قال صلی الله عليه وآله : (انظر إلى علِي بن أبي طالب عبادة وذکره عبادة ولا يقبل إيمان عبد إلا بولايته والبراءة من أعدائه).

ونقلا عن الخوارزمي قال : إن الرسول صلی الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام : يا علي لو عاش عبد عمر نوح تعبد فيه، وأنفق في سبيل الله ذهبا بقدر جبل آحد، وحج بيت الله ألف مرة، وقتل مظلوما بين الصفا والمروة، ولم يقبل ولايتک فلن يشم رائحة الجنة).

وإلی هذا المعنی أشار العارف الکبير نصير الدين الطوسي في شعره المعروف :

لو انّ عبدا بالصالحات غدا

وود ّکلّ نبي مرسل ووليّ

وصام ماصام صوّاما بلا ضجر

وقام ما قدم قواما بلا ملل

وحجّ ما حجّ من فرض ومن سنن

وطاف ما طاف حاف غير منتعل

وطار في الجوّ لا ياوی إلى أحد

وغاص في البحر مامونا من البلل

يکسو اليتامی من الديباج کلّهم

ويطعم الجائعين البر بالعسل

وعاش في الناس الافا مؤلفة

عار من الذنب معصوما من الزلل

ما کان في الحشر عندالله منتفعا

الاّ بحب أمير المؤمنين عليّ

٢ ـ کامل الزيارات لابن قولويه ص ١٧٧، ط : النجف.

٣ ـ هو يزيد بن معاوية، وينسب معاوية إلى اربعة رجال عمر بن مسافر، وعمارة بن الوليد، والعباس بن عبد المطلب، ورجل اسود يدعی الصباح، وکانت هند جدة يزيد مغرمة بحب

٨١

فاسل الله الذي اکرمني بمعرفتکم، ومعرفة أوليائکم ،

ورزقني البراءة من أعدائکم، ان يجعلني معکم في الدنيا والآخرة ،

المراد بمعرفتهم ان يعرف بالدليل، ويعتقد بالاعتقاد الجازم الذي لا يزول بالتشکيک (انهم أهل بيت النبوة وموضوع الرسالة ومختلف الملائکة ومهبط الوحي ومعدن الرحمة وخزان العلم ومنتهی العلم واصول الکرم واولياء النعم وعناصر الابرار ودعائم الاخيار إلى آخر ما ذکر في الجامعة)(١) .

وحاصله : انهم عليهم السلام أفضل الخلق بعد محمد صلی الله عليه وآله الذي لا أفضل منه في عالم الامکان، وبمعرفة اوليائهم ان يعرف ويعتقد کذلک انهم هم الفرقة الناجية(٢) ، وانهم خاصة أهل الجنة، وانهم هم المفلحون الفائزون يوم القيامة(٣) ،

__________________

السود، وما نسب معاوية أحد ممن يعرف حالها إلى أبي سفيان، لانها وضعته بعد زواجها منه بثلاثة اشهر.

وهند هذه هي التي اکلت کبد الحمزة عم الرسول صلی الله عليه واله.

وام يزيد هي ميسون بنت عبد الرحمن بن بجدل الکلبي، مکنت عبدا لابيها من نفسها، وحملت بيزيد.

وجده أبو سفيان اعدی اعداء الله ورسوله، وهو الذي قاد الحرب ضد الاسلام والقران في بدر واحد والاحزاب. (راجع ربيع الابرار للزمخشري)

١ ـ هذا مقطع من الزيارة الجامعة، وللفائدة راجع شروحها.

٢ ـ راجع کتاب الفرقة الناجية لسلطان الواعظين، ترجمة وتحقيق فاضل الفراتي.

٣ ـ اشارة إلى الاية القرانية في النبية(٧) قوله تعالی : (ان الذين امنوا وعملوا الصالحات اولئک هم خير البرية) وبخصوص هذه الاية راجع تفسير الدر المنثور للسيوطي ج٦، ص ٣٧٩.

٨٢

وان محبتهم محبة الله وعداوتهم عداوة الله(١) . وفي حديث جابر عن الباقر عليه السلام قال : يا جابر عليك بالبيان والمعاني، قال : فقلت : ومالبيان وما المعاني؟ قال : قال علي عليه السلام : اما البيان فهو ان تعرف أن الله ليس کمثله شیء فتعبده ولا تشرک به شيئا، وأما المعاني فنحن معانيه ونحن جنبه ويده ولسانه وأمره وحکمه وعلمه وحقه إذا شئنا شاء الله، ويريد الله ما نريد، إلى أنْ قال : يا جابر أو تدري ما المعرفة؟ المعرفة إثبات التوحيد أوّلا ثم معرفة المعاني ثانيا ثم معرفة الأبواب ثالثا ثم معرفة الإمام رابعا ثم معرفة الأرکان خامسا ثم معرفة النقباء سادسا ثم معرفة النجباء سابعا(٢) .

ويجعله معهم في الدنيا توفيقه لمتابعتهم حذو النعل بالنعل کما هو مقام الشيعة الکامل، وفي الآخرة حشره معهم في درجتهم کما ورد في الروايات الکثيرة(٣) .

__________________

١ ـ إشارة إلى الحديث الشريف : (يا علي حربک حربي وحرب علي حرب الله).

٢ ـ البحار ج٢٦، ص١٣، والقطرة ج، مناقب الإمام الباقر عليه السلام ص٣٢٨، وعيون المعجزات ص٧٨ ولهذه الرواية ذيل طويل.

٣ ـ راجع البحار ج٢٧، ص١٠٠، ط : طهران.

٨٣

وأن يثبت لي عندکم قدم صدق في الدنيا والآخرة ،

وأساله أن يبلغني المقام المحمود لکم عند الله ،

وأن يرزقني طلب ثاري مع امام مهدي ظاهر ناطق منکم ،

الايمان النافع هو ما يموت عليه المرء ولذا لا ينجي المرتد ولا يفلح الا مع التوبظ مطلقا أو فط الجملة، فالثبات علی الايمان هو المطلوب لا مجرده. نعم، قد يقال: إنّ الايمان إذا حصل بحقيقته فلا زوال له، الارتداد کاشف عن عدم تحققه أوّلا وما ظهر ليس الا صورة من الايمان لا حقيقة لها، ولکن الحق خلافه کما قرر في محله، ولبعض الاصحاب في هذه المسالة رسالة مفردة فمن اراد التفصيل فليرجع اليها. والتثبيت : الادامة علی الحالة السابقة وعدم الازاغة، وفي الدعاء : (اللهم ثبتنا علی دينک ودين نبيك ولاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا ...)(١) وفي الجامعة(٢) : (فثبتني الله أبدا ما حييث علی موالاتکم ومحبتکم ودينکم، وقفني لطاعتکم، ورزقني شفاعتکم، وجعلني من خيار مواليکم). وقدم صدق بالاضافة کلسان صدق هوالاثرة الحسنة، والقدم هو السابقة في الامر(٣) يقال : له قدم في الهجرة أي سابقة، والاضافة محتملة لتقدير من أو في. وامراد بها المحبة الخالصة، والطاعة التي لا يشوبها عصيان، کما ان المراد بلسان الصدق هو الذکر الحسن والثناء الجميل، وتخصيص التثبيت بالدنيا لکونها محل التغير والتبدل، والمراد بالمقام المحمود الشفاعة الخاصة بهم(٤) ، وفي اضافة الثار الی

__________________ ـ

١ ـ راجع دعاء يوم الجمعة من ادعية الاسبوع.

٢ ـ الزيارة الجامعة المروية عن الامام الهادي عليه السلام وهذا مقطع منها.

٣ ـ راجع المصباح المنير للفيومي ص ٤٩٣.

٤ ـ راجع تفسير القمي ج١، ص ٤١٥، ط : الاعلمي، تفسير سورة الاسراء.

٨٤

ضمير النفس اشارة إلى أنْ کل مؤمن ولي هذا الدم فهو ثاره الذي يطلبه فلا ينافي ذلك اضافته إلى ضمير الخطاب(١) لاختلاف الحيثية، والظاهر : خلاف المستور، ويحتمل ان يکون بمعنی الغالب يقال ظهر عليه إذا غلب عليه.

__________________

١ ـ هذه اشارة إلى اختلاف النسخ، لان في بعض ماصادر الزيارة مثل کامل الزياراة مثل کامل الزيارت بدل (ثاري) (ثارکم).

٨٥

وأسال الله بحقّکم، وبالشّان الذی لکم عنده ان يعطينطي

بمصابي بکم أفضل ما يعطي مصابا بمصيبة(١) ، مصيبة ما اعظمها

وأعظم رزيتها في الاسلام، وفي جميع السماوات والارض.

حقّهم أعظم الحقوق وشأنهم أعلی الشؤون، فالسؤال بهما اقرن بالاجابة، ويستفاد من حديث سلمان وغيره انه لا يرد دعاء إذا سئل فيه بهم عليهم السلام(٢) ، والمصائب الاول مصدر ميمي بمعنی المصيبة والثاني بمعنی من اصابته المصيبة وقد تقرر في محله ان زنة المصدر الميمي من المزيد علی زنة اسم المفعول منه، ومصيبة الثاني اما بدل(٣) أو عطف بيان أو توکيد لمصابي، فالاعراب الکسر وکذالو جعلناه تابعا للاول، ويحتمل النصب علی المفعولية لفعل محذوف(٤) . وفي الکامل(٥) بعد قوله بمصيبته «اقول : انا الله وانا اليه راجعون مصيبة ما اعظمها» والاخبار الواردة في عظم اجر المصائب اکثر من ان تحصي.

__________________

١ ـ في بعض النسخ (بمصيبه) بدون هاء الضمير.

٢ ـ ذکر العلامة المجلسي في زالبحار ج١٠، ص ٩٢، ط : بيروت، عن الامام علي عليه السلام قال : (صلوا علی محمد وآل محمد فان الله عزّ وجل يقبل دعائکم عند ذکر محمد ...).

واخرج الديلمي عن مسند أحمد ج٦، ص ٣٢٣، ان النبي صلی الله عليه وآله قال : (الدعاء محجوب حتی يصلی علی محمد واهل بيته).

٣ ـ بدل من المصيبة الاولی، والبدل يتبع المبدل منه بالاعراب.

٤ ـ ويحتمل ان يکون حکمها النصب علی انها مفعول به لفعل محذوف تقديره (اقول).

٥ ـ کامل الزيارات ص ١٧٧، ط : النجف.

٨٦

قال الباقر عليه السلام : (ان الله إذا احب عبدا اغته بالبلاء غتا وشجه بالبلاء شجا فاذا دعاه قال : لبيک عبدي لئن عجلت لك ما سألت اني علی ذلك لقادر، ولئن اخرت لك فما ادخرت لك خيرلک)(١) .

وقال الصادق عليه السلام : (لو يعلم المؤمن ما له من الاجر في المصائب لتمنی انه قرض بالمقاريض)(٢) .

وفي روايظ النخعي عن الصادق عليه السّلام قال : (من اصيب بمصيبة فليذکر مصابه بالنبي صلی الله وعليه وآله فانه من اعظم المصائب)(٣) .

وفي رواية انه قال : لما اصيب أمير المؤمنين عليه السلام نعی الحسن إلى الحسين وهو بالمدائن فلما قرا الکتاب قال : يالها من مصيبة ما اعظمها مع ان رسول الله صلی الله وعليه وآله قال : من اصيب منکم بمصيبة فليذکر مصابه بي فانه لن يصاب بمصيبة اعظم منها وصدق رسول الله صلی الله وعليه وآله(٤) فتدبر. فان مصيبة الحسين عليه السلام من جملة مصائب النبي صلی الله وعليه واله، وکذا مصائب غيره من الائمة عليهم السلام، فمصيبة النبي صلی الله عليه وآله اعظم المصائب، ولا ينافيه ان مصيبة الحسين عليه السلام اعظمها.

وقوله : ما اعضمها وصف لمصيبة علی تقدير مقول في حقها فان فعل التعجب انشاء، والجملة الانشائية لا تقع صفة کما لا تقع خبرا علی المشهور بين النحاة(٥) نظرا إلى أنْ الخبر ما يحتمل الصدق والکذب، والانشاء لايکون ثابتا في نفسه

__________________ ـ

١ ـ راجع اصول الکافي ج ٢، ص ١٩٧، ح ٧.

٢ ـ نفس المصدر ص ١٩٨، ح ١٥.

٣ ـ راجع وسائل الشيعة للحر العاملي ج٦، ص ٣١٤.

٤ ـ اصول الکافي ج٣، ص ٢٢٠.

٥ ـ راجع قطر الندي، وکتاب شرح ابن عقيل، والنحو الوافي.

٨٧

فلا يثبت لغيره.

وفي الوجهين نظر فان الحد المذکور حد للمقابل للانشاء لا لخبر المبتدا والغرض من الکلام الطلبي وهو ثابت في نفسه وغير الثابت هو المطلوب. نعم، هذا الطلب قائم بالمتکلم وليس من احوال المبتدا وانما المقصود من ذکر الخبر بيان حال من احوال المبتدا ليکون جزء متما للفائدة.

قال بعض المحققين قدس سره : فاذا قلت : زيد اضربه فطلب الضرب صفة قائمة بالمتکلم وليس حالا من احوال زيد الا باعتبار تعلقه به أو کونه مقولا في حقه أو استحقاقه ان اضربه زيد مطلوب ضربه أو تقول في حقه ذلك وهو جيد متين کما لا يخفی.

٨٨

أللّهم اجعلني في مقامي هذا ممن تناله منك صلوات ورحمة

ومغفرة. أللهمَّ اجعل محياي محيا محمّد وآل محمّد ،

ومماتي ممات محمّد وآل محمّد.

مقامي أي لزيارة الحسين. تناله من النيل وهو الاصابة(١) . يقال : نال خيرا إذا اصابه، والامر منه نل بفتح النون کما في المجمع(٢) ، لا من النوال وهو الاجر والحظ ومنه النوال للعطاء(٣) والفعل منه نال ينول والامر نل بضم النون.

ممن تناله أي من الذين يستحقون ذلك بالمحبة والمعرفة بحقهم فان زائري الحسين العارفين بحقّه تنالهم من الصلوات والرحمة والمغفرة ما لا يحصي، کما لا يخفی علی من تتبع الأخبار الواردة في باب زيارته(٤) ، ففي جملة منها : ان من زار الحسين عليه السلام کان کمن زار الله فوق عرشه(٥) . وفي بعضها کتبه الله في عليين(٦) . وفي بعضها : غفر الله له جميع ذنوبه ولو کانت مثل زبد

__________________ ـ

١ ـ راجع لسان العرب والصحاح.

٢ ـ مجمع البحرين للطريحي.

٣ ـ راجع المصباح المنير للفيومي ص ٦٣١.

٤ ـ راجع کامل الزيارات لابن قولويه، وکتاب البحار وکتاب نور العين في المشي إلى زيارة الحسين عليه السلام للاصطهباني.

٥ ـ راجع البحار ج ٠١ ونور العين في المشي إلى زيارة الحسين عليه السلام : عن الحسين بن محمد القمي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : (من زار قبر أبي عبدالله عليه السلام بشط الفرات کان کمن زار الله فوق عرشه).

٦ ـ راجع کامل الزيارات ص ١٤٧، ط : النجف، عن عيينة بياع القصب عن أبي عبدالله عليه السلام قال :

(من اتی قبرالحسين عليه السلام عارفا بحقه کتبه الله في اعلی عليين).

٨٩

البحر، فاستکثروا من زيارته یغفرالله لکم ذنوبکم(١) . وفي بعضها : اعقته الله من النار(٢) ، وامنه يوم الفزع الاکبر(٣) ، ولم يسال الله حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الا اعطاه(٤) ، وفي بعضها : انه أفضل ما يکون من الاعمال(٥) ، وفي بعضها : ان زوار الحسين يدخلون الجنة قبل الناس باربعين عاما وسائر الناس في الحساب(٦) ، وفي بعضها : ما من أحد يوم القيامة الاوهو يتمنی انه من زوار

__________________

١ ـ راجع کامل الزيارات ص ١٣٨، منها : عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيی عن ابن مسکان عن أبي عبدالله عليه السلام قال : (من اتی قبرالحسين عليه السلام عارفا بحقه غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تاخر).

٢ ـ راجع نور العين، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه ـ في حديث ـ ان رسول الله صلی الله وعليه بکی بکاء شديدا فلم يساله أحد منا احلالا واعظاماله، فقال له الحسين : لم بکيت؟ فقال : يا ابة فما لمن زار قبورنا علی تشتتها؟ فقال : يا بنی اولئک طوائف من امتي يزورونکم فيلتمسون بذلك البرکة وتلقاه الملائکة بالبشارة يقال له : لا تخف ولا تحزن هذا يومک الذي فيه فوزک.

٣ ـ راجع البحار ج١٠١، عن زرارة قال : قلت لابي جعفر عليه السلام : ما تقول فيمن زار اباک علی خوف؟ قال : يؤمنه الله يوم الفزع الاکبر وتلقاه الملائکة بالبشارة ويقال له : لا تخف ولا تحزن هذا يومک الذي فيه فوزک.

٤ ـ راجع نورالعين ص ١٤٩، عن علي بن الحسين عليهم السلام قال : یغفر الله له ـ لزائر الحسين عليه السلام ـ ذنوبه ويقضي حوائجه، ثم قال : تقضي له الف حاجة ؛ ستمائة حاجة للاخرة واربعنائة للدنيا.

٥ ـ راجع کامل الزيارات ص ١٤٦، ط : النجف، عن أبي خديجة عن أبي عبدالله قال : سالته عن زيارة قبر الحسين عليه السلام، قال : (افضل ما يکون من الاعمال).

٦ ـ راجع کامل الزيارات ص ١٣٧، عن زرارة قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : ان لزوار

٩٠

الحسين بن علي عليهم السلام لما يري لما يصنع بزوار الحسين عليه السلام من کرامتهم علی الله(١) .

والتنکير في الالفاظ الثلاثة(٢) للتعظيم، أو التکثير، أو النوعية، والفرق بينها ان الصلوات تختص بمن لا ذنب له والمغفرة بمن له ذنب والرحمة تشملها(٣) فليتامل.

وفي بعض الأخبار : من اتی قبر الحسين عليه السلام ماشيا کتب الله له بکل خطوة الف حسنة ومحا عنه الف سيئة ورفع له الف درجة(٤) .

قوله (محياي محيی ..) أي حياتي مثل مماتهم في استحقاق الصلاة والرحمة والفوز بالسعادات الدائمة.

قال الطريحي(٥) : قوله محياي ومماتي لله : قد يفسران بالخيرات التي تقع في حال الحياة منجزة والتي تصل إلى الغير بعد الموت کالوصية للفقراء بشيء، أو معناه ان الذي اتيته في حياتي واموت عليه من الايمان والعمل الصالح لله خالصا.

__________________ ـ

الحسين بن علي عليهم السلام يوم القيامة فضلا علی الناس، قلت : وما فضلهم؟ قال : يدخلون الجنة قبل الناس باربعين عاما وسائر الناس في الحساب والموقف.

١ ـ راجع کتاب نور العين وکامل الزيارات، عن عبدالله الطحان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : سمعته وهو يقول : مامن أحد يوم القيامة الا وهو يتمنی انه من زوار الحسين لمل يری مما يصنع بزوار الحسين عليه السلام من کرامتهم علی الله تعالی.

٢ ـ وهي (صلوات ورحمة ومغفرة).

٣ ـ يعني ان الرحمة اعم من الصلاة والمغفرة لانها تشمل المذنب وغيره.

٤ ـ راجع ثواب الاعمال للصدوق، وکامل الزيارات.

٥ ـ في کتابه مجمع البحرين.

٩١

وفي رواية عن النبي صلی الله وعليه وآله قال : (من سره ان يحيی حياتي ويموت مماتي ويدخل جنة عدن قضب غرسه ربي بيده فليتول عليا والاوصياء من بعده وليسلم لفضلهم فانهم الهداة المرضيون)(١) .

فهما(٢) مصدارن ميميان ويحتمل کونهما اسمي زمان أي اجعلني بحيث احيی في زمان حياتهم وهو زمان الرجعة(٣) واموت في زکمان مماتهم أي عند رفعهم إلى السماء بعد انقضاء الدنيا، فليتامل.

__________________ ـ

١ ـ واخرج القندوزي بلفظ آخر ينابيع المودة ص ١٥١، الباب ٤٣ : (قال رسول الله صلی الله وعليه وآله : «من سره ان يحيی حياتي ويموت مماتي ويسکن جنات عدن التي غرس فيها قضيبا ربي، فليوال عليا وليوال وليه، وليقتد بالئمة من ولده من بعده، فانهم فانهم عترتي خلقوا من طينتي، وزرقوا فهما وعلما، وويل للمکذبين بفضلهم من امتي، القاطعين فيهم صلتي، لا انالهم الله شفاعتي».

٢ ـ محياي ومماتي.

٣ ـ لقد تقدمت الاشارة إلى الايات والروايات التي علی الرجعة.

٩٢

اللهم ان هلاا يوم تبركت به بنو امية وابن أكلة اكباد ،

اللعين ابن اللعين، علی لسانك ولسان نبيك صلّی الله عليه وآله

في کل موطن وموقف وقف فيه نبيّك صلّی الله عليه وآله.

إنَّ هذا أي هذا اليوم المسمّي بعاشوراء يوم تبرکوا به لمکان قتل الحسين عليه السّلام، وفي الکامل(١) : (أللّهم إنّ هذا يوم تنزل فيه اللعنة علی آل زياد وآل أميّة وابن آکلة الاکباد الخ).

فيا عجبا کيف تبرکوا بهذا اليوم وهو يوم مصيبة وحزن، وقد قتلوا فيه سبط الرسول، وسبوا نسائه، وانتهبوا ثقله. وکانت أهل الجاهلية فيما مضي يحرمون فيه الظلم والقتال؟

قال الرضا عليه السلام : (من ترک السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضي الله له حوائج الدنيا والاخرة، ومن کان يوم عاشوراء يوم مصيبة وحزنه بکائه جعل الله يوم القيامة يوم فرحه وسروره ف وقرت بنا في الجنان عينه، ومن سمی يوم عاشوراء يوم برکة وادخر فيه لمنزله شيئا لم يبارك له فيما ادخر، وحشر يوم القيامة مع يزيد وعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد لعنه الله(٢) إلى اسفل درک من النار)(٣) .

وفي رواية عبدالله بن الفضل قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : يابن رسول الله کيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع وبکاء دون اليوم الذي قبض فيه

__________________

١ ـ کامل الزيارات ص ١٧٨، ط : النجف.

٢ ـ في الاصل (لعنهم الله).

٣ ـ نقل هذه الرواية صاحب مفاتيح الجنان في مفاتيحه ص ٣٧٤ عن کامل الزيارات.

٩٣

رسول الله صلی الله عليه واله، واليوم الذي ماتت فيه فاطمة واليوم الذي قتل أمير المؤمنين عليه السلام واليوم الذي قتل فيه الحسن بالسم؟ فقال : ان يوم قتل الحسين عليه السلام اعظم مصيبة من جميع سائر الايام(١) ، وذلک ان أصحاب الکساء الذين هم کانوا اکرم الخلق علی الله کانوا خمسة فلما مضي عنهم النبي صلی الله عليه وآله بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين فکان فيهم للناس عزاء وسلوة، فلما مضي الحسن کان للناس في الحسين عزاء وسلوة، فلما قتل الحسين عليه السلام لم يکن بقي من أصحاب الکساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة فکان ذهابه کذهاب جميعهم کما کان بقائه کبقاء جميعهم، فلذلک صار يومه اعظم الايام مصيبة. إلى أنْ قال : قال عبدالله بن الفضل، فقلت له : يابن رسول الله صلی الله عليه وآله فکيف سمت العامة يوم العاشوراء يوم برکة؟ فبکی ثم قال : لما قتل الحسين عليه السلام تقرب الناس بالشام إلى يزيد فوضعوا له الاخبار، واخذوا عليها الجوائز من الاموال فکان مما وضعوا له امر هذا اليوم وانه يوم برکة ليعدل الناس فيه من الجزع والبکاء والمصيبة والحزن إلى الفرح والسرور والتبرک(٢) ، حکم الله بيننا وبينهم)(٣) .

وآکلة الاکباد هي هند ام معاوية ارادت ان تاکل کبد حمزة عم الرسول صلی الله عليه وله

__________________

١ ـ ويدل علی هذا قول الامام الصادق عليه السلام : (لايوم کيومک يا با عبدالله).

وقول الامام رضا عليه السلام : (فعلی مثل الحسين فليبک الباکون ان يوم الحسين اقرح جفوننا واذل عزيزنا بارض کرب وبلاء).

٢ ـ اشار إلى هذا المعنی أحد اشعراء بقوله :

(کانت ماتم بالعراق تعدها

امية بالشام من اعيادها)

٣ ـ اخرج هذه الرواية الشيخ الاجل الصدوق في علله ج ١ ص ٢٦٤، ط : الاعملي.

٩٤

وحکايتها المعروفة(١) ، والمراد بابنها في هذه الفقرة يزيد بن معاوية لا معاوية، لانه لم يکن حيا في هذه الوقعة(٢) ، واللعين الاول وصف ليزيد، والثاني لابيه معاوية أو أبي سفيان وکانا ملعونين علی لسان النبي صلی الله عليه وآله(٣) ف کما کان يزيد لعينا لاهل السماوات والارض. ومن کلام الحسن عليه السلام في مجلس معاوية، وانتم في رهط قريب من عدة اولئک لعنوا علی لسان رسول الله صلی الله عليه واله، فاشهد لکم واشهد عليکم انکم لعناء الله علی لسان نبيه صلی الله عليه وآله کلکم(٤) . وانشدکم بالله هل تعلمون ان رسو الله بعث إليك لتکتب (له)(٥) لبني خزيمة؟

__________________

١ ـ راجع السيرة الحلبية ج٢، ص ٢٤٤، (لما جاءت هند بنت عتبة إلى مصرع حمزة فمثلت به وحدعت انفه وقطعت اذنيه ومذاکيره، ثم جعلت ذلك کالسوار في يديها وقلائد في عنقها، وانها يقرت بطن حمزة واستخرجت کبده فلاکتها، فلم تستطع ان تسيغها فقال النبي زصلی الله عليه وآله لما بلغه اخرجها کبد حمزة : هل اکلت منه شيئا؟ قالوا : لا، قال صلی الله عليه وآله : ان الله قد حرم علی النار ان تذوق من لحم حمزة شيئا ابدا.

وقال الامام الصادق عيله السلام : أبي الله ان يدخل شيئا من بدن حمزة النار.

٢ ـ وهي معرکة الطف الخالدة التي وقعت في عام (٦١هـ) بين الحق المتجسد بالامام الحسين عليه السلام، والباطل الکفر المتجسد بيزيد واعوانه الظلمة.

٣ ـ ذکر ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج ج٤، ص ٧٩، ط : دار احياء الکتاب العربي : (روی شيخنا أبو عبد الله البصري المتکلم عن نصره بن عاصم الليثي عن أبيه قال : اتيت مسجد رسول الله صلی الله عليه وآله والناس يقولون : نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله فقلت : ما هذا؟ قالوا : معاوية قام الساعة فاخذ بيد أبي سفيان فخرجنا من المسجد فقال رسول الله صلی الله عليه وآله : لعن الله التابع والمتبوع رب يوم لامتي من معاوية ذي الاستاه.

وقال : روی العلاء بن حريز القشيري ان رسول الله صلی اله عليه وآله قال لمعاوية : لتتخذن يا معاوية البدعة سنة والقبح حسنا اکلک کثير وظلمک عظيم

٤ ـ في المصدر : کلکم أهل البيت.

٥ ـ بين القوسين في المصدر غير موجود.

٩٥

(١) إلى أنْ قال : انشدکم الله هل تعلمون ان ما اقول حق(٢) انّك يا معاوية کنت تسوق بابيك علی جمل احمر، ويقوده أخوك هذا القاعد، وهذا يوم الاحزاب، فلعن رسول الله القائد والراکب والسائق فکان أبوك الراکب وأنت يا ازرق السائق واخوك هذا القاعد القائد. ثم (قال)(٣) : انشدکم بالله هل تعلمون ان رسول الله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن؟

أوّلهن : حين خرج من مکة إلى مدينة، وأبو سفيان جاء من الشام فوقع فيه أبو سفيان فسبه وأوعده وهمّ أنْ يبطش به، ثمّ صرفه الله(٤) عنه.

والثاني : يوم العير حيث طردها أبو سفيان ليحرزها من رسول الله.

والثالث : يوم احد، يوم قال رسول الله : (الله مولانا ولا مولی لکم)، وقال أبو سفيان : (لنا العزی ولا عزی لکم)، فلعنه الله وملائکته ورسوله والمؤمنون أجمعون.

والرابع : يوم حنين، يوم جاء أبو سفيان يجمع قريش وهوازن إلى آخر الحديث وهو طويل(٥) .

__________________ ـ

١ ـ «بني خزيمة، حين ااصابهم خالد بن الوليد، فانصرف اليه الرسول فقال : هو ياکل، فاعاد الرسول إليك ثلاث مرات، کل ذلك يتصرف الرسول ويقول هو ياکل، فقال رسول الله : «اللهم لاتشبع بطنه، فهي والله في نهمتک واکلک إلى يوم القيامة».

٢ ـ في المصدر : (انما اقول حقا ...).

٣ ـ بين القوسين في المصدر غير موجود.

٤ ـ في المصدر (الله عزّ وجل عنه).

٥ ـ (وجاء عيينة بغطفان واليهود فردهم الله عزّ وجل بغيظهم لم ينالوا خيرا هذا قول الله عزّ وجل له في سورتين في کلتيهما يسمي أبا سفيان واصحابه کفارا، وأنت يا معاوية يومئذ

٩٦

أللّهم العن ابا سفيان، ومعاوية بن أبي سفيان(١) ، ويزيد بن

معاوية، عليهم منك(٢) اللعنة أبد الآبدين

الاخبار في فضل اللعن علی اعداء آل الرسول سيما قتلة ذريته متواترة : ففي رواية الريان بن شبيب عن الرضا عليه السلام : (يابن شبيب ان سرک ان تسکن الغرف المبنية في الجنة فالعن قتلة الحسين)(٣) .

__________________

مشرک علی راي ابيک بمکة، وعلي يومئذ مع رسول الله وعلی رايه ودينه.

والخامس : قول الله عزّ وجل : (والهدي معکوفا ان يبلغ محله) وصددت أنت وابوک ومشرکوا قريش، رسول الله صلی الله عليه وآله فلعنه الله لعنة شملته وذريته إلى يوم القيامة.

والسادس : يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش، وجاء عيينة بن حصن ابن بدر بغطفان، فلعن ورسول الله القادة والاتباع والساقة إلى يوم القيامة فقيل : يارسول الله اما في الاتباع مؤمن؟ فقال : لا تصيب اللعنة مؤمنا من الاتباع، واما القادة فليس فيهم مؤمن ولا مجيب ولاناج.

والسابع : يوم الثنية، يوم شد علی رسول الله اثني عشر رجلا، سبعة منهم من بني امية، وخمسة من سائر قريش، فلعن الله تبارک وتعالی وروسله من حل الثنية غير النبي وسائقه وقائده. (راجع الاستيعاب بذيل الاصابة ج٤، ص ٨٧).

١ ـ في کامل الزيارات (وعلی يزيد بن معاوية).

٢ ـ (عليهم منک) هذه غير موجودة في کامل الزيارت.

٣ ـ وهذا نص الرواية عن البحار ج ٤٤، ص ٢٨٥ :

عن الريان بن شبيب قال : دخلت علی الرضا عليه السلام في اول يوم من المحرم فقال لي : ياابن شبيب اصائم انت؟ فقلت : لا، فقال : ان هذا اليوم الذي دعا فيه زکريا ربه عزّ وجل فقال : (رب هب لی من لدنک ذرية طيبة انّك سميع الدعاء) فاستجب الله له وامر الملائکة فنادت زکريا وهو قائم يصلي في المحراب ان الله يبشرک بيحيی فمن صام هذا اليوم ثم دعا

٩٧

وفي رواية الفضل عنه عليه السّلام : (من نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذکر الحسين عليه السلام وليلعن يزيد وآل يزيد، يمحو الله بذلك ذنوبه ولو کانت کعدد النجوم)(١) .

وفي الرواية عن النبي صلی الله عليه وآله قال : (الا ولعن الله قتلة الحسين عليه السّلام ومحبيهم وناصريهم والساکتين عن لعنهم من غير تقية تستکهم)(٢) .

__________________

الله عزّ وجل استجاب الله له کما استجاب لزکريا عليه السلام، ثم قال : يا ابن شبيب ان المحرم هو الشهر الذي کان أهل الجاهلية فيما مضي يحرمون فيه الظلم والقتال لحرمته فما عرفت هذه الامة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها، لقد قتلوافي هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله فلا غفرالله لهم ذللک ابدا، ياابن شبيب ان کنت باکين لشيء فابک للحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام فانه ذبح کما يذبح الکبش وقتل معه من أهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الارض شبيهون ولقد بکت السماوات سبع والارضون لقتله ولقد نزل إلى الارض من الملائکة اربعة الاف لنصره فوجدوه قد قتل فهم عند قبره شعث غبر إلى أنْ يقوم القائم فيکونون من أنصاره وشعارهم يا لثارات الحسين، ياابن شبيب لقد حدثني أبي عن أبيه عن جده انه لما قتل جدي الحسين امطرت السماء دما وترابا احمر، يا ابن شبيب ان بکيت علی الحسين حتی تصير دموعک علی خديک غفرالله لك کل ذنب عليك فزر الحسين عليه السلام، ياابن شبيب ان سرک ان تسکن الغرف المبنية في الجنة مع النبي صلی الله عليه وآله فلعن قتلة الحسين، ياابن شبيب ان سرک ان يکون لك من الثواب مثل مثل ما لمن استشهد مع الحسين فقل متی ما ذکرته : ياليتني کنت معهم فافوز فوزا عظيما، ياابن شبيب ان سرک ان تکون معنا في الدرجات العلی من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليک بولايتنا فلو ان رجلا تولی حجرا لحشره الله معه يوم القيامة).

١ ـ راجع البحار ج ٤٤، ص ٢٩٩ الرواية ٢ ـ الباب ٣٦

٢ ـ البحار ج ٤٤، ص ٣٠٤، الرواية ١٧ ـ الباب ٣٦، واليک نص الرواية :

٩٨

وهذا يوم فرحت به آل زياد وآل مروان بقتلهم الحسين

صلوات الله عليه ،

ونسخة الکامل(١) خالية عن هذه الفرقة ولکنها موجودة في اثر الکتب، وحکايات فرحهم بقتل الحسين عليه السلام سيما حين ورود أهل بيته الکوفة مشهورة مسطورة في کتب المقاتل(٢) . لعنهم الله فقد حمدوا الله وشکروه علی قتله بقولهم لأهل البيت عليهم السلام : الحمد لله الذي قتلکم وأهلککم وأراح البلاد من رجالکم وأمکن أمير المؤمنين يزيد منکم : وقال ابن زياد لزينب عليها السلام : الحمد لله الذي فضحکم وأکذب أحدوثتکم، وقال لما صعد المنبر : الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ونصر أمير المؤمنين وأشياعه وقتل الکذاب ابن الکذاب(٣) .

__________________

قال رسول الله صلی الله عليه وآله : لما نزلت : (واذا اخذنا ميثاقکم لا تسفکون) الاية في اليهود أي الذين نقضوا عهد الله وکذبوا رسل الله وقتلوا اولياء الله، افلا انبئکم بمن يضاهيهم من يهود هذه الامة؟ قالوا : بلی يا رسول الله، قال : قوم من امتي ينتحلون انهم من أهل ملتي يقتلون افاضل ذريتي واطائب ارومتي يبدلون شريعتي وسنتي ويقتلون ولدي الحسن والحسين کما قتل اسلاف اليهود زکريا ويحيی، الا وان الله يلعنهم وکما لعنهم ويبعث علی بقايا ذراريهم قبل يوم القيامة هاديا مهديا من ولد الحسين المظلوم يحرقهم بسيوف اوليائه إلى نار جهنم، الا لعن الله قتلة الحسين عليهم السلام ومحبيهم وناصريهم والساکتين عن لعنهم من غير تقية يسکتهم الا وصلی الله علی الباکين علی الحسين رحمة وشفقة والاعنين لاعدائهم والممتلئين عليهم غيظا وحنقا، الا وان الراضين بقتل الحسين شرکاء قتلته، الا وان قتلته واعوانهم واشياعهم والمقتدين بهم براء من دين الله.

١ ـ راجع کامل الزيارات ص ١٧٨، ط : النجف.

٢ ـ راجع الدمعة الساکبة ومقتل المقرمص ٣١٠، واللهوف ص ٨١.

٣ ـ اللهوف لابن طاووس ص ٢٠١ ـ ٢٠٣، مقتل المقرم ص ٣٢٤ ـ ٣٢٧.

٩٩

أللّهم فضاعف عليهم اللعن منك والعذاب الاليم.

أللّهم اني اتقرب إليك في هذا اليوم، وفي موقفي هذا ،

وأيّام حياتي، بالبراءة منهم، واللعنة عليهم، وبالموالاة

لنبيّك وآل نبيّك عليه وعليهم السّلام.

وفي الکامل(١) : (أللّهم فضاعف عليهم اللعنة أبدا بقتلهم(٢) الحسين اني اتقرب إليك في هذا اليوم في موقفي هذا وأيّام حياتي بالبراءة منهم وباللعن عليهم وبالموالاة لنبيك واهل بيت نبيك صلی الله عليه ...).

دعا عليهم بمضاعفة اللعن والعذاب ليکون عذابهم مثل عذاب جميع أهل النار، لما روي عن النبي صلّی الله عليه وآله انه قال : (إنَّ قاتل الحسين بن علي عليه السّلام في تابوت من نار عليه نصف عذاب أهل الدنيا، وقد شد يداه ورجلاه بسلاسل من نار منکس في النار حتی يقع في قعر جهنم وله ريح يتعوّذ أهل النار إلى ربهم من شدة نتنه، وهو فيها خالد ذائق العذاب الاليم مع جميع من شايع علی قتله، کلّما نضجت جلودهم بدّل الله عليهم الجلود حتّی يذوقوا العذاب الاليم، لا يفتر عنهم ساعة ويسقون من حميم جهنّم، فالويل لهم لهم عذاب النار)(٣) .

وفي رواية عنه صلّی الله عليه وآله قال : (إنَّ في النار منزلة لم يکن يستحقها أحد من الناس إلّا بقتل الحسين بن علي ويحيی بن زکريا)(٤) .

__________________

١ ـ راجع کامل الزيارات ص ١٧٨.

٢ ـ في الاصل (لقتلهم).

٣ ـ راجع البحار ج ٤٥، ص ٣١٤، الرواية ١٤، الباب ٤٦.

٣ ـ اخرجها المجلسي في البحار ج ٤٤، ص ٣٠١، باب ٣٦، ط : طهران.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

في الحديث عنوان ثانوي متولد من الحكم ، ونسبته اليه نسبة السبب التوليدي إلىٰ مسبّبه ، كالقتل إلىٰ قطع الرقبة والاحراق إلىٰ الإلقاء في النار والايلام إلىٰ الضرب ونحو ذلك.

واطلاق العناوين التوليدية علىٰ اسبابها شائع متعارف لا يحتاج إلىٰ أية عناية فيكون مجازاً والمقام من هذا القبيل ، فيكون المراد من نفي الضرر نفي سببه المتحد معه وهو الحكم ، والفرق بين هذا المسلك ومسلكنا أننا نرى أن المنفي هو التسبيب للضرر ولازمه نفي الحكم الضرري بينما هذا المسلك يرى أن المنفي مباشرة هو الحكم الضرري.

( ان قيل ) : انه يعتبر في العنوان التوليدي عدم تخلل ارادة من فاعل مختار بينه وبين السبب كعدم تخلّلها بين الإلقاء والاحراق ، والمقام ليس من هذا القبيل في مثل ايجاد الوضوء والحج الضرريين ، لأَن الحكم فعل للشارع والضرر انما يترتب علىٰ امتثال العبد بارادته واختياره ، فكيف يحمل الضرر علىٰ الحكم.

( قيل ) : إن ارادة العبد في عين كونها اختيارية مقهورة لارادة الله سبحانه ، لان العبد ملزم عقلاً ومجبور شرعاً بالامتثال ، فالعلة التامة لوقوع المتوضئ أو الشريك أو الجار في الضرر هي الجعل الشرعي.

ولكن هذا التقريب ضعيف :

أوّلاً : لان الإشكال المطروح لا واقع له ، فان المقام ليس من قبيل الأَسباب والمسببات التوليدية ، ومجرد كون ارادة العبد مقهورة لارادة المولى لا يجعله من قبيلها موضوعاً ولا يلحقه بها حكماً ، مضافاً إلىٰ أن ذلك انما يتأتى في ارادة العبد المطيع دون العاصي كما اعترف به ومن المعلوم أن الاحكام لا تختص بالمطيعين دون العصاة.

وثانياً : ان الضرر المترتب علىٰ العمل لا يترتب عليه دائماً مباشرة ،

١٦١

بل قد يكون العمل مجرد معدّ للضرر كما لو كان الوضوء مما يوجب استعداد المزاج لمرض ما. وحينئنذٍ لا يمكن اتصاف الحكم بانه ضرر بلحاظ توليده للعمل المضرّ.

وثالثاً : إن العنوان التوليدي إنما ينطبق علىٰ سببه بالمعنى المصدري المتضمّن للنسبة الصدورية لا بالمعنى الاسم المصدري ونحوه مما لا يتضمن نسبة صدورية ولذا لا يقال علىٰ الالقاء انه احتراق ولكن يقال إنه احراق ، لأن الاحراق يتضمن نسبة صدورية دون الاحتراق ، وعلىٰ هذا فما ينطبق علىٰ الحكم هو عنوان الاضرار والضرار لا عنوان ( الضرر ) لأنّه معنىٰ اسم مصدري علىٰ ما سبق.

ورابعاً : ان هذا المقدار ليس إلا تصويراً لتفسير الحديث بنفي الحكم الضرري وذلك لا يقتضي تعيّنه بعد عدم انحصار ما يحتمل معنىٰ للحديث بهذا التصوير.

المسلك الثاني : أن يكون المراد بالحديث النهي عن الضرر والاضرار.

وهذا المسلك هو العمدة في تفسير الحديث في مقابل تفسيره بنفي الحكم الضرري ، وقد ذهب اليه جمع من اللغويين ونقل عن بعض فقهاء العامة. وقد اختاره من المتأخرين جماعة منهم صاحب العناوين والعلامة شيخ الشريعة.

وعلى هذا المسلك يكون مفاد ( لا ضرر ) متحداً مع مفاد ( لا ضرار ) ـ بعد الاعتراف بوحدة معنىٰ المادة فيهما علىٰ ما تقدّم تحقيقه ـ فيكون التكرار لمجرّد التأكيد كما نقل عن بعض اللغويين علىٰ ما مرّ. وربما قال جمع منهم بالتفرقة بينهما تخلّصاً عن التكرار بوجوه ضعيفة سبق التعرض لها ولنقدها.

١٦٢

وينحلّ هذا المسلك في نفسه الىٰ عدة وجوه ، لأن النهي الذي يتضمنه الحديث تارة يجعل نهياً تحريمياً أولياً ، واخرىٰ يقال إنّه نهي تحريمي سلطاني وثالثة يدعى أنّه جامع بين النهي التكليفي والإرشادي.

ونحن نتعرض لتحقيق أصل هذا المسلك وفق الوجه الاول من هذه الوجوه لأنّه اقواها وأرجحها ، ثم نتعرض للوجهين الآخرين عقيب ذلك ، وان كانت جملة من الأبحاث الآتية في هذا الصدد ممّا يتعلق بأصل هذا المسلك فتنطبق علىٰ جميع الوجوه.

ولتحقيق هذا المسلك لا بُدّ من البحث :

أولا ً : في تصويره.

وثانياً : فيما ذكر ترجيحاً له واثباتاً لتعيّنه.

وثالثاً : فيما يرد علىٰ هذا المسلك أو اورد عليه.

ورابعاً : في الوجهين الأخيرين مما قيل بناءً عليه.

فهنا ابحاث اربعة :

البحث الأَوّل : في تصوير هذا المبنى. وهو يتوقّف علىٰ توضيح امرين :

الأَوّل : كيفية ارادة النهي من هذا التركيب.

لا اشكال في ان مفاد ( لا ) في الحديث هو النفي فيكون معنىٰ الحديث استعمالاً الإخبار عن نفي الضرر والضرار علىٰ ما هو المنساق منه ، وانما اريد النهي ـ علىٰ تقديره ـ في مرحلة الإرادة تجوزاً.

والجهة المصححة لهذا الاستعمال هي التناسب الموجود بين نفي الطبيعة وبين التسبيب إلىٰ انتفائها باعتبارها فعلاً محرماً.

واما العناية الموجبة لهذا التجوز فهي اظهار المبالغة في الزجر عن الشيء حتىٰ كأنّ الفعل لا يوجد خارجاً أصلاً ، كما تستعمل صيغة الاثبات

١٦٣

في البعث إلىٰ الشيء بمثل هذه العناية وقد ذكرفي علم المعاني أنّه قد يقع الخبر موقع الانشاء لاظهار الحرص في وقوع الفعل حتىٰ يخيّل اليه حاصلاً وقد اوضحنا القول في ذلك بتفصيل في بحث استعمال الجملة الخبرية في مقام الطلب من علم الاصول.

الثاني : في ثبوت استعمال هذا التركيب في النهي.

لا إشكال في ثبوت استعمال الجملة الخبرية بأقسامها في غير مورد الانشاء الطلبي والزجري سواء كانت جملة اسمية ك‍ ( هي طالق ) أو جملة فعلية بالفعل الماضي ك‍ ( بعت ) و ( اشتريت ) أو بالفعل المضارع نحو ( إني أريد أن انكحك ).

لكن الامر ليس كذلك في مورد الإنشاء الطلبي والزجري علىٰ ما يشهد به موارد الاستعمالات فلم يثبت استعمالها في مورد إنشاء هذين المعنيين ، اذا كانت الجملة اسمية من قبيل ( زيد قائم ) أو ( زيد ليس بقائم ) بان يراد بالأَوّل بعثه إلىٰ القيام وبالثاني زجره عنه وإن كان الاستعمال صحيحاً ممكناً كأن يقول الولد لولده ( أنا مسافر غداً وأنت معي ) ومراده طلب السفر معه.

واما في مورد الفعل الماضي فربما قيل انه لم يثبت أو لا يصح أيضاً كما عن السيد الأستاذ (قده)(١) .

لكنه ليس بواضح فانه يشيع استعماله في الدعاء ك‍ ( رحمك الله وأعزك ) كما يستعمل في معنىٰ الأمر اذا كان جزاءً ك‍ ( اذا استيقن انه زاد في صلاته ركعة اعاد صلاته ) وربما استعمل فيه ابتداءً كقولهعليه‌السلام ( أجزء امرؤ قرنه آسى أخاه بنفسه )(٢) .

__________________

(١) المحاضرات ج ٢ ص ١٣٧.

(٢) نهج البلاغة ( في حث اصحابه علىٰ القتال : ١٨٠ ـ ١٨١ ).

١٦٤

واما في مورد الفعل المضارع فلا اشكال في ثبوت استعمالها في البعث والزجر كما هو شائع ك‍ ( يعيد صلاته ) أو ( لا يعيد صلاته ) علىٰ ما هو واضح.

( واما تركيب لا النافية ) : ـ وهو مورد البحث هنا ـ فربما يشكل ذلك كما ذكر المحقق الخراساني ( ان ارادة النهي من النفي وان كان غير عزيز الا انه لم يعهد في مثل هذا التركيب )(١) وردّ عليه العلاّمة شيخ الشريعة بشيوع هذا المعنىٰ في التركيب وذكر جملة كثيرة من الأمثلة ادعى فيها انها تعني النهي(٢) .

والحق ان القولين لا يخلوان عن افراط وتفريط ، اما الأوّل فلمعهودية ارادة النهي من النفي كما في قوله تعالىٰ( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الحَجِّ ) (٣) وغير ذلك من الاستعمالات. واما الثاني : فلأن شيوع هذا المعنىٰ في التركيب المزبور بالمستوى الذي يمثله ذكر تلك الامثلة غير ثابت فان جملة منها ليست بهذا المعنىٰ كما يأتي تفصيله في التعرض لما ذكر في ترجيح هذا المسلك.

لكن يكفي في ما هو الغرض في المقام ( من تصوير هذا المسلك ) اصل ثبوت استعمال هذا التركيب في هذا المعنى. وعلىٰ ضوء هذا يتضح تمامية هذا المسلك تصويراً.

البحث الثاني : في تعيين هذا المسلك وترجيحه.

و يستفاد من كلام العلاّمة شيخ الشريعة في هذا الصدد وجوه :

__________________

(١) كفاية الأصول : ٣٨٢.

(٢) رسالة لا ضرر له : ٣٧ ـ ٣٩.

(٣) البقرة ٢ : ١٩٧.

١٦٥

الوجه الأَوّل : ما يظهر من مجموع كلامه(١) من تعين ارادة النهي في الحديث نظراً إلىٰ شيوع ارادته من هذا التركيب في مثل هذا الموضوع دون غيره من المعاني التي يصح ان تراد بهذا التركيب.

وهذا ينحلّ إلىٰ عقدين سلبي وايجابي.

اما العقد السلبي : وهو عدم شيوع غيره ، فلأَن في قبال احتمال النهي وجهين :

احدهما : نفي المسبّب وارادة نفي السبب كما هو مبنى تفسيره بنفي الحكم الضرري.

والثاني : نفي الحكم بلسان نفي موضوعه.

والأَوّل غير معهود في هذا التركيب أصلاً. والثاني معهود لكن فيما لا يماثل المقام موضوعاً وهو ما اذا ثبت حكم لموضوع عامّ واريد نفيه عن بعض اصنافه ك‍ ( لا سهو في سهو ) ومن الواضح ان المقام ليس من هذا القبيل ، اذ لم يجعل لنفس الضرر حكم يراد نفيه عن بعض اصنافه ، واما نفي حكم موضوع آخر عنه فارادته تحتاج إلىٰ قرينة واضحة وهي منتفية في مقامنا.

واما العقد الإيجابي : ـ وهو شيوع ارادة النهي من هذا التركيب ـ فقد ذكر له امثلة من الكتاب والسنة وقال بعدها ( ولو ذهبنا لنستقصي ما وقع من نظائرها في الروايات واستعمالات الفصحاء ـ نظماً ونثراً ـ لطال المقال وأدى إلى الملل وفيما ذكرنا كفاية في اثبات شيوع هذا المعنى في هذا التركيب ، اعني تركيب ( لا ) التي لنفي الجنس(٢) .

__________________

(١) يظهر ذلك بملاحظة ما ذكره أوّل الفصل الثامن من شيوع ارادة النهي وما ذكره بعد ذلك ص ٣٧ ـ ٤٠ حول سائر الاحتمالات.

(٢) رسالة لا ضرر للعلامة شيخ الشريعة ص ٣٧ ـ ٣٩.

١٦٦

والامثلة التي ذكرها هي كما يلي :

١ ـ قوله تعالى :( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الحَجِّ ) (١) .

٢ ـ وقوله تعالى :( فَإِنَّ لَكَ فِي الحَيَاةِ أَن تَقُولَ لا مِسَاسَ ) (٢) في مجمع البيان : معنىٰ ( لا مساس ) أي لا يمسّ بعضنا بعضاً(٣) .

٣ ـ ومثل قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام ).

٤ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا جلب ولا جنب ولا اعتراض ).

٥ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا خصى في الإسلام ولا بنيان كنيسة ).

٦ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا حمى في الإسلام ولا مناجشة ).

٧ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا حمى في الاراك ).

٨ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا حمى الا حمى الله ورسوله ).

٩ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا سبق إلا في خفّ أو حافر أو نصل ).

١٠ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا صمات يوم إلىٰ الليل ).

١١ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا صرورة في الإسلام ).

١٢ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ).

١٣ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا هجر بين المسلمين فوق ثلاثة ايام ).

١٤ ـ وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا غش بين المسلمين ).

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٩٧.

(٢) طه ٢٠ : ٩٧.

(٢) ط جديد ج ٤ ص ٢٨.

١٦٧

و يرد على هذا الوجه :

أوّلا ً : ما تقدّم من ان شيوع ارادة النهي من هذا التركيب لا يؤثّر في تقوية هذا الاحتمال وتضعيف سائر الاحتمالات بمجرّد التماثل التركيبي بين المقام وبين الموارد الاخرى ، مع اختلافها في ملابسات وخصوصيات مؤثرة في تغيير المعنى ، بل لا بد من احراز اتحادها في ذلك. وجملة ( لا ضرر ) لا تشترك مع الامثلة المضروبة في هذه الجهة لان طبيعة الموضوع المنفي فيها امر مرغوب عنه مما يجعل الانسان لا يتحمله الا بتصوّر تسبيب شرعي فالنفي الوارد في هذا السياق النفسي يهدف بالطبع إلى ابطال التصوّر المذكور ، ونفي التسبيب الشرعي إلى ذلك ، وليس شيء من هذه الأمثلة من هذا القبيل فانها بين طبائع خارجيّة مرغوبة لذاتها لانسجامها مع القوى الشهوية والغضبية ، وبين طبائع اعتبارية مرغوبة لآثارها القانونية ـ كما سيتّضح مما يأتي ـ فشيوع ارادة النهي في هذا المجال لا يحسم الموقف لصالح احتمال النهي في الحديث.

وثانيا ً : ان استعمال هذا التركيب في النهي ليس بشائع بالمستوى المدعى ، إذ جملة من الأمثلة المذكورة انما هي من قبيل نفي الحكم بلسان نفي موضوعه ، اما لتعذّر ارادة النهي فيها وان افادت التحريم أو لعدم ظهورها في ذلك.

اما القسم الأَوّل : ـ وهو ما يتعذر ارادة النهي منها ـ فهو ما اقترن بكلمة ( في الإسلام ) فان وجود هذه الكلمة يقتضي كون نفي الماهية بلحاظ عالم التشريع أي عدم وقوعه موضوعاً للحكم لا نفيها خارجاً بداعي الزجر عن ايجادها.

ففي هذا القسم حتى لو اريد التحريم ـ كما في ( لا خصى في الإسلام ) مثلاً ـ فانما يكون ذلك على سبيل نفي الحكم ( اي الجواز ) بلسان نفي

١٦٨

موضوعه لا علىٰ ارادة النهي ، وان كان نفي الجواز والنهي يرجعان إلىٰ مؤدى واحد ، إلا انه لا ينبغي الخلط بينهما في مقام التدقيق في انحاء استعماله هذا التركيب كما هو واضح.

واما القسم الثاني : ـ وهو ما لا يكون ظاهراً في التحريم ـ فهو الموارد التي كان المنفي فيها ماهية اعتبارية ، فان نفي الماهية الاعتبارية ظاهر حسب تناسبات الحكم للموضوع في نفي صحتها ـ كما تقدّم توضيح ذلك في ذكر الضابط العام لتشخيص محتوى صيغ الحكم ـ فتكون هذه الموارد من قبيل نفي الحكم بلسان نفي موضوعه.

سواء في ذلك ما كان النفي فيه نفياً للماهية خارجاً أو في وعاء التشريع.

فمن الأَوّل قوله ( لا سبق إلا في خفّ أو حافر أو نصل ) فان المراد بالسبق العقد الخاص فالمقصود بالحديث بطلانه الا في الموارد المستثناة ، وثبوت حرمته بدليل آخر لا يقضي باستفادته من هذا الدليل.

ومن الثاني : قوله ( لا شغار في الإسلام ) فان الشغار نوع خاص من النكاح كان معروفاً في الجاهلية وقوله ( لا حمى في الإسلام ) فان المراد بالحمى اعتبار مرعى ومرتع مختصاً بشخص أو قبيلة ، فيمنع الغير من الرعي فيه وهذا نوع من الحكم الوضعي الذي يندمج فيه الحكم التحريمي ومرجع نفيه إلىٰ الغائه أو اسقاط ما كان يترتب عليه من الآثار في العرف الجاهلي لا تحريمه تحريماً مولويّاً.

ويحتمل ان يكون من هذا القبيل قوله ( لا رهبانية في الإسلام ) بناءً علىٰ انها التزام وتعهّد نفسي بترك الاشتغال بالدنيا وملاذها والعزلة من اهلها والتعمد إلىٰ مشاقها ، فيكون المراد بنفيها الغاء هذا العهد وعدم استتباعه لوجوب الوفاء فلا يكون في هذا المورد تحريم مولوي.

١٦٩

وبذلك ظهر أن معنىٰ النهي لا يتجه في الأَمثلة المذكورة ، إلا فيما لم يقترن بزيادة في الإسلام وكان المتعلق ماهية خارجيّة يؤتى بها لبعض الدواعي الشهوية والغضبية ك‍( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الحَجِّ ) (١) .

الوجه الثاني : تبادر النهي من الحديث وانسباقه إلىٰ الذهن. قال (قده) ( في كلام له عن هذا المسلك ) : ( وهو الذي لا تسبق الأَذهان الفارغة عن الشبهات العلمية إلا اليه )(٢) وقال ( وبالجملة : فلا اشكال في ان المتبادر إلىٰ الأذهان الخالية من اهل المحاورات قبل ان ترد عليها شبهة التمسك بالحديث في نفي الحكم الوضعي ليس الا النهي التكليفي )(٣) .

( ويلاحظ عليه ) : انه لا يتجه التمسك بالتبادر في المقام ـ كما سبق ـ وذلك لان الشك ( تارة ) يكون في تشخيص المراد الاستعمالي وضعاً أو انصرافاً و ( أخرى ) في تشخيص توافق المراد التفهيمي مع المراد الاستعمالي وعدمه. ( وثالثة ) في تشخيص المراد التفهيمي المردد بين وجوه بعد العلم بعدم توافقه مع المراد الاستعمالي. والتمسّك بالتبادر انما يتّجه في المرحلة الأولىٰ لاثبات العلقة الوضعية أو الانصراف. واما في المرحلتين الاخيرتين فلا عبرة بادعاء التبادر بل المناط في المرحلة الثانية وجود القرينة المعينة لهذا المعنىٰ او ذاك بعد وجود القرينة الصارفة عن المراد الاستعمالي. ومن المعلوم ان حمل الحديث علىٰ النهي ليس تحديداً لمدلوله الاستعمالي وانما هو اقتراح في المراد التفهيمي بعد الاعتراف بتخالفه مع المراد الاستعمالي.

فلا بُدّ اذن من ملاحظة الجهات المحيطة بهذا الحديث لملاحظة مدى توفّر القرينة علىٰ أحد الوجوه المقترحة في تحديد المراد التفهيمي وقد

__________________

(١) البقرة ٢ : ١٩٧.

(٢ و ٣) رسالة لا ضرر : ٤٠ ـ ٤١ ( الفصل الثامن ).

١٧٠

عرفت مقتضاها في كل من الجملتين.

الوجه الثالث : ما ذكره بعد ذلك بقوله ( مضافاً إلى ما عرفت من ان الثابت من صدور هذا الحديث الشريف انما هو ما كان في قضية سمرة بن جندب وأنه ثبت فيها ( لا ضرر ولا ضرار على مؤمن ) ولا شك ان اللفظ بهذه الزيادة ظاهر في النهي(١) .

( ويلاحظ عليه )أوّلاً : ان هذه الزيادة لم ترد الا في مرسلة ابن مسكان عن زرارة وهي ليست بحجة وعلى تقدير حجيتها فان موثقة ابن بكير ـ التي تنقل نفس القضية عن زرارة دون تلك الزيادة ـ مقدمة عليها على ما مر تحقيقه في البحث عن متن الحديث في الفصل الأَوّل.

وثانيا ً : انه على تقدير ثبوت هذه الزيادة فانا لا نسلم منافاته مع ارادة نفي التسبيب إلىٰ الحكم الضرري اذ يمكن نفي ذلك بالنسبة إلى المؤمن.

الوجه الرابع : ما ذكره بقوله ( على ان قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لسمرة انك رجل مضار ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن ـ كما في رواية ابن مسكان عن زرارة ـ انما هو بمنزلة صغرى وكبرى ، فلو اريد التحريم كان معناه انك رجل مضار والمضارّة حرام وهو المناسب لتلك الصغرى ، لكن لو اريد غيره مما يقولون صار معناه انك رجل مضار والحكم الموجب للضرر منفي أو الحكم المجعول منفي في صورة الضرر ، ولا اظن بالاذهان المستقيمة ارتضاءه )(٢) .

ويرد عليه أوّلا ً : ان القول المذكور لم يتضمنه الا رواية ابن مسكان. وقد سبق عدم اعتبارها في الفصل الأَوّل.

__________________

(١) نفس المصدر ص ٤١.

(٢) رسالة لا ضرر للعلامة شيخ الشريعة : ٤١ ـ ٤٢.

١٧١

وثانيا ً : ان مقتضى ما ذكره استفادة التحريم من ( لا ضرار ) ـ لا من ( لا ضرر ) ولا منهما جميعاً ـ لأَنّ المستعمل في التطبيق هو وصف باب المفاعلة ـ وهو مضار ـ وعليه فلا مانع من ان يراد ب‍ ( لا ضرار ) نفي التسبيب إلى الضرر بنفي الحكم الضرري ويراد ب‍ ( لا ضرار ) الحرمة التكليفية فتتناسب الصغرى مع الكبرى.

الوجه الخامس : اتفاق اهل اللغة على فهم معنى النهي من الحديث.

قال (قده) ( في كلام له ) : ( ولنذكر بعض كلمات ائمة اللغة ومهرة أهل اللسان تراهم متفقين على ارادة النهي لا يرتابون فيه ولا يحتملون غيره ، ففي النهاية الاثيرية : قوله ( لا ضرر ) اي لا يضر الرجل اخاه فينقصه شيء من حقه ، والضرار فعال من الضر اي لا يجازيه على اضراره بادخال ( الضرر عليه ). وفي لسان العرب ـ وهو كتاب جليل في اللغة في عشرين مجلداً(١) ـ معنى قوله ( لا ضرر ) لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئاً من حقه. و ( لا ضرر ) أي لا يجازيه على اضراره بادخال ( الضرر عليه ). وفي تاج العروس مثل هذا بعينه ، وكذا الطريحي في المجمع )(٢) .

و في هذا الوجه ملاحظتان :

الأُولى : في مدى اصالة هذه المصادر الخمسة في ذكر هذا الرأي ومدى التزام مؤلفيها به.

١ ـ وأمَّا النهاية لابن الأثير ( ت ٦٠٦ ه‍ ) فقد تقدّم انها في جزء مهم

__________________

(١) قد طبع الكتاب أوّلاً في عشرين مجلداً وعليه جرى هذا القائل وقد طبع ثانياً في بيروت في خمسة وعشرين مجلداً وقد جاء قي مقدمة هذه الطبعة ١ / ٦ انه ثلائون مجلداً كما جاء في مقدمة تاج العروس انه سبعة وعشرون مجلداً. منه.

(٢) لسان العرب ٤ / ٤٨٢ ، مجمع البحرين ٣ / ٣٧٣ ، تاج العروس ٣ / ٣٤٨ ، النهاية لابن الأثير ٣ / ٨١ ، رسالة لا ضرر لشيخ الشريعة : ٤٣.

١٧٢

منها تجميع لكتاب غريبي الحديث والقرآن لابي عبيد احمد بن محمّد الهروي المتوفى سنة ( ٤٠١ ه‍ ) وكتاب الغيث في تهذيب القرآن والحديث للحافظ ابي موسى محمّد الاصفهاني ( ت ٥٨١ ه‍ ) وقد جعل لكل منهما علامة. وقد جعل هنا علامة الأَوّل مما يعني انه نقله عن كتاب الهروي وليس من كلامه هو.

٢ ـ ( واما لسان العرب لابن منظور ت ٧١١ ه‍ ) فهو وان كان كتاباً جامعاً الا انه ليس الا تجميعاً لعددة كتب لغوية وهي تهذيب اللغة للازهري ( ت‌ ٣٧٠‌ ه‍ ) ‌والصحاح للجوهري ( ت ٣٩٣ ه‍ ) ونقد الصحاح لابن بري والمحكم لابن سيدة الأَندلسي والنهاية لابن الاثير.

وقد صرح بذلك مؤلفه في مقدمة كتابه كما صرّح بانه ليس مسؤولاً عما في الكتاب(١) وقد اعتبره بعض محققي هذه الكتب كالنهاية كتاب اللسان نسخة من نسخها في مرحلة تحقيقها(٢) وقد نقل في اللسان عبارتين تتضمنان تفسير

__________________

(١) قال في مقدمة لسان العرب ١ / ٨ ط بيروت ( وليس لي في هذا الكتاب فضيلة أمتّ بها ولا وسيلة اتمسك بها سوى اني جمعت فيه ما تفرق في تلك الكتب من العلوم وبسطت القول فيه ولم اشبع باليسير وطالب العلم منهوم فمن وقف فيه علىٰ صواب أو ذيل أو صحة أو خلل فعهدته علىٰ المصنف الأَوّل وحمده وذمه لأَصله الذي عليه المعول لانني نقلت من كل أصل مضمونه ولم ابدل منه شيئاً فيقال انما اثمه علىٰ الذين يبدلون بل اديت الأَمانة في نقل الأصول بالنص وما تصرفت فيه بكلام غير ما فيه من النص فليعتد من ينقل من كتابي هذا انه ينقل عن الأصول الخمسة وليغن عن الاهتداء بنجومها فقد غابت لما طلعت شمسه ) وقد اكد ذلك في اثناء الكتاب ففي ٤ / ٤٢ ( قال عبد الله محمّد بن المكرم : شرطي في هذا الكتاب ان اذكر ما قاله مصنفو الكتب الخمسة التي عنيتها في خطبته لكن هذه نكتة لم يسعني اهمالها. قال الهيثمي ).

(٢) لاحظ مقدمة النهاية : ١٩ قال ( ولما كان ابن منظور قد افرغ النهاية في لسان العرب فقد اعتبرنا ما جاء من النهاية في اللسان نسخة وأثبتنا ما بينه وبينها من فروق ).

١٧٣

الحديث بالنهي :

احداهما : عبارة النهاية لابن الأثير وقد نسبها اليه صريحاً.

والثانية : عبارة الأزهري في تهذيب اللغة ولم يصرح باسمه وانما عبر بقوله ( قال : وروي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) والكلام الذي نقله هذا القائل هو جزء من هذه العبارة. فليس ذلك قول لابن منظور نفسه.

٣ ـ واما الدر النثير للسيوطي ( ت ٩١١ ه‍ ) فهو :

أوّلاً : مختصر نهاية ابن الأثير واسمه الكامل ( الدر النثير تلخيص نهاية ابن الأثير ) وقد اضاف على ذلك اضافات قليلة كما ذكر في مقدمة محقق النهاية(١) وعبارته في المقام نص عبارة ابن الأثير فهو الحقيقة ليس مصدراً آخر.

وثانياً : ان الظاهر ان السيوطي لا يلتزم بان معنى ( لا ضرر ) هو النهي ، فانه في كتبه الحديثية والفقهية جرى على ما بنى عليه اكثر فقهاء العامة من تفسير الحديث بنفي الحكم الضرري ، ففي كتابه تنوير الحوالك في شرح موطأ مالك نقل عن ابن داود قوله ( ان الفقه يدور علىٰ خمسة احاديث وهذا احدها )(٢) وفي كتابه الأَشباه والنظائر(٣) ـ وهو مؤلف في القواعد الفقهية ـ قد فرَّع عليها فروعاً كثيرة لا تنسجم الا مع التفسير المذكور كما تقدّم ذكر ذلك.

__________________

(١) قال في ص ٨ ثم رأى السيوطي ان يفرد زياداته على النهاية وسماها التذييل والتهذيب علىٰ نهاية الغريب. ( ويوجد هذا التذييل بآخر نسخة من نسخ النهاية بدار الكتب المصرية وهو في سبع ورقات ) وقد ذكر في ص ١٩ ـ ٢٠ ( وقد نظرنا في الدر النثير للسيوطي وسجلنا تحقيقاته وزياداته ومعظمها عن ابن الجوزي ولعلّه اطلع على غريبه فهو يكثر النقل عنه ).

(٢) المصدر ٢ / ٢٢.

(٣) الاشباه والنظائر ٨٤ ـ ٨٥.

١٧٤

٤ ـ واما تاج العروس للزبيدي : فالظاهر انه اخذ ما ذكره من النهاية اما مباشرة أو بتوسط لسان العرب أو الدر النثير ، فانها جميعاً من مصادره كما يظهر من مقدمة كتابه ، وقد اعتمد عليه محقق النهاية في تحقيق نصها ـ كما ذكره في مقدمتها ـ وعبارته في المقام عين عبارة النهاية.

مضافاً إلىٰ ان كلامه قد لا يدلّ علىٰ جزمه بذلك فانه لم يتضمن إلا نقل هذا التفسير حيث قال ( والاسم الضرر فعل واحد والضرار فعل الاثنين وبه فسر الحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) ، اي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئاً من حقّه ولا يجازيه علىٰ اضراره بادخال الضرر عليه ، وقيل هما بمعنىٰ وتكرارهما للتأكيد ).

٥ ـ واما مجمع البحرين : فهو أيضاً ذكر عين عبارة النهايه في المقام وقد صرح في المقدّمة بانها من مصادره.

وبذلك يتضح :

أوّلاً : ان ذكر هذا الرأي في كلمات هؤلاء لم يكن عن التزام به من قبلهم جميعاً ، بل كان ذكر اكثرهم لذلك علىٰ سبيل النقل ـ ولو احتمالاً ـ كما في المصادر الأَربعة الأولىٰ ، وذلك ان اكثر الكتب اللغوية شأنها تجميع الكلمات والاقوال كالجوامع الحديثية ، ولذا كانوا يذكرون الاسناد اليها في العهد الأوّل.

وثانياً : ان اصل هذا التفسير ينتهي إلىٰ كلامين تقدّم ذكرهما في أوّل هذا الفصل احدهما للازهري في تهذيب اللغة ، والثاني للهروي في الغريبين ، وسائر المتأخرين عنهما انما ذكروا نص هذين الكلامين أو احدهما ـ ولو ملخصاً ـ من دون تصرف زائد في ذلك.

وعلى ضوء ذلك يظهر ان ما ذكر من نسبة فهم هذا المعنىٰ إلىٰ مهرة اللغة لا يخلو عن نظر وتأمّل.

١٧٥

و الملاحظة الاخرى : انّ الاحتجاج بقول أهل اللغة ضعيف لعدم حجية اقوالهم في حد انفسها ـ علىٰ ما اوضحناه في علم الأصول ـ لا سيّما في مثل هذا الموضوع الذي لا يرتبط بتفسير مفرد لغوي ، وانما يرتبط بتشخيص المعنىٰ المجازي للكلمة ، وخصوصاً مع تعارضه مع فهم الفقهاء الذين هم اكثر اطلاعاً علىٰ المناسبات الدخيلة في تشخيص المراد التفهيمي ، لا سيّما في النصوص التشريعية حيت تقدّم أن اغلب فقهاء الفريقين فهموا من الحديث نفي مجعولية الحكم الضرري.

الوجه السادس والسابع والثامن : ما نقله (قده) عن صاحب العناوين من انه قال :

١ ـ ( والحق ان سياق الروايات يرشد إلىٰ ارادة النهي من ذلك ، وان المراد تحريم الضرر والضرار والمنع عنهما ، وذلك إمّا بحمل ( لا ) علىٰ معنىٰ النهي ، وامّا بتقديركلمة ( مشروع ومجوز ومباح ) في خبره مع بقائه علىٰ نفيه ، وعلىٰ التقديرين يفيد المنع والتحريم.

٢ ـ وهذا هو الانسب بملاحظة كون الشارع في مقام الحكم من حيث هو كذلك ، كما في مقام ما يوجد في دين وما لا يوجد ، وان كان كل من المعنيين مستلزماً للآخر إذ عدم كونه من الدين أيضاً معناه منعه فيه ومنعه فيه مستلزم لخروجه عنه.

٣ ـ مضافاً إلىٰ ان قولنا ( الضرر والضرار غير موجود في الدين ) معنىٰ يحتاج تنقيحه إلىٰ تكلفات ، فانّ الضرر مثلاً نقص المال أو ما يوجب نقصه ، وذلك ليس من الدين بديهة إذ الدين عبارة عن الاحكام لا الموضوعات ، فيحتاج حينئذٍ إلىٰ جعل المعنىٰ هكذا : ان الحكم الذي فيه ضرر أو ضرار

١٧٦

ليس من الدين ، وهذا غير متبادر وإن بالغ فيه بعض المعاصرين )(١) .

وهذه الوجوه غير تامة أيضاً.

أما الأَوّل : فلمنع إرشاد سياق الروايات إلىٰ ارادة النهي من ( لا ضرر ) لا سيّما علىٰ المختار من دلالة ( لا ضرار ) علىٰ النهي. كما ان الوجهين المذكورين لتخريج ارادة التحريم ضعيفان وانما الصواب ما تقدّم ذكره في تصوير هذا المسلك :

وامّا الثاني : فلأن كون الشارع في مقام الحكم والقضاء لا يقابل كونه في مقام بيان تحديد الأحكام الشرعيّة بعدم الضرر تطبيقاً لذلك في المورد كما هو واضح.

واما علىٰ الثالث : فلان مبناه ثبوت زيادة ( في الإسلام ) ليكون المنفي وجود الضرر في وعاء التشريع ، وأمّا علىٰ تقدير عدم ثبوتها ـ كما هو الصحيح ـ فان المنفي حينئذٍ يكون وجود الضرر في الخارج ، وهو غير مراد تفهيماً علىٰ كل تقدير سواء فسر بالنهي أو بنفي الحكم الضرري ، لكن مصححه علىٰ الأَول التسبيب إلىٰ عدم الإضرار وعلىٰ الثاني عدم التسبيب إلىٰ وقوع الضرر ولا ترجيح للأَوّل علىٰ الثاني بل سبق تعين الثاني.

الوجه التاسع : ما يمكن ان يقال علىٰ ضوء ما ذكره في موضع آخر حيث قال : ( انّ التخصيصات الكثيرة التي يدَّعون ورودها علىٰ القاعدة ليست كما يقولون ، وأنها مبتنية علىٰ ارادة المعنىٰ الذي رجَّحوه من التعميم للتكليفي والوضعي وللضرر الناشئ من اركان المعاملة وشروطها وما يترتب عليها مما هو خارج عنها(٢) فلعل التسليم بورود تلك التخصيصات على

__________________

(١) لاحظ رسالة لا ضرر للعلامة شيخ الشريعة ـ الفصل الثامن ـ ص ٤٠ للسيد مير فتاح ، العنوان العاشر.

(٢) رسالة ( لا ضرر ) للعلاّمة شيخ الشريعة ـ الفصل التاسع ـ ص ٤٥.

١٧٧

الحديث في تفسيره بنفي الحكم الضرري يكون قرينة علىٰ بطلان هذا الاحتمال ، فيتعين احتمال النهي ، وبعبارة أخرى لازم تفسير الحديث بنفي الحكم الضرري كثرة التخصيص بخلاف تفسيره بالنهي المولوي عن الاضرار ، فهذه قرينة عقلية علىٰ بطلان ـ تفسيره بنفي الحكم الضرري.

لكن هذا الوجه أيضاً غير تامّ لما سيأتي في التنبيه الثاني من تنبيهات القاعدة من عدم ثبوت استلزام ارادة نفي الحكم الضرري لتخصيص الحديث كذلك.

هذه هي الوجوه التي افادها العلاّمة شيخ الشريعة (قده) في ترجيح هذا المسلك ، وقد ظهر عدم نهوض شيء منها علىٰ ذلك. وعلىٰ هذا : فهذا المبنى ـ بعد تمامية تصويره ـ ليس له معيّن في حدّ نفسه في مقابل سائر الوجوه والمعاني التي يصح ارادتها من الحديث.

البحث الثالث : في مناقشة هذا المسلك.

ويظهر ذلك مما سبق في تحقيق معنىٰ الحديث علىٰ المختار.

ففيما يتعلّق ب‍ ( لا ضرر ) قد اوضحنا ان معنىٰ الضرر بما انه معنىٰ اسم مصدري لا يتضمن النسبة الصدورية ـ فلا تناسب بينه وبين احتمال النهي لانه ماهية مرغوب عنها لا تتحمّل إلا بتصوّر التسبيب الشرعي فيكون نفيه نفياً لذلك بالطبع ، وإنما المناسب مع النهي هو الإضرار والضرار ، مع تأيّد ذلك بفهم اكثر الفقهاء وأنسبيته مع بعض موارد الحديث كقضية سمرة علىٰ ما مرّ سابقاً.

واما فيما يرتبط ب‍ ( لا ضرار ) فان افادته للنهي صحيحة ، لكن لا يقتصر مفادها علىٰ ذلك لأَنَّ مؤداه التسبيب إلىٰ عدم الاضرار بالغير ، وهذا المعنىٰ كما يقتضي النهي عنه فانه يقتضي تشريع اتخاذ الوسائل الاجرائية لمكافحته علىٰ ما سبق ايضاً.

١٧٨

وقد يعترض على هذا المسلك بوجوه اخرى :

منها : ما تقدّم في اثناء المباحث السابقة وتقدم القول فيها.

ومنها : ما أورده السيد الاستاذ (قده) من انه لا يمكن الالتزام باحتمال النهي في المقام ، ( امّا بناءً ) على اشتمال الحديث علىٰ جملة ( في الإسلام ) كما في رواية الفقيه ونهاية ابن الأثير فظاهر ، لانّ هذا القيد كاشف عن ان المراد هو النفي في مقام التشريع لا نفي الوجود الخارجي بداعي الزجر ، ( وامّا بناءً ) على عدم ثبوت اشتمالها عليها كما هو الصحيح ، فلان حمل النفي على النهي يتوقّف على وجود قرينة صارفة عن ظهور الجملة في كونها خبرية ، كما هي ثابتة في قوله تعالى :( فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ ) (١) فان العلم بوجود هذه الامور في الخارج مع العلم بعدم جواز الكذب علىٰ الله سبحانه وتعالى ، قرينة قطعية علىٰ ارادة النهي ، وأمّا في المقام فلا موجب لرفع اليد عن الظهور وحمل النفي على النهي ، لامكان حمل القضية على الخبرية(٢) .

وفيما ذكر نظر في كلا الشقين :

اما الشقّ الأَولّ : فيلاحظ على ما ذكر :

أوّلاً : انه لا وجه لذكره بعد ان كان مبناه ومبنى المعترض عليه جميعاً ـ وهو العلاّمة شيخ الشريعة ـ عدم صحة هذه الزيادة فالبحث في الصيغة التي ثبت ورود الحديث بها لا غيرها.

وثانياً : ان وجود هذه الزيادة وان كان يمنع عن جعل المقصود ب‍ ( لا ضرر ) نفس النهي عن الاضرار ، إلا انه لا يمنع من استفادة التحريم المولوي

__________________

(١) البقرة ٢ / ١٩٧.

(٢) لاحظ مصباح الأصول ٢ / ٥٢٦.

١٧٩

من الحديث على ان يكون من قبيل نفي الحكم بلسان نفي موضوعه استعمالاً ، ويراد به تفهيماً نفي جواز الضرر في الشريعة الاسلامية ومدعى المعترض عليه هو دلالة الحديث على الحرمة سواءاً كانت مراداً استعمالياً أم تفهيمياً ، كما يظهر من آخر كلامه في المقام(١) .

ان قيل : انه يعتبر في نفي شيء في الشريعة المقدّسة ثبوت الحكم المنفي للشيء مسبقاً كأن يثبت له في الشرائع السابقة كما في قولهعليه‌السلام ( لا رهبانية في الإسلام ) فان الرهبانية كانت مشروعة في الامم السابقة فكان نفيها في الإسلام نفياً لمشروعيّتها ، والإضرار ليس كذلك ( فان حكمه السابق حيث لم يكن اباحة بل كان إمّا تحريماً أو قبيحاً على ما يستقلّ به العقل فارادة نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ينتج ضدّ المقصود وهو نفي الحرمة أو القبح الثابتين سابقاً ).

قيل : إن هذا البيانأوّلاً : منتقض بقوله ( لا مناجشة في الإسلام ) فانه لا اشكال في ان المراد نفي مشروعيتها مع أنها أيضاً قبيحة عقلاً. وقد ذكر الشيخ الأنصاري في المكاسب المحرمة بعد ذكر النجش انه يدل علىٰ قبحه العقل ، لأنّه غش وتلبيس واضرار فالنجش امّا منحصر بمورد الاضرار كما يظهر من المصباح المنير(٢) أو اعم من ذلك ، فكيف يوجّه نفي الحكم فيها بلسان نفي موضوعه مع أنّه قد ينتج ضد المقصود.

وثانياً : انه يمكن حل ذلك بملاحظة مجموع جهتين :

الأُولى : ان نفي الحكم بلسان نفي موضوعه لا يختص بما لو كان

__________________

(١) لاحظ مصباح الأصول ٢ / ٥٢٦.

(٢) المصباح المنير ٢ : ٥٩٤.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360