قاعدة لا ضرر ولا ضرار

قاعدة لا ضرر ولا ضرار16%

قاعدة لا ضرر ولا ضرار مؤلف:
تصنيف: علم أصول الفقه
الصفحات: 360

قاعدة لا ضرر ولا ضرار
  • البداية
  • السابق
  • 360 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 190922 / تحميل: 7576
الحجم الحجم الحجم
قاعدة لا ضرر ولا ضرار

قاعدة لا ضرر ولا ضرار

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الحكم ثابتاً للشيء في الشرائع السابقة ، بل يكفي ثبوته له عرفاً وعادة ـ كما اعترف به ـ فان للعرف أيضاً قانوناً وان لم يكن مدوناً ، واضافة النفي إلىٰ الإسلام يكفي في مصححه ثبوت الحكم في القانون العرفي كما هو واضح.

الثانية : انه لا يبعد القول بان الاضرار في العرف الجاهلي كان مباحاً ومجوّزاً وذلك بملاحظة عملهم الخارجي ، فقد كان يتعارف لديهم المعاملات الضررّية كالقمار والربا وغيرهما كما كان من عاداتهم وأد البنات والإغارة والنهب ، وكانت سيرتهم علىٰ وفق قانون ( الحق للقوة ) حيث كان القوي يظلم الضعيف ويغصب حقّه ، كما كانوا يضارون النساء كثيراً ، ولذلك ورد النهي عن مضارتهنَّ في جملة من الآيات القرآنية كقوله تعالىٰ :( وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ) (١) كما ورد التنديد بالظالم في كثير منها.

ولا ينافي ذلك حكم العقل بقبح الاضرار فان الأَحكام الحاكمة في العرف الجاهلي كان كثير منها علىٰ خلاف ما يحكم به العقل ، كما اُشير إلىٰ ذلك في كثير من الآيات الشريفة في مقام المحاجة معهم ولا يختص ذلك بإباحة الاضرار.

وعلى هذا فيكون المقصود بالحديث ان الجواز الثابت للاضرار في العرف الجاهلي غير ثابت له في الاسلام.

واما الشقّ الثاني : فيرد علىٰ ما ذكر في إبطاله : ان مجرد انحفاظ كون الجملة خبرية علىٰ تقدير تفسير الحديث بنفي الحكم الضرري لا يصلح ترجيحاً لهذا التفسير ، ومبطلاً لاحتمال النهي الا اذا لم يكن التفسير المذكور مقتضياً للتجوز في أية جهة اخرى بحيث تتطابق عليه الارادة الاستعمالية والارادة التفهيمية من جميع الجهات ، وإلاّ لو كان هذا التفسير يقتضي نحو

__________________

(١) الطلاق ٦٥ : ٦.

١٨١

تجوّز آخر في الحديث لكان الوجهان سواءً في مخالفتهما للأَصل ، فلا بُدّ من قرينة معينة لأَحدهما بعد وجود القرينة الصارفة عن ارادة المعنىٰ الحقيقي وهو نفي الضرر خارجاً.

وقد اتضح مما ذكرناه سابقاً : أن نفي الحكم الضرري معنىٰ مجازي للحديث لان المراد الاستعمالي به هو نفي وجود الطبيعي خارجاً ، لكنه استعمل بداعي التعبير عن عدم التسبيب التشريعي إلىٰ تحقّق الضرر ، وعليه فلا يرد الاعتراض المذكور.

البحث الرابع : في الوجهين الآخرين في تقرير هذا المسلك.

قد سبق ان ذكرنا ان هذا المسلك ينحل إلىٰ وجوه ثلاثة :

اولها واقواها : ان يراد بالحديث النهي التحريمي المولوي. وهذا الوجه هو المنساق من كلام من فسّر الحديث بالنهي من غير توضيح لنوعه. وانما كان أقوىٰ من الوجهين الآخرين لأنّه لا يتجه عليه اعتراض زائد عما يرد علىٰ اصل هذا المسلك بخلاف هذين الوجهين كما سوف يتضح ذلك.

الوجه الثاني : ان يراد بالنهي ما يعم النهي التحريمي المولوي والنهي الإِرشادي.

وقد ذكر ذلك الشيخ الانصارى (قده) في الرسائل حيث قال بعد ذكر احتمال النهي ( ولا بد ان يراد بالنهي زائداً علىٰ التحريم الفساد وعدم المضي ، للاستدلال به في كثير من رواياته علىٰ الحكم الوضعي دون محض التكليف ، فالنهي هنا نظير الأَمر بالوفاء بالشروط والعقود. فكل اضرار بالنفس أو بالغير محرّم غير ماض علىٰ من أضرَّه ، وهذا المعنىٰ قريب من الأَوّل بل راجع اليه )(١) .

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ / ٥٣٥ ؟ الرسائل ط رحمت الله ص ٣١٥.

١٨٢

و الكلام تارة في تصوير هذا الوجه واُخرى في مدى انسجامه مع ظاهر الكلام.

امّا من الناحية الأُولى : فقد يشكل هذا الوجه من جهة اقتضائه الجمع بين ارادة الحكم المولوي والإرشادي والجمع بين الحكمين يستلزم تعدد المراد التفهيمي بالنفي اي استعمال اللفظ في أكثر من معنى مجازي وهو خلاف الظاهر على الأَقل.

ولكن التحقيق عدم اتجاه هذا الاشكال لعدم الحاجة إلىٰ قصد معنيين بل يمكن ارادة النهي ، فإن معنى النهي بحقيقته وهو الزجر جامع بينهما ، الا أنه اذا كان محتواه الوعيد على الفعل كان نهياً مولوياً تحريمياً. واذا كان محتواه الارشاد إلى عدم ترتب الأَثر المرغوب من الشيء ـ من الأثر القانوني في موضوعات الأَحكام ، أو امتثال الحكم المتعلق بالطبيعة في متعلقاتها ـ كان ارشادياً ، ولا مانع من اجتماع الأَمرين كما في مورد تحريم الربا ، وعليه يمكن ارادة كلتا الحرمتين ، كما يمكن ارادة الحلّية التكليفية والوضعية جميعاً من الحكم بها في نحو( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (١) .

نعم ، يشكل الوجه المذكور من جهة اُخرى وهي الجمع بين ارادة متعلق الحكمين ، وذلك لان الضرر على هذا التقدير لا بُدّ ان يكون ملحوظاً باللحاظين الاستقلالي والمرآتي في حال واحد. أما اللحاظ الاستقلالي فباعتبار الحكم التكليفي ، لان النهي التحريمي المولوي انما يتعلق بالإضرار بما هو اضرار. وأما اللحاظ المرآتي فباعتبار الحكم الوضعي لانه لا معنى لفساد الإضرار بذاته وانما يتجه الحكم عليه بالفساد إذا أخذ مرآة لماهية يعقل اتصافها بالفساد.

__________________

(١) البقرة ٢ : ٢٧٥.

١٨٣

والجمع بين اللحاظين وان لم يمتنع عقلاً إلا انه خلاف الظاهر جداً لأنّه يقتضي استعمال اللفظ في معنيين معاً ، نعم لو كان المنفي ماهية يمكن تعلق التحريم والفساد بها مباشرة احتمل الوجه المذكور معنىٰ للكلام.

واما من الناحية الثانية : فيلاحظ ان هذا الوجه يخالف ظهور الجملة من جهات ، مضافاً إلى ما سبق في اصل احتمال النهي.

منها : كون الضرر مرآة لما يكون ضرراً لكي يعقل ان يكون متعلقاً للحكم الوضعي ، ولا اشكال في مخالفة ذلك للظاهر إذ الظاهر هو تعلق النفي به نفسه.

ومنها : الجمع بين إرادة الضرر بنفسه وجعله مرآة لما ينطبق عليه وهو مخالفة اخرى للظاهر كما تقدّم ، ويتفرع على ذلك أنه يكون اسناد التحريم إلىٰ الضرر اسناداً مجازياً بلحاظ مرآتيته لما يصدق عليه ، وحقيقياً اخرى باعتبار ملحوظيته ذاتاً.

ومنها : تعميم الحكم للحكم الإرشادي بناءً على ان الأَصل في النواهي ان تكون مولوية كما هو المعروف بين الاُصولييّن فيكون خلاف الأَصل.

وهكذا يتضح مدى التكلّف الذي يتضمّنه هذا التقرير.

الوجه الثالث : ان يكون النهي نهياً سلطانياً كما ذهب اليه بعض الأعاظم(١) . وأوضحه بأن للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شؤوناً :

أحدها : تبليغ الأَحكام الإلهية وهو ما يعبر عنه بالنبوّة أو الرسالة باعتبار إنبائهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن احكامه وارساله لذلك. وامره ونهيه فيما يتعلق بهذا الشأن يكون ارشاداً إلى امر الله ونهيه ، كما أن مخالفتهما تكون

__________________

(١) الرسائل للامام الخميني (قده) : ٥٠ وما بعدها.

١٨٤

مخالفة لله تعالىٰ لا للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وثانيها : الرئاسة العامة بين العباد لكونه وليّاً علىٰ الأُمة من قبل الله تعالىٰ وبهذا الشأن يكون لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حق الأَمر والنهي مستقلاً ، كتنفيذه جيش أسامة ونحوه. ويكون حكمه في ذلك حكماً سلطانياً تجب طاعته بما انه والٍ ورئيس كما تجب طاعة احكام الله تعالىٰ ، وقد قال تعالىٰ :( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (١) وجملة من الاحكام الكلية في الشريعة الاسلامية المقدّسة تستند إلىٰ هذا الشأن.

وثالثها : مقام القضاء بين المتنازعين وذلك بتطبيق الاحكام الكلية في مورد النزاع والحكم علىٰ ضوئها ، وتجب طاعته في ذلك بما انه قاض لا بما انه والٍ ورئيس. وحديث ( لا ضرر ولا ضرار ) انما يمثل حكماً سلطانياً من جهة رئاسته العامة ، فمفاده المنع عن الضر والضرار في حدود حكومته.

و قد استدل علىٰ ذلك بعدة أمور :

الأَوّل : انه قد ورد حكاية هذا الحديث في بعض روايات اهل السنّة بلفظ ( وقضىصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان لا ضرر ولا ضرار ) كرواية عبادة بن الصامت. ولفظ القضاء ـ كالحكم ـ ظاهر في كون المقضي به من احكامهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إما بما هو قاض بين الناس أو بما انه وليّ علىٰ الأُمة لا تبليغاً عن الله تعالىٰ ، وبما أن المجعول حكم كلي لا يرتبط بمقام القضاء بين الناس فقط فينحصر ان يكون مصحّح اطلاقه هو كون ذلك حكماً سلطانياً صدر عنه من جهة ولايته العامة.

الثاني : ان الحديث قد ورد من طرقنا في ذيل قضية ( سمرة ) وهي لا تنسجم مع كون الحكم المذكور فيها حكماً الهياً أو قضائياً اما الأَول فلأنه

__________________

(١) النساء ٤ : ٥٩.

١٨٥

لم يكن الحكم هنا حكماً مشتبهاً في المورد لكي يخبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن الحكم الضرري منفي في الإسلام أو منهي عنه من قبله تعالى.

وأما الثاني : فلانه لم يكن هناك نزاع بين الرجل الانصاري وبين سمرة في حقّ أو مال. وانما كان مورد الحديث شكاية الأَنصاري ظلم سمرة له في الدخول في داره بدون استئذان ووقوعه لذلك في الضيق والمشقة ، واستنجاده بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما انه ولي علىٰ الأُمة في رفع هذا الظلم ومنع سمرة من ذلك ، فاستجاب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لطلب الأَنصاري فأمر سمرة بالاستئذان أوّلاً ثم امر بقلع شجرته ثانياً منعاً لوقوع الضرر في حوزة حكومته ، وتحكيماً للعدل وقمعاً للظلم بين الرعية ، وهذا انما يناسب الحكم السلطاني.

الثالث : ان الحديث قد وقع تعليلاً للأَمر بالقلع في قضية سمرة مع انه لو اريد نفي الحكم الضرري أو النهي الأوّلي عن الاضرار لم يتجه كونه تعليلاً لذلك ، اذ هذان المعنيان لا يبرران الاضرار بالغير بالقلع. لأن القلع في حد نفسه اضرارٌ كما ان الأمر به حكم ضرري ، وانما يبرر ذلك اعمال الولاية قطعاً لمادة الفساد ودفعاً للضرر والضرار ، فلا بُدّ ان يكون مفاد ( لا ضرر ) حكماً سلطانياً حتىٰ ينسجم التعليل مع الحكم المعلل.

وهذا المعنىٰ هو اكثر ما وقع محلا للتركيز في كلامه (قده).

و لكن هذا الوجه غير تامّ أيضاً :

لان النهي عن الاضرار إنما يناسب ان يكون حكماً كلياً الهياً لا حكماً سلطانياً ، لان الاضرار بالغير ظلم عليه وقبح الظلم من القوانين الفطرية بل هو أوضح موارد التحسين والتقبيح العقليين ، فكيف تكون صفحة التشريع الإلهي خالية عن مثل هذا الحكم الفطري مع ان التشريعات الإلهيّة تفصيل وتوضيح للقوانين الفطرية فيكون في مستوىٰ حكم سلطاني وضعه النبي

١٨٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وكأنّ منشأ العدول إلىٰ هذا الرأي ملاحظة ان حكمهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالقلع انما كان حكماً سلطانياً في مورد قضية سمرة وقد علل بهذه الكبرىٰ فيقتضي كونها كذلك. وهذا غير تام كما سيأتي في نقد الأَمر الثالث.

واما الشواهد المذكورة فلا يتم شيء منها.

اما الأَوّل : ففيه ـ مضافاً إلىٰ عدم حجية شيء من روايات العامة التي عبّرت بالقضاء بما فيها رواية عبادة ، ومضافاً إلىٰ ورود القضاء بمعان متعدّدة ـ إن المنساق من التعبير بالقضاء علىٰ ما اعترف به هو الحكومة بين المتخاصمين ، ولذلك يفرّق بينه وبين الفتوى بأنّ الفتوى هي عبارة عن بيان الحكم بنحو كلي وامّا القضاء فهو الحكم في القضايا الشخصية التي هي مورد تشاجر ونزاع. وهذا المعنىٰ قابل لأَن يراد هنا علىٰ ان يكون المقصود هو انهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حكم في مورد جزئي بين المتخاصمين بانّه لا ضرر ولا ضرار ، فلا ينافي ذلك كون الحكم الكلي تشريعاً الهياً عاماً ، وقد سبق ان نقلنا كلام بعض الفقهاء في اقتضاء هذا التعبير للحكم به في مورد خاص.

يضاف إلىٰ ذلك : استبعاد الالتزام بالمعنى المذكور في جملة من موارد استخدام هذا التعبير من قبيل ( قضىٰ في الركاز الخمس ) مع أن الخمس ثابت في الغنيمة بالمعنى الأَعمّ بقوله تعالىٰ :( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ) (١) الشامل للركاز.

واما الثاني : ففيه منع عدم وجود النزاع في أي حكم في مورد قضية سمرة ، فانّ الذي تمثّله هذه القضيّة تحقّق أمرين :

__________________

(١) الانفال ٨ : ٤١.

١٨٧

الأَوّل : وجود النزاع في شبهة حكمية حيث ان الأَنصاري كان لا يرى لسمرة حق الدخول في داره بلا استئذان ، ولكن سمرة كان يرى نفسه انه يجوز له ذلك ، لأنّه له حقّ الاستطراق إلىٰ نخلته وليس يريد الدخول في مكان لا حق له في استطراقه حتىٰ يحتاج إلىٰ الاذن من مالك الأَرض ، وقد احتج بذلك في كلامه مع الأَنصاري ومع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما تضمنت ذلك معتبرة ابن بكير وخبر ابن مسكان ، ففي معتبرة ابن بكير بعد ذكر طلب الأَنصاري من سمرة ان يستاذن اذا دخل ( فقال : لا أفعل هو مالي أدخل عليه ولا استأذن ، فأتىٰ الأنصاري رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فشكى اليه واخبره فبعث إلىٰ سمرة فجاء فقال له استأذن فأبىٰ ، فقال مثل ما قال للانصاري ). وفي خبر ابن مسكان بعد ذلك ( فقال : لا استأذن في طريقي وهو طريقي إلىٰ عذقي ، قال : فشكاه الانصاري إلىٰ رسول الله فأرسل اليه رسول الله فأتاه فقال له : انَّ فلاناً قد شكاك وزعم انك تمرّ عليه وعلىٰ أهله بغير اذنه فاستأذن عليه اذا أردت أن تدخل ، فقال : يا رسول الله استأذن في طريقي إلىٰ عذقي ! ).

الثاني : طلب الأَنصاري من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يحميه ويدفع عنه اذى سمرة ، وذلك لأنّه كان يرى موقفه في النزاع الواقع في استحقاق الدخول دون اذن وعدمه ، هو الحقّ ، وكان قد ضاق به الأَمر من تكرر صدور ذلك من سمرة واصراره علىٰ الدخول دون اذن.

وعلى ضوء هذا : فيمكن القول بان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مورد الأَمر الأوّل ـ من النزاع الذي نشب بينهما ـ حكم علىٰ وفق القانون الإلهي العامّ وأمر سمرة بالاستئذان ، وهذا القانون هو حرمة الاضرار بالغير ، بناء علىٰ مسلك النهي ، اذ كان دخوله بلا استئذان إضراراً بالأَنصاري ، أو محدودية حق الاستطراق بعدم لزوم الضرر بالغير ـ بناء علىٰ مسلك النفي ـ أو بكلا

١٨٨

الأَمرين بناء على المعنى المختار للحديث الجامع للنفي والنهي بلحاظ كلا الجملتين وهما لا ضرر ولا ضرار.

وبعد ترجيح موقف الأَنصاري في مورد النزاع واباء سمرة عن الالتزام بموجب الحكم القضائي وصلت النوبة إلى معالجة الأَمر الثاني بتنفيذ الحكم القضائي دفعاً للضرر عن الأَنصاري ، وقد استندصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك إلىٰ مادة قضائه المذكور ـ وهي ( لا ضرر ولا ضرار ) ـ فأمر بقلع نخلته.

وامّا الثالث : فيرد عليه :

أوّلاً : ان مفاد ( لا ضرار ) لا يبرر الأَمر بالقلع في حدّ ذاته سواء كان حكماً أوّلياً أو سلطانياً ، إذ لا فرق بين نوع النهي في عدم دلالته على تشريع مثل هذا الاضرار كما هو واضح. وعليه فليس في الالتزام بالوجه المذكور علاج لهذه النقطة. وكأنّه قد وقع الاشتباه فيما ذكر بين مرحلة اتخاذ الحاكم وسيلة لدفع الاضرار كقلع النخلة ، وبين الحكم بلزوم دفعه الذي يتكفّله القانون العامّ.

وثانياً : ان ( لا ضرار ) اذا كان بدلالته على النهي لا يبرر الأَمر بالقلع فانه يمكن تبريره بدلالته على تشريع اتخاذ الوسائل الاجرائية لمكافحة الاضرار ـ على ما تقدّم ايضاحه في ذكر المسلك المختار ـ فلا يقتضي ذلك رفع اليد عن كون الحكم قانونياً الهياً ، وسيأتي زيادة ايضاح للموضوع في التنبيه الأَوّل من تنبيهات القاعدة.

المسلك الثالث : ما ذهب اليه المحقق صاحب الكفاية من ان المراد بالحديث هو نفي الحكم بلسان نفي موضوعه ادعاءً(١) وملخص ما ذكره في

__________________

(١) كفاية الأصول ٣٨٠ ـ ٣٨٢.

١٨٩

توضيح معنى الحديث يرجع إلى نقاط ثلاث :

الأُولى : في معنى الضرر والضرار. وقد ذكر ان الضرر هو ما يقابل النفع من النقص في النفس أو الطرف أو العرض أو المال ، وقال ( ان الاظهر ان يكون الضرار جيء به تأكيداً كما يشهد به اطلاق المضار على سمرة وحكي عن النهاية ولم يثبت له معنى آخر غير الضرر ).

الثانية : في المراد التفهيمي بالجملتين. وقد ذكر ان تركيب ( لا ) النافية انما هو لنفي الطبيعة اما حقيقة أو ادعاءً ، كناية عن نفي الآثار كما هو الظاهر من مثل ( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ) و ( يا أشباه الرجال ولا رجال ). والمقام من قبيل الثاني فالمقصود هو نفي حكم الضرر ، لكن الحكم الذي أريد نفيه بنفي الضرر ـ كما صرّح به ـ هو الحكم الثابت للأفعال بعناوينها أو المتوهّم ثبوته لها كذلك في حال الضرر لا الحكم الثابت للضرر بعنوانه لوضوح ان الضرر علة لنفي الحكم ـ حسب مفاد الحديث ـ فلا معنى لأَن ينفي حكم نفسه ، بل يلزم من ذلك التناقض في مرحلة الجعل ووعاء التشريع.

الثالثة : في وجه ترجيح هذا المعنى على غيره مما فسر به الحديث. والذي يظهر من مجموج كلامه في وجه ذلك :

أوّلاً : إنَّ اقرب المجازات بعد عدم امكان ارادة نفي الحقيقة حقيقة هو نفيها ادعاءً تحفظاً على نوع المعنى المُفاد استعمالاً ـ لكن على نحو التنزيل والادعاء ـ فان في المسالك الاخرى عدولاً عن ذلك.

وثانياً : ان النفي الادعائي كثيراً ما يستعمل فيه هذا التركيب حتى كان هو الغالب فيه بخلاف غيره من المعاني.

و في النقاط الثلاث نظر.

اما النقطة الأُولى : فيرد عليها انه لا يصح القول بوحدة معنى الكلمتين

١٩٠

تماماً على ما اتّضح من الابحاث السابقة ، فانهما يتفقان في المعنى من جهة المادّة لكن يختلفان من جهة الهيئة لان ( الضرر ) ، اسم مصدر من الثلاثي المجرد و ( الضرار ) مصدر من باب المفاعلة من الثلاثي المزيد فيه وقد تقدّم تحقيق معناهما.

واما النقطة الثانية : فلأَن تصوير نفي الحكم بنفي موضوعه في الحديث يتوقّف على امرين :

الأَوّل : ان يكون المقصود بالضرر والضرار العمل المضر ، اذ لو اريد به نفس معناه لم يتم هذا الوجه لانه ان كان معنى اسم مصدري ـ كما هو الصحيح في كلمة ( الضرر ) ـ فانه لا معنى لنفي حكمه ، لأنّه لا حكم له والحرمة والضمان انما هما من آثار المعنى المصدري على ما هو واضح ، وان كان معنى مصدرياً كما هو الصحيح في كلمة الضرار ، فانه وان كان له حكم كالحرمة والضمان الا ان نفيهما ليس بمقصود ولا معقول كما تنبه له هو (قده).

والثاني : ان يكون نفي الحكم بلسان نفي موضوعه صحيحاً وان كان الموضوع متعلقاً للحكم لا موضوعاً له بالمعنى المصطلح وهو ما فرض وجوده ورتب عليه الحكم ك‍ ( المستطيع ) في قوله ( يجب الحج على المستطيع ).

لكن لا يتم شيء من هذين الأَمرين.

اما الأَوّل : فلأَن قصد العمل المضر من الضرر إما بنحو المرآتية أو بنحو آخر.

فان كان بنحو المرآتية ، ففيه :

أوّلاً : ان جعل العنوان مرآة للمعنون هو خلاف الظاهر ، لان ظاهر الكلام هو ان ما اخذ مرتبطاً بالحكم في القضية اللفظيّة بنفسه مرتبط معه في القضيّة اللبية. وبهذا يفقد هذا التفسير ما جعله ميزة له في النقطة الثالثة من

١٩١

ان فيه تحفظاً على الظاهر اللفظي من نفي الطبيعة لكن ادعاءً بخلاف تفسيره بنفي الحكم الضرري مثلاً ، فانه يقتضي ارادة نفي سبب وجود الطبيعة ـ وهو الحكم الضرري ـ لانفسها.

وثانياً : انه لا يمكن جعل الضرر مرآة للعمل المضر ، لان مرآتية شيء لشيء ليست جزافية بل أقل ما يعتبر فيها نحو اتحاد بين المفهومين وجوداً ـ كما في العنوان والمعنون ـ وليست نسبة الضرر إلى العمل المضر كالوضوء من هذا القبيل ، بل هي من قبيل نسبة المعلول إلى العلة.

وان كان على غير المرآتية كالسببية والمسببية فهو أبعد منها استظهاراً لأن المرآتية فيما يقال أخف مراحل المجاز.

وأما الثاني ، ففيه :

أوّلاً : ان الحكم ليس من قبيل لواحق وجود متعلقه خارجاً حتى ينفى بلسان نفيه بل وجود المتعلق خارجاً مسقط للحكم لا مثبت له فهو متأخر عنه رتبة لا متقدم عليه ، وهذا بخلافه بالنسبة إلى موضوعه فانه من قبيل آثار وجوده الخارجي عرفاً لأَن علاقة الموضوع بالحكم علاقة العلّة بالمعلول فهو متقدم على الحكمة رتبة ، ولذا يصحّ نفيه بلسان نفيه ك‍ ( لا طلاق إلا لمن اراد الطلاق ) كما يصح نفي الأثر التكويني بلسان نفي مؤثره ك‍ ( يا اشباه الرجال ولا رجال ).

وثانياً : انه لو تم ذلك فانه يقتضي نفي حكم المتعلق ولو كان فعلاً تحريمياً فيما اذا كان في ارتكابه مضرة على المكلف ، ومن المعلوم انه لا يمكن الالتزام بذلك ، الا ان يتوسل في دفع ذلك بجهة اُخرى ككون الحديث في مقام الامتنان ، ودفع الحرمة عند الضرر خلاف الامتنان.

وأما النقطة الثالثة : فيرد عليها ما تقدّم من أن هذا التفسير لا يستدعي جعل نفي الطبيعة تنزيلاً فحسب على ما ذكر ، بل يقتضي التصرف في

١٩٢

( الضرر ) أيضاً بجعله معبراً عن العمل المضر كما مضى في نقد النقطة الثانية ، وبذلك يظهر أن كثرة النفي الادعائي في امثلة هذا التركيب لا تجدي في ترجيح هذا الوجه بعد اختلاف هذه الأَمثلة مع المقام في مدى حاجته إلىٰ التكلف والتأملّ.

المسلك الرابع : ـ في تفسير الحديث ـ ما نقله الشيخ الأَنصاري عن الفاضل التوني من ان مفاد الحديث نفي الضرر غير المتدارك فيرجع إلىٰ اثبات الحكم بالتدارك شرعاً(١) .

و تقريب ذلك علىٰ اساس جهتين :

الجهة الأولىٰ : ان الضرر المنفي يمكن أن يراد به في نفسه احد معان ثلاثة :

الأَوّل : كل نقص واقعي سواء كان متداركاً خارجاً أو محكوماً بالتدارك أم لا.

الثاني : النقص غير المتدارك خارجاً وذلك بلحاظ ان النقص اذا كان متداركاً لا يكون مصداقاً للضرر لتداركه بحكم القانون العقلائي والشرعي ، كبذل المثل أو القيمة في تلف الأَموال أو الديات في تلف الأَنفس والاطراف ، فانه يكون منتفياً بالنظر العرفي المسامحي ـ وان لم يكن كذلك بالنظر الدقي ـ ولذا يعبّر عن اداء العوض بالتدارك فيكون مثال الضرر المتدارك مثال معاوضة شيء بما يساويه قيمة ومالية ، فكما لا يصدق الضرر في هذه فكذلك في تضرّر صاحب المال في شيء. وكذا من أصيبت سيارته وأخذ عوض ما خسره من شركة التأمين لا يقال انه أصابه ضرر عرفاً.

الثالث : النقص غير المحكوم بلزوم تداركه قانوناً وشرعاً ، فان النقص

__________________

(١) فرائد الأصول ٢ / ٥٣٢.

١٩٣

المحكوم بلزوم تداركه اذا كان للقانون قوة إجرائية تضمن تحقّق التدارك الخارجي ـ عادة ـ يمكن ان ينفى كونه ضرراً تنزيلاً وادعاءً وإن لم يتدارك خارجاً.

فهذه معان ثلاثة وحيث انه لا يمكن ان يكون الضرر المنفي بالحديث هو المعنىٰ الأَوّل للزوم مخالفة الواقع بعد وجود الضرر خارجاً ، مع انه خلاف المفهوم العرفي للضرر أيضاً كما يتضح مما ذكر في المعنىٰ الثاني ، وكذلك لا يمكن ان يكون هو المعنىٰ الثاني لعدم تدارك كل ضرر خارجاً فيتنافى مع عموم النفي ، فلا بد ان يراد المعنىٰ الثالث فيرجع إلىٰ اثبات حكم شرعي قاض بالتدارك في مورد كل ضرر.

الجهة الثانية : إنّه بناءً علىٰ هذا التفسير يكون مفاد ( لا ضرار ) الحكم بضمان من أضر بأحد في شيء وأما ( لا ضرر ) فهو باعتبار كون الضرر اسم مصدر لا يتضمن النسبة الصدورية ، يكون مفاده نفي لضرر مطلقاً سواء كان من قبل شخص معيّن أو كان لحادثة طبيعية أو غير ذلك ، فكلّ ضرر أصاب شخصاً في نفسه أو ماله ، فإنّه لا يذهب هدراً بل له ضامن لا محالة فإن كان بسبب شخص معيّن فيكون الضمان عليه ، وإلاّ فيكون الضمان علىٰ الإمام والدولة.

وبذلك يستفاد من الحديث ثبوت تأمين عام في الدولة الإسلامية بالنسبة إلىٰ أفراد المجتمع الإسلامي ، وقد حدث التأمين في المجتمع البشري أولاً بداعٍ إنساني تعاوني فكان مرجعه إلىٰ تحمّل الجماعة المشتركين في أداء حقّ التأمين للخسارة الواقعة علىٰ الشخص حتىٰ لا تكون الخسارة ثقلاً عليه. وإلىٰ ذلك يرجع ما يتعارف في بعض المجتمعات من التعاون بين أفراد القبيلة عند إرادة بعض أفرادها تأسيس عائلة جديدة حيث يهدي كل منهم ما يسد بعض حاجتها ، إلا أنّه أصبح فعلاً وسيلة لاستثمار

١٩٤

الآخرين.

ويمكن تأييد هذه الفكرة بجملة من الروايات الواردة في جملة من مصاديق الموضوع.

ففي الحديث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام انّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أنا أولىٰ بكلّ مؤمن من نفسه وعلي أولىٰ به من بعدي. فقيل له : ما معنىٰ ذلك ؟ فقال قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ترك دَيناً أو ضياعاً فعليَّ ، ومن ترك مالاً فلورثته ، فالرجل ليست له علىٰ نفسه ولاية إذا لم يكن له مال وليس له علىٰ عياله أمر ولا نهي إذا لم يجرِ عليهم النفقة والنبي وأمير المؤمنينعليه‌السلام ومن بعدهما الزمهم هذا ، فمن هناك صاروا أولىٰ بهم من أنفسهم ، وما كان سبب اسلام عامة اليهود إلا من بعد هذا القول من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( أنّهم آمنوا علىٰ أنفسهم وعلىٰ عيالاتهم )(١) .

وفي الصحيح عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال : قضىٰ أمير المؤمنينعليه‌السلام في رجل وُجِدَ مقتولاً لا يُدرىٰ من قتله قال : ( إن كان عرف له أولياء يطلبون ديته أعطوا ديته من بيت مال المسلمين ، ولا يبطل دم امرئ مسلم لأنّ ميراثه للإمام فكذلك تكون ديته علىٰ الإمام ، ويصلّون عليه ويدفنونه. قال : وقضىٰ في رجل زحمه الناس يوم الجمعة في زحام الناس فمات أن ديته من بيت مال المسلمين(٢) ومثله أحاديث أُخرىٰ.

إلى غير ذلك ممّا دلّ علىٰ انّه لا يذهب دم امرئ مسلم هدراً ومثله ماله لأن حرمة ماله كحرمة دمه ـ كما في الحديث(٣) .

__________________

(١) اصول الكافي ١ / ٣٣٥ ـ ٣٣٦ ح ٦.

(٢) الوسائل ج ٢٩ ص ١٤٥ ـ ١٤٦ الحديث ٣٥٣٤٦.

(٣) الرسائل ج ١٢ ص ٢٩٧ الحديث ١٦٣٤٩.

١٩٥

هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب هذا القول وإن كان ما ذكرناه في مفاد ( لا ضرر ) مما لا يلتزم به القائل بهذا القول يقيناً ، لكنه لازم هذا الرأي بعد كون ( الضرر ) اسم مصدر شاملاً لكل ضرر يرد علىٰ الإنسان.

و يمكن أن يناقش في ذلك بوجوه :

الأوّل : ان ما ذكر في تعيين هذا المعنىٰ ليس بتام لأنّ نفي الضرر والضرار كما يمكن أن يكون بملاحظة جعل الحكم بالتدارك الذي يوجب انتفاءهما بقاء بنحو التنزيل ، فكذلك يمكن أن يكون بعناية التسبيب إلىٰ عدم الاضرار ـ فيكون مفاد الحديث هو النهي ـ أو بعناية عدم التسبيب الىٰ ضرر المكلفين ـ فيكون مفاده نفي الحكم الضرري ـ لأنّ هاتين الجهتين أيضاً مصححتان لنفي المعنىٰ علىٰ ما تقدّم ، فلا يتعين التفسير المذكور.

الثاني : إنّه إذا كان المدعى في ( لا ضرر ) أن معناه كمعنى ( لا ضرار ) وهو نفي الضرر الصادر من الغير بالنسبة إلىٰ الإنسان ليختص الحكم بالتدارك بالاضرار الصادر من الغير ، فهو معنىٰ معقول في نفسه لكن إنما يناسب مع ( لا ضرر ) لو كان الضرر مصدراً محتوياً علىٰ النسبة الصدورية ، حيث يمكن القول باختصاصه حينئذٍ بالاضرار الصادر عن الغير ، وأمّا علىٰ ما هو الصحيح من انّه اسم مصدر فلا وجه لتخصيصه بذلك بل ينبغي تعميمه لكل ضرر واقع علىٰ الشخص ـ ولو من جهة عوامل طبيعيّة ـ.

وإن كان المدعىٰ انّ معناه نفي كل ضرر واقع علىٰ الشخص من غير تدارك ـ كما أوضحناه ـ فهو ممّا لا يمكن الالتزام به لأنّه لم يثبت في الإسلام تدارك كل ضرر واقع علىٰ أي شخص مهما كان سببه ـ من العوامل الطبيعية وغيرها ـ بحيث يرجع إلىٰ تأمين عامّ من قبل الدولة كما لم يعرف مثل ذلك في عصرنا هذا عن شيء من القوانين البشرية. ( نعم ) يمكن الالتزام بضمان الدولة فيما لو قصرت فيما هو من وظائفها تجاه الناس كما لو لم تُجعل

١٩٦

الحواجز اللازمة لاجتياح السيول مثلاً مع توفر الامكانات الماديّة لديها.

الثالث : ان هذا المعنىٰ ليس بمنساق من الحديث ونحوه أصلاً بل الذي ينساق إلىٰ الذهن من نفي الماهيّة من قبل الشارع ، إمّا نفي التسبيب الشرعي إليها ـ إن كان نفيها في معرض توهّم تسبيب شرعي علىٰ ما أوضحناه في جملة ( لا ضرر ) فيرجع إلىٰ نفي الحكم الضرري. أو التسبيب إلىٰ انتفائها ـ كما هو الحال علىٰ مسلك النهي ـ ويشهد علىٰ ذلك ملاحظة موارد استعمال النفي في التعبير عن موقف شرعي كالأمثلة المتقدمة فيما سبق.

وأما الحكم بالتدارك فهو وإن كان مصححاً لنفي الضرر لكن لا يفي به الكلام من دون قرينة زائدة تدلّ عليه.

الرابع : ان هذا المعنىٰ لا يناسب موارد تطبيق الحديث من قبيل قضيّة سمرة ، فإنّه لم يحكم فيها بتدارك الضرر الواقع علىٰ الأنصاري لعدم كونه قابلاً للتدارك كما هو واضح.

هذا وقد يناقش في هذا المسلك بوجوه أُخرىٰ :

منها : ما ذكره السيد الأُستاذ (قده) من أن هذا المسلك يقتضي تقييد الضرر المنفي بغير المحكوم بتداركه والتقييد خلاف الأصل فلا يصار إليه(١) . ( ويرد عليه ) انّه ليس المقصود بهذا التفسير تقييد الضرر بغير التدارك ، بل المنفي هو مطلق الضرر لكن بملاحظة الحكم بتداركه ، فالحكم بالتدارك مصحح لنفيه مدلول عليه بدلالة الاقتضاء بعد تعذّر حمل النفي علىٰ النفي الخارجي للطبيعة ، وليس عدمه قيداً لها وبين الأمرين فرق واضح ففي كل نفي تنزيلي يكون فقدان كمال ما مصححاً لنفي المعنىٰ ، وليس عدم ذلك الكمال قيداً في المنفي فنفي الطبيعي عن حصته تنزيلاً

__________________

(١) لاحظ مصباح الأصول ٢ / ٥٢٩.

١٩٧

نفيٌ لوجوده في ضمنها مطلقاً ، بينما تقييده بعدمها يستبطن الاعتراف بكونها منه. والتنزيل بحاجة إلىٰ عناية دون حذف والتقييد بحاجة إلىٰ حذف دون عناية ، ونافي التنزيل هو أصالة الحقيقة أي ظهور الكلام في المعنىٰ الحقيقي ، وأما نافي التقييد فهو أصالة الاطلاق ـ أي ظهور الكلام في كون الطبيعة تمام الموضوع للنفي ـ.

ومنها : ما ذكره الشيخ الأنصاري (قده) ووافقه جمع من أن الضرر الخارجي لا يصحّ تنزيله منزلة العدم بمجرد حكم الشارع بلزوم تداركه ، وإنّما المنزل منزلة العدم الضرر المتدارك فعلاً(١) . ( ويرد عليه ) انّه إذا حكم الشارع بالتدارك وجعل لتنفيذ ذلك قوة إجرائيّة ـ كما أن لكلّ قانون من القوانين الاجتماعية بحسب التشريع قوة إجرائية طبعاً ـ فإنّه يكون التدارك حينئذٍ من نظر المقنن جارياً مجرىٰ الأمر الواقع فيصح اعتباره واقعاً تنزيلاً.

المسلك الخامس : ما يظهر من كلام الصدوق في الفقيه من أن المقصود بهذه الجملة أن إسلام الشخص واعتقاده الدين الإسلامي لا يوجب تنقيص شيء من حقوقه ، فكلّ حقّ كان ثابتاً له لو لم يكن مُسلِماً فإنّه يثبت له في حالة إسلامه كحقّ الإرث عن المورّث الكافر ، وبهذا الاعتبار استدلّ بهذا الحديث علىٰ ما ذهبت إليه الإماميّة وجمع من الصحابة والتابعين وعلماء العامة ـ خلافاً لأكثرهم كأئمة المذاهب الأربعة ـ من أن المسلم يرث من الكافر.

قال (قده) ( لا يتوارث أهل ملتين والمسلم يرث الكافر والكافر لا يرث المسلم ، وذلك أن أصل الحكم في أموال المشركين انّها فيء للمسلمين

__________________

(١) لاحظ رسالة ( لا ضرر ) للشيخ الانصاري ملحقة بمكاسبه ص ٣٧٢ ، رسالة ( لا ضرر ) للعلامة شيخ الشريعة ص ٤١ ـ الفصل الثامن ـ ومصباح الأصول ٢ / ٥٢٩.

١٩٨

وأن المسلمين أحقّ بها من المشركين ، وأن الله عزّ وجلّ إنّما حرّم علىٰ الكفّار الميراث عقوبة لهم بكفرهم كما حرّم علىٰ القاتل عقوبة لقتله ، فأمّا المسلم فلأيّ جرم وعقوبة يحرم الميراث ؟ وكيف صار الإسلام يزيده شراً مع قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الإسلام يزيد ولا ينقص. ومع قولهعليه‌السلام لا ضرورة ولا إضرار في الإسلام. فالإسلام يزيد المسلم خيراً ولا يزيده شراً. ومع قولهعليه‌السلام ( الإسلام يعلو ولا يُعلىٰ عليه )(١) فهو اعتبر مفاد هذا الحديث كمفاد قولهعليه‌السلام ( الإسلام يزيد ولا ينقص ).

و لتوضيح ذلك : لابدّ من بيان أمرين : كيفية تطبيق الحديث علىٰ هذا المعنىٰ ، وكيفيته انطباق المعنىٰ علىٰ هذا الموضوع.

أما الأول : فيمكن تطبيق الحديث علىٰ هذا المعنىٰ بأن يحمل لفظ ( في ) في الحديث علىٰ التعليل والسببيّة كما قيل في قوله تعالىٰ :( فَذَٰلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي ) (٢) وقوله :( لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ ) (٣) ، وما نسب إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ( أن امرأة دخلت النار في هرّة حبستها ) ، كما يحمل لفظ الإسلام علىٰ التدين بالدين الخاص ـ لا علىٰ نفس الدين ـ فيكون مفاد الحديث علىٰ هذا أنّه لا يدخل ضرر علىٰ المرء بإسلامه.

وعلىٰ هذا فيماثل مفاده مفاد الرواية الأُخرىٰ التي نقلها من طرقهم واحتجّ بها جماعة من فقهاء الفريقين علىٰ ثبوت الإرث ـ وهي ( الإسلام يزيد ولا ينقص ) ـ فإنّ الضرر في هذا الحديث بمعنىٰ النقص أيضاً كما مرّ ، بل يمكن الاستمداد بهذا الحديث في تفسير ( لا ضرر ) بذلك ردّاً للمتشابه إلىٰ

__________________

(١) الفقيه ٤ / ٢٤٣ ح ٧٧٨.

(٢) يوسف ١٢ / ٣٢.

١٩٩

المحكم لأنّ كلامهم يفسّر بعضه بعضاً.

لكن قد يشكل تفسير ( لا ضرار ) بذلك لأنّه يقتضي أن يكون معناه أن اعتقاد الإسلام لا يسبّب الإضرار بالغير وهذا معنىٰ بعيد ، لأنّ أحداً لا يتوهّم أن اعتقاد الإسلام يوجب الإضرار بالنسبة إلىٰ الغير. لكن يمكن أن يجاب عن ذلك : بأنّ المقصود بعدم تسبيبه للإضرار انّ هذا الاعتقاد لا يخوله الإضرار بالآخرين وسلب حقوقهم ، إذا كانوا ممّن يحترم ماله كالمسلم والذمّي والمعاهد.

وأمّا الثاني : وهو انطباق هذا المعنىٰ علىٰ المورد ، فقد يشكل من جهة أن عدم الإرث من المورث ليس ضرراً وإنّما هو من قبيل عدم النفع ، فلا مورد لتطبيق هذه الكبرى. لكن يمكن أن يجاب عن ذلك بأنّ الإرث وإن كان في حد ذاته انتفاعاً فعدمه ليس إلا عدم انتفاع لا ضرراً علىٰ الشخص ، إلا انّه باعتبار ثبوت حق الوراثة للشخص بالنسبة إلىٰ مال مورثه يمكن اعتبار الحكم بانتفاء هذا الحق من جهة اسلامه ضرراً ونقصاً ، كما يدلّ علىٰ ذلك تطبيق عنوان ( الإضرار ) و ( الضارة ) ونحوهما ك‍ ( الجور والحيف ) علىٰ وصية الميت إذا كانت تشمل أكثر أمواله ـ مثلاً ـ كما في قوله تعالىٰ :( مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَىٰ بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ ) (١) ، وفي الحديث ( قال عليعليه‌السلام ما أُبالي أضررت بولدي أو سرقتم ذلك المال )(٢) و ( قال عليعليه‌السلام من أوصىٰ ولم يحف ولم يضارّ كان كمن تصدّق به في حياته )(٣) وفيه أيضاً ( من عدل في وصية كان كمن تصدق بها في حياته ومن جار في وصيته لقىٰ الله

__________________

(١) النساء ٤ : ١٢.

(٢) الوسائل ج ١٩ كتاب الوصايا الباب ٥ ح ٢٤٥٥٥ ص ٢٦٤.

(٣) الوسائل ج ١٩ كتاب الوصايا الباب ٥ ح ٢٤٥٥٦ ص ٢٦٤.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

تسعى، فلك بكل قدم رفعتها أو(٧) وضعتها كثواب المتشحط بدمه في سبيل الله، فإذا سلمت على القبر فالتمسه بيدك، وقل: السلام عليك يا حجة الله في سمائه وأرضه، ثم تمضي إلى صلاتك، ولك بكل ركعة ركعتها عنده كثواب من حج واعتمر ألف عمرة(٨) واعتق الف رقبة، وكأنما وقف في سبيل الله ألف مرة مع نبي مرسل، فإذا انقلبت من عند قبر الحسينعليه‌السلام ، ناداك مناد: لو سمعت مقالته لأقمت(٩) عند قبر الحسينعليه‌السلام ، وهو يقول: طوبى لك أيها العبد، قد غنمت وسلمت، قد غفر لك ما سلف فاستأنف العمل، فإن هو مات في عامه أو في ليلته أو يومه، لم يل قبض روحه إلا الله، وتقبل الملائكة معه يستغفرون له ويصلون عليه حتى يوافي(١٠) ، منزله وتقول الملائكة يا رب هذا عبدك وافى قبر ابن نبيك وقد وافى منزله فأين نذهب؟ فيناديهم(١١) النداء من السماء: يا ملائكتي قفوا بباب عبدي، فسبحوا وقدسوا واكتبوا ذلك في حسناته إلى يوم يتوفى، قال: فلا يزالون ببابه إلى يوم يتوفى، ويسبحون الله ويقدسونه ويكتبون ذلك في حسناته، وإذا توفى شهدوا جنازته وكفنه وغسله والصلاة عليه ويقولون: ربنا وكلتنا بباب عبدك وقد توفى، فأين نذهب؟ فيناديهم: ملائكتي قفوا بقبر عبدي، فسبحوا وقدسوا واكتبوا ذلك في حسناته إلى يوم القيامة ».

__________________

(٧) في المصدر: و.

(٨) في نسخة: مرة.

(٩) في المصدر زيادة: عمرك.

(١٠) في المخطوط: عليه، وما أثبتناه من المصدر.

(١١) في نسخة: فيأتيهم. ( منه قده ).

٣٠١

[١٢٠٥٥] ٣ - وعن حكيم بن داود، عن سلمة بن الخطاب، عن محمد بن أحمد الرازي، عن الحسن بن علي، مثله.

ورواه الكفعمي في البلد الأمين مرسلا، عن جابر، مثله(١) .

قال في البحار(٢) : لا يخفى ما في سند الخبر، لأنه أما أن يكون مكان المفضل رجل آخر، أو مكان عن في قوله عن جابر الواو، وإلا فلا يستقيم إلا بتكلف بعيد، وهو أن يقال: المفضل كان نسي الخبر ثم أخبره جابر به، انتهى.

ورواه الشيخ محمد بن المشهدي في المزار(٣) : عن الشيخ هبة الله بن نما، عن الحسين بن محمد بن طحال، عن السيد هبة الله بن ناصر بن الحسين بن نصر(٤) ، عن سعد بن وهب بن أحمد بن علي بن الحسين بن سلمان الدهقان، عن محمد بن علي بن خلف البزاز، عن علي بن الحسين بن كعب، عن إسماعيل بن صبيح، عن الحسن بن سعيد الأعمش، عن جابر الجعفي، عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال(٥) : « كم بينكم وبين قبر الحسينعليه‌السلام ؟. وساق الحديث إلى آخر ما مر، ولم يذكر المفضل أصلا، ولكن بين ألفاظ ما أورده من الزيارة وبين ما في الكامل اختلاف يطلب من محله، والذي أظن أن الاشتباه من الراوي في قوله: يا

__________________

٣ - كامل الزيارات ص ٢٠٨.

(١) البلد الأمين ص ٢٨٠ بتفاوت، ورواه الكفعمي في المصباح ص ٤٩٩.

(٢) بحار الأنوار ج ١٠١ ص ١٦٤.

(٣) المزار للمشهدي ص ٦٢٥، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ١٦٥ ح ١١.

(٤) في المصدر: نصير.

(٥) في المصدر زيادة: لجابر.

٣٠٢

مفضل، وأن الأصل يا جابر، والله العالم.

[١٢٠٥٦] ٤ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن جده، عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: « ما تقولون أنتم؟ » فقلت: بعضنا يقول حجة وبعضنا يقول عمرة، قال: فأي شئ تقول إذا أتيت؟ » فقلت: أقول: السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا بن رسول الله، أشهد أنك قد أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأشهد أن الذين سفكوا دمك واستحلوا حرمتك، ملعونون معذبون على لسان داود وعيسى بن مريم، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ».

[١٢٠٥٧] ٥ - وعن أبيه، عن موسى بن جعفر البغدادي، عمن حدثه، عن ابن أبي البلاد قال: قال لي أبو الحسنعليه‌السلام : « كيف السلام على أبي عبد اللهعليه‌السلام ؟ » قال: قلت: أقول: السلام عليك يا أبا عبد الله، وذكر مثله، وزاد في آخره قال: « نعم هو هكذا ».

[١٢٠٥٨] ٦ - وعن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن أبي نجران، عن عامر بن جذاعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا أتيت الحسينعليه‌السلام فقل: الحمد لله، وصلى الله على محمد وآله، والسلام

__________________

٤ - كامل الزيارات ص ٢٠٨.

٥ - كامل الزيارات ص ٢٠٩.

٦ - كامل الزيارات ص ٢١١ ح ٨.

٣٠٣

عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته، صلى الله عليك يا أبا عبد الله، لعن الله من قتلك، من شارك في دمك، ومن بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله منهم برئ ».

[١٢٠٥٩] ٧ - وعن أبيه، عن سعد والحميري معا، عن أحمد بن الحسن، عن عمر بن سعيد، عن مصدق، عن عمار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « تقول إذا انتهيت إلى قبرهعليه‌السلام : السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن أمير المؤمنين، السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا سيد شباب أهل الجنة ورحمة الله وبركاته ( السلام عليك )(١) يا من رضاه من رضى الرحمان، وسخطه من سخط الرحمان، السلام عليك يا أمين الله، وحجة الله، وباب الله، والدليل على الله، والداعي إلى الله، أشهد أنك قد حللت حلال الله، وحرمت حرام الله، وأقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، ودعوت إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وأشهد أنك ومن قتل معك شهداء أحياء عند ربكم ترزقون، وأشهد أن قاتلك(٢) في النار؟، أدين الله بالبراءة ممن قتلك وممن قاتلك وشايع عليك، وممن جمع(٣) عليك، وممن سمع صوتك ولم يعنك، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزا عظيما ».

[١٢٠٦٠] ٨ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن

__________________

٧ - كامل الزيارات ص ٢١٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة: قاتليك، ( منه قده ).

(٣) في نسخة: خرج، ( منه قده ).

٨ - كامل الزيارات ص ٢١٢.

٣٠٤

ابن أبي نجران، عن ابن أبي عمير، عن عامر بن جذاعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا أتيت الحسينعليه‌السلام (١) فقل: الحمد لله، وصلى الله على محمد و(٢) أهل بيت، ه والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أبا عبد الله ( ورحمة الله يا أبا عبد الله، صلى الله عليك يا أبا عبد الله )(٣) ، لعن الله من قتلك، ومن شارك في دمك، ومن بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله منهم برئ ».

[١٢٠٦١] ٩ - وعن أبيه وغير واحد، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن العباس بن موسى الوراق، عن يونس عن عامر بن جذاعة قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إذا أتيت الحسينعليه‌السلام - يعني قبره - فقل: السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا أبا عبد الله، لعن الله من قتلك، ولعن الله من بلغه ذلك فرضي به، أنا إلى الله منهم برئ ».

٤٦ -( باب استحباب التسليم على الحسينعليه‌السلام والصلاة عليه، من بعيد وقريب، كلّ يوم)

[١٢٠٦٢] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن عبد الله بن محمد، عن منيع، عن

__________________

(١) في المصدر: الحائر.

(٢) في نسخة: وعلي، ( منه قده ).

(٣) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٩ - كامل الزيارات ص ٢١٥.

الباب ٤٦

١ - كامل الزيارات ص ٢٨٨.

٣٠٥

حنان، عن أبيه قال: قال لي أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا سدير تكثر زيارة قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام ؟ » قلت: إنه من الشغل، فقال: « ألا أعلمك شيئا إذا أنت فعلته كتب(١) لك بذلك الزيارة؟ » فقلت: بلى جعلت فداك، فقال لي: « اغتسل في منزلك، واصعد إلى سطحك، وأشر إليه بالسلام، تكتب لك بذلك الزيارة ».

[١٢٠٦٣] ٢ - وعن علي بن الحسين وأخيه علي بن محمد بن قولويه عن محمد بن يحيى العطار، عن حمدان بن سليمان، عن عبد الله بن محمد، عن منيع بن الحجاج، عن يونس بن عبد الرحمان، عن حنان بن سدير، عن أبيه - في حديث طويل - قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا سدير وما عليك أن تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلّ جمعة خمس مرات، وفي كلّ يوم مرة، قلت: جعلت فداك، ان بيننا وبينه فراسخ كثيرة، فقال: تصعد فوق سطحك، ثم تلتفت يمنة ويسرة، ثم ترفع رأسك إلى السماء، ثم تحول(١) نحو قبر الحسينعليه‌السلام ، ثم تقول: السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، تكتب لك زورة والزورة حجة وعمرة » قال سدير: فربما فعلته في النهار أكثر من عشرين مرة.

ورواه الشيخ محمد بن المشهدي في المزار(٢) ، بإسناده عن سدير، وفيه: « السلام عليك يا أبا عبد الله، السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ».

__________________

(١) في المصدر: كتب الله.

٢ - كامل الزيارات ص ٢٨٧.

(١) في نسخة: تنحو، تتحرى.

(٢) مزار المشهدي ص ٦٣٠، في البحار ج ١٠١ ص ٣٦٦ ح ٣.

٣٠٦

[١٢٠٦٤] ٣ وعن حكيم بن داود، عن سلمة، عن ( عبد الله بن الخطاب )(١) عن عبد الله بن محمد، عن منيع، عن يونس، عن حنان، عن أبيه قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا سدير تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلّ يوم » قلت: جعلت فداك لا، قال: « ما أجفاكم! فتزوره في كلّ شهر » قلت: لا، قال: فتزوره في كلّ سنة » قلت: قد يكون ذلك، قال: « يا سدير ما أجفاكم بالحسينعليه‌السلام ! أما علمت أن لله ألف ألف ملك، شعثا غبرا يبكون ويزورون لا يفترون؟ وما عليك يا سدير أن تزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلّ جمعة خمس مرات؟ » وذكر مثل الحديث الأول.

[١٢٠٦٥] ٤ - وعن محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن أحمد بن محمد البرقي، عن أبيه رفعه(١) قال: دخل حنان بن سدير على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وعنده جماعة من أصحابه، فقال: « يا حنان بن سدير، تزور أبا عبد اللهعليه‌السلام في كلّ شهر مرة » قال: لا، قال: « ففي كلّ شهرين(٢) . قال: لا، قال: « ففي كلّ سنة(٣) ». قال: لا، قال: « ما أجفاكم بسيدكم! » قال: يا بن رسول الله، قلة الزاد وبعد المسافة، قال: « ألا أدلكم على زيارة مقبولة وإن بعد النائي؟ » قال: فكيف أزوره يا بن رسول الله؟ قال: « اغتسل يوم الجمعة أو أي

__________________

٣ - كامل الزيارات ص ٢٨٧.

(١) أثبتناه من المصدر، ومن معاجم الرجال راجع ( معجم رجال الحديث ج ١٠ ص ١٨٠ ).

٤ - كامل الزيارات ص ٢٨٩.

(١) في المصدر زيادة: إلى أبي عبد الله.

(٢، ٣) وفيه زيادة: مرة.

٣٠٧

يوم شئت، والبس أطهر ثيابك، واصعد إلى أعلى موضع من دارك أو الصحراء فاستقبل(٤) القبلة بوجهك، بعد ما تبين أن القبر هنالك، يقول الله تبارك وتعالى:( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّـهِ ) (٥) ثم قل: السلام عليك » الزيارة.

[١٢٠٦٦] ٥ - المزار القديم: عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: « من أراد زيارة الحسين بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام يوم عاشوراء، وهو اليوم العاشر من المحرم، فيظل فيه باكيا متفجعا حزينا، لقي الله عز وجل بثواب الفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة، ثواب كلّ حجة وعمرة وغزوة كثواب من حج واعتمر وغزا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومع الأئمة ( صلوات الله عليهم أجمعين ) » قال علقمة بن محمد الحضرمي: قلت لأبي جعفرعليه‌السلام : جعلت فداك، فما يصنع من كان في بعد البلاد وأقاصيها، ولم يمكنه المصير إليه في ذلك اليوم؟ قال: « إذا كان في ذلك اليوم - يعني يوم عاشوراء - فليغتسل من أحب من الناس أن يزوره من أقاصي البلاد أو قريبها، فليبرز إلى الصحراء أو يصعد سطح داره، فليصل(١) ركعتين خفيفتين يقرأ فيهما سورة الاخلاص، فإذا سلم أومأ إليه بالسلام، ويقصد إليه بتسليمه وإشارته ونيته إلى الجهة التي فيها أبو عبد الله الحسين ( صلوات الله عليه )، ثم تقول وأنت خاشع مستكين: السلام عليك يا بن رسول الله، السلام عليك يا بن البشير النذير. وساق(٢) زيارة تشبه الزيارة المعروفة في غالب الفقرات

__________________

(٤) وفي نسخة: واستقبل، منه قده.

(٥) البقرة ٢: ١١٥.

٥ - المزار القديم.

(١) في نسخة: فيصلي.

(٢) جاء في هامش الطبعة الحجرية: ولما كانت نسخة هذا المزار قليلة الوجود تقريبا نرفع كلفة الطلب عن الناظر الراغب في هذه الزيارة فأخرجنا تمامها في

٣٠٨

وليس فيها الفصلان اللذان في اللعن والسلام، إلى أن قال قال علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفرعليه‌السلام : « إن استطعت يا علقمة أن تزوره في كلّ يوم، بهذه الزيارة في دارك وناحيتك وحيث كنت من البلاد في أرض الله فافعل ذلك، ولك ثواب جميع ذلك، فاجتهدوا في الدعاء على قاتله وعدوه، ويكون في صدر النهار قبل الزوال. الخبر.

قلت: ما تضمن هذا الخبر من النعم الجسيمة، فإن العمل المذكور تمام وعد ضمن للزيارة الشريفة المعروفة، هو في غاية السهولة فخذه واغتنم، وكن لله من الشاكرين.

٤٧ -( باب استحباب زيارة الحسين حبا لرسول الله وأميرالمؤمنين وفاطمة ( صلوات الله عليهم )، ورحمة له وتشوقا إليه واحتسابا، ولوجه الله والدار الآخرة)

[١٢٠٦٧] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « لو يعلم الناس ما في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام من الفضل، لماتوا شوقا وتقطعت أنفسهم عليه حسرات » قلت: وما فيه؟ قال: « من أتاه تشوقا كتب الله له ألف حجة متقبلة وألف عمرة مبرورة، وأجر ألف شهيد من شهداء بدر، وأجر ألف صائم، وثواب ألف صدقة مقبولة، وثواب ألف نسمة أريد بها وجه الله، ولم يزل محفوظا سنته من كلّ آفة أهونها الشيطان، ووكل به ملك كريم يحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدمه، فإن مات سنته حضرته ملائكة الرحمة، يحضرون غسله وأكفانه

__________________

باب النوادر راجيا من الله تعالى ان يشاركنا في أجور المتوسلين بها. منه ( قدس سره ).

الباب ٤٧

١ - كامل الزيارات ص ١٤٢.

٣٠٩

والاستغفار له، ويشيعونه إلى قبره بالاستغفار له، ويفسح له في قبره مد بصر(١) ، ويؤمنه الله من ضغطة القبر، ومن منكر ونكير أن يروعانه، ويفتح له باب إلى الجنة، ويعطى كتابه بيمينه، ويعطى له يوم القيامة نورا يضئ لنوره ما بين المشرق والمغرب، وينادي مناد: هذا من زوار(٢) الحسين بن عليعليهما‌السلام شوقا إليه، فلا يبقى أحد يوم القيامة الا تمنى يومئذ أنه كان من زوار الحسين بن عليعليهما‌السلام ».

[١٢٠٦٨] ٢ - وعن الحسن بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت له: ما لمن أتى ( قبر )(١) الحسين بن عليعليهما‌السلام زائرا عارفا بحقه غير مستنكف ولا مستكبر(٢) ؟ قال: يكتب له ألف حجة مقبولة وألف عمرة مبرورة، وإن كان شقيا كتب سعيدا، ولم يزل يخوض في رحمة الله ».

[١٢٠٦٩] ٣ - وعن أبيه، عن محمد بن يحيى العطار، عن حمدان بن سليمان النيسابوري، عن عبد الله بن محمد اليماني، عن منيع بن الحجاج، عن صفوان بن يحيى، عن صفوان بن مهران، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من زار قبر الحسينعليه‌السلام وهو يريد الله عز وجل، شيعه جبرئيل وميكائيل وإسرافيل حتى يرد إلى منزله ».

[١٢٠٧٠] ٤ - وعن عبيد الله بن الفضل بن محمد بن هلال، عن عبد الرحمان، عن

__________________

(١) في المصدر: بصره.

(٢) في المصدر: زار.

٢ - كامل الزيارات ص ١٤٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة. مستنكر.، ( منه قده ).

٣، ٤ - كامل الزيارات ص ١٤٥.

٣١٠

سعيد بن خيثم، عن أخيه معمر، قال: سمعت زيد بن عليعليه‌السلام يقول: من زار قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام لا يريد به إلا وجه الله، غفر الله له جميع ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر، فاستكثروا من زيارته يغفر الله لكم ذنوبكم.

٤٨ -( باب استحباب اختيار زيارة الحسينعليه‌السلام على جميع الاعمال)

[١٢٠٧١] ١ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « زيارة قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام من أفضل ما يكون من الاعمال ».

٤٩ -( باب استحباب البكاء لقتل الحسينعليه‌السلام وماأصاب أهل البيتعليهم‌السلام ، خصوصا يوم عاشوراء، واتخاذه يوم مصيبة، وتحريم التبرك به)

[١٢٠٧٢] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن أبان الأحمر، عن محمد بن الحسين الخزاز، عن ابن خارجة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: كنا عنده فذكرنا الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وعلى قاتله لعنة الله، فبكى أبو عبد اللهعليه‌السلام وبكينا، قال: ثم رفع رأسه فقال: « قال الحسين بن عليعليهما‌السلام : أنا قتيل العبرة، لا يذكرني مؤمن إلا بكى » وذكر الحديث.

__________________

الباب ٤٨

١ - كتاب الغايات ص ٧١.

الباب ٤٩

١ - كامل الزيارات ص ١٠٨.

٣١١

[١٢٠٧٣] ٢ - وعن جماعة من مشايخه، عن محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن عبيد الله، عن ابن أبي عثمان، عن الحسن بن علي بن عبد الله، عن أبي عمارة المنشد، قال: ما ذكر الحسين بن عليعليهما‌السلام عند أبي عبد اللهعليه‌السلام في يوم قط، فرئي أبو عبد اللهعليه‌السلام متبسما في ذلك اليوم إلى الليل، وكان أبو عبد اللهعليه‌السلام يقول: « الحسينعليه‌السلام عبرة كلّ مؤمن ».

وعن محمد بن جعفر، عن ابن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي، عن ابن أبي عمير، عن علي بن المغيرة، عن أبي عمارة، مثله إلى قوله: في ذلك اليوم(١) .

[١٢٠٧٤] ٣ - وعن حكيم بن داود، عن سلمة، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بكر بن محمد، عن فضيل، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذباب، غفر له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر ».

وعن محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن بكر بن محمد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[١٢٠٧٥] ٤ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن الحسين بن عبيد الله، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن عبد الجبار، عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثوير، عن يونس وأبي سلمة السراج، والمفضل قالوا: سمعنا أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « لما مضى أبو عبد الله الحسين بن علي

__________________

٢ - كامل الزيارات ص ١٠٨.

(١) نفس المصدر ص ١٠١.

٣ - كامل الزيارات ص ١٠٣ ح ٣.

(١) نفس المصدر ص ١٠٤، ذيل الحديث ٨.

٤ - كامل الزيارات ص ٨٠ ح ٣.

٣١٢

عليهما‌السلام ، بكى عليه جميع ما خلق الله، إلا ثلاثة أشياء: البصرة، ودمشق، وآل عثمان ».

[١٢٠٧٦] ٥ - وعن أبيه ( وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن رحمهم الله جمعيا )(١) عن سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن، عن الحسين بن ثوير، قال: كنت أنا وابن ظبيان والمفضل وأبو سلمة السراج جلوسا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فكان المتكلم يونس وكان أكبرنا سنا - وذكر حديثا طويلا - يقول: ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إن أبا عبد اللهعليه‌السلام لما مضى بكت عليه السماوات السبع ( والأرضون السبع )(٢) وما فيهن وما بينهن، وما ينقلب(٣) في الجنة والنار من خلق ربنا، وما يرى وما لا يرى، بكى أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إلا ثلاثة أشياء لم تبك عليه، قلت: جعلت فداك، ما هذه الثلاثة أشياء؟ قال: لم تبك عليه البصرة، ولا دمشق، ولا آل عثمان بن عفان ».

[١٢٠٧٧] ٦ - وعن محمد بن عبد الله الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن أبي يعقوب، عن أبان بن عثمان، عن زرارة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا زرارة إن السماء بكت على الحسينعليه‌السلام أربعين صباحا بالدم، وإن الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد، وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة، وإن الجبال تقطعت وانتثرت، وإن البحار تفجرت، وإن الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسينعليه‌السلام ، وما اختضبت منا امرأة ولا ادهنت ولا

__________________

٥ - كامل الزيارات ص ١٩٧.

(١ و ٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: ومن ينقلب.

٦ - كامل الزيارات ص ٨١.

٣١٣

اكتحلت ولا رجلت، حتى أتانا رأس عبيد الله بن زياد لعنة الله، وما زلنا في عبرة من بعده، وكان جديعليه‌السلام إذا ذكره بكى حتى تملأ عيناه لحيته وحتى يبكي لبكائه رحمة له من رآه، وان الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كلّ من في الهواء والسماء من الملائكة - إلى أن ذكرعليه‌السلام ، غيظ جهنم على قاتليه وقال - وإنها لتبكيه وتندبه وإنها لتتلظى على قاتله، ولولا من على الأرض من حجج الله لنقضت الأرض وأكفأت ما عليها، وما تكثر إلا عند اقتراب الساعة، وما عين وأكفأت ما عليها وما تكثر الزلازل إلا عند اقتراب الساعة، وما عين أحب إلى الله ولا عبرة من عين بكت ودمعت عليه، وما من باك يبكيه إلا وقد وصل فاطمة وأسعدها عليه، ووصل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأدى حقنا، وما من عبد يحشر إلا وعيناه باكية إلا الباكين على جدي ( الحسينعليه‌السلام )(١) فإنه يحشر وعينه قريرة والبشارة تلقاه والسرور ( بين )(٢) على وجهه، والخلق في الفزع وهم آمنون، والخلق يعرضون وهم حداث الحسينعليه‌السلام تحت العرش وفي ظل العرش، لا يخافون سوء ( يوم )(٣) الحساب، يقال لهم: ادخلوا الجنة فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه، وإن الحور لترسل إليهم: إنا قد اشتقناكم مع الولدان المخلدين، فما يرفعون رؤوسهم إليهم لما يرون في مجلسه(٤) عليه‌السلام من السرور والكرامة » الخبر.

[١٢٠٧٨] ٧ - وعن محمد بن عبد الله، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمان الأصم، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام أحدثه فدخل عليه ابنه، فقال له: « مرحبا » وضمه وقبله وقال: « حقر الله من حقركم، وانتقم الله ممن وتركم، وخذل الله من

__________________

(١ و ٢ و ٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: مجلسهم.

٧ - كامل الزيارات ص ٨٢ ح ٧.

٣١٤

خذلكم، ولعن الله من قتلكم، وكان الله لكم وليا وحافظا وناصرا، فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصديقين والشهداء وملائكة السماء » ثم بكى وقال: « يا أبا بصير إذا نظرت إلى ولد الحسينعليه‌السلام ، أتاني ما لا أملكه بما أتى(١) إلى أبيهم وإليهم، يا أبا بصير إن فاطمةعليها‌السلام لتبكيه وتشهق، فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدوا لذلك، مخافة أن يخرج منها عنق - إلى أن قال - فلا تزال الملائكة مشفقين يبكون لبكائها، ويدعون الله ويتضرعون إليه - إلى أن قال - قلت: جعلت فداك إن هذا الامر عظيم، قال: غيره أعظم منه ما لم تسمعه، ثم قال: يا با بصير، أما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمةعليها‌السلام ؟! فبكيت حين قالها فما قدرت على المنطق، وما قدرت على كلامي من البكاء » الخبر.

[١٢٠٧٩] ٨ - وعن حكيم بن داود وغيره، عن محمد بن موسى الهمداني، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن سيف بن عميرة وصالح بن عقبة معا، عن علقمة بن محمد الحضرمي، ومحمد بن إسماعيل ( عن صالح )(١) بن عقبة عن مالك الجهني، عن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام قال: « من زار الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء، ( إلى أن قال )(٢) ثم ليندب الحسينعليه‌السلام ويبكيه، ويأمر من في داره ممن لا يتقيه بالبكاء عليه، ويقيم في داره مصيبة باظهار الجزع عليه، ويتلاقون بالبكاء بعضهم بعضا في البيوت، وليعز بعضهم بعضا بمصاب الحسينعليه‌السلام ، فأنا ضامن لهم إذا فعلوا ذلك على الله عز وجل جميع هذا الثواب - اي ألفي ألف حجة

__________________

(١) في المخطوط: أوتي، وما أثبتناه من المصدر.

٨ - كامل الزيارات ص ١٧٤.

(١) أثبتناه من المصدر، ومعاجم الرجال راجع ( معجم رجال الحديث ج ٩ ص ٧٦ ).

(٢) في المصدر الحديث طويل وما أثبتناه لسياق العبارة.

٣١٥

وألفي ألف عمرة وألفي ألف غزوة، إلى آخر تقدم في باب زيارته في يوم عاشوراء(٣) - فقلت: جعلت فداك وأنت الضامن لهم إذا فعلوا ذلك والزعيم به؟ قال: أنا الضامن لهم ذلك، والزعيم لمن فعل ذلك، قال قلت: فكيف يعزي بعضهم بعضا؟ قال: يقولون: عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسينعليه‌السلام ، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المهدي من آل محمدعليهم‌السلام ، فإن استطعت أن لا تنتشر يومك في حاجة فافعل، فإنه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة مؤمن، وإن قضيت لم يبارك له فيها ولم ير رشدا، ولا تدخرن لمنزلك شيئا فإنه من ادخر لمنزله شيئا في ذلك اليوم لم يبارك له فيما يدخره ولا يبارك له في أهله، فمن فعل ذلك كتب له ثواب ألف ألف حجة، وألف ألف عمرة، وألف ألف غزوة، كلها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان له ثواب مصيبة كلّ نبي ورسول وصديق وشهيد، مات أو قتل منذ خلق الله الدنيا إلى ( يوم القيامة )(٤) ».

[١٢٠٨٠] ٩ المزار القديم: عن علقمة بن محمد الحضرمي، عن أبي جعفرعليه‌السلام - في حديث تقدم صدره - قال: قال: « يا علقمة واندبوا الحسينعليه‌السلام وابكوه وليأمر أحدكم من في داره بالبكاء عليه، وليقم عليه في داره المصيبة باظهار الجزع والبكاء، وتلاقوا يومئذ بالبكاء بعضكم إلى بعض في البيوت وحيث تلاقيتم، وليعز بعضكم بعضا بمصاب الحسينعليه‌السلام ، قلت: أصلحك الله كيف يعزي بعضنا بعضا؟ قال: تقولون: أحسن الله أجورنا بمصابنا بأبي عبد الله الحسينعليه‌السلام ، وجعلنا من الطالبين بثأره مع الإمام المهدي إلى الحق من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليهم أجمعين، وإن استطاع أحدكم أن لا

__________________

(٣) ما بين الفاصلتين من كلام المصنف ( قده ) توضيحا للعبارة وقد ورد في هامش المخطوط.

(٤) في المصدر: أن تقوم الساعة.

٩ - المزار القديم.

٣١٦

يمضي يومه في حاجة فافعلوا، فإنه يوم نحس لا تقضى فيه حاجة مؤمن، وإن قضيت لم يبارك فيها ولم يرشد، ولا يدخرن أحدكم لمنزله في ذلك اليوم شيئا، فإنه من فعل ذلك لم يبارك فيه، قال الباقرعليه‌السلام : أنا ضامن لمن فعل ذلك، له عند الله عز وجل ما تقدم به الذكر من عظيم الثواب، وحشره الله في جملة المستشهدين مع الحسين ( صلوات الله عليه ) » الخبر.

[١٢٠٨١] ١٠ - الشيخ الطوسي في المصباح: عن عبد الله بن سنان قال: دخلت على سيدي أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام في يوم عاشوراء، فألفيته كاسف اللون الحزن، ودموعه تنحدر عن عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت: يا بن رسول الله، مم بكاؤك لا أبكى الله عينيك؟ فقال لي: « أو في غفلة؟ أما علمت أن الحسين بن عليعليهما‌السلام أصيب في مثل هذا اليوم؟ » الخبر.

ورواه ابن طاووس (ره) في الاقبال(١) : باسناده إلى عبد الله بن جعفر الحميري، عن الحسن بن علي الكوفي، عن الحسن بن محمد الحضرمي، عن عبد الله بن سنان، مثله باختلاف في بعض الألفاظ.

[١٢٠٨٢] ١١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي، عن ابن عقدة، عن أحمد بن عبد الحميد بن خالد، عن محمد بن عمرو بن عتبة، عن حسين الأشقر، عن محمد بن أبي عمارة الكوفي قال: سمعت جعفر بن محمدعليهما‌السلام يقول: « من دمعت عينه فينا دمعة، لدم سفك لنا، أو حق لنا نقصناه، أو عرض انتهك لنا أو لاحد من شيعتنا،

__________________

١٠ - مصباح المجتهد ص ٧٢٤.

(١) الاقبال ص ٥٦٨.

١١ - أمالي المفيد ص ١٧٤.

٣١٧

بوأه الله تعالى في الجنة حقبا(١) ».

[١٢٠٨٣] ١٢ - جامع الأخبار: عن أنس بن مالك، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « يقوم فقراء أمتي يوم القيامة وثيابهم خضر، وشعورهم منسوجة بالدر والياقوت، وبأيديهم قضبان من نور يخطبون على المنابر، فيمر عليهم الأنبياء فيقولون: هؤلاء من الملائكة، وتقول الملائكة: هؤلاء الأنبياء، فيقولون: نحن لا ملائكة ولا أنبياء، بل نفر من فقراء أمة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقولون: بما نلتم هذه الكرامة؟ فيقولون: لم تكن أعمالنا شديدة، ولم نصم الدهر، ولن نقم الليل، ولكن أقمنا على الصلوات الخمس، وإذا سمعنا ذكر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاضت دموعنا على خدودنا ».

[١٢٠٨٤] ١٣ - مجموعة الشهيد: نقلا من كتاب الأنوار لأبي علي محمد بن همام، حدثنا أحمد بن أبي هراسة الباهلي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الأحمري قال: حدثنا حماد بن إسحاق الأنصاري، عن ابن سنان، عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « نظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الحسين بن عليعليهما‌السلام وهو مقبل، فأجلسه في حجره وقال: إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبدا، ثم قالعليه‌السلام بأبي قتيل كلّ عبرة، قيل: وما قتيل كلّ عبرة يا بن رسول الله؟ قال: لا يذكره مؤمن إلا بكى ».

[١٢٠٨٥] ١٤ - الشيخ فخر الدين الطريحي في مجمع البحرين: وفي حديث

__________________

(١) الحقبة من الدهر: مدة لا وقت لها. وقيل: السنة، والجمع حقب.

وقيل ثمانون سنة وقيل أكثر ( لسان العرب ج ١ ص ٣٢٦ ).

١٢ - جامع الأخبار ص ١٢٩.

١٣ - مجموعة الشهيد: مخطوط.

١٤ - مجمع البحرين ج ٣ ص ٤٠٥.

٣١٨

مناجاة موسىعليه‌السلام وقد قال: « يا رب لم فضلت أمه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله على سائر الأمم؟ فقال الله تعالى: فضلتهم لعشر خصال، قال موسى: وما تلك الخصال التي يعملونها حتى آمر بني إسرائيل يعملونها؟ قال الله تعالى: الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والجمعة، والجماعة، والقرآن، والعلم، والعاشوراء، قال موسىعليه‌السلام : يا رب وما العاشوراء؟ قال: البكاء والتباكي على سبط محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمرثية والعزاء على مصيبة ولد المصطفى، يا موسى ما من عبد من عبيدي في ذلك الزمان، بكى أو تباكى وتعزى على ولد المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وآله : إلا وكانت له الجنة ثابتا فيها، وما من عبد أنفق من ماله في الدرهم بسبعين درهما، وكان معافا في الجنة، وغفرت له ذنوبه، وعزتي وجلالي، ما من رجل أو امرأة سال دمع عينيه في يوم عاشوراء وغيره، قطرة واحدة إلا وكتب له أجر مائة شهيد ».

٥٠ -( باب حد حرم الحسينعليه‌السلام الذي يستحب التبرك بتربته)

[١٢٠٨٦] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة، عن القاسم بن محمد بن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: قبر الحسين بن عليعليهم‌السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسر، روضة من رياض الجنة، منه معراج ( إلى )(١) السماء، فليس من ملك

__________________

(١) في المصدر زيادة: أو دينارا.

الباب ٥٠

١ - كامل الزيارات ص ١١٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣١٩

مقرب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله أن يزوره، ففوج يهبط وفوج يصعد ».

[١٢٠٨٧] ٢ - وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى اليقطيني، عن محمد بن إسماعيل البصري، عمن رواه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « حرمة قبر الحسينعليه‌السلام فرسخ في فرسخ من أربعة جوانب القبر ».

[١٢٠٨٨] ٣ - وعن حكيم بن داود عن سلمة، عن منصور بن العباس يرفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « حريم قبر الحسينعليه‌السلام خمس فراسخ من أربعة جوانب القبر ».

[١٢٠٨٩] ٤ - وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد، عن هارون بن مسلم، عن عبد الرحمان بن الأشعث، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « قبر الحسينعليه‌السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسرا، روضة من رياض الجنة » وذكر الحديث.

وعن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي الوشاء، عن إسحاق بن عمار، عنهعليه‌السلام ، مثله.

[١٢٠٩٠] ٥ - وعن محمد بن عبد الله بن جعفر، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله بن عبد الرحمان البصري، عن رجل من أهل الكوفة قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « حريم قبر الحسينعليه‌السلام فرسخ في فرسخ في

__________________

٢ - كامل الزيارات ص ٢٧١.

٣ - كامل الزيارات ص ٢٧٢.

٤ - كامل الزيارات ص ٢٧٢.

٥ - كامل الزيارات ص ٢٨٢.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360